سورة الحج
[من الآية (49) إلى الآية (51) ]
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51)}
قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49)}
قوله تعالى: {فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (في آياتنا معاجزين (51)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو: (معجّزين) بغير ألف، وكذلك في سورة سبأ.
وقرأ الباقون (معاجزين) حيث وقع.
[معاني القراءات وعللها: 2/184]
قال أبو منصور: من قرأ (معجّزين) فمعناه: مثبّطين.
ومن قرأ (معاجزين) فإن الفراء قال: معناه معاندين.
وقال غيره: معنى (معاجزين) أي: ظانين أنهم يعجزوننا، أي: يفوتوننا؛ لأنهم ظنوا أنهم لا يبعثون، وكانوا يقولون: لا بعثٌ ولا جنةٌ ولا نارٌ). [معاني القراءات وعللها: 2/185]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {في ءايتنا معاجزين} [] في كل القرآن. زمعناه مبطين، ومتبطين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقرأ الباقون {معاجزين} بألف على معنى: معاندين، وهو الاعتداد عند المشيخة؛ لأن العناد يدخل فيه الكفر، والمشاقة، والتثبيط، والتعجيز، إنما هو في نوع من الخلاف فالعناد عام، والتثبيط خاص.
قال أبو عبد الله: وأما أنا فأراه سواء؛ لأن من بطأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد عانده. وأما قوله: {أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض}.
فأجمع القراء على ذلك، ولا يجوز معاجزين ها هنا؛ لأنها تصير إلى معنى
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/82]
أولئك لم يكونوا معاندين، وذلك خطأ؛ لأنهم قد عاندوا الله ورسوله، ومعنى بمعجزين أي سابقين. يقال أعجزني الشيء سبقني وفاتني، وهذا بين واضح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/83]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إثبات الألف وإسقاطها من قوله عز وجلّ (معجزين)
[الحجة للقراء السبعة: 5/283]
[الحج/ 51] فقرأ ابن كثير وأبو عمرو كلّ ما فيه: (آياتنا معجزين) بغير ألف [مشدّدا] وقرأ الباقون: معاجزين بألف.
قال أبو علي: معاجزين: ظانّين ومقدّرين أنهم يعجزوننا، لأنهم ظنوا أن لا بعث ولا نشور فيكون ثواب وعقاب، وهذا في المعنى كقوله: أم حسب الذين يعلمون السيئات أن يسبقونا [العنكبوت/ 4] و (معجزين) ينسبون من تبع النبى صلّى الله عليه وسلّم إلى العجز، وهذا كقولهم:
جهّلته: نسبته إلى الجهل، وفسّقته: نسبته إلى الفسق، وزعموا أن مجاهدا فسّر معجزين: مثّبطين أي: يثبّطون الناس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم). [الحجة للقراء السبعة: 5/284]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم} 51
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (والّذين سعوا في آيتنا معجزين) بغير ألف أي ينسبون من تبع النّبي صلى الله عليه إلى العجز وهذا كقولهم جهلته نسبته إلى الجهل وفسقته نسبته إلى الفسق
[حجة القراءات: 480]
وقال مجاهد {معجزين} أي مثبطين ومبطئين أي يثبطون النّاس عن النّبي صلى الله عليه وعن أتباع الحق
وقرأ الباقون {معاجزين} بالألف أي ظانين أنهم يعجزوننا لأنهم ظنّوا أنهم لا يبعثون وأنه لا جنّة ولا نار
قال قتادة ظنّوا أنهم يعجزون الله وقال ابن عبّاس معاجزين مسابقين وقال الفراء {معاجزين} أي معاندين وأما قوله {أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض} فأجمع القرّاء على ذلك ولا يجوز معاجزين ها هنا لأنّه يصير إلى معنى أولئك لم يكونوا معاندين وذلك خطأ لأنهم قد عاندوا رسول الله صلى الله عليه ومعنى معجزين أي سابقين يقال أعجزني أي سابقني وفاتني). [حجة القراءات: 481]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (23- قوله: {معاجزين} قرأه ابن كثير وأبو عمرو مشددا، من غير ألف، وقرأ الباقون بألف مخففا.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/122]
وحجة من قرأ بغير ألف أنه حمله على معنى {مثبطين} أي: يثبطون الناس عن اتباع النبي، أي يثبطونهم عن ذلك، ويؤخرونهم عن ذلك، وهو بمعنى: يحببون إليهم ترك اتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
24- وحجة من قرأ بالألف أنه على معنى مشاقين الله، وقيل: معناه معاندين الله، وقيل معناه مسابقين الله، والمعنى: أنهم ظنوا أنهم يعجزون الله، وقيل: يفوقونه فلا يقدر عليهم، وذلك باطل من ظنهم، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه، ومثله الاختلاف في سبأ في موضعين فيها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/123]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {مُعْجِزِينَ}[آية/ 51] بتشديد الجيم من غير ألف:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو، وكذلك في سبأ إذا كان ما قبله {آيَاتِنَا}.
والوجه أن المراد ينسبون من يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى العجز، وهو مثل قولك: جهلت فلانًا بالتشديد، نسبته إلى الجهل، وفسقته: نسبته إلى الفسق، وقال مجاهد: معجزين مثبطين الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقرأ الباقون {مُعْاجِزِينَ}بالألف وتخفيف الجيم في السورتين.
والوجه أن المراد بمعاجزين ظانين أنهم يعجزوننا أي يفوتوننا، لأنهم قدروا أن لا بعث ولا جنة ولا نار). [الموضح: 886]