عرض مشاركة واحدة
  #62  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 11:10 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (213) إلى الآية (215) ]

{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)}


قوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213)}

قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (حتّى يقول الرّسول... (214).
قال الفراء قرأها القراء بالنصب إلا مجاهد، ونافعا فإنهما رفعا (حتّى يقول).
قال الفراء: وكان الكسائي يقرأها دهرًا: (حتّى يقول) ثم رجع إلى النصب.
وقرأ سائر القراء: (حتّى يقول الرّسول) نصبا.
وقال الفراء: من قرأ بالنصب فلأن الفعل الذي قبل (حتى) مما يتطاول، وإذا كان الفعل على هذا المعنى نصب بـ (حتّى)، وإن كان في المعني ماضيا.
قال: وإذا كان الفعل الذي قبل (حتى) لا يتطاول وهو ماض رفع الفعل الذي بعد (حتى) إذا كان ماضيا.
قال أبو منصور: العرب تنصب ب (حتى) الفعل المستقبل وهو أكثر كلام العرب.
ومن العرب من يرفع الفعل المستقبل بعد (حتى) إذا تضمن معنيين:
أحدهما: أن يحسن (فعل) في موضع (يفعل)، كقوله: (حتّى يقول الرّسول) معناه: حتى قال الرسول.
والمعنى الثاني: تطاول الفعل الذي قبل (حتى) كقولك: سرت نهاري أجمع حتى أدخلها، بمنزلة: سرت فدخلتها، فصارت (حتى) غير عاملة في الفعل، وعلى هذا يؤيد قراءة من قرأ (يقول) ). [معاني القراءات وعللها: 1/200]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في نصب اللام ورفعها من قوله جلّ وعز: حتّى يقول الرّسول [البقرة/ 214].
فقرأ نافع وحده: حتّى يقول الرّسول برفع اللام.
وقرأ الباقون: حتّى يقول الرّسول نصباً. وقد كان
[الحجة للقراء السبعة: 2/305]
الكسائي يقرؤها دهراً رفعاً، ثم رجع إلى النصب.
وروى ذلك عنه الفرّاء، قال: حدثني به وعنه محمد بن الجهم عن الكسائي.
قال أبو علي: قوله عز وجلّ: وزلزلوا حتّى يقول الرّسول من نصب فالمعنى: وزلزلوا إلى أن قال الرسول.
وما ينتصب بعد حتى من الأفعال المضارعة على ضربين: أحدهما: أن يكون بمعنى إلى، وهو الّذي تحمل عليه الآية. والآخر: أن يكون بمعنى كي، وذلك قولك:
أسلمت حتى أدخل الجنة، فهذا تقديره: أسلمت كي أدخل الجنة. فالإسلام قد كان، والدخول لم يكن، والوجه الأول من النصب قد يكون الفعل الذي قبل حتى مع ما حدث عنه قد مضيا جميعاً. ألا ترى أن الأمرين في الآية كذلك.
وأما قراءة من قرأ: حتّى يقول الرّسول بالرفع، فالفعل الواقع بعد حتى إذا كان مضارعاً لا يكون إلّا فعل حالٍ، ويجيء أيضاً على ضربين:
أحدهما: أن يكون السبب الذي أدّى الفعل الذي بعد حتى قد مضى، والفعل المسبّب لم يمض، مثال ذلك قولهم:
«مرض حتى لا يرجونه» و: «شربت الإبل حتى يجيء البعير يجرّ بطنه». وتتّجه على هذا الوجه الآية، كأن المعنى: وزلزلوا
[الحجة للقراء السبعة: 2/306]
فيما مضى، حتى أن الرسول يقول الآن: متى نصر الله، وحكيت الحال التي كانوا عليها، كما حكيت الحال في قوله: هذا من شيعته وهذا من عدوّه [القصص/ 15] وفي قوله:
وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد [الكهف/ 18].
والوجه الآخر من وجهي الرفع: أن يكون الفعلان جميعاً قد مضيا، نحو: سرت حتى أدخلها، فالدخول متصلٌ بالسّير بلا فصل بينهما، كما كان في الوجه الأول بينهما فصلٌ. والحال في هذا الوجه أيضاً محكيّة، كما كانت محكية في الوجه الآخر، ألا ترى أنّ ما مضى لا يكون حالًا؟. وحتى إذا رفع الفعل بعدها، حرفٌ؛ يصرف الكلام بعدها إلى الابتداء، وليست العاطفة ولا الجارّة، وهي- إذا انتصب الفعل بعدها- الجارّة للاسم، وينتصب الفعل بعدها بإضمار أن، كما ينتصب بعد اللام بإضمارها). [الحجة للقراء السبعة: 2/307]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وزلزلوا حتّى يقول الرّسول والّذين آمنوا معه متى نصر الله}
قرأ نافع {حتّى يقول الرّسول} بالرّفع وحجته أنّها بمعنى قال الرّسول على الماضي وليست على المستقبل وإنّما ينصب من هذا الباب ما كان مستقبلا مثل قوله {أفأنت تكره النّاس حتّى يكونوا مؤمنين} {حتّى يأتي وعد الله} فرفع يقول ليعلم أنه ماض
وقرأ الباقون {حتّى يقول} بالنّصب وحجتهم أنّها بمعنى الانتظار وهو حكاية حال المعنى وزلزلوا إلى أن يقول الرّسول
واعلم أن حتّى إذا دخلت على الفعل فلها أربعة أوجه وجهان في الرّفع ووجهان في النصب
فأما وجها الرّفع فأحدهما كقولك سرت حتّى أدخلها فيكون
[حجة القراءات: 131]
السّير واقعا والدّخول في الحال موجودا كأنّه قال سرت حتّى أنا داخل السّاعة وعلى هذا قوله {حتّى يقول الرّسول} أي حتّى الرّسول قائل
والوجه الثّاني أن يكون الفعل الّذي قبل حتّى والّذي بعدها واقعين جميعًا فيقول القائل سرت أمس نحو المدينة حتّى أدخلها ويكون السّير والدّخول وقعا ومضيا كأنّه قال سرت أمس فدخلت وعلى هذا أيضا قوله {حتّى يقول الرّسول} معناه حتّى قال الرّسول فرفع الفعل على المعنى لأن حتّى وأن لا يعملان في الماضي وإنّما يعملان في المستقبل
وأما وجها النصب فأحدهما كقولك سرت حتّى أدخلها لم يكن الفعل واقعا معناه سرت طلبا إلى أن أدخلها فالسير واقع والدّخول لم يقع فعلى هذا نصب الآية وتنصب الفعل بعد حتّى بإضمار أن وهي تكون الجارة كقولك أقعد حتّى تخرج المعنى إلى أن تخرج
والوجه الثّاني أن تكون حتّى بمعنى اللّام الّتي هي علّة وذلك مثل قولك أسلمت حتّى أدخل الجنّة ليس المراد إلى أن أدخل الجنّة إنّما المراد لأدخل الجنّة وليس هذا وجه نصب الآية). [حجة القراءات: 132]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (129- قوله: {حتى يقول الرسول} قرأه نافع بالرفع، وقرأه الباقون بالنصب، ووجه القراءة بالرفع أن الفعل دال على الحال التي كان عليها الرسول، ولا تعمل «حتى» في حال، فلما كان ما بعدها للحال لم تعمل فيه، والتقدير: وزلزلوا فيما مضى حتى إن الرسول يقول: متى نصر الله، فحكى الحال، التي عليها الرسول قبل، كما حيكت الحال في قوله: {هذا من شيعته وهذا من عدوه} «القصص 15» وفي قوله: {وكلبهم باسط ذراعيه} «الكهف 18» فإنما حكى حالًا كانوا عليها ليست حالًا هم الآن عليها، فكذلك «حتى يقول الرسول» حكى حالًا كان عليها الرسول فيما مضى، والرفع بعد حتى على وجهين: أحدهما أن يكون السبب الذي أدى الفعل، الذي قبل «حتى» قد مضى، والفعل المسبب لم يمض، ولم ينقطع، نحو قولك: مرض حتى لا يرجونه، أي:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/289]
مرض فيما مضى حتى هو الآن لا يُرجى فيحى، الحال التي هم عليها آلان، فيرفع ولا تحمل الآية على هذا المعنى؛ لأنها لحال قد مضى فحكي والوجه الآخر أن يكون الفعلان جميعًا قد مضيا، نحو قولك: سرت حتى أدخلها، أي: سرت فدخلت، فالدخول متصل بالسر، وقد مضيا، فحكيت الحال التي كانت لأن ما مضى لا يكون حالًا، إلا على الحكاية، فعلى هذا تحمل الآية في الرفع لا على الوجه الأول من وجهي الرفع و«حتى» هذه التي يرتفع الفعل بعدها ليست العاطفة ولا الجارة، إنما هي التي تدخل على الجمل فلا تعمل، وتدخل على الابتداء والخبر، فإذا كان ما بعد «حتى» محكيًا دالًا على حال، قد انقضت أو على حال في الوقت لم ينقض، فلا سبيل إلى النصب بها؛ لأنها لا تنصب إلا غير حال، تنصبه بمعنى «كي» أو بمعنى «إلى أن».
130- ووجه القراءة بالنصب أن «حتى» جعلت غاية للزلزلة، فنصبت بمعنى «إلى أن» والتقدير: وزلزلوا إلى أن قال الرسول، فجعل «قول الرسول» غاية لخوف أصحابه، أي: لم يزالوا خائفين إلى أن قال الرسول، فالفعلان قد مضيا جميعًا، وينصب بـ «حتى» في الكلام بمعنى «كي» كقولك: أسملت حتى أدخل الجنة، أي: كي أدخل الجنة، فالإسلام كان والدخول لم يكن، وهي إذا نصبت الأفعال الجارة في الأسماء، إذا كانت بمعنى «إلى أن» أو تكون هي العاطفة في الأسماء، إذا نصبت بمعنى «كي» فإذا ارتفع الفعل بعد «حتى» على معنى حال مضت محكية، فالفعل لما مضى، وإذا ارتفع على معنى حال، لم تنقض، فالفعل للحال، وإذا انتصب على معنى «إلى أن» فالفعل ماض، وإذا انتصب على معنى «كي» فالفعل مستقبل، فافهم هذا فإنه مشكل، وعليه مدار أحكام «حتى» وبالرفع قرأ الأعرج ومجاهد
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/290]
وابن محيصن وشيبة، وبالنصب قرأ الحسن وابو جعفر، وابن أبي إسحاق، وشبل وغيرهم، وهو الاختيار لأن عليه جماعة القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/291]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (72- {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [آية/ 214]:-
برفع {يَقُولُ}، قرأها نافع وحده.
وذلك لأن الفعل الواقع بعد {حَتَّى} فعل حالٍ، وذلك لأن الفعل المضارع يرتفع بعد حتى إذا كان للحال، وما كان من ذلك فلا يخلو إما أن يكون حالاً في حين الإخبار نحو: مرض حتى لا يرجونه وأمثاله، وإما أن يكون حالاً قد مضت فيحكيها على ما وقعت، وذلك من هذا النوع.
وقرأ الباقون {يَقُولَ} بالنصب.
وذلك لأن الفعل المضارع قد انتصب بعد حتى بإضمار أن؛ لأن المعنى إلى أن يقول، والفعل المنتصب بعد حتى إما أن يكون بمعنى إلى أن، كما ذكرنا، أو يكون بمعنى كي نحو: أسلمت حتى أدخل الجنة، أي كي أدخل). [الموضح: 324]

قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس