العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الدخان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 02:35 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي تفسير سورة الدخان [ الآيات من 17 إلى 29]

تفسير سورة الدخان [ الآيات من 17 إلى 29]



وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 02:36 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله رسول كريم قال هو موسى). [تفسير عبد الرزاق: 2/207]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون} يعني تعالى ذكره: ولقد اختبرنا وابتلينا يا محمّد قبل مشركي قومك مثال هؤلاء قوم فرعون من القبط {وجاءهم رسولٌ كريمٌ} يقول: وجاءهم رسولٌ من عندنا أرسلناه إليهم، وهو موسى بن عمران صلوات اللّه عليه.
- كما: حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسولٌ كريمٌ} يعني موسى.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {رسولٌ كريمٌ} قال: موسى عليه السّلام.
ووصفه جلّ ثناؤه بالكرم، لأنّه كان كريمًا عليه، رفيعًا عنده مكانه، وقد يجوز أن يكون وصفه بذلك، لأنّه كان في قومه شريفًا وسيطًا). [جامع البيان: 21/28]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 17 - 28.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولقد فتنا} قال: بلونا). [الدر المنثور: 13/268]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولقد فتنا} قال: ابتلينا {قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم} قال: هو موسى {أن أدوا إلي عباد الله} قال: يعني أرسلوا بني إسرائيل {وأن لا تعلوا على الله} قال: لا تعثوا {إني آتيكم بسلطان مبين} قال: بعذر مبين {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} قال: بالحجارة {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} أي خلوا سبيلي). [الدر المنثور: 13/268]

تفسير قوله تعالى: (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله أن أدوا إلي عباد الله قال أدوا بني إسرائيل). [تفسير عبد الرزاق: 2/207]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال إذا رأيت البناء ارتفع إلى أبي قبيس وجرى الماء في الوادي فخذ حذرك). [تفسير عبد الرزاق: 2/207]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أن أدّوا إليّ عباد اللّه} يقول تعالى ذكره: وجاء قوم فرعون رسولٌ من اللّه كريمٌ عليه بأن ادفعوا إليّ، ومعنى أدّوا: ادفعوا إليّ فأرسلوا معي واتّبعون، وهو نحو قوله: {أن أرسل معي بني إسرائيل} فإنّ في قوله: {أن أدّوا إليّ} نصبٌ، وعباد اللّه نصبٌ بقوله: {أدّوا} وقد تأوّله قومٌ: أن أدّوا إليّ يا عباد اللّه، فعلى هذا التّأويل عباد اللّه نصبٌ على النّداء.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل {أن أدّوا إليّ} قال أهل التّأويل.
- ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسولٌ كريمٌ أن أدّوا إليّ عباد اللّه إنّي لكم رسولٌ أمينٌ} قال: يقول: اتّبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحقّ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أن أدّوا، إليّ عباد اللّه} قال: أرسلوا معي بني إسرائيل.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {أن أدّوا، إليّ عباد اللّه} قال: بني إسرائيل.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {أن أدّوا إليّ عباد اللّه} يعني به بني إسرائيل قال لفرعون: علام تحبس هؤلاء القوم، قومًا أحرارًا اتّخذتهم عبيدًا، خلّ سبيلهم.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {أن أدّوا، إليّ عباد اللّه} قال: يقول: أرسل عباد اللّه معي، يعني بني إسرائيل، وقرأ {فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذّبهم} قال: ذلك قوله: {أن أدّوا إليّ عباد اللّه} قال: ودّهم إلينا.
وقوله: {إنّي لكم رسولٌ أمينٌ} يقول: إنّي لكم أيّها القوم رسولٌ من اللّه أرسلني إليكم لا يدرككم بأسه على كفركم به، {أمينٌ} يقول: أمينٌ على وحيه ورسالته الّتي أوعدنيها إليكم). [جامع البيان: 21/28-30]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أن أدوا إلي عباد الله يقول أرسلوا معي بني إسرائيل قال هذا قول موسى عليه السلام). [تفسير مجاهد: 588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولقد فتنا} قال: ابتلينا {قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم} قال: هو موسى {أن أدوا إلي عباد الله} قال: يعني أرسلوا بني إسرائيل {وأن لا تعلوا على الله} قال: لا تعثوا {إني آتيكم بسلطان مبين} قال: بعذر مبين {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} قال: بالحجارة {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} أي خلوا سبيلي). [الدر المنثور: 13/268] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد: (أن أدوا إلى عباد الله) . أرسلوا معي بني إسرائيل). [الدر المنثور: 13/268]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أن أدوا إلي عباد الله} قال: يقول اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحق وفي قوله {وأن لا تعلوا} قال: لا تفتروا وفي قوله {أن ترجمون} قال: تشتمون). [الدر المنثور: 13/269]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى آتيكم بسلطان مبين قال أي بعذر بين). [تفسير عبد الرزاق: 2/207]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أن لا تعلوا على الله قال لا تعتوا على الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/208]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأن لا تعلوا على اللّه إنّي آتيكم بسلطانٍ مبينٍ (19) وإنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون (20) وإن لّم تؤمنوا لي فاعتزلون}.
يقول تعالى ذكره: وجاءهم رسولٌ كريمٌ، أن أدّوا إليّ عباد اللّه، وبأن لا تعلوا على اللّه.
وعنى بقوله: {أن لا تعلوا على اللّه} أن لا تطغوا وتبغوا على ربّكم، فتكفروا به وتعصوه، فتخالفوا أمره {إنّي آتيكم بسلطانٍ مبينٍ} يقول: إنّي آتيكم بحجّةٍ على حقيقة ما أدعوكم إليه، وبرهانٍ على صحّته، مبينٌ لمن تأمّلها وتدبّرها أنّها حجّةٌ لي على صحّة ما أقول لكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأن لا تعلوا على اللّه} أي لا تبغوا على اللّه {إنّي آتيكم بسلطانٍ مبينٍ} أي بعذرٍ مبينٍ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، بنحوه
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وأن لا تعلوا على اللّه} يقول: لا تفتروا على اللّه). [جامع البيان: 21/30-31]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولقد فتنا} قال: ابتلينا {قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم} قال: هو موسى {أن أدوا إلي عباد الله} قال: يعني أرسلوا بني إسرائيل {وأن لا تعلوا على الله} قال: لا تعثوا {إني آتيكم بسلطان مبين} قال: بعذر مبين {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} قال: بالحجارة {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} أي خلوا سبيلي). [الدر المنثور: 13/268] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أن أدوا إلي عباد الله} قال: يقول اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحق وفي قوله {وأن لا تعلوا} قال: لا تفتروا وفي قوله {أن ترجمون} قال: تشتمون). [الدر المنثور: 13/269] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أن ترجمون قال أن ترجموني بالحجارة). [تفسير عبد الرزاق: 2/207]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (ويقال أن {ترجمون} [الدخان: 20] : القتل "). [صحيح البخاري: 6/131]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ويقال أن ترجمون القتل سقط ويقال لغير أبي ذرٍّ فصار كأنّه من كلام مجاهدٍ وقد حكاه الطّبريّ ولم يسمّ من قاله وأورد من طريق العوفيّ عن ابن عبّاسٍ أنّه بمعنى الشّتم وروى عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله ترجمون قال بالحجارة واختار بن جريرٍ حمل الرّجم هنا على جميع معانيه). [فتح الباري: 8/570]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ترجمون القتل
وكذا قاله قتادة، وعن ابن عبّاس: ترجمون تشتمون. ويقولون: ساحر، ووقع عند غير أبي ذر، ويقال إن ترجمون القتل). [عمدة القاري: 19/162]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (ويقال أن ({ترجمون}) في قوله: ({وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} [الدخان: 20] المراد بالرجم هنا (القتل) وقال ابن عباس ترجمون بالقتل وهو الشتم يقولون هو ساحر وقال قتادة بالحجارة: (ورهوًا ساكنًا) كذا هو هنا في اليونينية وفرعها وسبق ذكره لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/335]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون} يقول: وإنّي اعتصمت بربّي وربّكم، واستجرت به منكم أن ترجمون واختلف أهل التّأويل في معنى الرّجم الّذي استعاذ موسى نبيّ اللّه عليه السّلام بربّه منه، فقال بعضهم: هو الشّتم باللّسان
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون} قال: يعني رجم القول.
- حدّثني ابن المثنّى قال: حدّثنا عثمان بن عمر بن فارسٍ قال: حدّثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {وإنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون} قال: الرّجم بالقول.
- حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ قال: حدّثنا سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ، {وإنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون} قال: أن تقولوا هو ساحرٌ.
وقال آخرون: بل هو الرّجم بالحجارة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وإنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون} أي أن ترجمون بالحجارة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {أن ترجمون} قال: أن ترجموني بالحجارة.
وقال آخرون: بل عنى بقوله: {أن ترجمون} أن تقتلوني. وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب ما دلّ عليه ظاهر الكلام، وهو أنّ موسى عليه السّلام استعاذ باللّه من أن يرجمه فرعون وقومه، والرّجم قد يكون قولاً باللّسان، وفعلاً باليد والصّواب أن يقال: استعاذ موسى بربّه من كلّ معاني رجمهم الّذي يصل منه إلى المرجوم أذًى ومكروهٌ، شتمًا كان ذلك باللّسان، أو رجمًا بالحجارة باليد). [جامع البيان: 21/31-33]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولقد فتنا} قال: ابتلينا {قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم} قال: هو موسى {أن أدوا إلي عباد الله} قال: يعني أرسلوا بني إسرائيل {وأن لا تعلوا على الله} قال: لا تعثوا {إني آتيكم بسلطان مبين} قال: بعذر مبين {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} قال: بالحجارة {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} أي خلوا سبيلي). [الدر المنثور: 13/268] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أن أدوا إلي عباد الله} قال: يقول اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحق وفي قوله {وأن لا تعلوا} قال: لا تفتروا وفي قوله {أن ترجمون} قال: تشتمون). [الدر المنثور: 13/269] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون أي خلوا سبيلي). [تفسير عبد الرزاق: 2/208]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل نبيّه موسى عليه السّلام لفرعون وقومه: وإن أنتم أيّها القوم لم تصدّقوني على ما جئتكم به من عند ربّي، فاعتزلون: يقول: فخلّوا سبيلي غير مرجومٍ باللّسان ولا باليد.
- كما: حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} أي فخلّوا سبيلي). [جامع البيان: 21/33]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولقد فتنا} قال: ابتلينا {قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم} قال: هو موسى {أن أدوا إلي عباد الله} قال: يعني أرسلوا بني إسرائيل {وأن لا تعلوا على الله} قال: لا تعثوا {إني آتيكم بسلطان مبين} قال: بعذر مبين {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} قال: بالحجارة {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} أي خلوا سبيلي). [الدر المنثور: 13/268] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فدعا ربّه أنّ هؤلاء قومٌ مجرمون (22) فأسر بعبادي ليلاً إنّكم مّتّبعون (23) واترك البحر رهوًا إنّهم جندٌ مّغرقون}.
يقول تعالى ذكره: فدعا موسى ربّه إذ كذّبوه ولم يؤمنوا به، ولم يؤدّ إليه عباد اللّه، وهمّوا بقتله بأنّ هؤلاء، يعني فرعون وقومه {قومٌ مجرمون} يعني: أنّهم مشركون باللّه كافرون). [جامع البيان: 21/33]

تفسير قوله تعالى: (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأسر بعبادي} وفي الكلام محذوفٌ استغني بدلالة ما ذكر عليه منه، وهو: فأجابه ربّه بأن قال له: فأسر إذ كان الأمر كذلك بعبادي، وهم بنو إسرائيل، وإنّما معنى الكلام: فأسر بعبادي الّذين صدّقوك وآمنوا بك، واتّبعوك دون الّذين كذّبوك منهم، وأبوا قبول ما جئتهم به من النّصيحة منك، وكان الّذين كانوا بهذه الصّفة يومئذٍ بني إسرائيل وقال: {فأسر بعبادي ليلاً} لأنّ معنى ذلك: سر بهم بليلٍ قبل الصّباح.
وقوله: {إنّكم متّبعون} يقول: إنّ فرعون وقومه من القبط متّبعوكم إذا شخصتم عن بلدهم وأرضهم في آثاركم). [جامع البيان: 21/33-34]

تفسير قوله تعالى: (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة قال لما قطع موسى البحر عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده فقيل له واترك البحر رهوا يقول كما هو طريقا يابسا إنهم جند مغرقون). [تفسير عبد الرزاق: 2/208]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله رهوا قال الرهو الطريق اليابس). [تفسير عبد الرزاق: 2/208]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {رهوًا} [الدخان: 24] : «طريقًا يابسًا» ، ويقال: {رهوًا} [الدخان: 24] : «ساكنًا» ). [صحيح البخاري: 6/131]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ رهوًا طريقًا يابسًا ويقال رهوًا ساكنًا أمّا قول مجاهدٍ فوصله الفريابيّ من طريقه بلفظه وزاد كهيئته يوم ضرب يقول لا تأمره أن يرجع بل اتركه حتّى يدخل آخره وأخرجه عبد بن حميدٍ من وجهٍ آخر عن مجاهدٍ في قوله رهوًا قال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة عطف موسى ليضرب البحر ليلتئم وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده فقيل له اترك البحر رهوا يقول كما هو طريقًا يابسًا إنّهم جندٌ مغرقون وأمّا القول الآخر فهو قول أبي عبيدة قال في قوله واترك البحر رهوا أي ساكنًا يقال جاءت الخيل رهوًا أي ساكنةً وأره على نفسك أي ارفق بها ويقال عيشٌ راهٍ وسقط هذا القول هنا لغير أبي ذرٍّ وإثباته هو الصّواب). [فتح الباري: 8/570]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ورهوًا ساكنًا كذا لغير أبي ذرٍّ هنا وقد تقدّم بيانه في أوّل السّورة). [فتح الباري: 8/570]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد رهوا طريقا يابسا على العالمين على من بين ظهريه
فاعتلوه ادفعوه وزوجناهم بحور عين أنكحناهم حورا عينا يحار فيها الطّرف ترجمون القتل
وقال ابن عبّاس كالمهل أسود كمهل الزّيت
أما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 24 الدّخان {واترك البحر رهوا} قال يابسا كهيئته يوم ضربه يقول لا تأمره أن يرجع اتركه حتّى يدخل آخرهم). [تغليق التعليق: 4/309-310]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ رهوا طريقا يابسا ويقال رهواً ساكنا
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {واترك البحر رهوا إنّهم جند مغرقون} (الدّخان: 24) وفسّر: (رهوا) بقوله: (طريقا يابسا) وعن ابن عبّاس: شعبًا. وعنه: هو أن يترك كما كان، وعن ربيع: سهلاً. وعن الضّحّاك: دميا، ويقال: طريقا يابسا، هو قول أبي عبيدة). [عمدة القاري: 19/162]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ورهوا ساكنا
هذا مكرر وقد مضى عن قريب، ووقع هذا أيضا لغير أبي ذر). [عمدة القاري: 19/162]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي ({رهوًا}) في قوله تعالى: {واترك البحر رهوًا} [الدخان: 24] أي (طريقًا يابسًا) زاد الفريابي كهيئته يوم ضربه وزاد أبو ذر ويقال رهوًا ساكنًا يقال الخيل رهوًا أي ساكنة قال النابغة:
والخيل تمرح رهوًا في أعنتها = كالطير ينجو من الشؤبوب ذي البرد
وعن أبي عبيدة رهوًا منفتحًا فرجًا على ما تركته روي أنه لما انفلق البحر لموسى وطلع منه خاف أن يدركه فرعون فأراد أن يضربه ليعود حتى لا يلحقه فقيل له اتركه إنهم جند مغرقون). [إرشاد الساري: 7/335]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {واترك البحر رهوًا} قال: ساكنًا كما هو). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 60]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {واترك البحر رهواً} قال: يابسًا منفرجًا). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 93]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {واترك البحر رهوًا} يقول: وإذا قطعت البحر أنت وأصحابك، فاتركه ساكنًا على حاله الّتي كان عليها حين دخلته وقيل: إنّ اللّه تعالى ذكره قال لموسى هذا القول بعد ما قطع البحر ببني إسرائيل فإذ كان ذلك كذلك، ففي الكلام محذوفٌ، وهو: فسرى موسى بعبادي ليلاً، وقطع بهم البحر، فقلنا له بعد ما قطعه، وأراد ردّ البحر إلى هيئته الّتي كان عليها قبل انفلاقه: اتركه رهوًا.
ذكر من قال ما ذكرنا من اللّه عزّ وجلّ قال لموسى صلّى اللّه عليه وسلّم هذا القول بعد ما قطع البحر بقومه.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فدعا ربّه أنّ هؤلاء قومٌ مجرمون}، حتّى بلغ {إنّهم جندٌ مغرقون} قال: لمّا خرج آخر بني إسرائيل أراد نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يضرب البحر بعصاه، حتّى يعود كما كان مخافة آل فرعون أن يدركوهم، فقيل له: {اترك البحر رهوًا إنّهم جندٌ مغرقون}.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة قال: لمّا قطع البحر، عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم، وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده، فقيل له: {اترك البحر رهوًا} كما هو {إنّهم جندٌ مغرقون}.
واختلف أهل التّأويل في معنى الرّهو، فقال بعضهم: معناه: اتركه على هيئته وحاله الّتي كان عليها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {واترك البحر رهوًا} يقول: سمتًا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {واترك البحر رهوًا إنّهم جندٌ مغرقون} قال: الرّهو: أن يترك كما كان، فإنّهم لن يخلصوا من ورائه.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا ابن عليّة قال: أخبرنا حميدٌ، عن إسحاق بن عبد اللّه بن الحارث، عن أبيه، أنّ ابن عبّاسٍ سأل كعبًا عن قول اللّه: {واترك البحر رهوًا} قال: طريقًا.
وقال آخرون: بل معناه: اتركه سهلاً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، قوله: {واترك البحر رهوًا} قال: سهلاً.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {واترك البحر رهوًا} قال: يقال: الرّهو: السّهل.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا حرميّ بن عمارة قال: حدّثنا شعبة قال: أخبرني عمارة، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {واترك البحر رهوًا} قال: دمثًا.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {واترك البحر رهوًا} قال: سهلاً دمثًا.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {واترك البحر رهوًا} قال: هو السّهل.
وقال آخرون: بل معناه: واتركه يبسًا جددًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: ثني عبيد اللّه بن معاذٍ قال: ثني أبي، عن شعبة، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {واترك البحر رهوًا} قال: جددًا.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: ثني عبيد اللّه بن معاذٍ قال: حدّثنا أبي، عن شعبة، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {واترك البحر رهوًا} قال: يابسًا كهيئته بعد أن ضربه، يقول: لا تأمره يرجع، اتركه حتّى يدخل آخرهم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {رهوًا} قال: طريقًا يبسًا.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {واترك البحر رهوًا} كما هو طريقًا يابسًا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معناه: اتركه على هيئته كما هو على الحال الّتي كان عليها حين سلكته، وذلك أنّ الرّهو في كلام العرب: السّكون، كما قال الشّاعر:
كأنّما أهل حجرٍ ينظرون متى يرونني خارجًا طيرٌ يناديد.
طيرٌ رأت بازيًا نضح الدّماء به وأمّه خرجت رهوًا إلى عيد يعني على سكونٍ، وإذا كان ذلك معناه كان لا شكّ أنّه متروكٌ سهلاً دمثًا، وطريقًا يبسًا لأنّ بني إسرائيل قطعوه حين قطعوه، وهو كذلك، فإذا ترك البحر رهوًا كما كان حين قطعه موسى ساكنًا لم يهج كان لا شكّ أنّه بالصّفة الّتي وصفت.
وقوله: {إنّهم جندٌ مغرقون} يقول: إنّ فرعون وقومه جندٌ اللّه مغرقهم في البحر). [جامع البيان: 21/34-38]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله واترك البحر رهوا يقول يعني طريقا يابسا كهيئته بعد ما ضربه يقول لا تأمره أن يستوي اتركه حتى يدخله آخرهم). [تفسير مجاهد: 588-589]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عبد الحكم في فتوح مصر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {رهوا} قال: سمتا). [الدر المنثور: 13/269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما {واترك البحر رهوا} قال: كهيئته وامضه). [الدر المنثور: 13/269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحارث الهاشمي أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله {واترك البحر رهوا} قال: طريقا). [الدر المنثور: 13/269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في كتاب الأضداد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {واترك البحر رهوا} قال: طريقا يبسا). [الدر المنثور: 13/269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {واترك البحر رهوا} قال: ساكنا). [الدر المنثور: 13/269-270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الربيع {واترك البحر رهوا} قال: سهلا). [الدر المنثور: 13/270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {واترك البحر رهوا} قال: الرهو أن يترك كما كان فإنهم لن يخلصوا من ورائه). [الدر المنثور: 13/270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {واترك البحر رهوا} قال: دمثا). [الدر المنثور: 13/270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه {واترك البحر رهوا} قال: جددا). [الدر المنثور: 13/270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {واترك البحر رهوا} قال: طريقا يابسا كهيئته يوم ضربه يقول: لا تأمره أن يرجع بل اتركه حتى يدخل آخرهم). [الدر المنثور: 13/270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم عن الحسن رضي الله عنه {رهوا} قال: سهلا دمثا). [الدر المنثور: 13/270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج محمد بن كعب القرظي {رهوا} قال: طريقا مفتوحا). [الدر المنثور: 13/270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {رهوا} قال: طريقا منفرجا). [الدر المنثور: 13/271]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: لما قطع موسى البحر عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم: وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده فقيل له {واترك البحر رهوا} يقول: كما هو طريقا يابسا {إنهم جند مغرقون} ). [الدر المنثور: 13/271]

تفسير قوله تعالى: (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كم تركوا من جنّاتٍ وعيونٍ (25) وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ (26) ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين (27) كذلك وأورثناها قومًا آخرين}.
يقول تعالى ذكره: كم ترك فرعون وقومه من القبط بعد مهلكهم وتغريق اللّه إيّاهم من بساتين أشجارٍ، وهي الجنّات، وعيونٍ، يعني: ومنابع ما كان ينفجر في جنانهم). [جامع البيان: 21/38]

تفسير قوله تعالى: (وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وزروعٍ} قائمةٍ في مزارعهم {ومقامٍ كريمٍ} يقول: وموضعٍ كانوا يقومونه شريفٌ كريمٌ.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في معنى وصف اللّه ذلك المقام بالكرم، فقال بعضهم وصفه بذلك لشرفه، وذلك أنّه مقام الملوك والأمراء، قالوا: وإنّما أريد به المنابر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني جعفر ابن ابنة إسحاق الأزرق قال: حدّثنا سعيد بن محمّدٍ الثّقفيّ قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن أبيه، عن مجاهدٍ، في قوله: {ومقامٍ كريمٍ} قال: المنابر.
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة قال: حدّثنا عبد اللّه بن داود الواسطيّ قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {ومقامٍ كريمٍ} قال: المنابر.
وقال آخرون: وصف ذلك المقام بالكرم لحسنه وبهجته.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ومقامٍ كريمٍ} أي حسنٍ). [جامع البيان: 21/38-39]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ومقام كريم} قال: المنابر.
وأخرج ابن مردويه، عن جابر مثله). [الدر المنثور: 13/271]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ومقام كريم} قال: مقام حسن {ونعمة كانوا فيها فاكهين} قال: ناعمين أخرجه الله من جناته وعيونه وزروعه حتى أورطه في البحر كذلك {وأورثناها قوما آخرين} يعني بني إسرائيل والله أعلم). [الدر المنثور: 13/271]

تفسير قوله تعالى: (وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين} يقول تعالى ذكره: وأخرجوا من نعمةٍ كانوا فيها فاكهين متفكّهين ناعمين.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {فاكهين} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار خلا أبي جعفرٍ القارئ {فاكهين} على المعنى الّذي وصفت وقرأه أبو رجاءٍ العطارديّ والحسن وأبو جعفرٍ المدنيّ (فكهين) بمعنى: أشرين بطرين.
والصّواب من القراءة عندي في ذلك، القراءة الّتي عليها قرّاء الأمصار، وهي {فاكهين} بالألف بمعنى ناعمين.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين} ناعمين قال: إي واللّه، أخرجه اللّه من جنّاته وعيونه وزروعه حتّى ورّطه في البحر). [جامع البيان: 21/39-40]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ومقام كريم} قال: مقام حسن {ونعمة كانوا فيها فاكهين} قال: ناعمين أخرجه الله من جناته وعيونه وزروعه حتى أورطه في البحر كذلك {وأورثناها قوما آخرين} يعني بني إسرائيل والله أعلم). [الدر المنثور: 13/271] (م)

تفسير قوله تعالى: (كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {كذلك وأورثناها قومًا آخرين} يقول تعالى ذكره: هكذا كما وصفت لكم أيّها النّاس فعلنا بهؤلاء الّذي ذكرت لكم أمرهم، الّذين كذّبوا رسولنا موسى صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {وأورثناها قومًا آخرين} يقول تعالى ذكره وأورثنا جنّاتهم وعيونهم وزروعهم ومقاماتهم وما كانوا فيه من النّعمة عنهم قومًا آخرين بعد مهلكهم، وقيل: عنى بالقوم الآخرين بنو إسرائيل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {كذلك وأورثناها قومًا آخرين} يعني بني إسرائيل). [جامع البيان: 21/40]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ) : (أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيّوب، ثنا أبو حاتمٍ محمّد بن إدريس، ثنا محمّد بن يزيد بن سنانٍ الرّهاويّ، حدّثني جدّي سنان بن يزيد قال: خرجنا مع عليٍّ حين توجّه إلى معاوية وجرير بن سهمٍ التّيميّ أمامه يقول:
[البحر الرجز]
يا فرسي سيري، وأمّي الشّاما... واقطعي الأحقاف والأعلاما
وقاتلي من خالف الإماما... لأنّي لأرجو إن لقينا العاما
جمع بني أميّة الطّغاما... أن نقتل القاضي والهماما
وأن نزيل من رجالٍ هاما
قال: فلمّا وصلنا إلى المدائن قال جريرٌ:
[البحر الكامل]
عفت الرّياح على رسوم ديارهم... فكأنّهم كانوا على ميعاد
قال: فقال لي عليٌّ: كيف قلت يا أخا بني تميمٍ؟ قال: فردّ عليه البيت فقال عليٌّ ألا قلت: {كم تركوا من جنّاتٍ وعيونٍ (25) وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ (26) ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين (27) كذلك وأورثناها قومًا آخرين} [الدخان: 26] ، ثمّ قال: أي أخي، هؤلاء كانوا وارثين فأصبحوا موروثين إنّ هؤلاء كفروا النّعم فحلّت بهم النّقم. ثمّ قال: «إيّاكم وكفر النّعم فتحلّ بكم النّقم» قال أبو حاتمٍ: قلت لمحمّد بن يزيد بن سنانٍ: جدّك سنانٌ كان كبير السّنّ أدرك عليًّا؟ قال: «نعم، شهد معه المشاهد» هذا حديثٌ صحيح الإسناد"). [المستدرك: 2/488]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ومقام كريم} قال: مقام حسن {ونعمة كانوا فيها فاكهين} قال: ناعمين أخرجه الله من جناته وعيونه وزروعه حتى أورطه في البحر كذلك {وأورثناها قوما آخرين} يعني بني إسرائيل والله أعلم). [الدر المنثور: 13/271] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا شريك، عن عاصم، عن المسيب بن رافع، عن علي بن أبي طالب، قال: إذا مات العبد الصالح بكى عليه مصلاه من الأرض، ومصعد عمله من السماء، ثم قرأ: {فما بكت عليهم السماء والأرض} [سورة الدخان:29] ). [الزهد لابن المبارك: 2/152]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا داود بن قيس، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي، يقول: إن الأرض لتبكي من رجل، وتبكي على رجل، تبكي على من كان يعمل على ظهرها بطاعة الله، وتبكي من كان يعمل بمعصية الله قد أثقلها، قال الله عز وجل: {فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين} [سورة الدخان: 29] ). [الزهد لابن المبارك: 2/290]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله فما بكت عليهم السماء والأرض قال هي بقاع المؤمن التي كان يصلي فيها من الأرض تبكي عليه إذا مات وبقاعه من السماء التي يرفع فيها عمله). [تفسير عبد الرزاق: 2/208]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا الحسين بن حريثٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن موسى بن عبيدة، عن يزيد بن أبان، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: ما من مؤمنٍ إلاّ وله بابان، بابٌ يصعد منه عمله، وبابٌ ينزل منه رزقه، فإذا مات بكيا عليه، فذلك قوله عزّ وجلّ {فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين}.
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نعرفه مرفوعًا إلاّ من هذا الوجه، وموسى بن عبيدة، ويزيد بن أبان الرّقاشيّ يضعّفان في الحديث). [سنن الترمذي: 5/233]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين (29) ولقد نجّينا بني إسرائيل من العذاب المهين (30) من فرعون إنّه كان عاليًا من المسرفين} يقول تعالى ذكره: فما بكت على هؤلاء الّذين غرّقهم اللّه في البحر، وهم فرعون وقومه، السّماء والأرض، وقيل: إنّ بكاء السّماء حمرة أطرافها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، عن الحكم بن ظهيرٍ، عن السّدّيّ قال: لمّا قتل الحسين بن عليٍّ رضوان اللّه عليهما بكت السّماء عليه، وبكاؤها حمرتها.
- حدّثني عليّ بن سهلٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، في قوله: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} قال: بكاؤها حمرة أطرافها.
وقيل: إنّما قيل: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} لأنّ المؤمن إذا مات بكت عليه السّماء والأرض أربعين صباحًا، ولم تبكيا على فرعون وقومه، لأنّه لم يكن لهم عملٌ يصعد إلى اللّه صالحٌ، فتبكي عليهم السّماء، ولا مسجدٌ في الأرض، فتبكي عليهم الأرض.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا طلق بن غنّامٍ، عن زائدة، عن منصورٍ، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ قال: أتى ابن عبّاسٍ رجلٌ، فقال: يا أبا عبّاسٍ أرأيت قول اللّه تبارك وتعالى {فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين} فهل تبكي السّماء والأرض على أحدٍ؟ قال: نعم إنّه ليس أحدٌ من الخلائق إلاّ له بابٌ في السّماء منه ينزل رزقه، وفيه يصعد عمله، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السّماء الّذي كان يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه، بكى عليه؛ وإذا فقده مصلاّه من الأرض الّتي كان يصلّي فيها، ويذكر اللّه فيها بكت عليه، وإنّ قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض آثارٌ صالحةٌ، ولم يكن يصعد إلى السّماء منهم خيرٌ قال: فلم تبك عليهم السّماء والأرض.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن، ويحيى قالا: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ قال: كان يقال: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحًا.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن أبي يحيى القتّات، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، بمثله.
- حدّثني يحيى بن طلحة قال: حدّثنا فضيل بن عياضٍ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ قال: حدّثت أنّ المؤمن إذا مات بكت عليه الأرض أربعين صباحًا.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا يعقوب بن إسحاق الحضرميّ قال: حدّثنا بكير بن أبي السّميط قال: حدّثنا قتادة، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه كان يقول: إنّ بقاع الأرض الّتي كان يصعد عمله منها إلى السّماء تبكي عليه بعد موته، يعني المؤمن.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن منصورٍ، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} قال: إنّه ليس أحدٌ إلاّ له بابٌ في السّماء ينزل فيه رزقه ويصعد فيه عمله، فإذا فقد بكت عليه مواضعه الّتي كان يسجد عليها، وإنّ قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض عملٌ صالحٌ يقبل منهم، فيصعد إلى اللّه عزّ وجلّ فقال مجاهدٌ: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهد قال: كان يقال: إنّ المؤمن إذا مات بكت عليه الأرض أربعين صباحًا.
- حدّثنا يحيى بن طلحة قال: حدّثنا عيسى بن يونس، عن صفوان بن عمرٍو، عن شريح بن عبيدٍ الحضرميّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا، ألا لا غربة على المؤمن، ما مات مؤمنٌ في غربةٍ غابت عنه فيها بواكيه إلاّ بكت عليه السّماء والأرض، ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {فما بكت عليهم السّماء والأرض}، ثمّ قال: إنّهما لا يبكيان على الكافر.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} الآية قال: ذلك أنّه ليس على الأرض مؤمنٌ يموت إلاّ بكى عليه ما كان يصلّي فيه من المساجد حين يفقده، وإلاّ بكى عليه من السّماء الموضع الّذي كان يرفع منه كلامه، فذلك قوله لأهل معصيته: {فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين} لأنّهما يبكيان على أولياء اللّه.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فما بكت عليهم السّماء والأرض}.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} يقول: لا تبكي السّماء والأرض على الكافر، وتبكي على المؤمن الصّالح معالمه من الأرض ومقرّ عمله من السّماء.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} قال: بقاع المؤمن الّتي كان يصلّي عليها من الأرض تبكي عليه إذا مات، وبقاعه من السّماء الّتي كان يرفع فيها عمله.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ قال: سئل ابن عبّاسٍ: هل تبكي السّماء والأرض على أحدٍ؟ فقال: نعم إنّه ليس أحدٌ، من الخلق إلاّ له بابٌ في السّماء يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه، فإذا مات بكى عليه مكانه من الأرض الّذي كان يذكر اللّه فيه ويصلّي فيه، وبكى عليه بابه الّذي كان يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه وأمّا قومٌ فرعون، فلم يكن لهم آثارٌ صالحةٌ، ولم يصعد إلى السّماء منهم خيرٌ، فلم تبك عليهم السّماء والأرض.
وقوله: {وما كانوا منظرين} يقول: وما كانوا مؤخّرين بالعقوبة الّتي حلّت بهم، ولكنّهم عوجلوا بها إذ أسخطوا ربّهم عزّ وجلّ عليهم). [جامع البيان: 21/40-45]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ) : (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} [الدخان: 29] قال: «بفقد المؤمن أربعين صباحًا» صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/487]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مؤمنٍ إلا وله بابان: بابٌ يصعد منه عمله، وبابٌ ينزل منه رزقه. فإذا مات بكيا عليه، فذلك قوله: {فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين} ».
أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه). [جامع الأصول: 2/351-352]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} [الدخان: 29].
- عن أنس بن مالكٍ عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - أنّه قال: " «ما من عبدٍ إلّا وله في السّماء بابان، بابٌ يدخل عمله وبابٌ يخرج فيه عمله وكلامه، فإذا مات فقداه وبكيا عليه "، وتلا هذه الآية (فما بكت عليهم السّماء والأرض)، فذكر أنّهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملًا صالحًا يبكي عليهم، ولم يصعد لهم إلى السّماء من كلامهم ولا عملهم كلامٌ طيّبٌ ولا عملٌ صالحٌ فيفقدهم فيبكي عليهم». قلت: روى التّرمذيّ بعضه.
رواه أبو يعلى، وفيه موسى بن عبيدة الرّبذيّ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/105]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو يعلى الموصليّ: ثنا أحمد بن إسحاق البصري، ثنا مكّيّ بن إبراهيم، ثنا موسى بن عبيدة الربذي، أخبرني يزيد الرقاشي، أخبرني أنس بن مالكٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما من عبد إلا وله في السماء بابان: باب يدخل عمله، وباب يخرج فيه عمله وكلامه" فإذا مات فقد وبكيا عليه. وتلا هذه الآية: (فما بكت عليهم السماء والأرض) فذكر أنهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملاً صالحاً تبكي عليهم، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فيفقدهم فيبكي عليهم".
هذا إسناد ضعيف، لضعف يزيد الرقاشي وموسى بن عبيدة الربذي، روى التّرمذيّ في الجامع بعضه من طريق الحسين بن حريث، عن وكيع به). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/268-269]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو يعلى: حدثنا أحمد بن إسحاق البصريّ، ثنا مكّيّ بن إبراهيم، ثنا موسى بن عبيدة أخبرني يزيد الرّقاشيّ، أخبرني أنس بن مالكٍ رضي الله عنه. عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " ما من عبدٍ إلّا وله في السّماء بابان، بابٌ يدخل عمله منه، وبابٌ يخرج منه عمله وكلامه. فإذا مات فقداه، وبكيا عليه، وتلا هذه الآية: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} فذكر أنّهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملاً صالحاً تبكي عليهم. ولم يصعد لهم إلى السّماء من كلامهم ولا عملهم كلامٌ طيّبٌ، ولا عملٌ صالحٌ فتفقدهم فتبكي عليهم.
هذا إسنادٌ ضعيفٌ.
وقد أخرج البخاري والترمذي بعضه من وجهٍ آخر). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 29 - 31
أخرج الترمذي، وابن أبي الدنيا في ذكر الموت وأبو يعلى، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والخطيب عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد إلا وله في السماء بابان باب يصعد منه عمله وباب ينزل عليه منه رزقه فإذا مات فقداه وبكيا عليه وتلا هذه الآية {فما بكت عليهم السماء والأرض} وذكر أنهم لم يكونوا يعملون على وجه الأرض عملا صالحا يبكي عليهم ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم). [الدر المنثور: 13/271-272]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله: {فما بكت عليهم السماء والأرض} هل تبكي السماء والأرض على أحد قال: نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينزل رزقه وفيه يصعد عمله فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء فقده فبكى عليه وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله فيها بكت عليه وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض آثار صالحة ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير فلم تبك عليهم السماء والأرض). [الدر المنثور: 13/272]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {فما بكت عليهم السماء والأرض} قال: هم كانوا أهون على الله من ذلك، قال: وكنا نحدث أن المؤمن تبكي عليه بقاعه التي كان يصلي فيها من الأرض ومصعد عمله من السماء). [الدر المنثور: 13/272-273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه {فما بكت عليهم السماء والأرض} قال: ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض صياحا، قال: فقيل له تبكي ما تعجب وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتسبيحه وتكبيره دوي كدوي النحل). [الدر المنثور: 13/273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال: إن العالم إذا مات بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا). [الدر المنثور: 13/273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة رضي الله عنه قال: إن البقعة التي يصلي عليها المؤمن تبكي عليه إذا مات وبحذائها من السماء ثم قرأ {فما بكت عليهم السماء والأرض} ). [الدر المنثور: 13/273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن وهب رضي الله عنه قال: إن الأرض لتحزن على العبد الصالح أربعين صباحا). [الدر المنثور: 13/273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {فما بكت عليهم السماء والأرض} قال: لم تبك عليهم السماء لأنهم لم يكونوا يرفع لهم فيها عمل صالح ولم تبك عليهم الأرض لأنهم لم يكونوا يعملون فيها بعمل صالح). [الدر المنثور: 13/274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه قال: كان يقال: الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحا). [الدر المنثور: 13/274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يقال الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحا). [الدر المنثور: 13/274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك وأبو الشيخ عن ثور بن يزيد عن مولى لهذيل قال: ما من عبد يضع جبهته في بقعة من الأرض ساجدا لله عز وجل إلا شهدت له بها يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت). [الدر المنثور: 13/274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن جرير عن شريح بن عبيد الحضرمي مرسلا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا ألا لا غربة على مؤمن ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {فما بكت عليهم السماء والأرض} ثم قال: إنهما لا يبكيان على كافر). [الدر المنثور: 13/274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله رضي الله عنه قال: سأل رجل عليا هل تبكي السماء والأرض على أحد فقال: إنه ليس من عبد إلا له مصلى في الأرض ومصعد عمله في السماء وإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض ولا مصعد في السماء). [الدر المنثور: 13/275]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وابن المنذر من طريق المسيب بن رافع عن علي رضي الله عنه قال: إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء ثم تلا {فما بكت عليهم السماء والأرض} ). [الدر المنثور: 13/275]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه قال: ما من ميت يموت إلا تبكي عليه الأرض أربعين صباحا). [الدر المنثور: 13/275]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إن الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحا، ثم قرأ {فما بكت عليهم السماء والأرض} ). [الدر المنثور: 13/275]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك، وابن أبي الدنيا عن عطاء الخراساني - رضي الله عنه - قال: ما من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت). [الدر المنثور: 13/275-276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد المكتب عن إبراهيم - رضي الله عنه - قال: ما بكت السماء منذ كانت الدنيا إلا على اثنين، قيل لعبيد: أليس السماء والأرض تبكي على المؤمن قال: ذاك مقامه وحيث يصعد عمله، قال: وتدري ما بكاء السماء قال: لا، قال: تحمر وتصير وردة كالدهان إن يحيى بن ذكريا لما قتل احمرت السماء وقطرت دما، وإن حسين بن علي يوم قتل احمرت السماء). [الدر المنثور: 13/276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن زياد - رضي الله عنه - قال: لما قتل الحسين احمرت آفاق السماء أربعة أشهر). [الدر المنثور: 13/276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن عطاء - رضي الله عنه - قال: بكاء السماء حمرة أطرافها). [الدر المنثور: 13/276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن - رضي الله عنه - قال: بكاء السماء حمرتها). [الدر المنثور: 13/276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان الثوري - رضي الله عنه - قال: كان يقال: هذه الحمرة التي تكون في السماء بكاء السماء على المؤمن). [الدر المنثور: 13/276]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 02:39 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {رسولٌ كريمٌ...}.
أي على ربه كريم، ويكون كريم من قومه؛ لأنه قال: ما بعث نبي إلا وهو في شرف قومه). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم}
روى سعيد , عن قتادة قال: ابتليناهم
قال { وجاءهم رسول كريم }: يعني : موسى). [معاني القرآن: 6/401]

تفسير قوله تعالى: {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أن أدّوا إليّ عباد اللّه...}.
يقول: ادفعوهم إليّ، أرسلوهم معي، وهو قوله: {أرسل معي بني إسرائيل}.
ويقال: { أن أدّوا إليّ يا عباد الله}, والمسألة الأولى نصب فيها العباد بأدوا). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ : {ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم * أن أدّوا إليّ عباد اللّه إنّي لكم رسول أمين}
{أن أدّوا إليّ عباد اللّه} أن أسلموا إليّ عباد اللّه، يعني بني إسرائيل , كما قال: {فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذّبهم} أي أطلقهم من عذابك.
وجائز أن يكون {عباد اللّه} منصوبا على النداء، فيكون المعنى أن أدّوا إليّ ما أمركم اللّه به , يا عباد اللّه). [معاني القرآن: 4/425]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم}
روى سعيد , عن قتادة قال : {ابتليناهم}
قال: {وجاءهم رسول كريم}: يعني: موسى , قال: {وأن لا تعلوا علي}: أن لا تعتوا
قال : وقوله: {إني آتيكم بسلطان مبين}: أي: بعذر مبين.). [معاني القرآن: 6/401] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {وأن لا تعلوا على اللّه إنّي آتيكم بسلطان مبين (19)}: أي , بحجة واضحة بيّنة تدل على أني نبيّ). [معاني القرآن: 4/425]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم}
روى سعيد عن قتادة قال: ابتليناهم.
قال: { وجاءهم رسول كريم} : يعني موسى , قال : {وأن لا تعلوا علي}: أن لا تعتوا
قال وقوله: {إني آتيكم بسلطان مبين} :أي: بعذر مبين). [معاني القرآن: 6/401] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم}
روى سعيد , عن قتادة قال: {ابتليناهم}
قال: {وجاءهم رسول كريم} , يعني موسى , قال {وأن لا تعلوا علي} : أن لا تعتوا .
قال , وقوله: {إني آتيكم بسلطان مبين} : أي: بعذر مبين). [معاني القرآن: 6/401] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أن ترجمون...}: الرجم ههنا: القتل). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({عذت بربّي وربّكم أن ترجمون}: أي : تقتلون). [تفسير غريب القرآن: 402]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الرجم: أصله الرّمي، كقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}أي مرامي.
ثم يستعار فيوضع موضع القتل، لأنهم كانوا يقتلون بالرّجم.
وروي أنّ ابن آدم قتل أخاه رجما بالحجارة، وقتل رجما بالحجارة، فلما كان أول القتل كذلك، سمّي رجما وإن لم يكن بالحجارة، ومنه قوله تعالى: {لَنَرْجُمَنَّكُمْ} [يس: 18]، أي لنقتلنكم.
وقال: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ} [الدخان: 20]، أي تقتلون. وقال: {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [هود: 91] أي قتلناك). [تأويل مشكل القرآن: 508] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وإنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون} : أي: أن تقتلون). [معاني القرآن: 4/425]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون}
قال قتادة : بالحجارة
قال الفراء: الرجم ههنا : القتل
وروى إسماعيل بن أبي خالد , عن أبي صالح في :{ وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} , قال : أن يقولوا ساحر , أو كاهن, أو شاعر.). [معاني القرآن: 6/401-402]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَن تَرْجُمُونِ}: أي تقتلوني). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 225]


تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن لّم تؤمنوا لي فاعتزلون...}.
يقول: فاتركون لا عليّ، ولا لي). [معاني القرآن: 3/ 401-402]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} :أي: دعوني كفافا لا عليّ ولا لي). [تفسير غريب القرآن: 402]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون (21)}
أي : إن لم تؤمنوا لي فلا تكونوا عليّ ولا معي). [معاني القرآن: 4/426]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون}
أي دعوني كفافا لا لي ولا علي). [معاني القرآن: 6/402]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فاعْتَزِلُونِ}: أي دعوني كفافاً لا علي ولا لي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 226]

تفسير قوله تعالى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فدعا ربّه أنّ هؤلاء قومٌ...}.
تفتح {أن}، ولو أضمرت القول فكسرتها لكان صوابا). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فدعا ربّه أنّ هؤلاء قوم مجرمون (22)}
من كسر {إنّ} , فالمعنى قال: إن هؤلاء، و{إنّ} بعد القول مكسورة.
ويجوز الفتح على معنى : فدعا ربّه بأنّ هؤلاء). [معاني القرآن: 4/426]

تفسير قوله تعالى: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واترك البحر رهواً...}.
يقول: ساكنا، قال: وأنشدني أبو ثروان:


كأنمـا أهـل حجـر ينـظـرون مـتـىيـرونــنــي خــارجـــاً طــيـــر تــنــاديــد
طيـرٌ رأت بازيـاً نضـخ الدمـاء بــه أو أمةٌ خرجت رهواً إلى عيد ).

[معاني القرآن: 3/41]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( { واترك البحر رهواً } , ساكناً: يقال: أره على نفسك : أي: ارفق بها ولا تخرق.
يقال: عيشٌ راه، قال بشر بن أبي خازم:


فإن أهلك عمير فربّ زحفٍ يـشـبّـه نـقـعـه رهـــواً ضـبـابــا ).

[مجاز القرآن: 2/208]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {رهوا}: أي ساكنا وجاءت الخيل رهوا ويقال اره على نفسك أي ارفق بها). [غريب القرآن وتفسيره: 336]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({واترك البحر رهواً} : أي : ساكنا). [تفسير غريب القرآن: 402]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واترك البحر رهوا إنّهم جند مغرقون (24)}
جاء في التفسير { يبسا } كما قال: { فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا}
وقال أهل اللغة: رهوا ساكنا). [معاني القرآن: 4/426]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون}
روى عكرمة , عن ابن عباس قال: رهوا : طريقا
وروى علي بن الحكم , عن الضحاك قال: سهلا .
وروى ابن أبي نجيح, عن مجاهد : {واترك البحر رهوا}: أي ساكنا , لا تأمره أن يرجع إلى ما كان عليه حتى يحصل فيه آخرهم
وروي عن مجاهد أنه قال: رهوا , أي: يابسا
قال أبو جعفر هذه الأقوال متقاربة , ويقال للساكن رهو , كما قال الشاعر:


والـخـيــل تــمـــرغ رهـــــوا فـــــي أعـنـتـهــا كالطير ينجو من الشؤبوب ذي البرد

ويقال : جاء القوم رهوا على نطم واحد). [معاني القرآن: 6/402-404]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ({رهوا}: أي: ساكنا). [ياقوتة الصراط: 463]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَهْوًا}: أي ساكناً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 226]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رَهْوًا}: ساكناً). [العمدة في غريب القرآن: 270]

تفسير قوله تعالى:{ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {كم تركوا من جنات وعيون (25) وزروع ومقام كريم}
قال الفراء يقال: المنازل الحسنة , ويقال: المنابر). [معاني القرآن: 6/404]

تفسير قوله تعالى: {وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومقامٍ كريمٍ...}.
يقال: منازل حسنة، ويقال: المنابر...
- حدثني أبو شعيب , عن منصور ابن المعتمر , عن المنهال بن عمرو, عن سعيد بن جبير في قوله: {فما بكت عليهم السّماء والأرض...}, قال: يبكي على المؤمن من الأرض مصلاّه، ويبكي عليه من السماء مصعد عمله.
قال الفراء: وكذلك ذكره حبان , عن الكلبي , عن أبي صالح , عن ابن عباس). [معاني القرآن: 3/41]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كم تركوا من جنّات وعيون * وزروع ومقام كريم}
جاء في التفسير : أن المقام الكريم يعنى به : المنابر ههنا، وجاء في مقام كريم: أي : في منازل حسنة). [معاني القرآن: 4/426]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم}
قال الفراء يقال : المنازل الحسنة , ويقال: المنابر). [معاني القرآن: 6/404](م)

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله:{كذلك وأورثناها قوما آخرين}
المعنى الأمر كذلك, موضع كذلك رفع على خبر الابتداء المضمر). [معاني القرآن: 4/426]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين}, مبين في كتاب «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 403]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان: 29] تقول العرب إذا أرادت تعظيم مهلك رجل عظيم الشأن، رفيع المكان، عامّ النفع، كثير الصنائع: أظلمت الشمس له، وكسف القمر لفقده، وبكته الرّيح والبرق والسماء والأرض.
يريدون المبالغة في وصف المصيبة به، وأنها قد شملت وعمّت. وليس ذلك بكذب، لأنّهم جميعا متواطئون عليه، والسّامع له يعرف مذهب القائل فيه.
وهكذا يفعلون في كل ما أرادوا أن يعظّموه ويستقصوا صفته. ونيّتهم في قولهم: أظلمت الشمس، أي كادت تظلم، وكسف القمر، أي كاد يكسف.
ومعنى كاد: همّ أن يفعل ولم يفعل. وربما أظهروا كاد، قال ابن مفرّغ الحميريّ يرثي رجلا:


الــرِّيــحُ تـبــكِــي شَــجْـــوَهُ والبرق يَلْمَعُ في غَمَامَه

وقال آخر:


الشَّمـسُ طالعـةٌ ليسـت بكاسـفـةٍ تبَكي عليكَ نُجومَ اللَّيلِ والقَمَرا

أراد: الشمس طالعة تبكي عليك، وليست مع طلوعها كاسفة النجوم والقمر، لأنّها مظلمة، وإنما تكسف بضوئها، فنجوم الليل بادية بالنهار.
وهذا كقوله النابغة وذكر يوم حرب:


تبـدوا كواكبـه والشمـس طالـعـة لا النّور نورٌ ولا الإظلامُ إظلام

ونحوه قول طرفة في وصف امرأة:


إِنْ تُـنَــوِّلْــهُ فَـــقَـــد تَـمْـنَــعُــهُ وُتِرِيهِ النَّجْمَ يَجري بالظُّهُر

يقول: تشقّ عليه حتى يظلم نهاره فيرى الكواكب ظهرا.
والعامة تقول: أراني فلانّ الكواكب بالنّهار، إذا برَّح به.
وقال الأعشى:


رجعت لما رمت مستحسرا ترى للكواكب ظُهْرًا وَبِيصَـا

أي: رجعت كئيبا حسيرا، قد أظلم عليك نهارك، فأنت ترى الكواكب تعالي النّهار بريقا.
وقد اختلف الناس في قول الله عز وجل: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 29].
فذهب به قوم مذاهب العرب في قولهم: بكته الريح والبرق. كأنه يريد أنّ الله عز وجل حين أهلك فرعون وقومه وغرّقهم وأورث منازلهم
وجنّاتهم غيرهم- لم يبك عليهم باك، ولم يجزع جازع، ولم يوجد لهم فقد.
وقال آخرون: أراد: فما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض. فأقام السماء والأرض مقام أهلهما، كما قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82]، أراد أهل القرية.
وقال: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4]، أي يضع أهل الحرب السّلاح.
وقال ابن عباس: لكل مؤمن باب في السماء يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه، فإذا مات بكى عليه الباب، وبكت عليه آثاره في الأرض ومصلّاه. والكافر لا يصعد له عمل، ولا يبكي له باب في السماء ولا أثره في الأرض). [تأويل مشكل القرآن: 167-170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين (29)}
لأنهم ماتوا كفارا، والمؤمنون إذا ماتوا تبكي عليهم السماء والأرض.
فيبكي على المؤمن من الأرض مصلّاه , أي: مكان مصلاه , ومن السماء مكان مصعد عمله , ومنزل رزقه.
وجاء في التفسير :أن الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحا.
وقوله:{وما كانوا منظرين} :أي : ما كانوا مؤخرين بالعذاب). [معاني القرآن: 4/426-427]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين}
روى المسيب بن رافع , عن علي عليه السلام أنه قال : يبكي على المؤمن الباب الذي يصعد منه عمله , ومصلاه من الأرض.
وروى سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال: للمؤمن باب يصعد منه عمله, وينزل منه رزقه , فإذا مات بكى عليه , وبكى عليه .
الموضع الذي كان يصلي عليه ولم يكن في آل فرعون خير ولا كان لهم عمل صالح يصعد قال الله تعالى: {فما بكت عليهم السماء والأرض}
و قيل المعنى : فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض, كما قال تعالى: {واسأل القرية}
قال أبو جعفر : العرب إذا عظمت هلاك الإنسان قالت: بكت عليه السماء , وأظلمت له الشمس على التمثيل كما قال:


والشمس طالعة ليسـت بكاسفـة تبكي عليك نجوم الليل والقمرا

ثم قال تعالى: {وما كانوا منظرين أي مؤخرين} ). [معاني القرآن: 6/404-406 ]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 11:26 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]




تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17)}

تفسير قوله تعالى: {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18)}
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ({أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ}، أي أسلموهم إلى؛ وهو من قول موسى). [مجالس ثعلب: 551]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)}

تفسير قوله تعالى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)}

تفسير قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23)}

تفسير قوله تعالى: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24)}
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وقالوا: الرهوة من الأرض: الارتفاع منها. والرهوة: الانخفاض. قال النميري: إذا هبطن رهوة أو غائطا
فقوله هبطن يدل على الانخفاض، وقال رؤبة:إذا علونا رهوة أو خفضا
أراد بالرهوة الارتفاع). [الأضداد: 112-113]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ): ( *رها* قال والرهو الارتفاع والرهو الانحدار، قال أبو العباس النميري (المتقارب):

دليت رجلي في رهوة = فما نالتا عند ذاك القرارا
أي في انحدار، وقال عمرو بن كلثوم في معنى الارتفاع (الوافر):


نصبنا مثل رهوة ذات حد محافظة وكنا السابقيـن).

[كتاب الأضداد: 11]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (والرهو المتتابعة، والرهو أيضًا الساكنة
والرهو الطائر). [الغريب المصنف: 1/286-287]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى أن لا شفعة في فناء ولا طريق ولا منقبة ولا ركح ولا رهو.
...
والرهو: الجوبة تكون في محلة القوم يسيل فيها ماء المطر أو غيره). [غريب الحديث: 2/540]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (في حديث رافع بن خديج: أنه اشترى من رجل بعيرا ببعيرين فأعطاه أحدهما وقال: آتيك بالآخر غدا رهوا.
الرهو في مواضع، فأحدها: السير السهل المستقيم، وهذا موضعه يقول: آتيك به عفوا لا احتباس فيه، يقال: أعطيته المال سهوا رهوا، ومن السير قول القطامي في نعت الركاب:


يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة ولا الصدور على الأعجاز تتكل

والرهو: الحفير يجتمع فيه الماء، وقد ذكرناه في حديث قبل هذا.
والرهو: اسم طائر، يقال له: الرهو.
والرهو أيضا: الشيء المتفرق، ويفسر قول الله تبارك وتعالى: {واترك البحر رهوا} أنه تفرق الماء عنه). [غريب الحديث: 5/167]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: فأرسلها رهوًا، يقول: ساكنة، قال الله جل وعزَّ: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا}؛ ويقال: عيش راهٍ يا فتى، أي ساكن). [الكامل: 2/737]

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): ( والرهو حرف من الأضداد؛ يقال: رهو ورهوة، للمنخفض، ورهو ورهوة للمرتفع.
وقال ابن السكيت وغيره: نظر أعرابي إلى فالج من الإبل فقال: سبحان الله! رهو بين سنامين، أراد بالرهو الانخفاض.
وقال أبو العباس النميري: دليت رجلي في رهوة، يريد: في انخفاض. وقال بشر بن أبي خازم:


تبيت النساء المرضعات برهوة تفزع من هول الجنان قلوبها

أراد بالرهوة الانخفاض. وقال الآخر:
إذا هبطن رهوة أو غائطا
أراد بالرهوة الانخفاض؛ لأن الهبوط يدل على ذلك، والغائط: المطمئن من الأرض؛ وإنما سمي الحدث غائطا باسم الموضع. وقال عمرو بن معدي كرب:


وكم من غائط من دون سلمى قليل الأنس ليس بـه كتيـع

وقال رؤبة:
إذا علونا رهوة أو خفضا
أراد بالرهوة الارتفاع.
وقال ابن السكيت في قول عمرو بن كلثوم:


نصبنا مثل رهوة ذات حد محافظة وكنـا السابقينـا

أراد بالرهوة ما ارتفع وعلا. والرهوة في غير هذا موضع الماء الذي يجتمع إلى جوبة تكون في محلة القوم تسيل إليها مياههم؛ قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن لا شفعة في فناء ولا طريق، ولا منقبة ولا ركح ولا رهو. فالمنقبة الطريق الضيق يكون بين الدارين، لا يمكن أحدا أن يسلكه. والركح: البيت وناحيته من ورائه، وربما كان فضاء لا بناء فيه. والرهو: الجوبة التي تجتمع إليها مياه الناحية، فأراد عليه السلام أن من كان شريكا في هذه المواضع الخمسة لم توجب له شفعة؛ حتى يكون شريكا في نفس الدار والحانوت. وهذا مذهب أهل المدينة؛ لأنهم لا يوجبون الشفعة إلا للشريك المخالط، وأما أهل العراق فإنهم يوجبون الشفعة لكل جار ملاصق؛ وإن لم يكن شريكا، فكأن الجوبة سميت رهوا لانخفاضها.
وجاء في الحديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يمنع رهو الماء ونقع البئر، وهو أصل الماء من الموضع الذي يخرج من العين وغيرها، من قبل أن يصير في وعاء لأحد أو إناء؛ فإذا صار في وعاء لرجل فهو أملك به، لأنه مال من ماله. والرهو في هذا الحديث أيضا معناه الانخفاض.
وسمعت أبا العباس يقول: يقال للساكن: رهو، وللواسع: رهو، وللطائر الذي يقال له الكركي: رهو؛ قال الله جل وعز: {واترك البحر رهوا}، فمعناه ساكنا، وقال القطامي:


يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة ولا الصدور على الأعجاز تتكل

معناه يمشين مشيا ساكنا. وقال الآخر:


أنت كالشمس رفعة سدت رهوا وبنـى المجـد يافعـا والداكـا

وقال الآخر:


غداة أتاهم في الزحف رهوا رسول الله وهو بهم بصيـر

وأنشد الفراء:


كأنما أهل حجر ينظرون متـى يرونني خارجا طيـر يناديـد
طير رأت بازيا نضح الدماء به أو أمة خرجت رهوا إلى عيد

أراد بالرهو السكون.
وأخبرنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن إسماعيل، عن قتادة، في قوله عز وجل: {واترك البحر رهوا}، قال: ساكنا.
وأخبرنا عبد الله، قال: حدثنا يوسف، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا إسماعيل بن مسلم: عن الحسن في قوله: {واترك البحر رهوا}، قال: طريقا يبسا). [كتاب الأضداد: 148-151]

تفسير قوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)}

تفسير قوله تعالى: {وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (المنابر
قال بعض المفسرين في قول اللّه جل وعزّ: {ومَقَامٍ كَرِيم}؛ إنه المنبر. وقال: الشاعر:


لنا المساجدُ نَبْنِيها ونَعْمُرُها وفي المنابر قَعْداتٌ لنا ذُلُلُ
فلا نَقِيلُ عليها حين نركَبُها ولا لهنّ لنا من مَعْشرٍ بَدَلُ

وقال الكُمَيْت يذكر بني أمية:


مُصيبٌ على الأعوادِ يومَ ركُوبِهِ لِمَا قال فيها مخطئ حين ينـزِلُ
يُشَبِّهها الأشباهَ وهـي نَصِيبُـه له مَشْرَب منها حرامٌ ومأكَـلُ

وقال بعض المُحْدَثين:


فما مِنبرٌ دنسته باستِ لا أفكل بِزَاكٍ ولو طهّرتَه بابن طاهـر

للأقيشر ومرّ الأقَيْشِر بمَطَر بن نَاجِية اليربوعي حين غَلَبَ على الكُوفة في أيام الضًحاك بن قيس الشّارِي ومَطَرٌ يخطُبُ، فقال:


أبني تَميم ما لمنبـر ِمُلْككـم لا يستمِرّ قعـوده يتَمرْمَـرُ
إنّ المنابرَ أنكرتْ أشباهَكـم فادعُوا خُزَيْمةَ يستقِرّ المنبـرُ
خلعُوا أمِيرَ المؤمنين وبايَعُـوا مَطَرًا لعمرُك بَيْعةً لا تظهـرُ
واستخلفوا مطرًا فكان كقائلٍ بَدَلٌ لعمرُك من أمَيّة أعـورُ

لقتيبة بن مسلم وقد سقط القضيب من يده وهو يخطب خَطَب قُتَيْبة بن مُسْلم على منبر خُرَاسان فسَقَط القضِيبُ من يده، فتفاءل له عدوّه بالشرّ واغتمّ صديقُه، فعَرَف ذلك قُتَيبة فقال: ليس الأمرُ على ما ظَنّ العدوّ وخاف الصديقُ، ولكنه كما قال الشاعر:


فألقتْ عَصَاها واستقرّ بها النَّوَى كما قَرّ عَيْنًا بالإيابِ المُسافـرُ

لواثلة بن خليفة يهجو عبد الملك بن المهلب وقال واثلةُ بن خَلِيفة السًدُوسيّ يهجو عبد الملك بن المُهَلَب:


لقد صَبَرتْ للذُّلِّ أعواد منبـرٍ تقوم عليها في يديك قضيـبُ
بكى المنبرُ الغربيُ إذ قُمْتَ فوقَه وكادت مساميرُ الحديد تنوبُ).

[عيون الأخبار: 5/258-259] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27)}

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28)}

تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)}

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 صفر 1440هـ/30-10-2018م, 09:13 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 صفر 1440هـ/30-10-2018م, 09:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 صفر 1440هـ/30-10-2018م, 09:24 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى قوم فرعون على جهة المثال لقريش، و"فتنا" معناه: امتحنا واختبرنا، و"الرسول الكريم": قال قتادة: هو موسى عليه السلام، ومعنى الآية يعطي ذلك بلا خلاف، وهنا متروك يدل عليه الظاهر، تقديره: قال لهم: أدوا، وهذا مأخوذ من الأداء، كأنه يقول: أن ادفعوا إلي وأعطوني ومكنوني، واختلف المتأولون في الشيء المؤدى في هذه الآية، ما هو؟ فقال مجاهد، وابن زيد، وقتادة: طلب منهم أن يؤدوا إليه بني إسرائيل، وإياهم أراد بقوله: {عباد الله}، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: المعنى: اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحق، فقوله: {عباد الله} منادى مضاف، والمؤدى: هي الطاعة والإيمان والأعمال.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والظاهر من شرع موسى عليه السلام أنه بعث إلى دعاء فرعون إلى الإيمان، وأن يرسل بني إسرائيل، فلما أبى أن يؤمن، ثبتت المكافحة في أن يرسل بني إسرائيل، وفي إرسالهم قوله: {أن أدوا إلي عباد الله}، أي: بني إسرائيل، ويقوي ذلك قوله بعد: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون}، وهذا قريب نص في أنه إنما يطلب بني إسرائيل فقط، ويؤيد ذلك أيضا قوله تعالى: {فأسر بعبادي}، فكنى عنهم بـ "عبادي"، فيظهر أنه إياهم أراد موسى عليه السلام بقوله: {عباد الله}، وقوله: {رسول أمين} معناه: على وحي الله تعالى أؤديه إلى عباده).[المحرر الوجيز: 7/ 573]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين * وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون * وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون * فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون * فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون * واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون * كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين}
المعنى: كانت رسالته وقوله: {أن أدوا} و{ألا تعلوا}، وعبر بالعلو عن الطغيان والعتو على الله تعالى وعلى شرعه وعلى رسوله، وقرأ الجمهور: "إني آتيكم" بكسر الألف من "إني" على الإخبار المؤكد، والسلطان: الحجة، فكأنه قال: لا تكفروا، فإن الدليل المؤدي إلى الإيمان بين. وقرأت فرقة: "أني آتيكم" بفتح الألف. و"أن" في موضع نصب، بمعنى: لا تكفروا من أجل أني آتيكم بسلطان مبين، فكأن مقصد الكلام التوبيخ، كما تقول لإنسان: لا تغضب، لأن الحق قيل لك). [المحرر الوجيز: 7/ 574]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {وإني عذت} الآية، كلام قاله موسى عليه السلام لخوف لحقه من فرعون وملئه و"عذت": معناه: استجرت وتحرمت، وأدغم الذال في التاء الأعرج، وأبو عمرو، واختلف الناس في قوله: "أن ترجمون" فقال قتادة وغيره: أراد الرجم بالحجارة المؤدي إلى القتل، وقال ابن عباس رضي الله عنهما، وأبو صالح: أراد الرجم بالقول من السباب والمخالفة ونحوه، والأول أظهر، لأنه أعيذ منه ولم يعذ من الآخر، بل قيل فيه عليه السلام وله). [المحرر الوجيز: 7/ 574]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {تؤمنوا لي} معناه: تؤمنوا بي، والمعنى: تصدقوا، وقوله: "فاعتزلون" متاركة صريحة. قال قتادة: أراد خلوا سبيلي). [المحرر الوجيز: 7/ 574]

تفسير قوله تعالى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فدعا ربه} قبله محذوف من الكلام، تقديره: فما كفوا عنه، بل تطرقوا إليه، وعتوا عليه وعلى دعوته فدعا ربه، وقرأ الحسن بن أبي الحسن، وابن أبي إسحاق، وعيسى: "إن هؤلاء" بكسر الألف من "إن"، على معنى: "قال إن"، وقرأ جمهور الناس، والحسن أيضا: "أن هؤلاء" بفتح الألف، والقراءتان حسنتان، وحكم عليهم بالإجرام المضمن للكفر حين يئس منهم، وهنا أيضا محذوف من الكلام تقديره: فقال الله تعالى له: {فأسر بعبادي}، وهذا هو الأمر الذي أنفذه الله تعالى إلى موسى عليه السلام بالخروج من ديار مصر ببني إسرائيل، وقد تقدم شرحه وقصصه في سورة الأنبياء عليهم السلام وغيرها، وقرأ جمهور الناس: "فاسر" موصولة الألف، وقرأ: "فأسر" بقطع الألف الحسن، وعيسى، ورويت عن أبي عمرو، وأعلمه تعالى بأنهم متبعون، أي: يتبعهم فرعون وجنوده). [المحرر الوجيز: 7/ 574-575]

تفسير قوله تعالى: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (واختلف المفسرون في قوله تعالى: {واترك البحر رهوا}، متى قالها سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام؟ فقالت فرقة: هو كلام متصل، إنكم متبعون واترك البحر إذا انفرق لك رهوا، وقال قتادة وغيره: خوطب عليه السلام به بعد ما جاز البحر وخشي أن يدخل فرعون وقومه وراءه، وأن يخرجوا من المسالك التي خرج منها بنو إسرائيل، فهم موسى عليه السلام بأن يضرب البحر عسى أن يلتئم ويرجع إلى حاله، فقيل له عند ذلك: واترك البحر رهوا.
واختلفت عبارة المفسرين في تفسير الرهو، فقال مجاهد، وعكرمة: معناه: يبسا، من قوله تعالى: {فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا}، وقال الضحاك بن مزاحم: معناه: دمثا لينا. وقال عكرمة أيضا: جردا. وقال ابن زيد: سهلا. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه: ساكنا، أي: كما جزته، وهذا القول الأخير هو الذي تؤيده اللغة، فإن العيش الراهي هو الذي في خفض ودعة وسكون، حكاه المبرد وغيره، والرهو في اللغة هو هذا المعنى، ومنه قول عمير بن شييم القطامي:
يمشون رهوا فلا الأعجاز خاذلة ... ولا الصدور على الأعجاز تتكل
فإنما معناه: يمشين اتئادا وسكونا وتماهلا، ومنه قول الآخر:
... ... ... ... ... أو أمة خرجت رهوا إلى عيد
أي: خرجوا في سكون وتماهل، فقيل لموسى عليه السلام: اترك البحر ساكنا على حاله من الافتراق ليقضي الله أمرا كان مفعولا، والرهو من أسماء الكركي الطائر، ولا مدخل له في تفسير هذه الآية، ويشبه عندي أن سمي رهوا لسكونه، وأنه أبدا على تماهل). [المحرر الوجيز: 7/ 575-576]

تفسير قوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كم تركوا} الآية، قبله محذوف تقديره: فغرقوا وقطع الله دابرهم، ثم أخذ الله تعالى يعجب من كثرة ما تركوا من الأمور الرفيعة العظيمة في الدنيا، و"كم" خبر للتكثير، والجنات والعيون روي أنها كانت متصلة ضفتي النيل جميعا من رشيد إلى أسوان، وأما العيون فيحتمل أنه أراد الخلجان الخارجة من النيل فشبهها بالعيون، ويحتمل أنه كانت ثم عيون ونضبت، كما يعتري في كثير من بقاع الأرض.
وقرأ قتادة، ومحمد بن السميفع اليماني، ونافع -في رواية خارجة عنه-: "ومقام" بضم الميم، أي: موضع إقامة، وكذلك قرأ اليماني في كل القرآن إلا في مريم خير مقاما، فكأن المعنى: كم تركوا من موضع حسن كريم في قدره ونفعه، وقرأ جمهور الناس، ونافع: "ومقام كريم" بفتح الميم، أي: موضع قيام، فعلى هذه القراءة قال ابن عباس، ومجاهد، وابن جبير: أراد المنابر، وعلى ضم الميم في: "مقام" قال قتادة: أراد المواضع الحسان من المساكن وغيرها، والقول بالمنابر يهي جدا.
و"النعمة" -بفتح النون-: غضارة العيش ولذاذة الحياة، و"النعمة" -بكسر النون-: أعم من هذا، لأن النعمة بالفتح هي من جملة النعم بالكسر، وقد تكون الأمراض والآلام والمصائب نعما، ولا يقال فيها نعمة بالفتح، وقرأ أبو رجاء: "ونعمة" بالنصب، وقرأ جمهور الناس: "فاكهين" بمعنى: ناعمين. والفاكه: الطيب النفس، أو يكون بمعنى: أصحاب فاكهة كلابن وتامر، وقرأ أبو رجاء، والحسن -بخلاف عنه- وابن القعقاع: "فكهين"، ومعناه قريب من الأول، لكن الفكه يستعمل كثيرا في المستخف المستهزئ، فكأنه ها هنا يقول: كانوا في هذه النعمة مستخفين بشكرها والمعرفة بحقها). [المحرر الوجيز: 7/ 576-577]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كذلك وأورثناها} معناه: الأمر كذلك، وسماه وراثة من حيث كانت أشياء أناس وصلت إلى قوم آخرين من بعد موت الأولين، وهذه حقيقة الميراث في اللغة، وربطها الشرع بالنسب وغيره من أسباب الميراث، و"الآخرون": من ملك مصر بعد القبط، وقال قتادة: القوم الآخرون هم بنو إسرائيل، وهذا ضعيف، لأنه لم يرو في التواريخ أن بني إسرائيل رجعوا إلى مصر في شيء من ذلك الزمان ولا ملكوها قط، إلا أن يريد قتادة أنهم ورثوا نوعها في بلاد الشام، وقد ذكر الثعلبي عن الحسن أن بني إسرائيل رجعوا إلى مصر بعد هلاك فرعون).[المحرر الوجيز: 7/ 577]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين * ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين * من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين * ولقد اخترناهم على علم على العالمين * وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين * إن هؤلاء ليقولون * إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين * فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين}
نفت هذه الآية أن تكون السماء والأرض بكت على قوم فرعون، فاقتضى اللفظ أن للسماء والأرض بكاء، واختلف المتأولون في معنى ذلك; فقال علي بن أبي طالب، وابن عباس، ومجاهد، وابن جبير رضي الله عنهم: إن الرجل المؤمن إذا مات بكى عليه من الأرض موضع عبادته أربعين صباحا، وبكى عليه من السماء موضع صعود عمله، قالوا: فلم يكن في قوم فرعون من هذه حاله، فهذا معنى الآية. وقال السدي وعطاء: بكاء السماء: حمرة أطرافها. وقالوا: إن السماء احمرت يوم قتل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وكان ذلك بكاء عليه، وهذا هو معنى الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والمعنى الجيد في الآية أنها استعارة باهية فصيحة تتضمن تحقير أمرهم، وأنهم لم يتغير عن هلاكهم شيء، وهذا نحو قوله تعالى: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} على قراءة من قرأ: "لتزول" بكسر اللام ونصب الفعل وجعل "إن" نافية، ومثل هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ينتطح فيها عنزان" فإنه يتضمن التحقير، لكن هذه الألفاظ هي بحسب ما قيلت فيه، وهو قتل المرأة الكافرة التي كانت تؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، وعظم قصة فرعون وقومه يجيء بحسبها جمال الوصف وبهاء العبارة في قوله تعالى: {فما بكت عليهم السماء والأرض}، ومن نحو هذا أن يعكس قول جرير:
لما أتى خبر الزبير تواضعت ... سور المدينة والجبال الخشع
فيقال في التحقير: "مات فلان فما خشعت الجبال"، ونحو هذا، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض"، ثم قرأ هذه الآية، وقال: "إنهما لا يبكيان على كافر"، ومن التفخيم ببكاء المخلوقات العظام قول يزيد بن مفرغ:
الريح تبكي شجوها ... والبرق يلمع في الغمامه
وقول الفرزدق:
فالشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
و"منظرين": معناه: مؤخرين وممهلين). [المحرر الوجيز: 7/ 577-580]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 08:42 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 08:47 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسولٌ كريمٌ (17) أن أدّوا إليّ عباد اللّه إنّي لكم رسولٌ أمينٌ (18) وأن لا تعلوا على اللّه إنّي آتيكم بسلطانٍ مبينٍ وإنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون فدعا ربّه أنّ هؤلاء قومٌ مجرمون فأسر بعبادي ليلا إنّكم متّبعون واترك البحر رهوًا إنّهم جندٌ مغرقون كم تركوا من جنّاتٍ وعيونٍ (25) وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ (26) ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين (27) كذلك وأورثناها قومًا آخرين (28) فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين (29) ولقد نجّينا بني إسرائيل من العذاب المهين (30) من فرعون إنّه كان عاليًا من المسرفين (31) ولقد اخترناهم على علمٍ على العالمين (32) وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاءٌ مبينٌ (33)}
يقول تعالى: ولقد اختبرنا قبل هؤلاء المشركين قوم فرعون، وهم قبط مصر، {وجاءهم رسولٌ كريمٌ} يعني: موسى كليمه، عليه السّلام). [تفسير ابن كثير: 7/ 251]

تفسير قوله تعالى: {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({أن أدّوا إليّ عباد اللّه}، كقوله: {فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذّبهم قد جئناك بآيةٍ من ربّك والسّلام على من اتّبع الهدى} [طه: 47].
وقوله: {إنّي لكم رسولٌ أمينٌ} أي: مأمونٌ على ما أبلّغكموه). [تفسير ابن كثير: 7/ 251]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {وأن لا تعلوا على اللّه} أي: لا تستكبروا عن اتّباع آياته، والانقياد لحججه والإيمان ببراهينه، كقوله: {إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين} [غافرٍ: 60].
{إنّي آتيكم بسلطانٍ [مبينٍ]} أي: بحجّةٍ ظاهرةٍ واضحةٍ، وهي ما أرسله اللّه به من الآيات البينات والأدلة القاطعة).[تفسير ابن كثير: 7/ 251]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({وإنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون} قال ابن عبّاسٍ، وأبو صالحٍ: هو الرّجم باللّسان وهو الشّتم.
وقال قتادة: [هو] الرّجم بالحجارة.
أي أعوذ باللّه الّذي خلقني وخلقكم [من] أن تصلوا إليّ بسوءٍ من قولٍ أو فعلٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 252]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} أي: فلا تتعرّضوا إليّ، ودعوا الأمر بيني وبينكم مسالمةً إلى أن يقضي اللّه بيننا.
فلمّا طال مقامه بين أظهرهم، وأقام حجج اللّه عليهم، كلّ ذلك وما زادهم ذلك إلّا كفرًا وعنادًا، دعا ربّه عليهم دعوةً نفذت فيهم، كما قال تعالى: {وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالا في الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما} [يونس: 88، 89]. وهكذا قال هاهنا: {فدعا ربّه أنّ هؤلاء قومٌ مجرمون} فعند ذلك أمره اللّه تعالى أن يخرج ببني إسرائيل من بين أظهرهم من غير أمر فرعون ومشاورته واستئذانه؛ ولهذا قال: {فأسر بعبادي ليلا إنّكم متّبعون} كما قال: {ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقًا في البحر يبسًا لا تخاف دركًا ولا تخشى} [طه: 77]).
وقوله هاهنا: {واترك البحر رهوًا إنّهم جندٌ مغرقون} وذلك أنّ موسى، عليه السّلام، لـمّا جاوز هو وبنو إسرائيل البحر، أراد موسى أن يضربه بعصاه حتّى يعود كما كان، ليصير حائلًا بينهم وبين فرعون، فلا يصل إليهم. فأمره اللّه أن يتركه على حاله ساكنًا، وبشّره بأنّهم جندٌ مغرقون فيه، وأنّه لا يخاف دركًا ولا يخشى.
قال ابن عبّاسٍ: {واترك البحر رهوًا} كهيئته وامضه. وقال مجاهدٌ {رهوًا} طريقًا يبسًا كهيئته، يقول: لا تأمره يرجع، اتركه حتّى يرجع آخرهم. وكذا قال عكرمة، والرّبيع بن أنسٍ، والضّحّاك، وقتادة، وابن زيدٍ وكعب الأحبار وسماك بن حربٍ، وغير واحدٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 252]

تفسير قوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {كم تركوا من جنّاتٍ} وهي البساتين {وعيونٍ وزروعٍ} والمراد بها الأنهار والآبار، {ومقامٍ كريمٍ} وهي المساكن الكريمة الأنيقة والأماكن الحسنة.
وقال مجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ: {ومقامٍ كريمٍ} المنابر.
وقال ابن لهيعة، عن وهب بن عبد اللّه المعافريّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: نيل مصر سيّد الأنهار، سخّر اللّه له كلّ نهرٍ بين المشرق والمغرب، وذلّله له، فإذا أراد اللّه أن يجري نيل مصر أمر كلّ نهرٍ أن يمدّه، فأمدّته الأنهار بمائها، وفجّر اللّه له الأرض عيونًا، فإذا انتهى جريه إلى ما أراد اللّه، أوحى اللّه إلى كلّ ماءٍ أن يرجع إلى عنصره.
وقال في قوله تعالى: {كم تركوا من جنّاتٍ وعيونٍ. وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ. ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين} قال: كانت الجنان بحافّتي هذا النّيل من أوّله إلى آخره في الشّقّين جميعًا، ما بين أسوان إلى رشيدٍ، وكان له تسعة خلجٍ: خليج الإسكندريّة، وخليج دمياط، وخليج سردوس، وخليج منفٍ، وخليج الفيّوم، وخليج المنهى، متّصلةٌ لا ينقطع منها شيءٌ عن شيءٍ، وزروعٌ ما بين الجبلين كلّه من أوّل مصر إلى آخر ما يبلغه الماء، وكانت جميع أرض مصر تروى من ستّة عشر ذراعًا، لما قدّروا ودبّروا من قناطرها وجسورها وخلجها.
{ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين} أي: عيشة كانوا يتفكهون فيها فيأكلون ما شاؤوا ويلبسون ما أحبّوا مع الأموال والجاهات والحكم في البلاد، فسلبوا ذلك جميعه في صبيحةٍ واحدةٍ، وفارقوا الدّنيا وصاروا إلى جهنّم وبئس المصير، واستولى على البلاد المصريّة وتلك الحواصل الفرعونيّة والممالك القبطيّة بنو إسرائيل، كما قال تعالى: {كذلك وأورثناها بني إسرائيل} [الشّعراء: 59] وقال في موضعٍ آخر: {وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها وتمّت كلمة ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} [الأعراف: 137]. وقال هاهنا: {كذلك وأورثناها قومًا آخرين} وهم بنو إسرائيل، كما تقدّم). [تفسير ابن كثير: 7/ 252-253]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} أي: لم تكن لهم أعمالٌ صالحةٌ تصعد في أبواب السّماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم في الأرض بقاعٌ عبدوا اللّه فيها فقدتهم؛ فلهذا استحقّوا ألّا ينظروا ولا يؤخّروا لكفرهم وإجرامهم، وعتوّهم وعنادهم.
قال الحافظ أبو يعلى الموصليّ في مسنده: حدّثنا أحمد بن إسحاق البصريّ، حدّثنا مكّيّ بن إبراهيم، حدّثنا موسى بن عبيدة، حدّثني يزيد الرّقاشيّ، حدّثني أنس بن مالكٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما من عبدٍ إلّا وله في السّماء بابان: بابٌ يخرج منه رزقه، وبابٌ يدخل منه عمله وكلامه، فإذا مات فقداه وبكيا عليه" وتلا هذه الآية: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} وذكر أنّهم لم يكونوا عملوا على الأرض عملًا صالحًا يبكي عليهم. ولم يصعد لهم إلى السّماء من كلامهم ولا من عملهم كلامٌ طيّبٌ، ولا عملٌ صالحٌ فتفقدهم فتبكي عليهم.
ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث موسى بن عبيدة وهو الرّبذيّ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يحيى بن طلحة، حدّثني عيسى بن يونس، عن صفوان بن عمرٍو، عن شريح بن عبيدٍ الحضرميّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إنّ الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا. ألا لا غربة على مؤمنٍ ما مات مؤمنٌ في غربةٍ غابت عنه فيها بواكيه إلّا بكت عليه السّماء والأرض". ثم قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {فما بكت عليهم السّماء والأرض} ثمّ قال: "إنّهما لا يبكيان على الكافر".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن عصامٍ حدّثنا أبو أحمد -يعني الزّبيريّ-حدّثنا العلاء بن صالحٍ، عن المنهال بن عمرٍو، عن عبّاد بن عبد اللّه قال: سأل رجلٌ عليًّا رضي اللّه عنه: هل تبكي السّماء والأرض على أحدٍ؟ فقال له: لقد سألتني عن شيءٍ ما سألني عنه أحدٌ قبلك، إنّه ليس [من] عبدٍ إلّا له مصلًّى في الأرض، ومصعد عمله من السّماء. وإنّ آل فرعون لم يكن لهم عملٌ صالحٌ في الأرض، ولا عملٌ يصعد في السّماء، ثمّ قرأ عليٌّ، رضي اللّه عنه {فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين}
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا طلق بن غنّام، عن زائدة، عن منصورٍ، عن منهالٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: أتى ابن عبّاسٍ رجلٌ فقال: يا أبا عبّاسٍ أرأيت قول اللّه: {فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين} فهل تبكي السّماء والأرض على أحدٍ؟ قال: نعم إنّه ليس أحدٌ من الخلائق إلّا وله بابٌ في السّماء منه ينزل رزقه، وفيه يصعد عمله، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السّماء الّذي كان يصعد فيه عمله وينزل منه رزقه بكى عليه، وإذا فقد مصلّاه من الأرض الّتي كان يصلّي فيها ويذكر اللّه فيها بكت عليه، وإنّ قوم فرعون لم تكن لهم في الأرض آثارٌ صالحةٌ، ولم يكن يصعد إلى اللّه منهم خيرٌ، فلم تبك عليهم السّماء والأرض.
وروى العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ، نحو هذا.
وقال سفيان الثّوريّ، عن أبي يحيى القتّات، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنهما] قال: كان يقال: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحًا. وكذا قال مجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وغير واحدٍ.
وقال مجاهدٌ أيضًا: ما مات مؤمنٌ إلّا بكت عليه السّماء والأرض أربعين صباحًا، قال: فقلت له: أتبكي الأرض؟ فقال: أتعجب؟ وما للأرض لا تبكي على عبدٍ، كان يعمّرها بالرّكوع والسّجود؟ وما للسّماء لا تبكي على عبدٍ كان لتكبيره وتسبيحه فيها دويٌّ كدويّ النّحل؟
وقال قتادة: كانوا أهون على اللّه من أن تبكي عليهم السّماء والأرض.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا عبد السّلام بن عاصمٍ، حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، حدّثنا المستورد بن سابقٍ، عن عبيدٍ المكتب، عن إبراهيم قال: ما بكت السّماء منذ كانت الدّنيا إلّا على اثنين قلت لعبيدٍ: أليس السّماء والأرض تبكي على المؤمن؟ قال: ذاك مقامه حيث يصعد عمله. قال: وتدري ما بكاء السّماء؟ قلت لا قال: تحمرّ وتصير وردةً كالدّهان، إنّ يحيى بن زكريّا لـمّا قتل احمرّت السّماء وقطرت دمًا. وإنّ حسين بن عليٍّ لـمّا قتل احمرّت السّماء.
وحدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا أبو غسّان محمّد بن عمرٍو -زنيج-حدّثنا جريرٌ، عن يزيد بن أبي زيادٍ قال: لـمّا قتل حسين بن عليٍّ، رضي اللّه عنهما، احمرّت آفاق السّماء أربعة أشهرٍ. قال يزيد: واحمرارها بكاؤها. وهكذا قال السّدّيّ الكبير.
وقال عطاءٌ الخراسانيّ: بكاؤها: أن تحمرّ أطرافها.
وذكروا أيضًا في مقتل الحسين أنّه ما قلب حجرٌ يومئذٍ إلّا وجد تحته دمٌ عبيط، وأنّه كسفت الشّمس، واحمرّ الأفق، وسقطت حجارةٌ. وفي كلٍّ من ذلك نظرٌ، والظّاهر أنّه من سخف الشّيعة وكذبهم، ليعظّموا الأمر -ولا شكّ أنّه عظيمٌ-ولكن لم يقع هذا الّذي اختلقوه وكذبوه، وقد وقع ما هو أعظم من [ذلك] -قتل الحسين رضي اللّه عنه- ولم يقع شيءٌ ممّا ذكروه، فإنّه قد قتل أبوه عليّ بن أبي طالبٍ، وهو أفضل منه بالإجماع ولم يقع [شيءٌ من] ذلك، وعثمان بن عفّان قتل محصورًا مظلومًا، ولم يكن شيءٌ من ذلك. وعمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، قتل في المحراب في صلاة الصّبح، وكأنّ المسلمين لم تطرقهم مصيبةٌ قبل ذلك، ولم يكن شيءٌ من ذلك. وهذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو سيّد البشر في الدّنيا والآخرة يوم مات لم يكن شيءٌ ممّا ذكروه. ويوم مات إبراهيم ابن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خسفت الشّمس فقال النّاس: [الشّمس] خسفت لموت إبراهيم، فصلّى بهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم صلاة الكسوف، وخطبهم وبيّن لهم أنّ الشّمس والقمر لا ينخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته). [تفسير ابن كثير: 7/ 253-255]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة