جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   توجيه القراءات (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=1080)
-   -   توجيه القراءات في سورة الروم (http://jamharah.net/showthread.php?t=27833)

جمهرة علوم القرآن 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م 08:52 AM

توجيه القراءات في سورة الروم
 
توجيه القراءات في سورة الروم

جمهرة علوم القرآن 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م 08:52 AM

مقدمات سورة الروم
 
مقدمات توجيه القراءات في سورة الروم
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة الرّوم). [معاني القراءات وعللها: 2/263]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (ومن سورة الروم) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/193]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ذكر اختلافهم في سورة الرّوم). [الحجة للقراء السبعة: 5/442]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة الروم). [المحتسب: 2/163]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (30 - سورة الرّوم). [حجة القراءات: 556]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة الروم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/182]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة الروم). [الموضح: 1002]

نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/182]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي تسع وخمسون آية في المدني وستون في الكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/182]

ياءات الإضافة والمحذوفة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (ليس فيها ياء إضافة ولا محذوفة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/186]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م 08:56 AM

سورة الروم
[ من الآية (1) إلى الآية (7) ]

{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)}


قوله تعالى: {الم (1)}
قوله تعالى: {غُلِبَتِ الرُّومُ (2)}
قوله تعالى: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)}
قوله تعالى: {فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4)}
قوله تعالى: {بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)}
قوله تعالى: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6)}
قوله تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م 08:59 AM

سورة الروم
[ من الآية (8) إلى الآية (16) ]

{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون (10) اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12) وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الْآخِرَةِ فَأُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)}


قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8) }
قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (روى الواقدي عن سليمان عن أبي جعفر: [وَآثَارُوا الْأَرْضَ]، ممدودة. قال ابن مجاهد: ليس هذا بشيء.
قال أبو الفتح ظاهره لعمري منكر إلا أن له وجها ما، وليس لحنا مقطوعا به؛ وذلك أنه أراد وأثاروا الأرض، أي: شققوها للغرس والزراعة، وهو أفعلوا من قول الله سبحانه: {لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ}، إلا أنه أشبع فتحة الهمزة؛ فأنشأ عنها ألفا، فصارت [آثاروا] وقد ذكرنا ذلك وشواهده في نحو قول ابن هرمة:
فأنْتَ مِنَ الغَوائِلِ حِينَ تُرْمَى ... ومِنْ ذَمَّ الرجال بِمُنْتَزاحِ
يريد: بمنتزح، منفعل من النازح؛ فأشبع فتحة الزاي، فأنشأ عنها ألفا. وهذا لعمري مما تختص به ضرورة الشعر لا تخيُّر القرآن). [المحتسب: 2/163]

قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون (10)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (ثمّ كان عاقبة الّذين (10)
قرأ ابن كثيرٍ ونافع وأبو عمرو ويعقوب: (عاقبة الّذين) بالرفع.
وقرأ الباقون بالنصب.
قال أبو منصور: من نصب (عاقبة الّذين) جعل (السّوأى) اسم (كان)، وجعل (عاقبة) الخبر.
ومن رفع (عاقبة) جعل (السّوأى) الخبر، و(عاقبة) الاسم.
المعنى: ثم كان عاقبة الكافرين النّار). [معاني القراءات وعللها: 2/263]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى} [10].
قرأ أهل الكوفة وابن عامر [{عاقبة}] بالنصب جعلوها خبر «كان» واسم «كان» {السوأى}. والسوأى: العذاب ها هنا و{أن كذبوا} في موضع نصب. والتقدير: ثم كان عاقبتهم العذاب لكذبهم، لأن كذبوا بآيات الله.
وقرأ الباقون: {عاقبة} بالرفع جعلوها اسم «كان» والخبر {السوأى}، والخبر والاسم ها هنا معرفتان. وإذا اجتمع اسمان نظرت فإن كان أحدهما معرفة والآخر نكرة جعلت النكرة الخبر، والمعرفة الاسم. وإذا كانا معرفتين كنت بالخيار أيهما شئت جعلته خبرًا، وأيهما شئت جعلته اسمًا، و{السوأى} اسم على (فعلى) مثل قصوى.
وأبو عمرو يقرأها بين بين.
وحمزة والكسائي يميلان.
والباقون يفخمون، قال أفنون التغلبي شاهدًا لأبي عمرو- والأفنون
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/193]
15- في اللغة: الحية، والعجوز-:
أني جزوا عامرًا سوأي لفعلهم = أم كيف يجزونني السوأي من الحسن
أم كيف ينفع ما تعطي العلوق به = رئمان آلف إذا ماضن باللبن). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/194]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: (ثم كان عاقبة الذين) [الروم/ 10] في الرفع والنصب.
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (ثمّ كان عاقبة الّذين) رفعا، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: ثم كان عاقبة الذين نصبا، وروى الكسائي وحسين الجعفي عن أبي بكر عن عاصم (عاقبة) رفعا.
قال أبو علي: قوله سبحانه: (ثم كان عاقبة الذين أسائوا السوأى أن كذبوا) [الروم/ 10] من نصب عاقبة جعله خبر كان ونصبه متقدما، كما قال: وكان حقا علينا نصر المؤمنين [الروم/ 47]، فأمّا اسمها على هذه القراءة، فيجوز أن يكون أحد شيئين: أحدهما:
[الحجة للقراء السبعة: 5/442]
السوأى التقدير: ثم كان السّوأى عاقبة الذين أسائوا، ويكون في قوله: أن كذبوا مفعولا له، تقديره: ثمّ كان السّوأى عاقبة الذين أسائوا لأن كذّبوا، ولا يجوز أن تكون أن كذبوا متعلقا بقوله:
أساؤوا على هذا، لأنك تفصل بين الصلة والموصول، ألا ترى أنّ:
أساؤوا في صلة الذين، والسوأى الخبر، فلو جعلت أن كذبوا في صلة أساؤوا لفصلت بين الصلة والموصول بخبر كان. والشيء الآخر الذي يجوز أن يكون اسم كان إذا نصبت العاقبة أن كذّبوا، المعنى: ثم كان التكذيب عاقبة الذين أسائوا، ويكون السوأى على هذا مصدرا لأساءوا، لأنّ فعلى من أبنية المصادر، كالرّجعى، والشورى، والبشرى، وكذلك تكون السوأى مصدرا.
وممّا يدلّ أنّ السوء والسوأى بمعنى ما أنشده أبو عمر:
أنّى جزوا عامرا سوءا بفعلهم... أم كيف يجزونني السّوأى من الحسن
ومن رفع العاقبة فقال: (ثم كان عاقبة الذين أسائوا) جاز أن يكون الخبر شيئين: السوأى وأن كذبوا، كما جاز فيمن نصب العاقبة أن يكون كلّ واحد منهما الاسم، ومعنى الذين أسائوا: الذين أشركوا. التقدير: ثم كان عاقبة المسيء التكذيب بآيات الله، أي لم يظفر من شركه وكفره بشيء إلّا بالتّكذيب، بآيات الله، فإذا جعلت «أن كذّبوا» نفس الخبر، جعلت السوأى في موضع نصب، بأنّه
[الحجة للقراء السبعة: 5/443]
مصدر، وقد يجوز أن تكون السوأى صفة لموصوف محذوف كأنّه: الخلّة السوأى، أو الخلال السّوأى). [الحجة للقراء السبعة: 5/444]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ثمّ كان عاقبة الّذين أساؤوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون}
قرأ أهل الشّام والكوفة {ثمّ كان عاقبة الّذين} بالنّصب جعلوها خبر {كان} واسم كان السوأى أي النّار وأن كذبوا في موضع نصب والتّقدير ثمّ كان عاقبتهم النّار لأن كذبوا بآيات الله
وقرأ أهل الحجاز والبصرة عاقبة بالرّفع جعلوها اسم كان والخبر السوأى والخبر والاسم ها هنا معرفتان وإذا اجتمع اسمان نظرت فإن كان أحدهما معرفة والآخر نكرة جعلت النكرة الخبر والمعرفة الاسم وإن كانا معرفتين كنت بالخيار أيهما شئت جعلته خبرا وأيهما شئت جعلته اسما). [حجة القراءات: 556]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {ثم كان عاقبة الذين} قرأه الكوفيون وابن عامر «عاقبة» بالنصب، وقرأ الباقون بالرفع.
وحجة من قرأ بالنصب أنه جعل «عاقبة» خبر «كان» مقدمًا على اسمها، واسمها «السوأى»، تقديره: ثم كانت السوأى عاقبة الذين، و«السوأى» جهنم أعاذنا الله منها، أي: ثم كان دخول جهنم عاقبة الذين كفروا من أجل أن كذبوا، فذكر الفعل لتذكير الدخول الذي هو اسم كان على الحقيقة، ويجوز أن يكون اسم كان أن «كذبوا» ويكون «السوأى» مصدرًا كالرجعى والبشرى، ويكون التقدير: ثم كان التكذيب عاقبة الذين أساءوا إساءة، فيذكر الفعل لتذكير التكذيب الذي هو اسم كان.
2- وحجة من رفع «عاقبة» وهو الاختيار، أنه جعل «العاقبة» اسم كان، والخبر «السوأى» و«أن كذبوا» والتقدير إذا جعلت «السوأى» الخبر، ثم كان مصير المسيئين السوأى من أجل أن كذبوا، أي: كان مصيرهم دخول جهنم، وذكر الفعل حملًا على المعنى؛ لأن العاقبة والمصير سواء في المعنى، وأيضًا فإن تأنيث «العاقبة» غير حقيقي؛ لأنه مصدر، وأيضًا فإن «العاقبة» لما كانت في المعنى هي دخول جهنم، لأن الخبر هو الاسم في المعنى حمل التذكير على تذكير الدخول كالأول، فإن جعلت «أن كذبوا» هو الخبر حملت تذكير الفعل على تذكير التكذيب؛ لأنه هو اسم كان في المعنى، إذ اسمها هو خبرها في المعنى كالابتداء والخبر، فإذا جعلت «أن كذبوا» هو الخبر كان التقدير: ثم كان مصير الذين أساءوا إساءة للتكذيب لما جاء به محمد
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/182]
عليه السلام). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/183]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ} [آية/ 10] بالرفع:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب.
والوجه أن {عَاقِبَةُ} اسم كان، فهي رفع لذلك.
وخبر كان يجوز أن يكون قوله {السُّوأَى} فيكون موضعه نصبًا، {أَنْ كَذَّبُوا} بدلًا منه.
ويجوز أيضًا أن يكون الخبز {أَنْ كَذَّبُوا}، وقوله {السُّوأَى} صفة للاسم، فموضعه رفع؛ لكونه صفة لعاقبة، كأنه قال: ثم كان العاقبة السيئة تكذبيهم آيات الله.
و {السُّوأَى} في الوجه الأول يجوز أن يكون صفة لمحذوف، والتقدير: الخصلة السوأى، ويجوز أن يكون مصدرًا كالبشرى كأنه قال: ثم كان عاقبة الذين أساءوا الخصلة السيئة أو الإساءة، ومعنى {الَّذِينَ أَسَاءُوا}: الذين أشركوا.
[الموضح: 1002]
وقرأ ابن عامر والكوفيون {عَاقِبَةَ} بالنصب.
والوجه أن قول {السُّوأَى} اسم كان، و{أَنْ كَذَّبُوا} بدله، وقوله {عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا} خبر كان تقدم على الاسم.
ويجوز أن يكون {أَنْ كَذَّبُوا} اسم كان، و{عَاقِبَةَ} خبره، و{السُّوأَى} صفة العاقبة، موضعها نصب.
ويجوز أن يكون قوله {أَنْ كَذَّبُوا} على حذف اللام، والتقدير: لأن كذبوا، ويصح حملُه على هذا الوجه في القراءتين جميعًا). [الموضح: 1003]

قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يبدأ الخلق ثمّ يعيده ثمّ إليه يرجعون (11)
قرأ أبو عمرو، ويحيى عن أبي بكر عن عاصم (ثمّ إليه ترجعون) بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
وروي عن عيّاش عن أبي عمرو بالتاء، وروى الأعشى عن أبي بكرٍ بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالياء فللغيبة، ومن قرأ بالتاء فللخطاب). [معاني القراءات وعللها: 2/263]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ثم إليه ترجعون} [11].
قرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر بالياء. أي: يردون.
وقرأ الباقون: {ترجعون} أي: تردون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/194]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله جلّ وعزّ: ثم إليه ترجعون فقرأ أبو عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر: (ثم إليه يرجعون) بالياء [الروم/ 11] وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي، وحفص عن عاصم ترجعون بالتاء.
عباس عن أبي عمرو: ترجعون بالتاء.
[قال أبو علي]: حجّة الياء أن المتقدّم ذكره غيبة يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه يرجعون [الروم/ 11]
[الحجة للقراء السبعة: 5/444]
والخلق هم المخلوقون في المعنى، وجاء قوله يعيده على لفظ الخلق، وقوله: (يرجعون) على المعنى، ولم يرجع على لفظ الواحد كما كان يعيده كذلك. ووجه التاء أنّه صار الكلام من الغيبة إلى الخطاب، ونظيره: الحمد لله [الفاتحة/ 1]، إياك نعبد [الفاتحة/ 4] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/445]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({الله يبدأ الخلق ثمّ يعيده ثمّ إليه ترجعون}
قرأ أبو عمرو وأبو بكر {ثمّ إليه يرجعون} بالياء وحجتهما أن المتقدّم ذكره غيبة (يبدأ الخلق ثمّ يعيده ثمّ إليه يرجعون) فقرب من ذكر {الخلق} فجعلا الكلام خبرا عنهم إذ كان متّصلا بذكرهم والخلق هم المخلوقون في المعنى وجاء في قوله {ثمّ يعيده} على لفظ
[حجة القراءات: 556]
الخلق وقوله {يرجعون} على المعنى وإن لم يرجع على لفظ الواحد كما كان {يعيده}
وقرأ الباقون {ترجعون} بالتّاء وحجتهم ذلك أن الكلام في ابتدائه قد يكون خبرا ثمّ يصرف عنه إلى خطاب كقوله تعالى {الحمد لله رب العالمين} ثمّ قال {إياك نعبد} صار الكلام من الغيبة إلى الخطاب). [حجة القراءات: 557]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {ثم إليه ترجعون} قرأه أبو بكر وأبو عمرو بالياء، وبالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
وحجة من قرأ بالياء أنه حمله على لفظ الغيبة المتقدم في قوله: {يبدؤ الخلق ثم يعيده ثم إليه يرجعون} أي: يُرجع الخلق، والخلق هم المخلوقون كلهم، لكن وحَّد في قوله «يعيده» ردًا على توحيد لفظ الخلق، ثم جمع في قوله «يرجعون» ردًا على معنى الخلق.
4- وحجة من قرأ بالتاء أنه رده إلى الخطاب بعد الغيبة، وهو كثير في القرآن، وقد مضت له نظائر بعللها، والتاء الاختيار، لأن عليه الجماعة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/183]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آية/ 11] بالياء:
قرأها أبو عمر وعاصم ياش- ويعقوب ح-.
والوجه أنه على وفق ما قبله، وهو قوله {الله يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}، فالخلق هم المخلوقون، لفظه واحدٌ، ومعناه جمعٌ، فأجري الضمير في قوله {يُعِيدُهُ} على لفظ الخلق فوحد، وفي قوله {يُرْجَعُونَ} على معناه، فجمع.
وقرأ الباقون {تُرْجَعُونَ} بالتاء.
والوجه أنه على الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، على ما سبق نظيره). [الموضح: 1003]

قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12)}
قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13)}
قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14)}
قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15)}
قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الْآخِرَةِ فَأُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م 09:02 AM

سورة الروم
[ من الآية (17) إلى الآية (25) ]

{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ (25)}


قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عكرمة [حِينًا تُمْسُونَ].
قال أبو الفتح: أراد: حينًا تمسون فيه، فحذف "فيه" تخفيفا. هذا مذهب صاحب الكتاب في نحوه، وهو قوله سبحانه: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}،
[المحتسب: 2/163]
أي لا تجزي فيه ثم حذف "فيه" معتبطا لحرف الجر والضمير لدلالة الفعل عليهما.
وقال أبو الحسن: حذف "في" فبقي "تجزيه"؛ لأنه أوصل إليه الفعل، ثم حذف الضمير من بعد، ففيه حذفان متتاليان شيئا على شيء، وهذا أرفق، والنفس به أبسأ من أن يُعْتَبَطَ الحرفان معا في وقت واحد.
وقرأ أيضا: [وَحِينًا تُصْبِحُونَ]، والطريق واحد). [المحتسب: 2/164]


قوله تعالى: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)}
قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)}

قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {وكذلك تخرجون} [19]
قرأ حمزة والكسائي: {تخرجون} بفتح التاء. جعلا الفعل لهم؛ لأن الله تعالى إذا أخرجهم خرجوا هم، كما تقول: مات زيد. وإن كان الله أماته، ودخل زيد الجنة، وإن كان الله أدخله، لأن الفعل به فاعل إما بمطاوعة أو حركة.
وقرأ الباقون: {تخرجون} بضم التاء، وفتح الراء على ما لم يسم فاعله، وحجة الأولين قوله تعالى: {يوم يخرجون من الأجداث سراعا} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/195]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ حمزة والكسائي: (وكذلك تخرجون) [الروم/ 19] بفتح التاء وقرأ الباقون: وكذلك تخرجون بضم التاء.
[قال أبو علي] حجّة تخرجون: يخرجون من الأجداث [القمر/ 7، المعارج/ 43]. وقوله تعالى: إلى ربهم ينسلون [يس/ 51].
وحجّة تخرجون: من بعثنا من مرقدنا هذا [يس/ 51] وقوله: كذلك نخرج الموتى [الأعراف/ 57] وقوله: وإليه تقلبون [العنكبوت/ 21] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/445]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون}
قرأ حمزة والكسائيّ {وكذلك تخرجون} بفتح التّاء وضم الرّاء جعلا الفعل لهم لأن الله تعالى إذا أخرجهم خرجوا هم كما تقول مات زيد وإن كان الله أماته ودخل زيد الجنّة وإن كان عمله أدخله لأن المفعول به فاعل وحجتهما قوله {يخرجون من الأجداث} وقوله {إلى ربهم ينسلون}
وقرأ الباقون {تخرجون} بالرّفع وحجتهم قوله {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا} وقوله تعالى {نخرج الموتى} ). [حجة القراءات: 557]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {وَكَذَلِكَ تَخْرُجُونَ} [آية/ 19] بفتح التاء وضم الراء:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن المراد تخرجون من قبوركم بإخراج الله تعالى إياكم منها، دليله
[الموضح: 1003]
قوله {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ}.
وقرأ الباقون {تُخْرَجُونَ} بضم التاء وفتح الراء.
وكلهم قرأ {إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} بفتح التاء.
والوجه في {تُخْرَجُونَ} بضم التاء ظاهر، وذلك أن الله تعالى يخرجهم من القبور فهم يخرجون منها، كما قال تعالى {كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى} ). [الموضح: 1004]

قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ (20)}
قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}
قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (22)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لآياتٍ للعالمين (22)
قرأ حفص وحده: (للعالمين) بكسر اللام، وقال: هذه الآيات لأهل العلم خاصة.
وفتح الباقون اللام.
قال أبو منصور: من قرأ (للعالمين) فهم الإنس والجن، جمع عالم.
ومن قرأ (للعالمين) فهو جمع العالم خص أهل العلم بها.
والقراءة بفتح اللام لتتابع القراء عليه). [معاني القراءات وعللها: 2/264]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {إن في ذلك لآيات للعالمين} [22].
قرأ عاصم في رواية حفص: {للعالمين} بكسر اللام جمع عالم، لأن العالم بالشيء يكون أحسن اعتبارًا من الجاهل كما قال تعالى: {وما يعقلها إلا العالمون}.
وقرأ الباقون: {لآيات للعالمين} بفتح اللام، والعالم: هو كل ما خلق الله من الإنس والجن وبهيمة وحيوان وطائر وجامد.
فإن قيل لك: فإذا كان العالم [كما] قد فسرت فكيف تكون العبرة من الجماد والطائر والبهيمة؟
فالجواب في ذلك: أن اللفظ، وإن كان عامًا. فإنه يراد به الخاص، والتقدير: لآيات للعالمين العقلاء، كما قال تعالى: {وهو فضلكم على
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/194]
العالمين} أي: عالمي زمانهم من النساء، والرجال. ولم يرد الله تعالى أي: فضلتكم على الجماد. وإن كان الله تعالى قد فضل الإنسان على كل ما خلق. على أن القرآن عمران العالم، الملائكة والإنس والجن.
وحدثنا أبو العباس بن عقدة، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن نوح، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الحسين بن محمد قال: حدثنا أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس في قوله: {الحمد لله رب العالمين} قال الجن والإنس). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/195]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (حفص عن عاصم: لآيات للعالمين [الروم/ 22] مكسورة اللام جمع عالم، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم بفتح اللام.
[قال أبو علي]: خصّ العالمين على رواية حفص، وإن كانت الآية لكافّة الناس عالمهم وجاهلهم، لأنّ العالم لمّا تدبّر، فاستدلّ بما شاهد على ما لم يستدل عليه غيره، صار كأنّه ليس بآية لغير العالم، لذهابه عنها وتركه الاعتبار بها. ومن قال: (للعالمين) فلأنّ ذلك في الحقيقة دلالة وموضع اعتبار، وإن ترك تاركون [لغفلتهم ولجهلهم] التدبّر لها والاستدلال منها). [الحجة للقراء السبعة: 5/444]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن في ذلك لآيات للعالمين}
قرأ حفص {لآيات للعالمين} بكسر اللّام أي للعلماء وهو
[حجة القراءات: 557]
جمع عالم لأن العالم بالشّيء يكون أحسن اعتقادا من الجاهل كما قال تعالى {وما يعقلها إلّا العالمون} وحجته ما تقدم وما تأخّر فأما ما تقدم فقوله {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} وأما ما تأخّر فقوله {لآيات لقوم يعقلون} وإن كانت الآية لكافة النّاس عالمهم وجاهلهم لأن العالم لما تدبر واستدلّ بما شاهد على ما لم يستدلّ عليه غيره صار ليس كغير العالم لذهابه عنها وتركه الاعتبار بها
وقرأ الباقون {لآيات للعالمين} بفتح اللّام أي للنّاس أجمعين من الجنّ والإنس). [حجة القراءات: 558]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {لآياتٍ للعالمين} قرأ حفص بكسر اللام الثانية وقرأ الباقون بفتحهما.
وحجة من كسر أنه جعله جمع «عالم» وهو ذو العلم، خص بالآيات العلماء؛ لأنهم أهل النظر والاستنباط والاعتبار دون الجاهلين الذين هم في غفلة وسهو عن تدبر الآيات والتفكر فيها، دليله قوله تعالى: {وما يعقلها إلا العالمون} «العنكبوت 43» فأخبر أن الذين يعقلون الأمثال والآيات هم العالمون دون الجاهلين، ولو عقلها الجميع لم يكن لعالم فضل على الجاهل.
6- وحجة من فتح اللام أنه جعله جمع عالم، كما قال «رب العالمين» والعالم هو جميع المخلوقات في كل أوان، فذلك أعمُ في جميع الخلق، إذ الآيات والدلالات على توحيد الله يشهدها العالم والجاهل، فهي آية للجميع، وحجة على كل الخلق، ليست بحجة على العالم دون الجاهل، فكان
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/183]
العموم أولى بذلك، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، ولأنه أعم وأدخل في الحجة على جميع الخلق، ومن كسر اللام فإنه يجب على قوله أن لا تكون الآيات حجة إلا على ذوي العلم دون غيرهم، فالفتح أولى به، لأنه حجة الله جل ذكره، لازمة لكل الخلق). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/184]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [آية/ 22] بكسر اللام:
رواها ص- عن عاصم.
والوجه أنه جمع عالمٍ بكسر اللام، وإنما خصهم بالذكر وإن كانت الآيات للعالم والجاهل جميعًا؛ لأن العالم هو الذي يتدبر ويستدل فهو المنتفع بها دون الجاهل، فكأنها ليست للجاهل لإعراضه عنها وتركه الاستدلال بها.
وقرأ الباقون و-ياش- عن عاصم {لِلْعَالَمِينَ} بفتح اللام.
وهم جميع الخلق، فالآيات عامة لجميع الإنس والجن؛ لأنها موضع استدلال واعتبار، وإن ذهل عنها ذاهلٌ وترك الاستدلال بها جاهلٌ، فالآيات لا تخرج عن كونها مما يستدل به). [الموضح: 1004]

قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23)}
قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24)}
قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ (25)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م 09:09 AM

سورة الروم
[ من الآية (26) إلى الآية (32) ]

{وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (26) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)}


قوله تعالى: {وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (26)}
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}
قوله تعالى: {ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (نفصّل الآيات (28)
روى عياش عن أبي عمرو (كذلك يفصّل الآيات) بالياء وضم التاء وقرأ الباقون (نفصّل الآيات) بالنون وكسر التاء.
قال أبو منصور: من قرأ (يفصّل الآيات) فهو على ما لم يسم فاعله.
ومن قرأ بالنون نصب (الآيات) بالفعل، والتاء مخفوضة في موضع النصب، لأنها تاء الجميع). [معاني القراءات وعللها: 2/264]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {وكذلك نفصل الآيات} [28].
اتفقوا على النون. وإنما ذكرته لأن عباسا روى عن أبي عمرو (وكذلك يفصل الآيات)، أي: بينها، وكذلك تفصيل الجمل في الحساب إنما هو التبين والتلخيص، والمفصل سمي لكثرة الفصول فيها بـ «بسم الله الرحمن الرحيم» ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/195]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (عباس عن أبي عمرو (كذلك يفصل الآيات) [الروم/ 28] بالياء، وقرأ الباقون بالنون.
[قال أبو علي]: وجه الياء ما تقدّم من لفظ الغيبة من قوله: ضرب لكم مثلا من أنفسكم [الروم/ 28]، ووجه النون ما تقدّم من
[الحجة للقراء السبعة: 5/445]
قوله سبحانه: فيما رزقناكم [الروم/ 38] كذلك نفصل الآيات.
وذكر بعض أصحاب أحمد أنّ المشهور من قراءة أبي عمرو كذلك نفصل وهو الوجه لأنّ قوله فيما رزقناكم متأخر عن قوله: ضرب لكم مثلا من أنفسكم [الروم/ 28] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/446]

قوله تعالى: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (29)}
قوله تعالى: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)}
قوله تعالى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31)}
قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {مِنَ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ} [آية/ 32] بالألف:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه من المفارقة، أي تركوا دينهم.
وقرأ الباقون {فَرَّقُوا} بالتشديد وبغير ألف.
والوجه أنه من التفريق، وهو ههنا مجاز، والمعنى آمنوا بالبعض وكفروا بالبعض، وقد سبق مثله). [الموضح: 1005]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م 09:11 AM

سورة الروم
[ من الآية (33) إلى الآية (40) ]

{وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34) أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35) وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37) فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)}


قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33)}
قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي العالية: [فَيُمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُون].
قال أبو الفتح: "يمتعوا" معطوف على قوله: [لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَيُمَتَّعُوا]، أي: فتطول أعمارهم على كفرهم فسوف يعلمون، تهدّدا على ذلك). [المحتسب: 2/164]

قوله تعالى: {أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35)}
قوله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36)}

قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {إِذَا هُمْ يَقْنِطُونَ} [آية/ 36] بكسر النون:
قرأها أبو عمرو والكسائي ويعقوب.
وقرأ الباقون {يَقْنَطُونَ} بفتح النون.
والوجه أن قَنِطَ يقْنَط وقَنَطَ يقنِط لغتان، بفتح العين في الماضي وكسرها في المستقبل، وعلى العكس). [الموضح: 1005]

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37)}
قوله تعالى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38)}
قوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما آتيتم من ربًا (39)
قرأ ابن كثيرٍ وحده (وما أتيتم من ربًا) بقصر الألف.
وقرأ الباقون (وما آتيتم من ربًا) ممدودة، على (أفعلتم)
[معاني القراءات وعللها: 2/264]
قال أبو منصور: من قرأ (أتيتم) بقصر الألف فهو من: أتى يأتي.
ومن قرأ (آتيتم) بمد الألف فمعناه: أعطتم.
وهي القراءة المختارة). [معاني القراءات وعللها: 2/265]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ليربو في أموال النّاس (39)
قرأ نافع ويعقوب (لتربوا) بتاء مضمومة، وسكون الواو.
وقرأ الباقون (ليربو) بياء، وفتح الواو.
فمن قرأ (لتربوا) فمعناه: لتزدادوا أنتم زيادة من مال من تربونه، كأنه قال: لتربوا مالكم فتكثروه بالزيادة التي تأخذونها.
ومن قرأ (ليربو) فمعناه: الشيء الذي تعطونه بالزيادة التي يردّها آخذها إذا ردها بعد الأجل المؤقت.
وقد قيل معناه: أن يهب الرجل الشيء لإنسان بغير شرط ولا وقت، فيردّ الموهوب له عوضًا يكون أكبر قيمة من هبته وليس هذا من الربا الحرام، وكل شيء زاد فقد ربا يربو، وأربيت أنا، إذا أكثرته،
واللام في (ليربو) وفي (لتربوا) لام كي.
ومن قرأ (ليربو) لم يثبت فيه الألف. ومن قرأ (لتربوا) كتبه بألف، وإنما انفتحت الواو في (ليربو) لأنه للواحد. وسكنت في (لتربوا) لأنها واو الجمع، وكانت في الأصل (تفعلون)، فسقطت النون علامة النصب). [معاني القراءات وعللها: 2/265]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {ومآ ءاتيتم من ربا} [39].
قرأ ابن كثير وحده: {أتيتم} مقصورًا.
وقرأ الباقون بالمد؛ لأنه من الإعطاء. وهما ألفان، ألف الأولي ألف قطع، والثانية أصلية، آاتيتم. فلينت الثانية فصارت مدة والدليل على ذلك الحرف الذي بعده {ومآءاتيتم من زكوة} لأنهم لم يختلفوا في مدة. والربا ها هنا ربا حلال، وليس حرامًا، لأن الربا الحرام هو أن يعطي الرجل دينارًا على أن يأخذ أزيد منه، والربا ها هنا- أن يهدي الرجل إلى الرجل هدية ليكافئه المهدي إليه بأضعافها، لأنه يهدي إليه ابتغاء وجه الله. فهذا لا يربو عند الله، فأما الزكاة والصدقة الهدية لله تعالى فإنه يربو عند الله. فكذلك قوله: {ومآءاتيتم من زكوة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/196]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {ليربوا في أموال الناس} [39].
قرأ نافع: {لتربوا} بالتاء، وإسكان الواو فالتاء ها هنا للمخاطبين، والواو واو الجمع، والواو التي هي لام الفعل ساقطة؛ لسكونها وسكون هذه، والأصل: لتربووا فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وحذفت لسكونها وسكون الواو، وإنما قرأها كذلك، لأنهم كتبوها في المصحف بألف بعد الواو.
وقرأ الباقون: {ليربوا} بالياء وفتح الواو. فيكون فعلاً للربا، أي: ليربوا الربا. وعلامة النصب في قراءة نافع حذف النون، والأصل: لتربوون، فسقطت النون علامة للنصب في قراءة نافع حذف النون، والأصل: لتربوون، فسقطت النون علامة للنصب وحتهم: الحرف الذي بعده {فلا يربوا عند الله} بالياء ولم يقل فلا يربون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/196]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {فلا يربوا}.
«لا» بمعنى ليس، و«تربوا» فعل مستقبل، وعلامة رفعه سكون الواو وإن شئت..........................). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/197]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلّهم قرأ: وما آتيتم من ربا [الروم/ 39] ممدودا غير ابن كثير فإنه قرأ: (أتيتم) قصرا. ولم يختلفوا في مدّ وما آتيتم من زكاة [الروم/ 39].
قال أبو عليّ: معنى وما آتيتم من ربا: ما آتيتم من هدية أهديتموها لتعوّضوا ما هو أكثر منها وتكافئوا أزيد منها فلا يربو عند الله، لأنكم قصدتم إلى زيادة العوض، ولم تبتغوا في ذلك وجه الله.
ومثل هذا في المعنى قوله سبحانه: ولا تمنن تستكثر [المدّثر/ 6] فمن مدّ آتيتم، فلأن المعنى: أعطيتم من قوله: فآتاهم الله ثواب الدنيا [آل عمران/ 148] أي: أعطاهم. وأمّا قصر ابن كثير فإنّه يؤول في المعنى إلى قول من مدّ، إلّا أنّ (آتيتم) على لفظ: جئتم، كما تقول: جئت زيدا، فكأنّه ما جئتم من ربا، ومجيئهم لذلك إنّما هو على وجه الإعطاء له، كما تقول: أتيت الخطأ، وأتيت الصواب، وأتيت قبيحا، وقال الشاعر:
أتيت الّذي يأتي السّفيه لغرّتي... إلى أن علا وخط من الشّيب مفرقي
[الحجة للقراء السبعة: 5/446]
فإتيانه الّذي يأتي السفيه إنّما هو فعل منه له، قال: ولم يختلفوا في مدّ وما آتيتم من زكاة [الروم/ 39] فهذا كقوله: وإيتاء الزكاة [الأنبياء/ 73]، وإن كان لو قال: أتيت الزكاة لجاز أن يعني به فعلتها، ولكنّ الذي جاء منه في التنزيل. وسائر الكلام: الإيتاء). [الحجة للقراء السبعة: 5/448]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلّهم قرأ: ليربوا في أموال الناس [الروم/ 39] غير نافع، فإنّه قرأ (لتربو) بالتاء، ساكنة الواو.
قال [أبو علي]: فاعل ليربو، الربا المذكور في قوله: وما آتيتم من ربا وقدّر المضاف وحذف كأنّه اجتلاب أموال الناس، واجتذابها ونحو ذلك، وكأنّه سمّي هذا المدفوع على وجه اجتلاب الزيادة ربا لما كان الغرض فيه الاستزادة على ما أعطى، فسمّي باسم الزيادة، والربا: هو الزيادة، وبذلك سمّي المحرّم المتوعّد عليه فاعله ربا لزيادة ما يأخذ على ما أعطى، والمدفوع ليس في الحقيقة ربا، إنّما المحرّم الزيادة التي يأخذها زائدا على ما أعطى فسمّي الجميع ربا، وكذلك ما أعطاه الواهب والمهدي لاستجلاب الزيادة سمي ربا، لمكان الزيادة المقصودة في المكافأة، فوجه ليربو في أموال الناس ليربو ما آتيتم فلا يربو عند الله، لأنّه لم يقصد به وجه البرّ والقربة، إنّما قصد به اجتلاب الزيادة، ولو قصد به وجه الله لكان كقوله: وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون
[الحجة للقراء السبعة: 5/447]
[الروم/ 39] أي صرتم ذوي أضعاف من الثواب على ما أتوا من الزكاة تعطون بالحسنة عشرة كما قال تعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها [الأنعام/ 160] وقول نافع (لتربو) أي لتصيروا ذوي زيادة فيما أتيتم من أموال الناس، أي: تستدعونها وتجتلبونها، وكأنّه من أربى أي: صار ذا زيادة، مثل: أقطف، وأجرب). [الحجة للقراء السبعة: 5/448]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما آتيتم من ربًّا ليربو في أموال النّاس فلا يربو عند الله}
قرأ ابن كثير وما أتيتم من ربًّا من غير مد أي ما جئتم وقرأ الباقون {وما آتيتم من ربًّا} أي ما أعطيتم من قوله {فآتاهم الله ثواب الدّنيا} أي أعطاهم
وأما قصر ابن كثير فإنّه يؤول في المعنى إلى قول من مد إلّا أن أتيتم على لفظ جئتم فكأنه ما جئتم من ربًّا ومجيئهم لذلك
[حجة القراءات: 558]
إنّما هو على وجه الإعطاء له ومعنى الآية وما أعطيتم من هديّة أهديتموها لتعوضوا ما هو أكثر منها فلا يربو عند الله لأنكم إنّما قصدتم إلى زيادة العوض ولم تبتغوا بذلك وجه الله
قال عكرمة هما ربوان أحدهما حلال والآخر حرام فأما الحلال فالرجل يعطي أخاه هديّة ليكافئه المهدى إليه بأضعافه لا أنه يهدي إليه ابتغاء وجه الله فهذا حلال علينا وحرام على النّبي صلى الله عليه وأما الحرام فهو أن يعطي الرجل دينارا على أن يأخذ أزيد منه
قرأ نافع (لتربوا في أموال النّاس) بضم التّاء وسكون الواو فالتاء ها هنا للمخاطبين والواو واو الجمع والواو الّتي هي لام الفعل ساقطة لسكونها وسكون هذه فالأصل لتربوون فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها فصار لتربيون ثمّ حذفنا حركة الياء فاجتمع ساكنان الياء والواو فحذفت الياء لسكونها وسكون الواو وسقطت النّون علامة للنصب وفاعل الرّبا القوم الّذين خوطبوا المعنى لتربوا أنتم أي تعطون العطيّة لتزدادوا بها أنتم وحجته أنّها كتبت في المصاحف بألف بعد الواو
وقرأ الباقون (ليربو) بالياء وفتح الواو ويكون فاعل يربو الرّبا المعنى ليربو الرّبا وعلامة النصب فتح الواو وحجتهم الّذي بعده وهو قوله {فلا يربو عند الله} ولم يقل فلا تربون). [حجة القراءات: 559]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {وما آتيتم من ربا} قرأه ابن كثير بغير مد، جعله من باب المجيء، وقرأ الباقون بالمد، جعلوه من باب الإعطاء ومعناه وما أعطيتم من عطية، لتعوضوا أكثر منها، فلا ثواب لكم فيها عند الله، وذلك مثل الرجل يهدي إلى الرجل هدية ليعوضه أكثر منها، وهذا مباح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو غير مباح للنبي عليه السلام لقوله تعالى: {ولا تمنن تستكثر} «المدثر 6»، أي: لا تعط يا محمد عطية لتأخذ أكثر منها، وترك المد معناه: ما جئتم من ربا، فهو يرجع إلى معنى الإعطاء، والمد الاختيار؛ لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/184]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {ليربوا} قرأه نافع بتاء مضمومة، وإسكان الواو على المخاطبة؛ لأن قبله: {وما آتيتم من ربا} فرد الخطاب على الخطاب، والتقدير: لتصيروا ذوي ربا، أي: ذوي زيادة فيما أعطيتم، وسمي ما يعطون ربا، لأنه للزيادة يعطونه، فالفعل للجمع، وحذف النون على النصب بلام «كي»، وقرأ الباقون بياء مفتوحة، وفتح الواو، ردوه على الربا، ونصبوا الفعل بلام كي، لأنه واحد، والمعنى: ليربوا ذلك الذي تعطونه، وسمي ما يعطونه ربا باسم
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/184]
ما يُبتغى به، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، ولم يختلف في مد «وما آتيتم من زكاة» لأنه بمعنى الإعطاء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/185]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {وَمَا أَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا} [آية/ 39] بقصر الألف من {أَتَيْتُمْ}:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه بمعنى جئتم، أي وما جئتموه من الربا فلا يربو عند الله، ومجيئهم إياه إنما هو بالإعطاء، والمراد بالربا ههنا هو أن يُهدي الإنسان لغيره هدية ليكافئه بأكثر منها، يقول لا يربو ذلك عند الله، أي لا يزيد ولا يتضاعف؛ لأنكم طلبتم به العوض لا وجه الله، وهذا هو الربا الحلال.
وقال بعضهم: المراد به هو الربا الحرام، وقوله {لَا يَرْبُو} عند الله أي أنه يمحقه، كما قال تعالى {يَمْحَقُ الله الرِّبَا}.
[الموضح: 1005]
وقرأ الباقون {آَتَيْتُمْ} بالمد. ولم يختلفوا في الثانية أنها بالمد.
والوجه أن آتيتم: أعطيتم، تقول آتيته مالًا، إذا أعطيته). [الموضح: 1006]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {لِتُرْبُوا} [آية/ 39] بالتاء مضمومة، وبسكون الواو:
قرأها نافع ويعقوب.
والوجه أن الفعل من أفعل الذي يفيد المصير على صفة، كقولهم أجرب أي صار ذا إبلٍ جربى، وأقوى: صار ذا إبل قوية، فقوله {لِتُرْبُوا} معناه لتكونوا ذوي زيادة على ما أعطيتم.
وقال بعضهم: معناه لتكثروا أموالكم، فيكون أربى على هذا متعديًا.
وقرأ الباقون {لِيَرْبُوَا} بالياء مفتوحة، ونصب الواو.
والوجه أن المعنى ليزداد، يقال ربا يربوا إذا ازداد، وربا الجلد إذا انتفخ، من هذا). [الموضح: 1006]

قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({الله الّذي خلقكم ثمّ رزقكم} {سبحانه وتعالى عمّا يشركون} 40
قرأ حمزة والكسائيّ (سبحانه وتعالى عمّا تشركون) بالتّاء وحجتهما في ذلك أن ذلك أتى عقيب الخطاب في قوله {الله الّذي خلقكم ثمّ رزقكم}
[حجة القراءات: 559]
فجرى ما بعد ذلك على لفظ ما تقدمه من الخطاب
وقرأ الباقون بالياء جعلوا الكلام خبرا عن أهل الشّرك). [حجة القراءات: 560]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {وَتَعَالَى عَمَّا تُشْرِكُونَ} [آية/ 40] بالتاء:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه على المخاطبة؛ لأن ما قبله أيضًا على المخاطبة، وهو قوله
[الموضح: 1006]
تعالى {الله الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ} والمخاطبون هم الكفار.
وقرأ الباقون {يُشْرِكُونَ} بالياء.
والوجه أن التقدير: تعالى عما يشرك المشركون). [الموضح: 1007]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م 09:14 AM

سورة الروم
[ من الآية (41) إلى الآية (46) ]

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ (42) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43) مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45) وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46)}


قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ليذيقهم بعض الّذي (41)
قرأ ابن كثير وحده (لنذيقهم) بالنون.
وقرأ الباقون (ليذيقهم).
قال أبو منصور: من قرأ (ليذيقهم) فالمعنى: ليذيقهم الله.
ومن قرأ (لنذيقهم)
فالمعنى: لنذيقهم نحن جزاء أعمالهم، والفعل للّه أيضًا). [معاني القراءات وعللها: 2/266]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير وحده: (لنذيقهم بعض الذي عملوا) [الروم/ 41] بالنون، وكذلك قرأت على قنبل ولم يتابعه أحد في هذه الرواية.
عبيد بن عقيل ومحمد بن صالح والبزّي عن شبل عن ابن كثير: ليذيقهم بالياء. وكذلك قال الخزاعي عن ابن فليح ورأيته لا يعرف النون.
وقرأ الباقون: ليذيقهم بالياء.
قال أبو علي: الجار يتعلق بقوله: ظهر الفساد في البر والبحر [الروم/ 41] المعنى ظهر الجذب في البرّ والبحر، والبحر: الريف.
وقال بعض المفسّرين: هذا قبل أن يبعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
امتلأت الأرض ظلما وضلالة، فلمّا بعث الله النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم رجع راجعون، والقحط يدلّ عليه قوله تعالى: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات [البقرة/ 155] وقوله: ليذيقهم، فيه ضمير اسم الله، وهو في المعنى مثل (لنذيقهم) ). [الحجة للقراء السبعة: 5/451]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الّذي عملوا}
قرأ ابن كثير في رواية القواس (لنذيقهم بعض الّذي) بالنّون الله يخبر عن نفسه
وقرأ الباقون بالياء إخبارًا عنهم أي ليذيقهم الله). [حجة القراءات: 560]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {ليذيقهم} قرأ قنبل بالنون على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، وقرأ الباقون بالياء، حملوه على لفظ الغيبة التي قبله، وهو قوله: {الله الذي خلقكم} «40»، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، وقد تقم ذكر «يشركون» و«كسفا» و«لا تسمع الصم» و«بهاد العمي» فأغنى عن إعادة ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/185]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {لِنُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي} [آية/ 41] بالنون:
رُوي عن ل-، وخالفه المطوعي عن ابن كثير.
وقرأها أيضًا بالنون يعقوب ح- و-ان-.
والوجه أن الفاعل هو الله تعالى، فجاء بالنون حملًا على لفظ الجمع للتعظيم.
وقرأ الباقون {لِيُذِيقَهُمْ} بالياء، وكذلك يس- عن يعقوب.
والوجه أن الفعل لله تعالى، والضمير عائد إلى اسمه سبحانه في قوله {الله الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ} ). [الموضح: 1007]

قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ (42)}
قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43)}
قوله تعالى: {مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44)}
قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45)}
قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م 09:16 AM

سورة الروم
[ من الآية (47) إلى الآية (53) ]

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (53)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)}
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلّهم قرأ: ويجعله كسفا [الروم/ 48] مفتوحة السين غير ابن عامر فإنه قرأ: (كسفا) ساكنة السين.
[قال أبو علي]: الكسف القطع، الواحدة كسفة، مثل: سدرة وسدر، ومن قرأ (كسفا) أمكن أن يجعله مثل سدرة وسدر، فيكون معنى القراءتين واحدا وقوله بعد: فترى الودق يخرج من خلاله [الروم/ 43] يجوز أن يعود الضمير إلى الكسف فذكّر، كما جاء من الشجر الأخضر [يس/ 80] ويجوز أن يعود إلى السحاب.
ومن قال: كسفا رجع الضمير إلى السحاب على قوله لا غير). [الحجة للقراء السبعة: 5/448]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي عليه السلام: [مِن خَلَلِه]، وكذا ابن عباس والضحاك والحسن، بخلاف.
قال أبو الفتح: يجوز أن يكون "خلل" واحد خِلال، كجَبَل وجِبال، ودار ودِيَار. ويجوز أن يكون خلال واحدًا عَاقَبَ خللا، كالغَرَاء والغِرَاء، والصَلَى والصَّلاء. وسُمِّيَ الرجلُ خليلا، كأنه يسدُّ خَلَلَ خَلِيلِهِ، فهذا إذا للسلب لا للإثبات، كالسُّكاك للهواء بين الأرض والسماء، كأنه استلب معنى س ك ك، وهو الضيق، وقد تقدم نحو هذا). [المحتسب: 2/164]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({الله الّذي يرسل الرّياح فتثير سحابا فيبسطه في السّماء كيف يشاء ويجعله كسفا} 48
قرأ ابن عامر ويجعله كسفا ساكنة السّين وقرأ الباقون بفتح السّين جمع كسفة مثل قطعة وقطع وكسرة وكسر وسدرة وسدر
ومن قرأ كسفا ساكنة السّين فهي جمع كسفة مثل سدرة وسدر
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائيّ (الله الّذي يرسل الرّيح) بغير ألف وقرأ الباقون بالألف وقد ذكرت الحجّة في سورة البقرة). [حجة القراءات: 560]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {الله الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ} [آية/ 48] بالجمع.
قرأها نافع وابن عامر وأبو عمرو وعاصم ويعقوب.
وكلهم قرأ في الأول وهو {الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} بالجمع.
والوجه أنه جمع ريح، والمراد ههنا كل الرياح، فإن جميعها يرسلها الله تعالى.
[الموضح: 1007]
وقرأ الباقون {يُرْسِلُ الرِّيحَ} بالوحدة.
والوجه أن الريح ههنا يراد بها الكثرة؛ لأنها اسم جنس فيه الألف واللام، فالمراد به وإن كان اللفظ واحدًا الجمع.
وذكر بعض أهل اللغة أن الريح جمع ريحةٍ، فهو جمعٌ لفظًا ومعنىً، وعند المحققين أن ما كان بين جمعه وواحده الهاء نحو تمرة وتمر فإنه اسم جنس، والكثرة حاصلة فيه من جهة الجنسية). [الموضح: 1008]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {كِسْفًا} [آية/ 48] بسكون السين:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أنه يجوز أن يكون واحدًا كحِمْلٍ، ويجوز أن يكون جمعًا لكسفةٍ كسدرٍ لجمع سدرةٍ.
وقرأ الباقون {كِسَفًا} بفتح السين.
والوجه أنه جمع كسفةٍ، كما يقال قطعة وقطع). [الموضح: 1008]

قوله تعالى: {وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49)}
قوله تعالى: {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فانظر إلى آثار رحمت اللّه (50)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر، ويعقوب (إلى أثر رحمت اللّه) موحدا.
وقرأ الباقون (آثار رحمت اللّه).
[معاني القراءات وعللها: 2/265]
قال أبو منصور: من قرأ (آثار) فهو جمع الأثر.
ومن قرأ (أثر) فهو من واحد، معناه: الآثار). [معاني القراءات وعللها: 2/266]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الجمع والتوحيد من قوله تعالى: (فانظر إلى أثر رحمة الله) [الروم/ 50] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر: (إلى أثر) على واحدة. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم: إلى آثار رحمة الله جماعة.
قال أبو علي: الإفراد في (أثر) لأنّه مضاف إلى مفرد، وجاز
[الحجة للقراء السبعة: 5/448]
الجمع لأنّ رحمة الله، يجوز أن يراد به الكثرة كما قال سبحانه: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها [النحل/ 18] فأمّا قوله: كيف يحيي الأرض [الروم/ 50] فيجوز أن يكون فاعله الأثر، ويجوز أن يكون فاعله: الضمير الذي يعود إلى اسم الله، وأن يكون الفاعل: الذكر العائد إلى اسم الله تعالى أولى، لقوله: أن الله يحيي الأرض بعد موتها [الحديد/ 17] ولنحيي به بلدة ميتا [الفرقان/ 49] ونحو هذا من الآي.
ومن ردّ الذكر الذي في يحيي إلى الأثر لزمه إذا قال: إلى آثار رحمة الله أن يقول: (تحيي) بالتاء، إذا جعل الفعل للآثار). [الحجة للقراء السبعة: 5/449]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الجحدري وابن السميفع وأبي حيوة: [أثَر رَحْمَةِ اللَّهِ]، [كيْفَ تُحْيي].
قال أبو الفتح ذهب بالتأنيث إلى لفظ "الرحمة" ولا تقول على هذا: أما ترى إلى غلام هند كيف تضرب زيدا؟ بالتاء وفرق بينهما أن الرحمة قد يقوم مقامها أثرها، فإذا ذكرت أثرها فكأن الغرض في ذلك إنما هو هي. تقول: رأيت عليك النعمة، ورأيت عليك أثر النعمة، ولا يعبر عن هند بغلامها.
ألا ترى أنك لا تقول رأيت غلام هند وأنت تعني أنك رأيتها؟ وأثر النعمة كأنه هو النعمة، وقوله: {كَيْفَ تُحْيِي} جملة منصوبة الموضع على الحال، حملا على المعنى لا على اللفظ؛ وذلك أن اللفظ استفهام، والحال ضرب من الخبر، والاستفهام والخبر معنيان متدافعان. وتلخيص كونها حالا أنه كأنه قال: فانظر إلى أثر رحمة الله محيية للأرض بعد موتها، كما أن قوله:
ما زِلْتُ أسعَى معهمْ وأختبِط ... حتى إذا جاء الظلامُ المُخْتَلِط
جاءُوا بِضَيْحٍ هَلْ رَأيْتَ الذِّيبَ قَطّ؟
فقوله: هل رأيت الذيب قط جملة استفهامية، إلا أنها في موضع وصف "الضيح" حملا على معناها دون لفظها؛ لأن الصفة ضرب من الخبر، فكأنه قال: جاءوا بضيح يشبه لونه لون الذئب. والضيح: هو اللبن المخلوط بالماء، فهو يضرب إلى الخضرة والطلسة، وعليه قول الآخر:
إلَى اللهِ أَشْكُو بالمدينةِ حاجَةً ... وبالشَّامِ أُخْرَى كَيْفَ تَلْتَقِيانِ؟
[المحتسب: 2/165]
فقوله: كيف تلتقيان جملة في موضع نصب بدلا من "حاجةً" وحاجةً، فكأنه قال: إلى الله أشكو هاتين الحالتين تعذر التقائهما, هذا أحسن من أن تقتطع قوله: كيف تلتقيان مستأنفا، لأن هذا ضرب من هجنة الإعراب، لأنه إنما يشكو تعذر التقائهما، ولا يريد استقبال الاستفهام عنهما). [المحتسب: 2/166]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فانظر إلى آثار رحمة الله} 50
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر (فانظر إلى أثر رحمة الله) بغير ألف على التّوحيد وحجتهم أن الواحد ينوب على الجميع كما قال سبحانه {هم أولاء على أثري} ولم يقل آثاري ويجوز التّوحيد في أثر لأنّه مضاف إلى مفرد وجاز الجمع لأن رحمة الله يجوز أن يراد بها الكثرة كما قال جلّ وعز {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}
وقرأ الباقون {آثار رحمة الله} أي آثار المطر الّذي هو رحمة من الله). [حجة القراءات: 561]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {إلى آثار رحمت الله} قرأه ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي «آثار» بالجمع، لكثرة ما تؤثر الرحمة في الأرض، وهو المطر، وقرأ الباقون بالتوحيد؛ لأنه لما أضيف إلى مفرد أفرد ليتألف الكلام، وأيضًا فإن الواحد يدل على الجمع، وهو أخف، وهو الاختيار، ويقوي ذلك أن بعده {كيف يحيي الأرض} فهذا إخبار عن واحد، ويلزم من قرأ «آثار» بالجمع أن يقرأ: {كيف تحيي} بالتاء، لتأنيث لفظ الآثار، ولكن لا يقرأ بذلك لأن من قرأ «آثار» بالجمع جاز له أن يقدر أن الفاعل في «يحيى» هو الله جل ذكره،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/185]
لتقدم ذكره، فلا يلزمه أن يقرأ بالتاء لجمع «الأثر»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/186]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ الله} [آية/ 50] على الجمع:
قرأها ابن عامر وحمزة والكسائي و-ص- عن عاصم.
والوجه أنه جمع أثرٍ، وإنما جُمع؛ لأنه أُضيف إلى رحمة الله، ورحمة الله وإن كان لفظها واحدًا، فالمراد به الجمع كقوله تعالى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لَا تُحْصُوهَا}.
وقيل: بل لأنه أراد بالرحمة الأمطار
[الموضح: 1008]
وقرأ الباقون وعاصم ياش- {أَثَرِ} على الوحدة.
والوجه أنه لما كان رحمة الله واحدة في اللفظ وُحِّد لفظ ما أُضيف إليها، وهو {أَثَر}، إرادة التناسب، والمراد بكليهما الجمع). [الموضح: 1009]

قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51)}
قوله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلّهم قرأ: ولا تسمع الصم [الروم/ 52]، نصبا غير ابن كثير فإنّه قرأ: (ولا يسمع الصمّ) رفعا، عباس عن أبي عمرو مثل ابن كثير.
قال أبو علي: هذا مثل ضربه الله للكافر، والمعنى: كما أنّك لا تسمع الميت لبعد استماعه وامتناع ذلك منه، كذلك لا تسمع الكفّار، والمعنى: أنّه لا ينتفع بما يسمعه لأنّه لا يعيد، ولا يعمل به، ويبعد عنه، فإذا كان كذلك فمعنى: ولا تسمع ولا يسمع يتقاربان، لأنّ المعنى: إنّك لا تسمع الكافر ما تأتيه من حكمة وموعظة كما لا تسمع الأصمّ المدبر عنك، إلّا أنّ لا تسمع أحسن ليكون مشاكلا لما قبله في
[الحجة للقراء السبعة: 5/449]
إسناد الفعل إليك أيها المخاطب، وحكم المعطوف أن يكون مشاكلا [لما عطف عليه] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/450]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فإنّك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدّعاء إذا ولوا مدبرين * وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم} 51 و52
قرأ ابن كثير {ولا يسمع} بالياء وفتحها {الصم} رفع أي لا ينقادون للحق لعنادهم كما لا يسمع الأصم ما يقال له
وقرأ الباقون {لا تسمع} بالتّاء {الصم} نصب خطاب لرسول الله صلى الله عليه وحجتهم ما ذكره في أول الآية وهو قوله {فإنّك لا تسمع الموتى} فأسند الفعل إلى المخاطب فكذلك تسند إليه ما بعده ليكون الكلام على نظام واحد
قرأ حمزة (وما أنت تهدي) بالتّاء {العمي} نصب
[حجة القراءات: 561]
وقرأ الباقون {بهادي} بالباء والألف و{العمي} جر وقد ذكرت في {طس} و{بهادي} أثبتها الكسائي في الوقف
قال سيبويهٍ حذف الياء من هادي لالتقائها مع التّنوين فلمّا وقف حذف التّنوين في الوقف فلمّا حذف التّنوين عادت الياء وكانت حذفت لالتقائها ساكنة مع التّنوين فيقول هادي أو يكون أريد ب هادي الإضافة ولم ينون فلمّا لم ينون لم يلزم أن تحذف الياء كما تحذف إذا نون لسكونها وسكون الياء). [حجة القراءات: 562] (م)

قوله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (53)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعز: (وما أنت بهاد العمي (53)
وقف عليها الكسائي ويعقوب بياء.
وقرأها حمزة وحده (تهدي العمي) بالتاء، وإظهار الياء في الوقف على (تهدي).
قال الأزهري: من قرأها (وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم)
فمعناه: ما أنت بصارف الذين ضلوا عن ضلالتهم ولذلك قال (عن).
وقيل معناه ما أنت بمرشدٍ الكفار بعد ضلالتهم في سابق علم الله.
فـ (عن) بمعنى: بعد). [معاني القراءات وعللها: 2/267]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فإنّك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدّعاء إذا ولوا مدبرين * وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم} 51 و52
قرأ ابن كثير {ولا يسمع} بالياء وفتحها {الصم} رفع أي لا ينقادون للحق لعنادهم كما لا يسمع الأصم ما يقال له
وقرأ الباقون {لا تسمع} بالتّاء {الصم} نصب خطاب لرسول الله صلى الله عليه وحجتهم ما ذكره في أول الآية وهو قوله {فإنّك لا تسمع الموتى} فأسند الفعل إلى المخاطب فكذلك تسند إليه ما بعده ليكون الكلام على نظام واحد
قرأ حمزة (وما أنت تهدي) بالتّاء {العمي} نصب
[حجة القراءات: 561]
وقرأ الباقون {بهادي} بالباء والألف و{العمي} جر وقد ذكرت في {طس} و{بهادي} أثبتها الكسائي في الوقف
قال سيبويهٍ حذف الياء من هادي لالتقائها مع التّنوين فلمّا وقف حذف التّنوين في الوقف فلمّا حذف التّنوين عادت الياء وكانت حذفت لالتقائها ساكنة مع التّنوين فيقول هادي أو يكون أريد ب هادي الإضافة ولم ينون فلمّا لم ينون لم يلزم أن تحذف الياء كما تحذف إذا نون لسكونها وسكون الياء). [حجة القراءات: 562] (م)

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م 09:18 AM

سورة الروم
[ من الآية (54) إلى الآية (60) ]

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) فَيَوْمَئِذٍ لَّا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)}


قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ) و(من بعد ضعفٍ) و(من بعد قوّةٍ ضعفًا (54)
قرأ عاصم وحمزة بفتح الضاد.
وقرأ حفص من قبل نفسه (من ضعفٍ) بضم الضاد، خالف عاصمًا في هذه الحرف وحده.
وقرأ الباقون بضم الضاد.
قال أبو منصور: هما لغتان: ضعفت، وضعت.
والضم أحب إلى أهل الآثار لما روي فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). [معاني القراءات وعللها: 2/267]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الضّاد وفتحها من قوله جلّ وعزّ: (الله الذي خلقكم من ضعف) [الروم/ 54] فقرأ عاصم وحمزة من ضعف بفتح الضاد فيهنّ كلّهنّ. وقرأ الباقون: (من ضعف) في كلهنّ بضم الضاد، وقرأ حفص عن نفسه (ضعف) بضم الضاد.
قال [أبو علي]: هما لغتان ومثله: الفقر والفقر، وروي عن ابن عمر أنّه قال: قرأت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من ضعف، فقال: (من ضعف).
والمعنى: خلقكم من ضعف أي من ماء ذي ضعف كما قال: ألم نخلقكم من ماء مهين [المرسلات/ 20] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/450]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({الله الّذي خلقكم من ضعف ثمّ جعل من بعد ضعف قوّة ثمّ جعل من بعد قوّة ضعفا وشيبة}
قرأ عاصم وحمزة {من ضعف} بفتح الضّاد وقرأ الباقون بالرّفع وهما لغتان مثل القرح والقرح). [حجة القراءات: 562]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {من ضعف} قرأه أبو بكر وحمزة بفتح الضاد، في ثلاثة مواضع في هذه السورة، وقد ذكر عن حفص أنه رواه عن عاصم، واختار الضم لرواية قويت عنده، وهو ما رواه ابن عمر قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم «من ضَعف» يعني بالفتح، قال: فردّ علي النبي صلى الله عليه وسلم من «من ضُعف» يعني بالضم في الثلاثة، وروي عنه أنه قال: ما خالفت عاصمًا في شيء مما قرأت به عليه إلا في ضم هذه الثلاث كلمات، وقرأ الباقون فيهن بالضم، وهما لغتان كالفقر والفقر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/186]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {مِنْ ضَعْفٍ} و{مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً} و{مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا} بفتح الضاد في جميعها [آية/ 54]:
قرأها عاصم وحمزة، وخالف ص- عاصمًا في هذه السورة فقرأها بالضم عن نفسه لا عن عاصم.
وقرأ الباقون بضم الضاد فيهن.
والوجه أن الضعف والضَّعف والضُّعف لغتان، كالفَقر والفُقر، والمعنى: خلقكم من ذي ضعفٍ أي من ماء ضعيف وهو المهين الذي ذُكر في قوله تعالى {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} ). [الموضح: 1009]

قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55)} قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {كَذَلِك كَّانُوا} [آية/ 55] بإدغام الكاف في الكاف:
قرأها أبو عمرو إذا أدغم، ويعقوب يس-.
والوجه أن المتجانسين قد اجتمعا فحسُن الإدغام، وإن كانا من كلمتين، كما لو كانا من كلمة واحدة.
[الموضح: 1009]
وقرأ الباقون ويعقوب ح- بالإظهار.
والوجه أنه هو الأصل؛ لأن الإدغام إعلالٌ، والإظهار تصحيحٌ، والأصل في الكلمة الصحةُ، ويقوي الإظهار أنهما من كلمتين، فالواحد منهما في حكم المزايل المفارق للآخر). [الموضح: 1010]

قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [إِلَى يَوْمِ الْبَعَثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعَثِ]، بفتح العين فيهما.
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على حديث فتحة الحرف الحلقي إذا كان ساكن الأصل تاليا للفتح، وذكر الفرق بين قولنا وقول البغداديين فيه، وأننى أرى فيه رأيهم لا أرى أصحابنا. وذكرت ما سمعته من الشجري وغيره من قولهم فيه: أنا محموم، وقوله: يغذو، وهو يريد: يغذو. فلا حاجة لإعادته هنا، فكذلك يجوز أن يكون أراد "البعث على قراءة الجماعة، ثم حرك بالفتح لأجل حرف الحلق). [المحتسب: 2/166]

قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فيومئذٍ لا ينفع الّذين ظلموا معذرتهم (57)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والحضرمي (لا تنفع) بالتاء ها هنا وفي المؤمن.
وقرأ نافع في الروم بالتاء، وفي المؤمن بالياء - وروى النقاش عن ابن عامر مثل ذلك، وخالفه ابن الأخرم فقال: جميعًا بالياء.
وقرأ الكوفيون بالتاء في السورتين.
قال أبو منصور: بن قرأ بالتاء فللفظ (المعذرة)؛ لأنها مؤنثة.
ومن قرأ بالياء فلأنه مصدر (كالعذر)، فذهب إلى المعنى لا إلى اللفظ، ومثله كثير في القرآن). [معاني القراءات وعللها: 2/266]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عزّ وجلّ: فيومئذ لا ينفع [الروم/ 57]. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (لا تنفع) بالتاء هاهنا، وفي المؤمن [52] أيضا. وقرأ نافع وابن عامر: هاهنا بالتاء وفي المؤمن بالياء.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بالياء فيهما.
[قال أبو علي]: التأنيث حسن لأنّ المعذرة اسم مؤنث. فأمّا التذكير فلأنّ التأنيث ليس بحقيقي، وقد وقع الفصل بين الفاعل
[الحجة للقراء السبعة: 5/450]
وفعله، والفصل يحسّن التذكير، وقد قال فيما لم يقع فيه الفصل فمن جاءه موعظة من ربه [البقرة/ 275] فإذا انضمّ الفصل إلى أنّ التأنيث ليس بحقيقي قوي التذكير). [الحجة للقراء السبعة: 5/451]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فيومئذٍ لا ينفع الّذين ظلموا معذرتهم}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {فيومئذٍ لا ينفع الّذين} بالياء وقرأ الباقون بالتّاء لتأنيث المعذرة ومن قرأ بالياء قال إن المعذرة بمعنى العذر كما قال تعالى {فمن جاءه موعظة من ربه} بالتذكير لأن الموعظة بمعنى الوعظ). [حجة القراءات: 562]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {لا ينفع الذين ظلموا} قرأه الكوفيون بالياء، حملوه على العذر، وهو مذكر لأن المعذرة والعذر سواء، وأيضًا فقد فرق بين المؤنث وفعله بالمفعول، فقوي التذكير، وقرأ الباقون بالتاء، لتأنيث لفظ المعذرة، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/186]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} [آية/ 57] بالياء:
قرأها الكوفيون، وكذلك في المؤمن، وتابعهم نافع في المؤمن.
والوجه أن تأنيث الفاعل غير حقيقي، وهو المعذرة، فيجوز تذكيره حملًا على معنى العُذر كقوله تعالى {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ}؛ لأن الموعظة وعظٌ، وازداد التذكير ههنا حسنًا لمكان الفصل بين الفعل وفاعله.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب {تَنْفَعُ} بالتاء في السورتين.
والوجه أن فاعل الفعل مؤنث وهو المعذرة، لمكان التاء التي فيه). [الموضح: 1010]

قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58)}
قوله تعالى: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59)}
قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا يستخفّنّك (60)
[معاني القراءات وعللها: 2/267]
قرأ يعقوب وحده (ولا يستخفّنك) بسكون النون.
وقرأ الباقون بتشديد النون.
قال أبو منصور: هي نون التأكيد، يجوز فيها التخفيف والتشديد.
ومعنى (ولا يستخفّنّك) لا يستجهلنك الذين لا يوقنون فيستزلّوك حتى تتبعهم). [معاني القراءات وعللها: 2/268]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن أبي إسحاق ويعقوب: [ولا يَسْتَحِقَّنَّكَ].
قال أبو الفتح: أي لا يغلبنك، فيصيروا أحق بك منك بنفسك، هذا محصول هذه القراءة). [المحتسب: 2/166]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {وَلَا يَسْتَخِفَّنْكَ} [آية/ 60] بسكون النون:
قرأها يعقوب وحده يس- و-ان-.
[الموضح: 1010]
وقرأ الباقون ويعقوب ح- {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ} بتشديد النون.
والوجه فيهما أنهما نونان للتأكيد مخففة ومثقلة، والمثقلة أكثر تأكيدًا؛ لأنهما نونان أُدغم أحدهما في الآخر، والمخففة نونٌ واحدة، والمعنى لا يستجهلنّك المرتابون فيستنزلوك عن الحق). [الموضح: 1011]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


الساعة الآن 06:57 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة