جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   نزول القرآن (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=431)
-   -   نزول سورة المدثر (http://jamharah.net/showthread.php?t=11477)

ساجدة فاروق 10 ذو القعدة 1431هـ/17-10-2010م 06:23 PM

نزول سورة المدثر

هل سورة المدثر مكية أو مدنية؟
... من حكى الإجماع على أنها مكية
... من نص على أنها مكية

ترتيب نزول سورة المدثر
أسباب نزول سورة المدثر


شيماء رأفت 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م 03:57 PM

هل سورة المدثر مكية أو مدنية؟

من حكى الإجماع على أنها مكية:

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (وهي مكية بإجماع من أهل التأويل). [المحرر الوجيز: 29/450]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (وهي مكية بإجماعهم). [زاد المسير: 8/398]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وهي مكّيّةٌ بلا خلافٍ). [فتح القدير: 5/429]م
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (مكية اتفاقًا). [القول الوجيز: 330]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ):
(وهي مكّيّةٌ حكى الاتّفاق على ذلك ابن عطيّة والقرطبيّ، ولم يذكرها في "الإتقان" في السّور الّتي بعضها مدنيٌّ
). [التحرير والتنوير: 29/291-292]م

من نص على أنها مكية:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (مكّيّة). [معاني القرآن: 5/245]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320هـ): (مكية). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 63]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410هـ): (نزلت بمكّة). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 189]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبيُّ (ت: 427هـ):
(مكّية).
[الكشف والبيان: 10/67]

قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (مكية ). [البيان: 258]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (مكية). [الوسيط: 4/379]
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (مكّيّةٌ). [معالم التنزيل: 8/263]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (مكية). [الكشاف: 6/251]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ( وهي مكية). [علل الوقوف: 3/1060]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (وقال مقاتل: (فيها من المدني آية وهي قوله تعالى: {وما جعلنا عدتهم إلا فتنة} [المدثر: 31])). [زاد المسير: 8/398]
قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ البَيْضَاوِيُّ (ت: 691هـ): (مكية). [أنوار التنزيل: 5/259]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (مكية). [التسهيل: 2/427]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وهي مكّيّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/261]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وهي مكّيّة). [عمدة القاري: 19/380]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (مكية). [الدر المنثور: 15/61]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (أَخْرَج ابن الضريس، وَابن مردويه والنحاس والبيهقي عن ابن عباس قال: (نزلت سورة المدثر بمكة).
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله). [الدر المنثور: 15/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (مكية). [لباب النقول: 249]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (مكية). [لباب النقول: 279]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ)
: (مكية). [إرشاد الساري: 7/402]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (مكية). [منار الهدى: 408]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ):
(
وهي مكّيّةٌ بلا خلافٍ.

وأخرج ابن الضّريس والنّحّاس وابن مردويه والبيهقيّ عن ابن عبّاسٍ قال: (نزلت سورة المدّثّر بمكّة)). [فتح القدير: 5/429]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وهي مكّيّةٌ حكى الاتّفاق على ذلك ابن عطيّة والقرطبيّ، ولم يذكرها في "الإتقان" في السّور الّتي بعضها مدنيٌّ.
وذكر الألوسيّ أنّ صاحب "التّحرير" (محمّد بن النّقيب المقدسيّ المتوفّى سنة 698 له تفسيرٌ) ذكر قول مقاتلٍ (أو قوله تعالى: {وما جعلنا عدّتهم إلّا فتنةً} [المدثر: 31]) إلخ نزل بالمدينة اهـ. ولم نقف على سنده في ذلك ولا رأينا ذلك لغيره وسيأتي.
قيل: إنّها ثانية السّور نزولًا وإنّها لم ينزل قبلها إلّا سورة {اقرأ باسم ربّك} [العلق: 1] وهو الّذي جاء في حديث عائشة في "الصّحيحين" في صفة بدء الوحي (أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم جاءه الحقّ وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} إلى {ما لم يعلم} [العلق: 1- 5] -ثمّ قالت:- ثمّ فتر الوحي).
فلم تذكر نزول وحيٍ بعد آيات {اقرأ باسم ربّك}.
وكذلك حديث جابر بن عبد اللّه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن من طرقٍ كثيرةٍ وبألفاظٍ يزيد بعضها على بعضٍ.
وحاصل ما يجتمع من طرقه: قال جابر بن عبد اللّه وهو يحدّث عن فترة الوحي فقال في حديثه: (إنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السّماء فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر شيئًا فرفعت رأسي فإذا الملك الّذي جاءني بحراء جالسٌ على كرسيٍّ بين السّماء والأرض فجئت منه رعبًا فأتيت خديجة فقلت: دثّروني فدثّروني)) -زاد غير ابن شهابٍ من روايته- ((وصبّوا عليّ ماءً باردًا فدثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردًا)) -قال النّوويّ: صبّ الماء لتسكين الفزع-
فأنزل اللّه {يا أيّها المدّثّر} إلى {والرّجز فاهجر} [المدثر: 1- 5] ثمّ حمي الوحي وتتابع) اهـ). [التحرير والتنوير: 29/291-292]


شيماء رأفت 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م 04:02 PM

ترتيب نزول سورة المدثر

قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410هـ): (وهي على قول جابر بن عبد الله الأنصاريّ أول القرآن نزولا). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 189]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): ( [نزلت بعد المزمل]). [الكشاف: 6/251]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (وقيل: هي أوّل سورة نزلت). [الكشاف: 6/251]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (نزلت بعد المزمّل). [التسهيل: 2/427]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (وقيل: إن هذه أول سورة نزلت من القرآن: والصحيح أن سورة اقرأ نزلت قبلها). [التسهيل: 2/427]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وأخرج ابن مردويه عن ابن الزّبير مثله.
وسيأتي أنّ أوّل هذه السّورة أوّل ما نزل من القرآن). [فتح القدير: 5/429]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (ونزلت بعد سورة (المزمل) ونزلت بعدها سورة (تبت يدا) ). [القول الوجيز: 330]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ):
(ووقع في "صحيح مسلمٍ" عن جابرٍ: (أنّها أوّل القرآن، سورة المدّثّر) وهو الّذي يقول في حديثه: (أنّ رسول اللّه يحدّث عن فترة الوحي) وإنّما تقع الفترة بين شيئين فتقتضي وحيًا نزل قبل سورة المدّثّر وهو ما بيّن في حديث عائشة.

وقد تقدّم في صدر سورة المزّمّل قول جابر بن زيدٍ: (أنّ سورة القلم نزلت بعد سورة العلق وأنّ سورة المزّمّل ثالثةٌ وأنّ سورة المدثر أربعة).
وقال جابر بن زيدٍ: (نزلت بعد المدّثّر سورة الفاتحة). ولا شكّ أنّ سورة المدّثّر نزلت قبل المزّمّل وأنّ عناد المشركين كان قد تزايد بعد نزول سورة المدّثّر فكان التّعرّض لهم في سورة المزّمّل أوسع.
وقد وقع في حديث جابر بن عبد اللّه في "صحيح البخاريّ" و"جامع التّرمذيّ" من طريق ابن شهابٍ أنّ نزول هذه السّورة كان قبل أن تفرض الصّلاة.
والصّلاة فرضت بعد فترة الوحي سواء كانت خمسا أو أقلّ وسواءٌ كانت واجبةً كما هو ظاهر قولهم: فرضت، أم كانت مفروضةً بمعنى مشروعةٍ وفترة الوحي مختلفٌ في مدّتها اختلافًا كثيرًا.
فقيل: كانت سنتين ونصفًا.
وقيل: أربعين يومًا.
وقيل: خمسة عشر يومًا، والأصحّ أنّها كانت أربعين يومًا.
فيظهر أنّ المدّثّر نزلت في السّنة الأولى من البعثة وأنّ الصّلاة فرضت عقب ذلك كما يشعر به ترتيب ابن إسحاق في سوق حوادث سيرته). [التحرير والتنوير: 29/292-293]

شيماء رأفت 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م 04:04 PM

أسباب نزول سورة المدثر


قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا يحيى، حدّثنا وكيعٌ، عن عليّ بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، سألت أبا سلمة بن عبد الرّحمن عن أوّل ما نزل من القرآن، قال: {يا أيّها المدّثّر} [المدثر: 1] قلت: يقولون: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} [العلق: 1] فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما عن ذلك، وقلت له مثل الّذي قلت: فقال جابرٌ: لا أحدّثك إلّا ما حدّثنا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، قال: " جاورت بحراءٍ، فلمّا قضيت جواري هبطت فنوديت، فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئًا، ونظرت أمامي فلم أر شيئًا، ونظرت خلفي فلم أر شيئًا، فرفعت رأسي فرأيت شيئًا، فأتيت خديجة فقلت: دثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردًا، قال: فدثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردًا، قال: فنزلت: {يا أيّها المدّثّر (1) قم فأنذر (2) وربّك فكبّر} [المدثر: 2] "). [صحيح البخاري: 6 / 161-162]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله حدثني يحيى هو بن موسى البلخي أو ابن جعفرٍ قوله عن عليّ بن المبارك هو الهنائيّ بضمٍّ ثمّ نونٍ خفيفةٍ ومدٍّ بصريٌّ ثقةٌ مشهورٌ ما بينه وبين عبد اللّه بن المبارك المشهور قرابة). [فتح الباري: 8 / 676]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا يحيى حدّثنا وكيعٌ عن عليّ بن المبارك عن يحيى بن أبي كثيرٍ سألت أبا سلمة بن عبد الرّحمان عن أوّل ما نزل من القرآن يا أيّها المدّثّر قلت يقولون اقرأ باسم ربّك الّذي خلق فقال أبو سلمة سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن ذالك وقلت له مثل الّذي قلت فقال جابرٌ لا أحدّثك إلاّ ما حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاورت بحراء فلمّا قضيت جواري هبطت فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ونظرت أمامي فلم أر شيئا ونظرت خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فرأيت شيئا فأتيت خديجة فقلت دثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردا فدثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردا قال فنزلت: {يا أيّها المدّثّر (1) قم فأنذر (2) وربّك فكبّر} .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وفيه بيان سبب النّزول. ويحيى هو ابن موسى البلخي أو يحيى بن جعفر، وقد مضى جزء منه في أول الكتاب في بدء الوحي، قال ابن شهاب: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرّحمن أن جابر بن عبد الله الحديث.
قوله: (جاورت بحراء)، أي: اعتكفت بها، وهو بكسر الحاء وتخفيف الرّاء وبالمد منصرفا على الأشهر، حبل على يسار السائر من مكّة إلى منى. قوله: (جواري)، بكسر الجيم أي: مجاورتي. أي: اعتكافي. قوله: (فرأيت شيئا)، يحتمل أن يكون المراد به، رأيت جبريل، عليه الصّلاة والسّلام، وقد قال: {اقرأ باسم ربك} (اقرأ: 1) فخفت من ذلك ثمّ أتيت خديجة، رضي الله تعالى عنها، فقلت: دثروني أي: غطوني فنزلت: {يا أيها المدثر} (المدثر: 1) والجمهور على أن أول ما نزل هو {اقرأ باسم ربك} وفي هذا الحديث استخرج جابر ذلك عن الحديث باجتهاده، وظنه فلا يعارض الحديث الصّحيح المذكور في أول الكتاب الصّريح بأنّه اقرأ أو تقول إن لفظ: أول من الأمور النسبية، فالمدثر يصدق عليه أنه أول ما نزل بالنّسبة إلى ما نزل بعده). [عمدة القاري: 19 / 265-266]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب
- حدّثنا يحيى، حدّثنا وكيعٌ عن عليّ بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، سألت أبا سلمة بن عبد الرّحمن عن أوّل ما نزل من القرآن قال: {يا أيّها المدّثّر} [المدثر: 1] قلت: يقولون: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} [العلق: 1] فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما، عن ذلك وقلت له مثل الّذي قلت، فقال جابرٌ: لا أحدّثك إلاّ ما حدّثنا رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «جاورت بحراءٍ، فلمّا قضيت جواري هبطت، فنوديت، فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئًا، ونظرت أمامي فلم أر شيئًا، ونظرت خلفي فلم أر شيئًا، فرفعت رأسي فرأيت شيئًا. فأتيت خديجة فقلت: دثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردًا، قال: فدثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردًا، فنزلت: {يا أيّها المدّثّر (1) قم فأنذر (2) وربّك فكبّر} [المدثر: 1 - 3]».
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (يحيى) هو ابن موسى البلخي أو ابن جعفر قال: (حدّثنا وكيع) هو ابن الجراح (عن علي بن المبارك) الهنائي بضم الهاء وبالنون الخفيفة (عن يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة أنه قال: (سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (عن أول ما نزل من القرآن؟ قال: {يا أيها المدّثر} قلت: يقولون: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما- عن ذلك وقلت له مثل الذي قلت، فقال جابر: لا أحدّثك إلا ما حدّثنا رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال): (جاورت) أي اعتكفت (بحراء) بالصرف (فلما قضيت جواري) بكسر الجيم أي اعتكافي (هبطت) من الجبل الذي فيه الغار (فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا ونظرت أمامي فلم أر شيئًا ونظرت خلفي فلم أر شيئًا فرفعت رأسي فرأيت شيئًا) وفي باب كيف كان بدء الوحي فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه (فأتيت خديجة فقلت دثروني) أي غطوني (وصبوا علي ماءً باردًا قال: فدثروني وصبوا عليّ ماءً باردًا) قال: (فنزلت: {يا أيّها المدّثّر (1) قم فأنذر (2) وربّك فكبّر}) [المدثر: 1 - 3] وليس في هذا الحديث أن أول ما نزل: {يا أيها المدثر} وإنما استخرج ذلك جابر باجتهاده وظنه لا يعارض الحديث الصحيح الصريح السابق أول هذا الجامع أنه {اقرأ}). [إرشاد الساري: 7 / 403]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (يا أيها المدثر) أي: فإنها أول ما نزل حين تتابع الوحي وحمي، والذين كانوا يقولون هو: {اقرأ} ذكروا ذلك بناء على أنها الأول مطلقاً، ويحتمل أن بعض الناس ظنّ {اقرأ} أول سورة حين تتابع الوحي بناء على ظن نزولها مرتين مثلاً، فهذا رد عليهم، والله تعالى أعلم اهـ سندي). [حاشية السندي على البخاري: 3 / 77]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {قم فأنذر} [المدثر: 2]
- حدّثني محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، وغيره، قالا: حدّثنا حرب بن شدّادٍ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «جاورت بحراءٍ» مثل حديث عثمان بن عمر، عن عليّ بن المبارك). [صحيح البخاري: 6 / 162]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله حدّثني محمّد بن بشّارٍ حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ وغيره هو أبو داود الطّيالسيّ أخرجه أبو نعيمٍ في المستخرج من طريق أبي عروبة حدّثنا محمّد بن بشّارٍ حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ وأبو داود قالا حدّثنا حرب بن شدّادٍ به قوله عن أبي سلمة كذا قال أكثر الرّواة عن يحيى بن أبي كثيرٍ عن أبي سلمة وقال شيبان بن عبد الرّحمن عن يحيى عن إبراهيم بن عبد اللّه بن قارظٍ عن جابرٍ أخرجه النّسائيّ من طريق آدم بن أبي إياسٍ عن شيبان وهكذا ذكره البخاريّ في التّاريخ عن آدم ورواه سعد بن حفصٍ عن شيبان كرواية الجماعة وهو المحفوظ قوله مثل حديث عثمان بن عمر عن عليّ بن المبارك لم يخرّج البخاريّ رواية عثمان بن عمر الّتي أحال رواية حرب بن شدّادٍ عليها وهي عند محمّد بن بشّارٍ شيخ البخاريّ فيه أخرجه أبو عروبة في كتاب الأوائل قال حدّثنا محمّد بن بشّارٍ حدّثنا عثمان بن عمر أنبأنا عليّ بن المبارك وهكذا أخرجه مسلمٌ والحسن بن سفيان جميعًا عن أبي موسى محمّد بن المثنّى عن عثمان بن عمر). [فتح الباري: 8 / 677]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
- ثنا محمّد بن بشار ثنا عبد الرّحمن بن مهدي وغيره قالا ثنا حرب بن شدّاد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سملة عن جابر بن عبد الله رضي اللّه عنهما عن النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال جاورت بحراء مثل حديث عثمان بن عمر عن علّي بن المبارك انتهى
لم يخرج البخاريّ حديث عثمان بن عمر الّذي أحال عليه وكنى عن بعض الرواة في الإسناد وهو أبو داود الطّيالسيّ). [تغليق التعليق: 4 / 353]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا محمّد بن بشّارٍ حدّثنا عبد الرّحمان بن مهديٍ وغيره قالا حدّثنا حرب بن شدّادٍ عن يحيى بن أبي كثيرٍ عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال جاورت بحراء مثل حديث عثمان بن عمر عن عليّ بن المبارك.
هذا طريق آخر في حديث جابر، رضي الله تعالى عنه، أخرجه عن محمّد بن بشار بالشين المعجمة.
قوله: (وغيره)، يشبه أن يكون أراد به أبا داود فإن أبا نعيم الأصبهانيّ رواه عن أبي إسحاق بن حمزة حدثنا أبو عوانة حدثنا محمّد بن بشار حدثنا عبد الرّحمن بن مهدي وأبو داود قالا: حدثنا حرب فذكره. قوله: (مثل حديث عثمان ابن عمر)، أحال رواية حرب بن شدّاد على رواية عثمان بن عمر ولم يخرج هو رواية عثمان بن عمر، وهي عند محمّد بن بشار شيخ البخاريّ فيه أخرجه أب عروبة في كتاب (الأوائل) قال: حدثنا محمّد بن بشار حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا عليّ بن المبارك، وهكذا أخرجه مسلم عن ابن مثنى عن عثمان بن عمر عن عليّ بن المبارك). [عمدة القاري: 19 / 266]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثني محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ وغيره قالا: حدّثنا حرب بن شدّادٍ عن يحيى بن أبي كثيرٍ عن أبي سلمة عن جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما، عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «جاورت بحراءٍ» مثل حديث عثمان بن عمر عن عليّ بن المبارك. {وربّك فكبّر}.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (محمد بن بشار) بالموحدة والشين المعجمة العبدي البصري بندار قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي) العنبري مولاهم (وغيره) هو أبو داود
الطيالسي كما في مستخرج أبي نعيم (قالا: حدّثنا حرب بن شداد) بالشين المعجمة وتشديد الدال المهملة وحرب بفتح الحاء المهملة وسكون الراء آخره موحدة (عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن جابر بن عبد الله) وسقط ابن عبد الله لأبي ذر (-رضي الله عنهما- عن النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال): (جاورت بحراء مثل حديث عثمان بن عمر) البصري (عن علي بن المبارك) ولم يخرج المؤلّف رواية عثمان المذكور التي أحال عليها وهي عند محمد بن بشار شيخ المؤلّف فيه أخرجه أبو عروبة في كتاب الأوائل قال: حدّثنا محمد بن بشار، حدّثنا عثمان بن عمر، أنبأنا على بن المبارك قاله في فتح الباري). [إرشاد الساري: 7 / 403]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {وربّك فكبّر} [المدثر: 3]
- حدّثنا إسحاق بن منصورٍ، حدّثنا عبد الصّمد، حدّثنا حربٌ، حدّثنا يحيى، قال: سألت أبا سلمة: أيّ القرآن أنزل أوّل؟ فقال: {يا أيّها المدّثّر} [المدثر: 1]، فقلت: أنبئت أنّه: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} [العلق: 1]، فقال أبو سلمة سألت جابر بن عبد اللّه أيّ القرآن أنزل أوّل؟ فقال: {يا أيّها المدّثّر} [المدثر: 1] فقلت: أنبئت أنّه: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} [العلق: 1]، فقال: لا أخبرك إلّا بما قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " جاورت في حراءٍ، فلمّا قضيت جواري هبطت، فاستبطنت الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي، وعن يميني وعن شمالي، فإذا هو جالسٌ على كرسيٍّ بين السّماء والأرض، فأتيت خديجة فقلت: دثّروني، وصبّوا عليّ ماءً باردًا، وأنزل عليّ: {يا أيّها المدّثّر (1) قم فأنذر (2) وربّك فكبّر} [المدثر: 2] "). [صحيح البخاري: 6 / 162]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله وربك فكبر)
ذكر فيه حديث جابرٍ المذكور من طريق حرب بن شدّادٍ أيضًا عن يحيى بن أبي كثيرٍ
- قوله سألت أبا سلمة أي بن عبد الرّحمن بن عوفٍ قوله فقلت أنبئت أنه قرأ باسم ربك في رواية أبي داود الطّيالسيّ عن حربٍ قلت إنّه بلغني أنّه أوّل ما نزل اقرأ باسم ربّك ولم يبيّن يحيى بن أبي كثيرٍ من أنبأه بذلك ولعلّه يريد عروة بن الزّبير كما لم يبيّن أبو سلمة من أنبأه بذلك ولعلّه يريد عائشة فإنّ الحديث مشهورٌ عن عروة عن عائشة كما تقدّم في بدء الوحي من طريق الزّهريّ عنه مطوّلًا وتقدّم هناك أنّ رواية الزّهريّ عن أبي سلمة عن جابرٍ تدلّ على أنّ المراد بالأوّليّة في قوله أوّل ما نزل سورة المدّثّر أوّليّةٌ مخصوصةٌ بما بعد فترة الوحي أو مخصوصةٌ بالأمر بالإنذار لا أنّ المراد أنّها أوّليّةٌ مطلقةٌ فكأنّ من قال أوّل ما نزل اقرأ أراد أوّليّةً مطلقةً ومن قال إنّها المدّثّر أراد بقيد التّصريح بالإرسال قال الكرمانيّ استخرج جابرٌ أول ما نزل يا أيها المدثر باجتهادٍ وليس هو من روايته والصّحيح ما وقع في حديث عائشة ويحتمل أن يكون قوله في هذه الرّواية فرأيت شيئًا أي جبريل بحراء فقال لي اقرأ فخفت فأتيت خديجة فقلت دثّروني فنزلت يا أيّها المدثر قلت ويحتمل أن تكون الأوّليّة في نزول يا أيها المدثر بقيد السّبب أي هي أوّل ما نزل من القرآن بسببٍ متقدّمٍ وهو ما وقع من التّدثّر النّاشئ عن الرّعب وأمّا اقرأ فنزلت ابتداءً بغير سببٍ متقدّمٍ ولا يخفى بعد هذا الاحتمال وفي أوّل سورةٍ نزلت قول آخر نقل عن عطاء الخرساني قال المزّمّل نزلت قبل المدّثّر وعطاءٌ ضعيفٌ وروايته معضلةٌ لأنّه لم يثبت لقاؤه لصحابيٍّ معيّنٍ وظاهر الأحاديث الصّحيحة تأخّر المزّمّل لأنّ فيها ذكر قيام اللّيل وغير ذلك ممّا تراخى عن ابتداء نزول الوحي بخلاف المدّثّر فإنّ فيها قم فأنذر وعن مجاهدٍ أوّل سورةٍ نزلت ن والقلم وأوّل سورةٍ نزلت بعد الهجرة ويلٌ للمطفّفين والمشكل من رواية يحيى بن أبي كثيرٍ قوله جاورت بحراء شهرًا فلمّا قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي فنوديت إلى أن قال فرفعت رأسي فإذا هو على العرش في الهواء يعني جبريل فأتيت خديجة فقلت دثّروني ويزيل الإشكال أحد أمرين إمّا أن يكون سقط على يحيى بن أبي كثيرٍ وشيخه من القصّة مجيء جبريل بحراء باقرأ باسم ربّك وسائر ما ذكرته عائشة وإمّا أن يكون جاور صلّى اللّه عليه وسلّم بحراء شهرًا آخر فقد تقدّم أنّ في مرسل عبيد بن عميرٍ عند البيهقيّ أنّه كان يجاور في كلّ سنةٍ شهرًا وهو رمضان وكان ذلك في مدّة فترة الوحي فعاد إليه جبريل بعد انقضاء جواره قوله فجئثت يأتي ضبطه في سورة اقرأ أن شاء الله تعالى). [فتح الباري: 8 / 678]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقد أخبرنا عبد الله بن محمّد بن أحمد بن عبيدالله عن عبد الله بن الحسين عن إسماعيل بن أحمد أن الحافظ أبا موسى المدينيّ كتب إليهم أنا أبو علّي الحداد أنا أبو نعيم ثنا أبو إسحاق بن حمزة ثنا أبو عروبة ثنا محمّد بن بشار ثنا عبد الرّحمن بن مهدي وأبو داود قالا ثنا حرب ثنا يحيى وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد عن سليمان بن حمزة أن الضياء أخبرهم أنا المؤيد بن عبد الرّحيم أنا أبو نصر محمّد بن حمد أنا أبو مسلم محمّد بن علّي النّحويّ أنا أبو بكر ابن المقرئ أنا أبو عروبة في كتاب الأوائل ثنا ابن بشار ثنا عثمان بن عمر ح وقرأت عاليا على عبد الله بن عمر أخبركم أحمد بن علّي بن أيّوب أنا عبد اللّطيف بن عبد المنعم أنا عبد الرّحمن بن أحمد العمريّ وغيره أنا هبة الله بن محمّد أنا محمّد بن محمّد أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن إبراهيم البزّار ثنا محمّد ابن يونس ثنا عثمان بن عمر بن فارس أنا علّي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال سألت جابر بن عبد الله قال لا أحدثك إلّا ما حدثنا رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال جاورت بحراء فلمّا قضيت جواري هبطت فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا فنظرت عن يساري فلم أر شيئا فنظرت من خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فرأيت شيئا بين السّماء والأرض فأتيت خديجة فقلت دثروني وصبّوا علّي ماء باردًا فنزلت يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر
أخرجه مسلم في صحيحه والحسن بن سفيان في مسنده عن محمّد بن المثنى عن عثمان بن عمر به
ورواه ابن مردويه في تفسيره عن محمّد بن عبد الله بن إبراهيم عن محمّد بن يونس ومحمّد بن يونس هذا هو الكديمي أخرجناه شاهدا لمحل العلوّ وليس من شرط هذا الكتاب والعمدة على أبي موسى وبندار والله الموفق). [تغليق التعليق: 4 / 353-354]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا إسحاق بن منصورٍ حدّثنا عبد الصّمد حدّثنا حرب حدّثنا يحيى قال سألت أبا سلمة أيّ القرآن أنزل أوّل افقال: {يا أيّها المدثّر} فقلت أنبئت أنّه {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} فقال أبو سلمة سألت جابر بن عبد الله أيّ القرآن أنزل أوّل فقال: {يا أيّها المدّثّر} فقلت أنبئت أنّه {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} فقال لا أخبرك إلاّ بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاورت في حراءٍ فلمّا قضيت جواري هبطت فاستبطنت الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فإذا هو جالسٌ على عرشٍ بين السّماء والأرض فأتيت خديجة فقلت دثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردا وأنزل عليّ: {يا أيّها المدّثّر (1) قم فانذر (2) وربّك فكبّر} (المدثر: 1، 3) .
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج أبي يعقوب المروزي عن عبد الصّمد ابن عبد الوارث البصريّ عن حرب بن شدّاد عن يحيى بن أبي كثير.
قوله: (أول)، قوله: (أنبئت) على صيغة المجهول. أي: أخبرت. وفي رواية أبي داود الطّيالسيّ عن حرب. قلت: إنّه بلغني أن أول ما نزل اقرأ ولم يبين يحيى بن أبي كثير من أنبأه بذلك ولعلّه يريد عروة بن الزبير، كما لم يبين أبو سلمة من أنبأه بذلك، ولعلّه يريد عائشة فإن الحديث مشهور عن عروة عن عائشة. رضي الله تعالى عنها، كما تقدم في بدء الوحي من طريق الزّهريّ عنه مطولا. قوله: (فاستبطنت)، أي: وصلت بطن الوادي. قوله: (على عرش) ويروى: على كرسي). [عمدة القاري: 19 / 266-267]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا إسحاق بن منصورٍ، حدّثنا عبد الصّمد حدّثنا حربٌ، حدّثنا يحيى قال سألت أبا سلمة أيّ القرآن أنزل أوّل؟ فقال: {يا أيّها المدّثّر} فقلت أنبئت أنّه {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد اللّه أيّ القرآن أنزل أوّل؟ فقال: {يا أيّها المدّثّر} فقلت: أنبئت أنّه {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} [العلق: 1] فقال: لا أخبرك إلاّ بما قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «جاورت في حراءٍ، فلمّا قضيت جواري هبطت فاستبطنت الوادي، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي، فإذا هو جالسٌ على عرشٍ بين السّماء والأرض. فأتيت خديجة فقلت دثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردًا. وأنزل عليّ: {يا أيّها المدّثّر (1) قم فأنذر (2) وربّك فكبّر}» [المدثر: 1 - 3].
وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن منصور) أبو يعقوب المروزي قال: (حدّثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث البصري قال: (حدّثنا حرب) هو ابن شداد قال: (حدّثنا يحيى) هو ابن أبي كثير (قال: سألت أبا سلمة) بن عبد الرحمن (أيّ القرآن أنزل أول؟ فقال: {يا أيها المدثر} فقلت أنبئت) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول أي أخبرت أنه ({اقرأ باسم ربك الذي خلق} فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله) الأنصاري (أي القرآن أنزل أول؟ فقال: {يا أيها المدثر} فقلت: أنبئت أنه {اقرأ باسم ربك الذي خلق}) سقط قوله الذي خلق لغير أبي ذر (فقال) جابر: (لا أخبرك إلا بما قال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-. قال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-): (جاورت) في غار (حراء) بالصرف (فلما قضيت جواري هبطت فاستبطنت) أي وصلت إلى بطن (الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فإذا هو) يعني الملك (جالس على العرش) ولأبي ذر على كرسي بدل عرش (بين السماء والأرض فأتيت خديجة فقلت دثروني وصبوا عليّ ماءً باردًا وأنزل عليّ) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ({يا أيّها المدّثّر (1) قم فأنذر (2) وربّك فكبّر}) والظاهر أن الذي أنبأ يحيى بن أبي كثير عروة بن الزبير والذي أنبأ أبا سلمة عائشة فإن الحديث مشهور عن عروة عن عائشة، ويحتمل أن يكون مراده بأوّلية المدثر أولية مخصوصة بما بعد فترة الوحي أو مقيدة بالإنذار لا أوّلية مطلقة). [إرشاد الساري: 7 / 403-404]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {وثيابك فطهّر} [المدثر: 4]
- حدّثنا يحيى بن بكيرٍ، حدّثنا اللّيث، عن عقيلٍ، عن ابن شهابٍ، ح وحدّثني عبد اللّه بن محمّدٍ، حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمرٌ، قال الزّهريّ: فأخبرني أبو سلمة بن عبد الرّحمن، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يحدّث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: " فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السّماء فرفعت رأسي، فإذا الملك الّذي جاءني بحراءٍ جالسٌ على كرسيٍّ بين السّماء والأرض، فجئثت منه رعبًا، فرجعت فقلت: زمّلوني زمّلوني، فدثّروني، فأنزل اللّه تعالى: {يا أيّها المدّثّر} [المدثر: 1] إلى (والرّجز فاهجر) قبل أن تفرض الصّلاة وهي الأوثان). [صحيح البخاري: 6 / 162]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله وثيابك فطهر)
- ذكر فيه حديث جابرٍ المذكور لكن من رواية الزّهريّ عن أبي سلمة وأورده بإسنادين من طريق عقيلٍ ومعمرٍ وساقه على لفظ معمرٍ وساق لفظ عقيلٍ في الباب الّذي يليه ووقع في آخر الحديث وثيابك فطهّر والرجز فاهجر قبل أن تفرض الصّلاة وكأنّه أشار بقوله قبل أن تفرض الصّلاة إلى أنّ تطهير الثّياب كان مأمورًا به قبل أن تفرض الصّلاة وأخرج بن المنذر من طريق محمّد بن سيرين قال اغسلها بالماء وعلى هذا حمله بن عبّاس فيما أخرجه بن أبي حاتمٍ وأخرج من وجهٍ آخر عنه قال فطهّر من الإثم ومن طريقٍ عن قتادة والشّعبيّ وغيرهما نحوه ومن وجهٍ ثالثٍ عن بن عبّاسٍ قال لا تلبسها على غدرةٍ ولا فجرةٍ ومن طريق طاوسٍ قال شمّر ومن طريق منصورٍ قال وعن مجاهدٍ مثله قال أصلح عملك وأخرجه سعيد بن منصورٍ أيضًا من طريق منصور عن مجاهد وأخرجه بن أبي شيبة من طريق منصورٍ عن أبي رزين مثله وأخرج بن المنذر من طريق الحسن قال خلقك فحسّنه وقال الشّافعيّ رحمه اللّه قيل في قوله وثيابك فطهر صلّ في ثيابٍ طاهرةٍ وقيل غير ذلك والأول أشبه انتهى ويؤيّده ما أخرج بن المنذر في سبب نزولها من طريق زيد بن مرثدٍ قال ألقي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سلى جزورٌ فنزلت ويجوز أن يكون المراد جميع ذلك). [فتح الباري: 8 / 679]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا يحيى بن بكيرٍ حدّثنا اللّيث عن عقيلٍ عن ابن شهابٍ ح وحدّثني عبد الله بن محمّدٍ حدّثنا عبد الرّزّاق أخبرنا معمرٌ عن الزّهريّ قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرّحمان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يحدّث عن فترة الوحي فقال في حديثه فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السّماء فرفعت رأسي فإذا الملك الّذي جاءني بحراءٍ جالسٌ على كرسيّ بين السّماء والأرض فجثثت منه رعبا فرجعت فقلت زمّلوني زمّلوني فدثّروني فأنزل الله تعالى: {يا أيتّها المدّثّر} إلى {والرّجز فاهجر} (المدثر: 1، 5) قبل أن تفرض الصلاة وهي الأوثان..
هذا أيضا حديث جابر المذكور ولكن رواه من رواية الزّهريّ عن أبي سلمة وذكره من طريقين: أحدهما: عن يحيى بن بكير هو يحيى بن عبد الله بن بكير المصريّ عن اللّيث بن سعد عن عقيل، بضم العين ابن خالد عن محمّد بن مسلم بن شهاب الزّهريّ. والآخر: عن عبد الله بن محمّد المسندي عن عبد الرّزّاق الخ.
قوله: (وهو يحدث عن فترة الوحي)، الواو فيه للحال وهذا مشعر بأنّه كان قبل نزول: {يا أيها المدثر} (المدثر: 1) وحي وليس ذلك إلاّ سورة اقرأ على الصّحيح. قوله: قوله: {على كرسي} وفي الحديث الّذي مضى على عرش ولا تفاوت بينهما بحسب المقصود. وهو ما يجلس عليه وقت العظمة {فجثت} على صيغة المجهول من الجأث، بالجيم والهمزة والثاء المثلّثة، وهو الفزع والرعب والخوف، وقال الكرماني: وفي بعضها: فجثثت بالمثلثتين من الجث وهو القلع والرعب. قوله: (قيل أن تفرض الصّلاة) غرضه أن تطهير الثّياب كان واجبا قبل الصّلاة قوله: (وهي) أي: الرجز هي الأوثان، وإنّما أنث باعتبار أن الخبر جمع وإنّما فسر بالجمع نظر إلى الجنس). [عمدة القاري: 19 / 267]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا يحيى بن بكيرٍ، حدّثنا اللّيث عن عقيلٍ عن ابن شهابٍ، وحدّثني عبد اللّه بن محمّدٍ، حدّثنا عبد الرّزّاق أخبرنا معمرٌ عن الزّهريّ، فأخبرني أبو سلمة بن عبد الرّحمن عن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- وهو يحدّث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: «فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السّماء، فرفعت رأسي فإذا الملك الّذي جاءني بحراءٍ جالسٌ على كرسيٍّ بين السّماء والأرض، فجثثت منه رعبًا، فرجعت فقلت زمّلوني زمّلوني فدثّروني. فأنزل اللّه تعالى: {يا أيّها المدّثّر} -إلى- {والرّجز فاهجر} [المدثر: 1 - 5] قبل أن تفرض الصّلاة وهي الأوثان».
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المصري قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين مصغرًا ابن خالد (عن ابن شهاب) الزهري قال المصنف: (وحدّثني) بالإفراد وفي بعض النسخ ح لتحويل السند. وحدّثني بالإفراد أيضًا (عبد الله بن محمد) المسندي قال (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن الزهري فأخبرني) بالإفراد. ولأبي ذر قال الزهري: قال أخبرني بالإفراد وفي غير اليونينية قال الزهري فأخبرني (أبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري -رضي الله عنهما- أنه (قال: سمعت النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- وهو يحدّث عن فترة الوحي) أي في حال التحديث عن احتباس الوحي عن النزول (فقال في حديثه): (فبينا) بغير ميم (أنا أمشي) جواب بينا قوله (إذ سمعت صوتًا من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء) هو جبريل (جالس على كرسي بين السماء والأرض فجثثت) بجيم مفتوحة في الفرع كأصله مضمومة في غيرهما فهمزة مكسورة فمثلثة ساكنة ففوقية فزعت (منه رعبًا) أي خوفًا ولأبي ذر: فجثثت بمثلثتين ففوقية من غير همزة قاله الكرماني. من الجث وهو القطع (فرجعت) إلى خديجة (فقلت زملوني زملوني) مرتين (فدثروني) غطّوني (فأنزل الله تعالى) ولأبي ذر عز وجل ({يا أيها المدثر} -إلى-) قوله: ({والرجز فاهجر} قبل أن تفرض الصلاة) فيه إشعار بأن الأمر بتطهير الثياب كان قبل فرض الصلاة (و) الرجز (هي الأوثان) وأنّث الضمير في قوله وهي باعتبار أن الخبر جمع وفسر بالجمع نظرًا إلى الجنس قاله الكرماني). [إرشاد الساري: 7 / 404]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، حدّثنا اللّيث، عن عقيلٍ، قال ابن شهابٍ: سمعت أبا سلمة، قال: أخبرني جابر بن عبد اللّه، أنّه سمع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يحدّث عن فترة الوحي " فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السّماء، فرفعت بصري قبل السّماء، فإذا الملك الّذي جاءني بحراءٍ قاعدٌ على كرسيٍّ بين السّماء والأرض، فجئثت منه حتّى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت: زمّلوني زمّلوني فزمّلوني، فأنزل اللّه تعالى: {يا أيّها المدّثّر (1) قم فأنذر} [المدثر: 2] إلى قوله {فاهجر} [المدثر: 5]- قال أبو سلمة: والرّجز الأوثان - ثمّ حمي الوحي وتتابع "). [صحيح البخاري: 6 / 162-163]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا عبد الله بن يوسف حدّثنا اللّيث عن عقيلٍ قال ابن شهابٍ سمعت أبا سلمة قال أخبرني جابر بن عبد الله أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّث عن فترة الوحي فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السّماء فرفعت بصري قبل السّماء فإذا الملك الّذي جاءني بحراءٍ قاعدٌ على كرسيٍّ بين السّماء والأرضي فجثثت منه حتّى هويت إلى الأرض فجئت أهلي فقلت زمّلوني زمّلوني فزملوني فأنزل الله تعالى: {يا أيّها المدّثّر} إلى: {فاهجر} (المدثر: 1) . قال أبو سلمة والرّجز الأوثان ثمّ حمي الوحي وتتابع.
مطابقته للتّرجمة في قوله: (فاهجر) وهذا أيضا طريق آخر في حديث جابر. قوله: (فبينا) أصله: بين أشبعت فتحة النّون بالألف وهو ظرف يضاف إلى الجملة ويحتاج إلى جواب وجوابه قوله: (إذا سمعت) قوله: (حتّى هويت) أي: حتّى سقطت). [عمدة القاري: 19 / 267-268]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، حدّثنا اللّيث عن عقيلٍ قال ابن شهابٍ، سمعت أبا سلمة قال: أخبرني جابر بن عبد اللّه: أنّه سمع رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- يحدّث عن فترة الوحي، فبينا أنا أمشي، سمعت صوتًا من السّماء، فرفعت بصري قبل السّماء فإذا الملك الّذي جاءني بحراءٍ قاعدٌ على كرسيٍّ بين السّماء والأرض فجئثت منه حتّى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت: زمّلوني، زمّلوني، فزمّلوني، فأنزل اللّه تعالى: {يا أيّها المدّثّر} -إلى قوله- {فاهجر} [المدثر: 1 - 5] قال أبو سلمة: والرّجز، الأوثان ثمّ حمي الوحي وتتابع.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد (قال ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري: (سمعت أبا سلمة) بن عبد الرحمن (قال: أخبرني) بالإفراد (جابر بن عبد الله) الأنصاري (أنه سمع رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- يحدّث عن فترة الوحي):
(فبينا) بغير ميم (أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهتها (فإذا الملك الذي جاءني بحراء) وهو جبريل (قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجئثت منه) بفتح الجيم في اليونينية وفي غيرها بضمها وكسر الهمزة وسكون المثلثة بعدها فوقية خفت منه (حتى هويت) بفتح الهاء والواو وسقطت (إلى الأرض فجئت أهلي فقلت زملوني زملوني) مرتين (فزملوني) بفتح الميم المشددة (فأنزل الله تعالى: {يا أيها المدثر (1) قم فأنذر} -إلى قوله- {فاهجر}) [المدثر: 1 - 5] وسقط: قم فأنذر لغير أبي ذر.
(قال أبو سلمة) بن عبد الرحمن بالسند السابق: (والرجز الأوثان ثم) بعد نزول {يا أيها المدثر} (حمي الوحي) أي أكثر (وتتابع) ولم يكتف بقوله حمي لأنه لا يستلزم الاستمرار والدوام). [إرشاد الساري: 7 / 404]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: حدّثنا معمرٌ، عن الزّهريّ، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله قال: (سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يحدّث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: ((بينما أنا أمشي سمعت صوتًا من السّماء فرفعت رأسي، فإذا الملك الّذي جاءني بحراء جالسٌ على كرسيٍّ بين السّماء والأرض فجثثت منه رعبًا، فرجعت فقلت: زمّلوني زمّلوني، فدثّروني، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {يا أيّها المدّثّر قم فأنذر}، إلى قوله: {والرّجز فاهجر} [المدثر: 1-5] قبل أن تفرض الصّلاة))).
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وقد رواه يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن أيضًا). [سنن الترمذي: 5/285]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوبَ بنِ الضُّرَيسِ (ت:294 هـ) : (أخبرنا هدبة بن خالد، قال: حدثنا أبان قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة قلت: أي القرآن أنزل أول ؟، قال: {يا أيها المدثر}، قال: قلت: فأي آيتين أول سورة نزلت؟، قال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}.
قال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله الأنصاري قلت: أي القرآن أنزل أول؟، قال: {يا أيها المدثر}، قلت: أي آيتين أول سورة نزلت؟، قال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، قال جابر: ألا أحدثك ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:((جاورت في حراء، فلما قضيت جواري، نزلت فاستبطنت الوادي، فنوديت فنظرت أمامي، وخلفي، وعن يميني وعن شمالي، فلم أر شيئا))، قال: ((فنظرت فوقي، فإذا أنا به قاعد على عرش بين السماء والأرض)), قال: ((فانطلقت إلى خديجة، فقلت: دثروني، فدثروني, وصبوا علي ماءً بارداًَ, فنزلت علي {يا أيها المدثر *قم فأنذر *وربك فكبر})).) [فضائل القرآن:م1]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن رافعٍ، حدّثنا حجين بن المثنّى، حدّثنا اللّيث، عن ابن شهابٍ، قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرّحمن، يقول: أخبرني جابر بن عبد الله، أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " ثمّ فتر الوحي عنّي فترةً، فبينما أنا أمشي سمعت صوتًا بين السّماء والأرض، فرفعت بصري قبل السّماء، فإذا الملك الّذي جاءني بحراءٍ قاعدٌ على كرسيٍّ بين السّماء والأرض، فجئت فرقًا حتّى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت: زمّلوني زمّلوني، فدثّروني، فأنزل الله عزّ وجلّ {يا أيّها المدّثّر (1) قم فأنذر (2) وربّك فكبّر (3) وثيابك فطهّر (4) والرّجز فاهجر} [المدثر: 2]- قال أبو سلمة: الرّجز الأوثان - ثمّ حمي الوحي وتتابع "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/317]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا الرّبيع بن محمّد بن عيسى، حدّثنا آدم، حدّثنا شيبان، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، قال: حدّثني إبراهيم بن عبد الله بن قارظٍ الزّهريّ، أنّ جابر بن عبد الله أخبره، أنّ أوّل شيءٍ نزل من القرآن يا أيّها المدّثّر "، قال جابرٌ: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " جاورت بحراءٍ، فلمّا قضيت جواري أقبلت في بطن الوادي، فنادى منادٍ فنظرت عن يميني وشمالي وخلفي، فلم أر شيئًا، فنظرت فوقي فإذا جبريل جالسٌ على عرشٍ بين السّماء والأرض، فجئثت منه، فأقبلت إلى خديجة فقلت: دثّروني دثّروني، وصبّوا عليّ ماءً باردًا، فأنزل يا أيّها المدّثّر "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/319]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ الفارسيّ، أنا أبو بكرٍ محمّد بن عيسى الجلوديّ، نا إبراهيم بن محمّد بن سفيان، نا مسلمٌ، نا زهير بن حربٍ، نا الوليد بن مسلمٍ، حدّثني الأوزاعيّ، قال: (سمعت يحيى بن أبي كثيرٍ، يقول: سألت أبا سلمة أيّ القرآن أنزل قبل؟
قال: {يا أيّها المدّثّر} [المدثر: 1]
فقلت: أو {اقرأ} الآية [العلق: 1]؟
فقال: سألت جابر بن عبد اللّه أيّ القرآن أنزل قبل؟
فقال: {يا أيّها المدّثّر}
فقلت: أو {اقرأ}؟
فقال جابرٌ: أحدّثكم ما حدّثنا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: ((جاورت بحراء شهرًا، فلمّا قضيت جواري نزلت، فاستبطنت بطن الوادي، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي، وعن يميني وعن شمالي، فلم أر أحدًا، ثمّ نوديت فنظرت فلم أر أحدًا، ثمّ نوديت فرفعت رأسي فإذا هو على العرش في الهواء يعني جبريل عليه السّلام، فقلت: دثّروني دثّروني، فصبّوا عليّ ماءً، فأنزل اللّه تعالى: {يأيّها المدّثّر* قم فأنذر} [المدثر: 1-2] )) ).
قال المفسرون: لما بدئ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالوحي، أتاه جبريل، فرآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على سرير بين السماء والأرض، كالنور المتلألئ، ففزع ووقع مغشيًا عليه، فلما أفاق دخل على خديجة، ودعا بماء فصبه عليه، وقال: دثروني.
فدثروه بقطيفة، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: {يأيّها المدّثّر* قم فأنذر}). [الوسيط: 4/379-380]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن ابن عبّاسٍ «أنّ الوليد بن المغيرة صنع لقريشٍ طعامًا، فلمّا أكلوا قال: ما تقولون في هذا الرّجل؟ فقال بعضهم: ساحرٌ، وقال بعضهم: ليس بساحرٍ، وقال بعضهم: كاهنٌ، وقال بعضهم: ليس بكاهنٍ، وقال بعضهم: شاعرٌ، وقال بعضهم: ليس بشاعرٍ، وقال بعضهم: سحرٌ يؤثر. [وأجمع قولهم على أنّه سحرٌ يؤثر] فبلغ ذلك النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - فحزن وقنّع رأسه وتدثّر، فأنزل اللّه - عزّ وجلّ - {يا أيّها المدّثّر (1) قم فأنذر (2) وربّك فكبّر (3) وثيابك فطهّر (4) والرّجز فاهجر (5) ولا تمنن تستكثر (6) ولربّك فاصبر} [المدثر: 1 - 7]».
رواه الطّبرانيّ، وفيه إبراهيم بن يزيد الخوزيّ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7 / 131]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن الأنباري في المصاحف قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن فقال: يا أيها المدثر قلت: يقولون {اقرأ باسم ربك الذي خلق} فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله عن ذلك قلت له مثل ما قلت، قال جابر: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاورت بحراء فلما قضيت جواري فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ونظرت خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جائني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعبا فرجعت فقلت دثروني فدثروني فنزلت {يا أيها المدثر (1) قم فأنذر} إلى قوله: {والرجز فاهجر}). [الدر المنثور: 15 / 61-62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاما فلما أكلوا قال: ما تقولون في هذا الرجل فقال بعضهم: ساحر وقال بعضهم: ليس بساحر وقال بعضهم: كاهن وقال بعضهم: ليس بكاهن وقال بعضهم: شاعر وقال بعضهم ليس بشاعر وقال بعضهم: سحر يؤثر فاجتمع رأيهم على أنه سحر يؤثر فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم فخرج وقنع رأسه وتدثر فأنزل الله {يا أيها المدثر} إلى قوله: {ولربك فاصبر}). [الدر المنثور: 15 / 62-63]


شيماء رأفت 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م 04:08 PM

نزول قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) )
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {يا أيها المدثر}.
أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المقرئ أخبرنا عبد الملك بن الوليد قال: أخبرني أبي حدثنا الأوزاعي حدثنا يحيى بن أبي كثير قال: سمعت أبا سلمة عن جابر قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((جاورت بحراء شهرًا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر أحدًا ثم نوديت فرفعت رأسي فإذا هو على العرش في الهواء -يعني جبريل عليه -السلام فقلت: دثروني دثروني فصبوا علي ماء)) فأنزل الله عز وجل: {يا أَيُّها المُدَّثِّرُ * قُم فَأَنذِر * وَرَبَّكَ فكبر * وثيابك فطهر} رواه مسلم عن زهير بن حرب عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي). [أسباب النزول: 475]



روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين

شيماء رأفت 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م 04:10 PM

نزول قوله تعالى: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) )
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ):
(قوله تعالى: {ذَرنِي وَمَن خَلَقتُ وَحيدًا}.
أخبرنا أبو القاسم الحذامي حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم أخبرنا محمد بن علي الصغاني أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس
[أسباب النزول: 475]
أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن وكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل فقال له: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً ليعطوكه فإنك أتيت محمدًا تتعرض لما قبله فقال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له وكاره قال: وماذا أقول فوالله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزها وبقصيدها مني والله ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا والله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو وما يُعلى قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه قال: فدعني حتى أفكر فيه فقال: هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره فنزلت: {ذرني وَمَن خَلَقتُ وَحيدًا} الآيات كلها.
وقال مجاهد: إن الوليد بن المغيرة كان يغشى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه حتى حسبت قريش أنه يسلم فقال له أبو جهل: إن قريشًا تزعم أنك إنما تأتي محمدًا وابن أبي قحافة تصيب من طعامهما فقال الوليد لقريش: إنكم ذوو أحساب وذوو أحلام وإنكم تزعمون أن محمدًا مجنون وهل رأيتموه يجن قط؟ قالوا: اللهم لا قال: تزعمون أنه كاهن؟ وهل رأيتموه يتكهن قط؟ قالوا: اللهم لا قال: تزعمون أنه شاعر هل رأيتموه ينطق بشعر قط؟ قالوا: لا قال: فتزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئًا من الكذب؟ قالوا: لا قالت قريش للوليد: فما هو؟ قال: فتفكر في نفسه ثم نظر وعبس فقال: ما هو إلا ساحر وما يقوله سحر فذلك قوله: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} إلى قوله تعالى: {إِن هذا إِلّا سِحرٌ يُؤثَرُ} ). [أسباب النزول: 476]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (وعن الزهري: (أوّل ما نزل: سورة اقرأ {باسم ربك} إلى قوله: {ما لم يعلم} فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يعلو شواهق الجبال، فأتاه جبريل فقال: إنك نبيّ الله، فرجع إلى خديجة وقال: ((دثروني وصبوا علىّ ماء باردا))، فنزل: {يا أيها المدثر} ) ). [الكشاف: 6/251]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (وروى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كنت على جبل حراء فنوديت: يا محمد، إنك رسول الله، فنظرت عن يميني ويساري فلم أر شيئا، فنظرت فوقى فرأيت شيئا)).
وفي رواية عائشة: ((فنظرت فوقى فإذا به قاعد على عرش بين السماء والأرض- يعني الملك الذي ناداه- فرعبت ورجعت إلى خديجة فقلت: دثروني دثروني، فنزل جبريل وقال: {يا أيها المدثر} ))). [الكشاف: 6/251]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (وقيل: سمع من قريش ما كرهه فاغتم، فتغطي بثوبه مفكرا كما يفعل المغموم، فأمر أن لا يدع إنذارهم وإن أسمعوه وآذوه). [الكشاف: 6/251-252]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (فأما سبب نزولها فروى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث جابر بن عبد الله قال: (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي فنوديت، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر أحدا ثم نوديت فرفعت رأسي فإذا هو في الهواء يعني جبريل عليه السلام فأقبلت إلى خديجة، فقلت: دثروني دثروني، فأنزل الله عز وجل: {يا أيها المدثر * قم فأنذر} [المدثر: 1-2] )) ).
قال المفسرون: فلما رأى جبريل وقع مغشيا عليه، فلما أفاق دخل إلى خديجة ودعا بماء فصبه عليه، وقال: ((دثروني))
فدثروه بقطيفة فأتاه جبريل فقال: {يا أيها المدثر} [المدثر: 1]). [زاد المسير: 8/399]

قالَ عبدُ اللهِ بنُ يوسُفَ الزَّيلعيُّ (ت: 762هـ): (الحديث الثّاني:
روى جابر عن النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((كنت على جبل حراء فنوديت يا محمّد إنّك رسول الله فنظرت عن يميني ويساري فلم أر شيئا فنظرت فوقي فرأيت شيئا)).
وفي رواية عائشة ((فنظرت فوقي فإذا به قاعدا على عرش بين السّماء والأرض يعني الملك الّذي ناداه فرعبت ورجعت إلى خديجة فقلت دثروني دثروني فنزل جبريل عليه السّلام وقال: {يا أيها المدثر})).
قلت: رواه البخاريّ في صحيحه من حديث أبي سلمة عن جابر (عن النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((جاورت بحراء فلمّا قضيت بجواري هبطت فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ونظرت أمامي فلم أر شيئا ونظرت خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فرأيت شيئا فأتيت خديجة فقلت: دثروني وصبّوا علّي ماء باردًا فنزلت))) انتهى.
ورواه في "بدء الخلق" وزاد: (قال أبو سلمة: والرجز الأوثان) انتهى.
ورواه في أول "صحيحه" بالسند المذكور (قال: ((بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السّماء فرفعت بصري فإذا الملك الّذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السّماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت دثروني فأنزل الله: {يا أيها المدثر}))) مختصر). [الإسعاف: 4/117-118]
قالَ عبدُ اللهِ بنُ يوسُفَ الزَّيلعيُّ (ت: 762هـ):
(الحديث الثّالث

عن الزّهريّ: (أول ما نزلت سورة {اقرأ باسم ربك} إلى قوله: {ما لم يعلم} قال: فحزن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم وجعل يعلو شواهق الجبال فناداه جبريل عليه السّلام إنّك نبي الله فرجع إلى خديجة وقال دثروني وصبّوا علّي ماء باردًا فنزلت: {يا أيها المدثر}).
قلت: رواه الطّبريّ في تفسيره حدثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا ابن ثور عن معمر عن الزّهريّ قال: (كان أول شيء أنزل على النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم {اقرأ باسم ربك} حتّى بلغ ما لم يعلم ثمّ فتر الوحي فترة فحزن لذلك صلّى اللّه عليه وسلّم وجعل يغدو إلى شواهق الجبال ليتردّى منها فكلما وافى بذروة جبل تبدى له جبريل عليه السّلام فيقول له: إنّك نبي الله قال: ((فبينما أنا أمشي يومًا إذ رأيت الملك الّذي كان يأتيني بحراء على كرسي بين السّماء والأرض فجثت منه رعبًا ورجعت إلى خديجة وقلت: دثروني)) فدثّرناه وأنزل الله {يا أيها المدثر}) انتهى.
وفي "مستدرك" الحاكم من طريق محمّد بن إسحاق عن الزّهريّ عن عروة عن عائشة قالت: (إن أول ما نزل من القرآن {اقرأ باسم ربك الّذي خلق}) انتهى.
ولا يعارض ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سلمة بن عبد الرّحمن قال: (سألت جابر بن عبد الله الأنصاريّ أي القرآن أنزل قبل؟
قال: {يا أيها المدثر} فقلت: أو {اقرأ باسم ربك} قال جابر: أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((إنّي جاورت بحراء شهرا فلمّا قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ثمّ نظرت إلى السّماء فإذا هو على العرش في الهواء يعني جبريل فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثّروني ثمّ صبوا علّي الماء وأنزل الله علّي {يا أيها المدثر قم فأنذر}))) انتهى.
قال الواحدي في "أسباب النّزول": وذلك؛ لأن جابرا سمع آخر القصّة ولم يسمع أولها فتوهم أن سورة المدثر أول ما نزل وليس كذلك ولكنها أول ما نزل عليه بعد سورة اقرأ يدل عليه ما رواه البخاريّ ومسلم من طريق عبد الرّزّاق أنا معمر عن الزّهريّ أخبرني أبو سلمة بن عبد الرّحمن عن جابر قال: (سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: ((بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السّماء فرفعت رأسي فإذا الملك الّذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السّماء والأرض فجثت منه رعبًا فرجعت فقلت: زمّلوني فدثّروني فأنزل الله تعالى: {يا أيها المدثر} )) ). انتهى.
قال: فظهر بهذا أن الوحي كان قد فتر بعد نزول {اقرأ باسم ربك} ثمّ نزلت {يا أيها المدثر} يوضحه قوله فيه إن الملك الّذي جاء بحراء جالس فدلّ على أن هذه القصّة كانت بعد نزول سورة اقرأ انتهى). [الإسعاف: 4/118-119]
قالَ أَحْمَدُ بنُ علِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت: 852هـ): («حديث: الزهري: (أوّل ما نزل: سورة اقرأ {باسم ربك} إلى قوله: {ما لم يعلم} فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يعلو شواهق الجبال، فناداه جبريل: إنك نبيّ الله، فرجع إلى خديجة وقال: ((دثروني وصبوا عليّ ماء باردا))، فنزلت: {يا أيها المدثر}).
الطبري من رواية محمد بن ثور عن معمر عن الزهري قال: (كان أول شيء نزل على النبي صلى الله عليه وسلم {اقرأ})– فذكره وأتم منه. رواه الحاكم من طريق محمد بن سيرين عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنه). [الكافي الشاف: 179]
- قالَ أَحْمَدُ بنُ علِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت: 852هـ): («حديث: جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((كنت على جبل حراء فنوديت: يا محمد، إنك رسول الله، فنظرت عن يميني ويساري فلم أر شيئا، فنظرت فوقى فرأيت شيئا)) متفق عليه من رواية أبي سلمة عنه وأتم منه). [الكافي الشاف: 179]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وأحمد، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي، وَابن الضريس، وَابن جَرِير، وَابن المنذر، وَابن مردويه، وَابن الأنباري في "المصاحف" قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن فقال: (يا أيها المدثر) قلت: يقولون {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق: 1] فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله عن ذلك قلت له مثل ما قلت، قال جابر: (لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((جاورت بحراء فلما قضيت جواري فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ونظرت خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جائني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعبا فرجعت فقلت: دثروني فدثروني، فنزلت: {يا أيها المدثر قم فأنذر} إلى قوله: {والرجز فاهجر} [المدثر: 1-5] )).) ). [الدر المنثور: 15/61-62]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (وأخرج الطبراني، وَابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس (أن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاما فلما أكلوا، قال: ما تقولون في هذا الرجل، فقال بعضهم: ساحر، وقال بعضهم: ليس بساحر.
وقال بعضهم: كاهن وقال بعضهم: ليس بكاهن.
وقال بعضهم: شاعر وقال بعضهم ليس بشاعر.
وقال بعضهم: سحر يؤثر، فاجتمع رأيهم على أنه سحر يؤثر، فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فخرج وقنع رأسه وتدثر فأنزل الله {يا أيها المدثر} إلى قوله: {ولربك فاصبر})). [الدر المنثور: 15/62-63]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)}
أخرج الشيخان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((جاورت بحراء شهرا، فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي فنوديت فلو أر أحدا فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء، فرجعت فقلت: دثروني))، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} ). [لباب النقول: 279]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)}
(ك)، وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاما فلما أكلوا قال: ما تقولون في هذا الرجل، فقال بعضهم: ساحر، وقال بعضهم: ليس بساحر، وقال بعضهم: كاهن، وقال بعضهم: ليس بكاهن، وقال بعضهم: شاعر، وقال بعضهم: ليس بشاعر، وقال بعضهم سحر يؤثر، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحزن وقنع رأسه وتدثر، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} إلى قوله: {ولربك فاصبر}). [لباب النقول: 279]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)}
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه، فقال يا عم، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه فإنك أتيت محمدا لتتعرض لما قبله. قال: لقد علمت قريش أني من أكثرها مالا قال: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له وأنك كاره له فقال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده مني ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، ووالله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإنه لمنير أعلاه مشرق أسفله وإنه ليعلو وما
[لباب النقول: 279]
يعلى، وإنه ليحطم ما تحته. قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر يأثره عن غيرة فنزلت: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)} إسناده صحيح على شرط البخاري.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أخرى نحوه). [لباب النقول: 280]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


شيماء رأفت 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م 04:11 PM

نزول قوله تعالى: (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) )
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)}
(ك)، وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن البراء أن رهطا من اليهود سألوا رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم، فجاء فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل عليه ساعتئذ: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)} الآية). [لباب النقول: 280]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


شيماء رأفت 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م 04:13 PM

نزول قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) )
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31)}
(ك)، وأخرج عن ابن إسحاق قال أبو جهل يوما: يا معشر قريش يزعم محمد أن جنود الله الذين يعذبونكم في النار تسعة عشر، وأنتم أكثر الناس عددا، أفيعجز مائة رجل منكم رجل منكم على رجل منهم، فأنزل الله: {وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة} الآية
وأخرج نحوه عن قتادة قال: ذكر لنا، فذكره.
(ك) وأخرج عن السدي قال: لما نزلت: {عليها تسعة عشر} قال رجل من قريش يدعى أبا الأشد: يا معشر قريش، لا يهولنكم التسعة عشر أنا أدفع عنكما بمنكبي الأيمن عشرة وبمنكبي الأيسر التسعة، فأنزل الله: {وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة} الآية). [لباب النقول: 280]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


شيماء رأفت 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م 04:14 PM

نزول قوله تعالى: (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52) )
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52)}
(ك)، وأخرج ابن المنذر عن السدي قال: قالوا: لئن كان محمد صادقا فليصبح تحت رأس كل رجل منا صحيفة فيها براءة وأمنة من النار، فنزلت: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52)}). [لباب النقول: 280]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ):
(
قيل: إنّها ثانية السّور نزولًا وإنّها لم ينزل قبلها إلّا سورة {اقرأ باسم ربّك} [العلق: 1] وهو الّذي جاء في حديث عائشة في "الصّحيحين" في صفة بدء الوحي (أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم جاءه الحقّ وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} إلى {ما لم يعلم} [العلق: 1- 5] -ثمّ قالت:- ثمّ فتر الوحي).
فلم تذكر نزول وحيٍ بعد آيات {اقرأ باسم ربّك}.
وكذلك حديث جابر بن عبد اللّه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن من طرقٍ كثيرةٍ وبألفاظٍ يزيد بعضها على بعضٍ.
وحاصل ما يجتمع من طرقه: قال جابر بن عبد اللّه وهو يحدّث عن فترة الوحي فقال في حديثه: (إنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السّماء فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر شيئًا فرفعت رأسي فإذا الملك الّذي جاءني بحراء جالسٌ على كرسيٍّ بين السّماء والأرض فجئت منه رعبًا فأتيت خديجة فقلت: دثّروني فدثّروني)) -زاد غير ابن شهابٍ من روايته- ((وصبّوا عليّ ماءً باردًا فدثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردًا)) -قال النّوويّ: صبّ الماء لتسكين الفزع-
فأنزل اللّه {يا أيّها المدّثّر} إلى {والرّجز فاهجر} [المدثر: 1- 5] ثمّ حمي الوحي وتتابع) اهـ). [التحرير والتنوير: 29/291-292]م
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): ( [البخاري: 10/303]، حدثني يحيى حدثنا وكيع عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} قلت: يقولون {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن ذلك، وقلت له مثل الذي قلت، فقال جابر: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((جاورت بحراء، فلما قضيت جواري هبطت. فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا، ونظرت أمامي فلم أر شيئا، ونظرت خلفي فلم أر شيئا، فرفعت رأسي فرأيت شيئا، فأتيت خديجة فقلت: دثروني وصبوا علي ماء باردا، قال: فدثروني وصبوا علي ماء باردا". قال فنزلت: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ} )).
الحديث ذكره[ ص305 -306 ,351،: 1/31]، وأخرجه [مسلم :2 /206 -207 -208]، و[الترمذي: 4/208]، و[أحمد:3/377، 392]، وعبد الرزاق في [المصنف: 5/324]، و[الطيالسي: 2 /7]، وابن جرير في [التاريخ: 2/208 -209] وفي [التفسير: 29/143]، والحاكم في [المستدرك :2/251] وفيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يحدث عن فترة الوحي، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه اللفظة، والبيهقي في [دلائل النبوة: 1/410 -411].
[الصحيح المسند في أسباب النزول:257]
استدراك:
قال الحاكم رحمه الله: ولم يخرجاه بهذه اللفظة يعني وهو يحدث عن فترة الوحي، وقد أخرجه البخاري في باب [بدء الوحي:1/31]، وفي كتاب [التفسير في تفسيره سورة المدثر: 10/305-306]، وفي تفسير[اقرأ: 350]، و[مسلم: 2/205-206].
تنبيه:
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره [4 /440] ما معناه: خالف جابر بن عبد الله الجمهور في قوله: إن أول ما نزل المدثر. فذهبوا إلى أن أول القرآن نزولا سورة اقرأ. ثم ذكر حديث الصحيحين، فقال: وقد روى مسلم من طريق عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة قال: أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: ((فبينما أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء، فرفعت بصري قبل السماء، فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فجئت منه حتى هويت إلى الأرض، فجئت إلى أهلي، فقلت زملوني زملوني)) فأنزل الله {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ} إلى {فَاهْجُرْ} قال أبو سلمة: والرجز: الأوثان. ثم حمى الوحي وتتابع. هذا لفظ البخاري، وهذا السياق هو المحفوظ وهو يقتضي أنه قد نزل الوحي قبل هذا لقوله: ((فإذا الملك الذي كان بحراء)) وهو جبريل حين أتاه بقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} ثم أنه حصل بعد هذا فترة ثم نزل الملك بعد هذا ووجه الجمع أن أول شيء نزل بعد فترة الوحي هذه السورة ثم ساق الأدلة على ذلك.
وذكر الحافظ نحو هذا في [الفتح: 1 /31، :10/304-305] ). [الصحيح المسند في أسباب النزول:258]

قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ):
(قوله تعالى:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} الآيات.
[الصحيح المسند في أسباب النزول:258]
[البداية والنهاية: 3/60] قال إسحاق: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه، فقال: ((يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا)). قال: لم؟ قال: ليعطوكه فإنك أتيت محمد لتعرض ما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالا، قال: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له. قال: وماذا أقول، فوالله ما منكم رجل أعرف بالأشعار مني ولا أعلم برجزه ولا بقصيده مني ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا. ووالله إن لقوله الذي يقوله حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو ولا يعلى، وإنه ليحطم ما تحته. قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه. قال: قف عني حتى أفكر فيه. فلما فكر قال: إن هذا إلا سحر يؤثر يأثره عن غيره فنزلت: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا}. الآيات، هكذا رواه البيهقي عن الحاكم أبي عبد الله عن محمد بن علي الصنعاني بمكة عن إسحاق به وقد رواه حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة مرسلا. ا.هـ. قال أبو عبد الرحمن: والظاهر ترجيح المرسل لأن حماد بن زيد أثبت الناس في أيوب وأيضا معمر قد اختلف عليه فيه كما في [دلائل النبوة للبيهقي: 2/199] فالحديث ضعيف، والله أعلم). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 259]



روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين



الساعة الآن 01:51 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة