جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   جمهرة معاني الحروف (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=1057)
-   -   كَلَّا (http://jamharah.net/showthread.php?t=26277)

جمهرة علوم اللغة 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م 02:01 AM

كَلَّا
 

عناصر الموضوع:
- شرح أبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ)
- شرح أبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي (ت:597هـ)
- شرح أحمد بن عبد النور المالقي(ت:702ه)
- شرح إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ)
- شرح الحسن بن قاسم المرادي(ت:749ه)
- شرح عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري(ت:761ه)
- شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)
-شرح ابن نور الدين الموزعي (ت: 825هـ)
- شرح عبد الله بن محمد البيتوشي(ت:1211ه)
- شرح محمد عبد الخالق عضيمة (ت: 1404هـ)


جمهرة علوم اللغة 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م 12:27 AM



"كلا"

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ): ( "كلا": ردع وزجر،

قال الله تعالى: {أيطمع كلّ امرئٍ مّنهم أن يدخل جنّة نعيم كلا}.
وقال تعالى: {يحسب أنّ ماله أخلده كلا}، أي: لا يخلده.
وقال تعالى: {ويل للمطفّفين} إلى قوله: {يقوم النّاس لرب العالمين كلا}، يريد: انتهوا). [حروف المعاني والصفات: 11 - 12]

جمهرة علوم اللغة 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م 12:28 AM

"كلا"
قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي (ت:597هـ): (باب"كلا"
(قال الأخفش وابن قتيبة): معنى "كلا" الردع والزجر، وقال السجستاني تكون بمعنى " لا " أي: "لا"يكون ذلك وهو رد للأول، كما قال العجاج:
(قد طلبت شيبان أن تصاكموا... كلا، ولما تصطفق مآتم)
وذكر المفسّرون أنّها في القرآن على وجهين: -
أحدهما: بمعنى
"لا". ومنه قوله تعالى في سورة مريم: {أم اتخذ عند الرّحمن عهدا. كلا}، أي: ليس الأمر على ما قال. وفيها: {ليكونوا لهم عزا كلا}، وفي المؤمنين: (لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا}، وفي الشّعراء: {فأخاف أن يقتلون. قال كلا} {وفيها} (إنّا لمدركون. قال كلا}، وفي سبأ: {أروني الّذين ألحقتم به شركاء كلا}، وفي سأل سائل: {ومن في الأرض جميعًا ثمّ ينجيه كلا} {وفيها} (أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنّة نعيم كلا}، وفي المدثر: {ثمّ يطمع أن أزيد. كلا} {وفيها} (أن يؤتى صحفا منشرة. كلا}، وفي القيامة: {أين المفر. كلا}، وفي المطففين: {قال أساطير الأوّلين كلا}، وفي الفجر: {فيقول ربّي أهانن كلا}، وفي الهمزة: {يحسب أن ماله أخلده كلا}. فهذه أربعة عشرة وضعا يحسن الوقوف عليها.
والثّاني: بمعنى "حقًا". ومنه قوله تعالى في المدثر: {كلا والقمر}، وفيها {كلا إنّه تذكرة}، وفي القيامة: (كلا إذا بلغت التراقي) {وفيها} (كلا بل تحبون العاجلة}، وفي النبأ: {كلا سيعلمون ثمّ كلا سيعلمون} {وفيها} (كلا لما يقض ما أمره}، وفي الانفطار: {كلا بل تكذبون بالدّين}، وفي المطففين: {كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين}، وفيها: {كلا إن كتاب الفجار لفي سجّين}، وفيها: {كلا إنّهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون}، وفي الفجر: {كلا إذا دكت الأرض دكا دكا}، وفي اقرأ: {كلا إن الإنسان ليطغى}، وفيها: {كلا لئن لم ينته}، وفيها: {كلا لا تطعه}، وفي التكاثر: {كلا سوف تعلمون ثمّ كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون}.
فهذه تسعة عشر موضعا كلها لا يحسن الوقف عليها على " كلا ". وجملة ما في الوجهين ثلاثة وثلاثون موضعا وهي جميع ما في القرآن وليس في النّصف الأول منها شيء.

وحكى ابن الأنباري عن ثعلب: ان " كلا " لا يوقف عليها في جميع القرآن). [نزهة الأعين النواظر: 511 - 514]

جمهرة علوم اللغة 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م 12:30 AM

قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "كلا"
اعلم أن "كلا" في كلام العرب معناها الزجر والردع ولا تعمل شيئا وهي بسيطة عند النحويين، إلا أن ابن العريف جعلها مركبة "كل" و"لا"، وهذا كلامٌ خلفٌ، لأن "كل" لم يأت لها معنى في الحروف فلا سبيل إلى ادعاء التركيب من أجل "لا"، إذ لا يُدعى التركيب إلا فيما يصح له معنى في حال الإفراد، فهذا كلامٌ لم يوافق فيه أحدًا ممن ادعى التركيب في غيره.
فإذا قال القائل: اقتل زيدًا، قلت له:
"كلا"، أي ارتدع عن هذا أو ازدجر، ومنه قوله تعالى: {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلَّا}، وقوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وهي في القرآن في مواضع كثيرة.
وهل يوقف عليها دون ما قبلها أو على ما قبلها دونها؟ فيه اختلاف، والصحيح أنه يوقف عليها في بعض المواضع مع وصل ما قبلها بها، وفي بعض المواضع يوقف على ما قبلها، وذلك بحسب مواضعها من المعنى، وهذا لا يتبين إلا بتتبع مواضعها واحدًا واحدًا، وهذا يطول، ويخرجنا عن المقصود، ولكن الغرض هنا تفسير المعنى الذي وضعت له وقد حصل فاعلمه والله الموفق). [رصف المباني:212]

جمهرة علوم اللغة 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م 12:32 AM




حروف الردع

قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها الردع: وحرفه:
"كلا" ، وقيل: إنّها بمعنى:
"حقاً"، وقيل: بمعنى "سوف"، وقيل: بمعنى "نعم"، وقيل: تكون ردّاً لكلام قبلها، فيجوز الوقف عليها، وما بعدها استئنافٌ، ولصلة الكلام فهي بمنزلة "أي"، وقيل: تكون ردّاً للكلام الأوّل، وبمعنى "ألا" الاستفتاحيّة). [التحفة الوفية: ؟؟]

جمهرة علوم اللغة 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م 12:33 AM

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("كلا"
حرف ردع وزجر. هذا مذهب الخليل، وسيبويه، وعامة البصريين. وذهب الكسائي، وتلميذه نصير بن يوسف، ومحمد بن أحمد بن واصل، إلى أنها تكون بمعنى "حقاً". ومذهب النضر بن شميل أنها بمعنى "نعم". وركب ابن مالك هذه المذاهب الثلاثة، فجعلها مذهباً واحداً. قال في التسهيل "كلا" حرف ردع وزجر، وقد تؤول "بحقاً"، وتساوي "إي" معنى واستعمالاً. وذهب أبو حاتم إلى أنها تكون رداً للكلام الأول، وتكون للاستفتاح بمعنى "ألا"، ووافقه الزجاج. وذهب عبد الله بن محمد الباهلي إلى أنها تكون على وجهين:
أحدهما: أن تكون رداً الكلام قبلها، فيجوز الوقف عليها، وما بعدها استئناف.
والآخر: أن تكون صلة للكلام، فتكون بمعنى "إي" وقيل: إن "كلا" بمعنى "سوف".
وعدة ما جاء في القرآن من لفظ "كلا" ثلاثة وثلاثون موضعاً، تتضمنها خمس عشرة سورة وليس في النصف الأول منها شيء. قيل: وحكمة ذلك أن النصف الأخير نزل أثره بمكة، وأكثرها جبابرة، فتكررت هذه الكلمة، على وجه التهديد، والتعنيف لهم، والإنكار عليهم. بخلاف النصف الأول، وما نزل منه في اليهود، لم يحتج إلى إيرادها فيه، لذلهم وصغارهم.
وأما الوقف عليها فالراجح أن حالها فيه مختلف. فمنها ما يوقف عليه ولا يبتدأ به. ومنها ما يبتدأ به ولا يوقف عليه. ومنها ما يجوز فيه الأمران. ومنها ما لا يوقف عليه ولا يبتدأ به. فهذه أربعة أقسام. وقد ذكرت ذلك في كراسة أفردتها "لكلا" و"بلى".
واختلف في "كلا": هل هي بسيطة أو مركبة؟ ومذهب الجمهور أنها بسيطة. وذهب ثعلب إلى أنها مركبة من "كاف" التشبيه و"لا" التي للرد، وزيد بعد "الكاف" "لام"، فشددت، لتخرج عن معناها التشبيهي. وقال صاحب رصف المباني: هي بسيطة عند النحويين، إلا ابن العريف جعلها مركبة من "كل" و"لا". وهذا كلام خلف، لأن "كل" لم يأت لها معنى في الحروف، فلا سبيل إلى ادعاء التركيب من أجل "لا" والله سبحانه أعلم). [الجنى الداني:577 - 579]

جمهرة علوم اللغة 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م 12:34 AM

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("كلا"
"كلا": مركبة عند ثعلب من "كاف" التّشبيه و"لا" النافية، قال: وإنّما شددت "لامها" لتقوية المعنى، ولدفع توهم بقاء معنى الكلمتين، وعند غيره هي بسيطة، وهي عند سيبويه، والخليل، والمبرد، والزجاج، وأكثر البصريين حرف معناه الردع والزجر لا معنى لها عندهم إلّا ذلك، حتّى إنّهم يجيزون أبدا الوقف عليها والابتداء بما بعدها، وحتّى قال جماعة منهم متى سمعت "كلا" في سورة فاحكم بأنّها مكّيّة؛ لأن فيها معنى التهديد والوعيد، وأكثر ما نزل ذلك بمكّة؛ لأن أكثر العتو كان بها وفيه نظر؛ لأن لزوم المكية إنّما يكون عن اختصاص العتو بها، لا عن غلبته، ثمّ لا تمتنع الإشارة إلى عتو سابق، ثمّ لا يظهر معنى الزّجر في "كلا" المسبوقة بنحو: {في أي صورة ما شاء ركبك}، {يوم يقوم النّاس لرب العالمين}،{ثمّ إن علينا بيانه}.
وقولهم المعنى انته عن ترك الإيمان بالتصوير في أي صورة ما شاء الله وبالبعث وعن العجلة بالقرآن، تعسف إذ لم يتقدّم في الأوّلين حكاية نفي ذلك عن أحد، ولطول الفصل في الثّالثة بين "كلا" وذكر العجلة، وأيضًا فإن أول ما نزل خمس آيات من أول سورة العلق، ثمّ نزل {كلا إن الإنسان ليطغى}، فجاءت في افتتاح الكلام، والوارد منها في التّنزيل ثلاثة وثلاثون موضعا كلها في النّصف الأخير.
ورأى الكسائي وأبو حاتم ومن وافقهما أن معنى الردع والزجر ليس مستمرا فيها، فزادوا فيها معنى ثانيًا يصح عليه أن يوقف دونها ويبتدأ بها، ثمّ اختلفوا في تعيين ذلك المعنى على ثلاثة أقوال:
أحدها: للكسائي ومتابعيه قالوا: تكون بمعنى "حقًا".
والثّاني: لأبي حاتم ومتابعيه قالوا: تكون بمعنى "ألا" الاستفتاحية.
والثّالث: للنضر ابن شميل والفراء ومن وافقهما قالوا: تكون حرف جواب بمنزلة "إي" و"نعم" وحملوا عليه {كلا والقمر}، فقالوا معناه: "إي" والقمر.
وقول أبي حاتم عندي أولى من قولهما؛ لأنّه أكثر اطرادا، فإن قول النّضر لا يتأتّى في آيتي المؤمنين والشعراء على ما سيأتي، وقول الكسائي لا يتأتّى في نحو: {كلا إن كتاب الأبرار}،{كلا إن كتاب الفجار}،{كلا إنّهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون}؛ لأن "أن" تكسر بعد "ألا" الاستفتاحية ،ولا تكسر بعد "حقًا"، ولا بعد ما كان بمعناها؛ ولأن تفسير حرف بحرف أولى من تفسير حرف باسم.
وأما قول مكي إن "كلا" على رأي الكسائي اسم إذا كانت بمعنى "حقًا" فبعيد؛ لأن اشتراك اللّفظ بين الاسمية والحرفية قليل، ومخالف للأصل، ومحوج لتكلف دعوى علّة لبنائها، وإلّا فلم "لا" نونت.
وإذا صلح الموضع للردع ولغيره جاز الوقف عليها، والابتداء بها على اختلاف التّقديرين، والأرجح حملها على الردع؛ لأنّه الغالب فيها، وذلك نحو: {أطلع الغيب أم اتخذ عند الرّحمن عهدا كلا سنكتب ما يقول}،{واتّخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم}، وقد تتعيّن للردع أو الاستفتاح، نحو: {رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنّها كلمة}،؛ لأنّها لو كانت بمعنى "حقًا" لما كسرت همزة "إن"، ولو كانت بمعنى "نعم" لكانت للوعد بالرّجوع؛ لأنّها بعد الطّلب كما يقال: أكرم فلانا، فتقول: "نعم"، ونحو: {قال أصحاب موسى إنّا لمدركون قال كلا إن معي ربّي سيهدين}، وذلك لكسر "إن"؛ ولأن "نعم" بعد الخبر للتصديق، وقد يمتنع كونها للزجر نحو: {وما هي إلّا ذكرى للبشر كلا والقمر} إذ ليس قبلها ما يصح رده.
وقول الطّبريّ وجماعة إنّه لما نزل عدد خزنة جهنّم {عليها تسعة عشر} قال بعضهم: أكفوني اثنين وأنا أكفيكم سبعة عشر، فنزل {كلا} زجرا له قول متعسف؛ لأن الآية لم تتضمّن ذلك.

تنبيه
قرئ {كلا سيكفرون بعبادتهم} بالتّنوين إمّا على أنه مصدر كل إذا أعيا، أي: كلوا في دعواهم وانقطعوا، أو من الكل، وهو الثّقل، أي: حملوا "كلا"، وجوز الزّمخشريّ كونه حرف الردع ونون كما في {سلاسلا}، ورده أبو حيّان بأن ذلك إنّما صحّ في {سلاسلا}؛ لأنّه اسم أصله التّنوين فرجع به إلى أصله للتناسب، أو على لغة من يصرف مالا ينصرف مطلقًا، أو بشرط كونه مفاعل أو مفاعيل انتهى.
وليس التّوجيه منحصرا عند الزّمخشريّ في ذلك، بل جوز كون التّنوين بدلا من حرف الإطلاق المزيد في رأس الآية، ثمّ إنّه وصل بنية الوقف وجزم بهذا الوجه في {قواريرا}، وفي قراءة بعضهم {واللّيل إذا يسر}، بالتّنوين وهذه القراءة مصححة لتأويلة في"كلا" إذ الفعل ليس أصله التّنوين). [مغني اللبيب: 3 / 60 - 71]

جمهرة علوم اللغة 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م 12:36 AM


شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)

الباب الرابع: الحروف الرباعية
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الباب الرابع: الحروف الرباعية، ولما كان بعضها حرفًا محضًا وبعضها مشتركًا بين الأسماء والحروف وبعضها بين الكلم الثلاث كان هذا الباب ثلاثة أنواع أيضًا). [جواهر الأدب: 190]

النوع الأول الحروف المحضة
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (النوع الأول الحروف المحضة: وهي اثنا عشر حرفًا: "ألا" و"إلا" و"هلا" و"لولا" و"لما" و"أما" و"إمَّا" و"حتى" و"كان" و"كلا" و"لكن" مخففة و"لعل"، وعقدنا للبحث عنها فصولًا). [جواهر الأدب: 190]

الفصل السابع: "كلا"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل السابع: من النوع الأول من الحروف الرباعية المحضة:"كلا" وهي للردع والزجر عند سماع محال مستكره، وعند الزجاج للردع والتنبيه.
قال في الأغراب: ويستفتح بعدها الكلام، ولذلك تكسر "إن" بعدها وتأتي بمعنى "حقًا"، كقوله تعالى: {كلا والقمر}، و{كلا إن الإنسان ليطغى}، ويجوز أن تجاب بجواب القسم كذه الآية، وأن لا تجاب كقوله تعالى: {كلا بل تحبون العاجلة}، و{كلا إذا بلغت التراقي}، قال الكوفيون: وتكون حينئذٍ اسمًا، قال ابن الحاجب: ويجوز أن تكون في هذا اسمًا بني لموافقته الحرفية في اللفظ وأصل معناه، والنحويون حكموا بحرفيتها، قالوا: لأن كونها للتحقيق لا يخرجها عن الحرفية "كإن"، وتكسر "إن" بعد
"كلا" هذه، وإن فتحت بعد "حقًا" لأن الجملة تقع معمولة لها، وأما "حقًا" فإنه مصدر منصوب بالفعل المقدر له، فيعمل فيما بعده نصبًا، وهي مفردة، و"الألف" أصلية لحرفيتها، وقيل: مركبة من "كاف" التشبيه، و"لا" النافية، وقيل: من "ألا" التي للتنبيه و"لا" النافية، ومع ظهور ضعفهما لا دليل عليه، وقال أبو حاتم: "كلا" في القرآن على وجهين:
أحدهما: بمعنى الرد للأول.
والثاني: بمعنى "ألا" التي للتنبيه، ويستفتح بها الكلام، كقوله تعالى: {كلا إن الإنسان ليطغى}، وقال الفراء:
"كلا" حرف رد بمعنى "نعم"، و"لا" إثباتًا ونفيًا، وتكون صلة لما بعدها، كما في: {كلا والقمر}، وقيل: لا يوقف عليها في القرآن أبدًا، يقوله ثعلب، وقيل: يوقف على "كلها".
وقال ابن برهان: والذي عليه العلماء أن
"كلا" يحسن الوقف عليها إذا كانت ردًا للأول، ويحسن الابتداء بها إذا كانت بمعنى "ألا" و"حقًا"، كقوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون}، قلت: ولا يخفى على الذهن السليم صحة هذا وحقيقته والله أعلم). [جواهر الأدب: 204]

جمهرة علوم اللغة 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م 12:37 AM

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) "كلا" ونقيضها،
أما "كلا" فزعم ثعلب أن أصلها: "كاف" التشبيه دخلت على "لا" وذلك أن العرب إذا قللت شيئًا قالت: هو "كلا" و"لا"، قال الشاعر:
أصاب خصاصة فبدا كليلًا .... كلا وانغل سائره انغلالا
وإنما شددت "لامها" ليقوى المعنى وليندفع توهم بقاء معنى الكلمتين، وقال غيره: هي بسيطة، ثم اختلفوا في معناها فقال الخليل وسيبويه والمبرد والزجاج وأكثر البصريين: إنها كلمة موضوعة للنفي والنهي فمعناها الزجر والردع والنفي لدعوى مدع، لا معنى لها عندهم إلا ذلك حتى إذا أبدا يجيزون الوقف عليها والابتداء بما بعدها، وحتى قال جماعة منهم: متى سمت، "كلا" في سورة فاحكم بأنهما مكية، لأن فيها معنى التهديد والوعيد، وأكثر ما نزل ذلك بمكة؛ لأن أكثر العتو كان بها.
قال ابن هشام: وفيه نظر؛ لأن لزوم المكية إنما يكون عن اختصاص العتو بها لا عن غلبتها، ثم لا يمتنع الإشارة إلى عتو سابق.
وما ذكره من النظر ففيه نظر، لأن هذا القائل لم يرد حقيقة التلازم ولهذا لم يقل: وكل سورة لم تذكر فيها فليست بمكية، وإنما أراد الاستدلال على أن معناها الزجر لكونها لا تقع إلا في مظان الزجر والتهديد دون شرع الأحكام.
وهذه المقالة محكية عن بعض علماء التفسير والعلم بالناسخ والمنسوخ فاستدل بها هؤلاء على إثبات معنى "كلا".
ورأى الكسائي وأبو حاتم ومن وافقهما أن معنى الردع والزجر ليس مستمرًا فيها، وإن كان غالبًا عليها فزادوا معنى ثانيًا يصح أن يوقف عليه دونها ويبتدأ بها.
ثم اختلفوا في تعيين ذلك المعنى على ثلاثة أقوال:
أحدها: للكسائي ومتابعيه أنها تكون بمعنى "حقًا" وهو قول المفسرين.
والثاني: وهو قول أبي حاتم ومتابعيه: أنها تكون بمعنى "ألا" الاستفتاحية.
والثالث: وهو قول النضر بن شمبل، والفراء ومن وافقهما: أنها تكون حرف جواب بمعنى: "إي" و"نعم"، وحملوا عليه {كلا والقمر}، قالوا: معناه: "إي" والقمر.
قال ابن هشام: وقول أبي حاتم عندي أولى من قول الكسائي وقول النضر؛ لأنه أكثر اطرادًا، فإن قول الكسائي لا يتأتى في نحو: {كلا إن كتاب الأبرار} {كلا إن كتاب الفجار}، {كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون}؛ لأن "أن" تكسر بعد "ألا" الاستفتاحية ولا تكسر بعد "حقًا"، ولأن تفسير حرف بحرف أولى من تفسير حرف باسم.
وقول النضر لا يتأتى في آيتي المؤمنين والشعراء، قوله تعالى: {قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحًا فيما تركت كلا إنها كلمة}، وقوله تعالى: {قال أصحاب موسى إنما لمدركون قال كلا إن معي ربي}؛ لأن نعم بعد الطلب والخبر تصديق.
وزعم الأولون أن معنى الزجر مستمر فيها، وحيث لا يظهر كقوله تعالى: {في أي صورةٍ ما شاء ركبك}، {يوم يقومُ الناس لرب العالمين}، {ثم إن علينا بيانه} بقدر فيها الزجر فالمعنى: انته عن ترك الإيمان بالتصوير في أي صورة شاء الله، وبالبعث، وعن العجلة بالقرآن، ورد بأن فيه تعسفًا لأنه لم يتقدم في الأوليين حكاية في ذلك عند أحد، وأما في الثالثة فلطول الفصل بين "كلا" وذكر العاجلة.
وإذا صلح الموضوع للردع وغيره جاز الوقف عليها والابتداء بها على اختلاف التقديرين، والأرجح حملها على الردع؛ لأنه الغالب فيها، كقوله تعالى: {اطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدًا كلَّا سنكتب ما يقول}، وقوله تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزًّا كلا سيكفرون بعبادتهم}، وقد تتعين للردع والاستفتاح كآيتي المؤمنين والشعراء، وقد تتعين للاستفتاح والجواب ويمتنع الردع كقوله تعالى: {كلا والقمر}، وما أشبهها؛ إذ ليس قبلها ما يصح رده، قال ابن هشام: وقول الطبري وجماعة أنه لما نزل في عدد خزنة جهنم {عليها تسعة عشر}، قال بعض المشركين: اكفوني اثنين، وأنا أكفيكم سبعة عشر، فنزلت {كلا} زجرًا له، قول متعسف؛ لأن الآية لم تتضمن ذلك.
وأما نقيض "كلا" فقال بعض أهل العلم: إن «ذلك» و«هذا» نقيضان "كلا"، وإن كذلك نقيض"لكلا"، قال: فقوله تعالى: {ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم}، على معنى ذلك كما قلنا وكما فعلنا، ومثله: {هذا وإن للطاغين لشر مآب}، قال: ويدل على هذا المعنى دخول "الواو" بعد قوله: «ذلك» و«هذا» لأن ما بعد "الواو" منسوق على ما قبلها بها وإن كان مضمرًا، قال الله سبحانه وتعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة}، ثم قال: {كذلك}، أي: كذلك فعلناه ونفعله من التنزيل، ومثل هذا في القرآن كثير). [مصابيح المغاني: 364 - 369]

جمهرة علوم اللغة 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م 12:38 AM

قال عبد الله بن محمد بن إسماعيل الكردي البيتوشي (ت: 1211هـ): (
كلا بسيطةٌ وحرفُ زجر .... مع خلافٍ في الثلاث يجري
وقيل تأتي مثل حقًا وهيا
.... اسمٌ إذن عن الكسائي رُويَا
وليس في تنوين بعضٍ كلا
.... سيكفرون من دليل أصلا
بل مثل تنوين قوارير دُري
.... كما إذا يسرٍ بتنوينٍ قُري
وليس بالمُبطل للفعلية
.... فليس بالمبطل للحرفية
وشركةُ الألفاظ في الحرفية
.... واسمية بقلةٍ مرئيةْ
وإن أتت ولم تُفدك الزجرا
.... فقل للاستفتاح فهو أحرى
لا أنها مثل نعم كما أتى
.... بالنقل عن نضرشُمَيْلِ الفتى
كم قال قلبي رَبِّ عن حُب المها .... أتوب لما هيض كلا إنها).
[كفاية المعاني: 293 - 294]

جمهرة علوم اللغة 2 محرم 1439هـ/22-09-2017م 04:01 PM

قسم معاني الحروف من دليل"دراسات في أساليب القرآن"
للأستاذ محمد عبد الخالق عضيمة




الساعة الآن 06:06 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة