العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > الناسخ والمنسوخ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 رمضان 1432هـ/20-08-2011م, 11:24 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي سورة النور

الناسخ والمنسوخ في سورة النور


عناصر الموضوع
عدد الآيات المنسوخة في سورة النور
مواضع النسخ في سورة النور
...- الموضع الأول: قوله تعالى: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدة}
...- الموضع الثاني : قوله تعالى {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة(3)}
...- الموضع الثالث : قوله تعالى {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء(4)}

...- الموضع الرابع : قوله تعالى {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلاأنفسهم(6)}
...- الموضع الخامس : قال تعالى {يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها(27)}
...- الموضع السادس : قال تعالى {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً(60)}
...- الموضع السابع : قوله تعالى {فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم(54)}
...- الموضع الثامن : قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم(58)}
...- الموضع التاسع : قال تعالى {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ(61)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 ذو الحجة 1433هـ/18-10-2012م, 07:21 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي مقدمات

عدد الآيات المنسوخة في سورة النور

قال الوليد بن محمد الموقّري(ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم ابن شِهَاب الزهري (ت: 124هـ) قال: (وقال تعالى: في سورة النور {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوابأربعة شهداء..} إلى قوله تعالى: {هم الفاسقون}نسخ منهاقوله : {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} الآية.
- وقال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن..}نسخ منهاقوله: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً..}
- وقال تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها..} نسخ منها قوله تعالى: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم}). [الناسخ والمنسوخ للزهري: 31-32]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (سورة النور: مدنية تحتوي على سبع آيات منسوخات
أولاهن قوله تعالى: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا..}...
الآية الثانية: قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة..}...
الآية الثالثة: قوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم..}...
الآية الرابعة: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم..}...
الآية الخامسة: قوله تعالى: {وقل للمؤمنات يغضض من أبصارهن..}...
الآية السادسة: قوله تعالى: {فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم..}...
الآية السابعة: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم..} ).[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 47-48]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (سورة النّور
- حدّثنا يموت بإسناده عن ابن عبّاسٍ، قال: (وسورة النّور نزلت بالمدينة) فهي مدنيّةٌ

...
ووجدنا في هذه السّورة آياتٍ سوى هذه فأولاهنّ قوله: {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٍ وحرّم ذلك على المؤمنين}...
باب ذكر الآية الثّانية قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها ذلكم خيرٌ لكم لعلّكم تذكّرون}...
بابٌ في ذكر الآية الثّالثة قال جلّ وعزّ: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّاتٍ من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم مّن الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لّكم}...
باب ذكر الآية الرابعة قال تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ}). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/537-567]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة النّور نزلت جميعها بالمدينة وفيها من المنسوخ سبع آيات
الآية الأولى قوله تعالى {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة}...
الآية الثّانية قوله تعالى {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزانية لا ينكحها إلّا زان أو مشرك}...
الآية الثّالثة قوله تعالى {والّذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلّا أنفسهم}...
الآية الرّابعة قوله تعالى {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها}...
الآية الخامسة قوله تعالى {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}...
الآية السّادسة قوله تعالى {فإن تولّوا فإنّما عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم}...
الآية السّابعة قوله تعالى {يا أيها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّاتٍ}).[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 130-135]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) :
(
سورة النور مدنية
قوله تعالى: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} الآية.
قال ابن المسيّب: يزعمون أنها نسخت بقوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم}...

قوله تعالى: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدة}...
قوله تعالى: {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً}...
قوله تعالى: {إلاّ الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا}...
قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم}...
قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها}...
قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم}...
قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ}). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 359-370]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (باب: ذكر الآيات التي ادّعي عليهنّ النّسخ في سورة النور
ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ}...
ذكر الآية الثّانية: قوله تعالى: {والّذين يرمون المحصنات}...
ذكر الآية الثالثة: قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم}...
ذكر الآية الرّابعة: قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها}...
ذكر الآية الخامسة: قوله تعالى: {فإن تولّوا فإنّما عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم}...
ذكر الآية السّادسة: قوله تعالى: {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم}...
ذكر الآية السّابعة: قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم}). [نواسخ القرآن:404- 413]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (سورة النور:
الأولى: {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً} قال ابن المسيب نسخها {وأنكحوا الأيامى منكم}
الثانية: {لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم}
الثالثة : {فإن تولّوا فإنّما عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم}). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ:45- 46]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة النور: قوله عز وجل: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} الآية...
وقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها}...
وقوله عز وجل: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن}...
وقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم..}...
وقوله عز وجل: {فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم})[جمال القراء:1/338-342]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 ذو الحجة 1433هـ/18-10-2012م, 08:24 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قوله تعالى: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدة}

قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدة}:
عمّ الله جلّ ذكره بهذا الحدّ كلّ زانٍ وزانيةٍ.
وقد يتوهّم متوهمٌ أنه منسوخٌ بقوله في الإماء: {فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب} [النساء: 25]، وليس الأمر على هذا، إنّما هو على أحد وجهين:
- إما أن تكون آية الإماء نزلت قبل سورة النّور فيكون ذلك شيئًا قد استقرّ وعلم في الأنفس، ففهم من آية النور أنها في الأحرار خاصة.
- أو تكون آية الإماء نزلت بعد آية النور فخصّصتها وبيّنتها أنها في الأحرار دون الإماء، وحقّ النسخ زوال الحكم بأسره، وهذا لا يجوز في هذا، فلا نسخ يتوّهم في هذا، بل هما محكمتان في صنفين مختلفين.). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 362-363]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 ذو الحجة 1433هـ/18-10-2012م, 03:37 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة (3) }

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): ( الآية الثانية: قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة...} [3 / النور / 24] هذه الآية من أعاجيب آيات القرآن؛ لأن لفظها لفظ الخبر ومعناها معنى النهي تقدير الكلام والله أعلم: لا تنكحوا زانية ولا مشركة، ومثله قوله تعالى: {لتعلموا أن الله على كل شيء قدير...} [12 مدنية / الطلاق / 65] والمعنى اعلموا ومثله قوله تعالى: {ولكن رسول الله وخاتم النبيين} [45 مدنية / الأحزاب / 33] والمعنى: قولوا رسول الله، ناسخها قوله: {وأنكحوا الأيامى منكم} [32 / النور / 24] ولفظ النكاح ينقسم على خمسة أقسام منها:
ما كني بالنكاح عن العقد قال الله تعالى
: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات...}الآية [49 مدنية / الأحزاب / 33].
الثاني: نكاح آخر اسم للوطء لا العقد وهو قوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} [230 / النساء / 4].
الثالث: نكاح آخر لا وطء ولا عقد وهو بمعنى الحلم والعقل وهو قوله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح} [6 / النساء / 4].
الرابع: نكاح آخر: لا عقد ولا وطء ولا حلم ولكن سمي المهر باسم النكاح وهو قوله تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} [23 / النور / 24] يعني مهرا.
الخامس: نكاح آخر في قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} [3 / النور / 24] وسماه في هذا الموضع باسم النكاح ومعناه السفاح.). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 47-48]

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (قال أبو جعفرٍ: وقد ذكرنا قوله عزّ وجلّ: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ} وأنّه ناسخٌ لقوله تعالى {واللّاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعةً منكم}[النساء: 15] الآيتين في سورة النّساء.
ووجدنا في هذه السّورة آياتٍ سوى هذه فأولاهنّ قوله: {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٍ وحرّم ذلك على المؤمنين} [النور : 3]
للعلماء في الآية أربعة أقوالٍ منهم من قال: هي منسوخةٌ ومنهم من قال النّكاح هاهنا الوطء، ومنهم من قال الزّاني هاهنا المجلود في الزّنا لا ينكح إلّا زانيةً مجلودةً في الزّنا أو مشركةً وكذا الزّانية
ومنهم من قال: هي الزّانية الّتي تتكسّب بزناها وتنفق على زوجها واحتجّ بأنّ الآية في ذلك أنزلت

فمن قال: هي منسوخةٌ سعيد بن المسيّب
كما حدّثنا إسحاق بن إبراهيم القطّان، قال حدّثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، قال: حدّثني اللّيث بن سعدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيد بن قيسٍ الأنصاريّ، عن سعيد بن المسيّب، في قول اللّه تعالى {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٌ} [النور: 3] قال: " يزعمون أنّها نسخت بالآية الّتي بعدها {وأنكحوا الأيامى} [النور: 32] منكم فدخلت الزّانية في أيامى المسلمين "
وهذا القول الّذي عليه أكثر العلماء وأهل الفتيا يقولون: إنّ من زنا بامرأةٍ فله أن يتزوّجها ، ولغيره أن يتزوّجها وهو قول ابن عمر، وسالمٍ، وجابر بن زيدٍ، وعطاءٍ، وطاوسٍ، ومالك بن أنسٍ، روى عنه ابن وهبٍ أنّه سئل عن الرّجل يزني بامرأةٍ ثمّ يريد نكاحها، قال : ذلك له بعد أن تستبرئ من وطئها . وهو قول أبي حنيفة وأصحابه .
وقال الشّافعيّ في الآية القول فيها كما قال سعيد بن المسيّب: إن شاء اللّه إنّها منسوخةٌ

وممّن قال بالقول الثّاني: إنّ النّكاح هاهنا الوطء ابن عبّاسٍ
كما حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، وقوله تعالى: {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً} [النور: 3] الآية، قال: «الزّاني من أهل الملّة لا يزني إلّا بزانيةٍ مثله من أهل القبلة أو مشركةً والزّانية من أهل القبلة لا تزني إلّا بزانٍ مثلها من أهل القبلة أو مشركٍ وحرّم الزّنا على المؤمنين»
واختار محمّد بن جريرٍ هذا القول وأومأ إلى أنّه أولى الأقوال واحتجّ بأنّ الزّانية من المسلمين لا يجوز لها أن تتزوّج مشركًا بحالٍ وأنّ الزّاني من المسلمين لا يجوز له أن يتزوّج مشركةً وثنيّةً بحالٍ فقد تبيّن أنّ المعنى الزّاني من المسلمين لا يزني إلّا بزانيةٍ لا تستحلّ الزّنا من المسلمين أو مشركةً تستحلّ الزّنا والزّانية لا تزني إلّا بزانٍ من المسلمين لا يستحلّ الزّنا أو مشركٍ يستحلّ الزّنا، وحرّم ذلك الزّنا وهو النّكاح المذكور قبل هذا
والقول الثّالث: إنّ الزّاني المجلود لا ينكح إلّا زانيةً مجلودةً أو مشركةً وكذا الزّانية . قول الحسن
كما قرئ على إبراهيم بن موسى الجوزيّ، عن يعقوب الدّورقيّ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن، قال: «الزّاني المجلود لا ينكح إلّا زانيةً مجلودةً مثله أو مشركةً والزّانية المجلودة لا ينكحها إلّا زانٍ مجلودٌ مثلها أو مشركٌ»
وحدّثنا عليّ بن الحسين، قال: قال الحسن بن محمّدٍ الزّعفرانيّ، حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا حبيبٌ المعلّم، قال: جاء رجلٌ من أهل الكوفة إلى عمرو بن شعيبٍ فقال: ألا تعجب من الحسن يزعم أنّ الزّاني المجلود لا ينكح إلّا مثله ويتأوّل هذه الآية {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً}[النور: 3] فقال: ما يعجبك من هذا
حدّثني سعيد بن أبي سعيدٍ عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال:((الزّاني المجلود لا ينكح إلّا مثله))
قال أبو جعفرٍ: وهذا الحديث يجوز أن يكون منسوخًا كما نسخت الآية في قول سعيد بن المسيّب
والقول الرّابع: أنّ هذا كان في نسوةٍ كان الرّجل يتزوّج إحداهنّ على أن تنفق عليه ممّا تكسبه من الزّنا فحرّم اللّه تعالى نكاحهنّ، قول مجاهدٍ
كما قرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال: حدّثنا أسباط بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله تعالى {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً} [النور: 3] قال: «كنّ نساءٌ بغايا وكانت منهنّ امرأةٌ تدعى أمّ مهزمٍ فكان الرّجل يتزوّج إحداهنّ لتنفق عليه من كسبها فنهاهم اللّه تعالى عن ذلك أن يتزوّجهنّ أحدٌ من المسلمين»
قرئ على أحمد بن شعيبٍ، عن عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن الحضرميّ يعني ابن لاحقٍ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: " كانت امرأةٌ يقال لها أمّ مهزولٍ وكانت بأجيادٍ وكانت تسافح فأراد رجلٌ من المسلمين أن يتزوّجها فأنزل اللّه تعالى {والزّانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين} [النور: 3] "
قال أبو جعفرٍ: وهذا الحديث من أحسن ما روي في هذه الآية ذكر فيه السّبب الّذي نزلت فيه الآية فإذا صحّ جاز أن تكون الآية الناسخة بعده واللّه تعالى أعلم بحقيقة ذلك )
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/539-550]

قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الثّانية قوله تعالى {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزانية لا ينكحها إلّا زان أو مشرك} نسخت بقوله تعالى {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم}

فان قيل: لم قدم الله تعالى ذكر الزّانية قبل الزّاني وقدم الله تعالى ذكر السّارق على السارقة ؟
فالجواب في ذلك أن فعل الرجل في السّرقة أقوى وحيلته فيها أغلب والزّنا من المرأة أكثر وحيلتها فيها أغلب؛ لأنّها تحتوي إثم الفعل وإثم المواطأة وقد اختلف أهل العلم في الزّانية إذا زنت هل تحرم على زوجها أم لا فقال الأكثرون: لا تحرم.
وقال مجاهد: لو أصاب معها عشرة لم تحرم عليه
وقال آخرون: إذا وقع الزّنا قبل العقد لم تر إلّا زانيا أبدا.
وقال الأكثرون من الصّحابة والتّابعين : يجب عليهما جميعًا إذا فجرا قبل العقد أن يتوبا يتأولون قوله تعالى {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلّكم تفلحون} وقال الضّحّاك بن مزاحم : مثلهما كمثل رجل دخل بستانا فاخذ منه غصبا ثمّ عاد فابتاع منه شيئا بثمنه فكان ما أخذه غصبا حرامًا وما ابتاعه حلالا ومذهب عائشة رضي الله عنها انه إذا فسد الأصل فسد الفرع
) [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 130-131]

قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} الآية.
قال ابن المسيّب: يزعمون أنها نسخت بقوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم} [النور: 32]، فدخلت الزانية في أيامى المسلمين، وعلى هذا القول جماعةٌ من العلماء.
فمن زنى بامرأة مؤمنةٍ أو كتابيةٍ، فله أن يتزوّجها، أو لغيره من المسلمين أن يتزوّجها بعد أن يستبرئها - وهو قول جابر بن زيد وعبد الله بن عمر وعطاء وطاووس ومالك وأبي حنيفة وأصحابه والشافعي -.
وعن ابن عباس، أنه قال: النّكاح في هذه الآية الوطء والآية محكمة، ومعناها: أن الزاني لا يزني إلا بزانيةٍ مثله من أهل القبلة لا تستحلّ الزنا أو بمشركةٍ، وكذلك الزّانية من المسلمات لا تزني إلاّ مع زانٍ من المسلمين لا يستحلّ الزنا أو مع مشركٍ، ويدلّ على ذلك إجماعهم على أن الزانية من المسلمين لا يحلّ لها أن تتزوّج رجلاً من المشركين وأن الزاني من المسلمين لا يحلّ له أن يتزوّج مشركةً غير كتابية.
وعن الحسن أنه قال: الآية محكمةٌ غير منسوخة، ومعناها: أن المجلود على الزنا لا ينكح إلاّ زانيةً مجلودة على الزنا أو مشركةً، وكذلك الزّانية، وهذا هو الحكم عنده، وروى في ذلك حديثًا عن النبي عليه السلام، وقد أجمع أهل العلم على خلافه، والحديث إن صحّ فهو منسوخ كالآية بقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم} [النور: 32].
وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في نساءٍ بأعيانهن، كان الرّجل يتزوّج إحداهن على أن تنفق عليه مما تكسبه من الزنا فحرّم الله تعالى ذكره ذلك.
وعن القاسم بن عبد الله أنه كانت بـ "جياد" امرأة يقال لها أم مهروب، وكانت تسافح فأراد رجل من المسلمين أن يتزوجها، فأنزل الله جلّ ذكره: {والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشرك}، فتكون الآية على هذا القول محكمةً مخصوصةً في شيء بعينه. ثم نسخت بقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم}.
). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 359-362]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الأولى: {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً} قال ابن المسيب نسخها {وأنكحوا الأيامى منكم} ).[المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ:45]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ}.
قال عكرمة: هذه الآية في بغايا كنّ بمكّة أصحاب راياتٍ وكان لا يدخل عليهنّ إلا زانٍ من أهل القبلة أو مشركٍ، فأراد ناسٌ من المسلمين نكاحهنّ فنزلت هذه الآية.
قال ابن جريرٍ فعلى هذا يكون المعنى: الزّاني من المسلمين لا يتزوّج امرأةً من أولئك البغايا إلا زانيةً أو مشركةً؛ لأنّهنّ كذلك، والزّانية من أولئك البغايا لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٍ.

أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: بنا عمر بن عبيد اللّه البقّال، قال: بنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق ابن أحمد، قالت: بنا عبد الله بن أحمد، قال:

حدثني أبي، قال: بنا هشيمٌ، وأبنا ابن ناصرٍ، قال: أبنا ابن أيّوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال بنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا وهب بن بقية عن هشيم، قال: أبنا يحيى بن سعيدٍ عن سعيد بن المسيّب في قوله: {والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} قال: نسختها الآية الّتي بعدها: {وأنكحوا الأيامى منكم}.

قال الشّافعيّ: القول كما قال ابن المسيّب إن شاء اللّه).[نواسخ القرآن:404- 405]


قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة النور: قوله عز وجل: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} الآية [النور: 3] في معنى هذه الآية أقوال:
قال ابن المسيب، فيما رواه مالك عن يحيى بن سعيد عنه: إنها عامة، وإنها منسوخة بقوله عز وجل: {وأنكحوا الأيامى منكم} الآية [النور: 32] ولم يفرق بين زانية ولا عفيفة، فكل من زنى بامرأة أو زنى بها غيره جاز له أن يتزوجها.

قال الشافعي رحمه الله: الآية منسوخة إن شاء الله كما قال ابن المسيب، وكذلك يقول ابن عمر: (هي منسوخة بجواز نكاح الزانية)، وسالم وجابر بن زيد وعطاء وطاووس ومالك وأبو حنيفة.

والقول بأن الآية منسوخة يوجب أن الزاني كان محرما عليه أن ينكح عفيفة، ولا يجوز له أن ينكح إلا زانية أو مشركة، وأن الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، وادعاء ذلك ليس بالهين، ومتى أباح الله عز وجل نكاح المشركات غير الكتابيات لزناة المسلمين، ومتى أباح الله للزانية المسلمة أن تنكح المشرك، فهذا القول واه ظاهر السقوط.

ثم إن قوله عز وجل: {وحرم ذلك على المؤمنين} الآية [النور: 3] يوجب على هذا القول أن يكون الزاني والزانية غير المشركين، أن يكونا غير مؤمنين.

وقال مجاهد وقتادة والزهري: هذه الآية نزلت في قوم من المؤمنين أرادوا نكاح مومسات معلوم منهم الزنا في الجاهلية.

وقال ابن عمر رحمه الله: (استأذن رجل من المؤمنين النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح امرأة يقال لها: أم مهزول اشترطت له أن تنفق عليه وكانت تسافح).

والآية لا تطابق ما ذكروه، فكيف يكون سببا لنزولها، وكان ينبغي على ما ذكروه أن يكون أول الكلام "المؤمنون لا ينكحون الزواني" وفي ذلك أيضا ما ذكرته فيما سبق.
وعن ابن عباس رحمه الله: (المراد بالنكاح: الوطء، أي: أن الزاني من أهل القبلة لا يزني إلا بزانية مثله من أهل القبلة أو بمشركة، والزانية من أهل القبلة لا تزني إلا بزان مثلها من أهل القبلة أو بمشرك {وحرم ذلك} الآية [النور: 3] أي: وحرم الزنا على المؤمنين)، واختار هذا القول الطبري، وقال في قوله عز وجل: {وحرم ذلك على المؤمنين} الآية [النور: 3] أي: وحرم على المؤمنين نكاح المشركات الوثنيات، وعلى المؤمنات نكاح المشركين، وليس هذا القول بمستقيم، وأي فائدة في الإخبار بأن الزاني لا ينكح إلا زانية، أي لا يطأ إلا زانية، وفي أن الزانية لا يطأها إلا زان.

ورد قوم من العلماء القول بأن المراد بالنكاح: الوطء بقوله عز وجل: {وحرم ذلك على المؤمنين} الآية [النور: 3] وقال: هو محرم على المؤمنين وغيرهم، وإنما المراد بالنكاح التزويج، أي: وحرم نكاح البغايا والزناة.

وهذا الرد غير سديد؛ لأنه لا يلزم من قوله عز وجل: {وحرم ذلك على المؤمنين} الآية [النور: 3] أن يكون مباحا لغيرهم، وقد قال عز وجل: {حرمت عليكم الميتة} الآية [المائدة: 3] و{حرمت عليكم أمهاتكم} الآية [النساء: 23]، وإنما رده بما ذكرته.

وقال صاحب "الكشاف" في هذه الآية: الفاسق: الخبيث الذي من شأنه الزنا والتقحب، لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء واللائي على خلاف صفته، وإنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله، أو مشركة.

والفاسقة الخبيثة المسافحة كذلك، لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وينفرون عنها، وإنما يرغب فيها من هو من شكلها من الفسقة أو المشركين، ونكاح المؤمن الممدوح عند الله الزانية ورغبته فيها وانخراطه بذلك في سلك الفسقة المتسمين بالزنا محرم عليه محظور لما فيه من التشبه بالفساق وحضور موقع التهمة، والتسبب لسوء القالة فيه والغيبة، وأنواع المفاسد، ومجالسة الخطائين كم فيها من التعرض لاقتراف الآثام، فكيف بمزاوجة الزواني والقحاب، وقد نبه تعالى على ذلك بقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} الآية [النور: 32].

وقد قال هذا وهو يحسب أنه قال شيئا، ومتى كان الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، بل الزاني المتوغل في الزنا أكثر غيرة من غيره، ألا ترى إلى قوله: "بقدر العفة تكون الغيرة" فهو لا يرضى لنفسه أن تكون قعيدة بيته إلا في أبلغ درجات التصون، وتراه يتخيل من أدنى شيء لما عرفه من أحوال الزناة، ولهذا أجاز مالك رحمه الله ولاية الفاسق في النكاح.

ومتى أبيح للزاني نكاح المشركة الوثنية حتى لا يرغب إلا فيها، ومتى رأينا الزناة يطلبون المشركات لنكاحهن كتابيات أو غير كتابيات، ثم إن نكاح المشركات ليس فيه شيء مما ذكر، ولو كان فيه ذلك لما أباح الله عز وجل الكتابيات وأحله للمؤمنين، فكيف يكون مخالطتهم والكون معهم محرم على المسلمين.

فإن قيل: فما بقي للآية معنى تحمل عليه.

قلت: معناها تنفيرهم عن الزنا وتقبيحه في نفوسهم؛ لأن الله عز وجل ذكر في الآية التي قبلها حد الزاني ونهى عن الرأفة بمن زنى، وذكر أنها لا تجامع الإيمان، ثم قال في هذه الآية كالمؤكد لذلك: إذا كان الزاني المشهور بالزنا غير مرضي لنكاح من وليتم أمره، بل هو مردود عن ذلك مصدود استنكافا له، فلا ينكح إلا زانية مثله، والزانية لا تجد ناكحا لهجنتها إلا زانيا أو مشركا إن كانت مشركة.

فإذا كانت هذه حال الزنا عندكم فكيف ترضونه لأنفسكم، فقد حرمه عليكم لما فيه من رفع أقداركم وصرف السوء والفحشاء عنكم، والزاني في قوله عز وجل: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} الآية [النور: 3]، عام في كل زان مسلم أو مشرك، وفي كل زانية، فهذا الجنس لا ينكح إلا زانية إن كان مسلما أو مشركة إن كان مشركا، ونزه الله المؤمنين من ذلك فحرمه عليهم، والآية محكمة، والله أعلم). [جمال القراء:1/338-339]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 ذو الحجة 1433هـ/18-10-2012م, 04:53 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قوله تعالى : {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء}


قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم بن عبد الله بن شِهَاب الزهري (ت: 124هـ): (وقال تعالى: في سورة النور{والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء}.... إلى قوله تعالى:{هم الفاسقون}.
نسخ منها [قوله] : {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} الآية. إن كان من الصادقين إلى آخر اللعان، فإن حلف فرق عنهما ولم يجلد واحدٌ منهما، وإن لم يحلف أقيم عليه الحد. *).[الناسخ والمنسوخ للزهري: 31]

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): ( أولاهن قوله تعالى: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا...} الآية [4 / النور / 24] نسخت بقوله: {إلا الذين تابوا...} [5 / النور / 24].). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 47]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الأولى قوله تعالى {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة} الآية نسخها الله بالاستثناء الّذي يليها وهو قوله تعالى {إلّا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم}) [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 130]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً} الآية.
وجب من ظاهر هذا النص وعمومه جلد الرّجل ثمانين جلدةً إذا رمى زوجته بالزنا أو غير زوجته ثم نسخ الله الحد في الزوجة باللّعان المذكور بعد هذا الموصوف حكمه.
وقد قيل: إن الآية مخصوصةٌ في قذف غير الزوجات، وبيّن ذلك اللعان وخصّصه، فلا نسخ فيه.
واحتجّ من رأى النسخ في الآية فقال: إن النسخ في الآية ظاهرٌ بما رواه ابن سيرين عن أنس بن مالك أنّ هلال بن أميّة قذف امرأته ورماها بشريك بن سحمي، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ائت بأربعة شهداء، وإلاّ تحدّ في ظهرك)). فقال هلال: إن الله يعلم أني صادق وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكرّر عليه إيجاب الحدّ، وهلال يكرر قوله: إن الله يعلم أني صادق ثم قال هلال: والله لينزلنّ الله - عزّ وجلّ - عليك ما يبرّئ ظهري من الجلد فنزلت آية اللعان - الحديث -.
فهذا يدلّ على أن الحدّ كان واجبًا على القاذف لزوجته ولغيرها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب عليه الحدّ، ثم نسخ الله ذلك باللعان، وبقي الحدّ على القاذف لغير زوجته، وهذا يبيّن أن الآية الأولى كانت عامةً في القاذف لزوجته أو لغيرها ثم نسخ الحدّ عن القاذف لزوجته باللّعان المذكور بعد ذلك، فهو من نسخ القرآن بالقرآن.
وقد روي عن ابن عباس أنه قال: إنه منسوخٌ بقوله: {والّذين يرمون أزواجهم} [النور:6] الآية.
قال أبو محمد: والرّواية عن ابن عباس في هذا ضعيفةٌ. والذي يقول به أهل النظر: إن هذا لا يجوز أن ينسخ لأن نسخه رفع حكمه كلّه، والحكم بالجلد على القاذف المحصنة بالزنا وعلى القاذف زوجته إذا نكل عن اللّعان باقٍ لكنه مخصّص ومبيّن بالآية الثانية. بيّن الله بآية اللعان أن المراد بالآية الأولى قذف غير الأزواج بالزنا وما على من فعله، وبيّن في الثانية ما على الأزواج إذا قذفوا زوجاتهم بالزنا من اليمين والحكم، وما على الزوجات في ذلك، وبيّنت السّنّة أنّ من نكل منهما عن اليمين رجع إلى الحدّ إما الجلد ثمانين على الزوج إذا نكل، وإما الرجم على الزوجة إذا كانت محصنةً، أو الجلد مائةً إذا كانت غير محصنة، فالآيتان لا نسخ فيهما غير أن الثانية بينت الأولى وخصّصتها فأخرجتها من العموم إلى الخصوص.
وفهم من دليل الخطاب مع ما بيّنته السّنّة أن الحدّ في قذف الرّجل الحرّ بالزنا كالحدّ في قذف المرأة الحرّة، إذ النّص إنما وقع في قذف النساء الحرائر. والإحصان في قوله: {والّذين يرمون المحصنات}: الحرية، أو العفاف، أو الإسلام، أو أحدهما مع التزويج، ولا يحسن أن يكون الإحصان في هذا: التزويج فقط، لأنه يلزم أن لا يحدّ من رمى غير متزوجةٍ بالزنا.
قوله تعالى: {إلاّ الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} الآية:
قال أبو عبيد وغيره: هذا ناسخٌ لقوله: {ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا} [النور: 4]: أوجبت ترك قبول شهادة القاذف على الأبد، ثم نسخه بقوله: {إلاّ الّذين تابوا} [النور: 4].
قال أبو محمد: وهذا عند جميع العلماء ليس بنسخ، إنما هو استثناء بحرف الاستثناء، ولو وجب هذا لكان كلّ استثناء ناسخًا للمستثنى منه. وهذا لا يقوله أحد.
وقد اختلف في رجوع هذا الاستثناء:
فقيل: يرجع إلى الفاسقين ولا تقبل شهادة القاذف أبدًا وإن تاب، ويكون الوقف على هذا القول على "أبدًا". وقيل: يرجع الاستثناء إلى قوله: {ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا} [النور: 4]، فتقبل شهادة القاذف على هذا القول إذا تاب، وعليه أكثر الفقهاء.
وقد بسطنا شرح هذه الآية بأشبع من هذا في غير هذا الكتاب، ويكون الوقف على "رحيم" ولا يوقف على "أبدًا" - في هذا القول -). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 363-366]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية الثّانية: قوله تعالى: {والّذين يرمون المحصنات}.
زعم من لا فهم له، من ناقلي التّفسير، أنّها نسخت (بالاستثناء) بعدها، وهو قوله تعالى {إلاّ الّذين تابوا} وقد بيّنّا في مواضع أنّ الاستثناء لا يكون ناسخًا). [نواسخ القرآن:406]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 ذو الحجة 1433هـ/28-10-2012م, 01:19 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلاأنفسهم (6) }

قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني
محمد بن مسلم بن عبد الله بن شِهَاب الزهري (ت: 124هـ):قال (وقال تعالى: في سورة النور {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} إلى قوله تعالى: {هم الفاسقون}.نسخ منها [قوله] : {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} الآية. إن كان من الصادقين إلى آخر اللعان، فإن حلف فرق عنهما ولم يجلد واحدٌمنهما، وإن لم يحلف أقيم عليه الحد).[الناسخ والمنسوخ للزهري: 31-32]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ):
(
الآية الثالثة: قوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا
أنفسهم...} الآية [6 / النور / 24] نسخها بالآيتين اللتين بعدها وهما قوله تعالى: {والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين} [7 / النور / 24] وكذلك {والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} [9 / النور / 24] فيدرأ عنها الحد، وعنه الحلف مع الملاعنة فإن نكل أحدهما وحلف الآخر سقط الحد عن الحالف، وأقيم الحد على الناكل.). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 48]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الثّالثة قوله تعالى {والّذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلّاأنفسهم}

نزلت في عاصم بن عدي الأنصاريّ وكان مقدما في الأنصار وذلك أنه قال للنّبي (صلى الله عليه وسلم): يا رسول الله الرجل يدخل بيته فيجد مع امرأته رجلا فإن عجل عليه فقتله قتل به وإن شهد عليه أقيم عليه الحد فما يصنع يا رسول الله؟
فما كان إلّا أيّامًا يسيرة حتّى ابتلى رجل من أل عاصم بهذه البلية وجد مع امرأته رجلا فجاء عاصم إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله لقد ابتليت بهذه البلية في رجل من أهل بيتي وجد مع امرأته رجلا فنزل جبريل عليه السّلام، فقال: يا محمّد اقرأ
{والّذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلّا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهاداتٍ بالله إنّه لمن الصّادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين} ثمّ قال سبحانه {ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات باللّه إنّه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصّادقين} وذلك أمر باللّعان وصورته أن يجيء الرجل فيشهد على امرأته بالزّنا فيقعد بعد العصر في محفل من النّاس أو بعد الصّلاة
من الصّلوات فيصعد به إلى موضع علو فيحلف باللّه أربع أيمان أنه صادق فيما رماها به من الزّنا ويقول في الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثمّ ينزل من موضع ما ارتفع عليه وتصعد امرأته فتحلف باللّه أربع أيمان أن زوجها كذب عليها فيما ادّعى عليها ورماها به من الزّنا وتقول في الخامسة إن غضب الله عليها إن كان زوجها صادقا فيما رماها به فإذا فعلا ذلك فرق بينهما من غير طلاق ولم يجتمعا بعد ذلك أبدا وإن جاءت بحمل لم يلحق بالزّوج منه شيء وتكون هي أولى بولدها فإن حلف أحدهما ونكل الآخر أقيم الحد عليه وإن نكلا جميعًا أقيم الحد عليهما والحد في مذهب أهل الحجاز الرّجم وفي مذهب أهل العراق الجلد). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 132-133]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو الحجة 1433هـ/28-10-2012م, 01:25 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قال تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها}

قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم بن عبد الله بن شِهَاب الزهري (ت: 124هـ): (وقال تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها}.... إلى قوله تعالى: {لعلكم تذكرون}.
نسخ منها قوله تعالى: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم}. وهي بيوت المتاجرة ومنازل الضيوف، فقال: {والله يعلم ما تبدون وما تكتمون}. ).[الناسخ والمنسوخ للزهري: 32]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): ( الآية الرابعة: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم...} الآية [27 / النور / 24] نسخت بقوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة...} الآية [29 / النور / 24].). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 48]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (باب ذكر الآية الثّانية
قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها ذلكم خيرٌ لكم لعلّكم تذكّرون} [النور: 27] للعلماء في هذه الآية قولان :
فمنهم من قال: لمّا قال: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} [النور: 27] كان هذا عامًّا في جميع البيوت ثمّ نسخ من هذا واستثنى فقال تعالى: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم}
[النور: 29]

ومنهم من قال : الآيتان محكمتان فقوله تعالى {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} [النور: 27] يعني به البيوت الّتي لها أربابٌ وسكّانٌ، والآية الأخرى في البيوت الّتي ليس لها أربابٌ يعرفون ولا سكّان فالقول الأوّل يروى عن ابن عبّاسٍ، وعكرمة
كما حدّثنا أبو الحسن، عليل بن أحمد، قال: حدّثنا محمّد بن هشامٍ، قال: حدّثنا عاصم بن سليمان، قال حدّثنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا} [النور: 27] قال حتّى تستأذنوا {وتسلّموا على أهلها} [النور: 27] قال: " فيه تقديمٌ وتأخيرٌ حتّى تسلّموا على أهلها وتستأنسوا قال ثمّ استثنى البيوت الّتي على طرق النّاس والّتي ينزلها المسافرون فقال تعالى: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ} [النور: 29] يقول ليس لها أهلٌ ولا سكّانٌ بغير تسليمٍ ولا استئذانٍ {فيها متاعٌ لكم قال متاعٌ لكم} قال: منافع من الحرّ والبرد "
وروى يزيد، عن عكرمة، والحسن، {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} [النور: 27]، قالا: " ثمّ نسخ من ذلك واستثنى فقال {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} [النور: 29] "
والقول الثّاني: أنّهما محكمتان قول أكثر أهل التّأويل
فأمّا ما روي عن ابن عبّاسٍ وبعض النّاس يقول عن سعيد بن جبيرٍ أنّه قال:
أخطأ الكاتب إنّما هو حتّى تستأذنوا فعظيمٌ محظورٌ القول به لأنّ اللّه تعالى قال: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} [فصلت: 42]، ومعنى {حتّى تستأنسوا} [النور: 27] بيّنٌ عند أهل التّأويل وأهل العربيّة
كما قرئ على عبد اللّه بن أحمد بن عبد السّلام، عن أبي الأزهر، قال: حدّثنا روحٌ، عن عثمان بن غياثٍ، عن عكرمة، {حتّى تستأنسوا} [النور: 27] قال: «حتّى تستأذنوا»
وقال مجاهدٌ: «هو التّنحنح والتّنخّم»
قال أبو جعفرٍ وأهل العربيّة يشتقّونه من جهتين: إحداهما {حتّى تستأنسوا} [النور: 27] حتّى تستعلموا قال تعالى {آنس من جانب الطّور نارًا} [القصص: 29] والجهة الأخرى حتّى تأنسوا بأنّ الّذي تريدون الدّخول إليه قد رضي دخولكم
والّذي ذكرناه عن ابن عبّاسٍ من التّقديم والتّأخير حسنٌ أي لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم لها أربابٌ وفيها سكّانٌ حتّى تسلّموا وتستأذنوا فتقولوا السّلام عليكم أأدخل؟ أو ما كان في معنى هذا من التّنحنح والتّنخّم والإذن {ذلكم خيرٌ لكم} [البقرة: 54] من أن تدخلوا بغير إذنٍ فتروا ما لا تحبّون أن تروه وتعصوا اللّه تعالى {لعلّكم تذكّرون} [النور: 27] ما يجب للّه تعالى عليكم من طاعته فتلزمونه فهذه محكمةٌ في حكم غير حكم الثّانية
والثّانية قد تكلّم في معناها العلماء
كما قرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال حدّثنا أبو معاوية، قال: حدّثنا الحجّاج بن أرطاة، عن سالمٍ المكّيّ، عن محمّد بن عليّ بن الحنفيّة، في قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} [النور: 29] قال: «هي بيوت الخانات وبيوت الأسواق»
فأمّا قول عبد الرّحمن بن زيدٍ هي بيوت التّجّار والحوانيت في القيساريّات والأسواق فقولٌ مرغوبٌ عنه لأنّ الحوانيت الّتي فيها متاع النّاس لا يحلّ دخولها إلّا بإذن صاحبها وإن فتحها وجلس لأنّ النّاس أحقّ
بأملاكهم وأيضًا فنصّ القرآن {فيها متاعٌ لكم} [النور: 29] وليس متاع التّجّار بمتاعٍ للمخاطبين
وقد قال مجاهدٌ: «هي بيوتٌ كانت في طريق المدينة يضع النّاس فيها أمتعتهم فأذن لهم في دخولها بغير إذنٍ»
قال أبو جعفرٍ: فإذا كانت هذه البيوت إنّما بنيت لهذا فهي مباحاتٌ لا يحتاج فيها إلى إذنٍ
ومن أجمع ما قيل في الآية قول جابر بن زيدٍ
كما حدّثنا أحمد بن محمّدٍ الأزديّ، قال: حدّثنا إبراهيم بن مرزوقٍ، قال: حدّثنا يعقوب بن إسحاق الحضرميّ، عن حبيب بن أبي حبيبٍ، عن عمرو بن هرمٍ، عن جابر بن زيدٍ، في قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} [النور: 29] قال: «ليس يعني بالمتاع الجهاز ولكن ما سواه من الحاجة إمّا منزلٌ ينزله قومٌ من ليلٍ أو نهارٍ أو خربةٌ يدخلها الرّجل لقضاء حاجته أو دارٌ ينظر إليها فهذا متاعٌ وكلّ منافع الدّنيا متاعٌ»
قال أبو جعفرٍ: وهذا شرحٌ حسنٌ من قول إمامٍ من أئمّة المسلمين وهو موافقٌ للّغة، والمتاع في كلام العرب المنفعة ومنه أمتع اللّه بك ومنه {فمتّعوهنّ} [الأحزاب: 49]
فالمعنى على قوله ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها منفعةٌ لكم من قضاء حاجةٍ أو دخول رجلٍ إلى دارٍ يقلّبها لشراءٍ أو إجارةٍ وما تقدّم من قول العلماء سوى ابن زيدٍ داخلٌ في هذا ) [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/551-556]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الرّابعة قوله تعالى {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} هذا مقدم ومؤخر ومعناه حتّى تسلموا وتستأنسوا والاستئناس ههنا الإذن بعد السّلام ثمّ نسخت من هذه الآية بيوت مثل الرّبط والحانات والحوانيت فقال تعالى {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم}) [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 133-134]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم} الآية:
روي عن ابن عباس أنها منسوخةٌ نسخها قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} [النور: 29] الآية يعني الخانات التي ينزلها المسافرون.
وقيل: هي الحوانيت.
وقال أكثر المفسرين: الآيتان محكمتان
مرادٌ بأحدهما: البيوت التي لها سكانٌ لا تدخل إلا بإذن.
ومرادٌ بالأخرى: ما ليس فيه ساكن من بيوت الخانات والحوانيت، وشبه ذلك.

وتستأنسوا: (تستعلموا).). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 366]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية الثالثة: قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم} الآية.
ذهب بعض المفسّرين إلى أنّه نسخ من حكم هذا النّهي العامّ حكم البيوت الّتي ليس لها أهلٌ يستأذنون، بقوله تعالى: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونةٍ}.
أخبرنا المبارك بن عليٍّ، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريشٍ، قال: أبنا إبراهيم بن عمر البرمكيّ، قال: أبنا محمّد بن إسماعيل قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: أبنا محمد بن قهزاذ، قال: بنا عليّ بن الحسين بن واقدٍ قال: حدّثني أبي عن يزيد النّحويّ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما قال: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتّى تستأنسوا} الآية ثمّ نسخ واستثني من ذلك: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} (وهذا) مرويٌّ عن الحسن، وعكرمة، والضّحّاك، (وليس هذا نسخٌ) إنّما هو تخصيصٌ.
والثّاني: أنّ الآيتين محكمتان (فالاستئذان) شرطٌ في الأولى، إذا كان للدار أهل، و (الثانية) وردت في بيوتٍ لا ساكن لها
(والإذن) لا يتصوّر من غير آذنٍ، فإذا بطل الاستئذان لم يكن البيوت الخالية داخلةٌ في الأولى، وهذا أصحّ). [نواسخ القرآن: 407]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الثانية: {لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم} الآية قال بعض ناقلي التفسير: نسخ من هذا النهي العام حكم البيوت التي لا أهل لها يستأنسون بقوله {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونةٍ} 0 وهذا تخصيص لا نسخ). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ:46]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} الآية [النور: 27] ليس بمنسوخ بقوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم} الآية [النور: 29] كما ذكروا؛ لأن الأولى في البيوت المسكونة، يدل على ذلك قوله عز وجل: {وتسلموا على أهلها} الآية [النور: 27] والثانية في البيوت التي ينزلها المسافرون وبيوت الخانات والبيوت التي ليس لها أرباب ولا سكان). [جمال القراء:1/340]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 ذو الحجة 1433هـ/28-10-2012م, 02:01 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قال تعالى: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً (60)}

قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم بن عبد الله بن شِهَاب الزهري (ت: 124هـ): (وقال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن}.... إلى قوله تعالى: {أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء}.).[الناسخ والمنسوخ للزهري: 31]
نسخ منها [قوله] : {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً}..... إلى قوله: {سميعٌ عليمٌ}.).[الناسخ والمنسوخ للزهري: 31-32]

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): ( الآية الخامسة: قوله تعالى: {وقل للمؤمنات يغضض من أبصارهن...} الآية [31 / النور / 24] نسخ بعضها بقوله: {والقواعد من النساء...} الآية). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 48]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الخامسة قوله تعالى {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن} الآية نسخها الله تعالى بقوله {والقواعد من النساء اللّاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينة} والّذي يضعنه الجلباب والخمار ثمّ قال عز وجل {وأن يستعففن خيرٌ لهنّ}
) [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 134]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها}. الآية:
أمر الله جميع المؤمنات بذلك.
قال ابن عباس: نسخ ذلك بقوله تعالى: {والقواعد من النّساء} الآية فأباح الله لهنّ وضع الجلابيب التي تستر الزينة، لكنه قال: {وأن يستعففن خيرٌ لهن} [النور: 60]، أي: أن يلبسن جلابيبهن ويستترن خيرٌ لهن.
قال أبو محمد: وقد يكون قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهنّ} مخصوصًا في غير القواعد، وتكون آية القواعد خصّصتها وبيّنت أنها في غير القواعد من النساء، ودليل ذلك أنّ حكم الأولى لم يزل بكلّيّته، إنما زال بعضه، وأكثر النسخ وبابه وأصله إنما هو بزوال الحكم الأول وحلول الثاني محلّه.
وباب التخصيص معناه: زوال بعض حكم الأول وبقاء ما بقي على حكمه. فهذا بالتخصيص أشبه منه بالنسخ.). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 366-367]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية الرّابعة: قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها}.

قال ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه هو الرّداء. وقد زعم قومٌ: أنّ هذا نسخٌ، بقوله: {والقواعد من النّساء اللاّتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهنّ جناحٌ أن يضعن ثيابهن}.
أخبرنا المبارك بن عليٍّ، قال: أبنا أحمد بن الحسين، قال: أبنا البرمكيّ، قال: أبنا محمّد بن إسماعيل، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا محمد بن قهزاذ قال: بنا عليّ بن الحسين بن واقدٍ، قال: حدّثني أبي عن يزيد النحوي عن عكرمة عن بن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ} إلى قوله: {ليعلم ما يخفين من زينتهنّ} نسخ ذلك واستثني من قوله: {والقواعد من النّساء اللاّتي لا يرجون نكاحاً} وكذلك قال الضّحّاك وهذا ليس بصحيحٍ؛ لأنّ الآية الأولى فيمن يخاف (الافتتان) بها وهذه الآية في العجائز، فلا نسخ). [نواسخ القرآن: 408]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وقوله عز وجل: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} الآية [النور: 31]، ليس ذلك بمنسوخ، بل هو محكم واجب على جميع النساء.
وقال قوم: نسخ بعضها بقوله عز وجل: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة} الآية [النور: 60] وليس هذا بناسخ لما تقدم لمن تأمل). [جمال القراء:1/340]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 ذو الحجة 1433هـ/28-10-2012م, 02:19 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قوله تعالى: {فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم (54)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ):
(
الآية السادسة:
قوله تعالى: {فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم...} الآية [54 / النور / 24] نسخها آية السيف.). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 48]

قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية السّادسة قوله تعالى {فإن تولّوا فإنّما عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم} نسختها آية السّيف وباقي الآية محكم) [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 134]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية الخامسة: قوله تعالى: {فإن تولّوا فإنّما عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم}.
زعم بعضهم: أنّها منسوخةٌ بآية السّيف وليس هذا صحيحًا، فإنّ الأمر بقتالهم لا ينافي أن يكون عليه ما حمّل، وعليهم ما حمّلوا، ومتى لم يقع التّنافي بين النّاسخ والمنسوخ لم يكن [ نسخ ]). [نواسخ القرآن: 409]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الثالثة : {فإن تولّوا فإنّما عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم}
قيل نسختها آية السيف وليس بصحيح لأن الأمر بقتالهم لا ينافي أن يكون عليه ما حمل وعليهم ما حملوا وإذا لم يقع تنافي فلا نسخ). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ:45- 46]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وقوله عز وجل: {فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم} الآية [النور: 54] قالوا: نسخت بآية السيف، وهذا خبر، وخبر الله عز وجل لا ينسخ). [جمال القراء:1/342]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 ذو الحجة 1433هـ/28-10-2012م, 02:21 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم (58)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ):
(
الآية السابعة: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت
أيمانكم..} الآية [58 / النور / 24] نسخها بالآية التي تليها وهي قوله تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم...} الآية [59 / النور / 24].).
[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 48]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (بابٌ في ذكر الآية الثّالثة قال جلّ وعزّ: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّاتٍ من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم مّن الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لّكم}[النور: 58] للعلماء في هذه الآية ستّ أقوالٍ
منهم من قال: هي منسوخةٌ
ومنهم من قال: هي ندبٌ غير واجبةٍ
ومنهم من قال: هي في النّساء دون الرّجال
ومنهم من قال: هي في الرّجال دون النّساء
ومنهم من قال: كان العمل بها واجبًا؛ لأنّ القوم لم يكن لهم إغلاقٌ ولا ستورٌ فإن عاد الأمر إلى ذلك كان العمل بها واجبًا

ومنهم من قال: هي محكمةٌ واجبةٌ على المسلمين أن يعملوا بها كما أمر اللّه تعالى لأنّ أمره حتمٌ إلّا أن يقع دليلٌ على غير ذلك
فممّن قال إنّها منسوخةٌ سعيد بن المسيّب
كما حدّثنا جعفر بن مجاشعٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الحربيّ، قال: بلغني عن داود، عن سعيد بن المسيّب، {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} [النور: 58] الآية قال: «هي منسوخةٌ»
قال الحربيّ، وحدّثنا بندارٌ، قال: حدّثنا غندرٌ، قال: حدّثنا شعبة عن أبي بشرٍ، عن سعيدٍ وهو ابن جبيرٍ: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} [النور: 58] قال: «لا يعمل بها اليوم»
قال أبو جعفرٍ: فهذا قولٌ
وروى أيّوب، عن أبي قلابة، {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} [النور: 58]، {وأشهدوا إذا تبايعتم} [البقرة: 282] قال: «إنّما أمر بهذا نظرًا لهم»
حدّثنا أبو جعفرٍ قال حدّثنا جعفر بن مجاشعٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي حصينٍ، عن أبي عبد الرّحمن، {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} [النور: 58] قال: «النّساء عني بها»
فهذه ثلاثة أقوالٍ هذا القول منها بيّن الخطأ لأنّ الّذين لا يكون للنّساء في كلام العرب إنّما يكون للنّساء اللّاتي واللّائي
وحدّثنا جعفر بن مجاشعٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} [النور: 58] قال: «هي في الرّجال دون النّساء»
وهذا القول الرّابع يستحسنه أهل النّظر لأنّ الّذين في كلام العرب للرّجال وإن كان يجوز أن يدخل معهم النّساء فإنّما يقع ذلك بدليلٍ والكلام على ظاهره غير أنّ في إسناده ليث بن أبي سليمٍ
وقرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن زيادٍ، قال: حدّثنا الدّراورديّ، عن عمرو بن أبي عمرٍو، عن عكرمة، أنّ رجالًا من أهل العراق سألوا ابن عبّاسٍ كيف ترى في هذه الآية في كتاب اللّه قول اللّه تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} [النور: 58] لا يعمل بها أحدٌ؟ فقال ابن عبّاسٍ: «إنّ اللّه رفيقٌ حليمٌ رحيمٌ بالمؤمنين يحبّ السّترة عليهم وكان القوم ليس لهم ستورٌ ولا حجالٌ فربّما دخل الخادم أو الولد أو يتيمه وهو مع أهله في حال جماعٍ، فأمر اللّه تعالى بالاستئذان في هذه الثّلاث الحالات»
قال أبو جعفرٍ وحدّثنا بهذا الحديث، جعفر بن مجاشعٍ، قال: حدّثنا إبراهيم، قال: حدّثنا ابن الصّبّاح، قال: حدّثنا خالد بن مخلدٍ، قال: حدّثنا سليمان بن بلالٍ، عن عمرٍو، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، نحوه، وزاد فيه (ثمّ جاء اللّه باليسر وبسط في الرّزق فاتّخذ النّاس السّتور والحجال فرأى النّاس ذلك قد كفاهم من الاستئذان الّذي أمروا به).
وهذا القول الخامس: متنه حسنٌ وليس فيه دليلٌ على نسخ الآية ولكن على أنّها كانت على حالٍ ثمّ زالت فإن كان مثل تلك الحال فحكمها قائمٌ كما كان
والقول السّادس: إنّها محكمةٌ واجبةٌ ثابتةٌ على الرّجال والنّساء قول أكثر أهل العلم
كما حدّثنا محمّد بن جعفرٍ الأنباريّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يحيى، قال: حدّثنا يعلى بن عبيدٍ، قال: حدّثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «ثلاث آياتٍ من القرآن قد ترك النّاس العمل بهنّ» قال عطاءٌ حفظت آيتين ونسيت واحدةً في قول اللّه تعالى: " {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم}[النور: 58] حتّى تختم الآية وفي الرّجل يقول للآخر أنا أكرم منك أحدٌ أكرم من أحدٍ إلّا بالتّقوى، وهو قول اللّه تعالى: {يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم} [الحجرات: 13] "
قال أبو جعفرٍ: وهذا القول بأنّ الآية محكمةٌ عامّةٌ قول القاسم بن محمّدٍ، وجابر بن زيدٍ، والشّعبيّ
كما قرئ على إبراهيم بن موسى الجوزيّ، عن يعقوب الدّورقيّ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن الشّعبيّ، {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} [النور: 58] قال: " ليست بمنسوخةٍ قلت إنّ النّاس لا يعملون بها قال: اللّه عزّ وجلّ المستعان " ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/557-561]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية السّابعة قوله تعالى {يا أيها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّاتٍ}) [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة:135]
نسختها الآية الّتي تليها وهي قوله تعالى {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الّذين من قبلهم} ). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة:135]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} الآية:
روي عن ابن المسيّب أنه قال: هي منسوخةٌ، ولم يذكر ما نسخها.
وسئل ابن عباس عن هذه الآية فقال: لا يعمل بها اليوم. وذلك أن القوم كانوا لا سترة لهم ولا حجال، فربما دخل عليهم الخدم والولد وهم في حال جماعٍ، فأمر الله جلّ ذكره بالاستئذان في الأوقات المذكورة، ثم جاء الله بالستر وبسط الرزق، فاتخذ الناس الأبواب والستور، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به، وكذلك قال مالك إذ سئل عن الآية.
قال أبو محمد: فعلى هذا القول يكون هذا مما نزل وفرض لعلّةٍ فلما زالت تلك العلّة زال الحكم، وبقي اللفظ متلوًّا كآخر سورة الممتحنة.
وعن أبي قلابة أنه قال: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم} [النور: 58] الآية وقوله: {وأشهدوا إذا تبايعتم} [البقرة: 282]: إنما أمروا بهذا على طريق الحضّ والنّدب، وليس بواجبٍ فرضٍ.
وأكثر العلماء على أن الآية محكمةٌ، وحكمها باق، والاستئذان في هذه الثلاثة الأوقات واجبٌ.
قال الشعبي: ليست هذه الآية منسوخةً، فقيل له: إن الناس لا يعملون بها، فقال: الله المستعان.
وقد روي عن ابن عباس أنه قال: ثلاث آياتٍ من كتاب الله، لا أرى أحدًا من الناس يعمل بهنّ: {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} الآية، {وإذا حضر القسمة أولو القربى} الآية، {إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم} الآية.
- وقال مثل ذلك سعيد بن جبير، ويحيى بن يعمر -.
وقد اختلف في قوله: {الّذين ملكت أيمانكم}. فقيل: ذلك في الإماء، فأما العبيد فلا يدخلون في هذه الأوقات ولا في غيرها إلا بالاستئذان.
وقال أكثر الناس بظاهر الآية بأن العبيد والإماء يستأذنون في هذه الثلاث الأوقات خاصةً دون غيرها.
والقول الأوّل مرويٌ عن أبي عبد الرحمن السّلمي، وكلا القولين يدل على أن الآية محكمةٌ غير منسوخة. ). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 367-369]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية السّادسة: قوله تعالى: {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم}.
اختلفوا في هذه الآية، فذهب الأكثرون إلى أنّها محكمةٌ.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد اللّه، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: أبنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: (بنا) عفان، قال: بنا أبو عوانة، قال: بنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: هذه الآية ممّا تهاون النّاس به {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} وما نسخت قطّ.
قال أحمد: وبنا وكيعٌ عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن الشّعبيّ {ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم} قال: ليست منسوخةً، وهذا قول القاسم بن محمّدٍ، وجابر بن زيد.
(فقد) أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد قال: بنا عبد اللّه بن أحمد قال: حدثني أبي، قال: بنا هشيم، قال: بنا شعبة عن داود بن أبي هندٍ، عن ابن المسيب، قال: هذه الآية منسوخة.
وقد روي عنه أنّه قال: هي منسوخةٌ بقوله: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} وهذا ليس بشيءٍ؛ لأنّ معنى الآية: {وإذا بلغ الأطفال منكم} أي: من الأحرار (الحلم) فليستأذنوا، أي: في جميع الأوقات في الدّخول عليكم {كما استأذن الّذين من قبلهم} يعني: كما استأذن الأحرار الكبار الّذين بلغوا قبلهم، فالبالغ يستأذن في كلّ وقتٍ، والطّفل والمملوك يستأذنان في العورات الثلاث). [نواسخ القرآن: 410-411]

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم..} الآية [النور: 58].
روي عن ابن عباس رحمه الله أنها منسوخة وكذلك قال سعيد بن المسيب.
وهذا مما يوضح ما قلته من أنهم كانوا يطلقون النسخ على غير ما نطلقه نحن عليه؛ لأن ابن عباس رحمه الله سئل عن هذه الآية فقال: (لا يعمل بها اليوم، قال: وذلك أن القوم لم يكن لهم ستور ولا حجال، فربما دخل الخادم والولد واليتيم على الرجل وهو يجامع، فأمر الله عز وجل بالاستئذان في هذه الساعات الثلاث، ثم جاء الله عز وجل باليسر وبسط الرزق، فاتخذ الناس الستور والحجاب، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم عن الاستئذان).
وقال ابن المسيب: هي منسوخة لا يعمل بها اليوم، وهذا من قوله دليل واضح على ما ذكرته فلا تغتر بقولهم: منسوخ، فإنهم لا يريدون به ما تريد أنت بالنسخ، والدليل على هذا أن هذه الآية لم يرد لها ناسخ من القرآن ولا من السنة على قول من يجيز نسخه بالسنة، وأن حكمها باق فيمن يكون حاله كحال من أنزلت فيه بإجماع.
قال الشعبي: ليست منسوخة، فقيل له: إن الناس لا يعملون بها اليوم، فقال: الله المستعان.
وأكثر العلماء على أنها محكمة، وحكمها باق والاستئذان غير منسوخ). [جمال القراء:1/341-342]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 13 ذو الحجة 1433هـ/28-10-2012م, 02:23 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قال تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ (61)}

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (باب ذكر الآية الرّابعة

قال تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ} [النور: 61] الآية
للعلماء فيها ستّة أقوالٍ
منهم من قال في قوله تعالى {ولا على أنفسكم} [النور: 61] إلى آخر الآية إنّه منسوخٌ ومنهم من قال في الآية إنّها ناسخةٌ لما قال اللّه تعالى {يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} [النساء: 29] فامتنع النّاس من أن يأكلوا طعامًا لأحدٍ إذا دعاهم إليه حتّى أنزل اللّه تعالى {ولا على أنفسكم أن تأكلوا} [النور: 61] الآية
واختلف الّذين قالوا هذا على أربعة أقوالٍ
فمنهم من قال: فأبيح للرّجل أن يأكل من هذه البيوت بغير إذن صاحبها
ومنهم من قال: أبيح له إذا أذن له
ومنهم من قال: كان الأعمى والأعرج والمريض لا يأكلون مع النّاس لئلّا يكره النّاس ذلك فأزيل هذا
ومنهم من قال: كان الإنسان يتوقّى أن يأكل مع الأعمى؛ لأنّه يقصر في الأكل وكذا الأعرج والمريض فأزيل ذلك

والقول السّادس: أنّ الآية محكمةٌ
فممّن قال القول الأوّل إنّها منسوخةٌ من قوله تعالى {ولا على أنفسكم} [النور: 61] إلى آخر الآية عبد الرّحمن بن زيدٍ، قال:
هذا شيءٌ قد انقطع كانوا في أوّل الإسلام ليست على أبوابهم أغلاقٌ فكانت السّتور مرخاةٌ فربّما جاء الرّجل فدخل البيت وهو جائعٌ وليس فيه أحدٌ فسوّغه اللّه أن يأكل ثمّ صارت الأغلاق على البيوت فلا يحلّ لأحدٍ أن يفتحها فذهب هذا وانقطع
قال أبو جعفرٍ: وممّا يدلّ على حظر هذا
ما حدّثناه بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، قال: أخبرنا مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: ((لا يحتلبنّ أحدكم ماشية أخيه إلّا بإذنه أيحبّ أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينتقل طعامه، فإنّما تحرز لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم
فلا يحتلبنّ أحدكم ماشية أخيه إلّا بإذنه))قال أبو جعفرٍ: وكان في هذا الحديث حظر رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم هذا، والقول بأنّها ناسخةٌ قول جماعةٍ
كما حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " لمّا أنزل اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} [النساء: 29] " فقال المسلمون إنّ اللّه قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل وإنّ الطّعام من أفضل الأموال فلا يحلّ لأحدٍ منّا أن يأكل عند أحدٍ فكفّ النّاس عن ذلك فأنزل اللّه بعد ذلك {ليس على الأعمى حرجٌ} [النور: 61] إلى {أو ما ملكتم مفاتحه} [النور: 61] قال هو الرّجل يؤكّل الرّجل بضيعته والّذي رخّص اللّه تعالى أن يأكل الطّعام والتّمر ويشرب اللّبن "
فذهب أبو عبيدٍ إلى أنّ هذا إنّما هو بعد الإذن؛ لأنّ النّاس توقّفوا أن يأكلوا لأحدٍ شيئًا إذا لم يكن ذلك على سبيل تجارةٍ أو عوضٌ وإن أذن له صاحب الطّعام فأباح اللّه ذلك إذا أذن فيه صاحبه ، وتأوّله غيره على الإذن فيه وإن لم يطلق ذلك صاحبه إذا علم أنّه ليس ممّن يمنعه واستدلّ على صحّة هذا القول أنّه ليس في الآية ذكر الإذن وإنّما قال تعالى {أن تأكلوا من بيوتكم} [النور: 61] ؛ لأنّ منزل الرّجل قد يكون فيه ما ليس له وما يكون لأهله {أو بيوت آبائكم} [النور: 61] إلى آخر الآية ولم يذكر الابن فيها فتأوّل هذا بعض العلماء على أنّ منزل ابنه ومنزله واحدٌ فلذلك لم يذكره وعارضه بعضهم فقال هذا تحكّمٌ على كتاب اللّه تعالى بل الأولى في الظّاهر أن يكون الابن مخالفًا لهؤلاء وليس الاحتجاج بما روي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أنت ومالك لأبيك»
بقويٍّ لوهاء هذا الحديث وأنّه لو صحّ لم يكن فيه حجّةٌ إذ قد يجوز أن يكون النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم علم أنّ مال ذلك المخاطب لأبيه، وقد قيل: إنّ معناه أنت لأبيك ومالك مبتدأٌ أي ومالك لك والقاطع لهذا التّوارث بين الأب والابن
وممّن قال إنّ الآية ناسخةٌ لما كان محظورًا عليهم من الأكل مع الأعمى ومن ذكر معه مقسمٌ
كما روى سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، عن مقسمٍ، قال: " كانوا يتّقون أن يأكلوا، مع الأعمى والأعرج والمريض حتّى أنزل اللّه تعالى {ليس على الأعمى حرجٌ} [النور: 61] الآية "
قال أبو جعفرٍ: وهذا القول غلطٌ لأنّ الآية ليس على الأعمى حرجٌ فكيف يكون هذا ناسخًا للحظر عليهم الأكل معه ولو كان هذا كان يكون ليس للأكل مع الأعمى حرجٌ على أنّ بعض النّحويّين قد احتال لهذا القول
فقال: قد تكون على بمعنى في وفي بمعنى على ويكون التّقدير على هذا ليس في الأعمى حرجٌ وهذا القول بعيدٌ لا ينبغي أن يحمل عليه كتاب اللّه إلّا بحجّةٍ قاطعةٍ وأمّا قول من قال كان الأعمى لا يأكل مع البصير وكذا الأعرج والمريض لئلّا يلحقه منه أذًى، فيقول: يجوز ولكنّ أهل التّأويل على غيره
والقول السّادس: أنّ الآية محكمةٌ وأنّها نزلت في شيءٍ بعينه، قول جماعةٍ من أهل العلم ممّن يقتدى بقوله منهم سعيد بن المسيّب، وعبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة في جماعةٍ من أهل العلم
كما حدّثنا عليّ بن حسينٍ، قال: حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا أبو أويسٍ، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب، في هذه الآية لا جناح عليكم {أن تأكلوا من بيوتكم} [النور: 61] الآية: نزلت في أناسٍ كانوا إذا
خرجوا مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وضعوا مفاتيح بيوتهم عند أهل العلّة ممّن يتخلّف عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم عند الأعمى والأعرج والمريض وعند أقاربهم فكانوا يأذنون لهم أن يأكلوا ممّا في بيوتهم إذا احتاجوا إلى ذلك وكانوا يتّقون أن يأكلوا منها ويقولون نخشى ألّا تكون أنفسهم بذلك طيبةً فأنزل اللّه في ذلك هذه الآيات فأحلّه لهم "
وقال عبيد اللّه بن عبد اللّه: " إنّ النّاس كانوا إذا خرجوا إلى الغزو دفعوا مفاتحهم إلى الزّمنى وأحلّوا لهم أن يأكلوا ممّا في بيوتهم فكانوا لا يفعلون ذلك ويتوقّون ويقولون إنّما أطلقوا لنا هذا عن غير طيب نفسٍ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ {ليس على الأعمى حرجٌ} [النور: 61] "
حدّثنا أحمد بن جعفر بن محمّدٍ السّمّان الأنباريّ، بالأنبار، قال حدّثنا زيد بن أخزم قال حدّثنا بشر بن عمر الزّهرانيّ: قال: حدّثنا إبراهيم بن سعدٍ، عن صالح بن كيسان، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة، قالت: " كان المسلمون يوعبون في النّفير مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فكانوا يدفعون مفاتيحهم إلى ضمناهم ويقولون إن احتجتم فكلوا فيقولون إنّما أحلّوه لنا عن غير طيب نفسٍ فأنزل اللّه تعالى: ليس عليكم جناحٌ {أن تأكلوا
من بيوتكم أو بيوت آبائكم} [النور: 61] إلى آخر الآية "
قال أبو جعفرٍ: يوعبون أي يخرجون بأجمعهم في المغازي يقال: أوعب بنو فلانٍ لبني فلانٍ إذا جاءوا بأجمعهم ويقال بيتٌ وعيبٌ إذا كان واسعًا يستوعب كلّ ما جعل فيه والضّمنى هم الزّمنى واحدهم ضمنٌ مثل زمنٍ
قال أبو جعفرٍ: وهذا القول من أجل ما روي في الآية لما فيه عن الصّحابة والتّابعين من التّوقيف أنّ الآية نزلت في شيءٍ بعينه فيكون التّقدير على هذا ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ولا عليكم أن تأكلوا فإنّ تأكلوا خبر ليس ويكون هذا بعد الإذن
وقال ابن زيدٍ المعنى ليس على الأعمى حرجٌ في الغزو وإذا كان على هذا فليست أن خبر ليس
فأمّا {من بيوتكم} [النحل: 80] فمعناه من بيوت أنفسكم كذا ظاهره وقد تأوّل ذلك بعض أهل العلم على أنّه بغير إذنٍ كما ذكرنا
وروى معمرٌ، عن قتادة، «لا بأس أن تأكل من بيت صديقك وإن لم يأذن لك»
ويتأوّل هذا على أنّه إنّما يكون مباحًا إذا علمت أنّه لا يمنعك وكان صديقًا على الحقيقة إلّا أنّ الأحاديث الّتي ذكرناها على الإذن واللّه عز وجل أعلم ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/562-567]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ}. الآية.
قال ابن زيد: من قوله: {ولا على أنفسكم} إلى آخر الآية، منسوخٌ لأنهم كانوا في أوّل أمرهم ليس على أبوابهم أغلاقٌ، فربّما أتى الرّجل وهو جائعٌ فدخل البيت ولا أحد فيه، فسوّغ الله أن يأكل مما فيه، إلى أن صارت الأغلاق على البيوت، فلا يحلّ لأحدٍ أن يفتحها ويأكل مما فيها، كأنه يريد أن ذلك منسوخٌ بقوله: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} [البقرة: 188]. والإجماع على تحريم مال المسلم إلاّ بإذنه.
وقال ابن عباس: الآية ناسخةٌ لما أحدث المؤمنون عند نزول قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}، فانتهوا عن أن يأكل أحدٌ طعام أحدٍ فأنزل الله: {ليس على الأعمى حرجٌ} [النور: 61] إلى {أشتاتًا} [النور: 61]، وقوله: {أو ما ملكتم مفاتحه} [النور: 61]: هو الرجل يتوكّل على الرّجل على حائطه أو جنانه أو غنمه، فللوكيل أن يأكل من ثمر ذلك ولبنه.
وقد قال أبو عبيد: لا يأكل إلا بمشورة ربّ المال، لأن الناس كانوا قد توقفوا عن الأكل بعد الإذن، فأباح الله لهم ذلك بعد الإذن.
وقال غيره: له الأكل بغير إذن؛ إذ ليس في الآية ذكر الإذن.
وقيل: الآية ناسخةٌ لما كانوا عليه من التّحرّج من الأكل مع الأعمى والأعرج والمريض.
وقائل هذا القول يجعل "على" بمعنى "في" أي: ليس في الأعمى حرجٌ أي: في الأكل معه.
وقال أكثر أهل التأويل: الآية محكمةٌ، وذلك أنهم كانوا إذا خرجوا مع النبي عليه السلام إلى الجهاد وضعوا مفاتحهم عند أهل العلّة والزّمانة المتخلفين عن الجهاد لعذرهم، وعند أقربائهم، وكانوا يأذنون لهم أن يأكلوا مما في بيوتهم إذا احتاجوا إلى ذلك، فكان المتخلّفون يتقون أن يأكلوا مما في بيوت الغيّب، ويقولون: نخشى ألاّ تكون أنفسهم بذلك طيّبةً، فأنزل الله تعالى ذكره هذه الآية تحلّ لهم ذلك. وهذا التفسير مرويٌ عن عائشة رضي الله عنها وقاله ابن المسيّب أيضًا.
وقال ابن زيد: قوله: {ليس على الأعمى حرجٌ}[النور: 61]، إلى قوله: {ولا على المريض حرجٌ} [النور: 61]، محكمٌ نزل في الغزو، أي ليس عليهم ضيق في تأخّرهم عن الغزو، للعذر الذي لهم. فـ {على الأعمى}: خبر ليس - على هذا القول -، وإذا جعلت ذلك في إباحة الطعام لهم - على قول من تقدم ذكره - كان خبر ليس: {أن تأكلوا}. ). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 369-370]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية السّابعة: قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم}.
هذه الآية كلّها محكمةٌ، والحرج المرفوع عن أهل الضّرّ مختلفٌ فيه، فمن المفسّرين من يقول: المعنى: ليس عليكم في مواكلتكم حرجٌ، لأنّ القوم تحرّجوا (وقالوا) : الأعمى لا يبصر موضع الطّعام الطّيّب، والمريض لا يستوفي الطّعام، فكيف نواكلهم وبعضهم يقول: بل كانوا يضعون مفاتحهم إذا غزوا عند أهل (الضّرّ) ويأمرونهم أن يأكلوا فيتورّع أولئك عن الأكل فنزلت هذه الآية.
وأمّا البيوت المذكورة فيباح للإنسان الأكل منها لجريان العادة ببذل أهلها
الطعام لأهلهم، وكلّ ذلك محكمٌ، وقد زعم بعضهم: أنها منسوخة بقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} وليس هذا بقول فقيه). [نواسخ القرآن:412-413]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة