جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   جمهرة معاني الأدوات والظروف (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=1060)
-   -   نقول غير مصنفة (http://jamharah.net/showthread.php?t=26171)

جمهرة علوم اللغة 4 ذو الحجة 1438هـ/26-08-2017م 06:36 PM

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) كاد:
من أفعال المقاربة ومعناه: القرب والدنو كعسى، إلا أن في مقاربة عسى رجاء وطمع، ومقاربة كاد على سبيل الوجود والحصول.
قيل: وإثباته نفي، ونفيه إثبات، تقول: كاد زيد يفعل، فمعناه: أنه لم يفعل، وتقول: لم يكد يفعل، فمعناه: أنه فعله.
قال ابن هشام: وقد اشتهرت هذه العبارة بين المعربين حتى جعله المعري لغزًا فقال:
أنحوي هذا العصر ما هي لفظةٌ = جرت في لساني جُرهم وثمود
إذا استعملت في صورة الجحد أثبتت = وإن أثبتت قامت مقام جحود
قال: والصواب: أن حكمها حكم سائر الأفعال في أن نفيها نفي، وإثباتها إثبات، وبيانه: أن معناها المقاربة، ولا شك أن معنى: كاد يفعل: قارب الفعل، وأن معنى: ما كاد يفعل: ما قارب الفعل، فخبرها منفي دائمًا، أما إذا كانت منفية فواضح، لأنه إذا انتفت مقاربة الفعل انتفى عقلًا حصول ذلك الفعل، ودليله قوله تعالى: {إذا أخرج يده لم يكد يراها}، ولهذا كان أبلغ من أن يقال: لم يرها؛ لأن من لم يرها قد يقارب رؤيتها وأما إذا كانت المقاربة مثبتة، فلأن الإخبار بقرب الشيء يقتضي عرفًا عدم حصوله وإلا لكان الإخبار حينئذٍ بحصوله لا بمقاربة حصوله؛ إذ لا يحسن في العرف أن يقال لمن صلى: قارب الصلاة.
ولا فرق فيما ذكرناه بين كاد ويكاد، فإن أورد على ذلك: {وما كادوا يفعلون} مع أنهم قد فعلوا فالجواب: أنه إخبار عن حالهم في أول الأمر فإنهم كانوا أولا بعداء من ذبحها؛ بدليل ما تلي علينا من تعنتهم وتكرر سؤالهم، ولما كثر استعمال مثل هذا فيمن انتفت عنه مقاربة الفعل أولًا، ثم فعله بعد ذلك توهم من توهم أن هذا الفعل بعينه هو الدال على حصول الفعل، وليس كذلك، وإنما فهم حصول الفعل من الآية من قوله تعالى: {فذبحوها} انتهى كلامه.
والتحقيق عندي في حقيقة كاد، والله أعلم أنها كلمة وضعت لمقاربة الشيء سواء فعل أو لم يفعل، فمجردها ينبئ عن نفي الفعل وضعًا، ومقرونها بالجحد ينبئ عن وقوع الفعل عرفًا لا وضعًا وهو أكثر في الاستعمال، ومنه قوله تعالى: {وما كادوا يفعلون}، وقوله تعالى: {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار}.
وقول الشاعر:
كادت النفس أن تفيض عليه = مذ ثوى حشو ربطةٍ وبرودِ
وقوله: = قد كان من طول البلى أن يمصحا =
وقد تستعمل على أصل الوضع لمعنى المقاربة من غير دلالة على نفي الفعل، ولا على وقوعه، ومنه قوله تعالى: {إن الساعة آتية أكاد أخفيها}، وقوله تعالى: {إذا أخرج يده لم يكد يراها}، وبحث ابن هشام رحمه الله تعالى يحوم على هذا، فاحتفظ بهذا فإنه قصد نفيس به يندفع التصويب على المعربين لأنهم لاحظوا الفرق، لكن تبقى عليهم المؤاخذة في الإطلاق، وبه يبطل تكلف بعضهم في قوله تعالى: {إن الساعة آتية أكاد أخفيها}، فإنه قال: أكاد أخفيها معناه: أريد أخفيها، قال: فكما جاز أن يوضع: أريد موضع أكاد في قوله تعالى: {جدارًا يريد أن ينقض}، فكذلك كاد، وأنشد:
كادت وكدت وتلك خير إرادة = لو عاد من لهو الصبابة ما مضى
والبقاء على الأصل خير من العدول إلى المجاز والله أعلم). [مصابيح المغاني: 331-335]

جمهرة علوم اللغة 4 ذو الحجة 1438هـ/26-08-2017م 06:46 PM

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) لَدُن، ولَدَي، ولَد
فأما لدن ففيها لغات، ومنهم من يقول: لَدَنْ، ومنهم من يقول: لَدُنِ، ومنهم من يقول: لَدْنِ، ومنهم يقول: لَدَنْ.
وهو ظرف غير متمكن بمعنى عند، ولهذا يجوز تعاقبهما، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {آتيناه رحمةً من عندنا وعلمناه من لدنا علمًا}، وفيه معنى ابتداء الغاية ولهذا خص بـ «من» من بين سائر الحروف، وهي تخفض ما بعدها، قال الله تعالى: {من لَدُنْ حكيمٍ خبيرٍ}، ونصب بها العرب غدوة خاصة، قال الشاعر:
لَدُنْ غدوةً حتى ألاذ بخفها = بقيةَ منقوص من الظل قالص
وقال ذو الرمة:
لَدُن غدوةً حتى إذا امتدت الضحى = وحث القطين الشحشحان المكلف
وأما لدى، فهو لغة في لَدُنْ، وهي بمعنى عند، قال الله تعالى: {وألفيا سيدها لَدَا الباب}، لكنها لا تختص بابتداء الغاية بخلاف لَدُنْ فإنها مختصة بابتداء الغاية.
وعند أمكن من لدى من وجهين:
أحدهما: أنها قد تكون ظرفًا للأعيان والمعاني، تقول: هذا القول عندي صواب، وعند فلان حكم، ويمتنع ذلك في لدى، ذكر هذا بعضهم.
والثاني: أنك تقول: عندي كذا، وإن كان غائبًا، ولا تقول: لَدَي مال إلا إذا كان حاضرًا، قاله الحريري وأبو هلال العسكري والزمخشري، وزعم بعضهم: أنه لا فرق بين لدي وعند، قال ابن هشام: وقول غير هذا أولى.
وأما: لَدُ، فلغة أيضًا، قال الراجز غيلان بن حريث:
يستوعب البوعين من جريره = من لَدُ لحييه إلى منخوره
بالخاء المعجمة، وعند سيبويه غير معجمة). [مصابيح المغاني: 431-433]

جمهرة علوم اللغة 4 ذو الحجة 1438هـ/26-08-2017م 06:58 PM

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ( (فصل)

أنى وأين وأينما وأيان
أما أنَّى فإنها تأتي بمعنى كيف، تقول: أنَّى يفتح الحصن، أي: كيف يفتح الحصن، وقد تشرب معنى الاستبعاد بحسب اقتضاء المقام ذلك، كقوله تعالى: {أنَّى لهم الذكرة وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون}، وتكون بمعنى من أين، قال الله تعالى: {يا مريم أنَّى لك هذا} أي: من أين لك هذا، وقوله تعالى: {فأتوا حرثكم أنَّى شئتم}.
صالح للمعنيين، وقد قيل بهما في الآية، وقد جمعهما الكميت في قوله:
أنى ومن أين آبك الطربُ = من حيث لا صبوةٌ ولا ريبُ
وقد يجازون بأنَّى، قال لبيد:
= فأصبحت أنى تأتها تشتجر بها =
وأما أين وأينما فقد تكون استفهامًا عن مكان مبهم كقولك: أين زيد، وقد تكون شرطًا كقولك: أين لقيت زيدًا فكلمه، وإذا اتصلت بها ما المزيدة زادتها إبهامًا وخصصتها بالشرط دون الاستفهام، وقد تأتي أين بمعنى حيث، تقول العرب: جئت من أين لا تعلم، وفي حرف عبد الله بن مسعود: (ولا يفلح الساحر أين أتى).
وأما أيَّان فإنها بفتح الهمزة وسليم تكسرها، وبها قرأ السلمي {أيان يبعثون}، قال بعض أهل العلم: نرى أن أصلها: أي أوان، فحذفت الهمزة وجعلت الكلمتان كلمة واحدة، وهي في المعنى كمتى وأين حين، قال الله تعالى: {أيان يبعثون} أي: متى يبعثون، وقال تعالى: {أيان يوم الدين}، وعن علي بن عيسى الربعي أن أيان تستعمل في مواضع التفخيم، كقوله تعالى: {يسألُ أيان يوم القيامة} ). [مصابيح المغاني: 184-186]


الساعة الآن 06:35 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة