العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الحج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:11 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الحج [من الآية (5) إلى الآية (7) ]

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:13 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله مخلقة وغير مخلقة قال تامة وغير تامة). [تفسير عبد الرزاق: 2/32]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {مخلقةٍ وغير مخلقةٍ} قال: إمّا مخلّقةٌ فما قد فرغ من خلق الإنسان، وإمّا غير مخلّقةٍ فما لم يخلق). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 116]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها النّاس إن كنتم في ريبٍ من البعث فإنّا خلقناكم من ترابٍ ثمّ من نطفةٍ ثمّ من علقةٍ ثمّ من مضغةٍ مّخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ لّنبيّن لكم ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مّسمًّى ثمّ نخرجكم طفلاً ثمّ لتبلغوا أشدّكم}.
وهذا احتجاجٌ من اللّه على الّذي أخبر عنه من النّاس أنّه يجادل في اللّه بغير علمٍ، اتّباعًا منه للشّيطان المريد، وتنبيهٌ له على موضع خطأ قيله، وإنكاره ما أنكر من قدرة ربّه. قال: يا أيّها النّاس إن كنتم في شكٍّ من قدرتنا على بعثكم من قبوركم بعد مماتكم وبلاكم استعظامًا منكم لذلك، فإنّ في ابتدائنا خلق أبيكم آدم صلّى اللّه عليه وسلّم من ترابٍ، ثمّ إنشائناكم من نطفة آدم، ثمّ تصريفناكم أحوالاً، حالاً بعد حالٍ، من نطفةٍ إلى علقةٍ، ثمّ من علقةٍ إلى مضغةٍ، لكم معتبرًا ومتّعظًا تعتبرون به، فتعلمون أنّ من قدر على ذلك فغير متعذّرٍ عليه إعادتكم بعد فنائكم، كما كنتم أحياءً قبل الفناء.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ} فقال بعضهم: هي من صفة النّطفة. قال: ومعنى ذلك: فإنّا خلقناكم من ترابٍ، ثمّ من نطفةٍ مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ، قالوا: فأمّا المخلّقة فما كان خلقًا سويًا، وأمّا غير مخلّقةٍ فما دفعته الأرحام من النّطف، وألقته قبل أن يكون خلقًا.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هندٍ، عن عامرٍ، عن علقمة، عن عبد اللّه، قال: " إذا وقعت النّطفة في الرّحم، بعث اللّه ملكًا فقال: يا ربّ، مخلّقةٌ أو غير مخلّقةٍ؟ فإن قال: غير مخلّقةٍ، مجّتها الأرحام دمًا، وإن قال: مخلّقةٌ، قال: يا ربّ فما صفة هذه النّطفة: أذكرٌ أم أنثى؟ ما رزقها؟ ما أجلها؟ أشقيّ أو سعيدٌ؟ قال: فيقال له: انطلق إلى أمّ الكتاب فاستنسخ منه صفة هذه النّطفة قال: فينطلق الملك فينسخها، فلا تزال معه حتّى يأتي على آخر صفتها.
وقال آخرون: معنى ذلك: تامّةٌ، وغير تامّةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا سليمان، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، عن قتادة، في قول اللّه: {مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ} قال: " تامّةٌ، وغير تامّةٍ ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمر، عن قتادة: {مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ} فذكر مثله.
وقال آخرون: معنى ذلك المضغة مصوّرةٌ إنسانًا، وغير مصوّرةٍ، فإذا صوّرت فهي مخلّقةٌ، وإذا لم تصوّر فهي غير مخلّقةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {مخلّقةٍ} قال: " السّقط، مخلّقةٌ، وغير مخلّقةٍ ".
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه: {مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ} قال: " السّقط، مخلوقٌ وغير مخلوقٍ ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، " أنّه قال في النّطفة والمضغة إذا نكّست في الخلق الرّابع كانت نسمةً مخلّقة، وإذا قذفتها قبل ذلك فهي غير مخلّقةٍ ".
- قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن حمّاد بن سلمة، عن داود بن أبي هندٍ، عن أبي العالية: {مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ} قال: " السّقط ".
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: المخلّقة المصوّرة خلقًا تامًّا، وغير مخلّقةٍ: السّقط قبل تمام خلقه، لأنّ المخلّقة وغير المخلّقة من نعت المضغة والنّطفة بعد مصيرها مضغةً، لم يبق لها حال حتّى تصير خلقًا سويًّا إلاّ التّصوير، وذلك هو المراد بقوله: {مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ} خلقًا سويًّا، وغير مخلّقةٍ بأن تلقيه الأمّ مضغةً، ولا تصوّر، ولا ينفخ فيها الرّوح.
وقوله: {لنبيّن لكم} يقول تعالى ذكره: جعلنا المضغة منها المخلّقة التّامّة، ومنها السّقط غير التّامّ، لنبيّن لكم قدرتنا على ما نشاء، ونعرّفكم ابتداءنا خلقكم.
وقوله: {ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمًّى} يقول تعالى ذكره: من كنّا كتبنا له بقاءً وحياةً إلى أمدٍ وغايةٍ، فإنّا نقرّه في رحم أمّه إلى وقته الّذي جعلنا له أن يمكث في رحمها فلا تسقطه، ولا يخرج منها حتّى يبلغ أجله، فإذا بلغ وقت خروجه من رحمها أذنّا له بالخروج منها، فيخرج.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمًّى} قال: " التّمام ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمًّى} قال: " الأجل المسمّى: إقامته في الرّحم حتّى يخرج ".
وقوله: {ثمّ نخرجكم طفلاً} يقول تعالى ذكره: ثمّ نخرجكم من أرحام أمّهاتكم إذا بلغتم الأجل الّذي قدّرته لخروجكم منها طفلاً صغارًا، ووحّد الطّفل، وهو صفةٌ للجميع، لأنّه مصدرٌ، مثل عدلٍ وزورٍ.
وقوله: {ثمّ لتبلغوا أشدّكم} يقول: ثمّ لتبلغوا كمال عقولكم، ونهاية قواكم بعمركم.
وقد ذكرت اختلاف المختلفين في الأشدّ، والصّواب من القول في ذلك عندي بشواهده فيما مضى، بما أغنى عن إعادته.
القول في تأويل قوله تعالى: {ومنكم من يتوفّى ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئًا وترى الأرض هامدةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيجٍ}.
يقول تعالى ذكره: ومنكم أيّها النّاس من يتوفّى قبل أن يبلغ أشدّه فيموت، ومنكم من ينسأ في أجله فيعمّر حتّى يهرم، فيردّ من بعد انتهاء شبابه، وبلوغه غاية أشدّه إلى أرذل عمره، وذلك الهرم، حتّى يعود كهيئته في حال صباه لا يعقل من بعد عقله الأوّل شيئًا.
ومعنى الكلام: ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر بعد بلوغه أشدّه {لكيلا يعلم من بعد علمٍ} كان يعلمه {شيئًا}.
وقوله: {وترى الأرض هامدةً} يقول تعالى ذكره: وترى الأرض يا محمّد يابسةً دارسة الآثار من النّبات والزّرع. وأصل الهمود: الدّروس والدّثور، ويقال منه: همدت الأرض تهمد همودًا، ومنه قول الأعشى ميمون بن قيسٍ:
قالت قتيلة: ما لجسمك شاحبًا = وأرى ثيابك بالياتٍ همّدا
والهمّد: جمع هامدٍ، كما الرّكّع جمع راكعٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {وترى الأرض هامدةً} قال: " لا نبات فيها ".
وقوله: {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت} يقول تعالى ذكره: فإذا نحن أنزلنا على هذه الأرض الهامدة الّتي لا نبات فيها المطر من السّماء {اهتزّت} يقول: تحرّكت بالنّبات {وربت} يقول: وأضعفت النّبات بمجيء الغيث.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {اهتزّت وربت} قال: " عرف الغيث في ربوها ".
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {اهتزّت وربت} قال: " حسنت، وعرف الغيث في ربوها ".
وكان بعضهم يقول: معنى ذلك: فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت. ويوجّه المعنى إلى الزّرع، وإن كان الكلام مخرجه على الخبر عن الأرض.
وقرأت قرّاء الأمصار: {وربت} بمعنى: الرّبو، الّذي هو النّماء والزّيادة.
وكان أبو جعفرٍ القارئ يقرأ ذلك: ( وربأت ) بالهمز.
- حدّثت عن الفرّاء، عن أبي عبد اللّه التّميميّ، عنه.
وذلك غلطٌ، لأنّه لا وجه للرّبّ ههنا، وإنّما يقال: ربأ بالهمز، بمعنى: حرس من الرّبيئة، ولا معنى للحراسة في هذا الموضع والصّحيح من القراءة ما عليه قرّاء الأمصار.
وقوله: {وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيجٍ} يقول جلّ ثناؤه: وأنبتت هذه الأرض الهامدة بذلك الغيث من كلّ نوعٍ بهيجٍ. يعني بالبهيج: البهج، وهو الحسن.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيجٍ} قال: " حسنٌ ".
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله). [جامع البيان: 16/460-467]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله مخلقة وغير مخلقة قال هو السقط مخلوق وغير مخلوق). [تفسير مجاهد: 419]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ونقر في الأرحام ما نشاء يعني التمام). [تفسير مجاهد: 419]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو بكرٍ إسماعيل بن محمّدٍ الفقيه بالرّيّ، ثنا سعيد بن يزيد التّيميّ، ثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه الدّشتكيّ، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: {مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ} [الحج: 5] قال: «المخلّقة ما كان حيًّا وغير المخلّقة ما كان من سقطٍ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/418]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفه ثم من علقه ثم من مضغه مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج.
أخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفح الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله إلا غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وان أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها). [الدر المنثور: 10/404-405]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوم على حالها لا تتغير فإذا مضت الأربعون صارت علقة ثم مضغة كذلك ثم عظاما كذلك فإذا أراد أن يسوي خلقه بعث إليه ملكا فيقول: يا رب أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد أقصير أم طويل أناقص أم زائد قوته أجله أصحيح أم سقيم فيكتب ذلك كله). [الدر المنثور: 10/405]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: النطفة إذا استقرت في الرحم أخذها ملك من الأرحام بكفه فقال: يا رب مخلقة أم غير مخلقة فإن قيل غير مخلقة لم تكن نسمة وقذفتها الرحم دما وإن قيل مخلقة قال: يا رب أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد ما الأجل وما الأثر وما الرزق وبأي أرض تموت فيقال للنطفة: من ربك فتقول: الله، فيقال: من رازقك فتقول: الله، فيقال له: اذهب إلى أم الكتاب فإنك ستجد فيه قصة هذه النطفة، قال: فتخلق فتعيش في أجلها وتأكل في رزقها وتطأ في أثرها حتى إذا جاء أجلها ماتت فدفنت في ذلك المكان). [الدر المنثور: 10/405-406]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: إذا وقعت النطفة في الرحم بعث الله ملكا فقال: يا رب مخلقة أو غير مخلقه فإن قال غير مخلقة مجها الرحم دما وإن قال مخلقة قال: يا رب فما صفة هذه النطفة، أذكر أم أنثى وما رزقها وما أجلها أشقي أم سعيد فيقال له: انطلق إلى أم الكتاب فاستنسخ منه صفة هذه النطفة، فينطلق فينسخها فلا يزال معه حتى يأتي على آخر صفتها). [الدر المنثور: 10/406]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تبارك وتعالى وكل بالرحم ملكا قال: أي رب نطفة أي رب علقة أي رب مضغة فإذا قضى الله تعالى خلقها قال: أي رب شقي أو سعيد ذكر أو أنثى فما الرزق فما الأجل فيكتب كذلك في بطن أمه). [الدر المنثور: 10/406]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول: إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة وفي لفظ: إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظمها ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى فيقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك ثم يقول: يا رب أجله فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول: يا رب رزقه ويقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على أمره ولا ينقص، وفي لفظ: يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمس وأربعين ليلة فيقول: يا رب أشقي أو سعيد فيكتبان فيقول: أي رب أذكر أو أنثى فيكتبان، فيكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص). [الدر المنثور: 10/406-407]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وصححه عن ابن عباس في قوله {مخلقة وغير مخلقة} قال: المخلقة ما كان حيا {وغير مخلقة} ما كان من سقط). [الدر المنثور: 10/407]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: العلقة الدم والمضغة اللحم والمخلقة التي تم خلقها {وغير مخلقة} السقط). [الدر المنثور: 10/407-408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {مخلقة وغير مخلقة} قال: تامة وغير تامة). [الدر المنثور: 10/408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي العالية قال {وغير مخلقة} السقط). [الدر المنثور: 10/408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الشعبي قال: إذا دخل في الخلق الرابع كانت نسمة مخلقة وإذا قدم فيها قبل ذلك فهي غير مخلقة). [الدر المنثور: 10/408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {مخلقة وغير مخلقة} قال: السقط مخلوق وغير مخلوق {ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى} قال: التمام). [الدر المنثور: 10/408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى} قال: إقامته في الرحم حتى يخرج). [الدر المنثور: 10/408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى} قال: هذا ما كان من ولد يولد تاما ليس بسقط). [الدر المنثور: 10/409]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لنبين لكم} قال: إنكم كنتم في بطون أمهاتكم كذلك). [الدر المنثور: 10/409]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {وترى الأرض هامدة} قال: لا نبات فيها). [الدر المنثور: 10/409]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وترى الأرض هامدة} أي غبراء متهشمة {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت} يقول: نفرق الغيث في سبختها وربوها {وأنبتت من كل زوج بهيج} أي حسن). [الدر المنثور: 10/409]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {زوج بهيج} قال: حسن). [الدر المنثور: 10/409]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّه يحيي الموتى وأنّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (6) وأنّ السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها وأنّ اللّه يبعث من في القبور}.
يعني تعالى ذكره بقوله: ذلك هذا الّذي ذكرت لكم أيّها النّاس من بدئنا خلقكم في بطون أمّهاتكم، ووصفنا أحوالكم قبل الميلاد وبعده، طفلاً، وكهلاً، وشيخًا هرمًا، وتنبيهناكم على فعلنا بالأرض الهامدة بما ننزّل عليها من الغيث، لتؤمنوا وتصدّقوا بأنّ ذلك الّذي فعل ذلك اللّه الّذي هو الحقّ لا شكّ فيه، وأنّ من سواه ممّا تعبدون من الأوثان والأصنام باطلٌ، لأنّها لا تقدر على فعل شيءٍ من ذلك، وتعلموا أنّ القدرة الّتي جعل بها هذه الأشياء العجيبة لا يتعذّر عليها أن يحيي بها الموتى بعد فنائها ودروسها في التّراب، وأنّ فاعل ذلك على كلّ ما أراد وشاء من شيءٍ قادرٌ لا يمتنع عليه شيءٌ أراده، ولتوقنوا بذلك أنّ السّاعة الّتي وعدتكم أن أبعث فيها الموتى من قبورهم جائيةٌ لا محالة). [جامع البيان: 16/467-468]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير * وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور}.
أخرج عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن معاذ بن جبل قال: من علم أن الله عز وجل حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور دخل الجنة). [الدر المنثور: 10/409-410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب، وابن عساكر عن عائشة عن أبي بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا صلى الصبح مرحبا بالنهار الجديد والكاتب والشهيد اكتبا: بسم الله الرحمن الرحيم، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أن الدين كما وصف والكتاب كما أنزل وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور). [الدر المنثور: 10/410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم في تاريخه عن أنس رفعه: من قال في كل يوم أربع مرات: أشهد أن الله هو الحق المبين وأنه يحيي ويميت وأنه على كل شيء قدير وان الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور صرف الله عنه السوء). [الدر المنثور: 10/410]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ولتوقنوا بذلك أنّ السّاعة الّتي وعدتكم أن أبعث فيها الموتى من قبورهم جائيةٌ لا محالة. {لا ريب فيها} يقول: لا شكّ في مجيئها وحدوثها، {وأنّ اللّه يبعث من في القبور} حينئذٍ من فيها من الأموات أحياءً إلى موقف الحساب، فلا تشكّوا في ذلك، ولا تمتروا فيه). [جامع البيان: 16/468]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير * وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور}.
أخرج عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن معاذ بن جبل قال: من علم أن الله عز وجل حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور دخل الجنة). [الدر المنثور: 10/409-410] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب، وابن عساكر عن عائشة عن أبي بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا صلى الصبح مرحبا بالنهار الجديد والكاتب والشهيد اكتبا: بسم الله الرحمن الرحيم، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أن الدين كما وصف والكتاب كما أنزل وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور). [الدر المنثور: 10/410] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم في تاريخه عن أنس رفعه: من قال في كل يوم أربع مرات: أشهد أن الله هو الحق المبين وأنه يحيي ويميت وأنه على كل شيء قدير وان الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور صرف الله عنه السوء). [الدر المنثور: 10/410] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:15 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يا أيّها النّاس إن كنتم في ريبٍ من البعث} [الحج: 5] في شكٍّ من البعث.
{فإنّا خلقناكم من ترابٍ} [الحج: 5] وهذا خلق آدم.
{ثمّ من نطفةٍ} [الحج: 5] يعني نسل آدم.
{ثمّ من علقةٍ ثمّ من مضغةٍ مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ} [الحج: 5] قال: هو السّقط.
وقال مجاهدٌ: هما جميعًا السّقط مخلّقٌ وغير مخلّقٍ.
{ونقرّ في الأرحام ما نشاء} [الحج: 5] يعني التّمام.
- يحيى، عن صاحبٍ له، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال:
[تفسير القرآن العظيم: 1/354]
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ خلق أحدكم يجمع في بطن أمّه، أو يكون في بطن أمّه نطفةً أربعين يومًا، ثمّ يكون علقةً أربعين يومًا، ثمّ يكون مضغةً أربعين يومًا، ثمّ يؤمر الملك أو قال: يأتي الملك فيؤمر أن يكتب أربعًا: رزقه، وأجله، وعمله، وشقيٌّ أم سعيدٌ ".
- حدّثني ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبي تميمٍ الجيشانيّ، عن أبي ذرٍّ أنّ المنيّ إذا مكث في الرّحم أربعين ليلةً، أتاه ملك النّفوس فخرج به إلى اللّه تبارك وتعالى في راحته فقال: أي ربّ، عبدك أذكرٌ أم أنثى؟ فيقضي اللّه ما هو قاضٍ.
أشقيٌّ أم سعيدٌ؟ فيكتب ما هو لاقٍ بين عينيه.
ثمّ قرأ أبو ذرٍّ من فاتحة سورة التّغابن خمس آياتٍ.
وقوله: {لنبيّن لكم} [الحج: 5] بدوّ خلقكم.
قوله: {ونقرّ في الأرحام} [الحج: 5] أرحام النّساء.
{ما نشاء إلى أجلٍ مسمًّى} [الحج: 5] الوقت الّذي يولد فيه.
{ثمّ نخرجكم طفلا ثمّ لتبلغوا أشدّكم} [الحج: 5] يعني الاحتلام.
{ومنكم من يتوفّى} [الحج: 5] وفيها إضمارٌ: أي يتوفّى من قبل أن يبلغ أرذل العمر.
وقال في حم: {ومنكم من يتوفّى من قبل} [غافر: 67] أن يبلغ أرذل العمر.
{ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر} [الحج: 5] الهرم.
{لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئًا} [الحج: 5] يصير بمنزلة الصّبيّ الّذي لا يعقل شيئًا.
قوله: {وترى الأرض هامدةً} [الحج: 5] أي: غبراء متهشّمةً.
{فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت} [الحج: 5] وفيها تقديمٌ: ربت للنّبات انفتحت واهتزّت بالنّبات إذا أنبتت.
قال: {وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيجٍ} [الحج: 5] حسنٍ.
وكلّ ما ينبت في الأرض فالواحد منها زوجٌ.
وحسن ذلك النّبات أنّها تنبت ألوانًا من صفرةٍ، وحمرةٍ، وخضرةٍ وغير ذلك من الألوان). [تفسير القرآن العظيم: 1/355]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {مّخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ...}

يقول: تماما وسقطاً. ويجوز مخلّقةً وغير مخلّقةٍ على الحال:
والحال تنصب في معرفة الأسماء ونكرتها. كما تقول: هل من رجل يضرب مجرّداً. فهذا حال وليس بنعت.
وقوله: {لّنبيّن لكم ونقرّ في الأرحام ما نشاء} استأنف (ونقرّ في الأرحام) ولم يرددها على (لنبيّن) ولو قرئت (ليبيّن) يريد الله ليبيّن لكم كان صواباً ولم أسمعها.
وقوله: {ومنكم مّن يردّ إلى أرذل العمر}: إلى أسفل العمر {لكيلا يعلم} يقول لكيلا يعقل من بعد عقله الأوّل (شيئاً).
قوله: (وربت) قرأ القراء (وربت) (من تربو). ... حدثني أبو عبد الله التميمي عن أبي جعفر المدني أنه قرأ (اهتزّت وربأت) مهموزة فإن كان ذهب إلى الرّبيئة الذي يحرس القوم فهذا مذهب، أي ارتفعت حتى صارت كالموضع للربيئة. فإن لم يكن أراد (من هذا) هذا فهو من غلط قد تغلطه العرب فتقول: حلأت السّويق، ولبّأت بالحجّ، ورثأت الميّت، وهو كما قرأ الحسن (ولأدرأتكم به) يهمز. وهو ممّا يرفض من القراءة). [معاني القرآن: 2/216-215]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {من مّضغةٍ مخلّقةٍ} أي مخلوقة). [مجاز القرآن: 2/44]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ثمّ يخرجكم طفلاً} مجازه أنه في موضع أطفال والعرب تضع لفظ الواحد في معنى الجميع قال:
في حلقكم عظمٌ وقد شجينا
وقال عباس بن مرداس:
فقلنا أسلموا إنا أخوكم=فقد برئت من الإحن الصدور
وفي آية أخرى: {والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ} أي ظهراء
وقال:
إن العواذل ليس لي بأمير
أراد أمراء: {أرذل العمر}: مجازه أن يذهب العقل ويخرف). [مجاز القرآن: 2/45-44]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وترى الأرض هامدةً} أي يابسة لا نبات فيها ويقال: ويقال رماد هامد إذا كان يدرس). [مجاز القرآن: 2/45]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {زوج بهيجٍ} أي حسن قشيب جديد ويقال أيضاً بهج: " وأنّ اللّه يبعث " أي يجيء). [مجاز القرآن: 2/45]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مخلقة وغير مخلقة}:قالوا {المخلقة} الحي الخارج {وغير مخلقة} قالوا السقط.
{طفلا}: للجميع والمؤنث والاثنين على هيئة الواحد.
{أرذل العمر}: ذهاب العقل والخرف.
{هامدة}: يابسة لا نبات فيها. يقال همدت تهمد.
{بهيج}: حسن. يقال بهيج وبهج). [غريب القرآن وتفسيره:258 -259]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {مخلّقةٍ}: تامّة.
{وغير مخلّقةٍ}: غير تامّة. يعني السقط.
{لنبيّن لكم} كيف نخلقكم {في الأرحام}.
{ومنكم من يتوفّى} يعني قبل بلوغ الهرم.
{ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر} أي الخرف والهرم.
{وترى الأرض هامدةً} أي ميّتة يابسة. ومثل ذلك همود النار: إذا طفئت فذهبت.
{اهتزّت} بالنبات.
{وربت}: انتفخت وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيجٍ أي من كل جنس حسن، يبهج، أي يشرح. وهو فعيل في معنى فاعل. يقال: امرأة ذات خلق باهج). [تفسير غريب القرآن: 290]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وكتبوا: {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاؤا} بواو بعد الألف، وفي موضع آخر {مَا نَشَاءُ}
بغير واو، ولا فرق بينهما). [تأويل مشكل القرآن: 56-58] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه واحد يراد به جميع:
كقوله: {هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ} وقوله: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وقوله: {نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}.
وقوله: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} والتفريق لا يكون إلا بين اثنين فصاعدا.
وقوله: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}.
والعرب تقول: فلان كثير الدرهم والدينار، يريدون الدراهم والدنانير.
وقال الشاعر:
هم المولى وإن جنفوا علينا = وإنّا من لقائهم لزور
وقال الله عز وجل: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ}، أي الأعداء، {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}، أي رفقاء.
وقال الشاعر:
فقلنا: أسلموا إنّا أخوكم = وقد برئت من الإحن الصّدور).
[تأويل مشكل القرآن: 285-284] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الكريم: الشريف الفاضل...، والكريم: الحسن، وذلك من الفضل. قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} أي: حسن. وكذلك قوله: {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي: حسن يبتهج به. وقال تعالى: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}، أي حسنا.
وهذا وإن اختلف، فأصله الشرف). [تأويل مشكل القرآن: 495] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها النّاس إن كنتم في ريب من البعث فإنّا خلقناكم من تراب ثمّ من نطفة ثمّ من علقة ثمّ من مضغة مخلّقة وغير مخلّقة لنبيّن لكم ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمّى ثمّ نخرجكم طفلا ثمّ لتبلغوا أشدّكم ومنكم من يتوفّى ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت وأنبتت من كلّ زوج بهيج}
{يا أيّها النّاس إن كنتم في ريب من البعث}
ويقرأ من البعث بفتح العين، والريب الشك، فأمّا البعث بفتح العين - فذكر جميع الكوفيين أن كل ما كان ثانيه حرفا من حروف الحلق، وكان مسكنا مفتوح الأول جاز فيه فتح المسكن نحو نعل ونعل، وشعر وشعر، ونهر ونهر، ونخل ونخل.
فأمّا البصريون فيزعمون أن ما جاء من هذا فيه اللغتان تكلّم به على ما جاء.
وما كان لم يسمع لم يجز فيه التحريك نحو وعد، لأنك لا تقول: لك عليّ وعد، أي عليّ وعدة، ولا في هذا الأمر وهن – في معنى وهن -. وهذا في بابه مثل ركّ، وركك وقدر وقدر، وقصّ الشاة وقصصها فلا فرق في هذا بين حروف الحلق وغيرها.
وقيل للذين جحدوا البعث وهم المشركون: إن كنتم في شكّ من أنّ اللّه يبعث الموتى فتدبروا أمر خلقكم وابتدائكم فإنكم لا تجدون في القدرة فرقا بين ابتداء الخلق وإعادته، وإحياء الموتى.
ثم بين لهم ابتداء خلقهم فأعلمهم أنهم خلقوا من تراب، وهو خلق آدم عليه السلام، ثم خلق ولده من نطفة، ثم من علقة ثم من مضغة.
وأعلمهم أحوال خلقهم.
ويروى أن الإنسان يكون في البطن نطفة أربعين يوما ثم مضغة أربعين يوما، ثم يبعث اللّه ملكا فينفخ - فيه الروح.
ومعنى {مخلّقة وغير مخلّقة}
وصف الخلق أو منهم من يتمّم مضغته فتخلق له الأعضاء التي تكمل آلات الإنسان ومنهم من لا يتمم اللّه خلقه.
وقوله: {لنبيّن لكم} أي ذكرنا أحوال خلق الإنسان.
ووجه آخر هو خلقناكم هذا الخلق {لنبيّن لكم}.
{ونقرّ في الأرحام ما نشاء}.
لا يجوز فيها إلا الرفع، - ولا يجوز أن يكون معناه فعلنا ذلك لنقر في الأرحام، وأنّ اللّه - عزّ وجلّ - لم يخلق الأنام لما يقر في الأرحام، وإنما خلقهم ليدلّهم على رشدهم وصلاحهم.
وقوله - عزّ وجلّ -: {ثمّ نخرجكم طفلا}.
في معنى أطفال، ودل عليه ذكر الجماعة.
وكأنّ طفلا يدل على معنى ويخرج كل واحد منكم طفلا.
{ثمّ لتبلغوا أشدّكم} قد فسرنا الأشدّ، وتأويله الكمال في القوّة والتمييز، وهو ما بين الثلاثين إلى الأربعين.
وقوله: {ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر} أرذل العمر هو الذي يخرف فيه الإنسان من الكبر حتى لا يعقل، وبين ذلك بقوله: (لكيلا يعلم من بعد علم).
ثم دلّهم على إحيائه الموتى بإحيائه الأرض فقال:
{وترى الأرض هامدة} يعنى جافة ذات تراب.
{فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت} وتقرأ وربأت. فاهتزازها تحركها عند وقوع الماء بها وإنباتها.
ومن قرأ: {وربت} فهو من ربا يربو إذا زاد على أي الجهات، ومن قرأ وربأت بالهمز فمعناه ارتفعت.
{وأنبتت من كلّ زوج بهيج}. أي من كل صنف حسن من النبات). [معاني القرآن: 3/411-413]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله عز وجل: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث }
أي ان كنتم في شك من أنكم تبعثون فتدبروا في أول خلقكم وابتدائكم فإنكم لا تجدون فرقا بين الابتداء والإعادة
ثم قال عز وجل: {فإنا خلقناكم من تراب }
يعني آدم صلى الله عليه وسلم ثم من نطفة ثم من علقة
قال الخليل العلق الدم قبل أن ييبس الواحدة علقة وهكذا تصير النطفة
قال أبو عبيد العلق من الدم ما اشتدت حمرته ثم من مضغة وهي لحمة صغيرة بقدر ما يمضغ مخلقة وغير مخلقة
روى معمر عن قتادة قال تامة وغير تامة
قال الشعبي النطفة والعلقة والمضغة فإذا نكست في الخلق الرابع كانت مخلقة وإذا قذفتها قبل ذلك فهي غير مخلقة
قال أبو العالية غير مخلقة السقط
قال أبو جعفر مخلقة مصورة ويبين ذلك هذا الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مروي من طرق شتى
فمن طرقه ما رواه سلمة بن كهيل عن زيد بن وهب
قال سمعت ابن مسعود يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو الصادق المصدوق ((يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة أربعين يوما ثم يكون مضغة أربعين يوما ثم يبعث الله جل وعز إليه ملكا فيقول اكتب عمله وأجله ورزقه واكتبه شقيا أو سعيدا ))
قال عبد الله والذي نفسي بيده إن الرجل ليعمل بعمل أهل السعادة فيعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع ثم يدركه الشقاء فيعمل بعمل أهل النار أو الشقاء فيدخل النار
وروى عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل قد وكل بالرحم ملكا فيقول أي رب أنطفة أي رب أعلقة أي رب أمضغة فإذا أراد الله جل وعز أن يقضي خلقها قال يقول الملك أذكر أم أنثى، أشقي أم سعيد فما الأجل فما الرزق فيكتب ذلك في بطن أمه
قال علقمة إذا وقعت النطفة في الرحم قال الملك مخلقة أو غير مخلقة فإن قال غير مخلقة مجت الرحم دما وإن قال مخلقة قال أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد فيقول اكتبها من اللوح المحفوظ فيجد صفتها فيستنسخه فلا يزال العبد يعمل عليه حتى يموت
وقوله جل وعز: {لنبين لكم} أي ذكرنا أحوال الخلق لنبين لكم
ويجوز أن يكون المعنى خلقنا هذا الخلق لنبين لكم
ثم قال جل وعز: {ونقر في الأرحام ما نشاء }
أي ونحن نقر في الأرحام ما نشاء
ثم قال: {ومنكم من يتوفى}
وحكى أبو حاتم أن بعضهم قرأ ومنكم من يتوفى
ومعناه يستوفي أجله
وقوله عز وجل: {لكيلا يعلم من بعد علم شيئا }
قال الفراء لكيلا يعقل من بعد ما عقل شيئا
وقوله عز وجل: {وترى الأرض هامدة }
روى سعيد عن قتادة قال أي غبراء متهشمة
قال أبو جعفر يقال همدت النار إذا طفئت وذهب لهبها وأرض هامدة أي جافة عليها تراب). [معاني القرآن: 4/380-376]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت}
أي تحركت وربت أي زادت وقرأ يزيد بن القعقاع وخالد بن إلياس وربأت أي ارتفعت حتى صارت بمنزلة الربيئة وهو الذي يحفظ القوم على شيء مشرف فهو رابيء وربئة على المبالغة). [معاني القرآن: 4/381-380]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال عز وجل: {وأنبتت من كل زوج بهيج }
أي من كل صنف من النبات
وروى سعيد عن قتادة قال بهيج حسن
قال أبو جعفر يقال بهج فهو بهج إذا حسن وأبهجني أعجبني لحسنه). [معاني القرآن: 4/381]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {مخلقة} أي: قد بدا فيها الخلق). [ياقوتة الصراط: 367]
{وغير مخلقة} أي: لم تصور بعد). [ياقوتة الصراط: 368]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بهيج} أي: حسن). [ياقوتة الصراط: 368]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مخلقة وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}: أي غير تامة يريد السقط.
{هَامِدَةً}: أي ميتة ويابسة.
{بَهِيجٍ}: حسن. يبهج من يراه، وهو "فعيل" بمعنى "فاعل"). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 159]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُخَلَّقَةٍ}: المولود.
{وغَيْرِ مُخَلَّقَـةٍ}: السـقط.
{طِفْلاً}: الذكر والأنثى.
{أرذَلِ العُمُرِ}: الخـرف.
{هامِـدَةً}: يابسـة.
{بَهِيجٍ}: حسـن). [العمدة في غريب القرآن: 211-210]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ} [الحج: 6] والحقّ اسمٌ من أسماء اللّه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/355]
{وأنّه يحيي الموتى وأنّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} [الحج: 6] إنّ الّذي أخرج من هذه الأرض الهامدة الميّتة ما أخرج من النّبات قادرٌ على أن يحيي الموتى). [تفسير القرآن العظيم: 1/356]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّه يحي الموتى وأنّه على كلّ شيء قدير}

المعنى الأمر ذلك، أي الأمر ما وصف لكم وبيّن لكم {بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّه يحي الموتى وأنّه على كلّ شيء قدير}.
فالأجود أن يكون موضع (ذلك) رفعا.
ويجوز أن يكون نصبا على معنى فعل اللّه ذلك بأنه هو الحق وأنه يحي الموتى). [معاني القرآن: 3/413]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ذلك بأن الله هو الحق } أي الأمر ذلك والأمر ما وصف لكم وبين
ثم قال جل وعز: {وأنه يحيي الموتى} أي كما أحيا الأرض بقدرته). [معاني القرآن: 4/382-381]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وأنّ السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها} [الحج: 7] لا شكّ فيها.
{وأنّ اللّه يبعث من في القبور} [الحج: 7] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/356]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:17 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب اشتراك الفعل في أن
وانقطاع الآخر من الأول الذي عمل فيه أن
فالحروف التي تشرك الواو والفاء وثم وأو وذلك قولك أريد أن تأتيني ثم تحدثني وأريد أن تفعل ذاك وتحسن وأريد أن تأتينا فتبايعنا وأريد أن تنطق بجميل أو تسكت ولو قلت أريد أن تأتيني ثم تحدثني جاز كأنك قلت أريد إتيانك ثم تحدثني.
ويجوز الرفع في جميع هذه الحروف التي تشرك على هذا المثال وقال عز وجل: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله} ثم قال سبحانه: {ولا يأمركم} فجاءت منقطعة من الأول لأنه أراد ولا يأمركم الله وقد نصبها بعضهم على قوله وما كان لبشرٍ أن يأمركم أن تتخذوا.
وتقول أريد أن تأتيني فتشتمني لم يرد الشتيمة ولكنه قال كلما أردت إتيانك شتمتني هذا معنى كلامه فمن أثم نقطع من أن قال رؤبة
يريد أن يعربه فيعجمه
أي فإذا هو يعجمه.
وقال الله عز وجل: {لنبين لكم ونقر في الأرحام} أي ونحن نقر في الأرحام لأنه ذكر الحديث للبيان ولم يذكره للإقرار وقال عز وجل: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} فانتصب لأنه أمر بالإشهاد لأن نذكر إحداهما الأخرى ومن أجل أن تذكر.
فإن قلت إنسانٌ كيف جاز أن تقول أن تضل ولم يعد هذا للضلال وللالتباس فإنما ذكر أن تضل لأنه سبب الإذكار كما يقول الرجل أعددته أن يميل الحائط فأدعمه وهو لا يطلب بإعداد ذلك ميلان الحائط ولكنه أخبر بعلة الدعم وبسببه.
وقرأ أهل الكوفة (فتذكرُ) رفعاً). [الكتاب: 3/52-54] (م)
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ويقال أيضا: «همد الثوب» يهمد همودا، بلي. وأهمد: أسرع. وأهمد: سكن. والإهماد السرعة في السير، والإهماد: الإقامة. قال الشاعر في السرعة:
ما كان إلا طلق الإهماد
وجذبنا بالأغرب الجياد
وقال الآخر في الإقامة:
لما رأتني راضيا بالإهماد
كالكركز المربوط بين الأوتاد). [الأضداد: 79]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
مريتم حربنا لكم فدرت = بني علق فأبطأت الغرارا
...
علقا: أي دما). [نقائض جرير والفرزدق: 252]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (أبو زيد ... غيره: العلق من الدم ما اشتدت حمرته). [الغريب المصنف: 3/735]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قوله عز وجل: {وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً} فإن النحويين يزعمون أن الكلام ليس محمولاً على أن يكلمه الله، ولو كان يرسل محمولاً على ذلك لبطل المعنى؛ لأنه كان يكون ما كان لبشر أن يكلمه الله أو يرسل، أي ما كان لبشر أن يرسل الله إليه رسولاً. فهذا لا يكون. ولكن المعنى والله أعلم ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً، أي: إلا أن يوحي، أو يرسل، فهو محمول على قوله وحياً، أي: إلا وحياً، أو إرسالاً.

وأهل المدينة يقرؤون أو يرسل رسولاً يريدون: أو هو يرسل رسولاً، أي فهذا كلامه إياهم على ما يؤديه الوحي والرسول.
وأما قوله: {لنبين لكم ونقر في الأرحام}. على ما قبله، وتمثيله: ونحن نقر في الأرحام ما نشاء.
وأما قوله: {ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة} فيقرأ رفعاً ونصباً.
فأما النصب فعلى قوله: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس} أي ما كان له أن يقول للناس ولا أن يأمركم أن تتخذوا الملائكة.
ومن قرأ يأمُرُكم فإنما أراد: ولا يأمركم الله، وقطعه من الأول.
فالمعنيان جميعاً جيدان يرجعان إلى شيءٍ واحد إذا حصلا). [المقتضب: 2/33-34] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ويقال: قد أهمد فلان أمره، إذا أماته.
ويقال: قد همدت الأرض إذا انقطع عنها المطر، قال الله عز وجل: {وترى الأرض هامدة}، فقال أبو عبيدة: معناه يابسة لا نبات فيها.
وقال غيره: هامدة ميتة.
وقال آخرون: هامدة خاشعة.
ويقال: قد همد الثوب إذا بلي، ورماد هامد، وطلل هامد إذا كانا دارسين؛ قال الأعشى:

قالت قتيلة ما لجسمك شاحبا = وأرى ثيابك باليات همدا
وقال الكميت:

ماذا عليك من الوقو = ف بهامد الطللين داثر
وقال الآخر:
ورب أرض رأيناها وقد همدت = جاد عليها ربيع صوبه ديم
ويقال: قد همدت النار تهمد همودا، إذا خمدت). [كتاب الأضداد:174- 175]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 08:43 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 08:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 08:51 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث} الآية. هذا احتجاج على العالم بالبدأة الأولى، وضرب الله تعالى في هذه الآية مثلين إذا اعتبرهما الناظر جوز في العقل البعثة من القبور، ثم ورد خبر الشرع بوجوب ذلك ووقوعه. و"الريب": الشك، وقوله: {إن كنتم} شرط مضمنه التوفيق، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: "البعث" بفتح العين، وهي لغة في "البعث" عند البصريين، وهي عند الكوفيين تخفيف "بعث".
وقوله: {خلقناكم من تراب} يريد آدم، ثم سلط الفعل عليهم من حيث هم من ذريته، وقوله: {ثم من نطفة} يريد المني الذي يكون من البشر، و"النطفة" تقع على قليل الماء وكثيره، وقال النقاش: المراد نطفة آدم، وقوله: {ثم من علقة} يريد من الدم تعود النطفة إليه في الرحم، أو المقارن للنطفة، و"العلق": الدم العبيط، وقيل: "العلق": الشديد الحمرة، فسمي الدم لذلك، وقوله: "ثم من مضغة" يريد بضعة لحم على قدر ما يمضغ، وقوله: "مخلقة" معناه: متممة البنية "وغير مخلقة" غير متممة، أي التي تسقط، قاله مجاهد، وقتادة، والشعبي، وأبو العالية، فاللفظة بناء مبالغة من "خلق"، ولما كان الإنسان فيه أعضاء متباينة وكل منها مختص بخلق حسن، في جملته تضعيف الفعل؛ لأن فيه خلقا كثيرة، وقرأ ابن أبي عبلة: "مخلقة" بالنصب "وغير" بالنصب في الراء.
[المحرر الوجيز: 6/215]
ويتصل بهذا الموضع من الفقه أن العلماء اختلفوا في أم الولد إذا أسقطت بضعة لم تصور، هل تكون أم ولد بذلك؟ فقال مالك، والأوزاعي، وغيرهما: هي أم ولد بالمضغة إذا علم أنها مضغة الولد، وقال الشافعي، وأبو حنيفة: حتى يتبين فيه خلق ولو عضو واحد.
وقوله: {لنبين لكم}، قالت فرقة: معناه: لنبين أمر البعث، فهو اعتراض بين الكلامين، وقرأت هذه الفرقة بالرفع في "نقر"، المعنى: ونحن نقر، وهي قراءة الجمهور. وقالت فرقة: "لنبين لكم" معناه: تكون المضغة غير مخلقة وطرح النساء إياها، كذلك نبين للناس أن المناقل في الرحم هي هكذا، وقرأت هذه الفرقة: "ونقر" بالنصب، وكذلك قرأت: "نخرجكم" بالنصب، وهي رواية المفضل عن عاصم، وحكى أبو عمرو الداني أن رواية المفضل هذه هي بالياء في "يقر" "ويخرجكم"، والرفع على هذا التأويل شائع، ولا يجوز النصب على التأويل الأول. وقرأ ابن وثاب: "ما نشاء" بكسر النون. و"الأجل المسمى" هو مختلف بحسب جنين جنين، فثم من يسقط، وثم من يكمل أمره ويخرج حيا.
واختلف الناس في "الأشد" من ثمانية عشر، إلى ثلاثين، إلى اثنين وثلاثين، إلى ستة وثلاثين، إلى أربعين، إلى خمسة وأربعين، واللفظ تقال باشتراك، فأشد الإنسان على العموم غير أشد اليتيم الذي هو الاحتلام. و"الأشد" في الآية يحتمل المعنيين، والرد إلى أرذل العمر هو حصول الإنسان في زمانه واختلال قوته حتى لا يقدر على إقامة الطاعات، واختلال عقله حتى لا يقدر على إقامة ما يلزمه من المعتقدات، وهذا أبدا يلحق مع الكبر، وقد يكون أرذل العمر في قليل من السن بحسب شخص ما لحقته زمانة، وقد ذكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن أرذل العمر خمسة وسبعون سنة، وهذا فيه نظر، وإن صح عن علي رضي الله عنه فلا يتوجه إلا أن يريد: على الأكثر، فقد نرى كثيرا أبناء ثمانين سنة ليسوا في أرذل العمر، وقرأ الجمهور: "العمر"
[المحرر الوجيز: 6/216]
مشبعة، وقرأ نافع: "العمر" مخففة الميم، واختلف عنه.
وقوله تعالى: {لكيلا يعلم} أي: لينسى معارفه وعلمه الذي كان معه فلا يعلم من ذلك شيئا، فهذا مثال واحد يقضي للمعتد به أن القادر على هذه المناقل المتقن لها قادر على إعادة تلك الأجساد التي أوجدها بهذه المناقل إلى حالها الأولى.
قوله عز وجل: {وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد}
هذا هو المثال الذي يعطي للمعتبر فيه جواز بعث الأجساد، وذلك أن إحياء الأرض بعد موتها بين، فكذلك الأجساد، و"هامدة" معناها: ساكنة دارسة بالية، ومنه قيل: همد الثوب إذا بلي، قال الأعشى:
قالت قتيلة ما لجسمك شاحبا وأرى ثيابك باليات همدا
و "اهتزاز الأرض" هو حركتها بالنبات وغير ذلك مما يعتريها بالماء، و"ربت" معناه: نشزت وارتفعت، ومنه الربوة، وهو المكان المرتفع، وقرأ جعفر بن القعقاع: "وربأت" بالهمز، ورويت عن أبي عمرو، وقرأها عبد الله بن جعفر،
[المحرر الوجيز: 6/217]
وخالد بن إلياس، وهي غير وجيهة، ووجهها أن تكون من: "ربأت القوم" إذا علوت شرفا من الأرض طليعة، فكأن الأرض بالماء تتطاول وتعلو. و"الزوج": النوع، و"البهيج" فعيل من البهجة وهي الحسن، قاله قتادة وغيره). [المحرر الوجيز: 6/218]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله: {ذلك بأن الله هو الحق} إشارة إلى ما تقدم ذكره، فـ "ذلك" ابتداء، وخبره "بأن"، أي: هو بأن الله حق محيي قادر). [المحرر الوجيز: 6/218]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {وأن الساعة آتية} ليس بسبب لما ذكر، لكن المعنى أن الأمر مرتبط بعضه ببعض، أو على تقدير: والأمر أن الساعة). [المحرر الوجيز: 6/218]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 05:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 05:27 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها النّاس إن كنتم في ريبٍ من البعث فإنّا خلقناكم من ترابٍ ثمّ من نطفةٍ ثمّ من علقةٍ ثمّ من مضغةٍ مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ لنبيّن لكم ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمًّى ثمّ نخرجكم طفلًا ثمّ لتبلغوا أشدّكم ومنكم من يتوفّى ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئًا وترى الأرض هامدةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيجٍ (5) ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّه يحيي الموتى وأنّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (6) وأنّ السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها وأنّ اللّه يبعث من في القبور (7)}
لمّا ذكر تعالى المخالف للبعث، المنكر للمعاد، ذكر تعالى الدّليل على قدرته تعالى على المعاد، بما يشاهد من بدئه للخلق، فقال: {يا أيّها النّاس إن كنتم في ريبٍ} أي: في شكٍّ {من البعث} وهو المعاد وقيام الأرواح والأجساد يوم القيامة {فإنّا خلقناكم من ترابٍ} أي: أصل برئه لكم من ترابٍ، وهو الّذي خلق منه آدم، عليه السّلام {ثمّ من نطفةٍ} أي: ثمّ جعل نسله من سلالةٍ من ماءٍ مهينٍ، {ثمّ من علقةٍ ثمّ من مضغةٍ} ذلك أنّه إذا استقرّت النّطفة في رحم المرأة، مكثت أربعين يومًا كذلك، يضاف إليه ما يجتمع إليها، ثمّ تنقلب علقةً حمراء بإذن اللّه، فتمكث كذلك أربعين يومًا، ثمّ تستحيل فتصير مضغةً -قطعةً من لحمٍ لا شكل فيها ولا تخطيط-ثمّ يشرع في التّشكيل والتّخطيط، فيصوّر منها رأسٌ ويدان، وصدرٌ وبطنٌ، وفخذان ورجلان، وسائر الأعضاء. فتارةً تسقطها المرأة قبل التّشكيل والتّخطيط، وتارةً تلقيها وقد صارت ذات شكلٍ وتخطيطٍ؛ ولهذا قال تعالى: {ثمّ من علقةٍ ثمّ من مضغةٍ مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ} أي: كما تشاهدونها، {لنبيّن لكم ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمًّى} أي: وتارةً تستقرّ في الرّحم لا تلقيها المرأة ولا تسقطها، كما قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ} قال: هو السّقط مخلوقٌ وغير مخلوقٍ. فإذا مضى عليها أربعون يومًا، وهي مضغةٌ، أرسل اللّه تعالى إليها ملكًا فنفخ فيها الرّوح، وسوّاها كما يشاء اللّه عزّ وجلّ، من حسنٍ وقبيحٍ، وذكرٍ وأنثى، وكتب رزقها وأجلها، وشقّيٌ أو سعيدٌ، كما ثبت في الصّحيحين، من حديث الأعمش، عن زيد بن وهبٍ، عن ابن مسعودٍ قال: حدّثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -وهو الصّادق المصدوق-:"إنّ خلق أحدكم يجمع في بطن أمّه أربعين ليلةً، ثمّ يكون علقةً مثل ذلك، ثمّ يكون مضغة مثل ذلك، ثمّ يبعث اللّه إليه الملك فيؤمر بأربع كلمّاتٍ: بكتب عمله وأجله ورزقه، وشقّيٌ أو سعيدٌ، ثمّ ينفخ فيه الرّوح".
وروى ابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ من حديث داود بن أبي هندٍ، عن الشّعبيّ، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: النّطفة إذا استقرّت في الرّحم، أخذها ملكٌ بكفّه قال: يا ربّ، مخلقة أو غير مخلّقةٍ؟ فإن قيل: "غير مخلّقةٍ" لم تكن نسمةٌ، وقذفتها الأرحام دمًا. وإن قيل: "مخلّقةٌ"، قال: أي ربّ، ذكرٌ أو أنثى؟ شقيٌّ أو سعيدٌ؟ ما الأجل؟ وما الأثر؟ وبأيّ أرضٍ يموت ؟ قال: فيقال للنّطفة: من ربّك؟ فتقول: اللّه. فيقال: من رازقك؟ فتقول: اللّه. فيقال له: اذهب إلى الكتاب، فإنّك ستجد فيه قصّة هذه النّطفة. قال: فتخلق فتعيش في أجلها، وتأكل رزقها، وتطأ أثرها، حتّى إذا جاء أجلها ماتت، فدفنت في ذلك المكان، ثمّ تلا عامرٌ الشّعبيّ: {يا أيّها النّاس إن كنتم في ريبٍ من البعث فإنّا خلقناكم من ترابٍ ثمّ من نطفةٍ ثمّ من علقةٍ ثمّ من مضغةٍ مخلّقةٍ وغير مخلّقةٍ} فإذا بلغت مضغةً نكّست في الخلق الرّابع فكانت نسمةً، فإن كانت غير مخلّقةٍ قذفتها الأرحام دمًا، وإن كانت مخلّقةً نكّست في الخلق.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقرئ، حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن أبي الطّفيل، عن حذيفة بن أسيدٍ -يبلغ به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم-قال: "يدخل الملك على النّطفة بعد ما تستقرّ في الرّحم بأربعين أو خمسٍ وأربعين، فيقول: أي ربّ، أشقيٌّ أم سعيدٌ؟ فيقول اللّه، ويكتبان، فيقول: أذكرٌ أم أنثى؟ فيقول اللّه ويكتبان، ويكتب عمله وأثره ورزقه وأجله، ثمّ تطوى الصّحف، فلا يزاد على ما فيها ولا ينتقص.
ورواه مسلمٌ من حديث سفيان بن عيينة، ومن طرقٍ أخر، عن أبي الطّفيل، بنحو معناه.
وقوله: {ثمّ نخرجكم طفلا} أي: ضعيفًا في بدنه، وسمعه وبصره وحواسّه، وبطشه وعقله. ثمّ يعطيه اللّه القوّة شيئًا فشيئًا، ويلطف به، ويحنن عليه والدّية في آناء اللّيل وأطراف النّهار؛ ولهذا قال: {ثمّ لتبلغوا أشدّكم} أي: يتكامل القوى ويتزايد، ويصل إلى عنفوان الشّباب وحسن المنظر.
{ومنكم من يتوفّى}، أي: في حال شبابه وقواه، {ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر}، وهو الشّيخوخة والهرم وضعف القوّة والعقل والفهم، وتناقص الأحوال من الخرف وضعف الفكر؛ ولهذا قال: {لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئًا}، كما قال تعالى: {اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا وشيبةً يخلق ما يشاء وهو العليم القدير} [الرّوم: 54].
وقد قال الحافظ أبو يعلى [أحمد] بن عليّ بن المثنّى الموصليّ في مسنده: حدّثنا منصور بن أبي مزاحمٍ، حدّثنا خالدٌ الزّيّات، حدّثني داود أبو سليمان، عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن معمر ابن حزمٍ الأنصاريّ، عن أنس بن مالكٍ -رفع الحديث-قال: "المولود حتّى يبلغ الحنث، ما عمل من حسنةٍ، كتبت لوالده أو لوالدته وما عمل من سيّئةٍ لم تكتب عليه ولا على والديه، فإذا بلغ الحنث جرّى اللّه عليه القلم أمر الملكان اللّذان معه أن يحفظا وأن يشدّدا، فإذا بلغ أربعين سنة في الإسلام أمّنه اللّه من البلايا الثّلاث: الجنون، والجذام، والبرص. فإذا بلغ الخمسين، خفّف اللّه حسابه. فإذا بلغ ستّين رزقه اللّه الإنابة إليه بما يحبّ، فإذا بلغ السّبعين أحبّه أهل السّماء، فإذا بلّغ الثّمانين كتب اللّه حسناته وتجاوز عن سيئاته، فإذا بلغ التسعين غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وشفّعه في أهل بيته، وكان أسير اللّه في أرضه، فإذا بلغ أرذل العمر {لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئًا} كتب اللّه له مثل ما كان يعمل في صحّته من الخير، فإذا عمل سيّئةً لم تكتب عليه".
هذا حديثٌ غريبٌ جدًّا، وفيه نكارةٌ شديدةٌ. ومع هذا قد رواه الإمام أحمد بن حنبلٍ في مسنده مرفوعًا وموقوفًا فقال:
حدّثنا أبو النّضر، حدّثنا الفرج، حدّثنا محمّد بن عامرٍ، عن محمّد بن عبد اللّه العامريّ، عن عمرو بن جعفرٍ، عن أنسٍ قال: إذا بلغ الرّجل المسلم أربعين سنةً، أمّنه اللّه من أنواع البلايا، من الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ الخمسين ليّن اللّه حسابه، وإذا بلغ السّتّين رزقه اللّه إنابةً يحبّه عليها، وإذا بلغ السّبعين أحبّه اللّه، وأحبّه أهل السّماء، وإذا بلغ الثّمانين تقبّل اللّه حسناته، ومحا عنه سيّئاته، وإذا بلغ التّسعين غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وسمي أسير اللّه في الأرض، وشفّع في أهله.
ثمّ قال: حدّثنا هاشمٌ، حدّثنا الفرج، حدّثني محمّد بن عبد اللّه العامريّ، عن محمّد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، مثله.
ورواه الإمام أحمد أيضًا: حدّثنا أنس بن عياضٍ، حدّثني يوسف بن أبي ذرّة الأنصاريّ، عن جعفر بن عمرو بن أميّة الضّمري، عن أنس بن مالكٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما من معمّرٍ يعمّر في الإسلام أربعين سنةً، إلّا صرف اللّه عنه ثلاثة أنواعٍ من البلاء: الجنون والجذام والبرص.. = وذكر تمام الحديث، كما تقدّم سواءً.
ورواه الحافظ أبو بكرٍ البزّار، عن عبد اللّه بن شبيبٍ، عن أبي شيبة، عن عبد اللّه بن عبد الملك، عن أبي قتادة العذري، عن ابن أخي الزّهريّ، عن عمّه، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما من عبدٍ يعمّر في الإسلام أربعين سنةً، إلّا صرف اللّه عنه أنواعًا من البلاء: الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ خمسين سنةً ليّن اللّه له الحساب، فإذا بلغ ستّين سنةً رزقه اللّه الإنابة إليه بما يحبّ، فإذا بلغ سبعين غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وسمي أسير اللّه، وأحبّه أهل السّماء، فإذا بلغ الثّمانين تقبّل اللّه منه حسناته وتجاوز عن سيّئاته، فإذا بلغ التّسعين غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وسمي أسير اللّه في أرضه، وشفّع في أهل بيته".
وقوله: {وترى الأرض هامدةً}: هذا دليلٌ آخر على قدرته تعالى على إحياء الموتى، كما يحيي الأرض الميتة الهامدة، وهي القحلة الّتي لا نبت فيها ولا شيء.
وقال قتادة: غبراء متهشّمةٌ. وقال السّدّيّ: ميتةٌ.
{فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيجٍ} أي: فإذا أنزل اللّه عليها المطر {اهتزّت} أي: تحرّكت وحييت بعد موتها، {وربت} أي: ارتفعت لـمّا سكن فيها الثّرى، ثمّ أنبتت ما فيها من الألوان والفنون، من ثمارٍ وزروعٍ، وأشتات النّباتات في اختلاف ألوانها وطعومها، وروائحها وأشكالها ومنافعها؛ ولهذا قال تعالى: {وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيجٍ} أي: حسن المنظر طيّب الرّيح). [تفسير ابن كثير: 5/ 395-398]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ} أي: الخالق المدبّر الفعّال لما يشاء، {وأنّه يحيي الموتى} [أي: كما أحيا الأرض الميتة وأنبت منها هذه الأنواع؛ {إنّ الّذي أحياها لمحيي الموتى}]، {إنّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} [فصّلت: 39] فـ {إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون} [يس: 82]). [تفسير ابن كثير: 5/ 398]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأنّ السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها} أي: كائنةٌ لا شكّ فيها ولا مرية، {وأنّ اللّه يبعث من في القبور} أي: يعيدهم بعد ما صاروا في قبورهم رممًا، ويوجدهم بعد العدم، كما قال تعالى: {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميمٌ. قل يحييها الّذي أنشأها أوّل مرّةٍ وهو بكلّ خلقٍ عليمٌ. الّذي جعل لكم من الشّجر الأخضر نارًا فإذا أنتم منه توقدون} [يس: 78 -80] والآيات في هذا كثيرةٌ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا بهز، حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: أنبأنا يعلى عن عطاءٍ، عن وكيع بن حدس، عن عمّه أبي رزين العقيليّ -واسمه لقيط بن عامرٍ -أنّه قال: يا رسول اللّه، أكلّنا يرى ربّه عزّ وجلّ يوم القيامة؟ وما آية ذلك في خلقه؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أليس كلّكم ينظر إلى القمر مخليا به؟ " قلنا: بلى. قال: "فاللّه أعظم". قال: قلت: يا رسول اللّه، كيف يحيي اللّه الموتى، وما آية ذلك في خلقه؟ قال: "أما مررت بوادي أهلك محلًا " قال: بلى. قال: "ثمّ مررت به يهتزّ خضرًا؟ ". قال: بلى. قال: "فكذلك يحيي اللّه الموتى، وذلك آيته في خلقه".
ورواه أبو داود وابن ماجه، من حديث حمّاد بن سلمة، به.
ثمّ رواه الإمام أحمد أيضًا: حدّثنا عليّ بن إسحاق، أنبأنا ابن المبارك، أنبأنا عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ، عن سليمان بن موسى، عن أبي رزين العقيلي قال: أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقلت: يا رسول اللّه، كيف يحيي اللّه الموتى؟ قال: "أمررت بأرضٍ من أرضك مجدبةً، ثم مررت بها مخصبةً؟ " قال: نعم. قال: "كذلك النّشور".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عبيس بن مرحومٍ، حدّثنا بكير بن أبي السّميط، عن قتادة، عن أبي الحجّاج، عن معاذ بن جبلٍ قال: من علم أنّ اللّه هو الحقّ المبين، وأنّ السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأنّ اللّه يبعث من في القبور -دخل الجنّة. [واللّه أعلم]).[تفسير ابن كثير: 5/ 398-399]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة