العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:26 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة ص

التفسير اللغوي لسورة ص

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 ذو القعدة 1431هـ/24-10-2010م, 08:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 11]

{ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3) وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10) جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (11)}

تفسير قوله تعالى: {ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ (1)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {ص والقرآن...}جزمها القراء، إلاّ الحسن , فإنه خفضها بلا نون ؛ لاجتماع السّاكنين.
كانت بمنزلة من قرأ {نون والقلم} , و{ياسين والقرآن الحكيم} , جعلت بمنزلة الأداة كقول العرب: تركته (حاث باث) , و(خاز باز) يخفضان؛ لأن الذي يلي آخر الحرف ألف. فالخفض مع الألف، والنصب مع غير الألف. يقولون: تركته حيث بيث، ولأجعلنّك حيص بيص , إذا ضيّق عليه.
وقال الشاعر:
=لم يلتحصني حيص بيص الحاصي
يريد الحائص , فقلب كما قال: (عاق) , يريد: عائق.
و{ص} : في معناها كقولك: وجب والله، ونزل والله، وحقّ والله, فهي جواب لقوله: {والقرآن} كما تقول: نزل والله.
وقد زعم قوم أنّ جواب {والقرآن} : {إنّ ذلك لحقٌّ تخاصم أهل النار} , وذلك كلام قد تأخّر تأخّراً كثيراً عن قوله: {والقرآن} , جرت بينهما قصص مختلفة، فلا نجد ذلك مستقيماً في العربيّة , والله أعلم.
ويقال: إن قوله: {والقرآن} يمين اعترض كلام دون موقع جوابها، فصار جوابها جواباً للمعترض ولها، فكأنه أراد: والقرآن ذي الذكر لكم , أهلكنا، فلمّا اعترض قوله: {بل الذين كفروا في عزّة وشقاق}: صارت (كم) جواباً للعزّة ولليمين, ومثله قوله: {والشمس وضحاها} اعترض دون الجواب قوله: {ونفسٍ وما سوّاها فألهمها} , فصارت {قد أفلح} تابعةً لقوله: {فألهمها} , وكفى من جواب القسم، وكأنه كان: والشمس وضحاها , لقد أفلح). [معاني القرآن: 2/396-397]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (قوله {ص }: مجازها مجاز ابتداء فواتح السور). [مجاز القرآن: 2/176]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ص والقرآن ذي الذّكر}
قال: {ص والقرآن ذي الذّكر}: فيزعمون أن موضع القسم في قوله: {إن كلٌّ إلاّ كذّب الرٌّسل} ). [معاني القرآن: 3/39]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({والقرآن ذي الذّكر} : أي ذي الشرف, مثل قوله تعالى: {لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم} , ويقال: فيه ذكر ما قبله من الكتب.). ). [تفسير غريب القرآن: 376]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10) جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ}.
أخبر الله، سبحانه، عن عنادهم وتكبّرهم وتمسّكهم بآلهتهم في أول السورة، فقال: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ}، وحكى قولهم: {أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ}، أي اذهبوا ودعوه وتمسّكوا بآلهتكم فقال الله عز وجل: أعندهم بآلهتهم هذه خزائن الرحمة؟! {أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ}، أي في أبواب السماء، وأبواب السماء: أسبابها، قال الشاعر:
=ولو نال أسباب السّماء بسلّم
ويكون أيضا فليرتقوا في الأسباب، أي: في الحبال إلى السماء، كما سألوك أن ترقى في السماء وتأتيهم بكتاب. ويقال للرجل إذا تقدم في العلم وغيره وبرع: قد ارتقى في الأسباب، كما يقال: قد بلغ السماء.

ونحو هذا قوله في موضع آخر: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}.
وهذا كله توبيخ، وتقرير بالعجز.
ثم قال بعد: {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ}.
وجند بمعنى: حزب لهذه الآلهة. و(ما) زائدة. ومهزوم: مقموع ذليل. وأصل الهزم: الكسر، ومنه قيل للنّفرة في الأرض: هزمة، أي كسرة، وهزمت الجيش: أي كسرتهم، وتهزّمت القربة: أي انكسرت.
يقول: هم حزب عند ذلك مقموع ذليل من الأحزاب، أي عند هذه المحن، وعند هذا القول؛ لأنهم لا يقدرون أن يدّعوا لآلهتهم شيئا من هذا، ولا لأنفسهم.
والأحزاب: سائر من تقدّمهم من الكفار، سمّوا أحزابا لأنهم تحزّبوا على أنبيائهم.
يقول الله سبحانه على إثر هذا الكلام: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ} وكذا وكذا.
ثم قال: {أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ} فأعلمنا أن مشركي قريش حزب من هؤلاء الأحزاب.
وكان ابن عباس في رواية أبي صالح- يذهب إلى أن الله تعالى أخبر رسوله صلّى الله عليه وسلم أنه سيهزم المشركين يوم بدر). [تأويل مشكل القرآن: 350-352]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({ص والقرآن ذي الذّكر (1)}
قرئت بالفتح وبالكسر، وبتسكين الدال، وهي أكثر القراءة.
فمن أسكن " صاد " من حروف الهجاء، وتقدير الدال الوقف عليها, وقد فسرنا هذا في قوله {ألم}: أعني باب حروف الهجاء, ومعناه الصادق اللّه، وقيل: إنها قسم.
وقوله: (والقرآن ذي الذّكر): عطف عليها، المعنى: أقسم بصاد وبالقران ذي الذكر، ومن فتحها فعلى ضربين: يكون فتحا لالتقاء السّاكنين، ويكون على معنى : اتل صاد، ويكون صاد اسما للسورة لا ينصرف.
ومن كسر فعلى ضربين لالتقاء السّاكنين , وبكسرها على معنى : صاد القرآن بعملك، من قولك صادى , يصادي ؛ إذا قابل وعادل، يقال: صاديته : إذا قابلته.
وجواب قوله: صاد والقرآن : {إنّ ذلك لحقّ تخاصم أهل النّار }
وقال قوم: الجواب: {كم أهلكنا قبلهم من قرن} : ومعناه: لكم أهلكنا قبلهم من قرن , فلما طال الكلام بينهما , حذفت اللام.
ومعنى {والقرآن ذي الذّكر}: أي ذي الذكر والشرف، وقيل ذي الذكر: قد ذكرت فيه أقاصيص الأولين, والآخرين , وما يحتاج إليه في الحلال والحرام.). [معاني القرآن: 4/319]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {ص} : بإسكان الدال؛ لأنها من حروف التهجي , وتقرأ : صاد , والأجود عند سيبويه فيها الإسكان , ولا تعرب لأن حكمها الوقوف عليها , فهي مثل حروف الهجاء : آلم , وآلمر .
و «ص» إذا جعلته اسما للسورة لم ينصرف.
قال مجاهد: (هو فاتحة السورة) .
وقال قتادة : (هو اسم من أسماء الرحمن).
وقال محمد بن كعب : (هو مفتاح أسماء الله تعالى: صمد , وصادق الوعد) .
وروي أن الضحاك قال: ( صاد: صدق الله) .
وقراءة الحسن : صاد بكسر الدال , معناها: صاد القرآن بعملك , يقال: صاديته , أي: قابلته , وهذا مشهور عند أهل اللغة.
ويجوز : أن يكون كسر لالتقاء الساكنين.
والفتح من ثلاث جهات :-
- قيل منها : أن يكون قسما الله , لأفعلن .
- ومنها : أن يكون بمعنى : اتل صاد والقرآن .
- ومنها : أن يكون فتح لالتقاء الساكنين .
والقراءة بكسر الدال والتنوين لحن عند أكثر النحويين , وإن كان ابن أبي إسحاق من كبراء النحويين إلا أن بعض النحويين قد أجازها على أن تخفض على القسم , أجاز ذلك سيبويه
وقوله جل وعز: {والقرآن ذي الذكر}
روى سفيان , عن إسماعيل بن أبي خالد , ومسعر , عن أبي حصين في قول الله جل وعز: {والقرآن ذي الذكر}: أي: ذي الشرف .
وهذا مثل قوله جل وعز: {وإنه لذكر لك ولقومك} , وقيل : معنى : ذي الذكر : فيه ذكر الأمم وغيرهم .
فأما جواب القسم فقيل إنه في قوله: {إن ذلك لحق تخاصم أهل النار} , وهذا بعيد جدا ؛ لأنه قد اعترضت أقاصيص وأخبار
وقيل الجواب: في وقوله تعالى: {كم أهلكنا من قبلهم من قرن}
والمعنى : لكم أهلكنا , وحذفت اللام , كما قال تعالى: {قد أفلح من زكاها} , وهو مذهب الفراء .
وقيل الجواب:{ إن كل إلا كذب الرسل }
وقيل الجواب محذوف : أي: ما الأمر كما يقول هؤلاء الكفار , ودل على هذا قوله تعالى: {بل الذين كفروا في عزة وشقاق} , وهو مذهب قتادة .
وهو أولى الأقوال ؛ لأن بل قد حلت محل الجواب, فاستغنى بها عنه.). [معاني القرآن: 6/73-77]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ص} , معناها عند ابن عباس: (صدق محمد فيما أتاكم به, {ذِي الذِّكْرِ}: أي: ذي الشرف).). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 209]

تفسير قوله تعالى: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) }

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( وشقاقٍ: عداوة ومباعدة.). [تفسير غريب القرآن: 376]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (بل
بل: تأتي لتدارك كلام غلطت فيه، تقول: رأيت زيدا بل عمرا.
ويكون لترك شيء من الكلام وأخذ في غيره. وهي في القرآن بهذا المعنى كثير:
قال الله تعالى: {ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ} ثم قال: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} فترك الكلام الأول وأخذ ببل في كلام ثان. ثم قال حكاية عن المشركين: {أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} ثم قال: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي} فترك الكلام وأخذ ببل في كلام آخر فقال: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} في أشباه لهذا كثيرة في القرآن.
قال الشاعر:
بل هل أريك حمول الحيِّ غاديةً = كالنَّخْلِ زَيَّنَهَا يَنْعٌ وإِفْضَاحُ
وقال آخر:
=بل من يرى البرق يَشْرِي بِتُّ أَرْقُبهُ
وإذا وليت اسما- وهي بهذا المعنى-: خفض بها، وشبّهت بربّ وبالواو.
وتأتي مبتدأة، قال أبو النّجم:
=بل منهل ناء من الغياض
وكذلك (الواو) إذا أتت مبتدأة غير ناسقة للكلام على كلام- كانت بمعنى ربّ.
وهي كذلك في الشعر، كقوله:
=وَمَهْمَهٍ مُغْبَرَّةٍ أَرْجَاؤُهُ
وقال آخر:
=وَدَوِّيَّةٍ قَفْرٍ تُمَشِّي نَعَامُها
وقال آخر:
=وهاجرةٍ نصبتُ لها جَبيني
يَدُلُّونَ بهذه الواو الخافضة: على ترك الكلام الأول، وائتناف كلام آخر). [تأويل مشكل القرآن: 536-537]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم خبر الله جل وعز: {بعنادهم وانحرافهم عن الحق فقال بل الذين كفروا في عزة وشقاق} , أي : خلاف.). [معاني القرآن: 6/77]

تفسير قوله تعالى:{كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3)}

قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ): (وقوله: {فنادوا وّلات حين مناصٍ...}
يقول: ليس بحين فرار, والنوص: التأخّر في الكلام العرب، والبوص: التقدم وقد بصته.
وقال امرؤ القيس:
أمن ذكر ليلى إذ نأتك تنوص = وتقصر عنها خطوةً وتبوص
فمناص مفعل؛ مثل مقامٍ. ومن العرب من يضيف لات فيخفض. أنشدوني:
=لات ساعة مندم
ولا أحفظ صدره, والكلام أن ينصب بها ؛ لأنها في معنى ليس, أنشدني المفضّل:
تذكّر حبّ ليلى لات حينا = وأضحى الشيب قد قطع القرينا
فهذا نصب, وأنشدني بعضهم:
طلبوا صلحنا ولات أوان= فأجبنا أن ليس حين بقاء
فخفض{أوان} فهذا خفض.
قال الفراء: أقف على {لات} بالتاء، والكسائيّ يقف بالهاء). [معاني القرآن للفراء: 2/398]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فنادوا ولات حين مناصٍ }: إنما هي " ولا "
وبعض العرب تزيد فيها الهاء , فتقول " لاه " , فتزيد فيها هاء الوقف , فإذا اتصلت صارت تاء , والمناص مصدر ناص ينوص , وهو المنجاة والفوت.
قال عمرو بن شأي الأسدي:
=تذكّرت ليلى لات حين تذكر
وقال أبو النجم:
=آساد غيلٍ حين لا مناص
أي : لا تحرك.). [مجاز القرآن: 2/176]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({كم أهلكنا من قبلهم مّن قرنٍ فنادوا وّلات حين مناصٍ}
وقال: {وّلات حين مناصٍ}, فشبهو {لات} بـ {ليس} , واضمروا فيها اسم الفاعل , ولا تكون {لات} إلاّ مع "حين" , ورفع بعضهم {ولات حين مناصٍ} , فجعله في قوله مثل {ليس} ؛ كأنه قال " ليس أحدٌ" , واضمر الخبر, وفي الشعر:
طلبوا صلحنا ولات أوان = فأجبنا أن ليس حين بقاء
فجرّ "أوان" , وحذف وأضمر "الحين" , وأضاف إلى "أوان" ؛ لأنّ {لات} لا تكون إلا مع "الحين"). [معاني القرآن: 3/39]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ولات حين مناص}: لات بمعنى ليس. والمناص المفر ويقال أيضا ناص في البلاد أي ذهب فيها، فيكون بمعنى ليس حين مطلب ولا مذهب). [غريب القرآن وتفسيره: 321]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ولات حين مناصٍ}: أي لات حين مهرب., والنوص: التأخر في كلام العرب.
و«البوص»: التقدم. قال امرؤ القيس:
أمن ذكر ليلى إذ نأتك تنوص = فتقصر عنها خطوة وتبوص؟!
وقال ابن عباس: ليس حين نزو، ولا فرار). [تفسير غريب القرآن: 376]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (لات
لات. قال سيبويه: (لات) مشبّهة (بليس) في بعض المواضع، ولم تمكّن تمكّنها، ولم يستعملوها إلا مضمرا فيها؛ لأنها ليست كليس في المخاطبة والإخبار، عن غائب، ألا ترى أنك تقول: ليست وليسوا، وعبد الله ليس ذاهبا، فتبني عليها، و(لات) لا يكون فيها ذاك، قال الله تعالى: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}، أي ليس حين مهرب.
قال: وبعضهم يقول: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}. فيرفع؛ لأنها عنده بمنزلة: (ليس) وهي قليلة، والنصب بها لوجه. وقد خفض بها، قال أبو زبيد الطّائي:
طلبوا صلحنا ولاتَ أوانٍ = فأجَبْنَا أنْ ليسَ حينَ بقاء
وقال آخر:
فلمَّا علمتُ أَنَّنِي قد قتلته = نَدمت عليه لاتَ سَاعَةَ مَنْدَمِ
وإنما تكون (لات) مع الأحيان وتعمل فيها. فإذا جاوزتها فليس لها عمل.
وقال بعض البغداديين: (التاء) تزاد في أول (حين)، وفي أوّل (أوان)، وفي أول (الآن)، وإنّما هي (لا) ثم تبتدئ فتقول: تحين وتلان. والدليل على هذا أنهم يقولون:
تحين من غير أن يتقدمها (لا). واحتج بقول الشاعر:
العاطفون تحين ما من عاطف=والمطمعون زمان ما من مطعم
وبقول الآخر:
=وَصِلِينَا كَمَا زَعَمْتِ تَلانَا
وجرّ العرب بها يفسد عليه هذا المذهب، لأنهم إذا جرّوا ما بعدها جعلوها كالمضاف للزّيادة، وإنما هي (لا) زيدت عليها (الهاء) كما قالوا: ثمّ وثمّة.
وقال ابن الأعرابي في قوله الشاعر:
=العاطفون تحين ما من عاطف
إنما هو (العاطفونه) بالهاء، ثم تبتدئ فتقول: حين ما من عاطف فإذا وصلته صارت الهاء تاء. وكذلك قوله: «وصلينا كما زعمته» ثم تبتدئ فتقول: لاتا، فإذا وصلته صارت الهاء تاء، وذهبت همزة الآن.

قال: وسمعت الكلابيّ ينهى رجلا عن عمل، فقال: حسبك تلان، أراد: حسبكه الآن، فلما وصل صارت الهاء تاء.
وسنبيّن: كيف الوقوف عليها وعلى أمثالها من التاءات الزوائد، في كتاب «القراءات» إن شاء الله تعالى). [تأويل مشكل القرآن: 529-531]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ}
كان الحسن- رضي الله عنه- يجعل الفزع يوم القيامة إذا بعثوا من القبور. يقول: (ولو ترى يا محمد فزعهم حين لا فوت، أي لا مهرب ولا ملجأ يفوتون به ويلجأون إليه. وهذا نحو قوله: {فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}، أي نادوا حين لا مهرب)). [تأويل مشكل القرآن: 330] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({كم
اهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص (3)} جاء في التفسير : ولات حين نداء، وقال أهل اللغة: ولات حين منجى , ولا فوت، يقال : ناصه ينوصه ؛ إذا فاته.
وفي التفسير : لات حين نداء , معناه : لات حين نداء ينجي, ويجوز : لات حين مناص.
والرفع جيّد، والوقف عليها " لات " بالتاء، والكسائي يقف بالهاء (لاه) ؛ لأنه يجعلها هاء التأنيث.
وحقيقة الوقف عليها بالتاء، وهذه التاء نظيرة التاء في الفعل في قولك : ذهبت , وجلست، وفي قولك: رأيت زيدا ثمت عمرا، فتاء الحروف بمنزلة تاء الأفعال؛ لأن التاء في الموضعين دخلت على ما لا يعرب، ولا هو في طريق الأسماء , فإن قال قائل: نجعلها بمنزلة قولهم: كان من الأمر ذيه , وذيه، فهذه هاء في الوقف , وهذه هاء دخلت على اسم لا يعرب، وقد أجازوا الخفض فقالوا: لات أوان.
وأنشدوا لأبي زبيد:
طلبوا صلحنا ولات أوان= فأجبنا أن ليس حين بقاء
والذي أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد ورواه:
=طلبوا صلحنا ولات أوان
وذكر أنه قد روي الكسر.
فأمّا النصب فعلى أنها عملت عمل ليس، المعنى : وليس الوقت حين مناص , ومن رفع بها : جعل حين اسم ليس , وأضمر الخبر على معنى : ليس حين منجى لنا , ومن خفض جعلها مبينة مكسورة لالتقاء السّاكنين، كما قالوا: قدلك فبنوه على الكسر.
والمعنى: ليس حين مناصنا , وحين منجانا، فلما قال: ولات أوان , جعله على معنى : ليس حين أواننا، فلما حذف المضاف بني على الوقف , ثم كسر لالتقاء السّاكنين، والكسر شاذ شبيه بالخطأ عند البصريين، ولم يرو سيبويه , والخليل الكسر، والذي عليه العمل : النصب والرفع.
وقال الأخفش: إن {لات حين مناص} نصبها بـ (لا) كما تقول: لا رجل في الدار، ودخلت التاء للتأنيث). [معاني القرآن: 4/319-321]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولا ت حين مناص}
و«كم»: للتكثير في كلام العرب.
ثم قال جل وعز: {فنادوا } , أي: بالتوبة والاستغاثة ,{ولات حين مناص} .
روى أبو إسحاق عن التميمي , عن ابن عباس :{ ولات حين مناص }, قال : (ليس حين نزو , ولا فرار) .
وقال عكرمة : (ليس حين انقلاب) .
وقال قتادة : (نادوا حين لاحين نداء).
قال أبو جعفر : هذه الأقوال متقاربة , أي : ليس حين نداء منجي, والمعنى : ليس حين فوت , واصله من ناص ينوص إذا تأخر ,وباص يبوص تقدم , كما قال الشاعر:
أفمن ذكر ليلى إذ نأتك تنوص = فتقصر عنه تارة وتبوص). [معاني القرآن: 6/77-78]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}: أي لات حين مهرب, والنوص: التأخير في كلام العرب , والبوص: التقدم.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 209]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَاتَ حِينَ}: بمعنى ليس , {مَنَاصٍ}: مفر.). [العمدة في غريب القرآن: 258]

تفسير قوله تعالى: {أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) }

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لشيءٌ عجابٌ...}
وقرأ أبو عبد الرّحمن السّلمي {لشيء عجّابٌ} , والعرب تقول: هذا رجل كريم , وكرّام , وكرام، والمعنى كله واحدٌ مثله قوله تعالى: {ومكروا مكراً كبّاراً} , معناه: كبيراً , فشدّد. وقال الشاعر:
كحلفة من أبي رياح = يسمعها الهمّة الكبار
والهمّ , والهمة : الشيخ الفاني.
وأنشدني الكسائي:
=يسمعها الله والله كبار =
وقال الآخر:
وآثرت إدلاجي على ليل حرّة = هضيم الحشا حسّانة المتجرّد
وقال آخر:
نحن بذلنا دونها الضّرابا = إنا وجدنا ماءها طيّابا
يريد: طيّباً, وقال في طويل:
=طوال الساعدين أشمّ =
وقال الآخر:
جاء بصيد عجب من العجب = أزيرق العينين طوّال الذنب
فشدّ الواو على ذلك المجرى, فكلّ نعت نعتّ به اسماً ذكراً أو أنثى , أتاك على فعّال مشدّدا ومخفّفا , فهو صواب). [معاني القرآن: 2/398-399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ إنّ هذا لشيء عجابٌ } : مجازه : مجاز عجيب , وقد تحول العرب " فعيلاً " إلى " فعال " , قال عباس بن مرداس:
إنّك عينٌ حذلت مضاعه= تبكي على جار بني جداعه
أين دريدٌ وهو ذو براعه=حتى تروه كاشفاً قناعه
= تعدو به سلهبةٌ سراعه
أي: سريعة, والحذل في العين سقوط الهدب واحتراق الأشفار، وقد قالوا للهدب أيضاً: " أشفار ".
وقال المعقر بن حمار البارقي وكان أعمى:
فأخلفها الذي ظنّت وقاظت= ومأقي عينها حذلٌ نطوف
جداعه : رهط الصمة , وهو من بني غزية , من بني جشم بن سعد بن بكر). [مجاز القرآن: 2/177]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({أجعل الآلهة إلهاً واحداً إنّ هذا لشيءٌ عجابٌ}, وقال: {أجعل الآلهة إلهاً واحداً} , كما تقول: "أتجعل مائة شاهدٍ شاهداً واحداً"). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({عجابٌ}, وعجيب واحد, مثل طوال وطويل، وعراض وعريض , وكبار وكبير.) [تفسير غريب القرآن: 376]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الكافرون هذا ساحر كذّاب (4) أجعل الآلهة إلها واحدا إنّ هذا لشيء عجاب (5)}
{عجاب}: في معنى عجيب، ويجوز{عجاب} في معنى عجيب يقال: رجل كريم وكرّام وكرام.
وهذه حكاية عن ملأ من قريش : لما مرض أبو طالب المرضة التي مات فيها , أتاه أبو جهل بن هشام وجماعة من قريش يعودونه , فشكوا إليه النبي صلى الله عليه وسلم, وقالوا : يشتم آلهتنا , ويفعل، فعاتبه أبو طالب.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :(( إني أدعوكم إلى كلمة يدين لكم العرب بها، وتؤدي بها إليكم العجم الجزية.)).
فقال أبو جهل: نعم , وعشرا , على طريق الاستهزاء , أي: نقولها , وعشرا معها.
فقال:(( لا إله إلا الله.)).
فقالوا: أجعل الآلهة إلها واحدا.). [معاني القرآن: 4/321]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن هذا لشيء عجاب} : عجاب , وعجيب بمعنى واحد , كما تقول: طويل وطوال , وكذلك عجاب , قرأ به أبو عبد الرحمن). [معاني القرآن: 6/79]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({لَشَيْءٌ عُجَابٌ}
أخبرنا أبو عمر قال: أخبرنا ثعلب عن ابن الأعرابي قال: ومما جاء على: فعيل، وفعال: عجيب وعجاب، وذفيف وذفاف، وهما واحد، وخفيف وخفاف، وطويل وطوال، وقريب وقراب. قال: وأنشدني المفضل:

ولما أن رأيت بني علي=ة عرفت الود والنسب القرابا). [ياقوتة الصراط: 436]

تفسير قوله تعالى:{وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا...}
انطلقوا بهذا القول, فأن في موضع نصب لفقدها الخافض. كأنك قلت: انطلقوا مشياً, ومضيّا على دينكم, وهي في قراءة عبد الله : {وانطلق الملأ منهم يمشون أن اصبروا على آلهتكم}, ولو لم تكن (أن) لكان صواباً؛ كما قال {والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا} ولم يقل: أن أخرجوا؛ لأنّ النّية مضمر فيها القول.). [معاني القرآن: 2/399]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم نهضوا , وانطلقوا من مجلسهم , يقول بعضهم لبعض :{ امشوا واصبروا على آلهتكم} , وقوله: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إنّ هذا لشيء يراد (6)}
معناه: أي : امشوا، وتأويله : يقولون: امشوا, ويجوز: وانطلق الملأ منهم بأن امشوا , أي: بهذا القول.). [معاني القرآن: 4/321]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وانطلق الملأ منهم أنا امشوا واصبروا على آلهتكم}
روى سفيان , عن إبراهيم بن مهاجر, عن مجاهد: { وانطلق الملأ منهم }, قال: (هو , وعقبة بن أبي معيط).
{أن امشوا} : أن تفسير , ويجوز أن يكون معناه : بأن امشوا , واصبروا على آلهتكم , فخبر الله جل وعز بإقامتهم على الكفر.). [معاني القرآن: 6/80]

تفسير قوله تعالى:{مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) }

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة...}: يعني : اليهوديّة والنصرانية.). [معاني القرآن: 2/399]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الخلق: التّخرّص، قال الله تعالى: {إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ} أي: خرصهم للكذب.
وقال تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}، أي تخرصون كذبا.
وقال تعالى: {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} أي: افتعال للكذب.
والعرب تقول للخرافات: أحاديث الخلق). [تأويل مشكل القرآن: 506] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:
{وما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة إن هذا إلّا اختلاق(7)}: حكاية عنهم أيضا، أي: ما سمعنا بهذا في النصرانية , ولا اليهودية, ولا فيما أدركنا عليه آباءنا.{إن هذا إلّا اختلاق}: أي : إلا تقوّل.). [معاني القرآن: 4/321-322]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق}
روى إبراهيم بن مهاجر , عن مجاهد وعلي بن أبي طلحة , عن ابن عباس قالا: { في الملة الآخرة } , (في النصرانية).
وقال محمد بن كعب : (يعنون ملة عيسى صلى الله عليه وسلم).
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد : {في الملة الآخرة } , قال: (ملة قريش).
وقال قتادة : {في الملة الآخرة}: أي: ملتنا التي نحن عليها.). [معاني القرآن: 6/80-81]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا اختلاق}, أي: كذب.). [ياقوتة الصراط: 436]

تفسير قوله تعالى:{أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أأنزل عليه الذّكر...}
وهي في قراءة عبد الله : {أم أنزل عليه الذكر}: وهذا مما وصفت لك في صدر الكتاب: أن الاستفهام إذا توسّط الكلام ابتدئ بالألف وبأم, وإذا لم يسبقه كلام لم يكن إلاّ بالألف , أو بهل.). [معاني القرآن: 2/399]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (لما
لمّا: تكون بمعنى (لم) في قوله: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} أي: بل لم يذوقوا عذاب). [تأويل مشكل القرآن: 542] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({أأنزل عليه الذّكر من بيننا بل هم في شكّ من ذكري بل لمّا يذوقوا عذاب (8)}
أي: كيف أنزل الذكر عليه من بيننا؟!, أي: كيف أنزل على محمد القرآن من بيننا؟!.
{بل هم في شكّ من ذكري}: أي : ليس يقولون ما يعتقدونه إلا شاكّين.). [معاني القرآن: 4/322]

تفسير قوله تعالى:{أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أم عندهم خزائن رحمة ربّك العزيز الوهّاب (9)}
إن قال قائل: ما وجه اتصال {أم عندهم خزائن} بقوله:{بل هم في شكّ من ذكري}, أو بقوله{أأنزل عليه الذّكر من بيننا}.
فهذا دليل على حسدهم النبيّ صلى الله عليه وسلم بما آتاه اللّه من فضل النبوة.
فأعلم اللّه: أن الملك له , والرسالة إليه, يصطفي من يشاء، ويؤتي الملك من يشاء , وينزل الغيث والرحمة على من يشاء , فقال:{أم عندهم خزائن رحمة ربّك} , أي: ليس عندهم ذلك.). [معاني القرآن: 4/322]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب}
قال أبو جعفر : هذه الآية مشكلة , لذكره هذا بعدما تقدم وفيها قولان:
أحدهما : أنها متصلة بقوله: {وعجبوا أن جاءهم منذر منهم}, أي: إن الله جل وعز له خزائن السموات والأرض , وملكهما , فيرسل من يشاء .
والقول الآخر : أنه لما ذكر عنادهم , وكفرهم , وصبرهم على آلهتهم , كان المعنى : أم عندهم خزائن رحمة ربك , فيحظروها على من يريدون , أم لهم ملك السموات والأرض , وما بينهما , فقررهم بهذا.). [معاني القرآن: 6/81-82]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10) }

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فليرتقوا في الأسباب...}
يريد: فليصعدوا في السّموات، وليسوا بقادرين على ذلك , أي: لم يصدّقوك , وليسو بقادرين على الصّعود إلى السّموات, فما هم! فأين يذهبون). [معاني القرآن: 2/399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فليرتقوا في الأسباب } : تقول العرب للرجل الفاضل في الدين: قد ارتقى فلان في الأسباب، والسبب الحبل أيضاً، والسبب أيضاً ما تسببت به من رحم , أو يد , أو دين .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((كل سبب ونسب يوم القيامة منقطع إلا سببي ونسبي)), والمسلم إذا تقرب إلى رجل ليس بينهما نسب قال: إن الإسلام أقوى سببٍ , وأقرب نسب.) [مجاز القرآن: 2/177-178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فليرتقوا في الأسباب}: أي : في أبواب السماء، إن كانوا صادقين.
قال زهير:
=ولو نال أسباب السماء بسلم
وقال السدي: {في الأسباب}: (في الفضل , والدين).
قال أبو عبيدة: تقول العرب للرجل - إذا كان ذا دين فاضل -: قد ارتقي فلان في الأسباب.
وقال غيره: كما يقال: قد بلغ السماء.

وأول هذه السورة مفسر في كتاب «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 376-377]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({أم لهم ملك السّماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب (10)}
أي ليس من ذلك شيء.
{فليرتقوا في الأسباب} : أي إن ادّعوا شيئا من ذلك , فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء، وجائز أن يكون : فليرتقوا في هذه الأسباب التي ذكرت , وهي التي لا يملكها إلا الله). [معاني القرآن: 4/322-423]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب}
أي: إن كانوا صادقين , فليرتقوا في أبواب السموات.
قال مجاهد , وقتادة :{الأسباب}: (أبواب السموات).
وقال زهير:

=ولو نال أسباب السماء بسلم
وقيل : الأسباب : الجبال , أي, فليرتقوا في السماء حتى يأتوا بآية
وحكى أهل اللغة : أنه يقال للدين الفاضل : ارتقى أسباب السموات , كما يقال : قد بلغ السماء على التمثيل.). [معاني القرآن: 6/82-83]

تفسير قوله تعالى: {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (11) }

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {جندٌ مّا هنالك مهزومٌ مّن الأحزاب}
يقول مغلوب عن أن يصعد إلى السّماء, وما ها هنا صلةٌ, والعرب تجعل ما صلةً في المواضع التي دخولها , وخروجها فيها سواء، فهذا من ذلك.
وقوله: {عمّا قليلٍ ليصبحنّ نادمين} من ذلك.
وقوله: {فبما نقضهم ميثاقهم} من ذلك؛ لأن دخولها وخروجها لا يغيّر المعنى.
وأمّا قوله: {إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصّالحات وقليلٌ ما هم} : فإنه قد يكون على هذا المعنى.
ويكون أن تجعل (ما) اسماً , وتجعل (هم) صلة لما؛ ويكون المعنى: وقليل ما تجدنّهم فتوجّه (ما), والاسم إلى المصدر؛ ألا ترى أنك تقول: قد كنت أراك أعقل ممّا أنت , فجعلت (أنت) صلةً لما؛ والمعنى: كنت أرى عقلك أكثر ممّا هو، ولو لم ترد المصدر لم تجعل (ما) للناس؛ لأنّ من هي التي تكون للناس وأشباههم. والعرب تقول: قد كنت أراك أعقل منك , ومعناهما واحد، وكذلك قولهم: قد كنت أراه غير ما هو, المعنى: كنت أراه على غير ما رأيت منه.). [معاني القرآن: 2/399-400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم وعد اللّه نبيّه عليه السلام النصر عليهم فقال:
{جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب (11)}: (ما) لغو، المعنى : جند هنالك مهزوم من الأحزاب.). [معاني القرآن: 4/323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب}
أي : هم جند لهؤلاء الآلهة مهزوم, أي: مقموع ذليل, أي : قد انقطعت حجتهم ؛ لأنهم لا يصلون إلى أن يقولوا هذا لنا.
ويقال : تهزمت القرية إذا انكسرت , وهزمت الجيش , كسرته .
ثم قال :{من الأحزاب } , قال مجاهد : أي من الأمم الخالية .
قال أبو جعفر : والمعنى : أنهم حزب من الأحزاب الذين تحزبوا على أنبيائهم.). [معاني القرآن: 6/83-84]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 ذو القعدة 1431هـ/24-10-2010م, 08:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 12 إلى 20]

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14) وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15) وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16) اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20)}

تفسير قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (12) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({كذّبت قبلهم قوم نوحٍ }, فقوم من العرب يؤنثون القوم , وقوم منهم يذكرون، فإن احتج عليهم بهذه الاية قالوا: وقع المعنى على العشيرة , واحتجوا بهذه الاية :{كلا إنّها تذكرةٌ فمن شاء ذكره}, المضمر فيه مذكر). [مجاز القرآن: 2/178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وفرعون ذو الأوتاد}: ذو البناء المحكم, والعرب تقول: هم في عز ثابت الأوتاد, وملك ثابت الأوتاد : يريدون أنه دائم شديد.
وأصل هذا: أن البيت من بيوتهم يثبت بأوتاده.
قال الأسود بن يعفر:
= في ظل ملك ثابت الأوتاد
وقال قتادة وغيره: (هي أوتاد كانت لفرعون، يعذب بها الرجل، فيمده بين أربعة منها، حتى يموت).).
[تفسير غريب القرآن: 377]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {كذّبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد (12)}
جاء في التفسير : أن فرعون كانت له حبال , وأوتاد , يلعب له عليها.).
[معاني القرآن: 4/323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد}
روى سعيد , عن قتادة في قوله تعالى: {وفرعون ذو الأوتاد} , قال : (كانت له أوتاد , وأرسان , وملاعب يلعب بها بين يديه) .
قال أبو جعفر : وقيل : كان يجعل الإنسان بين أربعة أوتاد , ثم يقتله .
وقال الضحاك :
{ذو الأوتاد}: (ذو البناء المحكم كما قال:
= في ظل ملك ثابت الأوتاد)
.).
[معاني القرآن: 6/85]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ذُو الْأَوْتَادِ}: البناء المحكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 209]

تفسير قوله تعالى: {وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أصحاب الأيكة }: كان أبو عمرو بن العلاء يقول: أصحاب الأيكة الحرجة من النبع , والسدر , وهو الملتف، قال رجل من عبد القيس , وهو مسند إلى عنترة:
أفمن بكاء حمامةٍ في أيكةٍ= يرفضّ دمعك فوق ظهر المحمل
يعني : يحمل السيف , وهي الحمالة , والحمائل , وجماع المحمل محامل ؛ وبعضهم يقول " ليكة " لا يقطعون الألف , ولم يعرفوا معناها.).
[مجاز القرآن: 2/178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (و{الأيكة}: الغيضة,
{أولئك الأحزاب}: يريد الذين تحزنوا على أنبيائهم.). [تفسير غريب القرآن: 377]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب}
قال قتادة : (كان أصحاب الأيكة, أصحاب شجر , أكثره من الدوم).).
[معاني القرآن: 6/85]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إن كلٌّ إلاّ كذّب الرّسل...}
وفي قراءة عبد الله :
{إن كلّهم لمّا كذّب الرسل}.). [معاني القرآن: 2/400]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّا لها من فواقٍ...}: من راحةٍ , ولا إفاقة. وأصله من الإفاقة في الرّضاع إذا ارتضعت البهمة أمّها ثم تركتها , حتى تنزل شيئا من اللبن، فتلك الإفاقة , والفواق بغير همزٍ.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(
(العيادة قدر فواق ناقة)), وقرأها الحسن , وأهل المدينة , وعاصم بن أبي النجود (فواق) بالفتح , وهي لغة جيّدة عالية، وضمّ حمزة , ويحيى , والأعمش , والكسائيّ.).[معاني القرآن: 2/400]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ما لها من فواقٍ }, من فتحها قال: ما لها من راجة، ومن ضمها قال: فواق , وجعلها من فواق ناقة : ما بين الحلبتين، وقوم قالوا: هما واحد بمنزلة حمام المكول , وحمام المكول , وقصاص الشعر , وقصاص الشعر.).[مجاز القرآن: 2/179]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ((من فراق): من راحة بمعنى إفاقة ومن قرأ {من فواق} جعله من فواق الناقة، ما بين الحلبتين وقال قوم هما واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 321]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما لها من فواقٍ} , قال قتادة: ما لها من مثنوية.
وقال أبو عبيدة: من فتحها أراد: ما لها من راحة , ولا إفاقة. كأنه يذهب بها إلى إفاقة المريض من علته , ومن ضمها جعلها: فواق ناقة، وهو: ما بين الحلبتين, يريد ما لها من انتظار.
و«والفواق» , والفواق واحد كما يقال: جمام المكوك وجمامه , وهو: أن تحلب الناقة، وتترك ساعة حتى ينزل شيء من اللبن، ثم تحلب, فما بين الحلبتين فواق, فأستعير الفواق في موضع التكمث والانتظار).
[تفسير غريب القرآن: 377-378]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله: {مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} أي ما لها من تَنَظُّرٍ وتَمَكُّثٍ إذا بدأت، ولذلك سمّاها ساعة لأنها تأتي بغتة في ساعة.
وأصل الفَواقِ أن تحلب الناقة ثم تترك ساعة حتى يجتمع اللبن، ثم تحلب؛ فما بين الحَلْبَتين فَوَاقٌ، فاستعير الفواق في موضع الانتظار). [تأويل مشكل القرآن: 150]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما ينظر هؤلاء إلّا صيحة واحدة ما لها من فواق (15)}
(من فواق): وفواق بضم الفاء وفتحها، أي ما لها من رجوع، والفواق: ما بين حلبتي الناقة، وهو مشتق من الرجوع أيضا ؛ لأنه يعود اللبن إلى الضرع بين الحلبتين، وأفاق من مرضه من هذا، أي: رجع إلى الصحة, فالفواق هو من هذا أيضاً.).
[معاني القرآن: 4/323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق}
قال مجاهد : (ما لها من فواق , أي: من رجوع).
وقال قتادة: (أي: ما لها من مثنوية) .
وأبو عبيدة يذهب إلى أن معنى :
{من فواق}, بفتح الفاء من راحة , {ومن فواق } بضم الفاء من انتظار .
وقال غيره : هما لغتان بمعنى .
وقال السدي: (مالهم بعدها إفاقة , ولا رجوع إلى الدنيا) .
قال أبو جعفر : أصل هذا من قولهم :
{فواق الناقة }: وهو ما بين الحلبتين .
المعنى : أنها لا تلبثهم حتى يموتوا , ولا يحتاج فيها إلى رجوع , وأفاق من مرضه رجع إلى الصحة والراحة , وإلى هذا ذهب أبو عبيدة في قوله: مالها من راحة.).
[معاني القرآن: 6/85-87]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فواق}: أي: سكون، ويقال: الفواق , والفواق: السكون بين الحلبتين من الناقة، ليؤوب اللبن، فأما الفؤاق: الوجع، فهو بالهمزة , والضم لا غي.).[ياقوتة الصراط: 436-437]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مِن فَوَاقٍ}: أي مثنوية , وقيل: ما لها من راحة, والضم , والفتح بمعنى :{ما بين الحلبتين}.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَوَاقٍ}: راحة , {فُواق}: ما بين الحلبتين.). [العمدة في غريب القرآن: 258]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {عجّل لّنا قطّنا...}
القطّ: الصّحيفة المكتوبة, وإنما قالوا ذلك حين نزل:
{فأمّا من أوتي كتابه بيمينه} , فاستهزءوا بذلك، وقالوا: عجّل لنا هذا الكتاب قبل يوم الحساب, والقطّ في كلام العرب, الصكّ : وهو الخط والكتاب.). [معاني القرآن: 2/400]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({عجّل لنا قطّنا }, القط: الكتاب، قال الأعشى:
ولا الملك النّعمان يوم لقيته= بإمّته يعطى القطوط ويأفق
القطوط: الكتب بالجوائز ؛ ويأفق: يفضل ويعلو , يقال: ناقة أفقة , وفرس أفق إذا فضله على غيره.).
[مجاز القرآن: 2/179]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({قطنا}: نصيبا من الآخرة). [غريب القرآن وتفسيره: 321]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و{عجّل لنا قطّنا} , والقط: الصحيفة المكتوبة، وهي: الصك.
وروي في التفسير: أنهم قالوا ذلك حين أنزل عليه:
{فأمّا من أوتي كتابه بيمينه} , و{بشماله} : يستهزئون, أي : عجل لنا هذا الكتاب قبل يوم الحساب, فقال اللّه: {اصبر على ما يقولون} ). [تفسير غريب القرآن: 378] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقالوا ربّنا عجّل لنا قطّنا قبل يوم الحساب (16)}
(القط) : النصيب، وأصله الصحيفة يكتب للإنسان فيها شيء يصل إليه.
قال الأعشى:
ولا الملك النّعمان يوم لقيته= بغبطته يعطي القطوط ويأفق
يأفق : يفضل.
وهذا تفسير قولهم:
{عجّل لنا قطّنا}, وهو كقولهم:{اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا} الآية.
وقيل : إنهم لما سمعوا أن المؤمن يؤتى كتابه بيمينه , والكافر يؤتى كتابه بشماله، فيسعد المؤمن , ويهلك الكافر، قالوا :
{ربّنا عجّل لنا قطّنا}.
واشتقاق القط : من قططت , أي: قطعت, وكذلك النصيب: إنّما هو القطعة من الشيء.).
[معاني القرآن: 4/323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب}
قال سعيد بن جبير :
{قطنا}: (أي: نصيبنا من الجنة) .
وقال الحسن : (أي: عقوبتنا, وقال مجاهد : أي : عذابنا).
وقال قتادة: أي: (نصيبنا من العذاب) .
وقال عطاء الخراساني : أي: قضاءنا , أي: حسابنا
قال أبو جعفر : أصل هذا من قولهم : قططت الشيء , أي: قطعته .
فالمعنى : عجل لنا نصيبنا , أي: ما قطع لنا , ويجوز أن يكون المعنى : عجل لنا ما يكفينا , من قولهم قطني من هذا , أي: يكفيني .
ويروى أنهم قالوا هذا لما انزل الله جل وعز:
{وأما من أوتي كتابه وراء ظهره} , استهزاء وهذا كما قال:
يعطي القطوط , ويأفق, يعني بالكتب بالجوائز , ويدل على هذا قوله تعالى:
{اصبر على ما يقولون} ). [معاني القرآن: 6/87-88]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {قطنا} :-
أخبرنا أبو عمر قال: أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي قال: القط: الصحيفة، والقط: الكتاب، ومعناه: عجل لنا كتابنا إلى النار.).
[ياقوتة الصراط: 437-438]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({القط}: الصحيفة المكتوبة .
أي: عجل لنا كتابنا الذي وعدنا أخذه بشمالنا.).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قِطَّنَا}: نصيبنا.). [العمدة في غريب القرآن: 258]

تفسير قوله تعالى: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذا الأيد...}
يريد: ذا القوّة.).
[معاني القرآن: 2/401]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ذا الأيد}: ذا القوة , وبعض العرب تقول : آد.
قال العجاج:
= من أن تبدّلت بآدي آدا
{ أوّابٌ }: الأواب: الرجاع , وهو التواب مخرجها، من آب إلى أهله , أي: رجع، قال يزيد بن ضبة الثقفي: والبيت لعبيد بن الأبرص:
وكل ذي غيبة يؤوب= وغائب الموت لا يؤوب
أي : لا يرجع.).
[مجاز القرآن: 2/180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ذا الأيد}: ذا القوة وقوله {والسماء بنيناها بأيد}{وأيدناه بروح القدس} و{ويؤيد بنصره}.
{الأواب}: التواب وهو الرجاع). [غريب القرآن وتفسيره: 322]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وروي في التفسير: أنهم قالوا ذلك حين أنزل عليه: {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه}, و{بشماله} : يستهزئون, أي : عجل لنا هذا الكتاب قبل يوم الحساب, فقال اللّه: {اصبر على ما يقولون}.
{إنّه أوّابٌ} : رجاع تواب.). [تفسير غريب القرآن: 378]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (
{اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنّه أوّاب (17)}
{واذكر عبدنا داوود ذا الأيد}: ذا القوة، وكانت قوته على العبادة أتم قوة، كان يصوم يوما , ويفطر يوما, وذلك أشدّ الصوم، وكان يصلّي نصف الليل.
{إنّه أوّاب}: رجاع إلى اللّه كثيرا، الآيب : الراجع، والأوّاب: الكثير الرّجوع.). [معاني القرآن: 4/323-324]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب}
قال سعيد بن جبير , ومجاهد , وقتادة : (أي : ذا القوة في طاعة الله جل وعز).
قال أبو جعفر :الأيد , والآد في اللغة : القوة , وأيده قواه فانآد , كما قال:
=لم يك يناد فأمسى =
ثم قال تعالى:
{إنه أواب} , قال مجاهد: (أي: راجع عن الذنوب).
وقال قتادة: أي: (مطيع).
قال أبو جعفر : يقال آب يؤوب, فهو آيب إذا رجع , وأواب على التكثير.).
[معاني القرآن: 6/88-90]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (أواب): تواب، وأواب: مسبح). [ياقوتة الصراط: 438]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (
{الْأَيْدِ}: القوة , {الأَوَّابٌ}: التواب.). [العمدة في غريب القرآن: 259]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({إنّا سخّرنا الجبال معه يسبّحن بالعشيّ والإشراق (18)}
الإشراق: طلوع الشمس وإضاءتها، يقال: شرقت الشمس إذا طلعت, وأشرقت إذا أضاءت.
وقد قيل: شرقت , وأشرقت إذا طلعت في معنى واحد, والأول أكثر.).
[معاني القرآن: 4/324]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق} : إشراق الشمس ضوءها , وصفاؤها.). [معاني القرآن: 6/90]

تفسير قوله تعالى: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والطّير محشورةً...}
ذكروا : أنه كان إذا سبّح , أجابته الجبال بالتسبيح، واجتمعت إليه الطير فسبّحت, فذلك حشرها .
ولو كانت: والطير محشورةٌ بالرفع لمّا يظهر الفعل معها كان صواباً. تكون مثل قوله:
{ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةٌ}, وقال الشاعر:
ورأيتم لمجاشعٍ نعماً = وبني أبيه جامل رغب
ولم يقل: جاملاً رغباً , والمعنى: ورأيتم لهم جاملاً رغباً, فلمّا لم يظهر الفعل جاز رفعه.).
[معاني القرآن: 2/401]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( وروي في التفسير: أنهم قالوا ذلك - حين أنزل عليه: {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه} , و{بشماله}:يستهزئون, أي: عجل لنا هذا الكتاب قبل يوم الحساب, فقال اللّه: {اصبر على ما يقولون}.
{إنّه أوّابٌ}: رجاع تواب.). [تفسير غريب القرآن: 378]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فقال: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} وقال: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} أي سبّحن معه. وقال: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}). [تأويل مشكل القرآن: 113]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {والطّير محشورة كلّ له أوّاب (19)}: كانت الجبال ترجع التسبيح، وكانت الطير كذلك، فيجوز أن تكون الهاء للّه - جلّ وعزّ - أي : كل للّه مسبح، الطير , والجبال , وداود يسبحون للّه عز وجل، ويرجعون التسبيح.
ويجوز - واللّه أعلم - أن يكون
{كلّ له أوّاب}:كل يرجعن التسبيح مع داود، يجبنه، كلما سبح سبحت الجبال , والطير معه.). [معاني القرآن: 4/324]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {والطير محشورة كل له أواب}
يجوز أن يكون المعنى : كل لله جل وعز أواب: عن داود , والجبال , والطير .
ويجوز أن يكون المعنى في كل للجبال والطير , أي: ترجع مع داود التسبيح.).
[معاني القرآن: 6/90]

تفسير قوله تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20) }
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ): (وقوله: {وشددنا ملكه...}
اجتمعت القراء على تخفيفها ولو قرأ قارئ
{وشدّدنا} بالتشديد كان وجهاً حسناً. ومعنى التشديد أنّ محرابه كان يحرسه ثلاثة وثلاثون ألفاً.
وقوله:
{وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب...}
قال الفراء:حدثني عمرو بن أبي المقدام , عن الحكم بن عتيبة , عن مجاهدٍ في قوله:
{وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} , قال: الشهود والأيمان.
وقال بعض المفسّرين: فصل الخطاب : أمّا بعد).
[معاني القرآن للفراء: 2/401]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وفصل الخطاب}
يقال: أما بعد, ويقال: الشهود والأيمان؛ لأن القطع في الحكم بهم).
[تفسير غريب القرآن: 378]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب (20)}, ويجوز وشدّدنا، ولا أعلم أحدا قرأ بها.
معناه : قوينا ملكه , فكان من تقوية ملكه أنه كان يحرس محرابه في كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألفا من الرجال.
وقيل أيضا: إنّ رجلا استعدى إليه على رجل، فادعى عليه أنه أخذ منه بقرة, فأنكر المدعى عليه , فسأل داود المدعي البينة فلم يقمها، فرأى داود في منامه : أن اللّه يأمره أن يقتل المدعى عليه، فتثبت داود، وقال هو منام، فأتاه الوحي بعد ذلك أن يقتله , فأحضره ثم أعلمه أن الله أمره بقتله، فقال المدّعى عليه: إن اللّه - جلّ وعزّ - ما أخذني بهذا الذنب، وإني قتلت أبا هذا غيلة , فقتله داود، فذلك مما كان عظم الله، وشدّد ملكه به.
{وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب}
قيل في ذلك: أن يحكم بالبينة واليمين، وقيل : في فصل الخطاب، أن يفصل بين الحق والباطل.
وقيل : (أما بعد)، وهو أول من قال : أمّا بعد.).
[معاني القرآن: 4/324-325]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب}
قال مجاهد: (لم يكن في الأرض سلطان أعز من سلطانه)
قال السدي : (كان يحرسه في كل ليلة أربعة آلاف)
وقيل : شددنا ملكه : بأن الوحي كان يأتيه , وهذا عن ابن عباس .
وقد روى عكرمة , عن ابن عباس : (أن رجلين اختصما إلى داود , ففال المستعدي: إن هذا اغتصبني بقرة, فجحده الآخر , فأوحى الله إلى داود أن يقتلا الذي استعدى عليه
فأرسل داود إلى الرجل : إن الله قد أوحى إلي أن أقتلك .
فقال الرجل : أتقتلني بغير بينة .
فقال : لا يرد أمر الله فيك .
فلما عرف الرجل أنه قاتله , قال : والله ما أخذت بهذا الذنب, ولكن كنت اغتلت والد هذا , فقتلته .
فأمر به داود فقتل , فاشتدت هيبة بني إسرائيل عند ذلك له .
وهو قول الله عز وجل:
{وشددنا ملكه})
ثم قال جل وعز: {وآتيناه الحكمة}
قال أبو العالية : أي : المعرفة بكتاب الله جل وعز .
و قال السدي : (النبوة) .
وقال مجاهد : (هو عدله)
قال جل وعز:
{وفصل الخطاب}
قال الحسن : (أي : الفهم في القضاء) .
وقال أبو عبد الرحمن وقتادة : (أي : وفصل القضاء) .
وقال شريح , والشعبي , وكعب: (الشهود والأيمان), وكذلك روى الحكم, عن مجاهد .
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : (ما قال أنفذ) .
وقال الشعبي : (فصل الخطاب : أما بعد).
قال أبو جعفر : الخطاب في اللغة , والمخاطبة واحد .
فالمعنى على حقيقة اللغة: أنه يفصل , أي : يقطع المخاطبة واحد بالحكم الذي آتاه الله إياه, ويقطع أيضا فصلها في الشهود والأيمان .
وقيل : وفصل الخطاب : البيان الفاصل بين الحق والباطل.).
[معاني القرآن: 6/90-93]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَفَصْلَ الْخِطَابِ}: قيل: أما بعد , وقيل: شاهد ويمين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 210]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 ذو القعدة 1431هـ/24-10-2010م, 08:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 21 إلى 29]

{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (25) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29) }

تفسير قوله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذ تسوّروا المحراب...}
{إذ دخلوا...}
قد يجاء بإذ مرّتين، (وقد) يكون معناهما كالواحد؛ كقولك: ضربتك إذ دخلت عليّ إذ اجترأت، فيكون الدخول هو الاجتراء. ويكون أن تجعل أحدهما على مذهب لمّا، فكأنه قال: {إذ تسوّروا المحراب لمّا دخلوا}. إن شئت جعلت لمّا في الأوّل. فإذا كانت لمّا أوّلاً وآخراً فهي بعد صاحبتها؛ كما تقول: أعطيته لمّا سألني. فالسؤال. قبل الإعطاء في تقدّمه وتأخّره). [معاني القرآن: 2/401]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" إذ تسوّروا المحراب " أشرف كل مجلس وبيت ومقدمه هو محرابه، وقال الشاعر:
ربّة محرابٍ إذا جئتها=لم ألقها أو ارتقي سلّما
" نبؤا الخصم " الخصم يقع لفظه على الواحد والجميع قال لبيد:
وخصم يعدّون الذحول كأنهم=قرومٌ غيارى كلّ أزهر مصعب). [مجاز القرآن: 2/180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({تسوّروا المحراب} أي صعدوا). [تفسير غريب القرآن: 378]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (هل: تكون للاستفهام...، والمفسّرون يجعلونها في بعض المواضع بمعنى: «قد»، كقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}، أي قد أتى وقوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} و: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى}، : {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}، و: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ}؟ .
هذا كله عندهم بمعنى: (قد) ). [تأويل مشكل القرآن: 538] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب (21)
والمحراب أرفع بيت في الدار، وكذلك هو أرفع مكان في المسجد، والمحراب ههنا كالغرفة.
قال الشاعر:
ربّة محراب إذا جئتها=م ألقها أو أرتقي سلّما
و (تسوّروا) يدلّ على علوّ.
وقال: (الخصم) ولفظه لفظ الواحد، و (تسوّروا)
لفظ الجماعة؛ لأن قولك خصم يصلح للواحد والاثنين والجماعة والذكر والأنثى، يقال: هذا خصم وهي خصم وهما خصم وهم خصم.
وإنما صلح لجميع ذلك لأنه مصدر، تقول خصمته أخصمه خصما.
المعنى هما: ذوا خصم وهم ذوو خصم، وإن قلت خصوم جاز كما تقول هما عدل وهما ذوا عدل، وقال اللّه تعالى، (وأشهدوا ذوي عدل منكم).
فمعنى هما: عدل هما ذوا عدل.
فما كان من المصادر قد وصفت به الأسماء فتوحيده جائز، وإن وصفت به الجماعة، وتذكيره جائز وإن وصفت به الأنثى، تقول هو رضى وهما رضى، وكذلك هذه رضى). [معاني القرآن: 4/325]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب}
تسوروا أي علو والمحراب كل مكان مرتفع
وقيل: محراب للذي يصلى إليه على التمثيل أي هو أرفع موضع في المسجد.
وخصم يقع للواحد والاثنين والجميع بلفظ واحد على معنى ذو خصم.
ولا اختلاف بين أهل التفسير انه يراد به ههنا ملكان). [معاني القرآن: 6/94]


تفسير قوله تعالى: (إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذ تسوّروا المحراب...}
{إذ دخلوا...}
قد يجاء بإذ مرّتين، (وقد) يكون معناهما كالواحد؛ كقولك: ضربتك إذ دخلت عليّ إذ اجترأت، فيكون الدخول هو الاجتراء. ويكون أن تجعل أحدهما على مذهب لمّا، فكأنه قال: {إذ تسوّروا المحراب لمّا دخلوا}. إن شئت جعلت لمّا في الأوّل. فإذا كانت لمّا أوّلاً وآخراً فهي بعد صاحبتها؛ كما تقول: أعطيته لمّا سألني. فالسؤال. قبل الإعطاء في تقدّمه وتأخّره). [معاني القرآن: 2/401]
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):(وقوله: {خصمان} رفعته بإضمار (نحن خصمان) والعرب تضمر للمتكلّم والمكلّم المخاطب ما يرفع فعله. ولا يكادون يفعلون ذلك بغير المخاطب أوالمتكلّم. من ذلك أن تقول للرّجل: أذاهب، أو أن يقول المتكلم: واصلكم إن شاء الله ومحسن إليكم. وذلك أن المتكلّم والمكلّم حاضران، فتعرف معنى أسمائهما إذا تركت. وأكثره في الاستفهام؛ يقولون: أجادّ، أمنطلق. وقد يكون في غير الاستفهام. فقوله (خصمان) من ذلك. وقال الشاعر:
وقولا إذا جاوزتما أرض عامرٍ = وجاوزتما الحيّين نهداً وخثعما
نزيعان من جرم بن زبّان إنهم = أبوا أن يميروا في الهزاهز محجما
وقال الآخر:
تقول ابنة الكعبيّ يوم لقيتها = أمنطلق في الجيش أم متثاقل
وقد جاء في الآثار للراجع من سفر: تائبون ائبون، لربنا حامدون. وقال: من أمثال العرب: محسنة فهيلي.
قال الفراء: جاء ضيف إلى امرأة ومعه جراب دقيق، فأقبلت تأخذ من جرابه لنفسها، فلما أقبل أخذت من جرابها إلى جرابه. فقال: ما تصنعين؟ قالت: أزيدك من دقيقي. قال: محسنة فهيلي. أي ألقي. وجاء في الآثار: من أعان على قتل مؤمنٍ بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: يائس من رحمة الله. وكلّ هذا بضمير ما أنباتك به.
ولو جاء في الكتاب: خصمين بغى بعضنا لكان صواباً بضمير أتيناك خصمين، جئناك خصمين فلا تخفنا. ومثله قول الشاعر:
وقالت ألا يا اسمع نعظك بخطّةٍ = فقلت سميعاً فانطقي وأصيبي
أي سميعاً أسمع منك، أو سميعاً وعظت. والرفع فيه جائز على الوجوه الأول.
وقوله: {ولا تشطط} يقول: ولا تجر: وقد يقول بعض العرب: شططت عليّ في السّوم، وأكثر الكلام أشططت. فلو قرأ قارئ {ولا تشطط} كأنه يذهب له إلى معنى التباعد و{تشطط} أيضاً. العرب تقول: شطّت الدار فهي تشطّ وتشطّ.
وقوله: {واهدنا إلى سواء الصّراط} إلى قصد الصراط. وهذا ممّا تدخل فيه (إلى) وتخرج منه.
قال الله {اهدنا الصراط المستقيم} وقال {وهديناه النّجدين} وقال {إنّا هديناه السّبيل} ولم يقل (إلى) فحذفت إلى من كل هذا. ثم قال في موضع آخر {أفمن يهدي إلى الحقّ} وقال {يهدي إلى الحقّ وإلى طريقٍ مستقيمٍ} ويقال: هديتك للحق وإليه قال الله {الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي} وكأن قوله: {اهدنا الصراط} أعلمنا الصراط، وكأن قوله: {اهدنا إلى الصّراط} أرشدنا إليه والله أعلم بذلك). [معاني القرآن للفراء: 2/4011-403]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" قالوا لا تخف خصمان " رجع إلى معنى الواحد منه.
" ولا تشطط " أي لا تسرف قال الحوص:
ألا يا لقومٍ قد أشطّت عواذلي=ويزعمن أن أودى بحقي باطلي
ويقال: كلفتني شططاً، منه أيضاً: وشطت الدار بعدت وقال الشاعر وهو عمر بن أبي ربيعة:
تشطّ غداً دار جيراننا=وللدار بعد غدٍ أبعد). [مجاز القرآن: 2/180-181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لا تشطط}: لا تسرف).[غريب القرآن وتفسيره: 322]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا تشطط} أي لا تجر علينا. يقال: أشططت، إذا جرت. وشطت الدار: إذا بعدت: فهي تشطّ وتشطّ. {واهدنا إلى سواء الصّراط} أي قصد الطريق). [تفسير غريب القرآن: 378]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( الهدى
أصل هدى أرشد، كقوله: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} .
وقوله: {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ}، أي أرشدنا). [تأويل مشكل القرآن: 444] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصّراط (22)}
لأنهم أتوه من غير مأتى الخصوم، وفي غير وقتهم، وفي وقت لم يكن داود يأذن فيه أن يدخل عليه أحد، فأنكر ذلك وفزع.
وإنّما بعث إليه ملكان فتصورا في صورة رجلين متخاصمين.
(قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض).
القراءة - الرفع، والرافع لخصمان نحن، والمعنى نحن خصمان ولو كان في الكلام لا تخف خصمين بغى بعضنا على بعض لجاز، على معنى أتيناك خصمين لأنه أنكر إتيانهم، وإتيان الخصوم قد كان يعتاده كثيرا.
(فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط).
أي لا تجر، يقال أشط يشط إذا جار، ويقرأ لا تشطط بمعنى لا تبعد عن الحق، وكذلك لا تشطط - بكسر الطاء وفتح التاء - معناه كمعنى الأول قال الشاعر:
تشطّ غدا دار جيراننا=وللدّار بعد غد
(واهدنا إلى سواء الصّراط).
إلى قصد الطريق - أي طريق الحق). [معاني القرآن: 4/325-326]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إذ دخلوا على داود ففزع منهم}
قيل: دخلا عليه ليلا في غير وقت الخصومة، فلذلك قال: ففزع منهم.
وقيل: فزع منهما لدخول هما من غير الباب الذي كان منه المدخل.
وقوله جل وعز: {قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض}
على جهة المسألة كما تقول رجل يقول لامرأته كذا ما يجب عليه.
ثم قال جل وعز: {فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط} فاحكم بيننا بالحق أي بالعدل ولا تشطط أي ولا تجر.
يقال: أشط يشط إذا جار وشط يشط إذا بعد.
وقد قرى: ولا تشطط أي لا تبعد في الحكم.
كما قال الشاعر:
شطت مزار العاشقين فأصبحت=عسرا علي طلابها ابنة مخرم
واهدنا إلى سواء الصراط أي إلى قصد السبيل
وقال تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} بغير إلى والعرب تحذف حرف الخفض مما يتعدى إلى مفعولين.
كما قال الشاعر:
ومنا الذي اختير الرجال سماحة=وبرا إذا هب الرياح الزعازع
وقيل: معنى اهدنا الصراط أعلمنا الصراط ومعنى اهدنا إلى الصراط أرشدنا إلى الصراط). [معاني القرآن: 6/95-97]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({تُشْطِطْ}: تسرف). [العمدة في غريب القرآن: 259]


تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً...}
وفي قراءة عبد الله (كان له) وربّما أدخلت العرب (كان) على الخبر الدائم الذي لا ينقطع. ومنه قول الله في غير موضع {وكان ربّك قديراً} {وكان الله غفوراً رحيماً} فهذا دائم. والمعنى البيّن أن تدخل (كان) على كل خبر قد كان ثم انقطع؛ كما تقول للرجل: قد كنت موسرا، فمعنى هذا: فأنت الآن معدم.
وفي قراءة عبد الله (نعجةً أنثى) والعرب تؤكّد التأنيث بأنثاه، والتذكير بمثل ذلك، فيكون كالفضل في الكلام فهذا من ذلك.
ومنه قولك للرجل: هذا والله رجل ذكر.
وإنما يدخل هذا في المؤنّث الذي تأنيثه في نفسه؛ مثل المرأة والرجل والجمل والناقة. فإذا عدوت ذلك لم يجز.
فخطأ أن تقول: هذه دارٌ أنثى، وملحفة أنثى؛ لأنّ تأنيثها في اسمها لا في معناها. فابن على هذا.
وقوله: {وعزّني في الخطاب} أي غلبني. ولو قرئت {وعازّني} يريد: غالبني كان وجهاً). [معاني القرآن: 2/403-404]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" فقال أكفلنيها " مجازه مجاز " كفّلها زكريّا " أي ضمها إليه وكفلت بالمال والنفس أي ضمنت.
" وعزّني في الخطاب " أي صار أعز مني فيه.
" ولي نعجة واحدةٌ " مجازها مجاز امرأة. قال الأعشى:
فرميت غفلة عينه عن شاته=فأصبت حبّة قلبها وطحالها
يعني امرأة الرجل). [مجاز القرآن: 2/181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وعزني في الخطاب}:غلبني أي صار أعز مني).[غريب القرآن وتفسيره: 322]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فقال أكفلنيها} أي ضمها إلى واجعلني كافلها {وعزّني في الخطاب} أي غلبني في القول.
ويقال: صار أعز مني. عاززته فعززته، وعزّني). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقد جاء في القرآن التعريض؛ فمن ذلك ما خبّر الله سبحانه من نبإ الخصم {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ}. ثم قال: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ}.
إنما هو مثل ضربه الله سبحانه له، ونبهه على خطيئته به.
وورّى عن النساء بذكر النّعاج، كما كنى الشاعر عن جارية بشاة، وكنى الآخر عن النساء بالقلص). [تأويل مشكل القرآن: 266-267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب (23)}
كنى بالنعجة عن المرأة.
قال الأعشى:
فرميت غفلة عينه عن شاته=فأصبت حبّة قلبها وطحالها
عنى بالشاة ههنا المرأة.
(فقال أكفلنيها).
أي اجعلني أنا أكفلها، وانزل أنت عنها.
(وعزّني في الخطاب).
غلبني في الخصومة، أي كان أقوى على الاحتجاج منّي). [معاني القرآن: 4/326-327]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال عز وجل: {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة}
قال وهب: إن هذا أخي أي على ديني له تسع وتسعون نعجة والعرب تكني عن المرأة بالنعجة والشاة.
كما قال الشاعر:
فرميت غفلة عينه عن شاته=فأصبت حبة قلبها وطحالها
وفي قراءة ابن مسعود: (إن هذا أخي كان له تسع وتسعون نعجة أنثى) وكان ههنا مثل قوله: {وكان الله غفورا رحيما}، فأما قوله: (أنثى)، فقيل: هو على جهة التوكيد.
وقيل: لما كان يقال: هذه مائة نعجة، وإن كان فيها من الذكور شيء يسير جاز أن يقال: أنثى ليعلم أنه لا ذكر فيها.
ثم قال جل وعز: {ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها}
قد جاءت أخبار وقصص في أمر داود وأوريا وأكثرها لا يصح ولا يتصل إسناده ولا ينبغي أن يجترأ على مثلها إلا بعد المعرفة بصحتها.
وأصح ما روي في ذلك ما رواه مسروق عن عبد الله بن مسعود قال: (ما زاد داود على أن قال: أكفلنيها أي انزل لي عنها)
وروى المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (ما زاد داود على أن قال: أكفلنيها أي تحول لي عنها وضمها إلي)
قال أبو جعفر: فهذا أجل ما روي في هذا.
والمعنى عليه أن داود عليه السلام سأل أوريا أن يطلق له امرأته كما يسأل الرجل الرجل أن يبيعه جاريته، فنبهه الله جل وعز على ذلك وعاتبه لما كان نبيا وكان له تسع وتسعون أنكر عليه أن يتشاغل بالدنيا وبالتزيد منها. فأما غير هذا فلا ينبغي الاجتراء عليه.
ومعنى أكفلنيها: انزل لي عنها واجعلني كافلها.
قال الضحاك: (وعزني في الخطاب أي قهرني)
وفي قراءة عبد الله: (وعازني).
قال أبو جعفر: يقال: عازه أي غالبه وعزه أي غلبه.
قال الحسن: (أي قهره في المحاورة).
قال أبو جعفر: ومنه قولهم: من عز بز.
ومنه قول زهير:
=فعزته يداه وكاهله). [معاني القرآن: 6/97-102]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَعَزَّنِي}: أي غلبني). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({وعَزَّنِي}: غلبني). [العمدة في غريب القرآن: 259]


تفسير قوله تعالى: (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه...}
المعنى فيه: بسؤاله نعجتك، فإذا ألقيت الهاء من السؤال أضفت الفعل إلى النعجة. ومثله قوله: {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} ومعناه من دعائه بالخير: فلمّا ألقى الهاء أضاف الفعل إلى الخير وألقى من الخير الباء، كقول الشاعر:
ولست مسلّماً ما دمت حيّاً=على زيدٍ بتسليم الأمير
إنما معناه: بتسليمي على الأمير. ولا يصلح أن تذكر الفاعل بعد المفعول به فيما ألقيت منه الصفة.
فمن قال: عجبت من سؤال نعجتك صاحبك لم يجز له أن يقول: عجبت من دعاء الخير الناس، لأنك إذا أظهرت الآخر مرفوعاً فإنما رفعه بنيّة أن فعل أو أن يفعل، فلا بدّ من ظهور الباء وما أشبهها من الصّفات.
فالقول في ذلك أن تقول: عجبت من دعاء بالخير زيدٌ، وعجبت من تسليمٍ على الأمير زيدٌ. وجاز في النعجة؛ لأنّ الفعل يقع عليها بلا صفة؛ فتقول: سألتك نعجة، ولا تقول: سألتك بنعجة. فابن على هذا.
وقوله: {وظنّ داوود أنّما فتنّاه} أي علم. وكلّ ظنٍّ أدخلته على خبرٍ فجائز أن تجعله علماً؛ إلاّ إنه علم ما لا يعاين). [معاني القرآن: 2/404]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" بسؤال نعجتك " مصدر " سألت " استعطيت.
" الخلطاء " الشركاء.
" وظنّ داود " أي أيقن). [مجاز القرآن: 2/181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {من الخلطاء}: الشركاء.
{وظن داوود}: أيقن).[غريب القرآن وتفسيره: 322]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بسؤال نعجتك إلى نعاجه} أي مضمومة إلى نعاجه، فاختصر.
ويقال: «إلى» بمعنى «مع».
و{الخلطاء}: الشركاء). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإنّ كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وقليل ما هم وظنّ داوود أنّما فتنّاه فاستغفر ربّه وخرّ راكعا وأناب (24)}
المعنى بسؤاله نعجتك ليضمها إلى نعاجه.
(وإنّ كثيرا من الخلطاء).
من الشركاء، تقول: فلان خليطي وشريكي في معنى واحد.
(إلا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وقليل ما هم).
أي قليل هم.
وقوله: (وظنّ داوود أنّما فتنّاه) الآية.
ويقرأ بالتخفيف - فتناه - يعنى به الملكان.
ومعنى ظن أيقن، ألا أنه ليس بيقين عيان، أما العيان فلا يقال فيه إلا علم.
(فاستغفر ربّه وخرّ راكعا وأناب).
مكث أربعين يوما ساجدا لا يرفع رأسه يستغفر اللّه من ذنبه، إلا لصلاة مكتوبة وما لا بدّ له منه، ولا ترقأ دمعته.
ويروى في التفسير - أن قصة داود والملكين سببها أن إبليس - غضب اللّه عليه - تمثل له في صورة طير من ذهب فسقط بقربه، فأوى إليه ليأخذه فتنحّى وطلبه حتى إذا قارب أن يتناوله تنحى فبصر داود في اتباع الطير بامرأة تغتسل، وبصرت به فتجلّلت بشعرها حتى سترها ويقال: إنها امرأة أوريّا بن حنّا.
ويروى أنه: كتب إلى صاحب جنده أن يقدم أوريّا في حرب كانت، فقدّمه فقتل فتزوجها داود.
ويروى أن عليّا عليه السلام قال: (من قال: أن داود عليه السلام قارف من هذه المرأة ريبة جلدته مائة وستين جلدة؛ لأن من قذف غير النبي جلد ثمانين جلدة، ومن قذف نبيا جلد مائة وستين جلدة).
وكان في التفسير أن داود أحب أن يتلف أوريّا حتى يتزوج داود بامرأته.
وهذا - واللّه أعلم - إنما كان من داود على جهة محبّة أن يتفق له ذلك من غير أن يتعمد أو يسعى في دم الرجل، فجعله اللّه له ذنبا لما أحبه.
ويجوز أن يكون كتب في أن يقدّم أمام التابوت هذا الرجل لبأسه ونجدته في الحرب ورجا كفايته فاتفق مع ذلك أن أصيب وبه حلت له امرأته فعوتب على محبة امرأة رجل ليس له غيرها، ولداود تسع وتسعون امرأة، فكان ذلك من ذنوب الأنبياء، فلما بالغ في التوبة وجهد نفسه في الرغبة إلى اللّه في العفو حتى كاد أن يتلف نفسه تائبا ومتنصّلا إلى اللّه من ذنبه، واللّه عز وجل قد وصف ذلك فقال: (واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنّه أوّاب).
وقول عليّ عليه السلام - صلى اللّه على داود ورحمه - يدل على صحة هذا التأويل، واللّه أعلم). [معاني القرآن: 4/327-328]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه}
المعنى بسؤاله نعجتك كما قال تعالى: {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير}
ومعنى إلى نعاجه أي مضمومة إلى نعاجه.
{وإن كثيرا من الخلطاء} أي الشركاء والخليط الشريك.
ثم قال جل وعز: {وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} أي أيقن.
وقرأ قتادة: (أنما فتناه) بتخفيف النون يعني الملكين وقال: (معناه صمدا له)
(فاستغفر ربه وخر راكعا) قال أبو الأحوص والحسن: (خر ساجدا)
وقال مجاهد: (سجد أربعين يوما من قبل أن يسأل ربه شيئا).
قال سفيان: (يروى أنه أقام أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لصلاة أو حاجة لابد منها)
قال قتادة: (وأناب أي تاب)). [معاني القرآن: 6/102-104]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({الْخُلَطَاء}: الشركاء). [العمدة في غريب القرآن: 259]


تفسير قوله تعالى: (فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (25) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإنّ له عندنا لزلفى} تقدما وقربة). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}
قال الضحاك: (لزلفى أي منزلة رفيعة)
قال أبو جعفر: الزلفى في اللغة القربة ومنه قوله تعالى: {وأزلفنا ثم الآخرين} ومنه قوله:
مر الليالي زلفا فزلفا=سماوة الهلال حتى احقوقفا
أي ساعة تقرب من أخرى
ثم قال: وحسن مآب.
قال الضحاك: (أي وحسن مرجع)). [معاني القرآن: 6/104-105]

تفسير قوله تعالى: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يا داوود إنّا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين النّاس بالحقّ ولا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل اللّه إنّ الّذين يضلّون عن سبيل اللّه لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب (26)}
بهذا جاز أن يقال للخلفاء خلفاء الله في الأرض.
(فاحكم بين النّاس بالحقّ).
أي بحكم اللّه إذ كنت خليفته.
وقوله: (بما نسوا يوم الحساب).
أي بتركهم العمل لهذا اليوم صاروا بمنزلة الناسين، وإن كانوا ينذرون ويذكّرون). [معاني القرآن: 4/328-329]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض}
يقال إنه من هذا جاز أن يقال: خلفاء
وقوله جل وعز: {إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}
بما نسوا يوم الحساب، أي تركوا العمل له وكانوا ناسين له هذا مذهب السدي.
وقال عكرمة: (هذا من التقديم والتأخير أي لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا أي بما تركوا أمر الله عز وجل والقضاء بالعدل)
ثم قال جل وعز: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا}
أي لما قالوا: إنه لا حساب ولا جنة ولا نار قيل لهم هذا). [معاني القرآن: 6/105-106]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظنّ الّذين كفروا فويل للّذين كفروا من النّار (27)}
أعلمهم اللّه أنه يعذبهم علي الظن.
وكذلك: (وظنّوا أنّهم إلينا لا يرجعون)
وإنّما قيل لهم هذا؛ لأنهم جحدوا البعث.
ودليل هذا قوله: {أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثا وأنّكم إلينا لا ترجعون (115)}.
إذا لم يكن رجعة لم يكن فصل بين الفاجر والبرّ.
وبعد هذا: {أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار (28)} ). [معاني القرآن: 4/329]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {فويل للذين كفروا من النار}
فأخبر أنه يعذبهم على ذلك). [معاني القرآن: 6/106]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({وظَنُّ}: أيقن). [العمدة في غريب القرآن: 259]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) )
تفسير قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قال: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبّروا آياته وليتذكّر أولو الألباب (29)}
المعنى هذا كتاب ليدّبّروا آياته. ليفكروا في آياته، وفي أدبار أمورهم.
أي عواقبها.
(وليتذكر أولو الألباب) أي ذوو العقول). [معاني القرآن: 4/329]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {كتاب أنزلناه إليك مبارك} على إضمار هذا
ثم قال تعالى: {ليدبروا آياته} أي ليفكروا في عواقب ما يكون منه وليتذكر أولوا الألباب أي العقول). [معاني القرآن: 6/107]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو القعدة 1431هـ/24-10-2010م, 09:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 30 إلى 40]

{وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (40) }

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنّه أوّاب (30)}
المعنى : نعم العبد سليمان , إنّه أوّاب , كثير الرجوع).
[معاني القرآن: 4/330]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب}
فيه سبعة أقوال:
-قال ابن المسيب : (الأواب : الذي يذنب , ثم يتوب , ثم يذنب , ثم يتوب) .
- وقال سعيد بن جبير: (الأواب : المسبح).
- وقال قتادة: (المطيع) .
- وقال عبيد بن عمير : (الذي يذكر ذنبه في الخلاء , فيستغفر منه) .
- وقيل : الراحم .
- وقيل: التائب .
وقال أهل اللغة: الرجاع : الذي يرجع إلى التوبة.)
[معاني القرآن: 6/106-108]

تفسير قوله تعالى:{إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {الصّافنات الجياد...}
يعني: الخيل، كان غنمها سليمان بن داود من جيشٍ قاتله , فظفر به. فلمّا صلّى الظهر دعا بها، فلم يزل يعرضها حتّى غابت الشمس , ولم يصلّ العصر , وكان عندهم مهيباً, لا يبتدأ بشيء حتى يأمر به، فلم يذكر العصر, ولم يكن ذلك عن تجبّر منه، فلمّا ذكرها قال:
{إنّي أحببت حبّ الخير} : يقول: آثرت حبّ الخيل، والخير في الكلام العرب: الخيل.
و
الصّافنات: فيما ذكر الكلبي بإسناده : القائمة على ثلاث قوائم , وقد أقامت الأخرى على طرف الحافر من يدٍ , أو رجلٍ.
وهي في قراءة عبد الله :
{صوافن فإذا وجبت}: يريد: معقولة على ثلاث, وقد رأيت العرب تجعل الصّافن القائم على غير ثلاث. وأشعارهم : تدلّ عل أنها القيام خاصّةً , والله أعلم بصوابه.
وفي قراءة عبد الله :
{إنّي أحببت} بغير (قال) , ومثله ممّا حذف في قراءتنا منه القول , وأثبت في قراءة عبد الله : {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ويقولان} , وليس في قراءتنا ذلك. وكلّ صواب).[معاني القرآن: 2/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إذ عرض عليه بالعشيّ الصّافنات الجياد }: من الخيل، والصافن الذي يجمع بين يديه , ويثني طرف سنبك احدى رجليه والسنبك مقدم الحافر , وقال بعض العرب: بل الصافن الذي يجمع يديه , والذي يرفع طرف سنبك رجله , فهو مخيم.). [مجاز القرآن: 2/182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الصافنات الجياد}: الصافن: الذي يجمع بين يديه ويثني طرف سنبك إحدى رجليه. والسنبك: مقدم الحافر. وبعضهم يقول: الصافن الذي يجمع يديه). [غريب القرآن وتفسيره: 323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({والصّافنات الجياد}: الخيل, يقال: هي القائمة على ثلاث قوائم، وقد أقامت اليد الأخرى على طرف الحافر من يد كان أو رجل. وهذا قول بعض المفسرين.
والصافن في كلام العرب: الواقف من الخيل , وغيرها.
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم:
((من سرّه أن يقوم الرجال له صفونا، فليتبوّأ مقعده من النار))، أي: يديمون له القيام.). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({إذ عرض عليه بالعشيّ الصّافنات الجياد (31)}
الصافنات : الخيل القائمة، وقال أهل اللّغة , وأهل التفسير: الصافن : القائم الذي يثني إحدى يديه أو إحدى رجليه حتى يقف بها على سنبكه,
وهو طرف الحافر، فثلاث من قوائمه متصلة بالأرض، وقائمة منها تتصل بالأرض , طرف حافرها فقط , قال الشاعر:
ألف الصّفون فلا يزال كأنه= مما يقوم على الثلاث كسيرا
وقال بعضهم: الصافن القائم ثنى إحدى قوائمه ولم يثنها، والخيل أكثر ما تقف - إذا وقفت - صافنة؛ لأنها كأنّها تراوح بين قوائمها).
[معاني القرآن: 4/330]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد}
قال مجاهد : (الصافنات من الخيل : التي ترفع إحدى يديها , وتقف على ثلاث) .
وقال الفراء : الصافن القائم , وهذا المعروف في كلام العرب.
قال مجاهد: (الجياد السراع).).
[معاني القرآن: 6/108-109]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {الصافنات الجياد}: أي: الخيل، التي تقف وتثني سنبك إحدى الرجلين، وهي أجود الخيل.). [ياقوتة الصراط: 438]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( و{الصَّافِنَاتُ}: الخيل القائمات على ثلاث قوائم , وقد أقامت الأخرى على طرف الحافر.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الصَّافِنَ): القائم على ثلاث.). [العمدة في غريب القرآن: 259]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {الصّافنات الجياد...}
يعني : الخيل، كان غنمها سليمان بن داود من جيشٍ قاتله , فظفر به. فلمّا صلّى الظهر دعا بها، فلم يزل يعرضها حتّى غابت الشمس , ولم يصلّ العصر, وكان عندهم مهيباً, لا يبتدأ بشيء حتى يأمر به، فلم يذكر العصر, ولم يكن ذلك عن تجبّر منه، فلمّا ذكرها قال:
{إنّي أحببت حبّ الخير} : يقول: آثرت حبّ الخيل، والخير في الكلام العرب: الخيل.
و
الصّافنات - فيما ذكر الكلبي بإسناده - : القائمة على ثلاث قوائم , وقد أقامت الأخرى على طرف الحافر من يدٍ , أو رجلٍ.
وهي في قراءة عبد الله :
{صوافن فإذا وجبت}: يريد: معقولة على ثلاث.
وقد رأيت العرب تجعل الصّافن القائم على غير ثلاث.
وأشعارهم تدلّ عل أنها القيام خاصّةً , والله أعلم بصوابه.
وفي قراءة عبد الله :
{إنّي أحببت} بغير (قال), ومثله ممّا حذف في قراءتنا منه القول , وأثبت في قراءة عبد الله : {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ويقولان} , وليس في قراءتنا ذلك, وكلّ صواب.). [معاني القرآن: 2/405] (م)
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إنّي أحببت حبّ الخير عن ذكر ربّي }: جازه أحببته حباً , ثم أضاف الحب إلى الخير.
{ حتّى توارت بالحجاب}: المعنى للشمس , وهي مضمرة.).
[مجاز القرآن: 2/182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله عز وجل: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} أراد الخيل، فسمّاها الخير لما فيها من المنافع.
قال الرّاجز بعد أن عدّد فضائلها وأسباب الانتفاع بها:
=فالخيلُ والخيراتُ في قرنينِ
وقال طفيل:
وللخيلِ أيّام فمن يصطبر لَهَا = ويعرف لَهَا أيّامَها الخيرَ تُعْقِبُ). [تأويل مشكل القرآن: 139]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن الاختصار أن تضمر لغير مذكور كقوله جل وعز: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} يعني: الشمس، ولم يذكرها قبل ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 226]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فقال إنّي أحببت حبّ الخير عن ذكر ربّي حتّى توارت بالحجاب (32)}
{الخير }: ههنا الخيل، والنبي صلى الله عليه وسلم- سمى زيد الخيل - : زيد الخير، وإنما سميت الخيل: الخير ؛ لأن ((الخير معقود بنواصي الخيل)) كذا جاء في الحديث.
وكانت هذه الخيل : وردت على سليمان من غنيمة جيش كان له، فتشاغل باعتراضها إلى أن غابت الشمس , وفاتته صلاة العصر.
قال أهل اللغة:
{حتّى توارت بالحجاب}: يعنى الشمس، ولم يجر للشمس ذكر..
وهذا لا أحسبهم أعطوا الفكر حقّه فيه؛ لأن في الآية دليلا : يدل على الشمس، وهو قوله:
{إذ عرض عليه بالعشيّ}: والعشي في معنى : بعد زوال الشمس.
حتى توارت الشمس بالحجاب، وليس يجوز الإضمار إلا أن يجري ذكر , أو دليل ذكر بمنزلة الذكر.
وكان سليمان لهيبته لا يجسر عليه أحد حتّى ينبّه لوقت صلاة، ولست أدري: هل كانت صلاة العصر مفروضة في ذلك الوقت أم لا، إلا أن اعتراضه الخيل قد شغله , حتى جاز وقت يذكر اللّه - جلّ وعزّ - فيه.
ومعنى
{أحببت حبّ الخير} : آثرت حب الخير على ذكر الله.) [معاني القرآن: 4/331]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي}
قال الفراء : الخير في كلام العرب , والخيل واحد.
قال أبو جعفر : في الحديث الشريف:
(( الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة .)), فكأنها سميت خيرا لهذا .
وفي الحديث : لما وفد زيد الخيل على النبي صلى الله عليه وسلم , فقال له :
((أنت زيد الخير )), وهو زيد بن مهلهل الشاعر .
قال الفراء : المعنى : إني آثرت حب الخير.
قال أبو جعفر: أحسن ما قيل في هذا أن المعنى: إني أحببت حب الخير حبا , فألهاني عن ذكر ربي .
قال قتادة : (عن صلاة العصر) .
ثم قال جل وعز:
{حتى توارت بالحجاب}
في معناه قولان:
أحدهما : أن المعنى : حتى توارث الشمس , وأنه قد عرف معنى الضمير , كما قال:
على مثلها أمضي إذا قال صاحبي=ألا ليتني أفديك منها وأفتدي
أي: منها يعني من الفلاة , ولم يجر لها ذكر
قال أبو إسحاق : لما قال: بالعشي , كان المعنى بعد زوال الشمس , فجيء بالضمير على هذا .
وروى أبو إسحاق , عن الحارث , عن علي رضي الله عنه قال : (الصلاة التي فرط فيها سليمان : صلاة العصر) .
وقيل :
{حتى توارت بالحجاب} : يعني : الخيل
وروى سعيد بن مسروق , عن عكرمة قال : (
كانت الخيل التي شغل بها سليمان عشرين ألف فرس , فقطعها).) [معاني القرآن: 6/108-111]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (و{الخير} : هاهنا: الخيل,ئ{حتى توارت} : التاء للشمس.). [ياقوتة الصراط: 439]

تفسير قوله تعالى: {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فطفق...}
يريد: أقبل , يمسح: يضرب سوقها , وأعناقها, فالمسح : القطع.).
[معاني القرآن: 2/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فطفق مسحاً }: ما زال يفعل ذاك , و" كرب " مثلها مجازها يمسح مسحاً , والمعنى : يضرب، يقال: مسح علاوته , أي: ضربها.) [مجاز القرآن: 2/183]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ردّوها عليّ فطفق مسحاً بالسّوق والأعناق}
وقال:
{فطفق مسحاً}, أي: يمسح مسحاً). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فطفق مسحاً بالسّوق والأعناق}: أي: أقبل يمسح بضرب سوقها , وأعناقها.). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ردّوها عليّ فطفق مسحا بالسّوق والأعناق (33)}
المسح ههنا على ما جاء في التفسير : القطع، وروي: أنه ضرب سوقها , وأعناقها، وسوق : جمع ساق، مثل دار ودور, ولم يكن سليمان ليضرب أعناقها إلا وقد أباح اللّه ذلك؛ لأنه لا يجعل التوبة من الذنب بذنب عظيم.
وقال قوم : إنه مسح أعناقها وسوقها بالماء , وبيده، وهذا ليس يوجب شغلها إياه، أعني أن يمسحها بالماء، وإنّما قال ذلك قوم ؛ لأن قتلها كان عندهم منكرا. وليس ما يبيحه اللّه بمنكر.
وجائز أن يباح ذلك لسليمان في وقته , ويحظر في هذا الوقت، ومالك يذهب إلى أنه لا ينبغي أن يؤكل لحم الخيل , والبغال, والحمير، لقول اللّه عزّ وجلّ:
{والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة}
وقال في الإبل:
{لتركبوا منها ومنها تأكلون} ). [معاني القرآن: 4/331]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق}
قال الحسن في قوله تعالى:
{فطفق مسحا بالسوق والأعناق}: (فقطع أسوقها , وأعناقها , فأبدله الله جل وعز مكانها خيرا منها) .
وقيل معنى :{فطفق مسحا }: أقبل يمسحها بيده من غير قتل , كما روى ابن أبي طلحة , عن ابن عباس قال : يقول : (
جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبا لها) .
ومن قال: قتلها , فذلك على أنه ذكاة, أو أنه أبيح ذلك , كما روي عن عبد الله بن عمر : أنه أعجبه غلام , فأعتقه.).
[معاني القرآن: 6/112-113]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : {ردوها علي}: الهاء والألف للخيل, {فطفق}: أي: أقبل, {مسحا}: أي: قطعا, {بالسوق}: السيقان.). [ياقوتة الصراط: 439]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {على كرسيّه جسداً...}
يريد: صنما, ويقال: شيطان.).
[معاني القرآن: 2/405]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وألقينا على كرسيّه جسداً} : يقال: شيطان, ويقال: صنم.). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ولقد فتنّا سليمان وألقينا على كرسيّه جسدا ثمّ أناب (34)}
{فتنّا}: امتحنا.
{وألقينا على كرسيّه جسدا} : جاء في التفسير : أنه كان لسليمان ابن فخاف عليه الشياطين؛ لأن الشياطين كانت تقدر الراحة مما كانت فيه بموت سليمان، فقالت: إن بقي له ولد لم ننفكّ مما نحن فيه، فغذاه في السحاب إشفاقا عليه , فمات. فألقى على كرسيه جسد، فجائز أن يكون هذا مجازاته على ذنبه، وجائز أن يكون , فأثكله اللّه ولده.
وأكثر ما جاء في التفسير أن " جسدا " : ههنا شيطان، وأن سليمان أمر ألا يتزوج امرأة إلا من بني إسرائيل، فتزوج من غيرهم امرأة كانت تعبد غير اللّه، فعاقبه اللّه بأن سلبه ملكه , وكان ملكه في خاتمه , فدفعه عند دخوله الحمام إلى شيطان، وجاء في التفسير أنه يقال له : صخر، فطرحه في البحر , فمكث أربعين يوما يتيه في الأرض حتى وجد الخاتم في بطن سمكة.
وكان شيطان تصور في صورته , وجلس مجلسه، وكان أمره ينفذ في جميع ما كان ينفذ فيه أمر سليمان، خلا نساء سليمان، إلى أن ردّ اللّه عليه ملكه.
قال:
{فغفرنا له ذلك}: أي ذلك الذنب.
{وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}: حسن مرجع.). [معاني القرآن: 4/332]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب}
قد رويت في ذلك أخبار :-
- منها أن شيطانا غلب على ملكه أياما
- ومنها أن الشياطين قتلت ابنه خوفا من أن يملكهم بعده , وألقته على كرسيه , والله اعلم بما كان من ذلك .
والكلام يوجب : أنه أزيل ملكه , فجلس آخر على كرسيه.).
[معاني القرآن: 6/113-114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}: قيل صنماً , وقيل: شيطاناً.) [تفسير المشكل من غريب القرآن: 211]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لاّ ينبغي لأحدٍ مّن بعدي...}
, فيريد سخرة الريح , والشياطين.).
[معاني القرآن: 2/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({هب لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي }: لا يكون لأحد من بعدي.
قال أبو عبيدة: قال الحجاج: إن كان لحسوداً، قال ابن أحمر:
ما أم غفرٍ على دعجاء ذي عللق= ينفي القراميد عنها الأعصم الوقل
في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة= لا يبتغي دونها سهل ولا جبل
لا يبتغي أي لا يكون فوقها سهل, ولا جبل أحصن منها.).
[مجاز القرآن: 2/183]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قال ربّ اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنّك أنت الوهّاب (35)}
أي : هب لي ملكا يكون فيه آية تدل على نبوتي، لا ينبغي لأحد من بعدي من الآدميين الذين ليسوا بأنبياء، يكون له آية تدل على أنك غفرت لي , ورددت إليّ نبوتي, والدليل على هذا قوله:
{فسخّرنا له الرّيح تجري بأمره رخاء حيث أصاب (36) }.) [معاني القرآن: 4/332-333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي}
أي : أعطني فضيلة , ومنزلة , كما قال إبراهيم
{رب أرني كيف تحيي الموتى} ). [معاني القرآن: 6/114-115]

تفسير قوله تعالى:{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {رخاء حيث أصاب...}
والرخاء: الريح الليّنة التي لا تعصف, وقوله:
{حيث أصاب}: حيث أراد.). [معاني القرآن: 2/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({بأمره رخاءً }: أي رخوة لينة , وهي من الرخاوة.
{حيث أصاب}: حيث أراد , يقال: أصاب الله بك خيراً , أي: أراد الله بك خيراً.). [مجاز القرآن: 2/183]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فسخّرنا له الرّيح تجري بأمره رخاء حيث أصاب}
وقال:
{رخاء} , فانتصاب {رخاءً} - والله أعلم - على {رخّيناها رخاءً}.). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({رخاء}: لينة رخوة). [غريب القرآن وتفسيره: 323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {رخاءً}: أي: رخوة لينة حيث أصاب, أي: حيث أراد من النواحي.
قال الأصمعي: العرب تقول: أصاب الصواب، فأخطأ الجواب, أي: أراد الصواب.).
[تفسير غريب القرآن: 380]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({فسخّرنا له الرّيح تجري بأمره رخاء حيث أصاب (36)}
{رخاء}: لينة، وقيل {تجري بأمره}: ليست بشديدة كما يحب.
{حيث أصاب}: إجماع المفسرين , وأهل اللّغة: أنه حيث أراد، وحقيقته قصد، وكذلك قولك للمجيب في المسألة: أصبت، أي: قصدت، فلم تخطئ الجواب.). [معاني القرآن: 4/333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب}
قال قتادة : (الرخاء : اللينة).
قال الحسن: الرخاء : (ليست بعاصفة , ولا هينة , بين ذلك) .
وروى علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس في قوله تعالى:
{رخاء حيث أصاب}, قال : (مطيعة : حيث أراد) .
حكى الأصمعي : أصاب الصواب , فأخطأ الجواب, أي: أراد الصواب .
وحقيقته في اللغة : أنه بمعنى قصد من قولهم: أصبت , أي قصدت : فلم تخطئ.).
[معاني القرآن: 6/115]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {رخاء}: أي: ساكنة, {حيث أصاب}: أي: حيث أراد.
قال: والعرب تقول: أصاب الصواب، وأخطأ الجواب، أي: أراد الصواب، فأخطأ الجواب).
[ياقوتة الصراط: 440-441]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رُخَاء}: أي: رخوة لينة, {حَيْثُ أَصَابَ} : أي : حيث أراد.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رُخَاء}: لينةً.).[العمدة في غريب القرآن: 259]

تفسير قوله تعالى: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({والشّياطين كلّ بنّاء وغوّاص (37)}
{الشّياطين} : نسق على الريح.
وقوله :
{كلّ بنّاء وغوّاص}: يدل على أنه من الشياطين.
المعنى : وسخرنا له كل بناء من الشياطين , وكل غواص, وكان من يبني:
{يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل} , وكان من يغوص يخرجون له الحلية من البحر.). [معاني القرآن: 4/333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {والشياطين كل بناء وغواص}
أي: من يبني له المحاريب والتماثيل , ومن يغوص في البحر , فيخرج الحلية.).
[معاني القرآن: 6/116]

تفسير قوله تعالى:{وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الأصفاد }: الأغلال , واحدها: صفد، والصفد أيضاً الغطاء , قال الأعشى:
= وأصفدني على الزّمانة قائداً
وبعضهم يقول : صفدني.).
[مجاز القرآن: 2/183]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الأصفاد}: الأغلال، في التفسير). [تفسير غريب القرآن: 380]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وآخرين مقرّنين في الأصفاد (38)}: مردة الجن الشياطين، سخروا له حتى قرنهم في الأصفاد.
والأصفاد السلاسل من الحديد، , وكل ما شددته شدّا وثيقا بالحديد وغيره، فقد صفدته , وكل من أعطيته عطاء جزيلا. فقد أصفدته كأنك أعطيته ما ترتبط به، كما تقول للمتخذ مالا أصلا يبقى عليه: قد اتخذت عقدة جيدة.).
[معاني القرآن: 4/333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وآخرين مقرنين في الأصفاد}
قال قتادة : (أي: في الأغلال).
قال أبو جعفر : يقال صفدت الرجل إذا شددته , وأصفدته : أعطيته.).
[معاني القرآن: 6/116]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حسابٍ...}.
يقول : فمنّ به , أي: أعط، أو أمسك، ذاك إليك.
وفي قراءة عبد الله :
{هذا فامنن أو أمسك عطاؤنا بغير حساب}: مقدّم , ومؤخّر.). [معاني القرآن: 2/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ أو أمسك بغير حسابٍ }: سبيلها سبيلان:
فأحدهما بغير جزاء .
والآخر بغير ثواب , وبغير منة , ولا قلةٍ.).
[مجاز القرآن: 2/184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك}: أي فأعط , أو أمسك. كذلك قيل في التفسير سورة المدثر.
ومثله:
{ولا تمنن تستكثر}: أي : لا تعط , لتأخذ من المكافأة أكثر مما أعطيت.
قال الفراء: أراد: هذا عطاؤنا، فمن به في العطية, أراد: انه إذا أعطاه , فهو منّ, فسمّي العطاء مناً.).
[تفسير غريب القرآن: 380]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ}، أي فأعط أو أمسك.
وقوله: {بِغَيْرِ حِسَابٍ} مردود إلى قوله: هذا عطاؤنا بغير حساب). [تأويل مشكل القرآن: 184] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب (39)}
{هذا عطاؤنا فامنن}: أي : أطلق من شئت منهم.
{هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب}: {أو أمسك}, أو احبس من شئت , ولا حساب عليك في حبسه.
وجائز أن يكون عطاؤنا ما أعطيناك من المال , والكثرة , والملك.
فامنن، أي : فاعط منه.
{أو أمسك بغير حساب}: بغير منة عليك، وإن شئت بغير حساب بغير جزاء.). [معاني القرآن: 4/333-334]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {هذا عطاؤنا أو أمسك بغير حساب}
قال الحسن , والضحاك: (هذا عطاؤنا : الملك فأعط, وأمنع) .
وقال قتادة : (هؤلاء الشياطين, فاحبس من شئت , وسرح من شئت).
وعن ابن عباس : (كان له ثلاثمائة امرأة , وتسعمائة سرية
{هذا عطاؤنا } ).
قال أبو جعفر , وأولاها الأول ؛ لأن الأول مشتمل على كل ما أعطي , وهو عقيب تلك الأشياء.
وروى سفيان , عن أبيه, عن عكرمة , عن ابن عباس :(
{فامنن }: أي: أعط , {أو أمسك بغير حساب}: أي: أمسك, فليس عليك حساب).
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد :
{بغير حساب }: (أي: بغير حرج) .
وقال الحسن: (ليس أحد ينعم عليه بنعمة إلا وهو يحاسب عليها إلا سليمان , ثم قرأ :
{هذا عطاؤنا }:أي: بغير تقتير) .
ويجوز أن يكون بمعنى : لا يحاسب عليه.).
[معاني القرآن: 6/116-118]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (40) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}
قال قتادة: (أي حسن مصير).). [معاني القرآن: 6/118]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 ذو القعدة 1431هـ/24-10-2010م, 09:11 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 41 إلى 64]

{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (48) هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54) هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ (59) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64)}

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بنصبٍ وعذابٍ...}.
اجتمعت القراء على ضمّ النون من (نصبٍ) وتخفيفها, وذكروا أن أبا جعفر المدنيّ قرأ
{بنصبٍ وعذابٍ} ينصب النون والصاد, وكلاهما في التفسير واحد.
وذكروا أنه المرض , وما أصابه من العناء فيه.
والنّصب والنّصب : بمنزلة الحزن والحزن، والعدم والعدم، والرّشد والرشد، والصّلب والصّلب: إذا خفّف ضمّ أوله , ولم يثقّل ؛ لأنهم جعلوهما على سمتين: إذا فتحوا أوّله ثقّلوا، وإذا ضمّوا أوله خفّفوا، قال: وأنشدني بعض العرب:
لئن بعثت أم الحميدين مائرا = لقد غنيت في غير بؤسٍ ولا جحد
والعرب تقول: جحد عيشهم جحداً إذا ضاق واشتدّ، فلمّا قال: جحد , وضمّ أوله خفّف, فابن على ما رأيت من هاتين اللغتين).
[معاني القرآن: 2/405-406]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (
{ بنصبٍ وعذابٍ } قال بشر بن أبي خازم:
= تعنّاك نصبٌ من أميمة منصبٌ=
أي: بلاء وشر , وقال النابغة:
كليني لهمّ يا أميمة ناصب= وليل أقاسيه بطيءٍ الكواكب
تقول العرب: أنصبني , أي: عذبني , وبرح بي , وبعضهم يقول: نصبني , والنصب إذا فتحت , وحركت حروفها كانت من الأعياء.
والنصب إذا فتح أولها , وأسكن ثانيها واحدة : أنصاب الحرم , وكل شيء نصبته , وجعلته علماً يقال: لا نصبنك نصب العود.).
[مجاز القرآن: 2/184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({بنصب}: أي ببلاء وشر).[غريب القرآن وتفسيره: 323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( (النّصب) , والنصب واحد - مثل حزن وحزن - وهو: العناء والتعب.
وقال أبو عبيدة النّصب: الشر. والنصب الإعياء).
[تفسير غريب القرآن: 380]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {واذكر عبدنا أيّوب إذ نادى ربّه أنّي مسّني الشّيطان بنصب وعذاب (41)}
(عبدنا) منصوب بوقوع الفعل عليه، و (أيّوب) بدل من (عبدنا)؛ لأن أيوب هو الاسم الخاص، والاسم الخاص لا يكون نعتا , إنما يكون بدلا مبيّنا بـ (نصب) , ونصب بفتح النون والصاد، ونصب بضم النون بمعنى واحد , وقد قرئت بنصب بضم النون وإسكان الصاد، وقرئت بفتح النون وإسكان الصاد.
ونصب بفتح النون والصاد بمنزلة نصب بضم النون، والنّصب والنّصب: بمنزلة الرّشد والرّشد، والبّخل والبّخل والعرب والعرب.
والنّصب بفتح النون وإسكان الصاد على أصل المصدر.
والنّصب والنصب على معنى : نصبت نصبا ونصبا, ونصبا على أصل المصدر.
ومعنى
{بنصب وعذاب} : بضرّ في بدني، وعذاب في مالي وأهلي , ويجوز أن يكون بضرّ في بدني , ووعذاب فيه.
وروي أنه مكث أيوب عليه السلام سبع سنين مبتلى يسعى الدّود من بدنه، فنادى ربّه:
{أنّي مسّني الضّرّ وأنت أرحم الرّاحمين}). [معاني القرآن: 4/334]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب}
ويروى عن الحسن , والجحدري , وأبي جعفر بنصب بفتح النون والصاد .
وهما عند أكثر أهل اللغة بمعنى واحد , كما يقال: حزن وحزن، إلا أن القتبي حكى: أن أبا عبيدة قال: النصب الشر , والنصب : الإعياء .
قال أبو جعفر : يقال أنصبه ينصبه إذا عذبه وآذاه ومنه:
= كليني لهم يا أميمة ناصب=
قال أبو جعفر : وأحسن ما قيل في معنى :
{أني مسني الشيطان بنصب وعذاب }
ما رواه يوسف بن مهران , عن ابن عباس قال : (لما أصاب أيوب البلاء , أخذ إبليس تابوتا , وقعد على الطريق يداوي الناس , فجاءته امرأة أيوب فقالت : أتداوي رجلا به علة كذا وكذا ؟.
فقال: نعم , بشرط واحد على أني إذا شفيته , قال لي: أنت شفيتني , لا أريد منه أجرا غير هذا .
فجاءت امرأة أيوب إلى أيوب , فأخبرته , فقال لها: ذاك الشيطان , والله لئن برأت , لأضربنك مائة , فلما برأ, أخذ شمراخا فيه مائة , فضربها به ضربة)
.
قال أبو جعفر : فمعنى النصب على هذا : هو ما ألقاه إليه , أي: يكون شيئا وسوس به , فأما قول من قال : إن النصب ما أصابه في بدنه , والعذاب ما أصابه في ماله , فبعيد .
قال مجاهد , عن ابن عباس : (ضربها بالأسل) .
قال قتادة: (أخذ عودا فيه تسعة وتسعون عودا , وهو تمام المائة , فضربها به) .
قال مجاهد: (هذا له خاص).
وقال عطاء : (هذا لجميع الناس).
قال أبو جعفر : البين من هذا أنه خاص ؛ لأنه قال :
{ولا تحنث}: فأسقط عنه الحنث , وقال الله جل وعز: {فاجلدوهم ثمانين جلدة} : ومن جلد بشمراخ فيه مائة , فإنما جلد جلدة واحدة.) [معاني القرآن: 6/118-122]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({نُصْبٍ}: أي: بشر , والنصب بالفتح : الإعياء , وقيل: واحد, وقيل: معناها: الإعياء والتعب.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {نُصْبٍ}: ببلاء). [العمدة في غريب القرآن: 259]

تفسير قوله تعالى:{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ اركض برجلك }: وهو مختصر , والركض : هو الدفع بالرجل , وهي حركة الرجل، يقال: ركضني الدابة , ويقال: لم تركض ثوبك برجلك.
{ هذا مغتسلٌ باردٌ }: وضوءٌ غسول , وهو ما اغتسلت به من الماء.
{وشرابٌ }: أي: وتشرب من, ه والموضع الذي يغتسل فيه : يسمى مغتسلاً.). [مجاز القرآن: 2/185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {اركض برجلك}: أي: اضرب الأرض برجلك, ومنه : ركضت الفرس, و(المغتسل): الماء. وهو: الغسول أيضاً.). [تفسير غريب القرآن: 380]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب (42)}
المعنى قلنا له: اركض برجلك: معناه دس الأرض برجلك , فداس الأرض دوسة خفيفة، فنبعت له عين , فاغتسل منها , فذهب الداء من ظاهر بدنه، ثم داس دوسة ثانية , فنبع ماء فشرب منه , فغسلت الداء من باطن بدنه).
[معاني القرآن: 4/334]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ارْكُضْ بِرِجْلِكَ}: أي : أضرب الأرض برجلك.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 211]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منّا وذكرى لأولي الألباب (43)}
قيل:
ووهبنا له أهله : أعطيناه في الآخرة ثواب فقدهم، ووهبنا له في الدنيا مثلهم، وقيل: أحيي له أهله، ووهب له مثلهم.
{رحمة منّا}: (رحمة) منصوبة مفعول لها.
{وذكرى لأولي الألباب}: لذوي العقول، ومعنى {وذكرى لأولي الألباب}: إذا ابتلي اللبيب , ذكر بلاء أيوب فصبر.). [معاني القرآن: 4/335]

تفسير قوله تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ضغثاً...}
والضّغث: ما جمعته من شيء؛ مثل حزمة الرطبة، وما قام على ساقٍ , واستطال, ثم جمعته , فهو ضغث.).
[معاني القرآن: 2/406]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وخذ بيدك ضغثاً }: وهو ملء الكف من الشجر , أو الحشيش , والشماريخ , وما أشبه ذلك , قال عوف بن الخرع:
وأسفل مني نهدةً قد ربطتها = وألقيت ضغثاً من خليً متطيّب.).
[مجاز القرآن: 2/185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الضغث}: الأسل). [غريب القرآن وتفسيره: 323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (و(الضغث): الحزمة من الخلى , والعيدان.).[تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنّا وجدناه صابرا نعم العبد إنّه أوّاب (44)}
المعنى : وقلنا خذ بيدك, والضغث: الحزمة من الحشيش , أو الريحان , أو ما أشبه ذلك.
وجاء في التفسير: أن امرأة أيوب قالت له: لو تقربت إلى الشيطان , فذبحت له عناق.
قال : ولا كفّا من تراب، وحلف أن يجلدها إذا عوفي مائة جلدة, وشكر الله لها خدمتها إيّاه , فجعل تحلة يمينه أن يأخذ حزمة فيها مائة قضيب , فيضربها ضربة واحدة.
فاختلف النّاس , فقال قومه: ذا لأيوب - عليه السلام - خاصّة, وقال قوم: هذا لسائر الناس.
{أوّاب}: كثير الرجوع إلى اللّه.). [معاني القرآن: 4/335]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب}
ويروى عن الحسن , والجحدري , وأبي جعفر بنصب بفتح النون والصاد , وهما عند أكثر أهل اللغة بمعنى واحد , كما يقال حزن وحزن إلا أن القتبي حكى: أن أبا عبيدة قال: النصب الشر , والنصب : الإعياء .
قال أبو جعفر : يقال أنصبه ينصبه إذا عذبه وآذاه ومنه:
= كليني لهم يا أميمة ناصب
قال أبو جعفر : وأحسن ما قيل في معنى :
{أني مسني الشيطان بنصب وعذاب }
ما رواه يوسف بن مهران , عن ابن عباس قال : (لما أصاب أيوب البلاء , أخذ إبليس تابوتا , وقعد على الطريق يداوي الناس , فجاءته امرأة أيوب فقالت : أتداوي رجلا به علة كذا وكذا ؟.
فقال: نعم , بشرط واحد على أني إذا شفيته , قال لي: أنت شفيتني , لا أريد منه أجرا غير هذا .
فجاءت امرأة أيوب إلى أيوب , فأخبرته , فقال لها: ذاك الشيطان , والله لئن برأت , لأضربنك مائة , فلما برأ, أخذ شمراخا فيه مائة , فضربها به ضربة)
.
قال أبو جعفر : فمعنى النصب على هذا : هو ما ألقاه إليه , أي: يكون شيئا وسوس به , فأما قول من قال : إن النصب ما أصابه في بدنه , والعذاب ما أصابه في ماله , فبعيد .
قال مجاهد , عن ابن عباس : (ضربها بالأسل) .
قال قتادة: (أخذ عودا فيه تسعة وتسعون عودا , وهو تمام المائة , فضربها به) .
قال مجاهد: (هذا له خاص) .
وقال عطاء : (هذا لجميع الناس).
قال أبو جعفر : البين من هذا أنه خاص , لأنه قال :
{ولا تحنث}: فأسقط عنه الحنث , وقال الله جل وعز: {فاجلدوهم ثمانين جلدة} : ومن جلد بشمراخ فيه مائة , فإنما جلد جلدة واحدة.)[معاني القرآن: 6/118-122] (م)
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (ضغثا) أي: باقة من كل شيء، من قضبان، من ريحان، من عيدان). [ياقوتة الصراط: 441]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الضغث): الحزمة من الخلى أو العيدان.
أمر : أن يضرب امرأته بقبضة من خلى , أو عيدان فيبر في يمينه التي حلف عليها ليضربنها إذ كان في القبضة من العيدان , ما حلف عليه , وهذا لأيوب عليه السلام خاصةً عند العلماء.).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الضِغْث): الأسبل قبضة.).[العمدة في غريب القرآن: 260]

تفسير قوله تعالى:{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واذكر عبادنا...}
قرأت القراء :
{عبادنا} يريدون: إبراهيم , وولده .
وقرأ ابن عباس:
{واذكر عبدنا إبراهيم} , وقال: (إنما ذكر إبراهيم, ثم ذكرت ذريّته من بعده, ومثله: {قالوا نعبد إلهك وإله أبيك}) , على هذا المذهب في قراءة ابن عباس, والعامّة : {آبائك} , وكلّ صواب.
وقوله:
{أولي الأيدي والأبصار} : يريد: أولي القوّة والبصر في أمر الله, وهي في قراءة عبد الله:{أولي الأيد} بغير ياء، فقد يكون له وجهان, إن أراد: الأيدي , وحذف الياء , فهو صواب؛ مثل: {الجوار} و{المناد}، وأشباه ذاك, وقد يكون في قراءة عبد الله : من القوّة , من التأييد).[معاني القرآن: 2/406-407]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أولي الأيدي والأبصار}: قالوا: أولي النعم والبصائر.
يقال: لي عندك يد أي نعمة.
ومن قرأ {الأيد} بغير ياء فزعموا أنه بمعنى القوة {والأبصار}: قالوا العقول أيضا).[غريب القرآن وتفسيره: 323-324]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار (45)}
{واذكر عبدنا},{وعبادنا}, من قال :{عبادنا} : جعل إبراهيم , وإسحاق , ويعقوب بدلا من عبادنا.
ومن قرأ :
{عبدنا }: جعل إبراهيم وحده البدل، وجعل إسحاق , ويعقوب عطفا على قوله :{عبدنا}.
وقوله:
{أولي الأيدي} : وقرئت الأيد بغير ياء , ومعنى أولي الأيدي : أولي القوة في العبادة.
(والأبصار): أي : هم ذوو بصيرة فيما يقرب إلى اللّه, وقد يقول للقوم: لهم أيدي بهؤلاء , أي: هم قادرون عليهم.
قال الشاعر:
اعمد لما تعلو فما لك بالذي = لا تستطيع من الأمور يدان
أي : أعمد لما تقهر , ولا تعمد لما تقهر فيه، أي: فما لك قوة.
من قرأ :
{أولي الأيد }: بغير ياء , فمعناه من التأييد , والتقوية على الشيء.).[معاني القرآن: 4/336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار}
روى علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس :
{أولي الأيدي }, قال: (القوة , والعبادة , والأبصار, قال: (الفقه في دين الله جل وعز) .
قال أبو جعفر : واحد الأيدي: يد , واليد: تقع للقوة .
وفي قراءة عبد الله بن مسعود : (أولي الأيد , بلا ياء) .
وهذا بين من قولهم : أيده إذا قواه).
[معاني القرآن: 6/122-123]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَيْدِي}: النعم , {الْأَبْصَارِ}: البصائر.).[العمدة في غريب القرآن: 260]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدّار...}
فردّ
{ذكرى الدّار}, وهي معرفة على (خالصةٍ) وهي نكرة, وهي كقراءة مسروق : {بزينةٍ الكواكب}, ومثله قوله: {هذا وإنّ للطّاغين لشرّ مآبٍ جهنّم يصلونها}: فردّ جهنّم , وهي معرفة على:{شرّ مآبٍ} وهي نكرة, وكذلك قوله: {وإنّ للمتّقين لحسن مآبٍ جنّات عدنٍ مفتّحة} , والرفع في المعرفة كلّها جائز على الابتداء, أنشدني بعض العرب:
لعمرك ما نخلى بدار مضيعةٍ = ولا ربّها إن غاب عنها بخائف
وإن لها جارين لن يغدرا بها = ربيب النبي وابن خير الخلائف
فرفع على الابتداء.
وقد قرأ أهل الحجاز
{بخالصة ذكرى الدار} أضافوها, وهو وجه حسنٌ, ومنه: {كذلك يطبع الله على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ} .
ومن قال:
{قلبٍ متكبّرٍ}: جعل القلب : هو المتكبر.). [معاني القرآن: 2/407]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إنا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدّار}: تنوين خالصةٍ عمل في { ذكرى}.). [مجاز القرآن: 2/185]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدّار (46)}
ويقرأ : بخالصة ذكرى الدار : على إضافة خالصة إلى ذكرى , ومن قرأ بالتنوين جعل : ذكرى الدار بدلا من خالصة.
ويكون المعنى : إنا أخلصناهم بذكرى الدّار.
ومعنى الدار ههنا : الدار الآخرة.
وتأويله يحتمل وجهين:
أحدهما: إنا أخلصناهم جعلناهم لنا خالصين، بأن جعلناهم يذكرون بالدار الآخرة، ويزهّدون في الدنيا، وكذلك شأن الأنبياء صلوات اللّه عليهم.
ويجوز: أن يكون بأنهم يكثرون ذكر الآخرة , والرجوع إلى الله جلّ وعزّ.).
[معاني القرآن: 4/336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار}
قال قتادة : (أي: يذكرون بالآخرة , وبطاعة الله جل وعز) .
قال أبو جعفر: وهذا قول بين , أي: إنهم يزهدون في الدنيا , ويرغبون في الآخرة, وكذا الأنبياء صلى الله عليهم وسلم .
وقال الضحاك: (أي : بخوف الآخرة) .
قال أبو جعفر : والمعنى على هذا القول : أنهم يذكرون الآخرة , ويرغبون فيها , ويزهدون في الدنيا .
وهذا القول : ظاهر معنى الكلمة , وقد يكون من صفتهم أيضا : الترغيب في الآخرة.
وهذان التأويلان على قراءة من قرأ بالتنوين , ومن أضاف , قال معناه : أخلصناهم بأفضل ما في الآخرة , هذا قول ابن زيد.
والمعنى على هذا القول: أنهم يذكرون بالآخرة , ويرغبون فيها , ويزهدون في الدنيا .
وفي القراءة بالإضافة قول آخر , وهو قول مجاهد : (يكون المعنى : إنا أخلصناهم بأن ذكرنا الجنة لهم).).
[معاني القرآن: 6/124]

تفسير قوله تعالى:{وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الأخيار }: والخيار واحد , مثل: الشرار , والأشرار.).[مجاز القرآن: 2/185]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإنّهم عندنا لمن المصطفين الأخيار (47)}
أي : الذين اتخذهم اللّه صفوة، صفاهم من الأدناس كلّها , وأخلصهم منها.).
[معاني القرآن: 4/336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار}
أي: هم مصطفون من الذنوب , والأدناس.).
[معاني القرآن: 6/124-125]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (48)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واذكر إسماعيل واليسع...}
قرأه أصحاب عبد الله بالتشديد, وقرأه العوامّ
{اليسع} بالتخفيف, والأوّل أشبه بالصّواب, وبأسماء الأنبياء من بني إسرائيل...
- حدثني محمد بن عبد العزيز التيمي , عن مغيرة , عن إبراهيم أنه قرأ
{واللّيسع} بالتشديد, وأما قولهم: {واليسع} , فإن العرب لا تدخل على يفعل إذا كان في معنى فلانٍ ألفاً ولاماً, يقولون: هذا يسع، وهذا يعمر، وهذا يزيد, فهكذا الفصيح من الكلام, وقد أنشدني بعضهم:
وجدنا الوليد بن اليزيد مباركاً = شديداً بأحناء الخلافة كاهله
فلمّا ذكر الوليد في أول الكلمة بالألف , واللام , أتبعه يزيد بالألف , واللام , وكلّ صواب.
وقوله:
{وذا الكفل} , يقال: إنه سمّي ذا الكفل : أن مائة من بني إسرائيل انفلتوا من القتل , فآواهم وكفلهم.
ويقال: إنه كفل لله بشيء فوفى به.
والكفل في كلام العرب: الجدّ , والحظّ , فلو مدح بذلك كان وجهاً على غير المذهبين الأوّلين.).
[معاني القرآن: 2/408]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكلّ من الأخيار (48)}
ويقرأ : واللّيسع , وذا الكفل, وكان تكفل بعمل رجل صالح.
يقال: إنه كان يصلي ذلك الرجل في كل يوم مائة صلاة , فتوفّي الرجل الصالح , فتكفل ذو الكفل بعمله، فكان يعمل عمله.
ويقال : إن ذا الكفل تكفّل بأمر أنبياء , فخلّصهم من القتل , فسمّي ذا الكفل.
{وكلّ من الأخيار}:المعنى : وكل هؤلاء المذكورين من الأخيار.
والأخيار : جمع خيّر , وأخيار , مثل: ميّت , وأموات.).
[معاني القرآن: 4/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفيل وكل من الأخيار}
قال الأشعري : قيل: ذو الكفل ؛ لأنه كفل بعمل رجل صالح كان يصلي في كل يوم مائة صلاة , فأثنى الله جل وعز عليه بحسن كفالته , ولم يكن نبيا .
وقيل : كفل لبعض الملوك بالجنة , وكتب له كتابا بذلك
والكفل في اللغة: النصيب , والحظ.).
[معاني القرآن: 6/125-126]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا ذكر وإنّ للمتّقين لحسن مآب (49)}
معناه - واللّه - أعلم - : هذا شرف, وذكر جميل يذكرون به أبدا، وإن لهم مع ذلك لحسن مآب , أي: لحسن مرجع.
يذكرون في الدنيا بالجميل , ويرجعون في الآخرة إلى مغفرة اللّه).
[معاني القرآن: 4/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب} : هذا ذكر , أي: شرف , وذكر حسن في الدنيا.
ثم قال:
{ وإن للمتقين لحسن مآب}: أي: لهم مع الذكر الحسن في الدنيا , حسن مرجع في الآخرة.). [معاني القرآن: 6/126]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {جنّات عدنٍ مّفتّحةً لّهم الأبواب}
ترفع
{الأبواب} : لأن المعنى: مفتّحةً لهم أبوابها.
والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة , فيقولون: مررت على رجلٍ حسنةٍ العين , قبيحٍ الأنف , والمعنى: حسنةٍ عينه , قبيحٍ أنه, ومنه قوله:
{فإنّ الجحيم هي المأوى}.
فالمعنى - والله أعلم -: مأواه, ومثله قول الشاعر:
ما ولدتكم حيّة بنة مالك = سفاحاً وما كانت أحاديث كاذب
ولكن نرى أقدامنا في نعالكم = وآنفنا بين اللحى والحواجب
ومعناه: ونرى آنفنا بين لحاكم , وحواجبكم في الشبه, ولو قال:
{مّفتّحةً لّهم الأبواب}: على أن تجعل المفتّحة في اللفظ للجنات , وفي المعنى للأبواب، فيكون مثل قول الشاعر:
وما قومي بثعلبة بن سعدٍ = ولا بفزارة الشعر الرقابا
والشعرى : رقابا, ويروى: الشّعر الرقابا.
وقال عديّ:
من وليّ أو أخي ثقةٍ = والبعيد الشاحط الدّارا
وكذلك تجعل : معنى الأبواب في نصبها، كأنك أردت: مفتّحة الأبواب , ثم نوّنت , فنصبت, وقد ينشد بيت النابغة:
ونأخذ بعده بذناب دهرٍ = أجبّ الظهر ليس له سنام
وأجبّ الظهر).
[معاني القرآن: 2/408-409]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم بين كيف حسن ذلك المرجع , فقال:{جنّات عدن مفتّحة لهم الأبواب (50)}
(جنّات) بدل من (لحسن مآب)
ومعنى مفتحة لهم الأبواب: أي: منها.
وقال بعضهم: مفتحة لهم أبوابها , والمعنى واحد، إلا أن على تقدير العربية
{ الأبواب منها }: أجود من أن تجعل الألف واللام , وبدلا من الهاء والألف؛ لأن معنى الألف واللام , ليس معنى الهاء والألف في شيء.
لأن الهاء , والألف اسم، والألف واللام دخلتا للتعريف، ولا يبدل حرف جاء لمعنى من اسم , ولا ينوب عنه, هذا محال.).
[معاني القرآن: 4/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم بين ذلك, فقال: {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب}: أي: أبوابها.). [معاني القرآن: 6/126]

تفسير قوله تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52)}
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):(وقوله: {وعندهم قاصرات الطّرف أترابٌ}
مرفوعة لأنّ
{قاصرات} نكرة , وإن كانت مضافة إلى معرفة؛ ألا ترى أن الألف واللام يحسنان فيها , كقول الشاعر:
من القاصرات الطرف لو دبّ محول= من الذرّ فوق الإتب منها لأثّرا
(الإتب: المئزر) : فإذا حسنت الألف واللام في مثل هذا , ثم ألقيتها , فالاسم نكرة, وربما شبّهت العرب لفظه بالمعرفة لما أضيف إلى الألف واللام، فينصبون نعته إذا كان نكرة.
فيقولون: هذا حسن الوجه قائماً وذاهباً, ولو وضعت مكان الذاهب والقائم نكرة فيها مدح أو ذمّ , آثرت الإتباع.
فقلت: هذا حسن الوجه موسر، لأن اليسارة مدح.
ومثله قول الشاعر:
ومن يشوه يوم فإن وراءه = تباعة صيّاد الرّجال غشوم
قال الفراء: (ومن يشوه): أي: يأخذ شواه وأطايبه, فخفض الغشوم لأنه مدح، ولو نصب لأنّ لفظه نكرة , ولفظ الذي هو نعت له معرفة كان صوابا؛ كما قالوا: هذا مثلك قائماً، ومثلك جميلاً.).
[معاني القرآن للفراء: 2/409-410]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ أترابٌ }: أسنان , واحدها : ترب.). [مجاز القرآن: 2/185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أتراب}: أسنان واحدها ترب). [غريب القرآن وتفسيره: 324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أترابٌ}: أسنان واحدة). [تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وعندهم قاصرات الطّرف أتراب (52)}
يعني : حورا قد قصرن طرفهن على أزواجهن , فلا ينظرن إلى غيرهم.
{أتراب}: أقران، {وكواعب أتراب} : أي: أسنانهن واحدة، وهن في غاية الشباب والحسن.). [معاني القرآن: 4/337-338]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وعندهم قاصرات الطرف أتراب}
روى سعيد , عن قتادة قال : (قصرن طرفهن على أزواجهن , فلا يردن غيرهم) .
قال أبو جعفر , وأنشد أهل اللغة:
من القاصرات الطرف لو دب محول = من الذر فوق الأتب منها لأثرا
الإتب : الجلد
ثم قال تعالى:
{أتراب}
قال قتادة : (على سن واحدة) .
قال مجاهد : (أي: أمثال).
وحكى السدي : (متواخيات, لا يتعادين , ولا يتغايرن).).
[معاني القرآن: 6/126-127]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {قاصرات الطرف}: أي: غاضات الطرف، إلا عن أزواجهن). [ياقوتة الصراط: 441-442]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَتْرَابٌ}: على سن واحد). [العمدة في غريب القرآن: 260]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا ما توعدون ليوم الحساب (53)}
أي: ليوم تجزى كل نفس بما عملت.).
[معاني القرآن: 4/338]

تفسير قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن نعيم أهل الجنة غير منقطع , فقال:{إنّ هذا لرزقنا ما له من نفاد (54)}
أي: ماله من انقطاع.).
[معاني القرآن: 4/338]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن هذا لرزقنا ماله من نفاد}, أي: انقطاع.
قال السدي: (كلما أخذ منه شيء , عاد مثله)).
[معاني القرآن: 6/127-128]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا وإنّ للطّاغين لشرّ مآب (55)}
المعنى: الأمر هذا, فهذا رفع خبر الابتداء المحذوف، وإن شئت كان هذا رفعا بالابتداء , والخبر محذوف، وجهنم بدل من
{شرّ مآب}: أي: شر مرجع.). [معاني القرآن: 4/338]

تفسير قوله تعالى: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56)}
تفسير قوله تعالى: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عزّ وجل: {فليذوقوه حميمٌ وغسّاقٌ}
رفعت الحميم والغسّاق بهذا مقدّماً ومؤخراً.
والمعنى : هذا حميم وغسّاق فليذوقوه, وإن شئت جعلته مستأنفا، وجعلت الكلام قبله مكتفياً؛ كأنك قلت: هذا فليذوقوه، ثم قلت: منه حميم ومنه غسّاق .
كقول الشاعر:
حتّى إذا ما أضاء الصّبح في غلسٍ = وغودر البقل ملوي ومحصود
ويكون (هذا) في موضع رفعٍ، وموضع نصبٍ, فمن نصب أضمر قبلها ناصباً , كقول الشاعر:
زيادتنا نعمان لا تحرمنّها = تق الله فينا والكتاب الذي تتلو
ومن رفع , رفع بالهاء التي في قوله:
{فليذوقوه} , كما تقول في الكلام: الليل فبادروه , واللّيل.
والغساق تشدّد سينه , وتخفّف شدّدها يحيى بن وثّاب , وعامّة أصحاب عبد الله، وخفّفها الناس بعد.
وذكروا: أنّ الغسّاق بارد يحرق كإحراق الحميم.
ويقال: إنه ما يغسق , ويسيل من صديدهم , وجلودهم.).
[معاني القرآن: 2/410]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({والغساق}: يثقل ويخفف، ويقال إنها مثل القرحة التي تنفطت وهو من لغة أهل الحجاز). [غريب القرآن وتفسيره: 324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( (الغساق): ما يسيل من جلود أهل النار , وهو الصديد.
يقال: غسقت عينه، إذا سالت, ويقال: هو البارد المنتن.).
[تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا فليذوقوه حميم وغسّاق (57)}: بتشديد السين , وتخفيفها، وحميم رفع من جهتين:
إحداهما : على معنى هذا حميم وغسّاق ؛ فليذوقوه.
ويجوز أن يكون (هذا) على معنى تفسير هذا :
{فليذوقوه}, ثم قال بعد :{حميم وغسّاق}.
ويجوز أن يكون (هذا) في موضع نصب على هذا التفسير, ويجوز أن يكون في موضع رفع.
فإذا كان في موضع نصب فعلى: " فليذوقوا هذا " , فليذوقوه.
كما قال:
{وإيّاي فاتّقون}, ومثل ذلك زيدا , فاضربه.
ومن رفع , فبالابتداء , ويجعل الأمر في موضع خبر الابتداء، مثل:
{والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما}.
وقيل إن معنى (غساق) : الشديد البرد الذي يحرق من برده، وقيل : إن الغساق: ما يغسق من جلود أهل النار.
ولو قطرت منه قطرة في المشرق , لأنتنت أهل المغرب, وكذلك لو سقطت في المغرب.).
[معاني القرآن: 4/338-339]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {هذا فليذوقوه حميم وغساق}
يجوز أن يكون المعنى : هذا حميم وغساق , فليذوقوه .
ويجوز أن يكون المعنى : هذا فليذوقوه منه حميم , ومنه غساق , كما قال الشاعر:
لها متاع وأعوان غدون لها = قتب وغرب إذا ما أفرغ انسحقا
قال قتادة : (كنا نحدث: أن الغساق ما يسيل من بين الجلد , واللحم) .
قال الفراء : وهو مذهب الضحاك. قيل: الغساق، شيء بارد يحرق كما يحرق الحميم .
قال أبو جعفر : قول قتادة أولى ؛ لأنه يقال: غسقت عينه إذا سالت .
وقال ابن زيد : الحميم : دموع أعينهم يجمع في حياض النار يسقونه .
والغساق : الصديد الذي يخرج من جلودهم , والاختيار على ذلك : غساق حتى يكون مثل سيال.).
[معاني القرآن: 6/129]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والغساق): ما يسيل من جلود أهل النار من الصديد.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 212]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الغَسَّاقٌ}: الأسود.). [العمدة في غريب القرآن: 260]

تفسير قوله تعالى: {وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وآخر من شكله أزواجٌ}
قرأ الناس :
{وآخر من شكله} إلاّ مجاهداً فإنه قرأ : (وأخر) : كأنه ظنّ أن الأزواج لا تكون من نعتٍ واحدٍ.
وإذا كان الاسم فعلاً , جاز أن ينعت بالاثنين والكثير, كقولك في الكلام: عذاب فلان ضروب شتّى , وضربان مختلفان, فهذا بيّن.
وإن شئت جعلت الأزواج نعتاً للحميم وللغساق , ولآخر، فهنّ ثلاثة، وأن تجعله صفة لواحد أشبه، والذي قال مجاهد: (جائز، ولكني لا أستحبّه ؛ لاتّباع العوامّ , وبيانه في العربيّة).).
[معاني القرآن: 2/411]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({من شكله}: من ضربه .
ما أنت من شكلى , ما أنت من ضربى , والشكل من المرأة : ما علقت مما تحسن به , وتشكل تغنج , قال رؤبة:
لمّا اكتست من ضرب كل شكل= صفراً وخضراً كاخضرار البقل).
[مجاز القرآن: 2/185-186]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({من شكله}: من ضربه). [غريب القرآن وتفسيره: 324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وآخر من شكله}: أي: من نحوه، {أزواجٌ} :أي: أصناف.
قال قتادة: (هو الزمهرير)).
[تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وآخر من شكله أزواج (58)}
ويقرأ (وأخر) , (وآخر) عطف على قوله :
{حميم وغسّاق}
أي: وعذاب آخر من شكله , يقول مثل ذلك الأول.
ومن قرأ : وأخر، فالمعنى : وأنواع أخر من شكله.
لأن قوله:
{أزواج}, معناه : أنواع.). [معاني القرآن: 4/339]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وآخر من شكله أزواج}
وقرأ مجاهد , وأبو عمرو بن العلاء :
{وأخر من شكله}
وأنكر أبو عمرو آخر , لقوله:
{أزواج}: أي: لا يخبر عن واحد بجماعة .
وأنكر عاصم الجحدري :{وأخر },قال : ولو كانت :وأخر : لكان من شكلها .
قال أبو جعفر : كلا الردين لا يلزم ؛ لأنه إذا قرأ : وأخر من شكله , جاز أن يكون المعنى : وأخر من شكل ما ذكرنا : وأخر من شكل الحميم , وأخر من شكل الغساق وأن يكون المعنى , وأخر من شكل الجميع .
ومن قرأ : وآخر من شكله : فقراءته حسنة لأن المعنى للفعل , وإذا كان المعنى للفعل خبر عن الواحد باثنين , وجماعة كما تقول عذاب فلان ضربان , وعذابه ضروب شتى
ويجوز أن يكون أزواج لحميم وغساق , وآخر , قال قتادة : من شكله من نحوه .
قال يعقوب : الشكل المثل , والشكل الدل.
قال عبد الله بن مسعود : (وآخر من شكله أزواج : الزمهرير) .
حدثنا محمد بن جعفر الأنباري , قال: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني , قال: حدثنا إسماعيل بن علية , عن أبي رجاء , عن الحسن في قوله:
{أزواج} , قال: (ألوان من العذاب).). [معاني القرآن: 6/129-131]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من شكله}: أي: من مثله.).[ياقوتة الصراط: 442]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ (59) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هذا فوجٌ مّقتحمٌ مّعكم...}
هي : الأمّة تدخل بعد الأمّة النار.
ثم قال:
{لا مرحباً بهم} : الكلام متّصل، كأنه قول واحدٍ.
وإنما قوله:
{لا مرحباً بهم} : من قول أهل النار، وهو كقوله: {كلّما دخلت أمّةٌ لعنت أختها}: وهو في اتّصاله, كقوله: {يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون} : فاتصل قول فرعون, بقول أصحابه.). [معاني القرآن: 2/411]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ هذا فوجٌ}: والفوج فرقة.
{لا مرحباً بهم}: تقول العرب للرجل: لا مرحباً بك , أي: لا رحبت عليك , أي: لا اتسعت , قال أبو الأسود:
إذا جئت بوّاباً له قال مرحباً= ألا مرحبٌ واديك غير مضيّق).
[مجاز القرآن: 2/186]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فوج} فرقة).[غريب القرآن وتفسيره: 324]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنّهم صالو النّار (59)}
الفوج: هم تبّاع الرؤساء , وأصحابهم في الضلالة, وقيل لهم:
{لا مرحبا} منصوب , كقولك رحبت بلادك مرحبا، وصادفت مرحبا، فأدخلت (لا) على ذلك المعنى.). [معاني القرآن: 4/339]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار}
هذا فوج : أي : جماعة , وفرقة .
مقتحم معكم : أي شيء بعد شيء.
لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار : لا مرحبا بمعنى : لا أصبت رحبا , أي سعة , بمعنى : لا اتسعت منازلهم في النار
الفراء : يذهب إلى أن الكلام معترض , وأن المعنى : قالوا لا مرحبا بهم.).
[معاني القرآن: 6/132]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {هذا فوج}: أي: جماعة، وجمعها: أفواج.).[ياقوتة الصراط: 442]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدّمتموه لنا فبئس القرار (60)}
هذا قول الأتباع للرؤساء.).
[معاني القرآن: 4/339]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالوا ربّنا من قدّم لنا هذا...}
معناه: من شرع لنا وسنّه
{فزده عذاباً ضعفاً في النّار}. ). [معاني القرآن: 2/411]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فزده عذاباً ضعفاً }: أي: مضعفاً إليه مثله.). [مجاز القرآن: 2/186]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({من قدّم لنا هذا}: أي :من سنة وشرعه.). [تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا ربّنا من قدّم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النّار (61)}
أي : زده على عذابه عذابا آخر.
ودليل هذا قوله تعالى:
{ربّنا إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا السّبيلا (67) ربّنا آتهم ضعفين}
ومعنى: صعفين , معنى : فزده عذابا ضعفاً.).
[معاني القرآن: 4/339]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار}
قال عبد الله بن مسعود : (يعني : الحيات والأفاعي).).
[معاني القرآن: 6/132]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا}:أي :سنه, وشرعه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 212]

تفسير قوله تعالى:{وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار (62) اتخذناهم سخريا}
ويقرأ:{ أتخذناهم } , على الاستفهام
وفي القراءة الأولى قولان:
أحدهما : وهو قول الفراء : أنها على التوبيخ والتعجب , قال : والعرب تأتي بالاستفهام في التوبيخ والتعجب , ولا تأتي به .
والقول الآخر , وهو قول أبي حاتم : أن المعنى , وقالوا : ما لنا لا نرى رجالا, اتخذناهم سخريا , يجعله نعتا للرجال
ومعنى سخري , وسخري عند أكثر أهل اللغة واحد إلا أبا عمرو فإنه زعم أن : سخريا يسخرون منهم , وسخريا يسخرونهم ويستذلونهم.)
[معاني القرآن: 6/133-134]

تفسير قوله تعالى: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) }
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):(وقوله: {أتّخذناهم سخريّاً...}
قال زهير , عن أبان , عن مجاهد , قال الفراء : -ولم أسمعه من زهير - :
{اتّخذناهم سخريّاً} : ولم يكونوا كذلك, فقرأ أصحاب عبد الله بغير استفهامٍ، واستفهم الحسن , وعاصم وأهل المدينة، وهو من الاستفهام الذي معناه التعجّب , والتوبيخ , فهو يجوز بالاستفهام , وبطرحه.). [معاني القرآن للفراء: 2/411]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({اتّخذناهم سخريّاً }: من فتح الأول جعلها استفهاماً, وجعل " أم " جواباً لها .
قال طرفة:
أشجاك الرّبع أم قدمه= أم رماد دراسٌ حممه
ومن لم يستفهم ففتحها على القطع ؛ فإنها خبر , ومجاز " أم " : مجاز بل , وفي القرآن:
{ أم أنا خيرٌ من هذا الّذي هو مهينٌ}: مجازها : بل أنا خير من هذا .
لأن فرعون لم يشك , فيسأل أصحابه، إنما أوجب لنفسه، ومن كسر " سخرياً " جعله من الهزء , ويسخر به , ومن ضم أولها جعله من السخرة : يتسخرونهم , ويستذلونهم.).
[مجاز القرآن: 2/186-187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أتّخذناهم سخريًّا}: أي : كنا نسخر منهم.
ومن ضم أوله: جعله من «السخرة»: أي : يتسخرونهم , ويستذلونهم, كذلك قال : أبو عبيدة.).
[تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وتكون أم بمعنى ألف الاستفهام، كقوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، أراد: أيحسدون الناس؟.
وقوله: {مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} ، أي زاغت عنهم الأبصار وألف اتخذناهم موصولة.
وكقوله: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} ، أراد: أله البنات {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} . أراد: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ}، أراد: أعندهم الغيب.
وهذا في القرآن كثير، يدلّك عليه قوله: {الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} ، ولم يتقدم في الكلام: أيقولون كذا وكذا فترد عليه: أم تقولون؟ وإنما أراد أيقولون: افتراه، ثم قال: {بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}). [تأويل مشكل القرآن: 546-547] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {أتّخذناهم سخريّا أم زاغت عنهم الأبصار (63)}
{أتّخذناهم}: يقرأ بقطع الألف , وفتحها على معنى الاستفهام , ومن وصلها كان على معننى: إنا اتخذناهم سخريّا.
ويقرأ :
{سخرياً} و {سخريا}: بالكسر , والضم, والمعنى واحد.
وقد قال قوم: إن ما كان من التسخير فهو مضموم الأول, وما كان من الهزؤ , فهو مكسور الأول.).
[معاني القرآن: 4/340]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار (62) اتخذناهم سخريا}
ويقرأ : أتخذناهم : على الاستفهام
وفي القراءة الأولى قولان:
أحدهما : وهو قول الفراء : أنها على التوبيخ والتعجب , قال: والعرب تأتي بالاستفهام في التوبيخ والتعجب , ولا تأتي به .
والقول الآخر : وهو قول أبي حاتم: أن المعنى , وقالوا : ما لنا لا نرى رجالا اتخذناهم سخريا , يجعله نعتا للرجال .
ومعنى سخري وسخري عند أكثر أهل اللغة واحد إلا أبا عمرو فإنه زعم أن سخريا : يسخرون منهم , وسخريا : يسخرونهم ويستذلونهم).
[معاني القرآن: 6/133-134] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أم زاغت عنهم الأبصار}
روى ليث , عن مجاهد , وقالوا: ما لنا لا نرى رجالا , قال: (قال أبو جهل , والوليد بن المغيرة) : ما لنا لا نرى رجالا , قال : (قالوا: أين سلمان ؟, أين خباب؟, أين بلال ؟, أين عمار ؟).
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: (أتخذناهم سخريا ؛ فأخطأنا أمرهم في النار , فزاغت أبصارنا عنهم) .
قال أبو جعفر : وهذا قول حسن ؛ لأن: أم للتسوية, فصار المعنى على قوله: أأخطأنا أم لم نخطئ , وقيل : هي بمعنى بل .
والقراءة بوصل الألف بينة حسنة).
[معاني القرآن: 6/134-135]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا}: أي: كنا نسخر منهم, أي : نهزأ بهم.
ومن ضم أوله : جعل من السخرة , أي : يسخرونهم , ويستذلونهم.).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 212]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{إنّ ذلك لحقّ تخاصم أهل النّار (64)}
أي: إن وصفنا الذي وصفناه عنهم لحق , ثم بين ما هو , فقال: هو تخاصم أهل النار، وهذا كله: على معنى : إذا كان يوم القيامة , قال أهل النار : كذا , وكذلك , كلّ شيء في القرآن مما يحكي عن أهل الجنة والنار.).
[معاني القرآن: 4/340]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1431هـ/24-10-2010م, 09:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 65 إلى آخر السورة]

{قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قل إنّما أنا منذر وما من إله إلّا اللّه الواحد القهّار (65)}
أي : قل إنك تنذر، وإنك تدعو إلى توحيد اللّه.
ولو قرئت:
{إلّا اللّه الواحد القهّار}: بالنصب لجازت , ولكنه لم يقرأ بها، فلا تقرأن بها.
ومن نصب : فعلى الاستثناء، ومن رفع : فعلى معنى : ما إله إلا اللّه.).
[معاني القرآن: 4/340]

تفسير قوله تعالى:{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {قل هو نبأ عظيم (67) أنتم عنه معرضون (68)}
أي: قل النبأ الّذي أنبأتكم به عن اللّه - عزّ وجلّ - نبأ عظيم، والذي أنبأتكم به دليل على نبوتي.
يعني : ما أنبأكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - من قصة آدم وإبليس، فإن ذلك لا يعلم إلا بقراءة الكتب , أو بوحي من اللّه، وقد علم الذين خاطبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه : لم يقرأ كتابا , ولا خطه بيمينه , ولا كان ريب فيما يخبر به أنه وحي , ثم بيّن ذلك فقال:
{ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون (69) }.). [معاني القرآن: 4/340]

تفسير قوله تعالى: {أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {قل هو نبأ عظيم (67) أنتم عنه معرضون (68)}
أي: قل النبأ الّذي أنبأتكم به عن اللّه - عزّ وجلّ - نبأ عظيم، والذي أنبأتكم به دليل على نبوتي.
يعني : ما أنبأكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - من قصة آدم وإبليس، فإن ذلك لا يعلم إلا بقراءة الكتب , أو بوحي من اللّه، وقد علم الذين خاطبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يقرأ كتابا , ولا خطه بيمينه , ولا كان ريب فيما يخبر به أنه وحي , ثم بيّن ذلك, فقال:
{ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون (69)}.).[معاني القرآن: 4/340] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون}
قال مجاهد : يعني : القرآن.).
[معاني القرآن: 6/135]

تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون (69)}
أي: ما علمت هذه الأقاصيص إلا بوحي من اللّه).
[معاني القرآن: 4/340-341]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون}
قال الحسن : (يعني الملائكة : اختصموا , كما أخبر تعالى عنهم بقوله:
{إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين} أي: حين خلق آدم عليه السلام بيده) .
قال أبو جعفر : وفي الحديث: يختصمون في الكفارات وهي:
((إسباغ الوضوء في المكاره , وانتظار الصلاة بعد الصلاة .))
قال أبو جعفر : الملأ في اللغة الأشراف الأفاضل , كأنهم مليئون بما يسند إليهم .
وقد قيل : يجوز أن يكون يعني : بالملأ الأعلى ههنا : الملائكة إذ يختصمون , يعني: قريشا ؛ لأن منهم من قال الملائكة : بنات الله جل وعز .
فأعلم الله جل وعز النبي صلى الله عليه وسلم ذلك , وأعلمه أنهم عباده , وأنهم لا يستكبرون عن عبادت, ه ولا يستحسرون .
وقيل يجوز : أن يراد بالملأ الأعلى ههنا: أشراف قريش , إذ يختصمون فيما بينهم , فيوحي الله عز وجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك , والله اعلم بما أراد.
وأولى ما قيل فيه ما قاله ابن عباس , والسدي , وقتادة : أن الملأ الأعلى ههنا الملائكة , اختصموا في أمر آدم عليه السلام حين خلق , فقالوا: لا تجعل في الأرض خليقة.).
[معاني القرآن: 6/137]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إن يوحى إليّ إلاّ أنّما أنا نذيرٌ مّبينٌ}
إن شئت جعلت (أنّما) في موضع رفع، كأنك قلت: ما يوحى إلي إلاّ الإنذار.
وإن شئت جعلت المعنى: ما يوحى إليّ لأني نذير ونبيّ؛ فإذا ألقيت اللام , كان موضع (أنّما) نصباً.
ويكون في هذا الموضع: ما يوحى إليّ إلاّ أنك نذير مبين ؛ لأن المعنى حكاية, كما تقول في الكلام: أخبروني أني مسيء , وأخبرني أنك مسيء.
وهو كقوله:
رجلان من ضبّة أخبرانا= أنّا رأينا رجلا عريانا
والمعنى: أخبرانا أنهما رأيا، فجاز ذلك لأن أصله الحكاية.
وقوله: {بيديّ أستكبرت}: اجتمع القراء على التثنية , ولو قرأ قارئ {بيدي} : يريد يداً على واحدة كان صواباً؛ كقول الشاعر:
أيها المبتغي فناء قريش= بيد الله عمرها والفناء
والواحد من هذا يكفي من الاثنين، وكذلك العينان , والرجلان , واليدان, تكتفي إحداهما من الأخرى؛ لأن معناهما واحد).
[معاني القرآن: 2/411-412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين}
يجوز أن يكون المعنى : إلا إنذارا , وأن يكون المعنى : إلا بأنما أنا نذير مبين.).
[معاني القرآن: 6/137-138]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({إذ قال ربّك للملائكة إنّي خالق بشرا من طين (71)}: هم الملأ من الملائكة، وملأ كل قرية : وجوههم , وأفاضلهم.). [معاني القرآن: 4/341]

تفسير قوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون (73) إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين}
قال الضحاك قال : ابن عباس :
(كان إبليس من أشراف الملائكة , وكان خازن الجنان , وكان أمينا على السماء الدنيا والأرض ومن فيهما , فأعجبته نفسه , ورأى أن له فضلا على الملائكة , ولم يعلم بذلك أحد إلا الله جل وعز , فلما أمر الله جل وعز الملائكة بالسجود لآدم , امتنع , وظهر تكبره)). [معاني القرآن: 6/138]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون (73) إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين}
قال الضحاك , قال ابن عباس :
(كان إبليس من أشراف الملائكة , وكان خازن الجنان , وكان أمينا على السماء الدنيا والأرض ومن فيهما , فأعجبته نفسه , ورأى أن له فضلا على الملائكة , ولم يعلم بذلك أحد إلا الله جل وعز , فلما أمر الله جل وعز الملائكة بالسجود لآدم , امتنع و, ظهر تكبره)).[معاني القرآن: 6/138] (م)

تفسير قوله تعالى:{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ أستكبرت أم كنت من العالين (75)
(قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ أستكبرت}
تقرأ على ثلاثة أوجه:
(بيديّ) :على التّثنية
و(بيدي استكبرت) : بفتح الياء وتخفيفها , وتوحيد اليد
وبتسكين اليد والتوحيد، (بيدي استكبرت) .).
[معاني القرآن: 4/341]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال فاخرج منها فإنّك رجيم (77)}:أي: فإنّك لعين، معناه فإنك مرجوم باللعنة).[معاني القرآن: 4/341]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإنّ عليك لعنتي إلى يوم الدّين (78)}: يوم تدان كل نفس بما كسبت، ومعنى يوم الدين : يوم الجزاء.). [معاني القرآن: 4/341]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين}
قال أبو جعفر : ومعنى :
إلى يوم الدين : إلى اليوم الذي يدان فيه الناس بأعمالهم .
قال أهل التفسير :
رجيم : أي ملعون , والمعنى : مرجوم باللعنة.).[معاني القرآن: 6/139]

تفسير قوله تعالى: {إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إلى يوم الوقت المعلوم (81)}
الّذي لا يعلمه إلا اللّه، ويوم الوقت :يوم القيامة.).
[معاني القرآن: 4/341]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم}
ومعناه: إلى يوم الوقت المعلوم الذي لا يعلمه إلا الله جل وعز.).
[معاني القرآن: 6/139]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ إلاّ عبادك منهم المخلصين}: الذين أخلصهم الله , والمخلصين : الذين أخلصوا.). [مجاز القرآن: 2/187]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{إلّا عبادك منهم المخلصين (83)}
بفتح اللام: أخلصهم اللّه لعبادته، ومن كسر اللام: فإنّما أراد: الّذين أخلصوا دينهم اللّه.).
[معاني القرآن: 4/341]

تفسير قوله تعالى:{قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ) : (وقوله: {قال فالحقّ والحقّ أقول...}
قرأ الحسن , وأهل الحجاز بالنصب قيهما, وقرأ الأعمش , وعاصم , وأكبر منهم: ابن عباسٍ , ومجاهد بالرفع في الأولى , والنصب في الثانية...
- حدثني بهرام - وكان شيخاً يقرئ في مسجد المطمورة ومسجد الشعبيين - , عن أبان بن تغلب , عن مجاهد: أنه قرأ (فالحقّ مني والحقّ أقول): وأقول الحقّ, وهو وجه: ويكون رفعه على إضمار: فهو الحقّ.
وذكر عن ابن عبّاس أنه قال: (فأنا الحقّ وأقول الحقّ).
وقد يكون رفعه بتأويل جوابه؛ لأن العرب تقول: الحقّ لأقومنّ، ويقولون: عزمةٌ صادقة لآتينّك؛ لأن فيه تأويل: عزمة صادقة أن آتيك.
ويبّين ذلك قوله:
{ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه} : ألا ترى أنه لا بدّ لقوله: {بدا لهم}: من مرفوع مضمرٍ , فهو في المعنى يكون رفعاً ونصاً, والعرب تنشد بيت امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعداً=ولو قطّعوا رأسي لديك وأوصالي
والنصب في يمين أكثر. والرفع على ما أنبأتك به من ضمير (أن) وعلى قولك عليّ يمين. وأنشدونا:
فإنّ عليّ الله إن يحملونني = على خطّة إلا انطلقت أسيرها
ويروى : لا يحملونني.
فلو ألقيت إن : لقلت عليّ الله لأضربنك أي عليّ هذه اليمين, ويكون عليّ الله أن أضربك , فترفع (الله) بالجواب, ورفعه بعلى أحبّ إليّ.
ومن نصب (الحقّ والحقّ) : فعلى معنى قولك : حقّاً لآتينّك، والألف واللام وطرحهما سواء.
وهو بمنزلة قولك : حمداً لله والحمد لله.
ولو خفض الحقّ الأوّل خافضٌ , يجعله الله تعالى يعني في الإعراب , فيقسم به , كان صواباً .
والعرب : تلقى الواو من القسم , ويخفضونه , سمعناهم يقولون: والله لتفعلنّ , فيقول المجيب: ألله لأفعلنّ؛ لأن المعنى مستعمل , والمستعمل يجوز فيه الحذف، كما يقول القائل للرجل: كيف أصبحت؟ ,فيقول: خيرٍ : يريد بخيرٍ، فلمّا كثرت في الكلام حذفت).
[معاني القرآن: 2/412-413]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" قال فالحقّ والحقّ " أقول: نصبها على " قال حقاً "، و " يقول الحق "). [مجاز القرآن: 2/187]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قال فالحقّ والحقّ أقول (84)}
وقرئت:
{قال فالحقّ والحقّ أقول}: بنصبهما جميعا.
فمن رفع فعلى ضربين:
على معنى : فأنا الحقّ، والحقّ أقول.
ويجوز رفعه علي معنى : فالحقّ منّي.
ومن نصب فعلى معنى : فالحقّ أقول , والحقّ : لأملأن جهنم حقّا.).
[معاني القرآن: 4/341-342]

تفسير قوله تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين}
ويقرأ : بنصب الأول , وحكى الفراء : أنه يجوز الخفض في الأول .
قال أبو جعفر : رفعه على ثلاثة معان:
- روي عن ابن عباس: (فأنا الحق) .
- وروى أبان بن تعلب , عن الحكم , عن مجاهد قال : (فالحق مني , وأقول الحق) .
- والقول الثالث على مذهب سيبويه , والفراء بمعنى : فالحق لأملأن جهنم , بمعنى : فالحق أن أملأ جهنم .
وكذا يقول سيبويه في وقوله تعالى:
{ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه} .
والنصب بمعنى فالحق , قلت : وأقول الحق.
وقد قال أبو حاتم : المعنى : فالحق لأملأن , أي : فحقا لأملأن .
وقال قولا آخر : وهو أن المعنى : فأقول الحق , والحق لأملأن .
والأولى في النصب القول الأول , وهو مذهب أبي عبيدة .
والخفض بمعنى القسم : حذف الواو , ويكون الحق لله جل وعز .
وقد أجاز سيبويه : و الله لأفعلن إلا أن هذا أحسن من ذاك إلا أن الفاء ههنا : تكون بدلا من الواو .
كما تكون بدلا من الواو في قوله:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع = فألهيتها عن ذي تمائم محول).
[معاني القرآن: 6/141]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}
قال ابن زيد : أي: لا أتخرص , وأتكلف ما لم يأمرني الله جل وعز به.).
[معاني القرآن: 6/142]

تفسير قوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولتعلمنّ نبأه...}
نبأ القرآن أنه حقّ، ونبأ محمّدٍ عليه السلام أنه نبيّ.
وقوله:
{بعد حين} , يقول: بعد الموت وقبله: لمّا ظهر الأمر علموه، ومن مات علمه يقينا.). [معاني القرآن: 2/413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولتعلمنّ نبأه بعد حين (88)} : أي : بعد الموت.).[معاني القرآن: 4/342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولتعلمن نباه بعد حين}
أي: ولتعلمن أن القرآن , وما أوعدتم فيه حق .
وروى معمر , عن قتادة :
{ولتعلمن نبأه بعد حين }, قال: (بعد الموت) .
وقال السدي: (يوم بدر) .
وقال ابن زيد: يوم القيامة .
والحين : مبهم , فهو مطلق , يقع لكل وقت علموه فيه.).
[معاني القرآن: 6/142-143]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة