تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)}.
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ثمّ يتوبون من قريبٍ...} يقول: قبل الموت، فمن تاب في صحّته أو في مرضه قبل أن ينزل به الموت فتوبته مقبولة.
وقوله: {يعملون السّوء بجهالةٍ} لا يجهلون أنه ذنب، ولكن لا يعلمون كنه ما فيه كعلم العالم). [معاني القرآن: 1/259]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله تعالى: {إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالة ثمّ يتوبون من قريب فأولئك يتوب اللّه عليهم وكان اللّه عليما حكيما}.
ليس معناه: أنهم يعملون السوء وهم جهّال، غير مميزين فإن من لا عقل له ولا تمييز لا حدّ عليه، وإنّما معنى {بجهالة}: أنهم في اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية جهّال، فليس ذلك الجهل مسقطا عنهم العذاب، لو كان كذلك لم يعذب أحد ولكنه جهل في الاختيار.
ومعنى {يتوبون من قريب}: يتوقفون قبل الموت، لأن ما بين الإنسان وبين الموت قريب، فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة} قال قتادة: « اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوا أن كل من عصى الله عز وجل فهو جاهل»). [معاني القرآن: 2/42]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {ثم يتوبون من قريب} روي عن الضحاك أنه قال: «كل ما كان دون الموت فهو قريب »). [معاني القرآن: 2/43]
تفسير قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)}.
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ...}{الذين} في موضع خفض، يقول: « إن أسلم الكافر في مرضه قبل أن ينزل به الموت كان مقبولا، فإذا نزل به الموت فلا توبة »). [معاني القرآن: 1/259]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أعتدنا لهم عذاباً أليماً}: أفعلنا من العتاد، ومعناها: أعددنا لهم؛ و{أليماً} مؤلماً). [مجاز القرآن: 1/120]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {وليست التّوبة للّذين يعملون السّيّئات حتّى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن ولا الّذين يموتون وهم كفّار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما}{حتّى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن} إنما لم تكن له التوبة، لأنه تاب في وقت لا يمكن الإقلاع بالتصرف فيما يحقق التوبة.
{أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما} أي: مؤلما موجعا، والمؤلم الذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} روي عن عبد الله بن عمر أنه قال: «ما حضور الموت إلا السوق»، يعني: أنه إذا عاين تبين له الحق ولا تنفعه التوبة عند ذلك كما قال عز وجل عن فرعون آمنت). [معاني القرآن: 2/43]