العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ذو القعدة 1431هـ/3-11-2010م, 02:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 34 إلى آخر السورة]


{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)}


تفسير قوله تعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) )

تفسير قوله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون (36)} هذه الألف ألف الاستفهام، ومجازها ههنا التوبيخ والتقرير.
وجاء في التفسير أن بعض كفار قريش قال: إن كان ما يذكرون أن لهم في الآخرة حقا، فإن لنا في الآخرة أكبر منه كما أنا في الدنيا أفضل منهم. فوبخهم الله فقال: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين}). [معاني القرآن: 5/209](م)

تفسير قوله تعالى: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون (36)} هذه الألف ألف الاستفهام، ومجازها ههنا التوبيخ والتقرير.
وجاء في التفسير أن بعض كفار قريش قال: إن كان ما يذكرون أن لهم في الآخرة حقا، فإن لنا في الآخرة أكبر منه كما أنا في الدنيا أفضل منهم. فوبخهم الله فقال: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين}.
وكذلك: {ما لكم كيف تحكمون} معناه: على أي أحوال الكفر تخرجون حكمكم). [معاني القرآن: 5/209]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({أم لكم كتاب فيه تدرسون (37) إنّ لكم فيه لما تخيّرون (38)} أي أعندكم كتاب من اللّه عزّ وجلّ أن لكم لما تخيرون). [معاني القرآن: 5/209]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({أم لكم كتاب فيه تدرسون (37) إنّ لكم فيه لما تخيّرون (38)} أي أعندكم كتاب من اللّه عزّ وجلّ أن لكم لما تخيرون). [معاني القرآن: 5/209](م)

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أم لكم أيمانٌ علينا بالغةٌ...} القراء على رفع "بالغة" إلاّ الحسن، فإنه نصبها على مذهب المصدر، كقولك: حقاً، والبالغ في مذهب الحق يقال: جيّد بالغ، كأنه قال: جيّد حقا قد بلغ حقيقة الجودة، وهو مذهب جيد وقرأه العوام، أن تكون البالغة من نعت الأيمان أحب إليّ، كقولك ينتهى بكم إلى يوم القيامة أيمان علينا بأنّ لكم ما تحكمون، فلما كانت اللام في جواب إنّ كسرتها، ويقال:
أئن لكم ما تحكمون بالاستفهام، وهو على ذلك المعنى بمنزلة قوله: {أئذا كنا تراباً} {أئنا لمردودون في الحافرة} ). [معاني القرآن: 3/176-177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إنّ لكم لما تحكمون}
{أم لكم أيمان علينا بالغة} معناه مؤكدة {إلى يوم القيامة إنّ لكم لما تحكمون} أي حلف على ما تدّعون في حكمكم). [معاني القرآن: 5/209]

تفسير قوله تعالى: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سلهم أيّهم بذلك زعيمٌ...}.يريد: كفيل، ويقال له: الحميل؛ والقبيل، والصبير، والزعيم في كلام العرب: الضامن والمتكلم عنهم، والقائم يأمرهم). [معاني القرآن: 3/177]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {أيّهم بذلك زعيمٌ} أي كفيل. يقال: زعمت به أزعم [زعما وزعامة]، إذا كفلت). [تفسير غريب القرآن: 480]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {سلهم أيّهم بذلك زعيم} والزعيم الكفيل والضامن. والمعنى: سلهم أيّهم كفل بذلك). [معاني القرآن: 5/210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({زَعِيمٌ} أي كفيل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]

تفسير قوله تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم...}. وفي قراءة عبد الله: "أم لهم شرك فليأتوا بشركهم". والشّرك، والشركاء في معنى واحد، تقول: في هذا الأمر شرك، وفيه شركاء). [معاني القرآن: 3/177]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكتبوا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ} و{فَقَالَ الضُّعَفَاءُ} بواو، ولا ألف قبلها). [تأويل مشكل القرآن: 56-58]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين (41) يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون (42)} أي فليأتوا بشركائهم يوم القيامة). [معاني القرآن: 5/210]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يوم يكشف عن ساقٍ...}. القراء مجتمعون على رفع الياء...
- حدثني سفيان عن عمرو ابن دينار عن ابن عباس أنه قرأ "يوم تكشف عن ساق"، يريد: القيامة والساعة لشدتها...
- وأنشدني بعض العرب لجد أبي طرفة:
كشفت لهم عن ساقها = وبدا من الشرّ البراح). [معاني القرآن: 3/177]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({يوم يكشف عن ساقٍ} إذا اشتد الحرب والأمر قيل: قد كشف الأمر عن ساقه. قال قيس بن زهير بن جذيمة العبسي:
فإذ شمّرت لك عن ساقها = فويهاً ربيع ولا تسأم). [مجاز القرآن: 2/266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({يوم يكشف عن ساق}: والعرب تقول إذا اشتد الأمر والحرب: قد كشف الأمر عن ساقه وقد كشفت الحرب عن ساقها، أي عن أمر عظيم منها). [غريب القرآن وتفسيره: 384]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
( {يوم يكشف عن ساقٍ}، أي عن شدة من الأمر، قال الشاعر:
في سنة قد كشفت عن ساقها حمراء تبري اللحم عن عراقها«عراقها»: جمع «عرق». والعراق: العظام.
ويقال: «قامت الحرب على ساق». وأصل هذا مبيّن في كتاب «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فمن الاستعارة في كتاب الله قوله عز وجل: {يوم يكشف عن ساقٍ} أي عن شدّة من الأمر، كذلك قال قتادة. وقال إبراهيم: عن أمر عظيم.
وأصل هذا أنّ الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناته والجدّ فيه- شمّر عن ساقه، فاستعيرت الساق في موضع الشدة.
وقال دريد بن الصّمّة:
كَمِيشُ الإِزَارِ خارجٌ نصفُ ساقِه = صَبورٌ على الجَلاَّءِ طلاَّعُ أَنْجُدِ
وقال الهذليّ:
وكنتُ إذا جارِي دَعَا لِمَضوفة = أشمّر حتَّى يَنْصُفَ السَّاقُ مِئزَرِي). [تأويل مشكل القرآن: 137]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(ومعنى (يكشف عن ساق) في اللغة يكشف عن الأمر الشديد. قال الشاعر:
قد شمرت عن ساقها فشدّوا = وجدّت الحرب بكم فجدّوا
والقوس فيها وتر عردّ.
وجاء في التفسير عن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا أبي. قال ثنا محمد بن جعفر يعني غندر، عن شعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال.
قال ابن عباس في قوله: {يكشف عن ساق} عن الأمر الشديد. وقال ابن مسعود: يكشف الرحمن عن ساقه.
فأما المؤمنون فيخرون له سجّدا وأما المنافقون، فتكون ظهورهم طبقا طبقا كان فيها السفافيد.
فهذا ما روينا في التفسير وما قاله أهل اللغة). [معاني القرآن: 5/210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قال أبو إسحاق: هذا تأويل قوله {ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون (42) خاشعة أبصارهم} يعنى به المنافقون). [معاني القرآن: 5/210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُكْشَفُ عَن سَاقٍ} أي شدّة من الأمر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عَن سَاقٍ}: أمر عظيم). [العمدة في غريب القرآن: 311]

تفسير قوله تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ترهقهم} تغشاهم). [مجاز القرآن: 2/266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ترهقهم ذلّةٌ}: تغشاهم). [تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قال أبو إسحاق: هذا تأويل قوله {ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون (42)} خاشعة أبصارهم).يعنى به المنافقون). [معاني القرآن: 5/210] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ترهقهم ذلّة وقد كانوا يدعون إلى السّجود وهم سالمون (43)}
{ترهقهم ذلّة} معناه تغشاهم ذلّة.
{وقد كانوا يدعون إلى السّجود وهم سالمون} يعنى به في الدنيا). [معاني القرآن: 5/211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} أي تغشاهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]

تفسير قوله تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث...} .معنى فذرني ومن يكذب أي: كلهم إليّ، وأنت تقول للرجل: لو تركتك ورأيك ما أفلحت،: أي: لو وكلتك إلى رأيك لم تفلح، وكذلك قوله: {ذرني ومن خلقت وحيداً}، و(من) في موضع نصب، فإذا قلت: قد تركت ورأيك، وخليت ورأيك نصبت الرأي؛ لأن المعنى: لو تركت إلى رأيك، فتنصب الثاني لحسن هذا المعنى فيه، ولأنّ الاسم قبله متصل بفعل.
فإذا قالت العرب: لو تركت أنت ورأيك، رفعوا بقوة: أنت، إذ ظهرت غير متصلة بالفعل.
وكذلك يقولون: لو ترك عبد الله والأسد لأكله، فإن كنّوا عن عبد الله، فقالوا: لو ترك والأسد أكله، نصبوا؛ لأن الاسم لم يظهر، فإن قالوا: لو ترك هو والأسد، آثروا الرفع في الأسد، ويجوز في هذا ما يجوز في هذا إلا أن كلام العرب على ما أنبأتك به إلا قولهم: قد ترك بعض القوم وبعض، يؤثرون في هذا الإتباع؛ لأن بعض وبعضٌ لما اتفقتا في المعنى والتسمية اختير فيهما الإتباع والنصب في الثانية غير ممتنع). [معاني القرآن: 3/177-178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} أي نأخذهم قليلا قليلا، ولا نباغتهم). [تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (44)} ومثله: (ذرني ومن خلقت وحيدا)، معناه لا تشغل قلبك به، كله إليّ فإني أجازيه. ومثله قول الرجل: ذرني وإياه. وليس أنه منعه به ولكن تأويله كله إليّ فإني أكفيك أمره). [معاني القرآن: 5/211]

تفسير قوله تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأملي لهم} أي أطيل لهم وأمهلهم، {إنّ كيدي متينٌ} أي شديد. و«الكيد»: الحيلة والمكر). [تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَأُمْلِي لَهُمْ} أي أطيل لهم. {مَتِينٌ} أي شديد. (والكيد) الحيلة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أم عندهم الغيب فهم يكتبون...}.يقول: أعندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون منه، ويجادلونك بذلك). [معاني القرآن: 3/179]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تكن كصاحب الحوت...}.كيونس صلى الله عليه وسلم، يقول: لا تضجر بهم؛ كما ضجر يونس حتى هرب من أصحابه؛ فألقى نفسه في البحر؛ حتى التقمه الحوت). [معاني القرآن: 3/178]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({مكظومٌ} من الغم كثل كظيم). [مجاز القرآن: 2/266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({مكظوم}: مثل كظيم من الغم). [غريب القرآن وتفسيره: 384]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({وهو مكظومٌ} من الغمّ. و«كظيم» مثله).
[تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقالوا في قوله: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا}: إنه غاضب قومه! استيحاشا من أن يكون مع تأييد الله وعصمته وتوفيقه وتطهيره، يخرج مغاضبّا لربّه.
...
ولم أخرجه من أولي العزم من الرّسل، حين يقول لنبيه، صلّى الله عليه وسلم: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}
وإن كان الغضب عليهم بعد أن آمنوا، فهذا أغلظ مما أنكروا، وأفحش مما استقبحوا، كيف يجوز أن يغضب على قومه حين آمنوا، ولذلك انتخب وبه بعث، وإليه دعا؟!.
وما الفرق بين عدو الله ووليّه إن كان وليّه يغضب من إيمان مائة ألف أو يزيدون؟.
والقول في هذا أنّ المغاضبة: المفاعلة من الغضب، والمفاعلة تكون من اثنين، تقول: غاضبت فلانا مغاضبة وتغاضبنا: إذا غضب كلّ واحد منكما على صاحبه، كما تقول: ضاربته مضاربة، وقاتلته مقاتلة، وتضاربنا وتقاتلنا.
وقد تكون المفاعلة من واحد، فنقول: غاضبت من كذا: أي غضبت، كما تقول:
سافرت وناولت، وعاطيت الرّجل، وشارفت الموضع، وجاوزت، وضاعفت، وظاهرت، وعاقبت.
ومعنى المغاضبة هاهنا: الأنفة، لأن الأنف من الشيء يغضب، فتسمّى الأنفة غضبا، والغضب أنفة، إذا كان كل واحد بسبب من الآخر، تقول: غضبت لك من كذا، وأنت تريد أنفت، قال الشاعر:
غَضِبْتُ لَكُم أن تُسَامُوا اللَّفَاء = بشَجْنَاءَ مِن رَحِمٍ تُوصَلُ
يروى مرة: (أنفت لكم)، ومرة: (غضبت لكم)، لأنّ المعنيين متقاربان.
وكذلك (العبد) أصله: الغضب. ثم قد تسمّى الأنفة عبدا.
وقال الشاعر:
وَأَعْبَدُ أَن تُهْجَى تَميم بدَارِم
يريد: آنَفُ). [تأويل مشكل القرآن: 405-407](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {فاصبر لحكم ربّك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم (48)} يعني: يونس عليه السلام.
{إذ نادى وهو مكظوم} أي مملوء غمّا وكربا). [معاني القرآن: 5/211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَكْظُومٌ}: مغموم). [العمدة في غريب القرآن: 311]

تفسير قوله تعالى:{لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّولا أن تداركه نعمةٌ مّن رّبّه لنبذ بالعراء...} حين نبذ ـ وهو مذموم، ولكنه نبد عير مذموم، {فاجتباه ربّه...}. وفي قراءة عبد الله: "لولا أن تداركته"، وذلك مثل قوله: {وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة} {وأخذت} في موضع آخر؛ لأن النعمة اسم مؤنث مشتق من فعل، ولك في فعله إذا تقدم التذكير والتأنيث). [معاني القرآن: 3/178]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لنبذ بالعراء...}. العراء الأرض... ). [معاني القرآن: 3/178]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لنبذ بالعراء} لألقى بوجه الأرض، قال رجل من خزاعة يقال له قيس ابن جعدة أحد الفزارين:
دفعت رجالاً لا أخاف عثارها = ونبذت بالبلد العراء ثيابي). [مجاز القرآن: 2/266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لنبذ بالعراء}: لألقي بوجه الأرض). [غريب القرآن وتفسيره: 384]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
((العراء): الأرض التي لا تواري من فيها بجبل ولا شجر).
[تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لولا أن تداركه نعمة من ربّه لنبذ بالعراء وهو مذموم (49)} والمعنى أنه قد نبذ بالعراء وهو غير مذموم، ويدل على ذلك أن النعمة قد شملته). [معاني القرآن: 5/211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((والعراء) الأرض التي ليس فيها نخيل ولا شجر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَنُبِذَ بالعراء}: لطرح بالسحراء). [العمدة في غريب القرآن: 311]

تفسير قوله تعالى: {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فاجتباه ربّه فجعله من الصّالحين (50)} هذا تخليص له من الذّم، والعراء المكان الخالي قال الشاعر:
رفعت رجلا لا أخاف عثارها = ونبذت بالبلد العراء ثيابي). [معاني القرآن: 5/211]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم...}
- قرأها عاصم والأعمش: (ليزلقونك) بضم الياء، من أزلقت.
- وقرأها أهل المدينة: (ليزلقونك) بفتح الياء من زلقت، والعرب تقول للذي يحلق الرأس: قد زلقه وأزلقه.
- وقرأها ابن عباس: "ليزهقونك بأبصارهم" حدثنا محمد قال: سمعت الفراء قال: حدثنا بذلك سفيان بن عيينة عن رجل ابن عباس، وهي في قراءة عبد الله بن مسعود كذلك بالهاء: "ليزهقونك"، أي: ليلقونك بأبصارهم؛ وذلك أن العرب كان أحدهم إذا أراد أن يعتان المال، أي: يصيبه بالعين تجوّع ثلاثاً، ثم يتعرض لذلك المال فيقول: تالله مالا أكثر ولا أحسن [يعني ما رأيت أكثر] فتسقط منه الأباعر، فأرادوا برسول الله صلّى الله عليه وسلم مثل ذلك فقالوا: ما رأينا مثل حججه، ونظروا إليه ليعينوه، فقالوا: ما رأينا مثله، وإنه لمجنون، فقال الله عز وجل: {وما هو إلاّ ذكرٌ لّلعالمين...}.
ويقال: {وإن كادوا ليزلقونك} أي: ليرمون بك عن موضعك، ويزيلونك عنه بأبصارهم، كما تقول: كاد يصرعني بشدة نظره، وهو بيّن من كلام العرب كثير، كما تقول: أزهقت السهم فرهق). [معاني القرآن: 3/179]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ليزلقونك} ولينقذونك وكل ذاكٍ إزلاق). [مجاز القرآن: 2/266]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذّكر ويقولون إنّه لمجنونٌ}وقال: {وإن يكاد الّذين كفروا} وهذه "إن" التي تكون للإيجاب وهي في معنى الثقيلة إلا أنها ليست بثقيلة، لأنك إذا قلت: "إن كان عبد الله لظريفاً" فمعناه "إن عبد الله لظريفٌ قبل اليوم" فـ"إن" تدخل في هذا المعنى وهي خفيفة). [معاني القرآن: 4/34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ليزلقونك بأبصارهم}: ليزيلونك وليرمون بك. يقال أزلقت شعره وزلقته أي حلقته من أصله). [غريب القرآن وتفسيره: 385]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذّكر}.
قال الفراء: «يعتانونك أي يصيبونك بأعينهم»، وذكر: «أن الرجل من العرب كان يمثل على طريق الإبل - إذا صدرت عن الماء - فيصيب منها ما أراد بعينه، حتى يهلكه». هذا معنى قوله، وليس هو بعينه.ولم يرد اللّه جل وعز - في هذا الموضع - أنهم يصيبونك بأعينهم، كما يصيب العائن بعينه ما يستحسنه ويعجب منه.وإنما أراد: أنهم ينظرون إليك - إذا قرأت القرآن - نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء، يكاد يزلقك، أي يسقطك كما قال الشاعر: يتقارضون - إذا التقوا في موطن - نظرا يزيل مواطئ الأقدام). [تفسير غريب القرآن: 482]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ}، أي يسقطونك بشدة نظرهم). [تأويل مشكل القرآن: 420](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن هذا الباب قول الله عز وجل: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} يريد أنهم ينظرون إليك بالعداوة نظرا شديدا يكاد يزلقك من شدّته، أي يسقطك.
ومثله قول الشاعر:
يتقارضون إذا التقوا في موطن = نظرا يزيل مواطئ الأقدام
أي ينظر بعضهم إلى بعض نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء، يزيل الأقدام عن مواطئها.
فتفهّم قول الله عز وجل: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} أي يقاربون أن يفعلوا ذلك، ولم يفعلوا.
وتفهّم قول الشاعر: (نظرا يزيل) ولم يقل: يكاد يزيل، لأنه نواها في نفسه.
وكذلك قول الله عز وجل: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} إعظاما لقولهم.
وقوله جل وعز: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} إكبارا لمكرهم. وقرأها بعضهم: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ}.
وأكثر ما في القرآن من مثل هذا فإنه يأتي بكاد، فما لم يأت بكاد ففيه إضمارها، كقوله: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}، وأي كادت من شدّة الخوف تبلغ الحلوق.
وقد يجوز أن يكون أراد: أنها ترجف من شدّة الفزع وتجف ويتصل وجيفها بالحلوق، فكأنها بلغت الحلوق بالوجيب). [تأويل مشكل القرآن: 171]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 20، 22].
كان المسلمون إذا بطل الوحي يقولون: هلّا نزل شيء، تأميلا أن تنزل عليهم بشرى من الله وفتح وخير وتخفيف فإذا أنزلت سورةٌ محكمةٌ أي محدثة. وسميت المحدثة: محكمة، لأنها حين تنزل تكون كذلك حتى ينسخ منها شيء. وهي في حرف عبد الله فإذا أنزلت سورة محدثة وذكر فيها القتال، أي فرض فيها الجهاد رأيت الّذين في قلوبهم مرضٌ أي شك ونفاق ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه من الموت، يريد أنهم يشخصون نحوك بأبصارهم، وينظرون نظرا شديدا بتحديق، وتحديد، كما ينظر الشّاخص ببصره عند الموت، من شدّة العداوة. والعرب تقول: رأيته لمحا باصرا أي نظرا صلبا بتحديق. ونحوه قوله: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ}، أي يسقطونك بشدة نظرهم، وقد تقدم ذكر هذا). [تأويل مشكل القرآن: 420-421] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قوله عزّ وجلّ: {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذّكر ويقولون إنّه لمجنون} وقرئت (ليزهقونك) - بالهاء - ولكن هذه تخالف المصحف أعني الهاء والقراءة على ما وافق المصحف.وهذه الآية تحتاج إلى فصل إبانة في اللغة فأمّا ما روي في التفسير [معاني القرآن: 5/211]
فروي أن الرجل من العرب كان إذا أراد أن يعتان شيئا. أي يصيبه بالعين تجوع ثلاثة أيام، ثم يقول للذي يريد أن يعتانه: لا أرى كاليوم إبلا أو شاء أو ما أراد.المعنى لم أر كإبل أراها اليوم إبلا فكان يصيبها بالعين بهذا القول.فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما سمعوا منه الذكر كما كانوا يقولون لما يريدون أن يصيبوه بالعين.
فأما مذهب أهل اللغة فالتأويل عندهم أنه من شدة إبغاضهم لك وعدوانهم يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يضروك، وهذا مستعمل في الكلام، يقول القائل: نظر إليّ نظرا يكاد يصرعني به، ونظرا يكاد يأكلني فيه.
وتأويله كله أنه نظر إليّ نظرا لو أمكنه معه أكلي أو أن يصرعني لفعل.وهذا بين واضح، واللّه أعلم). [معاني القرآن: 5/212]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَيُزْلِقُونَكَ} أي يعتانونك، أي يصيبونك بالعين من إعجابهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَيُزْلِقُونَكَ}: ليزيلونك). [العمدة في غريب القرآن: 311]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:52 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة