نزول قول الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَمَن أَظلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَساجِدَ اللهِ} الآية
نزلت في ططوس الرومي وأصحابه من النصارى؛ وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتلتهم، وسبوا ذراريهم، وحرقوا التوراة، وخربوا بيت المقدس وقذفوا فيه الجيف. وهذا معنى قول ابن عباس في رواية الكلبي.
وقال قتادة والسدي: هو بختنصر وأصحابه غزوا اليهود وخربوا بيت المقدس وأعانتهم على ذلك النصارى من أهل الروم.
وقال ابن عباس في رواية عطاء: (نزلت في مشركي أهل مكة، ومنعهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام) ). [أسباب النزول: 33-34]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {ومن أظلم ممن منع مساجد الله} الآية
قال الواحدي تبعا للثعلبي: نزلت في ططوس بن استسيانوس الرومي وأصحابه من النصارى؛ وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتلهم، وسبوا ذراريهم، وحرقوا التوراة، وخربوا بيت المقدس وقذفوا فيه الجيف وذبحوا فيه الخنازير فكان خرابا إلى أن بناه المسلمون في زمن عمر. انتهى كلام الثعلبي. زاد الواحدي: "وهذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما في رواية الكلبي".
وقال قتادة والسدي: هو بخت نصر وأصحابه غزوا اليهود وخربوا بيت المقدس وأعانهم على ذلك نصارى الروم.
وقال ابن عباس في رواية عطاء: (نزلت في مشركي مكة ومنعهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام).
قلت: أخرج الطبري عن العوفي بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال: (نزلت في النصارى).
ومن طريق ابن نجيح عن مجاهد: (هم النصارى كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى ويمنعون الناس أن يصلوا فيه).
ومن طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: (نزلت في النصارى، حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بخت نصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس).
ومن طريق معمر عن قتادة: هو بخت نصر وأصحابه خربوا بيت المقدس وأعانه النصارى على ذلك ومن طريق أسباط عن السدي هم الروم كانوا ظاهروا بخت نصر على خراب بيت المقدس حتى خربه وأمر أن يطرح فيه الجيف وإنما أعانوه من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكريا.
- قول آخر: أخرج الطبري من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذه الآية {ومن أظلم ممن منع مساجد الله..} الآية: هم المشركون حالوا بين رسول الله يوم الحديبية وبين أن يدخل مكة حتى نحر هدية بذي طوى وهادنهم بعد أن قال لهم: ما أحد يرد أحدا عن هذا البيت؛ فقد كان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فيه فلا يعدو عليه، قالوا: لا يدخل علينا من قتل آباءنا يوم بدر وفينا باق.
ورجح الطبري القول الأول؛ بأن في الآية {وسعى في خرابها} والمشركون لم يسعوا في تخريب المسجد الحرام قط بلا كانوا يفتخرون بعمارته في الجاهلية. وأيد ذلك بما نقله عن قتادة وعن السدي؛ أن كل نصراني الآن لا يدخل بيت المقدس إلا خائفا.
وأجاب الثعلبي عن ذلك بأن: قوله {أولئك ما كان لهم..} خبر بمعنى الأمر، وإن قوله {وسعى في خرابها} منع المسلمين أن يقيموا بها أمر الدين فهو خراب معنوي.). [العجاب في بيان الأسباب: 1/359-361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
أخرج ابن أبي حاتم من طريق المذكور أن قريشا منعوا النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام، فأنزل الله {ومن أظلم ممن منع مساجد الله} الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: (نزلت في المشركين حين صدوا رسول الله عن مكة يوم الحديبية) ). [لباب النقول: 22]
روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين