بَابٌ فِي تَرْتِيبِ وَصْلِ التَّكْبِيرِ بِآخِرِ السُّوَرِ
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (بَابٌ فِي تَرْتِيبِ وَصْلِ التَّكْبِيرِ بِآخِرِ السُّوَرِ
«1» اعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ آخِرُ السُّورَةِ مَخْفُوضًا، وَوَصَلْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، رَقَّقْتَ اللاَّمَ مِنِ اسْمِ «اللَّهِ» جَلَّ ذِكْرُهُ، وَتَرَكْتَ الْمَخْفُوضَ عَلَى حَالِهِ، نَحْوُ: {النَّاسِ}، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَ{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، اللَّهُ أَكْبَرُ. فَإِنْ كَانَ آخِرُ السُّورَةِ مَفْتُوحًا أَوْ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/392]
مَضْمُومًا فَخَّمْتَ اللاَّمَ مِنِ اسْمِ «اللَّهِ» جَلَّ ذِكْرُهُ، وَتَرَكْتَ الْمَضْمُومَ وَالْمَفْتُوحَ عَلَى حَالِهِ، نَحْوُ: {الْحَاكِمِينَ}، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَنَحْوُ: {خَشِيَ رَبَّهُ}، اللَّهُ أَكْبَرُ. فَإِنْ كَانَ آخِرُ السُّورَةِ سَاكِنًا، تَنْوِينًا أَوْ غَيْرَهُ،
كَسَرْتَهُ، وَرَقَّقْتَ اللاَّمَ مِنِ اسْمِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، نَحْوُ: {فَارْغَبْ}، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَنَحْوُ: {حَامِيَةٌ}، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَ{مَسَدٍ}، اللَّهُ أَكْبَرُ. وَذَلِكَ أَنْ تَصِلَ التَّكْبِيرَ بِآخِرِ
السُّورَةِ. وَلَكَ أَنْ تَقِفَ عَلَى آخِرِ السُّورَةِ وَقْفًا خَفِيفًا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ وَتَبْتَدِئَ بِالتَّكْبِيرِ. وَلَكَ أَنْ تَقِفَ عَلَى آخِرِ السُّورَةِ وَقْفًا مُنْقَطِعًا، ثُمَّ تَبْتَدِئَ بِالتَّكْبِيرِ. وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَصِلَ التَّكْبِيرَ بِآخِرِ السُّورَةِ، وَتَقِفَ عَلَيْهِ. وَلاَ لَكَ أَنْ تَقِفَ عَلَى التَّسْمِيَةِ دُونَ أَوَّلِ السُّورَةِ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ.
«2» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ أَتَيْنَا عَلَى مَا شَرَطْنَا، وَاخْتَصَرْنَا الْكَلاَمَ فِي الْعِلَلِ غَايَةَ مَا قَدَرْنَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ نَكُونَ قَدْ أَخْلَلْنَا بِعِلَّةٍ، أَوْ تَرَكْنَا حُجَّةً مَشْهُورَةً، وَأَوْجَزْنَا الْعِلَلَ خَوْفَ التَّطْوِيلِ، وَاخْتَصَرْنَا ذِكْرَ قِرَاءَةِ التَّابِعِينَ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْقُرَّاءِ، لِئَلاَّ يَطُولَ الْكِتَابُ فَيُعْجَزُ عَنْ نَسْخِهِ، وَيَحْدُثُ الْمَلَلُ فِي قِرَاءَتِهِ. وَلَوْ تَقَصَّيْنَا جَمِيعَ الْعِلَلِ وَالْحُجَجِ فِي كُلِّ حَرْفٍ، وَذَكَرْنَا قِرَاءَةَ التَّابِعِينَ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ لِكُلِّ حَرْفٍ، وَجَاوَبْنَا عَنْ كُلِّ اعْتِرَاضٍ يُمْكِنُ أَنْ يَعْتَرِضَ بِهِ مُعْتَرِضٌ، لَصَارَ الْكِتَابُ أَمْثَالَهُ، وَلَطَالَ الْكَلاَمُ، وَعَظُمَ الشَّرْحُ، وَلَكِنْ قَدْ ذَكَرْنَا مَا فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كِفَايَةً لِمَنْ فَهِمَ إِشَارَتِي وَتَعْلِيلِي، أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لاَ يَحْرِمَنَا الأَجْرَ عَلَى مَا تَكَلَّفْنَا مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْ لاَ يُضِيعَ الْعَنَاءَ، وَأَنْ يَرْحَمَنَا بِالْقُرْآنِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِهِ، وَمِنْ أَتْبَاعِهِ، الْعَامِلِينَ بِمَا فِيهِ، وَالْقَائِمِينَ بِحَقِّهِ، التَّالِينَ لَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ، وَعَلَى آلِهِ، وَالنَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/393]
أَجْمَعِينَ، وَعَلَى أَهْلِ طَاعَتِهِ، وَأَوْلِيَائِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/394]