قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((لنبوئنهم في الدنيا حسنة) [41] وقف حسن.
ومثله: (بالبينات والزبر) [44].)[إيضاح الوقف والابتداء: 2/749]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({في الدنيا حسنة} كاف إذا جعل {ولأجر الآخرة أكبر} متعلق به فإن جعل ذلك منقطعًا منه فالوقف على {حسنة} تام. وبالأول جاء التفسير.
حدثنا محمد بن أبي محمد المالكي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن موسى قال: حدثنا يحيى بن سلام في قوله تعالى: {(لنبوئنهم في الدنيا حسنة} يعني المدينة في تفسير قتادة، {ولأجر الآخرة} الجنة {أكبر} من الدنيا {لو كانوا يعلمون} لعلموا أن الجنة خير من الدنيا.
والوقف على {يعلمون} حسن، وليس بتام لأن الحسن قال: {الذين صبروا} هم الذين هاجروا، فـ{الذين} متعلق بما قبله وقد شرحنا مثل هذا في أول البقرة. {يتوكلون} تام. {بالبينات والزبر} كاف. وقيل: تام.
{يتفكرون} تام.)[المكتفى: 352-353]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({حسنة- 41- ط}. {أكبر- 41- م} لأن جواب {لو} محذوف، أي: لو كانوا يعلمون لما اختاروا الدنيا على الآخرة، ولو وصل لصار قوله: {لأجر الآخرة} معلقًا بشرط أن لو كانوا يعلمون، وهو محال. {يعلمون- 41- لا} لأن {الذين صبروا} بدل من {الذين هاجروا}. {لا تعلمون- 43- لا} لتعلق الباء. {والزبر- 44- ط}.)[علل الوقوف: 2/638]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (حسنة (كاف) وقال يحيى بن سلام الحسنة هي المدينة المشرفة ولأجر الآخرة أكبر يعني الجنة نزلت في صهيب وبلال وخباب وعمار بن ياسر عذبهم المشركون بمكة وأخرجوهم من ديارهم ولحق منهم طائفة الحبشة ثم بوّأهم الله دار الهجرة وجعلهم أنصارًا .لنبوّأنهم في الدنيا حسنة أنزلهم المدينة وأطعمهم الغنيمة فهذا هو الثواب في الدنيا
أكبر (جائز) وجواب لو محذوف أي لو كانوا يعلمون لما اختاروا الدنيا على الآخرة ولو وصله لصار قوله ولأجر الآخرة معلقًا بشرط أن لو كانوا يعلمون وهو محال قاله السجاوندي
لو كانوا يعلمون (تام) إن جعل الذين بعده خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين وكاف إن نصب بتقدير أعني وجائز إن رفع بدلاً من الذين قبله وكذا لو نصب بدلاً من الضمير في لنبوّأنَّهم
يتوكلون (تام)
إليهم (جائز) ومثله لا تعلمون إن جعل بالبينات والزبر متعلقًا بمحذوف صفة لرجالاً لأنَّ إلاَّ لا يستثنى بها شيآن دون عطف أو بدلية وما ظن غير ذلك معمولاً لما قبل إلاَّ قدر له عامل أوانه متعلق بمحذوف جوابًا لسؤال مقدر يدل عليه ما قبله كأنَّه قيل بم أرسلوا فقيل أرسلوا بالبينات والزبر فالبينات متعلق بأرسلنا داخلاً تحت حكم الاستثناء مع رجالاً أي وما أرسلنا إلاَّ رجالاً بالبينات فقد استثنى بإلاَّ شيآن أحدهما رجالاً والآخر بالبينات وليس بوقف إن علق بنوحي لأنَّ ما بعد إلاَّ لا يتعلق بما قبلها وكذا إن علق بقوله لا تعلمون على أن الشرط في معنى التبكيت والإلزام كقول الأجير إن كنت عملت لك فأعطني حقي
والزبر (كاف)
ما نزل إليهم (صالح)
يتفكرون (تام) للابتداء بالاستفهام بعده)[منار الهدى: 215]
- أقوال المفسرين