العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة هود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:38 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (50)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وإلى عادٍ أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره إن أنتم إلاّ مفترون (50) يا قوم لا أسئلكم عليه أجراً إن أجري إلاّ على الّذي فطرني أفلا تعقلون (51) ويا قوم استغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه يرسل السّماء عليكم مدراراً ويزدكم قوّةً إلى قوّتكم ولا تتولّوا مجرمين (52)
وإلى عادٍ عطف على قوله إلى قومه [هود: 25] في قصة نوح، وعادٍ قبيلة وكانت عربا- فيما ذكر- و «هود» عليه السّلام منهم، وجعله أخاهم بحسب النسب والقرابة فإن فرضناه ليس منهم فالأخوة بحسب المنشأ واللسان والجيرة. وأما قول من قال هي أخوة بحسب النسب الآدمي فضعيف.
وقرأ جمهور الناس: «يا قوم» بكسر الميم، وقرأ ابن محيصن: «يا قوم» برفع الميم، وهي لغة حكاها سيبويه، وقرأ جمهور الناس: «غيره» بالرفع على النعت أو البدل من موضع قوله: من إلهٍ. وقرأ الكسائي وحده بكسر الراء، حملا على لفظ: إلهٍ وذلك أيضا على النعت أو البدل ويجوز «غيره» نصبا على الاستثناء.
ومفترون معناه كاذبون أفحش كذب في جعلكم الألوهية لغير الله تعالى). [المحرر الوجيز: 4/ 592]

تفسير قوله تعالى: {يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (51)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والضمير في قوله: عليه عائد على الدعاء إلى الله تعالى، والمعنى: ما أجري وجزائي إلا من عند الله، ثم وصفه بقوله الّذي فطرني فجعلها صفة رادة عليهم في عبادتهم الأصنام واعتقادهم أنها تفعل، فجعل الوصف بذلك في درج كلامه، منبها على أفعال الله تعالى، وأنه هو الذي يستحق العبادة، و «فطر» معناه اخترع وأنشأ، وقوله: أفلا تعقلون توقيف على مجال القول بأن غير الفاطر إلاه، ويحتمل أن يريد: أفلا تعقلون إذ لم أطلب عرضا من أعراض الدنيا إني إنما أريد النفع لكم والدار الآخرة، والأول أظهر). [المحرر الوجيز: 4/ 593]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و «الاستغفار» طلب المغفرة، وقد يكون ذلك باللسان، وقد يكون بإنابة القلب وطلب الاسترشاد والحرص على وجود المحجة الواضحة، وهذه أحوال يمكن أن تقع من الكفار، فكأنه قال لهم: اطلبوا غفران الله بالإنابة، وطلب الدليل في نبوتي، ثم توبوا بالإيمان من كفركم، فيجيء الترتيب على هذا مستقيما وإلا احتيج في ترتيب التوبة بعد الاستغفار إلى تحيل كثير فإما أن يكون: توبوا أمرا بالدوام، و «الاستغفار» طلب المغفرة بالإيمان، وإلى هذا ذهب الطبري، وقال أبو المعالي في الإرشاد: «التوبة» في اصطلاح المتكلمين هي الندم، بعد أن قال: إنها في اللغة الرجوع، ثم ركب على هذا أن قال إن الكافر إذا آمن ليس إيمانه توبة وإنما توبته ندمه بعد.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والذي أقول: إن التوبة عقد في ترك متوب منه يتقدمها علم بفساد المتوب منه وصلاح ما يرجع إليه، ويقترن بها ندم على فارط المتوب منه لا ينفك منه وهو من شروطها فأقول إن إيمان الكافر هو توبته من كفره، لأنه هو نفس رجوعه، و «تاب» في كلام العرب معناه رجع إلى الطاعة والمثلى من الأمور، وتصرف اللفظة في القرآن ب «إلى» يقتضي أنها الرجوع لا الندم، وإنما لا حق لازم للتوبة كما قلنا، وحقيقة التوبة ترك مثل ما تيب منه عن عزمة معتقدة على ما فسرناه، والله المستعان.
ومدراراً هو بناء تكثير وكان حقه أن تلحقه هاء، ولكن حذفت على نية النسب وعلى أن السّماء المطر نفسه، وهو من در يدر ومفعال قد يكون من اسم الفاعل الذي هو من ثلاثي، ومن اسم الفاعل الذي هو من رباعي: وقول من قال: إنه ألزم للرباعي غير لازم.
ويروي أن عادا كان الله تعالى قد حبس عنها المطر ثلاث سنين، وكانوا أهل حرث وبساتين وثمار، وكانت بلادهم شرق جزيرة العرب، فلهذا وعدهم بالمطر، ومن ذلك فرحهم حين رأوا العارض، وقولهم: هذا عارضٌ ممطرنا [الأحقاف: 24] وحضهم على استنزال المطر بالإيمان والإنابة، وتلك عادة الله في عباده، ومنه قول نوح عليه السّلام «استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا»، ومنه فعل عمر رضي الله حين جعل جميع قوله في الاستسقاء ودعائه استغفارا فسقي، فسئل عن ذلك، فقال: لقد استنزلت المطر بمجاديح السماء.
وقوله: ويزدكم قوّةً إلى قوّتكم، ظاهره العموم في جميع ما يحسن الله تعالى فيه إلى العباد، وقالت فرقة: كان الله تعالى قد حبس نسلهم، فمعنى قوله: ويزدكم قوّةً إلى قوّتكم أي الولد، ويحتمل أن خص القوة بالذكر إذ كانوا أقوى العوالم فوعدوا بالزيادة فيما بهروا فيه، ثم نهاهم عن التولي عن الحق والإعراض عن أمر الله. ومجرمين حال من الضمير في تتولّوا). [المحرر الوجيز: 4/ 593-594]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: قالوا يا هود ما جئتنا ببيّنةٍ وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين (53) إن نقول إلاّ اعتراك بعض آلهتنا بسوءٍ قال إنّي أشهد اللّه واشهدوا أنّي بريءٌ ممّا تشركون (54) من دونه فكيدوني جميعاً ثمّ لا تنظرون (55) إنّي توكّلت على اللّه ربّي وربّكم ما من دابّةٍ إلاّ هو آخذٌ بناصيتها إنّ ربّي على صراطٍ مستقيمٍ (56)
المعنى: ما جئتنا بآية تضطرنا إلى الإيمان بك ونفوا أن تكون معجزاته آية بحسب ظنهم وعماهم عن الحق، كما جعلت قريش القرآن سحرا وشعرا ونحو هذا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من نبي إلا وقد أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر» الحديث، وهذا يقضي بأن هودا وغيره من الرسل لهم معجزات وإن لم يعين لنا بعضها.
وقوله: عن قولك أي لا يكون قولك سبب تركنا إذ هو مجرد عن آية). [المحرر الوجيز: 4/ 595]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقولهم: إن نقول الآية، معناه ما نقول إلا أن بعض الآلهة لما سببتها وضللت عبدتها أصابك بجنون، يقال: عر يعر واعترى يعتري إذا ألم بالشيء، فحينئذ جاهرهم هود عليه السّلام بالتبري من أوثانهم وحضهم على كيده هم وأصنامهم، ويذكر أن هذه كانت له معجزة وذلك أنه حرض جماعتهم عليه مع انفراده وقوتهم وكفرهم فلم يقدروا على نيله بسوء.
وتنظرون معناه تؤخروني أي عاجلوني بما قدرتم عليه). [المحرر الوجيز: 4/ 595]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: إنّي توكّلت على اللّه الآية، المعنى: أن توكلي على الله الذي هو ربي وربكم مع ضعفي وانفرادي وقوتكم وكثرتكم يمنعني منكم ويحجز بيني وبينكم ثم وصف قدرة الله تعالى وعظم ملكه بقوله: ما من دابّةٍ إلّا هو آخذٌ بناصيتها وعبر عن ذلك ب «الناصية»، إذ هي في العرف حيث يقبض القادر المالك ممن يقدر عليه، كما يقاد الأسير والفرس ونحوه حتى صار الأخذ بالناصية عرفا في القدرة على الحيوان، وكانت العرب تجز ناصية الأسير الممنون عليه لتكون تلك علامة أنه قدر عليه وقبض على ناصيته. و «الدابة»: جميع الحيوان، وخص بالذكر إذ هو صنف المخاطبين والمتكلم.
وقوله: إنّ ربّي على صراطٍ مستقيمٍ يريد أن أفعال الله عز وجل هي في غاية الإحكام، وقوله الصدق، ووعده الحق فجاءت الاستقامة في كل ما ينضاف إليه عز وجل. فعبر عن ذلك بقوله: إنّ ربّي على صراطٍ مستقيمٍ على تقدير مضاف). [المحرر الوجيز: 4/ 596]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: فإن تولّوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربّي قوماً غيركم ولا تضرّونه شيئاً إنّ ربّي على كلّ شيءٍ حفيظٌ (57) ولمّا جاء أمرنا نجّينا هوداً والّذين آمنوا معه برحمةٍ منّا ونجّيناهم من عذابٍ غليظٍ (58) وتلك عادٌ جحدوا بآيات ربّهم وعصوا رسله واتّبعوا أمر كلّ جبّارٍ عنيدٍ (59) وأتبعوا في هذه الدّنيا لعنةً ويوم القيامة ألا إنّ عاداً كفروا ربّهم ألا بعداً لعادٍ قوم هودٍ (60)
قرأ الجمهور: «تولّوا» بفتح اللام والتاء على معنى تتولوا، وقرأ عيسى الثقفي والأعرج: «تولوا» بضم التاء واللام، و «إن» شرط، والجواب في الفاء وما بعدها من قوله فقد أبلغتكم، والمعنى أنه ما علي كبير همّ منكم إن توليتم فقد برئت ساحتي بالتبليغ، وأنتم أصحاب الذنب في الإعراض عن الإيمان.
ويحتمل أن يكون تولّوا فعلا ماضيا، ويجيء في الكلام رجوع من غيبة إلى خطاب، أي فقل: قد أبلغتكم.
وقرأ جمهور «ويستخلف» بضم الفاء على معنى الخبر بذلك، وقرأ عاصم- فيما روى هبيرة عن حفص عنه- «ويستخلف» بالجزم عطفا على موضع الفاء من قوله فقد.
وقوله: ولا تضرّونه شيئاً يحتمل من المعنى وجهين:
أحدهما: ولا تضرونه بذهابكم وهلاككم شيئا أي لا ينتقص ملكه، ولا يختل أمره، وعلى هذا المعنى قرأ عبد الله بن مسعود: «ولا تنقصونه شيئا».
والمعنى الآخر: ولا تضرّونه أي ولا تقدرون إذا أهلككم على إضراره بشيء ولا على الانتصار منه ولا تقابلون فعله بكم بشيء يضره. ثم أخبرهم أن ربه حفيظٌ على كل شيء عالم به، وفي ترديد هذه الصفات ونحوها تنبيه وتذكير). [المحرر الوجيز: 4/ 596-597]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:38 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:38 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (50) يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (51)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإلى عادٍ أخاهم هودًا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره إن أنتم إلا مفترون (50) يا قوم لا أسألكم عليه أجرًا إن أجري إلا على الّذي فطرني أفلا تعقلون (51) ويا قوم استغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه يرسل السّماء عليكم مدرارًا ويزدكم قوّةً إلى قوّتكم ولا تتولّوا مجرمين (52)}
يقول تعالى: ولقد أرسلنا، {إلى عادٍ أخاهم هودًا} آمرًا لهم بعبادة اللّه وحده لا شريك له، ناهيًا لهم عن [عبادة] الأوثان الّتي افتروها واختلقوا لها أسماء الآلهة، وأخبرهم أنّه لا يريد منهم أجرةً على هذا النّصح والبلاغ من اللّه، إنّما يبغي ثوابه [على ذلك وأجره] من اللّه الّذي فطره {أفلا تعقلون} من يدعوكم إلى ما يصلحكم في الدّنيا والآخرة من غير أجرةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 329]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أمرهم بالاستغفار الّذي فيه تكفير الذّنوب السّالفة، وبالتّوبة عمّا يستقبلون [من الأعمال السّابقة] ومن اتّصف بهذه الصّفة يسّر اللّه عليه رزقه، وسهّل عليه أمره وحفظ [عليه] شأنه [وقوّته] ؛ ولهذا قال: {يرسل السّماء عليكم مدرارًا} [نوح:11]، و[كما جاء] في الحديث: "من لزم الاستغفار جعل اللّه له من كلّ هم فرجًا، ومن كلّ ضيقٍ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 329]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا يا هود ما جئتنا ببيّنةٍ وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين (53) إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوءٍ قال إنّي أشهد اللّه واشهدوا أنّي بريءٌ ممّا تشركون (54) من دونه فكيدوني جميعًا ثمّ لا تنظرون (55) إنّي توكّلت على اللّه ربّي وربّكم ما من دابّةٍ إلا هو آخذٌ بناصيتها إنّ ربّي على صراطٍ مستقيمٍ (56)}
يخبر تعالى [إخبارًا عن قوم هودٍ] أنّهم قالوا لنبيّهم: {ما جئتنا ببيّنةٍ} أي: بحجّةٍ [ولا دلالة] [ولا] وبرهان على ما تدّعيه، {وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك} أي: بمجرّد قولك: "اتركوهم" نتركهم، {وما نحن لك بمؤمنين} [أي] بمصدّقين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 329]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوءٍ} يقولون: ما نظنّ إلّا أنّ بعض الآلهة أصابك بجنونٍ وخبل في عقلك بسبب نهيك عن عبادتها وعيبك لها {قال إنّي أشهد اللّه واشهدوا} [أي أنتم أيضًا] {أنّي بريءٌ ممّا تشركون * من دونه}. يقول: إنّي بريءٌ من جميع الأنداد والأصنام، {فكيدوني جميعًا} أي: أنتم وآلهتكم إن كانت حقًّا، [ف ذروها تكيدني]، {ثمّ لا تنظرون} أي: طرفة عينٍ [واحدةً]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 329-330]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّي توكّلت على اللّه ربّي وربّكم ما من دابّةٍ إلا هو آخذٌ بناصيتها} أي: [هي] تحت قهره وسلطانه، وهو الحاكم العادل الّذي لا يجور في حكمه، فإنّه على صراطٍ مستقيمٍ.
قال الوليد بن مسلمٍ، عن صفوان بن عمرٍو عن أيفع بن عبدٍ الكلاعيّ أنّه قال في قوله تعالى: {ما من دابّةٍ إلا هو آخذٌ بناصيتها إنّ ربّي على صراطٍ مستقيمٍ} قال: فيأخذ بنواصي عباده فيلقى المؤمن حتّى يكون له أشفق من الوالد لولده ويقال للكافر: {ما غرّك بربّك الكريم} [الانفطار: 6].
وقد تضمّن هذا المقام حجّةً بالغةً ودلالةً قاطعةً على صدق ما جاءهم به، وبطلان ما هم عليه من عبادة الأصنام الّتي لا تنفع ولا تضرّ، بل هي جماد لا تسمع ولا تبصر، ولا توالي ولا تعادي، وإنّما يستحقّ إخلاص العبادة اللّه وحده لا شريك له، الّذي بيده الملك، وله التّصرّف، وما من شيءٍ إلّا تحت ملكه وقهره وسلطانه، فلا إله إلّا هو، ولا ربّ سواه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 330]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فإن تولّوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربّي قومًا غيركم ولا تضرّونه شيئًا إنّ ربّي على كلّ شيءٍ حفيظٌ (57) ولمّا جاء أمرنا نجّينا هودًا والّذين آمنوا معه برحمةٍ منّا ونجّيناهم من عذابٍ غليظٍ (58) وتلك عادٌ جحدوا بآيات ربّهم وعصوا رسله واتّبعوا أمر كلّ جبّارٍ عنيدٍ (59) وأتبعوا في هذه الدّنيا لعنةً ويوم القيامة ألا إنّ عادًا كفروا ربّهم ألا بعدًا لعادٍ قوم هودٍ (60)}
يقول لهم [رسولهم] هودٌ: فإن تولّوا عمّا جئتكم به من عبادة اللّه ربّكم وحده لا شريك له، فقد قامت عليكم الحجّة بإبلاغي إيّاكم رسالة اللّه الّتي بعثني بها، {ويستخلف ربّي قومًا غيركم} يعبدونه وحده لا يشركون به [شيئًا] ولا يبالي بكم: فإنّكم لا تضرّونه بكفركم بل يعود وبال ذلك عليكم، {إنّ ربّي على كلّ شيءٍ حفيظٌ} أي: شاهدٌ وحافظٌ لأقوال عباده وأفعالهم ويجزيهم عليها إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 330]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة