تفسير سورة القصص [ من الآية (22) إلى الآية (28) ]
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)} |
جمهرة تفاسير السلف
تفسير السلف تفسير قوله تعالى: (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) ) قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى سواء السبيل قال قصد السبيل). [تفسير عبد الرزاق: 2/90] قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولمّا توجّه تلقاء مدين} يقول تعالى ذكره: ولمّا جعل موسى وجهه نحو مدين، ماضيًا إليها، شاخصًا عن مدينة فرعون، وخارجًا عن سلطانه، {قال عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل}. وعني بقوله: {تلقاء}: نحو مدين؛ ويقال: فعل ذلك من تلقاء نفسه، يعني به: من قبل نفسه، ويقال: داره تلقاء دار فلانٍ: إذا كانت محاذيتها. ولم يصرف اسم مدين لأنّها اسم بلدةٍ معروفةٍ، كذلك تفعل العرب بأسماء البلاد المعروفة؛ ومنه قول الشّاعر: رهبان مدين لو رأوك تنزّلوا = والعصم من شعف العقول الفادر وقوله: {عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل} يقول: عسى ربّي أن يبيّن لي قصد السّبيل إلى مدين، وإنّما قال ذلك لأنّه لم يكن يعرف الطّريق إليها. وذكر أنّ اللّه قيّض له إذ قال: {ربّ نجّني من القوم الظّالمين} ملكًا سدّده الطّريق، وعرّفه إيّاه. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا أخذ موسى في بنيّات الطّريق جاءه ملكٌ على فرسٍ بيده عنزةٌ؛ فلمّا رآه موسى سجد له من الفرق قال: لا تسجد لي ولكن اتبعني، فاتّبعه، فهداه نحو مدين. وقال موسى وهو متوجّهٌ نحو مدين: {عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل} فانطلق به حتّى انتهى به إلى مدين. - حدّثنا العبّاس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيدٍ، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: خرج موسى متوجّهًا نحو مدين، وليس له علمٌ بالطّريق إلاّ حسن ظنّه بربّه، فإنّه قال {عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل}. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ذكر لي أنّه خرج وهو يقول: {ربّ نجّني من القوم الظّالمين} فهيّأ اللّه الطّريق إلى مدين، فخرج من مصر بلا زادٍ، ولا حذاءٍ، ولا ظهرٍ، ولا درهمٍ، ولا رغيفٍ، خائفًا يترقّب، حتّى وقع إلى أمّةٍ من النّاس يسقون ب مدين. - حدّثنا أبو عمّارٍ الحسين بن حريثٍ المروزيّ، قال: حدّثنا الفضل بن موسى، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: خرج موسى من مصر إلى مدين، وبينها وبينها مسيرة ثمانٍ، قال: وكان يقال نحوٌ من الكوفة إلى البصرة، ولم يكن له طعامٌ إلاّ ورق الشّجر، وخرج حافيًا، فما وصل إليها حتّى وقع خفّ قدمه. - حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثّامٌ، قال: حدّثنا الأعمش، عن المنهال، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا خرج موسى من مصر إلى مدين، وبينه وبينها ثمان ليالٍ، كان يقال: نحوٌ من البصرة إلى الكوفة ثمّ ذكر نحوه. ومدين كان بها يومئذٍ قوم شعيبٍ عليه السّلام. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولمّا توجّه تلقاء مدين} ومدين ماءٌ كان عليه قوم شعيبٍ {قال عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل}. وأمّا قوله: {سواء السّبيل} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في تأويله نحو قولنا فيه. ذكر من قال ذلك: - حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {سواء السّبيل} قال: الطّريق إلى مدين. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله. - قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة: {قال عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل} قال: قصد السّبيل. - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا عبّاد بن راشدٍ، عن الحسن: {عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل} قال: الطّريق المستقيم). [جامع البيان: 18/202-205] قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولمّا توجّه تلقاء مدين - حدّثنا أبي ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن أبي سعدٍ، عن عكرمة في قوله عزّ وجلّ: ولمّا توجّه تلقاء مدين قال: عرضت لموسى أربعة طرقٍ فلم يدر أيّتها يسلك، فقال: عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل فأخذ طريق مدين. قوله تعالى: مدين - حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: ولمّا توجّه تلقاء مدين ومدين ماءٌ كان عليه قوم شعيبٍ. قوله تعالى: قال عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل - حدّثنا أبو هارون الخزّاز، ثنا عبد اللّه بن الجهم، ثنا عمرٌو بن أبي قيسٍ، عن بشير بن عاصمٍ، عن ابن أبي عليٍّ، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل الطّريق إلى مدين. - حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن رجلٍ قد سمّاه يعني عبّاد بن راشدٍ قال: سمعت، عن الحسن يقول: عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل قال: الطّريق المستقيم، قال: فالتّقى واللّه يومئذٍ خير أهل الأرض: رجلٌ، عن قوم شعيبٍ وموسى بن عمران. - حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا إسماعيل بن موسى، ثنا رجلٌ سمّاه، عن السّدّيّ في قوله: عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل قال: وسط الطّريق. - حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قال: عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل أي قصد السّبيل. - حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال موسى وهو متوجّهٌ إلى مدين: عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل قال: فانطلق به الملك حتّى انتهى إلى مدين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2960-2961] قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عسى ربي أن يهديني سواء السبيل قال يعني الطريق إلى مدين). [تفسير مجاهد: 482] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل. أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولما توجه تلقاء مدين} قال: عرضت لموسى عليه السلام أربعة طرق فلم يدر أيتها يسلك فقال {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل} فأخذ طريق مدين). [الدر المنثور: 11/445] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {تلقاء مدين} قال: مدين ماء كان عليه شعيب). [الدر المنثور: 11/445] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل} قال: قصد السبيل: الطريق إلى مدين). [الدر المنثور: 11/446] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل} قال: الطريق المستقيم قال: فالتقى والله يومئذ خير أهل الأرض، شعيب وموسى بن عمران). [الدر المنثور: 11/446] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن كعب بن علقمة رضي الله عنه قال: ان موسى عليه السلام لما خرج هاربا من فرعون قال: رب أوصني قال أوصيك أن لا تعدل بي شيئا أبدا إلا اخترتني عليه فاني لا أرحم ولا أزكى من لم يكن كذلك قال: وبماذا يا رب قال: بأمك فانها حملتك وهنا على وهن قال: ثم بماذا يا رب قال: ان أوليتك شيئا من أمر عبادي فلا تعيهم اليك في حوائجهم فانك انما تعي روحي فاني مبصر ومسمع ومشهد). [الدر المنثور: 11/446-447] تفسير قوله تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) ) قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى تذودان تذودان الناس عن غنمها). [تفسير عبد الرزاق: 2/90] قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى حتى يصدر الرعاء قال فتشرب فضالتهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/90] قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء وأبونا شيخٌ كبيرٌ}. يقول تعالى ذكره: {ولمّا ورد} موسى {ماء مدين وجد عليه أمّةً} يعني جماعةً {من النّاس يسقون} نعمهم ومواشيهم. وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون} يقول: كثرةً من النّاس يسقون. - حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {أمّةً من النّاس} قال: أناسًا. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وقع إلى أمّةٍ من النّاس يسقون بمدين أهل نعمٍ وشاءٍ. - حدّثنا عليّ بن موسى، وابن بشّارٍ قالا: حدّثنا أبو داود، قال: أخبرنا عمران القطّان، قال: حدّثنا أبو حمزة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ولمّا ورد ماء مدين}. قال عليّ بن موسى: قال: مثل ماء جوبكم هذا، يعني المحدثة. وقال ابن بشّارٍ: مثل محدثتكم هذه، يعني جوبكم هذا. وقوله: {ووجد من دونهم امرأتين تذودان} يقول: ووجد من دون أمّة النّاس الّذين هم على الماء، امرأتين تذودان، يعني بقوله: {تذودان} تحبسان غنمهما؛ يقال منه: ذاد فلانٌ غنمه وماشيته: إذا أراد شيءٌ من ذلك يشذّ ويذهب، فردّه ومنعه يذودها ذودًا. وقال بعض أهل العربيّة من الكوفيّين: لا يجوز أن يقال: ذدت الرّجل بمعنى: حبسته، إنّما يقال ذلك للغنم والإبل. وقد روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّي لبعقر حوضي أذود النّاس عنه بعصاي فقد جعل الذّود صلّى اللّه عليه وسلّم في النّاس؛ ومن الذّود قول سويد بن كراعٍ: أبيت على باب القوافي كأنّما = أذود بها سربًا من الوحش نزّعا وقول الآخر: وقد سلبت عصاك بنو تميمٍ = فما تدري بأيّ عصًا تذود وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {تذودان} يقول: تحبسان. - حدّثني العبّاس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {ووجد من دونهم امرأتين تذودان} يعني بذلك أنّهما حابستان. - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {امرأتين تذودان} قال: حابستين. - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ووجد من دونهم امرأتين تذودان} يقول: تحبسان غنمهما. واختلف أهل التّأويل في الّذي كانت عنه تذود هاتان المرأتان، فقال بعضهم: كانتا تذودان غنمهما عن الماء، حتّى يصدر عنه مواشي النّاس، ثمّ تسقيان ماشيتهما لضعفهما. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حصينٌ، عن أبي مالكٍ، قوله: {امرأتين تذودان} قال: تحبسان غنمهما عن النّاس حتّى يفرغوا وتخلو لهما البئر. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {ووجد من دونهم امرأتين} يعني دون القوم تذودان غنمهما عن الماء، وهو ماء مدين. وقال آخرون: بل معنى ذلك: تذودان النّاس عن غنمهما. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان} قال: وهي في بعض القراءة: (ووجد من دونهم امرأتين حابستين تذودان) أي: حابستين شاءهما، تذودان النّاس عن شائهما. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن أصحابه، {تذودان} قال: تذودان النّاس عن غنمهما. وأولى التّأويلين في ذلك بالصّواب قول من قال معناه: تحبسان غنمهما عن النّاس حتّى يفرغوا من سقي مواشيهم. وإنّما قلنا ذلك أولى بالصّواب لدلالة قوله: {ما خطبكما قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء} على أنّ ذلك كذلك، وذلك أنّهما إنّما شكتا أنّهما لا تسقيان حتّى يصدر الرّعاء، إذ سألهما موسى عن ذودهما، ولو كانتا تذودان عن غنمهما النّاس، كان لا شكّ أنّهما كانتا تخبران عن سبب ذودهما عنها النّاس، لا عن سبب تأخّر سقيهما إلى أن يصدر الرّعاء. وقوله: {قال ما خطبكما} يقول تعالى ذكره: قال موسى للمرأتين ما شأنكما وأمركما تذودان ماشيتكما عن النّاس، هلاّ تسقونها مع مواشي النّاس والعرب، تقول للرّجل: ما خطبك: بمعنى ما أمرك وحالك، كما قال الرّاجز: يا عجبًا ما خطبه وخطبي وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا العبّاس، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ، قال: أخبرنا القاسم، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال لهما: {ما خطبكما} معتزلتين لا تسقيان مع النّاس؟. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وجد لهما رحمةً، ودخلته فيهما خشيةٌ، لما رأى من ضعفهما، وغلبة النّاس على الماء دونهما، فقال لهما: {ما خطبكما}: أي ما شأنكما؟. وقوله: {قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء} يقول جلّ ثناؤه: قالت المرأتان لموسى: لا نسقي ماشيتنا حتّى يصدر الرّعاء مواشيهم، لأنّا لا نطيق أن نسقي، وإنّما نسقي مواشينا ما أفضلت مواشي الرّعاء في الحوض. والرّعاء جمع راعٍ، والرّاعي جمعه رعاءٌ ورعاةٌ ورعيان. وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثني العبّاس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا قال موسى للمرأتين: ما خطبكما؟ قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء وأبونا شيخٌ كبيرٌ: أي لا نستطيع أن نسقي حتّى يسقي النّاس، ثمّ نتبع فضلاتهم. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {حتّى يصدر الرّعاء} قال: تنتظر أن تسقيان من فضول ما في الحياض حياض الرّعاء. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء} امرأتان لا نستطيع أن نزاحم الرّجال {وأبونا شيخٌ كبيرٌ} لا يقدر أن يمسّ ذلك من نفسه، ولا يسقي ماشيته، فنحن ننتظر النّاس حتّى إذا فرغوا أسقينا ثمّ انصرفنا. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {حتّى يصدر الرّعاء}، فقرأ ذلك عامّة قرّاء الحجاز سوى أبي جعفرٍ القارئ وعامّة قرّاء العراق سوى أبي عمرٍو: {يصدر الرّعاء} بضمّ الياء، وقرأ ذلك أبو جعفرٍ وأبو عمرٍو بفتح الياء من صدر الرّعاء عن الحوض. وأمّا الآخرون فإنّهم ضمّوا الياء، بمعنى: أصدر الرّعاء مواشيهم، وهما عندي قراءتان متقاربتا المعنى، قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما علماء من القرّاء، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ. وقوله: {وأبونا شيخٌ كبيرٌ} يقولان: لا يستطيع من الكبر والضّعف أن يسقى ماشيته. وقوله: {فسقى لهما} ذكر أنّه عليه السّلام فتح لهما عن رأس بئرٍ كان عليه حجرٌ لا يطيق رفعه إلاّ جماعةٌ من النّاس، ثمّ استسقى فسقى لهما ماشيتهما منه. ذكر من قال ذلك: - حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: فتح لهما عن بئرٍ، حجرًا على فيها، فسقى لهما منها. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه، وزاد فيه: قال ابن جريجٍ: حجرًا كان لا يطيقه إلاّ عشرة رهطٍ. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الحجّاج، عن الحكم، عن شريحٍ، قال: انتهى إلى حجرٍ لا يرفعه إلاّ عشرة رجالٍ، فرفعه وحده. - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: رحمهما موسى حين {قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء وأبونا شيخٌ كبيرٌ} فأتى إلى البئر فاقتلع صخرةً على البئر كان النّفر من أهل مدين يجتمعون عليها، حتّى يرفعوها، فسقى لهما موسى دلوًا فأروتا غنمهما، فرجعتا سريعًا، وكانتا إنّما تسقيان من فضول الحياض. - حدّثني العبّاس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {فسقى لهما} فجعل يغرف في الدّلو ماءً كثيرًا حتّى كانت أوّل الرّعاء ريًّا، فانصرفتا إلى أبيهما بغنمهما. - حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: تصدّق عليهما نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فسقى لهما، فلم يلبث أن أروى غنمهما. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: أخذ دلوهما موسى، ثمّ تقدّم إلى السّقاء بفضل قوّته، فزاحم القوم على الماء حتّى أخّرهم عنه، ثمّ سقى لهما). [جامع البيان: 18/206-214] قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء وأبونا شيخٌ كبيرٌ (23) قوله تعالى: ولمّا ورد ماء مدين - حدّثنا هارون بن إسحاق، ثنا حكّامٌ، عن، عنبسة، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: ولمّا ورد ماء مدين قال: ورد الماء حتّى إنّه ليتراءى خضرة البقل من الهزال في بطنه. - حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو العلاء، ثنا هشام بن عليٍّ، ثنا الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ أنّ ابن عبّاسٍ قال: لمّا خرج موسى صلّى اللّه عليه وسلّم من مصر إلى مدين وبينه وبينها ثمان ليالٍ كان يقال: نحوٌ من البصرة إلى الكوفة ولم يكن له طعامٌ إلا ورق الشّجر وخرج حافيًا فما وصل إليها حتّى وقع خفّ قدمه. قوله تعالى: وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون - حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: أمّةً من النّاس قال: أناسٌ. - حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكبير حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ حدّثني سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: وجد عليه أمّةً من النّاس يقول: قومًا. - حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ وجد عليه أمّةً من النّاس يقول: كثرةً من النّاس يسقون. قوله تعالى: يسقون - حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: فخرج موسى بغير زادٍ ولا خدمٍ ولا ظهرٍ خائفًا يترقّب حتّى وقع إلى أمّةٍ من النّاس بمدين أهل نعمٍ وشاةٍ. قوله تعالى: ووجد من دونهم امرأتين - به، عن ابن إسحاق يعني قوله: ووجد من دونهم امرأتين أي وجد امرأتين دون القوم. قوله تعالى: تذودان - حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون، ثنا أصبغ ابن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ ووجد من دونهم امرأتين تذودان يعني بذلك حابستين غنمهما. وروي، عن سعيد بن جبيرٍ والسّدّيّ نحو ذلك. - حدّثنا أبي ثنا عمرو بن عونٍ أنبأ هشيمٌ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ في قوله: تذودان قال: تحبسان غنمهما حتّى يفرغ النّاس ويخلو لهما البئر. - حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا مسدّدٌ، ثنا غاضر بن فرهدٍ، قال: سمعت أبا عمران الجونيّ يقول في هذه الآية: ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال: تكفّان أغنامهما بعضها على بعضٍ. - حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا إسحاق بن عمرٍو، ثنا الصّبّاح بن محاربٍ، عن ابن جريجٍ قوله: امرأتين تذودان قال: تمنعان الغنم من الماء. قوله تعالى: قال ما خطبكما - حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ ابن زيدٍ الورّاق، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال ما خطبكما قال: فقال لهما: ما خطبكما معتزلتين لا تسقيان مع النّاس. - حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق ووجد امرأتين من دون القوم تذودان غنمهما، عن الماء، وهو ماء مدين، فوجد لهما رحمةً ودخلته حسبةٌ لمّا رأى موضعهما وغلبة النّاس على الماء دونهما، فقال: ما خطبكما؟ أي ما شأنكما لا تسقيان. قوله تعالى: قالتا لا نسقي - حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد أنبأ أصبغ، ثنا القاسم، ثنا سعيدٌ، عن ابن عبّاسٍ قوله: قالتا لا نسقي قالتا: ليس لنا قوّةٌ نزاحم القوم. - حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: قال ما خطبكما قالتا لا نسقي أي لا نستطيع أن نسقي حتّى يسقي النّاس ثمّ نتتبّع فضالتهم. قوله تعالى: حتّى يصدر الرّعاء - حدّثنا الحسين بن عليّ بن مهران المتونيّ، ثنا عليّ يعني ابن بحرٍ، ثنا عبد العزيز بن عبد الصّمد، عن عطاءٍ، عن عكرمة وسعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: ولمّا ورد ماء مدين أنّ موسى صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان فقالتا له: ماءٌ، فقال: أما هاهنا بئرٌ؟ قالتا: بئرٌ يغطّى الشّتاء ويكشف في الصّيف، فأتى البئر فرفع صخرةً عظيمةً لا يطيقها مائة رجلٍ، فلمّا رفع الصّخرة عجبتا المرأتان، فسقى لهما. - حدّثنا ابن أبي الثّلج، ثنا يزيد أنبأ أصبغ، ثنا القاسم، ثنا سعيدٌ، عن ابن عبّاسٍ فقال لهما: ما خطبكما معتزلتين لا تسقيان مع النّاس، فقالتا: ليس لنا قوّةٌ نزاحم القوم وإنّما ننتظر فضول حياضهم. - حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء وأبونا شيخٌ كبيرٌ فرحمهما موسى فأتى إلى البئر فاقتلع صخرةً على البئر كان النّفر من أهل مدين يجتمعون عليها حتّى يرفعوها. - حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبيد اللّه أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ الأوديّ، عن عمر بن الخطّاب أنّ موسى عليه السّلام لمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون قال: فلمّا فرغوا أعادوا الصّخرة على البئر، ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فإذا هو بامرأتين تذودان قال: ما خطبكما فحدّثتاه فأتى الحجر فرفعه، ثمّ لم يستق إلا ذنوبًا واحدًا. حتّى رويت الغنم. - حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمد ابن إسحاق قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء امرأتان لا نستطيع نغلب الرّجال. قوله تعالى: وأبونا شيخٌ كبيرٌ - به، عن محمّد بن إسحاق وأبونا شيخٌ كبيرٌ لا يقدر على أن يغني ذلك من نفسه ولا يسقي ماشيته، فنحن ننتظر النّاس حتّى إذا فرغوا اسقينا ثمّ انصرفنا فأخذ دلوًا ثمّ تقدّم إلى السّاقاة بفضل قوّته فزاحم القوم على الماء حتّى أخّرهم، عنه، ثمّ سقى لهما). [تفسير القرآن العظيم: 9/2961-2964] قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحق الهمذاني عن عمرو بن ميمون الأزدي عن عمر بن الخطاب في قوله ولما ورد ماء مدين قال إن موسى لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر وكان لا يطيق رفعها عن البئر إلا عشرة رجال وإذا هو ب امرأتين تذودان فقال لهما ما خطبكما فقالتا لا نقدر على أن نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فرفع موسى الحجر وحده فلم يستق إلا دلوا واحدا حتى رويت الغنم ثم انطلق إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير فرجعت المرأتان إلى أبيهما فحدثتا بما كان فجاءته إحداهما تمشي على استحياء يعني واضعة ثوبها على وجهها ليست بخراجة ولا ولاجة فقالت له إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فقال لها موسى امشي خلفي وصفي لي الطريق فإني أخاف أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك فلما انتهت إلى أبيها قالت له يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين فقال لها أبوها وما علمك بقوته وأمانته فقالت أما قوته فإنه رفع الحجر وحده ولا يطيق رفعه إلا عشرة وأما أمانته فقوله امشي خلفي وصفي لي الطريق لا تصف لي الريح جسدك). [تفسير مجاهد: 482-483] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج موسى عليه السلام خائفا جائعا ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين وعليه أمة من الناس يسقون وامرأتان جالستان بشياههما فسالهما ما خطبكما {قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير} قال: فهل قربكما ماء قالتا: لا، إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال: فانطلقا فاريانيها، فانطلقتا معه فقال بالصخرة بيده فنحاها ثم استقى لهما سجلا واحدا فسقى الغنم ثم أعاد الصخرة إلى مكانها ثم تولى إلى الظل فقال: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} فسمعتا ما قال فرجعتا إلى أبيهما فاستنكر سرعة مجيئهما فسألهما فاخبرتاه فقال لاحداهما: انطلقي فادعيه فاتته فقالت: {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فمشيت بين يديه فقال لها: امشي خلفي فاني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي أن أنظر منك ما حرم الله علي وارشديني الطريق، {فلما جاءه وقص عليه القصص}، قالت احداهما: {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال لها أبوها: ما رأيت من قوته وأمانته فأخبرته بالأمر الذي كان قالت: أما قوته فانه قلب الحجر وحده وكان لا يقلبه إلا النفر. وأمّا أمانته فانه قال: امشي خلفي وارشديني الطريق لاني امرؤ من عنصر إبراهيم عليه السلام لا يحل لي منك ما حرم الله تعالى، قيل لابن عباس رضي الله عنهما، أي الاجلين قضى موسى عليه السلام قال: أبرهما وأوفاهما). [الدر المنثور: 11/447-448] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ان موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال فاذا هو بامرأتين {قال ما خطبكما} فحدثتاه، فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استقى فلم يستق إلا دلوا واحدا حتى رويت الغنم، فرجعت+ المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه وتولى موسى عليه السلام إلى الظل {فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء} واضعه ثوبها على وجهها ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة {قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فقام معها موسى عليه السلام فقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك، فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال: يا بنية ما علمك بأمانته وقوته قالت: أما قوته، فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال وأما أمانته فقال: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك، فزاده ذلك رغبة فيه فقال {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} إلى قوله {ستجدني إن شاء الله من الصالحين} أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت قال موسى عليه السلام {ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} قال: نعم، {قال الله على ما نقول وكيل} فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج اليه وزوجه صفورا وأختها شرفا وهما التي كانتا تذودان). [الدر المنثور: 11/448-450] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولما ورد ماء مدين} قال: ورد الماء حيث ورد وانه لتتراءى خضرة البقل من بطنه من الهزال). [الدر المنثور: 11/450] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج موسى عليه السلام من مصر إلى مدين وبينه وبينها ثمان ليال، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر وخرج اليها حافيا فما وصل حتى وقع خف قدمه). [الدر المنثور: 11/450] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة {ولما ورد ماء مدين} قال: كان مسيره خمسة وثلاثين يوما). [الدر المنثور: 11/450] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أمة من الناس يسقون} قال: اناسا، وفي قوله {إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال: من طعام). [الدر المنثور: 11/450] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ووجد من دونهم امرأتين} قال: أسماؤهم، ليا وصفورا ولهما أربع أخوات صغار يسقين الغنم في الصحاف). [الدر المنثور: 11/450-451] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {تذودان} قال: تحبسان). [الدر المنثور: 11/451] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {تذودان} قال: تحبسان غنمهما حتى يفرغ الناس وتخلو لهما البئر). [الدر المنثور: 11/451] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء} قال: تنتظران ان تسقيا من فضول ما في حياضهم). [الدر المنثور: 11/451] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ {حتى يصدر الرعاء} برفع الياء وكسر الراء في الرعاء). [الدر المنثور: 11/451] تفسير قوله تعالى: (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) ) قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر تلا قتادة في قوله تعالى فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب الآية قال كان نبي الله بجهد فقال رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير). [تفسير عبد الرزاق: 2/90] قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا أبو عوانة، قال: حدّثنا حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لقد قال موسى عليه السّلام: {ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} وهو أكرم خلقه عليه، ولقد كان افتقر إلى شقّ تمرةٍ، ولقد أصابه الجوع حتّى لزق بطنه بظهره). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/46] قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فسقى لهما ثمّ تولّى إلى الظّلّ فقال ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ}. يقول تعالى ذكره: فسقى موسى للمرأتين ماشيتهما، ثمّ تولّى إلى ظلّ شجرةٍ ذكر أنّها سمرةٌ. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ثمّ تولّى} موسى إلى ظلّ شجرةٍ سمرةٍ، فقال: {ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ}. - حدّثني العبّاس، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: انصرف موسى إلى شجرةٍ، فاستظلّ بظلّها، {فقال: ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ}. - حدّثني الحسين بن عمرٍو العنقزيّ، قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد اللّه، قال: حثثت على جملٍ لي ليلتين حتّى صبّحت مدين، فسألت عن الشّجرة الّتي أوى إليها موسى، فإذا شجرةٌ خضراء ترفّ، فأهوى إليها جملي وكان جائعًا، فأخذها جملي، فعالجها ساعةً، ثمّ لفظها، فدعوت اللّه لموسى عليه السّلام، ثمّ انصرفت. وقوله: {فقال ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} محتاجٌ. وذكر أنّ نبيّ اللّه موسى عليه السّلام قال هذا القول، وهو بجهدٍ شديدٍ، وعرّض ذلك للمرأتين تعريضًا لهما، لعلّهما أن تطعماه ممّا به من شدّة الجوع. وقيل: إنّ الخير الّذي قال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم {إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} محتاجٌ، إنّما عنى به: شبعةً من طعامٍ. وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا هرب موسى من فرعون أصابه جوعٌ شديدٌ، حتّى كانت ترى أمعاؤه من ظاهر الصّفاق؛ فلمّا سقى للمرأتين، وأوى إلى الظّلّ، قال: {ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ}. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، قال: حدّثنا عنبسة، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ولمّا ورد ماء مدين} قال: ورد الماء وإنّه ليتراءى خضرة البقل في بطنه من الهزال، {فقال ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} قال: شبعةً. - حدّثني نصر بن عبد الرّحمن الأوديّ، قال: حدّثنا حكّام بن سلمٍ، عن عنبسة، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ولمّا ورد ماء مدين} قال: ورد الماء، وإنّ خضرة البقل لترى في بطنه من الهزال. - حدّثني نصر بن عبد الرّحمن، قال: حدّثنا حكّام بن سلمٍ، عن عنبسة، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، {إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} قال: شبعةٌ يومئذٍ. - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، في قوله، فقال: {ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} قال: قال هذا وما معه درهمٌ ولا دينارٌ. - قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} قال: ما سأل إلاّ الطّعام. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، عن سفيان الثّوريّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله فقال: {ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} قال: ما سأل ربّه إلاّ الطّعام. - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {قال ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} قال: قال ابن عبّاسٍ: لقد قال موسى: ولو شاء إنسانٌ أن ينظر إلى خضرة أمعائه من شدّة الجوع، وما يسأل اللّه إلاّ أكلةً. - حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: {ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} قال: كان نبيّ اللّه بجهدٍ. - حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن عطاء بن السّائب، في قوله: {إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} قال: بلغني أنّ موسى قالها وأسمع المرأة. - حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثني أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {من خيرٍ فقيرٌ} قال: طعامٌ. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {من خيرٍ فقيرٌ} قال: طعامٌ. - حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} قال: الطّعام يستطعم، لم يكن معه طعامٌ، وإنّما سأل الطّعام). [جامع البيان: 18/214-218] قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فسقى لهما ثمّ تولّى إلى الظّلّ فقال ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ (24) قوله تعالى: فسقى لهما - حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة القنّاد، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ فسقى لهما موسى دلوًا، فارتوت غنمهما فرجعتا سريعًا وكانتا إنّما يسقيان من فضول الحياض). [تفسير القرآن العظيم: 9/2964] قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إني لما أنزلت إلي من خير فقير قال شيء من طعام). [تفسير مجاهد: 483-484] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج موسى عليه السلام خائفا جائعا ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين وعليه أمة من الناس يسقون وامرأتان جالستان بشياههما فسالهما ما خطبكما {قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير} قال: فهل قربكما ماء قالتا: لا، إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال: فانطلقا فاريانيها، فانطلقتا معه فقال بالصخرة بيده فنحاها ثم استقى لهما سجلا واحدا فسقى الغنم ثم أعاد الصخرة إلى مكانها ثم تولى إلى الظل فقال: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} فسمعتا ما قال فرجعتا إلى أبيهما فاستنكر سرعة مجيئهما فسألهما فاخبرتاه فقال لاحداهما: انطلقي فادعيه فاتته فقالت: {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فمشيت بين يديه فقال لها: امشي خلفي فاني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي أن أنظر منك ما حرم الله علي وارشديني الطريق، {فلما جاءه وقص عليه القصص}، قالت احداهما: {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال لها أبوها: ما رأيت من قوته وأمانته فأخبرته بالأمر الذي كان قالت: أما قوته فانه قلب الحجر وحده وكان لا يقلبه إلا النفر. وأمّا أمانته فانه قال: امشي خلفي وارشديني الطريق لاني امرؤ من عنصر إبراهيم عليه السلام لا يحل لي منك ما حرم الله تعالى، قيل لابن عباس رضي الله عنهما، أي الاجلين قضى موسى عليه السلام قال: أبرهما وأوفاهما). [الدر المنثور: 11/447-448] (م) قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ان موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال فاذا هو بامرأتين {قال ما خطبكما} فحدثتاه، فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استقى فلم يستق إلا دلوا واحدا حتى رويت الغنم، فرجعت+ المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه وتولى موسى عليه السلام إلى الظل {فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء} واضعه ثوبها على وجهها ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة {قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فقام معها موسى عليه السلام فقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك، فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال: يا بنية ما علمك بأمانته وقوته قالت: أما قوته، فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال وأما أمانته فقال: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك، فزاده ذلك رغبة فيه فقال {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} إلى قوله {ستجدني إن شاء الله من الصالحين} أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت قال موسى عليه السلام {ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} قال: نعم، {قال الله على ما نقول وكيل} فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج اليه وزوجه صفورا وأختها شرفا وهما التي كانتا تذودان). [الدر المنثور: 11/448-450] (م) قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لقد قال موسى عليه السلام {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} وهو أكرم خلقه عليه ولقد افتقر إلى شق تمرة ولقد لصق بطنه بظهره من شدة الجوع). [الدر المنثور: 11/451] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال: سأل فلقا من الخبز يشد بها صلبه من الجوع). [الدر المنثور: 11/451-452] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما هرب موسى عليه السلام من فرعون أصابه جوع كانت ترى أمعاؤه من ظاهر الثياب {فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} ). [الدر المنثور: 11/452] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سقى موسى للجاريتين {ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال: انه يومئذ فقير إلى كف من تمر). [الدر المنثور: 11/452] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال: شبعه يومئذ). [الدر المنثور: 11/452] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وأحمد عن مجاهد قال: ما سأل إلا طعاما يأكله). [الدر المنثور: 11/452] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وأحمد عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه {إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال: ما كان معه رغيف ولا درهم). [الدر المنثور: 11/452] تفسير قوله تعالى: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) ) قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين}. يقول تعالى ذكره: فجاءت موسى إحدى المرأتين اللّتين سقى لهما تمشي على استحياءٍ من موسى، قد سترت وجهها بثوبها. وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا أبو السّائب، والفضل بن الصّبّاح، قالا: حدّثنا ابن فضيلٍ، عن ضرار، عن عبد اللّه بن أبي الهذيل، عن عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، في قوله: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} قال: مستترةً بكمّ درعها، أو بكمّ قميصها. - حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن حمّاد بن عمرٍو الأسديّ، عن أبي سنانٍ، عن ابن أبي الهذيل، عن عمر رضي اللّه عنه، قال: واضعةً يدها على وجهها مستترةً. - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن نوفٍ: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} قال: قد سترت وجهها بيديها. - قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن نوفٍ بنحوه. - حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن نوفٍ: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} قال: قائلةً بيديها على وجهها، ووضع أبي يده على وجهه - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} قال: ليست بسلفعٍ من النّساء خرّاجةً ولاّجةً، واضعةً ثوبها على وجهها، تقول: {إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا}. - حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} قال: لم تكن سلفعًا من النّساء خرّاجةً ولاّجةً، قائلةً بيدها على وجهها {إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا}. - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا قرّة بن خالدٍ، قال: سمعت الحسن يقول في قوله: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} قال: بعيدةً من البذاء. - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {تمشي على استحياءٍ} قال: أتته تمشي على استحياءٍ منه. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} قال: واضعةً يدها على جبينها. وقوله: {قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} يقول تعالى ذكره: قالت المرأة الّتي جاءت موسى تمشي على استحياءٍ: إنّ أبي يدعوك ليجزيك: تقول: يثيبك أجر ما سقيت لنا. وقوله: {فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص} يقول: فمضى موسى معها إلى أبيها، فلمّا جاء أباها وقصّ عليه قصصه مع فرعون وقومه من القبط، قال له أبوها: {لا تخف} فقد {نجوت من القوم الظّالمين} يعني: من فرعون وقومه، لأنّه لا سلطان له بأرضنا الّتي أتوا بها. وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثني العبّاس، قال: أخبرنا يزيد، قال: حدّثنا الأصبغ، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: استنكر أبو الجاريتين سرعة صدورهما بغنمهما حفّلاً بطانًا، فقال: إنّ لكما اليوم لشأنًا. قال أبو جعفرٍ: أحسبه قال: فأخبرتاه الخبر؛ فلمّا أتاه موسى كلّمه، {قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين} ليس لفرعون ولا لقومه علينا سلطانٌ، ولسنا في مملكته. - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا رجعت الجاريتان إلى أبيهما سريعًا سألهما، فأخبرتاه خبر موسى، فأرسل إليه إحداهما، فأتته تمشي على استحياءٍ - وهي تستحيي منه - قالت: {إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فقام معها وقال لها: امضي، فمشت بين يديه، فضربتها الرّيح، فنظر إلى عجيزتها، فقال لها موسى: امشي خلفي، ودلّيني على الطّريق إن أخطأت. فلمّا جاء الشّيخ وقصّ عليه القصص {قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين}. - حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} قال: قال مطرّفٌ: أما واللّه لو كان عند نبيّ اللّه شيءٌ ما تتبّع مذقيهما، ولكن إنّما حمله على ذلك الجهد {فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين}. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: رجعتا إلى أبيهما في ساعةٍ كانتا لا ترجعان فيها، فأنكر شأنهما، فسألهما فأخبرتاه الخبر، فقال لإحداهما: عجّلي عليّ به، فأتته على استحياءٍ فجاءته، فقالت {إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فقام معها كما ذكر لي، فقال لها: امشي خلفي، وانعتي لي الطّريق، وأنا أمشي أمامك، فإنّا لا ننظر إلى أدبار النّساء؛ فلمّا جاءه أخبره الخبر، وما أخرجه من بلاده، فلمّا {قصّ عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين} وقد أخبرت أباها بقوله إنّا لا ننظر إلى أدبار النّساء). [جامع البيان: 18/218-222] قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: تمشي على استحياءٍ - الهذيل ، عن عمر فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ قال: جاءت مستترةً بكمّ درعها، أو بكمّ قميصها. - حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، قال: قال عمر: جاءت تمشي على استحياءٍ قائلةً بثوبها على وجهها ليست بسلفع خراجةٍ ولاجةٍ. قوله عزّ وجلّ: قالت إنّ أبي يدعوك. حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن قرّة بن خالدٍ، قال: سمعت الحسن يقول: يعني قوله: فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ قالت إنّ أبي يدعوك، يقولون: شعيبٌ وليس بشعيبٍ، ولكنّه سيّد الماء يومئذٍ. قوله: ليجزيك أجر ما سقيت لنا. حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فقام معها وقال لها: أمضي، فمشت بين يديه، فضربتها الرّيح فنظر إلى عجيزتها فقال لها: امشي خلفي ودلّيني على الطّريق إن أخطأت. - حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحى بن عبد اللّه، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا، ليطعمك. قوله: فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص - حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فقام معها فلمّا أتى الشّيخ، وقصّ عليه القصص قال: لا تخف. قوله: لا تخف نجوت من القوم الظّالمين - حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ أصبغ ابن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، فأمر إحداهما أن تدعوه، فأتت موسى فدعته، فلمّا كلّمه قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين. ليس لفرعون ولا لقومه علينا سلطانٌ، ولسنا في مملكته). [تفسير القرآن العظيم: 9/2964-2965] قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن مهران الأصبهانيّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عمر رضي اللّه عنه: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} [القصص: 25] قال: " كانت تجيء وهي خرّاجةٌ ولّاجةٌ واضعةٌ يدها على وجهها، فقام معها موسى وقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطّريق وأنا أمشي أمامك، فإنّا لا ننظر في أدبار النّساء، ثمّ قالت: {يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} [القصص: 26] لما رأته من قوّته ولقوله لها ما قال فزاده ذلك فيه رغبةً فقال: {إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ، فإن أتممت عشرًا فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين} [القصص: 27] أي في حسن الصّحبة والوفاء بما قلت. قال موسى: {ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ} [القصص: 28] قال: نعم. قال اللّه على ما نقول وكيلٌ. فزوّجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج إليه منه وزوّجه صفورة أو أختها شرقاء وهما اللّتان كانتا تذودان «صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/441] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج موسى عليه السلام خائفا جائعا ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين وعليه أمة من الناس يسقون وامرأتان جالستان بشياههما فسالهما ما خطبكما {قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير} قال: فهل قربكما ماء قالتا: لا، إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال: فانطلقا فاريانيها، فانطلقتا معه فقال بالصخرة بيده فنحاها ثم استقى لهما سجلا واحدا فسقى الغنم ثم أعاد الصخرة إلى مكانها ثم تولى إلى الظل فقال: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} فسمعتا ما قال فرجعتا إلى أبيهما فاستنكر سرعة مجيئهما فسألهما فاخبرتاه فقال لاحداهما: انطلقي فادعيه فاتته فقالت: {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فمشيت بين يديه فقال لها: امشي خلفي فاني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي أن أنظر منك ما حرم الله علي وارشديني الطريق، {فلما جاءه وقص عليه القصص}، قالت احداهما: {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال لها أبوها: ما رأيت من قوته وأمانته فأخبرته بالأمر الذي كان قالت: أما قوته فانه قلب الحجر وحده وكان لا يقلبه إلا النفر. وأمّا أمانته فانه قال: امشي خلفي وارشديني الطريق لاني امرؤ من عنصر إبراهيم عليه السلام لا يحل لي منك ما حرم الله تعالى، قيل لابن عباس رضي الله عنهما، أي الاجلين قضى موسى عليه السلام قال: أبرهما وأوفاهما). [الدر المنثور: 11/447-448] (م) قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ان موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال فاذا هو بامرأتين {قال ما خطبكما} فحدثتاه، فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استقى فلم يستق إلا دلوا واحدا حتى رويت الغنم، فرجعت+ المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه وتولى موسى عليه السلام إلى الظل {فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء} واضعه ثوبها على وجهها ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة {قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فقام معها موسى عليه السلام فقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك، فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال: يا بنية ما علمك بأمانته وقوته قالت: أما قوته، فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال وأما أمانته فقال: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك، فزاده ذلك رغبة فيه فقال {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} إلى قوله {ستجدني إن شاء الله من الصالحين} أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت قال موسى عليه السلام {ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} قال: نعم، {قال الله على ما نقول وكيل} فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج اليه وزوجه صفورا وأختها شرفا وهما التي كانتا تذودان). [الدر المنثور: 11/448-450] (م) قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن أبي الهذيل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله {تمشي على استحياء} قال: جاءت مستترة بكم درعها على وجهها، وأخرجه ابن المنذر عن ابن أبي الهذيل موقوفا عليه). [الدر المنثور: 11/453] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن مطرف بن الشخير رضي الله عنه قال: أما والله لو كان عند نبي الله شيء ما تبع مذقتها ولكن حمله على ذلك الجهد). [الدر المنثور: 11/453] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن أبي حازم قال: لما دخل موسى عليه السلام على شعيب عليه السلام اذا هو بالعشاء فقال له شعيب عليه السلام: كل، قال موسى عليه السلام: أعوذ بالله قال ولم، ألست بجائع قال: بلى، ولكن أخاف أن يكون هذا عوضا لما سقيت لهما وأنا من أهل بيت لا نبتغي شيئا من عمل الآخرة بملء الأرض ذهبا قال: لا والله، ولكنها عادتي وعادة آبائي نقري الضيف ونطعم الطعام، فجلس موسى عليه السلام فأكل). [الدر المنثور: 11/453] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس رضي الله عنه أنه بلغه: ان شعيبا عليه السلام هو الذي قص على موسى القصص). [الدر المنثور: 11/453] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال: يقول ناس: انه شعيب، وليس بشعيب ولكن سيد الماء يومئذ). [الدر المنثور: 11/453-454] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال: كان صاحب موسى عليه السلام أثرون ابن أخي شعيب عليه السلام). [الدر المنثور: 11/454] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان اسم ختن موسى يثربي). [الدر المنثور: 11/454] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الذي استأجر موسى عليه السلام يثرب صاحب مدين). [الدر المنثور: 11/454] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما: انه كان يكره الكنية بأبي مرة وكانت كنية فرعون وكانت صاحبة موسى صفيرا بنت يثرون). [الدر المنثور: 11/454] تفسير قوله تعالى: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) ) قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني مسلمة بن علي عن معاوية بن سلمة قال: أخبرني القاسم عن مجاهد في قول الله: {القوي الأمين}، قال: إنه رفع حجرا عن جب لم يكن يرفعه إلا فئام من الناس). [الجامع في علوم القرآن: 1/8] قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني مسلمة بن علي عن معاوية عن الحكم بن عتيبة قال: لم يكن شريح يفسر غير ثلاث آيات، قول الله: {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب}، قال: الحكمة: الفهم، وفصل الخطاب: الشهود والبينات، {والذي بيده عقدة النكاح}، الزوج، وفي قول الله: {إن خير من استأجرت القوي الأمين}، قال: أمرها أن تمشي خلفه وغض عنها بصره). [الجامع في علوم القرآن: 1/8-9] قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله إن خير من استأجرت القوي الأمين قال بلغنا أن قوته كانت سرعة ما أروى غنمهما قال بلغنا أنه ملأ الحوض بدلو واحدة معمر وقال قتادة وأما أمانته فإنه أمرها أن تمشي من خلفه). [تفسير عبد الرزاق: 2/90] قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالت إحداهما يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين}. يقول تعالى ذكره: قالت إحدى المرأتين اللّتين سقى لهما موسى لأبيها حين أتاه موسى، وكان اسم إحداهما صفورة، واسم الأخرى ليّا، وقيل: شرفا كذلك. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني وهب بن سليمان الذّماريّ، عن شعيبٍ الجبائيّ، قال: اسم الجاريتين ليّا، وصفورة، وامرأة موسى صفورة ابنة يثرون كاهن مدين، والكاهن: حبرٌ. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: إحداهما صفورة ابنة يثرون وأختها شرفا، ويقال: ليّا، وهما اللّتان كانتا تذودان. وأمّا أبوهما ففي اسمه اختلافٌ، فقال بعضهم: كان اسمه يثرون. ذكر من قال ذلك: - حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، قال: كان الّذي استأجر موسى ابن أخي شعيبٍ يثرون. - حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، قال: الّذي استأجر موسى يثرون ابن أخي شعيبٍ عليه السّلام. وقال آخرون: بل اسمه: يثرى. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا العلاء بن عبد الجبّار، عن حمّاد بن سلمة، عن أبي جمرة، عن ابن عبّاسٍ، قال: الّذي استأجر موسى: يثرى صاحب مدين. - حدّثني أبو العالية العبديّ إسماعيل بن الهيثم، قال: حدّثنا أبو قتيبة، عن حمّاد بن سلمة، عن أبي جمرة، عن ابن عبّاسٍ، قال: اسم أبي المرأة: يثرى. وقال آخرون: بل اسمه شعيبٌ، وقالوا: هو شعيبٌ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا قرّة بن خالدٍ، قال: سمعت الحسن، يقول: يقولون شعيبٌ صاحب موسى، ولكنّه سيّد أهل الماء يومئذٍ. قال أبو جعفرٍ: وهذا ممّا لا يدرك علمه إلاّ بخبرٍ، ولا خبر بذلك تجب حجّته، فلا قول في ذلك أولى بالصّواب ممّا قاله اللّه جلّ ثناؤه {ووجد من دونهم امرأتين تذودان}. {قالت إحداهما يا أبت استأجره} تعني بقولها: استأجره ليرعى عليك ماشيتك. {إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} تقول: إنّ خير من تستأجره للرّعي القويّ على حفظ ماشيتك والقيام عليها في إصلاحها وصلاحها، الأمين الّذي لا تخاف خيانته فيما تتّمنة عليه. وقيل: إنّها لمّا قالت ذلك لأبيها، استنكر أبوها ذلك من وصفها إيّاه فقال لها: وما علمك بذلك، فقالت: أمّا قوّته فما رأيت من علاجه ما عالج عند السّقي على البئر، وأمّا الأمانة فما رأيت من غضّ البصر عنّي. وبنحو ذلك جاءت الأخبار عن أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: {قالت إحداهما يا أبت استأجره، إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} قال: فأحفظته الغيرة أن قال: وما يدريك ما قوّته وأمانته؟ قالت: أما قوّته، فما رأيت منه حين سقى لنا، لم أر رجلاً قطّ أقوى في ذلك السّقي منه؛ وأمّا أمانته، فإنّه نظر حين أقبلت إليه وشخصت له، فلمّا علم أنّي امرأةٌ صوّب رأسه فلم يرفعه، ولم ينظر إليّ حتّى بلّغته رسالتك، ثمّ قال لي: امشي خلفي وانعتي لي الطّريق، ولم يفعل ذلك إلاّ وهو أمينٌ، فسرّي عن أبيها وصدّقها وظنّ به الّذي قالت. - حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله لموسى {إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} يقول: أمينٌ فيما ولي، أمينٌ على ما استودع. - حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قالت إحداهما يا أبت استأجره، إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} قال: إنّ موسى لمّا سقى لهما، ورأت قوّته، وحرّك حجرًا على الرّكيّة لم يستطعه ثلاثون رجلاً، فأزاله عن الرّكيّة، وانطلق مع الجارية حين دعته، فقال لها: امشي خلفي وأنا أمامك، كراهية أن يرى شيئًا من خلفها ممّا حرّم اللّه أن ينظر إليه، وكان يومًا فيه ريحٌ. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن عبد الرّحمن بن أبي نعمٍ، في قوله: {يا أبت استأجره، إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} قال لها أبوها: ما رأيت من أمانته؟ قالت: لمّا دعوته مشيت بين يديه، فجعلت الرّيح تضرب ثيابي، فتلزق بجسدي، فقال: كوني خلفي، فإذا بلغت الطّريق فاذهبي، قالت: ورأيته يملأ الحوض بسجلٍ واحدٍ. - حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {القويّ الأمين} قال: غضّ طرفه عنهما. قال محمّد بن عمرٍو في حديثه: حين، أو حتّى سقى لهما فصدرتا. وقال الحارث في حديثه: حتّى سقى بغير شكٍّ. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: فتح عن بئرٍ حجرًا على فيها، فسقى لهما بها، والأمين: أنّه غضّ بصره عنهما حين سقى لهما فصدرتا. - حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، وهانئ بن سعيدٍ، عن الحجّاج، عن القاسم، عن مجاهدٍ، {إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} قال: رفع حجرًا لا يرفعه إلاّ فئامٌ من النّاس. - حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال: قال عمرو بن ميمونٍ، في قوله {القويّ الأمين} قال: كان يوم ريحٍ، فقال: لا تمشي أمامي، فيصفك الرّيح لي، ولكن امشي خلفي ودلّيني على الطّريق؛ قال: فقال لها: كيف عرفت قوّته؟ قالت: كان الحجر لا يطيقه إلاّ عشرةٌ فرفعه وحده. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني أبو معاوية، عن الحجّاج بن أرطأة، عن الحكم، عن شريحٍ، في قوله: {القويّ الأمين} قال: أما قوّته: فانتهى إلى حجرٍ لا يرفعه إلاّ عشرةٌ، فرفعه وحده. وأمّا أمانته: فإنّها مشت أمامه فوصفها الرّيح، فقال لها: امشي خلفي وصفي لي الطّريق. - حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا معاوية بن عمرٍو، عن زائدة، عن الأعمش، قال: سألت تميم، عن إبراهيم: بم عرفت أمانته؟ قال: في طرفه، بغضّ طرفه عنها. - حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} قال: القويّ في الصّنعة، الأمين فيما ولي، قال: وذكر لنا أنّ الّذي رأت من قوّته: أنّه لم تلبث ماشيتها أن أرواها؛ وأنّ الأمانة الّتي رأت منه أنّها حين جاءت تدعوه، قال لها: كوني ورائي، وكره أن يستدبرها، فذلك ما رأت من قوّته وأمانته. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: {يا أبت استأجره، إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} قال: بلغنا أنّ قوّته كانت سرعة ما أروى غنمهما. وبلغنا أنّه ملأ الحوض بدلو واحدٍ. وأمّا أمانته فإنّه أمرها أن تمشي خلفه. - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {قالت إحداهما يا أبت استأجره، إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} وهي الجارية الّتي دعته، قال الشّيخ: هذه القوّة قد رأيت حين اقتلع الصّخرة، أرأيت أمانته، ما يدريك ما هي؟ قالت: مشيت قدّامه فلم يحبّ أن يخونني في نفسي، فأمرني أن أمشي خلفه. - حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قالت إحداهما يا أبت استأجره، إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} فقال لها: وما علمك بقوّته وأمانته، فقالت: أما قوّته فإنّه كشف الصّخرة الّتي على بئر آل فلانٍ، وكان لا يكشفها دون سبعة نفرٍ. وأمّا أمانته فإنّي لمّا جئت أدعوه قال: كوني خلف ظهري، وأشيري لي إلى منزلك، فعرفت أنّ ذلك منه أمانةٌ. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: قالت {يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} لمّا رأت من قوّته وقوله لها ما قال: أن امشي خلفي، لئلاّ يرى منها شيئًا ممّا يكره، فزاده ذلك فيه رغبةً). [جامع البيان: 18/222-229] قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالت إحداهما يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين (26) قوله: قالت إحداهما يا أبت استأجره. [الوجه الأول] - حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه، قال: أفرس النّاس ثلاثةٌ: أبو بكرٍ حين تفرّس في عمرٍ، وصاحب يوسف حين قال: أكرمي مثواه، وصاحبة موسى حين قالت: يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين. - حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، ثنا ابن أبي زائدة، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، قال: كان صاحب موسى- يعني الّذي استأجر موسى- أثرون ابن أخي شعيبٍ، قال أبو زرعة: الصّحيح يثرون، ومنهم من يقول: كان شعيبًا. والوجه الثّاني: - حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز الأويسيّ، ثنا مالك بن أنسٍ، أنّه بلغه أنّ شعيبًا هو الّذي قصّ عليه موسى القصص قال: لا تخف. والوجه الثّالث: - حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن قرّة بن خالدٍ، قال: سمعت الحسن يقول: يقولون: شعيبٌ وليس بشعيبٍ، ولكنّه سيّد الماء يومئذٍ. قوله: إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين - حدّثنا محمّد بن داود السّمنانيّ، ثنا أبو همام الوليد بن شجاع بن بدرٍ ثنا عويد بن عبد الملك بن حبيبٍ الجونيّ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الصّامت، عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: يا أبا ذرٍّ، إذا سئلت أيّ المرأتين تزوّج موسى- عليه السّلام- فقل: الصّغرى منهما، وهي الّتي جاءته فدعته، هي الّتي قالت: يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين قال لها أبوها: أخبريني بقوّته، قالت: أخذ حجرًا ثقيلا فألقاه. - حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، قال: قال عمر: قوله: يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين قال: يا بنيّة ما علمك بأمانته وقوّته؟ قالت: أمّا قوّته فرفعه الحجر لا يرفعه إلا عشرةٌ. - حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرّحمن الحارثيّ، عن الحجّاج، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ،: قوّته أنّه رفع صخرةً لا يطيقها إلا فئامٌ من النّاس- يعني قوله: إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين. - حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله لموسى: القويّ الأمين، قال: القويّ فيما ولي. - حدّثنا محمّد بن يحي، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: إن خير من استأجرت القويّ الأمين قال: القويّ في الصّنعة. - أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد، بن أسلم، في قول الله: القويّ الأمين، قال لها: ما علمك بقوّته، قالت: أمّا قوّته: فإنّه كشف الصّخرة الّتي على بئر آل فلانٍ، وكان لا يكشفها دون سبعة نفرٍ. قال أبو محمّدٍ: رأيت الصّخرة وشبّرت فكان بأصبعي، شبران ومائةٌ. - حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا مسدّدٌ، ثنا خالدٌ، ثنا حصينٌ، عن أبي مالكٍ، القويّ الأمين، فقال لها: ما قوّته؟ قالت: أما قوّته: فكان يملأ الحوض بدلو واحدٍ. قوله تعالى: الأمين - حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ أصبغ ابن زيدٍ الورّاق، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: الأمين فاحتملته الغيرة على أن قال: وما يدريك ما قوّته وما أمانته؟ قالت: أمّا أمانته: فإنّه نظر إليّ حين بلّغته رسالتك، ثمّ قال لي: امشي خلفي وانعتي لي الطّريق فلم يفعل هذا إلا وهو أمينٌ فسرّي، عن أبيها وصدّقها وظنّ به الّذي قالته. - حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرّحمن الحارثيّ، عن الحجّاج عن الحكم، عن شريحٍ، إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين، قال أمّا أمانته: فإنّه أمرها أن تمشي خلفه، وغضّ بصره. - حدّثنا أبي أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله لموسى: القوي الأمين، قال: أمينٌ على ما استودع. - حدّثنا محمّد بن يحي، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، قوله: إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين الأمين فيما ولي. - حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين، وقد أخبرت أباها بقوله لها: إنّا لا ننظر في أدبار النّساء، وبقوله: ما قال لها أن امشي خلفي لئلا يرى منها شيئًا ممّا يكره أن يراه فزاد ذلك فيه رغبةً. - حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: القويّ الأمين عصم طرفه، عنهما حين سقى لهما فصدرتا). [تفسير القرآن العظيم: 9/2966-2968] قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أما قوله القوي فإنه نحى لهما الحجر عن البئر فسقى لهما وأما أمانته فغض طرفه عنهما حتى سقى لهما فصدرتا). [تفسير مجاهد: 484] قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن مهران الأصبهانيّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عمر رضي اللّه عنه: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} [القصص: 25] قال: " كانت تجيء وهي خرّاجةٌ ولّاجةٌ واضعةٌ يدها على وجهها، فقام معها موسى وقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطّريق وأنا أمشي أمامك، فإنّا لا ننظر في أدبار النّساء، ثمّ قالت: {يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} [القصص: 26] لما رأته من قوّته ولقوله لها ما قال فزاده ذلك فيه رغبةً فقال: {إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ، فإن أتممت عشرًا فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين} [القصص: 27] أي في حسن الصّحبة والوفاء بما قلت. قال موسى: {ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ} [القصص: 28] قال: نعم. قال اللّه على ما نقول وكيلٌ. فزوّجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج إليه منه وزوّجه صفورة أو أختها شرقاء وهما اللّتان كانتا تذودان «صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/441] (م) قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج موسى عليه السلام خائفا جائعا ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين وعليه أمة من الناس يسقون وامرأتان جالستان بشياههما فسالهما ما خطبكما {قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير} قال: فهل قربكما ماء قالتا: لا، إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال: فانطلقا فاريانيها، فانطلقتا معه فقال بالصخرة بيده فنحاها ثم استقى لهما سجلا واحدا فسقى الغنم ثم أعاد الصخرة إلى مكانها ثم تولى إلى الظل فقال: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} فسمعتا ما قال فرجعتا إلى أبيهما فاستنكر سرعة مجيئهما فسألهما فاخبرتاه فقال لاحداهما: انطلقي فادعيه فاتته فقالت: {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فمشيت بين يديه فقال لها: امشي خلفي فاني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي أن أنظر منك ما حرم الله علي وارشديني الطريق، {فلما جاءه وقص عليه القصص}، قالت احداهما: {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال لها أبوها: ما رأيت من قوته وأمانته فأخبرته بالأمر الذي كان قالت: أما قوته فانه قلب الحجر وحده وكان لا يقلبه إلا النفر. وأمّا أمانته فانه قال: امشي خلفي وارشديني الطريق لاني امرؤ من عنصر إبراهيم عليه السلام لا يحل لي منك ما حرم الله تعالى، قيل لابن عباس رضي الله عنهما، أي الاجلين قضى موسى عليه السلام قال: أبرهما وأوفاهما). [الدر المنثور: 11/447-448] (م) قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ان موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال فاذا هو بامرأتين {قال ما خطبكما} فحدثتاه، فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استقى فلم يستق إلا دلوا واحدا حتى رويت الغنم، فرجعت+ المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه وتولى موسى عليه السلام إلى الظل {فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء} واضعه ثوبها على وجهها ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة {قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فقام معها موسى عليه السلام فقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك، فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال: يا بنية ما علمك بأمانته وقوته قالت: أما قوته، فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال وأما أمانته فقال: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك، فزاده ذلك رغبة فيه فقال {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} إلى قوله {ستجدني إن شاء الله من الصالحين} أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت قال موسى عليه السلام {ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} قال: نعم، {قال الله على ما نقول وكيل} فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج اليه وزوجه صفورا وأختها شرفا وهما التي كانتا تذودان). [الدر المنثور: 11/448-450] (م) قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {القوي} قال: قوته فتح لهما عن بئر حجرا على فيها فسقى لهما {الأمين} قال: غض بصره عنهما حين سقى لهما). [الدر المنثور: 11/454] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال: لما قالت صاحبة موسى {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال: وما رأيت من قوته قالت: جاء إلى البئر وعليه صخرة لا يقلها كذا وكذا فرفعها قال: وما رأيت من أمانته قالت: كنت أمشي أمامه فجعلني خلفه). [الدر المنثور: 11/455] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا سئلت أي الاجلين قضى موسى فقل خيرهما وأبرهما واذا سئلت أي المرأتين تزوج فقل الصغرى منهما، وهي التي جاءت فقالت {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} فقال: ما رأيت من قوته قالت: أخذ حجرا ثقيلا فالقاه على البئر قال: وما الذي رأيت من أمانته قالت: قال لي امشي خلفي ولا تمشي امامي). [الدر المنثور: 11/459] تفسير قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) ) قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشرًا فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين}. يقول تعالى ذكره: {قال} أبو المرأتين اللّتين سقى لهما موسى لموسى: {إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ} يعني بقوله: {على أن تأجرني}: على أن تثيبني من تزويجكها رعي ماشيتي ثماني حججٍ، من قول النّاس: آجرك اللّه فهو يأجرك، بمعنى: أثابك اللّه؛ والعرب تقول: أجرت الأجير آجره، بمعنى: أعطيته ذلك، كما يقال: أخذته فأنا آخذه. وحكى بعض أهل العربيّة من أهل البصرة أنّ لغة العرب: أجرت غلامي فهو مأجورٌ، وآجرته فهو مؤجرٌ، يريد: أفعلته. قال: وقال بعضهم: آجره فهو مؤاجرٌ، أراد فاعلته؛ وكأنّ أباها عندي جعل صداق ابنته الّتي زوّجها موسى رعي موسى عليه ماشيته ثماني حججٍ، والحجج: السّنون. وقوله: {فإن أتممت عشرًا فمن عندك} يقول: فإن أتممت الثّماني الحجج عشرًا الّتي شرطتها عليك، بإنكاحي إيّاك ابنتيّ، فجعلتها عشر حججٍ، فإحسانٌ من عندك، وليس ممّا اشترطته عليك بسبب تزويجك ابنتي {وما أريد أن أشقّ عليك} باشتراط الثّماني الحجج عشرًا عليك {ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين} في الوفاء بما قلت لك. - كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين} أي في حسن الصّحبة والوفاء بما قلت). [جامع البيان: 18/229-230] قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشرًا فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين (27) قوله تعالى: قال إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين. - أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ. فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، في قول اللّه: إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ قال: فأيّهما تريد أن تنكحني؟ قال: الّتي دعتك، قال: لا. إلا وهي بريئةٌ ممّا دخل نفسك عليها، فقال: لا. هي، عند كذلك، فزوجه. قوله: على أن تأجرني ثماني حججٍ. حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، وحدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد الحضرميّ، عن عليّ بن رباحٍ اللّخميّ، قال: سمعت، عنية بن النّدّر السّلميّ صاحب رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- يحدث أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: إنّ موسى- عليه السّلام- أجّر نفسه بعفّة فرجه وطعمة بطنه. قوله: ثماني حججٍ. حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ أصبغ ابن زيدٍ الورّاق، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، فقال له: هل لك إلى أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ ففعل ذلك. فكانت على نبيّ اللّه موسى- صلّى اللّه عليه وسلّم- ثماني سنين واجبةٌ. - وبه، في قوله: فإن أتممت عشرًا فمن، عندك فكانت على نبيّ اللّه موسى ثماني سنين واجبةٌ، وكانت سنتان عدةً منه، فقضى اللّه- عزّ وجلّ-، عنه عدته فأتمّها عشرًا، قال سعيدٌ- فلقيني رجلٌ من أهل النّصرانيّة من علمائهم فقال: هل تدري أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: قلت: لا، وأنا يومئذٍ لا أدري فلقيت ابن عبّاسٍ، فذكرت ذلك له، فقال: أما علمت أنّ ثمانيًا كانت على نبيّ اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- واجبةً ولم يكن نبيّ اللّه لينقص منها شيئًا، وتعلم أنّ اللّه كان قاضيًا، عن موسى عدته الّتي وعد، فإنّه قضى عشر سنين فلقيت النّصرانيّ فأخبرته ذلك، فقال: الّذي سألته فأخبرك أعلم منك بذلك، قلت: أجلّ وأوفى. قوله تعالى: وما أريد أن أشقّ عليك. حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين أي في حسن الصّحبة والوفاء بما قلت، فزوّجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه، وما يحتاج إليه منه وزوّجة موسى صفورة وأختها شرفا، وقال: ليا وهما اللّتان كانتا تذودان). [تفسير القرآن العظيم: 9/2968-2969] قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا حماد بن سلمة نا أبو جمرة عن ابن عباس قال كان اسم ختن موسى ثيربي). [تفسير مجاهد: 485] قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن مهران الأصبهانيّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عمر رضي اللّه عنه: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} [القصص: 25] قال: " كانت تجيء وهي خرّاجةٌ ولّاجةٌ واضعةٌ يدها على وجهها، فقام معها موسى وقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطّريق وأنا أمشي أمامك، فإنّا لا ننظر في أدبار النّساء، ثمّ قالت: {يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} [القصص: 26] لما رأته من قوّته ولقوله لها ما قال فزاده ذلك فيه رغبةً فقال: {إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ، فإن أتممت عشرًا فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين} [القصص: 27] أي في حسن الصّحبة والوفاء بما قلت. قال موسى: {ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ} [القصص: 28] قال: نعم. قال اللّه على ما نقول وكيلٌ. فزوّجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج إليه منه وزوّجه صفورة أو أختها شرقاء وهما اللّتان كانتا تذودان «صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/441] (م) قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تأجرني تأجر فلانًا تعطيه أجرًا ومنه التّعزية آجرك اللّه ثبت هذا للنّسفيّ وقد قال أبو عبيدة في قوله على أن تأجرني ثماني حجج من الإجارة يقال فلانٌ تأجّر فلانًا ومنه آجرك اللّه). [فتح الباري: 8/509] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ان موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال فاذا هو بامرأتين {قال ما خطبكما} فحدثتاه، فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استقى فلم يستق إلا دلوا واحدا حتى رويت الغنم، فرجعت+ المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه وتولى موسى عليه السلام إلى الظل {فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء} واضعه ثوبها على وجهها ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة {قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فقام معها موسى عليه السلام فقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك، فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال: يا بنية ما علمك بأمانته وقوته قالت: أما قوته، فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال وأما أمانته فقال: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك، فزاده ذلك رغبة فيه فقال {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} إلى قوله {ستجدني إن شاء الله من الصالحين} أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت قال موسى عليه السلام {ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} قال: نعم، {قال الله على ما نقول وكيل} فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج اليه وزوجه صفورا وأختها شرفا وهما التي كانتا تذودان). [الدر المنثور: 11/448-450] (م) قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} قال: بلغني أنه نكح الكبيرة التي دعته واسمها صفورا وأبوها ابن أخي شعيب واسمه رعاويل، وقد أخبرني من أصدق: ان اسمه في الكتاب يثرون كاهن مدين، والكاهن حبر). [الدر المنثور: 11/455] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن نوف الشامي قال: ولدت المرأة لموسى عليه السلام غلاما فسماه جرثمة). [الدر المنثور: 11/455] تفسير قوله تعالى: (قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) ) قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرنا عمرو بن الحارث، عن يحيى بن ميمون الحضرمي، عن يوسف بن تيرح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سئل عن أي الأجلين قضى موسى، فقال: لا أعلم شيئا؛ فسأل النبي جبريل فقال: لا علم لي، فسأل جبريل ملكا فوقه، فقال: لا علم لي، فسأل ذلك الملك ربه عما سأله عنه جبريل مما سأله عنه محمد، فقال الرب: أبرهما وأبقاهما أو أزكاهما). [الجامع في علوم القرآن: 1/151] قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن [لهيعة ........ .. ] عن عمارة بن غزية عن يحيى بن سعيد [ .... ] عن القاسم بن محمد وسأله رجلٌ فقال: {أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي}، فقال القاسم: ما أبالي أي ذلك كان، إنما هو موعدٌ وقضاءٌ. قال القاسم: إن موسى كان أبشر الرجلين خطبة). [الجامع في علوم القرآن: 2/34-35] قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أيما الأجلين قضيت قال: قال ابن عباس رعى عليه أكثر الأجلين معمر عن الكلبي في قوله تعالى جذوة من النار قال شعلة من النار قال معمر وقال قتادة أصل الشجرة في طرفها النار قال فذلك قوله جذوة من النار). [تفسير عبد الرزاق: 2/90-91] قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عطاء بن السائب قال: لقي سعيد بن جبيرٍ راهبًا فقال سعيدٌ: أيّما الأجلين قضى موسى؟ فلم يدر فلقيت ابن عبّاسٍ فسألته فقال: قضى أوفاهما [الآية: 28]). [تفسير الثوري: 233] قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (العدوان والعداء والتّعدّي واحدٌ»). [صحيح البخاري: 6/113] - قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله العدوان والعداء والتّعدّي واحدٌ أي بمعنًى واحدٍ وأراد تفسير قوله في قصّة موسى وشعيب فلا عدوان على والعداء بفتح العين ممدودٌ قال أبو عبيدة في قوله فلا عدوان على وهو والعداء والتّعدّي والعدو كلّه واحدٌ والعدو من قوله عدا فلانٌ على فلانٍ). [فتح الباري: 8/508-509] - قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (العدوان والعداء والتّعدّي واحدٌ أشار به إلى قوله تعالى: {فلا عدوان عليّ والله على ما نقول وكيل} (القصص: 28) وبيّن أن معنى هذه الألفاظ الثّلاثة واحد، وهو التّعدّي والتجاوز عن الحق، والقائل بهذا هو شعيب عليه السّلام، وقصته مشهورة). [عمدة القاري: 19/106] - قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (العدوان) في قوله تعالى: {فلا عدوان عليّ} [القصص: 28] معناه (والعداء) بالفتح والخفيف وفي الناصرية بضم العين وكسرها ولم يضبطها في الفرع كأصله وآل ملك (والتعدي) بالتشديد (واحد) في معنى التجاوز عن الحق). [إرشاد الساري: 7/283] قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ واللّه على ما نقول وكيلٌ}. يقول تعالى ذكره: {قال} موسى لأبي المرأتين {ذلك بيني وبينك} أي هذا الّذي قلت من أنّك تزوّجني إحدى ابنتيك على أن آجرك ثماني حججٍ، واجبٌ بيني وبينك، على كلّ واحدٍ منّا الوفاء لصاحبه بما أوجبه له على نفسه. وقوله: {أيّما الأجلين قضيت} يقول: أيّ الأجلين من الثّماني الحجج والعشر الحجج قضيت، يقول: فرغت منها فوفّيتكها رعي غنمك وماشيتك {فلا عدوان عليّ} يقول: فليس لك أن تعتدي عليّ، فتطالبني بأكثر منه. و(ما) في قوله: {أيّما الأجلين} صلةٌ يوصل بها (أيّ) عدوان عليّ، وزعم أهل العربيّة أنّ هذا أكثر في كلام العرب من (أيٍّما). وأنشد قول الشّاعر: وأيّهما ما أتبعنّ فإنّني = حريصٌ على إثر الّذي أنا تابع وقال عبّاس بن مرداسٍ: فأيّي ما وأيّك كان شرًّا = فقيد إلى المقامة لا يراها وقوله: {واللّه على ما نقول وكيلٌ} كان ابن إسحاق يرى هذا القول من أبي المرأتين. - حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قال موسى {ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ} قال: نعم. {واللّه على ما نقول وكيلٌ} فزوّجه، وأقام معه يكفيه، ويعمل له في رعاية غنمه، وما يحتاج إليه منه. وزوجة موسى صفّورا أو أختها: شرفا أو ليّا. - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: قال ابن عبّاسٍ، الجارية الّتي دعته هي الّتي تزوّج. - حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، قال له {إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني} إلى آخر الآية، قال: وأيّتهما تريد أن تنكحني؟ قال: الّتي دعتك، قال: لا. ألا وهي بريئةٌ ممّا دخل نفسك عليها، فقال: هي عندك كذلك، فزوّجه. وبنحو الّذي قلنا في قوله: {أيّما الأجلين قضيت} قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {قال ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت} إمّا ثمانيًا، وإمّا عشرًا. - حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن عمارة بن غزيّة، عن يحيى بن سعيدٍ، عن القاسم بن محمّدٍ، وسأله رجلٌ قال {أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ} قال: فقال القاسم: ما أبالي أيّ ذلك كان، إنّما هو موعدٌ وقضاءٌ. وقوله: {واللّه على ما نقول وكيلٌ} يقول: واللّه على ما أوجب كلّ واحدٍ منّا لصاحبه على نفسه بهذا القول، شهيدٌ وحفيظٌ. - كالّذي: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {واللّه على ما نقول وكيلٌ} قال: شهيدٌ على قول موسى وختنه. وذكر أنّ موسى وصاحبه لمّا تعاقدا بينهما هذا العقد، أمر إحدى ابنتيه أن تعطي موسى عصًا من العصيّ الّتي تكون مع الرّعاة، فأعطته إيّاه، فذكر بعضهم أنّها العصا الّتي جعلها اللّه له آيةً. وقال بعضهم تلك عصًا أعطاه إيّاها جبريل عليه السّلام. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: أمر يعني أبا المرأتين إحدى ابنتيه أن تأتيه، يعني أن تأتي موسى بعصًا، فأتته بعصًا، وكانت تلك العصا عصًا استودعها إيّاه ملكٌ في صورة رجلٍ، فدفعها إليه، فدخلت الجارية، فأخذت العصا، فأتته بها؛ فلمّا رآها الشّيخ قال: لا، ائتيه بغيرها، فألقتها تريد أن تأخذ غيرها، فلا يقع في يدها إلاّ هي، وجعل يردّدها، وكلّ ذلك لا يخرج في يدها غيرها؛ فلمّا رأى ذلك عمد إليها، فأخرجها معه، فرعى بها. ثمّ إنّ الشّيخ ندم وقال: كانت وديعةً، فخرج يتلقّى موسى، فلمّا لقيه قال: اعطني العصا، فقال موسى: هي عصاي، فأبى أن يعطيه، فاختصما، فرضيا أن يجعلا بينهما أوّل رجلٍ يلقاهما، فأتاهما ملكٌ يمشي، فقضى بينهما فقال: ضعوها في الأرض، فمن حملها فهي له، فعالجها الشّيخ فلم يطقها، وأخذ موسى بيده فرفعها، فتركها له الشّيخ، فرعى له عشر سنين. قال عبد اللّه بن عبّاسٍ: كان موسى أحقّ بالوفاء. - حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: قال يعني أبا الجارية لمّا زوّجها موسى لموسى: ادخل ذلك البيت فخذ عصًا فتوكّأ عليها فدخل، فلمّا وقف على باب البيت، طارت إليه تلك العصا، فأخذها، فقال: ارددها وخذ أخرى مكانها، قال: فردّها، ثمّ ذهب ليأخذ أخرى، فطارت إليه كما هي، فقال: لا أرددها، فعل ذلك ثلاثًا، فقال: ارددها، فقال: لا أجد غيرها اليوم، فالتفت إلى ابنته، فقال يا بنته: إنّ زوجك لنبيٌّ. ذكر من قال: الّتي كانت آيةً عصًا أعطاها موسى جبرائيل عليه السّلام: - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ، قال: سألت عكرمة قال: أمّا عصا موسى، فإنّها خرج بها آدم من الجنّة، ثمّ قبضها بعد ذلك جبرائيل عليه السّلام، فلقي موسى بها ليلاً، فدفعها إليه). [جامع البيان: 18/230-234] قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ واللّه على ما نقول وكيلٌ (28) قوله: قال ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت. - حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت إمّا ثمانٍ وإمّا عشرٌ، واللّه على ما نقول وكيلٌ. - حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال: قال موسى: ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ. قوله: فلا عدوان عليّ. وبه، عن أبي إسحاق، قال موسى: ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ قال: نعم. قال: واللّه على ما نقول وكيلٌ. - حدثنا محمد بن يحي، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: وكيلٌ أي حفيظٌ). [تفسير القرآن العظيم: 9/2969-2970] قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا أبان العطار عن أبي عمران الجوني قال: قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم إن سألوك أي الأجلين قضى موسى فقل أفضلهما وأكرمهما وإن سألوك أي الجاريتين تزوج موسى فقل أصغرهما وكان اسمها صفوريا). [تفسير مجاهد: 484] قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم ثنا حبان عن سعد بن طريف عن مقسم أبي عبد الرحمن قال قلت للحسين بن علي أي الأجلين قضى موسى قال أكثرهما قلت فما كان اسم امرأته قال بلاقيس). [تفسير مجاهد: 484] قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمثنا آدم نا ورقاء عن ابن المبارك عن ابن جريج في قوله فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل قال يعني شهيد). [تفسير مجاهد: 485] قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن مهران الأصبهانيّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عمر رضي اللّه عنه: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} [القصص: 25] قال: " كانت تجيء وهي خرّاجةٌ ولّاجةٌ واضعةٌ يدها على وجهها، فقام معها موسى وقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطّريق وأنا أمشي أمامك، فإنّا لا ننظر في أدبار النّساء، ثمّ قالت: {يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} [القصص: 26] لما رأته من قوّته ولقوله لها ما قال فزاده ذلك فيه رغبةً فقال: {إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ، فإن أتممت عشرًا فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين} [القصص: 27] أي في حسن الصّحبة والوفاء بما قلت. قال موسى: {ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ} [القصص: 28] قال: نعم. قال اللّه على ما نقول وكيلٌ. فزوّجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج إليه منه وزوّجه صفورة أو أختها شرقاء وهما اللّتان كانتا تذودان «صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/441] (م) قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني بكر بن محمّد بن حمدان الصّيرفيّ، بمرو، ثنا عبد الصّمد بن الفضل البلخيّ، ثنا حفص بن عمر العدنيّ، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: سئل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: قال: «أبعدهما وأطيبهما»). [المستدرك: 2/442] قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (وحدّثناه محمّد بن صالح بن هانئٍ، ثنا أبو عمرٍو أحمد بن المبارك المستملي، ثنا محمّد بن الوليد الفحّام، ثنا سفيان بن عيينة، حدّثني إبراهيم بن يحيى، رجلٌ من أهل عدنٍ، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سأل جبريل: " أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: «أتمّهما» هذا حديثٌ صحيحٌ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/442] قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) سعيد بن جبير -رحمه الله -: قال: سألني يهوديّ من أهل الحيرة، أيّ الأجلين قضى موسى عليه السلام؟ قلت: لا أدري، حتى أقدم على حبر العرب فأسأله، فقدمت، فسألت ابن عباس؟ فقال: قضى أكثرهما وأطيبهما، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فعل. أخرجه البخاري. [شرح الغريب] (حبر) الحبر: العالم). [جامع الأصول: 2/295-296] قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا أبو عبيد اللّه يحيى بن محمّد بن السّكن، ثنا إسحاق بن إدريس، ثنا عوبد بن أبي عمران الجونيّ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الصّامت، عن أبي ذرٍّ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سئل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: «أوفاهما وأتمّهما»، قال: وإن سئلت: أيّ المرأتين تزوّج؟ فقال: «الصّغرى منهما». قال البزّار: لا نعلمه يروى عن أبي ذرٍّ إلا بهذا الإسناد). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/63] قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا أحمد بن أبانٍ القرشيّ، ثنا سفيان - يعني: ابن عيينة -، ثنا إبراهيم بن أعين، عن الحكم بن أبانٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سئل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: «أتمّهما وأبرّهما». قال البزّار: لا نعلمه عن ابن عبّاسٍ مرفوعًا إلا من هذا الوجه). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/63] قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا عمر بن الخطّاب السّجستانيّ، ثنا يحيى بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، ثنا الحارث بن يزيد، عن عليّ بن رباحٍ اللّخميّ، قال: سمعت عتبة بن النّدّر يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سئل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: " أبرّهما وأوفاهما ثمّ قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: " لمّا أراد موسى فراق شعيبٍ صلّى اللّه عليهما، أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لونٍ، قال: فما مرّت شاةٌ إلا ضرب جنبيها موسى بعصاه، فولدت قوالب ألوانها كلّها، وولدت ثنتين وثلاثين، كلّ شاةٍ ليس فيها فشوشٌ، ولا ضبوبٌ، ولا كمشةٌ تفوت الكفّ، ولا ثعولٌ وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا افتتحتم الشّام فإنّكم ستجدون بقايا منها، هي السّامريّة»). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/63-64] قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال محمّد بن يحيى بن أبي عمر: ثنا سفيان، عن إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب، عن الحكم بن أبانٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "سألت جبريل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: أكملها وأتمّها". - رواه أبو يعلى الموصلي: قال: نا زهير حدثنا سفيان بن عيينة، عن الحكم بن أبانٍ ... فذكره). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/251] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ان موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال فاذا هو بامرأتين {قال ما خطبكما} فحدثتاه، فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استقى فلم يستق إلا دلوا واحدا حتى رويت الغنم، فرجعت+ المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه وتولى موسى عليه السلام إلى الظل {فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء} واضعه ثوبها على وجهها ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة {قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فقام معها موسى عليه السلام فقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك، فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال: يا بنية ما علمك بأمانته وقوته قالت: أما قوته، فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال وأما أمانته فقال: امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك، فزاده ذلك رغبة فيه فقال {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} إلى قوله {ستجدني إن شاء الله من الصالحين} أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت قال موسى عليه السلام {ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} قال: نعم، {قال الله على ما نقول وكيل} فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج اليه وزوجه صفورا وأختها شرفا وهما التي كانتا تذودان). [الدر المنثور: 11/448-450] (م) قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ماجة والبزار، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن عقبة بن المنذر السلمي رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ {طس} حتى بلغ قصة موسى عليه السلام قال: ان موسى أجر نفسه ثماني سنين أو عشرا على عفة فرجه وطعام بطنه فلما وفى الأجل قيل: يا رسول الله أى الأجلين قضى موسى ؟ قال: أبرهما وأوفاهما فلما أراد فراق شعيب أمر امرأته ان تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به فأعطاها ما ولدت من غنمه قالب لون من ذلك العام وكانت غنمه سوداء حسناء فانطلق موسى إلى عصاه فسماها من طرفها ثم وضعها في أدنى الحوض ثم أوردها فسقاها ووقف موسى بازاء الحوض فلم يصدر منها شاة إلا ضرب جنبها شاة شاة قال: فأنمت وأثلثت ووضعت كلها قوالب الوان، إلا شاة أو شاتين ليس فيها فشوش ولا ضبوب ولا غزور ولا ثفول ولا كمشة تفوت الكف، قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: فلو افتتحتم الشام وجدتم بقايا تلك الغنم، وهي السامرية قال ابن لهيعة: الفشوش: التي تفش بلبنها واسعة الشخب والضبوب: الطويلة الضرع مجترة والغزور: الضيقة الشخب والثفول: التي ليس لها ضرع إلا كهيئة حلمتين والكمشة: الصغيرة الضرع لا يدركه الكف). [الدر المنثور: 11/455-456] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أنس رضي الله عنه قال: لما دعا موسى عليه السلام صاحبه إلى الأجل الذي كان بينهما قال له صاحبه: كل شاة ولدت على لونها فلك لونها، فعمد فرفع خيالا على الماء فلما رأيت الخيال فزعت فجالت جولة فولدت كلهن بلقاء إلا شاة واحدة، فذهب بالوانهن ذلك العام). [الدر المنثور: 11/457] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد والبخاري، وابن المنذر، وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما انه سئل أي الأجلين قضى موسى فقال: قضى أكثرهما وأطيبهما، ان رسول الله اذا قال فعل). [الدر المنثور: 11/457] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار وأبو يعلى، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل جبريل أي الاجلين قضى موسى قال: أتمهما وأكملهما). [الدر المنثور: 11/457] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن يوسف بن سرح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الأجلين قضى موسى فسأل جبريل فقال: لا علم لي، فسأل جبريل ملكا فوقه فقال: لا علم لي، فسأل ذلك الملك ربه فقال الرب عز وجل أبرهما وأتقاهما وأزكاهما). [الدر المنثور: 11/457-458] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه من طريق علي بن عاصم عن أبي هريرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ان رجلا سأله أي الأجلين قضى موسى فقال: لا أدري حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا أدري حتى أسأل جبريل فقال: لا أدري حتى أسأل ميكائيل فسأل ميكائيل فقال: لا أدري حتى أسأل الرفيع فسأل الرفيع فقال: لا أدري حتى أسأل اسرافيل فسأل اسرافيل فقال: لا أدري حتى أسأل ذا العزة فنادى اسرافيل بصوته الأشد: يا ذا العزة أي الأجلين قضى موسى قال: أتم الأجلين وأطيبهما عشر سنين قال علي بن عاصم: فكان أبو هرون اذا حدث بهذا الحديث يقول: حدثني أبو سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن ميكائيل عن الرفيع عن اسرافيل عن ذي العزة تبارك وتعالى ان موسى قضى أتم الأجلين وأطيبه، عشر سنين). [الدر المنثور: 11/458] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن جابر رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الاجلين قضى موسى قال: أوفاهما). [الدر المنثور: 11/459] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل: يا محمد ان سألك اليهود أي الاجلين قضى موسى فقل أوفاهما وان سألوك أيهما تزوج فقل الصغرى منهما). [الدر المنثور: 11/459] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الاجلين قضى موسى قال: أبعدهما وأطيبهما). [الدر المنثور: 11/459] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن أبي حاتم والطبراني في الاوسط، وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي ذر رضي الله عنه ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم سئل أي الاجلين قضى موسى قال: أبرهما وأوفاهما، قال: وان سئلت أي المرأتين تزوج فقل الصغرى منهما). [الدر المنثور: 11/460] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الاجلين قضى موسى قال: سوف أسأل جبريل فسأله قال: سوف أسأل ميكائيل فسأله قال: سوف أسأل اسرافيل فسأله فقال: سوف أسأل الرب فسأله فقال: أبرهما وأوفاهما). [الدر المنثور: 11/460] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن مقسم قال: لقيت الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما فقلت له: أي الاجلين قضى موسى، الاول أو الآخر قال: الآخر). [الدر المنثور: 11/460] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {والله على ما نقول وكيل} قال: على قول موسى وختنه). [الدر المنثور: 11/461] |
التفسير اللغوي تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) } قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولمّا توجّه تلقاء مدين} [القصص: 22] نحو مدين. قال قتادة: ومدين ماءٍ كان عليه قوم شعيبٍ. {قال عسى ربّي أن يهديني} [القصص: 22] أن يرشدني. {سواء السّبيل} [القصص: 22] قال قتادة والسّدّيّ، يعني: قصد الطّريق إلى مدين. وكان خرج لا يدري أين يذهب ولا يهتدي طريق مدين فقال: {عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل} [القصص: 22] الطّريق، قال مجاهدٌ: إلى مدين). [تفسير القرآن العظيم: 2/585] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولمّا توجّه تلقاء مدين...} يريد: قصد ماء مدين, ومدين لم تصرف؛ لأنها اسم لتلك البلدة, وقال الشاعر: رهبان مدين لو رأوك تنزّلوا = والعصم من شعف العقول الفادر.
وقوله: {أن يهديني سواء السّبيل}: الطريق إلى مدين, ولم يكن هادياً لطريقها.). [معاني القرآن: 2/304]قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولمّا توجّه تلقاء مدين }: مجازه: نحو مدين ولا تنصرف مدين ؛ لأنها اسم مؤنثة، ويقال: فعل ذلك من تلقاء نفسه , ودار فلان تلقاء دار فلان. {سواء السّبيل }: مجازه: قصد السبيل، ووسطه، قال : =تى أغيّب في سواء الملحد وهو مفتوح ممدود). [مجاز القرآن: 2/101]قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({تلقاء مدين} :أي : تجاه مدين ونحوها، وأصله: «اللّقاء»، زيدت فيه التاء، قال الشاعر: = فاليوم قصر عن تلقائه الأمل أي: عن لقائه.{سواء السّبيل}: أي: قصده.). [تفسير غريب القرآن: 331-332] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( الهدى أصل هدى أرشد، كقوله: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}. وقوله: {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ}، أي أرشدنا). [تأويل مشكل القرآن: 444] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولمّا توجّه تلقاء مدين قال عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل } " مدين " : ماء كان لقوم شعيب, يقال: إن بينه وبين مصر مسيرة ثمانية أيام، كما بين البصرة والكوفة، وكان موسى عليه السلام خرج من مصر ومعنى تلقاء مدين، أي سلك في الطريق التي تلقاء مدين فيها. {قال عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل}:السبيل: الطريق، وسواء السبيل : قصد الطريق في الاستواء.). [معاني القرآن: 4/138] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولما توجه تلقاء مدين} قال أبو عبيدة :أي: نحو مدين. وقوله جل وعز: {قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل} قال مجاهد : أي: طريق مدين. قال أبو مالك : فوجه فرعون في طلبه, وقال لهم: اطلبوه في بنيات الطرق ؛ فإن موسى لا يعرف الطريق . فجاء ملك راكب فرساً ومعه عنزة، فقال لموسى : اتبعني؛ فاتبعه فهداه إلى الطريق ). [معاني القرآن: 5/171] تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) } قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّةً من النّاس} [القصص: 23] جماعةً من النّاس. {يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان} [القصص: 23] [تفسير القرآن العظيم: 2/585] قال قتادة: تذودان النّاس عن شائهما. وفي بعض الحروف: تذودان النّاس عن شائهما: أي: حابستين شاءهما تذودان النّاس عنها، في تفسير قتادة. وقال بعضهم يمنعان غنمهما أن تختلط بأغنام النّاس. قال لهما موسى: {ما خطبكما} [القصص: 23] : ما أمركما؟ {قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء} [القصص: 23] قال قتادة: أي: حتّى يسقي النّاس ثمّ نتتبّع فضالتهم في تفسير الحسن. {وأبونا شيخٌ كبيرٌ} [القصص: 23] قال السّدّيّ، يعني: كبيرًا في السّنّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/586] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ووجد من دونهم امرأتين تذودان...}:تحبسان غنمهما, ولا يجوز أن تقول: ذدت الرجل: حبسته, وإنما كان الذّياد حبساً للغنم ؛ لأن الغنم والإبل إذا أراد شيء منها أن يشذّ ويذهب، فرددته، فذلك ذود، وهو الحبس، وفي قراءة عبد الله : (ودونهم امرأتان حابستان)، فسألهما عن حبسهما فقالتا: لا نقوى على السقي مع الناس حتى يصدروا, فأتى أهل الماء فاستوهبهم دلواً , فقالوا: استق إن قويت، وكانت الدلو يحملها الأربعون ونحوهم. فاستقى هو وحده، فسقى غنمهما، فذلك قول إحدى الجاريتين: {إنّ خير من استأجرت القوي الأمين}, فقوّته: إخراجه الدلو وحده، وأمانته: أنّ إحدى الجاريتين قالت: إن أبي يدعوك، فقام معها فمرّت بين يديه، فطارت الريح بثيابها، فألصقتها بجسدها، فقال لها: تأخّري فإن ضللت , فدلّيني, فمشت خلفه، فتلك أمانته ). [معاني القرآن: 2/305] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( { وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون }: أي: جماعة. {تذودان }: مجازه: تمنعان , وتردان, وتطردان, قال جرير: وقد سلبت عصاك بنو تميم= فما تدري بأي عصاً تذود
وقال سعيد بن كراع: أبيت على باب القوافي كأنما= أذود بها سرباً من الوحش نزّعا
ويروى الحوش، والحوش إبل الجنّ يزعمون أنها تضربه في المهربة, والعمانية , فمن ثم هي هكذا.{ قال ما خطبكما}: أي: ما أمركما , وحالكما , وشأنكما؟. قال:يا عجباً, ما خطبه, وخطبي.). [مجاز القرآن: 2/102] قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أمة من الناس}: جماعة. [غريب القرآن وتفسيره: 290] {تذودان}: تطردان وتمنعان. وقالوا تحبسان غنمهما). [غريب القرآن وتفسيره: 291] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجد من دونهم امرأتين تذودان} :أي: تكفّان غنمهما, وحذف «الغنم» اختصارا. وفي تفسير أبي صالح: «تحبس إحداهما الغنم على الأخرى». {قال ما خطبكما}: أي: ما أمركما؟ وما شأنكما؟. {يصدر الرّعاء}: أي: يرجع الرعاء, ومن قرأ: {يصدر الرّعاء}، أراد: يردّ الرعاء أغنامهم عن الماء.). [تفسير غريب القرآن: 332] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّة من النّاس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء وأبونا شيخ كبير }: مدين في موضع خفض، ولكنه لا ينصرف لأنه اسم للبقعة. {ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّة من النّاس يسقون}:أمة : جماعة. {ووجد من دونهم امرأتين تذودان}:أي: تذودان غنمهما عن أن يقرب موضع الماء، لأنها يطردها عن الماء من هو على السّقي أقوى منهما. {قال ما خطبكما}:أي: ما أمركما؟, معناه: ما تخطبان؟, أي: ما تريدان بذودكما غنمكما عن الماء؟. {قالتا لا نسقي حتّى يصدرالرّعاء}:وقرئت : {حتّى يصدر الرّعاء} - بضم الياء وكسر الدال - أي: لا نقدر أن نسقي حتى تردّ الرعاة غنمهم , وقد شربت, فيخلو الموضع ، فنسقي. فمن قرأ : {يصدر} بضم الدال, فمعناه : حتى يرجع الرعاء، والرعاء جمع راع، كما يقال: صاحب وصحاب. وقوله: {وأبونا شيخ كبير}:الفائدة في قوله: {وأبونا شيخ كبير}, أي: لا يمكنه أن يرد، ويسقي, فلذلك احتجنا -ونحن نساء- أن نسقي.). [معاني القرآن: 4/139] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون}: أي:جماعة . {ووجد من دونهم امرأتين تذودان}: وفي قراءة عبد الله:{ ودونهم امرأتان حابستان}: فسألهما عن حبسهما, فقالتا: لا نقوى على السقي مع الناس حتى يصدروا. ومعنى :{تذودان} فيما روى علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس :تحبسان. وروى سفيان بن أبي الهيثم , عن سعيد بن جبير :{تذودان}, قال حابستان. وروى هشيم, عن حصين , عن أبي مالك:{ ووجد من دونهم امرأتين تذودان }, قال: تحبسان غنمهما حتى يفرغ الناس , فتخلو لهم البئر . قال أبو جعفر : وهذا قول بين, يقال: ذاد يذود؛ إذا حبس. وذدت الشيء : حبسته , ثم يحذف المفعول, إما إيهاماً على المخاطب , وإما استغناء ًبعلمه . ومذهب قتادة: أنهما كانتا تذودان الناس عن غنمهما . والأول أولى ؛ لأن بعده :{قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء} ولو كانتا تذودان عن غنمهما الناس , لم تخبرا عن سبب تأخر سقيهما إلى أن يصدر الرعاء . {قال ما خطبكما}:أي : ما حالكما, وما أمركما؟. { قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء }: ومن قرأ بضم الياء {يصدر} حذف المفعول , أي: حتى يصدروا غنمهم . {وأبونا شيخ كبير }:والفائدة في هذا أنه لا يقدر على السقي ؛ لكبره , فلذلك خرجنا , ونحن نساء.). [معاني القرآن: 5/171-173] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {أُمَّةً}: جماعة {تَذُودَانِ}: تطردان.). [العمدة في غريب القرآن: 233] تفسير قوله تعالى: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) } قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فسقى لهما} [القصص: 24] موسى، فلم يلبث أن أروى غنمهما. {ثمّ تولّى} [القصص: 24]، يعني: انصرف، وهو تفسير قتادة والسّدّيّ. {إلى الظّلّ فقال ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} [القصص: 24]، يعني: الطّعام. وهو تفسير قتادة والسّدّيّ. وقال قتادة: وكان بجهدٍ. الحسن بن دينارٍ، عن كلثوم بن جبرٍ أو غيره، عن سعيد بن جبيرٍ قال: كان [تفسير القرآن العظيم: 2/586] فقيرًا إلى شقّ تمرةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/587] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فسقى لهما ثمّ تولّى إلى الظّلّ فقال ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير } أي : فسقى لهما من قبل الوقت الذي كانتا تسقيان فيه، ويقال: إنّه رفع حجرا عن البئر , كان لا يرفعه إلا عشرة أنفس. وقيل : إن موسى كان في ذلك الوقت من الفقر لا يقدر على شقّ تمرة.). [معاني القرآن: 4/139-140] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فسقى لهما ثم تولى إلى الظل} روى عمرو بن ميمون , عن عمر بن الخطاب أنه قال: لما استقى الرعاء , غطوا على البئر صخرة لا يقلها إلا عشرة رجال , فجاء موسى صلى الله عليه وسلم , فاقتلعها , وسقى ذنوبا واحدا, لم يحتج إلى غيره, فسقى لهما . وقوله جل وعز: {ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} روى عكرمة , عن ابن عباس قال : ما سأل إلا الطعام. وقال مجاهد : لم يكن له ما يأكل . ثم قال جل وعز: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء} المعنى: فذهبتا إلى أبيهما قبل وقتهما , فخبرتاه بخبر موسى وسقيه , فأرسل إحداهما , فجاءت تمشي على استحياء قال عمرو بن ميمون قال : تمشي , ويدها على وجهها حياء , ليست بسلفع خراجة ولاجة.). [معاني القرآن: 5/174-175] تفسير قوله تعالى:{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(25)} قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} [القصص: 25] واضعةٌ يديها على وجهها. قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: بعيدةٌ واللّه من البذاء قال: ويقولون شعيبٌ وليس بشعيبٍ، ولكنّه كان سيّد أهل الماء يومئذٍ. - حمّاد بن سلمة، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، قال: اسم ختن موسى: يثرى. {قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلمّا جاءه} [القصص: 25] موسى. {وقصّ عليه القصص} [القصص: 25] خبره. قال الشّيخ. {لا تخف نجوت من القوم الظّالمين {25}). [تفسير القرآن العظيم: 2/587] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين} المعنى : فلما شربت غنمهما , رجعتا إلى أبيهما, فأخبرتاه خبر موسى وسقيه غنمهما، وجاءتاه قبل وقتهما شاربة غنمهما، فوجّه بإحداهما تدعو موسى , فجاءته {تمشي على استحياء}. جاء في التفسير : أنها ليست بخرّاجة من النّساء , ولا ولّاجة، أي: تمشي مشي من لم تعتد الدخول والخروج , متخفّرة , مستحيية. {قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا}: المعنى: فأجابها , فمضى معها إلى أبيها. {فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص}:أي: قصّ عليه قصته في قتله الرجل، , وأنهم يطلبونه ليقتلوه. {قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين}: وذلك أنّ القوم لم يكونوا في مملكة فرعون، فأعلم شعيب موسى أنّه قد تخلّص من الخوف، وأنه لا يقدر عليه , أعني : بالقوم قوم مدين الذين كان فيهم أبو المرأتين. وقال في التفسير : إنه كان ابن أخي شعيب النبيّ عليه السلام.). [معاني القرآن: 4/139-143] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما جاءه وقص عليه القصص}:أي: قص عليه خبره , وعرفه بقتله النفس وخوفه , قال:{ لا تخف نجوت من القوم الظالمين }:لأن مدين لم تكن في ملكة فرعون.). [معاني القرآن: 5/175] تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)} قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالت إحداهما} [القصص: 26] إحدى المرأتين {يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} [القصص: 26] قال قتادة: القويّ في الضّيعة، الأمين فيما ولي. وتفسير مجاهدٍ الأمين غضّ طرفه عنهما حين سقى لهما فصدرتا. [تفسير القرآن العظيم: 2/587] وكان الّذي رأت من قوّته في تفسير الحسن أنّه لم تلبث ماشيتهما أن أرواها، وأنّ الأمانة الّتي رأت منه أنّها حين جاءته تدعوه قال لها: كوني ورائي، وكره أن يستدبرها، وبعضهم يقول: في قولها: {القويّ} [القصص: 26] أنّه كان على تلك البئر الّتي سقى منها صخرةٌ لا يرفعها إلا أربعون رجلا، فرفعها موسى وحده، وذلك أنّه سألهما: هل هاهنا بئرٌ غير هذه؟ فقالتا: نعم، ولكن عليها صخرةٌ لا يرفعها إلا أربعون رجلا). [تفسير القرآن العظيم: 2/588] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ووجد من دونهم امرأتين تذودان...}:: تحبسان غنمهما, ولا يجوز أن تقول ذدت الرجل: حبسه, وإنما كان الذّياد حبساً للغنم ؛ لأن الغنم والإبل إذا أراد شيء منها أن يشذّ ويذهب , فرددته , فذلك ذود، وهو : الحبس, وفي قراءة عبد الله : (ودونهم امرأتان حابستان), فسألهما عن حبسهما , فقالتا: لا نقوى على السقي مع الناس حتى يصدروا, فأتى أهل الماء , فاستوهبهم دلواً فقالوا: استق إن قويت، وكانت الدلو يحملها الأربعون ونحوهم, فاستقى هو وحده، فسقى غنمهما، فذلك قول إحدى الجاريتين : {إنّ خير من استأجرت القوي الأمين} , فقوّته : إخراجه الدلو وحده، وأمانته : أنّ إحدى الجاريتين قالت: إن أبي يدعوك، فقام معها فمرّت بين يديه، فطارت الريح بثيابها , فألصقتها بجسدها. فقال لها: تأخّري فإن ضللت فدلّيني, فمشت خلفه , فتلك أمانته.). [معاني القرآن: 2/305] (م) قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالت إحداهما يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين}: أي: اتخذه أجيراً. {إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين}:أي: إن خير من استعملت من قوي على عملك, وأدى الأمانة فيه. وإنما قالت :{القويّ الأمين}, فوصفته بالقوة , لسقيه غنمها بقوة وشدة. وقيل : لقوته على رفع الحجر الذي كان لا يقلّه أقل من عشرة أنفس. وقد قيل : إنه كان لا يقله أقل من أربعين نفسا. فأما وصفها له بالأمانة , فقيل : إن موسى لما صار معها إلى أبيها تقدم أمامها , وأمرها أن تكون خلفه، وتدلّه على الطريق، وخاف إذا كانت بين يديه , أن تصيب ملحفتها الريح , فيتبيّن وصفها، فذلك ما عرفته من أمانته.). [معاني القرآن: 4/140-141] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} روى عمرو بن ميمون , عن عمر قال : فقال لها : من أين عرفت قوته , وأمانته ؟. قالت : أما قوته , فإنه أقل حجرا لا يحمله إلا عشرة وأما أمانته : فإنه لما جاء معي, مررت بين يديه , فقال لي : كوني خلفي , ودليني على الطريق , لئلا تصفك الريح لي.).[معاني القرآن: 5/175-176] تفسير قوله تعالى:{قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27)} قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} الشّيخ لموسى: {إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني} [القصص: 27]، أي: على أن تؤاجرني نفسك. {ثماني حججٍ فإن أتممت عشرًا فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين} [القصص: 27]، أي: في الرّفق بك. فقال لموسى في آخر ذلك: كلّ سخلةٍ تخرج على غير شبه أمّها في هذا البطن فهي لك، فأوحى اللّه إلى موسى: إذا ملأت الحياض وقربتها لتشرب، فألق عصاك في الحياض، ففعل ذلك، فولدن كلّهنّ خلاف شبه أمّها، فذهب موسى بأولاد غنمه في تلك السّنة. وقال بعضهم: كلّ بلقاء تولد فهي لك، فولدن بلقًا كلّهنّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/588] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {على أن تأجرني ثماني حججٍ...} يقول: أن تجعل ثوابي أن ترعى عليّ غنمي : ثماني حجج , {فإن أتممت عشراً فمن عندك} يقول: فهو تطوّع, فذكر ابن عباس : أنه قضى أكثر الأجلين , وأطيبهما.). [معاني القرآن: 2/305] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ على أن تأجرني ثماني حججٍ}: مجازه من الإجارة , وهي أجر العمل , يقال: أجرت أجبري , أي : أعطيته أجره , ويفعل منها: "يأجر" : تقديره أكل يأكل , ومنه قول الناس: أجرك الله وهو يأجرك , أي : أثباك الله.).[مجاز القرآن: 2/102] قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قال إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين} وقال: {تأجرني} : في لغة العرب منهم من يقول "أجر غلامي" فـ"هو مأجورٌ", و"أجرته" فـ"هو مؤجر" , يريد: أفعلته" فـ"هو مفعلٌ" , وقال بعضهم: "آجرته" فـ"هو مؤاجر" أراد" "فاعلته".). [معاني القرآن: 3/23] قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أن تأجرني}: من الإجارة). [غريب القرآن وتفسيره: 291] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({على أن تأجرني} : أي : تجازيني : عن التّزويج، والأجر من اللّه , إنّما هو: الجزاء على العمل.). [تفسير غريب القرآن: 332] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين} معنى : أنكحك: أزوّجك. {على أن تأجرني ثماني حجج}: أي : تكون أجيراً لي ثماني سنين. {فإن أتممت عشرا ًفمن عندك}:أي : فذلك بفضل منك , ليس بواجب عليك.). [معاني القرآن: 4/141] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} وفي الحديث : (( أنه أنكحه الصغيرة منهما ,واسمها طوريا .)). ثم قال : {على أن تأجرني ثماني حجج} : أي : تكون لي أجيراً, {فإن أتممت عشرا فمن عندك} : أي: فذلك تفضل منك.). [معاني القرآن: 5/176] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({أن تَأْجُرَنِي}: من الإجارة). [العمدة في غريب القرآن: 233] تفسير قوله تعالى:{قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)} قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال موسى {ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت} [القصص: 28]، أيّ الأجلين قضيت فيما حدّثني قرّة بن خالدٍ، عن قتادة. [تفسير القرآن العظيم: 2/588] قال: وقال قتادة: وهي بلسان كلبٍ. وقوله: {قضيت} [القصص: 28]، يعني: أتممت، وهو تفسير السّدّيّ. قال: {فلا عدوان عليّ} [القصص: 28] يقول: فلا سبيل عليّ، تفسير السّدّيّ. {واللّه على ما نقول وكيلٌ} [القصص: 28] تفسير مجاهدٍ، وهو تفسير السّدّيّ: شهيدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/589] قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أيّما الأجلين قضيت...} فجعل (ما) وهي صلة من صلات الجزاء مع (أي) , وهي في قراءة عبد الله : {أيّ الأجلين ما قضيت فلا عدوان عليّ} , وهذا أكثر في كلام العرب من الأوّل. وقال الشاعر: وأيّهما ما أتبعنّ فإنني = حريصٌ على إثر الذي أنا تابع
وسمع الكسائيّ أعرابيّاً يقول: فأيّهم ما أخذها ركب على أيّهم، يريد في لعبة لهم, ذلك جائز , أيضاً حسن.). [معاني القرآن: 2/305]قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أيّما الأجلين قضيت}: أي : الغايتين والشرطين , ومجازه : أي الأجلين , و " ما " من حروف الزوائد في كلام العرب , قال عباس بن مرداس: فأبىّ ما وأيك كان شرّاً= فقيد إلى المقامة لا يراها.
{فلا عدوان عليّ }: وهو من العدا , والتعدي, والعدو واحد كله , وهو الظلم.). [مجاز القرآن: 2/102]قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ}. قال المفسرون: لا سبيل عليّ, والأصل من «التّعدّي»، وهو: الظلم, كأنه قال: أي الأجلين قضيت، فلا تعتد عليّ بأن تلزمني أكثر منه). [تفسير غريب القرآن: 332] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قال ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ واللّه على ما نقول وكيل } أي : ذلك الذي وصفت لي بيني وبينك، ومعناه: ما شرطت علي, فلك , وما شرطت لي , فلي، كذلك الأمر بيننا، ثم قال: {أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ}: والعدوان:المجاوزة في الظلم، وعدوان منصوب بـ (لا) , ولو قرئت :{فلا عدوان في }لجاز من جهتين إحداهما أن تكون (لا) رافعة كليس , كما قال الشاعر: من صدّ عن نيراننها= فأنا ابن قيس لا براح
ويجوز أن يكون " عدوان " رفعا بالابتداء , و" عليّ " الخبر.و " لا " نافية غير عاملة، كما تقول: لا زيد أخوك , ولا عمرو. و {أي} هي في موضع الجزاء منصوبة بـ (قضيت), وجواب الجزاء {فلا عدوان},و" ما " زائدة مؤكدة. والمعنى : أي الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ. وقوله: {واللّه على ما نقول وكيل}: أي : واللّه عز وجل شاهدنا على ما عقد بعضنا على بعض.). [معاني القرآن: 4/142] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( {قال ذلك بيني وبينك} :أي : لك ما شرطت , ولي مثله , {أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} : العدوان: المجاوزة في الظلم.). [معاني القرآن: 5/176] |
التفسير اللغوي المجموع [ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس] تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22)} تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) } قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما تكسر فيه الهاء التي هي علامة الإضمار اعلم أن أصلها الضم وبعدها الواو لأنها في الكلام كله هكذا إلا أن تدركها هذه العلة التي أذكرها لك وليس يمنعهم ما أذكر لك أيضاً من أن يخرجوها على الأصل. فالهاء تكسر إذا كان قبلها ياءٌ أو كسرة لأنها خفية كما أن الياء خفية وهي من حروف الزيادة كما أن الياء من حروف الزيادة وهي من موضع الألف وهي أشبه الحروف بالياء فكما أمالوا الألف في مواضع استخفافاً كذلك كسروا هذه الهاء وقلبوا الواو ياءً لأنه لا تثبت واوٌ ساكنة وقبلها كسرة فالكسرة ههنا كالإمالة في الألف لكسرة ما قبلها وما بعدها نحو كلابٍ وعابدٍ وذلك قولك مررت بهي قبل ولديهي مال ومررت بدارهي قبل. وأهل الحجاز يقولون مررت بهو قبل ولديهو مالٌ ويقرءون (فخسفنا بهو وبدارهو الأرض ). فإن لحقت الهاء الميم في علامة الجمع كسرتها كراهية الضمة بعد الكسرة ألا ترى أنهما لا يلزمان حرفاً أبداً فإذا كسرت الميم قلبت الواو ياءً كما فعلت ذلك في الهاء. ومن قال وبدار هو الأرض قال عليهمو مال وبهمو ذلك وقال بعضهم عليهمو أتبع الياء ما أشبهها كما أمال الألف لما ذكرت لك وترك مالا يشبه الياء ولا الألف على الأصل وهو الميم كما أنك تقول في باب الإدغام مصدر فتقربها من أشبه الحروف من موضعها بالدال وهي الزاي ولا تفعل ذلك بالصاد مع الراء والقاف ونحوهما لأن موضعهما لم يقرب من الصاد كقرب الدال. وزعم هارون أنها قراءة الأعرج وقراءة أهل مكة اليوم: (حتى يَصْدُرَ الرعاء) بين الصاد والزاي). [الكتاب: 4/195-196] قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( والأمة حرف من الأضداد. يقال: الأمة للواحد الصالح الذي يؤتم به، ويكون علما في الخير، كقوله عز وجل: {إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا}. ويقال الأمة للجماعة، كقوله عز وجل: {وجد عليه أمة من الناس يسقون}. ويقال: الأمة أيضا للواحد المنفرد بالدين؛ قال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: قلت: يا رسول الله؛ إن أبي قد كان على ما رأيت وبلغك، أفلا أستغفر له؟ قال: (بلى؛ فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده). ويفسر هذا الحرف من كتاب الله تعالى تفسيرين متضادين، وهو قوله: {كان الناس أمة واحدة}، فيقولك بعض المفسرين: معناه كان الناس مؤمنين كلهم. ويقول غيره: معناه كان الناس كفارا كلهم، فالذين قالوا: الأمة هاهنا المؤمنون؛ ذهبوا إلى أن الله عز وجل لما غرق الكافرين من قوم نوح بالطوفان، ونجي نوحا والمؤمنين، كان الناس كلهم في ذلك الوقت مؤمنين؛ ثم كفر بعضهم بعد ذلك الوقت فأرسل الله إليهم أنبياء يبشرون وينذرون، ويدلونهم على ما يسعدون به، ويتوفر منه حظهم. ومن قال: الأمة في الآية معناها الكافرون، قال: تأويل الآية: كان الناس قبل إرسال الله نوحا كافرين كلهم؛ فأرسل الله نوحا وغيره من النبيين المبعوثين بعده يبشرون وينذرون، ويدلون الناس على ما يتدينون به مما لا يقبل الله يوم القيامة غيره. والله أعلم بحقيقة القولين وأحكم). [كتاب الأضداد: 269-271] (م) قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والمصدر ههنا صدور الإبل عن الماء وخلاطها مخالطتها. ورواه أحمد بن عبيد عن خلاط المصدر وهو الرجل يصدر إبله ينصرف بها: كقول امرئ القيس: فأصدرها تعلو النجاد عشية = أقب كمقلاء الوليد خميص
يصف عيرا وآتنا. يقال صدرت صدرا وصدورا وأصدرها هو إصدارا: أنشدنا عبد الله بن محمد بن رستم لأمية بن أبي الصلت: الحمد لله ممسانا ومصبحنا = بالخير صبحنا ربي ومسانا
ومنه قول الله تعالى: {حتى يَصدر الرعاء} وحتى يُصدر: قرئ بهما جميعا من أصدروا وصدروا). [شرح المفضليات: 638]تفسير قوله تعالى: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) } تفسير قوله تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) } قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والحيا على ثلاثة أوجه: الحياء من الاستحياء ممدود، وحياء الناقة ممدود، والحيا الغيث والخصب مقصور والخصب مقصور يكتب بالألف وهو من الياء فرارا أن يجمعوا بين ياءين، وذلك أن العرب لا تكاد تكتب مثل هذا بالياء لأن قبله ياء، ألا ترى إلى قولهم خطايا وزوايا وحوايا ومنايا يكتبن بالألف لمكان الياء التي قبلها). [المقصور والممدود: 22] تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) } تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) } قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وتقول: أجرت المملوك فهو مأجور أجرا وأاجرته [آجرته] أجرا. أوجره إيجارا في معنى آجرته مؤاجرة وكل هذا كلام حسن من العرب. قال الله عز وجل: {على أن تأجرني ثماني حجج} ). [كتاب الهمز: 18] قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإذا أردت أن تجمع المذكر ألحقته اسماً من العدة فيه علامة التأنيث. وذلك نحو: ثلاثة أثواب، وأربعة رجال. فدخلت هذه الهاء على غير ما دخلت عليه في ضاربة وقائمة، ولكن كدخولها في علامة، ونسابة، ورجل ربعة، وغلام يفعة. فإذا أوقعت العدة على مؤنث أوقعته بغير هاءٍ فقلت: ثلاث نسوة، وأربع جوار، وخمس بغلات. وكانت هذه الأسماء مؤنثة بالبنية، كتأنيث عقرب، وعناق، وشمس، وقدر. وإن سميت رجلاً ب ثلاث التي تقع على عدة المؤنث لم تصرفه؛ لأنه اسم مؤنث بمنزلة عناق. وإن سميته ب ثلاث من قولك: ثلاثة التي تقع على المذكر صرفته. فكذلك يجري العدد في المؤنث والمذكر بين الثلاثة إلى العشرة في المذكر. وفيما بين الثلاث إلى العشر في المؤنث. قال الله عز وجل: {سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام} وقال: {في أربعة أيامٍ سواءً للسائلين} وقال: {على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشراً فمن عندك}؛ لأن الواحدة حجة. وقال: {فصيام ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجعتم تلك عشرةٌ كاملةٌ}. فإذا كان في الشيء ما يقع لأدنى العدد أضفت هذه الأسماء إليه فقلت: ثلاثة أغلمة، وأربعة أحمرةٍ، وثلاثة أفلسٍ، وخمسة أعدادٍ. فإن قلت: ثلاثة حميرٍ، وخمسة كلابٍ جاز ذلك. على أنك أردت: ثلاثة من الكلاب، وخمسة من الحمير؛ كما قال الله عز وجل: {يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروءٍ}. و قال الشاعر: قد جعلت ميٌّ على الظرار = خمس بنانٍ قانىء الأظفار
يريد: خمساً من البنان). [المقتضب: 2/155-157] (م) تفسير قوله تعالى: {قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) } |
تفاسير القرن الرابع الهجري ... |
تفاسير القرن الخامس الهجري ... |
تفاسير القرن السادس الهجري تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) } قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} ولما خرج عليه السلام فارا بنفسه منفردا حافيا لا شيء معه; رأى حاله وعدم معرفته بالطريق، وخلوه من الزاد وغيره فأسند أمره إلى الله تبارك وتعالى وقال: {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل}، وهذه الأقوال منه تقتضي أنه كان عارفا بالله تعالى، عالما بالحكمة والعلم الذي آتاه الله تعالى. و"توجه": رد وجهه إليها، و"تلقاء" معناه: إلى ناحية، أي إلى الجهة التي يلقى فيها الشيء المذكور، وسواء السبيل معناه: وسطه، وفي هذا الوقت بعث الله الملك المسدد حسب ما ذكرناه قبل، وقال مجاهد: أراد بـ " سواء السبيل " طريق مدين، وقال الحسن: أراد سبيل الهدى. قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا أبرع، ونظيره قول الصديق رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: هذا الذي يهدي السبيل الحديث). [المحرر الوجيز: 6/ 582-583] تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) } قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (فمشى عليه السلام حتى ورد مدين، أي: بلغها، ووروده الماء معناه: بلوغه; لأنه دخل فيه، ولفظة الورود قد تكون بمعنى الدخول في الشيء، وقد تكون بمعنى الإطلال عليه والبلوغ إليه وإن لم يدخل فيه، فورود موسى هذا الماء كان بالوصول إليه، وهذه الوجوه في اللفظة تتناول في قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها}. ومدين" لا ينصرف; إذ هي بلدة معروفة. و"الأمة": الجمع الكثير، و"يسقون" معناه: ماشيتهم، ومن دونهم معناه: ناحية إلى الجهة التي جاء منها، فوصل إلى الامرأتين قبل وصوله إلى الأمة، وهكذا هما من دونهم بالإضافة إليه، و"تذودان" معناه: تمنعان وتحبسان، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: ألا ليذادن رجال عن حوضي الحديث، وشاهد الشعر في ذلك كثير، وفي بعض المصاحف "امرأتين حابستين تذودان"، واختلف في الذود، فقال ابن عباس -رضي الله عنهما- وغيره: تذودان غنمهما عن الماء خوفا من السقاة الأقوياء، وقال قتادة: تذودان الناس عن غنمهما، فلما رأى موسى عليه السلام المرأتين قال: ما خطبكما؟ أي: ما أمركما وشأنكما؟ وكأن استعمال السؤال بالخطب إنما هو في مصاب أو مضطهد أو من يشفق عليه أو يأتي بمنكر من الأمر، فكأنه بالجملة في شر، فأخبرتاه بخبرهما، وأن أباهما شيخ كبير، فالمعنى أنه لا يستطيع لضعفه أن يباشر أمر غنمهما، وأنهما لضعفهما وقلة طاقتهما لا تقدران على مزاحمة الأقوياء، وأن عادتهما التأني حتى يصدر الرعاء أي الناس- عن الماء ويخلو، وحينئذ تردان. وقالت فرقة: كانت الآبار مكشوفة، وكان زحم الناس يمنعهما، فلما أراد موسى أن يسقي لهما; زحم الناس وغلبهم على الماء حتى سقى، فعن هذا الغلب الذي كان منه، وصفته إحداهما بالقوة. وقالت فرقة: بل كانت آبارهم على أفواهها حجارة كبار، وكان ورود المرأتين يتبع ما في صهاريج الشرب من الفضلات التي تبقى للسقاة، وأن موسى عليه السلام عمد إلى بئر كانت مغطاة والناس يسقون من غيرها، وكان حجرها لا يرفعه إلا سبعة، قاله ابن زيد. وقال ابن جريج: عشرة، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ثلاثون، وقال الزجاج: أربعون، فرفعه موسى عليه السلام وسقى للمرأتين، فعن رفع الصخرة، وصفته بالقوة. وقيل: إن بئرهم كانت واحدة، وأنه رفع عنها الحجر بعد انفصال السقاة; إذ كانت عادة المرأتين شرب الفضلات. وقرأ الجمهور: "نسقي" بفتح النون، وقرأ طلحة: "نسقي" بضمها، وقرأ أبو عمرو، وابن عامر: "حتى يصدر" بفتح الياء وضم الدال، وهي قراءة الحسن، وأبي جعفر، وقتادة، وقرأ الباقون: "يصدر" بضم الياء وكسر الدال على حذف المفعول، تقديره: مواشيهم، وحذف المفعول كثير في القرآن والكلام، وهي قراءة الأعرج، وطلحة، والأعمش، وابن أبي إسحاق، وعيسى. و"الرعاء" جمع راع. وتولى موسى عليه السلام إلى ظل سمرة، قاله ابن مسعود، وتعرض لسؤال ما يطعمه بقوله: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}، ولم يصرح بسؤال، هكذا روى سائر المفسرين أنه طلب في هذا الكلام ما يأكله، قال ابن عباس رضي الله عنهما: وكان قد بلغ به الجوع، واخضر لونه من أكل البقل، وضعف حتى لصق بطنه بظهره ورؤيت خضرة البقل في بطنه، وإنه لأكرم الخلق يومئذ على الله عز وجل، ويروى أنه لم يصل إلى مدين حتى سقط باطن قدمه، وفي هذا معتبر وحاكم بهوان الدنيا على الله تبارك وتعالى).[المحرر الوجيز: 6/ 583-585] تفسير قوله تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) } قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين}. في هذا الموضع اختصار يدل عليه الظاهر، قدره ابن إسحاق: فذهبتا إلى أبيهما سريعتين، وكانت عادتهما الإبطاء في السقي، فحدثتاه بما كان من أمر الرجل الذي سقى لهما، فأمر الكبرى من بنتيه -وقيل الصغرى- أن تدعوه له، فجاءت على ما في هذه الآية، وروي أن اسم إحداهما (ليا) والأخرى (شرفا)، وروي أن اسم زوجة نبي الله موسى عليه السلام (صفورة)، وقيل: اسمها (صوريا)، وقال وهب بن منبه: زوجه الكبرى، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه زوجه الصغرى، وذكره الثعلبي ومكي من طريق أبي ذر رضي الله عنه، وقال النقاش: كانتا توأمين وولدت الأولى قبل الأخرى بنصف نهار. وقوله: "تمشي" حال من "إحداهما"، وقوله: {على استحياء} أي خفرة قد سترت وجهها بكم درعها، قاله عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وقال عمرو بن ميمون: لم تكن سلفعا من النساء خراجة ولاجة. واختلف الناس في الرجل الداعي لموسى، من هو؟ فقال الجمهور: هو شعيب عليه السلام، وهما ابنتاه، وقال الحسن: هو ابن أخي شعيب واسمه ثروان، وقال ابن أبي عبيدة: يثرون، وقيل:هو رجل صالح ليس من شعيب بنسب، وقيل: إن المرأتين إنما كان مرسلهما عمهما، وهو كان صاحب الغنم، وهو المزوج، ولكن عبر عن العم بالأب في جميع الأمر إذ هو بمثابته. وروي أن موسى عليه السلام لما جاءته بالرسالة أجاب، فقام يتبعها إلى أبيها، فهبت ريح ضمت قميصها إلى بدنها فوصفت عجيزتها، فتحرج موسى عليه السلام من النظر إليها، فقال لها: ارجعي خلفي وأرشديني الطريق، ففهمت عنه ذلك فوصفته بالأمانة، قاله ابن عباس رضي الله عنهما. فوصل موسى عليه السلام إلى داعيه، فقص عليه أمره من أوله إلى آخره، فآنسه بقوله: {لا تخف نجوت من القوم الظالمين}، وكانت مدين خارجة عن مملكة فرعون، فلما فرغ كلامهما قالت الابنة التي ذهبت عنه: يا أبت استأجره الآية، فلما وصفته بالقوة والأمانة قال لها أبوها: ومن أين عرفت هذا منه؟ فقالت: أما قوته ففي رفع الصخرة، وأما أمانته ففي تحرجه من النظر إلي وقت هبوب الريح، قاله ابن عباس، وقاله ابن زيد وغيرهم. قال له الأب عند ذلك: إني أريد أن أنكحك الآية، قال ابن عباس: فزوجه التي دعته. و"تأجر" معناه: تثيب، وقال مكي: في هذه الآية خصائص في النكاح، منها أنه لم يعين الزوجة، ولا حد أول الأمد، وجعل المهر إجارة، ودخل ولم ينقد شيئا. قال القاضي أبو محمد رحمه الله: أما التعيين فيشبه أنه كان في ثاني حال المراوضة، وإنما عرض الأمر مجملا، وعين بعد ذلك، وأما ذكر أول المدة فليس في الآية ما يقتضي إسقاطه، بل هو مسكوت عنه; فإما رسماه وإلا فهو من وقت العقد، وأما النكاح بالإجارة فظاهر من الآية، وهذا أمر قد قرره شرعنا، وجرى به في حديث الذي لم يكن عنده إلا شيء من القرآن، وذهب بعض العلماء إلى أن ذلك خاص، وبعضهم إلى أنه منسوخ، ولم يجوز مالك رحمه الله النكاح بالإجارة، وجوزها ابن حبيب وغيره، إذا كانت الأجرة تصل إلى الزوجة. قيل: ومن لفظ شعيب عليه السلام حسن في لفظ العقود في النكاح: "أنكحه إياها" أكثر من "أنكحها إياه" وهذا معترض. وجعل شعيب عليه السلام الثمانية الأعوام شرطا ووكل العامين إلى المروءة).[المحرر الوجيز: 6/ 585-587] تفسير قوله تعالى: {قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) } قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين}. لما فرغ كلام شعيب كرره موسى عليه السلام، وكرره معناه على جهة التوثق في أن الشرط إنما وقع في ثمان حجج. و"أيما" استفهام نصب بـ "قضيت"، و"ما" صلة للتأكيد. وقرأ الجمهور: "فلا عدوان" بضم العين، وقرأ أبو حيوة: "فلا عدوان" بكسر العين، والمعنى: لا تبعة علي من قول ولا فعل. و"الوكيل": الشاهد القائم بالأمر. قال ابن زيد: ولما كمل هذا النكاح بينهما أمر شعيب موسى عليهما السلام أن يسير إلى بيت له فيه عصي، وفيه هذه العصا، فروي أن العصا وثبت إلى موسى فأخذها، وكانت عصا آدم عليه السلام، وكانت من غير ورقة الريحان، فروي أن شعيبا أمره بردها ففعل وذهب يأخذ غيرها فوثبت إليه، وفعل ذلك ثالثة، فلما رأى شعيب ذلك علم أنه مرشح للنبوة فتركها له، وقيل: إنما تركها له لأنه أمر موسى بتركها فأبى موسى عليه السلام ذلك، فقال له شعيب: نمد إليها جميعا فمن طاوعت فهي له، فمد إليها شعيب فثقلت، ومد موسى فخفت ووثبت إليه، فعلما أن هذا من الترشيح، وقال عكرمة: إن عصا موسى إنما رفعها إليه جبريل عليه السلام ليلا عند توجهه إلى مدين).[المحرر الوجيز: 6/ 587-588] |
تفاسير القرن السابع الهجري ... |
تفاسير القرن الثامن الهجري تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) } قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولـمّا توجّه تلقاء مدين} أي: أخذ طريقًا سالكًا مهيعا فرح بذلك، {قال عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل} أي: إلى الطّريق الأقوم. ففعل اللّه به ذلك، وهداه إلى الصّراط المستقيم في الدّنيا والآخرة، فجعل هاديًا مهديًّا). [تفسير ابن كثير: 6/ 226] تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) } قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولـمّا ورد ماء مدين} أي: ولـمّا وصل إلى مدين وورد ماءها، وكان لها بئرٌ ترده رعاء الشّاء {وجد عليه أمّةً من النّاس} أي: جماعةً {يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان} أي: تكفكفان غنمهما أن ترد مع غنم أولئك الرّعاء لئلّا يؤذيا. فلمّا رآهما موسى، عليه السّلام، رقّ لهما ورحمهما، {قال ما خطبكما} أي: ما خبركما لا تردان مع هؤلاء؟ {قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء} أي: لا يحصل لنا سقيٌ إلّا بعد فراغ هؤلاء، {وأبونا شيخٌ كبيرٌ} أي: فهذا الحال الملجئ لنا إلى ما ترى). [تفسير ابن كثير: 6/ 226] تفسير قوله تعالى: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) } قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {فسقى لهما} قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدّثنا عبد اللّه، أنبأنا إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ الأودي، عن عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، أن موسى، عليه السّلام، لـمّا ورد ماء مدين، وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون، قال: فلمّا فرغوا أعادوا الصّخرة على البئر، ولا يطيق رفعها إلّا عشرة رجالٍ، فإذا هو بامرأتين تذودان، قال: ما خطبكما؟ فحدّثتاه، فأتى الحجر فرفعه، ثمّ لم يستق إلّا ذنوبًا واحدًا حتّى رويت الغنم. إسنادٌ صحيحٌ. وقوله: {ثمّ تولّى إلى الظّلّ فقال ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} قال ابن عبّاسٍ: سار موسى من مصر إلى مدين، ليس له طعامٌ إلّا البقل وورق الشّجر، وكان حافيًا فما وصل مدين حتّى سقطت نعل قدمه. وجلس في الظّلّ وهو صفوة اللّه من خلقه، وإنّ بطنه لاصقٌ بظهره من الجوع، وإنّ خضرة البقل لترى من داخل جوفه وإنّه لمحتاجٌ إلى شقّ تمرةٍ. وقوله: {إلى الظّلّ} قال ابن عبّاسٍ، وابن مسعودٍ، والسّدّيّ: جلس تحت شجرةٍ. وقال ابن جريرٍ: حدّثني الحسين بن عمرٍو العنقزيّ، حدّثنا أبي، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد اللّه -هو ابن مسعودٍ -قال: حثثت على جملٍ ليلتين، حتّى صبّحت مدين، فسألت عن الشّجرة الّتي أوى إليها موسى، فإذا شجرةٌ خضراء ترفّ، فأهوى إليها جملي -وكان جائعًا- فأخذها جملي فعالجها ساعةً، ثمّ لفظها، فدعوت اللّه لموسى، عليه السّلام، ثمّ انصرفت. وفي روايةٍ عن ابن مسعودٍ: أنّه ذهب إلى الشّجرة الّتي كلّم اللّه منها لموسى، كما سيأتي واللّه أعلم. وقال السّدّيّ: كانت من شجر السّمر. وقال عطاء بن السّائب: لـمّا قال موسى {ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ}، أسمع المرأة). [تفسير ابن كثير: 6/ 226-227] تفسير قوله تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) } قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين (25) قالت إحداهما يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين (26) قال إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشرًا فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين (27) قال ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ واللّه على ما نقول وكيلٌ (28) } لـمّا رجعت المرأتان سراعًا بالغنم إلى أبيهما، أنكر حالهما ومجيئهما سريعا، فسألهما عن خبرهما، فقصّتا عليه ما فعل موسى، عليه السّلام. فبعث إحداهما إليه لتدعوه إلى أبيها قال اللّه تعالى: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} أي: مشي الحرائر، كما روي عن أمير المؤمنين عمر رضي اللّه عنه، أنّه قال: كانت مستترة بكمّ درعها. وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا [أبي، حدّثنا] أبو نعيمٍ، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمر بن ميمونٍ قال: قال عمر رضي اللّه عنه: جاءت تمشي على استحياءٍ، قائلةً بثوبها على وجهها، ليست بسلفعٍ خرّاجة ولاجّةً. هذا إسنادٌ صحيحٌ. قال الجوهريّ: السّلفع من الرّجال: الجسور، ومن النّساء: الجريئة السّليطة، ومن النّوق: الشّديدة. {قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا}، وهذا تأدّبٌ في العبارة، لم تطلبه طلبًا مطلقًا لئلّا يوهم ريبةً، بل قالت: {إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} يعني: ليثيبك ويكافئك على سقيك لغنمنا، {فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص} أي: ذكر له ما كان من أمره، وما جرى له من السّبب الّذي خرج من أجله من بلده، {قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين}. يقول: طب نفسًا وقرّ عينًا، فقد خرجت من مملكتهم فلا حكم لهم في بلادنا. ولهذا قال: {نجوت من القوم الظّالمين}. وقد اختلف المفسّرون في هذا الرّجل: من هو؟ على أقوالٍ: أحدها أنّه شعيبٌ النّبيّ عليه السّلام الّذي أرسل إلى أهل مدين. وهذا هو المشهور عند كثيرين، وقد قاله الحسن البصريّ وغير واحدٍ. ورواه ابن أبي حاتمٍ. حدّثنا أبي، حدّثنا عبد العزيز الأويسيّ، حدّثنا مالك بن أنسٍ؛ أنّه بلغه أنّ شعيبًا هو الّذي قصّ عليه موسى القصص قال: {لا تخف نجوت من القوم الظّالمين}. وقد روى الطّبرانيّ عن سلمة بن سعدٍ العنزيّ أنّه وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "مرحبًا بقوم شعيبٍ وأختان موسى، هديت". وقال آخرون: بل كان ابن أخي شعيبٍ. وقيل: رجلٌ مؤمنٌ من قوم شعيبٍ. وقال آخرون: كان شعيبٌ قبل زمان موسى، عليه السّلام، بمدّةٍ طويلةٍ؛ لأنّه قال لقومه: {وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ} [هودٍ: 95]. وقد كان هلاك قوم لوطٍ في زمن الخليل، عليه السّلام بنصّ القرآن، وقد علم أنّه كان بين موسى والخليل، عليهما السّلام، مدّةٌ طويلة تزيد على أربعمائة سنة، كما ذكره غير واحدٍ. وما قيل: إنّ شعيبًا عاش مدّةً طويلةً، إنّما هو -واللّه أعلم -احترازٌ من هذا الإشكال، ثمّ من المقوّي لكونه ليس بشعيبٍ أنّه لو كان إيّاه لأوشك أن ينصّ على اسمه في القرآن هاهنا. وما جاء في بعض الأحاديث من التّصريح بذكره في قصّة موسى لم يصحّ إسناده، كما سنذكره قريبًا إن شاء اللّه. ثمّ من الموجود في كتب بني إسرائيل أنّ هذا الرّجل اسمه: "ثبرون"، واللّه أعلم. وقال أبو عبيدة بن عبد اللّه بن مسعودٍ: وأثرون وهو ابن أخي شعيبٍ عليه السّلام. وعن أبي حمزة عن ابن عبّاسٍ: الّذي استأجر موسى يثرى صاحب مدين. رواه ابن جريرٍ، ثمّ قال: الصّواب أنّ هذا لا يدرك إلّا بخبرٍ، ولا خبر تجب به الحجّة في ذلك). [تفسير ابن كثير: 6/ 227-229] تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) } قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قالت إحداهما يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} أي: قالت إحدى ابنتي هذا الرّجل. قيل: هي الّتي ذهبت وراء موسى، عليه السّلام، قالت لأبيها: {يا أبت استأجره} أي: لرعية هذه الغنم. قال عمر، وابن عبّاسٍ، وشريح القاضي، وأبو مالكٍ، وقتادة، ومحمّد بن إسحاق، وغير واحدٍ: لمّا قالت: {إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} قال لها أبوها: وما علمك بذلك؟ قالت: إنّه رفع الصّخرة الّتي لا يطيق حملها إلّا عشرة رجالٍ، وإنّه لمّا جئت معه تقدمت أمامه، فقال لي: كوني من ورائي، فإذا اجتنبت الطّريق فاحذفي [لي] بحصاةٍ أعلم بها كيف الطّريق لأتهدّى إليه. قال سفيان الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه -هو ابن مسعودٍ- قال: أفرس النّاس ثلاثةٌ: أبو بكرٍ حين تفرّس في عمر، وصاحب يوسف حين قال: {أكرمي مثواه} [يوسف: 21]، وصاحبة موسى حين قالت: {يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين}). [تفسير ابن كثير: 6/ 229] تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) } قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال: {إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين} أي: طلب إليه هذا الرّجل الشّيخ الكبير أن يرعى عنه ويزوّجه إحدى ابنتيه هاتين. قال شعيبٌ الجبائيّ: وهما صفورا، وليّا. وقال محمّد بن إسحاق: صفورا وشرقا، ويقال: ليا. وقد استدلّ أصحاب أبي حنيفة [رحمه اللّه تعالى] بهذه الآية على صحّة البيع فيما إذا قال: "بعتك أحد هذين العبدين بمائةٍ. فقال: اشتريت" أنه يصح، والله أعلم. وقوله: {على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشرًا فمن عندك} أي: على أن ترعى عليّ ثماني سنين، فإن تبرّعت بزيادة سنتين فهو إليك، وإلّا ففي ثمانٍ كفايةٌ، {وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين} أي: لا أشاقّك، ولا أؤاذيك، ولا أماريك. وقد استدلّوا بهذه الآية الكريمة لمذهب الأوزاعيّ، فيما إذا قال: "بعتك هذا بعشرةٍ نقدًا، أو بعشرين نسيئةً" أنّه يصحّ، ويختار المشتري بأيّهما أخذه صحّ. وحمل الحديث المرويّ في سنن أبي داود: "من باع بيعتين في بيعةٍ، فله أوكسهما أو الرّبا " على هذا المذهب. وفي الاستدلال بهذه الآية وهذا الحديث على هذا المذهب نظرٌ، ليس هذا موضع بسطه لطوله. واللّه أعلم. ثمّ قد استدلّ أصحاب الإمام أحمد ومن تبعهم، في صحّة استئجار الأجير بالطّعمة والكسوة بهذه الآية، واستأنسوا في ذلك بما رواه أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجة في كتابه السّنن، حيث قال: "باب استئجار الأجير على طعام بطنه": حدّثنا محمّد بن المصفّى الحمصي، حدّثنا بقيّة بن الوليد، عن مسلمة بن عليٍّ، عن سعيد بن أبي أيّوب، عن الحارث بن يزيد، عن عليّ بن رباح قال: سمعت عتبة بن النّدّر يقول: كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقرأ {طسم}، حتّى إذا بلغ قصّة موسى قال: "إنّ موسى أجّر نفسه ثماني سنين أو: عشر سنين على عفّة فرجه وطعام بطنه. وهذا الحديث من هذا الوجه ضعيفٌ، لأنّ مسلمة بن عليٍّ وهو الخشني الدّمشقيّ البلاطيّ ضعيف الرّواية عند الأئمّة، ولكن قد روي من وجهٍ آخر، وفيه نظرٌ أيضًا. وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا صفوان، حدّثنا الوليد، حدّثنا عبد اللّه بن لهيعة، عن الحارث بن يزيد الحضرميّ، عن عليّ بن رباح اللخمي قال: سمعت عتبة بن الندر السّلميّ -صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم- يحدّث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ موسى آجر نفسه بعفّة فرجه، وطعمة بطنه"). [تفسير ابن كثير: 6/ 229-230] تفسير قوله تعالى: {قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) } قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى إخبارًا عن موسى، عليه السّلام: {قال ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ واللّه على ما نقول وكيلٌ}، يقول: إنّ موسى قال لصهره: الأمر على ما قلت من أنّك استأجرتني على ثمان سنين، فإن أتممت عشرًا فمن عندي، فأنا متى فعلت أقلّهما [فقد] برئت من العهد، وخرجت من الشّرط؛ ولهذا قال: {أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ} أي: فلا حرج عليّ مع أنّ الكامل -وإن كان مباحًا لكنّه فاضلٌ من جهةٍ أخرى، بدليلٍ من خارجٍ. كما قال [اللّه] تعالى: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} [البقرة: 203]. وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لحمزة بن عمرٍو الأسلميّ، رضي اللّه عنه، وكان كثير الصّيام، وسأله عن الصّوم في السّفر -فقال: "إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر" مع أنّ فعل الصّيام راجحٌ من دليلٍ آخر. هذا وقد دلّ الدّليل على أنّ موسى عليه السّلام، إنّما فعل أكمل الأجلين وأتمّهما؛ قال البخاريّ: حدّثنا محمّد بن عبد الرّحيم، حدّثنا سعيد بن سليمان، حدّثنا مروان بن شجاع، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ قال: سألني يهوديٌّ من أهل الحيرة: أيّ الأجلين قضى موسى؟ فقلت: لا أدري حتّى أقدم على حبر العرب فأسأله. فقدمت فسألت ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه، فقال: قضى أكثرهما وأطيبهما، إنّ رسول اللّه إذا قال فعل. هكذا رواه البخاريّ وهكذا رواه حكيم بن جبيرٍ وغيره، عن سعيد بن جبيرٍ. ووقع في "حديث الفتون"، من رواية القاسم بن أبي أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ؛ أنّ الّذي سأله رجلٌ من أهل النّصرانيّة. والأوّل أشبه، واللّه أعلم، وقد روي من حديث ابن عبّاسٍ مرفوعًا، قال ابن جريرٍ: حدّثنا أحمد بن محمّدٍ الطّوسيّ، حدّثنا الحميديّ، حدّثنا سفيان، حدّثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "سألت جبريل: أيّ الأجلين قضى موسى قال: أكملهما وأتمّهما". ورواه ابن أبي حاتمٍ، عن أبيه، عن الحميديّ، عن سفيان -وهو ابن عيينة -حدّثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب -وكان من أسناني أو أصغر منّي -فذكره. قلت: وإبراهيم هذا ليس بمعروفٍ. ورواه البزّار عن أحمد بن أبانٍ القرشيّ، عن سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن أعين، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكره. ثمّ قال: لا نعرفه مرفوعًا عن ابن عبّاسٍ إلّا من هذا الوجه. وقال ابن أبي حاتمٍ: قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأنا ابن وهبٍ، أنبأنا عمرو بن الحارث، عن يحيى بن ميمونٍ الحضرميّ، عن يوسف بن تيرح: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم سئل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: "لا علم لي". فسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جبريل، فقال جبريل: لا علم لي، فسأل جبريل ملكًا فوقه فقال: لا علم لي. فسأل ذلك الملك ربّه -عزّ وجلّ -عمّا سأله عنه جبريل عمّا سأله عنه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال الرّبّ سبحانه وتعالى: "قضى أبرّهما وأبقاهما -أو قال: أزكاهما". وهذا مرسلٌ، وقد جاء مرسلًا من وجهٍ آخر، وقال سنيد: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريج قال: قال مجاهدٌ: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سأل جبريل: "أيّ الأجلين قضى موسى؟ " فقال: سوف أسأل إسرافيل. فسأله فقال: سوف أسأل الرّبّ عزّ وجلّ. فسأله فقال: "أبرّهما وأوفاهما". طريقٌ أخرى مرسلةٌ أيضًا: قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن وكيعٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا أبو معشر، عن محمّد بن كعبٍ القرظي قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: "أوفاهما وأتمّهما". فهذه طرقٌ متعاضدةٌ، ثمّ قد روي [هذا] مرفوعًا من رواية أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال الحافظ أبو بكرٍ البزّار، حدّثنا أبو عبيد اللّه يحيى بن محمّد بن السّكن، حدّثنا إسحاق بن إدريس، حدّثنا عوبد بن أبي عمران الجوني، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الصّامت، عن أبي ذرٍّ: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سئل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: "أوفاهما وأبرّهما"، قال: "وإن سئلت أيّ المرأتين تزوّج؟ فقل الصّغرى منهما". ثمّ قال البزّار: لا نعلم يروى عن أبي ذرٍّ إلّا بهذا الإسناد. وقد رواه ابن أبي حاتمٍ من حديث عوبد بن أبي عمران -وهو ضعيفٌ -ثمّ قد روي أيضًا نحوه من حديث عتبة بن النّدّر بزيادةٍ غريبةٍ جدًّا، فقال أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا عمر بن الخطّاب السّجستانيّ، حدّثنا يحيى بن بكير، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا الحارث بن يزيد عن عليّ بن رباحٍ اللّخميّ قال: سمعت عتبة بن النّدّر يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سئل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: "أبرّهما وأوفاهما". ثمّ قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ موسى، عليه السّلام، لمّا أراد فراق شعيبٍ عليه السّلام، أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به. فأعطاها ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لون. قال: فما مرّت شاةٌ إلّا ضرب موسى جنبها بعصاه، فولدت قوالب ألوانٍ كلّها، وولدت ثنتين وثلاثًا كلّ شاةٍ ليس فيها فشوش ولا ضبوب، ولا كميشة تفوّت الكفّ، ولا ثعول". وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا افتتحتم الشّام فإنّكم ستجدون بقايا منها، وهي السامرية". هكذا أورده البزّار. وقد رواه ابن أبي حاتمٍ بأبسط من هذا فقال: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكير، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة (ح) وحدّثنا أبو زرعة، حدّثنا صفوان، حدّثنا الوليد، حدّثنا عبد اللّه بن لهيعة، عن الحارث بن يزيد الحضرميّ، عن عليّ بن رباحٍ اللّخميّ قال: سمعت عتبة بن النّدّر السّلميّ -صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -يحدّث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ موسى، عليه السّلام آجر نفسه بعفّة فرجه وطعمة بطنه. فلمّا وفى الأجل -قيل: يا رسول اللّه، أيّ الأجلين؟ قال -أبرّهما وأوفاهما. فلمّا أراد فراق شعيبٍ أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت من غنمه من قالب لون من ولد ذلك العام، وكانت غنمه سوداء حسناء، فانطلق موسى، عليه السّلام إلى عصاه فسمّاها من طرفها، ثمّ وضعها في أدنى الحوض، ثمّ أوردها فسقاها، ووقف موسى بإزاء الحوض فلم تصدر منها شاةٌ إلّا ضرب جنبها شاةً شاةً قال: "فأتأمت وأثلثت، ووضعت كلّها قوالب ألوانٍ، إلّا شاةً أو شاتين ليس فيها فشوشٌ. قال يحيى: ولا ضبونٌ. وقال صفوان: ولا ضبوب. قال أبو زرعة: الصّواب ضبوب -ولا عزوز ولا ثعول، ولا كميشةٌ تفوّت الكفّ"، قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "فلو افتتحتم الشّام وجدتم بقايا تلك الغنم وهي السّامريّة". وحدّثنا أبو زرعة، حدّثنا صفوان قال: سمعت الوليد قال: فسألت ابن لهيعة: ما الفشوش؟ قال: الّتي تفشّ بلبنها واسعة الشّخب. قلت: فما الضّبوب؟ قال: الطّويلة الضّرع تجرّه. قلت: فما العزوز؟ قال: ضيّقة الشّخب. قال فما الثعول؟ قال: الّتي ليس لها ضرعٌ إلّا كهيئة حلمتين. قلت: فما الكميشة؟ قال: الّتي تفوّت الكفّ، كميشة الضّرع، صغيرٌ لا يدركه الكفّ. مدار هذا الحديث على عبد اللّه بن لهيعة المصريّ -وفي حفظه سوءٌ -وأخشى أن يكون رفعه خطأً، واللّه أعلم. وينبغي أن يروى ليس فيها فشوشٌ ولا عزوزٌ، ولا ضبوبٌ ولا ثعول ولا كميشةٌ، لتذكر كلّ صفةٍ ناقصةٍ مع ما يقابلها من الصّفات النّاقصة. وقد روى ابن جريرٍ من كلام أنس بن مالكٍ -موقوفًا عليه -ما يقارب بعضه بإسنادٍ جيّدٍ، فقال: حدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا معاذ بن هشامٍ، حدّثنا أبي، عن قتادة، حدّثنا أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: لمّا دعا نبيّ اللّه موسى، عليه السّلام، صاحبه إلى الأجل الّذي كان بينهما، قال له صاحبه: كلّ شاةٍ ولدت على غير لونها فذلك ولدها لك. فعمد فرفع حبالًا على الماء، فلمّا رأت الخيال فزعت فجالت جولةً، فولدن كلّهنّ بلقًا إلّا شاةً واحدةً، فذهب بأولادهن ذلك العام). [تفسير ابن كثير: 6/ 230-233] |
الساعة الآن 02:21 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة