فوائد تقديم المفعول {إيَّاك}.
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (فوائد تقديم المفعول {إيَّاك}.
تقديم المفعول {إيَّاك} على الفعل {نعبد} فيه ثلاث فوائد جليلة:
إحداها: إفادة الحصر؛ وهوَ إثباتُ الحكمِ للمذكورِ ونفيهُ عما عداهُ؛ فأفادت معنى: «نعبدكَ، ولا نعبدُ غَيركَ»، ومعنى: «لا نعبد إلا إيَّاك» مع اختصار اللفظ وعذوبته والإشعار بمعنى التقرب؛ لأن الجملة المثبتة أبلغ في إفادة معنى التقرب من الجملة المنفية.
ومما يوضّح هذا المعنى قول الله تعالى: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين . بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون}
{بل إياه تدعون} ظاهر في أنّ هذا التركيب يفيد الحصر، أي: تدعونه وحده ولا تدعون غيره مما كنتم تشركون بهم.
والثانية: تقديم ذكر المعبود جلَّ جلاله.
والثالثة: إفادة الحرص على التقرّب؛ فهو أبلغ من (لا نعبد إلا إياك).
وكنت قد لخّصت هذه الأوجه من كلام المفسّرين في كتب التفسير ثمّ وجدتُ ابن القيّم قد أحسن جمعها والبيان عنها في كتابه "مدارج السالكين" فقال: (وأما تقديم المعبود والمستعان على الفعلين، ففيه: أدبهم مع الله بتقديم اسمه على فعلهم، وفيه الاهتمام وشدة العناية به، وفيه الإيذان بالاختصاص، المسمى بالحصر، فهو في قوة: لا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك، والحاكم في ذلك ذوق العربية والفقه فيها، واستقراء موارد استعمال ذلك مقدما، وسيبويه نص على الاهتمام، ولم ينف غيره)ا.هـ). [تفسير سورة الفاتحة:175 - 176]