نزول قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) )
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله عز وجل: {يا أَيُّها النَبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ} الآية.
أخبرنا محمد بن منصور الطوسي أخبرنا علي بن عمر بن مهدي حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي حدثنا عبد الله بن شبيب قال: حدثني إسحاق بن محمد حدثنا عبد الله بن عمر قال: حدثني أبو النضر مولى عمر بن عبد الله عن علي بن عباس عن ابن عباس عن عمر قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم ولده مارية في بيت حفصة فوجدته حفصة معها فقالت: لم تدخلها بيتي ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك؟ فقال لها: ((لا تذكري هذا لعائشة هي علي حرام إن قربتها)) قالت حفصة: وكيف تحرم عليك وهي جاريتك فحلف لها لا يقربها وقال لها: ((لا تذكريه لأحد)) فذكرته لعائشة فآلى أن لا يدخل على نسائه شهرًا واعتزلهن تسعًا وعشرين ليلة فأنزل الله تبارك وتعالى: {يا أيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تبتغي مرضاة أزواجك} الآية.
أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ أخبرنا بشر بن أحمد بن بشر أخبرنا جعفر بن الحسن الفريابي حدثنا منجاب بن الحارث حدثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحب الحلواء والعسل وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فدخل على حفصة بنت عمر واحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس فعرفت فسألت عن ذلك فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل فسقت منه النبي صلى الله عليه وسلم شربة قلت: أما والله لنحتالن له فقلت لسودة بنت زمعة: إنه سيدنو منك إذا دخل عليك فقولي له: يا رسول الله أكلت مغافير فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل فقولي: جرست نحله العرفط وسأقول ذلك وقولي أنت يا صفية ذلك قالت: تقول سودة: فوالله ما هو إلا أن قام على الباب فكدت أن أبادئه بما أمرتني به فلما دنا منها قالت له سودة: يا رسول الله أكلت مغافير قال: ((لا)) قالت: فما هذه الريح التي أجد منك قال: ((سقتني حفصة شربة عسل)) فقالت: جرست نحله العرفط قالت: فلما دخل علي قلت له مثل ذلك فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك فلما دار إلى حفصة قالت: يا رسول الله أسقيك منه قال: ((لا حاجة لي فيه)) تقول سودة: سبحان الله لقد حرمناه قلت لها: اسكتي. رواه البخاري عن فروة بن أبي المغراء ورواه مسلم عن سويد بن سعيد كلاهما عن علي بن مسهر.
أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب حدثنا يحيى بن حكيم حدثنا أبو داود حدثنا عامر الحزاز عن ابن أبي مليكة أن سودة بنت زمعة كانت لها خؤولة باليمن وكان يهدى إليها العسل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها في غير يومها يصيب من ذلك العسل وكانت حفصة وعائشة متؤاخيتين على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إحداهما للأخرى: أما ترين إلى هذا قد اعتاد هذه يأتيها في غير يومها يصيب من ذلك العسل فإذا دخل عليك فخذي بأنفك فإذا قال: ما لك؟ قولي: أجد منك ريحًا لا أدري ما هي فإنه إذا دخل علي قلت مثل ذلك فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأخذت بأنفها فقال: ((ما لك؟)) قالت: ريحًا أجد منك وما أراه إلا مغافير وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يأخذ من الريح الطيبة إذا وجدها ثم إذ دخل على الأخرى قالت له مثل ذلك فقال: ((لقد قالت لي هذا فلانة وما هذا إلا من شيء أصبته في بيت سودة ووالله لا أذوقه أبدًا)). قال ابن أبي مليكة: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في هذا {يا أَيُّها النَبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحلَّ اللهُ لَكَ تَبتَغي مَرضاةَ أَزواجِكَ}). [أسباب النزول: 466-468]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)}
أخرج الحاكم والنسائي بسند صحيح عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها
فلم تزل به عائشة وحفصة حتى جعلها على نفسه حراما، فأنزل الله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك}). [لباب النقول: 270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)}
وأخرج الضياء في المختارة من حديث ابن عمر عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة: ((لا تخبري أحدا أن أم إبراهيم علي حرام))، فلم يقربها حتى أخبرت عائشة فأنزل الله: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}.
(ك)، وأخرج الطبراني بسند ضعيف من حديث أبي هريرة قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمارية سريته بنت حفصة فجاءت فوجدتها معه فقالت: يا رسول الله في بيتي دون بيوت نسائك؟ قال: ((فإنها علي حرام أن أمسها يا حفصة))، واكتمي هذا علي، فخرجت حتى أتت عائشة فأخبرتها، فأنزل الله: {يا أيها النبي لم تحرم} الآيات.
وأخرج البزار بسند صحيح عن ابن عباس قال: نزلت {يا أيها النبي لم تحرم} الآية في سريته.
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عند سودة العسل، فدخل على عائشة فقالت: إني أجد منك ريحا، ثم دخل على حفصة فقالت مثل ذلك فقال: ((أراه من شراب شربته عند سودة والله لا أشربه))، فنزلت: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك}
وله شاهد في الصحيحين. قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن تكون الآية نزلت في السببين معا.
وأخرج ابن سعد عن عبد الله بن رافع قال: سألت أم سلمة عن هذه الآية: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} قالت: كان عندي عكة من عسل أبيض، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يلعق منها وكان
يحبه، فقالت له عائشة: نحلها يجرس عرفطا، فحرمها، فنزلت هذه الآية.
(ك)، وأخرج الحارث بن أسامة في مسنده عن عائشة قالت: لما حلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح، أنزل الله: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} فأنفق عليه، غريب جدا في سبب نزولها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك}: في المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، غريب أيضا، وسنده ضعيف). [لباب النقول: 270-271] (م)
في من نزلت الآية:
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي والطبراني بسند حسن صحيح عن ابن عباس قال: نزلت {يا أيها النّبيّ لم تحرم} الآية في سريته). [الدر المنثور: 14/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية {يا أيها النّبيّ لم تحرم ما أحل الله لك} في المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 14/574]
روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين