العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النور

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 09:30 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النور [ الآية (61) ]

{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون (61) }

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الناسخ والمنسوخ الآية رقم (61)
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 06:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة النساء: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم}؛ كان الرجل يتحرج أن يأكل عند أحدٍ من الناس.
فنسخ ذلك بالآية التي في سورة النور: {وليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا}). [الجامع في علوم القرآن: 3/72-73] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال: {ليس عليكم جناحٌ} أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم}؛ كان الرجل الغني يدعو الرجل من أهله إلى الطعام مما ذكر اسم الله عليه وأحل طعام أهل الكتاب). [الجامع في علوم القرآن: 3/79-80]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر في قوله تعالى ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا قال قلت للزهري ما بال الأعمى ذكر ها هنا والأعرج والمريض قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم ويقولون قد أحللنا أن تأكلوا مما في بيوتنا فكانوا يتحرجون من ذلك يقولون لا ندخلها وهم غيب فأنزلت هذه الآية رخصة لهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/64]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن مطر الوراق قال كنا نأخذ غداءنا وعشاءنا إلى منزل سعيد بن أبي عروبة فنأكل عنده). [تفسير عبد الرزاق: 2/64]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كان الرجل يذهب بالأعمى أو الأعرج أو المريض إلى بيت أخيه أو بيت أبيه أو بيت أخته أو عمته أو خاله أو خالته فكان الزمنى يتحرجون من ذلك يقولون إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم فنزلت هذه الآية رخصة لهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/64]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أو ما ملكتم مفاتحه مما يختزن ابن آدم أو صديقكم قال إذا دخلت بيت صديقك من غير مؤامرته لم يكن بذلك بأس قال معمر وقال قتادة عن مكرمه قال إذا ملك الرجل المفتاح فهو خازن فلا بأس أن يطعم الشيء اليسير قال معمر ودخلت على قتادة فقلت له اشرب من هذا الجب لجب فيه ماء فقال أنت لنا صديق). [تفسير عبد الرزاق: 2/64-65]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا قال كانوا إذا اجتمعوا ليأكلوا طعاما عزلوا للأعمى على حدة والأعرج على حدة والمريض على حدة كانوا يتحرجون أن يتفضلوا عليهم فنزلت هذه الآية رخصة لهم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا). [تفسير عبد الرزاق: 2/65]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة نزلت ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا في حي من العرب كان الرجل منهم لا يأكل طعامه وحده وكان يحمله بعض يوم حتى يجد من يأكل معه قال معمر وأحسبه ذكرا أنهم من بني كنانة). [تفسير عبد الرزاق: 2/65]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري وقال قتادة في قوله تعالى فسلموا على أنفسهم تحية من عند الله قالا بيتك إذا دخلته فقل سلام عليكم). [تفسير عبد الرزاق: 2/65]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا الثوري عن أبي سنان عن ماهان في قوله تعالى فسلموا على أنفسكم قال إذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل سلام علينا من ربنا). [تفسير عبد الرزاق: 2/65]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرني الثوري عن عبد الكريم بن أبي أمية عن مجاهد قال إذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل بسم الله والحمد لله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين). [تفسير عبد الرزاق: 2/66]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن عمرو بن دينار عن ابن عباس في قوله تعالى فسلموا على أنفسكم قال هو المسجد إذا دخلته فقل سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين). [تفسير عبد الرزاق: 2/66]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر والحسن والكلبي في قوله فسلموا على أنفسكم قال يسلم بعضكم على بعض كقوله ولا تقتلوا أنفسكم). [تفسير عبد الرزاق: 2/66]قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({أشتاتًا} [النور: 61] : «وشتّى وشتاتٌ وشتٌّ واحدٌ»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أشتاتًا وشتّى وشتاتٍ وشتٍّ واحدٌ هو قول أبي عبيدة بلفظه وقال غيره أشتات جمع وشت مفرد). [فتح الباري: 8/447]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أشتاتاً وشتّى وشتاتٌ وشتٌّ واحدٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتاً} (النّور: 61) قوله: (أشتاتاً) في محل الرّفع على الابتداء بتقدير قوله: (أشتاتاً) ، وقوله: (وشتى وشتات وشت) عطف عليه. قوله: (واحد) خبر المبتدأ، والأشتات جمع شت والشت مفرد، ومعنى أشتاتاً: متفرّقين). [عمدة القاري: 19/72]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (أشتاتًا وشتى) بتشديد التاء (وشتات) بتخفيفها (وشت) بتشديدها (واحد) في المعنى ومراده ما في قوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا} [النور: 61] وجميعًا حال من فاعل تأكلوا وأشتاتًا عطف عليه والأكثرون على أن الآية نزلت في بني ليث بن عمرو حيّ من كنانة كانوا يتحرجون أن يأكل الرجل وحده فيمكث يومه حتى يجد ضيفًا يأكل معه فإن لم يجد من يؤاكله لم يأكل شيئًا وربما قعد الرجل والطعام بين يديه من الصباح إلى الرواح فنزلت هذه الآية فرخص لهم أن يأكلوا كيف شاؤوا جميعًا مجتمعين أو أشتاتًا متفرقين). [إرشاد الساري: 7/249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات لعلّكم تعقلون}.
قال أبو جعفرٍ: اختلف أهل التّأويل في تّأويل هذه الآية في المعنى الّذي أنزلت فيه، فقال بعضهم: أنزلت هذه الآية ترخيصًا للمسلمين في الأكل مع العميان والعرجان والمرضى وأهل الزّمانة من طعامهم، من أجل أنّهم كانوا قد امتنعوا من أن يأكلوا معهم من طعامهم، خشية أن يكونوا قد أتوا بأكلهم معهم من طعامهم شيئًا ممّا نهاهم اللّه عنه بقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارةً عن تراض منكم}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثني عبد اللّه قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا} وذلك لمّا أنزل اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}، فقال المسلمون: إنّ اللّه قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، والطّعام هو من أفضل الأموال، فلا يحلّ لأحدٍ منّا أن يأكل عند أحدٍ. فكفّ النّاس عن ذلك، فأنزل اللّه بعد ذلك: {ليس على الأعمى حرجٌ}. إلى قوله: {أو ما ملكتم مفاتحه}.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ليس على الأعمى حرجٌ}. الآية، كان أهل المدينة قبل أن يبعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا مريضٌ، فقال بعضهم: إنّما كان بهم التّقذّر والتّقزّز. وقال بعضهم: المريض لا يستوفي الطّعام كما يستوفي الصّحيح، والأعرج المنحبس لا يستطيع المزاحمة على الطّعام، والأعمى لا يبصر طيّب الطّعام. فأنزل اللّه: ليس عليكم حرجٌ في مؤاكلة المريض والأعمى والأعرج.
فمعنى الكلام على تأويل هؤلاء: ليس عليكم أيّها النّاس في الأعمى حرجٌ أن تأكلوا منه ومعه، ولا في الأعرج حرجٌ، ولا في المريض حرجٌ، ولا في أنفسكم، أن تأكلوا من بيوتكم. فوجّهوا معنى على في هذا الموضع إلى معنى في.
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية ترخيصًا لأهل الزّمانة في الأكل من بيوت من سمّى اللّه في هذه الآية؛ لأنّ قومًا كانوا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا لم يكن عندهم في بيوتهم ما يطعمونهم، ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم وأمّهاتهم أو بعض من سمّى اللّه في هذه الآية، فكان أهل الزّمانة يتخوّفون من أن يطعموا ذلك الطّعام، لأنّه أطعمهم غير ملكه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: لا جناح عليكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم قال: كان رجالٌ زمنى قال ابن عمرو في حديثه: عميان وعرجان. وقال الحارث: عمي عرجٌ أولو حاجةٍ، يستتبعهم رجالٌ إلى بيوتهم، فإن لم يجدوا طعامًا ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم ومن عدّد منهم من البيوت، فكره ذلك المستتبعون، فأنزل اللّه في ذلك: {ليس عليكم جناحٌ} وأحلّ لهم الطّعام حيث وجدوه.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: كان الرّجل يذهب بالأعمى والمريض والأعرج إلى بيت أبيه، أو إلى بيت أخيه، أو عمّه، أو خاله، أو خالته، فكان الزّمنى يتحرّجون من ذلك، يقولون: إنّما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم، فنزلت هذه الآية رخصةً لهم.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحو حديث ابن عمرٍو، عن أبي عاصمٍ.
وقال آخرون: بل نزلت ترخيصًا لأهل الزّمانة الّذين وصفهم اللّه في هذه الآية أن يأكلوا من بيوت من خلّفهم في بيوته من الغزاة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، قال: قلت للزّهريّ، في قوله: {ليس على الأعمى حرجٌ}: ما بال الأعمى ذكر هاهنا والأعرج والمريض؟
فقال: أخبرني عبيد اللّه بن عبد اللّه أنّ المسلمين كانوا إذا غزوا خلّفوا زمناهم، وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم يقولون: قد أحللنا لكم أن تأكلوا ممّا في بيوتنا وكانوا يتحرّجون من ذلك، يقولون: لا ندخلها وهي غيّبٌ. فأنزلت هذه الآية رخصةً لهم.
وقال آخرون: بل عني بقوله: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ} في التّخلّف عن الجهاد في سبيل اللّه. قالوا: وقوله: {ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم} كلامٌ منقطعٌ عمّا قبله.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ} قال: هذا في الجهاد في سبيل اللّه. وفي قوله: {ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم}. إلى قوله: {أو صديقكم} قال: هذا شيءٌ قد انقطع، إنّما كان هذا في الأوّل، لم يكن لهم أبوابٌ، وكانت السّتور مرخاةً، فربّما دخل الرّجل البيت وليس فيه أحدٌ، فربّما وجد الطّعام وهو جائعٌ، فسوّغه اللّه أن يأكله. قال: وقد ذهب ذلك اليوم، البيوت اليوم فيها أهلها، وإذا أخرجوا أغلقوها؛ فقد ذهب ذلك.
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية ترخيصًا للمسلمين الّذين كانوا يتّقون مؤاكلة أهل الزّمانة في مؤاكلتهم إذا شاءوا ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، عن مقسمٍ، في قوله: {ليس على الأعمى حرجٌ} قال: كانوا يتّقون أن يأكلوا مع الأعمى والأعرج، فنزلت: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا}.
واختلفوا أيضًا في معنى قوله: {أو ما ملكتم مفاتحه} فقال بعضهم: عني بذلك وكيل الرّجل وقيّمه، أنّه لا بأس عليه أن يأكل من ثمر ضيعته، ونحو ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {أو ما ملكتم مفاتحه} وهو الرّجل يوكّل الرّجل بضيعته، فرخّص اللّه له أن يأكل من ذلك الطّعام والتّمر ويشرب اللّبن.
وقال آخرون: بل عني بذلك: منزل الرّجل نفسه أنّه لا بأس عليه أن يأكل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أو ما ملكتم مفاتحه} يعني: بيت أحدهم، فإنّه يملكه، والعبيد منهم ممّا ملكوا.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {أو ما ملكتم مفاتحه} ممّا تخترن يا ابن آدم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: {أو ما ملكتم مفاتحه} قال: خزائن لأنفسهم، ليست لغيرهم.
وأشبه الأقوال الّتي ذكرنا في تأويل قوله: {ليس على الأعمى حرجٌ}. إلى قوله: {أو صديقكم} القول الّذي ذكرنا عن الزّهريّ عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، وذلك أنّ أظهر معاني قوله: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ} أنّه لا حرج على هؤلاء الّذين سمّوا في هذه الآية أن يأكلوا من بيوت من ذكره اللّه فيها، على ما أباح لهم من الأكل منها.
فإذ كان ذلك أظهر معانيه، فتوجيه معناه إلى الأغلب الأعرف من معانيه أولى من توجيهه إلى الأنكر منها. فإذ كان ذلك كذلك، كان ما خالف من التّأويل قول من قال: معناه: ليس في الأعمى والأعرج حرجٌ، أولى بالصّواب.
وكذلك أيضًا الأغلب من تأويل قوله: {ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم} أنّه بمعنى: ولا عليكم أيّها النّاس. ثمّ جمع هؤلاء والزّمنى الّذين ذكرهم قبل في الخطاب، فقال: أن تأكلوا من بيوت أنفسكم. وكذلك تفعل العرب إذا جمعت بين خبر الغائب والمخاطب، غلّبت المخاطب فقالت: أنت وأخوك قمتما، وأنت وزيدٌ جلستما، ولا تقول: أنت وأخوك جلسا، وكذلك قوله: {ولا على أنفسكم} والخبر عن الأعمى والأعرج والمريض، غلّب المخاطب، فقال: أن تأكلوا، ولم يقل: أن يأكلوا.
فإن قال قائلٌ: فهذا الأكل من بيوتهم قد علمناه كان لهم حلالاً إذ كان ملكًا لهم، أو كان أيضًا حلالاً لهم الأكل من مال غيرهم؟
قيل له: ليس الأمر في ذلك على ما توهّمت؛ ولكنّه كما ذكرناه عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، أنّهم كانوا إذا غابوا في مغازيهم وتخلّف أهل الزّمانة منهم، دفع الغازي مفتاح مسكنه إلى المتخلّف منهم، فأطلق له في الأكل ممّا يخلّف في منزله من الطّعام، فكان المتخلّفون يتخوّفون الأكل من ذلك، وربّه غائبٌ، فأعلمه اللّه أنّه لا حرج عليه في الأكل منه، وأذن لهم في أكله. فإذ كان ذلك كذلك تبيّن أن لا معنى لقول من قال: إنّما أنزلت هذه الآية من أجل كراهة المستتبع أكل طعام غير المستتبع؛ لأنّ ذلك لو كان كما قال من قال ذلك: لقيل: ليس عليكم حرجٌ أن تأكلوا من طعام غير من أضافكم، أو من طعام آباء من دعاكم، ولم يقل: أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم. وكذلك لا وجه لقول من قال: معنى ذلك: ليس على الأعمى حرجٌ في التّخلّف عن الجهاد في سبيل اللّه، لأنّ قوله: {أن تأكلوا} خبر ليس وأنّ في موضع نصبٍ على أنّها خبرٌ لها، فهي متعلّقةٌ بـ (ليس) فمعلومٌ بذلك أنّ معنى الكلام: ليس على الأعمى حرجٌ أن يأكل من بيته، ولا ما قاله الّذين ذكرنا من أنّه لا حرج عليه في التّخلّف عن الجهاد.
فإذ كان الأمر في ذلك على ما وصفنا، تبيّن أنّ معنى الكلام: لا ضيق على الأعمى، ولا على الأعرج، ولا على المريض، ولا عليكم أيّها النّاس، أن تأكلوا من بيوت أنفسكم أو من بيوت آبائكم، أو من بيوت أمّهاتكم، أو من بيوت إخوانكم، أو من بيوت أخواتكم، أو من بيوت أعمامكم، أو من بيوت عمّاتكم، أو من بيوت أخوالكم، أو من بيوت خالاتكم، أو من البيوت الّتي ملكتم مفاتحها، أو من بيوت صديقكم، إذا أذنوا لكم في ذلك، عند مغيبهم ومشهدهم.
والمفاتح: الخزائن، واحدها: مفتحٌ، إذا أريد به المصدر، وإذا كان من المفاتيح الّتي يفتح بها، فهي مفتحٌ ومفاتح؛ وهي هاهنا على التّأويل الّذي اخترناه جمع مفتحٍ الّذي يفتح به.
وكان قتادة يتأوّل في قوله: {أو صديقكم} ما:
- حدّثنا به الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة: {أو صديقكم} فلو أكلت من بيت صديقك من غير أمره، لم يكن بذلك بأسٌ قال معمرٌ: قلت لقتادة: أولا أشرب من هذا الحبّ؟ قال: أنت لي صديقٌ.
وأمّا قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: كان الغنيّ من النّاس يتخوّف أن يأكل مع الفقير، فرخّص لهم في الأكل معهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أن تأكلوا، جميعًا أو أشتاتًا} قال: كان الغنيّ يدخل على الفقير من ذوي قرابته وصديقه، فيدعوه إلى طعامه ليأكل معه، فيقول: واللّه إنّي لأجنح أن آكل معك والجنح: الحرج وأنا غنيّ وأنت فقيرٌ فأمروا أن يأكلوا جميعًا أو أشتاتًا.
وقال آخرون: بل عني بذلك حيّ من أحياء العرب، كانوا لا يأكل أحدهم وحده، ولا يأكل إلاّ مع غيره، فأذن اللّه لهم أن يأكل من شاء منهم وحده ومن شاء منهم مع غيره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كانوا يأنفون ويتحرّجون أن يأكل الرّجل الطّعام وحده حتّى يكون معه غيره، فرخّص اللّه لهم، فقال: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: كانت بنو كنانة يستحي الرّجل منهم أن يأكل، وحده، حتّى نزلت هذه الآية.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: كانوا لا يأكلون إلاّ جميعًا، ولا يأكلون متفرّقين، وكان ذلك فيهم دينًا؛ فأنزل اللّه: ليس عليكم حرجٌ في مؤاكلة المريض والأعمى، وليس عليكم حرجٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا} قال: كان من العرب من لا يأكل أبدًا جميعًا، ومنهم من لا يأكل إلاّ جميعًا، فقال اللّه ذلك.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قال: نزلت: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا} في حيٍّ من العرب كان الرّجل منهم لا يأكل طعامه وحده، كان يحمله بعض يومٍ حتّى يجد من يأكله معه. قال: وأحسب أنّه ذكر أنّهم من كنانة.
وقال آخرون: بل عني بذلك قومٌ كانوا لا يأكلون إذا نزل بهم ضيفٌ إلاّ مع ضيفهم، فرخّص لهم في أن يأكلوا كيف شاءوا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا حفصٌ، عن عمران بن سليمان، عن أبي صالحٍ، وعكرمة، قالا: كانت الأنصار إذا نزل بهم الضّيف لا يأكلون حتّى يأكل الضّيف معهم، فرخّص لهم، قال اللّه: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا}.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه وضع الحرج عن المسلمين أن يأكلوا جميعًا معًا إذا شاءوا، أو أشتاتًا متفرّقين إذا أرادوا. وجائزٌ أن يكون ذلك نزل بسبب من كان يتخوّف من الأغنياء الأكل مع الفقير، وجائزٌ أن يكون نزل بسبب القوم الّذين ذكر أنّهم كانوا لا يطعمون وحدانًا، وبسببٍ غير ذلك؛ ولا خبرٍ بشيءٍ من ذلك يقطع العذر، ولا دلالة في ظاهر التّنزيل على حقيقة شيءٍ منه. والصّواب التّسليم لما دلّ عليه ظاهر التّنزيل، والتّوقّف فيما لم يكن على صحّته دليلٌ.
وقوله: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم تحيّةً من عند اللّه} اختلف أهل التّأويل في ذلك، فقال بعضهم: معناه: فإذا دخلتم أيّها النّاس بيوت أنفسكم، فسلّموا على أهليكم وعيالكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزّهريّ، وقتادة، في قوله: {فسلّموا على أنفسكم} قالا: بيتك، إذا دخلته فقل: سلامٌ عليكم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم} قال: سلّم على أهلك. قال ابن جريجٍ: وسئل عن عطاء بن أبي رباحٍ: أحقٌّ على الرّجل إذا دخل على أهله أن يسلّم عليهم؟ قال: نعم. وقالها عمرو بن دينارٍ. وتلوا: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً} قال عطاء بن أبي رباحٍ ذلك غير مرّةٍ.
- قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني أبو الزّبير، قال: سمعت جابر بن عبد اللّه، يقول: إذا دخلت على أهلك فسلّم عليهم {تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً}. قال: ما رأيته إلاّ يوجبه.
- قال ابن جريجٍ: وأخبرني زيادٌ، عن ابن طاوسٍ أنّه كان يقول: إذا دخل أحدكم بيته فليسلّم.
- قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: إذا خرجت، أواجبٌ السّلام؟ هل أسلّم عليهم؟ فإنّما قال: {إذا دخلتم بيوتًا فسلّموا} قال: ما أعلمه واجبًا ولا آثر عن أحدٍ وجوبه، ولكن أحبّ إليّ، وما أدعه إلاّ ناسيًا.
قال ابن جريجٍ: وقال عمرو بن دينارٍ: لا.
قال: قلت لعطاءٍ: فإن لم يكن في البيت أحدٌ؟ قال: سلّم قل: السّلام على النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته، السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين، السّلام على أهل البيت ورحمة اللّه. قلت له: قولك هذا إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحدٌ،. عمّن تأثره؟ قال: سمعته، ولم يؤثر لي عن أحدٍ.
- قال ابن جريجٍ: وأخبرني عطاءٌ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ قال: السّلام علينا من ربّنا. وقال عمرو بن دينارٍ: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
- حدّثنا أحمد بن عبد الرّحيم، قال: حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: حدّثنا صدقة، عن زهيرٍ، عن ابن جريجٍ، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه، قال: إذا دخلت على أهلك فسلّم عليهم، تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً. قال: ما رأيته إلاّ يوجبه.
- حدّثنا محمّد بن عبّادٍ الرّازيّ قال: حدّثنا حجّاج بن محمّدٍ الأعور قال: قال لي ابن جريجٍ: أخبرني أبو الزّبير أنّه سمع جابر بن عبد اللّه يقول: فذكر مثله.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم} يقول: سلّموا على أهاليكم إذا دخلتم بيوتكم، وعلى غير أهاليكم، فسلّموا إذا دخلتم بيوتهم.
وقال آخرون: بل معناه: فإذا دخلتم المساجد فسلّموا على أهلها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، عن معمرٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عبّاسٍ: {إذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم} قال: هي المساجد، يقول: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
- قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، في قوله: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم} قال: إذا دخلت المسجد فقل: السّلام على رسول اللّه وإذا دخلت بيتًا ليس فيه أحدٌ، فقل: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين وإذا دخلت بيتك فقل: السّلام عليكم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إذا دخلتم بيوتًا من بيوت المسلمين فيها ناسٌ منكم، فليسلّم بعضكم على بعضٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {فسلّموا على أنفسكم} أي: ليسلّم بعضكم على بعضٍ، كقوله: {ولا تقتلوا أنفسكم}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم} قال: إذا دخل المسلم سلّم عليه، كمثل قوله: {لا تقتلوا أنفسكم}، إنّما هو: لا تقتل أخاك المسلم. وقوله: {ثمّ أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم}، قال: يقتل بعضكم بعضًا، قريظة والنّضير.
وقال آخرون: معناه: فإذا دخلتم بيوتًا ليس فيها أحدٌ، فسلّموا على أنفسكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حصينٌ، عن أبي مالكٍ، قال: إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحدٌ، فقل: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين وإذا دخلت بيتًا فيه ناسٌ من المسلمين وغير المسلمين، فقل مثل ذلك.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي سنانٍ، عن ماهان، قال: إذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم قال: تقولوا: السّلام علينا من ربّنا.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: أخبرنا شعبة، عن منصورٍ،، قال شعبة: وسألته عن هذه الآية: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم تحيّةً من عند اللّه} قال: قال إبراهيم: إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحدٌ، فقل: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشجّ، عن نافعٍ، أنّ عبد اللّه كان إذا دخل بيتًا ليس فيه أحدٌ قال: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، قال: حدّثنا منصورٌ، عن إبراهيم: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم} قال: إذا دخلت بيتًا فيه يهود فقل: السّلام عليكم وإن لم يكن فيه أحدٌ فقل: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال معناه: فإذا دخلتم بيوتًا من بيوت المسلمين، فليسلّم بعضكم على بعضٍ.
وإنّما قلنا ذلك أولى بالصّواب؛ لأنّ اللّه جلّ ثناؤه قال: {فإذا دخلتم بيوتًا} ولم يخصّص من ذلك بيتًا دون بيتٍ، وقال: {فسلّموا على أنفسكم} يعني: بعضكم على بعضٍ. فكان معلومًا إذ لم يخصّص ذلك على بعض البيوت دون بعضٍ، أنّه معنيّ به جميعها، مساجدها وغير مساجدها.
ومعنى قوله: {فسلّموا على أنفسكم} نظير قوله: {ولا تقتلوا أنفسكم}.
وقوله: {تحيّةً من عند اللّه} ونصب تحيّةً، بمعنى: تحيّون أنفسكم تحيّةً من عند اللّه السّلام تحيّةً، فكأنّه قال: فليحيّ بعضكم بعضًا تحيّةً من عند اللّه.
وقد كان بعض أهل العربيّة يقول: إنّما نصبت بمعنى: أمركم بها تفعلونها تحيّةً منه، ووصف جلّ ثناؤه هذه التّحيّة المباركة الطّيّبة لما فيها من الأجر الجزيل، والثّواب العظيم.
وقوله: {كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات} يقول تعالى ذكره: هكذا يفصّل اللّه لكم معالم دينكم فيبيّنها لكم، كما فصّل لكم في هذه الآية ما أحلّ لكم فيها، وعرّفكم سبيل الدّخول على من تدخلون عليه. {لعلّكم تعقلون} يقول: لكي تفقهوا عن اللّه أمره ونهيه وأدبه). [جامع البيان: 17/365-384]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات لعلّكم تعقلون (61)
قوله تعالى: ليس على الأعمى حرج
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ليس على الأعمى حرجٌ وذلك لمّا أنزلت هذه الآية يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل قالت الأنصار: ما بالمدينة مالٌ أعزّ من الطّعام. كانوا يتحرّجون أن يأكلوا مع الأعمى يقولون: إنّه لا يبصر موضع الطّعام، وكانوا يتحرّجون الأكل مع الأعرج يقولون: الصّحيح يسبقه إلى المكان ولا يستطيع أن يزاحم، ويتحرّجون الأكل مع المريض يقولون لا يستطيع أن يأكل مثل الصّحيح، وكانوا يتحرّجون أن يأكلوا في بيوت أقربائهم فنزلت: ليس على الأعمى حرجٌ يعنى في الأكل مع الأعمى حرجٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، عن مقسمٍ قال: كانوا يكرهون أن يأكلوا مع الأعمى والأعرج والمريض لأنّهم لا ينالون السحيح فنزلت ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ الآية.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك قوله: ليس على الأعمى حرجٌ الآية. كان أهل المدينة قبل أن يبعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا أعرج ولا مريضٌ، فقال بعضهم: إنّما كان بهم التّقذّر والتّقزّز، وقال بعضهم: قالوا المريض لا يستوفي الطّعام كما يستوفي الصّحيح والأعرج المنحبس لا يستطيع المزاحمة على الطّعام والأعمى لا يبصر الطّعام.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ قال: منعت البيوت زماناً كان الرّجل لا يطعم أحداً ولا يأكل في بيت غيره تأثّماً من ذلك، فكان أوّل من رخّص له في ذلك الأعمى، ثمّ رخّص بعد ذلك للنّاس عامّةً.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن مروان، ثنا أبي، ثنا سعيد بن بشيرٍ عن سليمان بن موسى في قول اللّه: ليس على الأعمى حرجٌ إلى قوله: من بيوتكم قال: كان الرّجل يقول: لا نأكل مع الأعمى، لأنه لا يدري، ولا مع الأعرج، لأنّه لا يستوي جالسًا، ولا المريض، وكان الرّجل يكون على خزانة الرّجل، فأنزل اللّه هذه الآية ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا
- ذكر أبو زرعة، ثنا عبد الرّحمن بن مطرّفٍ، ثنا عثمان بن عبد الرّحمن عن معقل بن عبيد اللّه عن عبد الكريم ليس على الأعمى حرجٌ إذا دعي أن يتبع قائده.
والوجه الثّاني:
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ قراءةً، أنبأ محمّد بن شعيب بن شابور أخبرني عثمان بن عطاءٍ عن أبيه: وأمّا ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ فيقال هذا في الجهاد- وروي عن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم مثل ذلك.
قوله تعالى: ولا على الأعرج حرج
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ولا على المريض حرجٌ قال: قالت الأنصار: ما بالمدينة مالٌ أعزّ من الطّعام. وكانوا يتحرّجون الأكل مع الأعرج، يقولون الصّحيح يسبقه إلى المكان ولا يستطيع أن يزاحم فنزلت ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ يعنى وليس على من أكل مع الأعرج حرجٌ.
الوجه الثّاني
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن سعيدٍ، ثنا سفيان عن إسماعيل عن السّدّيّ أو غيره في قوله ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ قال: المقعد.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد قراءةً، أنبأ محمّد بن شعيب بن شابور أخبرني عثمان بن عطاءٍ عن أبيه ولا على الأعرج حرجٌ فيقال: هذا في الجهاد.
قوله تعالى ولا على المريض حرجٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ قوله ولا على المريض حرجٌ قال: كانوا يتحرّجون الأكل مع المريض، يقولون: لا يستطيع أن يأكل مثل الصّحيح فنزلت ولا على المريض حرج يعني وليس من أكل مع المريض حرجٌ.
قوله تعالى ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم.. إلى.. بيوت إخوانكم
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: ليس على الأعمى حرجٌ الآية، قال: كان الرّجل يذهب بالأعمى أو الأعرج أو المريض إلى بيت أبيه أو بيت أخيه أو بيت أخته أو بيت عمّته أو بيت خالته، فكان الزّمنى يتحرّجون من ذلك يقولون: إنّما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم، فنزلت هذه الآية رخصةً لهم.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم قال: كان رجالٌ زمنى عميان عرجاء أولى حاجةٍ يستتبعهم رجالٌ إلى بيوتهم فإن لم يجدوا لهم طعامًا ذهبوا إلى آبائهم ومن عدّ معهم من البيوت، فكره ذلك المستتبعون فأنزل اللّه في ذلك (لا جناح عليكم) وأحل لهم الطعام حيث وجدوه.
- حدّثنا أبي، ثنا أيّوب بن محمّدٍ الوزّان الرقي، ثنا عيسى ابن يونس عن عمران بن سليمان قال سمعت أبا صالح يقول: أنزلت هذه الآية لا جناح عليكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم إلى آخرها في الأنصار حيث ذهبت المساواة.
- حدّثنا عبيد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم كان الرّجل يدخل بيت أبيه أو أخته أو ابنه فتتحفه المرأة بشيءٍ من الطّعام فلا يأكل من أجل ربّ البيت ليس ثمّ، فقال اللّه: ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا
قوله تعالى أو بيوت أعمامكم.. إلى.. بيوت أخوالكم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ ولا على أنفسكم يعنى: ولا حرج عليكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد في قول اللّه: ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم- إلى قوله: أو صديقكم قال ك هذا شيءٌ قد انقطع إنّما كان هذا في أوّله لم يكن لهم أبوابٌ وكانت السّتور مرخاةً فربّما دخل الرّجل البيت وليس فيه أحدٌ فربّما وجد الطّعام وهو جائعٌ فسوّغه اللّه أن يأكله قال: وذهب ذلك اليوم البيوت فيها أهلها فإذا خرجوا أغلقوا فقد ذهب ذلك.
قوله تعالى: أو ما ملكتم مفاتحه
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا بكر بن خلفٍ، ثنا إبراهيم بن سعدٍ عن صالح بن كيسان عن ابن شهابٍ عن عروة بن الزّبير عن عائشة قالت: كان المسلمون يرغبون في التفسير مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيدفعون مفاتيحهم إلى ضمنائهم ويقولون قد أحللنا لكم أن تأكلوا ممّا احتجتم إليه، وكانوا يقولون: إنّه لا يحلّ لنا أن نأكل إنّهم أذنوا عن غير طيب أنفسهم وإنّما نحن أمناء فأنزل الله عز وجل ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم إلى قوله أو ما ملكتم مفاتحه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ قوله: أو ما ملكتم مفاتحه يعنى خزائنه وهو عبد الرّجل.
- ذكر عن بشر بن عمر، ثنا الحسين بن أبي جعفرٍ عن أبي الصّهباء عن سعيد بن جبيرٍ أو ما ملكتم مفاتحه قال: قهرمان.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ عن عبيد بن سليمان عن الضّحّاك قوله: أو ما ملكتم مفاتحه يعنى بيت أحدهم، فإنّه يملكه والعبيد منهم ممّا ملكوا فأنزل اللّه ليس عليكم جناحٌ في مؤاكلة المريض والأعمى والأعرج، وليس عليكم حرجٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: أو ما ملكتم مفاتحه ممّا تختزن يا ابن آدم.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: أو ما ملكتم مفاتحه قال: الرّجل يولّيه رجلٌ طعامه يقوم عليه ويحفظ له فلا بأس أن يأكل منه.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ قراءةً، أخبرني محمّد بن شعيب بن شابور، أخبرني عثمان بن عطاءٍ عن أبيه قوله: أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم أو ما ذكر من ذوي القرابة والصّديق، فكان الرّجل الغنيّ يدخل على الفقير من ذوي قرابته وصديقه يدعوه إلى الطّعام ليأكل منه فيقول: والله إني لا جنح والجنح أن يحرّج أن نأكل منك وأنا غنيٌّ وأنت فقيرٌ، فأمروا أن يأكلوا جميعًا أو أشتاتًا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه أو صديقكم يعنى: في بيوت أصدقائكم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المقدّميّ، ثنا زكريّا بن زرارة، حدّثني أبي قال سألت أبا جعفرٍ عن قوله: ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم.. إلى قوله: أو صديقكم قال: يأكل ويشرب ويتصدّق يعنى من الطّعام.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة في قوله: أو صديقكم فلو دخلت على صديقٍ ثمّ أكلت من طعامه بغير إذنه لكان لك حلال.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: ليس على الأعمى حرجٌ بلغنا واللّه أعلم أنّه كان حيٌّ من الأنصار لا يأكل بعضهم عند بعضٍ، ولا مع المريض من أجل قوله، ولا مع الضّرير البصر ولا مع الأعرج، فانطلق رجلٌ غازيًا يدعى الحارث بن عمرٍو، واستخلف مالك بن زيدٍ في أهله وخزائنه، فلمّا رجع الحارث من غزاته رأى مالكًا مجهودًا قد أصابه الضّرّ فقال: ما أصابك؟ قال مالكٌ: لم يكن عندي سعةٌ، قال الحارث: أما تركتك في أهلي ومالي؟ قال: بلى ولكن لم يحلّ لي مالك ولم أكن لآكل مالا لا يحلّ لي، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: ليس على الأعمى حرجٌ الآية إلى قوله: أو صديقكم يعنى الحارث بن عمرٍو حين خلّف مالكًا في أهله وماله ورحله، فجاءت الرّخصة من اللّه والإذن لهم جميعًا.
قوله تعالى ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله: ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا وذلك لمّا أنزل اللّه يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل فقال المسلمون: إنّ اللّه قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، والطّعام هو أفضل الأموال، فلا يحلّ لأحدٍ منّا أن يأكل عند أحدٍ فكفّ النّاس عن ذلك فأنزل اللّه بعد ذلك ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ.. إلى قوله: أو ما ملكتم مفاتحه وهو الرّجل موكّلٌ الرّجل بضيعته والّذي رخّص اللّه أن يأكل من ذلك الطّعام والتّمر ويشرب الماء، وكانوا أيضًا يأنفون ويتحرّجون أن يأكل الرّجل الطّعام وحده حتّى يكون معه غيره، فرخّص اللّه لهم فقال ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا وذلك أنّهم كانوا إذا سافروا جعلوا طعامهم في مكانٍ واحدٍ، وإن غاب أحدهم انتظروه فلا يأكلوا حتى يرجع مخافة الإثم، وكان الناس يأكلون مكانٍ واحدٍ حتّى يأتيهم من يأكل معهم فقال: ولا حرج عليكم أن تأكلوا جميعًا يعنى إذا كنتم جماعةً.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا كان الحيّ من بني كنانة بن خزيمة يرى أحدهم أنّ مخزاةً عليه أن يأكل وحده في الجاهليّة، حتّى إن كان الرّجل ليسوق الذّود الحفل وهو جائعٌ حتّى يجد من يؤاكله ويشاربه وكان الرّجل يتّخذ الخيال إلى جنبه إذا لم يجد من يؤاكله ويشاربه فأنزل اللّه ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا
قوله تعالى: أو أشتاتًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ أو أشتاتًا يعنى: إذا كنتم متفرّقين فإن غاب أحدكم فإذا جاء فليأكل نصيبه ولا بأس- وروى عن مقاتل بن حيّان نحو ذلك.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا قال: كان من العرب من لا يأكل أبدًا إلا جميعًا، ومنهم من لا يأكل جميعًا، فقال اللّه عزّ وجلّ ذلك.
قوله تعالى فإذا دخلتم بيوتًا
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن مهلٍّ الصّنعانيّ بمكّة، ثنا عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن عمرو بن دينارٍ عن ابن عبّاسٍ قوله: فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم قال: إذا دخلت المسجد.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة بن سليمان، أنبأ ابن المبارك، أنبأ معمرٌ عن الزّهريّ وقتادة في قوله: فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم قالا: بيتك إذا دخلت فقل السّلام عليكم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: فإذا دخلتم بيوتًا يعني بيوت المسلمين.
قوله تعالى: فسلّموا على أنفسكم
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن مهلٍّ الصّنعانيّ بمكّة، ثنا عبد الرّزّاق عن معمرٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: فسلّموا على أنفسكم تحيّةً قال: إذا دخلت المسجد فقل: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن يزيد بن راشدٍ الدّمشقيّ، ثنا صدقة عن زهير بن محمّدٍ عن ابن جريجٍ عن أبي الزّبير عن جابر بن عبد اللّه قال: إذا دخلت على أهلك فسلّم عليهم تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً قال: ما رأيته إلا يوجبه.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله: فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم يقول: إذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أهلها.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة عن سفيان الثّوريّ عن عبد الكريم الجزريّ عن مجاهدٍ، إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحدٌ فقل: بسم اللّه والحمد للّه السّلام علينا من ربّنا السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
- حدّثنا عمرو بن عبد اللّه الأوديّ، ثنا وكيعٌ عن سفيان عن ضرار بن مرّة عن مجاهدٍ في هذه الآية فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم قال: إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحدٌ فقل: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين، وإذا دخلت المسجد فقل: السّلام على رسول اللّه، وإذا دخلت على أهلك فقل: السّلام عليكم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: فسلّموا على أنفسكم يعنى بعضكم على بعضٍ على أهل دينكم.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة، أنبأ ابن المبارك داود بن قيسٍ قال: سمعت زيد بن أسلم يقول: في قوله تعالى: فسلّموا على أنفسكم يعنى المسلمين يقول: سلّم على المسلمين.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم يقول: إذا دخل بعضكم على بعضٍ الدّاخل على المدخول عليه.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم إذا دخلت بيتًا لا أحد فيه فقل: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين فإنّه كان يؤمر بذلك. وحدّثنا أنّ الملائكة تردّ عليه.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عبيد اللّه، ثنا ابن المبارك عن معمرٍ عن الحسن فسلّموا على أنفسكم ليسلّم بعضكم على بعضٍ كقوله: ولا تقتلوا أنفسكم
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم قال: إذا دخل المسلم على المسلم سلّم عليه مثل قوله: ولا تقتلوا أنفسكم إنّما هو: لا تقتل أخاك المسلم وفي قول اللّه: ثمّ أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم قال: يقتل بعضكم بعضًا قريظة والنّضير وفي قوله تعالى: جعل لكم من أنفسكم أزواجًا كيف يكون زوجي من نفسي، إنّما هي جعل لكم أزواجًا من بني آدم ولم يجعل من الإبل والبقر، وكلّ شيءٍ في القرآن على هذا.
قوله تعالى: تحيّةً من عند اللّه
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله تحيّةً من عند اللّه وهو السّلام لأنّه اسم اللّه وهو تحيّة أهل الجنّة- وروى عن مقاتل بن حيّان نحو ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن سعد بن أخي يعقوب بن إبراهيم بن سعد، ثنا عمّي، ثنا أبي عن ابن إسحاق، حدّثني داود بن حصينٍ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ كان يقول ما أخذت التّشهّد إلا من كتاب اللّه، سمعت اللّه يقول: فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم تحيّةً من عند اللّه مباركةً فالتّشهّد في الصّلاة: التّحيّات المباركات الطّيّبات للّه أشهد إنّ لا إله إلا اللّه وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته، السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ثم يدعوا لنفسه ويسلّم.
قوله تعالى: مباركةً طيّبةً
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً يعنى من سلّم على أخيه فهي تحيّةٌ مباركةٌ طيّبةٌ يعنى حسنةً.
قوله تعالى: كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات
- به عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات يعني ما ذكر في هذه الآية.
قوله تعالى: لعلّكم تعقلون
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد في قوله: تعقلون قال: تتفكّرون). [تفسير القرآن العظيم: 8/2643-2652]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم إلى آخر الآية قال كان رجال زمني وعميا وعرجا أولي حاجة يستتبعهم رجال إلى بيوتهم فإن لم يجدوا في بيوتهم طعاما ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم وبيوت أمهاتهم ومن عد معهم من البيوت فكره ذلك المستتبعون وقالوا يذهبون بنا إلى بيوت غير بيوتهم فأنزل الله عز وجل في ذلك لا جناح عليكم في ذلك وأحل لهم الطعام حيث وجدوه). [تفسير مجاهد: 2/444-445]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء قال نا المبارك بن عبد الله عن ابن جريج في قوله أو ما ملكتم مفاتحه يعني مشارب وخزائن لأنفسهم ليست لغيرهم). [تفسير مجاهد: 445]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو العبّاس السّيّاريّ، أنبأ أبو الموجّه، أنبأ عبدان، أنبأ عبد اللّه، أنبأ معمرٌ، قال: سمعت عمرو بن دينارٍ، يحدّث عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم} [النور: 61] قال: " هو المسجد إذا دخلته، فقل: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين «صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/434]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو جعفرٍ محمّد بن محمّدٍ البغداديّ، ثنا يحيى بن أيّوب العلّاف بمصر، ثنا محمّد بن الحسن بن أبي الحسن المخزوميّ بالمدينة، حدّثني عبد اللّه بن الحارث بن فضيلٍ الخطميّ، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: " إذا دخلتم بيوتكم فسلّموا على أهلها، وإذا طعمتم فاذكروا اسم اللّه، وإذا سلّم أحدكم حين يدخل بيته وذكر اسم اللّه على طعامه يقول الشّيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ولا عشاء وإذا لم يسلّم أحدكم ولم يسمّ يقول الشّيطان لأصحابه: أدركتم المبيت والعشاء «هذا حديثٌ غريب الإسناد والمتن في هذا الباب، ومحمّد بن الحسن المخزوميّ أخشى أنّه ابن زبالة ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/434]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (د) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال الله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم} [النساء: 29] فكان الرجل يحرج أن يأكل عند أحدٍ من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنسخ ذلك بالآية الأخرى التي في النور، فقال: {ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم - إلى قوله - أشتاتاً} [النور: 61] فكان الرّجل الغنيّ يدعو الرّجل من أهله إلى طعام، فيقول: إني لأجنح أن آكل منه - والتّجنّح: الحرج - ويقول: المسكين أحقّ به مني، فأحلّ في ذلك أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، وأحلّ طعام أهل الكتاب.
أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
(يحرج) التّحرّج: قد مر أيضاً تفسيره فيها.
(أجنح) أي: أرى جناحاً وإثماً أن آكله.
(أشتاتاً) : جمع شت، وهم المتفرقون). [جامع الأصول: 2/86-87] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم} [النور: 61] الآية.
«عن عائشة قالت: كان المسلمون يرغبون في النّفير مع رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فيدفعون مفاتيحهم إلى ضمنائهم ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا ممّا أحببتم، فكانوا يقولون: إنّه لا يحلّ لنا، إنّهم أذنوا عن غير طيب نفسٍ. فأنزل اللّه - عزّ وجلّ - {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم} [النور: 61] إلى قوله أو {ما ملكتم مفاتحه} [النور: 61]».
رواه البزّار، ورجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/83-84]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا زيد بن أخرم أبو طالبٍ الطّائيّ، ثنا بشر بن عمر، ثنا إبراهيم بن سعدٍ، عن صالح بن كيسان، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان المسلمون يرغبون في النّفير مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيدفعون مفاتيحهم إلى ضمنائهم، ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا ما أحببتم، فكانوا يقولون: إنّه لا يحلّ لنا، إنّهم أذنوا عن غير طيب نفسٍ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم} [النور: 61] إلى قوله: {أو ما ملكتم مفاتحه} [النور: 61].
قال البزّار: لا نعلم رواه عن الزّهريّ إلا صالحٌ). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/61-62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} النساء الآية 29 قالت الانصار: ما بالمدينة مال أعز من الطعام، كانوا يتحرجون أن يأكلوا مع الأعمى يقولون: انه لا يبصر موضع الطعام وكانوا يتحرجون الأكل مع الأعرج يقولون: الصحيح يسبقه إلى المكان ولا يستطيع ان يزاحم ويتحرجون الأكل مع المريض يقولون: لا يستطيع أن يأكل مثل الصحيح وكانوا يتحرجون ان يأكلوا في بيوت أقربائهم فنزلت {ليس على الأعمى حرج} يعني في الأكل مع الأعمى). [الدر المنثور: 11/112-113]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مقسم قال: كانوا يكرهون أن يأكلوا مع الأعمى والأعرج والمريض لأنهم لا ينالون كما ينال الصحيح فنزلت {ليس على الأعمى حرج} الآية). [الدر المنثور: 11/113]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة وابراهيم، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد قال: كان الرجل يذهب بالأعمى أو الأعرج والمريض إلى بيت أبيه أو بيت أخيه أو بيت أخته أو بيت عمه أو بيت عمته أو بيت خاله أو بيت خالته فكان الزمني يتحرجون من ذلك يقولون: إنما يذهبوا بنا إلى بيوت غيرهم فنزلت هذه الآية رخصة لهم). [الدر المنثور: 11/113]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن النجار عن عائشة قالت: كان المسلمون يرغبون في النفير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدفعون مفاتيحهم إلى أمنائهم ويقولون لهم: قد أحلننا لكم أن تأكلوا مما احتجتم إليه فكانوا يقولون: انه لا يحل لنا أن نأكل انهم أذنوا لنا من غير طيب أنفسهم وانما نحن أمناء فانزل الله {ولا على أنفسكم أن تأكلوا} إلى قوله {أو ما ملكتم مفاتحه} ). [الدر المنثور: 11/113-114]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله ابن عبد الله، وابن مسيب انه كان رجال من أهل العلم يحدثون إنما أنزلت هذه الآية في أمناء المسلمين كانوا يرغبون في النفير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله فيعطون مفاتيحهم أمناءهم ويقولون لهم: قد أحللنا لكم ان تأكلوا مما في بيوتنا فيقول الذين استودعوهم المفاتيح: والله ما يحل لنا مما في بيوتهم شيء وان أحلوه لنا حتى يرجعوا الينا وانها لامانة ائتمنا عليها فلم يزالوا على ذلك حتى أنزل الله هذه الآية فطابت أنفسهم). [الدر المنثور: 11/114]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال: لما نزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} النساء الآية 29 قال المسلمون: ان الله قد نهانا ان نأكل أموالنا بيننا بالباطل والطعام هو من أفضل الأموال فلا يحل لأحد منا ان يأكل من عند أحد، فكف الناس عن ذلك فأنزل الله {ليس على الأعمى حرج} إلى قوله {أو ما ملكتم مفاتحه} وهو الرجل يوكل الرجل بضيعته والذي رخص الله ان يأكل من ذلك الطعام والتمر وشرب اللبن وكانوا أيضا يتحرجون أن يأكل الرجل الطعام وحده حتى يكون معه غيره فرخص الله لهم فقال {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا} ). [الدر المنثور: 11/114-115]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال: كان أهل المدينة قبل ان يبعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا مريض ولا أعرج لأن الأعمى لا يبصر طيب الطعام والمريض لا يستوفي الطعام كما يستوفي الصحيح والأعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام فنزلت رخصة في مؤاكلتهم). [الدر المنثور: 11/115]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الثعلبي عن ابن عباس قال: خرج الحارث غازيا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف على أهله خالد بن زيد فحرج أن يأكل من طعامه وكان مجهودا فنزلت). [الدر المنثور: 11/115-116]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد وأبو داود في مراسيله، وابن جرير والبيهقي عن الزهري انه سئل عن قوله {ليس على الأعمى حرج} الآية ما بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا هنا فقال: أخبرنا عبيد الله ان المسلمين كانوا إذا غزوا أقاموا أوصاتهم وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم يقولون: قد أحللنا لكم ان تأكلوا مما في بيوتنا وكانوا يتحرجون من ذلك يقولون: لا ندخلها وهم غيب فانزلت هذه الآية رخصة لهم). [الدر المنثور: 11/116]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان هذا الحي من بني كنانة بن خزيمة يرى أحدهم ان عليه مخزاة أن يأكل وحده في الجاهلية حتى ان كان الرجل يسوق الذود الحفل وهو جائع حتى يجد من يؤاكله ويشاربه فأنزل الله {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا} ). [الدر المنثور: 11/116]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن عطرمة وأبي صالح قالا: كانت الأنصار إذا نزل بهم الضيف لا يأكلون معه حتى يأكل معهم الضيف فنزلت رخصة لهم). [الدر المنثور: 11/117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {أو صديقكم} قال: إذا دخلت بيت صديقك من غير مؤامرته ثم أكلت من طعامه بغير اذنه لم يكن بذلك بأس). [الدر المنثور: 11/117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {أو صديقكم} قال: هذا شيء قد انقطع إنما كان هذا في أوله ولم يكن لهم أبواب وكانت الستور مرخاة فربما دخل الرجل البيت وليس فيه أحد فربما وجد الطعام وهو جائع فسوغ له الله أن يأكله قال: وذهب ذلك، اليوم البيوت فيها أهلها فإذا خرجوا أغلقوا فقد ذهب ذلك). [الدر المنثور: 11/117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس في قوله {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم} يقول: إذا دخلتم بيوتا فسلموا على أهلها تحية من عند الله، وهو السلام لأنه اسم الله وهو تحية أهل الجنة). [الدر المنثور: 11/117-118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في الادب، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة قال أبو الزبير: ما رأيته إلا أوجبه). [الدر المنثور: 11/118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها واذا طعمتم فاذكروا اسم الله واذا سلم أحدكم حين يدخل بيته وذكر اسم الله على طعامه يقول الشيطان لاصحابه: لا مبيت لكم ولا عشاء واذا لم يسلم أحدكم ولم يسم يقول الشيطان لاصحابه: أدركتم المبيت والعشاء). [الدر المنثور: 11/118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في الأدب، عن جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء فإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت وان لم يذكر الله عند طعامه قال الشيطان: أدركتم المبيت والعشاء). [الدر المنثور: 11/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته يقول السلام علينا من ربنا التحيات الطيبات المباركات لله سلام عليكم). [الدر المنثور: 11/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن عطاء قال: إذا دخلت على أهلك فقل: السلام عليكم تحية من عند الله مباركة طيبة فإذا لم يكن فيه أحد فقل: السلام علينا من ربنا). [الدر المنثور: 11/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن ماهان في قوله {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم} قال: يقول السلام علينا من ربنا). [الدر المنثور: 11/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن أبي البختري قال: جاء الاشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي إلى سلمان فقالا: جئناك من عند أخيك أبي الدرداء قال: فأين هديته التي أرسلها معكما فالا: ما أرسل معنا بهدية قال: اتقيا الله واديا الامانة ما جاءني أحد من عنده إلا جاء معه بهدية قالا: والله ما بعث معنا شيئا إلا أنه قال: اقرؤوه مني السلام قال: فأي هدية كنت أريد منكما غير هدية وأي هدية أفضل من السلام تحية من عند الله مباركة طيبة). [الدر المنثور: 11/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن سلمان عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال من سره ان لا يجد الشيطان عنده طعاما ولا مقيلا ولا مبيتا فليسلم إذا دخل بيته وليسم على طعامه). [الدر المنثور: 11/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عدي، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم على حجرته ليدخل فليسم الله فانه يرجع قرينه من الشيطان الذي معه ولا يدخل فإذا دخلتم فسلموا فانه يخرج ساكنه منهم واذا وضع الطعام فسموا فانكم تدحرون الخبيث ابليس عن أرزاقكم ولا يشرككم فيها واذا ارتحلتم دابة فسموا الله حين تضعون أول حلس فان كل دابة معتقدة وانكم إذا سميتم حططتموه عن ظهرها وان نسيتم ذلك شرككم في مراكبكم، ولا تبيتوا منديل الغمر معكم في البيت فانه بيت الشيطان ومضجعه ولا تتركوا العمامة ممسية إذا جمعت في جانب الحجرة فانها مقعد الشيطان ولا تسكنوا بيوتا غير مغلقة ولا تفترشوا الزبالا التي تفضي إلى ظهور الدواب ولا تبيتوا على سطح ليس بمحجور واذا سمعتم نباح الكلاب أو نهيق الحمار فاستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم فانهما لا يريان الشيطان إلا نبح الكلب ونهق الحمار). [الدر المنثور: 11/120-121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال للاسلام ضياء وعلامات كمنار الطريق فرأسها وجماعها شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وتمام الوضوء والحكم بكتاب الله وسنة نبيه وطاعة ولاة الامر وتسليمكم على أنفسكم وتسليمكم إذا دخلتم بيوتكم وتسليمكم على بني آدم إذا لقيتموهم). [الدر المنثور: 11/121-122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال: أوصاني النّبيّ صلى الله عليه وسلم بخمس خصال قال أسبغ الوضوء يزد في عمركن وسلم على من لقيك من أمتي تكثر حسناتك واذا دخلت بيتك فسلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك وصل صلاة الضحى فانها صلاة الاوابين قبلك يا انس ارحم الصغير ووقر الكبير تكن من رفقائي يوم القيامة). [الدر المنثور: 11/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس في قوله {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم} قال: هو المسجد إذا دخلته فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين). [الدر المنثور: 11/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير والبيهقي عن أبي مالك قال: إذا دخلت بيتا فيه ناس من المسلمين فسلم عليهم وان لم يكن فيه أحد أو كان فيه ناس من المشركين فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين). [الدر المنثور: 11/122-123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن ابن عمر قال: إذا دخل البيت غير المسكون أو المسجد فيلقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين). [الدر المنثور: 11/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: إذا دخلت بيتك وليس فيه أحد أو بيت غيرك فقل: بسم الله والحمد لله السلام علينا من ربنا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين). [الدر المنثور: 11/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم والبيهقي عن قتادة في قوله {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم} قال: إذا دخلت بيتك فسلم على أهلك واذا دخلت بيتا لا أحد فيه فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فانه كان يؤمر بذلك وحدثنا ان الملائكة ترد عليه). [الدر المنثور: 11/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فسلموا على أنفسكم} قال: ليسلم بعضكم على بعض كقوله {ولا تقتلوا أنفسكم} النساء الآية 29). [الدر المنثور: 11/123-124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {فسلموا على أنفسكم} قال: إذا دخل المسلم على المسلم سلم عليه مثل قوله {ولا تقتلوا أنفسكم} النساء الآية 29 انما هو لا تقتل أخاك المسلم وقوله {ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم} البقرة الآية 85 قال: يقتل بعضكم بعضا، قريظة والنضير، وقوله {جعل لكم من أنفسكم أزواجا} الروم الآية 21 كيف يكون زوج الانسان من نفسه انما هي جعل لكم أرواحاا من بني آدم ولم يجعل من الابل والبقر وكل شيء في القرآن على هذا). [الدر المنثور: 11/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله {فسلموا على أنفسكم} قال: بعضكم على بعض). [الدر المنثور: 11/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ما أخذت التشهد إلا من كتاب الله سمعت الله يقول {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} فالتشهد في الصلاة التحيات المباركات الطيبات لله). [الدر المنثور: 11/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن ثابت بن عبيد قال: أتيت ابن عمر قبل الغداة.
وهو جالس في المسجد فقال لي: ألا سلمت حين جئت فانها تحية من عند الله مباركة). [الدر المنثور: 11/124-125]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 رجب 1434هـ/1-06-2013م, 05:47 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ} [النور: 61] يعني من كان به شيءٌ من مرضٍ.
تفسير السّدّيّ.
وتفسير الكلبيّ: أنّ أهل المدينة قبل أن يسلموا كانوا يعزلون الأعمى والأعرج والمريض فلا يؤاكلونهم.
وكانت الأنصار فيهم تنزّهٌ وتكرّمٌ.
فقالوا: إنّ الأعمى لا
[تفسير القرآن العظيم: 1/461]
يبصر طيّب الطّعام، والأعرج لا يستطيع الزّحام عند الطّعام، والمريض لا يأكل كما يأكل الصّحيح، فاعزلوا لهم طعامهم على ناحيةٍ.
وكانوا يرون أنّ عليهم في مؤاكلتهم جناحًا.
وكان الأعمى والأعرج والمريض يقولون: لعلّنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم، فاعتزلوا مؤاكلتهم.
فأنزل اللّه: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ} [النور: 61] ليس عليهم في ذلك ولا على الّذين تأثّموا من أمرهم عليهم في ذلك حرجٌ.
وبعضهم يقول: كان قومٌ من أصحاب النّبيّ يغزون ويخلّفون على منازلهم من يحفظها، فكانوا يتأثّمون أن يأكلوا منها شيئًا، فرخّص لهم أن يأكلوا منها.
وقال بعضهم: كانوا يخلّفون عليها الأعرج والأعمى والمريض والزّمنى الّذين لا يخرجون في الغزو، فرخّص لهم أن يأكلوا منها.
سعيدٌ عن قتادة قال: منعت البيوت زمانًا.
كان الرّجل لا يتضيّف أحدًا ولا يأكل في بيت غيره تأثّمًا من ذلك.
قال يحيى: بلغني أنّ ذلك حين نزلت هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} [النساء: 29] قال قتادة: فكان أوّل من رخّص اللّه له الأعمى، والأعرج، والمريض.
ثمّ رخّص لعامّة المؤمنين فقال: {ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه} [النور: 61] ممّا تحبّون.
هكذا.
{أو صديقكم} [النور: 61] قال قتادة: فلو أكلت من بيت صديقك من غير مؤامرته لكان اللّه قد أحلّ لك ذلك.
قوله: {أو ما ملكتم مفاتحه} [النور: 61]
ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ قال: كان النّاس يغزون على عهد رسول
[تفسير القرآن العظيم: 1/462]
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيخلّفون الضّمناء على خزائنهم، فكانوا يتحرّجون أن يصيبوا منها شيئًا، فأحلّ اللّه لهم أن يصيبوا منها.
وقال بعضهم: هم المملوكون الّذين هم خزنةٌ على بيوت مواليهم.
وقال الحسن: {أو ما ملكتم مفاتحه} [النور: 61] خزانته ممّا كنتم عليه أمناء.
وحدّثنا الحسن بن دينارٍ، عن الحسن أنّه سأله رجلٌ فقال: الرّجل يدخل على الرّجل، يعني صديقه، فيخرج الرّجل من بيته ويرى الآخر الشّيء من الطّعام في البيت، أيأكل منه؟ فقال: كل من طعام أخيك.
وقال الحسن بن دينارٍ: كنّا في بيت قتادة فأتينا ببسرٍ، فأخذ رجلٌ منّا بسراتٍ ثمّ قال: يا أبا الخطّاب، إنّي قد أخذت من هذا البسر.
فقال: هو لك حلالٌ وإن لم تذكره لي لأنّك مؤاخيّ.
قال يحيى: لم يذكر اللّه في هذه الآية بيت الابن، فرأيت أنّ النّبيّ عليه السّلام إنّما قال: «أنت ومالك لأبيك».
من هذه الآية، لأنّه قال: {ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم} [النور: 61] ولم يقل: أو بيوت أبنائكم، ثمّ ذكر ما بعد ذلك من القرابة حتّى ذكر الصّديق ولم يذكر الابن.
قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا} [النور: 61] سعيدٌ عن قتادة قال: كان بنو كنانة بن خزيمة يرى أحدهم أنّ محرّمًا عليه أن يأكل وحده في الجاهليّة، حتّى إن كان الرّجل ليسوق الذّود والحفّل وهو جائعٌ حتّى يجد من يؤاكله ويشاربه.
وكان الرّجل يتّخذ الخيال إلى جنبه إذا لم يجد من يؤاكل ويشارب، فأنزل اللّه هذه الآية.
قوله: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم} [النور: 61] يعني على أهل دينكم، تفسير السّدّيّ، بعضكم على بعضٍ.
{تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات لعلّكم تعقلون} [النور: 61] لكي تعقلوا.
[تفسير القرآن العظيم: 1/463]
سعيدٌ عن قتادة قال: إذ دخلت فسلّم على أهلك فهم أحقّ من سلّمت عليه.
فإذا دخلت بيتًا لا أحد فيه فقل: سلامٌ علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين، فإنّه كان يؤمر بذلك.
حدّثنا أنّ الملائكة تردّ عليه.
وإن دخل على قومٍ سلّم عليهم، وإذا خرج من عندهم سلّم، وإن مرّ بهم أو لقيهم سلّم عليهم، وإن كان رجلًا واحدًا، سلّم عليهم، وقوله: {فسلّموا على أنفسكم} [النور: 61] على إخوانكم.
وإذا دخل الرّجل بيته سلّم عليهم، وإذا دخل المسجد قال: بسم اللّه سلامٌ على رسول اللّه صلّى اللّه على محمّدٍ وسلّم.
اللّهمّ اغفر لي ذنبي وافتح لي باب رحمتك.
فإن كان مسجدًا كثير الأهل سلّم عليهم يسمع نفسه، وإن كانوا قليلًا أسمعهم التّسليم، وإن لم يكن فيه أحدٌ قال: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين، السّلام علينا من ربّنا.
وإن دخل بيتًا غير مسكونٍ ممّا قال اللّه: {فيها متاعٌ لكم} [النور: 29] وهي الفنادق ينزلها الرّجل المسافر ويجعل فيها متاعه، فإذا دخل البيت قال: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
السّلام علينا من ربّنا.
- خالدٌ عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يسلّم الرّاكب على الماشي، والماشي على القاعد، والرّاكب على القاعد، والصّغير على الكبير، والقليل على الكثير».
قال يحيى: يعني ويسلّم راكب الدّابّة على راكب البعير، ويسلّم الفارس على صاحب الحمار والبغل.
- خالدٌ، عن زيد بن أسلم قال: قال رسول اللّه: «إذا سلّم رجلٌ على القوم فردّ رجلٌ منهم أجزأ عنهم، وإذا كانوا ناسًا فسلّم رجلٌ منهم على المجلس أجزأ عنهم».
وكان الحسن يقول: كنّ النّساء يسلّمن على الرّجال، ولا يسلّم الرّجال على النّساء.
وكان ابن عمر يسلّم على النّساء.
وحدّثني حيوة بن شريحٍ، عن زهرة بن معبدٍ أنّه سمع محمّد بن المنكدر وأبا حازمٍ يسلّمان على النّساء إذا مرّا عليهنّ.
- وحدّثني خداشٌ، عن حميدٍ الطّويل، عن أنس بن مالكٍ قال: انتهى رسول اللّه
[تفسير القرآن العظيم: 1/464]
صلّى اللّه عليه وسلّم إلينا ونحن غلمانٌ، فسلّم علينا.
- وحدّثنا قرّة بن خالدٍ، عن الحسن قال: قال رسول اللّه عليه السّلام: «إنّ السّلام اسمٌ من أسماء اللّه».
وحدّثني الخليل بن مرّة أنّ مسعود قال: السّلام اسمٌ من أسماء اللّه وضعه في الأرض، فأفشوه بينكم، فإنّ المرء المسلم إذا مرّ بالقوم فسلّم عليهم فردّوا عليه كانت له عليهم فضيلة درجةٍ بأنّه ذكّرهم السّلام، فإن لم يردّوا عليه ردّ عليه من هو خيرٌ منهم وأطيب: الملائكة.
- وحدّثني الحسن بن دينارٍ، عن معاوية بن قرّة، عن رجلٍ أنّه كان يمشي مع أبي هريرة قال: فمررنا بقومٍ فسلّمنا عليهم قال: فلا أدري أشغلهم الحديث أو ما منعهم من أن يردّوا السّلام.
فقال أبو هريرة بيده: سلام ربّي والملائكة أحبّ إليّ، سلام ربّي والملائكة أحبّ إليّ.
- وحدّثني المبارك والحسن، عن الحسن قال: قال رسول اللّه: «للمسلم على أخيه من المعروف ستّ خصالٍ يسلّم عليه إذا لقيه، ويشمّته إذا عطس، ويجيبه إذا دعاه، ويعوده إذا مرض، وينصح له إذا تغيّب عنه، ويشهد جنازته إذا مات».
- وحدّثني عبد الرّحمن بن يزيد، عن مكحولٍ قال: " بينما رسول اللّه جالسٌ إذ دخل رجلٌ فقال: السّلام عليكم.
فقال رسول اللّه: وعليكم السّلام، عشرٌ، أي عشر حسناتٍ.
ثمّ جاء آخر فقال: السّلام عليكم ورحمة اللّه، فقال رسول اللّه: وعليكم السّلام ورحمة اللّه، عشرون حسنةً.
ثمّ جاء آخر فقال: السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
فقال رسول اللّه: السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته، ثلاثون حسنةً.
ثمّ قال: هكذا يتفاضل النّاس، من قعد فليسلّم، ومن قام فليسلّم.
قال: ثمّ قام رجلٌ فلم يسلّم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ما أسرع ما نسي هذا ".
- وحدّثني حمّادٌ، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا لقيتم اليهوديّ أو النّصرانيّ فلا تبدءوه بالسّلام.
وإذا لقيتموه في طريقٍ فاضطرّوه إلى أضيقه».
- سعيدٌ عن قتادة أنّ رجلًا من اليهود مرّ على النّبيّ وهو في نفرٍ من أصحابه فقال: السّام عليكم.
فقال رسول اللّه: «وعليكم السّلام».
فجاء جبريل إلى النّبيّ
[تفسير القرآن العظيم: 1/465]
فأخبره أنّه قال: السّام عليكم.
فقال رسول اللّه: " إذا سلّم عليكم أحدٌ من أهل الكتاب فقولوا: وعليك ما قلت ".
- حمّادٌ، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما حسدكم اليهود على شيءٍ ما حسدوكم على السّلام وآمين»). [تفسير القرآن العظيم: 1/466]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله:
{لّيس على الأعمى حرجٌ...}

إلى آخر الآية، كانت الأنصار يتنزّهون عن مؤاكلة الأعمى والأعرج والمريض، ويقولون: نبصر طيّب الطعام ولا يبصره فنسبقه إليه، والأعرج لا يستمكن من القعود فينال ما ينال الصحيح، والمريض يضعف عن الأكل. فكانوا يعزلونهم. فنزل: ليس عليكم في مؤاكلتهم حرج. و(في) تصلح مكان (على) ها هنا تقول: ليس على صلة الرحم وإن كانت قاطعة إثم، وليس فيها إثم، لا تبالي أيّهما قلت.
ثم قال {ولا على المريض حرجٌ ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم} إلى آخر الآية. لمّا أنزل الله {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارةً} ترك الناس مؤاكلة الصّغير والكبير ممّن أذن الله في الأكل معه ومنه، فقال: وليس عليكم {في أنفسكم} في عيالكم أن تأكلوا منهم ومعهم إلى قوله {أو صديقكم} معناه: أو بيوت صديقكم،
وقبلها {أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مّفاتحه} يعني بيوت عبيدكم وأموالهم فذلك قوله (مفاتحه) خزائنه وواحد المفاتح مفتح إذا أردت به المصدر وإذا كان من المفاتيح التي يفتح بها - وهو الإقليد - فهو مفتح ومفتاح.
وقوله: {فسلّموا على أنفسكم} إذا دخل على أهله فليسلّم. فإن لم يكن في بيته أحد فليقل السّلام علينا من ربّنا، وإذا دخل المسجد قال: السلام على رسول الله، السّلام علينا وعلى خيار عباد الله الصالحين، ثم قال: {تحيّةً مّن عند اللّه} أي من أمر الله أمركم بها تفعلون تحيّة منه وطاعةً له. ولو كانت رفعاً على قولك: هي تحيّةٌ من عند الله (كان صواباً) ).
[معاني القرآن: 2/261]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" ولا على المريض حرجٌ " وأصله الضيق). [مجاز القرآن: 2/69]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" أو ما ملكتم مفاتحه " أو ما ملكتم إنفاذه وإخراجه لا يزاحم في شيء منه). [مجاز القرآن: 2/69]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" أشتاتاً " شتى وشتات واحد). [مجاز القرآن: 2/69]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أشتاتا}:متفرقين واحدهم شت وشت ويقال للإثنين شتان وللجميع شتى مثل تترى ولا يقال إلا للإثنين فما فوقهما). [غريب القرآن وتفسيره: 275]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ليس على الأعمى حرجٌ}: في مؤاكلة الناس. وكذلك الباقون: وإن اختلفوا فكان فيهم الرّغيب والزّهيد.
وقد بينت هذا في كتاب «المشكل»، واختلاف المفسرين فيه.
{ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم} يريد: من أموال نسائكم ومن ضمّته منازلكم.
{أو ما ملكتم مفاتحه} يعني: بيوت العبيد. لأن السيد يملك منزل عبده.
{ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعاً} أي مجتمعين. {أو أشتاتاً} أي مفترقين. وكان المسلمون يتحرجون من مؤاكلة أهل الضّرّ -: خوفا من أن يستأثروا عليهم - ومن الاجتماع على الطعام: لاختلاف الناس في مأكلهم، وزيادة بعضهم على بعض. فوسّع اللّه عليهم.
{فإذا دخلتم بيوتاً فسلّموا على أنفسكم}. قال ابن عباس: «أراد المساجد، إذا دخلتها فقل: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين».
وقال الحسن: «ليسلم بعضكم على بعض. كما قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم}). [تفسير غريب القرآن: 309-308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وبعض المفسّرين يقول في قوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً}، أي على أهليكم، جعلهم أنفسهم على التّشبيه.
وقال: ابن عباس في تفسير ذلك: البيوت: المساجد، إذا دخلتها سلّمت على نفسك وعلى عباد الله الصالحين). [تأويل مشكل القرآن: 151]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن الحرج: الإثم، قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} أي إثم {وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ}، أي إثم). [تأويل مشكل القرآن: 484] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا}.
كان المسلمون في صدر الإسلام حين أمروا بالنصيحة ونهوا عن الخيانة وأنزل عليهم: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}. أي: لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق- أدقّوا النظر وأفرطوا في التوقّي، وترك بعضهم مؤاكلة بعض:
فكان الأعمى لا يؤاكل الناس، لأنه لا يبصر الطعام فيخاف أن يستأثر، ولا يؤاكله الناس يخافون لضرره أن يقصر.
وكان الأعرج يتوقّى ذلك، لأنه يحتاج لزمانته إلى أن يتفسّح في مجلسه، ويأخذ أكثر من موضعه، ويخاف الناس أن يسبقوه لضعفه.
وكان المريض يخاف أن يفسد على الناس طعامهم بأمور قد تعتري مع المرض: من رائحة تتغيّر، أو جرح يبضّ، أو أنف يذنّ، أو بول يسلس، وأشباه ذلك.
فأنزل الله تبارك وتعالى: ليس على هؤلاء جناح في مؤاكلة الناس، وهو معنى قول ابن عباس في رواية أبي صالح.
وأما عائشة رضي الله عنها، فإنها قالت: كان المسلمون يوعبون مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في المغازي، ويدفعون مفاتيحهم إلى الضّمنى، وهم الزّمنى، ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في منازلنا. فكانوا يتوقّون أن يأكلوا من منازلهم حتى نزلت هذه الآية.
وإلى هذا يذهب قوم، منهم الزّهري.
ثم قال الله عز وجل: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} أراد: ولا عليكم أنفسكم أن تأكلوا من أموال عيالكم وأزواجكم.
وقال بعضهم: أراد: أن تأكلوا من بيوت أولادكم، فنسب بيوت الأولاد إلى الآباء، لأن الأولاد كسبهم، وأموالهم كأموالهم. يدلك على هذا:
أن الناس لا يتوقّون أن يأكلوا من بيوتهم، وأن الله سبحانه عدّد القرابات وهم أبعد نسبا من الولد، ولم يذكر الولد.
وقال المفسرون في قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}. أراد: ما أغنى عنه ماله وولده، فجعل الولد كسبا.
ثم قال: {أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ}، يعني العبيد، لأن السيد يملك منزل عبده. هذا على تأويل ابن عباس.
وقال غيره: أو ما خزنتموه لغيركم. يريد الزّمنى الذين كانوا يخزنون للغزاة {أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا} من منازل هؤلاء إذا دخلتموها، وإن لم يحضروا ولم يعلموا، من غير أن تتزوّدوا وتحملوا، ولا جناح عليكم أن تأكلوا جميعا أو فرادى، وإن اختلفتم: فكان فيكم الزّهيد، والرّغيب، والصحيح، والعليل.
وهذا من رخصته للقرابات وذوي الأواصر- كرخصته في الغرباء والأباعد لمن دخل حائطا وهو جائع: أن يصيب من ثمره، أو مرّ في سفر بغنم وهو عطشان: أن يشرب من رسلها، وكما أوجب للمسافر على من مرّ به الضيافة، توسعة منه ولطفا بعباده، ورغبة بهم عن دناءة الأخلاق، وضيق النظر). [تأويل مشكل القرآن: 334-332]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلّموا على أنفسكم تحيّة من عند اللّه مباركة طيّبة كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات لعلّكم تعقلون}
الحرج في اللغة الضيق، ومعناه في الدّين الإثم، وجاء في التفسير أن أهل المدينة قبل أن يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا لا يؤاكلون هؤلاء، فقيل إنهم كانوا يفعلون ذلك خوفا من تمكن الأصحاء في الطعام، وقلّة تمكن هؤلاء، فقيل لهم ليس في مؤاكلتهم حرج، وقيل إنهم كانوا يفعلون ذلك تقززا، وقيل أيضا إنّهم كانوا إذا خرجوا مع رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - خلّفوا هؤلاء فكانوا يتحوبون أن يأكلوا مما يحفظونه فأعلمو أنه ليس عليهم جناح، وقيل أيضا إنه كان قوم يدعونهم إلى طعامهم فربما صاروا إلى منازلهم فلم يجدوا فيها طعاما، فيمضون بهم إلي آبائهم.
وجميع ما ذكروا جيّد بالغ إلا ما ذكروا من ترك المؤاكلة تقززا، فإني لا أدري كيف هو.
وقوله: {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا}.
معنى {أشتاتا} متفرقين متوحّدين.
ونصب " جميعا " على الحال، ويروى أن حيا من العرب كان الرجل منهم لا يأكل وحده، وهم حيّ من كنانة، يمكث
الرجل يومه فإن لم يجد من يؤاكله لم يأكل شيئا، وربما كانت معه الإبل الحفّل، وهي التي ملء أخلافها اللبن فلا يشرب من ألبانها حتى يجد من يشاربه، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن الرجل منهم إن أكل وحده فلا إثم عليه.
وقوله تعالى: {فإذا دخلتم بيوتا فسلّموا على أنفسكم} معناه فليسلّم بعضكم على بعض، فالسلام قد أمر الله به، وقيل أيضا: إذا دخلتم بيوتا وكانت خالية فليقل الداخل: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
وقوله عزّ وجلّ: (تحيّة من عند اللّه) معناه النصب على المصدر، لأن قوله فسلموا، معناه تحيوا، ويحيي بعضكم بعضا، تحيّة من عند اللّه.
فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن السلام مبارك طيّب). [معاني القرآن: 4/55-53]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}
حدثنا محمد بن جعفر الأنباري قال حدثنا زيد بن أجزم قال أنبأنا بشر بن عمر الزهراني قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان
المسلمون يوعبون في النفير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا يدفعون مفاتحهم إلى ضمناهم ويقولون إن احتجتم فكلوا فيقولون إنما أحلوه لنا عن غير طيب نفس فأنزل الله جل وعز: {ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم} إلى آخر الآية
قال أبو جعفر يوعبون أي يخرجون بأجمعهم في المغازي
يقال أوعب بنو فلان لبني فلان إذا جاءوهم بأجمعهم ويقال بيت وعيب إذا كان واسعا يستوعب كل ما وضع فيه
والضمنى هم الزمنى واحدهم ضمن مثل زمن
قال معمر سألت الزهري عن قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج} ما بال هؤلاء ذكروا ههنا فقال أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن الناس كانوا إذا خرجوا إلى الغزو دفعوا مفاتحهم إلى الزمنى وأحلوا لهم أن يأكلوا مما في بيوتهم فكانوا لا يفعلون ذلك
ويتوقون ويقولون إنما أطلقوا لنا عن غير طيب نفس فأنزل الله الآية: {ليس على الأعمى حرج}
قال أبو جعفر فالمعنى على هذا بين أي ليس عليهم في الأكل شيء
والقول الآخر قول ابن عباس حدثناه بكر بن سهل قال حدثنا أبو صالح قال حدثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم إلى قوله: {جميعا أو أشتاتا} وذلك لما أنزل الله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} فقال المسلمون إن الله عز وجل قد نهى أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل والطعام هو من أفضل الأموال فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد فكف الناس عن ذلك فأنزل الله جل وعز بعد ذلك: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج} إلى قوله: {أو ما ملكت مفاتحه} وهو الرجل يوكل الرجل بضيعته
قال أبو جعفر والذي رخص الله جل وعز أن يؤكل من ذلك الطعام والتمر وشرب اللبن وكانوا أيضا يتقون ويتحرجون أن يأكل الرجل الطعام وحده حتى يكون معه غيره فرخص الله لهم فقال جل وعز: {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا}
قال أبو جعفر فبين ابن عباس في هذا الحديث ما الذي رخص لهم فيه من الطعام
وفي غير هذه الرواية عنه أن الأعمى كان يتحرج أن يأكل طعام غيره لجعله يده في غير موضعه وكان الأعرج يتحرج لاتساعه في الموضع والمريض لرائحته وما يلحقه فأباح الله جل وعز لهم الأكل مع غيرهم
وهذا معنى رواية صالح عنه). [معاني القرآن: 4/559-556]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( فأما قوله تعالى: {ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم}
فقيل معناه من بيوت عيالكم
وقيل معناه من بيوت أولادكم لأن أولادهم من كسبهم فنسبت بيوتهم إليهم
واستدل صاحب هذا القول بأنه ذكر الأقرباء بعد ولم يذكر الأولاد
ومعنى إخوانكم وإخوتكم واحد
وفي غير رواية معاوية عن ابن عباس أو ما ملكتم مفاتحه يعني العبيد
وقيل يعني الزمنى أبيح لهم ما خزنوه من هذا للغزاة
وقرأ سعيد بن جبير أو ما ملكتم مفاتحه بضم الميم وتشديد اللام
وقال مجاهد كان الرجل يذهب بالأعمى وبالأعرج وبالمريض إلى بيت أبيه أو غيره من الأقرباء فيتحرج من ذلك ويقول هو بيت غيره فنزلت هذه الآية رخصة
وقيل ليس على الأعمى حرج أي في الغزو وكذا الأعرج المريض
ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم
أي من بيوت أنفسكم لأنه قد كان يجوز أن يحظر ذلك لأنه قد يكون في بيت الرجل ما ليس له
وكان يجوز أن يحظر عليه مال غيره وإن أذن له فأبيح ذلك لهذا إذا أذن له أحد من هؤلاء
وذكر فيهم الخص والعام لأن قوله: {أو بيوت إخوانكم} عام). [معاني القرآن: 4/561-595]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم}
روى عمر بن دينار عن ابن عباس فإذا دخلتم بيوتا قال المساجد
فسلموا على أنفسكم يقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
وقال أبو مالك إذا دخلتم بيوتا ليس فيها أحد من المسلمين فقولوا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
وقال ماهان: إذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل السلام علينا من ربنا
وقال الحسن فسلموا على أنفسكم ليسلم بعضكم على بعض كما قال تعالى: {فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم}
قال الضحاك فسلموا على أهليكم وغيرهم
قال أبو جعفر قول الحسن في هذا قول صحيح في اللغة والمسلم من المسلم بمنزلة نفسه لأن دينهما واحد وعلى كل واحد منهما نصح صاحبه وقال الشاعر:
قد جعلت نفسي في الأديم
يعني الماء لأن الماء به العيش فجعله نفسه فكذلك المسلم يطمئن إلى المسلم كما يطمئن إلى نفسه
والأولى أن يكون لجميع البيوت لأن اللفظ عام والمعنى فليحيي بعضكم بعضا تحية من عند الله مباركة طيبة
ثم خبر أن السلام طيب مبارك فقال تحية من عند الله مباركة طيبة). [معاني القرآن: 4/563-562]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَشْتَاتًا}: متفرقين). [العمدة في غريب القرآن: 221]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 رجب 1434هـ/1-06-2013م, 06:28 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فأبنا لنا ريح الكلاء وذكره = وآبوا عليهم فلها وشماتها
...
ويروى: (شتاتها) أي شتاتها من الأعداء. و(شتاتها) تفرقها). [شرح أشعار الهذليين: 2/636] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والصديق يكون واحدًا وجمعًا وهو ههنا جمع، ومنه قول الله عز ذكره: {أو صديقكم}، أي: أصدقاكم ومنه قول رؤبة أنشده أبو زيد، قال سمعته يقول ونحن نسأله ومرت عجوز فضاق الطريق عنها.

تنح للعجوز عن طريقها = إذا أقبلت جائية من سوقها = دعها فما النحوي من صديقها
أي: من أصدقائها). [شرح المفضليات: 413-414]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:51 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:52 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:52 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون (61)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون}
اختلف الناس في المعنى الذي رفع الله فيه الحرج عن الأصناف الثلاثة، فظاهر الآية وأمر الشريعة أن الحرج مرفوع عنهم في كل ما يضطرهم إليه العذر، وتقتضي نيتهم الإتيان فيه بالأكمل، ويقتضي العذر أن يقع منهم الأنقص، فالحرج مرفوع عنهم في هذا. فأما ما قال الناس في الحرج هنا، فقال ابن زيد: هو الحرج في الغزو، أي: لا حرج عليهم في تأخرهم، وقوله تعالى: {ولا على أنفسكم} الآية معنى مقطوع من الأول وقالت فرقة: الآية كلها في معنى المطاعم، قالت: وكانت العرب ومن بالمدينة
[المحرر الوجيز: 6/409]
قبل المبعث تتجنب الأكل مع أهل الأعذار، فبعضهم كان يفعل ذلك تقذرا لجولان اليد من الأعمى، ولانبساط الجلسة من الأعرج، ولرائحة المريض وعلاته، وهي أخلاق جاهلية وكبر، فنزلت الآية مؤدبة، وبعضهم كان يفعل ذلك تحرجا من غير أهل الأعذار إذ هم مقصورون في الأكل عن درجة الأصحاء، لعدم الرؤية في الأعمى، وللعجز عن المزاحمة في الأعرج، ولضعف المريض، فنزلت الآية في إباحة الأكل معهم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما في كتاب الزهراوي: إن أهل هذه الأعذار تحرجوا في الأكل مع الناس لأجل عذرهم فنزلت الآية مبيحة لهم.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما أيضا: الآية من أولها إلى آخرها إنما نزلت بسبب أن الناس لما نزلت: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} قالوا: لا مال أعز من الطعام، وتحرجوا من أن يأكل أحد مع هؤلاء فيغبنهم في الأكل فيقع في أكل المال بالباطل، وكذلك تحرجوا عن أكل طعام القرابات لذلك، فنزلت الآية مبيحة جميع هذه المطاعم، ومبينة أن تلك إنما هي في التعدي والقمار وكل ما يأكله المرء من مال الغير والغير كاره، أو بصفة فاسدة ونحوه.
وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: قوله في الأصناف الثلاثة إنما نزل بسبب أن الناس كانوا إذا نهضوا إلى الغزو وخلفوا أهل العذر في منازلهم وأموالهم، فكان أهل العذر يتجنبون أكل مال الغائب، فنزلت الآية مبيحة لهم أكل الحاجة من طعام الغائب إذا كان الغائب قد بنى على ذلك.
وقيل: كان الرجل إذا ساق أهل العذر إلى بيته فلم يجد فيه شيئا ذهب بهم إلى بيت قرابته، فتحرج أهل الأعذار من ذلك فنزلت الآية.
وذكر الله تعالى بيوت القرابات وسقط منها بيوت الأبناء، فقال المفسرون: ذلك داخل في قوله تعالى: {من بيوتكم}؛ لأن بيت ابن الرجل بيته. وقرأ طلحة بن مصرف "إمهاتكم" بكسر الهمزة.
وقوله تعالى: {أو ما ملكتم مفاتحه} يعني ما حزتم وصار في قبضتكم، فعظمه ما ملكه الرجل في بيته وتحت غلقه، وذلك هو تأويل الضحاك ومجاهد، وعند
[المحرر الوجيز: 6/410]
جمهور المفسرين يدخل في الآية الوكلاء والعبيد والأجراء بالمعروف، وقرأ جمهور الناس: "ملكتم" بفتح الميم واللام، وقرأ سعيد بن جبير: "ملكتم" بضم الميم وكسر اللام وشدها، وقرأ جمهور الناس: "مفاتحه"، وقرأ سعيد بن جبير: "مفاتيحه" بياء بين التاء والحاء، الأولى على جمع مفتح، والثانية على جمع مفتاح، وقرأ قتادة: "ملكتم مفاتحه". وقرن تعالى في هذه الآية الصديق بالقرابة المحضة الوكيدة؛ لأن قرب المودة لصيق، قال معمر: قلت لقتادة: ألا أشرب من هذا الجب؟ فقال: أنت لي صديق فما هذا الاستئذان؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما في كتاب النقاش: الصديق أوكد من القرابة، ألا ترى في استغاثة الجهنميين: فما لنا من شافعين ولا صديق حميم.
وقوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا} رد لمذهب جماعة من العرب كانت لا تأكل أفرادا البتة، قاله الطبري، ومن ذلك قول بعض الشعراء:
إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له أكيلا فإني لست آكله وحدي
وكان بعض العرب إذا كان له ضيف لا يأكل إلا أن يأكل مع ضيفه، فنزلت هذه الآية مبينة سنة الأكل، ومذهبة كل ما خالفها من سنة العرب، ومبيحة من أكل المنفرد ما كان
[المحرر الوجيز: 6/411]
عند العرب محرما، نحت به نحو كرم الخلق فأفرطت في إلزامه، وإن إحضار الأكيل لحسن ولكن بألا يحرم الانفراد.
وقال بعض أهل العلم: هذه الآية منسوخة بقوله صلى الله عليه وسلم: {إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام}، وبقوله تعالى: {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا} الآية، وبقوله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنه: لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه الحديث.
ثم ختم الله تعالى الآية بتبيينه سنة السلام في البيوت، واختلف الناس في أي البيوت أراد، فقال إبراهيم النخعي: أراد المساجد، والمعنى: سلموا على من فيها من صنفكم، فهذا كما قال: لقد جاءكم رسول من أنفسكم، فإن لم يكن في المساجد أحد فالسلام أن يقول المرء: السلام على رسول الله، وقيل: يقول: السلام عليكم، يريد الملائكة، ثم يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وقوله تعالى: "تحية" مصدر، ووصفها بالبركة لأن فيها الدعاء واستجلاب مودة المسلم عليه، والكاف من قوله تعالى: "كذلك" كاف تشبيه، و"ذلك" إشارة إلى هذه السنن، أي: هذا الذي وصف يطرد تبيين الآيات لعلكم تعقلونها وتعملون لها.
وقال بعض الناس في هذه الآية: إنها منسوخة بآية الاستئذان الذي أمر به الناس، وهي المقدمة في السورة، فإذا كان الإذن محجورا فالطعام أحرى، وكذلك فرضت فرقة نسخا بينها وبين قوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}.
[المحرر الوجيز: 6/412]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والنسخ لا يتصور في شيء من هذه الآيات، بل هي كلها محكمة، أما قوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} ففي التعدي والخدع والغرر واللهو والقمار ونحوه، وأما هذه الآية ففي إباحة طعام هذه الأصناف التي يسرها استباحة طعامها على هذه الصفة، وأما آية الإذن فعلة إيجاب الاستئذان خوف الكشف، فإذا استأذن الرجل خوف الكشفة ودخل المنزل بالوجه المباح صح له بعد ذلك أكل الطعام بهذه الإباحة، وليس يكون في الآية نسخ، فتأمله). [المحرر الوجيز: 6/413]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 06:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 06:04 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات لعلّكم تعقلون (61)}
اختلف المفسّرون -رحمهم اللّه -في المعنى الّذي رفع من أجله الحرج عن الأعمى والأعرج والمريض هاهنا، فقال عطاءٍ الخراسانيّ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: نزلت في الجهاد.
وجعلوا هذه الآية هاهنا كالّتي في سورة الفتح وتلك في الجهاد لا محالة، أي: أنّهم لا إثم عليهم في ترك الجهاد؛ لضعفهم وعجزهم، وكما قال تعالى في سورة براءةٌ: {ليس على الضّعفاء ولا على المرضى ولا على الّذين لا يجدون ما ينفقون حرجٌ إذا نصحوا للّه ورسوله ما على المحسنين من سبيلٍ واللّه غفورٌ رحيمٌ ولا على الّذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولّوا وأعينهم تفيض من الدّمع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون} [التّوبة:91، 92].
وقيل: المراد [هاهنا] أنّهم كانوا يتحرّجون من الأكل مع الأعمى؛ لأنّه لا يرى الطّعام وما فيه من الطّيّبات، فربّما سبقه غيره إلى ذلك. ولا مع الأعرج؛ لأنّه لا يتمكّن من الجلوس، فيفتات عليه جليسه، والمريض لا يستوفي من الطّعام كغيره، فكرهوا أن يؤاكلوهم لئلّا يظلموهم، فأنزل اللّه هذه الآية رخصةً في ذلك. وهذا قول سعيد بن جبيرٍ، ومقسم.
وقال الضّحّاك: كانوا قبل المبعث يتحرّجون من الأكل مع هؤلاء تقذّرًا وتقزّزًا، ولئلّا يتفضّلوا عليهم، فأنزل اللّه هذه الآية.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ في قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ} الآية قال: كان الرّجل يذهب بالأعمى أو الأعرج أو المريض إلى بيت أبيه أو بيت أخيه، أو بيت أخته، أو بيت عمّته، أو بيت خالته. فكان الزّمنى يتحرّجون من ذلك، يقولون: إنّما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم. فنزلت هذه الآية رخصةً لهم.
وقال السّدّي: كان الرّجل يدخل بيت أبيه، أو أخيه أو ابنه، فتتحفه المرأة بالشّيء من الطّعام، فلا يأكل من أجل أنّ ربّ البيت ليس ثمّ. فقال اللّه تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم} إلى قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا}.
وقوله تعالى: {ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم}، إنّما ذكر هذا -وهو معلومٌ -ليعطف عليه غيره في اللفظ، وليستأديه ما بعده في الحكم. وتضمّن هذا بيوت الأبناء؛ لأنّه لم ينصّ عليهم. ولهذا استدلّ بهذا من ذهب إلى أنّ مال الولد بمنزلة مال أبيه، وقد جاء في المسند والسّنن، من غير وجهٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "أنت ومالك لأبيك"
وقوله: {أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم}، إلى قوله {أو ما ملكتم مفاتحه}، هذا ظاهرٌ. وقد يستدلّ به من يوجب نفقة الأقارب بعضهم على بعضٍ، كما هو مذهب [الإمام] أبي حنيفة والإمام أحمد بن حنبل، في المشهور عنهما.
وأما قوله: {أو ما ملكتم مفاتحه} فقال سعيد بن جبير، والسّدّي: هو خادم الرّجل من عبدٍ وقهرمان، فلا بأس أن يأكل ممّا استودعه من الطّعام بالمعروف.
وقال الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: كان المسلمون يرغبون في النّفير مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيدفعون مفاتحهم إلى ضمنائهم، ويقولون: قد أحللنا لكم أن تأكلوا ما احتجتم إليه. فكانوا يقولون: إنّه لا يحلّ لنا أن نأكل؛ إنّهم أذنوا لنا عن غير طيب أنفسهم، وإنّما نحن أمناء. فأنزل اللّه: {أو ما ملكتم مفاتحه}.
وقوله: {أو صديقكم} أي: بيوت أصدقائكم وأصحابكم، فلا جناح عليكم في الأكل منها، إذا علمتم أنّ ذلك لا يشقّ عليهم ولا يكرهون ذلك.
وقال قتادة: إذا دخلت بيت صديقك فلا بأس أن تأكل بغير إذنه.
وقوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا}، قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية: وذلك لمّا أنزل اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} [النّساء: 29] قال المسلمون: إنّ اللّه قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، والطّعام هو أفضل من الأموال، فلا يحلّ لأحدٍ منّا أن يأكل عند أحدٍ. فكفّ الناس عن ذلك، فأنزل اللّه: {ليس على الأعمى} إلى قوله: {أو صديقكم}، وكانوا أيضًا يأنفون ويتحرّجون أن يأكل الرّجل الطّعام وحده، حتّى يكون معه غيره، فرخّص اللّه لهم في ذلك، فقال: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا}.
وقال قتادة: وكان هذا الحيّ من بني كنانة، يرى أحدهم أنّ مخزاةً عليه أن يأكل وحده في الجاهليّة، حتّى إن كان الرجل ليسوق الذّود الحفّل وهو جائعٌ، حتّى يجد من يؤاكله ويشاربه، فأنزل اللّه: {ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا}.
فهذه رخصةٌ من اللّه تعالى في أن يأكل الرّجل وحده، ومع الجماعة، وإن كان الأكل مع الجماعة أفضل وأبرك، كما رواه الإمام أحمد: حدّثنا يزيد بن عبد ربّه، حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، عن وحشيّ بن حرب، عن أبيه، عن جدّه؛ أنّ رجلًا قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّا نأكل ولا نشبع. قال: "فلعلّكم تأكلون متفرّقين، اجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم اللّه يبارك لكم فيه".
ورواه أبو داود وابن ماجه، من حديث الوليد بن مسلمٍ، به
وقد روى ابن ماجه أيضًا، من حديث عمرو بن دينار القهرماني، عن سالم، عن أبيه، عن عمر، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "كلوا جميعًا ولا تفرّقوا؛ فإنّ البركة مع الجماعة".
وقوله: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم} قال سعيد بن جبير، والحسن البصري، وقتادة، والزّهريّ: فليسلّم بعضكم على بعضٍ.
وقال ابن جريج: حدّثنا أبو الزّبير: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: إذا دخلت على أهلك، فسلّم عليهم تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً. قال: ما رأيته إلّا يوجبه.
قال ابن جريجٍ: وأخبرني زيادٌ، عن ابن طاوسٍ أنّه كان يقول: إذا دخل أحدكم بيته، فليسلّم.
قال ابن جريج: قلت لعطاءٍ: أواجبٌ إذا خرجت ثمّ دخلت أن أسلّم عليهم؟ قال: لا ولا آثر وجوبه عن أحدٍ، ولكن هو أحبّ إليّ، وما أدعه إلا نابيًا
وقال مجاهدٌ: إذا دخلت المسجد فقل: السّلام على رسول اللّه. وإذا دخلت على أهلك فسلّم عليهم، وإذا دخلت بيتًا ليس فيه أحدٌ فقل: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
وروى الثّوريّ، عن عبد الكريم الجزريّ، عن مجاهدٍ: إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحدٌ فقل: بسم اللّه، والحمد للّه، السّلام علينا من ربّنا، السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
وقال قتادة: [إذا دخلت على أهلك فسلّم عليهم، وإذا دخلت بيتًا ليس فيه أحدٌ، فقل: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين] فإنّه كان يؤمر بذلك، وحدّثنا أنّ الملائكة تردّ عليه. وقال الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا عوبد بن أبي عمران الجونيّ، عن أبيه، عن أنسٍ قال: أوصاني النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بخمس خصالٍ، قال: "يا أنس، أسبغ الوضوء يزد في عمرك، وسلّم على من لقيك من أمّتي تكثر حسناتك، وإذا دخلت -يعني: بيتك -فسلّم على أهل بيتك، يكثر خير بيتك، وصلّ صلاة الضّحى فإنّها صلاة الأوّابين قبلك. يا أنس، ارحم الصّغير، ووقّر الكبير، تكن من رفقائي يوم القيامة".
وقوله: {تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً} قال محمّد بن إسحاق: حدّثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقول: ما أخذت التشهد إلّا من كتاب اللّه، سمعت اللّه يقول: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلّموا على أنفسكم تحيّةً من عند اللّه مباركةً طيّبةً}، فالتّشهّد في الصّلاة: التّحيّات المباركات الصّلوات الطّيّبات للّه، أشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته، السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين. ثمّ يدعو لنفسه ويسلّم.
هكذا رواه ابن أبي حاتمٍ، من حديث ابن إسحاق.
والّذي في صحيح مسلمٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يخالف هذا، والله أعلم.
وقوله: {كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات لعلّكم تعقلون} لمّا ذكر تعالى ما في السّورة الكريمة من الأحكام المحكمة والشّرائع المتقنة المبرمة، نبّه تعالى على أنّه يبيّن لعباده الآيات بيانًا شافيًا، ليتدبّروها ويتعقّلوها). [تفسير ابن كثير: 6/ 84-88]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة