نزول قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) )
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله عز وجل: {يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا يَسخَر قَومٌ مِّن قَومٍ} الآية.
نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وذلك أنه كان في أذنيه وقر فكان إذا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسعوا له حتى يجلس إلى جنبه فيسمع ما يقول فجاء يومًا وقد أخذ الناس مجالسهم فجعل يتخطى رقاب الناس ويقول: تفسحوا تفسحوا فقال له رجل: قد أصبت مجلسًا فاجلس فجلس ثابت مغضبًا فغمز الرجل فقال: من هذا؟ فقال: أنا فلان فقال: ثابت ابن فلانة وذكر أمًا كانت له يعير بها في الجاهلية فنكس الرجل رأسه استحياء فأنزل الله تعالى هذه الآية). [أسباب النزول: 415]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَلا نِساءٌ مِّن نِّساءٍ عَسى أَن يَكُنَّ خَيرًا مِّنهُنَّ}.
نزلت في امرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سخرتا من أم سلمة وذلك أنها ربطت حقويها بسبنية وهي ثوب أبيض وسدلت طرفها خلفها فكانت تجره فقالت عائشة لحفصة: انظري إلى ما تجر خلفها كأنه لسان كلب فهذا كان سخريتها.
وقال أنس: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم عيرن أم سلمة بالقصر.
وقال عكرمة عن ابن عباس: إن صفية بنت حيي بن أخطب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن النساء يعيرنني ويقلن: يا يهودية بنت يهوديين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هلا قلت: إن أبي هارون وإن عمي موسى وإن زوجي محمد)) فأنزل الله تعالى هذه الآية). [أسباب النزول: 416]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَلا تَنابَزوا بِالأَلقابِ ...} الآية.
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المهرجاني قال: أخبرنا أبو عبد الله بن بطة قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي قال: حدثنا حفص بن غياث عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي جبيرة بن الضحاك عن أبيه وعمومته قالوا:
قدم علينا النبي عليه الصلاة والسلام فجعل الرجل يدعو للرجل ينبزه فيقال: يا رسول الله إنه يكرهه فنزلت {وَلا تَنابَزوا بِالأَلقابِ}). [أسباب النزول:416 - 417]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)}
أخرج أصحاب السنن الأربعة عن أبي جبيرة عن الضحاك قال: كان الرجل منا يكون له الاسمان والثلاثة فيدعى ببعضها فعسى أن يكرهه، فنزلت: {ولا تنابزوا بالألقاب}، قال الترمذي: حسن
وأخرج الحاكم وغيره من حديثه أيضا قال: كانت الألقاب في الجاهلية فدعا النبي صلى الله عليه وسلم رجلا منهم بلقبه، فقيل له: يا رسول الله إنه يكرهه، فأنزل الله: {ولا تنابزوا بالألقاب}
ولفظ أحمد عنه قال: فينا نزلت في بني سلمة: {ولا تنابزوا بالألقاب} قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وليس فينا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة فكان إذا دعا أحدا منهم باسم من تلك الأسماء قالوا: يا رسول الله، إنه يغضب من هذا، فنزلت). [لباب النقول:241 - 242]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى: {وَلا تَنَابَزُوا بالْأَلْقَابِ} [الآية: 11].
[الترمذي :4 /186] حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري البصري حدثنا أبو زيد صاحب الهروي عن شعبة عن داود بن أبي هند قال سمعت الشعبي يحدث عن أبي جبيرة بن الضحاك قال: كان الرجل منا يكون له الاسمان والثلاثة فيدعى ببعضها فعسى أن يكره فنزلت هذه الآية{وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}. هذا حديث حسن صحيح حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف حدثنا بشر بن المفضل عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي جبيرة بن الضحاك نحوه وأبو جبيرة بن الضحاك هو أخو ثابت بن الضحاك الأنصاري.
الحديث أخرجه [أبو داود: 4 /445]، و[ابن ماجه رقم: 3741]، وأحمد عن أبي جبيرة عن عمومته [4 /69]، قال الهيثمي في [مجمع الزوائد:7/111]: رجاله رجال الصحيح، وذكره أيضا [أحمد :5 /380] عن عمومة له، والبخاري في [الأدب المفرد: 121]، وابن حبان كما في موارد [الظمآن: 436]، و[ابن جرير: 26/ص132] و[الحاكم: 2 /463،:4 /282] وقال في الأول صحيح على شرط مسلم وفي الثاني صحيح الإسناد وسكت عليه الذهبي في الموضعين.
تنبيه:
أبو جبيرة مختلف في صحبته قال أبو أحمد وتبعه ابن عبد البر، قال بعضهم له صحبة، وقال بعضهم لا صحبة له، وقال ابن أبي حاتم لا أعلم له صحبة، قال الحافظ في الإصابة: قلت أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن، وصححه الحاكم، وحسنه الترمذي ثم ذكر هذا الحديث.
أقول الظاهر ثبوت صحبته إذ لو كان تابعيا لنبه هؤلاء الذين أخرجوا حديثه أنه مرسل، ومن علم حجة على من لا يعلم، على أنه قد روى هذا الحديث كما في مسند [أحمد: 4 /69 ،:5/1380] عن عمومة له قدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وليس أحد منا إلا له لقب أو لقبان. الحديث. قال [الهيثمي: 7 /111] رجاله رجال الصحيح، فثبت الحديث والحمد لله.
تنبيه آخر:
في تهذيب التهذيب عن أبي أحمد العسكري الشعبي عن أبي جبيرة مرسل). [الصحيح المسند في أسباب النزول:227 - 228]
روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين