العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة هود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 09:31 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة هود [ من الآية (109) إلى الآية (111) ]

تفسير سورة هود
[ من الآية (109) إلى الآية (111) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) }



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 09:31 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص قال ما يصيبهم من خير أو شر). [تفسير عبد الرزاق: 1/313]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن جابرٍ عن مجاهدٍ عن ابن عباس في قوله: {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص} قال: ما قدّر لهم من خير وشر [الآية: 109]). [تفسير الثوري: 134-135]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلا تك في مريةٍ ممّا يعبد هؤلاء ما يعبدون إلاّ كما يعبد آباؤهم من قبل وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم: فلا تك في شكٍّ يا محمّد ممّا يعبد هؤلاء المشركون من قومك من الآلهة والأصنام أنّه ضلالٌ وباطلٌ، وأنّه باللّه شركٌ، ما يعبد هؤلاء إلاّ كما يعبد آباؤهم من قبل، يقول: إلاّ كعبادة آبائهم من قبل عبادتهم لها. يخبر تعالى ذكره أنّهم لم يعبدوا ما عبدوا من الأوثان إلاّ اتّباعًا منهم منهاج آبائهم، واقتفاءً منهم آثارهم في عبادتهموها، لا عن أمر اللّه إيّاهم بذلك، ولا بحجّةٍ تبيّنوها توجب عليهم عبادتها.
ثمّ أخبر جلّ ثناؤه نبيّه ما هو فاعلٌ بهم لعبادتهم ذلك، فقال جلّ ثناؤه: {وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ} يعني: حظّهم ممّا وعدتهم أن أوفّيهموه من خيرٍ أو شرٍّ، غير منقوصٍ، يقول: لا أنقصهم ممّا وعدتهم، بل أتمّم ذلك لهم على التّمام والكمال.
- كما حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ} قال: ما وعدوا فيه من خيرٍ أو شرٍّ.
- حدّثنا أبو كريبٍ ومحمّد بن بشّارٍ، قالا: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ مثله، إلاّ أنّ أبا كريبٍ قال في حديثه: من خيرٍ وشرٍّ.
- حدّثني المثنّى، قال: أخبرنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن شريكٍ، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ عن ابن عبّاسٍ: {وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ} قال: ما قدّر لهم من الخير والشّرّ.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا الثّوريّ، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ} قال: ما يصيبهم خيرٌ أو شرٌّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله {وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ} قال: نوفّيهم نصيبهم من العذاب غير منقوصٍ). [جامع البيان: 12/590-592]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فلا تك في مريةٍ ممّا يعبد هؤلاء ما يعبدون إلّا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ (109)
قوله تعالى: فلا تك في مريةٍ ممّا يعبد هؤلاء ما يعبدون إلّا كما يعبد آباؤهم من قبل.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قال: ما يعبد هؤلاء الآلهة إلا ليشفعوا عند اللّه.
قوله تعالى: وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ
- حدّثنا عمرٌو الأوديّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ قال: ما وعدوا به من خيرٍ أو شرٍّ
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا أبو يمانٍ، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية في قوله: وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ قال: من الرّزق.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ قال: موفّوهم نصيبهم من العذاب غير منقوصٍ). [تفسير القرآن العظيم: 6/2088-2089]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 109 - 111.
أخرج ابن مردويه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سلوا الله العافية فإنه لم يعط أحد أفضل من معافاة بعد يقين وإياكم والريبة فإنه لم يعط أحد أشر من ريبة بعد كفر). [الدر المنثور: 8/145-146]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص} قال: ما قدر لهم من خير وشر). [الدر المنثور: 8/146]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وإنا لموفوهم نصيبهم} قال: موفوهم نصيبهم من العذاب). [الدر المنثور: 8/146]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية رضي الله عنه {وإنا لموفوهم نصيبهم} قال: من الرزق). [الدر المنثور: 8/146]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى يوفي كل عبد ما كتب له من الرزق فأجملوا في المطلب دعوا ما حرم وخذوا ما حل). [الدر المنثور: 8/146]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لقضي بينهم وإنّهم لفي شكٍّ مّنه مريبٍ}.
يقول تعالى ذكره مسلّيًا نبيّه في تكذيب مشركي قومه إيّاه فيما أتاهم به من عند اللّه بفعل بني إسرائيل بموسى فيما أتاهم به من عند اللّه، يقول له تعالى ذكره: ولا يحزنك يا محمّد تكذيب هؤلاء المشركين لك، وامض لما أمرك به ربّك من تبليغ رسالته، فإنّ الّذي يفعل بك هؤلاء من ردّ ما جئتهم به عليك من النّصيحة من فعل ضربائهم من الأمم قبلهم وسنّة من سننهم.
ثمّ أخبره جلّ ثناؤه بما فعل قوم موسى به، فقال: {ولقد آتينا موسى الكتاب} يعني التّوراة، كما آتيناك الفرقان، فاختلف في ذلك الكتاب قوم موسى فكذّب به بعضهم، وصدّق به بعضهم، كما قد فعل قومك بالفرقان من تصديق بعضٍ به وتكذيب بعضٍ. {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك} يقول تعالى ذكره: ولولا كلمةٌ سبقت يا محمّد من ربّك بأنّه لا يعجّل على خلقه بالعذاب، ولكن يتأنّى حتّى يبلغ الكتاب أجله. {لقضي بينهم} يقول: لقضي بين المكذّب منهم به، والمصدّق بإهلاك اللّه المكذّب به منهم وإنجائه المصدّق به. {وإنّهم لفي شكٍّ منه مريبٍ} يقول: وإنّ المكذّبين به منهم لفي شكٍّ من حقيقته أنّه من عند اللّه مريبٍ، يقول: يريبهم فلا يدرون أحقٌّ هو أم باطلٌ، ولكنّهم فيه ممترون). [جامع البيان: 12/592]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقضي بينهم وإنّهم لفي شكٍّ منه مريبٍ (110) وإنّ كلًّا لمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم إنّه بما يعملون خبيرٌ (111) فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنّه بما تعملون بصيرٌ (112) ولا تركنوا إلى الّذين ظلموا فتمسّكم النّار وما لكم من دون اللّه من أولياء ثمّ لا تنصرون (113)
قوله تعالى: ولقد آتينا موسى الكتاب
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة آتينا موسى الكتاب قال: التّوراة.
قوله تعالى: فاختلف فيه
- حدّثنا عصام بن داود، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ قوله: فاختلف فيه يعني: إسرائيل). [تفسير القرآن العظيم: 6/2089]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن كلًّا لمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم إنّه بما يعملون خبيرٌ}.
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته جماعةٌ من قرّاء أهل المدينة والكوفة: {وإنّ} مشدّدةً {كلًّا لمّا} مشدّدةً.
واختلفت أهل العربيّة في معنى ذلك، فقال بعض نحويّي الكوفيّين: معناه إذا قرئ كذلك وإنّ كلًّا لممّا ليوفّيهم ربّك أعمالهم، ولكن لمّا اجتمعت الميمات حذفت واحدةٌ فبقيت ثنتان، فأدغمت واحدةٌ في الأخرى، كما قال الشّاعر:
وإنّي لمّا أصدر الأمر وجهه = إذا هو أعيا بالنّبيل مصادره
ثمّ تخفّف، كما قرأ بعض القرّاء: والبغي يّعظكم يخفّف الياء مع الياء، وذكر أنّ الكسائيّ أنشده:
وأشمتّ العداة بنا فأضحوا = لدي يتباشرون بما لقينا
وقال: يريد: لديّ يتباشرون بما لقينا، فحذف ياءً لحركتهنّ واجتماعهّنّ؛ قال: ومثله:
كان من آخرها إلقادم = مخرم نجدٍ فارع المخارم
وقال: أراد إلى القادم، فحذف اللاّم عند اللاّم.
وقال آخرون: معنى ذلك إذا قرئ كذلك: {وإنّ كلًّا} شديدًا وحقًّا ليوفّيهم ربّك أعمالهم. قال: وإنّما يراد إذا قرئ ذلك كذلك: {وإنّ كلًّا لمّا} بالتّشديد والتّنوين، ولكنّ قارئ ذلك كذلك حذف منه التّنوين، فأخرجه على لفظ فعلى لمّا كما فعل ذلك في قوله: {ثمّ أرسلنا رسلنا تترى} فقرأ تترى بعضهم بالتّنوين، كما قرأ من قرأ: لمّا بالتّنوين، وقرأ آخرون بغير تنوينٍ، كما قرأ {لمّا} بغير تنوينٍ من قرأه، وقالوا: أصله من اللّمّ من قول اللّه تعالى: {وتأكلون التّراث أكلاً لمّا} يعني أكلاً شديدًا.
وقال آخرون: معنى ذلك إذا قرئ كذلك: وإن كلاّ إلاّ ليوفينّهم، كما يقول القائل: لقد قمت عنّا، وباللّه إلاّ قمت عنّا.
ووجدت عامّة أهل العلم بالعربيّة ينكرون هذا القول، ويأبون أن يكون جائزًا توجيه لمّا إلى معنى إلاّ في اليمين خاصّةً؛ وقالوا: لو جاز أن يكون ذلك بمعنى إلاّ جاز أن يقال: قام القوم لمّا أخاك، بمعنى: إلاّ أخاك، ودخولها في كلّ موضعٍ صلح دخول إلاّ فيه.
وأنا أرى أنّ ذلك فاسدٌ من وجهٍ هو أبين ممّا قاله الّذين حكينا قولهم من أهل العربيّة إنّ في فساده، وهو أنّ إنّ إثباتٌ للشّيء وتحقيقٌ له، وإلاّ أيضًا تحقيقٌ أيضًا، وإنّما تدخل نقضًا لجحدٍ قد تقدّمها. فإذا كان ذلك معناها فواجبٌ أن تكون عند متأوّلها التّأويل الّذي ذكرنا عنه، أن تكون بمعنى الجحد عنده، حتّى تكون إلاّ نقضًا لها. وذلك إن قاله قائلٌ، قولٌ لا يخفى جهل قائله، اللّهمّ إلاّ أن يخفّف قارئٌ إنّ فيجعلها بمعنى إن الّتي تكون بمعنى الجحد. وإن فعل ذلك فسدت قراءته ذلك كذلك أيضًا من وجهٍ آخر، وهو أنّه يصير حينئذٍ ناصبًا ل كلٍّ بقوله: ليوفّينّهم، وليس في العربيّة أن ينصب ما بعد إلاّ من الفعل الاسم الّذي قبلها، لا تقول العرب: ما زيدًا إلاّ ضربت، فيفسد ذلك إذا قرئ كذلك من هذا الوجه إلاّ أن يرفع رافع الكلّ، فيخالف بقراءته ذلك كذلك قراءة القرّاء، وخطّ مصاحف المسلمين، ولا يخرج بذلك من العيب بخروجه من معروف كلام العرب.
وقد قرأ ذلك بعض قرّاء الكوفيّين: وإن كلًّا بتخفيف إن ونصب كلًّا {لمّا} مشدّدةٌ.
وزعم بعض أهل العربيّة أنّ قارئ ذلك كذلك أراد إنّ الثّقيلة فخفّفها. وذكر عن أبي زيدٍ البصريّ أنّه سمع: كأن ثدييه حقّانٍ، فنصب ب كأن، والنّون مخفّفةً من كأن؛ ومنه قول الشّاعر:
ووجهٌ مشرق النّحر = كأن ثدييه حقّان
وقرأ ذلك بعض المدنيّين بتخفيف إنّ ونصب كلًّا، وتخفيف لمّا.
وقد يحتمل أن يكون قارئ ذلك كذلك قصد المعنى الّذي حكيناه عن قارئ الكوفة من تخفيفه نون إنّ وهو يريد تشديدها، ويريد بما الّتي في لمّا الّتي تدخل في الكلام صلةً، وأن يكون قصد إلى تحميل الكلام معنى: وإن كلًّا ليوفّينّهم.
وقد ويجوز أن يكون معناه كان في قراءته ذلك كذلك: وإن كلًّا ليوفّينّهم أي ليوفّينّ كلًّا، فيكون نيّته في نصب كلٍّ كانت بقوله: ليوفّينّهم، فإن كان ذلك أراد ففيه من القبح ما ذكرت من خلافه كلام العرب، وذلك أنّها لا تنصب بفعلٍ بعد لام اليمين اسمًا قبلها.
وقرأ ذلك بعض أهل الحجاز والبصرة: وإنّ مشدّدةٌ كلًّا لما مخفّفةٌ {ليوفّينّهم} ولهذه القراءة وجهان من المعنى: أحدهما: أن يكون قارئها أراد: وإنّ كلًّا لمن ليوفّينّهم ربّك أعمالهم، فيوجّه ما الّتي في لمّا إلى معنى من كما قال جلّ ثناؤه: {فانكحوا ما طاب لكم من النّساء} وإن كان أكثر استعمال العرب لها في غير بني آدم، وينوي باللاّم الّتي في لمّا اللاّم الّتي يتلقّى بها وإنّ جوابًا لها، وباللاّم الّتي في قوله: {ليوفّينّهم} لام اليمين دخلت فيما بين ما وصلتها، كما قال جلّ ثناؤه: {وإنّ منكم لمن ليبطّئنّ} وكما يقال هذا ما لغيره أفضل منه.
والوجه الآخر: أن يجعل ما الّتي في لمّا بمعنى ما الّتي تدخل صلةً في الكلام، واللاّم الّتي فيها، اللاّم الّتي يجاب بها، واللاّم الّتي في: {ليوفّينّهم} هي أيضًا اللاّم الّتي يجاب بها إنّ كرّرت وأعيدت، إذا كان ذلك موضعها، وكانت الأولى ممّا تدخلها العرب في غير موضعها، ثمّ تعيدها بعد في موضعها، كما قال الشّاعر:
فلو أنّ قومي لم يكونوا أعزّةً = لبعد لقد لاقيت لا بدّ مصرعى
وقرأ ذلك الزّهريّ فيما ذكر عنه: {وإنّ كلًّا} بتشديد إنّ ولمًّا بتنوينها، بمعنى: شديدًا وحقًّا وجميعًا.
وأصحّ هذه القراءات مخرّجًا على كلام العرب المستفيض فيهم قراءة من قرأ: وإنّ بتشديد نونها، كلًّا لمّا بتخفيف ما {ليوفّينّهم ربّك} بمعنى: وإنّ كلّ هؤلاء الّذين قصصنا عليك يا محمّد قصصهم في هذه السّورة، لمن ليوفّينّهم ربّك أعمالهم بالصّالح منها، بالجزيل من الثّواب، وبالطّالح منها بالشّديد من العقاب، فتكون ما بمعنى من واللاّم الّتي فيها جوابًا لأنّ، واللاّم في قوله: {ليوفّينّهم} لام قسمٍ.
وقوله: {إنّه بما يعملون خبيرٌ} يقول تعالى ذكره: إنّ ربّك بما يعمل هؤلاء المشركون باللّه من قومك يا محمّد، خبيرٌ، لا يخفى عليه شيءٌ من عملهم بل يخبر ذلك كلّه ويعلمه ويحيط به حتّى يجازيهم على جميع ذلك جزاءهم). [جامع البيان: 12/593-598]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 09:33 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {في مريةٍ} أي في شكٍّ، ويكسر أولها ويضمّ، ومرية الناقة مكسورة وهي درّتها، وكذلك مرية الفرس وهي أن تمريه بساق أو زجر أوسوطٍ). [مجاز القرآن: 1/299]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({في مرية}: في شك). [غريب القرآن وتفسيره: 179]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -: لا تك في مرية ممّا يعبد هؤلاء ما يعبدون إلّا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوص}
أي نوفيهم ما يصيبهم من خير أو شر). [معاني القرآن: 3/80]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص}
روى سفيان عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال ما كتب لهم من خير أو شر). [معاني القرآن: 3/385]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِرْيَةٍ}: شك
{زُلَفًا}: ساعة بعد ساعة). [العمدة في غريب القرآن: 157]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولو لا كلمةٌ سبقت من ربّك} أي نظرة لهم إلى يوم الدين.
{لقضي بينهم} في الدنيا). [تفسير غريب القرآن: 210]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولولا كلمة سبقت من ربك}
أي بالتأخير إلى يوم القيامة لقضي بينهم يعني في الدنيا). [معاني القرآن: 3/385]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإنّ كلاًّ لّمّا ليوفّينّهم...}
قرأت القراء بتشديد (لمّا) وتخفيفها وتشديد إن وتخفيفها، فمن قال {وإنّ كلاّ لما} جعل (ما) اسماً للناس كما قال {فانكحوا ما طاب لكم من النّساء} ثم جعل اللام التي فيها جواباً لإنّ، وجعل اللام التي في (ليوفّينّهم) لا ما دخلت على نيّة يمين فيها: فيما بين ما وصلتها؛ كما تقول هذا من ليذهبنّ، وعندي ما لغيره خير منه.
ومثله {وإنّ منكم لمن ليبطّئن} وأمّا من شدّد (لمّا) فإنه - والله أعلم - أراد: لمن ما ليوفّينّهم، فلمّا اجتمعت ثلاث ميمات حذف واحدة فبقيت اثنتان فأدغمت في صاحبتها؛ كما قال الشاعر:
وإني لممّا أصدر الأمر وجهه=إذا هو أعيا بالسبيل مصادره
ثم يخفّف كما قرأ بعض القراء (والبغي يعظكم) بحذف الياء (عند الياء) أنشدني الكسائيّ:
وأشمتّ العداة بنا فأضحوا =لديّ تباشرون بما لقينا
معناه (لديّ) يتباشرون فحذف لاجتماع الياءات ومثله:
كأنّ من آخرها القادم =مخرم نجدٍ فارع المخارم
أراد: إلى القادم فحذف اللام عند اللام. وأمّا من جعل (لمّا) بمنزلة إلاّ فإنه وجه لا نعرفه وقد قالت العرب: بالله لمّا قمت عنا، وإلاّ قمت عنا، فأمّا في الاستثناء فلم يقولوه في شعر ولا غيره؛ ألا ترى أنّ ذلك لو جاز لسمعت في الكلام: ذهب الناس لمّا زيدا.
وأمّا الذين خفّفوا (إن) فإنهم نصبوا كلا (ليوفّينّهم). وقالوا: كأنّا قلنا: وإن ليوفّينّهم كلاّ. وهو وجه لا أشتهيه. لأن اللام إنما يقع الفعل الذي بعدها على شيء قبله فلو رفعت كلّ لصلح ذلك كما يصلح أن تقول: إن زيد لقائم ولا يصلح أن تقول: إن زيداً لأضرب لأن تأويلها كقولك: ما زيداً إلاّ أضرب فهذا خطأ في إلاّ وفي اللام.
وقرأ الزهريّ (وإنّ كلاًّ لمًّا ليوفّينّهم) ينوّنها فجعل اللمّ شديداً كما قال {وتأكلون التراث أكلا لمّاً} فيكون في الكلام بمنزلة قولك: وانّ كلا حقّا ليوفينّهم، وإن كلا شديدا ليوفينّهم. وإذا عجّلت العرب باللام في غير موضعها أعادوها إليه كقولك: إنّ زيدا لإليك لمحسن، كان موقع اللام في المحسن، فلمّا أدخلت في إليك أعيدت في المحسن ومثله قول الشاعر:
ولو أنّ قومي لم يكونوا أعزّة =لبعد لقد لاقيت لا بدّ مصرعا
أدخلها في (بعد) وليس بموضعها ومثله قول أبي الجرّاح: إني لبحمد الله لصالح). [معاني القرآن: 2/30-28]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإنّ كلاًّ لّمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم إنّه بما يعملون خبيرٌ}
وقال: {وأنّ كلاًّ} ثقيلة وقال أهل المدينة (وإن كلاًّ) خففوا (إن) وأعملوها كما تعلم "لم يك" وقد خففتها من "يكن" {لّمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم} فاللام التي مع (ما) هي اللام التي تدخل بعد "أن" واللام الآخرة للقسم). [معاني القرآن: 2/47-46]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أبي جعفر {وإن كلا لما} يثقل "إن" و"لما".
وكان عبد الله بن كثير وابن محيصن يقولان: "لما زيادة تزيدها العرب.
ويجوز أن يكون "لما" مثل قولهم: "كل شيء مهاة ومهة، وما النساء وذكرهنه"؛ يريد إلا النساء وذكرهنه؛ فصير "ما" بمنزلة "إلا".
فإن كانت "لما" على معنى "إلا" فذاك مثل قولك: نشدتك الله لما فعلت؛ أي إلا فعلت؛ إلا أنها مع تثقيل "إن" لا يسكن فيها هذا المعنى؛ لأنك توجب بـ"أن"، لو قلت: إن زيدًا إلا
[معاني القرآن لقطرب: 678]
لأضربنه، لم يكن لـ "إلا" هاهنا معنى، ولكن من قرأها بتخفيف "إن" صار في معنى "ما" للنفي؛ وهي قراءة عاصم بن أبي النجود {وإن كلا لما} بتخفيف "إن" وتثقيل "لماط.
وقراءة نافع {وإن كلا لما} يخففهما جميعًا.
وقراءة أبي عمرو {وإن كلا لما} يثقل "إن" ويخفف "لما".
وقراءة أخرى، وهي للزهري "وإن كلا لما" يثقل "لما" وينون، ويكون من لم يلم، من قول الله عز وجل {أكلا لما}.
وقول النابغة:
ولست بمستبق أخًا لا تلمه = على شعث أي الرجال المهذب
من: لم يلم؛ كأنه لفه وأخذه.
وأما قراءة أبي جعفر {وإن كلا لما} فلا يكون "لما" في معنى "إلا" كقولهم: بالله لما فعلت؛ لأنه قد أوجب بـ"أن"؛ لو قال "إن زيدا إلا ليفعلن" فسد؛ فتكون لما كأنها مثل "ما" في {قليلا ما تشكرون} {فبما نقضهم ميثاقهم}.
وأما قراءة نافع {وإن كلا لما} فأعمل "إن" وقد خففها وهو يريد التثقيل؛ وذلك مثل قول الشاعر:
وإن مالك للمرتجى إن تقعقعت = رحى الحرب أو دارت علي خطوب
وأما إعمالها على هذه القراءة مع التخفيف، فمثل قول كعب بن زهير:
لقد علم الضيف والمرملون إذا = اغبر أفق وهبت شمالا
بأنك الربيع وغيث مريع = وقدما هناك تكون الثمالا
[معاني القرآن لقطرب: 679]
فأعملها في الكاف مخففة.
[وزاد محمد بن صالح]:
وقال الآخر:
ووجه مشرق النحر كأنه ثدييه حقان
فأعمل وقد خفف.
وتكون "لما" مخففة على وجهين:
تكون اللام دخلت على "ما" التوكيد {لما عليها حافظ} لعليها حافظ، ودخلت في {ليوفيهم} على معنى اليمين؛ وإن شئت قلت "وإن كلا لما" و"إن كلا للذين" فتكون "ما" بمنزلة "الذي" كما تكون "من" بمنزلة الذي، كما قال الله عز وجل {لما خلقت بيدي} أي للذي خلقت بيدي، وقد ذكرنا هذا في سورة البقرة.
وهذا وجه آخر، وإن شئت قلت: لما، مخففة عن لما، فصيرها توكيدًا). [معاني القرآن لقطرب: 680]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإنّ كلّا لمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم إنّه بما يعملون خبير}
قرئت بتشديد النون وتخفيفها، وقرئت " لما " بتخفيف الميم ولمّا بتشديدها.
فأمّا تشديد " إنّ " والنصب فعلى باب إنّ، وأما تخفيفها وترك النصب على حاله فلأن " إنّ " مشبهة بالفعل فإذا حذف منها التشديد بقي العمل على حاله، وأما تخفيف " لما " فهو الوجه والقياس.
ولام لمّا لام إن و " ما " زائدة مؤكدة. لم تغيّر المعنى ولا العمل.
وأمّا التشديد في " لمّا " فزعم بعض النحويين أن معناه " لمن ما " ثم انقلبت النون ميما فاجتمع ثلاث ميمات فحذفت إحداها - وهي الوسطى، فبقيت لمّا - وهذا القول ليس بشيء لأن " من " لا يجوز حذفها، لأنها اسم على حرفين، ولكن التشديد فيه قولان:
أحدهما يروى عن المازني.
زعم المازني أن أصلها لما ثم شددت الميم.
وهذا القول ليس بشيء أيضا. لأن الحروف نحو " ربّ " وما أشبهها تخفف.
ولسنا نثقل ما كان على حرفين فهذا منتقض.
وقال بعضهم قولا لا يجوز غيره - واللّه أعلم - أن " لمّا " في معنى:
إلا.. كما تقول سألتك لمّا فعلت كذا وكذا.
وإلّا فعلت كذا. ومثله: {إن كل نفس لمّا عليها حافظ}.
معناه " إلا " وتأويل اللام مع " إن " الخفيفة إنما هو تأويل الجحد والتحقيق، إلا أن " إن " إذا قلت إن زيدا لعالم هي " ما " ولكن اللام دخلت عليها لئلا يشبه المنفي المثبت فتكون المشددة بدخول اللام عليها بمعنى المخففة إذا دخلت عليها اللام.
فعلى هذا جاءت " أن " الناصبة.
فجائز أن تكون " أنّ " الناصبة من حيث دخلت عليها اللام كما دخلت على إن غير الناصبة دخلت عليها " لمّا " ودخلت عليها " إلا " فصار الكلام في تخليص التحقيق له بمنزلة ما نفى عنه غير المذكور بعد " لما "، ووجب له ما بعد " لمّا "
فتقول على هذا الحد إن كلهم لمّا يحبّني - معناه يؤول إلى معنى ما كلهم إلا يحبّني، وكذلك يجوز إن كلّا لما يحبّني، بحذاء إن كلّا لما يحبّني، فدخلت " لمّا " محققة كما دخلت اللام محققة وصار تأويل الجملة تأويل المنفي والمحقق.
وحكى سيبويه وجميع البصريين أن " لمّا " تستعمل بمعنى إلا.
ويجوز إن كلا لمّا ليوفينهم، معناه وأن كلّا ليوفينهم جمعا.
لأن معنى اللّمّ الجمع يقال لممت الشيء ألمه لمّا إذا جمعته.
فأمّا قولهم: لمّ اللّه شعثك، فتأويله جمع اللّه لك ما يذهب شعثك). [معاني القرآن: 3/82-80]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 09:34 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنهم يقولون إن زيد لذاهب وإن عمرو لخير منك لما خففها جعلها بمنزلة لكن حين خففها وألزمها اللام لئلا تلتبس بإن التي هي بمنزلة ما التي تنفى بها.
ومثل ذلك: {إن كل نفس لما عليها حافظ} إنما هي لعليها حافظ.
وقال تعالى: {وإن كل لما جميع لدينا محضرون} إنما هي لجميع وما لغو
وقال تعالى: {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}: {وإن نظنك لمن الكاذبين}.
وحدثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول إن عمرا لمنطلق. وأهل المدينة يقرءون: (وإن كلاًّ لما ليوفّينّهم ربّك أعمالهم) يخففون وينصبون كما قالوا:
كأن ثدييه حقّان). [الكتاب: 2/139-140] (م)
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وقالوا: لئن زرته ما يقبل منك وقال لئن فعلت ما فعل يريد معنى ما هو فاعلٌ وما يفعل كما كان لظلوا مثل ليظلن وكما جاءت: {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} على قوله: أم صمتم فكذلك جاز هذا على ما هو فاعلٌ قال عز وجل: {ولئن أتيت الذين أوتوا
الكتاب بكل آيةٍ ما تبعوا قبلتك} أي ما هم تابعين.
وقال سبحانه: {ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده} أي ما يمسكهما من أحدٍ.
وأما قوله عز وجل: {وإن كلاً لما ليوفينهم ربك أعمالهم} فإن إن حرف توكيد فلها لامٌ كلام اليمين لذلك أدخلوها كما أدخلوها في {إن كل نفسٍ لما عليها حافظ} ودخلت اللام التي في الفعل على اليمين كأنه قال إن زيداً لما والله ليفعلن.
وقد يستقيم في الكلام إن زيداً ليضرب وليذهب ولم يقع ضربٌ والأكثر على ألسنتهم كما خبرتك في اليمين فمن ثم ألزموا النون في اليمين لئلا يلتبس بما هو واقعٌ قال الله عز وجل: {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة} وقال لبيد:
ولقد علمت لتأتين منيّتي = إنّ المنايا لا تطيش سهامها
كأنه قال والله لتأتين كما قال قد علمت لعبد الله خيرٌ منك وقال أظن لتسبقنني وأظن ليقومن لأنه بمنزلة علمت وقال عز وجل: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه} لأنه موضع ابتداء ألا ترى أنك لو قلت بدا لهم أيهم أفضل لحسن كحسنه في علمت كأنك قلت ظهر لهم أهذا أفضل أم هذا). [الكتاب: 3/108-110] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 09:35 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 09:35 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 03:00 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 03:00 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري
تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير}
لفظ الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى له ولأمته، ولم يقع لأحد شك فيقع عنه نهي، ولكن من فصاحة القول في بيان ضلالة الكفرة إخراجه في هذه العبارة، أي حالهم أوضح من أن يمترى فيها، والمرية: الشك، و{هؤلاء} إشارة إلى كفار العرب عبدة الأصنام، ثم قال: {ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل} المعنى: أنهم مقلدون
[المحرر الوجيز: 5/22]
لا برهان عندهم ولا حجة، وإنما عبادتهم تشبها منهم بآبائهم لا عن بصيرة، وقوله: {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص} وعيد، ومعناه: العقوبة التي تقتضيها أعمالهم، ويظهر من قوله: {غير منقوص} أن على الأولين كفلا من كفر الآخرين. وقرأ الجمهور: "لموفوهم" بفتح الواو وشد الفاء، وقرأ ابن محيصن "لموفوهم" بسكون الواو وتخفيف الفاء). [المحرر الوجيز: 5/23]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب} الآية. تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم، وذكر قصة موسى مثل له: أي: لا يعظم عليك أمر من كذبك فهذه هي سيرة الأمم، فقد جاء موسى، بكتاب فاختلف الناس عليه.
وقوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك} إلى آخر الآية يحتمل أن يريد به أمة موسى، ويحتمل أن يريد به معاصري محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يعمهم اللفظ أحسن عندي، ويؤكد ذلك قوله: {وإن كلا} و"الكلمة" هاهنا عبارة عن الحكم والقضاء، ومعنى لقضي بينهم: لفصل بين المؤمن والكافر بنعيم هذا وعذاب هذا. ووصف الشك بالمريب تقوية لمعنى الشك). [المحرر الوجيز: 5/23]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الكسائي، وأبو عمرو: "وإن كلا لما" بتشديد النون وتخفيف الميم من "لما"، وقرأ ابن كثير، ونافع بتخفيفهما، وقرأ حمزة بتشديدهما، وكذلك حفص عن عاصم، وقرأ عاصم -في رواية أبي بكر - بتخفيف "إن" وتشديد الميم من "لما"، وقرأ الزهري، وسليمان بن أرقم: "وإن كلا لما" بتشديد الميم وتنوينها، وقرأ الحسن بخلاف: "وإن كل لما" بتخفيف "إن" ورفع "كل" وشد "لما"، وكذلك قرأ أبان بن تغلب إلا أنه خفف "لما"، وفي مصحف أبي، وابن مسعود: "وإن كل إلا ليوفينهم"، وهي قراءة الأعمش، قال أبو حاتم: الذي في مصحف أبي: "وإن من كل إلا ليوفينهم أعمالهم".
فأما الأول ف "إن" فيها على بابها، و"كلا" اسمها، وعرفها أن تدخل على
[المحرر الوجيز: 5/23]
خبرها لام، وفي الكلام قسم تدخل لامه أيضا على خبر "إن"، فلما اجتمع لامان فصل بينهما ب "ما"، هذا قول أبي علي، والخبر في قوله: {ليوفينهم}. وقال بعض النحاة: يصح أن تكون "ما" خبر "إن"، وهي لمن يعقل لأنه موضع جنس وصنف، فهي بمنزلة "من"، كأنه قال: "وإن كلا لخلق ليوفينهم"، ورجح الطبري هذا واختاره، أما إنه يلزم القول أن تكون "ما" موصوفة إذ هي نكرة، كما قالوا: مررت بما معجب لك، وينفصل بأن قوله: {ليوفينهم} يقوم معناه مقام الصفة، لأن المعنى: "وإن كلا لخلق موفى عمله".
وأما من خففها -وهي القراءة الثانية في ترتيبنا- فحكم "إن" وهي مخففة حكمها مثقلة، وتلك لغة فصيحة، حكى سيبويه أن الثقة أخبره: أنه سمع بعض العرب يقول: "إن عمرا لمنطلق"، وهو نحو قول الشاعر:
ووجه مشرق النحر ... كأن ثدييه حقان
رواه أبو زيد، ويكون القول في فصل "ما" بين اللامين حسبما تقدم، ويدخلها القول الآخر من أن تكون "ما" خبر "إن".
وأما من شددها أو خفف "إن" وشدد الميم ففي قراءتيهما إشكال، وذلك أن بعض الناس قال: "إن "لما" بمعنى "إلا"، كما تقول: "سألتك لما فعلت كذا وكذا"
[المحرر الوجيز: 5/24]
بمعنى: إلا فعلت، قال أبو علي: وهذا ضعيف لأن "لما" هذه لا تفارق القسم. وقال بعض الناس: أصلها "لمن ما" فقلبت النون ميما، وأدغمت في التي بعدها فبقي "لمما" فحذفت الأولى تخفيفا لاجتماع الأمثلة، كما قرأ بعض القراء: والبغي يعظكم به بحذف الياء مع الياء، وكما قال الشاعر:
وأشمت العداة بنا فأضحوا ... لدى يتباشرون بما لقينا
قال أبو علي: وهذا ضعيف، وقد اجتمع في هذه السورة ميمات أكثر من هذه في قوله: {أمم ممن معك} ولم يدغم هناك فأحرى ألا يدغم هنا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقال بعض الناس: أصلها "لمن ما"، ف "من" خبر "إن"، و"ما" زائدة، وفي التأويل الذي قبله أصله: "لمن ما"، ف "ما" هي الخبر دخلت عليها "من" على حد دخولها في قول الشاعر:
وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... على رأسه تلقي اللسان من الفم
وقالت فرقة: "لما" أصلها "لما" منونة، والمعنى: وإن كلا عاما حصرا شديدا،
[المحرر الوجيز: 5/25]
فهو مصدر: لم يلم، كما قال: وتأكلون التراث أكلا لما، أي: شديدا، قلت: ولكنه ترك تنوينه وصرفه وبني منه (فعلى) كما فعل في [تترى]، فقرئ: "تترا".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفي هذا نظر، حكي عن الكسائي أنه قال: لا أعرف وجه التثقيل في "لما". قال أبو علي: وأما من قرأ "لما" بالتنوين وشد الميم فواضح الوجه كما بينا.
وأما من قرأ: "وإن كل لما" فهي المخففة من الثقيلة، وحقها في أكثر لسان العرب - أن يرتفع ما بعدها، و"لما" هنا بمعنى "إلا"، كما قرأ جمهور القراء: إن كل نفس لما عليها حافظ، ومن قرأ "إلا" مصرحة فمعنى قراءته واضح. وهذه الآية وعيد.
وقرأ الجمهور: "يعملون" بياء على ذكر الغائب، وقرأ الأعرج: "تعملون" بتاء على مخاطبة الحاضر). [المحرر الوجيز: 5/26]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 03:00 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 03:00 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلا تك في مريةٍ ممّا يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ (109) ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقضي بينهم وإنّهم لفي شكٍّ منه مريبٍ (110) وإنّ كلا لمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم إنّه بما يعملون خبيرٌ (111)}
يقول تعالى: {فلا تك في مريةٍ ممّا يعبد هؤلاء} المشركون، إنّه باطلٌ وجهل وضلالٌ، فإنّهم إنّما يعبدون ما يعبد آباؤهم من قبل، أي: ليس لهم مستند فيما هم فيه إلّا اتّباع الآباء في الجهالات، وسيجزيهم اللّه على ذلك أتمّ الجزاء فيعذّب كافرهم عذابًا لا يعذّبه أحدًا من العالمين، وإن كان لهم حسناتٌ فقد وفّاهم اللّه إيّاها في الدّنيا قبل الآخرة.
قال سفيان الثّوريّ، عن جابرٍ الجعفي، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوصٍ} قال: ما وعدوا فيه من خيرٍ أو شرٍّ.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: لموفّوهم من العذاب نصيبهم غير منقوصٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 353]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ذكر تعالى أنّه آتى موسى الكتاب، فاختلف النّاس فيه، فمن مؤمنٍ به، ومن كافرٍ به، فلك بمن سلف من الأنبياء قبلك يا محمّد أسوةٌ، فلا يغيظنّك تكذيبهم لك، ولا يهيدنّك ذلك.
{ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقضي بينهم} قال ابن جريرٍ: لولا ما تقدّم من تأجيله العذاب إلى أجلٍ معلومٍ، لقضى اللّه بينهم.
ويحتمل أن يكون المراد بالكلمة، أنّه لا يعذّب أحدًا إلّا بعدم قيام الحجّة عليه، وإرسال الرّسول إليه، كما قال: {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا} [الإسراء:15]؛ فإنّه قد قال في الآية الأخرى: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى فاصبر على ما يقولون} [طه:129، 130].
ثمّ أخبر أنّ الكافرين في شكٍّ -ممّا جاءهم به الرّسول -قويٍّ، فقال {وإنّهم لفي شكٍّ منه مريبٍ}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 353-354]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبرنا تعالى أنّه سيجمع الأوّلين والآخرين من الأمم، ويجزيهم بأعمالهم، إن خيرًا فخيرٌ، وإنّ شرًّا فشرٌّ، فقال: {وإنّ كلا لمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم إنّه بما يعملون خبيرٌ} أي: عليمٌ بأعمالهم جميعها، جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها.
وفي هذه الآية قراءاتٌ كثيرةٌ، ويرجع معناها إلى هذا الّذي ذكرناه، كما في قوله تعالى: {وإن كلٌّ لمّا جميعٌ لدينا محضرون} [يس:32] ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 354]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة