العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > التفاسير اللغوية المجموعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1432هـ/1-11-2011م, 10:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي تفسير سورة الأحقاف

تفسير سورة الأحقاف

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {حم (1) }

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) }

تفسير قوله تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) }

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14) }

تفسير قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وقد أوزعه يوزعه إيزاعا إذا أغراه وقد أوزعه إذا ألهمه قال الله جل ثناؤه: {رب أوزعني أن أشكر نعمتك} أي ألهمني ويقال وزعته أزعه وزعا إذا كففته وقال الأصمعي وجاء في الحديث من يزع السلطان أكثر ممن يزع القرآن ويقال لا بد للناس من وزعة أي من كففة ويقال زعته أزوعه إذا عطفته قال ذو الرمة:

(وخافق الرأس مثل السيف قلت له = زع بالزمام وجوز الليل مركوم) ).
[إصلاح المنطق: 256]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وأشد حرف من الأضداد، يقال: بلغ فلان أشده، إذا بلغ ثماني عشرة سنة، وبلغ أشده إذا بلغ أربعين سنة، قال الله عز وجل: {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة}.
قال الفراء: ويقال: الأشد أربعون سنة. قال: وحكى لي بعض المشيخة بإسناد ذكره أن الأشد ثلاث وثلاثون سنة، والاستواء أربعون سنة. قال: وحكى لي أن الأشد ثماني عشرة سنة.
وقول من قال ثلاث وثلاثون سنة، أشبه بالآية؛ لأنه عطف (الأربعين) عليه، والأربعون أقرب إلى ثلاث وثلاثين منها إلى ثماني عشرة سنة، فكان ذلك أولى، ألا ترى أن قولك: قد أخذت عامة المال أو كله، أحسن من قولك: قد أخذت أقل المال أو كله!
قال: وقول من قال: الأشد ثماني عشرة سنة ليس بخطأ.
قال الفراء: وفي قراءة عبد الله: (حتى إذا استوى وبلغ أشده وبلغ أربعين سنة) قال: فهذا موافق لمعنى قراءتنا، ألا ترى أنك تقول في الكلام للرجل: لما ولد لك وأدركت مدرك الرجال عققت وفعلت! فالإدراك قبل أن يولد له، فقدم المؤخر ثم، كما قدم هاهنا.
وقال بعض النحويين: الأشد اسم واحد لا واحد له، وهو بمنزلك الآنك، والآنك: الرصاص والأسرب.
وقال الفراء: واحد الأشد شد وشد، وأشد كقولهم: فلس وأفلس، وبحر وأبحر، قال عنترة:
عهدي به شد النهار كأنما = خضب البنان ورأسه بالعظلم
العظلم: صبغ أحمر، ويقال: هو البقم، وقال الآخر:
تطيف به شد النهار ظعينة = طويلة أنقاء اليدين سحوق
وقال يونس بن حبيب: واحد الأشد شد، فاعلم. وقال: هو كقولهم: فلان ودي، والقوى أودي، واحتج بقول النابغة:

إني كأني لدى النعمان خبره = بعض الأود حديثا غير مكذوب
بأن حصنا وحيا من بني أسد = قاموا فقالوا حمانا غير مقروب
ويروى عن الأخفش أنه قال: واحد الأشد شدة، قال: وهو كقولهم: نعمة وأنعم.
وأخبرنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا ابن إدريس، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله عز وجل: {حتى إذا بلغ أشده}، قال: ثلاثا وثلاثين سنة). [كتاب الأضداد:222- 224]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) }

تفسير قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20) }

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر هو وأصحابه وهم محرمون بظبي حاقف في ظل شجرة، فقال: ((يا فلان ! قف ههنا حتى يمر الناس لا يربه أحد بشيء)).
قال: حدثناه هشيم، ويزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن عمير بن سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال يزيد: عن عمير، عن البهزي، عن النبي صلى الله عليه وسلم صح.
قوله: حاقف يعني الذي قد انحنى وتثنى في نومه، ولهذا قيل للرمل إذا كان منحنيا: حقف، وجمعه: أحقاف ويقال في قوله تعالى: {إذ أنذر قومه بالأحقاف} إنما سميت منازلهم بهذا لأنها كانت بالرمال.
وأما في بعض التفسير في قوله سبحانه: {بالأحقاف} قال: بالأرض وأما المعروف في كلام العرب فما أخبرتك قال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى = بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل
وواحد الأحقاف حقف.
ومنه قيل للشيء إذا انحنى: قد احقوقف قال العجاج:
مر الليالي زلفا فزلفا
سماوة الهلال حتى احقوقفا). [غريب الحديث: 1/410-411]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: " حتى احقوقفا " يريد اعوج، وإنما هو افعوعل من الحقف. والحقف: النقا من الرمل يعوج ويدق، .قال الله عز وجل: {إذ أنذر قومه بالأحقاف} أي بموضع هو هكذا). [الكامل: 1/199]

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
كالحقف حدأه النامون قلت له = ذو ثلتين وذو بهم وأرباق
لم يرو هذا البيت أبو عكرمة، قال أحمد بن عبيد يعني حقف رمل وهو المجتمع منه قال وأما أبو عبيدة فقال الحقف وجمعه أحقاف وهي الرمال وكانت الأحقاف رمالًا قبل عمان إلى حضر موت، قال وكانت منازل عاد، قال الله عز وجل: {واذكر أخا عادٍ إذا أنذر قومه بالأحقاف}، قال: وإنما حقفه اعوجاجه، قال العجاج:
كأن تحتي ناشطًا مجأفًا * مذرعًا يوشيه موقفًا* بات إلى أرطاة حقف أحقفًا). [شرح المفضليات: 15-16]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنّ العرب يستخفّون فيحذفون التنوين والنون ولا يتغيّر من المعنى
شيء وينجرّ المفعول لكف التنوين ممن الاسم فصار عمله فيه الجرّ ودخل في الاسم معاقباً للتنوين فجرى مجرى غلام عبد الله في اللّفظ لأنّه اسمٌ وإن كان ليس مثله في المعنى والعمل.
وليس يغير كفّ التنوين إذا حذفته مستخفاً شيئاً من المعنى ولا يجعله معرفةً. فمن ذلك قوله عزّ وجلّ: {كل نفس ذائقة الموت} و{إنّا مرسلو النّاقة} و{لو ترى إذ المجرمون ناكسو رءسهم} و: {غير محلي الصيد}. فالمعنى معنى: {ولا آمين البيت الحرام}.
ويزيد هذا عندك بياناً قوله تعالى جدّه: {هديا بالغ الكعبة} و: {عارض ممطرنا}. فلو لم يكن هذا في معنى النّكرة والتنوين لم توصف به النّكرة.
وستراه مفصّلاً أيضاً في بابه مع غير هذا من الحجج إن شاء الله. وقال الخليل هو كائن أخيك على الاستخفاف والمعنى هو كائنٌ أخاك). [الكتاب: 1/165-166] (م)
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وممّا يكون مضافاً إلى المعرفة ويكون نعتاً للنكرة الأسماء التي أخذت من الفعل فأريد بها معنى التنوين. من ذلك مررت برجلٍ ضاربك فهو ونعت على أنه سيضربه كأنك قلت مررت برجلٍ ضاربٍ زيداً ولكن حذف التنوين استخفافا. وإن أظهرت الاسم وأردت التخفيف والمعنى معنى التنوين جرى مجراه حين كان الاسم مضمراً وذلك قولك مررت برجلٍ ضاربه رجل فإن شئت حملته على أنّه سيفعل وإن شئت على أنّك مررت به وهو في حال عملٍ وذلك قوله عزّ وجلّ: {هذا عارض ممطرنا}. فالرفع ههنا كالجرّ في باب الجرّ). [الكتاب: 1/425]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
يحشون نيران الحروب بعارض = علته نجوم البيض حتى توقدا
...
وعارض سحاب قد أخذ الأفق). [نقائض جرير والفرزدق: 481]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
إذا ابتسمت أبدت غروبا كأنها = عوارض مزن تستهل وتلمح
...
وقوله كأنها عوارض مزن الواحد عارض وقال هي السحابة تراها قد نشأت في الأفق وهو من قول الله عز وجل: {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} ). [نقائض جرير والفرزدق: 499]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
منعوا الثغور بعارض ذي كوكب = لولا تقدمنا لضاق المطلع
قوله بعارض يعني جيشا كثير العدد قال والعارض السحاب وهو من قوله تعالى: {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} ). [نقائض جرير والفرزدق: 971]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (والعارض السحابة تراها في ناحية السماء وهي مثل الجلب إلا أن الجلب أبعد وأضيق من العارض، والعارض الأبيض، والجلب أكثر ما يكون إلى السواد). [كتاب المطر: 14]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (ويقال للجبل عارض وبه سمي عارض اليمامة، وما بين الثنايا والأضراس عارض ومنه قيل للمرأة مصقول عوارضها.والعارض السحاب قال الله عز وجل: {فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم} ). [الغريب المصنف: 3/925]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

وأقبل مرا إلى مجدل = سياق المقيد يمشي رسيفا
...
(أقبل): استقبل، من قوله عز وجل: {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} ). [شرح أشعار الهذليين: 1/296]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن المصدر كسائر الأسماء إلا أنه اسم للفعل، فإذا نصبت فعلى إضمار الفعل. فمن المصادر ما يكثر استعماله، فيكون بدلاً من فعله ومنها ما لا يكون له حق الاسم. فأما ما كثر استعماله حتى صار بدلاً من الفعل فقولك: حمداً وشكراً، لا كفراً. وعجباً إنما أردت: أحمد الله حمداً. فلولا الاستعمال الذي أبان عن ضميرك لم يجز أن تضمر؛ لأنه موضع خبر، وإنما يحسن الإضمار ويطرد في موضع الأمر؛ لأن الأمر لا يكون إلا بفعل. نحو قولك: ضرباً زيدا. إنما أردت: اضرب ضربا. وكذلك ضرب زيد. نصبت الضرب باضرب، ثم أضفته إلى زيد لما حذفت التنوين؛ كما تقول: هذا ضارب زيد غدا. والأصل إثبات التنوين وحذفه استخافٌ لعلم المخاطب. ألا ترى أن الاسم المضاف إلى معرفة على نية التنوين لا يكون إلا نكرة؛ لأن التنوين في النية، نحو قوله عز وجل: {هذا عارضٌ ممطرنا} و{هدياً بالغ الكعبة}. هو وصف للنكرة، وتدخل عليه رب كما تدخل على النكرة. وقد مضى تفسير هذا في بابه. قال الشاعر:
يا رب غابطنا لو كان يطلبكم = لاقى مباعدةً منكم وحرمانا
يريد: غابطٍ لنا. ومن ذلك قوله عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} وإنما التقدير - والله أعلم -: فضرباً الرقاب. فهذا يدل على ما بعده، وما يرد من جنسه ونظائره). [المقتضب: 3/226-227]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أنه قد يجوز لك أن تحذف النون والتنوين من التي تجري مجرى الفعل، ولا يكون الاسم إلا نكرة وإن كانا مضافاً إلى معرفة؛ لأنك إنما تحذف النون استخفافاً. فلما ذهب النون عاقبتها الإضافة، والمعنى معنى ثبات النون. فمن ذلك قول الله عز وجل: {هدياً بالغ الكعبة} فلو لم ترد التنوين لم يكن صفة لهدي وهو نكرة. ومن ذلك قوله تعالى: {هذا عارض ممطرنا} و{ثاني عطفه}؛ لأنه نصب على الحال، ولا تكون الحال إلا نكرة.
ومن ذلك قول الله عز وجل: {إنا مرسلو الناقة} فإنما هذه حكاية قول الله عز وجل قبل إرسالها.
وكذلك {إلا آتي الرحمن عبداً} و{كل نفس ذائقة الموت} ومن نون قال: (آتٍ الرحمن عبداً)، و(ذائقةٌ الموت)؛ كما قال عز وجل: {ولا آمين البيت الحرام}. وهذا هو الأصل، وذاك أخف وأكثر، إذ لم يكن ناقضاً لمعنى، وكلاهما في الجودة سواء). [المقتضب: 4/149-150] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ويجوز أن تقول: هذا رجل حسن الوجه. فالوجه لم يجعل حسناً معرفة، وإن كان مضافاً إليه؛ وذلك لأن التنوين هو الأصل. ومعنى هذه الإضافة الانفصال؛ كما كان ذلك في قوله: {هدياً بالغ الكعبة} و{هذا عارض ممطرنا} لما كان التقدير: إنما هو التنوين ثبت الاسم نكرة، وصار بمنزلة ما لفظوا بتنوينه). [المقتضب: 4/158] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والعارض: السحاب). [شرح المفضليات: 771]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والعارض من السحاب يعترض
من الأفق وبه بالعارض). [شرح المفضليات: 771-772]

تفسير قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله عز وجل: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} قال: الفراء يقول: فيما لم نمكنكم فيه، والكسائي يقول: في الذي مكناكم فيه). [مجالس ثعلب: 267]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وقال بعض أهل العلم: إنْ حرف من الأضداد. أعني المكسورة الهمزة المسكنة النون، يقال: إن قام عبد الله. يراد به: ما قام عبد الله؛ حكى الكسائي عن العرب: إن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية؛ فمعناه ما احد. وحكى الكسائي أيضا عن العرب: إن قائما؛ على معنى (إن أنا قائما)، فترك الهمز من (أنا)، وأدغمت نون (إن) في (أنا)؛ فصارتا نونا مشددة، كما قال الشاعر:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب = وتقلينني لكن إياك لا أقلي
أراد لكن أنا إياك؛ فترك الهمز وأدغم؛ يقال: إن قام عبد الله، بمعنى (قد قام عبد الله).
قال جماعة من العلماء في تفسير قوله جل وعز: {فذكر إن نفعت الذكرى}، معناه: فذكر قد نفعت الذكرى. وكذلك قالوا في قوله: {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه}، معناه (في الذي قد مكناكم فيه).
وقال الفراء: لا تكون (إن) بمعنى (قد)؛ حتى تدخل
معها اللام أو أَلاَ؛ فإذا قالت العرب: إن قام لعبد الله، وأَلاَ إن قام عبد الله، فمعناه (قد قام عبد الله)، قال الشاعر:
ألا إن بليل بان مني حبائبي = وفيهن ملهى لو أردن للاعب
معناه: قد بان مني حبائبي بليل. وقال في إدخال اللام:
هبلتك أمك إن قتلت لمسلما = وجبت عليك عقوبة المتعمد
معناه: قد قتلت مسلما، فالذي احتج به أصحاب القول الأول من قوله عز وجل: (ما إن مكناكم فيه) ليس الأمر فيه كما قالوا؛ لأنه أراد: في الذي ما مكناكم فيه وفي الذي لم نمكنكم فيه؛ فإن معناها الجحد، وليست إيجابا. ولا حجة لهم أيضا في قوله: {فذكر إن نفعت الذكرى} لأن (إن) ليست إيجابا، وإنما معناها الشرط، والتأويل: فذكر إن نفعهم تذكيرك، أي إن دمت على ذاك وثبت، فكأنه تحضيض للنبي صلى الله عليه وسلم وتوكيد عليه أن يديم تذكيرهم وتعليمهم، والله أعلم وأحكم). [كتاب الأضداد: 189-190] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28) }


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 08:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) }

تفسير قوله تعالى: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب النداء
اعلم أنك إذا دعوت مضافاً نصبته، وانتصابه على الفعل المتروك إظهاره. وذلك قولك: يا عبد الله؛ لأن يا بدل من قولك: أدعو عبد الله، وأريد، لا أنك تخبر أنك تفعل، ولكن بها وقع أنك قد أوقعت فعلاً. فإذا قلت: يا عبد الله، فقد وقع دعاؤك بعبد الله، فانتصب على أنه مفعول تعدى إليه فعلك.
وكذلك كل ما كان نكرة؛ نحو: يا رجلاً صالحاً، ويا قوماً منطلقين، والمعنى واحد. وعلى هذا يا حسرةً على العباد.
وقال الشاعر:

أداراً بحزوى هجت للعين عبرةً = فماء الهوى يرفض أو يترقرق
وقال الشاعر:
لعلك يا تيسا نزا في مـريرة = تعذب ليلى أن تراني أزورها
وقال الآخر:


فيا راكباً إما عرضت فبلغـن = نداماي من نجران أن لا تلاقيا
وأما المضاف فكقوله: {يا قومنا أجيبوا داعي الله}، وما أشبهه.
فإن كان المنادى واحداً مفرداً معرفة بني على الضم، ولم يلحقه تنوين؛ وإنما فعل ذلك به؛ لخروجه عن الباب، ومضارعته ما لا يكون معرباً. وذلك أنك إذا قلت: يا زيد، ويا عمرو، فقد أخرجته من بابه؛ لأن حد الأسماء الظاهرة أن تخبر بها واحد عن واحد غائب، والمخبر عنه غيرها فتقول: قال زيد، فزيد غيرك وغير المخاطب، ولا تقول: قال زيد وأنت تعنيه، أعني المخاطب. فلما قلت: يا زيد خاطبته بهذا الاسم، فأدخلته في باب ما لا يكون إلا مبنياً نحو: أنت، وإياك، والتاء في قمت، والكاف في ضربتك، ومررت بك. فلما أخرج من باب المعرفة، وأدخل في باب المبنية لزمه مثل حكمها، وبنيته على الضم؛ لتخالف به جهة ما كان عليه معرباً؛ لأنه دخل في باب الغايات.
ألا ترى أنك تقول: جئت قبلك، ومن قبلك. فلما صار غاية لما أذكره في موضعه قلت: جئت قبل يا فتى، وجئت من قبل قال الله عز وجل: {لله الأمر من قبل ومن بعد}). [المقتضب: 4/202-205]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومن حرف من الأضداد، تكون لبعض الشيء، وتكون لكله، فكونها للتبعيض لا يحتاج فيه إلى شاهد، وكونها بمعنى (كل)، شاهده قول الله عز وجل: {ولهم فيها من كل الثمرات}، معناه كل الثمرات، وقوله عز وجل: {يغفر لكم من ذنوبكم}، معناه يغفر لكم ذنوبكم. وقوله عز وجل: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}، معناه: وعدهم الله كلهم مغفرة؛ لأنه قدم وصف قوم يجتمعون في استحقاق هذا الوعد. وقول الله عز وجل في غير هذا الموضع: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير}، معناه: ولتكونوا كلكم أمة تدعو إلى الخير، قال الشاعر:
أخو رغائب يعطاها ويسألها = يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
أراد: يأبى الظلامة لأنه نوفل زفر. ومستحيل أن تكون
(مِنْ) هاهنا تبعيضا إذ دخلت على ما لا يتبعض، والعرب تقول: قطعت من الثوب قميصا، وهم لا ينوون أن القميص قطع من بعض الثوب دون بعض؛ إنما يدلون بـ(من) على التجنيس، كقوله عز وجل: {فاجتبوا الرجس من الأوثان} معناه: فاجتنبوا الأوثان التي هي رجس، واجتنبوا الرجس من جنس الأوثان؛ إذ كان يكون من هذا الجنس ومن غيره من الأجناس.
وقال الله عز وجل: {وننزل من القرآن ما هو شفاء}، فـ (مِنْ)، ليست هاهنا تبعيضا؛ لأنه لا يكون بعض القرآن شفاء وبعضه غير شفاء، فـ(مِنْ) تحتمل تأويلين: أحدهما التجنيس، أي ننزل الشفاء من جهة القرآن، والتأويل الآخر أن تكون (من) مزيدة للتوكيد، كقوله: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}، وهو يريد يغضوا أبصارهم، وكقول ذي الرمة:

إذا ما امرؤ حاولن يقتتلنه = بلا إحنة بين النفوس ولا ذحل
تبسمن عن نور الأقاحي في الثرى = وفترن من أبصار مضروجة نجل
أراد: وفترن أبصار مضروجة.
وكان بعض أصحابنا يقول: من ليست مزيدة للتوكيد في قوله: {من كل الثمرات}، وفي قوله: {من أبصارهم} وفي قوله: {يغفر لكم من ذنوبكم}. وقال: أما قوله: {من كل الثمرات}، فإن (من) تبعيض، لأن العموم في جميع الثمرات لا يجتمع لهم في وقت واحد؛ إذ كان قد تقدم منها ما قد أكل، وزال وبقي منها ما يستقبل ولا ينفد أبدا، فوقع التبعيض لهذا المعنى.
قال: وقوله: {يغضوا من أبصارهم} معناه: يغضوا بعض أبصارهم. وقال: لم يحظر علينا كل النظر، إنما حظر علينا بعضه، فوجب التبعيض من أجل هذا التأويل.
قال: وقوله: {يغفر لكم من ذنوبكم} من هاهنا مجنسة، وتأويل الآية: يغفر لكم من إذنابكم، وعلى إذنابكم، أي يغفر لكم من أجل وقوع الذنوب منكم، كما يقول الرجل: اشتكيت من دواء شربته، أي من أجل الدواء.
وقال بعض المفسرين: من في قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة} مبعضة، لأنه ذكر أصحاب نبيه صلى الله عليه، وكان قد ذكر
قبلهم الذين كفروا فقال: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية}. وقال بعد: {منهم}؛ أي من هذين الفريقين، ومن هذين الجنسين). [كتاب الأضداد: 252-255] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32) }

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وقال ناسٌ كثير من العرب قد حيي الرجل وحييت المرأة فبين ولم يجعلوها بمنزلة المضاعف من غير الياء وأخبرنا بهذه اللغة يونس.
وسمعنا بعض العرب يقول أعيياء وأحييةٌ فيبين وأحسن ذلك أن تخفيها وتكون بمنزلتها متحركة وإذا قلت يحيي أو معي ثم أدركه النصب فقلت رأيت معيياً ويريد أن يحييه لم تدغم لأن الحركة غير لازمة ولكنك تخفي وتجعلها بمنزلة المتحركة فهو أحسن وأكثر وإن شئت بينت كما بينت حيي.
والدليل على أن هذا لا يدغم قوله عز وجل: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}.
ومثل ذلك معييةٌ لأنك قد تخرج الهاء فتذهب الحركة وليست بلازمة لهذا الحرف وكذلك محييان ومعييان وحييان إلا أنك إن شئت أخفيت والتبيين فيه أحسن مما في يائه كسرة لأن الكسرة من الياء فكأنهن ثلاث ياءات.
فأما تحيةٌ فبمنزلة أحييةٍ وهي تفعلةٌ.
والمضاعف من الياء قليل لأن الياء قد تثقل وحدها لاماً فإذا كان قبلها ياءٌ كان أثقل لها). [الكتاب: 4/397]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أن افعاللت من رميت بمنزلة أحييت في الإدغام والبيان والخفاء وهي متحركة وكذلك افعللت وذلك قولك في افعاللت ارماييت وهو يرمايي وأحب أن يرمايي بمنزلة «أن يُحْيَى الموتى» وتقول ارماييا فتجريها مجرى أحييا ويحييان وتقول قد ارموي في هذا المكان كما قلت قد حي فيه وأحي فيه لأن الفتحة لازمة ولا تقلب الواو ياءً لأنها كواو سوير لا تلزم وهي في موضع مد وتقول قد ارمايوا كما تقول قد أحيوا وتقول ارمييت في افعللت يرميي كما تقول يحيي وتقول ارمييا كما تقول قد أحييا ومن قال يحييان فأخفى قال ارمييا فأخفى وتقول قد ارمي في هذا المكان لأن الفتحة لازمة ومن قال حيي قال إرميي وقد ارموي في هذا المكان لأن الفتحة لازمة ومن قال أحيي فيها قال ارمويي فيها إذا أرادها من ارماييت ولا يقلب الواو لأنها مدة وتقول مرماييةٌ ومرمييةٌ فتخفى كما تقول معييةٌ وإن شئت بينت على بيان معييةٌ والمصدر ارمياءً وارمياءً واحيياءً واحيياءً). [الكتاب: 4/402]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34) }

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنه قد تدخل الألف واللام في التوكيد في هذه المصادر المتمكنة التي تكون بدلاً من اللفظ بالفعل كدخولها في الأمر والنهى والخبر والاستفهام فأجرها في هذا الباب مجراها هناك.
وكذلك الإضافة بمنزلة الألف واللام.
فأمّا المضاف فقول الله تبارك وتعالى: {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله} وقال الله تبارك وتعالى: {ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده}. وقال جلّ وعزّ: {الذي أحسن كل شيء خلقه}. وقال جل ثناؤه: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم}. ومن ذلك الله أكبر دعوة الحق. لأنّه لمّا قال جلّ وعزّ: {مر السحاب} وقال: {أحسن كلّ شيء} علم أنّه خلقٌ وصنعٌ ولكنّه وكّد وثّبت للعباد. ولما قال: {حرمت عليكم أمهاتكم} حتّى انقضى الكلام علم المخاطبون أنّ هذا مكتوبٌ عليهم مثّبت عليهم وقال كتاب الله توكيداً كما قال صنع الله وكذلك وعد الله لأنّ الكلام الذي قبله وعدٌ
وصنعٌ فكأنّه قال جلّ وعزّ وعداً وصنعا وخلقا وكتابا. وكذلك دعوة الحق لأنّه قد علم أنّ قولك الله أكبر دعاء الحق ولكنّه توكيدٌ كأنّه قال دعاءً حقًّا.
قال رؤبة:
إنّ نزاراً أصبحت نزارا = دعوة أبرارٍ دعوا أبرارا
لأنّ قولك أصبحت نزاراً بمنزلة هم على دعوةٍ بارّةٍ.
وقد زعم بعضهم أنّ كتاب الله نصب على قوله عليكم كتاب الله.
وقال قومٌ: {صبغة الله} منصوبةٌ على الأمر. وقال بعضهم لا بل توكيداً. والصبغة الدين.
وقد يجوز الرفع فيما ذكرنا أجمع على أن يضمر شيئاً هو المظهر كأنّك قلت ذاك وعد الله وصبغة الله أو هو دعوة الحقّ. على هذا ونحوه رفعه.
ومن ذلك قوله جلّ وعزّ: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ} كأنه قال ذاك بلاغٌ). [الكتاب: 1/381-382] (م)


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة