العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنعام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 10:29 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأنعام [ من الآية (164) إلى الآية (165) ]

{قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 10:14 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل أغير اللّه أبغي ربًّا وهو ربّ كلّ شيءٍ ولا تكسب كلّ نفسٍ إلاّ عليها ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل} يا محمّد لهؤلاء العادلين بربّهم الأوثان، الدّاعيك إلى عبادة الأصنام واتّباع خطوات الشّيطان: {أغير اللّه أبغي ربًّا}؛ يقول: أسوى اللّه أطلب سيّدًا يسودني. {وهو ربّ كلّ شيءٍ}؛ يقول: وهو سيّد كلّ شيءٍ دونه، ومدبّره ومصلحه. {ولا تكسب كلّ نفسٍ إلاّ عليها}؛ يقول: ولا تجترح نفسٌ إثمًا إلاّ عليها، أي لا يؤخذ بما أتت من معصية اللّه تبارك وتعالى وركبت من الخطيئة سواها، بل كلّ ذي إثمٍ فهو المعاقب بإثمه والمأخوذ بذنبه. {ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى}؛ يقول: ولا تأثم نفسٌ آثمةٌ بإثم نفسٍ أخرى غيرها، ولكنّها تأثم بإثمها وعليه تعاقب دون إثم أخرى غيرها.
وإنّما يعني بذلك المشركين الّذين أمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول هذا القول لهم، يقول: قل لهم: إنّا لسنا مأخوذين بآثامكم، وعليكم عقوبة إجرامكم، ولنا جزاء أعمالنا. وهذا كما أمره اللّه جلّ ثناؤه في موضعٍ آخر أن يقول لهم: {لكم دينكم ولي دينٌ}.
- وذلك كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قال: كان في ذلك الزّمان لا مخرج للعلماء العابدين إلاّ إحدى خلّتين، إحداهما أفضل من صاحبتها: إمّا أمرٌ ودعاءٌ إلى الحقّ، أو الاعتزال، فلا تشارك أهل الباطل في عملهم، وتؤدّي الفرائض فيما بينك وبين ربّك، وتحبّ للّه، وتبغض للّه، ولا تشارك أحدًا في إثمٍ. قال: وقد أنزل في ذلك آيةً محكمةً: {قل أغير اللّه أبغي ربًّا وهو ربّ كلّ شيءٍ} إلى قوله: {فيه تختلفون}، وفي ذلك قال: {وما تفرّق الّذين أوتوا الكتاب إلاّ من بعد ما جاءتهم البيّنة}.
يقال من الوزر: وزر يوزر، فهو وزيرٌ، ووزر يوزر فهو موزورٌ). [جامع البيان: 10/ 48-49]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهؤلاء العادلين بربّهم الأوثان: كلّ عاملٍ منّا ومنكم فله ثواب عمله وعليه وزره، فاعملوا ما أنتم عاملوه. {ثمّ إلى ربّكم} أيّها النّاس {مرجعكم}؛ يقول: ثمّ إليه مصيركم ومنقلبكم، {فينبّئكم بما كنتم فيه} في الدّنيا {تختلفون} من الأديان والملل، إذ كان بعضكم يدين باليهوديّة، وبعضٌ بالنّصرانيّة، وبعضٌ بالمجوسيّة، وبعضٌ بعبادة الأصنام وادّعائه الشّركاء مع اللّه والأنداد، ثمّ يجازى جميعكم بما كان يعمل في الدّنيا من خيرٍ أو شرٍّ، فتعلموا حينئذٍ من المحسن منّا والمسيء). [جامع البيان: 10/ 49]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قل أغير اللّه أبغي ربًّا وهو ربّ كلّ شيءٍ ولا تكسب كلّ نفسٍ إلّا عليها ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون (164)}
قوله تعالى: {قل أغير اللّه أبغي ربًّا وهو ربّ كلّ شيءٍ، ولا تكسب كلّ نفس إلاّ عليها}
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن وهب بن عطيّة الدّمشقيّ ثنا الوليد بن مسلمٍ ثنا القاسم بن هزّان حدّثني الزّهريّ حدّثني سعيد بن مرجانة قال: قال ابن عبّاسٍ: عليها ما اكتسبت، من العمل.
- حدّثنا أبي ثنا قبيصة ثنا سفيان عن موسى بن عبيدة عن خالد بن زيدٍ عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ: عليها ما اكتسبت من الشّرّ.
قوله: {ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى}.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا عبدة بن سليمان عن هاشم بن عروة عن أبيه قال: سئلت عائشة عن ولد الزّنا؟ فقالت: ليس عليه من خطيئة أبويه شيءٌ، وقالت: ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى.
قوله: {ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبئكم ... الآية}.
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الرّبيع بن أنسٍ قال: يبعثهم من بعد الموت، فيبعث أولياءه وأعداءه فينبّئهم بأعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}؛ قال: لا يؤخذ أحد بذنب غيره.
- وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ليس على ولد الزنا من وزر أبويه شيء لا تزر وازرة وزر أخرى».
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي مليكة قال: توفيت أم عمر وبنت أبان بن عثمان فحضرت الجنازة فسمع ابن عمر بكاء فقال: ألا تنهى هؤلاء عن البكاء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الميت يعذب ببكاء الحي عليه فأتيت عائشة فذكرت ذلك لها»؛ فقالت: والله إنك لتخبرني عن غير كاذب ولا متهم ولكن السمع يخطى ء وفي القرآن ما يكفيكم {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
- وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن عروة قال: سئلت عائشة عن ولد الزنا فقالت: ليس عليه من خطيئة أبويه شيء وقرأت: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
- وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال: ولد الزنا خير الثلاثة إنما هذا شيء قاله كعب هو شر الثلاثة.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قال: لا يحمل الله على عبد ذنب غيره ولا يؤاخذه إلا بعمله). [الدر المنثور: 6/ 308-309]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ ليبلوكم في ما آتاكم}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وأمّته: واللّه {الّذي جعلكم} أيّها النّاس {خلائف الأرض} بأن أهلك من كان قبلكم من القرون والأمم الخالية، واستخلفكم فجعلكم خلائف منهم في الأرض، تخلفونهم فيها، وتعمرونها بعدهم.
والخلائف: جمع خليفةٍ، كما الوصائف جمع وصيفةٍ، وهي من قول القائل: خلف فلانٌ فلانًا في داره يخلفه فهو خليفةٌ فيها، كما قال الشّمّاخ:
تصيبهم وتخطئني المنايا ....... وأخلف في ربوعٍ عن ربوع
- وذلك كما حدّثني الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض} قال: أمّا خلائف الأرض: فأهلك القرون، واستخلفنا فيها بعدهم.
وأمّا قوله: {ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ}، فإنّه يقول: وخالف بين أحوالكم، فجعل بعضكم فوق بعضٍ، بأن رفع هذا على هذا بما بسط لهذا من الرّزق ففضّله بما أعطاه من المال والغنى على هذا الفقير فيما خوّله من أسباب الدّنيا، وهذا على هذا بما أعطاه من الأيد والقوّة على هذا الضّعيف الواهن القوى، فخالف بينهم بأن رفع من درجة هذا على درجة هذا، وخفض من درجة هذا عن درجة هذا.
- وذلك كالّذي حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ} يقول: في الرّزق..
وأمّا قوله: {ليبلوكم فيما آتاكم} فإنّه يعني: ليختبركم فيما خوّلكم من فضله ومنحكم من رزقه، فيعلم المطيع له منكم فيما أمره به ونهاه عنه والعاصي، ومن المؤدّي ممّا آتاه الحقّ الّذي أمره بأدائه منه والمفرّط في أدائه). [جامع البيان: 10/ 50-51]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفورٌ رحيمٌ}.
يقول جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ ربّك يا محمّد لسريع العقاب لمن أسخطه بارتكابه معاصيه وخلافه أمره فيما أمره به ونهاه، ولمن ابتلى منه فيما منحه من فضله وطوله، تولّيًا وإدبارًا عنه، مع إنعامه عليه وتمكينه إيّاه في الأرض، كما فعل بالقرون السّالفة. {وإنّه لغفورٌ}: وإنّه لساترٌ ذنوب من ابتلى منه إقبالاً إليه بالطّاعة عند ابتلائه إيّاه بنعمةٍ، واختباره إيّاه بأمره ونهيه، فمغطٍّ عليه فيها وتاركٌ فضيحته بها في موقف الحساب. {رحيمٌ} بتركه عقوبته على سالف ذنوبه الّتي سلفت بينه وبينه إذ تاب وأناب إليه قبل لقائه ومصيره إليه). [جامع البيان: 10/ 51]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ ليبلوكم في ما آتاكم إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفورٌ رحيمٌ (165)}
قوله: {وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله:
{وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض}، أمّا خلائف الأرض، فأهلك القرون واستخلفنا فيها من بعدهم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ قال: سمعت أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، في قوله:
{وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض}، قال: يستخلف في الأرض قومًا بعد قومٍ، وقومًا بعد قومٍ.
قوله: {ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ}.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن المفضّل ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ، قوله: {ورفع بعضكم فوق بعضٍ}، يقول: في الرّزق.
- قرأت على محمّد بن الفضل ثنا محمّد بن عليٍّ ثنا محمّد بن مزاحمٍ عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان: قوله: {ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ}، يعني: في الفضل والغنى.
قوله تعالى: {ليبلوكم}.
- وبه عن مقاتل بن حيّان: قوله:{ ليبلوكم في ما آتاكم}، يقول: ليبتليكم فيبلو الغنيّ والفقير، والشّريف والوضيع، والحرّ والعبد.
قوله: {في ما آتاكم}.
- وبه عن مقاتلٍ: {ليبلوكم في ما آتاكم}، يقول: فيما أعطاكم.
قوله تعالى: {إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفورٌ رحيمٌ}.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ: قوله: {لغفورٌ}؛ يعني: غفورًا للذّنوب.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: لغفور أي: يغفر الذّنب.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ: قوله: {رحيمٌ}، يعني: رحيمًا بالمؤمنين.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا زنيجٌ ثنا سلمة قال: قال محمّدٌ في قوله: {رحيمٌ}؛ يرحم العباد على ما فيهم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1435-1436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض}؛ قال: أهلك القرون واستخلفنا فيها من بعدهم {ورفع بعضكم فوق بعض درجات}؛ قال: في الرزق.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {جعلكم خلائف الأرض}؛ قال: يستخلف في الأرض قوما بعد قوم وقوما بعد قوم.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل في قوله: {ورفع بعضكم فوق بعض درجات}؛ يعني في الفضل والغنى {ليبلوكم في ما آتاكم} يقول: ليبتليكم فيما أعطاكم ليبلوا الغني والفقير والشريف والوضيع والحر والعبد). [الدر المنثور: 6/ 309]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 05:38 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)}

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)}:

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قل أغير اللّه أبغي ربّا وهو ربّ كلّ شيء ولا تكسب كلّ نفس إلّا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون}
أي هو ابتدع الأشياء كلها لا يقدر أحد على ابتداع شيء منها.
وقوله: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} أي لا تؤخذ نفس آثمة بإثم أخرى، لا يؤخذ أحد بذنب غيره). [معاني القرآن: 2/ 311-312]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء}
معنى {أبغي}: أريد وأطلب). [معاني القرآن: 2/ 526]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض...}
جعلت أمة محمد صلى الله عليه وسلم خلائف كل الأمم {ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ} في الرزق (ليبلوكم) بذلك (فيما آتاكم) ). [معاني القرآن: 1/368]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({خلائف الأًرض}: واحدهم: خليفة في الأرض بعد خليفة، قال الشّماخ وهو الرجل المتكبر:

تصيبهم وتخطئني المنايا ....... وأخلف في ربوع عن ربوع
الربع: الدار والجميع ربوع، والرّبع أيضاً: قبيلة، قال: يقال رجل من ربعه يعنى من قبيلته). [مجاز القرآن: 1/ 209]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({خلائف الأرض} أي سكان الأرض يخلف بعضكم بعضا: واحدهم خليفة.
{ورفع بعضكم فوق بعضٍ} أي فضَّل في المال والشرف.
{ليبلوكم في ما آتاكم} أي يختبركم فيعلم كيف شكركم). [تفسير غريب القرآن: 164]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفور رحيم}
قيل: خلائف الأرض أمّة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين فأمّته قد خلفت سائر الأمم.
وقال بعضهم: خلائف الأرض يخلف بعضكم بعضا.
{ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم}.
فدلّ بهذا أنه فضّل بعض الناس ليختبرهم فيما رزقهم وهو جل ثناؤه عالم بما يكون منهم قبل ذلك، إلا أنه اختبرهم ليظهر منهم ما يكون عليه الثواب والعقاب.
وقوله: {إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفور رحيم}.
إن قال قائل: كيف قيل سريع العقاب. وعقابه إنما يكون في القيامة.
وإن كان بعضه قد وقع في الدنيا؟
فإنما ذلك لأن أمر الساعة سريع، لأن كل ما زال وإن تطاول فهو بمنزله ما لم يحسّ سرعة، وكذلك قوله جل ثناؤه: {وما أمر السّاعة إلّا كلمح البصر أو هو أقرب}
وكذلك قوله جلّ وعزّ: {إنّهم يرونه بعيدا * ونراه قريبا}). [معاني القرآن: 2/ 312]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض}

يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: لأنهم آخر الأمم فقد خلفوا من كان قبلهم.
وقيل: لأن بعضهم يخلف بعضا حتى تقوم الساعة عليهم والحديث يقوي هذا القول). [معاني القرآن: 2/ 526]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم}

أي فضل بعضكم على بعض في الزرق ليبلوكم فيما آتاكم أي ليختبركم فيما أعطاكم فينظر كيف شكركم وقد علم ما يكون علم غيب وإنما تقع المجازاة على الشهادة). [معاني القرآن: 2/ 527]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إن ربك سريع العقاب} وإنه لغفور رحيم فعقابه جل وعز وإن كان أكثره يوم القيامة فإن كل آت قريب.
وروي عن ابن عباس أنه قال: نزلت سورة الأنعام بمكة جملة واحدة إلا ثلاث آيات منها فإنهن أنزلن بالمدينة، وهو قوله جل وعز: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا} إلى آخر الآيات). [معاني القرآن: 2/ 527-528]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خَلاَئِفَ} أي سكاناً في الأرض، يخلف بعضهم بعضاً، والواحد خليفة.
{لِّيَبْلُوَكُمْ} أي يختبركم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 81]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لِّيَبْلُوَكُمْ}: ليختبركم). [العمدة في غريب القرآن: 132]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 11:30 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) }

قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب اشتقاقك الأسماء لمواضع بنات الثلاثة التي ليست فيها زيادة من لفظها
أما ما كان من فعل يفعل فإن موضع الفعل مفعل وذلك قولك هذا محبسنا ومضربنا ومجلسنا كأنهم بنوه على بناء يفعل فكسروا العين كما كسروها في يفعل.
فإذا أردت المصدر بنيته على مفعل وذلك قولك إن في ألف درهم لمضرباً أي لضرباً قال الله عز وجل: {أين المفر} يريد أين الفرار فإذا أراد المكان قال المفر كما قالوا المبيت حين أرادوا المكان
لأنها من بات يبيت وقال الله عز وجل: {وجعلنا النهار معاشا} أي جعلناه عيشاً.
وقد يجيء المفعل يراد به الحين فإذا كان من فعل يفعل بنيته على مفعل تجعل الحين الذي فيه الفعل كالمكان وذلك قولك أتت الناقة على مضربها وأتت على منتجها إنما تريد الحين الذي فيه النتاج والضراب.
وربما بنوا المصدر على المفعل كما بنوا المكان عليه إلا أن تفسير الباب وجملته على القياس كما ذكرت لك وذلك قولك المرجع قال الله عز وجل: {إلى ربكم مرجعكم} أي رجوعكم وقال: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذًى فاعتزلوا النساء في المحيض} أي في الحيض). [الكتاب: 4/ 87-88] (م)
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (والاتزار من الوزر، تقول: اتَّزر فلان، أي أثم. ووزر وهو موزور. وأنشد:
أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ جَدِّي ومِنْ لَعِبِي ....... وِزْري وكُلُّ امْرِئٍ لا بُدَّ مُتَّزرُ). [كتاب الجيم: 2/ 72]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قل أغير اللّه أبغي ربًّا وهو ربّ كلّ شيءٍ ولا تكسب كلّ نفسٍ إلاّ عليها ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون (164) وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ ليبلوكم في ما آتاكم إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفورٌ رحيمٌ (165)}
حكى النقاش أنه روي أن الكفار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ارجع يا محمد إلى ديننا واعبد آلهتنا واترك ما أنت عليه ونحن نتكفل لك بكل تباعة تتوقعها في دنياك وآخرتك، فنزلت هذه الآية، وهي استفهام يقتضي التقرير والتوقيف والتوبيخ، وأبغي معناه أطلب، فكأنه قال: أفيحسن عندكم أن أطلب إلها غير الله الذي هو رب كل شيء؟ وما ذكرتم من كفالتكم لا يتم لأن الأمر ليس كما تظنونه، وإنما كسب كل نفس من الشر والإثم عليها وحدها ولا تزر أي لا تحمل وازرة أي حاملة حمل أخرى وثقلها، والوزر أصله الثقل، ثم استعمل في الإثم لأنه ينقض الظهر تجوزا واستعارة، يقال منه: وزر الرجل يزر فهو وازر ووزر يوزر فهو موزور، وقوله ثمّ إلى ربّكم مرجعكم تهديد ووعيد فينبّئكم أي فيعلمكم أن العقاب على الاعوجاج تبيين لموضع لحق، وقوله بما كنتم فيه تختلفون يريد على ما حكى بعض المتأولين من أمري في قول بعضكم هو ساحر وبعضكم هو شاعر. وبعضكم افتراه، وبعضكم اكتتبه ونحو هذا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا التأويل يحسن في هذا الموضع وإن كان اللفظ يعم جميع أنواع الاختلافات من الأديان والملل والمذاهب وغير ذلك). [المحرر الوجيز: 3/ 507]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وخلائف جمع خليفة أي يخلف بعضكم بعضا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا يتصور في جميع الأمم وسائر أصناف الناس، لأن من أتى خليفة لمن مضى ولكنه يحسن في أمة محمد عليه السلام أن يسمى أهلها بجملتهم خلائف للأمم، وليس لهم من يخلفهم إذ هم آخر الأمم وعليهم قيام الساعة.
وروى الحسن بن أبي الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «توفون سبعين أمة أنتم خيرها»
وأكرمها على الله، ويروى أنتم آخرها وأكرمها على الله: وقوله ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ لفظ عام في المال والقوة والجاه وجودة النفوس والأذهان وغير ذلك، وكل ذلك إنما هو ليختبر الله تعالى الخلق فيرى المحسن من المسيء، ولما أخبر عز وجل بهذا ففسح للناس ميدان العمل وحضهم على الاستباق إلى الخير توعّد ووعد تخويفا منه وترجية، فقال إنّ ربّك سريع العقاب وسرعة عقابه إما بأخذاته في الدنيا، وإما بعقاب الآخرة، وحسن أن يوصف عقاب الآخرة ب سريع لما كان متحققا مضمون الإتيان والوقوع، فكل آت يحكم عليه بالقرب ويوصف به وإنّه لغفورٌ رحيمٌ ترجية لمن أذنب وأراد التوبة، وهذا في كتاب الله كثير اقتران الوعيد بالوعد لطفا من الله تعالى بعباده). [المحرر الوجيز: 3/ 508]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قل أغير اللّه أبغي ربًّا وهو ربّ كلّ شيءٍ ولا تكسب كلّ نفسٍ إلا عليها ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون (164)}
يقول تعالى: {قل} يا محمّد لهؤلاء المشركين باللّه في إخلاص العبادة له والتّوكّل عليه: {أغير اللّه أبغي ربًّا} أي: أطلب ربًّا سواه، وهو ربّ كلّ شيءٍ، يربّني ويحفظني ويكلؤني ويدبّر أمري، أي: لا أتوكّل إلّا عليه، ولا أنيب إلّا إليه؛ لأنّه ربّ كلّ شيءٍ ومليكه، وله الخلق والأمر.
هذه الآية فيها الأمر بإخلاص التّوكّل، كما تضمّنت الآية الّتي قبلها إخلاص العبادة له لا شريك له. وهذا المعنى يقرن بالآخر كثيرًا [في القرآن] كما قال تعالى مرشدًا لعباده أن يقولوا: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} [الفاتحة: 5]، وقوله: {فاعبده وتوكّل عليه} [هودٍ: 123]، وقوله: {قل هو الرّحمن آمنّا به وعليه توكّلنا} [الملك: 29]، وقوله: {ربّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتّخذه وكيلا} [المزّمّل: 9]، وأشباه ذلك من الآيات.
وقوله: {ولا تكسب كلّ نفسٍ إلا عليها ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى} إخبارٌ عن الواقع يوم القيامة في جزاء اللّه تعالى وحكمه وعدله، أنّ النّفوس إنّما تجازى بأعمالها إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ، وأنّه لا يحمل من خطيئة أحدٍ على أحدٍ. وهذا من عدله تعالى، كما قال: {وإن تدع مثقلةٌ إلى حملها لا يحمل منه شيءٌ ولو كان ذا قربى} [فاطر: 18]، وقوله: {فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} [طه: 112]، قال علماء التّفسير: فلا يظلم بأن يحمل عليه سيّئات غيره، ولا يهضم بأن ينقص من حسناته. وقال تعالى: {كلّ نفسٍ بما كسبت رهينةٌ * إلا أصحاب اليمين} [المدّثّر: 38، 39]، معناه: كلّ نفسٍ مرتهنةٌ بعملها السّيّئ إلّا أصحاب اليمين، فإنّه قد تعود بركات أعمالهم الصّالحة على ذراريهم، كما قال في سورة الطّور: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} [الآية: 21]، أي: ألحقنا بهم ذرّيّاتهم في المنزلة الرّفيعة في الجنّة، وإن لم يكونوا قد شاركوهم في الأعمال، بل في أصل الإيمان، {وما ألتناهم} أي: أنقصنا أولئك السّادة الرّفعاء من أعمالهم شيئًا حتّى ساويناهم وهؤلاء الّذين هم أنقص منهم منزلةً، بل رفعهم تعالى إلى منزلة الآباء ببركة أعمالهم، بفضله ومنّته ثمّ قال: {كلّ امرئٍ بما كسب رهينٌ} [الطّور: 21]، أي: من شرٍّ.
وقوله: {ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون}؛ أي: اعملوا على مكانتكم إنّا عاملون على ما نحن عليه، فستعرضون ونعرض عليه، وينبئنا وإيّاكم بأعمالنا وأعمالكم، وما كنّا نختلف فيه في الدّار الدّنيا، كما قال تعالى: {قل لا تسألون عمّا أجرمنا ولا نسأل عمّا تعملون. قل يجمع بيننا ربّنا ثمّ يفتح بيننا بالحقّ وهو الفتّاح العليم} [سبأٍ: 25، 26] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 383-384]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ ليبلوكم في ما آتاكم إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفورٌ رحيمٌ (165)}
يقول تعالى: {وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض} أي: جعلكم تعمّرون الأرض جيلًا بعد جيلٍ، وقرنا بعد قرنٍ، وخلفا بعد سلف. قاله ابن زيدٍ وغيره، كما قال: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون} [الزّخرف: 60]، وكقوله تعالى: {ويجعلكم خلفاء الأرض} [النّمل: 62]، وقوله: {إنّي جاعلٌ في الأرض خليفةً} [البقرة: 30]، وقوله: {عسى ربّكم أن يهلك عدوّكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون} [الأعراف: 129].
وقوله: {ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ} أي: فاوت بينكم في الأرزاق والأخلاق، والمحاسن والمساوي، والمناظر والأشكال والألوان، وله الحكمة في ذلك، كقوله: {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدّنيا ورفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجاتٍ ليتّخذ بعضهم بعضًا سخريًّا} [الزّخرف: 32]، وقوله [تعالى]: {انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعضٍ وللآخرة أكبر درجاتٍ وأكبر تفضيلا}[الإسراء: 21].
وقوله: {ليبلوكم في ما آتاكم} أي ليختبركم في الّذي أنعم به عليكم وامتحنكم به، ليختبر الغنيّ في غناه ويسأله عن شكره، والفقير في فقره ويسأله عن صبره.
وقد روى مسلمٌ في صحيحه، من حديث أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ الدّنيا حلوة خضرة وإنّ اللّه مستخلفكم فيها لينظر كيف تعملون، فاتّقوا الدّنيا، واتّقوا النّساء، فإنّ أوّل فتنة بني إسرائيل كانت في النّساء».
وقوله: {إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفورٌ رحيمٌ} ترهيبٌ وترغيبٌ، أنّ حسابه وعقابه سريعٌ ممّن عصاه وخالف رسله {وإنّه لغفورٌ رحيمٌ} لمن والاه واتّبع رسله فيما جاءوا به من خيرٍ وطلبٍ.
وقال محمّد بن إسحاق: يرحم العباد على ما فيهم. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وكثيرًا ما يقرن تعالى في القرآن بين هاتين الصّفتين، كما قال [تعالى]: وقوله: {نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرّحيم * وأنّ عذابي هو العذاب الأليم} [الحجر: 49، 50]، [وقوله]: {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب} [الرّعد: 6] وغير ذلك من الآيات المشتملة على التّرغيب والتّرهيب، فتارةً يدعو عباده إليه بالرّغبة وصفة الجنّة والتّرغيب فيما لديه، وتارةً يدعوهم إليه بالرّهبة وذكر النّار وأنكالها وعذابها والقيامة وأهوالها، وتارةً بهذا وبهذا لينجع في كلّ بحسبه. جعلنا اللّه ممّن أطاعه فيما أمر، وترك ما عنه نهى وزجر، وصدّقه فيما أخبر، إنّه قريبٌ مجيبٌ سميع الدّعاء، جوادٌ كريمٌ وهّابٌ.
وقد قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن، حدّثنا زهير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة [رضي اللّه عنه] أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لو يعلم المؤمن ما عند اللّه من العقوبة ما طمع بالجنّة أحدٌ، ولو يعلم الكافر ما عند اللّه من الرّحمة ما قنط من الجنّة أحدٌ، خلق اللّه مائة رحمة فوضع واحدةً بين خلقه يتراحمون بها، وعند اللّه تسعةٌ وتسعون».
ورواه التّرمذيّ، عن قتيبة، عن عبد العزيز الدّراوردي، عن العلاء به. وقال: حسنٌ [صحيحٌ]. ورواه مسلمٌ عن يحيى بن يحيى وقتيبة وعليّ بن حجر، ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفرٍ، عن العلاء). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 384-385]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة