جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   توجيه القراءات (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=1080)
-   -   مقدمات توجيه القراءات من كتاب الكشف عن وجوه القراءات للقيسي (http://jamharah.net/showthread.php?t=27941)

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 03:56 PM

الوقف على الياء من «شيء»
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (الوقف على الياء من «شيء»
16 – قرأ حمزة بوقفة خفيفة على الياء من «شيء» حيث وقع على أي حال كان من الإعراب يقف ثم يهمز، وقرأ الباقون بغير وقف، غير أن ورشًا يمد الياء، على ما ذكرنا عنه في أبواب المد، وعلة الوقوف على الياء، وتركه كالعلة في الوقف على لام التعريف، والاختيار ترك الوقف للعلة التي تقدمت). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/234]

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 03:56 PM

علة اللإسكان والضم في «وهي: وهو، وفهي، ولهي، وثم هو»

قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (17- قوله: «وهي: وهو، وفهي، ولهي، وثم هو» قرأ ذلك أبو عمرو والكسائي وقالون بإسكان الهاء، حيث وقع إذا كان قبل الهاء واو أو فاء أو لام أو ثم، وقرأ الباقون بضم الهاء من «هو» وكسرها من «هي» غير أن أبا عمرو ضم الهاء في «ثم هو» كالباقين.
وعلة من أسكن الهاء أنها، لما اتصلت بما قبلها من واو أو فاء أو لام، وكانت لا تنفصل منها، صارت كلمة واحدة، فخفف الكلمة، فأسكن الوسط وشبهها بتخفيف العرب لعضد وعجز، فهو كلفظ «عضد» فخفف كما يخفف «عضد» وهي لغة مشهورة مستعملة، يقولن: عضد وعجزن فيسكنون استخفافًا، وأيضًا فإن الهاء لما توسطت مضمومة بين واوين، وبين واو وياء، ثقل ذلك، وصار كأنه ثلاث ضمات في «وهو» وكسرتان وضمة في هي، فأسكن الهاء لذلك استخفافًا.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/234]
18- وعلة من حرك الهاء أنه أبقاها على أصلها قبل دخول الحرف عليها لأنه عارض لا يلزمها في كل موضع، وأيضًا فإن الهاء في تقدير الابتداء بها، لأن الحرف الذي قبلها زاد، والابتداء فيها لا يجوز إلا مع حركتها، فحملها على حكم الابتداء بها وحكم لها، مع هذه الحروف على حالها، عند عدمهن، فأما اختصاص أبي عمرو بالضم مع «ثم هو» وبالإسكان مع الواو والفاء واللام، فإنه لما رأى الواو والفاء واللام لا يوقف عليهن، ولا ينفصلن من الهاء، أجرى الهاء مجرى الضاد من «عضد» إذ لا ينفصل من العين فأسكن، ولما رأى «ثم» تنفصل ويوقف عليها، ويبتدأ بها، أجرى الهاء مجراها في الابتداء فضمها، فأما من أسكن مع «ثم» فإنه لما كانت كلها حروف عطف، حملها محملًا واحدًا، والاختيار في ذلك حركة الهاء في جميعها لأنه الأصل، ولان ما قبل الهاء زائد، ولأن الهاء في نية الابتداء بها، ولأن عليه جماعة القراء، والإسكان لغة مشهورة حسنة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/235]

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 03:56 PM

«الاختلاف في اجتماع الساكنين»
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): («الاختلاف في اجتماع الساكنين»
94- إذا اجتمع ساكنان فالألف التي يبتدأ بها، قبل الساكن الثاني، مضمومة اختلف في ذلك، فقرأ حمزة وعاصم بكسر الساكن الأول، ومثلهما أبو عمرو، غير أنه ضم اللام من «قل»، والواو من «أو» وقرأ الباقون بالضم في الساكن الأول، غير أن ابن ذكوان كسر التنوين خاصة، إلا في موضعين، فإنه ضمهما، وهما قوله في الأعراف: {برحمة ادخلوا} «49» وفي إبراهيم {خبيثة اجتثت} «26» وكسر باقو القراء ذلك كله نحو: {ولقد استهزئ} «الأنعام 10» و{قالت اخرج} «يوسف 31» و{مسحورًا انظر} «الإسراء 47، 48»، و{قل ادعوا} «الأعراف 195» و{أو اخرجوا} «النساء 66»، و{أن اعبدوا} «المائدة 117» وشبهه.
95- وحجة من كسر الأول أنه أتى به على أصل ما يجب له في التقاء
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/274]
الساكنين في الأسماء، وقد تقدم ذكر علة ذلك، وحسن الكسر؛ لأن هذه الحروف منفصلة من الفعل، فلم تجر مجرى ألف الوصل في الضم، لأن الألف متصلة.
96- وحجة من ضم أنه شبَه هذه الحروف بألف الوصل؛ لأن بها يوصل إلى الساكن كما يوصل بألف الوصل فضمها كما يضم ألف الوصل في الابتداء، لانضمام الثالث، وأيضًا فإنه كره الخروج من كسر إلى ضم، ليس بينهما غير حرف ساكن، والساكن غير حائل لضعفه، فلا يُعتد به، وألف الوصل لا حظ لها في الوصل، ولا يعتد بها حاجزًا، فلما ثقل ذلك ضم الساكن الأول، ليتبع الضم الضم، فيكون أيسر عليه في الفظ وأسهل، وهي لغة، وأما تخصيص أبي عمرو للضم في لام «قل» وواو «أو» فإنه استثقل الكسر في «قل» وقبلها ضمة، ثم يخرج إلى ضم، فيصير كسرة بين ضمتين، وذلك ثقيل، فضم اللام، ليتبع الضم الضم، فيخرج من ضام القاف إلى ضم اللام إلى ضم العين في: {قل أعوذ} فيعمل اللسان عملًا واحدًا، فذلك أيسر، وأخف في اللفظ من اللفظ بكسرة بين ضمتين، وأيضًا فإن «قل» حذفت منه واو، فكان الضم في اللام أدل على الواو المحذوفة من الكسر، فأما ضمه للواو من «أو» فإن الضم في الواو أخف من الكسر فيها، لأن الضم منها، وأيضًا فإنه حملها على ما يفعل بواو الجمع في قوله: {اشتروا الضلالة} «البقرة 16» وشبهه، فأما اختصاص ابن ذكوان بالضم في الموضعين المذكورين، فإن الكلمة فيهما لما طالت ثقلت، فيثقل الكسر فيهما، ثم الخروج إلى الضم، فضم؛ لأنه أيسر، فيتبع الضم الضم، وليجمع بين اللغتين، والضم في ذلك كله الاختيار، لأن عليه أكثر القراء، ولأنه أخف، والكسر حسن، لأنه الأصل في حركة التقاء الساكنين.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/275]
فإن كانت الألف التي قبل الساكن الثاني تبتدأ بالكسر أو بالفتح، فلا سبيل إلى ضم الساكن الأول؛ إذ لا ضم بعده، يكون تبعًا له، نحو {أن الحمد لله} «يونس 10» و{أن استغفروا} «هود 3» فأما قوله: {أن آمنوا} «ص 6» ونحوه، فالضمة في الشين عارضة، وأصلها الكسر، فلا يعتد بالضمة، ولابد من كسر الساكن الأول على الأصل، لا يجوز غيره في هذا وشبهه.
قال أبو محمد: ونذكر في هذا الموضع بابًا في الحكم في التقاء الساكنين في الكلام والقرآن، وأقسام ذلك، يكون أصلًا يعتمد عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/276]

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 03:58 PM

باب تفسير أقسام التقاء الساكنين
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (باب تفسير أقسام التقاء الساكنين
97- اعلم أن التقاء الساكنين يجري في الكلام على تسعة أقسام، وما علمت أن أحدًا جمع هذه الأقسام، ولا فسرها.
98- الأول: أن تحرك الساكن الأول بالكسر لا غير، في كلمة أو في كلمتين، نحو: «قم الليل، وكم المال، ونحو: اضرب، واصنع» في الابتداء، ألف الوصل، كسرت لسكونها وسكون ما بعدها عن بعض النحويين، فإن كان الثاني مما بعدها مضمومًا ضممتها، كراهة للخروج من كسر إلى ضم في كلمة، وكذلك إذا كان الثاني، مما بعد الساكن الثاني من كلمتين مضمومًا، جاز الضم في الأول، وهو ما ذكرنا نحو: {ولقد استهزئ} «الأنعام 10» ومما كسر الأول فيه لالتقاء الساكنين قولهم: «يومئذٍ، وحينئذٍ» وقد مضى تفسيره لأن الذال انكسرت لسكونها وسكون التنوين، الذي دخل بعدها، عوضًا من
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/276]
القصة المحذوفة، على ما فسرنا، وقد تقدم القول في العلة، في اختيار الكسر في الأسماء لالتقاء الساكنين وفي الأفعال.
99- الثاني: أن تحرك الساكن الثاني لالتقاء الساكنين بكسر أو ضم أو فتح فالكسر هو الأصل، نحو: «هؤلاء، وجير» والفتح لاستثقال الكسر بعد ياء، نحو: «أين، وكيف» والضم نحو: «حيثُ، وقبلُ، وبعدُ» وإنما وجب ذلك؛ لأن هذه غايات الكلام؛ لأن الحرف وقع بعدها، فصار غاية الكلام، فلما احتيج إلى حركتها؛ لالتقاء الساكنين حركت بغاية الحركات، وهي الضم، وقيل: حركت بالضم، ليدل ذلك على أنها حركت بحركة ليست بأصل فيها؛ لأنها تفتح وتكسر للإعراب، تقول: حيث قبلك ومن حيث قبلك، فحركت بالضم، ليُعلم أنه ليس بإعراب فيها، وقيل حركت «حيث» بالضم، لأن الياء أصلها واو، وأصلها «حوث» فحركت بالضم، لتدل الضمة على الواو المنقلبة إلى الياء، وقيل: حركت بالضم لقوتها؛ لأنها تدل على مكانين، تقول: زيد حيث عمرو قائم، فدلت على مكان لـ «زيد» ومكان لـ «عمرو» فلما تضمنت مكانين كل واحد منهما رفع اسمًا، قويت فأعطيت أقوى الحركات وهي الضم، ولو ظهر ما حذف بعدها لم تكن إلا منصوبة.
100- الثالث: أن تحذف الساكن الأول من كلمين، إذا كان حرف مد ولين، فتحذفه لالتقاء الساكنين، ويبقى ما قبله من الحركة يدل عليه، وذلك قولك: بقي الرجل وقوا الرجل، وذا المال، وإنما وجب الحذف لأن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/277]
حرف المد واللين، إذا كان منفصلًا لا يحرك، ولو حرك لانقلب همزة، فتتغير الكلمة فلما لم يكن سبيل إلى الحركة رجع إلى الحذف، وسهل الحذف؛ لأن الحركة التي كانت قبل المحذوف تدل عليه؛ لأن الفتحة تدل على الألف، والضمة تدل على الواو، والكسرة تدل على الياء، ولو انفتح ما قبل الواو والياء لم يحذف الأول لالتقاء الساكنين، وكنت تحركه بالكسر لالتقاء الساكنين، نحو: {طرفي النها} «هود 114»، و{بين يدي الله} «الحجرات 1» و{ألو استقاموا} «الجن 16» وإنما امتنع الحذف لأنك لو حذفت لم يبق ما يدل على المحذوف؛ لأن الذي يبقى هو فتحة، والفتحة لا تدل على الياء، ولا على الواو، فلم يكن بد من الحركة.
101- الرابع: أن تحذف الساكن الأول من كلمة، نحو تثنية «ذواتا» تدخل ألف التثنية فتجتمع ألفان: الألف الأصلية وألف التثنية، فتحذف الأولى لالتقاء الساكنين، وكانت أولى بالحذف من الثانية؛ لأن الثانية تدل على التثنية والإعراب، فلو حذفت لم يبق دليل على «ذينك»، ولم تجز الحركة في الأول ولا في الثاني؛ لأنه يلزم قلب الألف همزة، فتتغير الكلمة، ومثله الحذف في تثنية «ذواتا» المنصوصين والمخفوضين.
102- الخامس: أن تحذف الساكن الثاني من كلمة، على مذهب سيبويه، وذلك في: مقول، ومخوف، أصله: مقوول، ومخووف، فنقلت حركة الواو الأولى على الخاء والقاف، فاجتمع واوان ساكنتان، فحذفت الثانية لالتقاء الساكنين؛ لأنها زائدة، والأولى أصلية، ومذهب الأخفش في هذا أن المحذوفة هي الأولى، فهو على مذهب الأخفش من القسم الرابع، وعلى هذا اختلفا في المحذوف من «مخيط، ومكيل» أصله: مخيوط، ومكيول، ثم ألقيت حركة الياء على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/278]
ما قبلها، فسيبويه يقول: المحذوف هو الواو الزائدة، وكسرت الخاء والكاف، لتصح الياء، والأخفش يقول: إنما حذفت الياء والواو الأصليتان، وانقلبت الواو ياء؛ لانكسار ما قبلها؛ لأنه انكسر، قبل حذف الياء، لتصح الياء.
103- السادس: أن يمد الساكن الأول، لتقوم المدة مقام الحركة، فتحول بين الساكنين، ويتوصل بالمد إلى النطق بالساكن الثاني، وقد «» قدم ذكر هذا في أبواب المد، وذلك نحو: «دابة، وصاخة» ونحوه، فإن كان الساكن الثاني غير مشدد ففي جوازه الاختلاف، على ما تقدم ذكره، والقراءة قد ثبتت بذلك في «محياي، واللائي» وجوازه هو مذهب أبي عمرو ويونس والكوفيين.
104- السابع: أن تبدل من الساكن الأول همزة، وهو قليل وذلك إذا كان الأول حرف مد ولين، والثاني مشددًا نحو: «دأبة، وصأخة» وقد قرئ: {ولا الضالين} بالهمز، وهي لغة قليلة.
105- الثامن: أن يثبت الساكنان جميعًا، ولا يغير واحد منهما، كان في ذلك حرف مد ولين أو لم يكن، وذلك في الوقف خاصة نحو: «والفجر، والعصر، وعمرو، وبكر» وذلك في كل كلمة قبل آخرها ساكن، إذا وقفت بالإسكان أو بالإشمام.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/279]
106- التاسع: أن تُلقى حركة الحرف على ساكن قبله، فيجتمع ساكنان في المعنى، وذلك أن الوقف خاصة نحو الوقف على: «بكرُ، وعمر» المرفوعين أو المخفوضين، تُلقى حركة الآخر على ما قبله، ثم يُسكن الآخر، والذي قبله ساكن في الأصل، وحركته عارضة، فتصير إلى الجمع بين ساكنين في المعنى لا في اللفظ، فإن كان الساكن الذي قبل الآخر ياء أو واوًا لم يجز أن تُلقى عليهما الحركة نحو: «عود، وقيل» ونحوه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/280]

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 03:58 PM

فصل في ياءات الإضافة وعللها
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فصل في ياءات الإضافة وعللها
220- اعلم أن ياء الإضافة زائدة أبدًا وهو اسم المضاف إليه، وأصلها الحركة؛ لأن الاسم لا يكون على حرف واحد ساكن، والدليل على أن أصلها الحركة أنها كالكاف في «عليك وإليك» وكالهاء في «عليه وإليه» وكالتاء في «رأيت» و«أرأيت» وهذه المضمرات لا تكون إلا متحركات، فكذلك ياء الإضافة، وإنما جاز إسكانها استخفافًا ولا يجوز ذلك في الكاف والهاء والتاء، استثقالا للحركة على الياء؛ لأن الياء حرف ثقيل، فإذا تحرك ازداد ثقلا، ويدل على ثقل الحركة على الياء أنها تقلب ألفًا، إذا تحركت وانفتح ما قبلها، في أكثر الكلام، وأنهم لما حركوها أعطوها الفتح، الذي هو أخف الحركات، ولو أعطوها الكسر، والذي قبلها لا يكون إذا كان متحركا، إلا مكسورا لاجتمع كسرتان، وياءٌ عليها كسرة، وذلك ثقيل، ولو أعطوها الضم لاجتمع ما هو أثقل من ذلك، فكان الفتح أولى بها، إذ لابد من حركة تقويها، والفتح فيها أقوى وأفصح، لأنه الأصل، ولخفة الفتحة، ولأن العرب تأتي بها السكت، بعد ياء الإضافة، لتثبت حركتها في الوقف، فإذا كانوا يحرصون على بقاء الحركة في الوقف، فثباتها في الوصل آكد، فمن ذلك إدخالهم الهاء في «كتابيه وحسابيه وماليه» وشبهه، حرصًا على بيان حركة الياء في الوقف، إذا كانت اسمًا على حرف واحد، فألزم الحركة في الوقف
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/324]
والوصل لتقوي. وأنا أذكر في آخر كل سورة الاختلاف في ما فيها من الياءات، واستغنى بما بيناه من علتها عن الإعادة لذلك، وأذكر في هذه السورة جملًا من أصول القراء في الياءات، ينتفع بحفظها مجملة، واستغنى بذلك عن حفظ أكثرها منفردة.
221- فمن ذلك أصل نافع، اعلم أن نافعًا، في رواية ورش عنه، كان يفتح كل ياء إضافة، واختلف القراء فيها في جميع القرآن، مما ثبت خطه في المصحف، وعدة ما اختلف القراء فيه، من ياءات الإضافة، مائة وخمس وسبعون ياء، فتحها ورش عن نافع، إلا ثلاثًا وعشرين، فإنه أسكنها، في البقرة: {اذكروني أذكركم} «152»، وفي الأنعام {وأن هذا صراطي مستقيمًا} «153»، وفي الأعراف: {معي بني إسرائيل} «105» و{إني اصطفيتك} «144» وفي براءة {معي عدوا} «83»، وفي إبراهيم {وما كان لي عليكم من سلطان} «22»، وفي الكهف: {معي} في ثلاثة مواضع «67، 72، 75» وفي مريم: {من ورائي وكانت} «5» وفي طه: {هارون أخي. اشدد} «30، 31» وفي الأنبياء: {ذكر من معي وذكر} «24» وفي الفرقان: {يا ليتني اتخذت} «27» وفي الشعراء: {إن معي ربي} «62»، وفي النمل: {مالي لا أرى} «20»، وفي القصص: {معي ردءًا} «34»، وفي العنكبوت: {إن أرضي واسعة} «56»، وفي صاد: {ولي نعجة} «23» وفيها: {ما كان لي من علم} «69»، وفي المؤمن: {ذروني أقتل موسى} «26»، وفيها: {ادعوني أستجب} «60»، وفي الزخرف: {يا عبادي لا خوف} «68»، وفي نوح: {بيتي مؤمنًا} «28»، فذلك ثلاث وعشرون ياء، أسكنها ورش، من الياءات التي اختلف فيها جميع القراء الذين ذكرنا، وفتح ما عدا ذلك، مما اختلفوا فيه، وهو ثابت في الخط، وقرأ قالون بمثل ذلك، وزاد على ورش فأسكن ثماني ياءات وهن، في البقرة:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/325]
{وليؤمنوا بي لعلهم} «186»، وفي الأنعام {محياي} «162»، وفي يوسف: {وبين إخوتي} «100»، وفي طه: {ولي فيها مآرب} «18»، وفي النمل والأحقاف: {أوزعني أن} «19، 15»، وفي الشعراء: {ومن معي من المؤمنين} «118»، وفي الدخان: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} «21»، فأسكن هذه الثمانية قالون، وفتحها ورش، وعنه في {محياي} الوجهان، أعني ورشًا، وقد روي عن ورش فتح الياء وإسكانها في {أني أوفي الكيل} «يوسف 59» و{سبيلي أدعو} «يوسف 108» وروي عن قالون الإسكان والفتح في قوله: {إلى ربي إن لي عنده} «فصلت 50»، وبالفتح قرأت في ذلك كله لهما، وأخبرني أبو الطيب أنه قرأ بالوجهين لقالون في «إلى ربي، إن لي عنده».
223- ومن ذلك أصل أبي عمرو، كان أبو عمرو يُسكن ياء الإضافة إذا كان بعدها همزة مضمومة، وذلك عشرة مواضع في القرآن، ولم يفتحها، على هذا الشرط، غير نافع نحو: {فإني أعذبه} «المائدة 115»، و{عذابي أصيب} «الأعراف 156» وشبهه، وكان أبو عمرو يسكن كل ياء إضافة، ليس بعدها ألف، نحو: {بيتي للطائفين} «البقرة 125» و{وجهي لله} «آل عمران 20»، إلا حرفين، فإن فتحهما، وهما: {محياي} في «الأنعام 162»، و{مالي لا أعبد} في «يس 22» وكان أبو عمرو يفتح كل ياء إضافة، بعدها ألف وصل، مع لام أو غير لام، نحو: {إني اصطفيتك} «الأعراف 144»، و{أخي. اشدد به} «طه 30، 31» و{عن آياتي الذين} «الأعراف 146»، و{ربي الذي} «البقرة 258»، و{ربي الفواحش} «الأعراف 33»، و{ياليتني اتخذت} «الفرقان 27»، و{من بعدي اسمه} «الصف 6»، ونحوه، إلا موضعين، وهما في العنكبوت والزمر: {يا عبادي الذين آمنوا} «56»، {يا عبادي الذين أسرفوا} «53»، فإنه أسكنها وحذفها لالتقاء الساكنين، والوقف للجميع بالياء عليهما، وكان
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/326]
أبو عمرو يفتح الياء، إذا أتت بعدها همزة مفتوحة أو مكسورة، مما اختلف القراء فيه، إلا أن تكون الكلمة على خمسة أحرف بالياء أو أكثر، فإنه يسكن الياء تخفيفًا لطول الكلمة، نحو: {حشرتني أعمى} «طه 135» و{ستجدني إن شاء الله} «الكهف 69» و{لعنتي إلي يوم الدين} «ص 78» وشبهه، وخالف هذا الأصل في ثلاثة مواضع، ففتح الياء فيها، والكلمة على خمسة أحرف، وهي: {وما توفيقي إلا بالله} في «هود 88» وفيها: {شقاقي} «89» وفيها: {أرهطي} «92».
223- وعلته، في فتح هذه الثلاثة المواضع، أنه اجتمع، في «توفيقي وشقاقي» حرفا مد ولين في كل واحدة، فلم يعتد بالتكرير، وأتت همزة الاستفهام في {أرهطي} وهي زائدة، فلم يعتد بها، وجميع ما أسكنه أبو عمرو، وخالف فيها نافعًا أربع وثلاثون ياء، تستخرج من هذه الأصول التي ذكرناها، وجميع ما فتحه أبو عمرو، مما أسكنه نافع، أربع ياءات وهي: {محياي} و{إني اصطفيتك} و{أخي. اشدد}، و{ياليتني اتخذت}، وعن ورش في {محياي} الوجهان: الفتح والإسكان.
224- ومن ذلك أصل ابن كثير، كان ابن كثير يسكن كل ياء إضافة، اختلف فيها بعدها همزة مضمومة أو مكسورة، أو ليس بعدها همزة، وخالف أصله، مع الهمزة المكسورة، في موضعين، ففتح الياء فيهما، وهما قوله في يوسف {آبائي إبراهيم} «38»، وفي نوح: {دعائي إلا} «6» وخالف أصله، إذا لم يأت بعد الياء همزة، في خمسة مواضع، ففتح الياء فيهن، وهن في الأنعام: {محياي}، وفي مريم: {من ورائي وكانت}، وفي النمل: {مالي لا أرى}، وفي يس: {ومالي لا أعبد}، وفي فصلت: {أين شركائي قالوا}
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/327]
47- وكان ابن كثير يفتح ياء الإضافة، إذا أتى بعدها همزة مفتوحة أو ألف وصل، وخالف أصله، مع الهمزة المفتوحة، في عشرة مواضع، فأسكن الياء فيها، في آل عمران: {اجعلي لي آية} «41»، وفي هود: {ضيفي أليس} «78»، وفي يوسف: {قال أحدهما إني}، و{وقال الآخر إني} «36» وفيها: {يأذن لي} «80» وفيها: {سبيلي أدعو} «108»، وفي الكهف {من دوني أولياء} «102» وفي مريم: {اجعل لي آية} «10» وفي طه: {يسر لي أمري} «26» وفي النمل: {ليبلوني أأشكر} «40» خاصة، فهذه عشرة مواضع، أسكن الياء فيها، وبعدها همزة مفتوحة، وخالف قنبل البزي فيما ذكرنا، من الفتح والإسكان فيها، وبعدها همزة مفتوحة، وخالف قنبل، وفتحها البزي، وهن في هود ثلاثة مواضع: {ولكني أراكم} «29» و{إني أراكم} «84» و{فطرني أفلا} «51» وفي الفرقان: {إن قومي اتخذوا} «30»، وفي النمل والأحقاف {أوزعني}، وفي الأحقاف أيضًا: {ولكني أراكم} «23»، وفي الزخرف: {من تحتي أفلا} «51»، وفي قل يا أيها الكافرون: {ولي دين} «6»، وخالف أيضًا ابن كثير أصله مع ألف الوصل في موضعين، فأسكن الياء فيهما، في الفرقان: {يا ليتني اتخذت} وفيها: {إن قومي اتخذوا} «30» أسكنها، في رواية قنبل عنه، وقد ذكرت، فأما الياء في: {يا بني} «هود 42» وفي: {بمصرخي} «إبراهيم 22» وفي: {أخفي لهم} «السجدة 17»، و{أملي لهم} «محمد 25» فليست بياء إضافة، فلذلك لم نذكر ذلك مع ياءات الإضافة، وسيأتي الاختلاف فيها، في مواضعها إن شاء الله تعالى. فأما: {آتاني الله} فليست بثابتة في المصحف، فلذلك لم نذكرها.
225- ومن ذلك أصل حمزة، كان حمزة يسكن جميع الياءات، التي
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/328]
اختلف فيها القراء، إلا ياء {محياي}، فإنه فتحها، وكسر ياء {بمصرخي} وليست بياء إضافة.
226- ومن ذلك أصل الكسائي، كان الكسائي يسكن جميع الياءات، التي اختلف فيها القراء، إلا أربع عشرة ياء، فإن فتحن، وهن في البقرة: {عهدي الظالمين} «124»، وفيها: {ربي الذي} «258»، وفي الأنعام: {محياي} «162» وفي الأعراف: {ربي الفواحش} «33» وفيها: {عن آياتي الذين} «146» وفي مريم: {آياتي الكتاب} «30» وفي الأنبياء: {مسني الضر} «83» وفيها: {عبادي الصالحون} «105»، وفي النمل: {مالي لا أرى} «20» وفي سبأ: {عبادي الشكور} «13»، وفي ياسين: {مالي لا أعبد} «22»، وفي ص: {مسني الشيطان} «41»، وفي الزمر: {إن أرادني الله} «38»، وفي الملك: {إن أهلكني الله} «28»، ففتح هذه الأربع عشرة فقط.
227- ومن ذلك أصل عاصم كان عاصم في رواية أبي بكر عنه يُسكن كل الياءات، التي للإضافة المختلف فيها، غير تسع عشرة ياء فإنه فتحها ستراها في ذكرنا للاختلاف في الياءات، في آخر كل سورة. وقرأ، في رواية حفص عنه، بإسكان كل الياءات، إلا اثنتين وأربعين ياء، فإنه فتحها، وستراها في أواخر السور.
228- ومن ذلك أصل ابن عامر، كان ابن عامر يُسكن جميع ياءات الإضافة المختلف فيها، إلا ثلاثًا وأربعين ياء، فإنه فتحها، وستراها في أواخر السور، واختلفت الرواية عنه في سبع ياءات، فأسكن ابن ذكوان ستًا منها، وفتحها هشام، وهن في البقرة: {بيتي للطائفين} «125» ومثله في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/329]
الحج، وفي نوح: {بيتي مؤمنًا} «28»، وفي النمل: {مالي لا أرى} «20»، وفي غافر: {مالي أدعوكم} «41»، وفي الكافرون: {ولي دين}، والسابعة: {أرهطي} «هود 92» فتحها ابن ذكوان، وأسكها هشام، وإنما تركت ذكر ما استثنيت لعاصم وابن عامر لكثرة ذلك، لئلا يطول الكتاب، وإذ لابد من ذكر كل ياء اختلف فيها، في آخر كل سورة، وما فيها من ذلك، والاختيار في ذلك الفتح، لأنه الأصل، ففي سورة البقرة، من ذلك، ثماني ياءات إضافة، قرأ الحرميان وأبو عمرو: {إني أعلم} «30، 33» بالفتح، قرأ حمزة وحفص: {عهدي الظالمين} «124» بالإسكان، والياء محذوفة من اللفظ في الوصل؛ لالتقاء الساكنين، وله نظائر كثيرة، وقرأ نافع وحفص وهشام: {بيتي للطائفين} بالفتح، وقرأ ابن كثير: {فاذكروني أذكركم} «152» بالفتح، قرأ ورش: {بي لعلهم} «186» بالفتح، وقرأ نافع وأبو عمرو: {مني إلا} «249» بالفتح، وقرأ حمزة: {ربي الذي يحيي} «258» بالإسكان، وإذا ذكرنا، في ياءات الإضافة، من قرأ بالفتح فالباقون بالإسكان، وإذا ذكرنا من قرأ بالإسكان فالباقون بالفتح، فنستغني بهذه المقدمة عن ذكر الباقين، في ذلك، حيث وقع). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/330]

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 04:00 PM

فصل في الياءات الزوائد المحذوفة من المصحف
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فصل في الياءات الزوائد المحذوفة من المصحف
229- اعلم أن جميع ما اختلف القراء فيه، من الياءات الزوائد، التي لم تثبت في خط المصحف، إحدى وستون ياء، كلها زوائد على خط المصحف، وهي على ثلاثة أقسام: قسم من ياءات الإضافة التي تصحبها النون، وذلك إذا اتصلت بالأسماء، نحو: هداني واتقوني واخشوني، وقسم لا تصحبها النون، وذلك إذا اتصلت بالأسماء نحو: وعيدي ونكيري ونذيري، وشبهه، فهذان قسمان، الياء فيهما ياء إضافة، أصلها الزيادة، والقسم الثالث من الزوائد أن تكون الياء فيه أصلية، لام الفعل، وذلك نحو: الداع والهاد والواد، وشبهه، وكلها حذفت الياء فيها من المصحف استخفافًا، لدلالة الكسرة التي قبلها عليها، وهي لغة للعرب مشهورة، فيها الحذف لهذه الياءات، يقولون: مررت بالقاض، وجاءني القاضي، فيحذفون الياء لدلالة الكسرة عليها ولسكونها، وكذلك: هذا وعيد، وهذا نذير، وأنا أذكرها مجملة كما صنعت في ياءات الإضافة، ثم أعيدها في آخر كل سورة مفردة، إن شاء الله.
230- ذكر ما أثبت نافع وغيره، أثبت نافع، في رواية ورش عنه، من الزوائد في وصله دون وقفه، سبعًا وأربعين ياء، يفتح منها واحدة، وهي: {فما آتاني الله} «النمل 36» ويقف بغير ياء، ويثبت الياء في {تسألني} في «الكهف 70» في وصله ووقفه، كجماعة القراء.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/331]
231- وأثبت قالون، في وصله، عشرين ياء، وبفتح: {فما آتاني الله} ويقف بالياء.
232- وأثبت قنبل، في وصله ووقفه، اثنتين وعشرين ياء، إلا موضعًا واحدًا، حذفه في وقفه، وهو قوله: {جابوا الصخر بالواد} «الفجر 9».
233- وأثبت البزي، في وصله ووقف، خمسة وعشرين موضعًا.
234- وأثبت أبو عمرو، في وصله خاصة، أربعة وثلاثين موضعًا، إلا {فما آتاني الله}، فإنه يفتح الياء، ويقف بالياء، وخير في {أكرمن}، و{أهانن} «الفجر 15، 16».
235- وأثبت حمزة من ذلك ثلاث ياءات، اثنتان في وصله ووقفه، وهما: {فلا تسألني} في الكهف، و{أتمدونن} في النمل «36»، غير أنه يدغم النون الأولى في الثانية فيشدد، والثالثة، أثبتها في وصله خاصة، وهي: {دعاء} في إبراهيم «40».
236- وأثبت الكسائي، من جميع ذلك، ثلاثة مواضع، اثنان في وصله خاصة وهما: {يوم يأت} في هود «105»، و{ما كنا نبغ} في الكهف «64»، والثالثة أثبتها في وصله ووقفه، وهي: {فلا تسألني} في الكهف.
237- وأثبت ابن عامر، في رواية هشام عنه، من جميع ذلك، موضعين، في وصله ووقفه، وهما: {ثم كيدون} في الأعراف «195»، {فلا تسألني} في الكهف، ومثله ابن ذكوان في {فلا تسألني}، وفيه عنه اختلاف، والإثبات أشهر.
238- وأثبت عاصم، من جميع الياءات الزوائد، في رواية أبي بكر عنه موضعين قوله في الزخرف: {يا عباد لا خوف} «68»، يثبت الياء في وصله ووقفهن ويفتح في الوصل، والثاني: {فلا تسألني} في الكهف، يثبتها في الوصل والوقف.
239- وأثبت حفص، من جميع الياءات الزوائد، موضعين أيضًا في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/332]
النمل: {فما آتان الله} «36» يثبتها، في وصله ووقفه، ويفتح الياء، والثاني: {فلا تسألني} في الكهف، يثبتها في وصله ووقفه، كالجماعة، وسنذكر الاختلاف، في كل ياء من الزوائد، في آخر كل سورة إن شاء الله، ففي سورة البقرة من ذلك، ثلاثة مواضع، قوله: {الداع إذا دعان} «186» قرأهما أبو عمرو وورش بياء، في الوصل خاصة، والثالث: {واتقون يا أولي الألباب} «197» قرأه أبو عمرو بياء في الوصل خاصة.
240- وعلة من حذف في الوقف أنه اتبع خط المصحف في وقفه، واتبع الأصل في وصله، فجمع بين الوجهين، وكان الوقف أولى بالحذف، لأن أكثر الخط، كتب على الوقف والابتداء، فلما لم تثبت الياء في الخط حذفها في الوقف اتباعًا للخط.
241- وحجة قراءة من أثبتها في الوقف والوصل أنه أتى بها على أصلها، ووفق بين الوصل والوقف، واستهل ذلك في الياء، لأن حروف المد واللين تحذف من الخط، في أكثر المصاحف، وتقرأ بالإثبات في الوصل والوقف إجماع نحو: {إبراهيم وإسماعيل وإسحاق}، وأكثر الألفات كالقراءة بالألف في الوصل والوقف، والخط بغير ألف، وهو كثير في القرآن، فأجرى الياء مجرى الألف، فأثبتها في الوصل والوقف، وإن كانت محذوفة في الخط، كما فعل الجماعة في الألف.
242- وحجة من حذفها، في الوصل والوقف، أنه اتبع الخط، واكتفى بالكسرة من الياء في الوصل، وأجرى الوقف على الوصل فحذف، والاختيار حذفها استخفافًا، واتباعًا للمصحف، ولأن عليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/333]

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 04:01 PM

الهاء المتصلة بالفعل المجزوم
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (الهاء المتصلة بالفعل المجزوم
45- قرأ أبو بكر وأبو عمرو وحمزة: {يؤده إليك}، و{لا يؤده إليك} و{يؤته منها} في موضعين في هذه السورة، وفي النساء: {نوله}، و{نصله} وفي الشورى: {نؤته منها} بإسكان الهاء في السبعة، وقرأ ذلك قالون بكسر الهاء، من غير باء، وقرأ الباقون بصلة الهاء بياء في الوصل.
46- وحجة القراءة بالإسكان أن هذه الأفعال قد حذفت الياء، التي قبل الهاء فيها للجزم، وصارت الهاء في موضع لام الفعل، فحلَّت محلها فأسكنت، كما تسكن لام الفعل للجزم، ألا ترى أنهم قد قالوا: لم يقر فلان القرآن، فحذفوا حركة الهمزة للجزم، فأبدلوا من الهمزة الساكنة ألفًا؛ لانفتاح ما قبلها، ثم حذفوا أيضًا الألف للجزم، كذلك حذفوا الياء قبل الهاء للجزم، وأسكنوا الهاء للجزم، إذ حَلَّت محل الفعل، وليست هذه العلة بالقوية.
47- وفيه علة أخرى، وذلك أن من العرب من يسكن هاء الكناية إذا تحرك ما قبلها، فيقولون: ضربته ضربًا شديدًا، يحذفون صلتها، ويسكنونها كما يفعلون بميم الجمع في «أنتم، وعليكم» يحذفون صلتها، ويسكنونها، وهو الأكثر في الميم، فالهاء إضمار، والميم إضمار، فجريا مجرى واحد، في جواز الإنكار وحذف الصلة، وهو في الميم كثير، وعليه جماعة القراء في الميم، وقد
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/349]
كان يجب أن يكون الحذف مع الهاء أقوى منه مع الميم؛ لأن صلة الميم من الأسماء بمضمر، وصلة الهاء إنما هي تقوية. فإذا حسن حذف ما هو أصل، فحذف ما هو غير أصل أقوى، لكن ترك الحذف في الهاء هو المستعمل الفاشي، وذلك لضعف الهاء وخفائها؛ لأنهم زادوا على الهاء حرفًا للتقوية، وهي متحركة، فإذا حذفوا الحرف، وحذفوا الحركة عظم الضعف وتأكد، وهذا الوجه في إسكان هذه الهاء، أقوى من الأول على ضعفه أيضًا.
48- ووجه القراءة بالكسر، من غير ياء، أنه أجري على أصله، قبل الجزم، وذلك أن أصله كله أن يكون بياء، قبل الهاء، وهي لام الفعل، وبياء بعدها، بدلا من واو دخلت للتقوية نحو: نؤتيهي ونصليهي، فلما كانت الهاء خفيا، لم تحجز بين الياءين الساكنتين، فحذفت الثانية لالتقاء الساكنين وبقيت الهاء مكسورة، ثم حذفت الياء التي قبل الهاء للجزم، فبقيت الهاء مكسورة على ما كانت عليه قبل الحذف، وهذه علة حسنة لا داخلة فيها.
49- وحجة من وصل الهاء بياء أنه أتى بالهاء، مع تقويتها على الأصل. وأيضًا فإنه لما زالت الياء، التي قبل الهاء، التي من أجلها تحذف الياء التي بعد الهاء عند سيبويه، أبقى الياء التي بعد الهاء، إذ لا علة في اللفظ، توجب حذفها، وهذا هو الاختيار، لأن عليه أكثر القراء، وهو الأصل، وإذ لا علة في اللفظ، توجب حذف الياء التي بعد الهاء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/350]

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 04:01 PM

فواتح السور وصلها ووقفها
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- كل القراء أدغم النون من {طس} في الميم التي بعدها إلا حمزة فإنه أظهر، ومثله في أول القصص.
وحجة من أدغم أن هذه الحروف لما كانت متصلة بعضها ببعض، لا يوقف على شيء منها دون شيء، ولا يفصل في الخط شيء عن شيء أدغم لاشتراك النون مع الميم في الغنة، ولأنه يدغم في غير هذا، فأجري هذا على كل ما تلقى فيه النون الساكنة الميم نحو: «مِنْ ما ومَنْ معه».
2- وحجة من أظهر أن هذه الحروف المقطعة مبنية على الانفصال والوقف عليها ولذلك لم تعرب، فجرت في الإظهار على حكم الوقف عليها وانفصالها مما بعدها، فإن قيل: فلم لم يظهر النون في {عسق} وما الفرق بين ذلك؟ فالجواب أن النون لما كانت في {طسم} مدغمة مغيرة عن لفظها أظهرها، ليبين أصلها بالوقف عليها، إذ لا تشديد فيه أبقاها على حالها، إذ الإخفاء والإظهار أخوان، لا يزول لفظ النون في الإخفاء كالإظهار ويزول لفظها في الإدغام فهو فرق بين، وقد ذكرنا الإمالة للطاء وعلة ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/150] (م)

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 04:01 PM

علل القراءة في: يرضه وخيرا يره وشرا يره
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله تعالى: {يرضه لكم} قرأ نافع وعاصم وحمزة وهشام بضم الهاء، من غير واو، وقرأ أبو عمرو، في رواية الرقيين عنه، بالإسكان، وقرأ الباقون وأبو عمرو، في رواية العراقيين عنه بضم الهاء وواو بعدها، وكلهم وقفوا على الهاء من غير واو، والإشمام والروم والإسكان جائز ذلك كله فيها لجميع القراء إلا أبا عمرو، في رواية الرقيين عنه، فإنه يقف بالإسكان كما يصل، وقد تقدمت علة هاء الكناية وصلتها بواو، وبضمة من غير واو، وبالإسكان، وتقدم ذكر الاختيار في ذلك فيما تقدم، فأغنى ذلك عن الإعادة.
2- سؤال، ويقول القائل: ما الفرق في قراءة نافع بين {يرضه} وبين {خيرًا يره}، و{شرًا يره} «الزلزلة 7، 8» إذا وصل الهاء بواو في {خيرًا يره} وفي {شرًا يره}، ولم يفعل ذلك في يرضه.
فالجواب أن {يره} فعل قد حذف منه عينه، وهو الهمزة، حذفت للتخفيف حذفًا مستمرًا، لا يستعمل على أصله بالهمز إلا في شعر، ثم حذف منه لامه للجزم، فلم يبق منه إلا فاؤه، وهو الراء، فلو حذفت الواو، التي هي تقوية للهاء، لخفائها لاجتثت الكلمة لحذف ثلاثة أشياء فثبتت فيه الواو للتقوية للهاء، والكلمة «ويرضه» فعل لم يحذف منه غير لامه
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/236]
للجزم، فسهل حذف الواو، التي بعد الهاء، لقوة الكلمة، ولأن الواو زائدة، ولأنها كانت محذوفة قبل الجزم لسكونها وسكون الألف، التي قبل الهاء، على ما قدمنا من قول سيبويه أنه لا يعتد بالهاء، وذلك لخفائها، ولم تكن حاجزًا حصينًا بين الساكنين). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/237] (م)

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 04:01 PM

حذف الياء وصلا ووقفا في: يا عباد، فبشر عباد
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- فصل:
والمشهور عن كل القراء في قوله: {يا عباد الذين آمنوا}، وقوله: {فبشر عباد * الذين} أنه بغير ياء في الوقف والوصل، على لفظ الوصل، وحذف الياء من النداء كثير، كما يحذف التنوين منه؛ لأن الياء تعاقب
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/237]
التنوين، وأما قوله: {فبشر عباد الذين} فأصله أن يكون بالياء؛ لأنه ليس بمنادى، لكن لما حذفت الياء سكنت وأتت اللام بعدها ساكنة في الوصل أجري الوقف على ذلك، ولا يتعمد الوقف عليه، وقد روى الأعمش عن أبي بكر أنه فتح الياء في قوله: {قل يا عبادي الذين آمنوا} في الوصل، ووقف بغير ياء اتباعًا للخط، والمشهور عن أبي بكر في قوله: {فبشر عبادي الذين} أنهم قرؤوها بياء مفتوحة، ويقفون عليها بالياء، والذي قرأت به للجميع بالحذف في الحالن). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/238] (م)

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 04:02 PM

فَصْلٌ فِي عِلَلِ الإِمَالَةِ
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فَصْلٌ فِي عِلَلِ الإِمَالَةِ
«1» اعْلَمْ أَنَّ الْفَتْحَ هُوَ الأَصْلُ، وَالإِمَالَة فَرْعٌ، لِعِلَّةٍ تُوجِبُهَا عَلَى [مَا] قَدَّمْنَا فِي صَدْرِ الْكِتَابِ، دَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَتْحَ مُسْتَعْمَلٌ فِي كُلِّ مُمَالٍ وَغَيْرِ مُمَالٍ، وَالإِمَالَةُ لاَ تُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَفْتُوحٍ، فَمَا عَمَّ كُلَّ شَيْءٍ فَهُوَ الأَصْلُ، أَلاَ تَرَى أَنَّ «الدُّعَاءَ، وَالْغُثَاءَ، وَالسَّمَاءَ، وَالشُّرَكَاءَ، وَقَالَ، وَمَالَ، وَكَانَ، وَطَالَ» وَشِبْهَهُ لاَ تَجُوزُ فِيهِ الإِمَالَةُ، وَأَنَّ كُلَّ مَا تَجُوزُ فِيهِ الإِمَالَةُ يَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ، وَمِمَّا يُقَوِّي الْفَتْحَ فِي الأَشْيَاءِ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الإِمَالَةُ أَنَّ الإِمَالَةَ إِنَّمَا جِيءَ بِهَا لِتَدُلَّ عَلَى أَصْلِ الْحَرْفِ الْمُمَالِ، لِتُقَرِّبَهُ مِنْ كَسْرَةٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ الدَّلالَةِ عَلَى الأَصْلِ فِي قَوْلِهِمْ: مِيقَاتٌ وَمِيزَانٌ، وَشِبْهِهِ، بِغَيْرِ إِشَارَةٍ وَلاَ دَلِيلٍ عَلَى الأَصْلِ، إِذْ أَصْلُ الْيَاءِ فِيهِمَا الْوَاوُ، وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى تَرْكِ الدَّلالَةِ عَلَى الأَصْلِ فِي قَوْلِهِمْ: مُوقِنٌ وَمُوسِرٌ، وَشِبْهِهِ بِغَيْرِ إِشَارَةٍ وَلاَ دَلِيلٍ عَلَى الأَصْلِ، وَالأَصْلُ فِي الْوَاوِ فِيهِمَا يَاءٌ، وَأَجْمَعُوا عَلَى إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ الَّتِي هِيَ فَاءُ الْفِعْلِ فِي «آدَمَ وَآزَرَ» وَشِبْهِهِمَا بِأَلِفٍ، مِنْ غَيْرِ إِشَارَةٍ وَلا دَلِيلٍ عَلَى الأَصْلِ، وَالأَصْلُ الْهَمْزُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى إِبْدَالِ الْوَاوِ فِي: قَالَ، وَكَالَ بِأَلِفٍ وَعَلَى إِبْدَالِ الْيَاءِ فِي: كَالَ، وَمَالَ، بِأَلِفٍ مِنْ غَيْرِ إِشَارَةٍ إِلَى الْوَاوِ، وَلاَ إِلَى الْيَاءِ فِي أَشْبَاهٍ لِهَذَا كَثِيرٍ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تُتْرَكَ الإِشَارَةُ إِلَى
الأَصْلِ فِي «رَمَى، وَهَدَى، وَتَرَى، وَاشْتَرَى» وَشِبْهِهِ، وَأَنْ تُتْرَكَ الأَلِفُ عَلَى حَالِهَا وَلَفْظِهَا، وَفَتْحِ مَا قَبْلَهَا، وَلا تُغَيَّرَ بِإِشَارَةٍ إِلَى أَصْلِهَا، قِيَاسًا عَلَى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/378]
مَا ذَكَرْنَا مِمَّا أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ الإِشَارَةِ فِيهِ إِلَى الأَصْلِ، فَهَذَا بَابٌ يَقْوَى بِهِ الْفَتْحُ، فَأَمَّا الإِمَالَةُ فَفِيمَا يُقَوِّي اسْتِعْمَالَهَا، أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تُبْقِي فِي الْكَلِمَةِ الْمُغَيَّرَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَصْلِهَا، فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلاَمِهَا. مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَدْغَمُوا النُّونَ السَّاكِنَةَ وَالتَّنْوِينَ فِي الْمِيمِ وَالنُّونِ، وَحَقُّ الإِدْغَامِ أَنْ يَذْهَبَ فِيهِ لَفْظُ الْحَرْفِ الأَوَّلِ. فَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ فِي هَذَا وَأَبْقَوُا الْغُنَّةَ تَدُلُّ عَلَى الأَصْلِ، وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَدْغَمُوا الطَّاءَ السَّاكِنَةَ فِي التَّاءِ فَأَبْقَوْا لَفْظَ الإِطْبَاقِ، لِيَدُلَّ عَلَى الأَصْلِ، إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ فِي نَحْوِ قَوْلِكَ: أَحَطْتُ، وَفَرَّطْتُ، وَكَذَلِكَ فَعَلُوا بِالْقَافِ السَّاكِنَةِ، إِذَا أَدْغَمُوهَا فِي الْكَافِ، يُبْقُونَ لَفْظَ الإِطْبَاقِ، لِيَدُلَّ عَلَى الأَصْلِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ} «الْمُرْسَلاَتِ 20» وَشِبْهِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي الأَفْعَالِ الْمُعْتَلاَّتِ الأَعْيُنِ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، وَمِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ فِيمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. إِذَا انْكَسَرَ أَوَّلُهَا لِلاعْتِلاَلِ، أَبْقَوُا الإِشْمَامَ فِي أَوَائِلِهَا، لِيَدُلَّ عَلَى الأَصْلِ فِي نَحْوِ: قِيلَ، وَحِيلَ، وَغِيضَ، وَسِيقَ، وَشِبْهِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلُوا فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُتَحَرِّكِ، يُبْقُونَ الإِشْمَامَ وَالرَّوْمَ فِي أَوَاخِرِ الْكَلاَمِ الْمُتَحَرِّكِ، لِيَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَصْلُهُ فِي الْوَصْلِ، وَهَذَا فِي كَلامِهِمْ أَكْثَرُ مِمَّا أَصِفُ بِهِ، يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يَبْقَى فِي الْكَلاَمِ الْمُغَيَّرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الأَصْلِ، وَعَلَى ذَلِكَ انْفَتَحَ مَا قَبْلَ وَاوِ الْجَمْعِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْهُمْ، فِي نَحْوِ قَوْلِكَ: الْمَوْسَوْنُ، وَالْعَيْسَوْنُ، وَشِبْهِهِ، لِتَدُلَّ الْفَتْحَةُ عَلَى الأَصْلِ، وَيُنْبِئَ عَنْ حَذْفِ الأَلِفِ بَعْدَهَا، وَهَذَا كَثِيرٌ فِي كَلاَمِهِمْ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ أَصْحَابُ الإِمَالَةِ فِي: رَمَى، وَسَعَى، وَاشْتَرَى، وَهَوَى، وَشِبْهِهِ، أَبْقَوُا الإِمَالَةَ لِتَدُلَّ عَلَى أَصْلِ الأَلِفِ، وَتُنْبِئَ أَنَّ أَصْلَهَا الْيَاءُ، فَهُمَا لُغَتَانِ فَاشِيَتَانِ قَوِيَّتَانِ فِي الاسْتِعْمَالِ وَالْقِيَاسِ، وَالْفَتْحُ الأَصْلُ لِمَا ذَكَرْنَا، وَالإِمَالَةُ فَرْعٌ جَارٍ عَلَى الأُصُولِ، قَوِيٌّ فِي الْقِيَاسِ، فَصِيحٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ، غَيْرُ مَدْفُوعٍ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ فَبَعِيدٌ إِمَالَتُهُ، إِذْ لاَ أَصْلَ لَهُ فِي الْيَاءِ، يُنَحَّى بِهِ إِلَى ذَلِكَ، وَالْفَتْحُ أَوْلَى بِهِ.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/379]
«2» فَإِنْ قِيلَ: فَإِلاَّ نُحِّيَ بِذَوَاتِ الْوَاوِ نَحْوَ الْوَاوِ لِيَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْلِ الأَلِفِ، كَمَا نُحِّيَ بِذَوَاتِ الْيَاءِ نَحْوَ الْيَاءِ، لِيَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْلِ الأَلِفِ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْفَتْحَةَ مِنَ الأَلِفِ، وَالأَلِفُ بَعِيدَةٌ مِنْ مَخْرَجِ الْوَاوِ، فَلَوْ نَحَوْتَ بِالْفَتْحَةِ فِي: دَعَا، وَدَنَا، وَنَحْوِهِمَا، وَقَالَ، وَخَلاَ، وَنَحْوِهِمَا، نَحْوَ الضَّمَّةِ، لِتُقَرِّبَ الأَلِفَ نَحْوَ الْوَاوِ، الَّتِي هِيَ أَصْلُهَا لَجَمَعْتَ بَيْنَ طَرَفَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ، الْفَتْحَةُ مِنَ الأَلِفِ، وَالضَّمَّةُ مِنَ الْوَاوِ، وَهَذَا بَعِيدٌ قَبِيحٌ فِي الْجَوَازِ، وَعَلَى مَنْعِهِ أَكْثَرُ الْعَرَبِ.
«3» فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ جَازَ فِي إِمَالَةِ ذَوَاتِ الْيَاءِ أَنْ يُنَحَّى بِالْفَتْحَةِ نَحْوَ الْكَسْرَةِ، لِتُقَرِّبَ الأَلِفَ نَحْوَ الْيَاءِ، لِتَدُلَّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الأَلِفِ الْيَاءُ، وَالْفَتْحَةُ مِنَ الأَلِفِ، وَالْكَسْرَةُ مِنَ الْيَاءِ. فَالْجَوَابُ أَنَّ الأَلِفَ أَقْرَبُ إِلَى الْيَاءِ فِي الْمَخْرَجِ مِنْهَا إِلَى الْوَاوِ، لأَنَّ الْوَاوَ مِنَ الشَّفَتَيْنِ، وَالْيَاءَ مِنْ وَسَطِ اللِّسَانِ، فَالْيَاءُ قَرِيبَةٌ مِنَ الأَلِفِ، وَالْكَسْرَةُ مِنَ الْيَاءِ، فَحَسُنَ أَنْ تُقَرِّبَ الْفَتْحَةَ، الَّتِي هِيَ مِنَ الأَلِفِ، إِلَى الْكَسْرَةِ، الَّتِي هِيَ مِنَ الْيَاءِ، لِتُقَرِّبَ الأَلِفَ الَّتِي بَعْدَ الْفَتْحَةِ، إِلَى الْيَاءِ الَّتِي هِيَ أَصْلُهَا، لِقُرْبِ مَا بَيْنَ الأَلِفِ وَالْيَاءِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ فِي الضَّمَّةِ مَعَ الْفَتْحَةِ لِبُعْدِ الْوَاوِ مِنَ الأَلِفِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الأَلِفَ تُؤَاخِي الْيَاءَ فِي الْخِفَّةِ، وَتَبْعُدُ مِنَ الْوَاوِ لِثِقَلِ الْوَاوِ، فَحَسُنَ تَقْرِيبُ الْفَتْحَةِ الَّتِي هِيَ مِنَ الأَلِفِ الَى الْكَسْرَةِ، الَّتِي هِيَ مِنَ الْيَاءِ، لِمُؤَاخَاةِ الأَلِفِ الْيَاءَ فِي الْخِفَّةِ، وَبُعْدُ ذَلِكَ مِنَ الْوَاوِ لِبُعْدِ الْوَاوِ مِنَ الأَلِفِ فِي الثِّقَلِ.
«4» وَعِلَّةٌ أُخْرَى فِي مَنْعِ إِمَالَة ذَوَاتِ الْوَاوِ، وَذَلِكَ أَنَّكَ لَوْ قَرَّبْتَ الْفَتْحَةَ نَحْوَ الضَّمَّةِ فِي: دَنَا وَدَعَا، وَشِبْهِهِمَا، لِتُقَرِّبَ الأَلِفَ نَحْوَ الْوَاوِ، الَّتِي هِيَ الأَصْلُ، لَوَجَبَ كَوْنُ وَاوٍ مُتَطَرِّفَةٍ قَبْلَهَا حَرَكَةٌ، وَذَلِكَ لاَ يُوجَدُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ، لَيْسَ فِي الْكَلاَمِ وَاوٌ مُتَطَرِّفَةٌ مَلْفُوظٌ بِهَا قَبْلَهَا حَرَكَةٌ.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/380]
«5» فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ أَجَازُوا إِمَالَةَ ذَوَاتِ الْوَاوِ فِي «دَحَاهَا، وَطَحَاهَا، وَتَلاهَا، وَسَجَى»؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهَا أُمِيلَتْ لِتَدُلَّ الإِمَالَةُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الأَلِفَ الَّتِي أَصْلُهَا الْوَاوُ، قَدْ تَعُودُ يَاءً فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ إِذَا قُلْتَ: دُحِيَ، وَطُحِيَ، وَتُلِيَ، وَسُجِيَ، وَالإِمَالَةُ فِي ذَلِكَ قَلِيلَةٌ بَعِيدَةٌ، وَإِنَّمَا تُمِيلُ الأَلِفَ قَبْلَهَا إِلَى نَحْوِ الْيَاءِ الَّتِي قَدْ تَرْجِعُ الأَلِفُ إِلَيْهَا فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ، لَيْسَ تُمِيلُ الأَلِفَ فِيهَا نَحْوَ الْوَاوِ، وَإِنَّمَا أَمَالَ هَذِهِ الأَفْعَالَ الْكِسَائِيُّ وَحْدَهُ لِيُتْبِعَهَا فِي الإِمَالَةِ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، لِتَتَّفِقَ أَلْفَاظُ أَوَاخِرِ الآيِ فِي الإِمَالَةِ، مَعَ جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَهُ، لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا.
«6» فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ أَمَالُوا الْعَيْنَ مِنْ «خَافَ» وَأَصْلُهَا الْوَاوُ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ إِمَالَةَ هَذَا قَلِيلَةٌ، لَمْ يُمِلْهُ غَيْرُ حَمْزَةَ، وَإِنَّمَا أَمَالَهُ لِيَدُلَّ بِالإِمَالَةِ عَلَى فَتْحَةِ الْخَاءِ، عَلَى أَنَّ الْخَاءَ قَدْ تُكْسَرُ فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ، فِي قَوْلِكَ: خِفْتُ، وَقِيلَ: أَمَالَهُ لِيَدُلَّ بِالإِمَالَةِ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْعَيْنِ الْكَسْرُ، إِذْ أَصْلُ «خَافَ» «خَوِفَ» عَلَى «فَعِلَ».
«7» فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ أَمَالَ حَمْزَةُ [وَالْكِسَائِيُّ] (الرِّبَا، وَضُحَاهَا، وَضُحَى وَهُنَّ مِنَ الْوَاوِ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُمَا [إِنَّمَا] أَمَالاَ عَلَى لُغَةٍ لِلْعَرَبِ، يُثَنُّونَ مَا كَانَ مِنَ الأَسْمَاءِ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، مَكْسُورَ الأَوَّلِ أَوْ مَضْمُومَهُ بِالْيَاءِ، فَلَمَّا جَازَ تَثْنِيَتُهُ بِالْيَاءِ جَازَ إِمَالَتُهُ، كَمَا يُجِيزَانِ إِمَالَةَ كُلِّ مَا يُثَنَّى بِالْيَاء مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، نَحْوُ «مُنْتَهَى، وَمُفْتَرَى، وَهُدَى» وَشِبْهِهِ. وَقِيلَ: إِنَّمَا أَمَالاَ هَذَا مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، لأَنَّ أَلِفَهُ قَدْ تَرْجِعُ إِلَى الْيَاءِ فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ، نَحْوَ تَصْغِيرِكَ إِيَّاهَا تَقُولُ فِيهِ: ضُحَيٌّ وَرُبَيٌّ، وَالإِمَالَةُ فِي هَذَا قَلِيلَةٌ بَعِيدَةٌ فِي الْجَوَازِ، فَافْهَمْهُ، وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي بَيَانِ هَذَا الصِّنْفِ جُمَلاً كَافِيَةً، وَهَذِهِ زِيَادَةٌ إِلَيْهَا مُقْنِعَةٌ، نَفَعَ اللَّهُ بِهَا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/381]

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 04:03 PM

بَابٌ نَذْكُرُ فِيهِ التَّكْبِيرَ
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (بَابٌ نَذْكُرُ فِيهِ التَّكْبِيرَ
«1» تَفَرَّدَ ابْنُ كَثِيرٍ، فِي رِوَايَةِ الْبَزِّيِّ عَنْهُ خَاصَّةً، بِالتَّكْبِيرِ فِي الابْتِدَاءِ بِكُلِّ سُورَةٍ مِنْ خَاتِمَةِ {وَالضُّحَى}، تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. {أَلَمْ نَشْرَحْ}. وَكَذَلِكَ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ إِلَى أَوَّلِ الْحَمْدِ.
ثُمَّ تَقْرَأُ بِالْحَمْدِ. فَإِذَا تَمَّ لَمْ يُكَبِّرْ، وَابْتَدَأَ بِالْبَقَرَةِ، مِنْ غَيْرِ تَكْبِيرٍ، فَقَرَأَ مِنْهَا خَمْسَ آيَاتٍ.
«2» وَرُوِيَ عَنِ الْبَزِّيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي تَكْبِيرِهِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَبِالأَوَّلِ قَرَأْتُ [لَهُ] مِنْ خَاتِمَةِ {وَالضُّحَى} عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
وَحُجَّتُهُ فِي التَّكْبِيرِ أَنَّهَا رِوَايَةٌ نَقَلَهَا عَنْ شُيُوخِهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فِي الْخَتْمِ،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/391]
يَجْعَلُونَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي تَعْظِيم اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، مَعَ التِّلاَوَةِ لِكِتَابِهِ، وَالتَّبَرُّكِ بِخَتْمِ وَحْيِهِ وَتَنْزِيلِهِ، وَالتَّنْزِيهِ لَهُ مِنَ السُّوءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}
«الْمُدَّثِّرِ 3»، وَلِقَوْلِهِ: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} «الْبَقَرَةِ 185»، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} «الإِسْرَاءِ 111» وَقَوْلِهِ: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} «الْعَنْكَبُوتِ 45»، وَقَوْلِهِ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} «الْحِجْرِ 98» وَقَوْلِهِ: {فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} «الطُّورِ 49» فَأَمَرَ نَبِيَّهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ بِتَكْبِيرِهِ وَتَنْزِيهِهِ.
«3» وَحُجَّتُهُ فِي الابْتِدَاءِ، فِي آخِرِ خَتْمَتِهِ بِخَمْسِ آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ، أَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى حَدِيثٍ صَحِيحٍ مَرْوِيٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ: (أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ. فَقَالَ: ((الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ)). يَعْنِي الَّذِي يَرْتَحِلُ مِنْ خَتْمَةٍ [أَتَمَّهَا]، وَيَحِلُّ فِي خَتْمَةٍ أُخْرَى، أَيْ: يَفْرَغُ مِنْ خَتْمَةٍ وَيَبْتَدِئُ بِأُخْرَى، وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكَ أَهْلَ بَلَدِهِ بِمَكَّةَ. وَرُوِيَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَانُوا يُكَبِّرُونَ فِي آخِرِ كُلِّ خَتْمَةٍ مِنْ خَاتِمَةِ {وَالضُّحَى} لِكُلِّ الْقُرَّاءِ، لابْنِ
كَثِيرٍ وَغَيْرِهِ، سُنَّةً نَقَلُوهَا عَنْ شُيُوخِهِمْ، لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْقُرَّاءِ أَنْ يُكَبِّرَ فِي قِرَاءَةِ الْبَزِّيِّ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ خَاصَّةً وَبِذَلِكَ قَرَأْتُ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/392]

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 04:04 PM

بَابٌ فِي تَرْتِيبِ وَصْلِ التَّكْبِيرِ بِآخِرِ السُّوَرِ
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (بَابٌ فِي تَرْتِيبِ وَصْلِ التَّكْبِيرِ بِآخِرِ السُّوَرِ
«1» اعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ آخِرُ السُّورَةِ مَخْفُوضًا، وَوَصَلْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، رَقَّقْتَ اللاَّمَ مِنِ اسْمِ «اللَّهِ» جَلَّ ذِكْرُهُ، وَتَرَكْتَ الْمَخْفُوضَ عَلَى حَالِهِ، نَحْوُ: {النَّاسِ}، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَ{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، اللَّهُ أَكْبَرُ. فَإِنْ كَانَ آخِرُ السُّورَةِ مَفْتُوحًا أَوْ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/392]
مَضْمُومًا فَخَّمْتَ اللاَّمَ مِنِ اسْمِ «اللَّهِ» جَلَّ ذِكْرُهُ، وَتَرَكْتَ الْمَضْمُومَ وَالْمَفْتُوحَ عَلَى حَالِهِ، نَحْوُ: {الْحَاكِمِينَ}، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَنَحْوُ: {خَشِيَ رَبَّهُ}، اللَّهُ أَكْبَرُ. فَإِنْ كَانَ آخِرُ السُّورَةِ سَاكِنًا، تَنْوِينًا أَوْ غَيْرَهُ،
كَسَرْتَهُ، وَرَقَّقْتَ اللاَّمَ مِنِ اسْمِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، نَحْوُ: {فَارْغَبْ}، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَنَحْوُ: {حَامِيَةٌ}، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَ{مَسَدٍ}، اللَّهُ أَكْبَرُ. وَذَلِكَ أَنْ تَصِلَ التَّكْبِيرَ بِآخِرِ
السُّورَةِ. وَلَكَ أَنْ تَقِفَ عَلَى آخِرِ السُّورَةِ وَقْفًا خَفِيفًا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ وَتَبْتَدِئَ بِالتَّكْبِيرِ. وَلَكَ أَنْ تَقِفَ عَلَى آخِرِ السُّورَةِ وَقْفًا مُنْقَطِعًا، ثُمَّ تَبْتَدِئَ بِالتَّكْبِيرِ. وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَصِلَ التَّكْبِيرَ بِآخِرِ السُّورَةِ، وَتَقِفَ عَلَيْهِ. وَلاَ لَكَ أَنْ تَقِفَ عَلَى التَّسْمِيَةِ دُونَ أَوَّلِ السُّورَةِ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ.
«2» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ أَتَيْنَا عَلَى مَا شَرَطْنَا، وَاخْتَصَرْنَا الْكَلاَمَ فِي الْعِلَلِ غَايَةَ مَا قَدَرْنَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ نَكُونَ قَدْ أَخْلَلْنَا بِعِلَّةٍ، أَوْ تَرَكْنَا حُجَّةً مَشْهُورَةً، وَأَوْجَزْنَا الْعِلَلَ خَوْفَ التَّطْوِيلِ، وَاخْتَصَرْنَا ذِكْرَ قِرَاءَةِ التَّابِعِينَ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْقُرَّاءِ، لِئَلاَّ يَطُولَ الْكِتَابُ فَيُعْجَزُ عَنْ نَسْخِهِ، وَيَحْدُثُ الْمَلَلُ فِي قِرَاءَتِهِ. وَلَوْ تَقَصَّيْنَا جَمِيعَ الْعِلَلِ وَالْحُجَجِ فِي كُلِّ حَرْفٍ، وَذَكَرْنَا قِرَاءَةَ التَّابِعِينَ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ لِكُلِّ حَرْفٍ، وَجَاوَبْنَا عَنْ كُلِّ اعْتِرَاضٍ يُمْكِنُ أَنْ يَعْتَرِضَ بِهِ مُعْتَرِضٌ، لَصَارَ الْكِتَابُ أَمْثَالَهُ، وَلَطَالَ الْكَلاَمُ، وَعَظُمَ الشَّرْحُ، وَلَكِنْ قَدْ ذَكَرْنَا مَا فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كِفَايَةً لِمَنْ فَهِمَ إِشَارَتِي وَتَعْلِيلِي، أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لاَ يَحْرِمَنَا الأَجْرَ عَلَى مَا تَكَلَّفْنَا مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْ لاَ يُضِيعَ الْعَنَاءَ، وَأَنْ يَرْحَمَنَا بِالْقُرْآنِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِهِ، وَمِنْ أَتْبَاعِهِ، الْعَامِلِينَ بِمَا فِيهِ، وَالْقَائِمِينَ بِحَقِّهِ، التَّالِينَ لَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ، وَعَلَى آلِهِ، وَالنَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/393]
أَجْمَعِينَ، وَعَلَى أَهْلِ طَاعَتِهِ، وَأَوْلِيَائِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/394]

جمهرة علوم القرآن 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م 04:04 PM

الخاتمة
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (تَمَّ الْكِتَابُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَهُوَ كِتَابُ «الْكَشْفِ عَنْ وُجُوهِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ»، وَهُوَ شَرْحُ كِتَابِ «التَّبْصِرَةِ».
وَكَتَبَهُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَى عَفْوِهِ وَرَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، الرَّاجِي مِنْهُ سُبْحَانَهُ، مَغْفِرَةَ ذُنُوبِهِ، لَطَفَ اللَّهُ بِهِ وَعَامَلَهُ بِفَضْلِهِ، بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ زَادَهَا اللَّهُ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا، وَفَرَغَ مِنْهُ فِي الثَّامِنِ لِشَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ الْمُبَارَكِ عَرَّفَ اللَّهُ بَرَكَتَهُ، عَامَ خَمْسَةٍ وَثَلاثِينَ وَأَرْبَعَمِائَةٍ، فَرَحِمَ اللَّهُ كَاتِبَهُ وَالآمِرَ بِكَتْبِهِ وَقَارِئَهُ، وَلِمَنْ دَعَا لَهُمَا وَلِوَالِدَيْهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ
أَجْمَعِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/394]


الساعة الآن 02:37 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة