تفاوت رتب الأحاديث المروية في التفسير
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (تفاوت رتب الأحاديث المروية في التفسير
والأحاديث المروية في التفسير منها أحاديث صحيحة، ومنها دون ذلك، بل مما يروى في التفسير ما هو مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما ما يروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: (ثلاثة كتب ليس فيها أصول: المغازي، والملاحم، والتفسير). رواه ابن عدي في الكامل، ورويت عنه هذه الكلمة من أوجه أخرى بألفاظ مقاربة.
فإن مراد الإمام أحمد رحمه الله هو انتقاد ما شاع في عصره من الكتب المؤلفة في هذه العلوم الثلاثة، كتفسير الكلبي ومقاتل بن سليمان ، ومغازي الواقدي وسيف بن عمر ونحو هذه الكتب، وبيان تضمنها لكثير من الأقوال المرسلة التي لا أصل لها، وكثير من الأخبار الباطلة التي تروى بأسانيد واهية، وهذا لا يعني أنه لا يصح في التفسير والمغازي والملاحم أحاديث وآثار؛ هذا بعيد عن مراد الإمام أحمد، فإنه قد صح من ذلك شيء كثير لكنه متفرق في مصنفات متعددة وقد روى هو رحمه الله في مسنده أحاديث وآثاراً صحيحة وحسنة في هذه العلوم الثلاثة.
ومعرفة تأريخ هذه المقولة مهم جداً في معرفة مراده؛ وذلك لأن بعض طلاب العلم قد ينصرف ذهنه إلى أن المراد به مثل تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم وعبد بن حميد وغيرها وما جمعه أصحاب الكتب الستة من الأحاديث والآثار في التفسير وهذه كلها إنما كتب عامّتها بعد الإمام أحمد، وهي أمثل ما كتب في التفسير بالمأثور، ومع هذا تضمن بعضها أخباراً لا تثبت، وأخرى يحتاج الناظر فيها إلى التدقيق والتمحيص لتمييز الصحيح من الضعيف.
وتمييز الصحيح من الضعيف والباطل من واجب أهل الحديث، وطالب علم التفسير إذا أمكنه أن يعرف الصحيح من الضعيف فالواجب عليه أن يتوقّى اعتماد الأحاديث الضعيفة في التفسير، وليستعن على معرفة علل التضعيف بأقوال الأئمة النقاد الذين هم أهل هذا الشأن، وليتعلم من طريقتهم ما يمكّنه أن يسير على منهجهم.
ومن قصر عن ذلك فليقلّد عالماً من أهل الحديث يستفيد منه معرفة الصحيح من الضعيف من مرويات التفسير). [طرق التفسير:46 - 47]