عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 11:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آيةٍ بيّنةٍ ومن يبدّل نعمة اللّه من بعد ما جاءته فإنّ اللّه شديد العقاب (211) زيّن للّذين كفروا الحياة الدّنيا ويسخرون من الّذين آمنوا والّذين اتّقوا فوقهم يوم القيامة واللّه يرزق من يشاء بغير حسابٍ (212)}
يقول تعالى مخبرًا عن بني إسرائيل: كم قد شاهدوا مع موسى {من آيةٍ بيّنةٍ} أي: حجّةٌ قاطعةٌ على صدقه فيما جاءهم به، كيده وعصاه وفلقه البحر وضربه الحجر، وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدّة الحرّ، ومن إنزال المنّ والسّلوى وغير ذلك من الآيات الدّالّات على وجود الفاعل المختار، وصدق من جرت هذه الخوارق على يديه، ومع هذا أعرض كثيرٌ منهم عنها، وبدلوا نعمة اللّه كفرًا أي: استبدلوا بالإيمان بها الكفر بها، والإعراض عنها. {ومن يبدّل نعمة اللّه من بعد ما جاءته فإنّ اللّه شديد العقاب} كما قال إخبارًا عن كفّار قريشٍ: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار * جهنّم يصلونها وبئس القرار} [إبراهيم: 28، 29]). [تفسير ابن كثير: 1/ 568]

تفسير قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر تعالى عن تزيينه الحياة الدّنيا للكافرين الّذين رضوا بها واطمأنّوا إليها، وجمعوا الأموال ومنعوها عن مصارفها التي أمروا بها ممّا يرضي اللّه عنهم، وسخروا من الّذين آمنوا الّذين أعرضوا عنها، وأنفقوا ما حصل لهم منها في طاعة ربّهم، وبذلوا ابتغاء وجه اللّه؛ فلهذا فازوا بالمقام الأسعد والحظّ الأوفر يوم معادهم، فكانوا فوق أولئك في محشرهم ومنشرهم، ومسيرهم ومأواهم، فاستقرّوا في الدّرجات في أعلى علّيّين، وخلّد أولئك في الدّركات في أسفل السّافلين؛ ولهذا قال تعالى: {واللّه يرزق من يشاء بغير حسابٍ} أي: يرزق من يشاء من خلقه، ويعطيه عطاءً كثيرًا جزيلًا بلا حصرٍ ولا تعدادٍ في الدّنيا والآخرة كما جاء في الحديث: «ابن آدم، أنفق أنفق عليك»، وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا». وقال تعالى: {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه} [سبأٍ: 39]، وفي الصّحيح: «أنّ ملكين ينزلان من السّماء صبيحة كلّ يومٍ، يقول أحدهما: اللّهمّ أعط منفقًا خلفًا. ويقول الآخر: اللّهمّ أعط ممسكا تلفًا». وفي الصحيح: «يقول ابن آدم: مالي، مالي! وهل لك من مالك إلّا ما أكلت فأفنيت، وما لبست فأبليت، وما تصدّقت فأمضيت ؟ وما سوى ذلك فذاهبٌ وتاركه للنّاس».
وفي مسند الإمام أحمد عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «الدّنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له»). [تفسير ابن كثير: 1/ 568-569]


رد مع اقتباس