بيان معنى الوسواس والخناس والحكمة من اقترانهما
التعريف في {الوسواس} للجنس على الراجح من أقوال المفسرين؛ فيشمل كل وسواس.
و{الخناس}: صفة مبالغة من الخنوس، وهو الاختفاء، وهذا يعني أنه كثير الخنوس أو شديد الخنوس، لأن المبالغة هنا تكون لأحد هذين المعنيين، الكثرة والشدة ، والله تعالى أعلم.
وكذلك الوسوسة تتفاوت كثرة وشدة.
واقتران الصفتين ببعضهما دليل على تلازمها ، وهذا التلازم فيه شر إضافي.
ففي وسوسته شر ، وفي خنوسه شر، وفي كثرة وقوع الوسوسة والخنوس وتتابعهما شر عظيم يستوجب الاستعاذة بالله تعالى من شره.
والأمر بالاستعاذة من شره دليل على أن العبد لا يستطيع بنفسه أن يعصم نفسَه من كيد الشيطان ، وكل موسوس خناس.
وإنما يحتاج إلى الاستعاذة بمن يعصمه منه، وهو الله جل وعلا وحده.
وإذا أحسنَ العبدُ الاستعاذةَ بالله تعالى بالقلب والقول والعمل -كما تقدم بيانه- لم يضرَّه كيد الوسواس الخناس.
والوَسواس بالفتح هو اسم للموسوس.
والوِسواس بالكسر مصدر؛ تقول: وسوس وِسواساً فهو وَسواس، وهو مشتق من الوسوسة ، وهي التحديث بصوت خفيّ.
قال الأعشى:
تسمع للحلي وسواساً إذا انصرفت ..... كما استعان بريح عشرقٌ زجِل
والوَسْوَسَة قد تكون بصوت بخفيّ كما في الشاهد السابق، وقد تكون همساً يحسّ المرءُ أثرَهُ ولا يُسمع صوتَه ، كما في وسوسة النفس ووسوسة الشيطان للإنسان. فهو إلقاء خفي للإنسان.
قال ابن القيم: (ولما كانت الوسوسة كلاماً يكرره الموسوس ويؤكده عند من يلقيه إليه كرروا لفظها بإزاء تكرير معناها؛ فقالوا : وسوس وسوسة؛ فراعَوا تكرير اللفظ ليُفهم منه تكرير مسمّاه) ا.هـ.
والخناس: فعَّال من الخنوس وهو الاختفاء ، وقيل: الاختفاء بعد الظهور؛ وهو اختفاء فيه معنى الانقباض والتواري والرجوع.