بيان معنى الاستعانة
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (بيان معنى الاستعانة
الاستعانة هي طلب العون؛ والاعتماد على المستعان به في جلب المنافع ودفع المضارّ.
والاستعانة أوسع معاني الطلب، وإذا أطلقت دلَّت على معنى الاستعاذة والاستغاثة؛ لأنَّ حقيقة الاستعاذة: طلب الإعانة على دفع مكروه، وحقيقة: الاستغاثة: طلب الإعانة على تفريج كربة.
فالاستعانة بمعناها العام تشمل الدعاء والتوكل والاستعاذة والاستغاثة والاستهداء والاستنصار والاستكفاء وغيرها؛ لأن كل ما يقوم به العبد من قول أو عمل يرجو به تحصيلَ منفعة أو دفع مفسدة فهو استعانة.
وحاجة العبد إلى الاستعانة بالله تعالى لا تعدلها حاجة، بل هو مفتقر إليه في جميع حالاته؛ فهو محتاج في كل أحواله إلى الهداية والإعانة عليها، ومحتاج إلى تثبيت قلبه على الحق، ومغفرة ذنبه وستر عيبه وحفظه من الشرور والآفات وقيام مصالحه.
والعبدُ حارثٌ همَّامٌ يجد في قلبه كلَّ وقت مطلوباً من المطلوبات يحتاج إلى الإعانة على تحقيقه، والله تعالى هو المستعان الذي بيده تحقيق النفع ودفع الضر، فلا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو سبحانه.
فلا يحصل لعبدٍ من عباد الله نفعٌ في أمر من أمور دينه ودنياه إلا بالله جل وعلا، فهو المستعان وحده على كل ذلك.
وكل سبب من الأسباب التي يبذلها العبد لتحقيق النفع أو دفع الضر لا يستقل بالمطلوب، فلا يوجد سبب مستقل بالمطلوب، بل لا بد أن يكون معه سبب مساعد ولا بد معه أيضاً من انتفاء المانع، ولا يكون كلُّ ذلك إلا بإذن الله جل وعلا.
فمن أبصر هذا حقيقةً أسلمَ قلبَه لله جل وعلا، وعَلِمَ أنه لا يكون إلا ما يشاء الله، وأن ما يطلبه من خير الدنيا والآخرة لا يناله إلا بإذن الله وهدايته ومشيئته، وأن لنيل ذلك أسباباً هدى الله إليها وبيَّنها.
ومن كان على يقين بهذه الحقيقة قامَت في قلبه أنواعٌ من العبودية لله جل وعلا من المحبة والرجاء والخوف والرغب والرهب والتوكل وإسلام القلب له جل وعلا والثقة به وإحسان الظن به.
ويجعل الله في قلب المؤمن بسبب هذه العبادات العظيمة من السكينة والطمأنينة والبصيرة ما تطيب به حياته وتندفع به عنه شرور كثيرة وآفات مستطيرة). [تفسير سورة الفاتحة:177 - 178]