التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وتركنا بعضهم يومئذٍ يموج في بعضٍ} [الكهف: 99] يوم يخرجون من السّدّ.
قال: {ونفخ في الصّور فجمعناهم جمعًا} [الكهف: 99]
- عاصم بن حكيمٍ عن سليمان التّيميّ عن أسلم العجليّ عن بشر بن شعافٍ عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: جاء أعرابيٌّ إلى رسول اللّه فسأله عن الصّور فقال: «قرنٌ ينفخ فيه»). [تفسير القرآن العظيم: 1/209]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ونفخ في الصّور} واحدتها صورة خرجت مخرج سورة المدينة والجميع سور المدينة، ومجازه مجاز المختصر المضمر فيه أي نفخ فيها أرواحها). [مجاز القرآن: 1/416]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصّور فجمعناهم }
ومعنى يموجون في الشيء يخوضون فيه ويكثرون القول.
فجائز أن يكون يعنى بـ " يومئذ " يوم القيامة، ويكون الدليل على ذلك {ونفخ في الصّور فجمعناهم جمعا}.
ويجوز أن يكون {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} أي يوم انقضاء أمر السّدّ.
وقوله {يموج}، ماجوا متعجبين من السّدّ.
ومعنى {نفخ في الصور}.
قال أهل اللغة: الصور جمع صورة.
والذي جاء في التفسير أن الصور قرن ينفخ فيه إسرافيل - واللّه أعلم - إلا إن حملته أنه عند ذلك النفخ يكون بعث العباد ونشرهم). [معاني القرآن: 3/313]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} ويجوز أن يكون يعني بيومئذ يوم يخرجون من السد وأن يعني به يوم القيامة لقوله تعالى: {ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا} ). [معاني القرآن: 4/296]
تفسير قوله تعالى: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وعرضنا جهنّم يومئذٍ للكافرين عرضًا} [الكهف: 100]
- حدّثني صاحبٌ لي، عن سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي الزّعراء، عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّه ذكر حديثًا في البعث قال: ثمّ يتمثّل اللّه للخلق فيلقاهم وليس أحدٌ من الخلق كان يعبد شيئًا من دون اللّه إلا وهو مرفوعٌ له يتبعه.
فيلقى اليهود فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد عزيرًا.
فيقول: هل يسرّكم الماء؟ فيقولون: نعم، فيريهم جهنّم وهي كهيئة السّراب.
ثمّ يقرأ ابن مسعودٍ: {وعرضنا جهنّم يومئذٍ للكافرين عرضًا} [الكهف: 100].
ثمّ يلقى النّصارى فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: المسيح.
فيقول: هل يسرّكم الماء؟ فيقولون: نعم، فيريهم جهنّم وهي كهيئة السّراب.
قال ثمّ كذلك بمن كان يعبد من دون اللّه شيئًا.
ثمّ قرأ عبد اللّه: {وقفوهم إنّهم مسئولون} [الصافات: 24] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/209]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وعرضنا جهنّم يومئذٍ...}: أبرزناها حتى نظر إليها الكفار وأعرضت هي: استبانت وظهرت). [معاني القرآن: 2/160]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وعرضنا جهنّم يومئذ للكافرين عرضا }
تأويل عرضنا أظهرنا لهم جهنم حتى شاهدوها ورأوها). [معاني القرآن: 3/313]
تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين كانت أعينهم في غطاءٍ عن ذكري} [الكهف: 101] كانت على أعينهم غشاوة الكفر كقوله: {لقد كنت في غفلةٍ من هذا فكشفنا عنك غطاءك} [ق: 22] غطاء الكفر.
[تفسير القرآن العظيم: 1/209]
{فبصرك اليوم حديدٌ} [ق: 22] أبصر حين لم ينفعه البصر.
قوله: {وكانوا لا يستطيعون سمعًا} [الكهف: 101] يعني: سمع الإيمان، لا يسمعون الهدى بقلوبهم.
وهو تفسير السّدّيّ.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: لا يعقلون). [تفسير القرآن العظيم: 1/210]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا يستطيعون سمعاً...}
كقولك: لا يستطيعون سمع الهدى فيهتدوا). [معاني القرآن: 2/160]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الّذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا}
جعل اللّه عزّ وجلّ على أبصارهم غشاوة بكفرهم.
{وكانوا لا يستطيعون سمعا}.
كانوا لعداوتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقدرون أن يسمعوا ما يتلى عليهم، كما تقول للكاره لقولك ما تقدر أن تسمع كلامي). [معاني القرآن: 3/313]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكانوا لا يستطيعون سمعا} أي لعداوتهم النبي صلى الله عليه وسلم لا يستطيعون أن يسمعوا منه شيئا.
أي يثقل ذلك عليهم كما تقول أنا لا أستطيع أن أكلمك). [معاني القرآن: 4/297]
تفسير قوله تعالى: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أفحسب الّذين كفروا أن يتّخذوا عبادي من دوني أولياء} [الكهف: 102] يعني من عبد الملائكة، أفحسبوا أن تتولاهم الملائكة على ذلك.
أي: لا يتولّونهم وليس بهذا أمرتهم، إنّما أمرتهم أن يعبدوني ولا يشركوا بي شيئًا.
وقرأه مجاهدٌ: {أفحسب الّذين كفروا} [الكهف: 102] خفيفةً، {أن يتّخذوا عبادي من دوني أولياء} [الكهف: 102] أي: فحسبهم ذلك.
قال: {إنّا أعتدنا جهنّم للكافرين نزلا} [الكهف: 102] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/210]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أفحسب الّذين كفروا...}
قراءة أصحاب عبد الله ومجاهد (أفحسب) ... حدثني محمد بن المفضّل الخراساني عن الصلت بن بهرام عن رجل قد سمّاه،
عن عليّ أنه قرأ (أفحسب الذين كفروا) فإذا قلت {أفحسب الذين كفروا}. فأن رفع وإذا قلت (أفحسب) كانت أن نصبا). [معاني القرآن: 2/161-160]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أفحسب الّذين كفروا أن يتّخذوا عبادي من دوني أولياء إنّا أعتدنا جهنّم للكافرين نزلاً}
وقال: {أفحسب الّذين كفروا أن يتّخذوا عبادي} فجعلها {أن} التي تعمل في الأفعال فاستغنى بها "حسبوا" كما قال: {إن ظنّا أن يقيما} و{ما أظنّ أن تبيد هذه} استغنى ههنا بمفعول واحد لأن معنى {ما أظنّ أن تبيد}: ما أظنها أن تبيد.
وقال بعضهم {أفحسب الّذين كفروا أن يتّخذوا عبادي} يقول: "أفحسبهم ذلك "). [معاني القرآن: 2/81-80]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الأعرج {أفحسب الذين كفروا}.
ابن عباس وعكرمة "أفحسب الذين" برفع الباء؛ والمعنى: حسبهم هذا؛ وهي قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومجاهد). [معاني القرآن لقطرب: 862]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّا أعتدنا جهنّم للكافرين نزلًا} والنزل ما يقدم للضيف ولأهل العسكر). [تفسير غريب القرآن: 271]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أفحسب الّذين كفروا أن يتّخذوا عبادي من دوني أولياء إنّا أعتدنا جهنّم للكافرين نزلا}
تأويله: أفحسبوا أن ينفعهم اتخاذهم عبادي أولياء.
وقرئت - وهي جيّدة - {أفحسب الّذين كفروا}.
تأويله أفيكفيهم أن يتخذوا العباد - أولياء من دون اللّه.
ثم بين عزّ وجلّ جزاءهم فقال: {إنّا أعتدنا جهنّم للكافرين نزلا}.
يقال لكل ما اتّخذ ليمكث فيه، أعتدت لفلان كذا وكذا، أي اتخذته عتادا له، ونزلا، بمعنى منزلا). [معاني القرآن: 3/314-313]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء}
قال أبو إسحاق المعنى أفحسب الذين كفروا أن ينفعهم أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء
وروى عباد بن الربيع أن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه قرأ أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء
قال أبو عبيدة أي أرضوا بذلك أكفاهم ذلك). [معاني القرآن: 4/297]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا}
النزل عند أهل اللغة ما هيء للضيف وما أشبهه والنزل بفتحتين الريع). [معاني القرآن: 4/298-297]