عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:23 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: قل أرأيتم ما أنزل اللّه لكم من رزقٍ فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل آللّه أذن لكم أم على اللّه تفترون (59) وما ظنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب يوم القيامة إنّ اللّه لذو فضلٍ على النّاس ولكنّ أكثرهم لا يشكرون (60)
هذه المخاطبة لكفار العرب الذين جعلوا البحائر والسوائب والنصيب من الحرث والأنعام وغير ذلك مما لم يأذن الله به، وإنما اختلقوه بأمرهم، وقوله تعالى: أنزل لفظة فيها تجوز، وإنزال الرزق، إما أن يكون في ضمن إنزال المطر بالمئال، أو نزول الأمر به الذي هو ظهور الأثر في المخلوق منه المخترع، ثم أمر الله نبيه بتوقيفهم على أحد القسمين، وهم لا يمكنهم ادعاء إذن الله تعالى في ذلك، فلم يبق إلا أنهم افتروه، وهذه الآية نحو قوله تعالى: قل من حرّم زينة اللّه الّتي أخرج لعباده [الأعراف: 32]، ذكر ذلك الطبري عن ابن عباس). [المحرر الوجيز: 4/ 495]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله وما ظنّ الّذين يفترون على اللّه الآية، وعيد، لما تحقق عليهم، بتقسيم الآية التي قبلها، أنهم مفترون على الله، عظم في هذه الآية جرم الافتراء، أي ظنهم في غاية الرداءة بحسب سوء أفعالهم، ثم ثنى بإيجاب الفضل على الناس في الإمهال لهم مع الافتراء، والعصيان: والإمهال داعية إلى التوبة والإنابة، ثم استدرك ذكر من لا يرى حق الإمهال ولا يشكره ولا يبادر به فيه على جهة الذم لهم، والآية بعد هذا تعم جميع فضل الله وجميع تقصير الخلق في شكره، لا رب غيره). [المحرر الوجيز: 4/ 495]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وما تكون في شأنٍ وما تتلوا منه من قرآنٍ ولا تعملون من عملٍ إلاّ كنّا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربّك من مثقال ذرّةٍ في الأرض ولا في السّماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلاّ في كتابٍ مبينٍ (61) ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (62) الّذين آمنوا وكانوا يتّقون (63)
قصد الآية وصف إحاطة الله تعالى بكل شيء، ومعنى اللفظ وما تكون يا محمد، والمراد هو وغيره في شأنٍ من جميع الشؤون وما تتلوا منه الضمير عائد على شأنٍ أي فيه وبسببه من قرآن، ويحتمل أن يعود الضمير على جميع القرآن، ثم عم بقوله ولا تعملون من عملٍ، وفي قوله إلّا كنّا عليكم شهوداً، تحذير وتنبيه، وتفيضون تنهضون بجد، يقال: أفاض الرجل في سيره وفي حديثه، ومنه الإفاضة في الحج ومفيض القدام، ويحتمل أن «فاض» عدي بالهمزة، ويعزب معناه: يغيب حتى
يخفى حتى قالوا للبعيد عازب، ومنه قول الشاعر [ابن مقبل]: [الطويل]
عوازب لم تسمع نبوح مقامه = ولم تر نارا تم حول محرم
وقيل للغائب عن أهله: عازب، حتى قالوه لمن لا زوجة له، وفي السير أن بيت سعد بن خيثمة كان يقال: بيت العزاب، وقرأ جمهور السبعة والناس «يعزب» يضم الزاي، وقرأ الكسائي وحده منهم: «يعزب» بكسرها وهي قراءة ابن وثاب والأعمش وطلحة بن مصرف، قال أبو حاتم: القراءة بالضم، والكسر لغة، و «المثقال»: الوزن، وهو اسم، لا صفة كمعطار ومضراب، والذر: صغار النمل، جعلها الله مثالا إذ لا يعرف في الحيوان المتغذي المتناسل المشهور النوع والموضع أصغر منه، وقرأ جمهور الناس وأكثر السبعة: «ولا أصغر ولا أكبر» بفتح الراء عطفا على ذرّةٍ في موضع خفض لكن منع من ظهوره امتناع الصرف، وقرأ حمزة وحده: «ولا أصغر ولا أكبر» عطفا على موضع قوله مثقال، لأن التقدير وما يعزب عن ربك مثقال ذرة، و «الكتاب المبين»: اللوح المحفوظ، كذا قال بعض المفسرين، ويحتمل أن يريد تحصيل الكتبة، ويكون القصد ذكر الأعمال المذكورة قبل، وتقديم «الأصغر» في الترتيب جرى على قولهم:
القمرين والعمرين، ومنه قوله تعالى: لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً [الكهف: 49] والقصد بذلك تنبيه، الأقل وأن الحكم المقصود إذا وقع على الأقل فأحرى أن يقع على الأعظم). [المحرر الوجيز: 4/ 496-497]


رد مع اقتباس