العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:09 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة يوسف

التفسير اللغوي لسورة يوسف

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 06:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 6]

{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)}

تفسير قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {الر تلك آيات الكتاب المبين}
المعنى هذه الآيات، تلك الآيات. " المبين " الذي وعدتم به في التوراة كما قال: {الم ذلك الكتاب} ). [معاني القرآن: 3/87]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قوله جل جلاله وتقدست أسماؤه: {آلر}
قال سعيد بن جبير عن ابن عباس أنا الله أرى
وقد تقدم شرح هذه الحروف
وقوله جل وعز: {تلك آيات الكتاب المبين}
أي هذه تلك الآيات والتي كنتم توعدون بها في التوراة). [معاني القرآن: 3/395]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّا أنزلناه قرآنا عربيّا لعلّكم تعقلون}
هذه الهاء تصلح لشيئين، أحدهما أن تكون للكتاب، المعنى إنا أنزلنا الكتاب قرآنا عربيا.
ومعنى {قرآنا} مجموع، ويجوز: أن يكون {إنا أنزلناه} أي أنزلنا خبر يوسف وقصته.
ويروى أن علماء اليهود قالوا. لكبراء المشركين: سلوا محمدا لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر، وعن قصة يوسف فقال اللّه عزّ وجلّ:{إنّا أنزلناه قرآنا عربيّا} ودليل هذا القول قوله - عزّ وجلّ -: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسّائلين}. [معاني القرآن: 3/87]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إنا أنزلناه قرءانا عربيا}
يجوز أن يكون المعنى إنا أنزلنا القرآن عربيا ويجوز أن يكون المعنى إنا أنزلنا خبر يوسف وهذا أشبه بالمعنى لأنه يروى أن اليهود قالوا سلوه لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر وعن خبر يوسف فأنزل الله جل وعز هذا بمكة موافقا لما في التوراة وفيه زيادة ليست عندهم فكأن هذا النبي إذ أخبرهم ولم يقرأ كتابا قط ولا هو في موضع كتاب بمنزلة إحياء عيسى عليه السلام الميت). [معاني القرآن: 3/396-395]

تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قول الله عزّ وجلّ: {بما أوحينا إليك هذا القرآن...}
{هذا القرآن} منصوب بوقوع الفعل عليه. كأنك قلت: بوحينا إليك هذا القرآن. ولو خفضت (هذا) و(القرآن) كان صواباً: تجعل (هذا) مكروراً على (ما) تقول: مررت بما عندك متاعك تجعل المتاع مردوداً على (ما) ومثله في النحل: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب} و(الكذب) على ذلك.
وقوله: {يا أبت} لا تقف عليها بالهاء وأنت خافض لها في الوصل؛ لأن تلك الخفضة تدلّ على الإضافة إلى المتكلّم. ولو قرأ قارئ (يا أبت) لجاز (وكان الوقف على الهاء جائزاً). ولم يقرأ به أحد نعلمه. ولو قيل: (يا أبت) لجاز الوقوف عليها (بالهاء) من جهة، ولم يجز من أخرى. فأمّا جواز الوقوف على الهاء فأن تجعل الفتحة فيها من النداء ولا تنوي أن تصلها بألف الندبة فكأنه كقول الشاعر:

* كليني لهمٍّ يا أميمة ناصب *
وأمّا الوجه الذي لا يجوز الوقف على الهاء فأن تنوي: يا أبتاه ثم تحذف الهاء والألف؛ لأنها في النّيّة متّصلة بالألف كاتّصالها في الخفض بالياء من المتكلّم). [معاني القرآن: 2/32-31]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {نحن نقصّ عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين}
وقال: {بما أوحينا إليك} يقول {نقصّ عليك} بوحينا {إليك هذا القرآن} وجعل (ما) اسما للفعل وجعل (أوحينا) صلة). [معاني القرآن: 2/48]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يخاطب الواحد بلفظ الجميع:
كقوله سبحانه: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} وأكثر من يخاطب بهذا الملوك، لأنّ من مذاهبهم أن يقولوا: نحن فعلنا. بقوله الواحد منهم يعني نفسه، فخوطبوا بمثل ألفاظهم. يقول الله عز وجل: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}، و{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}.
ومن هذا قوله عز وجل: {عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَإهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ}، وقوله: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ}، وقوله: {فَأْتُوا بِآَبَائِنَا} ).[تأويل مشكل القرآن: 294-293] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {نحن نقصّ عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين}
أي نبين لك أحسن البيان والقاصّ الذي يأتي بالقصة على حقيقتها.
{بما أوحينا إليك هذا القرآن} أي بوحينا إليك هذا القرآن.
القراءة نصب القرآن ويجوز الجر والرفع جميعا.
ولا أعلم أحدا قرأ بهما.
فأمّا الجر فعلى البدل من قوله: {بما أوحينا إليك} فيكون المعنى نحن نقص عليك أحسن القصص بهذا القرآن، ولا تقرأنّ بها.
والرفع على ترجمة ما أوحينا إليك، كأن قائلا قال: ما هو؟ وما هذا فقيل هذا القرآن، ولا تقرأنّ بها أيضا.
{وإن كنت من قبله لمن الغافلين} أي من الغافلين عن قصة يوسف وإخوته، لأنه عليه السلام إنما علم ذلك بالوحي). [معاني القرآن: 3/88-87]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {نحن نقص عليك أحسن القصص} أي نبين لك والقاص الذي يأتي بالقصة على حقيقتها
ثم قال جل وعز: {بما أوحينا إليك هذا القرآن} أي بوحينا
ثم قال وإن كنت من قبله لمن الغافلين
أي لمن الغافلين عن قصة يوسف لأنه لم يقرأ كتابا قبل ذلك وإنما علمها بالوحي). [معاني القرآن: 3/397-396]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وأمّا قوله: {إنّي رأيت أحد عشر كوكباً...}
فإن العرب تجعل العدد بين أحد عشر إلى تسعة عشر منصوباً في خفضه ورفعه. وذلك أنهم جعلوا اسمين معروفين واحداً، فلم يضيفوا الأوّل إلى الثاني فيخرج من معنى العدد.
ولم يرفعوا آخره فيكون بمنزلة بعلبكّ إذا رفعوا آخرها. واستجازوا أن يضيفوا (بعل) إلى (بكّ) لأن هذا لا يعرف فيه الانفصال من ذا، والخمسة تنفرد من العشرة والعشرة من الخمسة، فجعلوها بإعراب واحد؛ لأن معناهما في الأصل هذه عشرة وخمسة، فلمّا عدلا عن جهتهما أعطيا إعراباً واحداً في الصرف كما كان إعرابهما واحداً قبل أن يصرفا.
فأمّا نصب كوكب فإنه خرج مفسّراً للنوع من كل عدد ليعرف ما أخبرت عنه. وهو في الكلام بمنزلة قولك: عندي كذا وكذا درهماً. خرج الدرهم مفسراً لكذا وكذا؛ لأنها واقعة على كلّ شيء. فإذا أدخلت في أحد عشر الألف واللام أدخلتهما في أوّلها فقلت: ما فعلت الخمسة عشر. ويجوز ما فعلت الخمسة العشر، فأدخلت عليهما الألف واللام مرّتين لتوهّمهم انفصال ذا من ذا في حال. فإن قلت: الخمسة العشر لم يجز لأن الأوّل غير الثاني؛ ألا ترى أن قولهم: ما فعلت الخمسة الأثواب لمن أجازه تجد الخمسة هي الأثواب ولا تجد العشر الخمسة. فلذلك لم تصلح إضافته بألف ولام. وإن شئت أدخلت الألف واللام أيضاً في الدرهم الذي يخرج مفسراً فتقول: ما فعلت الخمسة العشر الدرهم؟.
وإذا أضفت الخمسة العشر إلى نفسك رفعت الخمسة. فتقول: ما فعلت الخمسة عشري؟: ورأيت خمسة عشري، (ومررت بخمسة عشري) وإنما عرّبت الخمسة لإضافتك العشر، فلمّا أضيف العشر إلى الياء منك لم يسقم للخمسة أن تضاف إليها وبينهما عشر فأضيفت إلى عشر لتصير اسماً، كما صار ما بعدها بالإضافة اسماً. سمعتها من أبي فقعس الأسديّ وأبي الهيثم العقيليّ: ما فعلت خمسة عشرك؟ ولذلك لا يصلح للمفسر أن يصحبهما؛ لأن إعرابيهما قد اختلفا. ب: اختلف، وإنما يخرج الدرهم والكوكب مفسراً لهما جميعاً كما يخرج الدرهم من عشرين مفسراً لكلّها. فإذا أضفت العشرين دخلت في الأسماء وبطل عنها التفسير. فخطأ أن تقول: ما فعلت عشروك درهماً، أو خمسة عشرك درهماً.
ومثله أنك تقول: مررت بضارب زيداً. فإذا أضفت الضارب إلى غير زيد لم يصلح أن يقع على زيد أبداً.
ولو نويت بخمسة عشر أن تضيف الخمسة إلى عشر في شعر لجاز، فقلت: ما رأيت خمسة عشرٍ قطّ خيراً منها، لأنك نويت الأسماء ولم تنو العدد. ولا يجوز للمفسّر أن يدخل ها هنا كما لم يجز في الإضافة؛
أنشدني العكليّ أبو ثروان:
كلّف من عنائه وشقوته=بنت ثماني عشرةٍ من حجتّه

ومن القرّاء من يسكّن العين من عشر في هذا النوع كلّه، إلاّ اثنا عشر. وذلك أنهم استثقلوا كثرة الحركات، ووجدوا الألف في (اثنا) والياء في (اثني) ساكنة فكرهوا تسكين العين وإلى جنبها ساكن (ولا يجوز تسكين العين في مؤنّث العدد لأن الشين من عشرة يسكن فلا يستقيم تسكين العين والشين معاً).
وأمّا قوله: {رأيتهم لي ساجدين} فإن هذه النون والواو إنما تكونان في جمع ذكران الجنّ والإنس وما أشبههم. فيقال: الناس ساجدون، والملائكة والجنّ ساجدون: فإذا عدوت هذا
صار المؤنّث المذكّر إلى التأنيث. فيقال: الكباش قد ذبّحن وذبّحت ومذبّحات. ولا يجوز مذبّحون. وإنما جاز في الشمس والقمر والكواكب بالنون والياء لأنهم وصفوا بأفاعيل الآدميين (ألا ترى أن السجود والركوع لا يكون إلاّ من الآدميين فأخرج فعلهم على فعال الآدميّين) ومثله {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا} فكأنهم خاطبوا رجالا إذا كلّمتهم وكلّموها.
وكذلك {يأيّها النّمل ادخلوا مساكنكم} فما أتاك مواقعاً لفعل الآدميين من غيرهم أجريته على هذا.
[قوله] (يا بنيّ) و(يا بنيّ) لغتان، كقولك: يا أبت ويا أبت لأن من نصب أراد النّدبة: يا أبتاه فحذفها.
وإذا تركت الهمزة من (الرؤيا) قالوا: الرّويا طلبا للهمزة. وإذا كان من شأنهم تحويل الهمزة: قالوا: لا تقصص ريّاك في الكلام، فأمّا في القرآن فلا يجوز لمخالفة الكتاب.
أنشدني أبو الجرّاح:

لعرض من الأعراض يمسي حمامه =ويضحى على أفنانه العين يهتف
أحبّ إلى قلبي من الديك ريّة =وبابٍ إذا ما مال للغلق يصرف
أراد: رؤية، فلمّا ترك الهمز وجاءت واو ساكنة بعدها ياء تحولتا ياء مشدّدة، كما يقال: لويته ليّا وكويته كيّا والأصل كويا ولويا. وإن أشرت إلى الضمّة قلت: ريّا فرفعت الراء فجائز.
وتكون هذه الضمّة مثل قوله (وحيل) (وسيق) وزعم الكسائيّ أنه سمع أعرابيّاً يقول {إن كنتم للرّيّا تعبرون} ). [معاني القرآن: 2/36-32]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إنّي رأيت أحد عشر كوكباً والشّمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}
وقال: {إنّي رأيت أحد عشر كوكباً والشّمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} فكرر الفعل وقد يستغني بأحدهما. وهذا على لغة الذين قالوا "ضربت زيداً ضربته" وهو توكيد مثل
{فسجد الملائكة كلّهم أجمعون} وقال بعضهم (أحد عشر) واسكن العين وكذلك {تسعة عشر} إلى العشرين لما طال الاسم وكثرت متحركاته اسكنوا. ولم يسكنوا في قولهم "اثني عشر" و"اثنتا عشرة" للحرف الساكن الذي قبل العين وحركة العين في هذا كله هو الأصل.
وأمّا قوله: {رأيتهم لي ساجدين} فإنه لما جعلهم كمن يعقل في السجود والطواعية جعلهم كالإنس في تذكيرهم إذا جمعهم كما قال: {علّمنا منطق الطّير}.
وقال الشاعر:
صدّها منطق الدّجاج عن القصد = وضرب الناقوس فاجتنبا
وقال: {يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم} إذا تكلمت نملة فصارت كمن يعقل وقال: {في فلكٍ يسبحون} لما جعلهم يطيعون شبههم بالإنس مثل ذلك {قالتا أتينا طائعين} على هذا القياس إلا أنه ذكر وليس مذكرا كما يذكر بعض المؤنث. وقال قوم: إنما قال: {طائعين} لأنهما أتتا وما فيهما فتوهم بعضهم "مذكّرا" أو يكون كما قال: {وسأل القرية} وهو يريد أهلها. وكما تقول "صلى المسجد" وأنت تريد أهل المسجد إلاّ أنّك تحمل الفعل على الآخر، كما قالوا: "اجتمعت أهل اليمامة" وقال: {ومن آياته اللّيل والنّهار والشّمس والقمر لا تسجدوا للشّمس ولا للقمر واسجدوا للّه الّذي خلقهنّ} لأن الجماعة من غير الإنس مؤنثة. وقال بعضهم "للّذي خلق الآيات" ولا أراه قال ذلك إلا لجهله بالعربية.
قال الشاعر:
إذ أشرف الديك يدعوا بعض أسرته = إلى الصياح وهم قومٌ معازيلٌ
فجعل "الدجاج" قوما في جواز اللغة.
وقال الآخر وهو يغني الذيب:
وأنت امرؤٌ تعدو على كلّ غرّةٍ = فتخطئ فيها مرّةً وتصيب
وقال الآخر:
فصبّحت والطّير لم تكلّم = جابيةً طمّت بسيلٍ مفعم).
[معاني القرآن: 2/49-48]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إنّي رأيت أحد عشر كوكبا والشّمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}
يجوز أن يكون موضع " إذ " نصبا.
المعنى نقصّ عليك إذ قال يوسف لأبيه ويجوز أن يكون على معنى اذكر إذ قال يوسف لأبيه.
{يا أبت إنّي}.
في قوله: {يا أبت إنّي} قراءتان: (يا أبت إنّي)، (يا أبت إنّي) – بالخفض والنصب. وأجاز بعض أهل العربية يا أبة إنّي.
فمن قرأ (يا أبت إنّي) - بكسر التاء - فعلى الإضافة إلى نفسه وحذف الياء، لأن ياء الإضافة تحذف في النداء، وقد ذكر ذلك فيما سلف من الكتاب، وأما إدخال التأنيث في الأب فإنما دخلت في النداء خاصة، والمذكر قد سمّي باسم لمؤنث فيه علامة التأنيث، ويوصف بما فيه هاء التأنيث.
فأما المذكر الذي يسمى بمؤنث فقولهم عين ونفس يراد به الرجل.
وأما الصّفة فقولهم غلام يفعة، ورجل ربعة.
والتاء كثرت ولزمت في الأب عوضا من تاء الإضافة.
والوقف عليها يا أبه وإن كانت في المصحف بالتاء.
وزعم الفراء أنك إذا كسرت وقفت بالتاء لا غير، وإذا فتحت وقفت بالتاء والهاء، ولا فرق بين الكسر والفتح.
وزعم قطرب أن الفتح على جهات:
إحداها أنك أردت يا أبة ثم حذفت التنوين، وعلى يا أبتاه وعلى قولٍ قولُ الطرماح.
يا دار أقوت بعد أصرامها= عاما وما يبكيك من عامها
وهذا الذي قاله قطرب خطأ كله.
التنوين لا يحذف من المنادى المنصوب، لأن النصب إعراب المنادى، ولا يجوز معرب منصرف غير منون في حال النصب وأما قوله: يا دار أقوت، بنصب الدار - فلم يروه أحد من أصحابنا ولا أعرف له وجها.
أنشد سيبويه والخليل وجميع البصريين يا دار أقوت، بضم الراء.
وأما يا أبتاه، فالنّدبة ههنا - لا معنى لها.
ولكن الفتح يجوز على أنه أبدل من تاء الإضافة ألفا ثم حذف الألف وبقيت الفتحة، كما تحذف بالإضافة.
وأمّا " يا أبة إني " بالرفع فلا يجوز إلا على ضعف، لأن الهاء ههنا جعلت بدلا من ياء الإضافة.
{إني رأيت أحد عشر كوكبا}.
القراءة بفتح العين وفتح جميع الحروف في أحد عشر.
وقد روي بتسكين العين في القراءة: (أحد عشر كوكبا " قرأ بها بعض أهل المدينة وهي غير منكرة ما كان قبل العين حرف متحرك لكثرة الحركات في قوله أحد عشر فأمّا اثنا عشر فلا يجوز فيها. الإسكان في العين.
وقد رويت لغة أخرى وهي، أحد عشر وهذه الرواية في الرداءة وترك الاستعمال بمنزلة الحمد للّه، لا يلتفت إليها.
فأمّا التسكين في العين فقراءة صحيحة كثيرة ولكنّ سيبويه والخليل وجميع أصحابهم لا يجيزون إلا فتح العين، إلّا أن قطربا قد روى إسكان العين ورواه الفراء أيضا، وقد قرئ به.
فأمّا ما لا اختلاف فيه ففتح العين.
و{كوكبا} منصوب على التمييز.
{والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}.
فكرر رأيتهم توكيدا، المعنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر لي ساجدين فكرر (رأيتهم) لما طال الكلام.
فأمّا قوله {ساجدين} فحقيقته فعل كلّ ما يعقل، وجمعه وجمع ضميره بالواو والنون في الرفع، والياء والنون في النصب والجر.
فإذا وصف غير الناس والملائكة بأنه يعبد ويتكلم فقد دخل في المميزين وصار الإخبار عنه كالإخبار عنهم.
فمن ذلك قوله: {قالت نملة يا أنها النمل ادخلوا مساكنكم}
وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}
وقال: {وكل في فلك يسبحون}.
فالواو والنون دخلتا لما وصفنا من دخولهم في التمييز، والألف والتاء والنون لكل مؤنث ولكل موات لا يعقل غير المميزين، فإذا جعل اللّه عزّ وجل غير المميزة كالمميزة فكذلك تكون أفعالها والأنباء عنها). [معاني القرآن: 3/91-88]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل ذكره: {إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}
قال قتادة والضحاك وهذا لفظ قتادة الأحد عشر كوكبا إخوته والشمس والقمر أبوه وأمه
قال معمر وقال غير قتادة أبوه وخالته
وقال غيره أول لأحد عشر كوكبا أحد عشر رجلا يستضاء بهم كما يستضاء بالكواكب وأول القمر أباه وأول الشمس أمه أو خالته
وقال عبد الله بن شداد بن الهاد كان تفسير رؤيا يوسف بعد أربعين سنة وذلك منتهى الرؤيا). [معاني القرآن: 3/397]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال يا بنيّ لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً إنّ الشّيطان للإنسان عدوٌّ مّبينٌ}
وقال: {فيكيدوا لك كيداً} أي: فيتخذوا لك كيدا. وليست مثل {إن كنتم للرّؤيا تعبرون}. أراد أن يوصل الفعل إليها باللام كما يوصل بـ"إلى" كما تقول: "قدّمت له طعاماً" تريد: "قدّمت إليه".
وقال: {يأكلن ما قدّمتم لهنّ} ومثله {قل اللّه يهدي للحقّ} وإن شئت كان {فيكيدوا لك كيداً} في معنى "فيكيدوك" وتجعل اللام مثل {لربّهم يرهبون}
وقوله: {لربّهم يرهبون} إنّما هو: "لمكان ربّهم يرهبون"). [معاني القرآن: 2/50-49]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فيكيدوا لك كيداً} أي يحتالوا لك ويغتالوك). [تفسير غريب القرآن: 212]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا} أي فيحتالوا عليك). [معاني القرآن: 3/398]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فيكيدوا لك كيدا} أي يحتالوا ويغتالوك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 111]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وكذلك يجتبيك ربّك...}
جواب لقوله: {إنّي رأيت أحد عشر كوكباً} فقيل له: وهكذا يجتبيك ربّك. كذلك وهكذا سواء في المعنى. ومثله في الكلام أن يقول الرجل قد فعلت اليوم كذا وكذا من الخير فرأيت عاقبته محمودة، فيقول له القائل: هكذا السعادة، هكذا التوفيق و{كذلك} يصلح فيه. و{يجتبيك} يصطفيك). [معاني القرآن: 2/36]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وكذلك يجتبيك ربّك} أي يختارك.
{وعلى آل يعقوب} أي على أهل يعقوب، والدليل على ذلك إنك إذا صغرت آل قلت أهيل، وعلى أهل ملته أيضاً). [مجاز القرآن: 1/302]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يجتبيك ربك}: يختارك). [غريب القرآن وتفسيره: 180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وكذلك يجتبيك ربّك} أي يختارك.
{ويعلّمك من تأويل الأحاديث} أي من تفسير غامضها، وتفسير الرؤيا). [تفسير غريب القرآن: 212]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وكذلك يجتبيك ربّك ويعلّمك من تأويل الأحاديث ويتمّ نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمّها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إنّ ربّك عليم حكيم}
معناه يختارك ويصطفيك، وهو مشتق من جبيت الشيء إذا حصلته لنفسك، ومنه جبيت الماء في الحوض.
وموضع الكاف في قوله " كذلك "
نصب، المعنى ومثل ما رأيت تأويله، {يجتبيك ربّك ويعلّمك من تأويل الأحاديث}
قيل يعلمك تأويل الرؤيا وقيل يعلمك تأويل أحاديث الأنبياء والأمم، يعني الكتب وكلاهما جائز - واللّه أعلم -.
{ويتمّ نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمّها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق}.
المعنى يتمها كما أتمها على أبويك، فقد فسّر له يعقوب الرؤيا.
والتأويل أنه لما قال له إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين، فتأوّل الأحد عشر كوكبا أحد عشر نفسا لهم فضل وأنهم يستضاء بهم، لأنّ الكواكب لا شيء أضوأ منها وبها يهتدى.
قال اللّه جلّ وعزّ: {وبالنّجم هم يهتدون}.
فتأول الشمس والقمر أبويه. فالقمر الأب والشمس الأم والأخذ عشر كوكبا إخوته، فتأوّل له أنه يكون نبيّا، وأن إخوته يكونون أنبياء لأنه أعلمه أن اللّه يتمّ نعمته عليه وعلى إخوته كما أتمّها على أبويه إبراهيم وإسحاق، فإتمام النعمة عليهم أن يكونوا أنبياء إذ قال:{كما أتمّها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق}.
وقوله: {لا تقصص رؤياك على إخوتك}.
الرؤيا فيها أربع لغات " رؤيا بالهمز، ورويا بالواو بلا همز، وهاتان يقرأ بهما وريّاك بالإدغام، وريّاك بكسر الراء - ولا تقرأ بهاتين.
ويوسف فيه لغتان، يوسف بضم السّين ويوسف بكسر السّين وكذلك يونس، ويونس. وحكوا يونس بفتح النون، حكاها قطرب وهي شاذة). [معاني القرآن: 3/92-91]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكذلك يجتبيك ربك}
أي يختارك وأصله من جبيت الشيء أي حصلته ومنه جبيت الماء في الحوض
ثم قال جل وعز: {ويعلمك من تأويل الأحاديث}
قال مجاهد أي تأويل الرؤيا
وقال غيره أي أخبار الأمم
ثم قال جل ذكره: {ويتم نعمته عليك}
فأخبره أنه يكون نبيا لأنه قال كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق). [معاني القرآن: 3/398]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يجتبيك} أي يختارك.
{تأويل الأحاديث} أي تفسير الرؤيا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 111]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَجْتَبِيكَ}: يختارك). [العمدة في غريب القرآن: 159]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 06:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 7 إلى 22]

{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10) قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)}

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {آياتٌ للسّائلين} أي مواعظ لمن سأل). [تفسير غريب القرآن: 212]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسّائلين}
{آيات للسّائلين} وقرئت آية. ومعناه عبرة، وقد رويت في غير هذا المصحف عبرة للسائلين، وهذا معنى الآية.
ويجوز أن تكون " آية " بصيرا للسائلين الذين سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنبأهم بقصة يوسف.
وهو عنها غافل لم يقرأ كتابا ولم يأته إلا من جهة الوحي جوابا لهم: حين سألوا). [معاني القرآن: 3/93-92]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين}
قيل بصيرة
وقيل أي عبرة
وروي أنها في بعض المصاحف عبرة للسائلين). [معاني القرآن: 3/399]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ونحن عصبةٌ...}
والعصبة: عشرة فما زاد). [معاني القرآن: 2/36]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونحن عصبةٌ} أي جماعة. يقال: العصبة من العشرة إلى الأربعين). [تفسير غريب القرآن: 212]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إذ قالوا ليوسف وأخوه أحبّ إلى أبينا منّا ونحن عصبة إنّ أبانا لفي ضلال مبين}
أي: إنّ أبانا قدّم اثنين صغيرين في المحبّة علينا، ونحن عصبة، أي جماعة نفعنا أكثر من نفع هذين.
{إنّ أبانا لفي ضلال مبين} هذا موضع ينبغي أن يتفهّم، إنما عنوا أن أباهم ضالّ في محبّة هذين ولو وصفوه بالضلالة في الدين كانوا كفارا.
والعصبة في كلام العرب العشيرة ونحوهم). [معاني القرآن: 3/93]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة} أي جماعة
وقال بعض أهل اللغة العصبة العشرة إلى الأربعين
ثم قال جل وعز: {إن أبانا لفي ضلال مبين} أي ضل في محبة يوسف لا في دينه). [معاني القرآن: 3/399]

تفسير قوله تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم...}
جواب للأمر ولا يصلح الرفع في (يخل) لأنه لا ضمير فيه. ولو قلت: أعرني ثوباً ألبس لجاز الرفع والجزم لأنك تريد: ألبسه فتكون رفعاً من صلة النكرة.
والجزم على أن تجعله شرطاً). [معاني القرآن: 2/36]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوماً صالحين}
وقال: {أو اطرحوه أرضاً يخل لكم} وليس الأرض ههنا بظرف. ولكن حذف منها "في" ثم أعمل فيها الفعل كما تقول "توجّهت مكّة"). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يخل لكم وجه أبيكم} أي يفرغ لكم من الشغل بيوسف.
{وتكونوا من بعده} أي من بعد إهلاكه {قوماً صالحين} أي تائبين). [تفسير غريب القرآن: 212]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين}
{وتكونوا من بعده قوما صالحين} أي تتوبون من بعد قتله.
وقوله: {أو اطرحوه أرضا} معناه - والله أعلم - أرضا يبعد بها عن أبيه لأنّه لن يخلو من أن يكون في أرض.
قوله: {يخل لكم وجه أبيكم} يدل على أنّهم تآمروا في أن يطرحوه في أرض لا يقدر عليه فيها أبوه و(أرضا) منصوب على إسقاط (في) وإفضاء الفعل إليها.
لأن (أرضا) ليست من الظروف المبهمة). [معاني القرآن: 3/93]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا}
فيه حذف والمعنى أو اطرحوه أرضا يبعد فيها عن أبيكم
ودل على هذا الحذف يخل لكم وجه أبيكم أي يفرغ لكم وتكونوا من بعده أي تكونوا من بعد إهلاكه قوما صالحين أي تائبين). [معاني القرآن: 3/400-399]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يخل لكم} أي يفرغ لكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 111]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {وألقوه في غيابة الجبّ...} واحدة.
وقد قرأ أهل الحجاز (غيابات) على الجمع {يلتقطه بعض السّيّارة} قرأه العامّة بالياء لأن (بعض) ذكر وإن أضيف إلى تأنيث.
وقد قرأ الحسن- فيما ذكر عنه -ب: ذكروا (تلتقطه) بالتاء وذلك أنه ذهب إلى السّيارة والعرب إذا أضافت المذكّر إلى المؤنّث وهو فعل له أو هو بعض له قالوا فيه بالتأنيث والتذكير.
وأنشدونا:

على قبضة موجوءة ظهر كفّه = فلا المرء مستحي ولا هو طاعم
ذهب إلى الكفّ وألغى الظهر لأن الكف يجزيء من الظهر فكأنه قال: موجوءة كفّه
وأنشدني العكلي أبو ثروان:
أرى مرّ السنين أخذن مني =كما أخذ السّرار من الهلال
وقال ابن مقبل:
قد صرّح السير عن كتمان وابتذلت = وقع المحاجن بالمهريّة الذقن
أراد: وابتذلت المحاجن وألغى الوقع.
وأنشدني الكسائيّ:
إذا مات منهم سيّد قام سيّد = فدانت له أهل القرى والكنائس
ومنه قول الأعشى:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته =كما شرقت صدر القناة من الدّم
وأنشدني يونس البصريّ:
لمّا أتى خبر الزبير تهدّمت =سور المدينة والجبال الخشّع
وإنما جاز هذا كلّه لأن الثاني يكفى من الأوّل؛ ألا ترى أنه لو قال: تلتقطه السيّارة لجاز وكفى من (بعض) ولا يجوز أن يقول: قد ضربتني غلام جاريتك؛ لأنك لو ألقيت الغلام لم تدلّ الجارية على معناه). [معاني القرآن: 2/37-36]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {في غيابة الجبّ} مجازها: أن كل شيء (غيّب عنك شيئاً) فهو غيابة، قال المنخّل بن سبيع العنبريّ:
فإن أنا يوماً غيّبتني غيابتي= فسيروا مسيري في العشيرة والأهل
والجب: الركيّة التي لم تطو،
قال الأعشى:
لئن كنت في جبّ ثمانين قامةً= ورقّيت أسباب السماء بسلّم).
[مجاز القرآن: 1/302]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {غيابت الجب}: الجب الركبة التي لم تطو. وكل شيء غيب عنك شيئا فهو غيابه). [غريب القرآن وتفسيره: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجبّ يلتقطه بعض السّيّارة إن كنتم فاعلين}
الغيابة كل ما غاب أو غيب عنك شيئا،
قال المنخل:
وإن أنا يوما غيبتني منيّتي= فسيري بسيري في العشيرة والأصل
والجب البئر التي ليست بمطويّة، وسمّيت جبّا من أنها قطعت قطعا.
ولم يحدث فيها غير القطع، من طيّ وما أشبهه.
ورووا أن اسم الذي أشار عليهم بألّا يقتلوه يهوذا، وكان من أشدهم.
{يلتقطه بعض السّيّارة}.
هذا أكثر القراءة - بالياء - وقرأ الحسن تلتقطه بالتاء، وأجاز ذلك جميع النحويين، وزعموا أن ذلك إنما جاز لأن بعض السيارة سيّارة، فكأنّه قال: تلتقطه سيّارة بعض السّيّارة.
وأنشدوا:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته= كما شرقت صدر القناة من الدم).
[معاني القرآن: 3/94-93]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب}
الغيابة عند أهل اللغة كل ما غيب عنك والجب البئر التي ليس بمطوية
ويروى أن الجب ههنا بئر بيت المقدس وهي من جبيت أي قطعت كأنها قطعت ولم يحدث فيها شيء بعد القطع
قال الضحاك الذي قال لهم لا تقتلوا يوسف هو الذي قال فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي وهو أكبرهم وقال غيره هو يهوذا وكان أشدهم). [معاني القرآن: 3/400]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غَيَابَةِ الْجُبِّ}: أسفل ما غاب عنك البئر الذي لا يطوى). [العمدة في غريب القرآن: 159]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا تأمنّا...}
تشير إلى الرفعة، وإن تركت فصواب، كلٌّ قد قرئ به؛ وقد قرأ يحيى بن وثّاب: (تيمنّا) ). [معاني القرآن: 2/38]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنّا على يوسف وإنّا له لناصحون}
{ما لك لا تأمنّا على يوسف}.
قرئت على أربعة أوجه، على إشمام الميم الضّمّ - تأمننا، وعلى الإدغام وترك الإشمام، (تأمنّا)، وقرئت (تأمننا) بنونين وضمة بينهما.
وقرأ يحيى ابن وثّاب تيمنّا.
وقراءة يحيى تخالف المصحف، وهي في العربية جائزة بكسر التاء في كل ما ماضيه على فعل نحو أمن - يا هذا - والإدغام لأن الحرفين من جنس واحد
والإشمام يدل على الضّمّة المحذوفة، وترك الإشمام جيّد، لأن الميم مفتوحة فلا تغيّر، والإظهار في " تأمننا " جيّد، لأن النونين من كلمتين). [معاني القرآن: 3/95-94]

تفسير قوله تعالى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يرتع ويلعب...}
من سكّن العين أخذه من القيد والرّتعة وهو يفعل حينئذ ومن قال (يرتع ويلعب) فهو يفتعل من رعيت، فأسقط الياء للجزم). [معاني القرآن: 2/38]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {نرتع ونلعب} أي ننعم ونلهو وقال في المثل: (القيد والرّتعة) وقرأها قوم يرتع أي غبلنا، ونرتع نحن إبلنا) [مجاز القرآن: 1/303]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {نرتع}: نلهو). [غريب القرآن وتفسيره: 180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يرتع} بتسكين العين: يأكل. يقال: رتعت الإبل، إذا رعت. وأرتعتها: إذا تركتها ترعى.[تفسير غريب القرآن: 212]
ومن قرأ: (نرتع) بكسر العين - أراد: نتحارس ويرعى بعضنا بعضا، أي: يحفظ. ومنه يقال: رعاك اللّه، أي حفظك). [تفسير غريب القرآن: 213]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -: {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنّا له لحافظون}
{غدا يرتع ويلعب} بالياء، وقرئت (نرتع ونلعب) بالنون، وقرئت يرتع ويلعب - بضم الياء - وقرئت نرتع ونلعب. فجزم هذه القراءات. كلّها على جواب الأمر.
المعنى أرسله إن ترسله يرتع، وكذلك يرتع، وكذلك يرتع ويلعب - بكسر العين -.
وكسر العين من الرعي، المعنى يرتعي ويلعب، كأنهم قالوا يرعى ماشيته ويلعب، فيجتمع النفع والسرور، ويرتع من الرتعة، أي يتسع في الخصب، وكل مخصب فهو راتع). [معاني القرآن: 3/95]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أرسله معنا غدا نرتع ونلعب}
روى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد وورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أي نتحافظ ونتكالأ
وزاد ابن أبي نجيح في روايته ونتحارس
قال هارون سألت أبا عمرو بن العلاء رحمه الله كيف قالوا ونلعب وهم أنبياء فقال لم يكونوا يومئذ أنبياء
ومن قرأ يرتع ويلعب بالياء فمعناه عندي يرعى الإبل يقال رعى وارتعى بمعنى واحد وهذه قراءة أهل المدينة
وروي عن مجاهد نرتع بالنون وكسر التاء يقال ارتع صاحبه وإبله فرتعت أي أقامت في المرتع والله أعلم بما أراد
وقرأ أهل الكوفة يرتع ويلعب بإسكان العين ومعناه يتسع في الخصب ويأكل ويقال رتعت الإبل إذا رعت كيف شاءت وكذا غيرها وأرعيتها تركتها ترعى ويقال فلان راتع أي مخصب ومنه:
ترتع ما غفلت حتى إذ ادكرت = فإنما هي إقبال وإدبار
وكذا معنى نرتع بفتح النون وإسكان العين وهي قراءة أبي عمرو وأهل مكة
وروى سعيد عن قتادة قال نرتع ننشط ونلهو وهو كمعنى الأول
وأما حجة أبي عمرو أنهم لم يكونوا يومئذ أنبياء فلا يحتاج إلى ذلك لأنه ليس باللعب الصاد عن ذكر الله جل وعز
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا بكرا تلاعبها وتلاعبك). [معاني القرآن: 3/402-401]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نرتع} من أسكن العين أراد: نأكل، ومن كسر العين فمعناه يحرس بعضنا بعضا، ومنه رعاك الله: أي حفظك الله).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 111]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نرْتَعْ}: نلهوا). [العمدة في غريب القرآن: 159]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا لئن أكله الذّئب ونحن عصبةٌ إنّا إذا لّخاسرون}
وقال: {ونحن عصبةٌ} و"العصبة" و"العصابة" جماعة ليس لها واحد كـ"القوم" و"الرّهط"). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ونحن عصبة} أي جماعة. ويقال: العصبة: من العشرة إلى الأربعين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 112]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و{الجبّ}: الرّكيّة التي لم تطو بالحجارة. فإذا طويت: فليست بجبّ). [تفسير غريب القرآن: 213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(واو النّسق) قد تزاد حتى يكون الكلام كأنه لا جواب له، كقوله:
{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} والمعنى: قال لهم خزنتها.
وقوله: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ} ). [تأويل مشكل القرآن: 253-252] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلمّا ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجبّ وأوحينا إليه لتنبّئنّهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون}
{وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجبّ}.
وقرئت غيابات الجبّ، وقد فسرنا الجبّ.
وجاء في التفسير أنها بئر بيت المقدس.
{وأوحينا إليه لتنبّئنّهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون}.
هذا جائز أن يكون من صلة لتنبّئنّهم وهم لا يشعرون.
وجائز أن يكون من صلة " وأوحينا " المعنى: وأوحينا إليه وهم لا يشعرون - أي أنبأناه بالوحي وهم لا يشعرون أنه نبيّ قد أوحي إليه). [معاني القرآن: 3/95]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأوحينا إليه لتنبئهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون}
يجوز أن يكون المعنى وأوحينا إليه في الجب وهم لا يشعرون بذلك الوحي هذا قول قتادة
ويجوز أن يكون المعنى لتخبرنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون). [معاني القرآن: 3/403-402]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وجاءوا أباهم عشاء يبكون}
{عشاء} منصوب على الظرف.
{إنا ذهبنا نستبق} وقيل ننتضل). [معاني القرآن: 3/95]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وما أنت بمؤمنٍ لنا} أي بمصدق ولا مقرّ لنا أنه صدق). [مجاز القرآن: 1/303]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وما أنت بمؤمن}: بمصدق). [غريب القرآن وتفسيره: 181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّا ذهبنا نستبق} أي ننتضل، يسابق بعضنا بعضا في الرمي. يقال: سابقته فسبقته سبقا.
والخطر هو: السّبق بفتح الباء.{وما أنت بمؤمنٍ لنا} أي بمصدّق لنا). [تفسير غريب القرآن: 213]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا يا أبانا إنّا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذّئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنّا صادقين}
{فأكله الذّئب وما أنت بمؤمن لنا} أي بمصدّق لنا.
{ولو كنّا صادقين} ليس يريدون أنّ يعقوب - عليه السلام - لا يصدّق من يعلم أنه صادق، هذا محال، لا يوصف الأنبياء بذلك، ولكن المعنى: لو كنا عندك من أهل الثقة والصدق لاتهمتنا في يوسف لمحبّتك إيّاه، وظننت أنا قد كذبناك). [معاني القرآن: 3/96]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل ذكره: {قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق} أي ننتضل
والمعنى نستبق في الرمي
وقوله جل وعز: {وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين} أي قد اتهمتنا ووقع بقلبك أنا لا نصدق فأنت لا تصدقنا). [معاني القرآن: 3/403]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بمؤمن لنا} أي بمصدق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 112]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِمُؤْمِنٍ لِّنَا}: بمصدق لنا). [العمدة في غريب القرآن: 159]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وجاءوا على قميصه بدمٍ كذبٍ...}
معناه: مكذوب: والعرب تقول للكذب. مكذوب وللضعف: مضعوف، وليس له عقد رأى ومعقود رأىٍ؛ فيجعلون المصدر في كثير من الكلام مفعولاً. ويقولون: هذا أمر ليس له معني يريدون معنىً، ويقولون للجلد: مجلود؛
قال الشاعر:
* إن أخا المجلود من صبرا *
وقال الآخر:
حتّى إذا لم يتركوا لعظامه=لحماً ولا لفؤاده معقولا

وقال أبو ثروان: إنّ بني نمير ليس لحدّهم مكذوبة ومعنى قوله {بدمٍ كذبٍ} أنهم قالوا ليعقوب: أكله الذئب. وقد غمسوا قميصه في دم جدي. فقال: لقد كان هذا الذئب رفيقاً بابني، مزّق جلده ولم يمزق ثيابه.
قال: وقالوا: اللصوص قتلوه، قال: فلم تركوا قميصه! وإنما يريدون الثياب. فلذلك قيل (بدمٍ كذبٍ) ويجوز في العربيّة أن تقول: جاءوا على قميصه بدم كذباً؛ كما تقول: جاءوا بأمرٍ باطل وباطلا، وحق وحقاً.
وقوله: {فصبرٌ جميلٌ} مثل قوله: {فصيام ثلاثة أيّامٍ} {فإمساكٌ بمعروفٍ} ولو كان: فصبرا جميلاً يكون كالآمر لنفسه بالصبر لجاز. وهي في قراءة أبيّ (فصبرا جميلاً) كذلك على النصب بالألف). [معاني القرآن: 2/39-38]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سوّلت لكم أنفسكم} أي زّينت وحسّنت، وتابعتكم على ذلك.
{فصبرٌ جميلٌ} مرفوعان لأن جميل صفة للصبر ولو كان الصبر وحده لنصبوه كقولك: صبراً، لأنه في موضع: اصبر، وغذا وصفوه رفعوه واستغنوا عن موضع: اصبر،
قال الراجز:
يشكو إلىّ جملى طول السّرى= صبرٌ جميلٌ فكلانا مبتلى
[مجاز القرآن: 1/303]
قال أبو الحسن الأثرم: سمعت من ينشد: صبراً جميل أرد نداء يا جميل). [مجاز القرآن: 1/304]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وجاءوا على قميصه بدمٍ كذبٍ قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً فصبرٌ جميلٌ واللّه المستعان على ما تصفون}
وقال: {بدمٍ كذبٍ} فجعل "الدّم" "كذباً" لأنه كذب فيه كما تقول "الليلة الهلال" فترفع وكما قال: {فما ربحت تّجارتهم} ). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {سولت لكم}: زينت). [غريب القرآن وتفسيره: 181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجاءوا على قميصه بدمٍ كذبٍ} أي مكذوب به.
{قال بل سوّلت} أي زينت. وكذلك «سور لهم الشيطان أعمالهم» أي زيّنها). [تفسير غريب القرآن: 213]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل واللّه المستعان على ما تصفون}
يروى أنهم - رحمة " اللّه عليهم - لمّا طرحوا يوسف عليه السلام في الجبّ أخذوا قميصه وذبحوا جديا فلطخوا القميص بدم الجدي.
وقيل سخلة.
والمعنى واحد، فلما رأى يعقوب - صلى الله عليه وسلم - القميص قال: كذبتم، لو أكله الذئب لخرق قميصه.
وقيل إنه قال إن كان هذا الذئب لحليما، أشفق على القميص فلم يمزقه، وأكل ابني فالدّم دم كذب، أي ذو كذب، والمعنى دم مكذوب
{قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا} أي بل زيّنت أنفسكم أمرا في قصة يوسف
{فصبر جميل} معناه صبر لا جزع فيه ولا شكوى إلى النّاس.
وصبر جميل مرفوع على ضربين:
المعنى فشأني صبر جميل، والذي أعتقده صبر جميل، ويجوز أن يكون على " فصبري صبر جميل "
وهذا لفظ قطرب: فصبري صبر جميل.
والأول مذهب الخليل وجميع أصحابه.
ويجوز في غير القرآن فصبرا جميلا.
وأنشدوا في الرفع:
شكا إليّ جملي طول السّرى= يا جملي ليس إليّ المشتكى
صبر جميل فكلانا مبتلى وصبرا جميلا منصوب على مثل {فاصبر صبرا جميلا} ). [معاني القرآن: 3/97-96]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وجاءوا على قميصه بدم كذب}
روى إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال كان دم سخلة
وروى سفيان عن سمأل عن عكرمة عن ابن عباس قال لما نظر إليه قال كذبتم لو أكله الذئب لخرق القميص
وقال الحسن لما نظر إلى الدم ولم ير في القميص شقا ولا خرقا قال ما عهد بالذئب حليما
والمعنى بدم ذي كذب أي مكذوب فيه
ثم قال جل وعز: {بل سولت لكم أنفسكم أمرا} أي زينت
ثم قال جل وعز: {فصبر جميل} ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصبر الجميل فقال هو الذي لا شكوى معه
والمعنى عند أهل النظر الذي لا شكوى معه بغير رضى بقضاء الله فإذا كانت الشكوى إلى الله جل وعز كما قال: {إني مسني الضر} و:{إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}
أو كانت برضى فصاحبها صابر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في علته بل أنا وارأساه). [معاني القرآن: 3/405-403]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَوَّلَتْ}: زينت). [العمدة في غريب القرآن: 159]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا بشرى هذا غلامٌ...}
و{يا بشراي} بنصب الياء، وهي لغة في بعض قيس. وهذيلٌ: يا بشريّ. كل ألف أضافها المتكلم إلى نفسه جعلتها ياء مشدّدة.
أنشدني القاسم بن معن:
تركوا هويّ وأعنقوا لهواهم = ففقدتهم ولكل جنب مصرع
وقال لي بعض بني سليم: آتيك بموليّ فإنه أروى منّي. قال:
أنشدني المفضّل:

يطوّف بي عكبّ في معدّ =ويطعن بالصملّة في قفيّا
فإن لم تثأروا لي من عكبّ =فلا أرويتما أبداً صديّا
ومن قرأ (يا بشرى) بالسكون فهو كقولك: يا بني لا تفعل، يكون مفرداً في معنى الإضافة. والعرب تقول: يا نفس اصبري ويا نفس اصبري وهو يعني نفسه في الوجهين و(يا بشراي) في موضع نصب. ومن قال: يا بشريّ فأضاف وغيّر الألف إلى الياء فإنه طلب الكسرة التي تلزم ما قبل الياء من المتكلّم في كل حال؛ ألا أنك تقول: هذا غلامي فتخفض الميم في كل جهات الإعراب فحطّوها إذا أضيفت إلى المتكلّم ولم يحطّوها عند غير الياء في قولك: هذا غلامك وغلامه؛ لأن (يا بشرى) من البشارة والإعراب يتبيّن عند كل مكنّي إلاّ عند الياء.
وقوله: {وأسرّوه بضاعةً} ذلك أن الساقي الذي التقطه قال للذين كانوا معه: إن سألكم أصحابكم عن هذا الغلام فقولوا: أبضعناه أهل الماء لنبيعه بمصر). [معاني القرآن: 2/39-40]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وجاءت سيّارةٌ فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلامٌ وأسرّوه بضاعةً واللّه عليمٌ بما يعملون}
وقال: {وجاءت سيّارةٌ فأرسلوا واردهم} فذكّر بعدما أنّث لأنّ "السيّارة" في المعنى للرجال). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجاءت سيّارةٌ}: قوم يسيرون.
{فأرسلوا واردهم} أي وارد الماء ليستقي لهم.
{فأدلى دلوه} أي أرسلها. يقال: أدلى دلوه، إذا أرسلها للاستقاء.
ودلى يدلو: إذا جذبها ليخرجها.
{قال يا بشرى هذا غلامٌ} وذلك: أن يوسف تعلّق بالحبل حين أدلاه، أي أرسله.
{وأسرّوه} أي أسرّوا في أنفسهم أنه بضاعة وتجارة). [تفسير غريب القرآن: 214]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وجاءت سيّارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسرّوه بضاعة واللّه عليم بما يعملون}
الوارد الذي يرد الماء ليسقي للقوم.
{فأدلى دلوه}.
يقال: أدليت الدلو إذا أرسلتها لتملأها، ودلوتها إذا أخرجتها.
{قال يا بشراي}.
بألف وياء مفتوحة، وقرئت يا بشريّ، وقد فسرناها في قوله: {فمن تبع هداي}، وتفسيرها أن ياء الإضافة تغيّر ما قبلها ولا يبين معها الإعراب،
فإذا كان قبلها ألف فالاختيار ألّا تغير الألف، وبعض العرب يبدل الألف معها ياء، فيكون بدلها بمنزلة تغيير الحروف قبلها.
وقرئت: {يا بشرى هذا غلام}، بغير ياء.
ومعنى النداء في هذه الأشياء التي لا تجيب ولا تعقل إنما هو على تنبيه المخاطبين، وتوكيد القصة.
إذا قلت يا عجباه فكأنك قلت: اعجبوا ويا أيها العجب هذا من حينك.
وكذلك إذا قال يا بشراي فكأنّه قال: أبشروا، وكأنه قال يا أيتها البشرى هذا من إبّانك وأوانك.
وقوله - عزّ وجلّ -: {وأسرّوه بضاعة}.
لمّا وجدوه أحبوا أن لا يعلم بأنه موجود، وأن يوهموا أنه بضاعة دفعها إليهم أهل الماء، وبضاعة منصوب على الحال،
كأنّه قال: وأسروه جاعليه بضاعة). [معاني القرآن: 3/97-98]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وجاءت سيارة} أي قوم يسيرون
{فأرسلوا واردهم} وهو الذي يرد لاستقاء الماء
{فأدلى دلوه}
قال الأصمعي يقال أدليت الدلو إذا أرسلتها ودلوتها إذا استقيت
وقوله جل وعز: {قال يا بشراي هذا غلام}
قال السدي والأعمش كان اسمه بشرى
وقال غيرهما المعنى يا أيتها البشرى
قال أبو جعفر وهذا القول الصحيح لأن أكثر القراء يقرأ يا بشراي هذا غلام
والمعنى في نداء البشرى التنبيه لمن حضر وهو أوكد من قولك تبشرت كما تقول يا عجباه أي يا عجب هذا من أيامك أو من آياتك فاحضر وهذا مذهب سيبويه
وقوله جل وعز: {وأسروه بضاعة}
روى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد قال أسروه المدلي ومن معه من التجار الباقين لئلا يستشركوهم فيه إذا عرفوا ثمنه وقالوا إنما استبضعناه
وروى معمر عن قتادة قال أسروا بيعه والمعنى على هذا للأخوة كما روي انه لما وجد أظهر إخوته أنه بضاعة لأصحاب الماء). [معاني القرآن: 3/406-405]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فأدلى دلوه} أي أرسلها، يقال: أدلى إذا أرسل الدلو، ودلا: إذا رفعها.
{وأسروه بضاعة} وأسروا في أنفسهم أنه بضاعة وتجارة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 112]

تفسير قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وشروه بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودةٍ...}
قيل: عشرين. وإنما قيل معدودة ليستدل به على القلّة؛ لأنهم كانوا لا يزنون الدراهم حتى تبلغ أوقيّة كانت وزن أربعين درهماً.
وقوله: {وكانوا فيه من الزّاهدين} يقول: لم يعلموا منزلته من الله عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 2/40]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وشروه بثمن بخسٍ} أي باعوه، فإذا بعته أنت قلت: اشتريته، قال ابن مفرّغ:
وشريت برداً ليتني=من بعد بردٍ كنت هامه
أي بعته؛ بخسٍ: أي نقصان ناقص، منقوص، يقال: بخسني حقي، أي نقصني وهو مصدر بخست فوصفوا به وقد تفعل العرب ذلك.
(بثمنٍ بخسٍ دراهم ممدودةٍ) جررته على التكرير والبدل). [مجاز القرآن: 1/304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {بثمن بخس}: منقوص). [غريب القرآن وتفسيره: 181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وشروه بثمنٍ بخسٍ} يكون: اشتروه، يعني: السيارة.
ويكون: باعوه، يعني: الإخوة. وهذا حرف من الأضداد. يقال شريت الشيء، يعني: بعته واشتريته. وقد ذكرت هذا وما أشبهه في كتاب «تأويل المشكل».
و(البخس) الخسيس الذي بخس به البائع.
{دراهم معدودةٍ}: يسيرة سهل عددها لقّلتها، ولو كانت كثيرة:
لثقل عددها). [تفسير غريب القرآن: 214]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (...وللمشتري: شار، وللبائع: شار، لأنّ كلّ واحد منهما اشترى.
وكذلك قولهم لكل واحد منهما: (بائع) لأنه باع وأخذ عوضا مما دفع، فهو (شار) و(بائع).
قال الله عز وجل: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ} أي باعوه. وقال: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ}.
وقال ابن مفرّغ:
وشريتُ بُرْدًا ليتني = مِن بعد بُرْدٍ كنتُ هامَه
(وبُرْد): غلام كان له فباعه وندم على بيعه). [تأويل مشكل القرآن: 188] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزّاهدين}
قيل بخس: ظلم، لأن الإنسان الموجود لا يحل بيعه، وقيل: بخس نقصان، وأكثر التفسير على أن بخسا ظلما.
وجاء في التفسير أنه بيع بعشرين درهما، وقيل باثنين وعشرين درهما أخذ كل واحد من إخوته درهمين، وقيل بأربعين درهما، وروي كل ذلك.
وقوله {وكانوا فيه من الزّاهدين}
(فيه) ليست بصلة الزاهدين، المعنى: وكانوا من الزاهدين ثم بيّن في أي شيء زهدوا.
فكأنّه قال: زهدوا فيه، وهذا في الظروف جائز.
فأما المفعولات فلا يجوز فيها، لا يجوز كنت زيدا من الضاربين، لأن زيدا من صلة الضاربين فلا يتقدم الموصول صلته). [معاني القرآن: 3/98]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل ثناؤه: {وشروه بثمن بخس} أي ذي بخس والبخس النقصان
وقال الشعبي البخس القليل والمعدودة عشرون درهما
وقال قتادة بخس أي ظلم
وقال الضحاك بخس أي حرام
وروي عن ابن عباس وابن مسعود ونوف أنهم قالوا اشتروه بعشرين درهما
وقال مجاهد وشروه أي باعوه حين أخرجه المدلي وكانوا باعوه باثنين وعشرين درهما وهم أحد عشر
ثم قال جل وعز: {دراهم معدودة}
قال الفراء إنما قال معدودة ليدل على قلتها لأنهم كانوا لا يزنون إلا أوقية والأوقية أربعون درهما
ثم قال جل وعز: {وكانوا فيه من الزاهدين}
قال أبو عبيدة قال بعض المفسرين إنما زهدوا فيه لقلة علمهم بمنزلته من الله جل وعز). [معاني القرآن: 3/407-406]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وشروه بثمن بخس} أي: باعوه، والبخس: النقص، قال مجاهد: كان الثمن عشرين درهما).[ياقوتة الصراط: 273]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وشروه} بمعنى باعوه، يعني: الإخوة، ويكون بمعنى اشتروه، يعني السيارة.
{البخس} الخسيس، وقيل: الحرام، وقيل: القليل، غير موزون.
{دراهم معدودة} أي قليلة، سهلة العدد لقلتها، كانت عشرين درهما). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 112]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَخْسٍ}: حقير). [العمدة في غريب القرآن: 159]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أكرمي مثواه} أي مقامه الذي ثواه، ومنه قولهم: هي أمّ مثوى وهو أبو مثوى، إذا كنت ضيفاً عليهم). [مجاز القرآن: 1/304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مثواه}: مقامة، يقال هي أم مثواي: امرأتي وهو أبو مثواي). [غريب القرآن وتفسيره: 181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أكرمي مثواه} أي أكرمي منزله ومقامه عندك. من قولك: ثويت بالمكان، إذا أقمت به.
{أو نتّخذه ولداً} أي نتبنّاه). [تفسير غريب القرآن: 214]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الّذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدا وكذلك مكّنّا ليوسف في الأرض ولنعلّمه من تأويل الأحاديث واللّه غالب على أمره ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}
مصر مفتوحة في موضع الجر إلا أنّها لا تنصرف، لأنها اسم والمدينة بعينها، وهي معرفة
{لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا}
{مثواه} مقامه. المعنى أحسني إليه في طول مقامه عندنا.
ويروى أنّ أفرس الناس ثلاثة، وأن أجودهم فراسة العزيز في فراسته في يوسف، وابنة شعيب في فراستها في موسى حين قالت: {يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين}
وأبو بكر في توليته عمر الخلافة بعده.
وقوله: {وكذلك مكّنّا ليوسف في الأرض}أي ومثل الذي وصفنا مكنا ليوسف في الأرض.
{ولنعلّمه من تأويل الأحاديث}.جائز أن يكون تأويل الرؤيا، وأن يكون تأويل أحاديث الأنبياء). [معاني القرآن: 3/99-98]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه} أي مقامه والمعنى أكرميه وقت مثواه ومنه ثويت في المكان إذا أقمت فيه كما قال الشاعر:
رب ثاو يمل منه الثواء
ثم قال جل وعز: {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} أي نتبناه
وروى سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال أفرس الناس ثلاثة العزيز حين قال لامرأته {أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا} وابنة شعيب حين قالت لأبيها:
{إن خير من استأجرت القوي الأمين} وأبو بكر حين ولى عمر). [معاني القرآن: 3/408-407]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أكرمي مثواه} أي منزله ومقامه عندك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 112]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَثْوَاهُ}: مقامه). [العمدة في غريب القرآن: 160]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولمّا بلغ أشدّه} مجازه: إذا بلغ منتهى شبابه وحدّه وقوّته من قبل أن يأخذ في النقصان وليس له واحد من لفظه).[مجاز القرآن: 1/305]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أشده}: انتهى قبل أن يأخذ في النقصان). [غريب القرآن وتفسيره: 181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بلغ أشدّه}: إذا انتهى منتهاه قبل أن يأخذ في النقصان. وهو جمع. يقال: لواحده أشدّ.
ويقال: شدّ وأشدّ. مثل: قدّ وأقدّ. وهو الجلد. ولا واحد له.
وقد اختلف في وقت بلوغ الأشدّ، فيقال: هو بلوغ ثلاثين سنة.
ويقال: بلوغ ثمان وثلاثين). [تفسير غريب القرآن: 215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولمّا بلغ أشدّه آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين}
الأشدّ من نحو سبع عشرة سنة إلى نحو الأربعين، آتيناه حكما وعلما.
أي جعلناه حكيما عالما، وليس كل عالم حكيما.
الحكيم العالم المستعمل علمه، الممتنع من استعمال ما يجهّل فيه.
وأصل أحكمت في اللغة منعت، ومن هذا حكمة الذائة، لأن الفارس يمنع بها الدائة من إرادتها.
{وكذلك نجزي المحسنين} أي ومثل ما وصفنا من تعليم يوسف نجزي المحسنين). [معاني القرآن: 3/99]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولما بلغ أشده}
قيل الأشد ثلاث وثلاثون سنة
وقيل ثلاثون
والأكثر أنه من تسع عشرة سنة إلى أربعين
وقال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك الأشد الحلم
وسيبويه يذهب إلى أنه جمع شدة مثل نعمة وانعم
ثم قال جل وعز: {آتيناه حكما وعلما}
والفرق بين الحكيم والعالم أن الحكيم هو الذي يعمل بعلمه ويمتنع من الأشياء القبيحة ومنه قيل حكمة الدابة). [معاني القرآن: 3/409-408]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بلغ أشده} قيل: ثلاثون سنة، واحده شدة،
وقيل: هو واحد، وليس في كلام العرب اسم مفرد على '' أفعل '' إلا هذا الاسم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 113-112]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَلَغَ أشده}: منتهى قوته). [العمدة في غريب القرآن: 160]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 06:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 23 إلى 35]

{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29) وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)}

تفسير قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقالت هيت لك...}
قرأها عبد الله بن مسعود وأصحابه...
- حدثني بن أبي يحيى عن أبي حبيب عن الشّعبيّ عن عبد الله ابن مسعود أنه قال: أقرأني رسول الله صلى عليه وسلم (هيت) ويقال: إنها لغة لأهل حوران سقطت إلى مكّة فتكلّموا بها. وأهل المدينة يقرءون هيت لك بكسر الهاء ولا يهمزون وذكر عن علي بن أبي طالب وابن عبّاس أنهما قرءا (هئت لك) يراد بها: تهيّأت لك وقد قال الشاعر:

أنّ العراق وأهله=سلمٌ عليك فهيت هيتا
أي هلمّ.
وقوله: {إنّه ربّي} يعني مولاه الذي اشتراه. يقول: قد أحسن إليّ فلا أخونه). [معاني القرآن: 2/40]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ( {وقالت هيت لك} أي هلمّ لك،
أنشدني أبو عمرو بن العلاء:

أبلغ أمير المؤمن=ين أخا العراق إذا أتيتا
أنّ العراق وأهله= عنقٌ إليك فهيت هيتا
يريد عليّ بن أبي طالب رحمه الله، أي تعالى وتقرب وادته، وكذلك لفظ هيت للاثنين والجميع من الذكر والأنثى سواء إلا أن العدد فيما بعدها تقول: هيت لكما وهيت لكن، وشهدت أبا عمرو وسأله أبو أحمد أو أحمد وكان عالماً بالقرآن وكان لألأً ثم كبر فقعد في بيته فكان يؤخذ عنه القرآن ويكون مع القضّاة، فسأله عن قول من قال: هئت فكسر الهاء وهمز الياء، فقال أبو عمرو: نبسى أي باطل جعلها قلت من تهيأت؛ فهذا الخندق، واستعرض العرب حتى تنتهى إلى اليمن هل يعرف أحد هئت لك؛ كان خندق كسرى إلى هيت حين بلغه أن النبي صلى الله عليه يخرج وخاف العرب فوضع عليه المراصد وصوامع وحرساً ودون ذلك مناظر ثم لما كانت فتنة ابن الأشعث حفره عبيد الله بن عبد الرحمن بن سمرة، وكان أعور،
فقال له حميد الأرقط:
يا أعور العين فديت العورا= لا تحسبنّ الخندق المحفورا
يردّ عنك القدر المقدورا
وذلك أنه لما انهزم ابن الأشعث من الزاوية قام هو بأمر أهل البصرة فناصب الحجاج، ثم لما هرب يزيد بن المهلب من سجن عمر بن عبد العزيز حفره عدى بن أرطاة عامل البصرة، لئلا يدخل يزيد البصرة ثم حفره المنصور وجعل عليه حائطاً مما يلي الباب فحصنه أشد من تحصين الأولين للحائط ولم يكن له حائط قبل ذلك). [مجاز القرآن: 1/307-305]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وراودته الّتي هو في بيتها عن نّفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ اللّه إنّه ربّي أحسن مثواي إنّه لا يفلح الظّالمون}
وقال: {معاذ اللّه إنّه ربّي} أي: أعوذ بالله معاذا. جعله بدلا من اللفظ بالفعل لأنه مصدر وإن كان غير مستعمل مثل "سبحان" وبعضهم يقول "معاذة الله" ويقول "ما أحسن معناة هذا الكلام" يريد المعنى). [معاني القرآن: 2/51]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {هيت لك}: بلغة أهل حوران تعال.
ومن قال هئت لك فمعناه تهيأت لك بالهمز). [غريب القرآن وتفسيره: 182-181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقالت هيت لك} أي هلمّ لك. يقال: هيّت فلان لفلان، إذا دعاه وصاح به. قال الشاعر:
قد رابني أنّ الكريّ أسكتا لو كان معنيا بها لهتّا). [تفسير غريب القرآن: 215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ اللّه إنّه ربّي أحسن مثواي إنّه لا يفلح الظّالمون}
المعنى أنها راودته عما أرادته مما يريد النساء من الرجال، فعلم بتركه ذكر الفاحشة نفسها ما راودته عليه.
{وقالت هيت لك} المعنى هلمّ لك، أي أقبل إلى ما أدعوك إليه.
وفي {هيت لك} لغات: يجوز هيت لك، وهيت. وأجودها وأكثرها هيت - بفتح التاء - ورويت عن علي صلوات اللّه عليه: هيت لك فأمّا الفتح مع فتح التاء والهاء، فهو أكثر كلام العرب.
قال الشاعر:

أبلغ أمير المؤمنين= أخا العراق إذا أتيتا
أنّ العراق وأهله= عنق إليك فهيت هيتا
أي فأقبل وتعال.
وحكى قطرب أنه أنشده بعض أهل الحجاز لطرفة بن العبد:

ليس قومي بالأبعدين إذا ما= قال داع من العشيرة هيت
هم يجيبون ذا هلمّ سراعا= كالأبابيل لا يغادر بيت
رويت عن ابن عباس هئت لك مهموزة مكسورة الهاء، من الهيئة كأنها قالت تهيأت لك، فأما الفتح في (هيت) فلأنها بمنزلة الأصوات، ليس منها فعل يتصرّف ففتحت التاء لسكونها وسكون الياء، واختير الفتح لأن قبل التاء ياء كما قالوا: كيف وأين، ومن قال هيت لك - بكسر التاء، فلأن أصل التقاء السّاكنين حركة الكسر، ومن قال: هيت ضمها لأنها في معنى الغايات، كأنها قالت: دعائي لك، ولما حذفت الإضافة وتضمنت معناها بنيت على الضم كما بنيت حيث ومنذ يا هذا.
وقراءة عليّ " هئت لك " بمنزلة هيت والحجة فيها كالحجة فيها مفتوحة.
ثم قال: {معاذ اللّه}.
مصدر، المعنى أعوذ باللّه أن أفعل هذا، تقول: عذت عياذا ومعاذا.
{إنّه ربّي} أي إن العزيز صاحبي
{أحسن مثواي} أي تولّاني في طول مقامي
{إنّه لا يفلح الظّالمون}أي: إن فعلت هذا فخنته في أهله بعدما أكرمني فأنا ظالم.
[ويجوز أن يكون «إنه ربي» يعني الله عز وجل «أحسن مثواي» أي: تولّاني في طول مقامي] ). [معاني القرآن: 3/101-99]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه}
معنى راود فلان فلانة طالبها على الفاحشة وترك ذكر الفاحشة لعلم السامع
وقوله جل وعز: {وقالت هيت لك}
قال سعيد بن جبير أي تعاله
وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال لا تنطعوا في القرآن فإنما هو مثل قول أحدكم هلم وتعال ثم قرأ عبد الله وقالت هيت لك بفتح الهاء والتاء
وروي عن مجاهد وعكرمة أنهما قرءا وقالت هئت لك بالهمز
قال قتادة قرأ ابن عباس هئت لك
قال عكرمة أي تهيأت لك
وأنكر الكسائي هذه القراءة وقال لا أعرف هئت لك بمعنى تهيأت وهي عند البصريين جيدة لأنه يقال هاء الرجل يهاء ويهييء هيأة فهاء يهيء مثل جاء يجيء وهئت مثل جئت
ثم قال جل وعز: {معاذ الله إنه ربي}
يجوز أن يكون المعنى إن الله ربي فلا أعصيه
ويجوز أن يكون المعنى إن الملك ربي أي مولاي). [معاني القرآن: 3/411-409]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ) : ( {هيت لك} أي: تعال وأقبل). [ياقوتة الصراط: 273]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {هيت لك} أي هلم لك، أي تعال. ومن قرأ (هئت لك) فمعناه: تهيأت لك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 113]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {هَيْتَ لَكَ}: تعال
{هيتُ لك}: تهييت لك). [العمدة في غريب القرآن: 160]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أن رّأى برهان ربّه...}
ذكروا أنه رأى صورة يعقوب عليه السلام). [معاني القرآن: 2/40]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رّأى برهان ربّه كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين}
وقال: {وهمّ بها} فلم يكن همّ بالفاحشة ولكن دون ذلك مما لا يقطع الولاية). [معاني القرآن: 2/51]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لولا أن رأى برهان ربّه} أي حجّته عليه). [تفسير غريب القرآن: 215]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (يستوحش كثير من الناس من أن يلحقوا بالأنبياء ذنوبا، ويحملهم التنزيه لهم، صلوات الله عليهم، على مخالفة كتاب الله جلّ ذكره، واستكراه التأويل، وعلى أن يلتمسوا لألفاظه المخارج البعيدة بالحيل الضعيفة التي لا تخيل عليهم، أو على من علم منهم- أنّها ليست لتلك الألفاظ بشكل، ولا لتلك المعاني بلفق.
...
وكتأولهم في قوله سبحانه: ولقد همّت به وهمّ بها أنها همّت بالمعصية، وهمّ بالفرار منها! وقال (بعضهم): وهمّ بضربها! والله تعالى يقول: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}. أفتراه أراد الفرار منها. أو الضرب لها، فلما رأى البرهان أقام عندها وأمسك عن ضربها؟! هذا ما ليس به خفاء ولا يغلط متأوّله.
ولكنها همّت منه بالمعصية همّ نيّة واعتقاد، وهمّ نبي الله صلّى الله عليه وسلم، همّا عارضا بعد طول المراودة، وعند حدوث الشهوة التي أتي أكثر الأنبياء في هفواتهم منها.
وقد روي في الحديث: أنه ليس من نبي إلا وقد أخطأ أو همّ بخطيئة غير يحيى بن زكريا، عليهما السلام، لأنّه كان حصورا لا يأتي النساء ولا يريدهنّ. فهذا يدلّك على أنّ أكثر زلّات الأنبياء من هذه الجهة، وإن كانوا لم يأتوا في شيء منها فاحشة، بنعم الله عليهم ومنّه، فإن الصغير منهم كبير لما آتاهم الله من المعرفة، واصطفاهم له من الرسالة، وأقام عليهم من الحجّة. ولذلك قال يوسف، صلّى الله عليه وسلم: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} يريد ما أضمره وحدّث به نفسه عند حدوث الشّهوة.
وقد وضع الله تعالى الحرج عمّن همّ بخطيئة ولم يعملها). [تأويل مشكل القرآن: 405-403] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأراد بالفصيل: السّهم. يقول: ليس يرزؤها درّا، ولا يموت بشما، ولو وجد أيضا في (عصى) مثل هذا السّنن لركبوه، وليس في (غوى) شيء إلا ما في (عصى) من معنى الذّنب، لأن العاصي لله التّارك لأمره غاو في حاله تلك، والغاوي عاص. والغيّ ضدّ الرّشد، كما أن المعصية ضد الطاعة.
وقد أكل آدم، صلّى الله عليه وسلم، من الشجرة التي نهي عنها باستزلال إبليس وخدائعه إيّاه بالله والقسم به إنه لمن الناصحين، حتى دلّاه بغرور. ولم يكن ذنبه عن إرصاد وعداوة وإرهاص كذنوب أعداء الله. فنحن نقول: (عصى وغوى)، كما قال الله تعالى، ولا نقول: آدم (عاص ولا غاو)، لأن ذلك لم يكن عن اعتقاد متقدّم ولا نيّة صحيحة، كما تقول لرجل قطع ثوبا وخاطه: قد قطعه وخاطه، ولا تقل: خائط ولا خيّاط حتى يكون معاودا لذلك الفعل، معروفا به.
وكتأولهم في قوله سبحانه: ولقد همّت به وهمّ بها أنها همّت بالمعصية، وهمّ بالفرار منها!
وقال (بعضهم): وهمّ بضربها! والله تعالى يقول: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} أفتراه أراد الفرار منها. أو الضرب لها، فلما رأى البرهان أقام عندها وأمسك عن ضربها؟!
هذا ما ليس به خفاء ولا يغلط متأوّله.
ولكنها همّت منه بالمعصية همّ نيّة واعتقاد، وهمّ نبي الله صلّى الله عليه وسلم، همّا عارضا بعد طول المراودة، وعند حدوث الشهوة التي أتي أكثر الأنبياء في هفواتهم منها.
وقد روي في الحديث: أنه ليس من نبي إلا وقد أخطأ أو همّ بخطيئة غير يحيى بن زكريا، عليهما السلام، لأنّه كان حصورا لا يأتي النساء ولا يريدهنّ. فهذا يدلّك على أنّ أكثر زلّات الأنبياء من هذه الجهة، وإن كانوا لم يأتوا في شيء منها فاحشة، بنعم الله عليهم ومنّه، فإن الصغير منهم كبير لما آتاهم الله من المعرفة، واصطفاهم له من الرسالة، وأقام عليهم من الحجّة. ولذلك قال يوسف، صلّى الله عليه وسلم: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} يريد ما أضمره وحدّث به نفسه عند حدوث الشّهوة.
وقد وضع الله تعالى الحرج عمّن همّ بخطيئة ولم يعملها). [تأويل مشكل القرآن: 405-403] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين}
أكثر المفسّرين أنه همّ بها حتى رأى صورة يعقوب عليه السلام، وهو يقول له: يا يوسف أتهمّ بفعل السفهاء وأنت مكتوب في ديوان الأنبياء، وقيل إنه رأى في البيت مكتوبا:
{ولا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشة وساء سبيلا}.
وهذا مذهب أهل التفسير، ولسنا نشكّ أنه قد رأى برهانا قطعه عما همّ به.
وقال قوم: المعنى {ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه}.
وذهبوا إلى أن المعنى لولا أن رأى برهان ربّه لهمّ بها.
والذي عليه المفسرون أنه همّ بها وأنه جلس منها مجلس الرجل من المرأة إلا أن اللّه تفضل بأن أراه البرهان، ألا تراه قال: {وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارة بالسّوء}.
والمعنى لولا أن رأى برهان ربّه لأمضى ما همّ به.
وليس في الكلام بكثير أتى تقول: ضربتك لولا زيد، ولا هممت بك لولا زيد، إنما الكلام لولا زيد لهممت بك.
و (لولا) تجاب باللام، فلو كان: ولقد همّت به ولهمّ بها لولا أن رأى أي برهان ربّه لكان يجوز على بعد.
وقوله: {كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء}.
أي كذلك أريناه البرهان لنصرف عنه السّوء والفحشاء، فالسوء – خيانة صاحبه، والفحشاء ركوب الفاحشة.
{إنه من عبادنا المخلصين} أي الذين أخلصوا، أخلصهم اللّه من الأسواء والفواحش، مثل المصطفين.
وقرئت من المخلصين بكسر اللام، أي الذين أخلصوا دينهم للّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 3/102-101]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه}
قال أبو جعفر الذي عليه أهل الحديث والمتقدمون أنه هم بها حتى مثل له يعقوب
حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال نا داود بن عمرو الضبي عن نافع وهو ابن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة قال سئل ابن عباس رحمه الله ما بلغ من هموم يوسف فقال جلس يحل هميانا له فنودي يا يوسف لا تك كالطائر يزني وعليه الريش فيقعد بلا ريش فلم يتعظ على النداء فرأى برهان ربه ففر وفرق
وفي رواية ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال سألت ابن عباس عما بلغ من هموم يوسف فذكر نحوه إلا أنه قال جلس بين رجليها ورأى يعقوب
وروى الأعمش عن مجاهد قال حل سراويله فتمثل له يعقوب فقال له يا يوسف فولى هاربا
وروى سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير قال مثل له يعقوب فضرب صدره فخرجت شهوته من أنامله
وروى إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن الحسن قال رأى صورة يعقوب يقول له يوسف يوسف
قال أبو صالح رأى صورة يعقوب في سقف البيت يقول يا يوسف يا يوسف
وقال الضحاك نحوا من هذا قال أبو عبيد القاسم بن سلام وقد زعم بعض من يتكلم في القرآن برأيه أن يوسف لم يهم بها يذهب إلى أن الكلام انقطع عند قوله: {ولقد همت به}
قال ثم استأنف فقال وهم بها لولا أن رأى برهان ربه بمعنى لولا أن رأى برهان ربه لهم بها واحتج بقوله: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} وبقوله: {واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر} وابن عباس ومن دونه لا يختلفون في أنه هم بها وهم أعلم بالله وبتأويل كتابه وأشد تعظيما للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم
قال أبو جعفر وكلام أبي عبيد هذا كلام حسن بين لمن لم يمل إلى الهوى والذي ذكر من احتجاجهم بقول {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} لا يلزم لأنه لم يواقع المعصية
وأيضا فإنه قد صح في الحديث أن جبريل قال له حين قال ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ولا حين هممت فقال وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء وكذلك احتجاجهم بقوله: {واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر} لا يلزم لأنه يجوز أن يكون هذا بعد الهموم
وقال الحسن إن الله جل وعز لم يذكر معاصي الأنبياء ليعيرهم بها ولكنه ذكرها لئلا تيأسوا من التوبة
وقيل معنى وهم أنه شيء يخطر على القلب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من هم بسيئة ثم لم يعملها لم تكتب عليه فهذا مما يخطر بالقلب ولو هم بها على أنه يواقعها لكان ذلك عظيما وفي الحديث إني لأستغفر الله جل وعز في اليوم والليلة مائة مرة
قال أبو جعفر وقد بينا قول من يرجع إلى قوله من أهل الحديث والروايات
وأهل اللغة المحققون على قولهم
قال أبو إسحاق يبعد أن يقال ضربتك لولا زيد وهممت بك لولا زيد وإنما الكلام لولا زيد لهممت بك فلو كان ولقد همت به ولهم بها لولا أن رأى برهان ربه لجاز على بعد وإنما المعنى لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به
وقال بعض أهل اللغة المعنى وهم بدفها
وقوله جل جلاله: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء}
(السوء): خيانة صاحبه، و(الفحشاء): ركوب الفاحشة.
حدثنا أحمد بن محمد الأزدي قال: نا محمد بن إبراهيم بن جناد قال: نا الحسن بن عبد العزيز الجروي قال: حدثني أبو مروان وأثنى عليه خيرا، قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر في قول الله جل وعز: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء} قال: (السوء): الثناء القبيح و(الفحشاء): الزنا). [معاني القرآن: 3/416-411]

تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وألفيا سيّدها لدى الباب...}
يعني يوسف وامرأة العزيز وجدا العزيز وابن عمّ لامرأته على الباب، فقالت: {ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا} فقال: {هي راودتني عن [نفسي]} فذكروا أن ابن عمّها قال:
{إن كان قميصه قدّ من قبلٍ فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قدّ من دبرٍ فكذبت وهو من الصّادقين} فلمّا رأوا القميص مقدوداً من دبر قال ابن العمّ:
{إنّه من كيدكنّ إنّ كيدكنّ عظيمٌ} ثم إن ابن العمّ طلب إلى يوسف فقال: {أعرض عن هذا} أي اكتمه، وقال للأخرى: (استغفري) زوجك (لذنبك) ). [معاني القرآن: 2/41]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وألفيا سيّدها لدى الباب} أي وجدا،
قال:
فألقيته غير مستعتب= ولا ذاكر الله إلاّ قليلا
أي وجدته). [مجاز القرآن: 1/307]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {واستبقا الباب وقدّت قميصه من دبرٍ وألفيا سيّدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا إلاّ أن يسجن أو عذابٌ أليمٌ}
وقال: {إلاّ أن يسجن أو عذابٌ أليمٌ} يقول "إلاّ السجن أو عذابٌ أليمٌ "لأن" "أن" الخفيفة وما عملت فيه اسم بمنزلة "السّجن"). [معاني القرآن: 2/51]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {ألفيا}: وجدا). [غريب القرآن وتفسيره: 182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وألفيا سيّدها}: وجداه لدى عند الباب). [تفسير غريب القرآن: 215]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لدن}: بمعنى عند، قال تعالى: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} أي بلغت من عندي.
وقال: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} أي من عندنا.
وقد تحذف منها النون، كما تحذف من (لم يكن) قال الشاعر:
مِن لَدُ لَحْيَيْهِ إِلَى مَنْحُورِهِ
أي من عند لحييه.
وفيها لغة أخرى أيضا: لدى، قال الله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} أي عند الباب). [تأويل مشكل القرآن: 563]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {واستبقا الباب وقدّت قميصه من دبر وألفيا سيّدها لدا الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلّا أن يسجن أو عذاب أليم}
أي استبقا إلى الباب، يعني به يوسف وامرأة العزيز.
{وقدّت قميصه من دبر} والقدّ القطع، أي خرقته خرقا انقدّ منه.
{وألفيا سيّدها لدا الباب} أي صادفا سيدها لدى الباب فحصرها في ذلك الوقت كيد لمّا فاجأت سيّدها.
{قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلّا أن يسجن} أي ما جزاؤه إلا السّجن.
(أو عذاب أليم) أي عذاب موجع). [معاني القرآن: 3/102]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {واستبقا الباب}
قال قتادة يعني يوسف وامرأة العزيز
وقوله جل وعز: {وألفيا سيدها لدى الباب} أي صادفاه فحضرها عند ذلك كيد فقالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم). [معاني القرآن: 3/416]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَلْفَيَا}: وجدا). [العمدة في غريب القرآن: 160]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وألفيا سيّدها لدى الباب...}
يعني يوسف وامرأة العزيز وجدا العزيز وابن عمّ لامرأته على الباب، فقالت: {ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا} فقال: {هي راودتني عن [نفسي]} فذكروا أن ابن عمّها قال:
{إن كان قميصه قدّ من قبلٍ فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قدّ من دبرٍ فكذبت وهو من الصّادقين} فلمّا رأوا القميص مقدوداً من دبر قال ابن العمّ:
{إنّه من كيدكنّ إنّ كيدكنّ عظيمٌ} ثم إن ابن العمّ طلب إلى يوسف فقال: {أعرض عن هذا} أي اكتمه، وقال للأخرى: (استغفري) زوجك (لذنبك) ). [معاني القرآن: 2/41] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {وشهد شاهدٌ مّن أهلها...}...
- وحدثني قيس بن الربيع عن أبي حصين عن سعيد بن جبير في قوله: {وشهد شاهدٌ مّن أهلها} قال: صبيّ.
قال: وحدثني قيس عن رجل عن مجاهد أنه رجل.
قال: وحدثني معلّي بن هلال عن أبي يحيى عن مجاهد في قوله: {وشهد شاهد من أهلها} قال: حكم حاكم من أهلها.
ولو كان في الكلام: (أن إن كان قميصه) لصلح؛ لأن الشهادة تستقبل (أن) ولا يكتفي بالجزاء فإذا اكتفت فإنما ذهب بالشهادة إلى معنى القول كأنه قال: وقال قائل من أهلها، كما قال: {يوصيكم الله في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين} فذهب بالوصية إلى القول، وأنشدني الكسائيّ:
وخبّرتما أن إنّما بين بيشةٍ =ونجران أحوى والمحلّ قرٍيب
(والجناب خصيب) فأدخل (أن) على (إنما) وهي بمنزلتها قال: وسمعت الفراء قال: زعم القاسم بن معن أن بئشة وزئنة أرضان مهموزتان). [معاني القرآن: 2/42-41]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قال يوسف: {هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبين} أي هي التي أرادت السّوء.
{وشهد شاهد من أهلها} قيل إنه رجل حكيم، وقيل إنّه طفل.
{إن كان قميصه قدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قدّ من دبر فكذبت وهو من الصّادقين }. [معاني القرآن: 3/103-102]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {إن كان قميصه قدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قدّ من دبر فكذبت وهو من الصّادقين }
أي إن كان هو المقبل عليها وهي الدافعة له عن نفسها فيجب أن تكون خرقت قميصه من قبل، وإن كان هو المتباعد منها، وهي التابعة له في استباقهما فيجب أن يكون قدّ القميص من دبر.
والقراءة من قبل ومن دبر، ومن قبل ومن دبر.
ويجوز من قبل بغير تنوين، ومن دبر، على الغاية، أي من قبله.
أما الفتح فبعيد في قوله: من قبل ومن دبر. لأن الذي يفتح يجعله مبنيا على الفتح فيشبهه بما لا ينصرف فيجعله.
ممتنعا من الصرف لأنه معرفة ومزال عن بابه، وهذا الوجه يجيزه البصريون.
فأمّا قبل وقبل فالتسكين في الباء جائز، وقد روي عن ابن أبي إسحاق الفتح والضم جميعا، والفتح أكثر في الرواية عنه، ولا أعلم أحدا من البصريين ذكر الفتح غيره). [معاني القرآن: 3/103]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وشهد شاهد من أهلها}
قال أبو هريرة تكلم ثلاثة في المهد صاحب يوسف وعيسى وصاحب جريج
وروى شريك عن أبي حصين عن سعيد بن جبير قال كان صبيا في البيت أو قال في المهد شك شريك
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال هو صبي في البيت
وقال هلال بن إساف تكلم ثلاثة في المهد أحدهم صاحب يوسف
وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رجلا ذا لحية
وقال سفيان عن جابر عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه قال كان من خاصة الملك
وقال عكرمة لم يكن بصبي ولكن كان رجلا حكيما
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال كان رجلا
وروى أبو عاصم عن المثنى عن القاسم وشهد شاهد من أهلها قال قميصه
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وشهد شاهد من أهلها} قال قد القميص الشاهد
والقد في اللغة القطع). [معاني القرآن: 3/418-416]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وألفيا سيّدها لدى الباب...}
يعني يوسف وامرأة العزيز وجدا العزيز وابن عمّ لامرأته على الباب، فقالت: {ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا} فقال: {هي راودتني عن [نفسي]} فذكروا أن ابن عمّها قال:
{إن كان قميصه قدّ من قبلٍ فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قدّ من دبرٍ فكذبت وهو من الصّادقين} فلمّا رأوا القميص مقدوداً من دبر قال ابن العمّ:
{إنّه من كيدكنّ إنّ كيدكنّ عظيمٌ} ثم إن ابن العمّ طلب إلى يوسف فقال: {أعرض عن هذا} أي اكتمه، وقال للأخرى: (استغفري) زوجك (لذنبك) ). [معاني القرآن: 2/41] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {إن كان قميصه قدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قدّ من دبر فكذبت وهو من الصّادقين}
أي إن كان هو المقبل عليها وهي الدافعة له عن نفسها فيجب أن تكون خرقت قميصه من قبل، وإن كان هو المتباعد منها، وهي التابعة له في استباقهما فيجب أن يكون قدّ القميص من دبر.
والقراءة من قبل ومن دبر، ومن قبل ومن دبر.
ويجوز من قبل بغير تنوين، ومن دبر، على الغاية، أي من قبله.
أما الفتح فبعيد في قوله: من قبل ومن دبر. لأن الذي يفتح يجعله مبنيا على الفتح فيشبهه بما لا ينصرف فيجعله.
ممتنعا من الصرف لأنه معرفة ومزال عن بابه، وهذا الوجه يجيزه البصريون.
فأمّا قبل وقبل فالتسكين في الباء جائز، وقد روي عن ابن أبي إسحاق الفتح والضم جميعا، والفتح أكثر في الرواية عنه، ولا أعلم أحدا من البصريين ذكر الفتح غيره).
[معاني القرآن: 3/103] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وألفيا سيّدها لدى الباب...}
يعني يوسف وامرأة العزيز وجدا العزيز وابن عمّ لامرأته على الباب، فقالت: {ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا} فقال: {هي راودتني عن [نفسي]} فذكروا أن ابن عمّها قال:
{إن كان قميصه قدّ من قبلٍ فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قدّ من دبرٍ فكذبت وهو من الصّادقين} فلمّا رأوا القميص مقدوداً من دبر قال ابن العمّ:
{إنّه من كيدكنّ إنّ كيدكنّ عظيمٌ} ثم إن ابن العمّ طلب إلى يوسف فقال: {أعرض عن هذا} أي اكتمه، وقال للأخرى: (استغفري) زوجك (لذنبك) ). [معاني القرآن: 2/41] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {فلمّا رأى قميصه قدّ من دبر قال إنّه من كيدكنّ إنّ كيدكنّ عظيم}
أي إن قولك: {ما جزاء من أراد بأهلك سوءا}... من كيدكنّ.
فأمّا دخول " كان مع " إن " الجزاء، وكون الفعل بعدها لما مضى ففيه قولان:
قال محمد بن يزيد: " كان " لقوتها وأنها عبارة عن الأفعال لم تغيرها إن الجزاء الخفيفة.
والقول الثاني أن " كان " عبارة عن الأفعال - وأن كان في معنى الاستقبال ههنا - عبّرت عن فعل ماض، المعنى إن يكن قميصه قد، أي إن يعلم قميصه قدّ من قبل فالعلم ما وقع بعد، فكذلك الكون لا يكون لأنه مؤدّ عن العلم). [معاني القرآن: 3/104-103]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {قال أنه من كيدكن}
المعنى إن قولك ما جزاء من أراد بأهلك سوءا من كيدكن
ثم قال يوسف أعرض عن هذا أي لا تفشه). [معاني القرآن: 3/418]

تفسير قوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وألفيا سيّدها لدى الباب...}
يعني يوسف وامرأة العزيز وجدا العزيز وابن عمّ لامرأته على الباب، فقالت: {ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا} فقال: {هي راودتني عن [نفسي]} فذكروا أن ابن عمّها قال:
{إن كان قميصه قدّ من قبلٍ فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قدّ من دبرٍ فكذبت وهو من الصّادقين} فلمّا رأوا القميص مقدوداً من دبر قال ابن العمّ:
{إنّه من كيدكنّ إنّ كيدكنّ عظيمٌ} ثم إن ابن العمّ طلب إلى يوسف فقال: {أعرض عن هذا} أي اكتمه، وقال للأخرى: (استغفري) زوجك (لذنبك) ). [معاني القرآن: 2/41] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّك كنت من الخاطئين} قال الأصمعي: يقال: خطئ الرجل يخطأ خطأ -: إذا تعمد الذنب. فهو خاطئ. والخطيئة [منه] وأخطأ يخطئ -: إذا غلط ولم يتعمّد. والاسم منه الخطأ). [تفسير غريب القرآن: 215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنّك كنت من الخاطئين}
معناه يا يوسف اكتم هذا الأمر ولا تذكره.
{واستغفري لذنبك}.
ويروى أنه كان قليل الغيرة.
وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه}.
(بدا) فعل استغنى عن فاعل.
العرب تقول: قد بدا لي بداء أي تغير رأي عما كان عليه.
وأكثر العرب تقول: قد بدا لي، ولم يذكر بداء، لكثرته لأنه في الكلام دليلا على تغير رأيه، فترك الفاعل وهو مراد.
ثم بين ما البداء فقال ليسجننه حتى حين، كأنّهم قالوا: ليسجننه، والرأي الذي كاد لهم قبل: قيل إن العزيز أمره بالإعراض فقط ثم تغير رأيه عن ذلك). [معاني القرآن: 3/104]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال تعالى: {واستغفري لذنبك}
ويروى أنه كان قليل الغيرة). [معاني القرآن: 3/418]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {من الخاطئين} يقال: خطئ يخطأ خطأ: إذا تعمد الذنب، وهو خاطئ. وأخطأ يخطئ: إذا غلط ولم يتعمد، والاسم منه الخطأ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 113]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قد شغفها حبّاً...}
أي خرق شغاف قلبها وتقرأ (قد شعفها) بالعين وهو من قولك: شعف بها. كأنه ذهب بها كلّ مذهب. والشعف: رءوس الجبال). [معاني القرآن: 2/42]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قد شغفها حبّاً} أي قد وصل الحب إلى شغف قلبها وهو غلافه، قال النّابغة الذّبيانيّ:
ولكن همّاً دون ذلك والجٌ= مكان الشّغاف تبتغيه الأصابع
ويقرؤه قوم قد شعفها: وهو من المشعوف). [مجاز القرآن: 1/308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({قد شغفها}: وصل الحب إلى شغافها، وهو غلاف القلب وقال بعضهم داء في البطن). [غريب القرآن وتفسيره: 182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قد شغفها حبًّا} أي بلغ حبّه شفافها. وهو غلاف القلب.
ولم يرد الغلاف إنما أراد القلب. يقال: قد شغفت فلانا إذا أصبت شغافه.
كما يقال: كبدته، إذا أصبت كبده. وبطنته: إذا أصبت بطنه.
ومن قرأ: «شعفها» - بالعين - أراد فتنها. من قولك. فلان مشعوف بفلانة). [تفسير غريب القرآن: 216-215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبّا إنّا لنراها في ضلال مبين}
يقال نسوة ونسوة - بالضم والكسر - وقيل: {تراود فتاها عن نفسه}.
أي عبدها وغلامها، لأن استعمالهم كان للغلام المملوك أن يسمّى فتى.
{قد شغفها حبّا} أي بلغ حبّه إلى شغاف قلبها، وفي الشغاف ثلاثة أقوال:
قال بعضهم الشغاف غلاف القلب.
وقيل: هو داء يكون في الجوف في الشراسيف.
وأنشدوا:
وقد حال همّ دون ذلك داخل= دخول الشغاف تبتغيه الأصابع
وقد قرئت شعفها بالعين، ومعنى شعفها ذهب بها كل مذهب مشتق من شعفات الجبال، أي رؤوس الجبال، فإذا قلت فلان مشعوف بكذا، فمعناه أنه قد ذهب به الحبّ أقصى المذاهب). [معاني القرآن: 3/105-104]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا}
وروى معاوية بن أبي صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال شغفها غلبها
وروى عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال دخل تحت شغافها
قال أبو جعفر والقولان يرجعان إلى شيء واحد لأن الشغاف
حجاب القلب فالمعنى وصل حبه إلى شغفاها فغلب على قلبها قال الشاعر:
وقد حال هم دون ذلك داخل = دخول الشغاف تبتغيه الأصابع
وقد قيل إن الشغاف داء وأنشد الأصمعي للراجز يتبعها وهي له شغاف
وروي عن أبي رجاء وقتادة أنهما قرءا قد شعفها حبا بالعين غير معجمة وبفتحها
قال أبو جعفر معناه عند أكثر أهل اللغة قد ذهب بها كل مذهب لأن شعفات الجبال أعاليها وقد شعف بذلك شعفا بإسكان العين أي أولع به إلا أن أبا عبيد،
أنشد بيت امرئ القيس:
أيقتلني وقد شعفت فؤادها = كما شعف المهنؤة الرجل الطالي
قال فشبهت لوعة الحب وجواه بذلك
وروي عن الشعبي انه قال الشغف حب والشعف جنون). [معاني القرآن: 3/420-418]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {قد شغفها حبا} أي: قد بلغ حبه إلى شغاف قلبها، وهو حجاب القلب
ومن قرأ: (شَعَفَهَا) فمعناه: أحرق حبه قلبها، وعلى الأول العمل). [ياقوتة الصراط: 274-273]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قد شغفها حبا} أي بلغ حبه شغافها، وهو غلاف القلب، يريد به القلب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 113]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شَغَفَهَا}: اشتد وجدها به). [العمدة في غريب القرآن: 160]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وأعتدت لهنّ متّكئاً} يقال: اتخذت لهنّ مجلساً.
ويقال: إنّ متكاً غير مهموز، فسمعت أنه الأترجّ. وحدثني شيخ من ثقات أهل البصرة أنه قال: الزّماورد.
وقوله: {وقطّعن أيديهنّ} يقول: وخدشنها ولم يبنّ أيديهن، من إعظامه، وذلك قوله: {حاش للّه} أعظمته أن يكون بشراً، وقلن: هذا ملكٌ. وفي قراءة عبد الله (حاشا للّه) بالألف، وهو في معنى معاذ الله.
وقوله: {ما هذا بشراً} نصبت (بشراً) لأن الباء قد استعملت فيه فلا يكاد أهل الحجاز ينطقون إلا بالباء، فلمّا حذفوها أحبّوا أن يكون لها أثر فيما خرجت منه فنصبوا على ذلك؛
ألا ترى أن كلّ ما في القرآن أتى بالباء إلاّ هذا، وقوله: {ما هنّ أمّهاتهم} وأما أهل نجد فيتكلّمون بالباء وغير الباء فإذا أسقطوها رفعوا. وهو أقوى الوجهين في العربية.
أنشدني بعضهم:

لشتّان ما أنوي وينوي بنو أبي =جميعاً فما هذان مستويان
تمنّوا لي الموت الذي يشعب الفتى = وكلّ فتىً والموت يلتقيان
وأنشدوني:

ركاب حسيل أشهر الصيف بدن = وناقة عمرو ما يحلّ لها رحل
ويزعم حسلٌ أنه فرع قومه = وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل
وقال الفرزدق:
أما نحن راءوا دارها بعد هذه = يد الدهر إلا أنّ يمرّ بها سفر
وإذا قدّمت الفعل قبل الاسم رفعت الفعل واسمه فقلت: ما سامعٌ هذا وما قائم أخوك. وذلك أن الباء لم تستعمل ها هنا ولم تدخل؛ ألا ترى أنه قبيح أن تقول: ما بقائم أخوك؛ لأنها إنما تقع في المنفيّ إذا سبق الاسم، فلمّا لم يمكن في (ما) ضمير الاسم قبح دخول الباء. وحسن ذلك في (ليس): أن تقول: ليس بقائم أخوك؛ لأنّ (ليس) فعل يقبل المضمر، كقولك: لست ولسنا؛ ولم يمكن ذلك في (ما).
فإن قلت: فإني أراه لا يمكن في (لا) وقد أدخلت العرب الباء في الفعل التي تليها فقالوا:
* لا بالحصور ولا فيها بسوّار *
قلت: إن (لا) أشبه بليس من (ما) ألا ترى أنك تقول: عبد الله لا قائم ولا قاعد، كما تقول: عبد الله ليس قاعداً ولا قائماً، ولا يجوز عبد الله ما قائم ولا قاعد فافترقتا ها هنا.
ولو حملت الباء على (ما) إذا وليها الفعل تتوهّم فيها ما توهّمت في (لا) لكان وجهاً، أنشدتني امرأة من غني:
أما والله أن لو كنت حرّاً = وما بالحرّ أنت ولا العتيق
فأدخلت الباء فيما يلي (ما) فإن ألقيتها رفعت ولم يقو النصب لقلّة هذا...
- وحدثني دعامة بن رجاء التّيميّ -وكان غرّا- عن أبي الحويرث الحنفيّ أنه قال: (ما هذا بشرًي) أي ما هذا بمشترىً). [معاني القرآن: 2/44-42]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأعتدت لهنّ متّكئاً}: أفعلت من العتاد، ومعناه: أعدّت له متكئاً، أي ممرقاً تتكئ عليه، وزعم قوم أنه الأترج،
وهذا أبطل باطل في الأرض ولكن عسى أن يكون من المتكاء أترج يأكلونه، ويقال: ألق له متكئاً.
(أكبرنه) أجللنه وأعظمنه، ومن زعم أن أكبرنه حضن فمن أين، وإنما وقع عليه الفعل ذلك، لو قال: أكبرن، وليس في كلام العرب أكبرن حضن، ولكن عسى أن يكون من شده ما أعظمنه حضن.
(وقلن حاش لله) الشين مفتوحة ولا ياء فيه وبعضهم يدخل الياء في آخره، كقوله:
حاشى أبى ثوبان إنّ به= ضنّا عن الملحاة والشّتم
ومعناه معنى التنزيه والاستثناء من الشرن ويقال: حاشيته أي استثنيته). [مجاز القرآن: 1/310-308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({اعتدت}: من العتاد.
{حاش لله}: تبرئة واستثناء). [غريب القرآن وتفسيره: 183]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فلمّا سمعت بمكرهنّ} أي بقولهن وغيبتهن.
{وأعتدت لهنّ} أعتدت من العتاد.
{متّكأً} أي طعاما. يقال: اتكأنا عند فلان: إذا طعمنا. وقد بينت أصل هذا في كتاب «المشكل».
ومن قرأ «متكا» فإنه يريد الأترج. ويقال: الزّماورد.
وأيّا ما كان فإني لا أحسبه سمي متّكأ إلّا بالقطع، كأنه مأخوذ من البتك.
وأبدلت الميم فيه من الباء. كما يقال: سمّد رأسه وسبّده. وشرّ لازم ولازب. والميم تبدل من الباء كثيرا لقرب مخرجهما. ومنه قيل للمرأة التي لم تخفض والتي لا تحبس بولها:
متكاء - أي خرقاء - والأصل بتكاء.
ومما يدل على هذا قوله: {وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّيناً} لأنه طعام لا يؤكل حتى يقطع. وقال جويبر عن الضّحاك: [المتك] كلّ شيء يحزّ بالسكاكين.
{أكبرنه}: هالهن فأعظمنه). [تفسير غريب القرآن: 217-216]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} أي طعاما، يقال: اتّكأنا عند فلان، أي طعمنا.
وقال جميل:
فَظَلِلْنَا بنعمةٍ واتّكأنا = وَشَرِبْنَا الحَلال مِن قُلَلِه
والأصل: أن من دعوته ليطعم أعددت له التكأة للمقام والطمأنينة فسمّى الطعام متّكئا على الاستعارة). [تأويل مشكل القرآن: 180-181]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا سمعت بمكرهنّ أرسلت إليهنّ وأعتدت لهنّ متّكأ وآتت كلّ واحدة منهنّ سكّينا وقالت اخرج عليهنّ فلمّا رأينه أكبرنه وقطّعن أيديهنّ وقلن حاش للّه ما هذا بشرا إن هذا إلّا ملك كريم }
إن قال قائل: لم سمّي قولهنّ مكرا؟
فالجواب فيه أنها قد أطلعتهن، فاستكتمتهنّ فمكرن بها وأفشين سرها، فلما سمعت بما فعلن أرادت أن يوقعني فيما وقعت فيه فأرسلت إليهن.
{أرسلت إليهنّ وأعتدت لهنّ متّكأ}.
(اعتدت) أفعلت من العتاد، وكل ما اتخذته عدة للشيء فهو عتاد ومعنى (متّكأ) ما يتكأ عليه لطعام أو شراب أو حديث.
{وآتت كلّ واحدة منهنّ سكّينا وقالت اخرج عليهنّ}.
يعالجن بالسكين ما يأكلن، وقال بعضهم متكأ، وقالوا واحدته متكة وهي الأترجّ. والقراءة الجيدة (متكأ) بالهمز، يقال: تكئ الرجل - يتكأ، تكأ، والتكا أصله من وكأت،
وإنما متكأ مفتعل، وأصله موتكأ مثل موتزن من الوزن.
{وقالت اخرج عليهنّ}.
إن شئت ضممت التاء، وإن شئت كسرت، والكسر الأصل لسكون التاء والخاء، ومن ضم التاء فلثقل الضمة بعد الكسرة.
وأعتدت لهن الطعام وجعلت في أيديهن السكاكين، وأمرته بالخروج عليهن في هيئته، ولم يكن يتهيأ له أن لا يخرج؛ لأنه بمنزلة العبد لها.
{فلمّا رأينه أكبرنه وقطّعن أيديهنّ}.
أردن أن يقطعن الطعام الذي في أيديهن فدهشن لمّا رأينه فخدشن أيديهن.
ولم يقطعن الأيدي حتى تبين منهنّ.
وهذا مستعمل في الكلام.
يقول الرجل: قد لطعت يدي. يعني أنك قد خدشتها.
ومعنى (أكبرنه) أعظمنه.
ويقال: (أكبرنه) حضن.
وقد رويت عن مجاهد.
وليس ذلك بمعروف في اللغة.
وقد أنشدوا بيتا في هذا وهو قوله:
يأتي النساء على أطهارهنّ ولا= يأتي النساء إذا أكبرن إكبارا
وهذه اللفظة ليست بمعروفة في اللغة.
والهاء في (أكبرنه) تنفي هذا؛ لأنه لا يجوز أن يقول: النساء قد حضنه يا هذا؛ لأن حضن لا يتعدى إلى مفعول.
{وقلن حاش للّه}.
وحاشا للّه، يقرأان - بحذف الألف وإثباتها - ومعناه الاستثناء.
المعنى فيما فسّره أهل التفسير: وقلن: معاذ اللّه ما هذا بشرا.
وأما على مذهب المحققين من أهل اللغة، فحاشا مشتقة من قولك:
كنت في حشا فلان، أي في ناحية فلان، فالمعنى في " حاش للّه، برأه اللّه من هذا. من التّنحّي، المعنى قد نحّى الله هذا من هذا، إذا قلت حاشا لزيد من هذا فمعناه قد تنحّى زيد من هذا، وتباعد منه، كما أنك تقول قد تنحّى من الناحية، وكذلك قد تحاشى، من هذا الفعل.
وقوله عزّ وجلّ: {ما هذا بشرا}.
هذه القراءة المعروفة، وقد رويت: ما هذا بشرى، أي ما هذا بعد مشترى.
وهذه القراءة ليست بشيء، لأن مثل بشريّ " يكتب في المصحف بالياء.
وقولها: {إن هذا إلّا ملك كريم}
" ملك " مطابق في اللفظ لبشر.
وسيبويه، والخليل وجميع النحويين القدماء يزعمون أن بشرا منصوب خبر ما، ويجعلونه بمنزلة ليس و " ما " معناها معنى ليس في النفي، وهذه لغة أهل الحجاز، وهي اللغة القدمى الجيدة.
وزعم بعضهم أن الرفع في قولك: {ما هذا بشرا} أقوى الوجهين، وهذا غلط، لأن كتاب اللّه ولغة رسول اللّه أقوى الأشياء وأقوى اللغات.
ولغة بني تميم: ما هذا بشر.
ولا تجوز القراءة بها إلّا برواية صحيحة.
والدليل على ذلك إجماعهم على: {ما هنّ أمّهاتهم} وما قرأ أحد ما هنّ أمّهاتهم). [معاني القرآن: 3/108-105]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن}
يقال كيف سمى هذا مكرا فالجواب فيه أنها أطلعتهن واستكتمتهن فأفشين سرها فسمي ذلك مكرا
وقوله جل وعز: {وأعتدت لهن متكأ}
روى سفيان عن منصور عن مجاهد قال المتكأ مثقلا الطعام والمتك مخففة الأترج
وروى إسماعيل بن إبراهيم عن أبي رجاء عن الحسن قال المتكأ الطعام
وروى معمر عن قتادة قال المتكأ الطعام
وقيل المتكأ كل ما اتكئ عليه عند الطعام أو شراب أو حديث وهذا هو المعروف عند أهل اللغة إلا أن الروايات قد صحت بذلك
وحكى القتبي أنه يقال اتكأنا عن فلان أي أكلنا
وقد قيل إن المتك الزماورد وقيل يقال بتكه إذا قطعه وشقه فكأن الميم بدل من الباء كما يقال لازم ولازب في نظائر له كثيرة). [معاني القرآن: 3/421-420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلما رأينه أكبرنه}
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أعظمنه
قال أبو جعفر وهذا هو الصحيح ومن قال حضن فقد جاء بما لا يعرف وحضن لا يتعدى
والمعنى هالهن فأعظمنه
ثم قال جل وعز: {وقطعن أيديهن}
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال حزا بالسكين
يريد مجاهد أنه ليس قطعا تبين منه اليد إنما هو خدش وحز وذلك معروف أن يقال إذا خدش الإنسان يد صاحبه قد قطع يده
ثم قال جل وعز: {وقلن حاش الله}
قال مجاهد أي معاذ الله
والذي قال حسن واصله من قولك فلان في حشا فلان أي في ناحيتا فإذا قلت حاشا لزيد فمعناه تنحية لزيد
و{حاش لله} أي نحى الله هذا من هذا
ثم قال جل وعز: {ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم}
وقرئ (ما هذا بشرى) أي بمشترى
والأول أشبه لأن بعده إن هذا إلا ملك كريم ولأن مثل بشرى يكتب في الصحف بالياء). [معاني القرآن: 3/423-421]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بمكرهن} غيبتهن.
{متكأ} أي طعاما، يقال: اتكأنا عند فلان: إذا طعمنا. من أسكن التاء أراد الأترج). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 113]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اَعْتَدَتْ}: اتخذت
{حَاشَ لِلّهِ}: معاذ الله). [العمدة في غريب القرآن: 160]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قالت فذلكنّ الّذي لمتنّني فيه ولقد راودتّه عن نّفسه فاستعصم ولئن لّم يفعل ما آمره ليسجننّ وليكوناً مّن الصّاغرين}
وقال: {وليكوناً مّن الصّاغرين} فالوقف عليها (وليكونا) لأن النون الخفيفة إذا انفتح ما قبلها فوقفت عليها جعلتها ألفا ساكنة بمنزلة قولك "رأيت زيدا" ومثله {لنسفعاً بالنّاصية} الوقف عليها "لنسفعا"). [معاني القرآن: 2/51]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاستعصم} أي امتنع). [تفسير غريب القرآن: 217]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالت فذلكنّ الّذي لمتنّني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجننّ وليكونا من الصّاغرين}
{ليسجننّ وليكونا من الصّاغرين}.
القراءة الجيدة تخفيف ليكونا. والوقوف عليها بالألف، لأن النون الخفيفة تبدل منها في الوقف الألف، تقول: اضربا زيدا، فإذا وقفت قلت: اضربا، كما أبدلت في: رأيت زيدا الألف من التنوين، وقد قرئت: ولتكوننّ - بتشديد النّون، وأكرهها لخلاف المصحف، لأنّ الشديدة لا يبدل منها شيء.
(من الصّاغرين). من المذلّين). [معاني القرآن: 3/108]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقول جل وعز: {ولقد راودته عن نفسه فاستعصم}
معنى فاستعصم فامتنع
وقوله جل وعز: {قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه}
روي أن الزهري قرأ {قال رب السجن أحب إلي}
ومعناه أن أسجن أحب إلي
ومن قرأ بالكسر السجن فمعناه عنده موضع السجن أحب إلي مما يدعونني إليه). [معاني القرآن: 3/424-423]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فاستعصم} أي امتنع). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ربّ السّجن...}
السّجن: المحبس. وهو كالفعل. وكل موضع مشتقّ من فعلٍ فهو يقوم مقام الفعل؛ كما قالت العرب: طلعت الشمس مطلعاً وغربت الشمس مغرباً، فجعلوها خلفاً من المصدر وهما اسمان، كذلك السّجن. ولو فتحت السين لكان مصدراً بيناً. وقد قرئ: {ربّ السّجن} ). [معاني القرآن: 2/44]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أصب إليهنّ} أي أهواهنّ وأميل إليهن، قال: يزيد بن ضبّة
إلى هندٍ صبا قلبي=وهندٌ مثلها تصبى
وقال:
صبا صبوةً بل لجّ وهو لجوج= وزالت له بالأنعمين حدوج).
[مجاز القرآن: 1/311]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أصب إليهن}: أمل إليهن). [غريب القرآن وتفسيره: 183]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه وإلّا تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ وأكن من الجاهلين}
والسّجن جميعا - بكسر السين وفتحها - فمن فتح فعلى المصدر.
المعنى أن أسجن أحبّ إليّ، ومن كسر فعلى اسم المكان، فيكون المعنى: نزول السجن أحبّ إليّ مما يدعونني إليه، أي من ركوب المعصية.
{وإلّا تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ} أي إلا تعصمني أصب إليهنّ، أي أمل إليهن.
يقال: صبا إلى اللّهو يصبو صبوّا، وصبيّا، وصبّا، إذا مال إليه.
وقال: {وإلّا تصرف عنّي كيدهنّ}.. وجائز أن يكون يعني امرأة العزيز وحدها، ألا أنه أراد كيدها وكيد جميع النساء، وجائز أن يكون كيدها وكيد النسوة اللاتي رأين يوسف حين أرتهن إيّاه). [معاني القرآن: 3/109-108]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين}
يقال صبا إلى اللهو صبوا
وروى الفراء صبأ إذا مال إليه). [معاني القرآن: 3/424]

تفسير قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فاستجاب له ربّه...}
ولم تكن منه مسألة إنما قال: {إلاّ تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ} فجعله الله دعاء لأن فيه معنى الدعاء، فلذلك قال: {فاستجاب له ربّه} ومثله في الكلام أن تقول لعبدك:
إلاّ تطع تعاقب، فيقول: إذاً أطيعك كأنك قلت له: أطع فأجابك). [معاني القرآن: 2/44]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {فاستجاب له ربه}
فحمله على المعنى لأن في كلامه معنى الدعاء وإن لم يذكر دعاء). [معاني القرآن: 3/424]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ثمّ بدا لهم مّن بعد ما رأوا الآيات...}
آيات البراءة قدّ القميص من دبر {ليسجننّه حتّى حينٍ} فهذه اللام في اليمين وفي كل ما ضارع القول. وقد ذكرناه. ألا ترى قوله: {وظنّوا ما لهم من محيصٍ} {ولقد علموا لمن اشتراه} دخلت هذه اللام و(ما) مع الظنّ (والعلم) لأنهما في معنى القول واليمين). [معاني القرآن: 2/44]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ثمّ بدا لهم مّن بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه حتّى حينٍ}
وقال: {ثمّ بدا لهم مّن بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه حتّى حينٍ} فأدخل النون في هذا الموضع لأن هذا موضع تقع فيه "أي" فلما كان حرف الاستفهام يدخل فيه،
دخلته النون لأن النون تكون في الاستفهام تقول "بدا لهم أيّهم يأخذون" أي استبان لهم). [معاني القرآن: 2/52-51]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات}
قال مجاهد يعني قد القميص
وقال قتادة يعني قد القميص وحز الأيدي
ثم بين الذي بدا لهم فقال جل وعز: {ليسجننه حتى حين} ). [معاني القرآن: 3/425-424]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 06:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 36 إلى 57]

{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57)}

تفسير قوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّا نراك من المحسنين...}
يقول: من العالمين قد أحسنت العلم...
- حدّثنا ابن الغسيل الأنصاريّ عن عكرمة قال: الحين حينان: حين لا يدرك وهو قوله عزّ وجلّ: {هل أتى على الإنسان حينٌ من الدّهر}
(قال الفرّاء فهذا يقلّ ويكثر) ليست له غاية. قال عكرمة: وحينٌ يدرك وهو قوله: {تؤتي أكلها كلّ حينٍ} يعني ستّة أشهر). [معاني القرآن: 2/45]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أعصر خمراً} يقال لا، عنبا. قال الأصمعي: أخبرني المعتمر بن سليمان أنه لقي أعرابيا معه عنب، فقال ما معك؟
فقال: خمر.
وتكون الخمر بعينها، كما يقال: عصرت زيتا، وإنما عصرت زيتونا). [تفسير غريب القرآن: 217]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ودخل معه السّجن فتيان قال أحدهما إنّي أراني أعصر خمرا وقال الآخر إنّي أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطّير منه نبّئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين}
ولم يقل فحبس لأن في قوله: (ودخل معه السّجن) دليلا أنه حبس.
و " فتيان، جائز أن يكونا حدثين أو شيخين، لأنهم كانوا يسمون المملوك فتى.
{قال أحدهما إنّي أراني أعصر خمرا}.
ولم يقل إني أراني في النوم أعصر خمرا، لأن الحال تدلّ على أنه ليس يرى نفسه في اليقظة يعصر خمرا.
وقال أهل اللغة: الخمر في لغة عمان اسم للعنب، فكأنّه قال: أراني أعصر عنبا، ويجوز أن يكون عنى الخمر بعينها، لأنه يقال للذي يصنع من التمر الدبس هذا يعمل دبسا، وإنّما يعمل التمر حتى يصير دبسا، وكذلك كل شيء نقل من شيء.
وكذلك قوله أعصر خمرا، أي أعصر عنب الخمر أي العنب الّذي يكون عصيره خمرا.
{وقال الآخر إنّي أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطّير منه نبّئنا بتأويله}.
أي تأويل ما رأينا.
وقولهما {نبّئنا بتأويله} يدل على أنهما رأيا ذلك في النوم، لأنه لا تأويل لرؤية اليقظة غير ما يراه الإنسان.
{إنّا نراك من المحسنين}.
جاء في التفسير أنه كان يعين المظلوم وينصر الضعيف، ويعود العليل.
وقيل من المحسنين، أي ممن يحسن التأويل. وهذا دليل أنّ أمر الرؤيا صحيح، وأنها لم تزل في الأمم الخالية، ومن دفع أمر الرؤيا وأنّه منها ما يصح فليس بمسلم لأنه يدفع القرآن والأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه روي عن رسول الله أن الرؤيا جزء من أربعين جزءا من النبوة.
وتأويله أن الأنبياء يخبرون بما سيكون.
والرؤيا الصادقة تدل على ما سيكون). [معاني القرآن: 3/110-109]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ودخل معه السجن فتيان}
يجوز أن يكونا شابين وأن يكون شيخين والعرب تستعمل هذا
ثم قال جل ذكره: {قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا}
في هذا أقوال منها
أن الخمر ههنا العنب ومنها أن المعنى عنب خمر ومنها أن يكون مثل قولك أن أعصر زيتا أي أعصر ما يؤول أمره إلى الزيت كما قال:

الحمد لله العلي المنان = صار الثريد في رؤوس العيدان
وإنما يعني السنبل فسماه ثريدا لأن الثريد منه وهذا قول حسن
والأول أبينها وأهل التفسير علي
حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني أحمد بن سعيد قال وهب بن جرير عن أبيه عن علي بن الحكم عن الضحاك في وقوله: {إني أراني أعصر خمرا} قال فالخمر العنب وإنما يسمي أهل عمان العنب الخمر
ثم قال تبارك وتعالى: {وقال الآخر إني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين}
في هذا قولان:
أحدهما إنا نراك تحسن تأويل الرؤيا
والقول الآخر يروى عن الضحاك أنه كان يعين المظلوم ويعود المريض وينصر الضعيف ويوسع للرجال
فحاد عن جوابهما إلى غير ما سألاه عنه فقال لا يأتيكما
وفي هذا قولان:
أحدهما أن ابن جريج قال لم يرد أن يعبر لهما الرؤيا فحاد عن مسئلتهما فلم يتركاه حتى عبرها
وقال غيره أراد أن يعلمهما أنه نبي وأنه يعلمها بالغيب فقال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما
ويروى أن الملك كان إذا أراد قتل إنسان وجه إليه بطعام بعينه لا يتجاوزه
ثم أعلمهما أن ذلك العلم من عند الله لا بكهانة ولا تنجيم فقال ذلكما مما علمني ربي). [معاني القرآن: 3/427-425]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أعصر خمرا} أي عنبا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ نبّأتكما بتأويله...}
يقول: بسببه وألوانه. وقوله: {وهم بالآخرة هم كافرون} العرب لا تجمع اسمين قد كني عنهما ليس بينهما شيء إلاّ أن ينووا التكرير وإفهام المكلّم؛ فإذا أرادوا ذلك قالوا: أنت أنت فعلت، وهو هو أخذها. ولا يجوز أن نجعل الآخرة توكيداً للأولى، لأن لفظهما واحد. ولكنهم إذا وصلوا الأوّل بناصب أو خافض أو رافع أدخلوا له اسمه فكان توكيداً. أمّا المنصوب فقولك: ضربتك أنت، والمخفوض: مررت بك أنت، والمرفوع: قمت أنت. وإنما فعلوا ذلك لأن الأوّل قلّ واختلف لفظه، فأدخلوا اسمه المبتدأ. فإذا قالوا: أنت فينا أنت راغب ففرقوا بينهما بصفة قالوا ذلك، وكأنه في مذهبه بمنزلة قوله: {كتب عليه أنّه من تولاّه فأنّه يضلّه} كأنّ الأوّل ملغىً والاتّكاء والخبر عن الثاني. وكذلك قوله: {أيعدكم أنّكم إذا متّم} ثم قال: {أنّكم مخرجون} وهما جميعاً في معنى واحد، إلا أن ذلك جاز حين فرق بينهما بإذا. ومثله: {وهم بالآخرة هم يوقنون} ). [معاني القرآن: 2/45]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلّا نبّأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما ممّا علّمني ربّي إنّي تركت ملّة قوم لا يؤمنون باللّه وهم بالآخرة هم كافرون}
وليس هذا جواب ما سألا عنه، إنما سألا أن يخبرهما بتأويل ما رأياه فأحب يوسف عليه السلام أن يدعوهما إلى الإيمان وأن يعلمهما أنه نبي، وأن يدلهما على نبوته بآية معجزة، فأعلمهما أنه يخبرهما بكلّ طعام يؤتيان به قبل أن يرياه، ثم أعلمهما أن كل ذلك مما عرفه الله إياه فقال: {ذلكما ممّا علّمني ربّي}.
أي لست أخبركما على جهة التكهّن، والتنجّم، إنما أخبركما بوحي من اللّه وعلم، ثم أعلمهما أن هذا لا يكون إلا لمؤمن بنبي فقال:
{إنّي تركت ملّة قوم لا يؤمنون باللّه وهم بالآخرة هم كافرون * واتّبعت ملّة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك باللّه من شيء ذلك من فضل اللّه علينا وعلى النّاس ولكنّ أكثر النّاس لا يشكرون} ). [معاني القرآن: 3/110]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم أعلمهما أنه مؤمن فقال: {إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله}
ثم قال بعد ذلك {من فضل الله علينا وعلى الناس}
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ذلك من فضل الله علينا أن جعلنا أنبياء وعلى الناس أن بعثنا إليهم رسلا). [معاني القرآن: 3/427]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واتّبعت ملّة آبائي...}
تهمز وتثبت فيها الياء. وأصحابنا يروون عن الأعمش
{ملّة آباي إبراهيم} و{دعاي إلاّ فراراً} بنصب الياء لأنه يترك الهمز ويقصر الممدود فيصير بمنزلة محياي وهداي). [معاني القرآن: 2/46-45]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إنّي تركت ملّة قوم لا يؤمنون باللّه وهم بالآخرة هم كافرون * واتّبعت ملّة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك باللّه من شيء ذلك من فضل اللّه علينا وعلى النّاس ولكنّ أكثر النّاس لا يشكرون}
أي اتباعا الإيمان بتوفيق اللّه لنا بفضله علينا (وعلى الناس) بأن دلهم على دينه المؤدّي إلى صلاحهم.
{ولكنّ أكثر النّاس لا يشكرون} ). [معاني القرآن: 3/111-110]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم أعلمهما أنه مؤمن فقال: {إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله}
ثم قال بعد ذلك {من فضل الله علينا وعلى الناس}
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ذلك من فضل الله علنا أن جعلنا أنبياء وعلى الناس أن بعثنا إليهم رسلا). [معاني القرآن: 3/427] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قال لهما: {يا صاحبي السّجن أأرباب متفرّقون خير أم اللّه الواحد القهّار}
فدعاهم إلى توحيد اللّه بعد أن علمهما أنه يخبرهما بالغيب). [معاني القرآن: 3/111]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم دعاهما إلى الإسلام بعد فقال: {يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} ).
[معاني القرآن: 3/428]

تفسير قوله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قال: {ما تعبدون من دونه إلّا أسماء سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل اللّه بها من سلطان إن الحكم إلّا للّه أمر ألّا تعبدوا إلّا إيّاه ذلك الدّين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}
أي أنتم جعلتم هذه الأسماء آلهة.
ثم أخبرهم بتأويل الرؤيا بعد أن دعاهم إلى الإيمان.
فأما تكرير قوله هم فعلى جهة التوكيد). [معاني القرآن: 3/111]

تفسير قوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قضي الأمر الّذي فيه تستفتيان...}
ذكروا أنه لما عبّر لهما الرؤيا فقال للآخر: تصلب رجعا عن الرؤيا، فقالا: لم نر شيئاً فقال يوسف: {قضي الأمر الّذي فيه تستفتيان} ). [معاني القرآن: 2/46]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا صاحبي السّجن أمّا أحدكما فيسقي ربّه خمرا وأمّا الآخر فيصلب فتأكل الطّير من رأسه قضي الأمر الّذي فيه تستفتيان}
فكان هذا صاحب شراب الملك، فأعلمه أن تأويل ما رأى هو هذا.
ويجوز فيسقي، والأجود فيسقي، تقول سقيته بمنزلة ناولته فشرب.
وأسقيته جعلت له سقيا، تقول أسقيته من كذا وكذا أي جعلت له سقيا.
وقوله عزّ وجلّ: {قضي الأمر الّذي فيه تستفتيان}.
لمّا تأول لهما الرؤيا قال الذي أنبأه بأنّه يصلب أنه لم ير شيئا فأعلمه أنّ ذلك واقع به وإن لم ير، كما أعلمهما بخبر ما يأتيهما من الطعام). [معاني القرآن: 3/111]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا}
أي يكون على شراب الملك
قال عبد الله بن مسعود لما عبر لهما الرؤيا قالا ما رأينا شيئا فقال قضي الأمر الذي فيه تستفتيان
وقال أبو مجلز كان أحدهما صادقا والآخر كاذبا فقال قضي الأمر الذي فيه تستفتيان أي وقع على ما قلت حقا كان أو باطلا). [معاني القرآن: 3/428]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فيسقي ربه} أي: مالكه ومولاه). [ياقوتة الصراط: 274]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأنساه الشّيطان...}.
يقول: أنسى الشيطان يوسف أن يجعل ذكره ومستغاثه إلى الله. ويقال: أنسى الشيطان الساقي أن يذكر أمر يوسف.
وقوله: {ذكر ربّه} يقول: ذكر يوسف لمولاه.
وقوله: {فلبث في السّجن بضع سنين} ذكروا أنه لبث سبعاً بعد خمس والبضع ما دون العشرة). [معاني القرآن: 2/46]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (اذكرني عند ربّك) أي عند سيدك من بني آدم ومولاك وقال:
فإن يك ربّ أذوادٍ بحسمي= اصابوا من لقائك ما أصابوا
قال الأعشى:
ربّي كريم لا يكدّر نعمةً=وإذا تنوشد في المهارق أنشدا
يعني النٌّعمان إذا سئل بالمهارق الكتب، أنشدا: أعطى كقولك: إذا سئل أعطى). [مجاز القرآن: 1/312-311]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {عند ربك}: عند سيدك). [غريب القرآن وتفسيره: 183]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {اذكرني عند ربّك} أي عند سيدك. قال الأعشى يصف ملكا:
ربي كريم لا يكدر نعمة =وإذا يناشد بالمهارق أنشدا
{فلبث في السّجن بضع سنين} يقال: ما بين الواحد إلى تسعة.
وقال أبو عبيدة: هو ما [لم] يبلغ العقد ولا نصفه. يريد: ما بين الواحد إلى الأربعة). [تفسير غريب القرآن: 217]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال للّذي ظنّ أنّه ناج منهما اذكرني عند ربّك فأنساه الشّيطان ذكر ربّه فلبث في السّجن بضع سنين}
أي عند الملك صاحبك.
{فأنساه الشّيطان ذكر ربّه} أنسى يوسف الشيطان أن يذكر اللّه.
{فلبث في السّجن بضع سنين} اختلفوا في البضع فقال بعضهم: البضع ما بين الثلاث إلى الخمس.
وقال قطرب إلى السبع.
وقال الأصمعي وهو القول الصحيح: البضع ما بين الثلاث إلى التسع، واشتقاق البضع والبضعة من قطعت الشيء فمعناه القطعة ممن العدد، فجعل لما دون العشرة من الثلاث إلى التسع). [معاني القرآن: 3/112-111]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك}
قال مجاهد عند الملك وذلك معروف في اللغة أن يقال للسيد رب قال الأعشى:
ربي كريم لا يكدر نعمة = وإذا تنوشد بالمهارق أنشدا
وقوله جل وعز: {فأنساه الشيطان ذكر ربه}
قال مجاهد فأنسى يوسف الشيطان ذكر ربه أن يسأله ويتضرع إليه حتى قال لأحد الفتيين اذكرني عند ربك
وروى إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن الحسن قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم لولا كلمة يوسف يعني قوله: {اذكرني عند ربك} ما لبث في السجن ما لبث
قال ثم يبكي الحسن ويقول نحن ينزل بنا الأمر فنشكوا إلى الناس
وقوله جل وعز: {فلبث في السجن بضع سنين}
روى معمر عن قتادة قال يعني أنه لبث في السجن سبع سنين
وقال وهب أقام أيوب في البلاء سبع سنين وأقام يوسف في السجن سبع سنين
قال الفراء ذكروا أنه لبث سبعا بعد خمس سنين بعد قوله: {اذكرني عند ربك} قال والبضع ما دون العشر
قال الأخفش البضع من واحد إلى عشرة
وقال قتادة البضع يكون بين الثلاث والتسع والعشر وهو قول الأصمعي
قال العتبي قال أبو عبيدة ليس البضع العقد ولا نصف العقد نذهب إلى أنه من الواحد إلى الأربعة
وقال قطرب البضع ما بين الثلاث إلى التسع
قال أبو جعفر قيل أصحهما قول الأصمعي لأن داود بن هند روى عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رحمه الله حين خاطر قريشا في غلبة الروم فارس فمضى ست سنين وقال أبو بكر سيغلبون في بضع سنين فقال النبي صلى الله عليه وسلم كم البضع فقال ما بين الثلاث إلى التسع فخاطرهم أبو بكر وزاد فجاء الخبر بعد ذلك أن الروم قد غلبت فارس). [معاني القرآن: 3/431-428]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وقال للذي ظن أنه} أي: تيقن أنه ناج منهما). [ياقوتة الصراط: 274]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {اذكرني عند ربك} أي: عند مولاك ومالكك). [ياقوتة الصراط: 275]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عند ربك} عند سيدك.
و(البضع) من الواحد إلى تسعة، وقيل: هو من الواحد إلى الأربعة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رَبِّكَ}: سيدك). [العمدة في غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّي أرى سبع بقراتٍ...}
هو من كلام العرب: أن يقول الرجل: إني أخرج إلى مكّة وغير ذلك، فعلم أنه للنوم ولو أراد الخبر لقال: إني أفعل إني أقوم فيستدلّ على أنها رؤيا لقوله: أرى، وإن لم يذكر نوماً.
وقد بيّنها إبراهيم عليه السلام فقال: {إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك} ). [معاني القرآن: 2/46]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الملك إنّي أرى سبع بقرات سمان يأكلهنّ سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيّها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرّؤيا تعبرون}
{سبع عجاف} العجاف التي قد بلغت في الهزال الغاية والنهاية.
{يا أيّها الملأ أفتوني في رؤياي} الملأ الذين يرجع إليهم في الأمور، ويقتدي بآرائهم.
{إن كنتم للرّؤيا تعبرون} هذه اللام أدخلت على المفعول لتبين المعنى إن كنتم تعبرون، وعابرين ثم بين باللام فقال للرؤيا.
ومعنى عبّرت الرؤيا وعبرتها خبرت بآخر ما يؤول إليه أمرها.
واشتققته من عبر النهر، وهو شاطئ النهر، فتأويل عبرت النهر، أي بلغت إلى عبره، أي شاطئه، وهو آخر عرضه). [معاني القرآن: 3/112]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف}
والعجاف التي قد بلغت النهاية في الهزال
ومعنى عبرت الرؤيا أخرجتها من حال النوم إلى حال اليقظة مأخوذ من العبر وهو الشاطئ). [معاني القرآن: 3/431]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أضغاث أحلامٍ...}
رفع، لأنهم أرادوا: ليس هذه بشيء إنما في أضغاث أحلام. وهو كقوله: {ماذا أنزل ربّكم قالوا أساطير الأوّلين} كفروا فقالوا: لم ينزل شيئاً، إنما هي أساطير الأولين.
ولو كان (أضغاث أحلامٍ) أي أنك رأيت أضغاث أحلام كان صواباً). [معاني القرآن: 2/47-46]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أضغاث أحلامٍ} واحدها ضغث مكسور وهي ما لا تأويل لها من الرؤيا، أراه جماعات تجمع من الرؤيا كما يجمع الحشيش، فيقال ضغث، أي ملء كف منه،
قال عوف بن الخرع التّيميّ:
وأسفل مني نهدةً قد ربطتها= وألقيت ضغثا من خلىً متطيّب
أي تطيبت لها أطايب الحشيش، وفي آية أخرى {وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به} ). [مجاز القرآن: 1/312]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا أضغاث أحلامٍ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}
وقال: {وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين} فإحدى الباءين أوصل بها الفعل إلى الاسم والأخرى دخلت لـ"ما" وهي الآخرة). [معاني القرآن: 2/52]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أضغاث أحلام}: لا تأويل له. والضغث ملء اليد من
الحشيش وما أشبه ذلك). [غريب القرآن وتفسيره: 183-184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قالوا أضغاث أحلامٍ} أي أخلاط أحلام. من أضغاث النبات يجمعها الرجل فيكون ضروب مختلفة.
والأحلام واحدها حلم). [تفسير غريب القرآن: 217]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}
والضغث في اللغة الحزمة والباقة من الشيء، كالبقل وما أشبهه، فقالوا له: رؤياك أضغاث أحلام، أي حزم أخلاط ليست برؤيا بينة.
(وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) أي ليس للرؤية المختلطة عندنا تأويل). [معاني القرآن: 3/113-112]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}
روى معمر عن قتادة أي أخلاط والضغث عند أهل اللغة كذلك يقال لكل مختلط من بقل أو حشيش أو غيرهما ضغث
أي هذه الرؤيا مختلطة ليست ببينة). [معاني القرآن: 3/431]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أضغاث أحلام} أي أخلاط أحلام، واحدها حلم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَضْغَاثُ}: لا تأويل له). [العمدة في غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وادّكر بعد أمّةٍ...}
الأمة: الحين من الدهر. وقد ذكر عن بعضهم (بعد أمهٍ) وهو النسيان. يقال رجل مأموه كأنه الذي ليس معه عقله وقد أمه الرجل). [معاني القرآن: 2/47]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وادّكر بعد أمّةٍ} أي افتعل من ذكرت فأدغم التاء في الذال فحولوها دالاً ثقيلة بعد أمةٍ أي بعد حين، وبعضهم يقرؤها بعد أمه، أي بعد نسيان، ويقال: أمهت تأمه أمهاً، ساكن أي نسيت). [مجاز القرآن: 1/313]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وقال الّذي نجا منهما وادّكر بعد أمّةٍ أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون}
وقال: {واذّكر بعد أمّةٍ} وإنما هي "افتعل" من "ذكرت" فأصلها "اذتكر"، ولكن اجتمعا في كلمة واحدة ومخرجاهما متقاربان، وأرادوا أن يدغموا والأول حرف مجهور وإنما يدخل الأول في الآخر والآخر مهموس، فكرهوا أن يذهب منه الجهر فجعلوا في موضع التاء حرفا من موضعها مجهورا وهو الدال لأن الحرف الذي قبلها مجهور. ولم يجعلوا الطاء لأن الطاء مع الجهر مطبقة. وقد قال بعضهم (مذّكر) فأبدل التاء ذالا ثم أدخل الذال فيها. وقد قرئت هذه الآية {أن يصلحا بينهما صلحاً} وهي "أن يفتعلا" من "الصلح" فكانت التاء بعد الصاد فلم تدخل الصاد فيها للجهر والإطباق. فأبدلوا التاء صادا وقال بعضهم (يصطلحا) وهي الجيدة. لما لم يقدر على إدغام الصاد في التاء حول في موضع التاء حرفٌ مطبق).
[معاني القرآن: 2/52]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {بعد أمة}: بعد حين، ومن قرأ بعد {أمة} بعد نسيان). [غريب القرآن وتفسيره: 184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وادّكر بعد أمّةٍ} أي بعد حين. يقال: بعد سبع سنين. ومن قرأ (بعد أمه) أراد: بعد نيسان). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال الّذي نجا منهما وادّكر بعد أمّة أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون }
أي بعد حين، وقرأ ابن عباس: واذّكر بعد أمه، والأمة النسيان، يقال أمه يأمه أمها. هذا الصحيح بفتح الميم، وروى بعضهم عن أبي عبيدة: أمه بسكون الميم، وليس ذلك بصحيح عنه، لأن المصدر أنه يأمه أمه لا غير.
وقرأ الحسن: أنا آتيكم بتأويله، وأكرهها، لخلاف المصحف.
{وادّكر} أصله واذتكر، ولكن التاء أبدل منها الذال وأدغمت الذال في الدال.
ويجوز واذّكر بالذال، والأجود الدال). [معاني القرآن: 3/113]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمه}
روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وسفيان عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس بعد أمة بعد حين
روى عفان عن همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أنه قرأ وادكر بعد أمه والمعروف من قراءة ابن عباس وعكرمة وادكر بعد أمة
وفسراه بعد نسيان والمعنيان متقاربان لأنه ذكر بعد حين وبعد نسيان
ثم قال تعالى: {أنا أنبئكم بتأويله} أي أنا أخبركم
وقرأ الحسن آتيكم بتأويله وقال كيف يبئهم العلج
قال أبو جعفر ومعنى أنبئكم صحيح حسن أي أنا أخبركم إذا سألت). [معاني القرآن: 3/433-432]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وادكر بعد أمة} أراد: حين. ومن قرأ (بعد أمة) أراد: بعد نسيان). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَعْدَ أُمَّةٍ}: بعد حين
{بعد أمه}: نسيان). [العمدة في غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وسبع سنبلاتٍ خضرٍ...}
لو كان الخضر منصوبة تجعل نعتاً للسّبع حسن ذلك. وهي إذا خفضت نعت للسنبلات.
وقال الله عزّ وجل: {ألم تروا كيف خلق اللّه سبع سمواتٍ طباقاً} ولو كانت (طباقٍ) كان صوابا). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الصّدّيق}: الكثير الصدق. كما يقال: فسّيق وشرّيب وسكّير، إذا كثر ذلك منه). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -: {يوسف أيّها الصّدّيق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهنّ سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلّي أرجع إلى النّاس لعلّهم يعلمون}
أراد يا يوسف، والنداء يجوز في المعرفة حذف يا منه، فتقول: يا زيد.
أقبل، وزيد أقبل.
قال الشاعر:
محمد تفد نفسك كل نفس= إذا ما خفت من أمر تبالا
أراد يا محمد.
والصديق المبالغ في الصّدقة، والتصديق.
وقوله: {لعلّي أرجع إلى النّاس لعلّهم يعلمون}.
أي لعلهم يعلمون تأويل رؤيا الملك، ويجوز أن يكون: لعلهم يعلمون مكانك فيكون ذلك سبب خلاصك من الحبس). [معاني القرآن: 3/114-113]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فأرسلون يوسف أيها الصديق}
وفي الكلام حذف والمعنى فذهب فقال يا يوسف
وقوله جل وعز: {لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون} يجوز أن يكون المعنى لعلهم تأويل رؤيا الملك
ويجوز أن يكون لعلهم يعلمون بموضعك فتخرج من السجن). [معاني القرآن: 3/433]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الصديق} الكثير الصدق، مثل شريب، وفسيق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {دأباً...}
وقرأ بعض قرّائنا {سبع سنين دأباً}: فعلاً. وكذلك كل حرف فتح أوّله وسكّن ثانيه فتثقيله جائز إذا كان ثانيه همزة أو عيناً أو غيناً أو حاء أو خاء أو هاء). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تزرعون سبع سنين دأباً} أي جدّا في الزراعة ومتابعة. وتقرأ (دأبا): بفتح الهمزة. وهما واحد.
يقال دأبت أدأب دأبا ودأبا). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلّا قليلا ممّا تأكلون}
أي تدأبون دأبا، ودلّ على تدأبون (تزرعون).
والدّأب الملازمة للشيء والعادة). [معاني القرآن: 3/114]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( {قال تزرعون سبع سنين دأبا} أي تباعا واعتيادا
قال أبو عبيدة معنى تحصنون تحرزون). [معاني القرآن: 3/434-433]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دأبا} أي جدا في الزراعة ومتابعة. وكذلك من فتح الهمزة، يقال: دأب يدأب دأبا، ودأبا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دَأَبًا}: كعادتكم). [العمدة في غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يأكلن ما قدّمتم لهنّ...}
يقول ما تقدّمتم فيه لهنّ من الزرع). [معاني القرآن: 2/47]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ قليلاً ممّا تحصنون} أي مما تحرزون). [مجاز القرآن: 1/313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تحصنون}: تحرزون). [غريب القرآن وتفسيره: 184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تحصنون} أي تحرزون). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تحصنون} تحرزون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تُحْصِنُونَ}: تحرزون). [العمدة في غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وفيه يعصرون} أي به ينجون وهو من العصر وهي العصرة أيضاً وهي المنجاة،
قال: ولقد كان عصرة المنجود
أي المقهور المغلوب،
وقال لبيد:
فبات وأسرى القوم آخر ليلهم= وما كان وقّافاً بغير معصّرٍ).
[مجاز القرآن: 1/314-313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وفيه يعصرون}: ينجون). [غريب القرآن وتفسيره: 184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يغاث النّاس} أي يمطرون. والغيث: المطر.
{وفيه يعصرون} يعني: الأعناب والزيت.
وقال أبو عبيدة: {يعصرون}: ينجون والعصرة النّجاة.
قال الشاعر:
ولقد كان عصرة المنجود= أي غياثا ومنجاة للمكروب).
[تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ثمّ يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون}
{وفيه يعصرون} وقرئت: وفيه يعصرون، فمن قال وفيه يعصرون بالياء أي يأتي العام بعد أربع عشرة سنة الذي فيه، يغاث الناس فيعصرون فيه الزيت والعنب.
ومن قرأ يعصرون أراد يمطرون، من قوله: (وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا "، ومن قرأ: وفيه تعصرون، فإن شاء كان على تأويل يعصرون، وأن شاء كان على تأويل وفيه تنجون من البلاء، وتعتصمون بالخصب.
قال عدي بن زيد:
لو بغير الماء حلقي شرق= كنت كالغضان بالماء اعتصاري
ويقال: فلان في عصر وفي عصر، إذا كان في حصن لا يقدر عليه). [معاني القرآن: 3/114]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل ذكره: {ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون}
روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال يعصرون العنب والزيت
ويقرأ تعصرون ويعصرون ويعصرون
وزعم أبو عبيدة أن معنى يعصرون ينجون من العصرة والعصر وهما المنجا وأنشد أحمد بن جعفر لأبي زبيد:
صاديا يستغيث غير مغاث = ولقد كان عصره المنجود
والمنجود الفزع
قال أبو جعفر والأجود في هذا أن يكون المعنى فيه ما قال
ابن عباس وابن جريج في يعصرون
وأما معنى تعصرون فمعناه تمطرون من قوله: {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا}
وكذلك معنى تعصرون). [معاني القرآن: 3/435-434]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يغاث الناس} أي يمطرون.
{يعصرون} أي ينجون. والعصرة: المنجاة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَعْصِرُونَ}: تحلبون). [العمدة في غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله سبحانه: {وقال الملك ائتوني به فلمّا جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليم}
لما أعلم بمكانه من العلم بالتأويل طلبه {قال ارجع إلى ربّك فاسأله}.
أي إلى صاحبك، ورب الشيء صاحبه
{فاسأله ما بال النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ}.
ويجوز اللائي قطعن، أي اسأله أن يستعمل صحة براءتي مما قرفت به.
ويروى أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لو كنت في مكان يوسف ثم جاءني الرسول لبادرت إليه أنه - صلى الله عليه وسلم - استحسن حزم يوسف وصبره حين دعاه الملك فلم يبادر إليه حتى يعلم أنه قد استقر عند الملك صحة براءته). [معاني القرآن: 3/115-114]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك}
يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجب من صبره وقال لو كنت مكانه ثم جاء الرسول لبادرت ثم قال: {فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} [معاني القرآن: 3/435]
ولم يذكر امرأة العزيز فيهن حسن عشرة منه وأدبا). [معاني القرآن: 3/436]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحقّ...}
لمّا دعا النسوة فبرّأته قالت: لم يبق إلا أن يقبل عليّ بالتقرير فأقرّت، فذلك قوله: {حصحص الحقّ} يقول: ضاق الكذب وتبيّن الحقّ). [معاني القرآن: 2/47]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الآن حصحص الحقّ} أي الساعة وضح الحقّ وتبيّن). [مجاز القرآن: 1/314]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال ما خطبكنّ إذ راودتّنّ يوسف عن نّفسه قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحقّ أنا راودتّه عن نّفسه وإنّه لمن الصّادقين}
قال: {إذ راودتنّ يوسف عن نّفسه} وقال بعض أهل العلم: "إنهن راودنه لا امرأة الملك" وقد يجوز وإن كانت واحدة أن تقول "راودتنّ" كما تقول {إنّ الناس قد جمعوا لكم}
وهذا ههنا واحد يعنى بقوله لكم النبيّ صلى الله عليه و(الناس) "أبا سفيان" فيما ذكروا). [معاني القرآن: 2/53-52]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {حصحص الحق}: وضح وتبين). [غريب القرآن وتفسيره: 184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما خطبكنّ} ما أمركنّ، ما شأنكنّ؟
{الآن حصحص الحقّ} أي وضح وتبيّن). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يتصل الكلام بما قبله حتى يكون كأنه قول واحد وهو قولان:
نحو قوله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً}، ثم قال: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}، وليس هذا من قولها، وانقطع الكلام عند قوله: {أَذِلَّةً}،
ثم قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}.
وقوله: {الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}، هذا قول المرأة، ثم قال يوسف: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}،
أي ليعلم الملك أني لم أخن العزيز بالغيب.
وقوله: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}، وانقطع الكلام، ثم قالت الملائكة: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}
وقوله حكاية عن ملأ فرعون: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ}
هذا قول الملأ، ثم قال فرعون: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} ). [تأويل مشكل القرآن: 295-294] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوء قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين}
لم يفرد يوسف عليه السلام امرأة العزيز بالذكر، حسن عشرة منه وأدب. فخلطها بالنسوة.
وقوله: {قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوء}.
قرئت " حاش للّه " و " حاشا للّه" وقرأ الحسن: حاش للّه بتسكين الشين.
ولا اختلاف بين النحويين أن الإسكان غير جائز، لأن الجمع بين ساكنين لا يجوز ولا هو من كلام العرب.
{ما علمنا عليه من سوء}.
فأعلم النسوة الملك ببراءة يوسف، وقالت - امرأة العزيز: {الآن حصحص الحقّ}.
أي برز وتبيّن، واشتقاقه في اللغة من الحصّة، أي بانت حصّة الحق وجهته من جهة الباطل). [معاني القرآن: 3/115]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقول جل وعز: {قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه}
روى إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال جمع فرعون النسوة فقال لهن أنتن راودتن يوسف عن نفسه فقالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين فقال يوسف ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب إن الله لا يهدي كيد الخائنين فقال جبريل عليه السلام وغمزه ولا حين هممت فقال:
{وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
قال أبو جعفر وهذا كلام غامض عند أهل العربية لأن كلام يوسف مختلط بما قبله وغير منفصل منه ألا تراه خبر عن امرأة العزيز أنها قالت أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ثم اتصل به قول يوسف {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب}
ونظيره إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون
قال أبو جعفر وفي الآية تأويل آخر
روى حجاج عن ابن جريج قال: قال يوسف ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب
وقال ابن جريج وهذا من تقديم القرآن وتأخيره
قال أراد أن يبين عذره قبل أن يخرج من السجن فهذا على هذا التأويل قاله يوسف في السجن
وعلى تأويل ابن عباس قاله يوسف بعد ما خرج من السجن حين جمعه الملك مع النسوة
قال أبو جعفر والتأويلان حسنان والله أعلم بحقيقة ذلك
قال مجاهد وقتادة معنى حصحص الحق تبين
قال أبو إسحاق هو مأخوذ من الحصة أي بانت حصة الحق من حصة الباطل). [معاني القرآن: 3/438-436]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حصحص} وضح وتبين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَصْحَصَ}: تبين). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب...}:
قال ذلك يوسف لما رجع إليه الساقي فأخبره ببراءة النسوة إيّاه. فقال يوسف {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} وهو متّصل بقول امرأته {الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين ذلك} وربّما وصل الكلام بالكلام، حتى كأنه قول واحدٍ وهو كلام اثنين، فهذا من ذلك. وقوله: {من أرضكم بسحره فماذا تأمرون} اتّصل قول فرعون بقول الملأ: وكذلك قوله: {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها} إلى قوله: {وكذلك يفعلون} انقطع كلامها عند قوله: {أذلّةً} ثم قال عزّ وجلّ: {وكذلك يفعلون} ويقال إنه من قول سليمان عليه السّلام). [معاني القرآن: 2/48-47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنها إرشاد بالإمضاء، كقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}، أي لا يمضيه ولا ينفذه، ويقال: لا يصلحه.
وبعض هذا قريب من بعض). [تأويل مشكل القرآن: 444]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين }
هذا قول يوسف عليه السلام، المعنى إني أردت التبيين للملك أمر امرأته والنسوة، ليعلم أني لم أخنه بالغيب.
و " ذلك " مرفوع بالابتداء، وإن شئت على خبر الابتداء.
كأنّه قال: أمري ذلك.
ويروى أن جبريل عليه السلام قال له: ولا حين حللت التكة، وقيل ولا حين هممت، فقال:
{وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارة بالسّوء إلّا ما رحم ربّي إنّ ربّي غفور رحيم}. [معاني القرآن: 3/116-115]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء إلاّ ما رحم ربّي...}
(ما) في موضع نصب. وهو استثناء منقطع ممّا قبله: ومثله {إلاّ حاجةً في نفس يعقوب قضاها} ومثله في سورة يس {فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون إلاّ رحمةً منّا} إنما هو
- والله أعلم - إلا أن يرحموا. و(أن) تضارع (ما) إذا كانتا في معنى مصدر). [معاني القرآن: 2/48]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارة بالسّوء إلّا ما رحم ربّي إنّ ربّي غفور رحيم}
موضع ما نصب على الاستثناء). [معاني القرآن: 3/116]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلمّا كلّمه قال إنّك اليوم لدينا مكين أمين }
{أستخلصه لنفسي}.جزم جواب الأمر، ومعنى أستخلصه: أي أجعله خالصا لي، لا يشركني فيه أحد.
{فلمّا كلّمه قال إنّك اليوم لدينا مكين أمين} أي عرفنا أمانتك وبراءتك مما قرفت به). [معاني القرآن: 3/116]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي}
أي أجعله خالصا لنفسي لا يشركني فيه غيره
ثم قال جل ذكره: {فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين}
أي قد تبينا أمانتك وبراءتك مما قرفت به). [معاني القرآن: 3/438]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظ عليم }أي على أموالها
{إنّي حفيظ عليم} أي أحفظها وأعلم وجوه متصرفاتها، وإنما سأله أن يجعله على خزائن الأرض لأن الأنبياء بعثوا لإقامة الحق والعدل ووضع الأشياء مواضعها،
فعلم يوسف عليه السلام أنه لا أحد أقوم بذلك منه، ولا أوضع له في مواضعها..
فسأل ذلك إرادة للصلاح). [معاني القرآن: 3/116]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( {قال اجعلني على خزائن الأرض} أي على أموالها
{إني حفيظ عليم} أي حافظ للأموال وأعلم المواضع التي يجب أن أجعلها فيها). [معاني القرآن: 3/439-438]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57)}


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 06:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 58 إلى 76]

{وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ (60) قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61) وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63) قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65) قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66) وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68) وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)}

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خير المنزلين} أي خير المضيفين). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا جهّزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أنّي أوفي الكيل وأنا خير المنزلين}
وهذا - واللّه أعلم - قد كان قبله كلام جرّ إليه ما يوجب طلب أخيهم منهم، - لأنه لا يقول ائتوني بأخ لكم من أبيكم من غير أن يجري ما يوجب هذا القول.
فكأنّه - واللّه أعلم - سألهم عن أخبارهم وأمرهم وعددهم، فاجترأ لقول هذه المسألة.
{ألا ترون أنّي أوفي الكيل وأنا خير المنزلين} لأنه حين أنزلهم أحسن ضيافتهم). [معاني القرآن: 3/117-116]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم}
قيل في الكلام حذف والمعنى سألهم عن أمورهم فلما خبروه وجرى الكلام إلى هذا قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين
قيل لأنه أحسن ضيافتهم). [معاني القرآن: 3/439]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ (60)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تقربون...}
في موضع جزم، والنون في موضع نصب حذفت ياؤها. ولو جعلتها رفعاً فنصبت النون كان صوابا على معنى قوله ولستم تقربون بعد هذه كقوله:
{فبم تبشّرون} و{الّذين كنتم تشاقّون فيهم} ). [معاني القرآن: 2/48]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون}
القراءة بكسر النون، ويجوز الفتح بفتح النون لأنها نون جماعة كما قال: (فبم تبشرون) بفتح النون، وتكون (ولا تقربون) لفظه لفظ الخبر ومعناه معنى الأمر). [معاني القرآن: 3/117]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا سنراود عنه أباه وإنّا لفاعلون}
(وإنّا لفاعلون) توكيد). [معاني القرآن: 3/117]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقال لفتيانه...}
و (لفتيته) قراءتان مستفيضتان.
وقوله: {لعلّهم يعرفونها إذا انقلبوا} قيل فيها قولان: أحدهما أن يوسف خاف ألاّ يكون عند أبيه دراهم، فجعل البضاعة في رحالهم ليرجعوا.
وقيل إنهم إن عرفوا أنّها بضاعتهم وقد اكتالوا ردّوها على يوسف ولم يستحلّوا إمساكها). [معاني القرآن: 2/48]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلّهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلّهم يرجعون}
{وقال لفتيانه}.
ولفتييه، قرئتا جميعا، والفتيان والفتية المماليك في هذا الموضع.
{اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلّهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلّهم يرجعون}
وفي هذا وجهان، أي إذا رأوا بضاعتهم مردودة عليهم، علموا أن ما كيل لهم من الطعام لم يؤخذ منهم ثمنه، وأن وضع البضاعة في الرحال لم يكن إلا عن أمر يوسف،
ويجوز أن يكون {لعلهم يرجعون} يرّدون البضاعة.
لأنها ثمن ما اكتالوه. ولأنهم لا يأخذون شيئا ألا بثمنه). [معاني القرآن: 3/117]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال لفتيته}
قيل يراد بالفتية والفتيان ههنا المماليك
ثم قال: {اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون}
قال أبو جعفر في هذا قولان:
أحدهما أن المعنى إذا رأوا البضاعة في رحالهم وهي ثمن الطعام رجعوا لأنهم أنبياء لا يأخذون شيئا بغير ثمن
وقيل إذا رأوا البضاعة في الرحال علموا أن هذا لا يكون من أمر يوسف فرجعوا). [معاني القرآن: 3/440-439]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وقال لفتيانه} أي: لغلمانه ومماليكه، ومن قرأ (لفتيانه) أي: لحشمه الأحرار من حوارييه،
ومنه قوله: (إنهم فتية آمنوا بربهم) لأنهم كانوا أحرارا). [ياقوتة الصراط: 276-275]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأرسل معنا أخانا نكتل...}
قرأ أصحاب عبد الله (يكتل) وسائر الناس (نكتل) كلاهما صواب من قال (نكتل) جعله معهم في الكيل. ومن قال (يكتل) يصيبه كيل لنفسه فجعل الفعل له خاصّة لأنهم يزادون به كيل بعير). [معاني القرآن: 2/49]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فلمّا رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منّا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنّا له لحافظون }
{فأرسل معنا أخانا نكتل وإنّا له لحافظون} أي إن أرسلته معنا اكتلنا، وإلا فقد منعنا الكيل). [معاني القرآن: 3/117]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {فاللّه خيرٌ حافظاً...}
وحفظاً وهي في قراءة عبد الله {والله خير الحافظين} وهذا شاهد للوجهين جميعاً. وذلك أنك إذا أضفت أفضل إلى شيء فهو بعضه، وحذف المخفوض يجوز وأنت تنويه. فإن شئت جعله خيرهم حفظاً فحذفت الهاء والميم وهي تنوي في المعنى وإن شئت جعلت (حافظا) تفسيراً لأفضل. وهو كقولك: لك أفضلهم رجلاً ثم تلغي الهاء والميم فتقول لك أفضل رجلاً وخير رجلاً. والعرب: تقول لك أفضلها كبشا، وإنما هو تفسير الأفضل...
- حدّثنا أبو ليلى السجستانيّ عن أبي حريز قاضي سجستان أن ابن مسعود قرأ (فالله خير حافظا) وقد أعلمتك أنها مكتوبة في مصحف عبد الله (خير الحافظين)
وكان هذا - يعني أبا ليلى - معروفا بالخير. وحدّثنا بهذا الإسناد عن عبد الله أنه قرأ {فلا أقسم بموقع النّجوم} {وإنّا لجميعٌ حاذرون} يقولون: مؤدون في السلاح آدى يؤدي). [معاني القرآن: 2/49]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {قال هل آمنكم عليه إلّا كما أمنتكم على أخيه من قبل فاللّه خير حافظا وهو أرحم الرّاحمين}
أي كذلك قلتم لي في يوسف: {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنّا له لحافظون}.
فقد ضمنتم لي حفظ يوسف وكذلكم ضمانكم هذا عندي.
(فاللّه خير حفظا)
وتقرأ (حافظا). وحفظا منصوب على التمييز، و (حافظا) منصوب على الحال، ويجوز أن يكون حافظا على التمييز أيضا). [معاني القرآن: 3/118-117]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل}
لأنهم قالوا في أخيه أرسله معنا غدا نرتع ونلعب وإنا له لحافظون
وقالوا في هذا فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون
فضمنوا له حفظهما). [معاني القرآن: 3/440]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا أبانا ما نبغي...}
كقولك في الكلام ماذا تبغي؟ ثم قال {هذه بضاعتنا} كأنهم طيّبوا بنفسه. و(ما) استفهام في موضع نصب. ويكون معناها جحداً كأنهم قالوا: لسنا نريد منك دراهم.
والله أعلم بصواب ذلك). [معاني القرآن: 2/49]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ونمير أهلنا) من مرت تمير ميراً وهي الميرة، أي نأتيهم ونشترى لهم طعومهم، قال أبو ذؤيب:

أتى قريةً كانت كثيراً طعامها= كرفع التراب كلّ شئ يميرها
(كيل بعيرٍ) أي حمل بعير يكال له ما حمل بعير). [مجاز القرآن: 1/314]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({نمير أهلنا}: من الميرة ومن كلامهم " ما عنده خير ولا مير"). [غريب القرآن وتفسيره: 184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونمير أهلنا} من الميرة. يقال: مار أهله ويميرهم ميرا وهو مائر أهله، إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلدة.
{ونزداد كيل بعيرٍ} أي حمل بعير). [تفسير غريب القرآن: 219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردّت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردّت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير}
{وجدوا بضاعتهم ردّت إليهم} وتقرأ ردّت بكسر الراء، والأصل رددت، فأدغمت الدال الأولى في الثانية وبقيت الراء مضمومة.
ومن كسر الراء جعل كسرتها منقوله من الدال.
كما فعل ذلك في قيل وبيع لتدل أن أصل - الدال الكسر.
وقد حكى قطرب أنه يقال في ضرب زيد؛ ضرب زيد وضرب زيد - بكسر الضاد. أسكن الراء، ونقل كسرتها إلى الضاد.
وعلى هذه اللغة يجوز في كبد كبد.
{قالوا يا أبانا ما نبغي} أي ما نريد، وما في موضع نصب، المعنى أي شيء نريد وقد ردّت علينا بضاعتنا، ويجوز أن يكون (ما) نفيا، كأنّهم قالوا ما نبغي شيئا.
{هذه بضاعتنا ردّت إلينا}.
{ونمير أهلنا} يقال: مرتهم أميرهم ميرا إذا أتيتهم بالمير.
{ونزداد كيل بعير} لأنه كان يكال لكل رجل وقر بعير.
{ذلك كيل يسير} أي ذلك كيل سهل، أي سهل على الذي يمضي إليه). [معاني القرآن: 3/119-118]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا يا أبانا ما نبغي}
يجوز أن يكون المعنى أي شيء نبغي وقد ردت إلينا بضاعتنا
ويجوز أن يكون المعنى ما نبغي شيئا ويكون ما نافية
ثم قال: {ونمير أهلنا ونحفظ أخانا}
يقال مار أهله يميرهم ميرا وميرة إذا جاء بأقواتهم من بلد إلى بلد
ثم قال جل وعز: {ونزداد كيل بعير}
قال ابن جريج لأنه كان يعطي كل رجل منهم كيل بعير
قال مجاهد يعني وقر حمار
وقال بعضهم يسمى الحمار بعيرا يعني أنها لغة
فأما أهل اللغة فلا يعرفون أنه يقال للحمار بعير والله أعلم بما أراد
ثم قال: {ذلك كيل يسير} أي سهل عليه). [معاني القرآن: 3/441-440]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ذلك كيل يسير} أي على الملك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نَمِيرُ}: من الميرة). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ أن يحاط بكم...}
يقول: ألاّ أن يأتيكم من الله ما يعذركم). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إلّا أن يحاط بكم} أي تشرفوا على الهلكة وتغلبوا.
{واللّه على ما نقول وكيلٌ} أي كفيل). [تفسير غريب القرآن: 219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال لن أرسله معكم حتّى تؤتون موثقا من اللّه لتأتنّني به إلّا أن يحاط بكم فلمّا آتوه موثقهم قال اللّه على ما نقول وكيل}
{إلا أن يحاط بكم}.
فموضع أن نصب، والمعنى لتأتنّني به إلّا لإحاطة بكم، أي لا لتمتنعوا من الإتيان به إلا لهذا، وهذا يسمى مفعولا له، وإلا ههنا تأتي بمعنى تحقيق الجزاء،
تقول: ما تأتي - إلا لأخذ - الدراهم وإلا أن نأخذ الدراهم، ومعنى الإحاطة بهم، أنه يحال بينهم وبينه فلا يقدروا على الإتيان به). [معاني القرآن: 3/119]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إلا أن يحاط بكم} أي إلا أن تهلكوا وتغلبوا [معاني القرآن: 3/441]
ثم قال جل وعز: {فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل} أي كفيل). [معاني القرآن: 3/442]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إلا أن يحاط بكم} أي تشرفوا على الهلكة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا بنيّ لا تدخلوا من بابٍ واحدٍ...}
يقول: لا تدخلوا مصر من طريق واحد. كانوا صباحا تأخذهم العين). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقال يا بنيّ لا تدخلوا من بابٍ واحدٍ وادخلوا من أبوابٍ متفرّقةٍ}، يريد: إذا دخلتم مصر، فادخلوا من أبواب متفرقة. يقال: خاف عليهم العين إذا دخلوا جملة). [تفسير غريب القرآن: 219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال يا بنيّ لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرّقة وما أغني عنكم من اللّه من شيء إن الحكم إلّا للّه عليه توكّلت وعليه فليتوكّل المتوكّلون}
قد خاف عليهم العين، وأمر العين صحيح - واللّه أعلم - وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه عوّذ الحسن والحسين فقال في دعوته: وأعيذكما من كل عين لامّة).
[معاني القرآن: 3/119]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قوله جل وعز: {وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة}
قال الضحاك خاف عليهم العين
وقال غيره العين حق لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما فيقول أعيذكما بكلمات الله التامة من كل لامة
وقيل كره أن يلحقهم شيء فيتوهم أنه من العين فيؤثم في ذلك
والدليل على صحة هذا القول حديث النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تقدموا عليه وجواب آخر أن يكون كره أن يدخلوا فيستراب بهم والله عز وجل أعلم). [معاني القرآن: 3/443-442]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإنّه لذو علمٍ لّما علّمناه...}
يقول: إنه لذو علم لتعليمنا إيّاه ويقال: إنه لذو حفظ لما علمناه). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولمّا دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من اللّه من شيء إلّا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنّه لذو علم لما علّمناه ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}
أي إلا خوف العين، وتأويل {ما كان يغني عنهم من اللّه من شيء}
قدّر أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم مجتمعين.
وجائز أن يكون: لا يغني مع قضاء الله شيء.
{وإنّه لذو علم لما علّمناه} أي لذو علم لتعليمنا إياه، ونصب حاجة استثناء ليس من الأول، المعنى لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها). [معاني القرآن: 3/119]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يعني عنهم من الله من شيء إلا حاجة}
قيل المعنى أنه لو قضي عليهم شيء لأصابهم دخلوا مجتمعين أو متفرقين
وقيل المعنى لو قضي أن تصيبهم العين لأصابتهم متفرقين كما تصيبهم مجتمعين
ثم قال جل وعز: {إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها} قال مجاهد يعني خوفه عليهم العين). [معاني القرآن: 3/443]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها} ، قال: الحاجة: خاف عليهم العين). [ياقوتة الصراط: 276]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا تبتئس...}
معناه: لا تستكن من الحزن والبؤس. يقول: لا تحزن). [معاني القرآن: 2/50]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {آوى إليه أخاه} وهو يؤوى إليه إيواءً، أي ضمّه إليه). [مجاز القرآن: 1/314]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {آوى إليه أخاه}: ضمه إليه.
{فلا تبتئس بما كانوا يعملون}: لا تستكن لذلك ولا تبال به). [غريب القرآن وتفسيره: 185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {آوى إليه أخاه} أي ضمّه إليه. يقال: آويت فلانا إليّ بمد الألف -: إذا ضممته إليك.
وأويت إلى بني فلان - بقصر الألف -: إذا لجأت إليهم.
{فلا تبتئس} من البؤس). [تفسير غريب القرآن: 219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إنّي أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون}
{آوى إليه أخاه} أي ضمّ إليه أخاه.
{فلا تبتئس}: أي لا تحزن ولا تستكن). [معاني القرآن: 3/119]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه}
يقال آويت فلانا بالمد إذا ضممته إليك وأويت إليه أي لجأت إليه
ومعنى {فلا تبتئس} فلا تحزن من البؤس). [معاني القرآن: 3/444-443]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {آوَى إِلَيْهِ}: ضم إليه
{فَلاَ تَبْتَئِسْ}: لا تحزن). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلمّا جهّزهم بجهازهم جعل السّقاية...}
جواب وربّما أدخلت العرب في مثلها الواو وهي جواب على حالها؛ كقوله في أول السورة {فلمّا ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجبّ وأوحينا إليه} والمعنى - والله أعلم -:
أوحينا إليه. وهي في قراءة عبد الله {فلما جهّزهم بجهازهم وجعل السّقاية} ومثله في الكلام: لمّا أتاني وأثب عليه كأنه قال: وثبت عليه. وربما أدخلت العرب في جواب لمّا لكن.
فيقول الرجل: لمّا شتمني لكن أثب عليه، فكأنه استأنف الكلام استئنافا، وتوهّم أنّ ما قبله فيه جوابه. وقد جاء (الشعر في كل ذلك) قال امرؤ القيس:
فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى =بنا بطن خبت ذي قفافٍ عقنقل
وقال الآخر:

حتّى إذا قملت بطونكم =ورأيتم أبناءكم شبّوا
وقلبتم ظهر المجنّ لنا =إنّ اللّئيم العاجز الخبّ
قملت: سمنت وكبرت). [معاني القرآن: 2/51-50]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {السّقاية} مكيال يكال به ويشرب فيه). [مجاز القرآن: 1/314]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {السقاية}: مكيال). [غريب القرآن وتفسيره: 185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {السّقاية}: المكيال. وقال قتادة: مشربة الملك.
{ثمّ أذّن مؤذّنٌ} أي قال قائل، أو نادى مناد.
{أيّتها العير}: القوم على الإبل). [تفسير غريب القرآن: 219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا جهّزهم بجهازهم جعل السّقاية في رحل أخيه ثمّ أذّن مؤذّن أيّتها العير إنّكم لسارقون }
أي أعلم معلم، يقال آذنته بالشيء فهو مؤذن به أي أعلمته وأذنت أكثرت الإعلام بالشيء.
{أيّتها العير إنّكم لسارقون}.
المعنى: يا أيها الأصحاب للعير، ولكن قال: أيتها العير، وهو يريد أهل العير، كما قال: {واسأل القرية} يريد أهل القرية وأنّث " أيّا " لأنه جعلها للعير). [معاني القرآن: 3/120]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه}
قال قتادة هي مشربة الملك
وقال الضحاك هو الإناء الذي يشرب فيه الملك
وروى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال صواع الملك شيء من فضة يشبه المكوك من ذهب وفضة مرصع بالجواهر يجعل على الرأس وكان للعباس واحد في الجاهلية
وقوله جل وعز: {ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون} أي أعلم ونادى يقال آذنت أي أعلمت وأذنت أي أعلمت مرة بعد مرة والمعنى يا أصحاب العير
وقال إنكم لسارقون ولم يسرقوا الصواع
قيل لأنهم أخذوا يوسف فباعوه فاستجاز أن يقول لهم إنكم لسارقون
وقيل يجوز أن يكون الصواع جعل في رحالهم ولم يعلم الذي ناداهم بذلك فيكون كاذبا
وقال أحمد بن يحيى أي حالكم حال السراق وهكذا كلام العرب وكان المنادي حسب أن القوم سرقوه ولم يعلم بصنيع يوسف
وقيل يجوز أن يكون أذان المؤذن عن أمر يوسف واستجاز ذلك بهم أنهم قد كانوا سرقوا سرقة في بعض الأحوال يعني بذلك تلك السرقة لا سرقتهم الصواع
وقال بعض أهل التأويل كان ذلك خطأ من فعل يوسف فعاقبه الله عز وجل إذ قالوا له إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل). [معاني القرآن: 3/446-444]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {السِّقَايَةَ}: المكيال). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالوا نفقد صواع الملك...}
وقوله: الصّواع ذكر. وهو الإناء الذي كان الملك يشرب فيه. والصاع يؤنّث ويذكّر. فمن أنّثه قال: ثلاث أصوع مثل ثلاث أدؤر. ومن ذكّره قال: ثلاثة أصواع مثل أبواب.
وقوله: {وأنا به زعيمٌ} يقول: كفيل. وزعيم القوم سيّدهم). [معاني القرآن: 2/51]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {صواع الملك} والجميع صيعان خرج مخرج الغراب والجمع غربان، وبعضهم يقول: هي صاع الملك والجميع أصواع خرج مخرج باب والجميع أبواب.
{وأنا به زعيمٌ} أي كفيل وقبيل، قال المؤسّىّ الأزديّ:

فلست بآمرٍ فيها بسلم= ولكنّي على نفسي زعيم
بغزوٍ مثل ولغ الذئب حتى= ينوء بصاحبي ثأرٌ منيم).
[مجاز القرآن: 1/315]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (الصواع): وهو الصاع وجماعه صياع وجماعه الصاع أصوع والصواع ذكر. والصاع يؤنث ويذكر وهما واحد.
{وأنا به زعيم}: أي كفيل). [غريب القرآن وتفسيره: 186-185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {صواع الملك} وصاعه واحد.
{وأنا به زعيمٌ} أي ضمين). [تفسير غريب القرآن: 220-219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم}
وقرئت " صواع الملك "، وقرئت " صاع الملك "، قرأ أبو هريرة صاغ الملك، وقرئت صوغ الملك - بالغين معجمة.
{ولمن جاء به حمل بعير} أي حمل بعير من الطعام
{وأنا به زعيم} أي كفيل.
الضواع هو الصاع بعينه، وهو يذكر ويؤنث، وكذلك الصاع يذكر ويؤنث، وجاء في التفسير أنه إناء مستطيل يشبه المكوك، كان يشرب به الملك، وهو السقاية.
وقيل إنه كان مصنوعا من فضة مموّها بذهب.
وقيل إنه كان من مسّ، وقيل إنه كان يشبه الطاس). [معاني القرآن: 3/120]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقول جل وعز: {وأنا به زعيم}
قال الضحاك أي كفيل
وقال قتادة أي حميل
قال الفراء زعيم القوم رئيسهم ومتكلمهم
قال أبو جعفر وهذا قريب من الأول لأن حميلهم هو رئيسهم
وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال والزعيم غارم مختصر
يعني بالزعيم الضامن). [معاني القرآن: 3/447-446]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {زعيم} أي ضامن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الصُوَاعَ): الصاع الذي يكال به
{زَعِيمٌ}: كفيل). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تاللّه...}
العرب لا تقول تالرحمن ولا يجعلون مكان الواو تاء إلاّ في الله عزّ وجلّ. وذلك أنها أكثر الأيمان مجرى في الكلام؛ فتوهّموا أنّ الواو منها لكثرتها في الكلام، وأبدلوها تاء كما
قالوا: التّراث، وهو من ورث، وكما قال: {رسلنا تترى} وهي من المواترة، وكما قالوا: التخمة وهي من الوخامة، والتّجاه وهي من واجهك.
وقوله: {لقد علمتم مّا جئنا لنفسد} يقول القائل: وكيف علموا أنهم لم يأتوا للفساد ولا للسرقة؟ فذكر أنهم كانوا في طريقهم لا ينزلون بأحد ظلما، ولا ينزلون في بساتين الناس فيفسدوها فذلك قوله: {مّا جئنا لنفسد في الأرض وما كنّا سارقين} يقول: لو كنّا سارقين ما رددنا عليكم البضاعة التي وجدناها في رحالنا). [معاني القرآن: 2/51]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تالله} التاء بمنزلة واو القسم لأن الواو تحّول تاءً، قالوا: تراث وإنما هي من ورثت،
وقالوا: تقوى، وأصلها وقوى لأنها من وقيت). [مجاز القرآن: 1/315]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تالله}: في معنى والله). [غريب القرآن وتفسيره: 186]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا تاللّه لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنّا سارقين}
معنى تاللّه: واللّه، إلا أن التاء لا يقسم بها إلا في (اللّه) لا يجوز تالرحمن ولا تربّي لأفعلنّ، والتاء بدل من الواو كما قالوا في وراث تراث،
وكما قالوا - يتزن، وأصله يوتزن من الوزن وإنّما قالوا: {لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض}، لأنهم كانوا لا ينزلون على قوم ظلما.
ولا يرعون زرع أحد وجعلوا على أفواه إبلهم الأكفة لئلا تعبث في زرع، وقالوا: {وما كنّا سارقين}.
لأنهم قد كانوا فيما روي ردوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم، أي فمن ردّ ما وجده كيف يكون سارقا). [معاني القرآن: 3/121-120]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض}
يروى أنهم كانوا لا ينزلون على أحد ظلما ولا يرهبون زرع أحد وأنهم جعلوا على أفواه إبلهم الأكمه لئلا تعيث في زروع الناس
ثم قال جل وعز: {وما كنا سارقين}
يروى أنهم ردوا البضاعة التي جعلت في رحالهم أي فمن رد ما وجده كيف يكون سارقا). [معاني القرآن: 3/447]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَاللّهِ}: والله). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين}
يقال إن هذه هي الحيلة التي ذكرها الله في قوله: {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك}
قال الضحاك أي في سلطان الملك وذلك أنه كان حكم الملك إذا سرق إنسان شيئا غرم مثله وكان حكم يعقوب إذا سرق إنسان استعبد فرد الحكم إليهم لهذا). [معاني القرآن: 3/448]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالوا جزاؤه من وجد في رحله...}
(من) في معنى جزاء وموضعها رفع بالهاء التي عادت. وجواب الجزاء الفاء في قوله: (فهو جزاؤه) ويكون قوله (جزاؤه) الثانية مرتفعة بالمعنى المحمّل في الجزاء وجوابه.
ومثله في الكلام أن تقول: ماذا لي عندك؟ فيقول: لك عندي إن بشّرتني فلك ألف درهم، كأنه قال: لك عندي هذا. وإن شئت جعلت (من) في مذهب (الذي) وتدخل الفاء في خبر (من) إذا كانت على معنى (الذي) كما تقول: الذي يقوم فإنّا نقوم معه. وإن شئت جعلت الجزاء مرفوعاً بمن خاصّة وصلتها، كأنك قلت: جزاؤه الموجود في رحله.
كأنك قلت: ثوابه أن يسترقّ، ثم تستأنف أيضاً فتقول: هو جزاؤه. وكانت سنّتهم أن يترقّوا من سرق). [معاني القرآن: 2/52-51]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} أي يستعبد بذلك. وكانت سنة آل يعقوب في السارق)[تفسير غريب القرآن: 220]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين* قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظّالمين}
أي مثل هذا الجزاء نجزي الظالمين، وكان جزاء السارق عندهم أن يستعبد بسرقته، يصير عبدا لأنه سرق.
فأمّا رفع {قالوا جزاؤه من وجد في رحله} فمن جهتين: أحدهما أن هو جزاؤه ابتداء، ويكون من وجد في رحله الخبر، ويكون المعنى جزاء السّرق الإنسان الموجود في رحله السّرق.
ويكون قوله (فهو جزاؤه) زيادة في الإبانة.
كما تقول: جزاء السارق القطع فهو جزاؤه. فهذا جزاؤه، زيادة في الإبانة.
ويجوز أن يكون يرتفع بالابتداء، ويكون {من وجد في رحله فهو جزاؤه}.
هذه الجملة خبر الجزاء، والعائد عليه من الجملة " جزاؤه " الذي بعد قوله " فهو "، كأنّه قيل: قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو هو، أي فهو الجزاء، ولكن الإظهار كان أحسن ههنا لئلا يقع في الكلام لبس، ولئلا يتوهم أن (هو) إذا عادت ثانية فليست براجعة على الجزاء، والعرب إذا أقحمت أمر الشيء جعلت العائد عليه إعادة لفظه بعينه.
أنشد جميع النحويين:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء= نغص الموت ذا الغنى والفقيرا
ولم يقل: لا أرى الموت يسبقه شيء). [معاني القرآن: 3/122-121]

تفسير قوله تعالى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عليم}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: {ثمّ استخرجها...}
ذهب إلى تأنيث السّرقة. وإن يكن الصّواع في معنى الصّاع فلعلّ هذا التأنيث من ذلك. وأن شئت جعلته لتأنيث السّقاية.
وقوله: {نرفع درجاتٍ مّن نّشاء} (من) في موضع نصب، أي نرفع من نشاء درجاتٍ. يقول: نفضّل من نشاء بالدرجات.
ومن قال (نرفع درجات من نشاء) فيكون (من) في موضع خفض.
وقوله: {وفوق كلّ ذي علمٍ عليمٌ} يقول: ليس من عالم إلاّ وفوقه أعلم منه). [معاني القرآن: 2/52]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثمّ استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلاّ أن يشاء اللّه نرفع درجاتٍ مّن نّشاء وفوق كلّ ذي علمٍ عليمٌ}
وقال: {ثمّ استخرجها من وعاء أخيه} فأنث وقال: {ولمن جاء به حمل بعيرٍ} لأنه عنى ثمّ "الصّواع" و"الصّواع" مذكّر، ومنهم من يؤنثّ "الصّواع" و"عنى" ههنا "السّقاية" وهي مؤنثة. وهما اسمان لواحد مثل "الثّوب" و"الملحفة" مذكّر ومؤنّث لشيء واحد). [معاني القرآن: 2/53]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كدنا ليوسف} أي احتلنا له. ولكيد: الحيلة. ومنه قوله: إن كيدهن عظيم.
{في دين الملك} أي في سلطانه). [تفسير غريب القرآن: 220]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثمّ استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلّا أن يشاء اللّه نرفع درجات من نشاء وفوق كلّ ذي علم عليم}
(ثمّ استخرجها من وعاء أخيه) رجع بالتأنيث على السقاية، ويجوز أن يكون أنث الصواع.
{كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} أي في سيرة الملك، وما يدين به الملك، لأن السارق في دين الملك
كان يغرم مثلي ما سرق، وكان عند آل يعقوب وفي مذهبهم أن يصير السارق عبدا يسترقه صاحب الشيء المسروق.
{إلّا أن يشاء اللّه} موضع (أن) نصب، لما سقطت الباء أفضى الفعل فنصب، المعنى ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا بمشيئة اللّه.
{نرفع درجات من نشاء} على إضافة الدرجات إلى " من " ويجوز (درجات) بالتنوين، على أن يكون (من) في موضع نصب، المعنى نرفع من نشاء درجات. ويجوز رفع درجات من نشاء، وهي حسنة، ولا أعلمها رويت فلا تقرأن بها إن لم تصح فيها رواية.
(وفوق كلّ ذي علم عليم) قيل في التفسير: فوق كل ذي علم عليم حتى ينتهي العلم إلى اللّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 3/122]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله} أي إلا بمشيئته تعالى
ثم قال تعالى: {نرفع درجات من نشاء} ويقرأ درجات من نشاء بمعنى من نشاء درجات
ثم قال تعالى: {وفوق كل ذي علم عليم} قيل حتى ينتهي العلم إلى الله جل جلاله
وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال يكون ذا أعلم من ذا والله فوق كل عالم
وروى سفيان عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير قال كنا عند ابن عباس رحمه الله فتحدث بحديث فتعجب منه رجل فقال سبحان الله وفوق كل ذي علم عليم فقال ابن عباس بئس ما قلت الله العليم وهو فوق كل عالم). [معاني القرآن: 3/449-448]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وكذلك كدنا ليوسف} أي: دبرنا له ؛ قال وذلك أن السنة كانت أيام العزيز - من سرق أخذ بسرقته وملك). [ياقوتة الصراط: 276]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كدنا ليوسف} أي احتلنا له.
{في دين الملك} أي في سلطانه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 06:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 77 إلى 93]

{قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77) قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79) فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81) وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82) قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأسرّها يوسف في نفسه...} أسرّ الكلمة.
ولو قال: (فأسرّه) ذهب إلى تذكير الكلام كان صواباً؛ كقوله: {تلك من أنباء الغيب} و{ذلك من أنباء الغيب} {ولم يبدها لهم}: أضمرها في نفسه ولم يظهرها). [معاني القرآن: 2/52]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قالوا إن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل}، يعنون يوسف وكان سرق صنما يعبد، وألقاه). [تفسير غريب القرآن: 220]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شرّ مكانا واللّه أعلم بما تصفون}
يعنون يوسف، ويروى أنه كان في صغره أخذ صورة مما كان يتعبد به بعض من يخالف أهل ملّة الإسلام من ذهب، وهذا الذي أخذه كان على جهة الإنكار، لئلا يعظّم مثل ذلك.
{فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم} أي لم يظهرها لهم.
{قال أنتم شرّ مكانا} وهذا إضمار على شريطة التفسير، لأن قوله {قال أنتم شرّ مكانا} بدل من (ها) في قوله: {فأسرّها}.
المعنى: فأسرّ يوسف في نفسه قوله: {أنتم شرّ مكانا} المعنى - واللّه أعلم - {أنتم شرّ مكانا} في السرق بالصحة لأنكم سرقتم أخاكم من أبيكم.
{واللّه أعلم بما تصفون} أي اللّه أعلم أسرق أخ له أم لا). [معاني القرآن: 3/123-122]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}
قال مجاهد يعنون يوسف
ويروى أنه كان رأى صورة تعبد فأخذها ورمى بها وإنما فعل ذلك إنكارا أن يعبد غير الله
ثم قال جل وعز: {فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم}
ثم بين الذي أسر بقوله: {قال أنتم شر مكانا} أي أنتم سرقتم على الحقيقة إذ بعتم أخاكم
ثم قال تعالى: {والله أعلم بما تصفون} أي الله أعلم أسرق أخوه أم لا). [معاني القرآن: 3/450-449]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فقد سرق أخ له من قبل} يعني يوسف. قيل: كان سرق صنما يعبد وألقاه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويكون بمعنى: الحبس والأسر، قال الله تعالى: {فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ} أي: احبسه.
وقال تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ} أي: ائسروهم {وَاحْصُرُوهُمْ} أي: احبسوهم.
ويقال للأسير: أخيذ). [تأويل مشكل القرآن: 502]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا يا أيّها العزيز إنّ له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنّا نراك من المحسنين} والعزيز الملك
{إنّ له أبا شيخا كبيرا} {شيخا}. من نعت أب، وأب منصوب بـ (إنّ) و (كبيرا) من نعت شيخ.
{فخذ أحدنا مكانه إنّا نراك من المحسنين} أي ممن يحسن ولا يعامل بالتحديد في واجب لأنه كان أعطاهم الطعام وأعطاهم ثمنه في رده البضاعة لهم، فطالبوه بأن يحسن).
[معاني القرآن: 3/123]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {معاذ اللّه...}
نصب لأنه مصدر، وكل مصدر تكلّمت العرب في معناه بفعل أو يفعل فالنصب فيه جائز. ومن ذلك الحمد لله لأنك قد تقول في موضعه يحمد الله.
وكذلك أعوذ بالله تصلح في معنى معاذ الله). [معاني القرآن: 2/52]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال معاذ اللّه أن نأخذ إلّا من وجدنا متاعنا عنده إنّا إذا لظالمون}
{معاذ اللّه} منصوب على المصدر المعنى أعوذ باللّه معاذا، وموضع أن نصب، المعنى أعوذ باللّه من أخذ أحد إلا من وجدنا متاعنا عنده، فلما سقطت (من) أفضى الفعل فنصب.
{إنّا إذا لظالمون} أي إن أخذنا غيره فنحن ظالمون). [معاني القرآن: 3/124]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {خلصوا نجيّاً...}
و[نجوى] قال الله عزّ جلّ {ما يكون من نجوى ثلاثةٍ} وقوله: {قال كبيرهم ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم مّوثقاً مّن اللّه ومن قبل ما فرّطتم} (ما) التي مع (فرّطتم) في موضع رفع كأنه قال: ومن قبل هذا تفريطكم في يوسف.
فإن شئت جعلتها نصباً، أي ألم تعلموا هذا وتعلموا من قبل تفريطكم في يوسف. وإن شئت جعلت (ما) صلة كأنه قال: {ومن قبل فرّطتم في يوسف} ). [معاني القرآن: 2/53]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {استيئسوا منه} استفعلوا من يئست.
{خلصوا نجيّاً} أي اعتزلوا نجيّاً يتناجون، والنجى يقع لفظه على الواحد والجميع أيضاً وقد يجمع، فيقال: بجىٌ وأنجية، وقال لبيد:

وشهدت أبجية الأفاقة عالياً= كعبي وأرداف الملوك شهود).
[مجاز القرآن: 1/315]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فلمّا استيأسوا منه خلصوا نجيّاً قال كبيرهم ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم مّوثقاً مّن اللّه ومن قبل ما فرّطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي أو يحكم اللّه لي وهو خير الحاكمين}
وقال: {خلصوا نجيّاً} فجعل "النجيّ" للجماعة مثل قولك: "هم لي صديق".
وقال: {قال كبيرهم} فزعموا أنه أكبرهم في العقل لا في السن). [معاني القرآن: 2/53]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {خلصوا نجيا}: اعتزلوا يتناجون يقال هم نجي وهم نجوى وجمع نجي أنجية). [غريب القرآن وتفسيره: 186]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فلمّا استيأسوا منه} أي يئسوا. خلصوا نجيًّا أي اعتزلوا الناس ليس معهم غيرهم، يتناجون ويتناظرون ويتسارّون.
يقال: قوم نجيّ، والجميع أنجية.
قال الشاعر:
إنّي إذا ما القوم كانوا أنجيه =واضطربت أعناقهم كالأرشية
{قال كبيرهم} أي أعقلهم. وهو: شمعون. وكأنه كان رئيسهم. وأما أكبرهم في السن: فروبيل. وهذا قول مجاهد.
وفي رواية الكلبي: كبيرهم في العقل، وهو: يهوذا)[تفسير غريب القرآن: 221-220]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا استيأسوا منه خلصوا نجيّا قال كبيرهم ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم موثقا من اللّه ومن قبل ما فرّطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي أو يحكم اللّه لي وهو خير الحاكمين}
المعنى خلصوا يتناجون، أي خلصوا متناجين فيما يعملون في ذهابهم إلى أبيهم، وليس معهم أخوهم، و " نجيّ " لفظ واحد في معنى جمع، وكذلك {وإذ هم نجوى}.
ويجوز قوم نجيّ وقوم نجوى وقوم أنجية.
قال الشاعر:
إني إذا ما القوم صاروا أنجيه
واختلف القول اختلاف الأرشية
هناك أوصيني ولا توصي بيه
ومعنى خلصوا انفردوا وليس معهم أخوهم.
وقوله عزّ وجلّ: {ومن قبل ما فرّطتم في يوسف}.
أجود الأوجه أن يكون (ما) لغوا، فيكون المعنى: ومن قبل فرّطتم في يوسف - ويجوز أن يكون ما في موضع رفع، فيكون المعنى ومن قبل تفريطكم في يوسف، أي وقع تفريطكم في يوسف، ويجوز أن يكون (ما) في موضع نصب نسق على (أنّ)، المعنى ألم تعلموا أن أباكم، وتعلموا تفريطهم في يوسف.
(فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي) أي لن أبرح أرض مصر، وإلا فالناس كلهم على الأرض.
{أو يحكم اللّه لي} نسق على {حتّى يأذن}، ويجوز أن يكون " أو " على جواب " لن " المعنى لن أبرح الأرض حتى يحكم اللّه لي). [معاني القرآن: 3/125-124]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا} أي يئسوا تركوا أخاهم وانفردوا يتناجون كيف يرجعون إلى يعقوب وليس معهم
ثم قال تعالى: {قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله} قيل كبيرهم يهوذا
قال مجاهد هو شمعون وليس بكبيرهم في السن لأن روبيل أكبر منه
يذهب مجاهد إلى أن المعنى قال كبيرهم في العقل ورئيسهم لا كبيرهم في السن وقال قتادة في قوله تعالى: {قال كبيرهم} هو روبيل ذهب إلى أنه كبيرهم في السن والله أعلم بحقيقة ذلك
وقوله تعالى: {فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي}
يعني أرض مصر لأن كل أحد على الأرض). [معاني القرآن: 3/451-450]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خلصوا نجيا} أي انفردوا، يتناجون ويتناظرون ويتشاورون في أمر أخيهم الذي حبس). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اسْتَيْأَسُواْ}: من اليأس
{خَلَصُواْ}: اعتزلوا
{نَجِيًّا}: يتناجون). [العمدة في غريب القرآن: 163]

تفسير قوله تعالى: {ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ ابنك سرق...}
ويقرأ (سر‍ّق) ولا أشتهيها؛ لأنها شاذّة. وكأنه ذهب إلى أنه لا يستحلّ أن يسرّق ولم يسرق: وذكر أن ميمون بن مهران لقي رجاء بن حيوة بمكّة، وكان رجاء يقول: لا يصلح الكذب في جد ولا هزل. وكان ميمون يقول: ربّ كذبة هي خير من صدق كثير. قال فقال ميمون لرجاء: من كان زميلك؟ قال: رجل من قيس. قال: فلو أنك إذ مررت بالبشر قالت لك تغلب: أنت الغاية في الصدق فمن زميلك هذا؟ فإن كان من قيس قتلناه، فقد علمت ما قتلت قيسٌ منّا، أكنت تقول: من قيس أم من غير قيس؟ قال: بل من غير قيس. قال: فهي كانت أفضل أم الصدق؟ قال الفراء: قد جعل الله عزّ وجلّ للأنبياء من المكايد ما هو أكثر من هذا. والله أعلم بتأويل ذلك.
وقوله: {وما كنّا للغيب حافظين} يقول: لم نكن نحفظ غيب ابنك ولا ندري ما يصنع إذا غاب عنا.
ويقال: لو علمنا أن هذا يكون لم نخرجه معنا). [معاني القرآن: 2/53]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وما كنّا للغيب حافظين} يريدون: حين أعطيناك الموثق لنأتينّك [به]، أي [لم] نعلم أنه يسرق، فيؤخذ).
[تفسير غريب القرآن: 221]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إنّ ابنك سرق وما شهدنا إلّا بما علمنا وما كنّا للغيب حافظين}
{إنّ ابنك سرق} ويجوز سرق، إلا أن سرق آكد في القراءة، وسرّق يكون على ضربين، " سرّق علم أنه سرق، وسرّق اتهم بالسرق). [معاني القرآن: 3/125]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق}
وحكي أنه قرئ (سرق)
حدثني محمد بن عمر قال حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن عثمان بن شبيب قال نا أبو جعفر أحمد بن أبي سريج قالا نا علي بن عاصم عن داو وهود ابن أبي هند عن سعيد بن جبير قال نا ابن عباس يقرؤها يا أبانا إن ابنك سرق
وحدثني محمد بن أحمد بن عمر قال نا ابن شاذان قال نا أحمد بن سريج البغدادي قال سمعت الكسائي يقرأ يا أبانا إن ابنك سرق مرفوعة بالسين
و سرق تحتمل معنيين
أحدهما اتهم بالسرقة
والآخر علم منه السرق
ومعنى بل سولت أي بل زينت). [معاني القرآن: 3/452-451]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وما كنا للغيب حافظين} أي لم نعلم حين أعطيناك العهد أنه يسرق فيؤخذ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]

تفسير قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} تقول العرب إذا أرادت تعظيم مهلك رجل عظيم الشأن، رفيع المكان، عامّ النفع، كثير الصنائع: أظلمت الشمس له، وكسف القمر لفقده، وبكته الرّيح والبرق والسماء والأرض.
يريدون المبالغة في وصف المصيبة به، وأنها قد شملت وعمّت. وليس ذلك بكذب، لأنّهم جميعا متواطئون عليه، والسّامع له يعرف مذهب القائل فيه.
وهكذا يفعلون في كل ما أرادوا أن يعظّموه ويستقصوا صفته. ونيّتهم في قولهم: أظلمت الشمس، أي كادت تظلم، وكسف القمر، أي كاد يكسف.
ومعنى كاد: همّ أن يفعل ولم يفعل. وربما أظهروا كاد، قال ابن مفرّغ الحميريّ يرثي رجلا:
الرِّيحُ تبكِي شَجْوَهُ = والبرق يَلْمَعُ في غَمَامَه
وقال آخر:
الشَّمسُ طالعةٌ ليست بكاسفةٍ = تبَكي عليكَ نُجومَ اللَّيلِ والقَمَرا
أراد: الشمس طالعة تبكي عليك، وليست مع طلوعها كاسفة النجوم والقمر، لأنّها مظلمة، وإنما تكسف بضوئها، فنجوم الليل بادية بالنهار.
وهذا كقوله النابغة وذكر يوم حرب:
تبدوا كواكبه والشمس طالعة = لا النّور نورٌ ولا الإظلامُ إظلام
ونحوه قول طرفة في وصف امرأة:
إِنْ تُنَوِّلْهُ فَقَد تَمْنَعُهُ = وُتِرِيهِ النَّجْمَ يَجري بالظُّهُر
يقول: تشقّ عليه حتى يظلم نهاره فيرى الكواكب ظهرا.
والعامة تقول: أراني فلانّ الكواكب بالنّهار، إذا برَّح به.
وقال الأعشى:
رجعت لما رمت مستحسرا = ترى للكواكب ظُهْرًا وَبِيصَا
أي: رجعت كئيبا حسيرا، قد أظلم عليك نهارك، فأنت ترى الكواكب تعالي النّهار بريقا.
وقد اختلف الناس في قول الله عز وجل: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ}.
فذهب به قوم مذاهب العرب في قولهم: بكته الريح والبرق. كأنه يريد أنّ الله عز وجل حين أهلك فرعون وقومه وغرّقهم وأورث منازلهم
وجنّاتهم غيرهم- لم يبك عليهم باك، ولم يجزع جازع، ولم يوجد لهم فقد.
وقال آخرون: أراد: فما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض. فأقام السماء والأرض مقام أهلهما، كما قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}، أراد أهل القرية.
وقال: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}، أي يضع أهل الحرب السّلاح.
وقال ابن عباس: لكل مؤمن باب في السماء يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه، فإذا مات بكى عليه الباب، وبكت عليه آثاره في الأرض ومصلّاه. والكافر لا يصعد له عمل،
ولا يبكي له باب في السماء ولا أثره في الأرض). [تأويل مشكل القرآن: 167-170] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (... وقال عز وجل: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} أي خلق العجل من الإنسان، يعني العجلة.
كذلك قال أبو عبيدة.
ومن المقلوب ما قلب على الغلط كقول خِدَاش بن زهير:
وتركبُ خيلٌ لا هوادَة بينها = وتعصِى الرِّمَاح بالضَّيَاطِرَةِ الحُمْرِ
أي: (تعصي الضياطرة بالرّماح) وهذا ما لا يقع فيه التّأويل، لأن الرماح لا تعصى بالضّياطرة وإنما يعصى الرجال بها، أي يطعنون.
ومنه قول الآخر:
أسلَمْتُه في دمشقَ كما = أسلمَتْ وحشيَّةٌ وَهَقَا
أراد: (كما أسلم وحشية وهق) فقلب على الغلط.
وقال آخر:
كانت فريضةَ ما تقول كَمَا = كان الزِّنَاءُ فريضةُ الرَّجْمِ
أراد (كما كان الرجم فريضة الزنى).
وكان بعض أصحاب اللغة يذهب في قول الله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} إلى مثل هذا في القلب،
ويقول: وقع التشبيه بالراعي في ظاهر الكلام، والمعنى للمنعوق به وهو الغنم. وكذلك قوله سبحانه: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} أي: تنهض بها وهي مثقلة.
وقال آخر في قوله سبحانه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي: وإن حبّه للخير لشديد.
وفي قوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} أي: اجعل المتّقين لنا إماما في الخير.
وهذا ما لا يجوز لأحد أن يحكم به على كتاب الله عزّ وجلّ لو لم يجد له مذهبا، لأنّ الشعراء تقلب اللفظ، وتزيل الكلام على الغلط، أو على طريق الضرورة للقافية،
أو لاستقامة وزن البيت.
فمن ذلك قول لبيد:
نحن بنو أمّ البنين الأربعة
قال ابن الكلبي: هم خمسة، فجعلهم للقافية أربعة.
وقال آخر يصف إبلا:
صبَّحن من كاظمة الخصَّ الخَرِب = يحملْنَ عَبَّاسَ بنَ عبدَ المطَّلِب
أراد: (عبد الله بن عباس) فذكر أباه مكانه.
وقال الصّلتان:
أرى الخطفيَّ بذَّ الفرزدقَ شعرُه = ولكنَّ خيرًا مُن كُليب مُجَاشع
أراد: «أرى جريراً بذَّ الفرزدق شعره» فلم يمكنه فذكر جدّه.
وقال ذو الرّمة:
عشيَّةَ فرَّ الحارثيُّون بعدَما = قضى نَحْبَه في ملتقى القوم هَوْبُرُ
قال ابن الكلبي: هو (يزيد بن هوبر) فاضطرّ.
وقال (أوس):
فهل لكم فيها إليَّ فإنّني = طبيب بما أعيا النِّطاسيَّ حِذْيَمَا
أراد: (ابن حذيم) وهو طبيب كان في الجاهلية وقال ابن ميّادة وذكر بعيرا:
كأنَّ حيثُ تلتقي منه المُحُلْ = من جانبيه وَعِلَينِ وَوَعِل
أراد: وَعِلَينِ من كل جانب، فلم يمكنه فقال: وَوَعِل.
وقال أبو النجم:
ظلَّت وَوِرْدٌ صادقٌ مِن بالِها = وظلَّ يوفِي الأُكُمَ ابنُ خالِها
أراد فحلها؛ فجعله ابن خالها.
وقال آخر:
مثل النصارى قتلوا المسيح
أراد: اليهود.
وقال آخر:
ومحور أخلص من ماء اليَلَب
واليلب: سيور تجعل تحت البيض، فتوهّمه حديدا.
وقال رؤبة:
أو فضّة أو ذهب كبريتُ
وقال أبو النجم:
كلمعة البرق ببرق خلَّبُه
أراد: بخلّب برقه، فقلب.
وقال آخر:
إنَّ الكريم وأبيك يعتَمِلْ = إن لم يجد يوماً على مَن يَتَّكِلْ
أراد: إن لم يجد يوما من يتكل عليه.
في أشباه لهذا كثيرة يطول باستقصائها الكتاب.
والله تعالى لا يغلطُ ولا يضطرُّ، وإنما أراد: ومثل الذين كفروا ومثلنا في وعظهم كمثل الناعق بما لا يسمع، فاقتصر على قوله: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وحذف ومثلنا،
لأنّ الكلام يدل عليه. ومثل هذا كثير في الاختصار.
وقال الفراء: أراد: ومثل واعظ الذين كفروا، فحذف، كما قال: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا}، أي: أهلها.
وأراد بقوله: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}، أي: تميلها من ثقلها.
قال الفراء أنشدني بعض العرب:
حتى إذا ما الْتَأَمَتْ مفاصِلُه = وَنَاءَ فِي شِقِّ الشِّمَالِ كَاهِلُه
يريد: أنه لما أخذ القوس ونزع، مال عليها.
قال: ونرى قولهم: (ما سَاءك ونَاءَك)، من هذا.
وكان الأصل (أناءك) فألقي الألف لما اتبعه (ساءك) كما قالوا: (هَنَّأَنِي وَمَرَّأَنِي)، فاتبع مرأني هنأني. ولو أفرد لقال: أمرأني.
وأراد بقوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، أي: وإنه لحبّ المال لبخيل، والشدة: البخل هاهنا، يقال: رجل شديد ومتشدّد.
وقوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، يريد: اجعلنا أئمة في الخير يقتدي بنا المؤمنون، كما قال في موضع آخر: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}، أي: قادة،
كذلك قال المفسّرون.
وروي عن بعض خيار السلف: أنه كان يدعو الله أن يحتمل عنه الحديث، فحمل عنه.
وقال بعض المفسرين في قوله: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، أي: اجعلنا نقتدي بمن قبلنا حتى يقتدي بنا من بعدنا. فهم على هذا التأويل متّبعون ومتّبعون).
[تأويل مشكل القرآن: 205-197] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب الحذف والاختصار
من ذلك: أن تحذف المضاف وتقيم المضاف إليه مقامه وتجعل الفعل له.
كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} أي سل أهلها.
{وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} أي حبّه.
و{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} أي وقت الحج.
وكقوله: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات). [تأويل مشكل القرآن: 210] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أمراً فصبرٌ جميلٌ...}
الصبر الجميل مرفوع لأنه عزّى نفسه وقال: ما هو إلا الصبر، ولو أمرهم بالصبر لكان النصب أسهل،
كما قال الشاعر:
يشكو إليّ جملي طول السّرى =صبراً جميلاً فكلانا مبتلى
وقوله: {فصبرٌ جميلٌ} يقول: لا شكوى فيه إلاّ إلى الله جلّ وعزّ). [معاني القرآن: 2/54-53]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً فصبرٌ جميلٌ عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعاً إنّه هو العليم الحكيم}
وإنما قال: {عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعاً} لأنه عنى الذي تخلف عنهم معهما وهو كبيرهم في العقل). [معاني القرآن: 2/53]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعا إنّه هو العليم الحكيم}
أي زيّنت لكم أنفسكم وحببت إليكم أنفسكم.
{فصبر جميل}.
المعنى فأمري صبر جميل أو فصبري صبر جميل، وقد فسرنا هذا فيما سبق من السور). [معاني القرآن: 3/125]

تفسير قوله تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يا أسفي على يوسف} خرج مخرج النّدبة، وإذا وقفت عندها قلت: يا أسفاه، فإذا اتصلت ذهبت الياء كما
قالوا: يا راكباً إمّا عرضت فبّلغن
والأسف أشدّ الحزن والتندم، ويقال: يوسف مضموم في مكانين، ويوسف تضمّ أوله وتكسر السين بغير همز، ومنهم من يهمزه يجعله يفعل من آسفته). [مجاز القرآن: 1/316]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وتولّى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيمٌ}
وقال: {يا أسفى على يوسف} فإذا سكت ألحقت في آخره الهاء لأنها مثل ألف الندبة). [معاني القرآن: 2/54]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقال يا أسفى} الأسف: أشدّ الحسرة.
{فهو كظيمٌ} أي كاظم. كما تقول: قدير وقادر. والكاظم: الممسك على حزنه، لا يظهره، ولا يشكوه). [تفسير غريب القرآن: 221]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وتولّى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم}
{يا أسفى على يوسف} معناه يا حزناه، والأصل يا أسفي إلا أن " يا " الإضافة يجوز أن تبدل ألفا لخفة الألف والفتحة.
{فهو كظيم} أي محزون). [معاني القرآن: 3/125]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وتولى عنهم وقال يا أسفا على يوسف}
قال ابن عباس أي يا حزنا
وقال مجاهد أي يا جزعا
ثم قال تعالى: {وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم}
قال قتادة أي لم يقل باسا
وكذلك هو في اللغة يقال فلان كظيم وكاظم أي حزين لا يشكو حزنه). [معاني القرآن: 3/453-452]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الأسف) شدة الحسرة.
{كظيم} أي ممسك لحزنه، لا يظهره ولا يشكوه، وأصله التمسك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قالوا: {تالله تفتؤا...}
معناه لا تزال تذكر يوسف و(لا) قد تضمر مع الأيمان؛ لأنها إذا كانت خبرا لا يضمر فيها (لا) لم تكن إلا بلام؛ ألا ترى أنك تقول: والله لآتينّك، ولا يجوز أن تقول:
والله آتيك إلاّ أن تكون تريد (لا) فلمّا تبيّن موضعها وقد فارقت الخبر أضمرت،
قال امرؤ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعداً =ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
وأنشدني بعضهم:
فلا وأبي دهماء زالت عزيزةً =على قومها ما فتّل الزّند قادح
يريد: لا زالت. وقوله: {حتّى تكون حرضاً} يقال: رجل حرض وامرأة حرض وقوم حرض، يكون موحّداً على كلّ حالٍ: الذكر والأنثى، والجميع فيه سواء، ومن العرب من يقول للذكر: حارض، وللأنثى حارضة، فيثنّى ها هنا ويجمع؛ لأنه قد خرج على صورة فاعل وفاعل يجمع. والحارض: الفاسد في جسمه أو عقله. ويقال للرجل: إنه لحارض أي أحمق. والفاسد في عقله أيضاً. وأمّا حرض فترك جمعه لأنه مصدر بمنزلة دنف وضنىً. والعرب تقول: قوم دنف، وضنىً وعدل، ورضا، وزور، وعود، وضيف. ولو ثنّي وجمع لكان صواباً؛ كما قالوا: ضيف وأضياف. وقال عزّ وجلّ: {أنؤمن لبشرين مثلنا} وقال في موضع آخر: {ما أنتم إلاّ بشرٌ} والعرب إلى التثنية أسرع منهم إلى جمعه؛ لأن الواحد قد يكون في معنى الجمع ولا يكون في معنى اثنين؛ ألا ترى أنك تقول: كم عندك من درهم ومن دراهم، ولا يجوز: كم عندك من درهمين. فلذلك كثرت التثنية ولم يجمع). [معاني القرآن: 2/55-54]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تفتؤ تذكر يوسف} أي لا تزال تذكره، قال أوس بن حجر:
فما فتئت خيلٌ تثوب وتدّعى= ويلحق منها لاحقٌ وتقطّع
أي فما زالت، قال خداش بن زهير:
وأبرح ما أدام الله قومي= بحمد الله منتطقا مجيدا
معنى هذا: لا أبرح لا أزال {حتّى تكون حرضاً} والحرض الذي أذابه الحزن أو العشق وهو في موضع محرض، قال:
كأنك صمٌّ بالأطبّاء محرض
وقال العرجىّ:
إلّى امرؤٌ لجّ بي حبٌّ فأحرضني=حتى بكيت وحتى شفّني السّقم
أي أذابين. فتبقى محرضاً.
{أو تكون من الهالكين} أي من الميّتين). [مجاز القرآن: 1/317-316]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتّى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين}
وقال: {تالله تفتؤا تذكر يوسف} فزعموا أنّ (تفتأ) "تزال" فلذلك وقعت عليه اليمين كأنهم قالوا: "و الله ما تزال تذكر يوسف"). [معاني القرآن: 2/54]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تفتأ}: بمعنى تزال.
{حرضا}: بمعنى فاسدا والحرض الفاسد الذي لا خير فيه ولا يلتفت إليه. والجمع والواحد فيه سواء. وفي التفسير: تكون حرضا دون الموت.
{أو تكون من الهالكين}: أي ميتا). [غريب القرآن وتفسيره: 186-187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تاللّه تفتأ تذكر يوسف} أي لا تزال تذكر يوسف.
قال أوس بن حجر:
فما فتئت خيل تثوب وتدّعي حتّى تكون حرضاً
أي دنفا. يقال: أحرضه الحزن، أي: أدنفه. ولا أحسبه قيل للرجل الساقط: حارض، إلّا من هذا. كأنّه الذاهب الهالك.
{أو تكون من الهالكين} يعني: الموتى). [تفسير غريب القرآن: 221-222]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه: أن تحذف (لا) من الكلام والمعنى إثباتها.
كقوله سبحانه: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أي لا تزال تذكر يوسف.
وهي تحذف مع اليمين كثيرا.
قال الشاعر:
فقلت يمين الله أبرح قاعدا = ولو ضربوا رأسي لديك وأوصالي
وقال آخر:
فلا وأبي دهماء زالت عزيزة = على قومها ما فَتَّلَ الزَّندَ قادحُ).
[تأويل مشكل القرآن: 224]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا تاللّه تفتأ تذكر يوسف حتّى تكون حرضا أو تكون من الهالكين}
معنى تاللّه: واللّه، و " لا " مضمرة، المعنى واللّه لا تفتأ تذكر يوسف أي لا تزال تذكر يوسف.
(حتّى تكون حرضا).
والحرض الفاسد في جسمه، أي حتى تكون مدنفا مريضا.
والحرض الفاسد في أخلاقه، وقولهم: حرضت فلانا على فلان، تأويله أفسدته عليه.
وإنما جاز إضمار " لا " في قوله {تاللّه تفتأ تذكر يوسف} لأنه لا يجوز في القسم تاللّه تفعل حتى تقول لتفعلن. أو لا تفعل.
والقسم لا يجوز للناس إلا باللّه عزّ وجلّ، لا يجوز أو يحلف الرجل بأبيه.
ولا ينبغي أن يحلف بالأنبياء، ولا يحلف إلا باللّه، ويروى عن النبي عليه السلام أنه قال لعمر: لا تحلفوا بآبائكم، ومن كان حالفا فليحلف باللّه.
فإن قال القائل: فما مجاز القسم في كتاب اللّه عزّ وجلّ في قوله: {والليل إذا يغشى}، {والسماء ذات البروج} }{والتين والزيتون}
وما أشبه هذه الأشياء التي ذكرها اللّه جل جلاله في كتابه؟
ففيها أوجه كلها قد ذكرها البصريون، فقالوا: جائز أن يكون اللّه عزّ وجلّ أقسم بها لأن فيها كلها دليلا عليه وآيات بينات،
قال اللّه - عزّ وجلّ -: {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار} إلخ الآية.
وقال: {وفي خلقكم وما يبثّ من دابّة آيات}.
فكان القسم بهذا يدل على عظمة اللّه.
وقال قطرب جائز أن يكون معناها: ورب الشمس وضحاها، وربّ التين والزيتون، كما قال: (والسماء ذات البروج).
وقال: {والأرض وما طحاها}.
وقال: {فوربّ السّماء والأرض إنّه لحقّ}.
وقالوا أيضا: جائز أن يكون وخلق السماوات والأرض، وخلق التين والزيتون.
وقالوا: يجوز أن يكون لما كان معنى القسم معنى التحقيق، وأن هذه الأشياء التي أقسم اللّه بها حق كلها، وكذلك ما أقسم عليه حق فالمعنى كما أن التين والزيتون حق، لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم.
وأجود هذه الأقوال ما بدأنا به في أولها). [معاني القرآن: 3/127-125]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف}
روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس تفتأ أي لا تزال
وقال مجاهد تفتؤ أي تفتر
والأول المعروف عند أهل اللغة يقال ما فتئ وما فتأ أي مازال
ثم قال تعالى: {حتى تكون حرضا}
قال ابن جريج عن مجاهد أي دون الموت
وقال الضحاك أي باليا مبرا
والقولان متقاربان يقال أحرضه المرض فحرض ويحرض إذا دام سقمه وبلي
قال الفراء الحارض الفاسد الجسم والعقل وكذلك الحرض
وقال أبو عبيدة الحرض الذي قد أذابه الحزن
وقال غيره منه حرضت فلانا أي أفسدت قلبه
ثم قال تعالى: {أو تكون من الهالكين}
وقال الضحاك أي من الميتين). [معاني القرآن: 3/454-453]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {حتى تكون حرضا} قال: الحرض، الذي لا ينتفع به عند
العرب من كل شيء). [ياقوتة الصراط: 277-276]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من الهالكين} أي: من الميتين). [ياقوتة الصراط: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تفتؤ تذكر} أي لا تزال تذكر.
{حرضا} أي دنفا.
{أو تكون من الهالكين} أي ميتا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَفْتَأُ}: لا تزال
{حَرَضًا}: هالكاً
{الْهَالِكِينَ}: الموتى). [العمدة في غريب القرآن: 163]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّما أشكوا بثّي وحزني إلى الله} البثّ أشد الحزن، ويقال: حزن، متحرك الحروف بالفتحة أي في اكتئاب، والحزن أشدّ الهمّ). [مجاز القرآن: 1/317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و(البثّ لا (أشد الحزن. سمي بذلك: لأن صاحبه لا يصبر عليه، حتى يبثّه، أي يشكوه). [تفسير غريب القرآن: 222]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}والبث أشد من الحزن
قال قتادة {ولا تيأسوا من روح الله} أي من رحمته). [معاني القرآن: 3/455]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والبث) أشد الحزن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]

تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {اذهبوا فتجسّسوا} أي تخبّروا والتمسوا في المظان). [مجاز القرآن: 1/317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن قرأ: {فرُوحٌ وريحانٌ} بضم الراء، أراد فرحمة ورزق.
والريحان: الرزق.
قال النّمر بن تولب:
سلام الإله وريحانه = ورحمته وسماء درر
فجمع بين الرّزق والرحمة، كما قال الله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}، وهذا شاهد لتفسير المفسرين.
قال أبو عبيدة فرُوحٌ، أراد: حياة وبقاء لا موت فيه.
ومن قرأ: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} بالفتح، أراد: الرّاحة وطيب النّسيم.
وقد تكون الرَّوح: الرحمة، قال الله تعالى: {وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}، أي من رحمته. سمّاها روحا لأنّ الرّوح والرّاحة يكونان بها). [تأويل مشكل القرآن: 488-487]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وجئنا ببضاعةٍ مّزجاةٍ...}
ذكروا أنهم قدموا مصر ببضاعة، فباعوها بدراهم لا تنفق في الطعام إلاّ بغير سعر الجياد، فسألوا يوسف أن يأخذها منهم ولا ينقصهم. فذلك قوله: {فأوف لنا الكيل وتصدّق علينا} بفضل ما بين السّعرين). [معاني القرآن: 2/55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مزجاةٍ} يسيرة قليلة،
قال: وحاجةٍ غير مزجاة من الحاج). [مجاز القرآن: 1/317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مزجاة}: قليلة. وقال المفسرون رديئة زيوف). [غريب القرآن وتفسيره: 187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ببضاعةٍ مزجاةٍ} أي قليلة، ويقال: رديئة، لا تنفق في الطعام، وتنفق في غيره. لأن الطعام لا يؤخذ فيه إلّا الجيد.
{وتصدّق علينا} يعنون: [تفضل بما] بين البضاعة وبين ثمن الطعام). [تفسير غريب القرآن: 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فلمّا دخلوا عليه قالوا يا أيّها العزيز مسّنا وأهلنا الضّرّ وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدّق علينا إنّ اللّه يجزي المتصدّقين}
{وجئنا ببضاعة مزجاة} قالوا {مزجاة} قليلة، وقالوا كانوا جاءوا بمتاع الأعراب كالصوف والسمن.
وما أشبه ذلك مما يبيعه الأعراب، وقيل إن البضاعة كانت مما لا يتفق مثله في الطعام، لأن متاع الأعراب كذلك كان تحته رديء المال.
وتأويله في اللغة، أن التزجية الشيء القليل الذي يدافع به، تقول: فلان يزجّي العيش أي يدفع بالقليل ويكتفي به.
فالمعنى على هذا: إنا جئنا ببضاعة إنما يدافع بها أي: يتقوّت، ليس مما يتسع به.
قال الشاعر:
الواهب المائة الهجان وعبدها= عودوا تزجّي خلفها أطفالها
أي تدفع أطفالها). [معاني القرآن: 3/128-127]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة}
وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال أي ورق رديئة لا تجوز إلا بوضيعة
وقال مجاهد أي قليلة
وقال قتادة أي يسيرة
وقال عبد الله بن الحارث كان معهم متاع الأعراب من سمن وصوف وما أشبههما
وهذه الأقوال متقاربة وأصله من التزجية وهي الدفع والسوق يقال فلان يزجي العيس أي يدفع والمعنى أنها بضاعة تدفع ولا يقبلها كل أحد
واحتج مالك بقوله تعالى: {فأوف لنا الكيل} في أن أجرة الكيال والوزان على البايع). [معاني القرآن: 3/456-455]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مزجاة} قليلة، وقيل: رديئة، وقيل: كاسدة، وقيل: رثة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُّزْجَاةٍ}: قليلة رديئة). [العمدة في غريب القرآن: 163]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قالوا أإنّك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد منّ اللّه علينا إنّه من يتّق ويصبر فإنّ اللّه لا يضيع أجر المحسنين}
{أإنّك لأنت يوسف} فيها أربعة أوجه:
بجمع الهمزتين -، قالوا أئنك - على تحقيقهما، ويجوز أئنك - على أن يجعل الثانية بين الياء والهمزة.، وقرئت. (أئنك) على إنك بفصل بين الهمزتين بألف لاجتماع الهمزتين.
قال الشاعر:
أيا ظبية الوعساء بين جلاجل= وبين النّقا آأنت أم أمّ سالم
ويجوز قالوا إنك لأنت على لفظ الخبر). [معاني القرآن: 3/128]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإن كنّا لخاطئين} مجازه: وإن كنا خاطئين، وتزاد اللام المفتوحة للتوكيد والتثبيت، وخطئت وأخطئت واحد،
قال امرؤٌ القيس:
يا لهف هندٍ إذ خطئن كاهلا
أي أخطأن،
وقال: أميّة بن الأسكر:
وإنّ مهاجرين تكنّفاه= غداة إذٍ لقد خطئا وحابا).
[مجاز القرآن: 1/318]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا تثريب عليكم اليوم} أي لا تخليط ولا شغب ولا إفساد ولا معاقبة). [مجاز القرآن: 1/318]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم وهو أرحم الرّاحمين}
وقال: {لا تثريب عليكم اليوم} (اليوم) وقفٌ ثم استأنف فقال: {يغفر اللّه لكم} فدعا لهم بالمغفرة مستأنفا). [معاني القرآن: 2/54]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا تثريب عليكم}: لا تخليط ولا فساد). [غريب القرآن وتفسيره: 187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قال لا تثريب عليكم اليوم}: لا تعيير عليكم بعد هذا اليوم بما صنعتم. وأصل التّثريب: الإفساد.
يقال: ثرّب علينا، إذا أفسد.
وفي الحديث: «إذا زنت أمة أحدكم: فليجلدها الحدّ، ولا يثرّب» أي لا يعيّرها بالزنا). [تفسير غريب القرآن: 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم وهو أرحم الرّاحمين} أي لا إفساد عليكم). [معاني القرآن: 3/128]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال لا تثرتب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}
التثريب التعيير واللوم وإفساد الأمر ومنه ثربت أمره أي أفسدته
ومنه الحديث إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب أي ولا يعيرها بالزنا). [معاني القرآن: 3/456]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لا تثريب عليكم} أي: لا توبيخ). [ياقوتة الصراط: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لا تثريب عليكم} بعد الموت بفعلكم، وأصله الفساد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لا تَثْرَيبَ}: لا تخليط). [العمدة في غريب القرآن: 163]

تفسير قوله تعالى: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يأت بصيراً...} أي يرجع بصيراً). [معاني القرآن: 2/55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يأت بصيراً} أي يعد بصيراً أي يعد مبصراً). [مجاز القرآن: 1/318]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 06:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 94 إلى آخر السورة]

{وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لولا أن تفنّدون...}
يقول: تكذّبون وتعجّزون وتضعّفون). [معاني القرآن: 2/55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لولا أن تفنّدون} أي تسفّهوني وتعجّزوني وتلوموني، قال هانئ بن شكيم العدويّ:

يا صاحبيّ دعا لومي وتفنيدي= فليس ما فات من أمرٍ بمردود).
[مجاز القرآن: 1/318]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تفندون}: تسفهوني وتحموقني. وقال آخرون تكذبوني. والفند الكذب). [غريب القرآن وتفسيره: 187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لولا أن تفنّدون} أي تعجّزون. ويقال: لولا أن تجهّلون يقال: أفنده الهرم، إذا خلّط في كلامه). [تفسير غريب القرآن: 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا فصلت العير قال أبوهم إنّي لأجد ريح يوسف لولا أن تفنّدون}
{لولا أن تفنّدون} معناه لولا أن تجهّلون، ويروى تسفهّون). [معاني القرآن: 3/128]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف}
قال ابن عباس هاجت ريح فشم ريح القميص من مسيرة ثمانية أيام ثم قال: {لولا أن تفندون}
قال ابن عباس تسفهون
وقال عطاء والضحاك أي تكذبون
والقول الأول هو المعروف يقال فنده تفنيدا إذا عجزه كما قال
أهلكتني باللوم والتفنيد
ويقال أفند إذا تكلم بالخطأ والفند الخطأ من الكلام والرأي كما قال الشاعر:
إلا سليمان إذ قال المليك له = قم في البرية فاحددها عن الفند).
[معاني القرآن: 3/457-456]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لولا أن تفندون} أي: لولا تضعفون رأيي). [ياقوتة الصراط: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تفندون} تعجزون، وقيل: تجهلون وتسفهون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَصَلَتِ}: خرجت
{تُفَنِّدُونِ}: تسفهون). [العمدة في غريب القرآن: 163-164]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95)}

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنّا كنّا خاطئين }
يقال قد خطئ يخطأ خطأ وخطأ، وأخطأ يخطئ إخطاء.
قال امرؤ القيس:
يا لهف هند إذ خطئن كاهلا=القاتلين الملك الحلاحلا).
[معاني القرآن: 3/128-129]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سوف أستغفر لكم ربّي...}
قال: حدّثنا الفراء (عن) شريك عن السّدّي في هذه الآية أخّرهم إلى السّحر (قال أبو زكريا وزادنا حبّاًن عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال: أخّرهم إلى السحر) ليلة الجمعة). [معاني القرآن: 2/55]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قال سوف أستغفر لكم ربّي إنّه هو الغفور الرّحيم}
قال ذلك يعقوب إرادة أن يستغفر لهم في وقت وجه السّحر، في الوقت الذي هو لإجابة الدعاء لا أنه ضنّ بالاستغفار وذلك أشبه بأخلاق الأنبياء.
أعني المبالغة في الاستغفار، وتعمد وقت الإجابة). [معاني القرآن: 3/129]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ (99)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء اللّه آمنين}
{آوى إليه أبويه} أي ضمّ إليه أبويه). [معاني القرآن: 3/129]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين}
قال ابن جريج أي سوف أستغفر لكم ربي إن شاء الله
قال وهذا من تقديم القرآن وتأخيره
يذهب ابن جريج إلى أنهم قد دخلوا مصر فكيف يقول ادخلوا مصر إن شاء الله). [معاني القرآن: 3/458-457]

تفسير قوله تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ( {على العرش} أي السرير.
{من البدو} وهو مصدر بدوت في البادية.
{من بعد أن نزغ الشّيطان} أي أفسد وحمل بعضنا على بعض). [مجاز القرآن: 1/319]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( و{العرش}: السرير.
{والبدو}: البادية). [غريب القرآن وتفسيره: 187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ورفع أبويه على العرش} أي على السرير). [تفسير غريب القرآن: 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ورفع أبويه على العرش وخرّوا له سجّدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربّي حقّا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السّجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشّيطان بيني وبين إخوتي إنّ ربّي لطيف لما يشاء إنّه هو العليم الحكيم }
{العرش} السرير.
{وخرّوا له سجّدا} كان من سنة التعظيم في ذلك الوقت أن يسجد للمعظّم.
وقيل: {وخرّوا له سجّدا} وخروا للّه). [معاني القرآن: 3/129]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {ورفع أبويه على العرش}
قال قتادة أي على السرير
ثم قال تعالى: {وخروا له سجدا}
وقال قتادة وكان هذا من تحيتهم
قال ابن جريج كانوا يفعلون هذا كما تفعل فارس
والمعنى وخروا لله سجدا
والقول الأول أشبه وهو سجود على غير عبادة وإن كان قد نهي المسلمون عن هذا فإنه على ما روي أنها تحية كانت لهم
قال الحسن كان بين مفارقة يوسف أباه إلى أن اجتمع معه ثمانون سنة لا يهدأ يعقوب فيها ساعة عن البكاء وليس أحد في ذلك الوقت أكرم على الله من يعقوب
والقي في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة وعاش بعد لقائه يعقوب ثلاثا وعشرين سنة ومات وهو ابن عشرين ومائة). [معاني القرآن: 3/459-458]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {على العرش} أي السرير). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْعَرْشِ}: السرير). [العمدة في غريب القرآن: 164]

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ربّ قد آتيتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث فاطر السّماوات والأرض أنت وليّي في الدّنيا والآخرة توفّني مسلما وألحقني بالصّالحين}
فيها قولان:
أعني في دخول " من ": جائز أن يكون أراد علّمتني بعض التأويل، وآتيتني بعض الملك.
وجائز أن يكون دخول " من " لتبين هذا الجنس من سائر الأجناس، ويكون المعنى: رب قد آتيتني الملك وعلمتني تأويل الأحاديث، مثل قوله عزّ وجلّ: {تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء} يدل على أن " من " ههنا إنما هي لتبيين الجنس، ومثله قوله: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} ولم يؤمروا باجتناب بعض الأوثان، ولكن المعنى: واجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان.
وقوله عزّ وجلّ: {فاطر السّماوات والأرض}
ينتصب على وجهين:
أحدهما على الصفة لقوله {ربّ قد آتيتني من الملك}.
والمعنى: يا ربّ قد آتيتني، وهذا نداء مضاف في موضع نصب.
ويكون {فاطر السّماوات والأرض} صفة للأول.
وجائز أن ينتصب على نداء ثان، فيكون المعنى: يا فاطر السماوات والأرض أنت وليّي.
{وألحقني بالصّالحين} أي ألحقني بمراتبهم من رحمتك وغفرانك). [معاني القرآن: 3/130-129]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث}
ويجوز أن تكون من ههنا للتبعيض أي قد آتيتني بعض الملك وعلمتني بعض التأويل
ويجوز أن تكون لبيان الجنس أي أتيتني الملك وعلمتني تأويل الأحاديث
ويدل على هذا الجواب تؤتي الملك من تشاء). [معاني القرآن: 3/459]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون}
هذا خطاب للنبي عليه السلام، المعنى الذي قصصنا عليك من أمر يوسف وإخوته من الأخبار التي كانت غائبة عنك.
فأنزلت عليه دلالة على إثبات نبوته، وإنذارا وتيسيرا بتفصيل قصص الأمم السالفة.
وموضع (ذلك) رفع بالابتداء ويكون خبره {من أنباء الغيب}.
ويكون {نوحيه إليك} خبرا ثانيا، وإن شئت جعلت " نوحيه " هو الخبر، وجعلت ذلك في موضع الذي.
المعنى الذي من أنباء الغيب نوحيه إليك ذلك). [معاني القرآن: 3/130]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين}
معناه وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على أن تهديهم لأنك لا تهدي من أحببت ولكنّ الله يهدي من يشاء). [معاني القرآن: 3/130]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} أي لست تقدر على هداية من أردت). [معاني القرآن: 3/460-459]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلّا ذكر للعالمين}
أي وما تسألهم على القرآن وتلاوته وهدايتك إيّاهم من أجر.
{إن هو إلّا ذكر للعالمين} أي ما هو إلا تذكرة لهم، بما هو صلاحهم ونجاتهم من النّار ودخولهم
الجنة، وإنذارهم وتبشيرهم، فكل الصلاح فيه). [معاني القرآن: 3/131-130]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وكأيّن مّن آيةٍ في السّماوات والأرض...}
فآيات السّموات الشمس والقمر والنجوم. وآيات الأرض الجبال والأنهار وأشباه ذلك). [معاني القرآن: 2/55]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وكأيّن من آيةٍ} أي كم من دليل وعلامة في خلق {السّماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون} ).
[تفسير غريب القرآن: 223-222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكأيّن من آية في السّماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون}
أي من علامة ودلالة تدلّهم على توحيد اللّه، من أمر السّماء وأنها بغير عمد لا تقع على الأرض، وفيها من مجرى الشمس والقمر ما فيها، وفيها أعظم البرهان والدليل على أن الّذي خلقها واحد، وأن لها خالقا، وكذلك فيما يشاهد في الأرض من نباتها وبحارها وجبالها.
{وهم عنها معرضون} أي لا يفكرون فيما يدلّهم على توحيد اللّه - عزّ وجلّ - والدليل على أنهم لا يفكرون فيما يستدلون به قوله عزّ وجلّ:
{وما يؤمن أكثرهم باللّه إلّا وهم مشركون} ). [معاني القرآن: 3/131]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون}
أي فكم من آية في رفع السموات بغير عمد ومجاري الشمس والقمر والنجوم وفي الأرض من نخلها وزرعها أي يعلمونها). [معاني القرآن: 3/460]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وكأين من آية} معناه: وكم من آية). [ياقوتة الصراط: 277]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مّشركون...}
يقول: إذا سألتهم من خلقكم؟ قالوا: الله، أو من رزقكم؟ قالوا: الله، وهم يشركون به فيعبدون الأصنام. فذلك قوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مّشركون} ). [معاني القرآن: 2/55]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلّا وهم مشركون} يريد: إذا سئلوا: من خلقهم؟ قالوا: اللّه. ثم يشركون بعد ذلك.
أي يجعلون للّه شركاء). [تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فمن الإيمان: تصديق باللسان دون القلب، كإيمان المنافقين. يقول الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا}،
أي آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم. كما كان من الإسلام انقياد باللسان دون القلب.
ومن الإيمان: تصديق باللسان والقلب. يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}، كما كان من الإسلام انقياد باللسان والقلب.
ومن الإيمان: تصديق ببعض وتكذيب ببعض. قال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}، يعني مشركي العرب، إن سألتهم من خلقهم؟
قالوا: الله، وهم مع ذلك يجعلون له شركاء.
وأهل الكتاب يؤمنون ببعض الرّسل والكتب، ويكفرون ببعض. قال الله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}، يعني: ببعض الرسل والكتب، إذ لم يؤمنوا بهم كلّهم).
[تأويل مشكل القرآن: 482-481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلّا وهم مشركون}
أي إن اعترفوا بأن الله خالقهم وخالق السّماوات والأرض، أشركوا في عبادته الأصنام، وأشركوا غير الأصنام). [معاني القرآن: 3/131]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}
قال عكرمة هو قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله}
فإذا سئلوا عن صفته وصفوة بغيرها ونسبوه إلى أن له ولدا
وقال أبو جعفر يذهب عكرمة إلى أن الإيمان ههنا إقرارهم). [معاني القرآن: 3/460]

تفسير قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {غاشيةٌ من عذاب الله} : مجلّلةٌ.
{أو تأتيهم السّاعة بغتةً} أي فجأة، قال ابن ضبّة وهو يزيد ابن مقسم الثّقفي، وأمه ضبة التي قامت عنه أي ولدته:
ولكنّهم بانوا ولم أدر بغتةً= وأفظع شئٍ حين يفجأك البغت).
[مجاز القرآن: 1/319]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {غاشية من عذاب الله}: مجللة). [غريب القرآن وتفسيره: 188]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {غاشيةٌ من عذاب اللّه} أي مجلّلة تغشاهم. ومنه قوله تعالى: {هل أتاك حديث الغاشية} أي خبرها).
[تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب اللّه أو تأتيهم السّاعة بغتة وهم لا يشعرون }
أي أن يأتيهم ما يعجزهم من العذاب {أو تأتيهم السّاعة بغتة}.
أي فجأة، و (بغتة) مصدر منصوب على الحال، تقول لقيته بغتة وفجأة، ومعناه من حيث لم أتوقع أن ألقاه). [معاني القرآن: 3/131]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله}
قال مجاهد أي تغشاهم
قال أبو جعفر ومعناه تجللهم ومنه هل أتاك حديث الغاشية
ثم قال تعالى: {أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون}
أي فجأة من حيث لا يقدروا). [معاني القرآن: 3/461]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غاشية} أي مجللة تغشاهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غَاشِيَةٌ}: مجللة). [العمدة في غريب القرآن: 164]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أنا ومن اتّبعني...}
يقول: أنا ومن اتّبعني، فهو يدعو على بصيرة كما أدعوا). [معاني القرآن: 2/55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قل هذه سبيلي} قال أبو عمرو: تذكر وتؤنّث، وأنشدنا:
فلا تبعد فكل فتى أناسٍ= سيصبح سالكاً تلك السبيلا
{على بصيرةٍ أنا} يعني على يقين). [مجاز القرآن: 1/319]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أدعوا إلى اللّه على بصيرةٍ} أي على يقين. ومنه يقال: فلان مستبصر في كذا، أي مستيقن له). [تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة} أي على يقين ومنه فلان مستبصر بهذا). [معاني القرآن: 3/461]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولدار الآخرة...}
أضيفت الدار إلى الآخرة وهي الآخرة وقد تضيف العرب الشيء إلى نفسه إذا اختلف لفظه كقوله: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين} والحقّ هو اليقين. ومثله أتيتك بارحة الأولى،
وعام الأوّل وليلة الأولى ويوم الخميس. وجميع الأيّام تضاف إلى أنفسها لاختلاف لفظها. وكذلك شهر ربيع. والعرب تقول في كلامها - أنشدني بعضهم -:

أتمدح فقعساً وتذمّ عبساً =ألا لله أمّك من هجين
ولو أقوت عليك ديار عبس= عرفت الذلّ عرفان اليقين
وإنما معناه عرفاناً ويقيناً). [معاني القرآن: 2/56-55]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أرسلنا من قبلك إلّا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للّذين اتّقوا أفلا تعقلون}
{ولدار الآخرة خير للّذين اتّقوا}.
وفي غير موضع وللدار الآخرة، فمن قال الدار الآخرة فالآخرة نعت للدار، لأن لجميع الخلق دارين، الدار التي خلقوا فيها وهي الدّنيا، والدار الآخرة التي يعادون فيها خلقا جديدا، ومن قال " دار الآخرة " فكأنّه قال: ودار الحياة الآخرة، لأنّ للناس حياتين، حياة الدنيا وحياة الآخرة، ومثل هذا في الكلام الصلاة الأولى، وصلاة الأولى.
فمن قال الصّلاة الأولى جعل الأولى نعتا للصلاة، ومن قال صلاة الأولى أراد صلاة الفريضة الأولى، والساعة الأولى). [معاني القرآن: 3/132-131]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {حتّى إذا استيأس الرّسل وظنّوا أنّهم قد كذبوا...}
خفيف. وقرأها أهل المدينة بالتثقيل، وقرأها ابن عباس بالتخفيف، وفسّرها: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا جاءهم نصرنا.
وحكيت عن عبد الله (كذّبوا) مشدًّدة وقوله: {فنجي من نشاء} القراءة بنونين والكتاب أتى بنون واحدة.
وقد قرأ عاصم (فنجّي من نّشاء) فجعلها نوناً، كأنه كره زيادة نون ف (من) حينئذ في موضع رفع.
وأما الذين قرءوا بنونين فإن النون الثانية، تخفى ولا تخرج من موضع الأولى، فلمّاً خفيت حذفت، ألا ترى أنك لا تقول فننجي بالبيان.
فلمّا خفيت الثانية حذفت واكتفى بالنون الأولى منها، كما يكتفى بالحرف من الحرفين فيدغم ويكون كتابهما واحداً). [معاني القرآن: 2/56]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {حتّى إذا استيأس الرّسل} مفسّر في كتاب «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ}.
قد تكلم المفسرون في هذه الآية بما فيه مقنع وغناء عن أن يوضّح بغير لفظهم.
فروى عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة، أنه قال: {اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ} من قومهم {وَظَنُّوا} أي: علموا {أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} وكان يقرؤها بالتشديد.
وروى عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزّهري، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: استيئس الرّسل ممن كذّبهم من قومهم أن يصدّقوهم، وظنّت الرّسل أن من قد آمن بهم من قومهم قد كذّبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك. وكانت تقرأ فكذبوا بضم الكاف وتشديد الذال.
وروى حجّاج، عن ابن جريج: عن ابن أبي مليكة، عن عروة، عن (عائشة)، أنها قالت: لم يزل البلاء بالرّسل حتى خافوا أن يكون من معهم من المؤمنين قد كذّبوهم.
وروى حجّاج، عن ابن جريج، عن مجاهد أنه قرأها قد كذبوا بفتح الكاف والذال وتخفيف الذال، يريد: حتى إذا استيئس الرسل من إيمان قومهم فظنّ قومهم أنّ الرّسل قد كذبوا فيما بلّغوا عن الله عز وجل.
وروى حجّاج، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس أنه قرأ: كذبوا بضم الكاف، وكسر الذال، وتخفيفها. وقال: كانوا بشرا، يعني الرسل، يذهب إلى أن الرسل ضعفوا فظنّوا أنهم قد أخلفوا.
وهذه مذاهب مختلفة، والألفاظ تحتملها كلّها، ولا نعلم ما أراد الله عز وجل، غير أنّ أحسنها في الظاهر، وأولاها بأنبياء الله صلوات الله عليهم، ما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها). [تأويل مشكل القرآن: 412-410]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {حتّى إذا استيأس الرّسل وظنّوا أنّهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجّي من نشاء ولا يردّ بأسنا عن القوم المجرمين}
قرئت كذبوا وكذّبوا، بالتخفيف والتشديد، وقرئت " كذبوا " فأمّا من قرأ وظنوا أنهم قد كذبوا بالتشديد - فالمعنى حتى إذا استيأس الرّسل من أن يصدّقهم قومهم جاءهم نصرنا.
ومن قرأ قد كذبوا بالتخفيف، فالمعنى وظن قومهم أنهم قد كذبوا فيما وعدوا، لأن الرسل لا يظنون ذلك.
وقد قال بعضهم وظنوا أنهم قد أخلفوا أي ظن الرسل، وذلك بعيد في صفة الرسل.
يروى عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوعد شيئا أخلف فيه وفي الخبر:
ومعاذ اللّه أن يظنّ الرسل هذا بربّها.
ومعنى: (وظنّوا أنّهم قد [كذبوا]) ظنّ قومهم أيضا أنهم قد كذبوا.
وقوله عزّ وجلّ: {فنجّي من نشاء}.
قرئت فننجّي، وفننجي، وقرئت فنجا من نشاء.
وقرأ عاصم (فنجّي من نشاء) بفتح الياء.
فأمّا من قرأ (فننجي) فعلى الاستقبال، والنون نون الاستقبال.
أعني النون الأولى، ومن قرأ (فننجّي) - بإسكان الياء - فحذف النون الثانية لاجتماع النونين، كما تقول: أنت تبيّن هذا الأمر، تريد تتبيّن، فحذف لاجتماع تاءين، ومن قرأ (فنجا من نشاء) عطف على قوله جاءهم نصرنا فنجا من نشاء على لفظ الفعل الماضي،
ومن قرأ (فننجّي من نشاء) فبمعنى الماضي على ما لم يسمّ فاعله، ويكون موضع " من " رفعا.
ويعلم بالمعنى أن اللّه عزّ وجلّ - نجّاهم). [معاني القرآن: 3/133-132]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا}
روى الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها في قوله جل وعز: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا}
قالت استيأس الرسل من إيمان من كذبهم من قومهم وظنوا أن من آمن من قومهم قد كذبوهم لما لحقهم من البلاء والامتحان
وروى ابن أبي مليكة عن عروة عن عائشة قالت لحق المؤمنين البلاء والضرر حتى ظن الرسل انهم قد كذبوهم لما لحقهم
وقال قتادة حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وأيقنوا أن قومهم قد كذبوهم جاءهم نصرنا
يذهب قتادة إلى أن الظن ههنا يقين وذلك معروف في اللغة والمعنى أن الرسل كانوا يترجون أن يؤمن قومهم ثم استيأسوا من ذلك فجاءهم النصر
والقول الأول أشبه بالمعنى وهو أعلى إسنادا والله أعلم بما أراد
وقرأ عبد الله بن مسعود وابن عباس وظنوا أنهم قد كذبوا بالتخفيف وضم الكاف
قال أبو جعفر في معناه عن ابن عباس روايتان: أ. روى ابن أبي مليكة عنه أنهم ضعفوا قال إنهم بشر، ب. والقول الثاني أنه روي عن سفيان عن عطاء عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظن قومهم قد كذبوا جاءهم نصرنا
قال أبو جعفر الضمير في كذبوا يعود على القوم على هذا
وقرأ مجاهد وظنوا أنهم قد كذبوا بالتخفيف وفتح الكاف
وفسره وظن قومهم أنهم قد كذبوا وهو كالذي قبله في المعنى
وروي عنه في قوله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل} قولان:
أحدهما حتى إذا استيأس الرسل أن يأتي قومهم العذاب
والقول الثاني أحسن وهو حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم). [معاني القرآن: 3/464-461]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق...}
منصوب، يراد به: ولكن كان تصديق ما بين يديه من الكتب: التوراة والإنجيل. ولو رفعت التصديق كان صواباً كما تقول: ما كان هذا قائماً ولكن قاعداً وقاعد.
وكذلك قوله: {ما كان محمّدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله} و{رسول الله} فمن رفع لم يضمر كان أراد: ولكن هو رسول الله). [معاني القرآن: 2/57-56]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما كان حديثاً يفترى} أي يختلق ويصنع). [تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ - {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الّذي بين يديه وتفصيل كلّ شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}
{ولكن تصديق الّذي بين يديه} أي الذي تقدمه من الكتب.
ونصب " تصديقا " على معنى كان، المعنى: ما كان حديثا يفترى ولكن كان تصديق الذي بين يديه.
ويجوز: {ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الّذي بين يديه}.
فمن قرأ هكذا رفع الباقي المعطوف على تصديق، ويكون مرتفعا على معنى ولكن هو تصديق الذي بين يديه.
ويكون ([وتفصيل] كلّ شيء وهدى [ورحمة] لقوم يؤمنون) نسقا عليه.
وهذا لم تثبت بقراءته رواية صحيحة، وإن كان جائزا في العربية لا اختلاف بين النحويين في أنه جيّد بالغ، فلا تقرأنّ به ولا تخالف الإجماع بمذاهب النحويين). [معاني القرآن: 3/133]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} قال مجاهد يعني يوسف وإخوته
ثم قال جل وعز ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه
قال سفيان يعني التوراة والإنجيل والكتب وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون). [معاني القرآن: 3/464]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة