العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الرعد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ربيع الثاني 1434هـ/9-03-2013م, 04:46 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الرعد [ من الآية (1) إلى الآية (4) ]

{المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1) اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 11:26 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى:{المر تلك آيات الكتاب، والّذي أنزل إليك من ربّك الحقّ، ولكنّ أكثر النّاس لا يؤمنون}.
قال أبو جعفرٍ: قد بيّنّا القول في تأويل قوله {الر} و{المر} ونظائرهما من حروف المعجم الّتي افتتح بها أوائل بعض سور القرآن فيما مضى، بما فيه الكفاية من إعادتها، غير أنّا نذكر من الرّواية ما جاء خاصًّا به كلّ سورةٍ افتتح أوّلها بشيءٍ منها.
فممّا جاء من الرّواية في ذلك في هذه السّورة عن ابن عبّاسٍ من نقل أبي الضّحى مسلم بن صبيحٍ، وسعيد بن جبيرٍ عنه، التّفريق بين معنى ما ابتدئ به أوّلها مع زيادة الميم الّتي فيها على سائرالسور ذوات الرّاء، ومعنى ما ابتدئ به أخواتها، مع نقصان ذلك منها عنها.
ذكر الرّواية بذلك عنه
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، عن هشيمٍ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {المر} قال: أنا اللّه أرى.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، عن عطاء بن السّائب، عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ: قوله: {المر} قال: أنا اللّه أرى
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ الفضل بن دكينٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن مجاهدٍ: {المر}: فواتح يفتتح بها كلامه
وقوله: {تلك آيات الكتاب} يقول تعالى ذكره: تلك الّتي قصصت عليك خبرها آيات الكتاب الّذي أنزلته قبل هذا الكتاب الّذي أنزلته إليك إلى من أنزلته إليه من رسلي قبلك.
وقيل: عنى بذلك: التّوراة، والإنجيل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {المر. تلك آيات الكتاب} الكتب الّتي كانوا قبل القرآن
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن مجاهدٍ: {تلك آيات الكتاب} قال: التّوراة والإنجيل
وقوله: {والّذي أنزل إليك من ربّك الحقّ} وهو القرآن، فاعمل بما فيه واعتصم به.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ الفضل بن دكينٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن مجاهدٍ: {والّذي أنزل إليك من ربّك الحقّ} قال: القرآن
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {والّذي أنزل إليك من ربّك الحقّ} أي هذا القرآن.
وفي قوله: {والّذي أنزل إليك} وجهان من الإعراب: أحدهما الرّفع على أنّه كلامٌ مبتدأٌ، فيكون مرفوعًا ب الحقّ والحقّ به وعلى هذا الوجه تأويل مجاهدٍ وقتادة الّذي ذكرنا قبل عنهما.
والآخر: الخفض على العطف به على الكتاب، فيكون معنى الكلام حينئذٍ: تلك آيات التّوراة والإنجيل والقرآن، ثمّ يبتدئ الحقّ بمعنى: ذلك الحقّ، فيكون رفعه بمضمرٍ من الكلام قد استغنى بدلالة الظّاهر عليه منه.
ولو قيل: معنى ذلك: تلك آيات الكتاب الّذي أنزل إليك من ربّك الحقّ، وإنّما أدخلت الواو في والّذي، وهو نعتٌ للكتاب، كما أدخلها الشّاعر في قوله:
إلى الملك القرم وابن الهمام = وليث الكتيبة في المزدحم
فعطف بالواو، وذلك كلّه من صفة واحدٍ، كان مذهبًا من التّأويل، ولكنّ ذلك إذا تؤوّل كذلك فالصّواب من القراءة في الحقّ الخفض، على أنّه نعتٌ لـ الّذي.
وقوله: {ولكنّ أكثر النّاس} من مشركي قومك لا {لا يؤمنون}: يصدّقون بالحقّ الّذي أنزل إليك من ربّك، ولا يقرّون بهذا القرآن وما فيه من محكم آيه). [جامع البيان: 13/405-408]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (المر تلك آيات الكتاب والّذي أنزل إليك من ربّك الحقّ ولكنّ أكثر النّاس لا يؤمنون (1)
قوله عزّ وجلّ المر
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا شريكٌ عن عطاء بن السّائب عن أبي أسيدٍ العجميّ، عن ابن عبّاسٍ المر قال أنا اللّه أرى.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عليّ بن زنجة، ثنا عليّ بن الحسن عن الحسين بن واقدٍ عن مطيرٍ في قوله: المر قال: المر التّوراة.
قوله تعالى: تلك آيات الكتاب.
- وبه عن مطيرٍ قوله: تلك آيات قال: الزّبور.
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا ابن السّمّاك عن أبي بكرٍ عن الحسين في هذه الآية المر تلك آيات الكتاب قال: التّوراة والزّبور.
- حدّثنا أبي، ثنا نصر بن عليٍّ، أخبرني أبي عن خالد بن قيسٍ عن قتادة في قوله: المر تلك آيات الكتاب قال: التّوراة والإنجيل والزّبور.
قوله: والّذي أنزل إليك من ربّك الحقّ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: والّذي أنزل إليك من ربك هذا القرآن.
قوله: الحقّ.
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا ابن السّمّاك عن أبي بكرٍ عن الحسين والّذي أنزل إليك من ربّك الحقّ قال: القرآن الحقّ كلّه). [تفسير القرآن العظيم: 7/2215]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 1
أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {المر} قال: أنا الله أرى). [الدر المنثور: 8/359-360]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {تلك آيات الكتاب} قال: التوراة والإنجيل {والذي أنزل إليك من ربك الحق} قال: القرآن). [الدر المنثور: 8/360]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {تلك آيات الكتاب} قال: الكتب التي كانت قبل القرآن {والذي أنزل إليك من ربك الحق} أي هذا القرآن). [الدر المنثور: 8/360]

تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن وقتادة في قوله تعالى رفع السموات بغير عمد قالا رفعها بغير عمد ترونها قال معمر وقال قتادة قال ابن عباس رفع السماء بغير عمد ترونها يقول لها عمد ولكن لا ترونها يعني الأعماد). [تفسير عبد الرزاق: 1/331]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال غيره: {سخّر} [الرعد: 2] : «ذلّل»). [صحيح البخاري: 6/78]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال غيره متجاورات متداينات وقال غيره المثلات واحدها مثلةٌ وهي الأمثال والأشباه وقال إلّا مثل أيّام الّذين خلوا هكذا وقع في رواية أبي ذرٍّ ولغيره وقال غيره سخّر ذلّل متجاوراتٍ متدانياتٍ المثلات وأحدها مثلة إلى آخره فجعل الكل لقائل واحدٍ.
وقوله وسخّر هو بفتح المهملة وتشديد الخاء المعجمة وذلّل بالذّال المعجمة وتشديد اللّام تفسير سخّر وكلّ هذا كلام أبي عبيدة قال في قوله وسخر الشّمس والقمر أي ذلّلهما فانطاعا قال والتّنوين في كلٍّ بدلٌ من الضّمير للشّمس والقمر وهو مرفوعٌ على الاستئناف فلم يعمل فيه وسخّر). [فتح الباري: 8/371]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال غيره سخّر ذلّل
أشار به إلى قوله تعالى: {وسخر الشّمس والقمر كل يجري لأجل مسمّى} (الرّعد: 2) وفسره بقوله: (ذلل) يعني: ذللهما لمنافع الخلق ومصالح العباد كل يجري أي: كل واحد إلى وقت معلوم، وهو فناء الدّنيا وقيام السّاعة). [عمدة القاري: 18/309]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال غيره) أي غير ابن عباس في قوله تعالى: ({سخر}) أي (ذلل) الشمس والقمر لما يقصد منهما كتذليل المركوب للراكب أو لنيل منافعهما، وسقط هذا لأبي ذر، وفي اليونينية سخر ذلك بكاف بعد اللام وهي مصلحة في الفرع لامًا هو الذي رأيته في النسخ المعتمدة كنسخة آل ملك). [إرشاد الساري: 7/183]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اللّه الّذي رفع السّموات بغير عمدٍ ترونها، ثمّ استوى على العرش، وسخّر الشّمس والقمر، كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى، يدبّر الأمر، يفصّل الآيات، لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون}.
يقول تعالى ذكره: اللّه يا محمّد هو الّذي رفع السّموات السّبع بغير عمدٍ ترونها، فجعلها للأرض سقفًا مسموكًا.
والعمد جمع عمودٍ، وهي السّواري، وما يعمد به البناء، كما قال النّابغة:
وخيّس الجنّ أنّي قد أذنت لهم = يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد
وجمع العمود: عمدٌ، كما جمع الأديم: أدمٌ، ولو جمع بالضّمّ فقيل: عمدٌ جاز، كما يجمع الرّسول: رسلٌ، والشّكور: شكرٌ.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {رفع السّموات بغير عمدٍ ترونها} فقال بعضهم: تأويل ذلك: اللّه الّذي رفع السّموات بعمدٍ لا ترونها.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أحمد بن هشامٍ، قال: حدّثنا معاذ بن معاذٍ، قال: حدّثنا عمران بن حديرٍ، عن عكرمة، قال: قلت لابن عبّاسٍ: إنّ فلانًا يقول: إنّها على عمدٍ، يعني السّماء؟ قال: فقال: اقرأها {بغير عمدٍ ترونها}: أي لا ترونها.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح قال: حدّثنا معاذ بن معاذٍ، عن عمران بن حديرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ مثله
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا حمّادٌ، قال: حدّثنا حميدٌ، عن الحسن بن مسلمٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بغير عمدٍ ترونها} قال: بعمدٍ لا ترونها
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا حمّادٌ، عن حميدٍ، عن الحسن بن مسلمٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه: {بغير عمدٍ ترونها} قال: هي لا ترونها
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، بغير عمدٍ يقول: عمدٌ لا ترونها.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن الحسن، وقتادة، قوله: {اللّه الّذي رفع السّموات بغير عمدٍ ترونها}.
- قال قتادة: قال ابن عبّاسٍ: بعمدٍ ولكن لا ترونها.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {رفع السّموات بغير عمدٍ ترونها} قال: ما يدريك، لعلّها بعمدٍ لا ترونها؟.
ومن تأوّل ذلك كذلك، قصد مذهب تقديم العرب الجحد من آخر الكلام إلى أوّله، كقول الشّاعر:
ولا أراها تزال ظالمةً = تحدث لي نكبةً وتنكؤها
يريد: أراها لا تزال ظالمةً، فقدّم الجحد عن موضعه من تزال، وكما قال الآخر:
إذا أعجبتك الدّهر حالٌ من امرئٍ = فدعه وواكل حاله واللّياليا
يجئن على ما كان من صالحٍ به = وإن كان فيما لا ترى النّاس آليا
يعني: وإن كان فيما يرى النّاس لا يألو.
وقال آخرون: بل هي مرفوعةٌ بغير عمدٍ.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، قال: أخبرنا آدم، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن إياس بن معاوية، في قوله: {رفع السّموات بغير عمدٍ ترونها} قال: السّماء مقبّبةٌ على الأرض مثل القبّة
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {بغير عمدٍ ترونها} قال: رفعها بغير عمدٍ.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّحّة أن يقال كما قال اللّه تعالى: {اللّه الّذي رفع السّموات بغير عمدٍ ترونها} فهي مرفوعةٌ بغير عمدٍ نراها، كما قال ربّنا جلّ ثناؤه ولا خبر بغير ذلك، ولا حجّة يجب التّسليم لها بقولٍ سواه
وأمّا قوله: {ثمّ استوى على العرش} فإنّه يعني: علا عليه.
وقد بيّنّا معنى الاستواء واختلاف المختلفين فيه، والصّحيح من القول فيما قالوا فيه بشواهده فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع
وقوله: {وسخّر الشّمس والقمر} يقول: وأجرى الشّمس والقمر في السّماء فسخّرهما فيها لمصالح خلقه، وذلّلهما لمنافعهم، ليعلموا بجريهما فيها عدد السّنين والحساب، ويفصلوا به بين اللّيل والنّهار
وقوله: {كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى} يقول جلّ ثناؤه: كلّ ذلك يجري في السّماء لأجلٍ مسمًّى: أي لوقت معلومٍ، وذلك إلى فناء الدّنيا وقيام القيامة الّتي عندها تكوّر الشّمس، ويخسف القمر، وتنكدر النّجوم، وحذف ذلك من الكلام لفهم السّامعين من أهل لسان من نزل بلسانه القرآن معناه، وأنّ كلٌّ لا بدّ لها من إضافةٍ إلى ما تحيط به.
وبنحو الّذي قلنا في قوله {لأجلٍ مسمًّى} قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى} قال: الدّنيا
وقوله: {يدبّر الأمر} يقول تعالى ذكره: يقضي اللّه الّذي رفع السّموات بغير عمدٍ ترونها أمور الدّنيا والآخرة كلّها، ويدبّر ذلك كلّه وحده، بغير شريكٍ ولا ظهيرٍ ولا معينٍ سبحانه.
بنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {يدبّر الأمر} يقضيه وحده.
- قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه
وقوله: {يفصّل الآيات} يقول: يفصّل لكم ربّكم آيات كتابه، فيبيّنها لكم احتجاجًا بها عليكم أيّها النّاس، {لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون} يقول: لتوقنوا بلقاء اللّه، والمعاد إليه، فتصدّقوا بوعده ووعيده، وتنزجروا عن عبادة الآلهة والأوثان، وتخلصوا له العبادة إذا تيقّنتم ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون} وأنّ اللّه تبارك وتعالى إنّما أنزل كتابه، وأرسل رسله لنؤمن بوعده، ونستيقن بلقائه). [جامع البيان: 13/408-413]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (اللّه الّذي رفع السّماوات بغير عمدٍ ترونها ثمّ استوى على العرش وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى يدبّر الأمر يفصّل الآيات لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون (2)
قوله: اللّه الّذي رفع السماوات
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عاصمٍ، ثنا عليٌّ الحنفيّ، ثنا عليّ بن صالحٍ عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ- السّماء على أربعة أملاكٍ، كلّ زاويةٍ موكّلٌ بها ملكٌ.
- حدّثنا عليٌّ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا عطاء بن السّائب عن الشّعبيّ قال كتب ابن عبّاسٍ إلى أبي الجلد يسأله عن السّماء من أي شيءٍ هي فكتب إليه أنّ السّماء من موجٍ مكفوفٍ.
قوله: بغير عمدٍ.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا الحكم بن موسى، ثنا معاذ بن معاذٍ، عن عمران بن حديرٍ عن عكرمة قال: قلت لابن عبّاسٍ إنّ فلانًا يقول إنّها على عمدٍ يعني السّماء.
فقال ابن عبّاسٍ يقرأها بغير عمدٍ ترونها.
- حدّثنا جعفر بن محمّد بن عوشجة، ثنا الحسن بن موسى الأشيب، ثنا حمّاد بن سلمة عن حميدٍ عن الحسين بن مسلمٍ عن مجاهدٍ في قول اللّه: خلق السماوات بغير عمدٍ ترونها قال: هي بعمدٍ لا ترونها.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله: بغير عمدٍ يقول عمدٌ.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أزهر بن مروان، ثنا عبد الأعلى، ثنا سعيدٌ عن قتادة عن الحسن وهو قول قتادة بغير عمدٍ ترونها أنّهما كانا يقولان خلقها بغير عمدٍ قال لها قومي فقامت.
قوله تعالى: ثمّ استوى.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ عن الرّبيع عن أبي العالية في قوله: ثمّ استوى يقول: ارتفع وروي عن الحسن والرّبيع بن أنسٍ مثله.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق عن ابن أبي عروبة عن قتادة في قول اللّه ثمّ استوى على العرش قال: يوم السّابع
- حدّثنا يزيد بن سنانٍ البصريّ نزيل مصر، ثنا يزيد بن أبي حكيمٍ ثنا الحكم بن أبان قال: سمعت عكرمة يقول: إنّ اللّه خلق السّموات والأرض وما بينهما يوم الأحد ثمّ استوى على العرش يوم الجمعة في ثلاثٍ.
قوله: على العرش.
- حدّثنا أبي، ثنا إسماعيل بن أبي أويسٍ، أخبرني عبد العزيز بن حازمٍ عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه عن السّلوليّ، عن كعب الأحبار قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ لمّا خلق الخلق استوى على العرش فسبّحه يعني: العرش.
قد تقدّم القول في العرش غير مرّةٍ.
قوله: وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى.
- حدّثنا أبي، ثنا سلمة بن شبيبٍ، ثنا إبراهيم بن الحكيم بن أبان حدّثني، أبي عن عكرمة قال: سعة الشّمس سعة الأرض كلّها وزيادة ثلثٍ وسعة القمر سعة الأرض مرّةً وإنّ الشّمس إذا غربت دخلت تحت العرش فسبّحت للّه حتّى إذا هي أصبحت استعفت ربّها من الخروج فقال لها الرّبّ ولم ذاك والرّبّ أعلم فقالت: إنّي إذا خرجت عبدت فقال لها الرّبّ: اخرجي فليس عليك من ذلك شيءٌ حسبهم جهنّم أبعثها عليهم مع ثلاثة عشر ألف ملكٍ يقودونها حتّى يدخلوهم فيها.
قوله تعالى: يدبّر الأمر.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبانة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهد يدبر الأمر قال: يقضيه وحده.
قوله: يفصّل الآيات.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ يفصّل الآيات أمّا نفصّل فنبيّن.
قوله: لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال سمعت سعيدًا عن قتادة قوله: لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون قال: إنّ اللّه تبارك وتعالى إنّما أنزل كتابه وبعث رسله ليؤمن بوعده وليستيقن بلقائه). [تفسير القرآن العظيم: 7/2215-2217]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد الذي رفع السموات بغير عمد ترونها أي بعمد لا ترونها). [تفسير مجاهد: 323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 2 - 3.
أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - قال: قلت لابن عباس - رضي الله عنهما - إن فلان يقول: إنها على عمد يعني السماء، فقال: اقرأها {بغير عمد ترونها} أي لا ترونها). [الدر المنثور: 8/360]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {رفع السماوات بغير عمد ترونها} قال: وما يدريك لعلها بعمد لا ترونها). [الدر المنثور: 8/360-361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {بغير عمد ترونها} يقول: لها عمد ولكن لا ترونها، يعني الأعماد). [الدر المنثور: 8/361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن اياس بن معاوية - رضي الله عنه - في قوله {رفع السماوات بغير عمد ترونها} قال: السماء مقبية على الأرض مثل القبة). [الدر المنثور: 8/361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: السماء على أربعة أملاك كل زاوية موكل بها ملك). [الدر المنثور: 8/361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنهما - في قوله {بغير عمد ترونها} قال: هي بعد لا ترونها). [الدر المنثور: 8/361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن وقتادة - رضي الله عنهما - أنهما كانا يقولان: خلقها بغير عمد، قال لها: قومي فقامت). [الدر المنثور: 8/361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن معاذ قال: في مصحف أبي [ بغير عمد ترونه ] ). [الدر المنثور: 8/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى} قال: أجل معلوم وحد لا يقصر دونه ولا يتعدى). [الدر المنثور: 8/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {كل يجري لأجل مسمى} قال: الدنيا). [الدر المنثور: 8/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {يدبر الأمر} قال: يقضيه وحده). [الدر المنثور: 8/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {لعلكم بلقاء ربكم توقنون} قال: إن الله إنما أنزل كتابه وبعث رسله ليؤمن بوعده ويستيقن بلقائه). [الدر المنثور: 8/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد الله مولى غفرة، أن كعبا قال لعمر بن الخطاب: إن الله جعل مسيرة ما بين المشرق والمغرب خمسمائة سنة، فمائة سنة في المشرق لا يسكنها شيء من الحيوان لا جن ولا إنس ولا دابة ولا شجرة، ومائة سنة في المغرب بتلك المنزلة وثلثمائة فيما بين المشرق والمغرب يسكنها الحيوان). [الدر المنثور: 8/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمر: والدنيا مسيرة خمسمائة عام أربعمائة عام خراب ومائة عمار في أيدي المسلمين من ذلك مسيرة سنة). [الدر المنثور: 8/363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال: ما العمارة في الدنيا في الخراب إلا كفسطاط في البحر). [الدر المنثور: 8/363]

تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهو الّذي مدّ الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارًا ومن كلّ الثّمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى اللّيل النّهار إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون}.
يقول تعالى ذكره: واللّه الّذي مدّ الأرض فبسطها طولاً وعرضًا
وقوله: {وجعل فيها رواسي} يقول جلّ ثناؤه: وجعل في الأرض جبالاً ثابتةً.
والرّواسي: جمع راسيةٍ وهي الثّابتة، يقال منه: أرسيت الوتد في الأرض: إذا أثبتّه، كما قال الشّاعر:
به خالداتٌ ما يرمن وهامدٌ = وأشعث أرسته الوليدة بالفهر
يعني: أثبتته
وقوله: {وأنهارًا} يقول: وجعل في الأرض أنهارًا من ماءٍ
وقوله: {ومن كلّ الثّمرات جعل فيها زوجين اثنين} ف من في قوله {ومن كلّ الثّمرات جعل فيها زوجين اثنين} من صلة جعل الثّاني لا الأوّل.
ومعنى الكلام: وجعل فيها زوجين اثنين من كلّ الثّمرات.
وعنى بزوجين اثنين: من كلّ ذكرٍ اثنان، ومن كلّ أنثى اثنان، فذلك أربعةٌ، من الذّكور اثنان، ومن الإناث اثنتان في قول بعضهم.
وقد بيّنّا فيما مضى أنّ العرب تسمّي الاثنين زوجين، والواحد من الذّكور زوجًا لأنثاه، وكذلك الأنثى الواحدة زوجًا وزوجةً لذكرها، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
ويزيد ذلك إيضاحًا قول اللّه عزّ وجلّ: {وأنّه خلق الزّوجين الذّكر والأنثى} فسمّى الاثنين الذّكر والأنثى زوجين.
وإنّما عنى بقوله: {من كلّ زوجين اثنين}: نوعين وضربين
وقوله: {يغشي اللّيل النّهار} يقول: يجلّل اللّيل النّهار فيلبسه ظلمته، والنّهار اللّيل بضيائه، كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يغشي اللّيل النّهار}: أي يلبس اللّيل النّهار
وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون} يقول تعالى ذكره: إنّ فيما وصفت وذكرت من عجائب خلق اللّه وعظيم قدرته الّتي خلق بها هذه الأشياء، لدلالاتٍ وحججًا وعظاتٍ لقومٍ يتفكّرون فيها، فيستدلّون ويعتبرون بها، فيعلمون أنّ العبادة لا تصلح، ولا تجوز، إلاّ لمن خلقها، ودبّرها، دون غيره من الآلهة والأصنام الّتي لا تقدر على ضرٍّ، ولا نفعٍ، ولا لشيءٍ غيرها، إلاّ لمن أنشأ ذلك فأحدثه من غير شيءٍ، تبارك وتعالى، وأنّ القدرة الّتي أبدع بها ذلك هي القدرة الّتي لا يتعذّر عليه إحياء من هلك من خلقه، وإعادة ما فني منه، وابتداع ما شاء ابتداعه بها). [جامع البيان: 13/413-415]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وهو الّذي مدّ الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارًا ومن كلّ الثّمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي اللّيل النّهار إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون (3)
قوله: وهو الّذي مدّ الأرض.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني اللّيث، حدّثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلالٍ عن عمر بن عبد اللّه مولى غفرة أنّ كعبًا قال لعمر بن الخطّاب ألا أحدّثك عن علوّ الجبّار قال عمر بلى فقال: إنّ اللّه جعل مسيرة ما بين المشرق والمغرب خمسمائة سنةٍ، فمائة سنةٍ في المشرق، لا يسكنها شيءٌ من الحيوان، لا جنٌّ ولا إنسٌ ولا دابّةٌ ولا شجرةٌ ومائة سنةٍ في المغرب بتلك المنزلة، وثلاثمائةٍ فيما بين المشرق والمغرب يسكنها الحيوان.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن واقعٍ، ثنا ضمرة عن الأوزاعيّ قال: قال عبد اللّه بن عمرٍو، الدّنيا مسيرة خمسمائة عامٍ أربع مائةٍ خرابٌ ومائةٌ عمرانٌ في أيدي المسلمين مدّة ذلك مسيرة سنةٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا نصر بن عليٍّ، أنا الأصمعيّ، ثنا النّمر بن هلالٍ عن قتادة عن أبي الجلد قال: الأرض أربعةٌ وعشرون ألف فرسخ فالسودان اثنى عشر والرّوم ثمانيةٌ ولفارسٍ ثلاثةٌ وللعرب ألفٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نصرٍ التّمّار، ثنا حمّاد بن سلمة عن أبي سنانٍ عن وهب بن منبّهٍ قال: ما العمارة في الدّنيا في الخراب إلا كفسطاطٍ في الصّحراء.
قوله تعالى: وجعل فيها رواسي.
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن محمّد النّاقد ثنا يزيد بن هارون، ثنا العوّام بن حوشبٍ عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالكٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لمّا خلق اللّه الأرض جعلت تميد فجعل الجبال فألقاها عليها فاستقرّت فعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت: هل من خلقك يا ربّ أشدّ من الجبال فقال: الحديد فقالت: يا ربّ فهل من خلقك أشدّ من الحديد؟ قال: نعم النّار، فقالت: فهل من خلقك أشدّ من النّار قال: نعم الماء فقالت: يا ربّ فهل من خلقك شيءٌ أشدّ من الماء؟ قال: نعم الرّيح قالت: يا ربّ فهل من خلقك شيءٌ أشدّ من الرّيح؟
قال: نعم ابن آدم يتصدّق بيمينه يخفيها من شماله.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا طلحة بن عمرٍو عن عطاءٍ قال: أوّل جبلٍ وضع على الأرض أبو قبيسٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: رواسي أي: جبالٌ.
قوله: وأنهارًا ومن كلّ الثّمرات جعل فيها زوجين اثنين.
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن عليٍّ الصّيرفيّ، ثنا أبو قتيبة، ثنا عقبة بن القطّان عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال: ليس في الأرض ماءٌ إلا ماءٌ نزل من السّماء ولكن عروقا في الأرض تغير ممن أراه أن يعود الملح عذبًا فليصعد الماء من الأرض.
قوله: يغشي اللّيل النّهار.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيدٌ عن قتادة يغشي اللّيل النّهار: يلبس اللّيل النّهار.
قوله: إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن يمانٍ، ثنا سفيان عن سماكٍ عن سعيد بن جبيرٍ في ذلك لآياتٍ قال: الرّجل يبعث.... إلى أهله.
قوله تعالى: لقومٍ يتفكّرون.
- حدّثنا الحسن بن عرفة، ثنا عليّ بن ثابتٍ عن الوازع بن نافعٍ عن سالم بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تفكّروا في آلاء اللّه ولا تفكّروا في اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 7/2218-2219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الجلد - رضي الله عنه - قال: الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ فالسودان اثنا عشر ألفا والروم ثمانية ولفارس ثلاثة وللعرب ألف). [الدر المنثور: 8/363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن مضرب - رضي الله عنه - قال: الأرض مسيرة خمسمائة سنة ثلثمائة عمار ومائتان خراب). [الدر المنثور: 8/363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن حسان بن عطية - رضي الله عنه - قال: سعة الأرض مسيرة خمسمائة سنة والبحار ثلثمائة ومائة خراب ومائة عمران). [الدر المنثور: 8/363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: الأرض سبعة أجزاء: ستة أجزاء فيها يأجوج ومأجوج وجزء فيه سائر الخلق). [الدر المنثور: 8/363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - قال: ذكر لي أن الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ اثنا عشر ألفا منه أرض الهند وثمانية الصين وثلاثة آلاف المغرب وألف العرب). [الدر المنثور: 8/363-364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مغيث بن سمي - رضي الله عنه - قال: الأرض ثلاثة أثلاث ثلث فيه الناس والشجر وثلث فيه البحار وثلث هواء). [الدر المنثور: 8/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أما قوله تعالى: {وجعل فيها رواسي}
أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إن الله تبارك وتعالى حين أراد أن يخلق الخلق خلق الريح فنشجت الريح فأبدت عن حشفة فهي تحت الأرض، ومنها دحيت الأرض حيث ما شاء في العرض والطول فكانت تميد فجعل الجبال الرواسي). [الدر المنثور: 8/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: لما خلق الله الأرض قمصت وقالت: أي رب تجعل علي بني آدم يعملون علي الخطايا ويجعلون علي الخبث فأرسل الله فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون فكان إقرارها كاللحم ترجرج). [الدر المنثور: 8/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن عطاء - رضي الله عنه - قال: أول جبل وضع في الأرض أبو قبيس). [الدر المنثور: 8/365]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {جعل فيها زوجين اثنين} قال: ذكرا وأنثى من كل صنف). [الدر المنثور: 8/365]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {يغشي الليل النهار} أي يلبس الليل النهار). [الدر المنثور: 8/365]

تفسير قوله تعالى: (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني الحارث بن نبهان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد ابن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ}، قال: حتّى بلغ: {ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل}، قال: العنب الأبيض والأسود والتّين والخوخ والقوثياء والدّقل في أرضٍ واحدةٍ وتسقى بماءٍ واحدٍ حلوٌ وحامضٌ، وأمّا النّخل والصّنوان الخمس نخلاتٍ يكون أصلها واحدًا). [الجامع في علوم القرآن: 1/43-44]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة وفي الأرض قطع متجاورات قال قرى متجاورات). [تفسير عبد الرزاق: 1/331]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله صنوان وغير صنوان قال صنوان النخلة التي يكون في أصلها نخلتان وثلاث أصلهن واحد قال وكان بين عمر بن الخطاب وبين العباس قول فأسرع إليه العباس فجاء عمر النبي فقال يا نبي الله ألم تر عباسا فعل بي وفعل بي فأردت أن أجيبه فذكرت مكانه منك فكففت عنه فقال يرحمك الله إن عم الرجل صنو أبيه). [تفسير عبد الرزاق: 1/331]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن داود بن شابور عن مجاهد أن النبي قال لا تؤذوني في العباس فإنه بقية آبائي وإن عم الرجل صنو أبيه). [تفسير عبد الرزاق: 1/331]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ في قوله: {وفي الأرض قطع متجاورات} قال: سباخ وجدول [الآية: 4]). [تفسير الثوري: 150]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق عن البراء بن عازبٍ في قوله:{صنوان} قال: صنوان: النخل المجتمع {وغير صنوان}: النخل المتفرق [الآية: 4].
سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ في قوله: {يسقى بماء واحد} قال: بماء السّماء قال: وكذلك تقول بنو آدم مسلمٌ وكافرٌ وأبوهم واحدٌ). [تفسير الثوري: 150]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عطاء بن السّائب عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {ونفضل بعضها على بعضٍ في الأكل} قال: فارسي ودقل والوان [الآية: 4]). [تفسير الثوري: 150]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية : قوله تعالى: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجنّاتٌ من أعنابٍ وزرعٌ ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ يسقى بماءٍ واحدٍ... } الآية]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ - في قوله عزّ وجلّ: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} -، قال: الصّنوان: أن يكون أصلها (واحدًا) ورؤوسها متفرّقةٌ، وغير صنوان أن تكون النّخلة منفردةً ليس عندها شيءٌ). [سنن سعيد بن منصور: 5/423]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({متجاوراتٌ} [الرعد: 4] : «متدانياتٌ»). [صحيح البخاري: 6/78]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال غيره متجاورات متداينات وقال غيره المثلات واحدها مثلةٌ وهي الأمثال والأشباه وقال إلّا مثل أيّام الّذين خلوا هكذا وقع في رواية أبي ذرٍّ ولغيره وقال غيره سخّر ذلّل متجاوراتٍ متدانياتٍ المثلات وأحدها مثلة إلى آخره فجعل الكل لقائل واحدٍ). [فتح الباري: 8/371] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقال في قوله وفي الأرض قطع متجاورات أي متدانياتٌ متقارباتٌ). [فتح الباري: 8/371]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (متجاوراتٌ متدانياتٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {وفي الأرض قطع متجاورات} (الرّعد: 4) وفسّر متجاورات بقوله: متدانيات، وقيل: متقاربات يقرب بعضها من بعض بالجوار ويختلف بالتفاضل. فمنها عذبة ومنها مالحة ومنها طيبة تنبت منها سبخة لا تنبت.
وقال مجاهدٌ متجاوراتٌ طيّبها عذبها وخبيثها السّباخ
روي هذا التّعليق أبو بكر بن المنذر عن موسى عن أبي بكر عن شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد). [عمدة القاري: 18/309]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({متجاورات}) ومراده قوله تعالى: {وفي الأرض قطع متجاورات} [الرعد: 4] أي (متدانيات) في الأوضاع مختلفة باعتبار كونها طيبة وسبخة رخوة وصلبة صالحة للزرع والشجر أو لأحدهما وغير صالحة لشيء مع أن تأثير الشمس وسائر الكواكب فيها على السواء فلم يكن ذلك بسبب الاتصالات الفلكية والحركات الكوكبية وكذلك أشجارها وزروعها مختلفة جنسًا ونوعًا وطعمًا مع أنها تسقى بماء واحد فلا بد من مخصص يخصص كلاًّ منها بخاصية دون أخرى وما ذلك إلا إرادة الفاعل المختار وفي نسخة هنا وقال مجاهد متجاورات طيبها عذبها وخبيثها السباخ هذا وصله أبو بكر بن المنذر من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد). [إرشاد الساري: 7/183]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {متجاوراتٌ} [الرعد: 4] : «طيّبها وخبيثها السّباخ» ، {صنوانٌ} [الرعد: 4] : «النّخلتان أو أكثر في أصلٍ واحدٍ» ، {وغير صنوانٍ} [الرعد: 4] : «وحدها» ، {بماءٍ واحدٍ} [الرعد: 4] : «كصالح بني آدم وخبيثهم، أبوهم واحدٌ» ). [صحيح البخاري: 6/78]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ متجاوراتٌ طيّبها وخبيثها السّباخ كذا للجميع وسقط خبر طيّبها وقد وصله الفريابيّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله وفي الأرض قطع متجاورات قال طيبها عذبها وخبيثها السّباخ وعند الطّبريّ من وجهٍ آخر عن مجاهدٍ القطع المتجاورات العذبة والسّبخة والمالح والطّيّب ومن طريق أبي سنانٍ عن بن عبّاسٍ مثله ومن وجهٍ آخر منقطعٍ عن بن عبّاسٍ مثله وزاد تنبت هذه وهذه إلى جنبها لا تنبت ومن طريق أخرى متّصلةٍ عن بن عبّاسٍ قال تكون هذه حلوةٌ وهذه حامضةٌ وتسقى بماءٍ واحدٍ وهنّ متجاوراتٌ قوله صنوانٌ النّخلتان أو أكثر في أصلٍ واحدٍ وغير صنوانٍ وحدها تسقى بماءٍ واحدٍ كصالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحدٌ وصله الفريابيّ أيضًا عن مجاهدٍ مثله لكن قال تسقى بماءٍ واحدٍ قال بماء السّماء والباقي سواءٌ وروى الطّبريّ من طريق سعيد بن جبيرٍ في قوله صنوان وغير صنوان مجتمعٌ وغير مجتمعٍ وعن سعيد بن منصورٍ عن البراء بن عازبٍ قال الصّنوان أن يكون أصلها واحدًا ورءوسها متفرّقةٌ وغير الصّنوان أن تكون النّخلة منفردةً ليس عندها شيءٌ انتهى وأصل الصّنو المثل والمراد به هنا فرعٌ يجمعه وفرعًا آخر أو أكثر أصلٌ واحدٌ ومنه عمّ الرّجل صنو أبيه لأنّهما يجمعهما أصلٌ واحدٌ). [فتح الباري: 8/374]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {متجاورات} طيبها وخبيثها السباخ {صنوان} النخلتان أو أكثر في أصل واحد {وغير صنوان} وحدها {بماء واحد} كصالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحد {السّحاب الثقال} الّذي فيه الماء {كباسط كفيه إلى الماء} يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده فلا يأتيه أبدا {فسالت أودية بقدرها} تملأ بطن كل واد {زبدا رابيا} زبد السّيل {زبد مثله} خبث الحديد والحلية
قال الفريابيّ ثنا ورقاء ثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله الرّعد {قطع متجاورات} قال طيبها عذبها وخبيثها السباخ
وفي قوله
الرّعد {صنوان} النخلتان وأكثر في أصل واحد {وغير صنوان} وحدها {يسقى بماء واحد} قال بماء السّماء كمثل صالح بني آدم وخبيثهم وأبوهم واحد). [تغليق التعليق: 4/230-231]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (صنوانٌ النّخلتان أو أكثر في أصلٍ واحدٍ وغير صنوانٍ وحدها بماء واحد كصالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحدٌ
أشار به إلى قوله: {صنوان وغير صنوان يسقي بماء واحد} (الرّعد: 4) الآية وفسّر قوله: (صنوان) بقوله: (النخلتان أو أكثر في أصل واحد) وكذا قال ابن عبّاس الصنوان ما كان من نخلتين أو ثلاثًا أو أكثر أصلهن واحد، وهو جمع صنو، ويجمع في القلّة على أصناو، ولا فرق بينهما في التّثنية والجمع إلاّ في الإعراب، وذلك أن النّون في التّثنية مكسورة أبدا غير منونة، وفي الجمع منونة تجري بجريان الإعراب، والقراء كلهم على كسر الصّاد إلاّ أبا عبد الرّحمن السّلميّ فإنّه يضمها قوله: (وغير صنوان وحدها) أي: وغير صنوان المتفرق الّذي لا يجمعه أصل واحد قوله: (بماء واحد) أي: يسقى بماء واحد، وفي رواية الفريابيّ عن مجاهد مثل ما قاله البخاريّ، لكن قال يسقي بماء واحد، قال بماء السّماء قوله: (كصالح بني آدم) إلى آخره: شبه الصنوان الّذي أصله واحد والصنوان المتفرق الّذي لا يجمعه أصل واحد بصالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحد، وقال الحسن: هذا مثل ضربه الله تعالى لقلوب بني آدم فقلب يرق فيخشع ويخضع، وقلب يسهو ويلهو، والكل من أصل واحد، وكذلك صنوان وغير صنوان منها ما يخرج الطّيب ومنها ما يخرج غير الطّيب، وأصله واحد والكل يسقي بماء واحد). [عمدة القاري: 18/312]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي في قوله تعالى: ({متجاورات} طيبها وخبيثها السباخ) وهذا قد ثبت في نسخة قبل قوله المثلات كما مر.
({صنوان}) جمع صنو كقنوان جمع قنو (النخلتان أو أكثر في أصل واحد) وفي الحديث "عم الرجل صنو أبيه" أي يجمعهما أصل واحد ({وغير صنوان}) النخلة (وحدها {بماء واحد} كصالح بني آدم وخبيثهم) قال الحسن: هذا مثل ضربه الله لقلوب بني آدم فقلب يرق فيخشع ويخضع وقلب يسهو ويلهو والكل (أبوهم واحد) ). [إرشاد الساري: 7/185]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا محمود بن خداشٍ البغداديّ، قال: حدّثنا سيف بن محمّدٍ الثّوريّ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} قال: الدّقل والفارسيّ والحلو والحامض.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
وقد رواه زيد بن أبي أنيسة، عن الأعمش نحو هذا، وسيف بن محمّدٍ هو: أخو عمّار بن محمّدٍ، وعمّارٌ أثبت منه وهو ابن أخت سفيان الثّوريّ). [سنن الترمذي: 5/145]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله: {قطعٌ متجاوراتٌ} قال: يقال: الأرض العذبة والسّبخة متجاوراتٌ). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 104]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} قال: النخلة: فرد وجمعاً). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 104]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجنّاتٌ من أعنابٍ وزرعٌ ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوًانٍ يسقى بماءٍ واحدٍ ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون}.
يقول تعالى ذكره بقوله: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ}: وفي الأرض قطعٌ منها متقارباتٌ متدانياتٌ يقرب بعضها من بعضٍ بالجوار، وتختلف بالتّفاضل مع تجاورها وقرب بعضها من بعضٍ، فمنها قطعةٌ سبخةٌ لا تنبت شيئًا في جوار قطعةٍ طيّبةٍ تنبت وتنفع.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} قال: السّبخة والعذية، والمالح والطّيّب
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ قوله: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} قال: سباخٌ وعذوبةٌ.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا سعيد بن سليمان، قال: حدّثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي سنانٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} قال: العذية والسّبخة.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} يعني: الأرض السّبخة، والأرض العذية، يكونان جميعًا متجاوراتٌ، يفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاج، عن ابن جريجٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: {قطعٌ متجاوراتٌ} العذيةٌ والسّبخةٌ متجاوراتٌ جميعًا، تنبت هذه، وهذه إلى جنبها لا تنبت
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا شبابة قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قطعٌ متجاوراتٌ} طيّبها: عذيّها، وخبيثها: السّباخ.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} قرًى قرّبت متجاوراتٌ بعضها من بعضٍ
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} قال: قرًى متجاوراتٌ
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن أبي إسحاق الكوفيّ، عن الضّحّاك، في قوله: {قطعٌ متجاوراتٌ} قال: الأرض السّبخة تليها الأرض العذية
- حدّثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} يعني: الأرض السّبخة والأرض العذية، متجاوراتٌ بعضها عند بعضٍ
- حدّثنا الحارث قال: حدّثنا عبد العزيز قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} قال: الأرض تنبت حلوًا، والأرض تنبت حامضًا، وهي متجاورةٌ ( تسقى بماءٍ واحدٍ )
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} قال: يكون هذا حلوًا وهذا حامضًا، وهو يسقى بماءٍ واحدٍ، وهنّ متجاوراتٌ.
- حدّثني عبد الجبّار بن يحيى الرّمليّ، قال: حدّثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذبٍ، في قوله: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} قال: عذيةٌ ومالحةٌ
وقوله: {وجنّاتٌ من أعناب وزرعٌ ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ يسقى بماءٍ واحدٍ، ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} يقول تعالى ذكره: وفي الأرض مع القطع المختلفات المعاني منها بالملوحة والعذوبة، والخبيث والطّيّب، مع تجاورها وتقارب بعضها من بعضٍ، بساتين من أعناب وزرعٍ ونخيلٍ أيضًا، متقاربةٌ في الخلقة مختلفةٌ في الطّعوم والألوان، مع اجتماع جميعها على شربٍ واحدٍ، فمن طيّبٍ طعمه منها حسنٌ منظره طيّبةٌ رائحته، ومن حامضٍ طعمه ولا رائحة له.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {وجنّاتٌ من أعناب وزرعٌ ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ} قال: مجتمعٌ وغير مجتمعٍ {يسقى بماءٍ واحدٍ ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} قال: الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ، والكمّثرى، والعنب الأبيض والأسود، وبعضها أكثر حملاً من بعضٍ، وبعضه حلوٌ، وبعضه حامضٌ، وبعضه أفضل من بعضٍ.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وجنّاتٌ} قال: وما معها.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
- قال المثنّى، حدّثنا وإسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {وزرعٌ ونخيلٌ} فقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل المدينة والكوفة: ( وزرعٍ ونخيلٍ )، بالخفض عطفًا بذلك على الأعناب، بمعنى: وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ، وجنّاتٌ من أعناب ومن زرعٍ ونخيلٍ.
وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل البصرة: {وزرعٌ ونخيلٌ} بالرّفع عطفًا بذلك على الجنّات، بمعنى: وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجنّاتٌ من أعنابٍ، وفيها أيضًا زرعٌ ونخيلٌ.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّهما قراءتان متقاربتا المعنى، وقرأ بكلّ واحدةٍ منهما قرّاءٌ مشهورون، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وذلك أنّ الزّرع والنّخل إذا كانا في البساتين فهما في الأرض، وإذا كانا في الأرض فالأرض الّتي هما فيها جنّةٌ، فسواءٌ وصفا بأنّهما في بستانٍ أو في أرضٍ
وأمّا قوله: {ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ} فإنّ الصّنوان: جمع صنو، وهي النّخلات يجمعهنّ أصلٌ واحدٌ، لا يفرّق فيه بين جميعه واثنيه إلاّ بالإعراب في النّون، وذلك أن تكون نونه في اثنيه مكسورةً بكلّ حالٍ، وفي جميعه متصرّفةً في وجوه الإعراب، ونظيره القنوان: واحدها قنوٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء: {صنوانٌ} قال: المجتمع، {وغير صنوانٍ}: المتفرّق
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا الحسين، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: {صنوانٌ}: هي النّخلة الّتي إلى جنبها نخلاتٌ إلى أصلها، {وغير صنوانٍ}: النّخلة وحدها
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} قال: الصّنوان: النّخلتان أصلهما واحدٌ، {وغير صنوانٍ} النّخلة والنّخلتان المتفرّقتان.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول في هذه الآية قال: النّخلة يكون لها النّخلات، {وغير صنوانٍ} النّخل المتفرّق
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا عمرو بن الهيثم أبو قطنٍ، ويحيى بن عبّادٍ، وعفّان، واللّفظ لفظ أبي قطنٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} قال: الصّنوان: النّخلة إلى جنبها النّخلات، {وغير صنوانٍ}: المتفرّق
- حدّثنا الحسن قال: حدّثنا شبابة قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} قال: الصّنوان: النّخلات الثّلاث والأربع والثّنتان أصلهنّ واحدٌ، وغير صنوانٍ: المتفرّق
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سفيان وشريكٌ، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} قال: النّخلتان يكون أصلهما واحدٌ، وغير صنوانٍ: المتفرّق
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {صنوانٌ} يقول: مجتمعٌ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ} يعني بالصّنوان: النّخلة يخرج من أصلها النّخلات، فيحمل بعضه ولا يحمل بعضه، فيكون أصله واحدًا ورءوسه متفرّقةٌ
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} النّخيل في أصلٍ واحدٍ، وغير صنوانٍ: النّخيل المتفرّق
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ} قال: مجتمعٌ، وغير مجتمعٍ
- حدّثنا المثنّى قال: حدّثنا النّفيليّ قال: حدّثنا زهيرٌ قال: حدّثنا أبو إسحاق، عن البراء، قال: الصّنوان: ما كان أصله واحدًا وهو متفرّقٌ، وغير صنوانٍ: الّذي نبت وحده
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {صنوانٌ} النّخلتان وأكثر في أصلٍ واحدٍ، {وغير صنوانٍ} وحدها
- حدّثنا المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {صنوانٌ}: النّخلتان أو أكثر في أصلٍ واحدٍ، {وغير صنوانٍ} واحدةٌ.
- قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} قال: الصّنوان: المجتمع أصله واحدٌ، وغير صنوانٍ: المتفرّق أصله
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} قال: الصّنوان: المجتمع الّذي أصله واحدٌ، وغير صنوانٍ: المتفرّق
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ} أمّا الصّنوان: فالنّخلتان والثّلاث أصولهنّ واحدةٌ وفروعهنّ شتّى، وغير صنوانٍ: النّخلة الواحدة
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} قال: صنوانٌ: النّخلة الّتي يكون في أصلها نخلتان وثلاثٌ أصلهنّ واحدٌ
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ قوله: {ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ} قال: الصّنوان: النّخلتان أو الثّلاث يكنّ في أصلٍ واحدٍ، فذلك يعدّه النّاس صنوانًا
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: حدّثني رجلٌ، أنّه كان بين عمر بن الخطّاب وبين العبّاس قولٌ، فأسرع إليه العبّاس، فجاء عمر إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا رسول اللّه، ألم تر عبّاسًا فعل بي وفعل، فأردت أن أجيبه، فذكرت مكانه منك فكففت فقال: يرحمك اللّه، إنّ عمّ الرّجل صنو أبيه
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {صنوانٌ}: الصنوان النّخلة الّتي يكون في أصلها نخلتان وثلاثٌ أصلهنّ واحدٌ. قال: فكان بين عمر بن الخطّاب وبين العبّاس رضي اللّه عنهما قولٌ، فأسرع إليه العبّاس، فجاء عمر إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا نبيّ اللّه، ألم تر عبّاسًا فعل بي وفعل؟ فأردت أن أجيبه، فذكرت مكانه منك فكففت عند ذلك، فقال: يرحمك اللّه، إنّ عمّ الرّجل صنو أبيه
- قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن داود بن شابور، عن مجاهدٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لا تؤذوني في العبّاس فإنّه بقيّة آبائي، وإنّ عمّ الرّجل صنو أبيه
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حجّاجٌ، عن عطاءٍ، وابن أبي مليكة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لعمر: يا عمر، أما علمت أنّ عمّ الرّجل صنو أبيه
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ: {صنوانٌ} قال: في أصلٍ واحدٍ ثلاث نخلاتٍ، كمثل ثلاثة بني أمٍّ وأبٍ يتفاضلون في العمل، كما يتفاضل ثمر هذه النّخلات الثّلاث في أصلٍ واحدٍ قال ابن جريجٍ: قال مجاهدٌ: كمثل صالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحدٌ.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا حجّاج بن محمّدٍ، عن ابن جريجٍ قال: أخبرني إبراهيم بن أبي بكر بن عبد اللّه، عن مجاهدٍ، نحوه
- حدّثني القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، عن الحسن، قال: هذا مثلٌ ضربه اللّه لقلوب بني آدم، كانت الأرض في يد الرّحمن طينةً واحدةً، فسطحها وبطحها، فصارت الأرض قطعًا متجاوراة، فينزل عليها الماء من السّماء، فتخرج هذه زهرتها، وثمرها، وشجرها، وتخرج نباتها، وتحيي مواتها، وتخرج هذه سبخها، وملحها، وخبثها، وكلتاهما تسقى بماءٍ واحدٍ، فلو كان الماء مالحًا قيل: إنّما استسبخت هذه من قبل الماء، كذلك النّاس خلقوا من آدم، فينزل عليهم من السّماء تذكرةً، فترقّ قلوبٌ فتخشع وتخضع، وتقسو قلوبٌ فتلهو وتسهو وتجفو. قال الحسن: واللّه ما جالس القرآن أحدٌ إلاّ قام من عنده بزيادةٍ أو نقصانٍ، قال اللّه: {وننزّل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين، ولا يزيد الظّالمين إلاّ خسارًا}.
وقوله: ( يسقى بماءٍ واحدٍ ). اختلفت القرّاء في قوله ( تسقى )، فقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل المدينة والعراق من أهل الكوفة والبصرة: ( تسقى )، بالتّاء، بمعنى: تسقى الجنّات والزّرع والنّخيل وقد كان بعضهم يقول: إنّما قيل: تسقى بالتّاء لتأنيث الأعناب.
وقرأ ذلك بعض المكّيّين والكوفيّين: {يسقى} بالياء.
وقد اختلف أهل العربيّة في وجه تذكيره إذا قرئ كذلك، وإنّما ذلك خبرٌ عن الجنّات، والأعناب، والنّخيل، والزّرع، أنّها تسقى بماءٍ واحدٍ، فقال بعض نحويّي البصرة: إذا قرئ ذلك بالتّاء، فذلك على الأعناب، كما ذكّر الأنعام في قوله: {ما في بطونه} وأنّث بعد فقال: {وعليها وعلى الفلك تحملون} فمن قال: {يسقى} بالياء جعل الأعناب ممّا تذكّر وتؤنّث، مثل الأنعام.
وقال بعض نحويّي الكوفة: من قال ( تسقى ) ذهب إلى تأنيث الزّرع والجنّات والنّخيل، ومن ذكّر ذهب إلى أنّ ذلك كلّه يسقى بماءٍ واحدٍ، وأكله مختلفٌ حامضٌ وحلوٌ، ففي هذا آيةٌ.
وأعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها قراءة من قرأ ذلك بالتّاء: ( تسقى بماءٍ واحدٍ )، على أنّ معناه: تسقى الجنّات والنّخل والزّرع بماءٍ واحدٍ لمجيء تسقى بعد ما قد جرى ذكرها، وهي جماعٌ من غير بني آدم، وليس الوجه الآخر بممتنعٍ على معنى يسقى ذلك بماءٍ واحدٍ: أي جميع ذلك يسقى بماءٍ واحدٍ عذبٍ دون المالح.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: ( تسقى بماءٍ واحدٍ )، ماء السّماء، كمثل صالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحدٌ
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: ( تسقى بماءٍ واحدٍ )، قال: ماء السّماء.
- حدّثني أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن أبي إسحاق الكوفيّ، عن الضّحّاك: ( تسقى بماءٍ واحدٍ )، قال: ماء المطر
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا سويدٌ قال: أخبرنا ابن المبارك، قرأه ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: ( تسقى بماءٍ واحدٍ )، قال: ماء السّماء، كمثل صالح بني آدم وخبيثهم، أبوهم واحدٌ.
- قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، وحدّثني المثنّى قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه
- حدّثنا عبد الجبّار بن يحيى الرّمليّ، قال: حدّثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذبٍ: ( تسقى بماءٍ واحدٍ )، قال: بماء السّماء
وقوله: {ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه عامّة قرّاء المكّيّين والمدنيّين والبصريّين وبعض الكوفيّين: {ونفضّل} بالنّون بمعنى: ونفضّل نحن بعضها على بعضٍ في الأكل.
وقرأته عامّة قرّاء الكوفيّين: ( ويفضّل ) بالياء، ردًّا على قوله: {يغشي اللّيل النّهار} ويفضّل بعضها على بعضٍ.
وهما قراءتان مستفيضتان بمعنًى واحدٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، غير أنّ الياء أعجبهما إليّ في القراءة، لأنّه في سياق كلامٍ ابتداؤه اللّه الّذي رفع السّموات، فقراءته بالياء إذ كان كذلك أولى.
ومعنى الكلام: أنّ الجنّات من الأعناب والزّرع والنّخيل، الصّنوان وغير الصّنوان، تسقى بماءٍ واحدٍ عذبٍ لا ملحٍ، ويخالف اللّه بين طعوم ذلك، فيفضّل بعضها على بعضٍ في الطّعم، فهذا حلوٌ وهذا حامضٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} قال: الفارسيّ، والدّقل، والحلو، والحامض
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} قال: الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ، والكمّثرى، والعنب الأبيض والأسود، وبعضها أكثر حملاً من بعضٍ، وبعضه حلوٌ وبعضه حامضٌ، وبعضه أفضل من بعضٍ
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عارمٌ أبو النّعمان، قال: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} قال: برنيّ وكذا وكذا، وهذا بعضه أفضل من بعضٍ
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} قال: هذا حامضٌ، وهذا حلوٌ، وهذا مزٌّ.
- حدّثني محمود بن خداشٍ، قال: حدّثنا سيف بن محمّد بن أخت سفيان الثّوريّ، قال: حدّثنا الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} قال: الدّقل والفارسيّ والحلو والحامض
- حدّثنا أحمد بن الحسن التّرمذيّ قال: حدّثنا سليمان بن عبيد اللّه الرّقّيّ قال: حدّثنا عبيد اللّه بن عمر الرّقّيّ، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} قال: الدّقل والفارسيّ والحلو والحامض
وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون} يقول تعالى ذكره: إنّ في مخالفة اللّه عزّ وجلّ بين هذه القطع من الأرض المتجاورات، وثمار جنّاتها وزروعها على ما وصفنا وبيّنّا لدليلاً واضحًا وعبرةً لقومٍ يعقلون اختلاف ذلك، أنّ الّذي خالف بينه على هذا النّحو الّذي خالف بينه، هو المخالف بين خلقه فيما قسم لهم من هدايةٍ وضلالٍ وتوفيقٍ وخذلانٍ، فوفّق هذا وخذل هذا، وهدى ذا وأضلّ ذا، ولو شاء لسوّى بين جميعهم، كما لو شاء سوّى بين جميع أكل ثمار الجنّة الّتي تشرب شربًا واحدًا، وتسقى سقيًا واحدًا، وهي متفاضلةٌ في الأكل). [جامع البيان: 13/415-432]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجنّاتٌ من أعنابٍ وزرعٌ ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ يسقى بماءٍ واحدٍ ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون (4)
قوله: وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ
- حدّثنا أبي، ثنا عمر بن حفص بن عمر بن سعد بن مالكٍ الأوصابيّ، ثنا ابن جسيرٍ عن ابن لهيعة عن ابن أبي عمرٍة عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قوله: وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ: يريد بذلك الطّيّبة العذبة الّتي تخرج نباتها بإذن ربّها، تجاورها السّبخة القبيحة المالحة الّتي لا تخرج وهما أرضٌ واحدةٌ وماؤهما شيءٌ ملحٌ عذّبٌ. ففضلت إحداهما على الأخرى في الأكل.
- ذكر عن أبي أحمد الزّبيريّ، ثنا إسرائيل عن عطاءٍ عن سعيدٍ عن ابن عبّاسٍ وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ قال: يكون هذا حلوٌ وهذا حامضٌ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا المنقريّ عن سفيان عن ليثٍ عن مجاهدٍ وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ قال: ملحٌ وعذوبةٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة عن أبي عياضٍ: قطعٌ متجاوراتٌ قال: قرًى.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: قطع متجاورات: طيبها وعذبها وخبيثها السّباخ.
قوله: متجاوراتٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيدٌ، ثنا قتادة عن أبي عياضٍ وفي الأرض قطعٌ متجاورات قال: المتواصلة.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: متجاوراتٌ: أي قريبٌ بعضها من بعضٍ.
قوله: وجنّاتٌ من أعناب الآية
- حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبانة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهد جنات من أعنابٍ قال: جنّاتٌ وما معها.
قوله تعالى: صنوانٌ.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عمرٌو العنقزيّ عن سفيان عن أبي إسحاق عن البراء صنوانٌ قال: النّخلتين الملتزقتين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، ثنا بشرٌ بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: صنوانٌ قال: الصّنوان النّخل المجتمع الأصل.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا هاني بن سعيدٍ عن جويبرٍ عن الضّحّاك صنوانٌ قال: يقول إذا كان الخمس والسّتّ أصلهنّ واحدٌ وفروعهنّ شتّى وطلعهنّ مختلفٌ. وروي عن عكرمة وعطاءٍ الخرسانيٍّ مثل ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا النّفيليّ، ثنا محمّد بن سلمة عن خصيفٍ في قوله: صنوانٌ قال: الصّنوان ما كان من الشجر متشعّبٌ.
قوله: وغير صنوانٍ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عمرٌو العنقزيّ عن سفيان عن أبي إسحاق عن البراء وغير صنوانٍ قال: المتفرّق.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا جابر بن سعيدٍ عن جويبرٍ عن الضّحّاك صنوانٌ وغير صنوانٍ قال يقول: إذا كان الخمس والسّتّ أصلهنّ واحدٌ، وفروعهنّ شتّى، وطلعهنّ مختلفٌ، وغير صنوانٍ النّخلة غير المنفردة.
قوله: يسقى بماءٍ واحدٍ.
- حدّثنا حجّاج ابن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: يسقى بماءٍ واحدٍ: ماء السّماء، كمثل صالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحدٌ.
قوله: ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل.
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن هاشم بن مرزوقٍ، ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن سفيان الثّوريّ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل قال: هذا حامضٌ وهذا حلوٌ، وهذا قل وهذا فارسيٌّ.
قوله: إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون.
- أخبرنا أحمد بن الأزهر فيما كتب إليّ، ثنا وهب بن جريرٍ، ثنا أبي عن عليّ بن الحكم عن الضّحّاك: صنوانٌ وغير صنوان فيقول: يسقى بماءٍ واحدٍ بعضها أفضل من بعضٍ حملا ففي ذلك آيةٌ لقومٍ يعقلون). [تفسير القرآن العظيم: 7/2219-2221]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وفي الأرض قطع متجاورات قال طيبها وعذبها وخبيثها والسباخ والجنات وما معها). [تفسير مجاهد: 323]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يسقى بماء واحد بماء السماء يقول هذا مثل لبني آدم صالحهم وخبيثهم وأبوهم واحد). [تفسير مجاهد: 324]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا إسرائيل وشريك عن أبي إسحق عن البراء بن عازب في قوله صنوان وغير صنوان قال الصنوان النخل المجتمع الثلاث والأربع وأكثر وأكثر من ذلك أصله واحد وغير صنوان النخل المتفرق كل نخلة على حدة
- نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله). [تفسير مجاهد: 324]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {ونفضّل بعضها على بعض في الأكل} [الرعد: 4]، قال: «الدّقل والفارسيّ والحلو والحامض». أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2/201]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 4.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وفي الأرض قطع متجاورات} قال: يريد الأرض الطيبة العذبة التي تخرج نباتها بإذن ربها تجاورها السبخة القبيحة المالحة التي لا تخرج وهما أرض واحدة وماؤهما شيء ملح وعذب، ففضلت إحداهما على الأخرى). [الدر المنثور: 8/365]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ليس في الأرض ماء إلا ما نزل من السماء ولكن عروق في الأرض تغيره فمن أراد أن يعود الملح عذبا فليصعد الماء من الأرض). [الدر المنثور: 8/365-366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وفي الأرض قطع متجاورات} قال: السبخة والعذبة والمالح والطيب). [الدر المنثور: 8/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - {وفي الأرض قطع متجاورات} قال: قرى متجاورات، قريب بعضها من بعض). [الدر المنثور: 8/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - {وفي الأرض قطع متجاورات} قال: فارس والأهواز والكوفة والبصرة). [الدر المنثور: 8/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وفي الأرض قطع متجاورات} قال: الأرض تنبت حلوا والأرض تنبت حامضا، وهي متجاورات تسقى بماء واحد). [الدر المنثور: 8/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيج عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - {وفي الأرض قطع متجاورات} قال: الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ والكمثرى والعنب الأبيض والأسود وبعضه أكبر حملا من بعض وبعضه حلو وبعضه حامض وبعضه أفضل من بعض). [الدر المنثور: 8/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - في قوله {صنوان وغير صنوان} قال: الصنوان ما كان أصله واحدا وهو متفرق وغير صنوان التي تنبت وحدها، وفي لفظ {صنوان} النخلة في النخلة ملتصقة {وغير صنوان} النخل المتفرق). [الدر المنثور: 8/366-367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {صنوان} قال: مجتمع النخيل في أصل واحد {وغير صنوان} قال: النخل المتفرق). [الدر المنثور: 8/367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وفي الأرض قطع متجاورات} قال: طينها عذبها، وخبيثها السباخ، وفي قوله {وجنات من أعناب} قال: جنات وما معها، وفي قوله {صنوان} قال: النخلتان وأكثر في أصل واحد {وغير صنوان} وحدها تسقى {بماء واحد} قال: ماء السماء كمثل صالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحد، وكذلك النخلة أصلها واحد وطعامها مختلف، وهو يشرب بماء واحد). [الدر المنثور: 8/367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {صنوان وغير صنوان} قال: مجتمع وغير مجتمع {يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل} قال: العنب الأبيض والأسود والأحمر والتين الأبيض والأسود والنخل الأحمر والأصفر). [الدر المنثور: 8/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - {صنوان} قال: ثلاث نخلات في أصل واحد كمثل ثلاثة من بني أب وأم يتفاضلون في العمل كما يتفاضل ثمر هذه النخلات الثلاث في أصل واحد). [الدر المنثور: 8/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن - رضي الله عنه - في الآية قال: مثل ضربه الله عز وجل لقلوب بني آدم كما كانت الأرض في يد الرحمن طينة واحدة فسطحها وبطحها فصارت الأرض قطعا متجاورة فينزل عليها الماء من السماء فتخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها وتخرج نباتها وتحيي موتاها وتخرج هذه سبخها وملحها وخبثها وكلتاهما {يسقى بماء واحد} فلو كان الماء مالحا قيل إنما استبخت هذه من قبل الماء كذلك الناس خلقوا من آدم فينزل عليهم من السماء تذكرة فترق قلوب فتخشع وتخضع وتقسو قلوب فتلهو وتسهو وتجفو قال الحسن - رضي الله عنه - والله ما جالس القرآن أحد إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان، قال الله تعالى (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) (الإسراء آية 82) ). [الدر المنثور: 8/368-369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه - {صنوان} قال: الصنوان النخلة التي يكون فيها نخلتان أو ثلاث أصلهن واحد، قال: وحدثني رجل أنه كان بين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وبين العباس قول فأسرع إليه العباس فجاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: يا نبي الله ألم تر عباسا فعل بي وفعل فأردت أن أجيبه فذكرت مكانك منه فكففت عنه، فقال: يرحمك الله إن عم الرجل صنو أبيه). [الدر المنثور: 8/369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذوني في العباس فإنه بقية آبائي وإن عم الرجل صنو أبيه). [الدر المنثور: 8/369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عطاء - رضي الله عنه -، وابن أبي مليكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر: يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه). [الدر المنثور: 8/369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي، وابن مردويه، عن جابر - رضي الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا علي الناس من شجر شتى وأنا وأنت يا علي من شجرة واحدة ثم قرأ النّبيّ {وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان}). [الدر المنثور: 8/369-370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {ونفضل بعضها على بعض} بالنون). [الدر المنثور: 8/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي وحسنه والبزار، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ، وابن مردويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {ونفضل بعضها على بعض في الأكل} قال: الدقل والفارسي والحلو والحامض). [الدر المنثور: 8/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ونفضل بعضها على بعض في الأكل} قال: هذا حامض وهذا حلو وهذا دقل وهذا فارسي). [الدر المنثور: 8/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد {ونفضل بعضها على بعض في الأكل} قال: هذا حلو وهذا مر وهذا حامض كذلك بنو آدم أبوهم واحد ومنهم المؤمن والكافر). [الدر المنثور: 8/370]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 11:28 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1) اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}

تفسير قوله تعالى: {المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله قبل هذه الآية: {والّذي أنزل إليك من رّبّك الحقّ...}
فموضع (الذي) رفع تستأنفه على الحقّ، وترفع كلّ واحدٍ بصاحبه. وإن شئت جعلت (الذي) في موضع خفض تريد: تلك آيات الكتاب وآيات الذي أنزل إليك من ربك فيكون خفضاً، ثم ترفع (الحقّ) أي ذلك الحق، كقوله في البقرة {وإنّ فريقاً منهم ليكتمون الحقّ وهم يعلمون الحقّ من ربّك} فنرفع على إضمار ذلك الحقّ أو هو الحق. وإن شئت جعلت (الذي) خفضا فخفضت (الحقّ) فجعلته من صفة الذي ويكون (الذي) نعتاً للكتاب مردوداً عليه وإن كانت فيه الواو؛
كما قال الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام =وليث الكتيبة في المزدحم
فعطف بالواو وهو يريد واحداً. ومثله في الكلام: أتانا هذا الحديث عن أبي حفص والفاروق وأنت تريد عمر بن الخطّاب رحمه الله). [معاني القرآن: 2/58-57]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {المر تلك آيات الكتاب والّذي أنزل إليك من ربّك الحقّ ولكنّ أكثر النّاس لا يؤمنون}
(المر) قد فسرنا في سورة البقرة ما قيل في هذا وأشباهه، وروي أنّ معناه أنا اللّه أرى، وروي أنا اللّه أعلم وأرى، وروي أن " المر " حروف تدل على اسم الرب جل جلاله
وقوله تعالى: {تلك آيات الكتاب} جاء في التفسير أنّ الذي أنزل قبل القرآن آيات الكتاب.
{والّذي أنزل إليك من ربّك الحقّ} أي والقرآن المنزل عليك الحقّ، ويجوز أن يكون موضع (الذي) رفعا على الابتداء، ويجوز أن يكون رفعا على العطف على (آيات) ويكون (الحقّ) مرفوعا على إضمار هو، ويجوز أن يكون موضع الذي خفضا، عطفا على الكتاب، المعنى تلك آيات الكتاب وآيات الذي أنزل إليك، ويكون الذي أنزل من نعت الكتاب وإن جاءت الواو، ويكون الحق مرفوعا على الإضمار، ويجوز أن يكون الحق صفة للذي.
المعنى: تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق، ولا أعلم أحدا قرأ بها). [معاني القرآن: 3/136-135]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قوله جل وعز: {آلمر تلك آيات الكتاب} هذا تمام الكلام
ومن ذهب إلى أن كل حرف من هذه يؤدي عن معنى قال المعنى أنا الله أرى). [معاني القرآن: 3/467]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( روي عن ابن عباس أن التفسير {المر}: أنا الله الملك الرحمن. وروي عنه أن الألف: الله، واللام: جبريل، والميم: محمد،
والراء: رسول رحمة لجميع العالمين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 117]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {المر}: أنا الله أعلم وأدري). [العمدة في غريب القرآن: 165]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قول الله عزّ وجلّ: {الّذي رفع السّماوات بغير عمدٍ ترونها...}.
جاء فيه قولان. يقول: خلقها مرفوعة بلا عمدٍ، ترونها: لا تحتاجون مع الرؤية إلى خبر. ويقال: خلقها بعمد لا ترونها، لا ترون تلك العمد. والعرب قد تقدم الحجة من آخر الكلمة إلى أوّلها: يكون ذلك جائزاً.
أنشدني بعضهم:

إذا أعجبتك الدهر حالٌ من امري =فدعه وواكل حاله واللياليا
يجئن على ما كان من صالحٍ به =وإن كان فيما لا يرى الناس آليا
معناه وإن كان (فيما يرى) الناس لا يألو.
وقال الآخر:
ولا أراها تزال ظالمةً= تحدث لي نكبةً وتنكؤها
ومعناها: أراها لا تزال). [معاني القرآن: 2/57]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بغير عمدٍ} متحرك الحروف بالتفحى، وبعضهم يحركها بالضمة لأنها جميع عمود وهو القياس لأن كل كلمة هجاؤها أربعة أحرف الثالث منها ألف أو ياء أو واو فجميعه متحرك مضموم نحو رسول والجميع رسل، وصليب والجميع صلب، وحمار والجميع حمر، غير أنه جاءت أسامي منه استعملوا جميعه بالحركة بالفتحة نحو عمود وأديم وإهاب قالوا: أدم وأهب؛ ومعنى عمد أي سوارى ودعائم وما يعمد البناء،
قال النّابغة الذّبيانيّ:
وخيّس الجنّ أنّي قد أذنت بهم= يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد
{وسخّر الشّمس والقمر} أي ذللّها فانطاعا.
(كلٌّ يجري) مرفوع على الاستئناف وعلى يجري ولم يعمل فيه وسخّر ولكن انقطع منه. وكل يجري في موضع كلاهما إذا نوّنوا فيه، فلذلك جاءت للشمس وللقمر لأن التنوين بدل من الكناية). [مجاز القرآن: 1/321-320]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {اللّه الّذي رفع السّماوات بغير عمدٍ ترونها ثمّ استوى على العرش وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مّسمًّى يدبّر الأمر يفصّل الآيات لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون}
قال: {كلٌّ يجري} يعني كلّه كما تقول: "كلّ منطلقٌ" أي: كلّهم). [معاني القرآن: 2/54]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وغيره {يدبر الأمر يفصل الآيات} بالياء.
الأعرج {يدبر الأمر} بالياء "نفصل" بالنون). [معاني القرآن لقطرب: 760]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وسخّر الشّمس والقمر} ذلّلهما وقصرهما على شيء واحد). [تفسير غريب القرآن: 224]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {اللّه الّذي رفع السّماوات بغير عمد ترونها ثمّ استوى على العرش وسخّر الشّمس والقمر كلّ يجري لأجل مسمّى يدبّر الأمر يفصّل الآيات لعلّكم بلقاء ربّكم }
لمّا ذكر أنهم لا يؤمنون عرف الدليل الذي يوجب التصديق بالخالق عزّ وجلّ - فقال: {اللّه الّذي رفع السّماوات بغير عمد}، وفي ذلك من القدرة والدلالة ما لا شيء أوضح منه أن السماء محيطة بالأرض متبرية منها.
بغير عمد. والمعنى بغير عمد وأنتم ترونها كذلك، ويجوز أن تكون (ترونها) من نعت العمد، المعنى بغير عمد مرئية، وعلى هذا تعمدها قدرة الله عزّ وجلّ.
{وسخّر الشّمس والقمر كلّ يجري لأجل مسمّى}.
كل مقهور مدبّر لا يملك لنفسه ما يخلصه من القهر، فذلك معنى السّخرة، فالشمس والقمر مسخران يجريان مجاريهما التي سخرا جاريين عليها.
(يدبّر الأمر) يحكمه.
{يفصّل الآيات لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون} أي يبين الآيات التي تدل على قدرته على بعثكم، لعلكم توقنون.
لأنهم كانوا يجحدون البعث، فاعلموا أن الذي خلق السّماوات وأنشأ الإنسان ولم يكن شيئا، قادر على إعادته). [معاني القرآن: 3/136]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها} المعنى ترونها بغير عمد
ويجوز أن يكون الضمير يعود على العمد
ثم قال جل وعز: {وسخر الشمس والقمر} أي أنهما مقهوران مدبران فهذا معنى التسخير في اللغة). [معاني القرآن: 3/468-467]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( {وهو الّذي مدّ الأرض...} أي بسط الأرض عرضاً وطولا.
وقوله: {زوجين اثنين} الزوجان اثنان الذكر والأنثى والضربان. يبيّن ذلك قوله: {وأنّه خلق الزّوجين الذّكر والأنثى} فتبيّن أنهما اثنان بتفسير الذكر والأنثى لهما). [معاني القرآن: 2/58]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وهو الّذي مدّ الأرض} أي بسطها في الطول والعرض، {وجعل فيها رواسي} أي جبالاً ثابتاتٍ؛ يقال: أرسيت الوتد،
قال:
به خالداتٌ ما يرمن وهامدٌ= وأشعث أرسته الوليدة بالفهر
أي أثيبته في الأرض.
(ومن كلّ الثّمرات جعل فيها زوجين اثنين) مجازه: من لك ذكر وكل أنثى اثنين، فكأنه أربعة منهما: من هذا اثنين ومن هذا اثنين، وللزوج موضعان:
أحدهما أن يكون واحداً ذكراً،
والثاني أن يكون واحدةً اثنين أيضاً.
(يغشى اللّيل والنّهار) مجازه: يحلّل الليل بالنهار والنهار بالليل). [مجاز القرآن: 1/322-321]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وهو الّذي مدّ الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً ومن كلّ الثّمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي اللّيل النّهار إنّ في ذلك لآياتٍ لّقومٍ يتفكّرون}
وقال: {رواسي} فواحدتها "راسيةٌ"). [معاني القرآن: 2/54]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو وأهل المدينة {يغشي} من أغشى.
الحسن وأصحاب عبد الله {يغشِّى} من غشى). [معاني القرآن لقطرب: 760]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مد الأرض}: بسطها.
{جعل فيها رواسي}: جبالا ثابتات.
{من كل زوجين اثنين}: يكون الزوج واحدا واثنين وهو ها هنا واحد.
{يغشى الليل النهار}: يجلل النهار بالليل والليل بالنهار). [غريب القرآن وتفسيره: 189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {جعل فيها زوجين اثنين} أي من كل الثمرات لونين حلوّ وحامضا. والزّوج: هو اللون الواحد). [تفسير غريب القرآن: 224]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وهو الّذي مدّ الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كلّ الثّمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي اللّيل النّهار إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون}
دلّهم - بعد أن بين آيات السماء - بآيات الأرض، فقال - عزّ وجلّ -: {وهو الّذي مدّ الأرض} روي في التفسير أنها كانت مدورة فمدّت.
ومعناه بسط الأرض.
{وجعل فيها رواسي} أي جبالا ثوابت، يقال: قد رسا الشيء يرسو رسوّا فهو راس إذا ثبت
{وأنهارا ومن كلّ الثّمرات جعل فيها زوجين اثنين} جعل فيها نوعين، والزوج الواحد الذي ليس له قرين
{يغشّي اللّيل النّهار} وتقرأ (يغشي اللّيل النّهار) ثم أي أم أنّ ما ذكر من هذه؛ الأشياء فيه برهان وعلامات بينات فقال: (إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون).
ثم زادهم من البرهان فقال: {وفي الأرض قطع متجاورات وجنّات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضّل بعضها على بعض في الأكل إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون}.[معاني القرآن: 3/137-136]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وهو الذي مد الأرض} أي بسطها
وجعل فيها رواسي أي جبالا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين أي صنفين وكل صنف زوج). [معاني القرآن: 3/468]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {زوجين اثنين} أي جعل من كل الثمرات حلوا وحامضا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 117]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رَوَاسِيَ}: الجبال {يُغْشِي}: يغطي). [العمدة في غريب القرآن: 165]

تفسير قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( {وفي الأرض قطعٌ مّتجاوراتٌ...}
يقول: فيها اختلاف وهي متجاورات: هذه طيّبة تنبت وهذه سبخة لا تخرج شيئاً.
ثم قال: {وجنّاتٌ مّن أعنابٍ وزرعٌ} فلك في الزرع وما بعده الرفع. ولو خفضت كان صوابا. فمن رفع جعله مردوداً على الجنّات ومن خفض جعله مردوداً على الأعناب أي من أعناب ومن كذا وكذا.
وقوله: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} الرفع فيه سهل؛ لأنه تفسير لحال النخل. والقراءة بالخفض ولو كان رفعاً كان صواباً. تريد: منه صنوان ومنه غير صنوان.
والصّنوان النّخلات يكون أصلهنّ واحداً. وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن عمّ الرجل صنو أبيه
ثم قال: {تسقى بماء واحدٍ} و(يسقى) فمن قال بالتاء ذهب إلى تأنيث الزروع والجنّات والنخل. ومن ذكّر ذهب إلى النبت: ذلك كلّه يسقى بماء واحدٍ، كلّه مختلف: حامض وحلو. ففي هذه آية). [معاني القرآن: 2/59-58]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} أي متدانيات متقاربات غير جنات ومنهن جنّاتٌ.
{ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ} أي يكون أصله واحداً وفرعه متفرقٌ، وواحد صنوٌ والأثنان صنوانٌ النون مجرورةٌ في موضع الرفع والنصب والجر كنون الأثنين، فإذا جمعته قلت: صنوانٌ كثير، والإعراب في نونه يدخله النصب والرفع والجّر ولم نجد جمعاً يجرى مجراه غير قنو وقنوان والجميع قنوان وغير صنوانٍ مجازه: أن يكون الأصل والفرع واحداً، لا يتشعب من أعلاه آخر يحمل: {يسقى بماءٍ واحدٍ} لأنه يشرب من أسفله فيصل الماء إلى فروعه المتشعبة من أعلاه.
{ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} في الثمرة والأكل.
(الأغلال) واحدها غلّ لا يكون إلاّ في العنق). [مجاز القرآن: 1/322]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وفي الأرض قطعٌ مّتجاوراتٌ وجنّاتٌ مّن أعنابٍ وزرعٌ ونخيلٌ صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحدٍ ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل إنّ في ذلك لآياتٍ لّقومٍ يعقلون}
وقال: {يسقى بماء واحدٍ} فهذا التأنيث على "الجنّات" وإنّ شئت على "الأعناب" لأنّ "الأعناب" جماعة من غير الإنس فهي مؤنثة إلاّ أنّ بعضهم قرأها (يسقى بماءٍ واحدٍ) فجعله على الأعناب كما ذكر "الأنعام" فقال: {مّمّا في بطونه} ثم أنث بعد فقال: {وعليها وعلى الفلك تحملون} فمن قال (يسقى) بالياء جعل "الأعناب" مما يؤنثّ ويذكّر مثل "الأنعام"). [معاني القرآن: 2/55-54]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن والأعمش وأهل المدينة {وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان} بالخفض.
أبو عمرو وأهل مكة {وزرع ونخيل وصنوان وغير صنوان} بالرفع.
الخفض على {ومن كل الثمرات} و"من جنات من أعناب"، والله أعلم؛ والرفع على الابتداء: وفي الأرض قطع وجنات.
أبو عبد الرحمن السلمي "صنوان" برفع الصاد، وسنخبر عن معناه إن شاء الله.
الحسن وأبو عمرو {تسقى بماء واحد} بالتاء، كأنه قال: تسقى النخيل؛ والصنوان فأنث.
[معاني القرآن لقطرب: 760]
[وزاد محمد بن صالح]:
قال أبو عمرو: ومما يصدق التاء قوله {بعضها على بعض} ولم يقل بعضه على بعض.
ابن محيصن وعاصم {يسقى بماء واحد} بالياء يعني: الزرع.
الحسن وأبو عمرو وأهل المدينة {ونفضل بعضها} بالنون.
أصحاب عبد الله {ويفضل} بالياء.
[وروى محمد بن صالح]:
وقرأ يحيى بن يعمر "ويفضل بعضها على بعض" ). [معاني القرآن لقطرب: 761]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (ندع ما مضى منه.
قوله عز وجل: {صنوان وغير صنوان} فقالوا: صنوان وصنوان وأصناء، للجميع؛ والواحد صنو؛ وه يالنخلة لها رأسان وأصلها واحد؛ وكذلك حكي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للعباس: "عمي وصنو أبي"؛ كأنه قال: فرعان من أصل واحد.
[وروى محمد بن صالح]:
قال: تميم وقيس يقولون: الصنوان بضم الصاد؛ وأهل الحجاز يقولون: صنوان بكسر الصاد.
وقوله عز وجل: {على بعض في الأكل} و{تؤتي أكلها} فالأكل الثمرة). [معاني القرآن لقطرب: 764]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {صنوان}: واحدها صنو والإثنان صنوان والمعنى أن يكون الأصل واحدا فيتشعب من الرؤوس فيصير نخلا.
{وغير صنوان}: أي متفرق.
{في الأكل}: في الثمر). [غريب القرآن وتفسيره: 190-189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} يعني قرى متجاورات.
و{الصّنوان} من النخل: النخلتان أو النخلات يكون أصلها واحدا.
{وغير صنوانٍ} يعني متفرق الأصول. ومن هذا قيل: بعض الرجل صنو أبيه.
{ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} أي في الثمر). [تفسير غريب القرآن: 224]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وفكّر في قوله تعالى حين ذكر جنات الأرض فقال: {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} كيف دلّ على نفسه ولطفه، ووحدانيته، وهدى للحجّة على من ضلّ عنه، لأنه لو كان ظهور الثمرة بالماء والتربة، لوجب في القياس ألا تختلف الطعوم، ولا يقع التّفاضل في الجنس الواحد،
إذا نبت في مغرس واحد، وسقي بماء واحد، ولكنّه صنع اللطيف الخبير). [تأويل مشكل القرآن: 4]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وفي الأرض قطع متجاورات وجنّات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضّل بعضها على بعض في الأكل إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون}
يروى في التفسير أنها تتجاور، بعضها عامر، وبعضها غير عامر، وكذا في التفسير أيضا أن معناه قطع متجاورات.
{وجنّات من أعناب}.
الأجود رفع جنات، المعنى وفي الأرض قطع متجاورات، وبينهما جنات، ويجوز النصب في جنات، ويقرأ وجنات من أعناب، المعنى جعل فيها رواسي وجعل فيها جنات من أعناب، ويجوز أن يكون وجنات خفضا.
ويكون نسقا على كل، المعنى: ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين، ومن جنات من أعناب (وزرع)، فأما (وزرع) فيجوز فيه الرفع والخفض.
وكذلك {صنوان وغير صنوان} والصّنوان جمع صنو وصنو، ومعنى الصنوان أن يكون الأصل واحدا وفيه النخلتان والثلاث والأكثر، ويجوز في جمع صنو أصناء، مثل عدل وأعدال، وكذلك صنو فإذا كثرت فهي الصّنى والصّنيّ.
{يسقى بماء واحد} ويجوز تسقى بالتاء، بماء واحد
(ونفضّل بعضها على بعض في الأكل) والأكل: الثمر الّذي يؤكل، ويجوز، ويفضل بعضها على بعض لأنه جرى ذكر اللّه، فالمعنى يفضل اللّه،
وكذلك إذا قال: ونفضل بالنون لأن الإخبار عن اللّه بلفظ الجماعة كما قال: {إنا نحنّ نحيي ونميت} وهذا خوطب به العرب لأنهم يستعملون فيمن يبجّلونه لفظ الجماعة).
[معاني القرآن: 3/138-137]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وفي الأرض قطع متجاورات}
وفي هذا قولان:
قال ابن عباس يعني الطيب والخبيث والسباخ والعذاب وكذلك قال مجاهد
والقول الآخر أن في الكلام حذفا والمعنى وفي الأرض قطع متجاورات وغير متجاورات كما قال سرابيل تقيكم الحر والمعنى وتقيكم البرد ثم حذف ذلك لعلم السامع
و المتجاورات المدن وما كان عامرا وغير متجاورات الصحارى وما كان غير عامر
ثم قال تعالى: {وجنات من أعناب} أي وفيها جنات {من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان }
وقرأ صنوان بضم الصاد أبو رجاء وأبو عبد الرحمن وطلحة
وروى أبو إسحاق عن البراء قال الصنوان المجتمع وغير صنوان المتفرق
حدثنا زهير بن شريك قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال حدثنا زهير بن معاوية قال أبو إسحاق عن البراء في قوله: {صنوان وغير صنوان}
قال الصنوان ما كان أصلحه واحدا وهو متفرق وغير صنوان التي تنبت وحدها
وكذلك هو في اللغة يقال للنخلة إذا كانت فيها نخلة أخرى أو أكثر صنوان فإذا تفرقت قيل غير صنوان
ثم قال جل وعز: {يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل} أي في الثمر،
أي هي تأتي مختلفة وإن كان الهواء واحدا فقد علم أن ذلك ليس من أجل الهواء ولا الطبع وأن لها مدبرا
وروى سفيان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {ونفضل بعضها على بعض في الأكل} قال الحلو والحامض والفارسي والدقل).
[معاني القرآن: 3/471-468]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {صنوان وغير صنوان} والصنوان: نخلتان في أصل واحد وثلاث وأكثر. والصنوان الجمع، وغير الصنوان،
أي: نخلة واحدة. والصنوان: يكون أمثالا على قدر واحد، ومنه: "عم الرجل صنو أبيه" أي: مثله). [ياقوتة الصراط: 279]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وفي الأرض قطع} أي قرى.
{والصنوان} من النخل: النخلتان وأكثر أصلها واحد.
{وغير صنوان} متفرق الأصول، وهو جمع بلفظ التثنية، مثل قنوان). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 118-117]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:59 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1) }


تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومما فسر من كتاب الله جل وعز تفسيرين متضادين، قوله تبارك وتعالى: {الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها}، يقال: معناه خلقها مرفوعة بلا عمد، فالجحد واقع في موضعه الذي يجب كونه فيه، ثم قال بعد: {ترونها} أي لا تحتاجون مع الرؤية إلى خبر.
ويفسر تفسيرا آخر، وهو: الله الذي رفع السموات بعمد لا ترون تلك العمد؛ فدخل الجحد على العمد في اللفظ، وهو في المعنى منقول إلى الرؤية؛ كما تقول العرب: ما ضربت عبد الله وعنده أحد، يريدون: ضربت عبد الله وليس عنده أحد.
وحكى عنهم أيضا: ما كأنها أعرابية، أي كأنها ليست أعرابية.
ويقال: ما ينشأ أحد ببلد فيزال يذكره؛ أي إذا نشأ ببلد لم يزل يذكره. وأنشد الفراء حجة لها المعنى:
ولا أراها تزال ظالمة = تحدث لي نكبة وتنكوها
أراد: وأرها لا تزال ظالمة. وأنشد أيضا:

إذا أعجبتك الدهر حال من امرئ = فدعه وواكل حاله والياليا
يجئن علي ما كان من صالح به = وإن كان فيما لا يرى الناس آليا
أراد: وإن كان فيما يرى الناس لا يألو، فالجحد منقول من موضعه إلى ما بعد). [كتاب الأضداد: 268-269]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
قال ابن صانعة الزروب لقومه = لا أستطيع رواسي الأعلام
...
وقوله رواسي: ثوابت يقال: رسا يرسو رُسُوًّا قال والأعلام: الجبال واحدها عَلم). [نقائض جرير والفرزدق: 262]

تفسير قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) }
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (قال: والصِّنوان من النخل بلغة أهل اليمامة: الذي قد يبس وفيه حياة، ولا يحمل، وهو الصاوي، والواحدة صنوانة). [كتاب الجيم: 2/168]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (ويقال هذا صنو هذا وهو ولده، وصنواه وأصناؤه وهي صنوته وصنوتاه وصنواته لبناته في قول قيس.
قال أبو حاتم: قريش وغيرهم يقولون صنوا الرجل أخوه. ويقال عم الرجل صنو أبيه، وفي القرآن: {صنوان وغير صنوان} ). [النوادر في اللغة:603- 604]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأصمعي: العذق عند أهل الحجاز النخلة نفسها. والعذق القنو الذي يقال له الكباسة وهو القنا أيضًا [مقصور]. [قال أبو عبيد]: فمن قال: قنو قال للإثنين: قنوان وللجميع قنوان بالكسر في أوله، ومثله صنو وصنوان [وصنوان للجميع]. ومن قال: قنا، قال لجمعه: أقناء [ممدود]). [الغريب المصنف: 2/489] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن عم الرجل صنو أبيه)).
يعني أن أصلهما واحد.
وأصل الصنو إنما هو النخل.
قال: حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب
في قوله سبحانه: {صنوان وغير صنوان}.
قال: الصنوان: المجتمع، وغير الصنوان: المفترق.
وفي غير هذا الحديث: هما النخلتان يخرجان من أصل واحد فشبه الأخوان بهما.
والعرب تجمع الصنو صنوانا والقنو قنوانا على لفظ الاثنين بالرفع، وإنما يفترقان في الإعراب لأن نون الاثنين
مخفوضة ونون الجميع يلزمها الإعراب على كل وجه). [غريب الحديث: 2/245-248]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:22 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:23 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:28 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون}
تقدم القول في فواتح السور وذكر التأويلات في ذلك، إلا أن الذي يخص هذا الموضع من ذلك هو ما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إن هذه الحروف هي من قوله: أنا الله أعلم وأرى"، ومن قال: "إن حروف أوائل السور هي مثال لحروف المعجم" قال: الإشارة هنا بـ "تلك" هي إلى حروف المعجم، ويصح -على هذا- أن يكون "الكتاب" يراد به القرآن، ويصح أن يراد به التوراة والإنجيل. و"المر"-على هذا- ابتداء،
[المحرر الوجيز: 5/168]
و"تلك" ابتداء ثان، و"آيات" خبر الثاني، والجملة خبر الأول. وعلى قول ابن عباس في "المر" تكون "تلك" ابتداء، و"آيات" بدل منه، ويصح في "الكتاب" التأويلان اللذان تقدما.
وقوله تعالى: {والذي أنزل إليك من ربك الحق}. "الذي" رفع بالابتداء، و"الحق" خبره، وعلى هذا تأويل من يرى المر تلك حروف المعجم، و"تلك" و"آيات" ابتداء وخبر، وعلى قول ابن عباس يكون "الذي" عطفا على "تلك"، و"الحق" خبر "تلك"، وإذا أريد بـ "الكتاب" القرآن فالمراد بـ " الذي أنزل " جميع الشريعة، ما تضمنه القرآن منها وما لم يتضمنه. ويصح في "الذي" أن يكون في موضع خفض عطفا على "الكتاب"، فإن أردت -مع ذلك- بـ "الكتاب" القرآن كانت الواو عطف صفة لشيء واحد، كما تقول: جاءني الظريف والعاقل وأنت تريد شخصا واحدا، ومن ذلك قول الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام ... وليث الكتيبة في المزدحم
وإن أردت -مع ذلك- بـ "الكتاب" التوراة والإنجيل، فذلك بين، فإن تأولت -مع ذلك- "المر" حروف المعجم رفعت قوله: "الحق" على إضمار مبتدأ تقديره: هو الحق، وإن تأولتها كما قال ابن عباس رضي الله عنهما فـ "الحق" خبر "تلك". ومن رفع "الحق" بإضمار ابتداء وقف على قوله: {من ربك} وباقي الآية ظاهر بين إن شاء الله). [المحرر الوجيز: 5/169]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {الله الذي رفع السماوات} الآية. لما تضمن قوله: {ولكن أكثر الناس لا يؤمنون} توبيخ الكفرة عقب ذلك بذكر الله تبارك وتعالى الذي ينبغي أن يوقن به، وبذكر الأدلة الداعية إلى الإيمان به. والضمير في قوله: "ترونها" قالت فرقة: هو عائد على "السماوات" فـ "ترونها" -على هذا- في موضع الحال، وقال جمهور الناس: لا عمد للسماوات، وقالت فرقة: الضمير عائد على "العمد"، فـ "ترونها"
[المحرر الوجيز: 5/169]
على هذا- صفة للعمد، وقالت هذه الفرقة: للسماوات عمد غير مرئية، قاله مجاهد، وقتادة. وقال ابن عباس: وما يدريك أنها بعمد لا ترى، وحكى بعضهم أن العمد جبل قاف المحيط بالأرض، والسماء عليه كالقبة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا كله ضعيف، والحق أن لا عمد جملة، إذ العمد يحتاج إلى عمد، ويتسلسل الأمر فلا بد من وقوفه على القدرة، وهذا هو الظاهر من قوله تعالى: {ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه}، ونحو هذا من الآيات. وقال إياس بن معاوية: السماء مقببة على الأرض مثل القبة. وفي مصحف أبي "ترونه" بتذكير الضمير.
و "العمد" اسم جمع عمود، والباب في جمعه "عمد" بضم الحروف الثلاثة، كرسول ورسل وشهاب وشهب، وغيره. ومن هذه الكلمة قول النابغة:
وخبر الجن أني قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصفاح والعمد
وقال الطبري: "العمد (بفتح العين) جمع عمود، كما جمع الأديم أدما"، وليس كما قال. وفي كتاب سيبويه أن الأدم اسم جمع، وكذلك نص اللغويون على العمد، ولكن أبا عبيدة ذكر الأمر غير متيقن فاتبعه الطبري. وقرأ يحيى بن وثاب: "بغير عمد" بضم العين.
وقوله: "ثم" هي هنا لعطف الجمل لا للترتيب، لأن الاستواء على العرش قبل رفع السماوات، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كان الله ولم يكن شيء قبل، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السماوات والأرض".
[المحرر الوجيز: 5/170]
وقد تقدم القول في كلام الناس في الاستواء، واختصاره أن أبا المعالي رجح أنه استوى بقهره وغلبته، وقال القاضي ابن الطيب وغيره: "استوى" في هذا الموضع بمعنى: استولى، والاستيلاء قد يكون دون قهر، فهذا فرق ما بين القولين، وقال سفيان: فعل فعلا سماه استواء، وقال الفراء: رسول الله "استوى" -في هذا الموضع- كما تقول العرب: "فعل زيد كذا ثم استوى إلي يكلمني"، بمعنى أقبل وقصد، وحكي لي عن أبي الفضل بن النحوي أنه قال: "العرش" -في هذا الموضع- مصدر "عرش"، فكأنه أراد جميع المخلوقات، وذكر أبو منصور عن الخليل: أن العرش: الملك، وهذا يؤيد منزع أبي الفضل بن النحوي إذ قال: "العرش مصدر"، وهذا خلاف ما مشى عليه الناس من أن "العرش" هو أعظم المخلوقات، وهو الشخص الذي كان على الماء، والذي بين يديه الكرسي، وأيضا فينبغي النظر على أبي الفضل في معنى الاستواء قريبا مما هو على قول الجميع. وفي البخاري عن مجاهد أنه قال: "المعنى: علا على العرش"، وكذلك هي عبارة الطبري، والنظر الصحيح يدفع هذه العبارة.
وقوله: "وسخر" تنبيه على القدرة، والشمس والقمر في ضمن ذكرهما ذكر الكواكب، ولذلك قال: كل يجري، أي كل ما هو في معنى الشمس والقمر من التسخير، و"كل" لفظة تقتضي الإضافة ظاهرة أو مقدرة.
والأجل المسمى هو انقضاء الدنيا وفساد هذه البنية، وقيل: يريد بقوله: " لأجل مسمى" الحدود التي لا تتعداها هذه المخلوقات، أي: تجري على رسوم معلومة.
[المحرر الوجيز: 5/171]
وقوله: " يدبر" بمعنى: يبرم وينفذ، وعبر بالتدبير تقريبا للأفهام، إذ التدبير إنما هو النظر في أدبار الأمور وعواقبها، وذلك من صفة البشر، و"الأمر" عام في جميع الأمور وما ينقضي في كل أوان في السماوات والأرض. وقال مجاهد: " يدبر الأمر " معناه: يقضيه وحده. وقرأ الجمهور: "يفصل" وقرأ الحسن بنون العظمة، ورواها الخفاف وعبد الوهاب عن أبي عمرو، وهبيرة عن حفص، قال المهدوي: ولم يختلفا في "يدبر"، وقال أبو عمرو الداني: إن الحسن قرأ بالنون فيهما، والنظر يقتضي أن قوله: " يفصل الآيات " ليس على حد قوله: "يدبر" من تعديد الآيات، بل لما تعددت الآيات وفي جملتها يدبر الأمر أخبر أنه يفصلها لعل الكفرة يوقنون بالبعث، و"الآيات" هنا إشارة إلى ما ذكر في الآية وبعدها). [المحرر الوجيز: 5/172]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون}
لما فرغت آيات السماء ذكر آيات الأرض. وقوله: {مد الأرض} يقتضي أنها بسيطة لا كروية، وهذا هو ظاهر الشريعة. والرواسي: الجبال الثابتة، يقال: "رسا يرسو" إذا ثبت، ومنه قول الشاعر:
به خالدات ما يرمن وهامد ... وأشعث أرسته الوليدة بالفهر
والزوج في هذه الآية هو الصنف والنوع، وليس بالزوج المعروف بالمتلازمين الفردين من الحيوان وغيره، ومنه قوله: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها} الآية،
[المحرر الوجيز: 5/172]
ومثل هذه الآية: " والأرض مددناها " الآية في (ق)، وهذه الآية تقتضي أن كل ثمرة فموجود منها نوعان، فإن اتفق أن يوجد في ثمرة أكثر من نوعين فغير ضار في معنى الآية.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: "يغشي" بسكون الغين وتخفيف الشين، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم -في رواية أبي بكر - بفتح الغين وتشديد الشين، وكفى ذكر الواحد ذكر الآخر، وباقي الآية بين. ويشبه أن الأزواج التي يراد بها الأنواع والأصناف والأجناس إنما سميت بذلك من حيث هي اثنان اثنان في كل ثمرة ذكر أو أنثى، وأشار إلى ذلك الفراء عند المهدوي، وحكى عنه غيره ما يقتضي أن المعنى تم في قوله: "الثمرات"، ثم ابتدأ أنه جعل في الأرض من كل ذكر وأنثى زوجين). [المحرر الوجيز: 5/173]

تفسير قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {وفي الأرض قطع} جمع قطعة، وهي الأجزاء، وقيد منها في هذا المثال ما تجاور وقرب بعضه من بعض لأن اختلاف ذلك في القرب أغرب، وقرأ الجمهور: "وجنات" بالرفع عطفا على "قطع"، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: "وجنات" بالنصب بإضمار فعل، وقيل: هو عطف على "رواسي"، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: "وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان" بالرفع في الكل عطفا على "قطع"، وقرأ الباقون بالخفض في الكل عطفا على "أعناب"، وجعل الجنة من الأعناب، ومن رفع "الزرع" فالجنة حقيقة هي الأرض التي فيها الأعناب، وفي ذلك تجوز ومنه قول الشاعر:
كأن عيني في غربي مقتلة ... من النواضح تسقي جنة سحقا
[المحرر الوجيز: 5/173]
أي نخيل جنة، إذ لا يوصف بالسحق إلا النخل. ومن خفض الزرع فالجنات من مجموع ذلك لا من الزرع وحده، لأنه لا يقال للمزرعة جنة إلا إذا خالطتها شجرات.
و"صنوان" جمع صنو وهو الفرع يكون مع الآخر في أصل واحد، وربما كان أكثر من فرعين، قال البراء بن عازب: الصنوان: المجتمع، وغير الصنوان: المتفرق فردا فردا، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "العم صنو الأب"، وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسرع إليه العباس في ملاحاة، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أردت يا رسول الله أن أقول للعباس فذكرت مكانك منه فسكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرحمك الله يا عمر، العم صنو الأب"، وجمع الصنو صنوان، وهو جمع مكسر، قال أبو علي: وكسرة الصاد في الواحد ليست التي في الجمع، وهو جار مجرى فلك، وتقول: صنو وصنوان في الجمع بتنوين النون وإعرابه. وقرأ عاصم في رواية القواس -عن حفص: "صنوان" بضم الصاد، قال أبو علي: هو مثل ذئب وذؤبان، وهي قراءة ابن مصرف، وأبي عبد الرحمن السلمي، وهي لغة تميم وقيس، وكسر الصاد هي لغة أهل الحجاز، وقرأ الحسن، وقتادة: "صنوان" بفتح الصاد، وهو اسم جمع لا جمع، ونظير هذه اللفظة قبو وقبوان، وإنما نص على "الصنوان" في هذه الآية لأنها بمثابة التجاور في القطع تظهر فيه غرابة اختلاف الأكل. وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة،
[المحرر الوجيز: 5/174]
والكسائي، والحسن، وأبو جعفر، وأهل مكة: "تسقى" بالتاء، وأمال حمزة، والكسائي القاف، وقرأ عاصم، وابن عامر: "يسقى" بالياء على معنى: يسقى ما ذكر. وقرأ الجمهور: "نفضل" بالنون، وقرأ حمزة، والكسائي: "ويفضل" بالياء، وقرأ ابن محيصن: "يسقى" و"يفضل" بالياء فيهما، وقرأ يحيى بن يعمر، وأبو حيوة: "ويفضل" بالياء وفتح الضاد "بعضها" بالرفع، قال أبو حاتم: وجدته كذلك في لفظ يحيى بن يعمر في مصحفه، وهو أول من نقط المصاحف.
و"الأكل" اسم ما يؤكل، بضم الهمزة، والأكل المصدر. وقرأت فرقة: "في الأكل" بضم الهمزة والكاف، وقد تقدم هذا في البقرة.
وحكى الطبري عن غير واحد - ابن عباس وغيره-: قطع متجاورات أي: واحدة سبخة والأخرى عذبة ونحو هذا من القول، وقال قتادة: المعنى: قرى متجاورات. وهذا وجه من العبرة، كأنه قال: وفي الأرض قطع مختلفات بتخصيص الله لها بمعان، فهي تسقى بماء واحد ولكن تختلف فيما تخرجه، والذي يظهر من وصفه لها بالتجاور إنما هو من تربة واحدة ونوع واحد، والعبرة في هذا أبين، لأنها مع اتفاقها في التربة والماء تفضل القدرة والإرادة بعض أكلها على بعض، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام حين سئل عن هذه الآية فقال: (الدقل والفارسي والحلو والحامض)، وعلى المعنى الأول قال الحسن: هذا مثل ضربه الله لقلوب بني آدم، كانت الأرض في يد الرحمن طينة واحدة، فسطحها فصارت قطعا متجاورة فينزل عليها ماء واحد من السماء، فتخرج هذه زهرة وثمرة، وتخرج هذه سبخة وملحا وخبثا، فكذلك الناس خلقوا من آدم فنزلت عليهم من السماء تذكرة فرقت قلوب وخشعت، وقست قلوب، ولهت قلوب، ووجفت قلوب، قال الحسن: فو الله ما جالس أحد القرآن إلا قام عنه
[المحرر الوجيز: 5/175]
بزيادة أو نقصان، قال الله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا}، والتفضيل في الأكل [يشمل] الأذواق والألوان والملمس وغير ذلك). [المحرر الوجيز: 5/176]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 10:02 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 10:09 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({المر تلك آيات الكتاب والّذي أنزل إليك من ربّك الحقّ ولكنّ أكثر النّاس لا يؤمنون (1)}
أمّا الكلام على الحروف المقطّعة في أوائل السّور، فقد تقدّم في أوّل سورة البقرة، وقدّمنا أنّ كلّ سورةٍ تبتدأ بهذه الحروف ففيها الانتصار للقرآن، وتبيان أن نزوله من عند اللّه حقٌّ لا شكّ فيه ولا مرية ولا ريب؛ ولهذا قال: {تلك آيات الكتاب} أي: هذه آيات الكتاب، وهو القرآن، وقيل: التّوارة والإنجيل. قاله مجاهدٌ وقتادة، وفيه نظرٌ بل هو بعيدٌ.
ثمّ عطف على ذلك عطف صفاتٍ قوله: {والّذي أنزل إليك} أي: يا محمّد، {من ربّك الحقّ} خبرٌ تقدّم مبتدؤه، وهو قوله: {والّذي أنزل إليك من ربّك} هذا هو الصّحيح المطابق لتفسير مجاهدٍ وقتادة. واختار ابن جريرٍ أن تكون الواو زائدةً أو عاطفةً صفةً على صفةٍ كما قدّمنا، واستشهد بقول الشّاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام = وليث الكتيبة في المزدحم
وقوله: {ولكنّ أكثر النّاس لا يؤمنون} كقوله: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين} [يوسف: 103] أي: مع هذا البيان والجلاء والوضوح، لا يؤمن أكثرهم لما فيهم من الشّقاق والعناد والنّفاق). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 428]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({اللّه الّذي رفع السّماوات بغير عمدٍ ترونها ثمّ استوى على العرش وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى يدبّر الأمر يفصّل الآيات لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون (2)}
يخبر اللّه تعالى عن كمال قدرته وعظيم سلطانه: أنّه الّذي بإذنه وأمره رفع السّماوات بغير عمد، بل بإذنه وأمره وتسخيره رفعها عن الأرض بعدًا لا تنال ولا يدرك مداها، فالسماء الدنيا محيطة بجميع الأرض وما حولها من الماء والهواء من جميع نواحيها وجهاتها وأرجائها، مرتفعةٌ عليها من كلّ جانبٍ على السّواء، وبعد ما بينها وبين الأرض من كلّ ناحية مسيرة خمسمائة عام، وسمكها في نفسها مسيرة خمسمائة عامٍ. ثمّ السّماء الثّانية محيطةٌ بالسّماء الدّنيا وما حوت، وبينها وبينها من البعد مسيرة خمسمائة عامٍ، وسمكها خمسمائة عامٍ، ثمّ السّماء الثّالثة محيطةٌ بالثّانية، بما فيها، وبينها وبينها خمسمائة عامٍ، وسمكها خمسمائة عامٍ، وكذا الرّابعة والخامسة والسّادسة والسّابعة، كما قال [اللّه] تعالى: {اللّه الّذي خلق سبع سماواتٍ ومن الأرض مثلهنّ يتنزل الأمر بينهنّ لتعلموا أنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ وأنّ اللّه قد أحاط بكلّ شيءٍ علمًا} [الطّلاق: 12] وفي الحديث: "ما السماوات السّبع وما فيهنّ وما بينهنّ في الكرسيّ إلّا كحلقةٍ ملقاةٍ بأرض فلاة، والكرسيّ في العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة وفي روايةٍ: "والعرش لا يقدّر قدره إلّا اللّه، عزّ وجلّ، وجاء عن بعض السّلف أنّ بعد ما بين العرش إلى الأرض مسيرة خمسين ألف سنةٍ، وبعد ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنةٍ، وهو من ياقوتةٍ حمراء.
وقوله: {بغير عمدٍ ترونها} روي عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، والحسن، وقتادة: أنّهم: قالوا: لها عمد ولكن لا ترى.
وقال إياس بن معاوية: السّماء على الأرض مثل القبّة، يعني بلا عمدٍ. وكذا روي عن قتادة، وهذا هو اللّائق بالسّياق. والظّاهر من قوله تعالى: {ويمسك السّماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه} [الحجّ: 65] فعلى هذا يكون قوله: {ترونها} تأكيدًا لنفي ذلك، أي: هي مرفوعةٌ بغير عمدٍ كما ترونها. هذا هو الأكمل في القدرة. وفي شعر أميّة بن أبي الصّلت الّذي آمن شعره وكفر قلبه، كما ورد في الحديث ويروى لزيد بن عمرو بن نفيلٍ، رحمه اللّه ورضي عنه:
وأنت الّذي من فضل منٍّ ورحمة = بعثت إلى موسى رسولا مناديا
فقلت له: فاذهب وهارون فادعوا = إلى اللّه فرعون الّذي كان طاغيا
وقولا له: هل أنت سوّيت هذه = بلا [وتد حتّى اطمأنّت كما هيا
وقولا له: أأنت رفّعت هذه = بلا] عمد أرفق إذا بك بانيا؟
وقولا له: هل أنت سوّيت وسطها = منيرًا إذا ما جنّك الليّل هاديا
وقولا له: من يرسل الشّمس غدوةً = فيصبح ما مسّت من الأرض ضاحيا?
وقولا له: من ينبت الحبّ في الثّرى = فيصبح منه العشب يهتّز رابيا?
ويخرج منه حبّه في رءوسه = ففي ذاك آياتٌ لمن كان واعيا
وقوله: {ثمّ استوى على العرش} تقدّم تفسير ذلك في سورة "الأعراف" وأنّه يمرّر كما جاء من غير تكييفٍ، ولا تشبيهٍ، ولا تعطيلٍ، ولا تمثيلٍ، تعالى اللّه علوًّا كبيرًا.
وقوله: {وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى} قيل: المراد أنّهما يجريان إلى انقطاعهما بقيام السّاعة، كما في قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم} [يس: 38].
وقيل: المراد إلى مستقرّهما، وهو تحت العرش ممّا يلي بطن الأرض من الجانب الآخر، فإنّهما وسائر الكواكب إذا وصلوا هنالك، يكونون أبعد ما يكون عن العرش؛ لأنّه على الصّحيح الّذي تقوم عليه الأدلّة، قبّةٌ ممّا يلي العالم من هذا الوجه، وليس بمحيطٍ كسائر الأفلاك؛ لأنّه له قوائم وحملةٌ يحملونه. ولا يتصوّر هذا في الفلك المستدير، وهذا واضحٌ لمن تدبّر ما وردت به الآيات والأحاديث الصّحيحة، وللّه الحمد والمنّة.
وذكر الشّمس والقمر؛ لأنّهما أظهر الكواكب السّيّارة السّبعة، الّتي هي أشرف وأعظم.
من الثّوابت، فإذا كان قد سخّر هذه، فلأن يدخل في التّسخير سائر الكواكب بطريق الأولى والأحرى، كما نبّه بقوله تعالى: {لا تسجدوا للشّمس ولا للقمر واسجدوا للّه الّذي خلقهنّ إن كنتم إيّاه تعبدون} [فصّلت: 37] مع أنّه قد صرّح بذلك بقوله {والشّمس والقمر والنّجوم مسخّراتٍ بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه ربّ العالمين} [الأعراف: 54].
وقوله: {يفصّل الآيات لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون} أي: يوضّح الآيات والدّلالات الدّالّة على أنّه لا إله إلّا هو، وأنّه يعيد الخلق إذا شاء كما ابتدأ خلقه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 428-430]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وهو الّذي مدّ الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارًا ومن كلّ الثّمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي اللّيل النّهار إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون (3) وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجنّاتٌ من أعنابٍ وزرعٌ ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ يسقى بماءٍ واحدٍ ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون (4)}
لـمّا ذكر تعالى العالم العلويّ، شرع في ذكر قدرته وحكمته وإحكامه للعالم السّفليّ، فقال: {وهو الّذي مدّ الأرض} أي: جعلها متّسعةً ممتدّةً في الطّول والعرض، وأرساها بجبالٍ راسياتٍ شامخاتٍ، وأجرى فيها الأنهار والجداول والعيون لسقي ما جعل فيها من الثّمرات المختلفة الألوان والأشكال والطّعوم والرّوائح، من كلّ زوجين اثنين، أي: من كلّ شكلٍ صنفان.
{يغشي اللّيل النّهار} أي: جعل كلًّا منهما يطلب الآخر طلبًا حثيثًا، فإذا ذهب هذا غشيه هذا، وإذا انقضى هذا جاء الآخر، فيتصرّف أيضًا في الزّمان كما تصرّف في المكان والسّكّان.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون} أي: في آلاء اللّه وحكمته ودلائله). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 430-431]

تفسير قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ} أي: أراضٍ تجاور بعضها بعضًا، مع أنّ هذه طيّبةٌ تنبت ما ينتفع به النّاس، وهذه سبخة مالحةٌ لا تنبت شيئًا. هكذا روي عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبير، والضّحّاك، وغيرهم.
وكذا يدخل في هذه الآية اختلاف ألوان بقاع الأرض، فهذه تربةٌ حمراء، وهذه بيضاء، وهذه صفراء، وهذه سوداء، وهذه محجّرةٌ وهذه سهلةٌ، وهذه مرمّلةٌ، وهذه سميكةٌ، وهذه رقيقةٌ، والكلّ متجاوراتٌ. فهذه بصفتها، وهذه بصفتها الأخرى، فهذا كلّه ممّا يدلّ على الفاعل المختار، لا إله إلّا هو، ولا ربّ سواه.
وقوله: {وجنّاتٌ من أعنابٍ وزرعٌ ونخيلٌ} يحتمل أن تكون عاطفةً على {جنّاتٍ} فيكون {وزرعٌ ونخيلٌ} مرفوعين. ويحتمل أن يكون معطوفًا على أعنابٍ، فيكون مجرورًا؛ ولهذا قرأ بكلٍّ منهما طائفةٌ من الأئمّة.
وقوله: {صنوانٌ وغير صنوانٍ} الصّنوان: هي الأصول المجتمعة في منبتٍ واحدٍ، كالرّمّان والتّين وبعض النّخيل، ونحو ذلك. وغير الصّنوان: ما كان على أصلٍ واحدٍ، كسائر الأشجار، ومنه سمّي عمّ الرّجل صنو أبيه، كما جاء في الحديث الصّحيح: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لعمر: "أمّا شعرت أنّ عمّ الرّجل صنو أبيه؟ ".
وقال سفيان الثوري، وشعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء، رضي اللّه عنه: الصّنوان: هي النّخلات في أصلٍ واحدٍ، وغير الصّنوان: المتفرّقات. وقاله ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والضّحّاك، وقتادة، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وقوله: {يسقى بماءٍ واحدٍ ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} قال الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل} قال: "الدّقل والفارسيّ، والحلو والحامض". رواه التّرمذيّ وقال: حسنٌ غريبٌ.
أي: هذا الاختلاف في أجناس الثّمرات والزّروع، في أشكالها وألوانها، وطعومها وروائحها، وأوراقها وأزهارها.
فهذا في غاية الحلاوة وذا في غاية الحموضة، وذا في غاية المرارة وذا عفص، وهذا عذبٌ وهذا جمع هذا وهذا، ثمّ يستحيل إلى طعمٍ آخر بإذن اللّه تعالى. وهذا أصفر وهذا أحمر، وهذا أبيض وهذا أسود وهذا أزرق. وكذلك الزّهورات مع أنّ كلّها يستمدّ من طبيعةٍ واحدةٍ، وهو الماء، مع هذا الاختلاف الكبير الّذي لا ينحصر ولا ينضبط، ففي ذلك آياتٌ لمن كان واعيًا، وهذا من أعظم الدّلالات على الفاعل المختار، الّذي بقدرته فاوت بين الأشياء وخلقها على ما يريد؛ ولهذا قال تعالى: {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 431-432]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة