من الذي سحَر النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم؟
قالَ مُحْيِي الدِّين يَحْيَى بنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت:676هـ): (قَوْلُه: (سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيٌّ، حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ) قَوْلُه: (مِنْ يَهُود بَنِي زُرَيْق) بِتَقْدِيمِ الزَّايِ). [شرح صحيح مسلم: 14/396]
قال أحمدُ بنُ عليٍّ ابنُ حَجَرٍ العسْقَلانِيُّ (ت:852هـ): (قَوْلُه: (سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ) بِزَايٍ قَبْل الرَّاءِ مُصَغَّرٌ. قَوْلُه: (يُقَالُ لَهُ: لَبِيدٌ) بِفَتْحِ اللامِ وَكَسْرِ المُوَحَّدَةِ، بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُهْمَلَةٌ، (ابْنُ الأعْصَمِ) بِوَزْنِ أَحْمَرَ بِمُهْمَلَتَيْنِ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ " سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُود بَنِي زُرَيْقٍ " وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ الآتِيَةِ قَرِيبًا " رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفُ اليَهُودِ، وَكَانَ مُنَافِقًا ".
وَيُجْمَعُ بَيْنَهمَا بِأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يَهُودِيٌّ نَظَرَ إِلَى مَا فِي نَفْسِ الأمْرِ، وَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ مُنَافِقًا نَظَرَ إِلَى ظَاهِرِ أَمْرِه. وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ نِفَاقًا، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَقَدْ حَكَى عِيَاضٌ فِي " الشِّفَاءِ " أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قِيلَ لَهُ: يَهُودِيٌّ لِكَوْنِهِ كَانَ مِنْ حُلَفَائِهِمْ، لا أَنَّهُ كَانَ عَلَى دِينِهمْ.
وَبَنُو زُرَيْقٍ بَطْنٌ مِنَ الأنْصَارِ مَشْهُورٌ مِنَ الخَزْرَجِ، وَكَانَ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ الأنْصَارِ وَبَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ اليَهُودِ قَبْل َالإِسْلامِ حِلْفٌ وَإِخَاءٌ وَوُدٌّ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ وَدَخَلَ الأَنْصَارُ فِيهِ تَبْرَّءُوا مِنْهُمْ). [فتح الباري:10/]