قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي (ت:597هـ): (باب كان
قال شيخنا عليّ بن عبيد الله: كان فعل ماض في قولك:
كان يكون كونا فهو كائن. ومعناه في الأصل وقع ووجد. فإذا أريد بها الذّات كانت تامّة لا تفتقر إلى خبر. تقول: من ذلك، كان اللّيل، أي: وقع ووجد. وأنشدوا منه:
(إذا كان الشتاء فأدفئوني... فإن الشّيخ يهدمه الشتاء)
وإذا أريد بها الوصف كانت ناقصة تحتاج إلى خبر تقول من ذلك كان زيد قائما.
وذكر أهل التّفسير أن كان في القرآن على ستّة أوجه: -
أحدها: أن تكون على أصلها إمّا تامّة وإمّا ناقصة. ومنه قوله تعالى في الكهف: {وكان وراءهم ملك}، وفي مريم: {إنّه كان صادق الوعد}
والثّاني: أن تكون صلة. ومنه قوله تعالى: {وكان الله غفورًا رحيما}، وكذلك جميع ما أضيف إلى الله تعالى من الصّفات المقترنة بكان.
والثّالث: بمعنى ينبغي. ومنه قوله تعالى في آل عمران: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثمّ يقول للنّاس كونوا عبادا لي من دون الله}، وفي سورة النّساء: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلّا خطأ}، وفي عسق: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلّا وحيا}، وفي النّور: {ما يكون لنا أن نتكلم بهذا}.
والرّابع: بمعنى صار. ومنه قوله تعالى في البقرة: {إلّا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين}، وفي الواقعة: {فكانت هباء منبثا}، وفي المزمل: {وكانت الجبال كثيبا مهيلا}، وفي سأل سائل: {يوم تكون السّماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن}، وفي عم يتسألون: {وفتحت السّماء فكانت أبوابا}.
والخامس: بمعنى هو. ومنه قوله تعالى في مريم: (كيف نكلّم من كان في المهد صبيا}.
والسّادس: بمعنى وجد. ومنه قوله تعالى في البقرة: {وإن كان ذو عسرة} ). [نزهة الأعين النواظر: 517-519]