العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الثاني 1434هـ/21-02-2013م, 11:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (5) إلى الآية (6) ]

تفسير سورة النساء
[ من الآية (5) إلى الآية (6) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (5) وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا (6)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 02:58 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني سفيان الثوري، عن حميد بن قيس، عن مجاهد في قول الله: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم}، قال: « هم النساء ». [الجامع في علوم القرآن: 1/93]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدّثني ابن زيد عن أبيه قال: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم}، قال: لا يعطون دارا ولا عبدا فيستهلكوه). [الجامع في علوم القرآن: 2/167]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن في قوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما قال السفهاء ابنك السفيه وامرأتك السفيهة وقوله قياما قال قيام عيشك وقد ذكر أن النبي قال اتقوا الله في الضعيفين اليتيم والمرأة). [تفسير عبد الرزاق: 1/146]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن حميدٍ الأعرج عن مجاهدٍ: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} قال: النساء.
سفيان الثوري عن أبي عمرٍو عن مسلمٍ البطين عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: المرأة قال: تقول أريد مرطا بكذى أريد شيئا بكذى أو تقول هي أسفه السّفهاء.
سفيان الثوري عن رجلٍ عن الضّحّاك في قول اللّه: {الّتي جعل اللّه لكم قياما} قال: « لدينك ومعيشتك». [تفسير الثوري: 88]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): قوله تعالى: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل الله لكم قيامًا}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا أبو حرّة، وأنا يونس، عن الحسن - في قوله عزّ وجلّ: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} - قال: «السّفهاء: الصّغار، والنّساء من السفهاء ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عون بن موسى، قال: سمعت معاوية بن (قرّة) يقول: عودوا النّساء، فإنّها سفيهةٌ، إن أطعتها أهلكتك). [سنن سعيد بن منصور: 3/1150-1151]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : قال ابن عبّاسٍ: « يستنكف: يستكبر، قوامًا: قوامكم من معايشكم». [صحيح البخاري: 6/42] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله قوامًا قوامكم من معايشكم هكذا وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ ووصله الطّبريّ من هذا الوجه بلفظ لا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قياما يعني قوامكم من معايشكم يقول لا تعمد إلى مالك الّذي جعله اللّه لك معيشةً فتعطيه امرأتك ونحوها وقوله قيامًا القراءة المشهورة بالتّحتانيّة بدل الواو لكنهما بمعنًى قال أبو عبيدة يقال قيام أمركم وقوام أمركم والأصل بالواو فأبدلوها ياءً لكسرة القاف قال بعض الشّرّاح فأورده المصنّف على الأصل قلت ولا حاجة لذلك لأنّه ناقل لها عن بن عبّاسٍ وقد ورد عنه كلا الأمرين وقيل أنّها أيضا قراءة بن عمر أعني بالواو وقد قرئ في المشهور عن أهل المدينة أيضًا قيمًا بلا ألفٍ وفي الشّواذّ قراءاتٌ أخرى وقال أبو ذرٍّ الهرويّ قوله قوامكم إنّما قاله تفسيرًا لقوله قيامًا على القراءة الأخرى قلت ومن كلام أبي عبيدة يحصل جوابه). [فتح الباري: 8/237-238]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن أبي حاتم حدثني أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية عن علّي عن ابن عبّاس في قوله قواما قال قوامكم من معايشكم). [تغليق التعليق: 4/193]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قواما قوامكم من معايشكم
أشار بهذا إلى قراءة ابن عمر في قوله تعالى: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل الله لكم قياما} حيث قرأ: قواما ثمّ فسره بقوله: قوامكم معايشكم، يعني القيام معًا يقيم به النّاس معايشهم، وكذلك القوام، وهذا التّعليق وصله ابن أبي حاتم عن أبيه حدثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس). [عمدة القاري: 18/162]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (قوامًا قوامكم من معايشكم) بكسر القاف وبعدها واو والتلاوة بالياء التحتية إذ مراده {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا} قيل لم يقصد المؤلّف بها التلاوة بل حذف الكلمة القرآنية وأشار إلى تفسيرها، وقد قال أبو عبيدة قيامًا وقوامًا بمنزلة واحدة تقول هذا قوام أمرك وقيامه أي ما يقوم به أمرك، والأصل بالواو فأبدلوها بكسرة القاف ونقل أنها بالواو وقراءة ابن عمر -رضي الله عنهما-). [إرشاد الساري: 7/74]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى}
قوله: (قواماً الخ): بكسر القاف بعدها واو، والتلاوة بالياء التحتية إذ مراده، ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً، ولم يقصد المؤلف بها التلاوة، بل حذف الكلمة القرآنية، وأشار إلى تفسيرها). [حاشية السندي على البخاري: 3/46] (م)
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً} وقالوا: لمّا نزلت: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيراً} قال: فارقهم المسلمون وفرقوا من ذلك فرقًا شديدًا حتّى عزلوا طعامهم من طعامهم، وشرابهم من شرابهم، وآنيتهم من آنيتهم، قال: فأضرّ ذلك بالأيتام، فنزلت {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاحٌ لهم خيرٌ وإن تخالطوهم فإخوانكم واللّه يعلم المفسد من المصلح} إنّ اللّه لا يخفى عليه الّذين يريدون الإصلاح لهم والإفساد عليهم، قال: فرجعوا فخالطوهم كما كانوا يخالطونهم).[جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 80]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفًا}.
اختلف أهل التّأويل في السّفهاء الّذين نهى اللّه جلّ ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم، فقال بعضهم: «هم النّساء والصّبيان ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: اليتامى والنّساء.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن يونس، عن الحسن في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء} أموالكم قال: «لا تعطوا الصّغار والنّساء».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن يونس، عن الحسن، قال: «المرأة والصّبيّ ».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن أبي حرة، عن أبي حمزة، عن الحسن قال: النّساء والصّغار، والنّساء أسفه السّفهاء.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: السّفهاء: ابنك السّفيه وامرأتك السّفيهة، وقد ذكر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: « اتّقوا اللّه في الضّعيفين: اليتيم، والمرأة ».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ قال: حدّثنا حميد بن عبد الرّحمن الرّؤاسيّ، عن السّدّيّ قال: يردّه إلى عبد اللّه قال: النّساء والصّبيان.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} أمّا السّفهاء: « فالولد والمرأة ».
- حدّثت عن الحسين بن الفرح، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك، قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} يعني بذلك: «ولد الرّجل وامرأته، وهي أسفه السّفهاء ».
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: السّفهاء: « الولد والنّساء أسفه السّفهاء، فيكونوا عليكم أربابًا».
- حدّثنا أحمد بن حازمٍ الغفاريّ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك، قال: «أولادكم ونساؤكم ».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا أبي، عن سلمة، عن الضّحّاك، قال: « النّساء والصّبيان ».
- حدّثنا أحمد بن حازمٍ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن حميدٍ الأعرج، عن مجاهدٍ: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: «النّساء والولد ».
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عنية، عن الحكم: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: « النّساء والولد ».
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا} أمر اللّه بهذا المال أن يخزن فيحسن خزانته، ولا يملّكه المرأة السّفيهة والغلام السّفيه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن إسماعيل، عن أبي مالكٍ، قال: « النّساء والصّبيان ».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: امرأتك وبنيك، وقال: السّفهاء: « الولدان والنّساء أسفه السّفهاء».
وقال آخرون: بل السّفهاء: « الصّبيان خاصّةً ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: «هم اليتامى ».
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ، قال: {السّفهاء} «اليتامى».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} يقول: «لا تنحلوا الصّغار» وقال آخرون: «بل عنى بذلك السّفهاء من ولد الرّجل».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا سعيد بن يحيى الأمويّ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ عن أبي مالكٍ، قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: «لا تعط ولدك السّفيه مالك فيفسده الّذي هو قوامك بعد اللّه تعالى ».
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} يقول: لا تسلّط السّفيه من ولدك، فكان ابن عبّاسٍ يقول: «نزل ذلك في السّفهاء، وليس اليتامى من ذلك في شيءٍ ».
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن فراسٍ، عن الشّعبيّ، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريّ، أنّه قال: ثلاثةٌ يدعون اللّه فلا يستجيب لهم: رجلٌ كانت له امرأةٌ سيّئة الخلق فلم يطلّقها، ورجلٌ أعطى ماله سفيهًا وقد قال اللّه: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم}، ورجلٌ كان له على رجلٍ دينٍ، فلم يشهد عليه.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سمعت ابن زيدٍ: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} الآية، قال: « لا تعط السّفيه من ولدك رأسًا ولا حائطًا ولا شيئًا هو لك قيّمًا من مالك ».
وقال آخرون: « بل السّفهاء في هذا الموضع النّساء خاصّةً دون غيرهم ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: «زعم حضرميّ أنّ رجلاً عمد فدفع ماله إلى امرأته فوضعته في غير الحقّ»، فقال اللّه تبارك وتعالى: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن حميدٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: «النّساء ».
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن الثّوريّ، عن حميد بن قيسٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: «هنّ النّساء ».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تبارك وتعالى: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا} قال: «نهى الرّجال أن يعطوا النّساء أموالهم، وهنّ سفهاء من كنّ أزواجًا أو أمّهاتٍ أو بناتٍ».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا هشامٌ، عن الحسن، قال: « المرأة ».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، قال: « النّساء من أسفه السّفهاء ».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن أبي عوانة، عن عاصمٍ، عن مورّقٍ، قال: مرّت امرأةٌ بعبد اللّه بن عمر لها شارةٌ وهيئةٌ، فقال لها ابن عمر: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا}.
والصّواب من القول في تأويل ذلك عندنا أنّ اللّه جلّ ثناؤه عمّ بقوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} فلم يخصّص سفيهًا دون سفيهٍ، فغير جائزٍ لأحدٍ أن يؤتي سفيهًا ماله صبيًّا صغيرًا كان أو رجلاً كبيرًا ذكرًا كان أو أنثًى، والسّفيه الّذي لا يجوز لوليّه أن يؤتيه ماله، هو المستحقّ الحجر بتضييعه ماله وفساده وإفساده وسوء تدبيره ذلك.
وإنّا قلنا ما قلنا من أنّ المعنيّ بقوله: {ولا تؤتوا السّفهاء} هو من وصفنا دون غيره، لأنّ اللّه جلّ ثناؤه قال في الآية الّتي تتلوها: {وابتلوا اليتامى حتّى إذا بلغوا النّكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم} فأمر أولياء اليتامى بدفع أموالهم إليهم إذا بلغوا النّكاح وأونس منهم الرّشد، وقد يدخل في اليتامى الذّكور والإناث، فلم يخصّص بالأمر بدفع ما لهم من الأموال الذّكور دون الإناث، ولا الإناث دون الذّكور
وإذا كان ذلك كذلك بمعلومٍ أنّ الّذين أمر أولياؤهم بدفعهم أموالهم إليهم، وأجيز للمسلمين مبايعتهم، ومعاملتهم غير الّذين أمر أولياؤهم بمنعهم أموالهم، وحظر على المسلمين مداينتهم ومعاملتهم.
فإذا كان ذلك كذلك، فبيّنٌ أنّ السّفهاء الّذين نهى اللّه المؤمنين أن يؤتوهم أموالهم، هم المستحقّون الحجر، والمستوجبون أن يولّى عليهم أموالهم، وهم من وصفنا صفتهم قبل، وأنّ من عدا ذلك، فغير سفيهٍ، لأنّ الحجر لا يستحقّه من قد بلغ، وأونس رشده.
وأمّا قول من قال: عنى بالسّفهاء النّساء خاصّةٌ، فإنّه جعل اللّغة على غير وجهها، وذلك أنّ العرب لا تكاد تجمع فعيلاً على فعلاء، إلاّ في جمع الذّكور، أو الذّكور والإناث؛ وأمّا إذا أرادوا جمع الإناث خاصّةً لا ذكران معهم، جمعوه على فعائل وفعيلاتٍ، مثل غريبةٍ تجمع غرائب وغريباتٍ؛ فأمّا الغرباء فجمع غريبٍ.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا وارزقوهم فيها واكسوهم} فقال بعضهم: عنى بذلك: لا تؤتوا السّفهاء من النّساء والصّبيان على ما ذكرنا من اختلاف من حكينا قوله قبل أيّها الرّشداء أموالكم الّتي تملكونها، فتسلّطوهم عليها فيفسدوها ويضيّعوها، ولكن ارزقوهم أنتم منها، إن كانوا ممّن تلزمكم نفقته، واكسوهم، وقولوا لهم قولاً معروفًا.
وقد ذكرنا الرّواية عن جماعةٍ ممّن قال ذلك: منهم أبو موسى الأشعريّ، وابن عبّاسٍ، والحسن، ومجاهدٌ، قتادة، وحضرميّ، وسنذكر قول الآخرين الّذين لم يذكر قولهم فيما مضى قبل.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولا تؤتوا السّفهاء} أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا وارزقوهم فيها يقول: لا تعط امرأتك وولدك مالك فيكونوا هم الّذين يقومون عليك، وأطعمهم من مالك واكسهم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ: {ولا تؤتوا السّفهاء} أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفًا يقول: «لا تسلّط السّفيه من ولدك على مالك، وأمره أن يرزقه منه وتكسوه ».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: «لا تعط السّفيه من مالك شيئًا هو لك».
وقال آخرون: بل معنى ذلك: « ولا تؤتوا السّفهاء أموالهم؛ ولكنّه أضيف إلى الولاة لأنّهم قوّامها ومدبّروها ».
- ذكر من قال ذلك:


- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء} قال: هم اليتامى {أموالكم} قال: أموالهم بمنزلة قوله: {ولا تقتلوا أنفسكم}.
وأولى القوال بتأويل ذلك أن يقال إن الله عز نهى المؤمنين أن يؤتوا السفهاء أموالهم وقد يدخل في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} أموال المنهيّين عن أن يؤتوهم ذلك، وأموال السّفهاء لأنّ قوله: {أموالكم} غير مخصوصٍ منها بعض الأموال دون بعضٍ، ولا تمنع العرب أن تخاطب قومًا خطابًا، فيخرج الكلام بعضه خبرٌ عنهم وبعضه عن غيبٍ، وذلك نحو أن يقولوا: أكلتم يا فلان أموالكم بالباطل فيخاطب الواحد خطاب الجمع بمعنى أنّك وأصحابك، أو وقومك أكلتم أموالكم فكذلك قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء} معناه: «لا تؤتوا أيّها النّاس سفهاءكم أموالكم الّتي بعضها لكم وبعضها لهم، فتضيّعوها ».
وإذ كان ذلك كذلك، وكان اللّه تعالى ذكره قد عمّ بالنّهي عن إيتاء السّفهاء الأموال كلّها، ولم يخصّص منها شيئًا دون شيءٍ، كان بيّنًا بذلك أنّ معنى قوله: {الّتي جعل اللّه لكم قيامًا} إنّما هو الّتي جعل اللّه لكم ولهم قيامًا، ولكنّ السّفهاء دخل ذكرهم في ذكر المخاطبين بقوله: {لكم}.
وأمّا قوله: {الّتي جعل اللّه لكم قيامًا} فإنّه يعنى التي بها تقوم قيامًا وقيمًا وقوامًا في معنًى واحدٍ، وإنّما القيام أصله القوام، غير أنّ القاف الّتي قبل الواو لمّا كانت مكسورةً، جعلت الواو ياءً لكسرة ما قبلها، كما يقال: صمت صيامًا، وحلت حيالاً، ويقال منه: فلانٌ قوام أهل بيته، وقيام أهل بيته.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأ بعضهم: (الّتي جعل اللّه لكم قيمًا) بكسر القاف وفتح الياء بغير ألفٍ، وقرأه آخرون: {قيامًا} بألفٍ، قال محمّدٌ: والقراءة الّتي نختارها: {قيامًا} بالألف؛ لأنّها القراءة المعروفة في قراءة أمصار الإسلام، وإن كانت الأخرى غير خطأٍ ولا فاسدٍ، وإنّما اخترنا ما اخترنا من ذلك، لأنّ القراءات إذا اختلفت في الألفاظ واتّفقت في المعاني، فأعجبها إلينا ما كان أظهر وأشهر في قراءة أمصار الإسلام.
وبنحو الّذي قلناه في تأويل قوله: {قيامًا} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا سعيد بن يحيى الأمويّ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي مالكٍ: {أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا} الّتي هي قوامك بعد اللّه.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا} فإنّ المال هو قيام النّاس قوام معايشهم، يقول: كن أنت قيّم أهلك، فلا تعط امرأتك وولدك مالك، فيكونوا هم الّذين يقومون عليك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا} يقول اللّه سبحانه: لا تعمد إلى مالك وما خوّلك اللّه وجعله لك معيشةً، فتعطيه امرأتك أو بنيك ثمّ تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن أمسك مالك وأصلحه، وكن أنت الّذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم ومؤنتهم قال: وقوله: {قيامًا} بمعنى قوامكم في معايشكم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، قوله: {قيامًا} قال: قيام عيشك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا بكر بن شرودٍ، عن بن مجاهدٍ، أنّه قرأ: {الّتي جعل اللّه لكم قيامًا} بالألف، يقول: «قيام عيشك».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا} قال: لا تعط السّفيه من ولدك شيئًا هو لك قيمٌ من مالك وأمّا قوله: {وارزقوهم فيها واكسوهم}.
فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في تأويله؛ فأمّا الّذين قالوا: إنّما عنى اللّه جلّ ثناؤه بقوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} أموال أولياء السّفهاء، لا أموال السّفهاء، فإنّهم قالوا: معنى ذلك: «وارزقوا أيّها النّاس سفهاءكم من نسائكم وأولادكم من أموالكم طعامهم، وما لا بدّ لهم منه من مؤنتهم وكسوتهم».
وقد ذكرنا بعض قائلي ذلك فيما مضى، وسنذكر من لم يذكر من قائليه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: «أمروا أن يرزقوا سفهاءهم من أزواجهم وأمّهاتهم وبناتهم من أموالهم ».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ قوله: {وارزقوهم} قال: يقول: « أنفقوا عليهم ».
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وارزقوهم فيها واكسوهم} يقول: أطعمهم من مالك واكسهموأمّا الّذين قالوا: إنّما عنى بقوله: {ولا تؤتوا السّفهاء} أموالكم أموال السّفهاء أن لا يؤتيهموها أولياؤهم، فإنّهم قالوا: معنى قوله: {وارزقوهم فيها واكسوهم} وارزقوا أيّها الولاة ولاة أموال سفهاءكم من أموالهم، طعامهم وما لا بدّ لهم من مؤنهم وكسوتهم. وقد مضى ذكر ذلك.
قال أبو جعفرٍ: وأمّا الّذي نراه صوابًا في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} من التّأويل، فقد ذكرناه، ودلّلنا على صحّة ما قلنا في ذلك بما أغنى عن إعادته.
فتأويل قوله: {وارزقوهم فيها واكسوهم} على التّأويل الّذي قلنا في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} وألّفوا على سفهائكم من أولادكم ونسائكم الّذين تجب عليكم نفقتهم في طعامهم وكسوتهم من أموالكم، ولا تسلّطوهم على أموالكم فيهلكوها، وعلى سفهائكم منهم ممّن لا تجب عليكم نفقته، ومن غيرهم الّذين تلون أنتم أمورهم من أموالهم فيما لا بدّ لهم من مؤنهم في طعامهم وشرابهم وكسوتهم؛ لأنّ ذلك هو الواجب من الحكم في قول جميع الحجّة، لا خلاف بينهم في ذلك مع دلالة ظاهر التّنزيل على ما قلنا في ذلك). [جامع البيان: 6/388-401]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقولوا لهم قولاً معروفًا}.
قال أبو جعفرٍ: اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: «معنى ذلك عدهم عدةً جميلةً من البرّ والصّلة ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وقولوا لهم قولاً معروفًا} قال: أمروا أن يقولوا لهم قولاً معروفًا في البرّ والصّلة، يعني النّساء وهنّ السّفهاء عنده.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وقولوا لهم قولاً معروفًا} قال: عدةٌ تعدونهم
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ادعوا لهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وقولوا لهم قولاً معروفًا} إن كان ليس من ولدك، ولا ممّن يجب عليك أن تنفق عليه، فقل لهم قولا معروفًا قل له: عافانا اللّه وإيّاك، وبارك اللّه فيك
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصّحّة، ما قاله ابن جريجٍ، وهو أنّ معنى قوله: {وقولوا لهم قولاً معروفًا} أي قولوا يا معشر ولاة السّفهاء قولاً معروفًا للسّفهاء، إن صلحتم ورشدتم سلّمنا إليكم أموالكم وخلّينا بينكم وبينها، فاتّقوا اللّه في أنفسكم وأموالكم، وما أشبه ذلك من القول الّذي فيه حثٌّ على طاعة اللّه ونهي عن معصيته). [جامع البيان: 6/401-402]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):{ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولًا معروفًا (5)}.
قوله تعالى: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم}.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم يقول: لا تسلّط السّفيه من ولدك على مالك.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن فضيلٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي مالك ولا تؤتوا السفهاء أموالكم: «لا تعطوها أولادكم ليفسدوها».
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، ثنا حمّادٌ بن سلمة، عن يونس، عن الحسن، في هذه الآية: ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم قال: «لا تنحلوا الصّغار أموالكم ».
قوله تعالى: {السفهاء}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عمّارٍ، ثنا صدقة بن خالدٍ، ثنا عثمان بن أبي العاتكة، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «وإنّ النّساء هنّ السّفهاء إلا الّتي أطاعت قيّمها».
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا معاوية، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم قال: « هم بنوك والنّساء
» - وقال أبو محمّدٍ:
وروي عن ابن مسعودٍ والحكم بن عتيبة، والضّحّاك، والحسن قالوا: « النّساء والصّبيان».
وروي عن مجاهدٍ وعكرمة، وقتادة قالوا: النّساء.
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ وابن يمانٍ، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم }قال: « اليتامى».
[الوجه الثّالث]:
- ذكر عن مسلم بن إبراهيم، ثنا حرب بن سريجٍ، عن معاوية بن قرّة، عن أبي هريرة: ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم قال: «الخدم وهم شياطين الإنس وهم الخدم ».
قوله تعالى: {أموالكم}.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ: ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم قال: «في أموال أهليهم».
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو عامر بن برّادٍ، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: السّفهاء أموالكم قال: أموالهم قال: هو كقوله: ولا تقتلوا أنفسكم.
قوله تعالى: {الّتي جعل اللّه لكم قياماً}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: الّتي جعل اللّه لكم قياماً يعني: قوامكم من معاشكم، يقول اللّه سبحانه: لا تعمد إلى مالك وما خوّلك اللّه، وجعله لك معيشةً، فتعطيه امرأتك وبنيك، ثمّ تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن امسك مالك وأصلحه، وكنّ أنت الّذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم ومؤنتهم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن جويبرٍ عن الضّحّاك: ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قياماً قال: «عصمةٌ لدينكم وقياماً لكم» - قال أبو محمّدٍ: وروي عن أبي مالكٍ أنّه قال: «قيامك بعد اللّه ».
قوله تعالى: {وارزقوهم فيها}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: وارزقوهم فيها قال: كن أنت الّذي تنفق عليهم في كسوتهم ومؤنتهم.
قوله تعالى: {واكسوهم}.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، ثنا عمّي الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: واكسوهم قال: «أمرك أن تكسوه ».
قوله تعالى: {وقولوا لهم قولا معروفاً}.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا يحيى بن خلفٍ، ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، ثنا ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وقولوا لهم قولا معروفاً قال: في البرّ والصّلة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو عامرٍ بن برّادٍ، ثنا يحيى بن أبي بكيرٍ، ثنا شريكٌ، عن حصينٍ، عن عكرمة، وقولوا لهم قولا معروفاً: قال: رزقكم اللّه ليس أناسيّ). [تفسير القرآن العظيم: 3/862-864]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال السفهاء يعني النساء نهى الله عز وجل الرجل أن يعطوا النساء أموالهم وهن السفهاء ومن كن إن كن أزواجا أو بنات أو أمهات فأمروا أن يرزقوهم منها وأن يقولوا لهم قولا معروفا).[تفسير مجاهد: 144-145]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا شيبان عن جابر قال سألت مجاهدا عن السفهاء فقال «السفهاء من الرجال والنساء ».[تفسير مجاهد: 145]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا أبو المثنّى معاذ بن معاذٍ العنبريّ، ثنا أبي، ثنا شعبة، عن فراسٍ، عن الشّعبيّ، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريّ رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: « ثلاثةٌ يدعون اللّه فلا يستجاب لهم: رجلٌ كانت تحته امرأةٌ سيّئة الخلق فلم يطلّقها، ورجلٌ كان له على رجلٍ مالٌ فلم يشهد عليه، ورجلٌ آتى سفيهًا ماله » وقد قال اللّه عزّ وجلّ :{ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه» لتوقيف أصحاب شعبة هذا الحديث على أبي موسى وإنّما أجمعوا على سند حديث شعبة بهذا الإسناد: «ثلاثةٌ يؤتون أجرهم مرّتين» وقد اتّفقا جميعًا على إخراجه "). [المستدرك: 2/331]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير عن حضرمي، أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته فوضعته في غير الحق فقال الله: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم}.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} الآية، يقول: لا تعمد إلى مالك وما خولك الله وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك أو بنيك ثم تضطر إلى ما في أيديهم ولكن أمسك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم ومؤنتهم، قال: وقوله {قياما} يعني قوامكم من معائشكم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية يقول: لا تسلط السفيه من ولدك على مالك وأمره أن يرزقه منه ويكسوه.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس {ولا تؤتوا السفهاء} قال: «هم بنوك والنساء».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن النساء السفهاء إلا التي أطاعت قيمها».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة {ولا تؤتوا السفهاء} قال: «الخدم وهم شياطين الأنس».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن مسعد {ولا تؤتوا السفهاء} قال: «النساء والصبيان ».
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن الحسن في الآية قال: «الصغار والنساء هم السفهاء».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: «نهى الرجال أن يعطوا النساء أموالهم وهن سفهاء من كن أزواجا أو بنات أو أمهات وأمروا أن يرزقوهن فيه ويقولوا لهن قولا معروفا ».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن سعيد بن جبير {ولا تؤتوا السفهاء} قال: «اليتامى والنساء ».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} قال: هو مال اليتيم يكون عندك يقول: « لا تؤته إياه وأنفق عليه حتى يبلغ». وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {ولا تؤتوا السفهاء} قال: هم اليتامى {أموالكم} قال: أموالهم بمنزلة قوله: {ولا تقتلوا أنفسكم}.
وأخرج ابن جرير عن مورق قال: مرت امرأة بعبد الله بن عمر لها شارة وهيئة فقال لها ابن عمر {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما}.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي موسى عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد ورجل أتى سفيها ماله » وقد قال الله :{ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} وأخرجه ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي موسى موقوفا.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: «أمر الله بهذا المال أن يخزن فتحسن خزانته ولا تملكه المرأة السفيهة والغلام».
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن الحسن في قوله {قياما} قال: «قيام عيشك ».
وأخرج ابن جرير عن مجاهد، أنه قرأ {التي جعل الله لكم قياما} بالألف يقول: «قيام عيشك».
وأخرج ابن أبي حام عن الضحاك {جعل الله لكم قياما} قال: «عصمة لدينكم وقياما لكم».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس {وارزقوهم} يقول: «أنفقوا عليهم».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {وقولوا لهم قولا معروفا} قال: « أمروا أن يقولوا لهم قولا معروفا في البر والصلة».
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {وقولوا لهم قولا معروفا} قال: «عدة تعدونهم»وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {وقولوا لهم قولا معروفا} قال: «إن كان ليس من ولدك ولا ممن يجب عليك أن تنفق عليه فقل له قولا معروفا قل له عافانا الله وإياك وبارك الله فيك ». [الدر المنثور: 4/229-234]

تفسير قوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني نافع بن أبي نعيم قال: سألت يحيى بن سعيد وربيعة عن قول الله: {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف}، قال: ذلك في اليتيم، إن كان فقيرا أنفق عليه بقدر فقره، وإن كان غنيا أنفق عليه بقدر غناه، ولم يكن للوي منه شيءٌ، وما نسيت قولهما: إن كان غنيا يلحموه، ثم ذكر حديث ابن عباس في ذلك حين قال: فاشرب غير ناهك في حلب ولا مضر بنسل). [الجامع في علوم القرآن:24- 1/25]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه كان يقول في هذه الآية: {حتى إذا بلغ أشده}، قال ربيعة: الأشد الحلم؛ وتلا هذه الآية: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده}، قال ربيعة: وقال الله: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم}؛ فكان ربيعة يرى أن الأشد الحلم في هتين الآيتين). [الجامع في علوم القرآن: 2/110] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال الحسن في قول الله: {فإن آنستم منهم رشدا}، [الجامع في علوم القرآن: 2/120]
قال: رشدا في [د ....... حا] في أموالهم، فادفعوا إليهم أموالهم). [الجامع في علوم القرآن: 2/121]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدّثني ابن زيد بن أسلم عن أبيه في قول الله: {فإن آنستم منهم رشدا}، قال: «بعد الاحتلام يكون الرشد ».
قال: وقال لي مالك بن أنس مثله). [الجامع في علوم القرآن: 2/166]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت الليث يقول: يقولون: (الأشد) الحلم، لهذه الآية: {حتى بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا}، قال: « الأشد الحلم والحيضة ». [الجامع في علوم القرآن: 2/167]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة النساء: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه}؛
فنسختها آية الميراث؛ لكل امرئٍ نصيبه؛ وقال في أموال اليتامى: {من كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}؛ ثم قال لمن أكله ظلما: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً}. [الجامع في علوم القرآن: 68 - 3/69] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول في هذه الآية: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف}؛ قال أبو الزناد: كان كثير من الفقهاء يتأولون هذه الآية على غير هذا، ويقولون: لا يجوز هذا اليوم، إنما كان ذلك في أهل المواشي). [الجامع في علوم القرآن: 3/86]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة والحسن في قوله تعالى:{ وابتلوا اليتامى} قال يقول « اختبروا اليتامى فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا يقول لا تسرف فيها ولا تبادر أن يكبر ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ». [تفسير عبد الرزاق: 1/146]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الزهري عن القاسم بن محمد قال جاء رجل إلى ابن العباس فقال إن في حجري أموال يتامى وهو يستأذنه أن يصيب فيها قال ابن عباس « ألست تبغي ضالتها قال بلى قال ألست تهنئ جرباها قال بلى قال ألست تلوط حياضها قال بلى قال ألست تفرط عليها يوم وردها قال بلى قال فأصب من رسلها يعني من لبنها». [تفسير عبد الرزاق: 146 - 1/147]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرني الثوري عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن القاسم ابن محمد قال جاء أعرابي إلى ابن عباس فقال إن في حجري يتامى وإن لهم إبلا ولي إبل وأنا أمنح في إبلي وأفقر يعني ظهرها فماذا يحل لي من ألبانها قال « إن كنت تبغي ضالتها وتهنأ جرباها وتلوط حياضها وتسقي عليها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب ». [تفسير عبد الرزاق: 1/147]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن مغيرة عن إبراهيم في هذه الآية ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال ما سد الجوع ووارى العورة ليس بلبس الكتان ولا الحلل). [تفسير عبد الرزاق: 1/147]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وعن حماد عن سعيد بن جبير في قوله تعالى فليأكل بالمعروف قال هو القرض قال الثوري وقاله الحكم أيضا ألا ترى أنه يقول فإذا دفعتم إليهم أمولهم فأشهدوا عليهم يعني الوصي). [تفسير عبد الرزاق: 1/147]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (سمعت هشاما يحدث عن محمد بن سيرين عن عبيدة في قوله تعالى:{ ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قال هو عليه قرض.
أنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة مثله). [تفسير عبد الرزاق: 147 -1/148]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر سمعت هشاما يقول سألت الحسن عن قوله تعالى:{ ومن كان غنيا فليستعفف} قال ليس بقرض.
أنا ابن عيينة قال أخبرني عمرو بن دينار عن عطاء وعكرمة قالا يضع يده). [تفسير عبد الرزاق: 1/148]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر العبسي قال جاء إلى عبد الله رجل من همدان على فرس أبلق فقال إن عمي أوصى إلي بتركته وإن هذا من تركته أفأشتريه قال لا ولا تستقرض من أموالهم شيئا). [تفسير عبد الرزاق: 1/148]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة قال أخبرني عمرو بن دينار عن الحسن العرني قال: قال رجل للنبي إن في حجري يتيما أفأضربه قال مما كنت منه ضاربا ولدك قال أفأصيب من ماله قال بالمعروف غير متأثل مالا ولا واق مالك بماله
أنا معمر عن أيوب عن عمرو بن دينار عن الحسن العرني مثله أنا الثوري عن ابن أبي نجيح عن الزبير بن موسى عن الحسن العرني عن النبي مثله). [تفسير عبد الرزاق: 148 - 1/149]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن منصورٍ عن مجاهدٍ قال: {فإن آنستم منهم رشدا} قال: أن لا يخدع عن ماله ولا يسرف فيه ). [تفسير الثوري: 88]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: القرض .[تفسير الثوري: 88]
سفيان الثوري عن حمّادٍ عن سعيد بن جبير مثله.
سفيان الثوري عن المغيرة عن إبراهيم: {من كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قال: «ما سدّ الجوع ووارى العورة».
سفيان الثوري عن السّدّيّ عن من سمع ابن عبّاسٍ قال: «يأكل بأصابعه ولا يكتسي منه». [تفسير الثوري: 89]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): قوله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتّى إذا بلغوا النّكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن منصور، عن مجاهد قال: « لا يدفع إلى اليتيم ماله وإن شمط، حتّى يؤنس منه رشدًا ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشّعبي، قال: «إنّ الرّجل ليشمط وما يؤنس منه (رشدٌ) ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم - في قوله عزّ وجلّ: {فإن آنستم منهم رشدًا}، قال: « العقل ».
قوله تعالى: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، وعكرمة - في قوله عزّ وجلّ: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} -، قالا: «يضع يده ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: «يستسلفه، فإذا (أيسر) ردّه».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا مغيرة، عن إبراهيم، قال: « إنّ المعروف ليس بلبس الكتّان ولا الحلل، ولكن ما سدّ الجوع ووارى العورة ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا يعقوب بن عبد الرّحمن، عن هشام بن عروة قال: « إن كان وليّ اليتيم، أكل مكان قيامه عليه بالمعروف ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن أبي إسحاق الشّيباني، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: «يضع الوصيّ يده مع أيديهم، ولا يلبس العمامة فما فوقها».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن يحيى بن سعيدٍ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ رجلًا سأله قال: إنّ في حجري يتيمًا، أفأشرب من اللّبن؟ قال: «إن كنت تردّ نادّتها، وتلوط حوضها، وتهنأ جرباها، فاشرب غير مضرٍّ بنسلٍ، ولا ناهكٍ في حلب».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا حمّاد بن زيدٍ وسفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن الحسن العرنيّ، أنّ رجلًا قال: يا رسول اللّه، ممّ أضرب يتيمي؟ قال: «ممّا كنت ضاربًا منه ولدك»، قال: فأصيب من ماله؟ قال: « غير متأثّلٍ مالًا، ولا واقٍ مالك بماله ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا يونس ومنصورٌ، عن الحسن أنّه كان يقول في وليّ اليتيم قال: «إذا كان محتاجًا يضع يده مع يد اليتيم».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين، قال: سألت عبيدة عن قوله عزّ وجلّ: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف}، قال: هو قرضٌ، ألا ترى إلى قوله عزّ وجلّ: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم} ؟
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا حجّاج، عمّن سمع سعيد بن جبيرٍ، (ومجاهدًا)، يقولان ذلك). [سنن سعيد بن منصور: 3/1151-1164]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى باللّه حسيبًا} {وبدارًا} :«مبادرةً» ، {أعتدنا} «أعددنا أفعلنا من العتاد».
- حدّثني إسحاق، أخبرنا عبد اللّه بن نميرٍ، حدّثنا هشامٌ، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها، في قوله تعالى: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} أنّها «نزلت في والي اليتيم إذا كان فقيرًا، أنّه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروفٍ». [صحيح البخاري: 6/43]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باب ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف)
ساق إلى قوله حسيبًا قوله وبدارًا مبادرةً هو تفسير أوّل الآية المترجم بها وقال أبو عبيدة في قوله تعالى ولا تأكلوها إسرافا وبدارا الإسراف الإفراط وبدارًا مبادرةً وكأنّه فسّر المصدر بأشهر منه يقال بادرت بدارًا ومبادرةً وأخرج الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ قال يعني يأكل مال اليتيم ويبادر إلى أن يبلغ فيحول بينه وبين ماله). [فتح الباري: 8/241]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم}.
ليس في كثير من النّسخ لفظ باب وقبل قوله: {ومن كان فقيرا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فاشهدوا عليهم وكفى باللّه حسيبا}. وفي بعض النّسخ ساقها بتمامها، وفي بعضها اقتصر على قوله الآية يجوز فيها الرّفع على تقدير: الآية بتمامها، ويجوز النصب على تقدير: اقرأ الآية بتمامها. قوله: {ومن كان غنيا} أي: « ومن كان في غنية عن مال اليتيم فليستعفف عنه ولا يأكل منه شيئا». قال الشّعبيّ: « هو عليه كالميتة والدّم »، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف، يعني:«بقدر قيامه عليه»، وقال أبو جعفر النّحاس، منع جماعة من أهل العلم الوصيّ من أخذ شيء من مال اليتيم، قال أبو يوسف القاضي، لا أدري: لعلّ هذه الآية منسوخة. بقوله عز وجل: {يا أيها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} فلا يحل لأحد أن يأخذ من مال اليتيم شيئا إذا كان معه مقيما في المصر، فإن احتاج أن يسافر من أجله فله أن يأخذ ما يحتاج إليه ولا يقتني شيئا، وهو قول أبي حنيفة، ومحمّد، وقال ابن عبّاس: «ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف » قال: نسخ الظّلم والاعتداء، ونسخهما. {إن الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} . ثمّ افترق الّذين قالوا بأن الآية محكمة فرقا، فقال بعضهم: «إن احتاج الوصيّ فله أن يقترض من مال اليتيم، فإن أيسر قضاه»، وهذا قول عمر بن الخطاب وعبيدة وأبي العالية وسعيد بن جبير، قال أبو جعفر: وهو قول جماعة من التّابعين وغيرهم، وفقهاء الكوفيّين عليه أيضا. وقال أبو قلابة: (فليأكل بالمعروف) ممّا يجبي من الغلّة، فأما المال الناض فليس له أن يأخذ منه شيئا قرضا ولا غيره، وذهب قوم إلى ظاهر الآية، منهم: الحسن البصريّ، فقالوا: له أن يأكل منه مقدار قوته. وقال الحسن: « إذا احتاج ولي اليتيم أكل بالمعروف، وليس عليه إذا أيسر قضاؤه، والمعروف قوته»، وهو قول النّخعيّ وقتادة. قوله: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فاشهدوا عليهم} اختلف العلماء في هذا الأمر. فقال قوم: هو ندب، فإن القول قول الوصيّ لأنّه أمين. وقال آخرون: وفرض على ظاهر الآية لأنّه أمين الأب فلا يقبل قوله على غيره ألا يرى أن الوكيل إذا ادّعى أنه دفع إلى زيد ما أمر به لم يقبل قوله: إلّا ببيّنة فكذلك الوصيّ. وقال عمر بن الخطاب وسعيد بن جبير: «هذا الإشهاد إنّما هو على دفع الوصيّ ما استقرضه من مال اليتيم حال فقره».
وفي الإشهاد مصالح منها: السّلامة من الضّمان والغرم على تقدير إنكار اليتيم. (ومنها):حسم مادّة تطرق سوء الظّن بالولي. (ومنها):امتثال أوامر الله عز وجل في الأمر بالإشهاد. (ومنها):طيب قلب اليتيم بزوال ما كان يخشاه من فوات ماله ودوامه تحت الحجر.
وبدارا مبادرةً
أشار به إلى ما فيه أول الآية المترجم بها. وهو قوله: {ولا تأكلوها إسرافا بدارا أن يكبروا} وفسّر: بدارا بقوله مبادرة، يعني: لا تأكلوا أموال اليتامى من غير حاجة إسرافا ومبادرة قبل بلوغهم، وقال الزّمخشريّ: «إسرافا وبدارا مسرفين ومبادرين كبرهم».
أعتدنا أعددنا أفعلنا من العتاد
هذا محله فيما سيأتي قبل قوله: {لا يحل لكم أن ترثوا النّساء كرها} وقال بعضهم: وقعت هذه الكلمة في هذا الموضع سهوا من بعض نساخ الكتاب. (قلت):فيه بعد لا يخفى، والظّاهر أنه وقع من المصنّف). [عمدة القاري: 18/164-165]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله حدثني إسحاق هو بن راهويه وأمّا أبو نعيمٍ في المستخرج فأخرجه من طريق بن راهويه ثمّ قال أخرجه البخاريّ عن إسحاق بن منصورٍ قوله في مال اليتيم في رواية الكشميهنيّ في والي اليتيم والمراد بوالي اليتيم المتصرّف في ماله بالوصيّة ونحوها والضّمير في كان على الرّواية الأولى ينصرف إلى مصرف المال بقرينة المقام ووقع في البيوع من طريق عثمان بن فرقدٍ عن هشام بن عروة بلفظ أنزلت في والي اليتيم الّذي يقوم عليه ويصلح ماله إن كان فقيرًا أكل منه بالمعروف وفي الباب حديثٌ مرفوع أخرجه أبو داود والنّسائيّ وبن ماجة وبن خزيمة وبن الجارود وبن أبي حاتمٍ من طريق حسينٍ المكتب عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدّه قال جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال إنّ عندي يتيمًا له مالٌ وليس عندي شيءٌ أفآكل من ماله قال:« بالمعروف» وإسناده قويٌّ

[4575] قوله إذا كان فقيرًا مصيرٌ منه إلى أنّ الّذي يباح له الأجرة من مال اليتيم من اتّصف بالفقر وقد قدّمت البحث في ذلك في كتاب الوصايا وذكر الطّبريّ من طريق السّدّيّ أخبرني من سمع بن عبّاسٍ يقول في قوله ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف قال « بأطراف أصابعه» ومن طريق عكرمة يأكل ولا يكتسي ومن طريق إبراهيم النّخعيّ يأكل ما سدّ الجوعة ووارى العورة وقد مضى بقيّة نقل الخلاف فيه في الوصايا وقال الحسن بن حيّ يأكل وصيّ الأب بالمعروف وأمّا قيّم الحاكم فله أجرةٌ فلا يأكل شيئًا وأغرب ربيعة فقال المراد خطاب الوليّ بما يصنع باليتيم إن كان غنيًّا وسّع عليه وإن كان فقيرًا أنفق عليه بقدره وهذا أبعد الأقوال كلّها تنبيهٌ وقع لبعض الشّرّاح ما نصّه قوله فمن كان غنيا فليستعفف التّلاوة ومن كان بالواو انتهى وأنا ما رأيته في النّسخ الّتي وقفت عليها إلّا بالواو). [فتح الباري: 8/241-242]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثني إسحاق أخبرنا عبد الله بن نميرٍ حدّثنا هشامٌ عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها في قوله تعالى:{ ومن كان غنيّا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} أنّها نزلت في مال اليتيم إذا كان فقيرا أنّه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروفٍ.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة وإسحاق هو ابن منصور، وصرح به خلف وأبو نعيم، وقيل: هو ابن راهويه، وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير، رضي الله تعالى عنه.
والحديث مر في البيوع، وقال الحافظ المزي: حديث ومن كان غنيا في البيوع، وفي التّفسير عن إسحاق بن منصور نسبه في التّفسير ولم ينسبه في البيوع عن عبد الله بن نمير به.
قوله: (في مال اليتيم) ، وفي رواية الكشميهني، في والي اليتيم والمراد بوالي اليتيم المتصرف في ماله بالوصيّة ونحوها، والضّمير في كان على رواية الكشميهني يرجع إلى الوالي ظاهرا وعلى رواية الأكثرين بالقرينة اللفظية. وهي قوله: (يأكل منه) إلى آخره والله أعلم). [عمدة القاري: 18/165-166]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : باب {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبًا} وبدارًا: مبادرةً. أعتدنا: أعددنا أفعلنا من العتاد
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه قوله تعالى: {ومن كان فقيرًا فليأكل} من مال اليتامى {بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم} بعد بلوغهم وإيناس رشدهم {فأشهدوا عليهم} ندبًا بأنهم قبضوها لئلا يقدموا على الدعوى الكاذبة ولأنه أنفى للتهمة {وكفى بالله} حال كونه {حسيبًا} أي محاسبًا فلا تخالفوا ما أمرتم ولا تتجاوزوا ما حدّ لكم وسقط لفظ الآية لأبي ذر ولغيره {وكفى بالله حسيبًا} وقالوا بعد: {فأشهدوا عليهم} الآية {وبدارًا} ولأبي ذر: بدارًا يريد {ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا} أي (مبادرة) قبل بلوغهم من غير حاجة). [إرشاد الساري: 7/76]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثني إسحاق أخبرنا عبد اللّه بن نميرٍ، حدّثنا هشامٌ عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها- في قوله تعالى: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} أنّها نزلت في مال اليتيم إذا كان فقيرًا أنّه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروفٍ.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (إسحاق) هو ابن منصور كما جزم به المزي كخلف وقيل هو ابن راهويه قال: (أخبرنا عبد الله بن نمير) بضم النون وفتح الميم قال: (حدّثنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة رضي الله تعالى عنها في قوله تعالى: {ومن كان} من الأولياء {غنيًّا} عن مال اليتيم {فليستعفف} عنه ولا يأكل منه شيئًا {ومن كان} منهم {فقيرًا فليأكل بالمعروف} أنها نزلت في (مال اليتيم) ولأبي ذر عن الكشميهني: في والي اليتيم « إذا كان فقيرًا أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف» بقدر حاجته بحيث لا يتجاوز أجرة المثل ولا يردّ إذا أيسر على الصحيح عند الشافعية؛ وقيل يأخذ بالفرض لما روي عن ابن عباس وغيره نظيره، وعن ابن عباس يأكل من ماله بالمعروف حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم، وقيل لا يأكل وإن كان فقيرًا لقوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا}.
وأجيب: بأنه عام والخاص مقدم عليه لا سيما وفي قيد الظلم إشعار به، ولفظ الاستعفاف والأكل بالمعروف مشعر أيضًا به، وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلًا سأل رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ليس لي مال وليس يتيم فقال: «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالًا» رواه أحمد وغيره وقوله غير متأثل أي غير جامع يقال مال مؤثل أي مجموع ذو أصل وأثلة الشيء أصله). [إرشاد الساري: 7/76]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : باب {ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم}
قوله: (من العتاد): بفتح العين.
قوله: (مكان قيامه عليه بمعروف) بقدر حاجته بحيث لا يتجاوز أجرة المثل اهـ قسطلاني). [حاشية السندي على البخاري: 3/46]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : {حسيبًا} «كافيًا». [صحيح البخاري: 6/47] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله حسيبًا كافيًا وقع هنا لغير أبي ذرٍّ وقد تقدّم في الوصايا). [فتح الباري: 8/257]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حسيبا كافيا أشار به إلى أن لفظ حسيبا في قوله تعالى: {إن الله كان على كل شيء حسيبا} كافيا). [عمدة القاري: 18/181]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : {حسيبًا} يريد قوله تعالى: {إن الله كان على كل شيء حسيبًا} أي (كافيًا) وسقط هذا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/89]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتّى إذا بلغوا النّكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى باللّه حسيبًا}
يعني تعالى ذكره بقوله: {وابتلوا اليتامى} واختبروا عقول يتاماكم في أفهامهم، وصلاحهم في أديانهم، وإصلاحهم أموالهم.
- كما: حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، والحسن في قوله: {وابتلوا اليتامى} قالا: يقول: اختبروا اليتامى.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:«أمّا ابتلوا اليتامى: فجرّبوا عقولهم».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، في قوله: {وابتلوا اليتامى} قال: «عقولهم».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وابتلوا اليتامى} قال: «اختبروهم».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وابتلوا اليتامى حتّى إذا بلغوا النّكاح} قال: « اختبروه في رأيه وفي عقله كيف هو إذا عرف أنّه قد أنس منه رشدٌ دفع إليه ماله قال: وذلك بعد الاحتلام».
قال أبو جعفرٍ: وقد دلّلنا فيما مضى قبل على أنّ معنى الابتلاء: الاختبار، بما فيه الكفاية عن إعادته.
وأمّا قوله: {إذا بلغوا النّكاح} فإنّه يعني: «إذا بلغوا الحلم».
- كما: حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {حتّى إذا بلغوا النّكاح} قال « الحلم».
- حدّثنا محمد قال حدّثنا أحمد قال حدّثنا أسباط عن السدى {حتّى إذا بلغوا النّكاح}«حتى اذا أحتلموا».
- حدّثني عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {حتّى إذا بلغوا النّكاح} قال: «عند الحلم».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {حتّى إذا بلغوا النّكاح} قال: الحلم. [جامع البيان: 6/402-404]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله: {فإن آنستم منهم رشدًا}
يعني قوله: {فإن آنستم منهم رشدًا} فإن وجدتم منهم وعرفتم.
- كما: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {فإن آنستم منهم رشدًا} قال: «عرفتم منهم». يقال: آنست من فلانٍ خيرًا وبرًّا بمدّ الألف إيناسًا، وأنست به آنس أنسًا بقصر ألفها: إذا ألفه.
وقد ذكر أنّها في قراءة عبد اللّه: فإن أحسيتم منهم رشدًا بمعنى: أحسستم: أي وجدتم.
واختلف أهل التّأويل في معنى الرّشد الّذي ذكره اللّه في هذه الآية، فقال بعضهم: معنى الرّشد في هذا الموضع:« العقل والصّلاح في الدّين».
ذكر من قال ذلك.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فإن آنستم منهم رشدًا}«عقولاً وصلاحًا».
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فإن آنستم منهم رشدًا} يقول: «صلاحًا في عقله ودينه» وقال آخرون: معنى ذلك: «صلاحًا في دينهم، وإصلاحًا لأموالهم».
ذكر من قال ذلك.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن مباركٍ، عن الحسن، قال: «رشدًا في الدّين وصلاحًا وحفظًا للمال».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {فإن آنستم منهم رشدًا} في حالهم، والإصلاح في أموالهم
وقال آخرون: «بل ذلك العقل خاصّةً».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: «لا يدفع إلى اليتيم ماله، وإن أخذ بلحيته، وإن كان شيخًا، حتّى يؤنس منه رشده: العقل».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {فإن آنستم منهم رشدًا} قال:«العقل».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو شبرمة، عن الشّعبيّ قال: سمعته يقول:« إنّ الرّجل ليأخذ بلحيته وما بلغ رشده».
وقال آخرون:«بل هو الصّلاح والعلم بما يصلحه».
- ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {فإن آنستم منهم رشدًا} قال: «صلاحًا وعلمًا بما يصلحه
»
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال عندي بمعنى الرّشد في هذا الموضع: العقل وإصلاح المال؛ لإجماع الجميع على أنّه إذا كان كذلك لم يكن ممّن يستحقّ الحجر عليه في ماله، وحوز ما في يده عنه، وإن كان فاجرًا في دينه، وإذ كان ذلك إجماعًا من الجميع، فكذلك حكمه إذا بلغ وله مالٌ في يدي وصيّ أبيه أو في يد حاكمٍ قد ولي ماله لطفولته، واجبٌ عليه تسليم ماله إليه، إذا كان عاقلاً بالغًا، مصلحًا لماله، غير مفسدٍ؛ لأنّ المعنى الّذي به يستحقّ أن يولّى على ماله الّذي هو في يده، هو المعنى الّذي به يستحقّ أن يمنع يده من ماله الّذي هو في يد وليٍّ، فإنّه لا فرق بين ذلك.
وفي إجماعهم على أنّه غير جائزٍ حيازة ما في يده في حال صحّة عقله وإصلاح ما في يده، الدّليل الواضح على أنّه غير جائزٍ منع يده ممّا هو له في مثل ذلك الحال.
وإن كان قبل ذلك في يد غيره لا فرق بينهما، ومن فرّق بين ذلك عكس عليه القول في ذلك، وسئل الفرق بينهما من أصلٍ أو نظيرٍ، فلن يقول في أحدهما قولاً إلاّ ألزم في الآخر مثله
فإن كان ما وصفنا من الجميع إجماعًا، فبيّنٌ أنّ الرّشد الّذي به يستحقّ اليتيم إذا بلغ فأونس منه دفع ماله إليه، ما قلنا من صحّة عقله وإصلاح ماله). [جامع البيان: 6/404-408]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله تعالى: {فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافًا} يعني بذلك تعالى ذكره ولاة أموال اليتامى، يقول اللّه لهم: فإذا بلغ أيتامكم الحلم، فآنستم منهم عقلاً وإصلاحًا لأموالهم، فادفعوا إليهم أموالهم، ولا تحبسوها عنهم.
وأمّا قوله: {ولا تأكلوها إسرافًا} يعني: «ولا تكونوا يا معشر ولاه بغير ما أباحه اللّه لكم». {إسرافًا}« يعنى بغير ما أباحه الله لكم»
- كما: حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، والحسن: {ولا تأكلوها إسرافًا} يقول: «لا تسرف فيها».
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولا تأكلوها إسرافًا} قال: « يسرف في الأكل
»
وأصل الإسراف: تجاوز الحدّ المباح إلى ما لم يبح، وربّما كان ذلك في الإفراط، وربّما كان في التّقصير، غير أنّه إذا كان في الإفراط فاللّغة المستعملة فيه أن يقال: أسرف يسرف إسرافًا، وإذا كان كذلك في التّقصير، فالكلام منه: سرف يسرف سرفًا، يقال: مررت بكم فسرفتكم، يراد منه: فسهوت عنكم وأخطأتكم، كما قال الشّاعر:
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانيةٌ ....... ما في عطائهم منًّ ولا سرفٌ
يعني بقوله: ولا سرفٌ: لا خطأ فيه، يراد به: أنّهم يصيبون مواضع العطاء فلا يخطئونها). [جامع البيان: 6/408-409]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وبدارًا أن يكبروا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {وبدارًا} ومبادرةً؛ وهو مصدرٌ من قول القائل: بادرت هذا الأمر مبادرةً وبدارًا. وإنّما يعني بذلك جلّ ثناؤه ولاة أموال اليتامى، يقول لهم: لا تأكلوا أموالهم إسرافًا، يعني: ما أباح اللّه لكم أكله، ولا مبادرة منكم بلوغهم، وإيناس الرّشد منهم حذرًا أن يبلغوا فيلزمكم تسليمه إليهم.
- كما: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إسرافًا وبدارًا} يعني أكل مال اليتيم يبادرًا أن يبلغ فيحول بينه وبين ماله.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة والحسن: {ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا} يقول: لا تسرف فيها، ولا تبادر.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وبدارًا} أن تبادرًا أن يكبروا، فيأخذوا أموالهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {إسرافًا وبدارًا} قال: «هذه لوليّ اليتيم خاصّةً، جعل له أن يأكل معه إذا لم يجد شيئًا يضع يده معه، فيذهب يؤخره، يقول: لا أدفع إليه ماله، وجعلت تأكله تشتهي أكله؛ لأنّك إن لم تدفعه إليه لك فيه نصيبٌ، وإذا دفعته إليه فليس لك فيه نصيبٌ» وموضع أن في قوله: {أن يكبروا} نصب بالمبادرة، لأنّ معنى الكلام: لا تأكلوها مبادرة كبرهم). [جامع البيان: 6/409-410]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله تعالى: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {ومن كان غنيًّا} من ولاة أموال اليتامى على أموالهم، {فليستعفف} بماله عن أكلها بغير الإسراف والبدار أن يكبروا، بما أباح اللّه له أكلها به.
- كما: حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، وابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ومن كان غنيًّا فليستعفف} قال: « لغناه من ماله، حتّى يستغني عن مال اليتيم».
- وبه قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، في قوله: {ومن كان غنيًّا فليستعفف}«بغناه».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ليثٍ، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: « من مال نفسه، ومن كان فقيرًا منهم إليها محتاجًا فليأكل بالمعروف» ثمّ اختلف أهل التّأويل في المعروف الّذي أذن اللّه جلّ ثناؤه لولاة أموالهم أكلها به إذا كانوا أهل فقرٍ وحاجةٍ إليها، فقال بعضهم: ذلك هو القرض يستقرضه من ماله ثمّ يقضيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرّبٍ، قال: قال عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه:«إنّي أنزلت مال اللّه تعالى منّي بمنزلة مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن زهيرٍ، عن العلاء بن المسيّب، عن حمّادٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: « هو القرض».
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر، قال: سمعت يونس، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة السّلمانيّ، أنّه قال في هذه الآية: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال:«الّذي ينفق من مال اليتيم يكون عليه قرضًا».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا سلمة بن علقمة، عن محمّد بن سيرين، قال: سألت عبيدة عن قوله: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: «إنّما هو قرضٌ»، ألا ترى أنّه قال: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم} قال: فظننت أنّه قالها برأيه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا هشامٌ، عن محمّدٍ عن عبيدة في قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} وهو عليه قرضٌ.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين، عن عبيدة في قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: «المعروف: القرض» ألا ترى إلى قوله: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن أيّوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة مثل حديث عبد الرزاق عن هشامٍ عن محمد
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} يعني القرض.
- حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبدة مثله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} يقول: «إن كان غنيًّا فلا يحلّ له من مال اليتيم أن يأكل منه شيئًا، وإن كان فقيرًا فليستقرض منه، فإذا وجد ميسرةً فليعطه ما استقرض منه؛ فذلك أكله بالمعروف».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبي يذكر، عن حمّادٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: « يأكل قرضًا بالمعروف ».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حجّاجٌ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: «هو القرض ما أصاب منه من شيءٍ قضاه إذا أيسر» يعني قوله: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف}.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن هشامٍ الدّستوائيّ، قال: حدّثنا حمّادٌ، قال: سألت سعيد بن جبيرٍ عن هذه الآية: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: « إن أخذ من ماله قدر قوته قرضًا، فإن أيسر بعد قضاه وإن حضره الموت ولم يوسر تحلّله من اليتيم، وإن كان صغيرًا تحلّله من وليّه».
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا شعبة، عن حمّادٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: «فليأكل قرضً».
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن حمّادٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: « هو القرض ».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرو بن أبي قيسٍ، عن عطاء بن السّائب، عن الشّعبيّ: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: « لا يأكله إلاّ أن يضطرّ إليه كما يضطرّ إلى الميتة، فإن أكل منه شيئًا قضاه».
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا شعبة، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فليأكل بالمعروف} قال: « قرضًا».
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فليأكل بالمعروف} قال:«سلفًا من مال يتيمه».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، وعن حمّادٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {فليأكل بالمعروف} قالا: هو القرض قال الثّوريّ: وقاله الحكم أيضًا، ألا ترى أنّه قال: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم}.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن مجاهدٍ، قال: هو القرض ما أصاب منه من شيءٍ قضاه إذا أيسر يعني: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: {فليأكل بالمعروف} قال:« القرض » ألا ترى إلى قوله: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، قال: «قرضًا».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن الحكم، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: «إذا احتاج الوليّ وافتقر فلم يجد شيئًا، أكل من مال اليتيم، وكتبه، فإن أيسر قضاه، وإن لم يوسر حتّى تحضره الوفاة دعا اليتيم فاستحلّ منه ما أكل».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: أخبرنا ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال «يستسلف منه فيتجز فيه ».
- حدثنا سعيد بن الربيع قال حدّثنا سفيان عن ابن أبى نجيح عن مجاهد {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال يستسلف فإذا أيسر أذى.
- حدثنا حميد بن سعدة قال حدّثنا بشر بن المفضل قال حدّثنا شعبة عن حماد عن سعيد بن جبير قال يأكل قرضا.
وقال آخرون بل معنى ذلك« فليأكل بالمعروف من مال اليتيم بغير إسرافٍ ولا قضاء عليه فيما أكل منه»...
واختلف قائلو هذا القول في معنى أكل ذلك بالمعروف، فقال بعضهم: «أن يأكل من طعامه بأطراف الأصابع، ولا يكتسى منه».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، قال: أخبرني من، سمع ابن عبّاسٍ، يقول: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: «بأطراف أصابعه».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه الأشجعيّ، عن سفيان، عن السّدّيّ، عمّن سمع ابن عبّاسٍ يقول؛ فذكر مثله.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} يقول: {ومن كان غنيًّا} ممن ولي مال اليتيم فليستعفف عن أكله {ومن كان فقيرًا} من ولي مال اليتيم فليأكل معه بالمعروف ياكل معه بأصابعه، لا يسرف في الأكل، ولا يلبس.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا حرميّ بن عمارة، قال: حدّثنا شعبة، عن عمارة، عن عكرمة في مال اليتيم: «يدك مع أيديهم، ولا تتّخذ منه قلنسوةً».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاءٍ، وعكرمة، قالا: «تضع يدك مع يده».
- حدثنا سعيد ابن الربيع قال حدّثنا ابن عيينة عن عمرو عن عطاء وعكرمة مثله.
وقال آخرون: «بل المعروف في ذلك، أن يأكل ما يسدّ الجوعه ويلبس ما وارى العورة».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، قال: «إنّ المعروف ليس يلبس الكتّان ولا الحلل، ولكن ما سدّ الجوع ووارى العورة».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: كان يقال: « ليس المعروف يلبس الكتّان والحلل، ولكنّ المعروف ما سدّ الجوع ووارى العورة».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن مغيرة، عن إبراهيم نحوه.
- حدّثنا عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدّثنا أبو معبدٍ، قال: « سئل مكحولٌ عن وليّ اليتيم، ما أكله بالمعروف إذا كان فقيرًا؟ قال: يده مع يده قيل له: فالكسوة؟ قال: يلبس من ثيابه، فأمّا أن يتّخذ من ماله مالاً لنفسه فلا ».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله: {فليأكل بالمعروف} قال:« ما سدّ الجوع، ووارى العورة، أما إنّه ليس لبوس الكتّان والحلل».
وقال آخرون:«بل ذلك المعروف أكل تمره وشرب رسل ماشيته بقيامه على ذلك، فأمّا الذّهب والفضّة فليس له أخذ شيءٍ منهما إلاّ على وجه القرض ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزّهريّ، عن القاسم بن محمّدٍ، قال: جاء رجلٌ إلى ابن عبّاسٍ فقال: إنّ في حجري أموال أيتامٍ، وهو يستأذنه أن يصيب منها، فقال ابن عبّاسٍ: «ألست تبغي ضالّتها؟ قال: بلى، قال: ألست تهنأ جرّباها؟ قال: بلى. قال: ألست تلوط حياضها؟ قال: بلى، قال: ألست تفرط عليها يوم ورودها؟ قال: بلى. قال: فأصب من رسلها يعني: من لبنها».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن القاسم بن محمّدٍ، قال: جاء أعرابيٌّ إلى ابن عبّاسٍ، فقال: إنّ في حجري أيتامًا، وإنّ لهم إبلاً ولي إبلٌ، وأنا أمنح في إبلي فقراء، فماذا يحلّ لي من ألبانها؟ قال: « إن كنت تبغي ضالّتها، وتهنأ جرّباها، وتلوط حوضها، وتسعى عليها فاشرب غير مضرٍّ بنسلٍ، ولا ناهكٍ في الحلب».
- حدّثني ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن أبي العالية، في هذه الآية: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: «من فضل الرّسل والثّمرة».
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن أبي العالية في والي مال اليتيم، قال:« يأكل من رسل الماشية، ومن الثّمرة لقيامه عليه، ولا يأكل من المال »وقال: ألا ترى أنّه قال: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم}؟.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت داود، عن رفيعٍ أبي العالية قال: «رخّص لوليّ اليتيم أن يصيب من الرّسل، ويأكل من الثّمرة؛ وأمّا الذّهب والفضّة فلا بدّ أن تردّ »ثمّ قرأ: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم} ألا ترى أنّه قال: لا بدّ من أن يدفع؟.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عوفٌ، عن الحسن، أنّه قال: « إنّما كانت أموالهم إذ ذاك خال النّخل والماشية، فرخّص لهم إذا كان أحدهم محتاجًا أن يصيب من الرّسل».
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا إسماعيل بن سالمٍ، عن الشّعبيّ، في قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: «إذا كان فقيرًا أكل من التّمر، وشرب من اللّبن وأصاب من الرّسل».
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} ذكر لنا أنّ عمّ ثابت بن رفاعة - وثابتٌ يومئذٍ يتيمٌ في حجره - من الأنصار أتى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا نبيّ اللّه، إنّ ابن أخي يتيمٌ في حجري، فما يحلّ لي من ماله؟ قال: «أن تأكل بالمعروف من غير أن تقي مالك بماله، ولا تتّخذ من ماله وفرًا » وكان اليتيم يكون له الحائط من النّخل، فيقوم وليّه على صلاحه وسقيه، فيصيب من ثمرته، أو تكون له الماشية، فيقوم وليّه على صلاحها، أو يلي علاجها ومؤنتها فيصيب من جزازها وعوارضها ورسلها، فأمّا رقاب المال وأصول المال، فليس له أن يستهلكه.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} يعني ركوب الدّابّة وخدمة الخادم، فإن أخذ من ماله قرضًا في غنًى، فعليه أن يؤدّيه، وليس له أن يأكل من ماله شيئًا.
وقال آخرون منهم: « له أن يأكل من جميع المال إذا كان يلي ذلك وإن أتى على المال ولا قضاء عليه».
ذكر منى قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا إسماعيل بن صبيحٍ، عن أبي أويس، عن يحيى بن سعيدٍ، وربيعة، جميعًا، عن القاسم بن محمّدٍ، قال: سئل عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه عمّا يصلح لوليّ اليتيم، قال: «إن كان غنيًّا فليستعفف، وإن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرنا يحيى بن أيّوب، عن محمّد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أنّ عمر بن الخطّاب، كان يقول: « يحلّ لوليّ الأمر ما يحلّ لوليّ اليتيم، من كان غنيًّا فليستعفف، ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا الفضل بن عطيّة، عن عطاء بن أبي رباحٍ، في قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال:« إذا احتاج فليأكل بالمعروف، فإن أيسر بعد ذلك فلا قضاء عليه».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا الحسين بن واقدٍ، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، والحسن البصريّ، قالا: ذكر اللّه تبارك وتعالى مال اليتامى، فقال: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} ومعروفٌ ذلك: أن يتّقي اللّه في يتيمه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن منصورٍ، عن إبراهيم: « أنّه كان لا يرى قضاءً على وليّ اليتيم إذا أكل وهو محتاجٌ».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مغيرة، عن حمّادٍ، عن إبراهيم: {فليأكل بالمعروف} في الوصيّ قال: لا قضاء عليه.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن منصورٍ، عن إبراهيم أنّه قال في هذه الآية: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: « إذا عمل فيه وليّ اليتيم أكل بالمعروف».
- حدثنا حمد بن مسعدة، قال: ثنا بشر بن المفضل، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، قال: «إذا كان يعمل فيه أكل».
- حدّثنا بشر بن محمّدٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان الحسن يقول: «إذا احتاج أكل بالمعروف من المال، طعمةً من اللّه عز وجل».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن الحسن العرني، قال: قال رجلٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ في حجري يتيمًا أفأضربه؟ قال: « مما كنت ضاربًا منه ولدك؟ »قال: أفأصيب من ماله؟ قال:«بالمعروف غير متأثّلٍ مالا، ولا واقٍ مالك بماله».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن الزّبير بن موسى، عن الحسن العرني، مثله.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن عطاءٍ، أنّه قال: « يضع يده مع أيديهم، فيأكل معهم كقدر خدمته وقدر عمله ».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: « وليّ اليتيم إذا كان محتاجًا يأكل بالمعروف لقيامه في ماله».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: وسألته عن قول اللّه، تبارك وتعالى: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال:«إن استغنى كفّ، وإن كان فقيرًا أكل بالمعروف قال: أكل بيده معهم لقيامه على أموالهم وحفظه إيّاها، يأكل ممّا يأكلون منه، وإن استغنى كفّ عنه ولم يأكل منه شيئًا».
- حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال إذا افترض الوصي واحتاج ولم يجد شياء.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب، قول من قال المعروف الّذي عناه اللّه تبارك وتعالى في قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} أكل مال اليتيم عند الضّرورة والحاجة إليه على وجه الاستقراض منه، فأمّا على غير ذلك الوجه فغير جائزٍ له أكله، وذلك أنّ الجميع مجمعون على أنّ والي اليتيم لا يملك من مال يتيمه إلاّ القيام بمصلحته. فلمّا كان إجماعًا منهم أنّه غير مالكه، وكان غير جائزٍ لأحدٍ أن يستهلك مال أحدٍ غيره، يتيمًا كان ربّ المال أو مدركًا رشيدًا وكان عليه إن تعدّى فاستهلكه بأكلٍ أو غيره ضمانه لمن استهلكه عليه بإجماعٍ من الجميع، وكان والي اليتيم سبيله سبيل غيره في أنّه لا يملك مال يتيمه، كان كذلك حكمه فيما يلزمه من قضائه إذا أكل منه سبيله سبيل غيره وإن فارقه في أنّ له الاستقراض منه عند الحاجة إليه كما له الاستقراض عليه عند حاجته إلى ما يستقرض عليه له إذا كان قيّمًا بما فيه مصلحته
ولا معنى لقول من قال: إنّما عنى بالمعروف في هذا الموضع أكل والي اليتيم من مال اليتيم؛ لقيامه عليه وجه الاعتياض على عمله وسعيه؛ لأنّ لوالي اليتيم أن يؤاجر نفسه منه للقيام بأموره إذا كان اليتيم محتاجًا إلى ذلك بأجرةٍ معلومةٍ، كما يستأجر له غيره من الأجراء، وكما يشتري له من نفسه، غنيًّا كان الوالي أو فقيرًا
وإذا كان ذلك كذلك، وكان اللّه تعالى ذكره قد دلّ بقوله: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} على أنّه أكل مال اليتيم إنّما أذن لمن أذن له من ولاته في حال الفقر والحاجة، وكانت الحال الّتي للولاة أن يؤجروا أنفسهم من الأيتام مع حاجة الأيتام إلى الأجراء كل حال، غير مخصوصٍ بها حال غنًى ولا حال فقرٍ، كان معلومًا أنّ المعنى الّذي أبيح لهم من أموال أيتامهم في كلّ أحوالهم، غير المعنى الّذي أبيح لهم ذلك فيه في حالٍ دون حالٍ.
ومن أبى ما قلنا ممّن زعم أنّ لوليّ اليتيم أكل مال يتيمه عند حاجته إليه على غير وجه القرض استدلالاً بهذه الآية، قيل له: أمجمعٌ على أنّ الّذي قلت تأويل قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} فإن قال لا، قيل له: فما برهانك على أنّ ذلك تأويله، وقد علمت أنّه غير مالك مال يتيمه؟ فإن قال: لأنّ اللّه أذن له بأكله، قيل له: أذن له بأكله مطلقًا، أم بشرطٍ؟ فإن قال بشرطٍ، وهو أن يأكله بالمعروف، قيل له: وما ذلك المعروف وقد علمت القائلين من الصّحابة والتّابعين ومن بعدهم من الخالفين إنّ ذلك هو أكله قرضًا وسلفًا.
ويقال لهم أيضًا مع ذلك: أرأيت المولى عليهم في أموالهم من المجانين والمعاتيه الولاة أموالهم أن يأكلوا من أموالهم عند حاجتهم إليه على غير وجه القرض لا الاعتياض من قيامهم بها، كما قلتم ذلك في أموال اليتامى فأبحتموها لهم؟ فإن قالوا ذلك لهم، خرجوا من قول جميع الحجّة، وإنّ قالوا ليس ذلك لهم، قيل لهم: فما الفرق بين أموالهم وأموال اليتامى وحكم ولاتهم واحدٌ في أنّهم ولاة أموال غيرهم؟ فلن يقولوا في أحدهما شيئًا إلاّ ألزموا في الآخر مثله.
ويسألون كذلك عن المحجور عليه، هل لمن يلي ماله أن يأكل ماله عند حاجته إليه؟ نحو سؤالناهم عن أموال المجانين والمعاتيه). [جامع البيان: 6/410-428]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله تعالى: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم}
قال أبو جعفرٍ: يعني بذلك جلّ ثناؤه: وإذا دفعتم يا معشر ولاة أموال اليتامى إلى اليتامى أموالهم، فأشهدوا عليهم، يقول: فأشهدوا على الأيتام باستيفائهم ذلك منكم ودفعكموه إليهم.
- كما: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم} يقول: إذا دفع إلى اليتيم ماله، فليدفعه إليه بالشّهود، كما أمره اللّه تعالى. [جامع البيان: 6/428-429]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله تعالى: {وكفى باللّه حسيبًا}
يقول تعالى ذكره: وكفى باللّه كافيًا من الشّهود الّذي يشهدهم والي اليتيم على دفعه مال يتيمه إليه.
- كما: حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وكفى باللّه حسيبًا} يقول:«شهيدًا».
يقال منه: قد أحسبني الّذي عندي، يراد به: كفاني، وسمع من العرب: لأحسبنّكم من الأسودين، يعني به: من الماء والتّمر، والمحسب من الرّجال: المرتفع الحسب، والمحسب: المكفي). [جامع البيان: 6/429]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): {وابتلوا اليتامى حتّى إذا بلغوا النّكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى باللّه حسيبًا (6) }
قوله تعالى: {وابتلوا اليتامى}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: «وابتلوا اليتامى يعني اختبروا اليتامى عند الحلم».
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ وابتلوا اليتامى قال: «عقولهم» قال أبو محمّدٍ: وروي عن الحسن والسّدّيّ نحو ذلك.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: وابتلوا اليتامى يعني:
« الأولياء والأوصياء، يقول: اختبروهم».
قوله تعالى: {حتّى إذا بلغوا النّكاح}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
قوله: حتّى إذا بلغوا النّكاح يقول: الحلم- قال أبو محمّدٍ: وروي عن أبي مالكٍ وسعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ نحو ذلك.
[الوجه الثّاني]:
- ذكر عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن قيسٍ قوله: حتّى إذا بلغوا النّكاح قال: «خمس عشرة».
قوله تعالى: {فإن آنستم منهم رشداً}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله:{فإن آنستم منهم رشداً} قال:« فإن عرفتم منهم رشداً »
- قال أبو محمّدٍ: وروي عن سعيد بن جبيرٍ ومجاهدٍ وأبي مالكٍ نحو ذلك.

قوله تعالى: {منهم رشدا}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن عونٍ الواسطيّ، أنبأ شريك، عن سماك ابن حربٍ، عن عكرمٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: فإن آنستم منهم رشداً قال: «إذا أدرك اليتيم بحلمٍ وعقلٍ ووقارٍ دفع إليه ماله».
- قال أبو محمّدٍ: وروي عن مجاهدٍ: رشدا:«عقلا».
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: فإن آنستم منهم رشداً قال: «إن عرفتم رشداً في حالهم والإصلاح في أموالهم ». قال أبو محمّدٍ: وروي عن الحسن نحوه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: فإن آنستم منهم رشداً قال:« صلاحاً في دينهم وحفظاً لأموالهم ».
[الوجه الثّالث]:
- ذكر عن أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن سفيان، عن هشامٍ، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة بن عمرٍو قال: آنستم منهم رشداً قال: « إذا أقام الصّلاة».
[الوجه الرّابع]:
- حدّثنا أبي، ثنا ابن نفيلٍ، ثنا هشيمٌ قال: قال ابن شبرمة يعني في قوله: فإن آنستم منهم رشداً قال: «سنةً بعد الاحتلام».
قوله تعالى: {فادفعوا إليهم أموالهم}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تعالى:{ فادفعوا إليهم أموالهم} يعني: « ادفعوا إلى اليتامى أموالهم إذا كبروا ».
قوله تعالى: {ولا تأكلوها}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً يعني: «تأكل مال اليتيم».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ: ولا تأكلوها إسرافاً يعني: في غير حقٍّ قال أبو محمّدٍ: وروي عن مقاتل بن حيّان نحو ذلك.
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: قوله: ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً قال: « يسرف في الأكل».
قوله تعالى: {وبداراً}.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وبداراً يعني، يأكل مال اليتيم ببادرةٍ، فعند أن يبلغ فيحول بينه وبين ماله- قال أبو محمّدٍ، وروي عن سعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ نحو ذلك.
قوله تعالى: {أن يكبروا}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: أن يكبروا قال: «خشية أن يبلغ الحلم فيأخذ ماله ».
قوله تعالى: {ومن كان}.
- حدّثنا الأشجّ، ثنا عبد اللّه بن سليمان، عن هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة: من كان غنيّاً قالت: «نزلت في والي اليتيم».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثنا عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: ومن كان غنيّاً يعني: الوصيّ.
قال أبو محمّدٍ: وروي عن السّدّيّ والحكم مثل قول سعيد بن جبيرٍ.
قوله تعالى: {غنيا}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ: ومن كان غنيّاً فليستعفف: فلا يحتاج إلى مال اليتيم.
[الوجه الثّاني]:
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٍ، حدّثني نافع ابن أبي نعيمٍ يعني: القارئ قال: سألت يحيى بن سعيدٍ وربيعة عن قول اللّه تعالى: ومن كان غنيّاً فليستعفف قالا:«ذلك في اليتيم إن كان غنيّاً أنفق عليه بقدر غناه، ولم يكن للوليّ منه شيءٌ».
والوجه الثّالث:
- حدّثني أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا المبارك، عن الحسن في قول اللّه تعالى ومن كان غنيّاً فليستعفف قال: « والي مال اليتيم إن كان غنيّاً فليستعفف، أن يأكل من أموالهم شيئاً ».
قوله تعالى: {فليستعفف}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو أحمد الزّبيريّ، ثنا سفيان، عن ابن أبي ليلى والأعمش عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: ومن كان غنيّاً فليستعفف قال: بغناه لا يصيب منه شيئاً- قال أبو محمّدٍ: وروي عن أبي العالية، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، والحسن، والنّخعيّ، والحكم، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ نحو ذلك.
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا سليمان بن داود بن نصيرٍ مولى عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالبٍ، ثنا سهل بن عثمان العسكريّ، ثنا يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، ثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن عامرٍ في قوله: ومن كان غنيّاً فليستعفف قال: هو عليه كالميتة والدّم.
[الوجه الثّالث]:
- حدّثنا أحمد بن عصامٍ، ثنا أبو أحمد يعني: الزّبيريّ، ثنا مسعرٌ، عن إبراهيم بن محمّد بن المنتشر قال: قال عمر: التمسوا الغنى في الباه، قوله:
{ومن كان غنيّاً فليستعفف}.
قوله تعالى: {ومن كان فقيراً فليأكل}.
- حدّثنا الأشجّ وهارون بن إسحاق قالا: ثنا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة: ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف قالت: « نزلت في وليّ اليتيم الّذي يقوم عليه ويصلحه إذا كان محتاجاً أن يأكل منه».
قوله تعالى: {فليأكل بالمعروف}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن حسينٍ المكتب، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إنّ عندي يتيماً له مالٌ، وليس عندي شيءٌ، فما آكل من ماله؟ قال:« بالمعروف غير مسرف».
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن عليّ بن أبي صالحٍ، عن السّدّيّ، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ قوله: ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف قال:«يأكل بالثّلاث أصابع».
من أوجب لوالي اليتيم أن يأكل من حواشي ماله وأطرافه. [4826]
حدّثنا أبي ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا مباركٌ، عن الحسن: ومن كان فقيراً وهو يقوم لهم بما يصلحهم، فليأكل من حواشي أموالهم وأطرافه بالمعروف.
[الوجه الثّاني]:
من أوجب لوالي اليتيم أن يأكل بقدر قيامه: [4827]
حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن سعيدٍ الأصبهانيّ، أنبأ عليّ بن مسهرٍ، عن هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية في اليتيم ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف: بقدر قيامه عليه- قال أبو محمّدٍ:
وروي عن أبي العالية نحو ذلك.
[الوجه الثّالث]:
أن يأكل من مال نفسه بالمعروف: [4828]
حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، ثنا سفيان، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف قال: يأكل من ماله، يقوت على نفسه حتّى لا يحتاج إلى مال اليتيم- قال أبو محمّدٍ: وروي عن مجاهدٍ في إحدى الرّوايات وميمون بن مهران، والحكم نحو ذلك.
[الوجه الرّابع]:
أن يأكل من مال اليتيم قرضاً: [4829]
حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: فليأكل بالمعروف يعني القرض- قال أبو محمّدٍ:
وروي عن عبيدة، وأبي العالية، وأبي وائلٍ، وسعيد بن جبيرٍ في إحدى الرّوايات، ومجاهدٍ والضّحّاك، والسّدّيّ نحو ذلك.
[الوجه الخامس]:
أن يأكل قرضاً ولا قضاء عليه إن مات معسرًا: [4830]
حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف يعني:« في القرض قدر ما يبلغ قوتاً، فإن أيسر ردّ عليه، وإن لم يوسر حتّى يموت فلا إثم عليه، ولم يرخّص في أموال اليتامى في غير هذا».
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يونس بن بكيرٍ، ثنا هشامٌ يعني: الدّستوائيّ، عن حمّادٍ، عن سعيد بن جبيرٍ ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف قال: « قرضاً وإذا حضرته الوفاة ولم يجد ما يؤدّي فليستحلّه من اليتيم، وإن كان صغيراً فليستحلّه من وليّه».
قال أبو محمّدٍ: وروي عن السّدّيّ قال: يأكله قرضاً، فإن أيسر قضاه وإلا كان في حلّ اللّه. وفي أحد قولي مجاهدٍ، وأبي وائلٍ نحو ذلك.
[الوجه السّادس]:
أن يأكل سدّ جوعه وستر عورته: [4832]
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن مغيرة، عن إبراهيم قوله: فليأكل بالمعروف قال: ليس المعروف بلبس الكتّان، ولكنّ المعروف: ما سدّ الجوع ووارى العورة.
[الوجه السّابع]:
أن لا قضاء عليه: [4833]
حدّثنا أبي ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن منصورٍ، عن إبراهيم في قوله: ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف: من مال اليتيم ولا يقضي قال:
أبو محمّدٍ: وروي عن عطيّة، وعطاءٍ وعكرمة والحسن نحو ذلك.
[الوجه الثّامن]:
أن يقضي ما أكل قبل الاضطرار: [4834]
حدّثنا أبو هارون الخرّاز، ثنا عبد اللّه بن الجهم، ثنا عمرٌو يعني: ابن أبي قيسٍ، عن عطاء بن السّائب، عن الشّعبيّ في قوله: فليأكل بالمعروف قال: لا يأكل منه إلا أن يضطرّ إليه كما يضطرّ إلى الميتة، وإن أكل منه قضاه.
[الوجه التّاسع]:
أن يأكل اليتيم الفقير من ماله بالمعروف: [4835]
أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٍ، حدّثني نافع بن أبي نعيمٍ القارئ قال: سألت يحيى بن سعيدٍ، وربيعة عن قول اللّه: فليأكل بالمعروف قالا: ذلك في اليتيم إن كان فقيراً أنفق عليه بقدر فقره، ولم يكن للوليّ منه شيءٌ.
[الوجه العاشر]:
أنّ تفسير الآية في أهل البدو: [4836]
حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن عبد اللّه الأويسّ، ثنا ابن أبي الزّناد في هذه الآية: ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف قال: كان أبو الزّناد يقول: إنّما كان ذلك في أهل البدو وأشباههم.
قوله تعالى: {فإذا دفعتم}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: فإذا دفعتم إليهم يقول للأوصياء: فإذا دفعتم.
قوله تعالى: {إليهم أموالهم}.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي الحسين، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم يقول: إذا دفع إلى اليتيم ماله، فليدفعه إليه بالشّهود، وكما أمره اللّه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تعالى: فإذا دفعتم إليهم أموالهم يقول للأوصياء: إذا دفعتم إلى اليتامى أموالهم وإذا بلغوا الحلم.
قوله تعالى: {فأشهدوا عليهم}.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ قوله: فأشهدوا عليهم: بالدّفع إليهم أموالهم.
قوله تعالى: {وكفى باللّه حسيباً}.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ قوله: وكفى باللّه حسيباً يعني: شهيداً يعني:
لا شاهد أفضل من اللّه فيما بينكم وبينهم). [تفسير القرآن العظيم: 3/864-871]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وابتلوا اليتامى يقول ابتلوا عقولهم حتى إذا بلغوا النكاح يقول إذا بلغوا الحلم).[تفسير مجاهد: 145]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله من كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال يأكل والي اليتيم من مال اليتيم قوته ويلبس منه ما يستره ويشرب فضل اللبن ويركب فضل الظهر فإن أيسر قضاه وإن أعسر كان في حل). [تفسير مجاهد: 145- 146]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يأكل بالمعروف يعنى سلفا من مال يتيمه
- ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي رباح قال يضع يده مع أيديهم فيأكل معهم بقدر خدمته وقدر عمله). [تفسير مجاهد: 146]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن المغيرة عن إبراهيم قال ليس المعروف أن يلبس الحلل والكتان ولكن المعروف ما سد الجوع ووارى العورة).[تفسير مجاهد: 146]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو بكرٍ محمّد بن عبد اللّه الشّافعيّ ببغداد، ثنا إسحاق بن الحسن الحربيّ، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله تعالى : {ومن كان غنيًّا فليستعفف} فلا يحتاج إلى مال اليتيم {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} يأكل من ماله مثل أن يقوت حتّى لا يحتاج إلى مال اليتيم «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/331]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م) عائشة - رضي الله عنها - في قوله: {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} ، إنّما نزلت في والي اليتيم إذا كان فقيراً: أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف.
وفي رواية: أن يصيب من ماله إذا كان محتاجاً بقدر ماله بالمعروف.
أخرجه البخاري ومسلم.
[شرح الغريب]
(فليستعفف) العفة: وهي النزاهة عن الشيء). [جامع الأصول: 2/79-80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس {وابتلوا اليتامى} يعني اختبروا اليتامى عند الحلم {فإن آنستم} عرفتم {منهم رشدا} في حالهم والإصلاح في أموالهم {فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا} يعني تأكل مال اليتيم مبادرة قبل أن يبلغ فتحول بينه وبين ماله.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {وابتلوا اليتامى} قال: عقولهم {حتى إذا بلغوا النكاح} يقول: الحلم {فإن آنستم} قال: أحسستم {منهم رشدا} قال:«العقل».
وأخرج ابن جرير عن السدي {وابتلوا اليتامى} قال: « جربوا عقولهم»{فإن آنستم منهم رشدا} قال: «عقولا وصلاحا».
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن مقاتل {وابتلوا اليتامى} يعني «الأولياء والأوصياء».
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن قيس {حتى إذا بلغوا النكاح} قال: «خمس عشرة».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن الحسن {فإن آنستم منهم رشدا} قال: «صلاحا في دينه وحفظا لماله».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {فإن آنستم منهم رشدا} قال: «صلاحا في دينهم وحفظا لأموالهم»، وخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: « إذا أدرك اليتيم بحلم وعقل ووقار دفع إليه ماله».
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد قال:«لا تدفع إلى اليتيم ماله وإن شمط ما لم يؤنس منه رشد
»
وأخرج ابن جرير عن الحسن {ولا تأكلوها إسرافا وبدارا} ويقول: «لا تسرف فيها ولا تبادر».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {ولا تأكلوها إسرافا} يعني في غير حق {وبدارا أن يكبروا} قال: «خشية أن يبلغ الحلم فيأخذ ماله».
وأخرج البخاري، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية في ولي اليتيم {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} بقدر قيامه عليه.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والحاكم وصححه من طريق مقسم عن ابن عباس {ومن كان غنيا فليستعفف} قال: «بغناه من ماله حتى يستغني عن مال اليتيم لا يصيب منه شيئا »{ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قال: «يأكل من ماله يقوت على نفسه حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم»
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي يحيى عن ابن عباس {ومن كان غنيا فليستعفف} قال: « يستعف بماله حتى لا يفضي إلى مال اليتيم».
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قال: هو «القرض».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} يعني «القرض».
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في الآية قال: «ولي اليتيم إن كان غنيا فليستعفف وإن كان فقيرا أخذ من فضل اللبن وأخذ بالقوت لا يجاوزه وما يستر عورته من الثياب فإن أيسر قضاه وإن أعسر فهو في حل».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يقول: « إن كان غنيا فلا يحل له أن يأكل من مال اليتيم شيئا وإن كان فقيرا فليستقرض منه فإذا وجد ميسرة فليعطه ما استقرض منه فذلك أكله بالمعروف».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وابن سعد، وابن أبي شيبة وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وابن جرير والنحاس في ناسخه، وابن المنذر والبيهقي في "سننه" من طرق عن عمر بن الخطاب قال: «إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم إن استغنيت استعففت وإن احتجت أخذت منه بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت».
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس في قوله {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قال:« إذا احتاج ولي اليتيم وضع يده فأكل من طعامهم ولا يلبس منه ثوبا ولا عمامة».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس {فليأكل بالمعروف} قال: «بأطراف أصابعه الثلاث».
وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن عباس في الآية قال: «يأكل الفقير إذا ولي مال اليتيم بقدر قيامه على ماله ومنفعته له وما لم يسرف أو يبذر».
وأخرج مالك وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والنحاس في ناسخه عن القاسم بن محمد قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أيتاما وإن لهم إبلا فماذا يحل لي من ألبانها فقال: «إن كنت تبغي ضالتها وتهنا جرباها وتلوط حوضها وتسعى عليها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب».
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي، وابن ماجة، وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عمرو أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ليس لي مال ولي يتيم فقال «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالا ومن غير أن تقي مالك بماله».
وأخرج ابن حبان، عن جابر أن رجلا قال يا رسول الله مم أضرب يتيمي قال: « مما كنت ضاربا منه ولدك غير واق مالك بماله ولا متأثل منه مالا».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه عن الحسن العرني أن رجلا قال: يا رسول الله مم أضرب يتيمي قال: «مما كنت ضاربا منه ولدك » قال: فأصيب من ماله قال: «بالمعروف غير متأثل مالا ولا واق مالك بماله» وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في الآية قال: ذكر لنا أن عم ثابت بن وداعة - وثابت يومئذ يتيم في حجره من الأنصار - أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال إن ابن أخي يتيم في حجري فماذا يحل لي من ماله قال: «أن تأكل من ماله بالمعروف من غير أن تقي مالك بماله ولا تأخذ من ماله وفرا»، قال: وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل فيقوم وليه على صلاحه وسقيه فيصيب من ثمره ويكون له الماشية فيقوم وليه على صلاحها ومؤنتها وعلاجها فيصيب من جزارها ورسلها وعوارضها فأما رقاب المال فليس لهم أن يأكلوا ولا يستهلكوه.
وأخرج ابن المنذر عن عطاء قال: خمس في كتاب الله رخصة وليست بعزيمة قوله {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل.
وأخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ، وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قال: نسختها (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) الآية.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن الضحاك، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي الزناد في الآية قال: كان أبو الزناد يقول: «إنما كان ذلك في أهل البدو وأشباههم».
وأخرج ابن أبي حاتم عن نافع بن أبي نعيم القاري قال: سألت يحيى بن سعيد وربيعة عن قوله {فليأكل بالمعروف} قالا: «ذلك في اليتيم إن كان فقيرا أنفق عليه بقدر فقره ولم يكن للولي منه شيء».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم} يقول:« إذا دفع إلى اليتيم ماله فليدفعه إليه بالشهود كما أمره الله».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية يقول للأوصياء: « إذا دفعتم إلى اليتامى أموالهم إذا بلغوا الحلم فأشهدوا عليهم بالدفع إليهم أموالهم {وكفى بالله حسيبا} يعني لا شاهد أفضل من الله فيما بينكم وبينهم».
وأخرج ابن جرير عن السدي {وكفى بالله حسيبا} يقول: «شهيدا». [الدر المنثور: 4/234-242]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:58 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): وقوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم...}
السفهاء: النساء والصبيان {الّتي جعل اللّه لكم قياماً} يقول التي بها تقومون قواما وقياما. وقرأ نافع المدني (قيما) والمعنى - والله أعلم - واحد.
والعرب تقول في جمع النساء (اللاتي) أكثر مما يقولون (التي)، ويقولون في جمع الأموال وسائر الأشياء سوى النساء (التي) أكثر مما يقولون فيه (اللاتي) ). [معاني القرآن: 1/256-257]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({الّتي جعل الله لكم قياماً}: مصدر يقيمكم، ويجئ في الكلام في معنى قوام فيكسر، وإنما هو من الذي يقيمك، وإنما أذهبوا الواو لكسرة القاف، وتركها بعضهم كما قالوا: ضياءً للناس وضواءً للناس). [مجاز القرآن: 1/117]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({التي جعل الله لكم قياما}: تقول هذا قيام أمرك وقوامه). [غريب القرآن وتفسيره: 114]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم}
أي: لا تعطوا الجهلاء أموالكم.
والسفه: الجهل. وأراد هاهنا النساء والصبيان.
{قياماً} وقواما بمنزلة واحدة. يقال: هذا قوام أمرك وقيامه، أي: ما يقوم به أمرك). [تفسير غريب القرآن: 120]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا}.
قال بعضهم:
«السفهاء النساء والصبيان».
وقال بعضهم: « السفهاء اليتامى، والسفهاء يدل على أنّه لا يعني به النساء وحدهن، لأن النساء أكثر ما يستعمل فيهن جمع سفيهة وهو سفائه، ويجوز سفهاء، كما يقال فقيرة وفقراء».
وقال بعضهم، معناه: لا تهبوا للسفهاء أموالكم، وهذا عندي – واللّه أعلم - غير جائز، كذلك قال أصحابنا البصريون بل السفيه أحق بالهبة لتعذّر الكسب عليه، ولو منعنا من الهبة لهم لما جاز أن نورّثهم، وإنما معنى: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم
}، لا تؤتوا السفهاء أموالهم، والدليل على ذلك قوله: {وارزقوهم فيها واكسوهم}.
وقوله: {فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم
}.
وإنما قيل أموالكم لأن معناه الشيء الذي به قوام أمركم، كما قال اللّه: {ثمّ أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم} ولم يكن الرجل منهم يقتل نفسه، ولكن كان بعضهم يقتل بعضا، أي:
« تقتلون الجنس الذي هو جنسكم».
وقرئت " اللاتي جعل اللّه لكم قياما "، وقيما. يقال:
« هذا قوام الأمر وملاكه».
المعنى: التي جعلها الله تقيمكم فتقومون بها قياما، فهو راجع إلى هذا، والمعنى:«جعلها الله قيمة الأشياء فبها يقوم أمركم».
{وقولوا لهم قولا معروفا} أي: علموهم - مع إطعامكم إياهم، وكسوتكم إيّاهم - أمر دينهم... ). [معاني القرآن: 2/13-14]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما}
قال عبد الله بن عمر وجماعة من التابعين:
« السفهاء النساء والصبيان».
وإنما قالوا هذا لأن: السفه في هؤلاء أكثر.
والسفه: الجهل وأصله الخفة يقال ثوب سفيه إذا كان خفيفا، وقيل للفاسق سفيه لأنه لا قدر له عند المؤمنين وهو خفيف في أعينهم هين عليهم، والمعنى: ولا تؤتوا السفهاء فوق ما يحتاجون إليه فيفسدوه والدليل على هذا قوله بعد: {وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا} أي: علموهم أمر دينهم). [معاني القرآن: 2/18-19]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء}أي:
«الجهال، يريد النساء والصبيان ». [تفسير المشكل من غريب القرآن: 58]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({السُّفَهَاء}:
« الجهال».
{قِيَاماً}: وفي معنى قوام). [العمدة في غريب القرآن: 106]

تفسير قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {فإن آنستم مّنهم رشداً...}
يريد: فإن وجدتم، وفي قراءة عبد الله "فإن أحسيتم منهم رشدا".
{فادفعوا إليهم أموالهم} يعني: الأوصياء واليتامى.

وقوله: {وبداراً أن يكبروا} (أن) في موضع نصب، يقول: لا تبادروا كبرهم.
وقوله: {فليأكل بالمعروف} هذا الوصيّ، يقول: يأكل قرضا). [معاني القرآن: 1/257]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): {وابتلوا اليتامى}أي: اختبروهم).
[مجاز القرآن: 1/117]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): {وابتلوا اليتامى حتّى إذا بلغوا النّكاح فإن آنستم مّنهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا ومن كان غنيّاً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى باللّه حسيباً}.
[وقال] {فإن آنستم مّنهم رشداً} وقال: {آنستم} ممدودة، تقول: "آنست منه رشداً وخيراً" و{آنست نارا} مثلها ممدودة وتقول: "أنست بالرّجل" "أنساً" فألف "أنست" مقصورة وألف "أنساً" مضمومة. ويقال "أنسا".
وقال: {إسرافاً وبداراً أن يكبروا} يقول
« لا تأكلوها مبادرة أن يشبّوا ». [معاني القرآن: 1/193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({وابتلوا اليتامى}:
«اختبروهم».
{وبدارا أن يكبروا}:
«مبادرة».
{وكفى بالله حسيبا}:
« كافيا يقال قد أحسبني ما عندك أي كفاني». [غريب القرآن وتفسيره: 115]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({وابتلوا اليتامى} أي:
« اختبروهم».
{حتّى إذا بلغوا النّكاح}أي:«بلغوا أن ينكحوا النساء».
{فإن آنستم منهم رشداً} أي:«علمتم وتبينتم. وأصل آنست: أبصرت».
{وبداراً أن يكبروا} أي:
«تأكلوها مبادرة أن يكبروا فيأخذوها منكم».
{ومن كان غنيًّا فليستعفف} أي:
«ليترك ولا يأكل».
{ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف} أي:
« يقتصد ولا يسرف». [تفسير غريب القرآن:120-121]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ):
«أصل البلاء: الاختبار»، قال الله جل وعلا: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} أي:«اختبروهم».
وقال: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} يعني:
«ما أمر به إبراهيم من ذبح ابنه، صلوات الله عليهما» [تأويل مشكل القرآن: 469]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله - عزّ وجلّ -: {وابتلوا اليتامى حتّى إذا بلغوا النّكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيّا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى باللّه حسيبا
} معناه:« اختبروا اليتامى».
{حتّى إذا بلغوا النّكاح فإن آنستم منهم رشدا
}.
معنى {آنستم}:«علمتم».
ومعنى (الرشد): الطريقة المستقيمة التي تثقون معها بأنّهم يحفظون أموالهم، فادفعوا إليهم أموالهم.
{ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا}
أي: مبادرة كبرهم.
قال بعضهم:
«لا تأكلوها إسرافا، لا تأكلوا منها، وكلوا القوت على قدر نفعكم إياهم في توليكم عليهم».
وقال بعضهم، معنى {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}أي:
«يأكل قرضا ولا يأخذ من مال اليتيم شيئا، لأن المعروف أن يأكل الإنسان ماله »، ولا يأكل مال غيره: قال والدليل على ذلك قوله: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم}). [معاني القرآن: 2/14-15]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح} قال الحسن، أي:
« اختبروهم». [معاني القرآن: 2/19]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): وقوله تعالى: {فإن آنستم منهم رشدا}.
{آنستم} بمعنى: علمتم وأحسستم ومنه قول الشاعر:
آنست نبأة وأفزعها القنا ص عصرا وقد دنا الإمساء
والرشد: الطريقة المستقيمة.
قال مجاهد:«العقل».
وقال سفيان:«العقل والحفظ للمال».
قال أبو جعفر: وهذا من أحسن ما قيل فيه لأنه أجمع أهل العلم على أنه إذا كان عاقلا مصلحا لم يكن ممن يستحق الحجر عليه في ماله). [معاني القرآن: 2/20]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ):(ثم قال تعالى: {فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا} أي:
« مبادرة أن يكبروا فيأخذوها منكم». [معاني القرآن: 2/21]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): وقوله عز وجل: {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}
في هذه الآية أقوال:
أجودها: أن لولي اليتيم ما للولي أن يأخذ منه إن كان فقيرا بمقدار ما يقوم به وكذلك روي عن عمر أنه قال:«أنا في هذا المال بمنزلة ولي اليتيم يأخذ منه ما يصلحه إذا احتاج ».
وروى القاسم بن محمد أن أعرابيا سأل ابن عباس ما يحل لي من مال يتيمي فرخص له
«أن يأخذ منه إذا كان يخدمه ما لم يسرف».
وقال عبيدة والشعبي وأبو العالية:«ليس له أن يأخذ شيئا إلا قرضا».
وحدثنا عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، قال حدثنا داود الضبي، قال حدثنا عبد الله بن المبارك عن عاصم عن أبي العالية {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قال:« قرضا»، ثم تلا هذه الآية {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم}.
وقال أبو يحيى عن مجاهد:«ليس له أن يأخذ قرضا ولا غير ذلك».
وقال بهذا القول من الفقهاء أبو يوسف وذهب إلى أن الآية منسوخة نسخها قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة} وليس بتجارة). [معاني القرآن: 2/21-23]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({وَابْتَلُواْ}
« اختبروا».
و{آنَسْتُم} أي:«علمتم وتبينتم، وأصله أبصرتم».
{وَبِدَارً} أي:
«مبادرة»، {أَن يَكْبَرُواْ} « فيأخذوا أموالهم». [تفسير المشكل من غريب القرآن: 58]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ):{آنَسْتُم}:
« علمتم».
{رُشْداً}: « صلاحاً».
{إِسْرَافاً}:
«مجاوزة الحد ».
{وبِدَاراً}:
«مبادرة».
{وابْتَلُواْ}:
« اخبروا».
{حَسِيباً}:
«كافياً». [العمدة في غريب القرآن:106-107]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 09:52 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5) }.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : أبو عبيدة: هو قوام أهل بيته وقيام أهل بيته ومنه قوله عز وجل: {التي جعل الله لكم قيامًا}). [الغريب المصنف: 3/661]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : في حديث النبي صلى الله عليه وسلم :«أنه نهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال، ونهى عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات».
يقال: إن قوله: إضاعة المال، أن يكون في وجهين: أما أحدهما وهو الأصل: فما أنفق في معاصي الله –عز وجل-، وهو السرف الذي عابه الله تبارك وتعالى ونهى عنه فيما أخبرني به
ابن مهدي: «إن كل ما أنفق في غير طاعة الله سبحانه من قليل أو كثير فهو سرف.
والوجه الآخر: دفع المال إلى ربه وليس له بموضع، ألا تراه قد خص أموال اليتامى فقال تبارك وتعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وأشهدوا عليهم}.
حدثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد في قوله: {فإن آنستم منهم رشدا}، قال: العقل.
حدثنا يزيد عن هشام عن الحسن قال: صلاحا في دينه وحفظا لماله.
هذا هو الأصل في الحجر على المفسد لماله، ألا تراه قد أمر بمنع اليتيم ماله فهل يكون الحجر إلا هكذا؟ ومنه قوله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما}.
وكذلك قوله سبحانه: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام} فهذا كله وأشباهه فيما نهى الله سبحانه عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم من إضاعة المال). [غريب الحديث: 3/411-413]

تفسير قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ):
كم من فقير بإذن الله قد جبرت ..... وذي غنى بوأته دار محروب

لم يقل فيه أبو عكرمة شيئًا، وقال عبد الله الرستمي: قال يعقوب: الفقير الذي له بلغة من العيش والمسكين الذي لا شيء له، قال وقال يونس سألت أعرابيًا فقلت: أمسكين أنت أم فقير؟، فقال: لا بل مسكين واحتج بقول الراعي:


أما الفقير الذي كانت حلوبته ..... وفق العيال فلم يترك له سبد
وجبرت أغنت ولمت شعثه، يقال جبرت العظم إذا لأمته وأصلحته، والجبارة العود الذي يشد على العظم الكسير والجمع الجبائر، قال الأعشى:

ونهيض ظالعنا وليـ ـس ...... لعظم مكسور جباره
يقول ما ظلع من أموالنا نحرناه ولم نجبره، وبوأته أنزلته يقال بوأته منزلاً، قال الراعي:

لها أمرها حتى إذا ما تبوأت ..... بأخفافها مأوى تبوأ مضجعا
والمحروب الذي قد حرب ماله، وحربت الرجل أغضبته، وسنان محرب أي محدد، يقول كم من ذي غنى قد أغارت عليه فأنزلته داره محروبة، والمحروب هو هذا الغني بعينه ولم يرد أنه آتى دار محروب آخر فنزلها، ويقال إن معناه تركته محروبًا وليس هناك دار كما تقول أنزلت فلانًا دار الهوان أي أهنته وليس هناك دار، فهذا قول يعقوب في هذا البيت، وقال أحمد بن عبيد: الفقير الذي لا شيء له البتة والمسكين الذي له دون البلغة، وبدأ الله تعالى بالفقراء قبل المساكين إذا قال: {للفقراء والمساكين}، لأنهم أشد منهم حالاً، قال: وبيت الراعي على غير ما تأولوه والمعنى أنه اليوم فقير لم يترك له سبد صار فقيرًا وقبل اليوم كانت له حلوبة، والذي له حلوبة ليس بفقير، قال: ووفق قدر، ومن له قدر ما يكفيه فليس بفقير، ومنه قول الله تعالى: {ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} أي من كان له قوت فلا يأكل من مال اليتيم ومن كان فقيرًا لا شيء له فليأكل بالمعروف بقدر ما يكفيه، وليس لمن كان له قوت أن يأكل من مال اليتيم شيئًا). [شرح المفضليات: 235-236] (م)
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (وآنست: أبصرت، قال الله عز وجل: {فإن آنستم منهم رشدًا}. [الأمالي: 1/135]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (وآنس: أبصر، قال الله عز وجل، {فإن آنستم منهم رشدًا}. [الأمالي: 2/242]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 09:52 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفاسير القرن الرابع الهجري

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 09:52 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفاسير القرن الخامس الهجري

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 05:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 05:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 05:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 05:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5) }.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : وقوله ولا تؤتوا السّفهاء الآية، اختلف المتأولون في المراد ب السّفهاء، فقال ابن مسعود والسدي والضحاك والحسن وغيرهم:«نزلت في ولد الرجل الصغار وامرأته»، وقال سعيد بن جبير: «نزلت في المحجورين «السفهاء» وقال مجاهد:«نزلت في النساء خاصة»، وروي عن عبد الله بن عمر «أنه مرت به امرأة لها شارة فقال لها ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الآية »، وقال أبو موسى الأشعري والطبري وغيرهما: «نزلت في كل من اقتضى الصفة التي شرط الله من السفه كان من كان، وقول من خصها بالنساء يضعف من جهة الجمع، فإن العرب إنما تجمع فعيلة على فعائل أو فعيلات، وقوله: أموالكم يريد أموال المخاطبين»، هذا قول أبي موسى الأشعري وابن عباس والحسن وقتادة، وقال سعيد بن جبير: «يريد أموال «السفهاء»، وأضافها إلى المخاطبين تغبيطا بالأموال، أي هي لهم إذا احتاجوا، كأموالكم لكم التي تقي أعراضكم، وتصونكم وتعظم أقداركم، ومن مثل هذا ولا تقتلوا أنفسكم وما جرى مجراه، وقرأ الحسن بن أبي الحسن والنخعي «اللاتي» والأموال: جمع لما لا يعقل، فالأصوب فيه قراءة الجماعة، وقيما جمع قيمة كديمة وديم، وخطأ ذلك أبو علي وقال: هي مصدر كقيام وقوام وأصلها قوم، ولكن شذت في الرد إلى الياء كما شذ قولهم: جياد في جمع جواد، وكما قالت بنو ضبة: طويل وطيال، ونحو هذا، وقوما وقواما وقياما، معناها: ثباتا في صلاح الحال، ودواما في ذلك، وقرأ نافع وابن عامر قيما بغير ألف، وروي أن أبا عمرو فتح القاف من قوله: قواما، وقياما- كان أصله قواما، فردت كسرة القاف الواو ياء للتناسب، ذكرها ابن مجاهد ولم ينسبها، وهي قراءة أبي عمرو والحسن، وقرأ الباقون قياماً وقرأت طائفة «قواما»، وقوله: وارزقوهم فيها واكسوهم قيل: معناه: فيمن يلزم الرجل نفقته وكسوته من زوجه وبنيه الأصاغر، وقيل: في المحجورين من أموالهم، ومعروفاً قيل: معناه: ادعوا لهم: بارك الله فيكم وحاطكم وصنع لكم، وقيل: معناه عدوهم وعدا حسنا، أي إن رشدتم دفعنا إليكم أموالكم، ومعنى اللفظ كل كلام تعرفه النفوس وتأنس إليه ويقتضيه الشرع). [المحرر الوجيز: 2/470-471]

تفسير قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6) }.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : قوله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتّى إذا بلغوا النّكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى باللّه حسيباً (6)}.
هذه مخاطبة للجميع، والمعنى: يخلص التلبس بهذا الأمر للأوصياء، والابتلاء: الاختبار، وبلغوا النّكاح، معناه: بلغوا مبلغ الرجال بحلم وحيض أو ما يوازيه، ومعناه: جربوا عقولهم وقرائحهم وتصرفهم، وآنستم، معناه علمتم وشعرتم وخبرتم، كما قال الشاعر: [الخفيف]
آنست نبأة وأفزعها القنّاص ..... عصرا وقد دنا الإمساء
وقرأ ابن مسعود- «حستم» - بالحاء وسكون السين على مثال فعلتم، وقرأ أبو عبد الرحمن وأبو السمال وابن مسعود وعيسى الثقفي: «رشدا» بفتح الراء والشين والمعنى واحد، ومالك رحمه الله يرى الشرطين:
البلوغ، والرشد المختبر، وحينئذ يدفع المال، وأبو حنيفة يرى أن يدفع المال بالشرط الواحد ما لم يحتفظ له سفه كما أبيحت التسرية بالشرط الواحد وكتاب الله قد قيدها بعدم الطول وخوف العنت، إلى غير ذلك من الأمثلة، كاليمين والحنث اللذين بعدهما تجب الكفارة، ولكنها تجوز قبل الحنث.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والتمثيل عندي في دفع المال بنوازل الشرطين غير صحيح، وذلك أن البلوغ لم تسقه الآية سياق الشرط، ولكنه حالة الغالب على بني آدم أن تلتئم عقولهم فيها، فهو الوقت الذي لا يعتبر شرط الرشد إلا فيه، فقال: إذا بلغ ذلك الوقت فلينظر إلى الشرط وهو الرشد حينئذ، وفصاحة الكلام تدل على ذلك، لأن التوقيف بالبلوغ جاء «بإذا» والمشروط جاء «بإن» التي هي قاعدة حروف الشرط، وإذا ليست بحرف شرط لحصول ما بعدها، وأجاز سيبويه أن يجازى بها في الشعر، وقال: فعلوا ذلك مضطرين، وإنما جوزي بها لأنها تحتاج إلى جواب، ولأنها يليها الفعل مظهرا أو مضمرا، واحتج الخليل على منع شرطيتها بحصول ما بعدها، ألا ترى أنك تقول أجيئك إذا احمر البسر، ولا تقول: إن احمر البسر، وقال الحسن وقتادة:« الرشد في العقل والدين»، وقال ابن عباس: «بل في العقل وتدبير المال لا غير»، وهو قول ابن القاسم في مذهبنا، والرواية الأخرى: أنه في العقل والدين مروية عن مالك، وقالت فرقة:
دفع الوصي المال إلى المحجور يفتقر إلى أن يرفعه إلى السلطان ويثبت عنده رشده، أو يكون ممن يأمنه الحاكم في مثل ذلك، وقالت فرقة: ذلك موكول إلى اجتهاد الوصي دون أن يحتاج إلى رفعه إلى السلطان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «والصواب في أوصياء زمننا أن لا يستغنى عن رفعه إلى السلطان وثبوت الرشد عنده، لما حفظ من تواطؤ الأوصياء على أن يرشد الوصي ويبرى المحجور لسفهه وقلة تحصيله في ذلك الوقت»، وقوله: ولا تأكلوها الآية، نهي من الله تعالى للأوصياء عن أكل أموال اليتامى بغير الواجب المباح لهم، والإسراف: الإفراط في الفعل، والسرف الخطأ في مواضع الإنفاق، ومنه قول الشاعر [جرير]: [البسيط]
... ... ... ... ...... ما في عطائهم منّ ولا سرف
أي لا يخطئون مواضع العطاء. وبداراً: معناه مبادرة كبرهم، أي إن الوصي يستغنم مال محجوره فيأكل ويقول:« أبادر كبره لئلا يرشد ويأخذ ماله»، قاله ابن عباس وغيره. وأن يكبروا نصب ببدارا، ويجوز أن يكون التقدير مخافة أن وقوله: ومن كان غنيًّا فليستعفف الآية، يقال: عف الرجل عن الشيء واستعف: إذا أمسك، فأمر الغني بالإمساك عن مال اليتيم، وأباح الله للوصي الفقير أن يأكل من مال يتيمه بالمعروف، واختلف العلماء في حد المعروف، فقال عمر بن الخطاب وابن عباس وعبيدة وابن جبير والشعبي ومجاهد وأبو العالية: «إن ذلك القرض أن يتسلف من مال يتيمه ويقضي إذا أيسر، ولا يتسلف أكثر من حاجته»، وقال ابن عباس أيضا وعكرمة والسدي وعطاء: روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: «إني نزلت من مال الله منزلة والي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن احتجت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت». وروي عن إبراهيم وعطاء وغيرهما أنه لا قضاء على الوصي الفقير فيما أكل بالمعروف، قال الحسن: « هي طعمة من الله له، وذلك أن يأكل ما يقيمه أكلا بأطراف الأصابع، ولا يكتسي منه بوجه»، وقال إبراهيم النخعي ومكحول:« يأكل ما يقيمه ويكتسي ما يستر عورته، ولا يلبس الكتان والحلل»، وقال ابن عباس وأبو العالية والحسن والشعبي: « إنما يأكل الوصي بالمعروف إذا شرب من اللبن وأكل من الثمر بما يهنأ الجربى ويليط الحوض ويجد الثمر وما أشبهه»، وقالت فرقة: «المعروف أن يكون له أجر بقدر عمله وخدمته»، وقال الحسن بن حي: «إن كان وصي أب فله الأكل بالمعروف، وإن كان وصي حاكم فلا سبيل له إلى المال بوجه»، وقال ابن عباس والنخعي: «المراد أن يأكل الوصي بالمعروف من ماله حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم»، وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: «المراد اليتامى في الحالين، أي: من كان منهم غنيا فليعف بماله، ومن كان فقيرا فليتقتر عليه بالمعروف والاقتصاد، وقوله: فإذا دفعتم الآية. أمر من الله بالتحرز والحزم، وهذا هو الأصل في الإشهاد في المدفوعات كلها، إذا كان حبسها أولا معروفا »، وقالت فرقة: «الإشهاد هاهنا فرض»وقالت فرقة:«هو ندب إلى الحزم»، وروى عمر بن الخطاب وابن جبيرة «أن هذا هو دفع ما يستقرضه الوصي الفقير إذا أيسر، واللفظ يعم هذا وسواه، والحسيب هنا المحسب، أي هو كاف من الشهود»، هكذا قال الطبري، والأظهر حسيباً معناه: «حاسبا أعمالكم ومجازيا بها، ففي هذا وعيد لكل جاحد حق». [المحرر الوجيز: 2/471-474]


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 05:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 05:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5) }.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل اللّه لكم قيامًا وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولًا معروفًا (5) وابتلوا اليتامى حتّى إذا بلغوا النّكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى باللّه حسيبًا (6) }.
ينهى تعالى عن تمكين السّفهاء من التّصرّف في الأموال الّتي جعلها اللّه للنّاس قيامًا، أي: تقوم بها معايشهم من التّجارات وغيرها. ومن هاهنا يؤخذ الحجر على السّفهاء، وهم أقسامٌ: فتارةً يكون الحجر للصّغر؛ فإنّ الصّغير مسلوب العبارة. وتارةً يكون الحجر للجنون، وتارةً لسوء التّصرّف لنقص العقل أو الدّين، وتارةً يكون الحجر للفلس، وهو ما إذا أحاطت الدّيون برجلٍ وضاق ماله عن وفائها، فإذا سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه حجر عليه.
وقد قال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال:«هم بنوك والنّساء»، وكذا قال ابن مسعودٍ، والحكم بن عتيبة والحسن، والضّحّاك:«هم النّساء والصّبيان».
وقال سعيد بن جبير: «هم اليتامى». وقال مجاهدٌ وعكرمة وقتادة: «هم النّساء».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا هشام بن عمّار، حدّثنا صدقة بن خالدٍ، حدّثنا عثمان بن أبي العائكة، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:«وإنّ النّساء السّفهاء إلّا الّتي أطاعت قيّمها».
ورواه ابن مردويه مطوّلًا.
وقال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن مسلم بن إبراهيم، حدّثنا حرب بن سريج عن معاوية بن قرّة عن أبي هريرة {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} قال: «الخدم، وهم شياطين الإنس وهم الخدم».
وقوله: {وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفًا} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ يقول تعالى لا تعمد إلى مالك وما خوّلك اللّه، وجعله معيشةً، فتعطيه امرأتك أو بنيك، ثمّ تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن أمسك مالك وأصلحه، وكن أنت الّذي تنفق عليهم من كسوتهم ومؤنتهم ورزقهم.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن المثنّى: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن فراس، عن الشّعبيّ، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: ثلاثةٌ يدعون اللّه فلا يستجيب لهم: رجلٌ كانت له امرأةٌ سيّئة الخلق فلم يطلقها، ورجلٌ أعطى ماله سفيهًا، وقد قال: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم} ورجلٌ كان له على رجلٍ دينٌ فلم يشهد عليه.
وقال مجاهدٌ: {وقولوا لهم قولا معروفًا} يعني في« البرّ والصّلة».
وهذه الآية الكريمة انتظمت الإحسان إلى العائلة، ومن تحت الحجر بالفعل، من الإنفاق في الكساوى والإنفاق والكلام الطّيّب، وتحسين الأخلاق). [تفسير القرآن العظيم: 2/214-215]

تفسير قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6) }.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : وقوله تعالى: {وابتلوا اليتامى} قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والحسن، والسّدّيّ، ومقاتل بن حيّان: أي اختبروهم {حتّى إذا بلغوا النّكاح} قال مجاهدٌ: «يعني: الحلم». قال الجمهور من العلماء:« البلوغ في الغلام تارةً يكون بالحلم، وهو أن يرى في منامه ما ينزل به الماء الدّافق الّذي يكون منه الولد». وقد روى أبو داود في سننه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، قال: حفظت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يتم بعد احتلامٍ ولا صمات يومٍ إلى اللّيل ».
وفي الحديث الآخر عن عائشة وغيرها من الصّحابة، رضي اللّه عنهم، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: « رفع القلم عن ثلاثةٍ: عن الصّبيّ حتّى يحتلم، وعن النّائم حتّى يستيقظ، وعن المجنون حتّى يفيق » أو يستكمل خمس عشرة سنةً، وأخذوا ذلك من الحديث الثّابت في الصّحيحين عن عبد اللّه بن عمر قال: «عرضت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة، فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني، فقال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز -لمّا بلغه هذا الحديث -إنّ هذا الفرق بين الصّغير والكبير».
واختلفوا في إنبات الشّعر الخشن حول الفرج، وهو الشّعرة، هل تدل على بلوغٍ أم لا؟ على ثلاثة أقوالٍ، يفرّق في الثّالث بين صبيان المسلمين، فلا يدلّ على ذلك لاحتمال المعالجة، وبين صبيان أهل الذّمّة فيكون بلوغًا في حقّهم؛ لأنّه لا يتعجّل بها إلّا ضرب الجزية عليه، فلا يعالجها. والصّحيح أنّها بلوغٌ في حقّ الجميع لأنّ هذا أمرٌ جبلّيٌّ يستوي فيه النّاس، واحتمال المعالجة بعيدٌ، ثمّ قد دلّت السّنّة على ذلك في الحديث الّذي رواه الإمام أحمد، عن عطيّة القرظيّ، رضي اللّه عنه قال: عرضنا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم قريظة فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلّي سبيله، فكنت فيمن لم ينبت، فخلّى سبيلي.
وقد أخرجه أهل السّنن الأربعة بنحوه وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ. وإنّما كان كذلك؛ لأنّ سعد بن معاذٍ، رضي اللّه عنه، كان قد حكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي الذّرّيّة.
وقال الإمام أبو عبيدٍ القاسم بن سلّامٍ في كتاب "الغريب": حدّثنا ابن عليّة، عن إسماعيل بن أميّة، عن محمّد بن يحيى بن حيّان، عن عمر: أنّ غلامًا ابتهر جاريةً في شعره، فقال عمر، رضي اللّه عنه: انظروا إليه. فلم يوجد أنبت، فدرأ عنه الحد. قال أبو عبيد: ابتهرها: أي قذفها، والابتهار أن يقول: فعلت بها وهو كاذبٌ فإن كان صادقًا فهو الابتيار، قال الكميت في شعره.
قبيحٌ بمثلي نعت الفتاة ..... إمّا ابتهارًا وإمّا ابتيارا
وقوله: {فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم} قال سعيد بن جبيرٍ: يعني: «صلاحا في دينهم وحفظًا لأموالهم». وكذا روي عن ابن عبّاسٍ، والحسن البصريّ، وغير واحدٍ من الأئمّة. وهكذا قال الفقهاء « متى بلغ الغلام مصلحًا لدينه وماله، انفكّ الحجر عنه، فيسلّم إليه ماله الّذي تحت يد وليّه بطريقه».
وقوله: {ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا} ينهى تعالى عن أكل أموال اليتامى من غير حاجةٍ ضروريّةٍ إسرافًا ومبادرةً قبل بلوغهم.
ثمّ قال تعالى: {ومن كان غنيًّا فليستعفف} أي من كان في غنية عن مال اليتيم فليستعفف عنه، ولا يأكل منه شيئًا. قال الشّعبيّ: هو عليه كالميتة والدّم.
{ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الأشجّ، حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، حدّثنا هشامٌ، عن أبيه، عن عائشة: {ومن كان غنيًّا فليستعفف} نزلت في مال اليتيم.
وحدّثنا الأشجّ وهارون بن إسحاق قالا حدّثنا عبدة بن سليمان، عن هشامٍ، عن أبيه، عن، قالت: « نزلت في والي اليتيم الّذي يقوم عليه ويصلحه إذا كان محتاجًا أن يأكل منه».
وحدّثنا أبي، حدّثنا محمّدٌ بن سعيدٍ الأصبهانيّ، حدّثنا عليّ بن مسهرٍ، عن هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية في والي اليتيم {ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} بقدر قيامه عليه.
ورواه البخاريّ عن إسحاق عن عبد اللّه بن نمير، عن هشامٍ، به.
قال الفقهاء: له أن يأكل أقلّ الأمرين: أجرة مثله أو قدر حاجته. واختلفوا: هل يردّ إذا أيسر، على قولين: أحدهما: لا؛ لأنّه أكل بأجرة عمله وكان فقيرًا. وهذا هو الصّحيح عند أصحاب الشّافعيّ؛ لأنّ الآية أباحت الأكل من غير بدلٍ. وقد قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الوهّاب، حدّثنا حسينٌ، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنّ رجلًا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ليس لي مالٌ ولي يتيمٌ؟ فقال: «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثّل مالا ومن غير أن تقي مالك»-أو قال: تفدي مالك -بماله" شكّ حسينٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، حدّثنا حسينٌ المكتب، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إنّ عندي يتيمًا عنده مالٌ -وليس عنده شيءٌ ما -آكل من ماله؟ قال: « بالمعروف غير مسرف».
ورواه أبو داود، والنّسائيّ، وابن ماجه من حديث حسينٍ المعلّم به.
وروى أبو حاتم ابن حبّان في صحيحه، وابن مردويه في تفسيره من حديث يعلى بن مهديٍّ، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عامرٍ الخزّاز، عن عمرو بن دينارٍ، عن جابرٍ: أنّ رجلًا قال: يا رسول اللّه، فيم أضرب يتيمي؟ قال: «ما كنت ضاربًا منه ولدك، غير واقٍ مالك بماله، ولا متأثّلٍ منه مالًا».
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا الحسن بن يحيى، أخبرنا عبد الرّزّاق، أخبرنا الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمّدٍ قال: جاء أعرابيٌّ إلى ابن عبّاسٍ فقال: إنّ في حجري أيتامًا، وإنّ لهم إبلًا ولي إبلٌ، وأنا أمنح في إبلي وأفقر فماذا يحلّ لي من ألبانها؟ فقال: «إن كنت تبغي ضالّتها وتهنأ جرباها، وتلوط حوضها، وتسقي عليها، فاشرب غير مضر بنسلٍ، ولا ناهكٍ في الحلب».
ورواه مالكٌ في موطّئه، عن يحيى بن سعيدٍ به.
وبهذا القول -وهو عدم أداء البدل -يقول عطاء بن أبي رباحٍ، وعكرمة، وإبراهيم النّخعيّ، وعطيّة العوفي، والحسن البصريّ.
والثّاني: نعم؛ لأنّ مال اليتيم على الحظر، وإنّما أبيح للحاجة، فيردّ بدله كأكل مال الغير للمضطرّ عند الحاجة. وقد قال أبو بكر ابن أبي الدّنيا: حدّثنا ابن خيثمة، حدّثنا وكيع، عن سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب قال: قال عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه:«إنّى أنزلت نفسي من هذا المال بمنزلة والي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن احتجت استقرضت، فإذا أيسرت قضيت».
طريقٌ أخرى: قال سعيد بن منصورٍ: حدّثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: قال لي عمر، رضي الله عنه: «إنى أنزلت نفسي من مال اللّه بمنزلة والي اليتيم، إن احتجت أخذت منه، فإذا أيسرت رددته، وإن استغنيت استعففت».
إسنادٌ صحيحٌ وروى البيهقيّ عن ابن عبّاسٍ نحو ذلك. وهكذا رواه ابن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} يعني: «القرض». قال: وروي عن عبيدة، وأبي العالية، وأبي وائلٍ، وسعيد بن جبير -في إحدى الرّوايات -ومجاهدٍ، والضّحّاك، والسّدّيّ نحو ذلك. وروي من طريق السّدّيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {فليأكل بالمعروف} قال:« يأكل بثلاث أصابع».
ثمّ قال: حدّثنا أحمد بن سنانٍ، حدّثنا ابن مهديّ، حدّثنا سفيان، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عبّاسٍ: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال:«يأكل من ماله، يقوت على يتيمه حتّى لا يحتاج إلى مال اليتيم». قال: وروي عن مجاهدٍ وميمون بن مهران في إحدى الرّوايات والحكم نحو ذلك.
وقال عامرٌ الشّعبيّ: «لا يأكل منه إلّا أن يضطرّ إليه، كما يضطرّ إلى أكل الميتة، فإن أكل منه قضاه». رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال ابن وهبٍ: حدّثني نافع بن أبي نعيم القارئ قال: سألت يحيى بن سعيدٍ الأنصاريّ وربيعة عن قول اللّه: {فليأكل بالمعروف} فقالا ذلك في اليتيم، إن كان فقيرًا أنفق عليه بقدر فقره، ولم يكن للوليّ منه شيءٌ.
وهذا بعيدٌ من السّياق؛ لأنّه قال: {ومن كان غنيًّا فليستعفف} يعني: من الأولياء {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} أي: منهم {فليأكل بالمعروف} أي: بالّتي هي أحسن، كما قال في الآية الأخرى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالّتي هي أحسن حتّى يبلغ أشدّه} أي: « لا تقربوه إلّا مصلحين له، وإن احتجتم إليه أكلتم منه بالمعروف».
وقوله: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم} يعني: بعد بلوغهم الحلم وإيناس الرّشد منهم فحينئذٍ سلّموهم أموالهم، فإذا دفعتم إليهم أموالهم {فأشهدوا عليهم} وهذا أمر اللّه تعالى للأولياء أن يشهدوا على الأيتام إذا بلغوا الحلم وسلّموا إليهم أموالهم؛ لئلّا يقع من بعضهم جحود وإنكار لما قبضه وتسلمه.
ثمّ قال: {وكفى باللّه حسيبًا} أي: وكفى باللّه محاسبًا وشهيدًا ورقيبًا على الأولياء في حال نظرهم للأيتام، وحال تسليمهم للأموال: هل هي كاملةٌ موفّرةٌ، أو منقوصةٌ مبخوسة مدخلةٌ مروّجٌ حسابها مدلّسٌ أمورها؟ اللّه عالمٌ بذلك كلّه. ولهذا ثبت في صحيح مسلمٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: « يا أبا ذرٍّ، إنّي أراك ضعيفًا، وإنّي أحبّ لك ما أحبّ لنفسي، لا تأمّرن على اثنين، ولا تلينّ مال يتيم ». [تفسير القرآن العظيم: 2/215-218]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة