العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النور

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 09:20 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النور [ من الآية (23) إلى الآية (26) ]

تفسير سورة النور [ من الآية (23) إلى الآية (26) ]

{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 05:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) )

قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] أخبرني من سمع سعيد بن جبيرٍ يقول: نزلت هذه الآية في عائشة خاصّةً {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدّنيا والآخرة} [الآية: 23]). [تفسير الثوري: 223]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن خصيفٍ قال: قلت لسعيد بن جبير: {الذين يرمون المحصنات الغافلات} في من نزلت؟ قال: في عائشة خاصة.
سفيان [الثوري] عن سلمة بن نبيطٍ عن الضّحّاك بن مزاحمٍ قال: نزلت في أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم خاصة). [تفسير الثوري: 223]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {الّذين يرمون المحصنات الغافلات}
- أخبرنا الرّبيع بن سليمان، حدّثنا عبد الله بن وهبٍ، عن سليمان بن بلالٍ، عن ثور بن زيدٍ، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «اجتنبوا السّبع الموبقات،» قيل: يا رسول الله، وما هي؟، قال: «الشّرك بالله، والسّحر، وقتل النّفس الّتي حرّم الله إلّا بالحقّ، وأكل الرّبا، وأكل مال اليتيم، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات المؤمنات»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/201]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدّنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: {إنّ الّذين يرمون} بالفاحشة {المحصنات} يعني العفيفات {الغافلات} عن الفواحش {المؤمنات} باللّه ورسوله، وما جاء به من عند اللّه {لعنوا في الدّنيا والآخرة} يقول: أبعدوا من رحمة اللّه في الدّنيا والآخرة. {ولهم} في الآخرة {عذابٌ عظيمٌ} وذلك عذاب جهنّم.
واختلف أهل التّأويل في المحصنات اللاّتي هذا حكمهنّ، فقال بعضهم: إنّما ذلك لعائشة خاصّةً، وحكمٌ من اللّه فيها وفيمن رماها، دون سائر نساء أمّة نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن أبي الشّوارب، قال: حدّثنا عبد الواحد بن زيادٍ، قال: حدّثنا خصيفٌ، قال: قلت لسعيد بن جبيرٍ: الزّنا أشدّ أم قذف المحصنة؟ فقال: الزّنا. فقلت: أليس اللّه يقول: {إنّ الّذين يرمون المحصنات}. الآية؟ قال سعيدٌ: إنّما كان هذا لعائشة خاصّةً.
- حدّثنا أحمد بن عبدة الضّبّيّ، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، قال: قالت عائشة: رميت بما رميت به وأنا غافلةٌ، فبلغني بعد ذلك، قالت: فبينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عندي جالسٌ، إذ أوحي إليه، وكان إذا أوحي إليه أخذه كهيئة السّبات. وإنّه أوحي إليه وهو جالسٌ عندي، ثمّ استوى جالسًا يمسح عن وجهه، وقال: يا عائشة أبشري قالت: فقلت: بحمد اللّه لا بحمدك فقرأ: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات}. حتّى بلغ: {أولئك مبرّءون ممّا يقولون}.
وقال آخرون: بل ذلك لأزواج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً دون سائر النّساء غيرهنّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} الآية، أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً.
وقال آخرون: نزلت هذه الآية في شأن عائشة، وعني بها كلّ من كان بالصّفة الّتي وصف اللّه هذه الآية. قالوا: فذلك حكم كلّ من رمى محصنةً لم تقارف سوءًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا زيدٌ، عن جعفر بن برقان، قال: سألت ميمونًا، قلت: الّذي ذكر اللّه: {الّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء}. إلى قوله: {إلاّ الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} فجعل في هذه توبةً، وقال في الأخرى: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات}. إلى قوله: {لهم عذابٌ عظيمٌ} قال ميمونٌ: أمّا الأولى، فعسى أن تكون قد قارفت، وأمّا هذه، فهي الّتي لم تقارف شيئًا من ذلك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا العوّام بن حوشبٍ، عن شيخٍ من بني أسدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: فسّر سورة النّور، فلمّا أتى على هذه الآية: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات}. الآية قال: هذا في شأن عائشة وأزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وهي مبهمةٌ، وليست لهم توبةٌ. ثمّ قرأ: {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء} إلى قوله: {إلاّ الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} الآية، قال: فجعل لهؤلاء توبةً، ولم يجعل لمن قذف أولئك توبةً. قال: فهمّ بعض القوم أن يقوم إليه فيقبّل رأسه من حسن ما فسّر سورة النّور.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدّنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ} قال: هذا في عائشة، ومن صنع هذا اليوم في المسلمات فله ما قال اللّه، ولكنّ عائشة كانت إمام ذلك.
وقال آخرون: نزلت هذه الآية في أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فكان ذلك كذلك حتّى نزلت الآية الّتي في أوّل السّورة فأوجب الجلد، وقبل التّوبة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات}. إلى {عذابٌ عظيمٌ} يعني أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، رماهنّ أهل النّفاق، فأوجب اللّه لهم اللّعنة والغضب، وباءوا بسخطٍ من اللّه. وكان ذلك في أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ نزل بعد ذلك: {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء} إلى قوله: {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} فأنزل اللّه الجلد والتّوبة، فالتّوبة تقبل، والشّهادة تردّ.
وأولى هذه الأقوال في ذلك عندي بالصّواب قول من قال: نزلت هذه الآية في شأن عائشة، والحكم بها عامٌّ في كلّ من كان بالصّفة الّتي وصفه اللّه بها فيها.
وإنّما قلنا ذلك أولى تأويلاته بالصّواب، لأنّ اللّه عمّ بقوله: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} كلّ محصنةٍ غافلةٍ مؤمنةٍ رماها رامٍ بالفاحشة، من غير أن يخصّ بذلك بعضًا دون بعضٍ، فكلّ رامٍ محصنةً بالصّفة الّتي ذكر اللّه جلّ ثناؤه في هذه الآية فملعونٌ في الدّنيا والآخرة، وله عذابٌ عظيمٌ، إلاّ أن يتوب من ذنبه ذلك قبل وفاته، فإنّ اللّه دلّ باستثنائه بقوله: {إلاّ الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} على أنّ ذلك حكم رامي كلّ محصنةٍ بأيّ صفةٍ كانت المحصنة المؤمنة المرميّة، وعلى أنّ قوله: {لعنوا في الدّنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ} معناه: لهم ذلك إن هلكوا ولم يتوبوا). [جامع البيان: 17/226-230]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وفي قوله: إنّ الّذين يعني: الّذين قذفوا عائشة يرمون يعنى: يقذفون بالزنا، المحصنات، يعني: المحصنات لفروجهم عفائف.
- حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن ابن أخي عبد اللّه بن وهبٍ، ثنا عمّي حدّثني سليمان بن بلالٍ، عن ثور بن زيدٍ، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة أن ّرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: اجتنبوا السّبع الموبقات، قيل: يا رسول اللّه وما هنّ؟
قال: الشّرك باللّه، والسّحر، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلا بالحقّ، وأكل الرّبا، وأكل مال اليتيم، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبد اللّه بن خراشٍ، عن العوّام، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات قال: نزلت في عائشة خاصّةً.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن سلمة بن نبيطٍ: إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات قال: هنّ نساء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا جعفر ابن سليمان، ثنا عثمان، ثنا عمرو بن مالكٍ النّكريّ، عن أبي الجوزاء قال: قرأ هذه الآية إنّ الّذين يرمون المحصنات قال: هذه لأمّهات المؤمنين خاصّةً.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ، قال: سمعت ابن زيدٍ في قول اللّه: إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات الآية قال: هذه في عائشة، ومن صنع مثل هذا اليوم أيضًا في المسلمات، فله ما قال اللّه عزّ وجلّ، وكأنّ عائشة كانت إمام ذلك.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا إبراهيم ابن المختار، عن ابن جريجٍ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن الحسن بن محمّد بن عليٍّ في قوله: إنّ الّذين يرمون المحصنات قال: المحصنات ما وراء الأربع.
قوله: الغافلات.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: الغافلات يعنى، عن الفواحش يعنى عائشة رضي اللّه عنها، وروي، عن مقاتل بن حيّان نحو ذلك.
قوله تعالى: المؤمنات.
- به، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: المؤمنات يعنى: الصّادقات.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن علي ابن الحسن، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: المؤمنات يعنى: أمّهات المؤمنين، نساء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله: لعنوا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبد اللّه بن خراشٍ، عن العوّام، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: إنّ الّذين يرمون المحصنات إلى قوله: لعنوا في الدّنيا والآخرة قال: واللّعنة في المنافقين عامّةً.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ في قول اللّه: لعنوا يعنى: عذّبوا في الدّنيا جلدوا ثمانين في الدّنيا، والآخرة. يعنى عبد اللّه بن أبيٍّ يعذّب بالنّار لأنّه منافقٌ.
قوله: ولهم عذابٌ عظيمٌ.
- به، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ولهم عذابٌ عظيمٌ يعنى جلد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، حسّان بن ثابتٍ، وعبد اللّه بن أبيٍّ، ومسطح، وحمنة بنت جحشٍ، كلّ واحدٍ منهم ثمانين جلدةً في قذف عائشة، ثمّ تابوا من بعد ذلك، غير عبد اللّه بن أبيٍّ رأس المنافقين، مات على نفاقه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2556-2558]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن خصيفٍ قال: قلت لسعيد بن جبيرٍ: أيّما أشدّ الزّنا أو القذف قذف المحصنة؟ قال: الزّنا، قلت: اللّه يقول: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} [النور: 23] قال: إنّما أنزل هذا في شأن عائشة خاصّةً.
رواه الطّبرانيّ، وفيه يحيى الحمّانيّ وهو ضعيفٌ.
- وعن الضّحّاك بن مزاحمٍ قال: «نزلت هذه الآية في نساء النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - خاصّةً {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} [النور: 23] الآية» رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ.
- وعن ابن عبّاسٍ أنّه قرأ سورة النّور ففسّرها حتّى أتى هذه الآية: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدّنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ} [النور: 23] قال: هذه في شأن عائشة وأزواج النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - ولم يجعل لمن يفعل ذلك توبةً، وجعل لمن رمى امرأةً من المؤمنات من غير أزواج النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - التّوبة، ثمّ قرأ: {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا وأولئك هم الفاسقون - إلّا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} [النور: 4 - 5] فجعل لمن قذف امرأةً من المؤمنين التّوبة، ولم يجعل لمن قذف امرأةً من أزواج النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - توبةً، ثمّ تلا هذه الآية: لعنوا في الدّنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ. فهمّ بعض القوم أن يقوم إلى ابن عبّاسٍ فيقبّل رأسه لحسن ما فسّر.
رواه الطّبرانيّ بأسانيد، وفي هذا الإسناد راوٍ لم يسمّ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ وهو أمثلها.
- وعن سعيد بن جبيرٍ {إنّ الّذين يرمون المحصنات} [النور: 23] يعني إنّ الّذين يقذفون بالزّنا، يعني: لفروجهنّ عفائف، الغافلات يعني: عن الفواحش، يعني: عائشة، المؤمنات يعني: الصّادقات، "لعنوا " جلدوا في الدّنيا والآخرة يعني: عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول يعذّب بالنّار لأنّه منافقٌ، ولهم عذابٌ عظيمٌ قال: جلد النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - حسّان بن ثابتٍ وعبد اللّه بن أبيٍّ ومسطحًا وحمنة بنت جحشٍ، كلّ واحدٍ ثمانين جلدةً في قذف عائشة، ثمّ تابوا من بعد ذلك غير عبد اللّه بن أبيٍّ رأس المنافقين مات على نفاقه.
رواه الطّبرانيّ، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعفٌ، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/79-80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم.
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: نزلت في عائشة خاصة). [الدر المنثور: 10/691-692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والطبراني عن خصيف قال: قلت لسعيد بن جبير أيما أشد، الزنا أم القذف قال: الزنا، قلت: ان الله يقول {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: إنما أنزل هذا في شأن عائشة خاصة). [الدر المنثور: 10/692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن الضحاك قال: نزلت هذه الآية في عائشة خاصة {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} ). [الدر المنثور: 10/692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جريرعن الضحاك {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: إنما عني بهذا نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة). [الدر المنثور: 10/692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: هذه لأمهات المؤمنين خاصة، وأخرجابن أبي حاتم عن سلمة بن نبيط {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: هن نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 10/692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس، أنه قرأ سورة النور ففسرها فلما أتى على هذه الآية {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات} قال: هذه في عائشة وأزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يجعل لمن فعل ذلك توبة وجعل لمن رمى امرأة من المؤمنات من غير أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم التوبة ثم قرأ {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} إلى قوله {إلا الذين تابوا} ولم يجعل لمن قذف امرأة من أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم توبة ثم تلا هذه الآية {لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} فهم بعض القوم ان يقوم إلى ابن عباس فيقبل رأسه لحسن ما فسر). [الدر المنثور: 10/693]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن عائشة قالت: رميت بما رميت به وأنا غافلة فبلغني بعد ذلك: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي جالس اذ أوحي إليه وهو جالس ثم استوى فمسح على وجهه وقال: يا عائشة ابشري فقلت: بحمد الله لا بحمدك فقرأ {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} حتى بلغ {أولئك مبرؤون مما يقولون} ). [الدر المنثور: 10/693]

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون}.
يقول تعالى ذكره: ولهم عذابٌ عظيمٌ {يوم تشهد عليهم ألسنتهم}.
فـ (اليوم) الّذي في قوله: {يوم تشهد عليهم} من صلة قوله: {ولهم عذابٌ عظيمٌ}.
وعني بقوله: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم} يوم القيامة؛ وذلك حين يجحد أحدهما ما اكتسب في الدّنيا من الذّنوب عند تقرير اللّه إيّاه بها، فيختم اللّه على أفواههم، وتشهد عليهم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.
فإن قال قائلٌ: وكيف تشهد عليهم ألسنتهم حين يختم على أفواههم؟
قيل: عني بذلك أنّ ألسنة بعضهم تشهد على بعضٍ، لا أنّ ألسنتهم تنطق وقد ختم على الأفواه.
- وقد حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرنا عمرٌو، عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إذا كان يوم القيامة عرّف الكافر بعمله، فجحد وخاصم، فيقال له: هؤلاء جيرانك يشهدون عليك، فيقول: كذبوا فيقول: أهلك وعشيرتك، فيقول: كذبوا فيقول: أتحلفون؟ فيحلفون. ثمّ يصمتهم اللّه، وتشهد ألسنتهم، ثمّ يدخلهم النّار). [جامع البيان: 17/230-231]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون (24)
قوله تعالى: يوم تشهد عليهم
- وبه، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: يوم تشهد عليهم ألسنتهم قال: من قذف عائشة يوم القيامة.
قوله: ألسنتهم.
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى المصريّ، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث، عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: إذا كان يوم القيامة عرّف الكافر بعمله فجحد وخاصم، فيقال له: هؤلاء جيرانك يشهدون عليك فيقول: كذبوا فيقول: أهلك وعشيرتك، فيقول: كذبوا، فيقول: احلفوا، فيحلفون، ثمّ يصمتهم، ويشهد عليهم أيدهم وألسنتهم، ثمّ يدخلهم النّار.
قوله: وأيديهم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو يحيى الرّازيّ، عن عمرو بن أبي قيسٍ، عن مطرّفٍ، عن المنهال، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: إنّهم يعنى المشركين إذا رأوا أنّه لا يدخل إلا أهل الصّلاة، قالوا: تعالوا فلنجحد، فيجحدون، فيختم على أفواههم، وتشهد أيديهم وأرجلهم، ولا يكتمون اللّه حديثًا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة يعنى قوله: تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم ابن آدم واللّه إنّ عليك لشهودًا غير متّهمةٍ، من بدنك فراقبهم، واتّق اللّه في سرائرك وعلانيتك، فإنّه لا يخفى عليه خافيةٌ، الظّلمة عنده ضوءٌ، والسّرّ عنده علانيةٌ، فمن استطاع أن يموت وهو باللّه حسن الظّنّ فليفعل، ولا قوّة إلا باللّه.
- حدّثنا أحمد بن سلمة النّيسأبوريّ، ثنا الحسين بن منصورٍ، ثنا مبشّر بن عبد اللّه بن رزينٍ، قال: سألت سفيان بن حسينٍ، قلت: أرأيت قوله: يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم أليس يعنى بالأيدي هاهنا الكفّ، وبالرّجل الفخذ؟ قال: بلى.
قوله تعالى: بما كانوا يعملون.
- حدّثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد اللّه بن أبي شيبة، ثنا منجاب بن الحارث التّميميّ، أنبأ أبو عامرٍ الأسديّ، ثنا سفيان، عن عبيدٍ المكتب، عن الفضيل بن عمرٍو الفقمي، عن الشّعبيّ، عن أنس بن مالكٍ قال كنّا عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
فضحك حتّى بدت نواجذه، ثمّ قال: تدرون مما أضحك؟ قلنا: اللّه ورسوله أعلم، قال: من مجادلة العبد ربّه يوم القيامة، يقول يا ربّ: ألم تجرني من الظّلم؟ فيقول: بلى، فيقول: لا أجيز عليّ شاهدًا إلا من نفسي، فيقال: كفى بنفسك اليوم، وبالكرام عليك شهيدًا، فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي، فتنطق بعمله، ثمّ يخلّى بينه وبين الكلام، فيقول: بعدًا لكنّ وسحقًا، فعنكنّ كنت أناضل). [تفسير القرآن العظيم: 8/2558-2559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.
أخرج أبو يعلى، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله فجحد وخاصم فيقال: هؤلاء جيرانك يشهدون عليك فيقول: كذبوا فيقال: أهلك وعشيرتك فيقول: كذبوا فيقال: احلفوا فيحلفون ثم يصمتهم الله وتشهد عليهم السنتهم وأيديهم ثم يدخلهم النار). [الدر المنثور: 10/694]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته فما ينطق لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت تغتاله أو توليه أو كلمة نحوها ويداه ورجلاه يشهدون عليه بما كانوا يوليها ثم يدعى الرجل وخوله فمثل ذلك). [الدر المنثور: 10/694]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكم تدعون مقدمة أفواهكم بالفدام وان أول ما يبين عن أحدكم فرجه وكفه). [الدر المنثور: 10/694]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي امامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما ينطق من ابن آدم يوم القيامة فخذه). [الدر المنثور: 10/694]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما يستنطق من ابن آدم جوارحه في محاقير عمله، فيقول وعزتك يا رب ان عندي المضرات العظام). [الدر المنثور: 10/695]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول، وابن مردويه عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأعلم آخر رجل من أمتي يجوز الصراط رجل يتلوى على الصراط كالغلام حين يضربه أبوه، تزل يده مرة فتصيبها النار وتزل رجله مرة فتصيبها النار فتقول له الملائكة: أرأيت ان بعثك الله من مقامك هذا فمشيت سويا أتخبرنا بكل عمل عملته فيقول: أي وعزته لا أكتمكم من عملي شيئا فيقولون له: قم فامش سويا، فيقوم فيمشي حتى يجاوز الصراط فيقولون له: اخبرنا باعمالك التي عملت فيقول في نفسه: ان اخبرتهم بما عملت ردوني إلى مكاني فيقول: لا وعزته ما عملت ذنبا قط فيقولون: ان لنا عليك بينة فيلتفت يمينا وشمالا هل يرى من الآدميين ممن كان يشهد في الدنيا أحد، فلا يراه فيقول: هاتوا بينتكم فيختم الله على فيه فتنطق يداه ورجلاه وجلده بعمله فيقول: أي وعزتك لقد عملتها وان عندي العظائم المضرات فيقول: اذهب فقد غفرتها لك). [الدر المنثور: 10/695]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، وابن جرير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول عظم يتكلم من الانسان بعد ان يختم على فيه فخذه من جانبه الأيسر). [الدر المنثور: 10/695-696]

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين}.
يقول تعالى ذكره: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} يوفّيهم اللّه حسابهم وجزاءهم الحقّ على أعمالهم.
والدّين في هذا الموضع: الحساب والجزاء.
- كما حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ} يقول حسابهم.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {الحقّ} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار. {دينهم الحقّ} نصبًا على النّعت للدّين، كأنّه قال: يوفّيهم اللّه أعمالهم حقًّا. ثمّ أدخل في الحقّ الألف واللاّم، فنصب بما نصب به الدّين.
وذكر عن مجاهدٍ أنّه قرأ ذلك: (يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ) برفع (الحقّ)، على أنّه من نعت اللّه.
- حدّثنا بذلك، أحمد بن يوسف قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا يزيد، عن جرير بن حازمٍ، عن حميدٍ، عن مجاهدٍ، أنّه قرأها الحقّ بالرّفع.
قال جريرٌ: وقرأتها في مصحف أبيّ بن كعبٍ يوفّيهم اللّه الحقّ دينهم.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، وهو نصب الحقّ على إتّباعه إعراب الدّين لإجماع الحجّة عليه.
وقوله: {ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين} يقول: ويعلمون يومئذٍ أنّ اللّه هو الحقّ الّذي يبيّن لهم حقائق ما كان يعدهم في الدّنيا من العذاب، ويزول حينئذٍ الشّكّ فيه عن أهل النّفاق الّذين كانوا فيما كان يعدهم في الدّنيا يمترون). [جامع البيان: 17/231-232]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين (25)
قوله: يومئذٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: يومئذٍ يعنى في الآخرة.
قوله تعالى: يوفّيهم اللّه.
- حدثا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ أي عملهم الحقّ، أهل الحقّ بحقّهم وأهل الباطل بباطلهم.
قوله: دينهم.
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحق قال حسابهم، وقال ابن عبّاسٍ: كلّ شيءٍ في القرآن الدّين فهو الحساب، وروى، عن سعيد ابن جبيرٍ مثل ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: دينهم الحقّ يقول: حسابهم.
قوله: الحقّ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا ابن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ يعني حسابهم العدل لا يظلمهم.
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ قال حسابهم، وقال ابن عبّاسٍ: كلّ شيءٍ في القرآن الدّين فهو الحساب، وروي، عن سعيد بن جبيرٍ مثل ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: دينهم الحقّ يقول: حسابهم.
قوله: الحقّ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا ابن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ يعنى حسابهم العدل لا يظلمهم.
قوله: ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ.
- به، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ يعنى: العدل.
قوله: المبين.
- وبه، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: الحقّ المبين يعنى العدل المبين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2559-2560]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن معاوية بن حيدة قال: «رأيت رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - يمسح يده على فخذه ويقول: {يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين} [النور: 25]».
رواه الطّبرانيّ، وفيه عون بن ذكوان وثّقه ابن حبّان وقال: يخطئ ويخالف، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- وعن قتادة في قوله {يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ} [النور: 25] أهل الحقّ حقّهم وأهل الباطل باطلهم ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين.
رواه الطّبرانيّ، وإسناده جيّدٌ.
- وعن سعيد بن جبيرٍ يومئذٍ في الآخرة يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ حسابهم العدل لا يظلمهم ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين يعني العدل المبين.
رواه الطّبرانيّ، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعفٌ.
- وبسنده عن سعيد بن جبيرٍ {الخبيثات للخبيثين} [النور: 26] يعني السّيّئ من الكلام قذف عائشة ونحوه للخبيثين من الرّجال والنّساء، يعني الّذين قذفوها، والخبيثون يعني من الرّجال والنّساء للخبيثات يعني السّيّئ من الكلام لأنّه يليق بهم الكلام السّيّئ. ثمّ قال والطّيّبات يعني الحسن من الكلام لأنّه يليق بهم الكلام الحسن). [مجمع الزوائد: 7/80-81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} قال: حسابهم وكل شيء في القرآن الدين فهو الحساب). [الدر المنثور: 10/696]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والطبراني عن قتادة {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} أي أعمالهم الحق لحقهم وأهل الباطل لباطلهم {ويعلمون أن الله هو الحق المبين} ). [الدر المنثور: 10/696]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنه قرأها (الحق) بالرفع). [الدر المنثور: 10/696]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ: (يومئذ يوفيه الله الحق دينهم) ). [الدر المنثور: 10/696]

تفسير قوله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى الخبيثات للخبيثين قال الخبيثات من الكلام للخبيثين من الناس والخبيثون من الناس للخبيثات من الكلام والطيبات من الكلام للطيبين من الناس والطيبون من الناس للطيبات من الكلام أولائك مبرءون مما يقولون فمن كان طيبا فهو مبرأ من كل قول خبيث يقوله يغفره الله له ومن كان خبيثا فهو مبرأ من كل قول صالح قال يرده الله عليه لا يقبله منه). [تفسير عبد الرزاق: 2/55]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله: {الخبيثات للخبيثين} قال: هم مبرّءون ممّا يقال لهم من الطيبات {والطيبات للطيبين} قال: هم مبرّءون ممّا يقال لهم من الخبيث [الآية: 26].
سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عن سعيد بن جبير مثله). [تفسير الثوري: 223-224]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات أولئك مبرّءون ممّا يقولون لهم مّغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضهم: معناه الخبيثات من القول للخبيثين من الرّجال، والخبيثون من الرّجال للخبيثات من القول، والطّيّبات من القول للطّيّبين من النّاس، والطّيّبون من النّاس للطّيّبات من القول.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات} يقول: الخبيثات من القول للخبيثين من الرّجال، والخبيثون من الرّجال للخبيثات من القول.
وقوله: {والطّيّبات للطّيّبين} يقول: الطّيّبات من القول للطّيّبين من الرّجال، والطّيّبون من الرّجال للطّيّبات من القول. نزلت في الّذين قالوا في زوجة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ما قالوا من البهتان. ويقال: الخبيثات للخبيثين: الأعمال الخبيثة تكون للخبيثين، والطّيّبات من الأعمال تكون للطّيّبين.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهدٍ: {الخبيثات للخبيثين} قال: الخبيثات من الكلام للخبيثين من النّاس، والطّيّبات من الكلام للطّيّبين من النّاس.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى،؛ عن ابن أبي نجيحٍ، في قول اللّه: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات} قال: الطّيّبات: القول الطّيّب يخرج من الكافر والمؤمن فهو للمؤمن؛ والخبيثات: القول الخبيث يخرج من المؤمن والكافر فهو للكافر. {أولئك مبرّءون ممّا يقولون} وذلك أنّه برّأ كليهما ممّا ليس بحقٍّ من الكلام.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات} يقول: الخبيثات والطّيّبات: القول السّيّئ والحسن؛ للمؤمنين الحسن، وللكافرين السّيّئ. {أولئك مبرّءون ممّا يقولون} وذلك بأنّه ما قال الكافرون من كلمةٍ طيّبةٍ فهي للمؤمنين، وما قال المؤمنون من كلمةٍ خبيثةٍ فهي للكافرين، كلٌّ بريءٌ ممّا ليس بحقٍّ من الكلام.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {الخبيثات للخبيثين} قال: الخبيثات من الكلام للخبيثين من النّاس، والخبيثون من النّاس للخبيثات من الكلام.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال أخبرنا معمرٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {الخبيثات للخبيثين}. الآية، يقول: الخبيثات من القول للخبيثين من الرّجال، والخبيثون من الرّجال للخبيثات من القول، والطّيّبات من القول للطّيّبين من الرّجال، والطّيّبون من الرّجال للطّيّبات من القول. فهذا في الكلام، وهم الّذين قالوا لعائشة ما قالوا، هم الخبيثون. والطّيّبون هم المبرّءون ممّا قال الخبيثون.
- حدّثنا أبو زرعة، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سلمة يعني ابن نبيطٍ الأشجعيّ، عن الضّحّاك: {الخبيثات للخبيثين} قال: الخبيثات من الكلام للخبيثين من النّاس، والطّيّبات من الكلام للطّيّبين من النّاس.
- قال: حدّثنا قبيصة، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، وعثمان بن الأسود، عن مجاهدٍ: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات} قال: الخبيثات من الكلام للخبيثين من النّاس، والخبيثون من النّاس للخبيثات من القول، والطّيّبات من القول للطّيّبين من النّاس، والطّيّبون من النّاس للطّيّبات من القول.
- قال: حدّثنا سفيان، عن خصيفٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات} قال: الخبيثات من القول للخبيثين من النّاس، والخبيثون من النّاس للخبيثات من القول، والطّيّبات من القول للطّيّبين من النّاس، والطّيّبون من النّاس للطّيّبات من القول.
- قال: حدّثني محمّد بن أبي بكر بن مقدّمٍ قال: أخبرنا يحيى بن سعيدٍ، عن عبد الملك، يعني ابن أبي سليمان، عن القاسم بن أبي بزّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن مجاهدٍ: {والخبيثون للخبيثات} قال: الخبيثات من القول للخبيثين من النّاس.
- قال: حدّثنا عبّاس بن الوليد النّرسيّ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات} يقول: الخبيثات من القول والعمل للخبيثين من النّاس، والخبيثون من النّاس للخبيثات من القول والعمل.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن طلحة بن عمرٍو، عن عطاءٍ، قال: {الطّيّبات للطّيّبين، والطّيّبون للطّيّبات} قال: الطّيّبات من القول للطّيّبين من النّاس، والطّيّبون من النّاس للطّيّبات من القول، والخبيثات من القول للخبيثين من النّاس، والخبيثون من النّاس للخبيثات من القول.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: الخبيثات من النّساء للخبيثين من الرّجال، والخبيثون من الرّجال للخبيثات من النّساء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات} قال: نزلت في عائشة حين رماها المنافق بالبهتان والفرية، فبرّأها اللّه من ذلك. وكان عبد اللّه بن أبيٍّ هو خبيثٌ، وكان هو أولى بأن تكون له الخبيثة ويكون لها. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم طيّبًا، وكان أولى أن تكون له الطّيّبة. وكانت عائشة الطّيّبة، وكان أولى أن يكون لها الطّيّب. {أولئك مبرّءون ممّا يقولون} قال: هاهنا برّئت عائشة. {لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ}.
وأولى هذه الأقوال في تأويل الآية قول من قال: عنى بالخبيثات: الخبيثات من القول وذلك قبيحه وسيّئه للخبيثين من الرّجال والنّساء، والخبيثون من النّاس للخبيثات من القول؛ هم بها أولى، لأنّهم أهلها. والطّيّبات من القول وذلك حسنه وجميله للطّيّبين من النّاس، والطّيّبون من النّاس للطّيّبات من القول؛ لأنّهم أهلها وأحقّ بها.
وإنّما قلنا: هذا القول أولى بتأويل الآية، لأنّ الآيات قبل ذلك إنّما جاءت بتوبيخ اللّه للقائلين في عائشة الإفك، والرّامين المحصنات الغافلات المؤمنات، وإخبارهم ما خصّهم به على إفكهم، فكان ختم الخبر عن أولى الفريقين بالإفك من الرّامي والمرميّ به أشبه من الخبر عن غيرهم.
وقوله: {أولئك مبرّءون} يقول: الطّيّبون من النّاس مبرّءون من خبيثات القول، إن قالوها فإنّ اللّه يصفح لهم عنها، ويغفرها لهم، وإن قيلت فيهم ضرّت قائلها ولم تضرّهم، كما لو قال الطّيّب من القول الخبيث من النّاس لم ينفعه اللّه به، لأنّ اللّه لا يتقبّله، ولو قيلت له لضرّته، لأنّه يلحقه عارها في الدّنيا، وذلّها في الآخرة.
- كما حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {أولئك مبرّءون ممّا يقولون} فمن كان طيّبًا فهو مبرّأٌ من كلّ قولٍ خبيثٍ، يقول: يغفره اللّه؛ ومن كان خبيثًا فهو مبرّأٌ من كلّ قولٍ صالحٍ، فإنّه يردّه اللّه عليه لا يقبله منه.
وقد قيل: عني بقوله: {أولئك مبرّءون ممّا يقولون} عائشة، وصفوان بن المعطّل الّذي رميت به. فعلى هذا القول قيل {أولئك} فجمع، والمراد: ذانك، كما قيل: {فإن كان له إخوةٌ}، والمراد أخوان.
وقوله: {لهم مغفرةٌ} يقول: لهؤلاء الطّيّبين من النّاس مغفرةٌ من اللّه لذنوبهم، والخبيث من القول إن كان منهم {ورزقٌ كريمٌ} يقول: ولهم أيضًا مع المغفرة عطيّةٌ من اللّه كريمةٌ، وذلك الجنّة، وما أعدّ لهم فيها من الكرامة.
- كما حدّثنا أبو زرعة، قال: حدّثنا العبّاس بن الوليد النّرسيّ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ} مغفرةٌ لذنوبهم، ورزقٌ كريمٌ في الجنّة). [جامع البيان: 17/232-239]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات أولئك مبرّءون ممّا يقولون لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ (26)
قوله: الخبيثات للخبيثين.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ، عن عبد اللّه بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ الخبيثات للخبيثين قال: الخبيثات من النّاس للخبيثين من النّاس، وروى عن سعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٍ والشّعبيّ، والحسن وحبيب بن أبي ثابتٍ، والضّحّاك نحو ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء ابن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول الله: الخبيثات للخبيثين يعني السيء من الكلام قذف عائشة ونحوه.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ قراءةً، أخبرني محمد ابن شعيب بن شابور، أخبرني عثمان بن عطاءٍ عن أبيه عطاء الخرساني وأمّا الخبيثات للخبيثين الأعمال الخبيثة والكلام الخبيث للخبيثين من النّاس، وروي عن قتادة نحو ذلك.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات القول السيء، والحسن، للمؤمنين الحسن وللكافرين السيء وذلك بأنّه ما قال الكافرون من كلمةٍ طيّبةٍ فهي للمؤمنين، وما قال المؤمنون من كلمةٍ خبيثةٍ فهي للكافرين.
- حدّثنا محمّد بن مسلمٍ، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا عبد السّلام بن حربٍ، عن يزيد بن عبد الرّحمن عن الحكم، عن يحيى بن الجزّار، قال: جاء أسير بن جابرٍ إلى عبد اللّه فقال: لقد سمعت الوليد بن عقبة اليوم تكلّم بكلامٍ أعجبني فقال عبد اللّه: إنّ الرّجل المؤمن تكون في قلبه الكلمة الطّيّبة تتجلجل في صدره حتّى يخرجها، فيسمعها رجلٌ عنده مثلها فيضمّها إليه، وإنّ الرّجل الفاجر ليكون في قلبه الكلمة غير الطّيّبة تتجلجل في قلبه ما يستقرّ حتّى يلفظها فيسمعها الرّجل الّذي عنده مثلها فيضمّها إليها، ثمّ قرأ عبد اللّه: الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: الخبيثات للخبيثين قال: نزلت في عائشة حين رماها المنافقون بالبهتان والفرية، فبرّأها اللّه من ذلك، وكان عبد اللّه بن أبيٍّ خبيثًا، وكان هو أولى بأن تكون له الخبيثة ويكون لها.
قوله تعالى: للخبيثين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: للخبيثين من الرّجال والنّساء الّذين قذفوها.
قوله: والخبيثون للخبيثات.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ، عن عبد اللّه بن مسلمٍ عن سعيد ابن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قوله: والخبيثون للخبيثات قال: الخبيث من النّاس له الخبيث من الكلام، وروي عن الحسن نحو ذلك.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ، عن عثمان بن الأسود عن عبد الملك عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ في قوله: والخبيثون للخبيثات قال الخبيثون من القوم للخبيثات من النّساء.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: والخبيثون يعنى: من الرّجال والنّساء، وروي عن مقاتل بن حيّان، وقتادة نحو ذلك.
قوله: للخبيثات.
- به عن سعيد بن جبيرٍ: للخبيثات يعنى: السيء من الكلام لا يليق بهم إلا الكلام السيء، وروي عن مقاتل بن حيّان، وقتادة نحو ذلك.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا ابن أبي حمّادٍ، ثنا مهران عن أبي سنانٍ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ الخبيثون للخبيثات قال: الخبيثون من الرّجال والنّساء للخبيثين من القول والعمل.
قوله تعالى: والطّيّبات للطّيّبين.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ، عن عبد اللّه بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبيرٍ في إحدى الرّوايات عن ابن عبّاسٍ: والطّيّبات للطّيّبين قال: الطّيّبات من الكلام للطّيّبين من النّاس، وروي عن سعيد بن جبيرٍ في إحدى الرّوايات، والحسن، ومجاهدٍ، والضّحّاك نحو ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: والطّيّبات يعنى الحسن من الكلام من الرّجال والنّساء.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ قراءة، أخبرني محمد ابن شعيبٍ، أخبرني عثمان بن عطاءٍ عن أبيه وأمّا الطّيّبات للطّيّبين فالأعمال الصّالحة والكلام الطّيّب للطّيّبين وهدوا إلى الطّيّب من القول وهدوا إلى صراط الحميد.
- حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: والطّيّبات للطّيّبين يقول: الطّيّبات من القول والعمل للطّيّبين من النّاس، وروي عن حبيب بن أبي ثابتٍ نحو ذلك.
قوله تعالى: للطّيّبين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: والطّيّبات للطّيّبين يعنى للطّيّبين من الرّجال والنّساء الّذين ظنّوا بالمؤمنين والمؤمنات خيرًا.
قوله: والطّيّبون للطّيّبات.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ عن عبد اللّه بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قوله: والطّيّبون للطّيّبات قال: الطّيّب من النّاس له الطّيّب من الكلام.
- حدثنا أبي، ثنا بن خليفة، ثنا عوفٌ، عن الحسن والطّيّبون للطّيّبات قال: الطّيّبون من النّاس للطّيّبات من الكلام- وروي عن مجاهدٍ مثل ذلك.
- حدثنا أبي، ثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: والطّيّبون للطّيّبات قال: الطّيّبون يعنى من الرّجال والنّساء، وروى عن حبيب بن أبي ثابتٍ، وقتادة، ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
قوله: والطّيّبات.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: الطّيّبات يعنى الحسن من النّاس لا يليق بهم إلا الكلام الحسن.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: والطّيّبون للطّيّبات يقول: الطّيّبات من القول والعمل، وروى عن حبيب بن أبي ثابتٍ مثل ذلك.
- أخبرنا أبو يزيد القاطيسي فيما كتب إليّ: أنبأ أصبغ قال سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: والطّيّبون للطّيّبات قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم طيّبًا وكان أولى بأن يكون له الطّيّبة وكانت عائشة الطّيّبة، وكانت أولى بأن يكون لها الطّيّب.
قوله: أولئك مبرؤن.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: أولئك يعني الّذين ظنّوا بالمؤمنين والمؤمنات خيرًا وقوله: مبرؤن مما يقولون هم براء من الكلام السيء.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: أولئك مبرؤن يعنى الطّيّبين والطّيّبات من الرّجال والنّساء.
- أخبرنا أبو زيدٍ القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد في قوله: أولئك مبرؤن مما يقولون قال: ها هنا برّئت عائشة رضي اللّه عنها.
قوله تعالى: ممّا يقولون.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ أولئك مبرؤن مما يقولون كل بريء ممّا ليس بحقٍّ من الكلام.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: مبرؤن مما يقولون يعني: مما يقول هؤلاء القاذفون الّذين قذفوا عائشة.
- حدّثنا أبي، ثنا هوذة بن خليفة، ثنا عوفٌ عن الحسن: أولئك مبرؤن ممّا يقولون قال: هؤلاء مبرّءون ممّا يقال لهم من السّوء، قال: يعنى عائشة.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: أولئك مبرؤن ممّا يقولون فمن كان طيّبًا فهو مبرّأٌ من كلّ قولٍ خبيثٍ يقوله يغفره اللّه له، ومن كان خبيثًا فهو مبرّأٌ من كلّ قولٍ صالحٍ يقوله يردّه اللّه عليه لا يقبله منه.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيان، قوله: مبرؤن ممّا يقولون من الخبيثات من الكلام بما قيل لهم.
قوله: لهم مغفرةٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: لهم مغفرةٌ يعنى: لذنوبهم ورزقٌ كريمٌ يعنى حسنٌ في الجنّة. فلمّا أنزل اللّه عذر عائشة ضمّها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى نفسه، وهي من أزواجه في الجنة). [تفسير القرآن العظيم: 8/2560-2565]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله الخبيثات للخبيثين قال القول السيئ للخبيثين من الرجال والنساء أولئك مبرؤون مما يقولون ما قال الكافرون من كلمة حسنة فهي للمؤمنين وما قال المؤمنون من كلمة خبيثة فهي للكافرين كل بريء مما لا يحق له من الكلام). [تفسير مجاهد: 2/438-439]

قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن معاوية بن حيدة قال: «رأيت رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - يمسح يده على فخذه ويقول: {يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين} [النور: 25]».
رواه الطّبرانيّ، وفيه عون بن ذكوان وثّقه ابن حبّان وقال: يخطئ ويخالف، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- وعن قتادة في قوله {يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ} [النور: 25] أهل الحقّ حقّهم وأهل الباطل باطلهم ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين.
رواه الطّبرانيّ، وإسناده جيّدٌ.
- وعن سعيد بن جبيرٍ يومئذٍ في الآخرة يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ حسابهم العدل لا يظلمهم ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين يعني العدل المبين.
رواه الطّبرانيّ، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعفٌ.
- وبسنده عن سعيد بن جبيرٍ {الخبيثات للخبيثين} [النور: 26] يعني السّيّئ من الكلام قذف عائشة ونحوه للخبيثين من الرّجال والنّساء، يعني الّذين قذفوها، والخبيثون يعني من الرّجال والنّساء للخبيثات يعني السّيّئ من الكلام لأنّه يليق بهم الكلام السّيّئ. ثمّ قال والطّيّبات يعني الحسن من الكلام لأنّه يليق بهم الكلام الحسن). [مجمع الزوائد: 7/80-81] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات} [النور: 26] قال: نزلت في عائشة حين رماها المنافق بالبهتان والفرية، فبرّأها اللّه من ذلك، وكان عبد اللّه بن أبيٍّ هو خبيثًا فكان هو أولى بأن تكون له الخبيثة ويكون لها، وكان رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - طيّبًا وكان أولى أن تكون له الطّيّبة، وكانت عائشة الطّيّبة وكانت أولى أن يكون لها الطّيّب.
رواه الطّبرانيّ، ورجاله ثقاتٌ إلى عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
- وعن مجاهدٍ في قوله {الخبيثات للخبيثين} [النور: 26] قال: الخبيثات من الكلام للخبيثين من النّاس والخبيثون من النّاس للخبيثات من الكلام، والطّيّبات من الكلام للطّيّبين من النّاس والطّيّبون من النّاس للطّيّبات من الكلام.
رواه الطّبرانيّ بإسنادين رجال هذا ثقاتٌ. 11221 وزاد في الرّواية الأخرى: فالقول الحسن للمؤمنين والقول السّيّئ للكافرين.
- وعن ابن عبّاسٍ في قوله {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات} [النور: 26] يقول: الخبيثات من القول للخبيثين من الرّجال والخبيثون من الرّجال للخبيثات من القول والطّيّبات للطّيّبين يقول: والطّيّبات من القول للطّيّبين من الرّجال، نزلت في الّذين قالوا في زوج النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - ما قالوا من البهتان، ويقال: الخبيثات للخبيثين: الأعمال الخبيثة تكون للخبيثين، والطّيّبات من الأعمال تكون للطّيّبين.
رواه الطّبرانيّ بأسانيد، وكلّ إسنادٍ منها فيه ضعيفٌ لا يحتجّ به، ورواه موقوفًا عن سعيد بن جبيرٍ بإسنادين رجال أحدهما رجال الصّحيح. وروى نحوه عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، وفيه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ.
- وعن قتادة في قوله {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات} [النور: 26] من القول والعمل والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات من القول والعمل.
رواه الطّبرانيّ وإسناده جيّدٌ.
- وعن الحكم بن عتيبة قال: «لمّا خاض النّاس في أمر عائشة أرسل رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - إلى عائشة قالت: فجئت وأنا أنتفض من غير حمّى، فقال: " يا عائشة ما يقول النّاس؟ "، فقالت: لا والّذي بعثك بالحقّ لا أعتذر من شيءٍ قالوه حتّى ينزل عذري من السّماء. فأنزل اللّه فيها خمس عشرة آيةً من سورة النّور. ثمّ قرأ الحكم حتّى بلغ {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات} [النور: 26] قال: فالخبيثات من النّساء للخبيثين من الرّجال، والخبيثون من الرّجال للخبيثات من النّساء، والطّيّبات من النّساء للطّيّبين من الرّجال، والطّيّبون من الرّجال للطّيّبات من النّساء».
رواه الطّبرانيّ مرسلًا، ورجاله رجال الصّحيح، إن كان سليمان المبهم سليمان بن عبد الرّحمن الدّمشقيّ، والظّاهر أنّه هو.
- وعن سعيد بن جبيرٍ «أولئك يعني الطّيّبين من الرّجال مبرّؤون ممّا يقولون [يعني: ممّا يقول هؤلاء القاذفون الّذين قذفوا عائشة: هم براءٌ من الكلام السّيّء، ثمّ قال] لهم مغفرةٌ يعني لذنوبهم ورزقٌ كريمٌ يعني حسنًا في الجنّة. فلمّا نزل عذر عائشة ضمّها رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - إلى نفسه وهي من أزواجه في الجنّة».
رواه الطّبرانيّ، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعفٌ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- وعن مجاهدٍ في قوله {أولئك مبرّؤون ممّا يقولون} [النور: 26] فمن كان طيّبًا فهو مبرّأٌ من كلّ قولٍ خبيثٍ يقوله بمغفرة اللّه له، ومن كان خبيثًا فهو مبرّأٌ من كلّ قولٍ صالحٍ قاله يردّه اللّه عليه لا يقبل منه.
رواه الطّبرانيّ، ورجاله ثقاتٌ.
- وعن مجاهدٍ في قوله {أولئك مبرّؤون ممّا يقولون} [النور: 26] وذلك أنّهم ما قال الكافر من كلمةٍ طيّبةٍ فهي للمؤمنين، وما قال المؤمن من كلمةٍ خبيثةٍ فهي للكافرين، بريءٌ كلٌّ ممّا ليس له بحقٍّ من الكلام.
رواه الطّبرانيّ، ورجاله ثقاتٌ، وله إسنادٌ آخر ضعيفٌ.
- وعن قتادة في قوله {أولئك مبرّؤون ممّا يقولون} [النور: 26] قال: من القول والعمل لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ مغفرةٌ لذنوبهم وهي الجنّة.
رواه الطّبرانيّ، ورجاله ثقاتٌ.
- وعن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله {أولئك مبرّؤون ممّا يقولون} [النور: 26] قال: هاهنا برئت عائشة لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ.
رواه الطّبرانيّ، ورجاله ثقاتٌ إلى عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم). [مجمع الزوائد: 7/81-82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {الخبيثات} قال: من الكلام {للخبيثين} قال: من الرجال {والخبيثون} من الرجال {للخبيثات} من الكلام {والطيبات} من الكلام {للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من الكلام، نزلت في الذين قالوا في زوجة النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما قالوا من البهتان). [الدر المنثور: 10/696-697]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني عن مجاهد في قوله {الخبيثات} قال من الكلام {للخبيثين} من الناس {والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من الكلام {والطيبات} من الكلام {للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من الكلام {أولئك مبرؤون مما يقولون} قال: من كان طيبا فهو مبرأ من كل قول خبيث لقوله يغفر الله له، ومن كان خبيثا فهو مبرأ من كل قول صالح يقوله يرده الله عليه لا يقبله منه). [الدر المنثور: 10/697]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير والطبراني عن قتادة في قوله {الخبيثات} قال: من القول والعمل {للخبيثين} من الناس {والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من القول والعمل {والطيبات} من القول والعمل {للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من القول والعمل {لهم مغفرة} لذنوبهم {ورزق كريم} هو الجنة). [الدر المنثور: 10/697-698]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {للخبيثات} قال: من الكلام {للخبيثين} قال: من الناس {والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من الكلام {والطيبات} من الكلام {للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من الكلام وهؤلاء {مبرؤون مما} يقال لهم من السوء يعني عائشة.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير عن الضحاك وابراهيم، مثله). [الدر المنثور: 10/698]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عطاء {الخبيثات} قال: من القول {للخبيثين} من الناس {والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من القول {والطيبات} من القول {للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من القول، ألا ترى أنك تسمع بالكلمة الخبيثة من الرجل الصالح فتقول غفر الله لفلان ما هذا من خلقه ولا من شيمه ولا مما يقول، قال الله {أولئك مبرؤون مما يقولون} ان يكون ذلك من شيمهم ولا من أخلاقهمن ولكن الزلل قد يكون). [الدر المنثور: 10/698-699]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى الجزار قال: جاء أسير بن جابر إلى عبد الله فقال: قد سمعت الوليد بن عقبة اليوم تكلم بكلام اعجبني فقال عبد الله: ان الرجل المؤمن يكون في فيه الكلمة غير طيبة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها فيسمعها رجل عنده مثلها فيضمها اليها، وان الرجل الفاجر تكون في قلبه الكلمة الطيبة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها فيسمعها الرجل الذي عنده مثلها فيضمها اليها، ثم قرأ عبد الله {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات} ). [الدر المنثور: 10/699]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن زيد في قوله {الخبيثات للخبيثين} قال: نزلت في عائشة حين رماها المنافق بالبهتان والفرية فبرأها الله من ذلك وكان عبد الله بن أبي هو الخبيث فكان هو أولى بأن تكون له الخبيثه ويكون لها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبا وكان أولى أن تكون له الطيبة وكانت عائشة الطيبة فكانت أولى أن يكون لها الطيب وفي قوله {أولئك مبرؤون مما يقولون} قال: ههنا برئت عائشة). [الدر المنثور: 10/699]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: لقد نزل عذري من السماء ولقد خلقت طيبة وعند طيب ولقد وعدت مغفرة وأجرا عظيما). [الدر المنثور: 10/700]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن ذكوان حاجب عائشة قال: دخل ابن عباس على عائشة فقال: ابشري ما بينك وبين أن تلقي محمدا والاحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله ولم يكن يحب رسول الله إلا طيبا وسقطت قلادتك ليلة الابواء فأنزل الله أن {فتيمموا صعيدا طيبا} النساء الآية 43 وكان ذلك بسببك وما أنزل الله لهذه الامة من الرخصة وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات جاء بها الروح الامين فأصبح وليس مسجد من مساجد الله يذكر الله يذكر الله فيه إلا هي تتلى فيه آناء الليل وآناء النهار قالت: دعني منك يا ابن عباس فو الذي نفسي بيده لوددت إني كنت نسيا منسيا). [الدر المنثور: 10/700]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إذا كان يوم القيامة حد الله الذين قذفوا عائشة ثمانين ثمانين على رؤوس الخلائق فيستوهب ربي المهاجرين منهم فاستأمرك يا عائشة فسمعت عائشة الكلام وهي في البيت فبكت ثم قالت: والذي بعثك بالحق نبيا لسرورك أحب إلى من سروري فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا وقال: انها ابنة أبيها). [الدر المنثور: 10/700]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام). [الدر المنثور: 10/700-701]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن الزهري قال: لو جمع علم الناس كلهم ثم علم أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم لكانت عائشة أوسعهم علما). [الدر المنثور: 10/701]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن عروة قال ما رأيت أحدا أعلم بالحلال والحرام والعلم والشعر والطب من عائشة رضي الله عنها). [الدر المنثور: 10/701]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن موسى بن طلحة قال: ما رأيت أحدا أفصح من عائشة رضي الله عنها). [الدر المنثور: 10/701]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد والحاكم عن الاحنف قال: سمعت خطبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والخطباء هلم جرا فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه من عائشة رضي الله عنها). [الدر المنثور: 10/701-702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور والحاكم عن مسروق أنه سئل أكانت عائشة تحسن الفرائض فقال: لقد رأيت الاكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض). [الدر المنثور: 10/702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن عطاء قال: كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة). [الدر المنثور: 10/702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن مسلم البطين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة زوجتي في الجنة). [الدر المنثور: 10/702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت: خلال في سبع لم تكن في أحد من الناس إلا ما أتى الله مريم بنت عمران، والله ما أقول هذا لكي أفتخر على صواحبي قيل: وما هن قالت: نزل الملك بصورتي وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لسبع سنين وأهديت إليه وأنا بنت تسع سنين وتزوجني بكرا لم يشركه في أحد من الناس وأتاه الوحي وأنا واياه في لحاف واحد وكنت من أحب الناس إليه ونزل في آيات من القرآن كادت الامة تهلك فيهن ورأيت جبريل لم يره أحد من نسائه غيري وقبض لم يله أحد غير الملك وأنا). [الدر المنثور: 10/702-703]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لها: ان جبريل يقرأ عليك السلام قالت عائشة: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته). [الدر المنثور: 10/703]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن النجار في تاريخ بغداد من طريق أبي بكر محمد بن عمر البغدادي الحنبلي عن أبيه ثنا محمد بن الحسن الكاراني حدثني إبراهيم الخرجي قال: ضاق بي شيء من أمور الدنيا فدعوت بدعوات يقال لها دعاء الفرج فقلت: وما هي فقال: حدثني أبو عبد الله أحمد ابن محمد بن حنبل حدثني سفيان بن عيينة ثنا محمد بن واصل الانصاري عن أبيه عن جده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت جالسا عند أم المؤمنين عائشة لأقر عينيها بالبراءة وهي تبكي فقالت: والله لقد هجرني القريب والبعيد حتى هجرتني الهرة وما عرض علي طعام ولا شراب فكنت أرقد وأنا جائعة ظامئة فرأيت في منامي فتى فقال لي: ما لك فقلت: حزينة مما ذكر الناس فقال: ادعي بهذه يفرج عنك فقلت: وما هي فقال: قولي يا سابغ النعم ودافع النقم ويا فارج الغمم ويا كاشف الظلم يا أعدل من حكم يا حسيب من ظلم يا ولي من ظلم يا أول بلا بداية ويا آخر بلا نهاية يا من له اسم بلا كنية اللهم اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا قالت: فانتبهت وأنا ريانة شبعانة وقد أنزل الله منه فرجي قال ابن النجار: خبر غريب). [الدر المنثور: 10/703-704]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 06:36 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ الّذين يرمون المحصنات} [النور: 23] العفائف.
تفسير السّدّيّ.
{الغافلات} [النور: 23] أي لم يفعلن الّذي قذفن به.
{المؤمنات لعنوا في الدّنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ {23} يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون {24}} [النور: 23-24]
[تفسير القرآن العظيم: 1/435]
بلغني أنّه يعني بذلك عبد اللّه بن أبيّ ابن سلولٍ في أمر عائشة.
- أبو أميّة، عن يحيى بن أبي كثيرٍ أنّ رسول اللّه عليه السّلام قال: قذف المحصنة من الكبائر). [تفسير القرآن العظيم: 1/436]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله تعالى: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدّنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم}

قيل إنه يعنى به أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل إن الأصل فيه أمر عائشة، ثم صار لكل من رمى المؤمنات.
ولم يقل ههنا والمؤمنين استغناء بأنه إذا رمى المؤمنة فلا بد أن يرمي فعها مؤمنا، فاستغنى عن ذكر المؤمنين لأنه قد جرى ذكر المؤمنين والمؤمنات، ودل ذكره المؤمنات على المؤمنين،
كما قال: {سرابيل تقيكم الحرّ} ولم يقل وتقيكم البرد، لأن ما كان وقى الحرّ وقى البرد، فاستغنى عن ذكر أحدهما بالآخر). [معاني القرآن: 4/37]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم}
روى سفيان عن خصيف قال سألت سعيد بن جبير من قذف محصنة لعن في الدنيا والآخرة فقال هذا خاص بعائشة
وروى سلمة بن نبيط عن الضحاك قال هذا في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة
قال أبو جعفر وقول ابن عباس والضحاك أولى من القول الأول لأن قوله: {المحصنات} يدل على جمع
وقيل خص بهذا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقيل لمن قذفهن ملعون في الدنيا والآخرة ومن قذف غيرهن قيل له فاسق ولم يقل له هذا
وقوله جل وعز: {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق}
الدين ههنا الحساب والجزاء كما قال تعالى: {ذلك الدين القيم} و{ملك يوم الدين} ). [معاني القرآن: 4/513-514]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ الّذين يرمون المحصنات} [النور: 23] العفائف.
تفسير السّدّيّ.
{الغافلات} [النور: 23] أي لم يفعلن الّذي قذفن به.
{المؤمنات لعنوا في الدّنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ {23} يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون {24}} [النور: 23-24]
[تفسير القرآن العظيم: 1/435]
بلغني أنّه يعني بذلك عبد اللّه بن أبيّ ابن سلولٍ في أمر عائشة.
- أبو أميّة، عن يحيى بن أبي كثيرٍ أنّ رسول اللّه عليه السّلام قال: قذف المحصنة من الكبائر). [تفسير القرآن العظيم: 1/436] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يوم تشهد...}

القراء على التاء (يوم تشهد) وقرأ يحيى بن وثّاب وأصحاب عبد الله (يشهد) التاء لتأنيث الألسنة والياء لتذكير اللسان، ولأن الفعل إذا تقدم كان كأنه لواحد الجمع).
[معاني القرآن: 2/248]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ} [النور: 25] قال قتادة: أي عملهم الحقّ، أهل الحقّ بحقّهم، وأهل الباطل بباطلهم.
وقال السّدّيّ: يعني حسابهم العدل.
قال يحيى: يدانون بعملهم.
{ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين} [النور: 25] البيّن.
والحقّ اسمٌ من أسماء اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/436]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ} الدين هاهنا الحساب. والدين يتصرف على وجوه قد بينتها في كتاب «المشكل»).

[تفسير غريب القرآن: 302]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الدّين
الدّين: الجزاء. ومنه قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} أي يوم الجزاء والقصاص. ومنه يقال: دنته بما صنع. أي جزيته بما صنع. وكما تدين تدان.
والدّين: الملك والسّلطان. ومنه قول الشاعر:
لئن حللت بخوّفي بني أسد في دين عمرو وحالت دوننا فدك
أي في سلطانه. ويقال من هذا: دنت القوم أدينهم، أي قهرتهم وأذللتهم، فدانوا أي ذلّوا وخضعوا.
والدّين لله إنما هو من هذا. ومنه قول القطاميّ:
كانت نوار تدينك الأديانا
أي تذلّك. ومنه قول الله تعالى: {وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ}، أي لا يطيعونه.
والدّين:الحساب، من قوله تعالى:{مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}.ومنه قوله عز وجل:{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ}،أي حسابهم).[تأويل مشكل القرآن: 454-453] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يومئذ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين}
ويقرأ الحقّ، فمن قرأ الحقّ فالحقّ من صفة اللّه عزّ وجلّ، فالمعنى يومئذ يوفيهم اللّه الحق دينهم، ومن قرأ دينهم الحق، فالحق من صفة الدين والدّين ههنا الجزاء،
المعنى يومئذ يوفّيهم اللّه جزاءهم الحق، أي جزاءهم الواجب). [معاني القرآن: 4/37]

تفسير قوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات} [النور: 26] المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: هي الأعمال الخبيثة والكلام الخبيث للخبيثين من النّاس والطّيّبات من الكلام والعمل للطّيّبين من النّاس.
قال يحيى: من الرّجال والنّساء.
وهذا في قصّة عائشة.
وقال السّدّيّ: {الخبيثات للخبيثين} [النور: 26] يعني الخبيثات من القول للخبيثين من الرّجال والنّساء.
{والطّيّبات للطّيّبين} [النور: 26] يعني الطّيّبات من القول للطّيّبين من الرّجال والنّساء.
قال: {أولئك مبرّءون ممّا يقولون لهم مغفرةٌ} [النور: 26] لذنوبهم.
{ورزقٌ كريمٌ} [النور: 26] الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/436]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {الخبيثات للخبيثين...}

الخبيثات من الكلام للخبيثين من الرجال. أي ذلك من فعلهم وممّا يليق بهم. وكذلك قوله: {والطّيّبات للطّيّبين} الطيّبات من الكلام للطيّبين من الرجال.[معاني القرآن: 2/248]
ثم قال {أولائك مبرّءون} يعني عائشة وصفوان بن المعطّل الذي قذف معها. فقال {مبرّءون} للاثنين كما قال {فإن كان له إخوةٌ فلكلّ واحدً} يريد أخوين فما زاد، لذلك حجب بالإثنين. ومثله {وكنّا لحكمهم شاهدين} يريد داود وسليمان. وقرأ ابن عباس (وكنّا لحكمهما شاهدين) فدلّ على أنهما إثنان). [معاني القرآن: 2/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الخبيثات} من الكلام {للخبيثين} من الناس.
{والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من الكلام.
{أولئك مبرّؤن} يعني عائشة.
وكذلك الطّيبات للطّيّبين على هذا التأويل). [تفسير غريب القرآن: 302]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ}، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل). [تأويل مشكل القرآن: 284] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الكريم: الشريف الفاضل...، والكريم: الكثير الكرم، قال الله تعالى: {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}
أي: كثير). [تأويل مشكل القرآن: 494] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات أولئك مبرّءون ممّا يقولون لهم مغفرة ورزق كريم}
فيها وجهان، المعنى الكلمات الخبيثات للخبيثين من الرجال، والرجال الخبيثون للكلمات الخبيثات، أي لا يتكلّم بالخبيثات إلا الخبيث من الرجال والنساء، ولا يتكلّم بالطيبات إلا الطيب من الرجال والنساء، ويجوز أن يكون معنى هذه الكلمات الخبيثات إنما تلصق بالخبيثين من الرجال والخبيثات من النّساء، فأما الطاهرات الطيبات فلا يلصق بهن شيء.
وقيل الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال وكذلك الطيبات من النساء، للطيبين من الرجال.
وقوله: {أولئك مبرّءون ممّا يقولون} أي عائشة وصفوان بن المعطّل، وكذلك كل من قذف من المؤمنين
والمؤمنات مبرأون ممّا يقول أهل الخبث القاذفون.
{لهم مغفرة ورزق كريم} أي: للذين قذفوا ورموا مغفرة ورزق كريم، وللقاذفين اللعنة في الدنيا والآخرة وعذاب عظيم.
وقوله: (إذ تلقّونه بألسنتكم) معناه : إذ يلقيه بعضكم إلى بعض، وقرأت عائشة رحمها اللّه: إذ تلقونه بألسنتكم، ومعناه إذ تسرعون بالكذب،
يقال ولق يلق إذا أسرع في الكذب وغيره.
قال الشاعر:
جاءت به عنس من الشام تلق
أي تسرع). [معاني القرآن: 4/38-37]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيببون للطيبات}
قال سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد أي الكلمات الخبيثات للخبيثين من الناس والخبيثون من الناس للخبيثات من القول والخبيثات من الناس
والطيبات من الكلام للطيبين من الناس والطيبون من الناس للطيبات من القول والطيبات من الناس
قال أبو جعفر وهذا أحسن ما قيل في هذه الآية
والمعنى الكلمات الخبيثات لا يقولهن إلا الخبيثون والخبيثات من الناس والكلمات الطيبات لا يقولهن إلا الطيبون والطيبات من الناس
ودل على صحة هذا القول {أولئك مبرءون مما يقولون} أي عائشة وصفوان مبرءون مما يقول الخبيثون والخبيثات
وجمع وإن كانا اثنين كما قال تعالى: {فإن كان له إخوة} هذا قول الفراء في الجمع
وفي قوله تعالى: {الخبيثات للخبيثين} قولان آخران:
أ- قيل المعنى الخبيثات من الكلام إنما تلصق بالخبيثين والخبيثات من الناس لا بالطيبين والطيبات
ب- وقيل المعنى الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء والخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال). [معاني القرآن: 4/516-514]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْخَبِيثَاتُ}: من الكلام {لِلْخَبِيثِينَ}: من الناس.
{والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من الكلام ومثله {والطيبات للطيبين} ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 168-167]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 06:42 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) }

تفسير قوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:02 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:02 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:04 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين}
قال سعيد بن جبير: إن هذه الآية التي تضمنت لعن القاذف وتوعده الشديد إنما هي خاصة في رماة عائشة رضي الله عنها، وقال ابن عباس رضي الله عنهما، والضحاك، وغيرهما: بل هذه لجميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، غلظ الله أمر رميهن لمكانهن من الدين، فلعن قاذفهن ولم يقرن بآخر الآية توبة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقاذف غيرهن له اسم الفسق وذكرت له التوبة.
وقال جماعة من العلماء: بل هي في شأن عائشة رضي الله تعالى عنها إلا أنه يراد بها كل من اتصف بهذه الصفة، وقال بعض هذه الفرقة: إن هذه الآية نزلت أولا في القاذفين، ثم نزلت بعد ذلك الآية التي صدرت في السورة التي فيها التوبة، وقد تقدم القول في "المحصنات" ما معناه.
و "اللعنة" في هذه الآية: الإبعاد، وضرب الحد، واستيحاش المؤمنين منهم وهجرهم لهم، وزوالهم عن رتبة العدالة، وعلى من قال إن هذه الآية خاصة
[المحرر الوجيز: 6/364]
لعائشة رضي الله عنها ترتبت هذه الشدائد في جانب عبد الله بن أبي وأشباهه. وفي ضمن رمي المحصنة رمي الرجل معها، وقد يكون مؤمنا). [المحرر الوجيز: 6/365]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والعامل في قوله: "يوم" فعل مضمر يقتضيه العذاب، أي: يعذبونه يوم، أو نحوه، وأخبر الله تعالى أن جوارحهم تشهد عليهم، وذلك من أعظم الخزي والتنكيل، فيشهد اللسان وقلب المنافق لا يريد ما يشهد به، وتشهد الأيدي والأرجل [وتتكلم] كلاما يقدرها الله تعالى عليه. وقرأ جمهور السبعة: "تشهد" بالتاء من فوق، وقرأ حمزة والكسائي: "يشهد" بالياء). [المحرر الوجيز: 6/365]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الدين" في هذه الآية: الجزاء، ومنه قول الشاعر:
ولم يبق سوى العدوا ن دناهم كما دانوا
[المحرر الوجيز: 6/365]
أي جازيناهم كما فعلوا، ومنه المثل "كما تدين تدان".
وقرأ جمهور الناس: "الحق" بالنصب على الصفة للدين، وقرأ مجاهد: "الحق" بالرفع على الصفة لله تعالى، وفي مصحف ابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهما: "يومئذ يوفيهم الله الحق دينهم" بتقديم الصفة على الموصوف، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله تبارك وتعالى: {ويعلمون أن الله هو الحق المبين} يقوي قول من ذهب إلى أن الآية في المنافقين عبد الله بن أبي وغيره، وذلك أن كل مؤمن في الدنيا يعلم أن الله هو الحق المبين، وإلا فليس بمؤمن). [المحرر الوجيز: 6/366]

تفسير قوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم}
اختلف المتأولون في الموصوف في هذه الآية بالخبيث والطيب، فقال ابن عباس رضي الله عنهما، ومجاهد، والضحاك، وقتادة: هي الأقوال والأفعال، ثم اختلفت هذه الجماعة، فقال بعضهم: المعنى: الكلمات والفعلات الخبيثات لا يقولها ويرضاها إلا الخبيثات من الناس، فهي لهم وهم لها بهذا الوجه، وكذلك الطيبات للطيبين، وقال بعضهم: المعنى: الكلمات والفعلات الخبيثات لا تليق ولا تلصق عند رمي الرامي وقذف القاذف إلا بالخبيثين من الناس، فهي لهم وهم لها بهذا الوجه.
وقال ابن زيد: الموصوف بالخبيث والطيب النساء والرجال، وإنما الآية على نحو التي تقدمت وهي قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية}، فمعنى هذه: التفريق بين حكم عبد الله بن أبي وأشباهه وبين حكم النبي عليه الصلاة والسلام وفضلاء الصحابة رضوان الله عليهم وأمته، أي: إن النبي صلى الله عليه وسلم طيب فلم يجعل الله له إلا كل طيبة، وأولئك خبيثون فهم أهل النساء الخبيثات.
[المحرر الوجيز: 6/366]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وبهذه الآية قيل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم: الطيبات المبرآت.
وقوله تعالى: "أولئك" إشارة إلى "الطيبين" في قوله: {والطيبون للطيبات}. وقال النقاش: الإشارة بـ أولئك مبرءون إلى صفوان وعائشة رضي الله عنهما، وجمعهما في الضمير على حد قوله تعالى: {فإن كان له إخوة} والمراد: أخوان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفي هذا التمثيل بآية الأخوة نظر، وبحسب هذه المعاني يتقدر المراد بالضمير في "يقولون"، فتأمله. ثم وعد الله تعالى الطيبين من المؤمنين بالمغفرة عند الحساب، وبالرزق الكريم في الجنة). [المحرر الوجيز: 6/367]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 05:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 05:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدّنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ (23) يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون (24) يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين (25)}
هذا وعيدٌ من اللّه تعالى للّذين يرمون المحصنات الغافلات -خرّج مخرج الغالب- المؤمنات.
فأمّهات المؤمنين أولى بالدّخول في هذا من كلّ محصّنةٍ، ولا سيّما الّتي كانت سبب النّزول، وهي عائشة بنت الصّدّيق، رضي اللّه عنهما.
وقد أجمع العلماء، رحمهم اللّه، قاطبةً على أنّ من سبّها بعد هذا ورماها بما رماها به [بعد هذا الّذي ذكر] في هذه الآية، فإنّه كافرٌ؛ لأنّه معاندٌ للقرآن. وفي بقيّة أمّهات المؤمنين قولان: أصحّهما أنّهنّ كهي، واللّه أعلم.
وقوله تعالى: {لعنوا في الدّنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ} كقوله: {إنّ الّذين يؤذون اللّه ورسوله لعنهم اللّه في الدّنيا والآخرة وأعدّ لهم عذابًا مهينًا} [الأحزاب: 57].
وقد ذهب بعضهم إلى أنّها خاصّةٌ بعائشة، فقال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا عبد اللّه بن خراش، عن العوّام، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} [قال]: نزلت في عائشة خاصّةً.
وكذا قال [سعيد بن جبيرٍ و] مقاتل بن حيّان، وقد ذكره ابن جريرٍ عن عائشة فقال:
حدّثنا أحمد بن عبدة الضّبّي، حدّثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه قال: قالت عائشة: رميت بما رميت به وأنا غافلةٌ، فبلغني بعد ذلك. قالت: فبينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جالسٌ عندي إذ أوحي، إليه. قالت: وكان إذا أوحي إليه أخذه كهيئة السّبات، وإنّه أوحي إليه وهو جالسٌ عندي، ثمّ استوى جالسًا يمسح على وجهه، وقال: "يا عائشة أبشري". قالت: قلت: بحمد اللّه لا بحمدك. فقرأ: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات}، حتّى قرأ: {أولئك مبرّءون ممّا يقولون} [النّور: 26].
هكذا أورده، وليس فيه أنّ الحكم خاصٌّ بها، وإنّما فيه أنّها سبب النّزول دون غيرها، وإن كان الحكم يعمّها كغيرها، ولعلّه مراد ابن عبّاسٍ ومن قال كقوله، واللّه أعلم.
وقال الضّحّاك، وأبو الجوزاء، وسلمة بن نبيط: المراد بها أزواج النّبيّ خاصّةً، دون غيرهنّ من النّساء.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} الآية: يعني أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، رماهنّ أهل النّفاق، فأوجب اللّه لهم اللّعنة والغضب، وباؤوا بسخطٍ من اللّه، فكان ذلك في أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ نزل بعد ذلك: {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء} إلى قوله: {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}، فأنزل اللّه الجلد والتّوبة، فالتّوبة تقبل، والشّهادة تردّ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا القاسم، حدّثنا الحسين، حدّثنا هشيم، أخبرنا العوّام بن حوشبٍ، عن شيخٍ من بني أسدٍ، عن ابن عبّاسٍ -قال: فسّر سورة النّور، فلمّا أتى على هذه الآية: {إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا} الآية -قال: في شأن عائشة، وأزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وهي مبهمةٌ، وليست لهم توبةٌ، ثمّ قرأ: {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء} إلى قوله: {إلا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} الآية [النور: 4، 5]، قال: فجعل لهؤلاء توبةً ولم يجعل لمن قذف أولئك توبةً، قال: فهمّ بعض القوم أن يقوم إليه فيقبّل رأسه، من حسن ما فسّر به سورة النّور.
فقوله: "وهي مبهمةٌ"، أي: عامّةٌ في تحريم قذف كلّ محصنةٍ، ولعنته في الدّنيا والآخرة.
وهكذا قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: هذا في عائشة، ومن صنع مثل هذا أيضًا اليوم في المسلمات، فله ما قال اللّه، عزّ وجلّ، ولكن عائشة كانت إمام ذلك.
وقد اختار ابن جريرٍ عمومها، وهو الصّحيح، ويعضّد العموم ما رواه ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن -ابن أخي ابن وهبٍ -حدّثنا عمّي، حدّثنا سليمان بن بلالٍ، عن ثور بن زيدٍ، عن أبي الغيث عن أبي هريرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "اجتنبوا السّبع الموبقات". قيل: يا رسول اللّه، وما هنّ؟ قال: "الشّرك باللّه، والسّحر، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ، وأكل الرّبا، وأكل مال اليتيم، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات".
أخرجاه في الصّحيحين، من حديث سليمان بن بلالٍ، به.
وقال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ: حدّثنا محمّد بن عمرو بن خالدٍ الحذّاء الحرّانيّ، حدّثني أبي، (ح) وحدّثنا أبو شعيب الحرّانيّ، حدّثنا جدّي أحمد بن أبي شعيب، حدّثنا موسى بن أعين، عن ليثٍ، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال:"قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنةٍ"). [تفسير ابن كثير: 6/ 31-33]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} قال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو يحيى الرّازيّ، عن عمرو بن أبي قيسٍ، عن مطرّف، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: إنّهم -يعني: المشركين -إذا رأوا أنّه لا يدخل الجنة إلّا أهل الصّلاة، قالوا: تعالوا حتّى نجحد. فيجحدون فيختم [اللّه] على أفواههم، وتشهد أيديهم وأرجلهم، ولا يكتمون اللّه حديثًا.
وقال ابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ أيضًا: حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، حدّثنا ابن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث، عن درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، عن رسول الله صلى عليه وسلّم قال:"إذا كان يوم القيامة، عرف الكافر بعمله، فيجحد ويخاصم، فيقال له: هؤلاء جيرانك يشهدون عليك. فيقول: كذبوا. فيقول: أهلك وعشيرتك. فيقول: كذبوا، فيقول: احلفوا. فيحلفون، ثمّ يصمتهم اللّه، فتشهد عليهم أيديهم وألسنتهم، ثمّ يدخلهم النّار".
وقال ابن أبي حاتمٍ أيضًا: حدّثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد اللّه بن أبي شيبة الكوفي، حدثنا منجاب بن الحارث التّميميّ حدّثنا أبو عامرٍ الأسدي، حدّثنا سفيان، عن عبيدٍ المكتب، عن فضيل بن عمرٍو الفقيمي، عن الشّعبيّ، عن أنس بن مالكٍ قال: كنّا عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فضحك حتّى بدت نواجذه، ثمّ قال: "أتدرون ممّ أضحك؟ " قلنا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "من مجادلة العبد ربّه يوم القيامة، يقول: يا ربّ، ألم تجرني من الظّلم؟ فيقول: بلى. فيقول: لا أجيز عليّ شاهدًا إلّا من نفسي. فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام عليك شهودًا فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي فتنطق بعمله، ثمّ يخلّي بينه وبين الكلام، فيقول: بعدًا لكنّ وسحقًا، فعنكنّ كنت أناضل".
وقد رواه مسلمٌ والنّسائيّ جميعًا، عن أبي بكر بن أبي النّضر، عن أبيه، عن عبيد اللّه الأشجعيّ، عن سفيان الثّوريّ، به ثمّ قال النّسائيّ: لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث عن سفيان الثّوريّ غير الأشجعيّ، وهو حديثٌ غريبٌ، واللّه أعلم. هكذا قال.
وقال قتادة: ابن آدم، واللّه إنّ عليك لشهودًا غير متّهمةٍ من بدنك، فراقبهم واتّق اللّه في سرّك وعلانيتك، فإنّه لا يخفى عليه خافيةٌ، والظّلمة عنده ضوءٌ والسّرّ عنده علانيةٌ، فمن استطاع أن يموت وهو باللّه حسن الظّنّ، فليفعل ولا قوّة إلّا باللّه). [تفسير ابن كثير: 6/ 33-34]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يومئذٍ يوفّيهم اللّه دينهم الحقّ} قال ابن عبّاسٍ: {دينهم} أي: حسابهم، وكلّ ما في القرآن {دينهم} أي: حسابهم. وكذا قال غير واحدٍ.
ثمّ إنّ قراءة الجمهور بنصب {الحقّ} على أنّه صفةٌ لدينهم، وقرأ مجاهدٌ بالرّفع، على أنّه نعت الجلالة. وقرأها بعض السّلف في مصحف أبيّ بن كعبٍ: "يومئذٍ يوفّيهم اللّه الحقّ دينهم".
وقوله: {ويعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين} أي: وعده ووعيده وحسابه هو العدل، الّذي لا جور فيه). [تفسير ابن كثير: 6/ 34]

تفسير قوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات أولئك مبرّءون ممّا يقولون لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ (26) }
قال ابن عبّاسٍ: الخبيثات من القول للخبيثين من الرّجال، والخبيثون من الرّجال للخبيثات من القول. والطّيّبات من القول، للطّيّبين من الرّجال، والطّيّبون من الرّجال للطّيّبات من القول. قال: ونزلت في عائشة وأهل الإفك.
وهكذا روي عن مجاهدٍ، وعطاءٍ، وسعيد بن جبير، والشّعبيّ، والحسن بن أبي الحسن البصريّ، وحبيب بن أبي ثابتٍ، والضّحّاك. واختاره ابن جريرٍ، ووجّهه بأنّ الكلام القبيح أولى بأهل القبح من النّاس، والكلام الطّيّب أولى بالطّيّبين من النّاس، فما نسبه أهل النّفاق إلى عائشة هم أولى به، وهي أولى بالبراءة والنّزاهة منهم؛ ولهذا قال: {أولئك مبرّءون ممّا يقولون}.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: الخبيثات من النّساء للخبيثين من الرّجال، والخبيثون من الرّجال للخبيثات من النّساء، والطّيّبات من النّساء للطّيّبين من الرّجال، والطّيّبون من الرّجال للطّيّبات من النّساء.
وهذا -أيضًا -يرجع إلى ما قاله أولئك باللّازم، أي: ما كان اللّه ليجعل عائشة زوجةً لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلّا وهي طيّبةٌ؛ لأنّه أطيب من كلّ طيّبٍ من البشر، ولو كانت خبيثةً لما صلحت له، لا شرعًا ولا قدرًا؛ ولهذا قال: {أولئك مبرّءون ممّا يقولون} أي: هم بعداء عمّا يقوله أهل الإفك والعدوان، {لهم مغفرةٌ} أي: بسبب ما قيل فيهم من الكذب، {ورزقٌ كريمٌ} أي: عند اللّه في جنّات النّعيم. وفيه وعدٌ بأن تكون زوجة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الجنّة.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن مسلمٍ، حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا عبد السّلام بن حربٍ، عن يزيد بن عبد الرّحمن، عن الحكم، عن يحيى بن الجزّار قال: جاء أسير بن جابرٍ إلى عبد اللّه فقال: لقد سمعت الوليد بن عقبة تكلّم بكلامٍ أعجبني. فقال عبد اللّه: إنّ الرّجل المؤمن يكون في قلبه الكلمة غير طيّبةٍ تتجلجل في صدره ما تستقرّ حتّى يلفظها، فيسمعها رجلٌ عنده يتلّها فيضمّها إليه. وإنّ الرّجل الفاجر يكون في قلبه الكلمة الطّيّبة تتجلجل في صدره ما تستقرّ حتّى يلفظها، فيسمعها الرّجل الّذي عنده يتلّها فيضمّها إليه، ثمّ قرأ عبد اللّه: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات}.
ويشبه هذا ما رواه الإمام أحمد في المسند مرفوعًا: "مثل الّذي يسمع الحكمة ثمّ لا يحدّث إلّا بشرّ ما سمع، كمثل رجلٍ جاء إلى صاحب غنمٍ، فقال: أجزرني شاةً. فقال: اذهب فخذ بأذن أيّها شئت. فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم" وفي الحديث الآخر: "الحكمة ضالّة المؤمن حيث وجدها أخذها"). [تفسير ابن كثير: 6/ 34-35]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة