سورة مريم
[ من الآية (68) إلى الآية (72) ]
{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}
قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68)}
قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {مِنَ الكِبَرِ عِتِيًا}[آية/ 8 و69] بكسر العين:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك {بُكِيًا} و{جِثِيًا} و{صِلِيًا}مكسورات الأوائل.
ووافقهما- ص- عن عاصم، إلا في قوله {بُكِيًا}فإنه ضمه.
والوجه أنها أبنية على وزن فعول من معتل اللام، وما كان من ذلك فيكون على ضربين: مصدر وجمع، فالمصدر كعتي والجمع كجثي، فما كان جمعًا فلا يخلو إما أن يكون اللام واواً أو ياءً فما كان لامه واواً من ذلك، فإن العرب تقلب الواو الأخيرة ياء، فتجتمع الواو والياء، وأحدهما سابق بالسكون، ثم تقلب الواو ياء، ثم تدغم الياء في الياء، نحو جمع دلوٍ فإنه في
[الموضح: 812]
القياس دلوؤ فيجعلون الأخيرة ياء، فيبقي دلوي ثم يقلبون الأولى أيضًا ياءً، فيدغمون الياء في الياء، فبقي دلي، ثم أنهم لما أجروا عليها تغييرين، أقدموا أيضًا على تغيير آخر بأن كسروا فاء الكلمة، فقالوا دلي بكسر الدال، ومثله خفي وجثي وعتي، فالكسر لأجل التغييرين، وأما ما كان لامه ياء، نحو ثدي وجلي وصلي فإنهم يكسرون الفاء أيضًا، وإن لم يكن فيها التغييران؛ لأن الأصل ثدوي فقلبت واو فعول ياءً لاجتماع الواو والياء وسكون الأول، فأدغمت الياء في الياء، فبقي ثدي وحلي، فالتغيير فيها واحد، وهو قلب واو فعلو، إلا أنهم أجروها مجرى ما كان من الواو فكسروا فاءها.
وأما ما كان مصدراً من ذلك، فإن كان من الواو فالقياس يقتضي تصحيحه نحو العلو والعتو، بخلاف الجمع فإن الجمع لثقله يلزم فيه الإعلال بالقلب؛ لأن الياء أخف من الواو، لكنهم عاملوا المصدر معاملة الجمع، فقالوا عتي كما قالوا دلي، ثم كسروا الفاء لمكان التغييرين كالجمع، فقالوا عتي بكسر العين، وعلى هذا جاء في حرف عبد الله {ظُلْمًا وعُليًا}بالياء وكسر العين يعني علواً.
وأما ما كان مصدراً من الياء فلا يستمر الكسر في فائه كما استمر في الجمع، والمصدر الذي من الواو؛ لأنه ليس بجمع ولا فيه تغييران، ألا ترى أن أحداً لم يرو في المضي إلا ضم الميم، قال الله تعالى {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًا}بالضم على الاتفاق.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم بضم أوائل الجميع.
والوجه أن الضم فيما ذكرنا كله هو الأصل، وما كان أصلاً فلا يحتاج فيه إلى التعليل). [الموضح: 813] (م)
قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقد بلغت من الكبر عتيًّا) وقوله (بكيًّا (58) و(صليًّا (70) و(جثيًّا (72).
قرأ حفص وحمزة والكسائي بكسر أوائل هذه الحروف، إلا (بكيًّا) فإن حفصًا خالفهما فضم الباء من (بكيًّا) وقرأ الباقون أوائلهنٌ بالضم.
[معاني القراءات وعللها: 2/130]
قال أبو منصور: أما (عتيًّا) فهو مصدر عتا يعتو عتيًّا، وكان في الأصل عتوًّا فأدغمت الواو في الياء وشددت.
ومن قرأ (عتيًّا) بكسر العين فإنه كسر العين لكسرة التاء.
وكذلك سائر الحروف.
وبكيًّا: جمع باك، وكان في الأصل: بكوًّا، وكذلك صليًّا: جمع صالٍ - وجثيًّا: جمع جاثٍ، وكل مصدر يجيء على (فعول) فإنه يجوز أن يجعل جمعًا لفاعل كقولك: حضرت حضورًا، وقومٌ حضورٌ، وشهدت شهودًا، وقومٌ شهودٌ). [معاني القراءات وعللها: 2/131] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {مِنَ الكِبَرِ عِتِيًا}[آية/ 8 و69] بكسر العين:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك {بُكِيًا} و{جِثِيًا} و{صِلِيًا}مكسورات الأوائل.
ووافقهما- ص- عن عاصم، إلا في قوله {بُكِيًا}فإنه ضمه.
والوجه أنها أبنية على وزن فعول من معتل اللام، وما كان من ذلك فيكون على ضربين: مصدر وجمع، فالمصدر كعتي والجمع كجثي، فما كان جمعًا فلا يخلو إما أن يكون اللام واواً أو ياءً فما كان لامه واواً من ذلك، فإن العرب تقلب الواو الأخيرة ياء، فتجتمع الواو والياء، وأحدهما سابق بالسكون، ثم تقلب الواو ياء، ثم تدغم الياء في الياء، نحو جمع دلوٍ فإنه في
[الموضح: 812]
القياس دلوؤ فيجعلون الأخيرة ياء، فيبقي دلوي ثم يقلبون الأولى أيضًا ياءً، فيدغمون الياء في الياء، فبقي دلي، ثم أنهم لما أجروا عليها تغييرين، أقدموا أيضًا على تغيير آخر بأن كسروا فاء الكلمة، فقالوا دلي بكسر الدال، ومثله خفي وجثي وعتي، فالكسر لأجل التغييرين، وأما ما كان لامه ياء، نحو ثدي وجلي وصلي فإنهم يكسرون الفاء أيضًا، وإن لم يكن فيها التغييران؛ لأن الأصل ثدوي فقلبت واو فعول ياءً لاجتماع الواو والياء وسكون الأول، فأدغمت الياء في الياء، فبقي ثدي وحلي، فالتغيير فيها واحد، وهو قلب واو فعلو، إلا أنهم أجروها مجرى ما كان من الواو فكسروا فاءها.
وأما ما كان مصدراً من ذلك، فإن كان من الواو فالقياس يقتضي تصحيحه نحو العلو والعتو، بخلاف الجمع فإن الجمع لثقله يلزم فيه الإعلال بالقلب؛ لأن الياء أخف من الواو، لكنهم عاملوا المصدر معاملة الجمع، فقالوا عتي كما قالوا دلي، ثم كسروا الفاء لمكان التغييرين كالجمع، فقالوا عتي بكسر العين، وعلى هذا جاء في حرف عبد الله {ظُلْمًا وعُليًا}بالياء وكسر العين يعني علواً.
وأما ما كان مصدراً من الياء فلا يستمر الكسر في فائه كما استمر في الجمع، والمصدر الذي من الواو؛ لأنه ليس بجمع ولا فيه تغييران، ألا ترى أن أحداً لم يرو في المضي إلا ضم الميم، قال الله تعالى {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًا}بالضم على الاتفاق.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم بضم أوائل الجميع.
والوجه أن الضم فيما ذكرنا كله هو الأصل، وما كان أصلاً فلا يحتاج فيه إلى التعليل). [الموضح: 813] (م)
قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)}
قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقد بلغت من الكبر عتيًّا) وقوله (بكيًّا (58) و(صليًّا (75) و(جثيًّا (72).
قرأ حفص وحمزة والكسائي بكسر أوائل هذه الحروف، إلا (بكيًّا) فإن حفصًا خالفهما فضم الباء من (بكيًّا) وقرأ الباقون أوائلهنٌ بالضم.
[معاني القراءات وعللها: 2/130]
قال أبو منصور: أما (عتيًّا) فهو مصدر عتا يعتو عتيًّا، وكان في الأصل عتوًّا فأدغمت الواو في الياء وشددت.
ومن قرأ (عتيًّا) بكسر العين فإنه كسر العين لكسرة التاء.
وكذلك سائر الحروف.
وبكيًّا: جمع باك، وكان في الأصل: بكوًّا، وكذلك صليًّا: جمع صالٍ - وجثيًّا: جمع جاثٍ، وكل مصدر يجيء على (فعول) فإنه يجوز أن يجعل جمعًا لفاعل كقولك: حضرت حضورًا، وقومٌ حضورٌ، وشهدت شهودًا، وقومٌ شهودٌ). [معاني القراءات وعللها: 2/131] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {ثم ننجي الذين اتقوا} [72]. قرأ الكسائي وحده {ثم ننجي} خفيفًا من أنجي ينجي.
والباقون {ننجي} والأمر بينهما قريب، نحبي وأنحبي مثل كرم وأكرم، و«ثم» حرف نسق؛ لأن الله تعالى قال: {وإن منكم إلا واردها} [71]. فما أحد إلا هو يرد النار تحلة القسم، الدليل على ذلك قوله تعالى: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظلمين فيها جثيا} وقال آخرون: ليس يرد الموحد النار. واحتجوا بما حدثني ابن مجاهد. قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن أبي داود عن شعبة عن عبد الله بن السائب قال: حدثني من سمع ابن عباس يقرأ: {وإن منهم إلا واردها} يعني: من الكفار. وكذلك قرأها ابن كثير في راية، وعكرمة. وحدثني ابن مجاهد أيضًا قال: حدثني إسماعيل بن عبد الله بن إسماعيل، عن أبي زيد في قوله: {وإن منكم إلا واردها}. قال: ورود المسلمين المرور على الجسر، وورود الكافرين الدخول.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/20]
قال ابن مجاهد: وحدثني فضل الوراق قال: حدثنا روح، عن علي بن نصر، عن مطرف [النهدي] عن ابن كثير {وإن منهم إلا واردها} فإن سأل سائل ما معنى قوله: {ثم ننجي}؟ فقل: احتجت هذه الطائفة بقراءة ابن عباس وعاصم الحجدري وابن ألي ليل ويعقوب الحضرمي {ثم} بفتح الثاء أي: هنالك، وليس في القرآن ما يكون حرفًا وأسمًا إلا هذا، وقوله: {من بعثنا من مرقدنا} و{من بعثنا من مرقدنا}و {هذا سراط على مستقيم} و{على مستقتيم} قرأ به ابن سيرين، و{كلا سيكفرون} [82] قرأ بذلك أبو نهيك. {ومن تحتها} وقد ذكرته). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/21]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ثمّ ننجي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيا}
قرأ الكسائي {ثمّ ننجي الّذين اتّقوا} بالتّخفيف من أنجى ينجي
وقرأ الباقون بالتّشديد من نجى ينجي وهما لغتان مثل كرم وأكرم). [حجة القراءات: 446]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (24- قوله: {ثم ننجي} قرأه الكسائي بالتخفيف من «أنجى» وشدد الباقون، جعلوه من «نجى»، وكلاهما بمعنى، واللغتان في القراءتين كثير، وفي التشديد معنى التكرير والتكثير، كأنه نجاة بعد نجاة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/91]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {مِنَ الكِبَرِ عِتِيًا}[آية/ 8 و69] بكسر العين:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك {بُكِيًا} و{جِثِيًا} و{صِلِيًا}مكسورات الأوائل.
ووافقهما- ص- عن عاصم، إلا في قوله {بُكِيًا}فإنه ضمه.
والوجه أنها أبنية على وزن فعول من معتل اللام، وما كان من ذلك فيكون على ضربين: مصدر وجمع، فالمصدر كعتي والجمع كجثي، فما كان جمعًا فلا يخلو إما أن يكون اللام واواً أو ياءً فما كان لامه واواً من ذلك، فإن العرب تقلب الواو الأخيرة ياء، فتجتمع الواو والياء، وأحدهما سابق بالسكون، ثم تقلب الواو ياء، ثم تدغم الياء في الياء، نحو جمع دلوٍ فإنه في
[الموضح: 812]
القياس دلوؤ فيجعلون الأخيرة ياء، فيبقي دلوي ثم يقلبون الأولى أيضًا ياءً، فيدغمون الياء في الياء، فبقي دلي، ثم أنهم لما أجروا عليها تغييرين، أقدموا أيضًا على تغيير آخر بأن كسروا فاء الكلمة، فقالوا دلي بكسر الدال، ومثله خفي وجثي وعتي، فالكسر لأجل التغييرين، وأما ما كان لامه ياء، نحو ثدي وجلي وصلي فإنهم يكسرون الفاء أيضًا، وإن لم يكن فيها التغييران؛ لأن الأصل ثدوي فقلبت واو فعول ياءً لاجتماع الواو والياء وسكون الأول، فأدغمت الياء في الياء، فبقي ثدي وحلي، فالتغيير فيها واحد، وهو قلب واو فعلو، إلا أنهم أجروها مجرى ما كان من الواو فكسروا فاءها.
وأما ما كان مصدراً من ذلك، فإن كان من الواو فالقياس يقتضي تصحيحه نحو العلو والعتو، بخلاف الجمع فإن الجمع لثقله يلزم فيه الإعلال بالقلب؛ لأن الياء أخف من الواو، لكنهم عاملوا المصدر معاملة الجمع، فقالوا عتي كما قالوا دلي، ثم كسروا الفاء لمكان التغييرين كالجمع، فقالوا عتي بكسر العين، وعلى هذا جاء في حرف عبد الله {ظُلْمًا وعُليًا}بالياء وكسر العين يعني علواً.
وأما ما كان مصدراً من الياء فلا يستمر الكسر في فائه كما استمر في الجمع، والمصدر الذي من الواو؛ لأنه ليس بجمع ولا فيه تغييران، ألا ترى أن أحداً لم يرو في المضي إلا ضم الميم، قال الله تعالى {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًا}بالضم على الاتفاق.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم بضم أوائل الجميع.
والوجه أن الضم فيما ذكرنا كله هو الأصل، وما كان أصلاً فلا يحتاج فيه إلى التعليل). [الموضح: 813] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا}[آية/ 72] بتخفيف النون الثانية:
قرأها الكسائي ويعقوب.
وقرأ الباقون {نُنَجِّي}بالتشديد، وقد ذكرنا غير مرة أن الإنجاء والتنجية بمعنى واحد، وأن النقل بالهمزة مثل النقل بالتضعيف). [الموضح: 822]