العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم اللغة > جمهرة معاني الحرف وأسماء الأفعال والضمائر والظروف > جمهرة معاني الحروف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 02:11 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب: مواضع "إذا"
قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ): (باب: مواضع "إذا"
اعلم أن لها أربعة مواضع:
تكون للمفاجأة، كقولك: «نظرت "فإذا" زيد» تريد: ففاجأني زيد، أو فثم زيد، أو فيحضرني زيدٌ، وهي في هذا المعنى ظرف من المكان، أو فيحضرني زيدٌ، وهي في هذا المعنى ظرفٌ من المكان، كما تقول: «عندي زيدٌ»، وإنما أدخل عليها "الفاء" من بين حرف العطف لأن وقوع الثاني بعد الأول في المعنى، و"الفاء" للترتيب.

وتكون ظرفًا للزمان المستقبل في معنى الجزاء، ولابد لها من جوابٍ: كقولك: «"إذا" جاءني زيدٌ فأكرمه» معناه: "إذا" يجيء.
وتكون زائدة: كما قال عبد منافٍ الهذلي، وهو آخر القصيدة:
حتى إذا أسلكوهم في قائدة .... شلا كما تطرد الجمالة الثردا
قال أبو عبيدة: معناه حتى أسلكوهم، وقال أيضًا في قوله عز وجل: {وإذ قلنا للملائكة}، وقوله: {وإذ علمتك الكتاب}: "إذ" زائدة معناه: وقلنا للملائكة وعلمتك الكتاب.
والموضع الرابع: تكون "إذا" جوابًا للجزاء بمنزلة "الفاء"، وتقع بعدها جملة مبتدأ، كقولك: «"إن" تأتني فأنا مكرم لك»، وإن شئت قلت: «"إن" تأتني "إذا" أنا مكرم لك»، قال الله تعالى: {وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون}، معناه: "فإذا" هم يقنطون فـ "إذا" ها هنا جواب الشرط بمنزلة "الفاء".
ومثله قوله تعالى: {فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون}، أي: فهم يشركون.
واعلم أنه لا يقع بعد "إذا" التي للجزاء إلا الفعل، لأن الجزاء لا يكون إلا بالفعل، و"إذا" رأيت الاسم بعدها مرفوعًا فرفعه على تقدير فعلٍ قبله، لأنه لا يكون بعدها الابتداء والخبر، وذلك قولك: «"إذا" زيدٌ قام فقم إليه»، تقديره: "إذا" قام زيدٌ، قال الله تعالى: {إذا الشمس كورت}، معناه: "إذا" كورت الشمس، وجواب الشرط قوله: {علمت نفس ما أحضرت} ). [الأزهية: 202 - 204]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 02:13 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



"إذا"
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ): ( "إذا"
ظرف لزمان مستقبل، كقولك: "إذا" قدم زيد أحسنت إليك، وقد يجازى بها، كقول ابن الخطيم الأنصاريّ:
(إذا قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا فنضارب)
وتكون للمفاجأة، كقولك: خرجت "فإذا" زيد، معناه: فصادفت زيدا). [حروف المعاني والصفات: 63]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 02:15 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (بابُ "إذا"
اعلم أن "إذا" تكون حرفًا في موضعين:
الموضع الأول: أن تكون للمفاجأة، كقولك: «خرجت "فإذا" الأسد خارج»، و«خرجت "فإذا" الأسد خارجًا»، "فإذا" قلت: «خرجت "فإذا" الأسد خارج»، فالأسد مبتدأ، و«خارج» خبره، و"إذا" قلت: «خارجًا»فانتصابه على الحال والخبر محذوف، لدلالة المفاجأة عليه، كأنك قلت: مار أو لاق ونحوهما.
و"إذا" قلت: «"فإذا" زيدٌ» ولم تذكر خبرًا ولا حالًا، فالخبر أيضًا محذوف للدلالة كما تقدم، وتقديره نحو ما ذكر في جميع ذلك يدل على اللقاء فجأة، قال الله تعالى: {إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون}، و{أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيمٌ مبين}.
وزعم بعضهم أن "إذا" في هذا الموضع تنوب مناب «بالحضرة» وذلك "إذا" يذكر خبر، "فإذا" قلت: «"فإذا" الأسد» فالتقدير عنده: فبالحضرة الأسد، فتكون "إذا" على هذا عنده ظرفًا مكانيًا.
وزعم أيضًا بعضهم أنها تكون بمعنى «فاجأني» فيكون الأسد على هذا فاعلًا بها، لأنها في موضع فعل، وكلا القولين فاسدٌ.
أما جعلها ظرفًا بمعنى «بالحضرة» ففاسد لأنها كان يجوز تقديمها على الاسم وتأخيرها بعده، كما يجوز تقديم «بالحضرة» وتأخيره، ولزوم تقديم "إذا" في كل كلا تكون فيه للمفاجأة دليلٌ على الفساد.
ووجه آخر أنه لو كانت ظرفًا لم يكن لها موجب البناء كما كان لها في غير المفاجأة وهو إضافتها إلى الجملة، ولا جملة هنا تتم بها.
وأما جعلها في موضع الفعل ففاسد أيضًا لوجهين:
أحدهما: أن الجملة تأتي بعدهما تامة كقوله تعالى: {فإذا هو خصيمٌ مبين}، فلا يصح هنا أن تقدر: ففاجأني [هو] خصيم مبين، كما لا يصح «قام زيد قائم» فهذا وجه.
والوجه الآخر: أن "إذا" حرف، والمقدر في موضعه جملة من فعل ومفعول، ولا يكون حرف في معنى فعل ومفعول، فاعرفه.

الموضع الثاني: أن تكون جوابًا للشرط "كالفاء"، إلا أنها لا تدخل [إلا] على جملة اسمية غير طلبية، بخلاف "الفاء"، كقولك: «إن تقم "إذا" عبد الله منطلق»، قال الله تعالى: {وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون}، فحلت "إذا" محل "الفاء" في هذا الجواب كما قال تعالى: {وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور} ). [رصف المباني: 61 - 62]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 02:17 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("إذا"
لفظ مشترك؛ يكون اسماً وحرفاً.
فإذا كانت اسماً فلها أقسام:
الأول: أن تكون ظرفاً لما يستقبل من الزمان، متضمنة معنى الشرط. ولذلك تجاب بما تجاب به أدوات الشرط، نحو: "إذا" جاء زيد فقم إليه. وكثر مجيء لماضي بعدها، مراداً به الاستقبال.
ومع تضمنها معنى الشرط لم يجزم بها، إلا في الشعر، كقول الشاعر:
وإذا تصبك خصاصة فارج الغنى ... وإلى الذي يعطي الرغائب، فارغب
وإنما لم يجزم بها، لمخالفتها "إن" الشرطية. وذلك لأن "إذا" لما تيقن وجوده أو رجح، بخلاف "إن" فإنها للمشكوك فيه، وقد تدخل على المتيقن وجوده "إذا" أبهم زمانه، كقوله تعالى: {أفإنمت فهم الخالدون}. وقد تدخل على المستحيل، كقوله تعالى: {قل: إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين}. وأجاز الكوفيون الجزم "بإذا" مطلقاً.
ومذهب سيبويه أن "إذا" لا يليها إلا فعل ظاهر، أو مقدر. فالظاهر نحو {إذا جاء نصر الله والفتح}. والمقدر نحو {إذا السماء انشقت}. ولا يجيز غير ذلك. هذا هو المشهور، في النقل عن سيبويه. ونقل السهيلي أن سيبويه يجيز الابتداء بعد "إذا" الشرطية، وأدوات الشرط، "إذا" كان الخبر فعلاً. وأجاز الأخفش وقوع المبتدأ بعد "إذا". قال ابن مالك: وبقوله أقول، لأن طلب "إذا" للفعل ليس كطلب "إن". ومن ذلك قول الشاعر:
إذا باهلي تحته حنظلية ... له ولد، منها، فذاك المذرع
وأول بعضهم البيت على أن التقدير: استقرت تحته حنظلية. فحنظلية: فاعل وباهلي: مرفوع بفعل يفسره العامل في تحته.
ومذهب الجمهور أن "إذا" مضافة للجملة التي بعدها، والعامل فيها الجواب. وذهب بعض النحويين إلى أنها ليست مضافة إلى الجملة، بل هي معمولة للفعل الذي بعدها، لا لفعل الجواب.
قال الشيخ أبو حيان: ومذهب الجمهور فاسد، من وجوه:
أحدها: أن "إذا" الفجائية قد تقع جواباً "إذا" الشرطية، وما بعد "إذا" لا يعمل فيما قبلها.
والثاني: اقتران جوابها "بالفاء"، وما بعد "فاء" الجزاء لا يعمل فيما قبلها.
والثالث: أن جوابها جاء منفياً بما، نحو {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم}، وما بعد "ما" النافية لا يعمل فيما قبلها.
والرابع: اختلاف وقتي الشرط والجواب، في بعض المواضع، نحو: "إذا" جئتني غداً أجيئك بعد غد.
قلت: والجواب عن هذه الوجوه أن الجمهور إنما يقولون: إن العامل فيها جوابها، "إذا" كان صالحاً للعمل. فإن منع من عمله فيها مانع "كإذا" الفجائية، و"إن"، ونحوهما، فالعامل فيها "حينئذ"مقدر، يدل عليه الجواب هذا حاصل كلامهم. وصرح أبو البقاء، في إعرابه بأن "الفاء" الداخلة في جواب "إذا" لا تمنع من عمل ما بعدها في "إذا". وذكر الحوفي، والزمخشري، أن العامل في {إذا جاء نصر الله }: فسبح. وقد بسطت الكلام، على ذلك، في غير هذا الكتاب.

الثاني: أن تكون ظرفاً لما يستقبل من الزمان، مجردة من معنى الشرط. نحو قوله تعالى: {والليل إذا يغشى}، {والنجم إذا هوى}. والماضي بعدها في معنى المستقبل، كما كان بعد المتضمنة معنى الشرط. وقال الفراء: لا يكون بعدها الماضي إلا "إذا" كان فيها معنى الشرط والإبهام. ومنه قوله تعالى: {وقالوا لإخوانهم، إذاضربوا في الأرض}، كأنه قال: كلما ضربوا، أي: لا تكونوا كهؤلاء، "إذا" ضرب إخوانهم في الأرض.

الثالث: أن تكون ظرفاً لما مضى من الزمان، واقعة موقع "إذ"، كقوله تعالى: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت: لا أجد}، وقوله {وإذا رأوا تجارة، أو لهواً، انفضوا إليها}. "فإذا"، في هذا ونحوه، بمعنى "إذا". هذا مذهب بعض النحويين، وبه قال ابن مالك. قال في التسهيل: وربما وقعت موقع "إذ" و"إذا" موقعها. والذي صححه المغاربة أن "إذا" لا تقع موقع "إذ"، ولا "إذ" موقعها. وتأولوا ما أوهم ذلك.

الرابع: أن تخرج عن الظرفية، فتكون اسماً، مجرورة بحتى كقوله تعالى: {حتى إذا جاؤوها}. وهو في القرآن كثير. "فإذا"، في ذلك، فيها وجهان:
أحدهما أن تكون مجرورة بحتى، واختاره ابن مالك.
والثاني: أن تكون حتى ابتدائية، و"إذا" في موضع نصب على ما استقر لها. وبه جزم أبو البقاء. وجوز الزمخشري الوجهين. قلت: وأشار الفارسي في التذكرة إلى جواز الوجهين. وتقدير الغاية على الأول: {وسبق الذين كفروا إلى جهنم}، إلى وقت مجيئهم لها. وعلى هذا، فلا جواب لها. وعلى الثاني، تكون الغاية ما ينسبك من الجواب مرتباً على الشرط. والتقدير المعنوي: إلى تفتح أبوابها وقت مجيئهم، فينقطع السوق ويؤيد أنها بعد حتى شرطية، في موضع نصب، اتفاق النحويين على طلب جوابها، في قوله تعالى: {حتى إذا جاؤوها وفتحت}، فقيل: "الواو" زائدة. وقيل: الجواب محذوف.
وذهب ابن جني إلى أن "إذا" قد تخرج عن الظرفية، وتكون مبتدأة، كقوله تعالى: {إذا وقعت الواقعة}. "فإذا" مبتدأ، و {إذا رجت} خبره، في قراءة من نصب {خافضة رافعة}. قال ابن مالك: وهو صحيح. زاد أنها تكون مفعولاً به، كقوله عليه السلام، لعائشة رضي الله عنها «إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى». والظاهر أنها لا تكون مبتدأة، ولا مفعولاً، وأنها لا تخرج عن الظرفية، وما استدل به محتمل للتأويل.

وأما إذا الحرفية فقسم واحد، وهي الفجائية. والفرق بينها وبني "إذا" الشرطية من خمسة أوجه:
الأول: أن "إذا" الشرطية لا يليها إلا جملة فعلية، و"إذا" الفجائية لا يليها إلى جملة اسمية.

والثاني: أن "إذا" الشرطية تحتاج إلى جواب، و"إذا" الفجائية لا جواب هلا.

والثالث: أن "إذا" الشرطية للاستقبال، و"إذا" الفجائية للحال. قال سيبويه: وتكون للشيء توافقه في حال أنت فيها. يعني الفجائية. وقال الفراء: وقد يتراخى، كقوله تعالى: {ثم إذا أنتم بشر تنتشرون}.

والرابع: أن الجملة، بعد "إذا" الشرطية، في موضع خفض بالإضافة، والجملة بعد "إذا" الفجائية لا موضع لها.

والخامس: أن "إذا" الشرطية تقع صدر الكلام، و"إذا" الفجائية لا تقع صدراً. وقد جمعت هذه الفروق، في هذه الأبيات:
الفرق بين إذا لشرط، والتي ... لفجاءة من أوجه، لا تجهل
طلب التي للشرط فعلاً بعدها ... وجوابها، وأتت لما يستقبل
وتضاف للجمل التي من بعدها ... وتكون في صدر المقالة، أول

واختلف النحويون في "إذا" الفجائية، على ثلاثة أقوال:
الأول: أنها ظرف زمان. وهو مذهب الزجاج، والرياشي، واختاره ابن طاهر، وابن خروف، ونسب إلى المبرد. قيل: وهو ظاهر كلام سيبويه.
والثاني: أنها ظرف مكان. وهو مذهب المبرد، والفارسي، وابن جي، ونسب إلى سيبويه. واستدل القائلون، بأنها ظرف مكان،
بوقوعها خبراً عن الجثة، في نحو: خرجت "فإذا" زيد. وأجاب الأولون، بأنه على حذف مضاف، أي: حضور زيد.
والثالث: أنها حرف. وهو مذهب الكوفيين، وحكي عن الأخفش. واختاره الشلوبين، في أحد قوليه. وإليه ذهب ابن مالك، واستدل على صحته بثمانية أوجه ذكرتها والاعتراض على بعضها في غير هذا الكتاب.
وتقع "إذا" الفجائية في مواضع.
منها نحو قولهم: خرجت "فإذا" الأسد. وفي هذه "الفاء"، الداخلة عليها، أقول تقدمت في بابها.
ومنها جواب الشرط، بأربعة شروط: أولها أن يكون الجواب جملة اسمية. وثانيها أن تكون غير طلبية، احترازاً من نحو: "إن" عصى زيد فويل له. فهذا تلزمه "الفاء". وثالثها: ألا تدخل عليها أداة نفي. ورابعها ألا يدخل عليها "إن". مثال ذلك {وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون}. "فإذا"، في ذلك، نائبة مناب "الفاء"، في ربط الجواب بالشرط وليست "الفاء" مقدرة قبلها، خلافاً لزاعمه. إذا لو كانت مقدرة لم يمتنع التصريح بها.
ومنها بعد بينا وبينما كقول الحرفة:
فبينا نسوس الناس، والأمر أمرنا ... إذا نحن، فيهم، سوقة، نتنصف
وقول الآخر:
بينما المرء في فنون الأماني ... فإذا رائد المنون موافي
وقال الأصمعي: "إذ" و"إذا" في جواب بينا وبينما لم يأت عن فصيح. والصحيح أنه عربي، ولكن تركها أفصح.
وقد جاءت "إذا" الفجائية في مواضع أخر. فقد جاءت جواب "إذا" الشرطية، كقوله تعالى: {فإذا أصاب به من يشاء، من عباده، إذا هم يستبشرون}. وقد جاءت بعد لما، كقوله تعالى: {فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون}. وهو دليل على حرفية "لما". "إذ" لو كانت ظرفاً لكان جوابها عاملاً فيها، و"إذا" الفجائية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.
فإن قلت: ما العامل في "إذا" الفجائية، على القول باسميتها؟ قلت: خبر المبتدأ الواقع بعدها، نحو: خرجت "فإذا" زيد قائم. فقائم ناصب "لإذا". والتقدير: ففي المكان الذي خرجت فيه، أو في الزمان الذي خرجت فيه، زيد قائم. وإن لم يذكر بعدها خبر، نحو: خرجت "فإذا" زيد، أو نصب على الحال، نحو: خرجت "فإذا" زيد قائماً، كانت "إذا" خبر المبتدأ. "فإذا" كان جئة، وقلنا إنها ظرف زمان، كان الكلام على حذف مضاف، أي ففي الزمان حضور زيد.
فإن قلت ما تقرر، من أن العامل فيها خبر ما بعد، يشكل بوقوع "إن" المكسورة بعدها، في قوله: "إذا" إنه عبد القفا، واللهازم
على رواية من كسرها. ووجه الإشكال أن "إن" لا يعمل ما بعدها فيما قبلها! قلت: هذا من أحسن أدلة القائلين بحرفيتها. وقد أجاب عنه بعض القائلين، باسميتها، "بأن" في الكلام حذف. فإذا قلت: خرجت "فإذا" "إن" زيداً منطلق فالتقدير "فإذا" انطلاق زيد، إنه منطلق. فتكون "إذا" خبر مبتدأ محذوف. والعامل فيها الكون المقدر والجملة المبدوءة "بإن" دليل على المحذوف.

تنبيه
ذكر الزمخشري في الكشاف أن التحقيق في "إذا" الفجائية
أنها بمعنى الوقت، وأنها طالبة ناصباً لها، وجملة تضاف إليها، خصت في بعض المواضع بأن يكون ناصبها فعلاً مخصوصاً، وهو فعل المفاجأة، والجملة ابتدائية لا غير. وذكر أن التقدير في قوله تعالى: {فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه، من سحرهم، أنها تسعى}: ففاجأ موسى وقت تخييل سعي حبالهم وعصيتهم. وهذا تمثيل، والمعنى: على مفاجأته حبالهم وعصيتهم مخيلة إليه السعي. وقال في قوله تعالى: {ثم إذا أنتم بشر تنتشرون}: ثم فاجأتم وقت كونكم بشراً منتشرين. وقال في قوله تعالى: {فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون}: فإن قلت: كيف جاز أن تجاب "لما" "بإذا" المفاجأة؟ قلت: لأن فعل المفاجأة معها مقدر، وهو عامل النصب في محلها. كأنه قيل: فلما جاءهم بآياتنا فاجؤوا وقت ضحكهم.
قال الشيخ أبو حيان: ولا نعلم نحوياً، ذهب إلى ما ذهب إليه
هذا الرجل، من أن "إذا" الفجائية تكون منصوبة بفعل مقدر، تقديره: فاجأب. بل هي منصوبة بالخبر، أو خبر على ما تقدم تقديره، وليست مضافة إلى الجملة، كما سبق. ثم إن المفاجأة التي ادعاها لا يدل المعنى على أنها تكون من الكلام، السابق. بل المعنى يدل على أن المفاجأة تكون من الكلام الذي فيه "إذا". تقول: خرجت فإذا الأسد. فالمعنى: ففاجأني الأسد. وليس المعنى: ففاجأت الأسد.
قلت: وقد قدر أبو البقاء العامل في "إذا" الفجائية فعلاً، في مواضع. منها قوله تعالى: {فإذا حبالهم}. قال: التقدير: فألقوا "فإذا". وإذا في هذا ظرف مكان، والعامل فيه ألقوا. ورد بأن "الفاء" تمنع من عمل ما قبلها فيما بعدها.
واعلم أنه قد بقي، م أقسام "إذا"، قسم آخر، وهو "إذا" الزائدة. وهذا قال به أبو عبيدة بعد بينا وبينما. وهو ضعيف. والله أعلم). [الجنى الداني:367 - 380]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 02:19 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("إذا"
"إذا": على وجهين:
1 - أحدهما: أن تكون للمفاجأة، فتختص بالجمل الاسمية، ولا تحتاج لي جواب، ولا تقع في الابتداء، ومعناها الحال لا الاستقبال، نحو: خرجت "فإذا" الأسد بالباب، ومنه: {فإذا هي حيّة تسعى}،{إذا لهم مكر}، وهي حرف عند الأخفش، ويرجحه قولهم: خرجت "فإذا" "إن" زيدا بالباب، كسر "إن"؛ لأن "إن" لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وظرف مكان عند المبرد، وظرف زمان عند الزّجاج، واختار الأول ابن مالك، والثّاني ابن عصفور، والثّالث الزّمخشريّ، وزعم أن عاملها فعل مقدّر مشتقّ من لفظ المفاجأة، قال في قوله تعالى: {ثمّ إذا دعاكم دعوة} الآية، إن التّقدير "إذا" دعاكم فاجأتم الخروج في ذلك الوقت ولا يعرف هذا لغيره، وإنّما ناصبها عندهم الخبر المذكور، في نحو: خرجت "فإذا" زيد جالس، أو المقدر في نحو: "فإذا" الأسد، أي: حاضر، وإذا قدرت أنّها الخبر فعاملها مستقر أو استقر، ولم يقع الخبر معها في التّنزيل إلّا مصرحًا به، نحو: {فإذا هي حيّة تسعى}،{فإذا هي شاخصة}،{فإذا هم خامدون}،{فإذا هي بيضاء}،{فإذا هم بالساهرة}، وإذا قيل خرجت "فإذا" الأسد صحّ كونها عند المبرد خبرا، أي: فبالحضرة الأسد، ولم يصح عند الزّجاج؛ لأن الزّمان لا يخبر به عن الجثة، ولا عند الأخفش؛ لأن الحرف لا يخبر به ولا عنه، فإن قلت: فإذا القتال صحت خبريتها عند غير الأخفش، وتقول: خرجت "فإذا" زيد جالس أو جالسا، فالرفع على الخبرية، و"إذا" نصب به والنّصب على الحالية، والخبر "إذا" إن قيل بأنّها مكان وإلّا فهو محذوف، نعم يجوز أن تقدرها خبرا عن الجثة مع قولنا إنّها زمان "إذا" قدرت حذف مضاف كأن تقدر في نحو: خرجت "فإذا" الأسد، "فاذا" حضور الأسد.

مسألة
قالت العرب: قد كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور "فإذا" هو هي، وقالوا أيضا: "فإذا" هو إيّاها، وهذا هو الوجه الّذي أنكره سيبويه لما سأله الكسائي، وكان من خبرهما أن سيبويه قدم على البرامكة فعزم يحيى بن خالد على الجمع بينهما فجعل لذلك يومًا، فلمّا حضر سيبويه تقدم إليه الفراء وخلف، فسأله خلف عن مسألة فأجاب فيها، فقال له أخطأت، ثمّ سأله ثانية وثالثة وهو يجيبه ويقول له أخطأت، فقال له سيبويه هذ سوء أدب، فأقبل عليه الفراء فقال له: إن في هذا الرجل حدة وعجلة، ولكن ما تقول فيمن قال هؤلاء أبون، ومررت بأبين، كيف تقول على مثال ذلك من وأيت أو أويت، فأجابه فقال: أعد النّظر، فقال: لست أكلمكما حتّى يحضر صاحبكما، فحضر الكسائي فقال له الكسائي: تسألني أو أسألك؟ فقال له سيبويه: سل أنت، فسأله عن هذا المثال، فقال سيبويه "فاذا" هو هي ولا يجوز النصب، وسأله عن أمثال ذلك، نحو: خرجت "فإذا" عبد الله القائم أو القائم، فقال له: كل ذلك بالرّفع، فقال الكسائي: العرب ترفع كل ذلك وتنصب، فقال يحيى: قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما فمن يحكم بينكما؟ فقال له الكسائي: هذه العرب ببابك قد سمع منهم أهل البلدين فيحضرون ويسألون، فقال يحيى وجعفر: أنصفت، فأحضروا فوافقوا الكسائي، فاستكان سيبويه فأمر له يحيى بعشرة آلاف درهم، فخرج إلى فارس فأقام بها حتّى مات، ولم يعد إلى البصرة، فيقال: إن العرب قد رشوا على ذلك أو إنّهم علموا منزلة الكسائي عند الرشيد، ويقال: إنّهم إنّما قالوا القول قول الكسائي، ولم ينطقوا بالنّصب، وإن سيبويه قال ليحيى مرهم أن ينطقوا بذلك فإن ألسنتهم لا تطوع به.
ولقد أحسن الإمام الأديب أبو الحسن حازم بن محمّد الأنصاريّ القرطاجني إذ قال في منظومته في النّحو حاكيا هذه الواقعة والمسألة:
والعرب قد تحذف الأخبار بعد إذا ... إذا عنت فجأة الأمر الّذي دهما
وربما نصبوا للحال بعد إذا ... وربما رفعوا من بعدها ربما
فإن توالى ضميران اكتسى بهما ... وجه الحقيقة من إشكاله غمما
لذاك أعيت على الأفهام مسألة ... أهدت إلى سيبويه الحتف والغمما
قد كانت العقرب العوجاء أحسبها ... قدما أشد من الزنبور وقع حما
وفي الجواب عليها هل إذا هو هي ... أو هل إذا هو إيّاها قد اختصما
وخطأ ابن زياد وابن حمزة في ... ما قال فيها أبا بشر وقد ظلما
وغاظ عمرا عليّ في حكومته ... يا ليته لم يكن في أمره حكما
وفجَّع ابنُ زياد كلَّ منتجب ... من أهله إذ غدا منه يفيض دمًا
وأصبحت بعده الأنفاسُ باكية ... في كل طرس كدمع سح وانسجما
وليس يخلو امرؤ من حاسد أضم ... لولا التنافس في الدّنيا لما أضما
والغبن في العلم أشجى محنة علمت ... وأبرح النّاس شجوا عالم هضما
وقوله وربما نصبوا إلخ، أي: وربما نصبوا على الحال بعد أن رفعوا ما بعد "إذا" على الابتداء، فيقولون "فإذا" زيد جالسا، وقوله ربما في آخر البيت بالتّخفيف توكيد لربما في أوله بالتّشديد، وغمما في آخر البيت الثّالث بفتح "الغين" كناية عن الإشكال والخفاء، وغمما في آخر البيت الرّابع بضمها جمع غمّة، وابن زياد هو الفراء، واسمه يحيى، وابن حمزة هو الكسائي، واسمه عليّ، وأبو بشر سيبويه، واسمه عمرو، و"ألف" ظلما للتثنية إن بنيته للفاعل، وللإطلاق إن بنيته للمفعول، وعمرو وعلي الأوّلان سيبويه والكسائيّ، والآخران ابن العاص وابن أبي طالب رضي الله عنهما، وحكما الأول اسم، والثّاني فعل أو بالعكس دفعا للإيطاء، وزياد الأول والد الفراء، والثّاني زياد ابن أبيه، وابنه المشار إليه هو ابن مرجانة المرسل في قتلة الحسين رضي الله عنه، وأضم كغضب وزنا ومعنى وإعجام "الضّاد"، والوصف منه أضم كفرح، وهضم مبنيّ للمفعول، أي: لم يوف حقه، وأما سؤال الفراء فجوابه أن أبون جمع أب وأب فعل بفتحتين، وأصله أبو، فإذا بنينا مثله من أوى أو من وأى، قلنا: أوى كهوى، أو قلنا وأي كهوى أيضا، ثمّ تجمعه "بالواو" و"النّون"، فتحذف "الألف" كما تحذف "ألف" مصطفى، وتبقى الفتحة دليلا عليها، فتقول: "أوون" أو "وأون" رفعا "وأوين" أو "وأين" جرا ونصبا، كما تقول في جمع عصا وقفا اسم رجل عصون وقفون وعصين وقفين، وليس هذا ممّا يخفى على سيبويه ولا على أصاغر الطّلبة، ولكنه كما قال أبو عثمان المازني: دخلت بغداد فألقيت عليّ مسائل فكنت أجيب فيها على مذهبي ويخطئونني على مذاهبهم، انتهى. وهكذا اتّفق لسيبويه رحمه الله تعالى.
وأما سؤال الكسائي فجوابه ما قاله سيبويه، وهو "فإذا" هو هي هذا هو وجه الكلام، مثل: {فإذا هي بيضاء}،{فإذا هي حيّة تسعى}،
وأما "فإذا" هو إيّاها إن ثبت فخارج عن القياس، واستعمال الفصحاء كالجزم بـ "لن"، والنّصب بـ "لم"، والجر بـ "لعلّ"، وسيبويه وأصحابه لا يلتفتون لمثل ذلك، وإن تكلم به بعض العرب.
وقد ذكر في توجيهه أمور:
أحدهما: لأبي بكر بن الخياط، وهو أن "إذا" ظرف فيه معنى وجدت ورأيت، فجاز له أن ينصب المفعول، وهو مع ذلك مخبر به عن الاسم بعده انتهى.
وهذا خطأ؛ لأن المعاني لا تنصب المفاعيل الصّحيحة، وإنّما تعمل في الظروف والأحوال؛ ولأنّها تحتاج على زعمه إلى فاعل وإلى مفعول آخر، فكان حقّها أن تنصب ما يليها.
والثّاني: أن ضمير النصب استعير في مكان ضمير الرّفع قاله ابن مالك، ويشهد له قراءة الحسن [إياك يُعبد] ببناء الفعل للمفعول، ولكنه لا يتأتّى فيما أجازوه من قولك "فإذا" زيد القائم بالنّصب، فينبغي أن يوجه هذا على أنه نعت مقطوع، أو حال على زيادة "أل"، وليس ذلك ممّا ينقاس، ومن جوز تعريف الحال أو زعم أن "إذا" تعمل عمل وجدت، وأنّها رفعت عبد الله بناء على أن الظّرف يعمل وإن لم يعتمد فقد أخطأ؛ لأن وجد ينصب الاسمين؛ ولأن مجيء الحال بلفظ المعرفة قليل، وهو قابل للتأويل.
والثّالث: أنه مفعول به، والأصل "فإذا" هو يساويها، أو "فإذا" هو يشابهها، ثمّ حذف الفعل فانفصل الضّمير، وهذا هو الوجه لابن مالك أيضا، ونظيره قراءة عليّ رضي الله عنه {لئن أكله الذّئب ونحن عصبة} بالنّصب، أي: نوجد عصبة، أو نرى عصبة، وأما قوله تعالى: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم}، "إذا" قيل إن التّقدير يقولون ما نعبدهم، فإنّما حسنه "أن" إضمار القول مستسهل عندهم.
والرّابع: أنه مفعول مطلق، والأصل "فإذا" هو يلسع لسعتها، ثمّ حذف الفعل، كما تقول: ما زيد إلّا شرب الإبل، ثمّ حذف المضاف، نقله الشلوبين في حواشي المفصل عن الأعلم، وقال هو أشبه ما وجه به النصب.
والخامس: أنه منصوب على الحال من الضّمير في الخبر المحذوف، والأصل "فإذا" هو ثابت مثلها، ثمّ حذف المضاف فانفصل
الضّمير، وانتصب في اللّفظ على الحال على سبيل النّيابة، كما قالوا قضيّة ولا أبا حسن لها على إضمار مثل قاله ابن الحاجب في أماليه وهو وجه غريب، أعني انتصاب الضّمير على الحال، وهو مبنيّ على إجازة الخليل له صوت صوت الحمار بالرّفع صفة لصوت بتقدير مثل.
وأما سيبويه فقال هذا قبيح ضعيف، وممّن قال بالجواز ابن مالك، إذا كان المضاف إلى معرفة كلمة مثل جاز أن تخلفها المعرفة في التنكير، فتقول: مررت برجل زهير بالخفض صفة للنكرة، وهذا زيد زهيرا بالنّصب على الحال، ومنه قولهم: تفرقوا أيادي سبا، وأيدي سبا، وإنّما سكنت "الياء" مع أنّهما منصوبان لثقلهما بالتركيب والإعلال، كما في معد يكرب وقالي قلا.

2- والثّاني: من وجهي إذا أن تكون لغير مفاجأة، فالغالب أن تكون ظرفا للمستقبل مضمنة معنى الشّرط، وتختص بالدّخول على الجملة الفعلية عكس الفجائية، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {ثمّ إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون}، وقوله تعالى: {فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون}، ويكون الفعل بعدها ماضيا كثيرا ومضارعا دون ذلك، وقد اجتمعا في قول أبي ذؤيب:
والنّفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع
وإنّما دخلت الشّرطيّة على الاسم، في نحو: (إذا السّماء انشقت)؛ لأنّه فاعل بفعل محذوف على شريطة التّفسير لا مبتدأ، خلافًا للأخفش
وأما قوله:
إذا باهلي تحته حنظلية ... له ولد منها فذاك المذرع
فالتقدير: "إذا" كان باهلي، وقيل حنظلية فاعل باستقر محذوفا، وباهلي فاعل بمحذوف يفسره العامل في حنظلية، ويرده أن فيه حذف المفسّر ومفسره جميعًا، ويسهله أن الظّرف يدل على المفسّر، فكأنّه لم يحذف ولا تعمل "إذا" الجزم في ضرورة، كقوله:
استغن ما أغناك ربك بالغنى ... وإذا تصبك خصاصة فتجمل
قيل وقد تخرج عن كل من الظّرفيّة، والاستقبال، ومعنى الشّرط.
وفي كل من هذه فصل الفصل الأول في خروجها عن الظّرفيّة.
زعم أبو الحسن في: (حتّى إذا جاؤوها)، أن "إذا" جر "بحتى"، وزعم أبو الفتح في: {إذا وقعت الواقعة} الآيات فيمن نصب {خافضة رافعة}، أن "إذا" الأولى مبتدأ، والثّانية خبر، والمنصوبين حالان، وكذا جملة {ليس} ومعموليها، والمعنى: وقت وقوع الواقعة خافضة لقوم رافعة لآخرين هو وقت رج الأرض، وقال قوم في أخطب ما يكون الأمير قائما، إن الأصل أخطب أوقات أكوان الأمير، "إذا" كان قائما، أي: وقت قيامة، ثمّ حذفت الأوقات، ونابت "ما" المصدرية عنها، ثمّ حذف الخبر المرفوع، وهو "إذا"، وتبعها كان التّامّة وفاعلها في الحذف، ثمّ نابت الحال عن الخبر، ولو كانت "إذا" على هذا التّقدير في موضع نصب لاستحال المعنى كما يستحيل "إذا" قلت أخطب أوقات أكوان الأمير يوم الجمعة "إذا" نصبت اليوم؛ لأن الزّمان لا يكون محلا للزمان.
وقالوا في قول الحماسي:
وبعد غد يا لهف نفسي من غد ... إذا راح أصحابي ولست برائح
إن "إذا" في موضع جر بدلا من غد، وزعم ابن مالك أنّها وقعت مفعولا في قوله عليه الصّلاة والسّلام لعائشة رضي الله عنها:«إنّي لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت عليّ غضبى»، والجمهور على أن "إذا" لا تخرج عن الظّرفيّة، وأن "حتّى" في نحو: {حتّى إذا جاؤوها}، حرف ابتداء دخل على الجملة بأسرها، ولا عمل له، وأما {إذا وقعت الواقعة}، "فإذا" الثّانية بدل من الأولى، والأولى ظرف وجوابها محذوف لفهم المعنى، وحسنه طول الكلام وتقديره بعد "إذا" الثّانية، أي: انقسمتم أقساما، {وكنتم أزواجًا ثلاثة}، وأما "إذا" في البيت فظرف للهف، وأما الّتي في المثال ففي موضع نصب؛ لأنا لا نقدر زمانا مضافا إلى ما يكون إذ لا موجب لهذا التّقدير، وأما الحديث فـ "إذا" ظرف لمحذوف، وهو مفعول أعلم، وتقديره شأنك ونحوه، كما تعلق "إذ" بالحديث في: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه}.

الفصل الثّاني
في خروجها عن الاستقبال.
وذلك على وجهين:
أحدهما: أن تجيء للماضي كما جاءت "إذ" للمستقبل في قول بعضهم، وذلك كقوله تعالى: {ولا على الّذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولّوا}،{وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضّوا إليها}، وقوله:
وندمان يزيد الكأس طيبا ... سقيت إذا تغورت النّجوم
والثّاني: أن تجيء للحال، وذلك بعد القسم، نحو: {واللّيل إذا يغشى}،{والنجم إذا هوى}، قيل: لأنّها لو كانت للاستقبال لم تكن ظرفا لفعل القسم؛ لأنّه إنشاء لا إخبار عن قسم يأتي؛ لأن قسم الله سبحانه قديم، ولا لكون محذوف هو حال من {واللّيل}،{والنجم}؛ لأن الحال والاستقبال متنافيان، و"إذا" بطل هذان الوجهان تعين أنه ظرف لأحدهما على أن المراد به الحال انتهى.
والصّحيح أنه لا يصح التّعليق بـ أقسم الإنشائي؛ لأن القديم لا زمان له لا حال ولا غيره، بل هو سابق على الزّمان، وأنه لا يمتنع التّعليق بـ كائنا مع بقاء "إذا" على الاستقبال، بدليل صحة مجيء الحال المقدرة باتّفاق، كـ مررت برجل معه صقر صائدا به غدا، أي: مقدرا الصّيد به غدا، أي: مقدرا الصّيد به غدا كذا يقدرون، وأوضح منه أن يقال: مريدا به الصّيد غدا، كما فسر قمتم في:{إذا قمتم إلى الصّلاة} بأردتم.

مسألة في ناصب "إذا" مذهبان:
أحدهما: أنه شرطها، وهو قول المحقّقين، فتكون بمنزلة "متى" و"حيثما" و"أيان"، وقول أبي البقاء إنّه مردود بأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف غير وارد؛ لأن "إذا" عند هؤلاء غير مضافة ،كما يقوله الجميع إذا جزمت ،كقوله:
... وإذا تصبك خصاصة فتحمل
والثّاني: أنه ما في جوابها من فعل أو شبهة، وهو قول الأكثرين، ويرد عليهم أمور:
أحدها: أن الشّرط والجزاء عبارة عن جملتين تربط بينهما الأداة، وعلى قولهم تصير الجملتان واحدة؛ لأن الظّرف عندهم من جملة الجواب، والمعمول داخل في جملة عامله.
والثّاني: أنه ممتنع في قول زهير:
بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى ... ولا سابقًا شيئا إذا كان جائيا
لأن الجواب محذوف وتقديره "إذا" كان جائيا فلا أسبقه، ولا يصح أن يقال لا أسبق شيئا وقت مجيئه؛ لأن الشّيء إنّما يسبق قبل مجيئه، وهذا لازم لهم أيضا إن أجابوا بأنّها غير شرطيّة وأنّها معمولة لما قبلها وهو سابق، وأما على القول الأول فهي شرطيّة محذوفة الجواب، وعاملها إمّا خبر كان أو نفس كان، إن قلنا بدلالتها على الحدث.
والثّالث: أنه يلزمهم، في نحو "إذا" جئتني اليوم أكرمتك غدا، أن يعمل أكرمتك في ظرفين متضادين، وذلك باطل عقلا، إذ الحدث الواحد
المعين لا يقع بتمامه في زمانين، وقصدا إذ المراد وقوع الإكرام في الغد لا في اليوم، فإن قلت فما ناصب اليوم على القول الأول، وكيف يعمل العامل الواحد في ظرفي زمان؟ قلنا لم يتضادا كما في الوجه السّابق، وعمل العامل في ظرفي زمان يجوز، إذا كان أحدهما أعم من الآخر، نحو: أتيك يوم الجمعة سحر وليس بدلا، لجواز سير عليه يوم الجمعة، سحر برفع الأول ونصب الثّاني نص عليه سيبويه، وأنشد للفرزدق:
متى تردن يومًا سفار تجد بها ... أديهم يرمي المستجيز المعورا
فيوما يمتنع أن يكون بدلا من متى؛ لعدم اقترانه بحرف الشّرط، ولهذا يمتنع في اليوم في المثال أن يكون بدلا من "إذا"، ويمتنع أن يكون ظرفا لتجد؛ لئلّا ينفصل ترد من معموله، وهو سفار بالأجنبي، فتعين أنه ظرف ثان لترد، والرّابع أن الجواب ورد مقرونا بـ "إذا" الفجائية، نحو: {ثمّ إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون}، وبالحرف النّاسخ، نحو: "إذا" جئتني اليوم فإنّي أكرمك، وكل منهما لا يعمل ما بعده فيما قبله، وورد أيضا والصالح فيه للعمل صفة، كقوله تعالى: {فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذٍ يوم عسير}، ولا تعمل الصّفة فيما قبل الموصوف، وتخريج بعضهم هذه الآية على أن "إذا" مبتدأ وما بعد "الفاء" خبر لا يصح إلّا على قول أبي الحسن ومن تابعه في جواز تصرف "إذا"، وجواز زيادة "الفاء" في خبر المبتدأ؛ لأن عسر اليوم ليس مسببا عن النقر، والجيد أن تخرج على حذف الجواب مدلولا عليه بعسير، أي: عسر الأمر، وأما قول أبي البقاء إنّه يكون مدلولا عليه بـ ذلك، فإنّه إشارة إلى النقر فمردود لأدائه إلى اتّحاد السّبب والمسبب وذلك ممتنع، وأما نحو: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، فمؤول على إقامة السّبب مقام المسبّب لاشتهار المسبّب، أي: فقد استحق الثّواب العظيم المستقر للمهاجرين.
قال أبو حيّان: ورد مقرونا "بما" النافية، نحو: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّنات ما كان حجتهم} الآية، و"ما" النافية لها الصّدر انتهى.
وليس هذا بجواب وإلّا لاقترن "بالفاء"، مثل: {وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين}، وإنّما الجواب محذوف، أي: عمدوا إلى الحجج الباطلة.
وقول بعضهم إنّه جواب على إضمار "الفاء"، مثل: {إن ترك خيرا الوصيّة للوالدين}، مردود بأن "الفاء" لا تحذف إلّا ضرورة،
كقوله:
من يفعل الحسنات الله يشكرها ...
والوصيّة في الآية نائب عن فاعل كتب، وللوالدين متعلق بها لا خبر، والجواب محذوف، أي: فليوص، وقول ابن الحاجب: إن "إذا" هذه غير شرطيّة فلا تحتاج إلى جواب، وإن عاملها ما بعد "ما" النافية كما عمل ما بعد "لا" في يوم من قوله تعالى: {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذٍ للمجرمين}، وإن ذلك من التّوسّع في الظّرف مردود بثلاثة أمور:
أحدها: أن مثل هذا التّوسّع خاص بالشعر، كقوله:
... ونحن عن فضلك ما استغنينا
والثّاني: أن "ما" لا تقاس على "لا"، فإن "ما" لها الصّدر مطلقًا بإجماع البصريين، واختلفوا في "لا"، فقيل لها الصّدر مطلقًا، وقيل ليس لها الصّدر مطلقًا؛ لتوسطها بين العامل والمعمول، في نحو: إن "لا" تقم أقم، وجاء "بلا" زاد،
وقوله:
ألا إن قرطا على آلة ... ألا إنّني كيده لا أكيد
وقيل إن وقعت في صدر جواب القسم فلها الصّدر؛ لحلولها محل أدوات الصّدر، وإلّا فلا، وهذا هو الصّحيح، وعليه اعتمد سيبويه، إذ جعل انتصاب حب العراق في قوله:
آليت حب العراق الدّهر أطعمه ...
على التّوسّع، وإسقاط الخافض وهو "على"، ولم يجعله من باب زيدا ضربته؛ لأن التّقدير: "لا" أطعمه، و"لا" هذه لها الصّدر، فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وما لا يعمل لا يفسر في هذا الباب عاملا.
والثّالث: أن "لا" في الآية حرف ناسخ مثله في نحو: "لا" رجل، والحرف النّاسخ لا يتقدمه معمول ما بعده ولو لم يكن نافيا، "لا" يجوز زيدا إنّي أضرب، فكيف وهو حرف نفي، بل أبلغ من هذا أن العامل الّذي بعده مصدر، وهم يطلقون القول بأن المصدر لا يعمل فيما قبله، وإنّما العامل محذوف، أي: اذكر يوم أو يعذبون يوم، ونظير ما أورده أبو حيّان على الأكثرين أن يورد عليهم قوله تعالى: {وقال الّذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنّكم لفي خلق جديد}، فيقال لا يصح لجديد أن يعمل في "إذا"؛ لأن "إن" و"لام" الابتداء يمنعان من ذلك؛ لأن لهما الصّدر، وأيضًا فالصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف، والجواب أيضا أن الجواب محذوف مدلول عليه بجديد، أي: "إذا" مزقتم تجددون؛ لأن الحرف النّاسخ لا يكون في أول الجواب إلّا وهو مقرون "بالفاء"، نحو: {وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم}.
وأما {وإن أطعتموهم إنّكم لمشركون}، فالجملة جواب لقسم محذوف مقدّر قبل الشّرط بدليل: {وإن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمسن} الآية، ولا يسوغ أن يقال قدرها خالية من معنى الشّرط فتستغني عن جواب، وتكون معمولة لما قبلها، وهو: {قال} أو {ندلكم} أو {ينبئكم}؛ لأن هذه الأفعال لم تقع في ذلك الوقت.

الفصل الثّالث
في خروج "إذا" عن الشّرطيّة
ومثاله قوله تعالى: {وإذا ما غضبوا هم يغفرون}، وقوله تعالى: {والّذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}، فـ "إذا" فيهما ظرف لخبر المبتدأ بعدها ولو كانت شرطيّة، والجملة الاسمية جوابا لاقترنت "بالفاء"، مثل: {وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير}، وقول بعضهم إنّه على إضمار "الفاء" تقدم رده، وقول آخر إن الضّمير توكيد لا مبتدأ، وإن ما بعده الجواب ظاهر التعسف، وقول آخر إن جوابها محذوف مدلول عليه بالجملة بعدها تكلّف من غير ضرورة، ومن ذلك "إذا" الّتي بعدها القسم، نحو: {واللّيل إذا يغشى}،{والنجم إذا هوى}، "إذ" لو كانت شرطيّة كان ما قبلها جوابا في المعنى، كما في قولك: آتيك "إذا" أتيتني، فيكون التّقدير: "إذا" يغشى اللّيل، و"إذا" هوى النّجم، أقسمت وهذا ممتنع لوجهين:
أحدهما: أن القسم الإنشائي لا يقبل التّعليق؛ لأن الإنشاء إيقاع، والمعلّق يحتمل الوقوع وعدمه، فأما "إن" جائني فواللّه لأكرمنه، فالجواب في المعنى فعل الإكرام؛ لأنّه المسبّب عن الشّرط، وإنّما دخل القسم بينهما لمجرّد التوكيد، ولا يمكن ادّعاء مثل ذلك هنا؛ لأن جواب واللّيل ثابت دائما، وجواب والنجم ماض مستمر الانتفاء، فلا يمكن تسببهما عن أمر مستقبل، وهو فعل الشّرط.
والثّاني: أن الجواب خبري، فلا يدل عليه الإنشاء لتباين حقيقتهما).[مغني اللبيب: 2 / 48 - 110]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 02:20 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح ابن نور الدين الموزعي(ت: 825هـ)

(فصل) "إذا"
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل)
وأما "إذا" فتأتي على أوجه:
الأول: أن تكون اسمًا للزمن المستقبل وتختص بالجملة الفعلية، وإن وقع بعدها اسم فهو مرفوع بفعل مقدر، ومعناها الشرط وتحتاج إلى جواب كسائر أدوات الجزاء ولكنها لا تجزم إلا في الضرورة، كقول الشاعر:
واستغنٍ ما أغناك ربك بالغنى .... وإذا تصبك خصاصة فتحمل
ومن شرطها أن يكون التعليق بها على أمر معلوم مقطوع بوقوعه كقول: "إذا" زالت الشمس آتيك بخلاف "إن"، فإنها لا يكون التعليق بها إلا في مبهم مشكوك فيه، ولهذا ذكر الله سبحانه في المتحقق الوقوع، "إذا"، فقال: {وإذا مسكم الضر في البحر}، وقال فيما لا يتحقق فيه الوقوع إلا على بعد وشك: {وإذا مسه الشر فذو دعاءٍ عريضٍ}.
ولأجل هذا ضعفوا التأويل المروي عن إسحاق بن راهويه في قوله صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه في ساعة واحدة» إن معناه: "إذا" اشتهى الولد ولكن لا يشتهيه، وسيأتي مزيد بيان في الكلام على "إن".
ولها ثلاثة استعمالات:
أحدها: أن يكون المأمور به قبل الفعل تقول: "إذا" أتيت المسجد فالبس أحسن الثياب، ومنه قوله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم}، وقوله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}.
ثانيها: أن يكون في الفعل نحو قوله: "إذا" قرأت فترسل.
ثالثها: أن يكون بعد الفعل نحو قوله تعالى: {وإذا حللتم فاصطادوا}، وقوله تعالى: {وإذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله}.

الثاني: أن تكون للمفاجأة فتختص بالجمل الاسمية إمَّا حرفًا، كما قاله الأخفش، أو ظرف مكان، كما قاله المبرد وابن عصفور، واختاره ابن مالك، وإمَّا ظرف زمان كما قاله الزجاج والزمخشري.
ومعناها الحال، كقول الله جل جلاله: {فإذا هي حية تسعى}، {فإذا هي بيضاء للناظرين}، وترتفع الجملة بعدها على الابتداء والخبر ورد في القرآن العظيم، وهذا مذهب سيبويه، وأجاز الكسائي النصب ورواه عن العرب وأنكره سيبويه، والواقعة في مناظرتهما في ذلك مشهورة.
واختصت الفجائية بمصاحبة "الفاء" من بين حروف العطف لدلالتها على الربط الفوري لأن المفاجأة كالفور، و"الفاء" مختصة بالفور.

الثالث: أن تكون جوابًا للشرط بمنزلة الجواب "بالفاء" والفعل، وتقع بعدها جملة مبتدأة كقول الله سبحانه: {وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} معناه: فهم يقنطون، وكقوله تعالى: {فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون} وقد اجتمعت الشرطية والجزائية في قوله تعالى: {ثم إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون}.
وفي قوله تعالى: {فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون}.

الرابع: أن تكون اسمًا للزمن الماضي "كإذ" في قول بعضهم، واختاره ابن مالك كقوله تعالى: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا}، وقوله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها} وقول الشاعر:
وندمانٍ بزيد الكأس طيبًا .... سقيت إذا تغورت النجوم

الخامس: أن تكون بمعنى الزمن الحاضر، كقوله تعالى: {والليل إذا يغشى}، {والنجم إذا هوى}، ولا يجوز أن يكون معناها هنا الاستقبال؛ لأنه يلزم منه أن تكون ظرفًا لفعل القسم، أي: "إذا" يغشى الليل أقسم لأن القسم إنشاء في الحال لا إخبار عن قسم يأتي، ولأن قسمه سبحانه قديم، والتقدير: أقسم بالليل وقت غشيانه.

السادس: أن تكون زائدة، ذكره قوم وأنشدوا قول عبد مناف بن ربع الهذلي:
حتى إذا أسلكوهم في قتائدةٍ .... شلا كما تطرد الجمالة الشردا
المعنى: حتى أسلكوهم ... وقول الآخر:
فإذا وذلك لا مهاه لذكره .... والذكر يعقب صالحًا بفساد
والمعنى: وذلك، وحملوا عليه قول الله تعالى: {إذا السماء انشقت} وحملوا الماضي هنا على تأويل المستقبل كقوله تعالى: {أتى أمر الله}، وقوله تعالى: {اقتربت الساعة}، وأنكر قوم زيادتها وقالوا: التقدير "إذا" انشقت السماء، فهو جواب لها، وقول القائل: حتى "إذا" أسلكوهم، فجوابه: شلا، يقول: حتى "إذا" أسلكوهم شلا، وأما البيت الثاني "فالواو" مقحمة والمعنى: فإذا ذلك). [مصابيح المغاني: 84 - 89]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 02:22 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن محمد بن إسماعيل الكردي البيتوشي (ت: 1211هـ): (
إذا الفجائيةُ عند الكوفي .... معدودةٌ من جملة الحروف
أتيت مشتاقًا إلى الأحباب .... إذا الرقيبُ واقفٌ بالباب
وبإذا الشرطيةِ اضطرارا ..... أبيح أن تجزم لا اختيارا
إذا يُصبك من خليل معتبُ ..... يا قلبُ فاصبر فالزمانُ قُلَّبُ).
[كفاية المعاني: 274]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 1 محرم 1439هـ/21-09-2017م, 06:49 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قسم معاني الحروف من دليل"دراسات في أساليب القرآن"
للأستاذ محمد عبد الخالق عضيمة


-
لمحات عن دراسة (إذا) الشرطية في القرآن الكريم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة