عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:58 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (7) إلى الآية (11) ]
{يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)}

قوله تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله: {لم نجعل له من قبل سميا} [7].
قيل: لم يسم أحد يحيى قبل يحيى. وقال آخرون: السمى: الولد واحتجوا بقوله: {هل تعلم له سميا} [65].
قال أبو عبد الله: وسمعت القاضي أبا عمران بن الأشيب يقول: يحيى أفضل من عيسى عند أهل التأويل؛ لأن الله تعالى سلم على يحيى فقال:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/13]
{وسلم عليه} [15] وعيسى يسلم على نفسه فقال: {والسلام علي} [33] والأمر عندي واحد؛ لأن عيسى لم يسلم على نفسه في حال البلوغ والنطق، وإنما أنطقه الله في المهد صبيا إمارة لنبوته، وأنه من غير فحل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/14]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {إنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ}[آية/ 7] مخففة:
قرأها حمزة وحده، وكذلك {لِتُبَشِّرَ بِهِ المُتَّقِينَ}.
وقرأ الباقون {نُبَشِّرُكَ} و{لِتُبَشِّرَ}بالتشديد فيهما.
والوجه أن بشر وبشر بالتشديد والتخفيف لغتان، وقد يقال في هذا المعنى أيضًا أبشر بالهمزة). [الموضح: 812]

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقد بلغت من الكبر عتيًّا) وقوله (بكيًّا (58) و(صليًّا (75) و(جثيًّا (72).
قرأ حفص وحمزة والكسائي بكسر أوائل هذه الحروف، إلا (بكيًّا) فإن حفصًا خالفهما فضم الباء من (بكيًّا) وقرأ الباقون أوائلهنٌ بالضم.
[معاني القراءات وعللها: 2/130]
قال أبو منصور: أما (عتيًّا) فهو مصدر عتا يعتو عتيًّا، وكان في الأصل عتوًّا فأدغمت الواو في الياء وشددت.
ومن قرأ (عتيًّا) بكسر العين فإنه كسر العين لكسرة التاء.
وكذلك سائر الحروف.
وبكيًّا: جمع باك، وكان في الأصل: بكوًّا، وكذلك صليًّا: جمع صالٍ - وجثيًّا: جمع جاثٍ، وكل مصدر يجيء على (فعول) فإنه يجوز أن يجعل جمعًا لفاعل كقولك: حضرت حضورًا، وقومٌ حضورٌ، وشهدت شهودًا، وقومٌ شهودٌ). [معاني القراءات وعللها: 2/131] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {وقد بلغت من الكبر عتيا}.
قرأ حمزة والكسائي {عتيا} و{صليا} و{جثيا} و{بكيا} وكذلك حفص، إلا {بكيا} فإنه ضم. والباقون يضمون كل ذلك، فمن كسر أوائل هذه الحروف. فلمجاورة الياء والأصل الضم؛ لأنها جمع فاعل مثل جالس وجلوس، وكذلك صال وصلي والأصل صلوى، ويكوي على وزن فعول، فانقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. فالتشديد من جلل ذلك.
والأصل في {عيتا}: عتو؛ لأنه من عتا يعتو، والأول من بكى يبكي. كما قال تعالى {وعتوا عتوا كبيرًا}.
فإن قيل لك: قيل في هذه السورة: {عيتا} بالياء، ولم يقل: عتوا بالواو؟
فالجواب في ذلك: أن عتيا جمع عات، وأصل عات، وأصل عاتٍ: عاتو فانقلبت الواو ياءً لانكسار ما قبلها، فبنوا الجمع على الواحد في قلب الواو ياءً، لأن
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/11]
الجمع أثقل من الواحد، وقوله: {وعتوا عتوا} مصدر والمصدر يجري مجرى الواحد حكمًا، وإن كان في اللفظ مشاركًا للجمع، ألا ترى أنك تقول: قعد قعودًا، وقوم قعود.
فإن قيل: {فعتيا} في (مريم) أيضًا مصدر فلم قلب؟
فقل: ليوافق رءوس الآي، فأعرفه.
فإن قيل: فلم لم يختلف في قوله: {فما استطعوا مضيا} فيقرأ مضيا كما قرئ {بكيا}؟
فالجواب في ذلك أن الاعتلال، والخروج عن الأصل إنما يكون في الجمع للعلة التي أنباتك بها، و{مضيا} مصدر، تقول: مضى يمضى مضيا، ولو كان جمعًا لماض لقلت: قوم مضى ومضى، كما تقول: بكي وبكي، إنما قال الله تعالى: {فما استطاعوا مضيا} أي: مضاء، وهذا واضح بحمد الله. وفي حرف عبد الله، {وقد بلغت من الكبر عسيا} يقال: للشيخ إذا كبر عسا يعسو، وعتا يعتو إذا يبس). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/12]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جل وعز: عتيا [مريم/ 8] و (جثيا) [68] وبكيا [58] و (صليا) [70] في كسر أوائلها وضمها.
[الحجة للقراء السبعة: 5/191]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر: بضم أوائل هذه الحروف.
وقرأ حمزة والكسائي بكسر أوائل هذه الحروف كلّها. حفص عن عاصم بكسر أوائل هذه الحروف كلّها إلا بكيا فإنه يضمّ أوله.
أبو عبيدة: كلّ مبالغ في شرّ أو كفر فقد عتا عتيّا، ومثلها عسى.
اعلم أن ما كان على فعول كان على ضربين، أحدهما: أن يكون جمعا، والآخر: أن يكون مصدرا، وقد جاءت أحرف في غير المصادر وهي قليلة.
فالجمع إذا كان على فعول من المعتل اللام جاء على ضربين، أحدهما: أن تكون اللام واوا، والآخر: أن تكون ياء، فما كان اللام منه واوا من هذه الجموع قلب إلى الياء، وذلك نحو: حقو وحقيّ، ودلو ودليّ وعصا وعصيّ وصفا وصفيّ، فاللام إذا كانت واوا لزمها القلب على الاطراد إلى الياء، ثم قلبت واو فعول إلى الياء لإدغامها في الياء، وكسرت عين الفعل كما كسرت في مرميّ ونحوه، وقد جاءت حروف من ذلك قليلة على الأصل، فمن ذلك ما حكاه سيبويه من قولهم: إنكم لتنظرون في نحوّ كثيرة.
[الحجة للقراء السبعة: 5/192]
وحكى غيره في جمع نحو الذي يعنى به السحاب: نحوّ، وفي حما: حموّ، وأنشد:
وأصبحت من أدنى حموّتها حما فما كان كذلك فإنّ كسر الفاء فيه مطّرد، وذلك نحو دليّ وحقيّ وعصبيّ. وجاز ذلك فيها لأنها غيّرت تغييرين، وهما: أن الواو التي هي لام قلبت، والواو التي كانت قبلها قلبت أيضا، فلما غيّرت تغييرين قويا على هذا التغيير من كسر الفاء، كما أن باب: حنيفة، وجديلة، في الإضافة لما غير تغييرين قوي على حذف الياء في قولهم: جدليّ، وحنفيّ، وفرضيّ وقد تركوا أحرفا من ذلك على الأصل فلم تغير فقالوا في السليقة، سليقي، وفي عميرة كلب: عميري. وفي الخريبة خريبيّ، والمستمر هو الأول، فأما ما كان لامه ياء من هذا النحو نحو ثديّ وحليّ ولحيّ فقد كسروا الفاء منه أيضا فقالوا: ثديّ وحليّ وإن لم يغيروا التغييرين اللذين
ذكرنا في باب حقيّ وعصيّ وذلك لأنهم أجروا الياء هاهنا مجرى الواو، كما أجروها مجراها في اتّسر واتّبس، إذا أردت: افتعل من اليسر واليبس، فاستمر الكسر في فاء ما كان من الياء كما استمر في باب الواو الذي غير تغييرين لإجرائهم الياء مجرى الواو، لأنهم قد غيّروا أيضا في باب النصب لتغيير واحد، فقالوا:
قرشي وهذلي، فحذفوا الياء لمّا ألحقوا ياءي الإضافة.
وأما ما كان من ذلك مصدرا فما كان من الواو فالقياس فيه أن
[الحجة للقراء السبعة: 5/193]
يصحح نحو: العتو والقلو، لأن واوه لم يلزمها الانقلاب كما لزمها الانقلاب في الجمع، ولكن لما كانوا قد قلبوا الواو من هذا النحو وإن كان مفردا نحو: معديّ ومرميّ، وقلب ما كان قبل الآخر بحرف كما قلب الآخر نحو صيّم، وما كان على وزنه، وغيّر تغييرين كما غيروا في الجمع، قلبوا ذلك أيضا في نحو عتيّ، وزعموا أن في حرف عبد الله: (ظلما وعليا) [النمل/ 14] في علوّ ولم يكن شبه هذا الضرب للجمع حيث وافقه في البناء، وغير تغييرين بدون شبه أحمد بأشرب، فأجري المصدر مجرى الجمع في كسر الفاء منه.
فأما ما كان من هذه المصادر من الياء، فليس يستمر الكسر في فائه، كما استمر في الجمع، وفي المصادر التي من الواو، ألا ترى أن المضيّ في نحو: فما استطاعوا مضيا [يس/ 67] ليس أحد يروي فيه الكسر فيما علمناه، وحكى أبو عمر عن أبي زيد: أوى إليه إويا، ومما يؤكّد الكسر في هذا النحو أنهم قالوا: قسيّ وألزموها كسر الفاء، ولم نعلم أحدا يسكن إلى روايته حكى فيه غير الكسر، وذلك أنه قلبت الواو إلى موضع اللام، فلما وقعت موقعها قلبت كما تقلب الواو إذا كانت لاما، وكسرت الفاء وألزمت الكسر فأن لم نسمع فيها غيره دلالة على تمكّن الكسر في هذا الباب.
قال أبو الحسن: أكثر القراء يضمون أوّل هذا، يعني: (عتيّا).
قال: وكذلك: الجثّي، والبكي، والصليّ، قال: وزعم يونس أنها لغة تميم، وغيرهم يكسر. قال أبو الحسن: وسمعناه من العرب مكسورا سوى بني تميم في المصدر والجمع). [الحجة للقراء السبعة: 5/194]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن مسعود: [الْكِبَرِ عَتِيًّا]، بفتح العين.
وكذلك قرأ أيضا: [أَوْلَى بِهَا صَلِيًّا]، بفتح الصاد. وقال ابن مجاهد: لا أعرف لهما في العربية، أصلا، قال ابن مجاهد: ويقرأ مع ذلك {بُكِيًّا} بضم الباء.
قال أبو الفتح: لا وجه لإنكار ابن مجاهد ذلك لأن له في العربية أصلا ماضيا، وهو ما جاء من المصادر على فعيل نحو: الحويل، والزويل، والشخير، والنخير. فأما "البكِيّ" فجماعة، وهي فعول: كالحثيّ، والدني، والفلي، جمع فلاة، والحلي). [المحتسب: 2/39]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقد بلغت من الكبر عتيا}
[حجة القراءات: 438]
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {عتيا} و{صليا} و{جثيا} و{وبكيا} بكسر العين والصّاد والجيم والباء حفص خرج في قوله {وبكيا} فرفع وإنّما كسروا أوائل هذه الحروف لمجاورة الكسرة
وقرأ الباقون بضم هذه الحروف على الأصل وكان أصل الكلمة عتووا مصدر عتا مثل قعد قعودا ثمّ جعلوا الواو الّتي هي لام الفعل ياء ثمّ أدغموا فيها واو فعول بعد أن قلبوها فصارت عتيا بضم العين والياء فاجتمع ضمتان وبعدهما ياء مشدّدة وكسرت التّاء لمجيء الياء بعدها فصارت عتيا ومن كسر العين فإنّه استثقل ضمة العين لمجيء كسرة التّاء وبعدها ياء مشدّدة وكذلك الكلام في قوله {أيهم أشد على الرّحمن عتيا} و{صليا} كان الأصل صلويا وكذلك بكويا وهو جمع باك مثل شاهد وشهود و{جثيا} جمع جاث وكان الأصل جثووا). [حجة القراءات: 439]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {عتيا}، و{جثيا}، و{بكيا}، و{صليا} قرأ ذلك حفص وحمزة والكسائي بكسر أوائلها، غير أن حفصا ضم الباء من {بكيا}، وقرأ الباقون بالضم فيها.
وحجة من كسر أن هذه الأسماء جمع «عات وجاث وباك وصال»، جمع
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/84]
على «فعول» فأصل الثاني منها الضم، لكن كُسر لتصح الياء التي بعده، التي أصلها واو، في «عتي وجثي» لأن الياء الساكنة لا يكون قبلها ضمة، فلما كسر الثاني أتبع كسرته كسر الأول، فكسر للإتباع، ليعمل اللسان فيه عملًا واحدًا، وعلى ذلك قالوا: عِصي وقِسي، فكسروا الأول على الإتباع لكسرة الثاني، واصله «فعول» وقد يمكن أن تكون هذه الأسماء مصادر، أتت على فعول، فوقع فيها من التعليل والإتباع مثل ما ذكرنا في الجمع، والتغيير في الجمع أحسن لثقله، وقد ذكرنا نحو هذا في قوله: {من حُليهم} «الأعراف 148».
4- وحجة من ضم أنه غيّر الثاني بالكسر، لتصح الياء الساكنة، على ما ذكرنا، وترك الأول مضمومًا على أصله، كان جمعا أو مصدرا، أصل أوله الضم، وهو الاختيار؛ لأنه الأصل، وعليه الجماعة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/85]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {مِنَ الكِبَرِ عِتِيًا}[آية/ 8 و69] بكسر العين:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك {بُكِيًا} و{جِثِيًا} و{صِلِيًا}مكسورات الأوائل.
ووافقهما- ص- عن عاصم، إلا في قوله {بُكِيًا}فإنه ضمه.
والوجه أنها أبنية على وزن فعول من معتل اللام، وما كان من ذلك فيكون على ضربين: مصدر وجمع، فالمصدر كعتي والجمع كجثي، فما كان جمعًا فلا يخلو إما أن يكون اللام واواً أو ياءً فما كان لامه واواً من ذلك، فإن العرب تقلب الواو الأخيرة ياء، فتجتمع الواو والياء، وأحدهما سابق بالسكون، ثم تقلب الواو ياء، ثم تدغم الياء في الياء، نحو جمع دلوٍ فإنه في
[الموضح: 812]
القياس دلوؤ فيجعلون الأخيرة ياء، فيبقي دلوي ثم يقلبون الأولى أيضًا ياءً، فيدغمون الياء في الياء، فبقي دلي، ثم أنهم لما أجروا عليها تغييرين، أقدموا أيضًا على تغيير آخر بأن كسروا فاء الكلمة، فقالوا دلي بكسر الدال، ومثله خفي وجثي وعتي، فالكسر لأجل التغييرين، وأما ما كان لامه ياء، نحو ثدي وجلي وصلي فإنهم يكسرون الفاء أيضًا، وإن لم يكن فيها التغييران؛ لأن الأصل ثدوي فقلبت واو فعول ياءً لاجتماع الواو والياء وسكون الأول، فأدغمت الياء في الياء، فبقي ثدي وحلي، فالتغيير فيها واحد، وهو قلب واو فعلو، إلا أنهم أجروها مجرى ما كان من الواو فكسروا فاءها.
وأما ما كان مصدراً من ذلك، فإن كان من الواو فالقياس يقتضي تصحيحه نحو العلو والعتو، بخلاف الجمع فإن الجمع لثقله يلزم فيه الإعلال بالقلب؛ لأن الياء أخف من الواو، لكنهم عاملوا المصدر معاملة الجمع، فقالوا عتي كما قالوا دلي، ثم كسروا الفاء لمكان التغييرين كالجمع، فقالوا عتي بكسر العين، وعلى هذا جاء في حرف عبد الله {ظُلْمًا وعُليًا}بالياء وكسر العين يعني علواً.
وأما ما كان مصدراً من الياء فلا يستمر الكسر في فائه كما استمر في الجمع، والمصدر الذي من الواو؛ لأنه ليس بجمع ولا فيه تغييران، ألا ترى أن أحداً لم يرو في المضي إلا ضم الميم، قال الله تعالى {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًا}بالضم على الاتفاق.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم بضم أوائل الجميع.
والوجه أن الضم فيما ذكرنا كله هو الأصل، وما كان أصلاً فلا يحتاج فيه إلى التعليل). [الموضح: 813] (م)

قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقد خلقتك من قبل)
قرأ حمزة والكسائي (وقد خلقناك) بالنون والألف.
وقرأ الباقون (وقد خلقتك) بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء وبالنون فالفعل دثه لا شريك له، والقرآن عربي والملك من العرب يقول: فعلنا كذا وكذا.
فخوطبوا بما يعرفونه، إذ اللّه جلّ وعزّ ملك الملوك ومالكهم، وهذا كما أخبر الله عن الكافر الذي دعا ربه حين عاين العذاب فقال: (ربّ ارجعون).
ومن قرأ (وقد خلقتك) فهو على ما يتعارفه الناس، وكل صحيح). [معاني القراءات وعللها: 2/131]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {وقد خلقتك من قبل}.
قرأ حمزة والكسائي، {وقد خلقنك}.
وقرأ الباقون: {وقد خلقتك} بالتاء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/12]
فمن قرأ التاء فحجته: {هو على هين}، ولم يقل: علينا. ومن قرأ بلفظ الجمع، فلأن الله تعالى قد قال بعد الآية: {وحنانًا من لدنا} [13] أي: رحمة من عندنا، والعرب تقول: حنانيك أي: رحمة بعد رحمة كما قال: لبيك وسعديك. قال الشاعر:-
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا = حنانيك بعض الشر أهون من بعض
وسمعت أبا عمر يقول: {وحنانًا} قال هيبة من لدنا.
وذكر الله تعالى نعمه على يحيى بن زكريا حيث خلقه ولم يك شيئًا موجودًا مرئيًا عند المخلوقين. فأما الله تعالى فعلمه مالم يكن كعلمه به بعن أن كونه. وقد كان يحيى عليه السلام في علم الله شيئًا. وإنما سمى يحيى لأنه حيي من عقيمين كانت أمه أتت عليها خمس وتسعون سنة وأبوه نيف وتسعون لا يولد لهما فحيي من بين ميتين قد يئسا من الولد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/13]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جل وعز: خلقتك و (خلقناك) [مريم/ 9].
[الحجة للقراء السبعة: 5/194]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: خلقتك بالتاء من غير ألف.
وقرأ حمزة والكسائي: (خلقناك) بالنون والألف.
حجة من قال: وقد خلقتك من قبل أن قبله: قال ربك هو علي هين وقد خلقتك. وحجة من قال: (وقد خلقناك) أنه قد جاء لفظ الجمع بعد لفظ الإفراد، قال: سبحان الذي أسرى بعبده [الإسراء/ 1] وجاء بعد: وآتينا موسى الكتاب [الإسراء/ 2] وقال: ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون [الحجر/ 26] ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه [ق/ 16] ولقد خلقناكم ثم صورناكم [الأعراف/ 11]، ونحو ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/195]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا كذلك قال ربك هو عليّ هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا} 9
قرأ حمزة والكسائيّ (وقد خلقناك) بالنّون كذا يكون كلام الملوك والعظماء وحجتهما أن ما أتى في القرآن من هذا اللّفظ بلفظ الجمع أكثر ممّا أتى بلفظ التّوحيد وذلك قوله {وما خلقنا السّماوات والأرض} {ولقد خلقناكم ثمّ صورناكم} {وخلقناكم أزواجًا}
[حجة القراءات: 439]
{أم من خلقنا إنّا خلقناهم} في نظائر ذلك
وقرأ الباقون {وقد خلقتك} بالتّاء وحجتهم أنه قرب من قوله {قال ربك هو عليّ هين} ولم يقل علينا يجب أن يكون الكلام بعده جاريا على لفظه إذ هو في سياقه ولم يعترض بينهما بكلام يوجب صرفه عن لفظ ما تقدمه إلى لفظ الجمع). [حجة القراءات: 440]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {وقد خلقتك} قرأه حمزة والكسائي بنون والف، على لفظ الجمع، وقرأ الباقون بالتاء، على لفظ الواحد.
وحجة من قرأ بالتاء أنه رده على التوحيد في قوله: {قال ربك هو عليّ هين} وهو الاختيار، لأن الجماعة عليه.
6- وحجة من قرأ بلفظ الجمع أن العرب تخبر عن العظيم القدر بلفظ الجمع، على إرادة التعظيم له، ولا عظيم أعظم من الله جل ذكره، ففيه معنى التعظيم، وقد أجمعوا على قوله: {ولقد خلقنا الإنسان} «الحجر 26»، وقوله: {ولقد خلقناكم ثم صورناكم} «الأعراف 11»، وقوله: {وآتينا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/85]
موسى الكتاب} «البقرة 87» وهو كثير بلفظ الجمع مجمع عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/86]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {وقَدْ خَلَقْنَاكُ}[آية/ 9] بالنون والألف:
قرأها حمزة والكسائي.
وقرأ الباقون {خَلَقْتُكَ}بالتاء.
والوجه أن لفظ الجمع ولفظ الإفراد في نحو هذا واحد، فلفظ الإفراد لتقدم اسم الرب في قوله تعالى {كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ}، ولفظ الجمع لأن ما بعده على لفظ الجمع وهو قوله تعالى {حَنَانًا مِّن لَّدُنَّا}، وقد يجوز مجيء لفظ الجمع بعد لفظ الإفراد إذا كان المعنى واحداً، قال الله تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى}ثم قال {آتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ} ). [الموضح: 814]

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (اجعل لي آيةً)
فتح الياء نافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/131]

قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس