جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   تفسير سورة النور (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=855)
-   -   تفسير سورة النور [ من الآية (47) إلى الآية (53) ] (http://jamharah.net/showthread.php?t=20701)

أسماء الشامسي 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م 09:28 AM

تفسير سورة النور [ من الآية (47) إلى الآية (53) ]
 
{ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52) ۞ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ۖ قُلْ لَا تُقْسِمُوا ۖ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الوقف والابتداء


محمد أبو زيد 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م 05:59 PM

جمهرة تفاسير السلف
 
تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويقولون آمنّا باللّه وبالرّسول وأطعنا ثمّ يتولّى فريقٌ منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين (47) وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم إذا فريقٌ منهم معرضون}.
يقول تعالى ذكره: ويقول المنافقون: صدّقنا باللّه وبالرّسول وأطعنا اللّه وأطعنا الرّسول. {ثمّ يتولّى فريقٌ منهم} يقول: ثمّ تدبر كلّ طائفةٍ منهم من بعد ما قالوا هذا القول عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وتدعو إلى المحاكمة إلى غيره خصمها. {وما أولئك بالمؤمنين} يقول: وليس قائلو هذه المقالة، يعني قوله: {آمنّا باللّه وبالرّسول وأطعنا} بالمؤمنين، لتركهم الاحتكام إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وإعراضهم عنه إذا دعوا إليه). [جامع البيان: 17/341]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ويقولون آمنّا باللّه.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية قوله: ويقولون آمنّا باللّه قال: هؤلاء المنافقين.
قوله: بالله.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثنا عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: آمنّا باللّه يعنى يصدّقون بتوحيد اللّه.
قوله: وأطعنا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا بكر بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قول اللّه وأطعنا قال أقرّوا للّه أن يطيعوه في أمره ونهيه.
قوله: ثمّ يتولّى فريقٌ منهم من بعد ذلك.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: ثمّ يتولّى فريقٌ منهم من بعد ذلك قال أناسٌ من المنافقين أظهروا الإيمان والطّاعة وهم في ذلك يصدّون عن سبيل اللّه وطاعته وجهادٍ في سبيله.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: بالمؤمنين يعنى بالمصدّقين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2621-2622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم يأتوا إليه مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون * أنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين} قال: أناس من المنافقين أظهروا الايمان والطاعة وهم في ذلك يصدون عن سبيل الله وطاعته وجهاد مع رسوله). [الدر المنثور: 11/94]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله} يقول: وإذا دعي هؤلاء المنافقون إلى كتاب اللّه وإلى رسوله {ليحكم بينهم} فيما اختصموا فيه بحكم اللّه، {إذا فريقٌ منهم معرضون} عن قبول الحقّ والرّضا بحكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 17/341]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم إذا فريقٌ منهم معرضون (48)
قوله: وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ قال: وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم قالوا: بل نحاكمكم إلى كعب بن الأشرف.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا مباركٌ، ثنا الحسن، قال: كان الرّجل إذا أراد أن يظلم فدعي إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أعرض وقال:
انطلق إلى فلانٍ فأنزل اللّه: وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم إلى قوله الظّالمون.
قوله: إذا فريقٌ منهم معرضون.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء ابن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: فريقٌ منهم يعنى طائفةً
قوله: معرضون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: معرضون قال: عن كتاب اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: ان الرجل كان يكون بينه وبين الرجل خصومة أو منازعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا دعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو محق أذعن وعلم أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سيقضي له بالحق واذا أراد أن يظلم فدعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعرض وقال: انطلق إلى فلان فانزل الله {وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم} إلى قوله {هم الظالمون} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بينه وبين أخيه شيء فدعاه إلى حكم [ حاكم ] من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/94]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعي إلى سلطان فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/95]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {مذعنين} [النور: 49] : «يقال للمستخذي مذعنٌ»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مذعنين يقال للمستخذي مذعنٌ قال أبو عبيدة في قوله يأتوا إليه مذعنين أي مستخذين وهو بالخاء والذّال المعجمتين وروى الطّبريّ من طريق مجاهدٍ في قوله مذعنين قال سراعًا وقال الزّجّاج الإذعان الإسراع في الطّاعة). [فتح الباري: 8/446-447]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مذعنين يقال للمستخذي مذعنٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين} (النّور: 49) وأشار بقوله: (يقال) : ... إلى آخره: أن معنى: مذعنين، مستخذين من استخذى بالخاء والذال المعجمتين أي: خضع، قاله الكرماني، وقال الجوهري: يقال خذت النّاقة تخذي أسرعت مثل وخذت وخوذت كله بمعنى واحد، وقال أيضا: خذا الشّيء يخذو وخذواً: استرخي، وخذي بالكسر مثله، وأما المذعن فمن الإذعان وهو الإسراع، قال الزّجاج: يقال أذعن لي بحقي أي: طاوعني لما كنت ألتمس منه وصار يسرع إليه). [عمدة القاري: 19/72]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (مذعنين) في قوله تعالى: {وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين} [النور: 49] (يقال للمستخذي) بالخاء والذال المعجمتين اسم فاعل من استخذى أي خضع (مذعن) بالذال المعجمة أي منقاد يريد إن كان لهم الحكم لا عليهم يأتوا إليه منقادين لعلمهم بأنه يحكم لهم). [إرشاد الساري: 7/249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين (49) أفي قلوبهم مرضٌ أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله بل أولئك هم الظّالمون}.
يقول تعالى ذكره: وإن يكن الحقّ لهؤلاء الّذين يدعون إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم، فيأبون ويعرضون عن الإجابة إلى ذلك، قبل الّذين يدعونهم إلى اللّه ورسوله، يأتوا إلى رسول اللّه مذعنين، يقول {مذعنين} منقادين لحكمه، مقرّين به، طائعين غير مكرهين؛ يقال منه: قد أذعن فلانٌ بحقّه، إذا أقرّ به طائعًا غير مستكرهٍ، وانقاد له وسلّم.
وكان مجاهدٌ فيما ذكر عنه يقول في ذلك ما:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يأتوا إليه مذعنين} قال: سرّعًا). [جامع البيان: 17/341-342]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا مباركٌ، ثنا الحسن قال: كان الرّجل إذا كان بينه وبين الرّجل منازعةٌ فدعي إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو محقٌ أذعن وعلم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سيقضي له بالحقّ.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين قال: يسرعون إليه.
- ذكر عن محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا مهران عن المبارك بن فضالة عن الحسن وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين يقول مطيعين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2622-2623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: ان الرجل كان يكون بينه وبين الرجل خصومة أو منازعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا دعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو محق أذعن وعلم أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سيقضي له بالحق واذا أراد أن يظلم فدعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعرض وقال: انطلق إلى فلان فانزل الله {وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم} إلى قوله {هم الظالمون} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بينه وبين أخيه شيء فدعاه إلى حكم [ حاكم ] من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/94] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعي إلى سلطان فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/95] (م)

تفسير قوله تعالى: (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ (50) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أفي قلوبهم مرضٌ} يقول تعالى ذكره: أفي قلوب هؤلاء الّذين يعرضون إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم، شكٌّ في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه للّه رسولٌ، فهم يمتنعون من الإجابة إلى حكمه والرّضا به؟. {أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله} إذا احتكموا إلى حكم كتاب اللّه وحكم رسوله؟ وقال: {أن يحيف اللّه عليهم ورسوله} والمعنى: أن يحيف رسول اللّه عليهم، فبدأ باللّه تعالى ذكره تعظيمًا للّه، كما يقال: ما شاء اللّه ثمّ شئت، بمعنى شئت. وممّا يدلّ على أنّ معنى ذلك كذلك قوله: {وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم} فأفرد الرّسول بالحكم، ولم يقل: ليحكما.
وقوله: {بل أولئك هم الظّالمون} يقول: ما حاف هؤلاء المعرضون عن حكم اللّه وحكم رسوله، إذ أعرضوا عن الإجابة إلى ذلك، ممّا دعوا إليه، أن يحيف عليهم رسول اللّه، فيجور في حكمه عليهم؛ ولكنّهم قومٌ أهل ظلمٍ لأنفسهم بخلافهم أمر ربّهم، ومعصيتهم اللّه فيما أمرهم من الرّضا بحكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما أحبّوا وكرهوا، والتّسليم له). [جامع البيان: 17/342]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أفي قلوبهم مرضٌ أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله بل أولئك هم الظّالمون (50)
قوله تعالى: أفي قلوبهم مرضٌ إلى قوله ورسوله.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ أفي قلوبهم مرضٌ قال: المرض النّفاق تقدّم تفسيره.
قوله: بل أولئك هم الظّالمون.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا مباركٌ، عن الحسن قوله: بل أولئك هم الظّالمون قال: كان الرّجل إذا أراد أن يظلم فدعي إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أعرض وقال: انطلق إلى فلانٍ فأنزل اللّه: بل أولئك هم الظّالمون فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من كان بينه وبين أخيه شيءٌ يدعى إلى حكمٍ من حكّام المسلمين فأبى أن يجيب فهو ظالمٌ لا حقّ له). [تفسير القرآن العظيم: 8/2623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: ان الرجل كان يكون بينه وبين الرجل خصومة أو منازعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا دعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو محق أذعن وعلم أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سيقضي له بالحق واذا أراد أن يظلم فدعي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعرض وقال: انطلق إلى فلان فانزل الله {وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم} إلى قوله {هم الظالمون} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بينه وبين أخيه شيء فدعاه إلى حكم [ حاكم ] من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/94] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعي إلى سلطان فلم يجب فهو ظالم لا حق له). [الدر المنثور: 11/95] (م)

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون}.
يقول تعالى ذكره: إنّما كان ينبغي أن يكون قول المؤمنين إذا دعوا إلى حكم اللّه وإلى حكم رسوله، {ليحكم بينهم} وبين خصومهم، {أن يقولوا سمعنا} ما قيل لنا، {وأطعنا} من دعانا إلى ذلك.
ولم يعن بكان في هذا الموضع الخبر عن أمرٍ قد مضى فيقضى، ولكنّه تأنيبٌ من اللّه الّذين أنزلت هذه الآية بسببهم، وتأديبٌ منه آخرين غيرهم.
وقوله: {وأولئك هم المفلحون} يقول تعالى ذكره: والّذين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم وبين خصومهم، أن يقولوا: سمعنا وأطعنا. {المفلحون} يقول: هم المنجحون المدركون طلباتهم، بفعلهم ذلك، المخلّدون في جنّات اللّه). [جامع البيان: 17/343]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم
- حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قال اللّه جلّ وعزّ: إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون.
وقد ذكر لنا أنّ عبادة بن الصّامت كان عقيبا بدريًّا أحد نقباء الأنصار، وذكر لنا أنّه بايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أن لا يخاف في اللّه لومة لائمٍ وأنّه لمّا حضره الموت دعى ابن أخته جنادة بن أبي أميّة فقال: ألا أنبّئك ماذا عليك وماذا لك؟ قال: بلى، قال: فإنّ عليك السّمع والطّاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرةٍ عليك، وعليك أن تقيم لسانك بالعدل، وأن لا تنازع الأمر أهله إلا أن يأمروك بمعصية اللّه بواحًا، فما أمرت به من شيءٍ يخالف كتاب اللّه فاتّبع كتاب اللّه، وذكر لنا أنّ أبا الدّرداء قال: لا إسلام إلا بطاعة اللّه ولا خير إلا في جماعةٍ، والنّصيحة للّه ولرسوله وللخليفة وللمؤمنين عامّةً. قال: وقد ذكر لنا أنّ عمر بن الخطّاب كان يقول: عروة الإسلام شهادة أن لا إله إلا اللّه وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة والطّاعة لمن ولاه اللّه أمر المسلمين.
قوله تعالى: أن يقولوا سمعنا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قول اللّه: سمعنا وأطعنا قال: سمعنا للقرآن الّذي جاء من عند اللّه وأطعنا أقرّوا للّه أن يطيعوه في أمره ونهيه.
قوله: وأولئك هم المفلحون
قد تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 8/2623-2624]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن يطع اللّه ورسوله ويخش اللّه ويتّقه فأولئك هم الفائزون}.
يقول تعالى ذكره: ومن يطع اللّه ورسوله فيما أمره ونهاه، ويسلّم لحكمهما له وعليه، ويخف عاقبة معصية اللّه، ويحذره، ويتّق عذاب اللّه بطاعته إيّاه في أمره ونهيه؛ {فأولئك} يقول: فالّذين يفعلون ذلك هم الفائزون برضا اللّه عنهم يوم القيامة، وأمّنهم من عذابه). [جامع البيان: 17/343]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومن يطع اللّه ورسوله ويخش اللّه ويتّقه فأولئك هم الفائزون (52)
قوله: ومن يطع اللّه ورسوله إلى الفائزون.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا مهران، عن سفيان، عن رجلٍ، عن قتادة: ومن يطع اللّه ورسوله قال: من يطع اللّه فيما أمر به ورسوله قال فيما أمر به، ويخش اللّه قال: فيما مضى من ذنوبه ويتّقه قال: يخشاه فيما يستقبل.
قوله: الفائزون.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن الفضل، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: فأولئك هم الفائزون إلى نعيمٍ مقيمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2624]

تفسير قوله تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجنّ قل لا تقسموا طاعةٌ معروفةٌ إنّ اللّه خبيرٌ بما تعملون}.
يقول تعالى ذكره: وحلف هؤلاء المعرضون عن حكم اللّه وحكم رسوله إذ دعوا إليه {باللّه جهد أيمانهم} يقول: أغلظ أيمانهم وأشدّها: {لئن أمرتهم} يا محمّد بالخروج إلى جهاد عدوّك وعدوّ المؤمنين {ليخرجنّ قل لا تقسموا}؛ لا تحلفوا، فإنّ هذه {طاعةٌ معروفةٌ} منكم، فيها التّكذيب.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قل لا تقسموا طاعةٌ معروفةٌ} قال: قد عرفت طاعتكم إليّ أنّكم تكذبون.
{إنّ اللّه خبيرٌ بما تعملون} يقول: إنّ اللّه ذو خبرةٍ بما تعملون من طاعتكم اللّه ورسوله، أو خلافكم أمرهما أو غير ذلك من أموركم، لا يخفى عليه من ذلك شيءٌ، وهو مجازيكم بكلّ ذلك). [جامع البيان: 17/344]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وأقسموا باللّه جهد أيمانهم.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، وأنبأ ابن وهبٍ، أخبرني سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قول اللّه: وأقسموا باللّه جهد أيمانهم قال: هي يمينٌ.
- حدّثنا أبو بجيرٍ المحاربيّ، ثنا عبد الرّحيم بن عبد الرّحمن، عن زائدة قال: قرأ سليمان الأعمش وزعم أنّ يحيى بن وثّابٍ قرأ: وأقسموا باللّه جهد أيمانهم هو الحلف.
قوله: لئن أمرتهم ليخرجنّ.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجنّ وذلك في شأن الجهاد أقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن أمرتهم بالخروج معك إلى الجهاد ليخرجنّ معك، وفي قوله: قل لا تقسموا قال: يأمرهم أن لا يحلفوا على شيءٍ وفي قوله: قل لا تقسموا طاعةٌ معروفةٌ قال: أمرهم أن تكون منهم طائفة معروفةٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من غير أن يقسموا.
قوله تعالى: إنّ اللّه خبيرٌ بما تعملون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: خبيرٌ قال خبيرٌ بخلقه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2624-2625]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: أتى قوم النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله لو أمرتنا ان نخرج من أموالنا لخرجنا فانزل الله {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} ). [الدر المنثور: 11/95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن} قال: ذلك من شأن الجهاد {قل لا تقسموا} قال: يأمرهم ان لا يحلفوا على شيء {طاعة معروفة} قال: أمرهم ان يكون منهم طاعة للنبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يقسموا). [الدر المنثور: 11/95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {طاعة معروفة} يقول قد عرفت طاعتكم أي أنكم تكذبون به). [الدر المنثور: 11/95]

أم سهيلة 23 رجب 1434هـ/1-06-2013م 05:21 PM

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويقولون آمنّا باللّه وبالرّسول وأطعنا ثمّ يتولّى فريقٌ منهم من بعد ذلك} [النور: 47] من بعد ما قالوا: {آمنّا باللّه وبالرّسول وأطعنا} [النور: 47] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/456]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وما أولئك بالمؤمنين {47} وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم إذا فريقٌ منهم معرضون {48}} [النور: 47-48] عن اللّه، وعن رسوله، وكتابه يعني المنافقين، يظهرون الإيمان ويسرّون الشّرك). [تفسير القرآن العظيم: 1/456]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين} [النور: 49] عاصم بن حكيمٍ وابن مجاهدٍ، عن مجاهدٍ قال: {مذعنين} [النور: 49]، سراعًا.
المبارك بن فضالة، عن الحسن قال: كان الرّجل يكون له على الرّجل الحقّ
[تفسير القرآن العظيم: 1/456]
على عهد النّبيّ، فإذا قال: انطلق معي إلى النّبيّ، فإن عرف أنّ الحقّ له ذهب معه، وإن عرف أنّه يطلب باطلًا أبى أن يأتي النّبيّ، فأنزل اللّه: {وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم إذا فريقٌ منهم معرضون {48} وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين {49} أفي قلوبهم مرضٌ أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله بل أولئك هم الظّالمون {50} إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون {51}} [النور: 48-51] فقال رسول اللّه: «من كان بينه وبين آخر خصومةٌ فدعاه إلى حكمٍ من حكّام المسلمين فلم يجب فهو ظالمٌ».
- وحدّثني أبو الأشهب، عن الحسن قال: قال رسول اللّه عليه السّلام: «من دعي إلى حكمٍ من حكّام المسلمين فلم يجب فهو ظالمٌ لا حقّ له»). [تفسير القرآن العظيم: 1/457]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله:
{مذعنين...}:

مطيعين غير مستكرهين. يقال: قد أذعن بحقّي وأمعن به واحدٌ، أي أقرّ به طائعاً). [معاني القرآن: 2/257]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يأتوا إليه مذعنين} أي مقرّين مستخذين منقادين، يقال: أذعن لي: انقاد لي). [مجاز القرآن: 2/68]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مذعنين}: مستخذين). [غريب القرآن وتفسيره: 274]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يأتوا إليه مذعنين} أي مقرين خاضعين). [تفسير غريب القرآن: 306]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعلا: {وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين}
جاء في التفسير " مسرعين "، والإذعان في اللغة الإسراع مع الطاعة.
تقول: قد أذعن لي بحقي، معناه قد طاوعني لما كنت ألتمسه منه، وصار يسرع إليه). [معاني القرآن: 4/50]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين} [معاني القرآن: 4/546]
قال عطاء أي مسرعين وهم قريش يقال أذعن إذا جاء مسرعا طائعا غير مكره). [معاني القرآن: 4/547]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {مذعنين}: أي: مقرين خاضعين). [ياقوتة الصراط: 379]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُذْعِنِين}: مقرين خاضعين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 169]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُذْعِنِينَ}: خاشعين). [العمدة في غريب القرآن: 221]

تفسير قوله تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وفي تفسير عمرٍو عن الحسن قال: كانوا يدعون إلى وثنٍ كان أهل الجاهليّة يتحاكمون إليه.
وقال في قوله: {أفي قلوبهم مرضٌ} [النور: 50] وهو الشّرك في قول الحسن.
وقال قتادة: نفاقٌ.
{أم ارتابوا} [النور: 50] فشكّوا في اللّه وفي رسوله على الاستفهام، أي قد فعلوا.
{أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله} [النور: 50] والحيف: الجور.
أي قد خافوا ذلك.
{بل أولئك هم الظّالمون} [النور: 50] ظلم النّفاق والشّرك). [تفسير القرآن العظيم: 1/457]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله عزّ وجلّ:
{أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله...}

فجعل الحيف منسوبا إلى الله وإلى رسوله، وإنما المعنى للرّسول، ألا ترى أنه قال {وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم} ولم يقل (ليحكما) وإنما بدئ بالله إعظاماً له، كما تقول: ما شاء الله وشئت وأنت تريد ما شئت، وكما تقول لعبدك: قد أعتقك الله وأعتقتك). [معاني القرآن: 2/258-257]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله}
والمعنى أم يخافون أن يحيف عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقوله: {أم يخافون أن يحيف الله عليهم} افتتاح كلام ألا ترى أن قبله وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ولم يقل ليحكما بينهم
وهذا كما يقال قد أعتقك الله وأعتقتك وما شاء الله ثم شئت). [معاني القرآن: 4/547]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا} [النور: 51] فهذا قول المؤمنين، وذلك القول الأوّل قول المنافقين). [تفسير القرآن العظيم: 1/457]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله:
{إنّما كان قول المؤمنين...}

ليس هذا بخبرٍ ماضٍ يخبر عنه، كما تقول: إنما كنت صبيّاً، ولكنه: إنما كان ينبغي أن يكون قول المؤمنين إذا دعوا أن يقولوا سمعنا. وهو أدب من الله. كذا جاء التفسير).
[معاني القرآن: 2/258]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم}
خبر فيه معنى الأمر والتحضيض
أي: إنما ينبغي أن يكونوا كذا
قرئ على بكر بن سهل عن عمرو بن هشام وهو البيروتي عن ابن أبي كريمة في قول الله جل عز ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون
قال ومن يطع الله فيوحده ورسوله فيصدقه ويخش الله فيما مضى من ذنوبه ويتقه فيما بقى من عمره فأولئك هم الفائزون
قال أبو جعفر والفوز في اللغة النجاة). [معاني القرآن: 4/548-547]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن يطع اللّه ورسوله ويخش اللّه} [النور: 52] فيما مضى من ذنوبه.
{ويتّقه} [النور: 52] فيما بقي.
{فأولئك هم الفائزون} [النور: 52] النّاجون من النّار إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/457]

تفسير قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم} [النور: 53] يعني المنافقين.
{لئن أمرتهم ليخرجنّ} [النور: 53] إلى الجهاد.
وأقسموا ولم يستثنوا، وفيهم
[تفسير القرآن العظيم: 1/457]
الضّعيف والمريض، ومن يوضع عنه الخروج.
قال اللّه: {قل لا تقسموا} [النور: 53] أي: لا تحلفوا.
ثمّ استأنف الكلام فقال: {طاعةٌ معروفةٌ} [النور: 53] خيرٌ.
وهذا إضمارٌ.
أي: خيرٌ ممّا تضمرون من النّفاق.
{إنّ اللّه خبيرٌ بما تعملون} [النور: 53] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/458]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {قل لا تقسموا طاعةٌ معروفةٌ} مرفوعتان، لأنهما كلامان لم يقع الأمر عليهما فينصبهما،
مجاز {لا تقسموا} أي:لا تحلفوا وهو من القسم ثم جاءت طاعة معروفة ابتداء فرفعتا على ضمير يرفع به، أو ابتداء). [مجاز القرآن: 2/69]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا تقسموا}: لا تحلفوا من القسم). [غريب القرآن وتفسيره: 274]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجنّ قل لا تقسموا}. وتمّ الكلام.
ثم قال: {طاعةٌ معروفةٌ}، أراد: هي طاعة معروفة.
وفي هذا الكلام حذف للإيجاز، يستدل بظاهره عليه. كأن القوم كانوا ينافقون ويحلفون في الظاهر على ما يضمرون خلافة، فقيل لهم: «لا تقسموا، هي طاعة معروفة، صحيحة لا نفاق فيها، لا طاعة فيها نفاق».
وبعض النحويين يقولون: الضّمير فيها: «لتكن منكم طاعة معروفة»). [تفسير غريب القرآن: 306]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجنّ قل لا تقسموا طاعة معروفة إنّ اللّه خبير بما تعملون}
{قل لا تقسموا طاعة معروفة} تأويله طاعة معروفة أمثل من قسمكم لما لا تصدقون فيه.
والخبر مضمر،. وهو " أمثل " - وحذف لأن في الكلام دليلا عليه، لأنه قال: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجنّ}.
واللّه عزّ وجلّ وراء ما في قلوبهم فقال: {قل لا تقسموا طاعة معروفة إنّ اللّه خبير بما تعملون}.
ويجوز: طاعة معروفة على معنى أطيعوا طاعة معروفة، لأنهم أقسموا إن أمروا أن يطيعوا فقيل أطيعوا طاعة معروفة، ولا أعلم أحدا قرأ بها، فإن لم ترو فلا تقرأ بها، وهذا يعنى به المنافقون). [معاني القرآن: 4/51]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا}
قل لا تقسموا تم الكلام ثم قال طاعة معروفة أي طاعة معروفة أمثل وهذا للمنافقين
أي لا تحلفوا على الكذب فالطاعة أمثل
ويجوز أن يكون المعنى لتكن منكم طاعة). [معاني القرآن: 4/549]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَقْسَمُوا ْ}: حلفوا). [العمدة في غريب القرآن: 221]

أم سهيلة 23 رجب 1434هـ/1-06-2013م 05:36 PM

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) }

تفسير قوله تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ (50) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) }


جمهرة التفاسير 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م 12:23 PM

تفاسير القرن الرابع الهجري


جمهرة التفاسير 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م 12:24 PM

تفاسير القرن الخامس الهجري


جمهرة التفاسير 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م 12:30 PM

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ويقولون آمنا بالله} الآية، نزلت في المنافقين، وسببها فيما روي أن رجلا من المنافقين اسمه بشر كان بينه وبين رجل من اليهود خصومة، فدعاه اليهود إلى التحاكم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المنافق مبطلا، فأبى من ذلك ودعا اليهود إلى كعب بن الأشرف، فنزلت هذه الآية فيه، وأسند الزهراوي عن الحسن بن أبي الحسن أنه قال: من دعاه خصمه إلى حكم من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم). [المحرر الوجيز: 6/402]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"مذعنين" أي مظهرين للانقياد والطاعة، وهم إنما فعلوا ذلك حيث أيقنوا بالنجح، وأما إذا طلبوا بحق فهم عنه معرضون). [المحرر الوجيز: 6/402]

تفسير قوله تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقفهم تعالى على أسباب فعلهم توقيف توبيخ، أي ليقروا بأحد هذه الوجوه التي عليهم في الإقرار بها ما عليهم، وهذا التوقيف يستعمل في الأمور الظاهرة مما يوبخ به أو مما يمدح به، فهو بليغ جدا، ومنه قول جرير:
ألستم خير من ركب المطايا ... البيت
ثم حكم عليهم بأنهم هم الظالمون، وقال: أن يحيف الله عليهم ورسوله من حيث إن
[المحرر الوجيز: 6/402]
الرسول عليه الصلاة والسلام إنما يحكم بأمر الله وشرعه. والحيف: الميل). [المحرر الوجيز: 6/403]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين}
قرأ الجمهور: "قول" بالنصب، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والحسن، وابن أبي إسحاق: "قول" بالرفع، واختلف عن الآخرين. قال أبو الفتح: شرط "كان" أن يكون اسمها أعرف من خبرها، فقراءة الجمهور أقوى، والمعنى: إنما كان الواجب أن يقوله المؤمنون إذا دعوا إلى حكم الله ورسوله أن يقولوا: سمعنا وأطعنا، فـ "كان" هذه ليست إخبارا عن الماضي، وإنما كقول الصديق رضي الله عنه: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل الدعاء إلى الله من حيث هو إلى شرعه ودينه. وقرأ الجمهور: "ليحكم" على بناء الفعل للفاعل، وقرأ أبو جعفر، والجحدري، وخالد بن إلياس، والحسن: "ليحكم" على بناء الفعل للمفعول، و"المفلحون": البالغون آمالهم في دنياهم وآخرتهم). [المحرر الوجيز: 6/403]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)}

تفسير قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ۖ قُلْ لَا تُقْسِمُوا ۖ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "جهد اليمين" بلوغ الغاية في تعقيدها، و"ليخرجن" معناه: إلى الغزو، وهذه في المنافقين الذين تولوا حين دعوا إلى الله ورسوله. وقوله: {قل لا تقسموا طاعة معروفة} يحتمل معاني: أحدها النهي عن القسم الكاذب؛ إذ عرف أن طاعتهم دغلة رديئة، فكأنه يقول: لا تغالطوا فقد عرف ما أنتم عليه، والثاني أن يكون المعنى: لا تتكلفوا القسم، طاعة متوسطة على قدر الاستطاعة أمثل وأجدى عليكم، وفي
[المحرر الوجيز: 6/403]
هذا الوجه إبقاء عليهم، والثالث أن يكون المعنى: لا تقنعوا بالقسم، طاعة تعرف منكم وتظهر عليكم هو المطلوب منكم، والرابع أن يكون المعنى: لا تقنعوا لأنفسكم بإرضائنا بالقسم، طاعة الله معروفة، وشرعه وجهاد عدوه مهيع لائح، وقوله تعالى: {إن الله خبير بما تعملون} متصل بقوله: {لا تقسموا}، و{طاعة معروفة} اعتراض بليغ). [المحرر الوجيز: 6/404]

جمهرة التفاسير 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م 05:48 PM

تفاسير القرن السابع الهجري
...

جمهرة التفاسير 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م 05:51 PM

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويقولون آمنّا باللّه وبالرّسول وأطعنا ثمّ يتولّى فريقٌ منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين (47) وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم إذا فريقٌ منهم معرضون (48) وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين (49) أفي قلوبهم مرضٌ أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله بل أولئك هم الظّالمون (50) إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون (51) ومن يطع اللّه ورسوله ويخش اللّه ويتّقه فأولئك هم الفائزون (52)}
يخبر تعالى عن صفات المنافقين، الّذين يظهرون خلاف ما يبطنون، يقولون قولًا بألسنتهم: {آمنّا باللّه وبالرّسول وأطعنا ثمّ يتولّى فريقٌ منهم من بعد ذلك} أي: يخالفون أقوالهم بأعمالهم، فيقولون ما لا يفعلون؛ ولهذا قال تعالى: {وما أولئك بالمؤمنين}.[تفسير ابن كثير: 6/ 73-74]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم إذا فريقٌ منهم معرضون} أي: إذا طلبوا إلى اتّباع الهدى، فيما أنزل اللّه على رسوله، أعرضوا عنه واستكبروا في أنفسهم عن اتّباعه. وهذه كقوله: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالا بعيدًا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا} [النّساء: 60، 61].
وفي الطّبرانيّ من حديث روح بن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبيه، عن الحسن، عن سمرة مرفوعًا: "من دعي إلى سلطانٍ فلم يجب، فهو ظالمٌ لا حقّ له").[تفسير ابن كثير: 6/ 74]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ (50) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين}، أي: وإذا كانت الحكومة لهم لا عليهم، جاؤوا سامعين مطيعين وهو معنى قوله: {مذعنين} وإذا كانت الحكومة عليه أعرض ودعا إلى غير الحقّ، وأحبّ أن يتحاكم إلى غير النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليروّج باطله ثمّ. فإذعانه أوّلًا لم يكن عن اعتقادٍ منه أنّ ذلك هو الحقّ، بل لأنّه موافقٌ لهواه؛ ولهذا لمّا خالف الحقّ قصده، عدل عنه إلى غيره؛ ولهذا قال تعالى: {أفي قلوبهم مرضٌ أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله} يعني: لا يخرج أمرهم عن أن يكون في القلوب مرض لازمٌ لها، أو قد عرض لها شكٌّ في الدّين، أو يخافون أن يجور اللّه ورسوله عليهم في الحكم. وأيًّا ما كان فهو كفرٌ محضٌ، واللّه عليمٌ بكلٍّ منهم، وما هو عليه منطوٍ من هذه الصّفات.
وقوله: {بل أولئك هم الظّالمون} أي: بل هم الظّالمون الفاجرون، واللّه ورسوله مبرّآن ممّا يظنّون ويتوهّمون من الحيف والجور، تعالى اللّه ورسوله عن ذلك.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا مباركٌ، حدثنا الحسن قال:كان الرّجل إذا كان بينه وبين الرّجل منازعةٌ، فدعي إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو محقّ أذعن، وعلم أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سيقضي له بالحقّ. وإذا أراد أن يظلم فدعي إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أعرض، وقال: أنطلق إلى فلانٍ. فأنزل اللّه هذه الآية، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من كان بينه وبين أخيه شيءٌ، فدعي إلى حكم من حكّام المسلمين فأبى أن يجيب، فهو ظالمٌ لا حقّ له".
وهذا حديثٌ غريبٌ، وهو مرسلٌ).[تفسير ابن كثير: 6/ 74-75]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ أخبر تعالى عن صفة المؤمنين المستجيبين للّه ولرسوله، الّذين لا يبغون دينًا سوى كتاب اللّه وسنّة رسوله، فقال: {إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا} أي: سمعًا وطاعةً؛ ولهذا وصفهم تعالى بفلاحٍ، وهو نيل المطلوب والسّلامة من المرهوب، فقال: {وأولئك هم المفلحون}.
وقال قتادة في هذه الآية: {أن يقولوا سمعنا وأطعنا} ذكر لنا أنّ عبادة بن الصّامت -وكان عقبيّا بدريًّا، أحد نقباء الأنصار -أنّه لـمّا حضره الموت قال لابن أخيه جنادة بن أبي أميّة: ألا أنبّئك بماذا عليك وماذا لك؟ قال: بلى. قال: فإنّ عليك السّمع والطّاعة، في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرةً عليك. وعليك أن تقيم لسانك بالعدل، وألّا تنازع الأمر أهله، إلّا أن يأمروك بمعصية اللّه بواحا، فما أمرت به من شيءٍ يخالف كتاب اللّه، فاتّبع كتاب اللّه.
وقال قتادة: وذكر لنا أنّ أبا الدّرداء قال: لا إسلام إلّا بطاعة اللّه، ولا خير إلّا في جماعةٍ، والنّصيحة للّه ولرسوله، وللخليفة وللمؤمنين عامّةً.
قال: وقد ذكر لنا أنّ عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، كان يقول: عروة الإسلام شهادة أن لا إله إلّا اللّه، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، والطّاعة لمن ولّاه اللّه أمر المسلمين.
رواه ابن أبي حاتمٍ، والأحاديث والآثار في وجوب الطّاعة لكتاب اللّه [وسنّة رسوله، وللخلفاء الرّاشدين، والأئمّة إذا أمروا بطاعة اللّه] كثيرةٌ جدًّا، أكثر من أن تحصر في هذا المكان). [تفسير ابن كثير: 6/ 75]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله {ومن يطع اللّه ورسوله} أي: فيما أمراه به وترك ما نهياه عنه، {ويخش اللّه} فيما مضى من ذنوبه، {ويتقه} فيما يستقبل.
وقوله {فأولئك هم الفائزون} يعني: الّذين فازوا بكلّ خيرٍ، وأمنوا من كلّ شرٍّ في الدنيا والآخرة). [تفسير ابن كثير: 6/ 75]

تفسير قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجنّ قل لا تقسموا طاعةٌ معروفةٌ إنّ اللّه خبيرٌ بما تعملون (53) قل أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول فإن تولّوا فإنّما عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرّسول إلا البلاغ المبين (54)}
يقول تعالى مخبرًا عن أهل النّفاق، الّذين كانوا يحلفون للرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم لئن أمرهم بالخروج [في الغزو] قال اللّه تعالى: {قل لا تقسموا} أي: لا تحلفوا.
وقوله: {طاعةٌ معروفةٌ} قيل: معناه طاعتكم طاعةٌ معروفةٌ، أي: قد علمت طاعتكم، إنّما هي قولٌ لا فعل معه، وكلّما حلفتم كذبتم، كما قال تعالى: {يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإنّ اللّه لا يرضى عن القوم الفاسقين} [التّوبة: 96]، وقال تعالى: {اتّخذوا أيمانهم جنّةً فصدّوا عن سبيل اللّه إنّهم ساء ما كانوا يعملون} [المنافقون: 2]، فهم من سجيّتهم الكذب حتّى فيما يختارونه، كما قال تعالى: {ألم تر إلى الّذين نافقوا يقولون لإخوانهم الّذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدًا أبدًا وإن قوتلتم لننصرنّكم واللّه يشهد إنّهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولّنّ الأدبار ثمّ لا ينصرون} [الحشر: 11، 12]
وقيل: المعنى في قوله: {طاعةٌ معروفةٌ} أي: ليكن أمركم طاعةً معروفةً، أي: بالمعروف من غير حلف ولا إقسامٍ، كما يطيع اللّه ورسوله المؤمنون بغير حلفٍ، فكونوا أنتم مثلهم.
{إنّ اللّه خبيرٌ بما تعملون} أي: هو خبيرٌ بكم وبمن يطيع ممّن يعصي، فالحلف وإظهار الطّاعة -والباطن بخلافه، وإن راج على المخلوق -فالخالق، تعالى، يعلم السّرّ وأخفى، لا يروج عليه شيءٌ من التّدليس، بل هو خبيرٌ بضمائر عباده، وإن أظهروا خلافها). [تفسير ابن كثير: 6/ 76]


الساعة الآن 02:56 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة