ما ورد في نزول قوله تعالى: (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) )
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَلا تَطرُدِ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ ...} الآية.
أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا زاهر بن أحمد قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال:
[أسباب النزول: 211]
حدثنا أبو داود قال: حدثنا قيس بن الربيع عن المقدام بن شريح عن أبيه عن سعد قال: نزلت هذه الآية فينا ستة في وفي ابن مسعود وصهيب وعمار والمقداد وبلال قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نرضى أن نكون أتباعًا لهؤلاء فاطردهم عنك فدخل قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ما شاء الله أن يدخل فأنزل الله تعالى عليه: {وَلا تَطرُدِ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ ...} الآية. رواه مسلم عن زهير بن حرب عن عبد الرحمن عن سفيان عن المقدام.
أخبرنا أبو عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي زكريا الشيباني قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو صالح الحسين بن الفرج قال: حدثنا محمد بن مقاتل المروزي قال: حدثنا حكيم بن زيد قال: حدثنا السدي عن أبي سعيد عن أبي الكنود عن خباب بن الأرت قال: فينا نزلت كنا ضعفاء عند النبي صلى الله عليه وسلم بالغداة والعشي فعلمنا القرآن والخير وكان يخوفنا بالجنة والنار وما ينفعنا وبالموت والبعث فجاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فقالا: إنا من أشراف قومنا وإنا نكره أن يرونا معهم فاطردهم إذا جالسناك قال: ((نعم)) قالوا: لا نرضى حتى نكتب بيننا كتابًا فأتى بأديم ودواة فنزلت هؤلاء الآيات
[أسباب النزول: 212]
{وَلا تَطرُدِ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ} إلى قوله تعالى: {وكذلك فَتَنّا بَعضَهُم بِبَعضٍ}.
أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا أسباط بن محمد عن أشعث عن كردوس عن ابن مسعود قال: مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خباب بن الأرت وصهيب وبلال وعمار فقالوا: يا محمد رضيت بهؤلاء أتريد أن نكون تبعًا لهؤلاء فأنزل الله تعالى: {وَلا تَطرُدِ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم}.
وبهذا الإسناد قال: حدثنا عبد الله عن أبي جعفر عن الربيع قال:
كان رجال يسبقون إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم بلال وعمار وصهيب وسلمان فيجيء أشراف قومه وسادتهم وقد أخذوا هؤلاء المجلس فيجلسون إليه فقالوا: صهيب رومي وسلمان فارسي وبلال حبشي يجلسون عنده ونحن نجيء ونجلس ناحية! وذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنا سادة قومك وأشرافهم فلو أدنيتنا منك إذا جئنا. فهم أن يفعل فأنزل الله تعالى هذه الآية.
[أسباب النزول: 213]
وقال عكرمة: جاء عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومطعم بن عدي والحارث بن نوفل في أشراف بني عبد مناف من أهل الكفر إلى أبي طالب فقالوا: لو أن ابن أخيك محمدًا يطرد عنه موالينا وعبيدنا وعسفاءنا كان أعظم في صدورنا وأطوع له عندنا وأدنى لاتباعنا إياه وتصديقنا له فأتى أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بالذي كلموه فقال عمر بن الخطاب: لو فعلت ذلك حتى ننظر ما الذي يريدون وإلام يصيرون من قولهم فأنزل الله تعالى هذه الآية فلما نزلت أقبل عمر بن الخطاب يعتذر من مقالته). [أسباب النزول: 214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)}
روى ابن حبان والحاكم عن سعد بن أبي وقاص قال: لقد نزلت هذه الآية في ستة: أنا وعبد الله بن مسعود وأربعة قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم اطردهم
[لباب النقول: 113]
فإنا نستحي أن نكون تبعا لك كهؤلاء، فوقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله، فأنزل الله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم} -إلى قوله - {أليس الله بأعلم بالشاكرين}.
وروى أحمد والطبراني وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خباب بن الأرت وصهيب وبلال وعمار، فقالوا: يا محمد أرضيت بهؤلاء، أهؤلاء من الله عليهم من بيننا، فلو طردت هؤلاء لاتبعناك، فأنزل الله فيهم القرآن، {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا} - إلى قوله - {سبيل المجرمين}.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال: جاء عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومطعم بن عدي والحارث بن نوفل في أشراف بني عبد مناف من أهل الكفر إلى أبي طالب فقالوا: لو أن ابن أخيك يطرد عنا هؤلاء الأعبد كان أعظم في صدورنا، وأطوع له عندنا، وأدنى لاتباعنا إياه فكلم أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب: لو فعلت ذلك حتى ننظر ما الذي يريدون، فأنزل الله: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} -إلى قوله - {أليس الله بأعلم بالشاكرين} وكانوا: بلال وعمار بن ياسر وسالما مولى أبي حذيفة، وصبيحا مولى أسيد وابن مسعود والمقداد بن عبد الله وواقد بن عبد الله الحنظلي وأشباههم فأقبل عمر فاعتذر عن مقالته، فنزل: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما عن خباب قال: جاء الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، فوجدا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صهيب وبلال وعمار وخباب قاعدا في ناس من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول النبي صلى الله عليه وسلم حقروهم، فأتوه فخلو به فقالوا: إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلسا
[لباب النقول: 114]
تعرف لنا به العرب فضلنا، فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت، قال: ((نعم)) فنزلت: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم} الآية، ثم ذكر الأقرع وصاحبه فقال: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض} الآية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فنزل: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم} الآية قال ابن كثير: هذا حديث غريب فإن الآية مكية والأقرع وعيينة إنما أسلما بعد الهجرة بدهر.
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ماهان قال: جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا أصبنا ذنوبا عظاما، فما رد عليهم شيئا فأنزل الله: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا} الآية). [لباب النقول: 115]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى:{وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الآية: 52].
مسلم [15/187] حدثنا زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن المقدام بن شريح عن أبيه عن سعد: فيَّ نزلت {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} قال: نزلت في ستة أنا وابن مسعود منهم وكان المشركون قالوا له: تدني هؤلاء.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن إسرائيل عن المقدام بن شريح عن أبيه عن سعد قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ستة نفر فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا. قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه فأنزل الله عز وجل: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الحديث أخرجه ابن ماجه رقم 4128 وابن جرير [7 /202] والحاكم في [المستدرك :3 /319] وقال: صحيح على شرطهما وسكت عليه الذهبي وأبو نعيم في [الحلية: 1 /345 -346] وابن أبي حاتم [3 /72] والواحدي في أسباب النزول.
وأخرج الإمام أحمد وابن أبي حاتم [3 /72] وابن جرير [7 /200]
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 106]
وأبو نعيم في [الحلية: 4 /180] نحوه من حديث ابن مسعود وقال الهيثمي في [مجمع الزوائد: 7 /21]: رجال أحمد رجال الصحيح غير كردوس وهو ثقة). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 107]
روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين