التفسير اللغوي لسورة الحديد
• التفسير اللغوي لسورة الحديد • |
[الآيات من 1 إلى 15]
(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6) آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)}
تفسير قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)} قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأمر: القيامة، قال الله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}، وقال تعالى: {وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} أي القيامة أو الموت). [تأويل مشكل القرآن: 514-515] (م) قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {سبّح للّه ما في السّماوات والأرض وهو العزيز الحكيم} قال قوم: التسبيح آثار الصنعة في السّماوات وفي الأرض ومن فيهما وكذلك فسروا قوله: {وإن من شيء إلّا يسبّح بحمده}، وهذا خطأ، التسبيح تمجيد اللّه وتنزيهه من السوء ودليل ذلك قوله: {ولكن لا تفقهون تسبيحهم}, فلو كان التسبيح آثار الصّنعة لكانت معقوله، وكانوا يفقهونها. ودليل هذا القول أيضا قوله: {وسخّرنا مع داوود الجبال يسبّحن والطّير}, فلو كان تسبيحها آثار الصنعة لم يكن في قوله {وسخّرنا مع داوود الجبال يسبّحن والطّير}: فائدة.) [معاني القرآن: 5/121] تفسير قوله تعالى: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2)} قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {له ملك السّماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير} أي : يحي الموتى يوم القيامة، ويميت الأحياء في الدنيا. ويكون يحيي ويميت: يحيي النطف التي إنّما هي موات، ويميت الأحياء. ويكون موضع (يحيي, ويميت): رفعا على معنى هو يحيي ويميت. ويجوز أن يكون نصبا على معنى له ملك السّماوات والأرض محييا ومميتا قادرا). [معاني القرآن: 5/121] تفسير قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {هو الأوّل...} يريد: قبل كل شيء. {والآخر...} : بعد كل شيء. {والظّاهر...} : على كل شيء علما، وكذلك {والباطن...} على كل شيء علما). [معاني القرآن: 3/132] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {هو الأوّل والآخر والظّاهر والباطن وهو بكلّ شيء عليم} تأويله : هو الأول قبل كل شيء والآخر بعد كل شيء، والظاهر العالم بما ظهر , والباطن العالم بما بطن، كما تقول: فلان يبطن أمر فلان، أي يعلم دخلة أمره. {وهو بكلّ شيء عليم}: لا يخفى عليه شيء). [معاني القرآن: 5/122] تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)} قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({يعلم ما يلج في الأرض}: أي : يدخل فيها). [تفسير غريب القرآن: 453] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم واللّه بما تعملون بصير} تأويله: يعلم ما يدخل في الأرض من مطر وغيره. {وما يخرج منها}: من نبات وغيره. {وما ينزل من السّماء}: من رزق ومطر وملك. {وما يعرج فيها}: أي: ما يصعد إليها من أعمال العباد، وما يعرج من الملائكة). [معاني القرآن: 5/122] تفسير قوله تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)} قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل وهو عليم بذات الصّدور} معناه: يدخل الليل في النهار بأن ينقص من الليل ويزيد في النّهار. وكذلك {ويولج النّهار في اللّيل}: ينقص من النهار , ويزيد في الليل , وهو مثل قوله: {يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل} ). [معاني القرآن: 5/122] تفسير قوله تعالى: {آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأنفقوا ممّا جعلكم مّستخلفين فيه...} : ممّلكين فيه، وهو رزقه وعطيته). [معاني القرآن: 3/132] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {آمنوا باللّه ورسوله وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه فالّذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير} معناه : صدقوا بأن اللّه واحد وأن محمدا رسوله. {وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه} : أي: أنفقوا مما ملككم، فأنفقوا في سبيل اللّه وما يقرب منه). [معاني القرآن: 5/122] تفسير قوله تعالى:{وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (القراء جميعا على: {وقد أخذ ميثاقكم...} ولو قرئت: (وقد أخذ ميثاقكم) لكان صواباً). [معاني القرآن: 3/132] تفسير قوله تعالى: { وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)} قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما لكم ألّا تنفقوا في سبيل اللّه وللّه ميراث السّماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلّا وعد اللّه الحسنى واللّه بما تعملون خبير} تأويله : وأي شيء لكم في ترك الإنفاق فيما يقرب من اللّه وأنتم ميّتون تاركون أموالكم. وقوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا}: لأن من تقدم في الإيمان باللّه وبرسوله عليه السلام وصدّق به , فهو أفضل ممن أتى بعده بالإيمان والتصديق، لأن المتقدّمين نالهم من المشقة أكثر مما نال من بعدهم، فكانت بصائرهم أيضا أنفذ. وقال: {وكلّا وعد اللّه الحسنى}: إلا أنه أعلم فضل السابق إلى الإيمان على المتأخر). [معاني القرآن: 5/122-123] تفسير قوله تعالى: { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فيضاعفه له...}. يقرأ بالرفع والنصب: فمن رفعه جعل الفاء عطفا ليست بجواب كقولك: من ذا الذي يحسن ويجمل؟ ومن نصب جعله جوابا للاستفهام، والعرب تصل (من) في الاستفهام بـ (ذا) حتى تصير كالحرف الواحد. ورأيتها في بعض مصاحف عبد الله: منذا متصلة في الكتاب، كما وصل في كتابنا وكتاب عبد الله: {يابن أمّ }) [معاني القرآن: 3/132] قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({مّن ذا الّذي يقرض اللّه قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجرٌ كريمٌ} وقال: {مّن ذا الّذي يقرض اللّه قرضاً حسناً} : وليس ذا مثل الاستقراض من الحاجة ولكنه مثل قول العرب: "لي عندك قرض صدقٍ" , و"قرض سوءٍ" إذا فعل به خيرا أو شرا. قال الشاعر: سأجزي سلامان بن مفرج = قرضهم بما قدّمت أيديهم وأزّلت) [معاني القرآن: 4/25] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم} فيضاعفه له, ويقرأ (فيضاعفه له) - بالنصب، فمن نصب فعلى جواب الاستفهام بالفاء، ومن رفع فعلى العطف على يقرض، ويكون على الاستئناف على معنى فهو يضاعفه له. ومعنى {يقرض}: ههنا يفعل فعلا حسنا في اتّباع أمر اللّه وطاعته. والعرب تقول لكل من فعل إليها خيرا: قد أحسنت قرضي، وقد أقرضتني قرضا حسنا، إذا فعل به خيرا. قال الشاعر: وإذا جوزيت قرضا فاجزه إنما يجزي الفتى ليس الجمل المعنى: إذا أسدي إليك معروف, فكافئ عليه). [معاني القرآن: 5/123] تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {يسعى نورهم بين أيديهم...} أي: يضيء بين أيديهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، والباء في "بأيمانهم" في معنى في، وكذلك: عن). [معاني القرآن: 3/132] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {بشراكم اليوم جنّاتٌ...}. ترفع البشرى، والجنات، ولو نويت بالبشرى النصب توقع عليها تبشير الملائكة، كأنه قيل لهم: أبشروا ببشراكم، ثم تنصب جناتٍ، توقع البشرى عليها. وإن شئت نصبتها على القطع؛ لأنها نكرة من نعت معرفةٍ، ولو رفعت البشرى باليوم كقولك: اليوم بشراكم اليوم سروركم، ثم تنصب الجنات على القطع، ويكون في هذا المعنى رفع اليوم ونصبه كما قال الشاعر: زعم البوارح أنّ رحلتنا غدا وبذاك خبرنا الغداف الأسود) [معاني القرآن: 3/132-133] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذلك هو الفوز...}: وهي في قراءة عبد الله: (ذلك الفوز العظيم) بغير هو.وفي قراءتنا: {ذلك هو الفوز العظيم}: كما كان في قراءتنا {فإنّ الله هو الغني الحميد}, وفي كتاب أهل المدينة: {فإن الله الغني الحميد}). [معاني القرآن: 3/133] قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم} قال: {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم}: يريد: عن أيمانهم -والله أعلم- كما قال: {ينظرون من طرفٍ خفيٍّ} يقول : {بطرف}). [معاني القرآن: 4/26] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم} (يوم) منصوب بقوله: {فيضاعفه له وله أجر كريم} في ذلك اليوم. ومعنى: {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم} أي : بمعنى : نورهم بين أيديهم، وهو علامة أيديهم الصالحة. {يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا}: أي: بلغنا به إلى جنتك). [معاني القرآن: 5/124] تفسير قوله تعالى: { يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {للّذين آمنوا انظرونا...}: وقرأها يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة : {أنظرونا}, ومن أنظرت، وسائر القراء على {انظرونا}: بتخفيف الألف، ومعنى: انظرونا. انتظرونا، ومعنى أنظرونا، أخرونا كما قال: {أنظرني إلى يوم يبعثون}، وقد تقول العرب: "انظرني" وهم يريدون: انتظرني تقويةٌ لقراءة يحيى، قال الشاعر: أبا هندٍ فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبّرك اليقينا فمعنى هذه: انتظرنا قليلاً نخبرك؛ لأنه ليس هاهنا تأخير، إنما استماع كقولك للرجل: اسمع مني حتى أخبرك). [معاني القرآن: 3/133] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قيل ارجعوا وراءكم...}. قال المؤمنون للكافرين: ارجعوا إلى الموضع الذي أخذنا منه النور، فالتمسوا النور منه، فلما رجعوا ضرب الله عز وجل بينهم: بين المؤمنين والكفار بسور، وهو السور الذي يكون عليه أهل الأعراف). [معاني القرآن: 3/133-134] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّه بابٌ باطنه فيه الرّحمة}: الجنة، {وظاهره من قبله العذاب...}: النار، وفي قراءة عبد الله: ظاهرة من تلقائه العذاب). [معاني القرآن: 3/134] قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا انظرونا نقتبس من نّوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسورٍ لّه بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب} وقال: {انظرونا نقتبس من نّوركم}: لأنه من "نظرته" يريد : "نظرت" , فـ"أنا أنظره" , ومعناه: أنتظره. وقال: {بسورٍ لّه بابٌ} معناه: "وضرب بينهم سورٌ"). [معاني القرآن: 4/26] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ}، يقال: هو السور الذي يسمى الأعراف). [تفسير غريب القرآن: 453] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب} وقرئت {أنظرونا} - بقطع الألف ووصلها - فمن قال: {انظرونا}: فهو من نظر ينظر، معناه انتظرونا. ومن قال: {أنظرونا}: - بالكسر - فمعناه - أخّرونا. وقد قيل إن معنى {أنظرونا}: انتظرونا أيضا. وأنشد القائل بيت عمرو بن كلثوم: أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبّرك اليقينا وقوله: {قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} تأويله : لا نور لكم عندنا. وقوله: {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب} أي: ما يلي المؤمنين ففيه الرحمة، وما يلي الكافرين ظاهره يأتيهم من قبله العذاب). [معاني القرآن: 5/124] تفسير قوله تعالى:{يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ينادونهم ألم نكن مّعكم...}: على دينكم في الدنيا، فقال المؤمنون: {بلى ولكنّكم فتنتم أنفسكم...} إلى آخر الآية). [معاني القرآن: 3/134] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فتنتم أنفسكم}: أنمتموها،... {وارتبتم}: شككتم). [تفسير غريب القرآن: 453] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {ولكنّكم فتنتم أنفسكم} أي: كفرتم وآثمتموها). [تأويل مشكل القرآن: 473] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولكنّكم فتنتم أنفسكم وتربّصتم وارتبتم وغرّتكم الأمانيّ حتّى جاء أمر اللّه وغرّكم باللّه الغرور} معنى {فتنتم أنفسكم}: استعملتموها في الفتنة، وتربصتم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين الدوائر. {وغرّتكم الأمانيّ}: أي: ما كنتم تمنّون من نزول الدوائر بالمؤمنين. {حتّى جاء أمر اللّه}: أي: حتى أنزل الله نصره على نبيّه والمؤمنين. {وغرّكم باللّه الغرور}: أي : غرّكم الشيطان، وهو الغرور على وزن الفعول، وفعول من أسماء المبالغة، تقول: فلان أكول إذا كان كثير الأكل وضروب إذا كان كثير الضرب، ولذلك قيل للشيطان: الغرور لأنه يغرّ ابن آدم كثيرا، فإذا غرّ مرة واحدة فهو غارّ، ويصلح غارّ للكثير، فأمّا غرور فلا يصلح للقليل، وقرئت {الغرور}: وهو كل ما غرّ من متاع الدنيا. ومعنى {ارتبتم}: غلّبتم الشكّ على اليقين). [معاني القرآن: 5/125] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ} أنمتموها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 261] تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فاليوم لا يؤخذ منكم فديةٌ...}. القراء على الياء، وقد قال بعض أهل الحجاز [لا] تؤخذ , والفدية مشتقة من الفداء، فإذا تقدم الفعل قبل الفدية والشفاعة والصيحة والبينة وما أشبه ذلك، فإنك مؤنث فعله وتذكّره، قد جاء الكتاب بكل ذلك). [معاني القرآن: 3/134] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {مأواكم النّار هي مولاكم...} أي: هي أولى بكم). [معاني القرآن: 3/134] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({هي مولاكم} أولى بكم. قال لبيد: مولى المخافة خلفها وأمامها) [مجاز القرآن: 2/254]قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {هي مولاكم}: هي أولى بكم). [غريب القرآن وتفسيره: 371] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({مأواكم النّار}: هي مولاكم, أي: هي أولى بكم. قال لبيد: فغدت كلا الفرجين تحسب انه مولي المخافة خلفها وأمامها) [تفسير غريب القرآن: 453] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {مأواكم النّار هي مولاكم وبئس المصير} هي أولى بكم لما أسلفتم من الذنوب، ومثل ذلك قول الشاعر: فعدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وأمامها مثل ذلك: أي: مولى المخافة خلفها وأمامها). [معاني القرآن: 5/125]قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({هِيَ مَوْلَاكُمْ} أي: أولى بكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 261] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَوْلَاكُمْ}: أولى بكم). [العمدة في غريب القرآن: 301] |
[الآيات من 16 إلى آخر السورة]
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24) لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26) ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)}
تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ألم يأن للّذين آمنوا أن تخشع...}. وفي يأن لغات: من العرب من يقول: ألم يأن لك، وألم يئن لك مثل: يعن، ومنهم من يقول: ألم ينل لك باللام، ومنهم من يقول: ألم ينل لك، وأحسنهن التي أتى بها القرآن وقوله: {وما نزل من الحقّ...}. قرأها عاصم، وبعض أهل المدينة {نزل}: مشددة، وقرأها بعضهم: {وما نزل }: مخففة, وفي قراءة عبد الله: {وما أنزل من الحق}: فهذا قوةٌ لمن قرأ: نزّل). [معاني القرآن: 3/134] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يكونوا...}. في موضع نصب، معناه: ألم يأن لهم أن تخشع قلوبهم، وألا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب، ولو كان جزما كان صوابا على النهي). [معاني القرآن: 3/135] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وكثيرٌ منهم فاسقون }: يقع خبره على لفظ الجميع وعلى الواحد). [مجاز القرآن: 2/254] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ألم يأن للّذين آمنوا}؟! : أي ألم يحن. يقال: آني الشيء يأني، إذا حان. {فطال عليهم الأمد} يعني: الغاية). [تفسير غريب القرآن: 453] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ألم يأن للّذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر اللّه وما نزل من الحقّ ولا يكونوا كالّذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون} { وما نزّل من الحقّ} :ويقرأ {وما نزل من الحقّ}: بالتخفيف. وقوله : {يأن}: من أنى يأني، ويقال آن يئين. وفي هذا المعنى ومعناه " حان يحين ". وهذه الآية - واللّه أعلم - نزلت في طائفة من المؤمنين حثوا على الرّقّة والرحمة والخشوع. فأما من كان ممن وصفه - عزّ وجلّ - بالخضوع والرقة والرحمة فطائفة من المؤمنين فوق هؤلاء. وقوله عزّ وجلّ: { ولا يكونوا كالّذين أوتوا الكتاب من قبل} وقرئت بالتاء، - تكونوا -. { فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم}: أي: لا تكونوا كالذين لما طالت عليهم المدة قست قلوبهم). [معاني القرآن: 5/125-126] قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فطال عليهم الأمد}: أي: الوقت والأجل). [ياقوتة الصراط: 505] تفسير قوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17)} قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {اعلموا أنّ اللّه يحي الأرض بعد موتها قد بيّنّا لكم الآيات لعلّكم تعقلون} معناه : أن إحياء الأرض بعد موتها دليل على توحيد اللّه، ومن آياته الدالة على ذلك). [معاني القرآن: 5/126] تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) } قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ المصّدّقين والمصّدّقات...}. قرأها عاصم: إنّ المصدّقين والمصدّقات بالتخفيف للصاد، يريد: الذين صدّقوا الله ورسوله، وقرأها آخرون: إن المصّدّقين يريدون: المتصدقين بالتشديد، وهي في قراءة أبّي: إن المتصدقين والمتصدقات بتاءٍ ظاهرة، فهذه قوة لم قرأ إن المصّدّقين بالتشديد). [معاني القرآن: 3/135] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: (إنّ المصّدّقين والمصّدّقات وأقرضوا اللّه قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم} بتشديد الصّاد، معناه أن المتصدّقين والمتصدّقات. ويقرأ إنّ المصدّقين والمصدّقات بالتخفيف، ومعناه إن المؤمنين والمؤمنات ممن صدّق اللّه ورسوله فآمن بما أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقوله:{وأقرضوا اللّه قرضا حسنا}: أي: تصدّقوا من مال طيّب. {يضاعف لهم ولهم أجر كريم} : أي : يضاعف لهم ما عملوا، ويكون ذلك التضعيف أجرا كريما). [معاني القرآن: 5/126] تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أولئك هم الصّدّيقون...} انقطع الكلام عند صفة الصديقين. ثم قال: {والشّهداء عند ربّهم...} يعني: النبيين لهم أجرهم ونورهم، فرفعت الصديقين بهم، ورفعت الشهداء بقوله: {لهم أجرهم ونورهم...} ). [معاني القرآن: 3/135] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين آمنوا باللّه ورسله أولئك هم الصّدّيقون والشّهداء عند ربّهم لهم أجرهم ونورهم والّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم} {الصّدّيقون} على وزن " الفعيلين " , وأحدهم صدّيق وهو اسم للمبالغة في الفعل تقول: رجل " صدّيق " كثير التصديق وكذلك رجل سكّيت كثير السّكوت. فالمعنى إنّ المؤمن المصدّق باللّه ورسله هو المبالغ في الصّدق. وقوله عزّ وجلّ:{والشّهداء عند ربّهم لهم أجرهم ونورهم}: يصلح أن يكون كلاما مستأنفا مرفوعا بالابتداء، فيكون المعنى " والشهداء عند ربّهم لهم أجرهم ونورهم. والشهداء هم الأنبياء، ويجوز أن يكون {والشهداء } نسقا على ما قبله، فيكون المعنى : أولئك هم الصّدّيقون , وأولئك هم الشهداء عند ربّهم، ويكون { لهم أجرهم ونورهم}: للجماعة من الصديقين والشهداء). [معاني القرآن: 5/126-127] تفسير قوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) } قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وفي الآخرة عذابٌ شديدٌ ومغفرةٌ مّن اللّه ورضوانٌ...}. ذكر ما في الدنيا، وأنه على ما وصف، وأما الآخرة فإنها إما عذاب، وإما جنة، والواو فيه واو بمنزلة واحدة؛ كقولك: ضع الصدقة في كل يتيم وأرملة، وإن قلت: في كل يتيم أو أرملة، فالمعنى واحد, والله أعلم). [معاني القرآن: 3/135] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ثمّ يهيج}: ييبس). [مجاز القرآن: 2/254] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({كمثل غيثٍ أعجب الكفّار نباته} أي الزراع. يقال للزارع: كافر، لأنه إذا ألقى البذر في الأرض: كفره، أي غطّاه). [تفسير غريب القرآن: 454] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} فإنما يريد بالكفار هاهنا: الزّرّاع، واحدهم كافر. وإنما سمّي كافرا لأنه إذا ألقى البذر في الأرض كَفَره، أي غطّاه، وكل شيء، غطّيته فقد كَفَرته، ومنه قيل: (تَكَفَّرَ فلان في السّلاح): إذا تغطّى. ومنه قيل للّيل كافر، لأنه يستر بظلمته كل شيء. ومنه قول الشاعر: يعلو طريقة متنها متواترا = في ليلة كفر النّجوم غمامها أي غطاها. وهذا مثل قوله تعالى: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}). [تأويل مشكل القرآن: 75-76] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {اعلموا أنّما الحياة الدّنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفّار نباته ثمّ يهيج فتراه مصفرّا ثمّ يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من اللّه ورضوان وما الحياة الدّنيا إلّا متاع الغرور} {كمثل}: الكاف في موضع رفع من وجهين: أحدهما أن تكون صفة فيكون المعنى: {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم}, مثل غيث، وهو المطر ويكون رفعها على خبر بعد خبر، على معنى أن الحياة الدنيا وزينتها مثل غيث أعجب الكفار نباته. والكفار ههنا له تفسيران: أحدهما: أنه الزرع، وإذا أعجب الزرّاع نباته مع علمهم به، فهو في غاية ما يستحسن، ويكون الكفّار ههنا الكفّار باللّه، وهم أشد إعجابا بزينة الدّنيا من المؤمنين. وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ يهيج فتراه مصفرّا} معنى {يهيج}: يأخذ في الجفاف فيبتدئ به الصّفرة. {ثمّ يكون حطاما}: أي : متحطما متكسّرا ذاهبا. وضرب الله هذا مثلا لزوال الدنيا. وقوله عزّ وجلّ: {وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من اللّه ورضوان} ويقرأ {ورضوان}, وقد روينا جميعا عن عاصم - بالضم والكسر – فمعناه فمغفرة لأولياء الله وعذاب لأعدائه). [معاني القرآن: 5/127] قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ) : ( {ثم يهيج}: أي: يجف). [ياقوتة الصراط: 505] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْكُفَّارَ} الزرّاع).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 261] تفسير قوله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {عرضها كعرض السّماء والأرض}: أي : سعتها كسعة السماء والأرض. وقد تقدم ذكر هذا). [تفسير غريب القرآن: 454] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله {سابقوا إلى مغفرة من ربّكم وجنّة عرضها كعرض السّماء والأرض أعدّت للّذين آمنوا باللّه ورسله ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم} المعنى: سابقوا بالأعمال الصالحة. وقيل إن الجنات سبع، وقيل أربع لقوله: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان} وقوله بعد ذلك {ومن دونهما جنّتان} وقيل عرضها ولم يذكر طولها - واللّه أعلم - وإنما ذكر عرضها ههنا تمثيل للعباد بما يفعلونه ويقع في نفوسهم، وأكبر ما يقع في نفوسهم مقدار السّماوات والأرض. وقوله عزّ وجلّ: {ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء}: وهذا دليل أنه لا يدخل أحد الجنّة إلا بفضل اللّه). [معاني القرآن: 5/127-128] تفسير قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ما أصاب من مّصيبةٍ...}. أي: ما أصاب الآدمي في الأرض من مصيبة مثل: ذهاب المال، والشدة، والجوع، والخوف {ولا في أنفسكم} : الموت في الولد، وغير الولد، والأمراض: {إلاّ في كتابٍ} يعني: في العلم الأول، من قبل أن نبرأ تلك النفس أي: نخلقها، إن ذلك على الله يسير، ثم يقول: إن حفظ ذلك من جميع الخلق على الله يسير). [معاني القرآن: 137-3/136] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({من قبلٍ أن نبرأها }: نخلقها، الخالق الباري). [مجاز القرآن: 2/254] قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ما أصاب من مّصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتابٍ مّن قبل أن نّبرأها إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} وقال: {إلاّ في كتابٍ مّن قبل أن نّبرأها} يريد - والله أعلم - "إلاّ هو في كتاب": فجاز فيها الإضمار. وقد تقول: "عندي هذا ليس إلاّ" تريد: ليس إلاّ هو). [معاني القرآن: 4/26] قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({من قبل أن نبرأها}: نخلقها). [غريب القرآن وتفسيره: 371] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {من قبل أن نبرأها} : أي نخلقها). [تفسير غريب القرآن: 454] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلمهم أن ذلك المؤدّي إلى الجنّة أو النّار لا يكون إلا بقضاء وقدر فقال عزّ وجلّ: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلّا في كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على اللّه يسير} أي من قبل أن نخلقها، فما وقع في الأرض من جدب أو نقص , وكذلك ما وقع في النفوس من مرض , وموت , أو خسران في تجارة , أو كسب خير , أو شرّ , فمكتوب عند اللّه معلوم). [معاني القرآن: 5/128] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({نَّبْرَأَهَا}: نخلقها). [العمدة في غريب القرآن: 301] تفسير قوله تعالى: { لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم أدّب عباده، فقال: هذا: {لّكيلا تأسوا على ما فاتكم}. أي: لا تحزنوا: {ولا تفرحوا بما آتاكم...}، ومن قرأ: بما أتاكم بغير مد يجعل الفعل ـ لما). [معاني القرآن: 3/136] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لكيلا تأسوا على ما فاتكم} أي لا تحزنوا). [تفسير غريب القرآن: 454] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: { لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم واللّه لا يحبّ كلّ مختال فخور} فمن قرأ { أتاكم }: فمعناه جاءكم، ومن قرأ {آتاكم}: فمعناه أعطاكم , ومعنى {تفرحوا}: ههنا لا تفرحوا فرحا شديدا تأشروا فيه وتبطروا ودليل ذلك: {واللّه لا يحبّ كلّ مختال فخور} فدل بهذا أنه ذم الفرح الذي يختال فيه صاحبه ويبطر له، فأمّا الفرح بنعمة اللّه والشكر عليها فغير مذموم. وكذلك{لكيلا تأسوا على ما فاتكم}: أي : لا تحزنوا حزنا يطغيكم حتى يخرجكم إلى أن تلزموا أنفسكم الهلكة ولا تعتدوا بثواب - اللّه ما تسلبونه وما فاتكم). [معاني القرآن: 5/128] تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل...}. هذه اليهود بخلت حسدا أن تظهر صفة النبي صلى الله عليه وسلم حسداً للإسلام؛ لأنه يذهب ملكهم). [معاني القرآن: 3/136] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومن يتولّ فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد...}. وفي قراءة أهل المدينة بغير ـ هو ـ دليل على ذلك). [معاني القرآن: 3/136] قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ومن يتولّ فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد}, وقال{الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ومن يتولّ فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد} , واستغنى بالأخبار التي في القرآن كما قال: {ولو أنّ قرآناً سيّرت به الجبال} , ولم يكن في ذا الموضع خبر، والله أعلم بما ينزل هو كما أنزل وكما أراد أن يكون). [معاني القرآن: 4/26] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ومن يتولّ فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد} ويقرأ{بالبخل}: مثل الرّشد والرّشد، وهذا على ضربين: أحدهما في التفسير : أنهم الذين يبخلون بتعريف صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي قد عرفوها في التوراة والإنجيل. والوجه الثاني : أنه لما حثّ على الصفة، أعلم أنّ الذين يبخلون بها ويأمرون بالبخل بها، فإن الله عزّ وجل غني عنهم). [معاني القرآن: 5/129] تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ...}. ذكر أن الله عز وجل أنز ل: القلاة والكلبتين والمطرقة. قال الفراء: القلاة: السّندان). [معاني القرآن: 3/136] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فيه بأسٌ شديدٌ...}. يريد: السلاح للقتال، ومنافع للناس مثل: السكين، والفأس، والمز وما أشبه ذلك). [معاني القرآن: 3/136] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ليقوم النّاس بالقسط} : أي : بالعدل. {وأنزلنا الحديد} : ذكروا: «أن اللّه انزل العلاة - وهي: السّندان - والكلبتين والمطرقة». {فيه بأسٌ شديدٌ}: للقتال، {ومنافع للنّاس}: مثل السكين، والفأس، والمر، والإبرة). [تفسير غريب القرآن: 454] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للنّاس وليعلم اللّه من ينصره ورسله بالغيب إنّ اللّه قويّ عزيز (25)} جاء في التفسير أن آدم عليه السلام هبط إلى الأرض بالعلاة , والمطرقة , والكلبتين. والعلاة هي التي يسميها الحدادون: السّندان. وقوله عزّ وجلّ { فيه بأس شديد} أي: [يمتنع به]، ويحارب به. {ومنافع للنّاس}: يستعملونه في أدواتهم وما ينتفعون به من آنيتهم، وجميع ما يتصرف وقوله: {وليعلم اللّه من ينصره ورسله بالغيب}: أي : ليعلم الله من يقاتل مع رسله في سبله. وقد مر تفسيره , ومعناه). [معاني القرآن: 5/129] تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {النّبوّة...}. وفي مصحف عبد الله بالياء بياءين: النّبييّة بباءين , والهمزة في كتابه تثبت بالألف في كل نوع، فلو كانت همزة لأثبتت بالألف، ولو كانت الفعولة لكانت بالواو، ولا تخلو أن تكون مصدر النبأ أو النبيّية مصدرا فنسبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والعرب تقول: فعل ذلك في غلوميته، وفي غلومته، وفي غلاميته، وسمع الكسائي العرب تقول: فعل ذلك في وليديته يريد: وهو ليد أي: مولود، فما جاءك من مصدر لاسم موضوع، فلك فيه: الفعولة، والفعولية، وأن تجعله منسوباً على صورة الاسم، من ذلك أن تقول: عبد بين العبودية، والعبودة والعبدية، فقس على هذا). [معاني القرآن: 3/136-137] تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)} قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ثمّ قفّينا على آثارهم }: أتبعناه). [مجاز القرآن: 2/254] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ما كتبناها عليهم }: ما كلّفناهموها). [مجاز القرآن: 2/254] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ورهبانيّةً}...: اسم مبني من «الرّهبة»، لما فضل عن المقدار وأفرط فيه, وهو ما نهي اللّه عنه إذ يقول: {لا تغلوا في دينكم}. ويقال: دين اللّه بين المقصر والغالي. {ما كتبناها عليهم إلّا ابتغاء رضوان اللّه} أي: ما أمرناهم بها إلا ابتغاء رضوان اللّه، أي أمرنا منها بما يرضي اللّه عز وجل، لا غير ذلك). [تفسير غريب القرآن: 454-455] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ قفّينا على آثارهم برسلنا وقفّينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الّذين اتّبعوه رأفة ورحمة ورهبانيّة ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلّا ابتغاء رضوان اللّه فما رعوها حقّ رعايتها فآتينا الّذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون} {ثمّ قفّينا على آثارهم برسلنا}: أي أتبعنا نوحا وإبراهيم رسلا بعدهم. {وقفّينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل}: جاء في التفسير أن الإنجيل آتاه اللّه عيسى جملة واحدة. وقوله {وجعلنا في قلوب الّذين اتّبعوه رأفة ورحمة} ويجوز رآفة على وزن السماحة، حكى أبو زيد أنه يقال: رؤفت بالرجل رأفة، وهي القراءة. وقد قرئت ورآفة. وقوله: {ورهبانيّة ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلّا ابتغاء رضوان اللّه} : هذه الآية صعبة في التفسير. ومعناها - واللّه أعلم - يحتمل ضربين: أحدهما أن يكون المعنى في قوله: {ورهبانيّة ابتدعوها}: ابتدعوا رهبانية كما تقول: رأيت زيدا، وعمرا أكرمته، وتكون { ما كتبناها عليهم}:معناها لم نكتبها عليهم ألبتّة، ويكون{إلا ابتغاء رضوان الله}: بدلا - من الهاء والألف، فيكون المعنى ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان اللّه، وابتغاء رضوان اللّه اتباع ما أمر به. فهذا - واللّه أعلم - وجه, وفيها وجه آخر في {ابتدعوها} جاء في التفسير أنّهم كانوا يرون من ملوكهم ما لا يصبرون عليه , فاتخذوا أسرابا وصوامع. فابتدعوا ذلك، فلما ألزموا أنفسهم ذلك التطوع , ودخلوا فيه لزمهم إتمامه، كما أن الإنسان إذا جعل على نفسه صوما لم يفترض عليه لزمه أن يتمّه. وقوله عزّ وجلّ: {فما رعوها حقّ رعايتها}: على ضربين - واللّه أعلم :- أحدهما : أن يكونوا قصّروا فيما ألزموه أنفسهم. والآخر : وهو أجود أن يكونوا حين بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يؤمنوا به كانوا تاركين لطاعة اللّه، فما رعوا تلك الرهبانية حق رعايتها, ودليل ذلك قوله عزّ وجلّ: {فآتينا الّذين آمنوا منهم أجرهم} أي : الذين آمنوا منهم بالنبي عليه السلام. {وكثير منهم فاسقون}: أي : وكافرون). [معاني القرآن: 5/130-131] تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) } قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يؤتكم كفلين من رّحمته...}. الكفل: الحظ، وهو في الأصل ما يكتفل به الراكب فيحبسه ويحفظه عن السقوط، يقول: يحصنكم الكفل من عذاب الله، كما يحصّن هذا الراكب الكفل من السقوط). [معاني القرآن: 3/137] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ يؤتكم كفلين من رحمته }: أي : مثلين). [مجاز القرآن: 2/254] قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {كفلين من رحمته}: ضعفين وتجمع الكفل أكفالا وكفولا). [غريب القرآن وتفسيره: 371] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يؤتكم كفلين من رحمته}: نصيبين وحظين). [تفسير غريب القرآن: 455] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم واللّه غفور رحيم} معني : {آمنوا برسوله}: صدّقوا برسوله. وقوله عزّ وجلّ: {يؤتكم كفلين من رحمته} : معناه يؤتكم نصيبين من رحمته، وإنّما اشتقاقه في اللغة من الكفل، وهو كساء يجعله الراكب تحته إذا ارتدف لئلا يسقط، فتأويله يؤتكم نصيبين يحفظانكم من هلكة المعاصي. {ويجعل لكم نورا تمشون به} , كما قال عزّ وجلّ: {نورهم يسعى بين أيديهم} وهذه علامة المؤمنين في القيامة، ودليل ذلك قوله: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} ويجوز أن يكون , واللّه أعلم: {ويجعل لكم نورا تمشون به}: يجعل لهم سبيلا واضحا من الهدى تهتدون به). [معاني القرآن: 5/131] قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {كفلين}: أي: نصيبين من رحمته). [ياقوتة الصراط: 506] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({كِفْلَيْنِ} نصيبين وحظّين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 261] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({كِفْلَيْنِ}: ضعفين). [العمدة في غريب القرآن: 301] تفسير قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)} قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّئلاّ يعلم أهل الكتاب...}. وفي قراءة عبد الله: { لكي يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون}, والعرب تجعل لا صلة في كل كلام دخل في آخره جحد، أو في جحد غير مصرح، فهذا مما دخل آخره الجحد، فجعلت (لا) في أوله صلة. وأما الجحد السابق الذي لم يصرح به فقوله عز وجل: {ما منعك ألاّ تسجد}. وقوله: {وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون}. وقوله: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون}. وفي الحرام معنى الجحد والمنع، وفي قوله:{وما يشعركم}: فلذلك جعلت (لا) بعده صلة معناها السقوط من الكلام). [معاني القرآن: 3/137-138] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لئلّا يعلم أهل الكتاب}: مجازها ليعلم أهل الكتاب). [مجاز القرآن: 2/254] قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({لّئلاّ يعلم أهل الكتاب ألاّ يقدرون على شيءٍ مّن فضل اللّه وأنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم} وقال: {لّئلاّ يعلم أهل الكتاب ألاّ يقدرون على شيءٍ} يقول: لأن يعلم). [معاني القرآن: 4/26-27] قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لئلا يعلم أهل الكتاب}: ليعلم أهل الكتاب). [غريب القرآن وتفسيره: 371] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لئلّا يعلم أهل الكتاب ألّا يقدرون} : أي : ليعلموا أنهم لا يقدرون {على شيءٍ من فضل اللّه}). [تفسير غريب القرآن: 455] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله سبحانه: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} يريد ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون، فزاد (لا) في أول الكلام، لأن في آخر الكلام جحدا. وكذلك قوله أبي النجم: فما ألوم البيضَ ألا تسخرا أي أن تسخرا، فزاد (لا) في آخر الكلام، للجعد في أوله.وقول العجّاج: في بئرِ لا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَر فزاده (لا) في أول الكلام، لأن في آخره جحدا). [تأويل مشكل القرآن: 245-246]قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {لئلّا يعلم أهل الكتاب ألّا يقدرون على شيء من فضل اللّه وأنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم} المعنى: فعل الله بكم ذلك كما فعل بمن آمن من أهل الكتاب لأن يعلموا و (لا) مؤكدة. و (ألّا يقدرون) (لا) ههنا يدل على الإضمار في " أن " مع تخفيف " أن " المعنى أنهم لا يقدرون، أي ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل اللّه). [معاني القرآن: 5/131] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} : أي: ليعلموا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 261] |
الساعة الآن 02:26 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة