العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > أحكام المصاحف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 06:24 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي غير مصنف

غير مصنف
#2 غير مصنف | مقدمة
#3 غير مصنف | آداب المصحف
#4 غير مصنف | إبدال المصحف
#5 غير مصنف | أبعاض المصحف
#6 غير مصنف | اتخاذ الفأل من المصحف
#7 غير مصنف | إتلاف المصحف
#8 غير مصنف | إثبات البسملة فى المصحف
#9 غير مصنف | الإجارة على التعليم من المصحف
#10 غير مصنف | إخفاء المصحف حذرا من الرياء
#11 غير مصنف | إدخال المصحف فى أماكن التخلى ونحوها
#12 غير مصنف | إدخال المصحف فى القبر
#13 غير مصنف | إدخال المصحف فى المقبرة
#14 غير مصنف | الاستئذان للقراءة فى مصحف الغير
#15 غير مصنف | اسم المصحف
#16 غير مصنف | استنقاذ المصحف
#17 غير مصنف | الاشتغال بالمصاحف
#18 غير مصنف | اصطحاب المصحف
#19 غير مصنف | إصلاح الخطأ فى المصحف وتصويبه
#20 غير مصنف | إعارة المصحف
#21 غير مصنف | الاعتكاف وأثره فى كتابة المصاحف
#22 غير مصنف | إغراق المصحف
#23 غير مصنف | اقتسام المصحف
#24 غير مصنف | اقتناء المصحف
#25 غير مصنف | التقاط المصحف
#26 غير مصنف | إلحاق المصحف بغيره
#27 غير مصنف | إملاء المصحف
#28 غير مصنف | إهداء المصحف
#29 غير مصنف | إيداع المصحف
#30 غير مصنف | بل المصحف بالريق
#31 غير مصنف | بلع شئ من المصحف أو شرب نحوه
#32 غير مصنف | تأريخ المصحف
#33 غير مصنف | التبرك بالمصحف
#34 غير مصنف | تجريد المصحف
#35 غير مصنف | تجليد المصحف
#36 غير مصنف | تحسين المصاحف
#37 غير مصنف | تحشية المصاحف
#38 غير مصنف | تحكيم المصحف
#39 غير مصنف | الترجمة فى المصحف
#40 غير مصنف | التروح بالمصحف
#41 غير مصنف | التشبيه بالمصحف أو ورقته
#42 غير مصنف | تشكيل المصحف
#43 غير مصنف | تصغير المصحف
#44 غير مصنف | تصنيف المصاحف بين سائر الكتب
#45 غير مصنف | تطهير المصحف إذا تنجس
#46 غير مصنف | تطييب المصحف
#47 غير مصنف | تعاهد المصحف
#48 غير مصنف | تعليق المصحف
#49 غير مصنف | التفسير فى المصحف
#50 غير مصنف | تقليب ورق المصحف بواسطة
#51 غير مصنف | التلقي من المصحف
#52 غير مصنف | تمزيق المصحف
#53 غير مصنف | تمكين الكافر من المصحف
#54 غير مصنف | التنازع فى المصحف
#55 غير مصنف | التيامن فى تناول المصحف
#56 غير مصنف | جحد شيء من المصحف
#57 غير مصنف | جلد المصحف
#58 غير مصنف | الجلوس على المصحف أو على شيء فيه مصحف
#59 غير مصنف | الجماع في بيت فيه مصحف
#60 غير مصنف | جمع قراءات شتى وروايات مختلفة في مصحف واحد
#61 غير مصنف | جمع المصحف
#62 غير مصنف | ورق المصحف
#63 غير مصنف | الوزن بالمصحف
#64 غير مصنف | الوصية بالمصحف
#65 غير مصنف | وضع المصحف على بطن الميت او عند رأس المحتضر
#66 غير مصنف | وضع المصحف على فراش الجماع
#67 غير مصنف | وضع المصحف على نجاسة
#68 غير مصنف | وضع المصحف على الوجه والعينين والتمسح به
#69 غير مصنف | وضع المصحف فى المسجد
#70 غير مصنف | وضع المصحف فى المقبرة وحمله إليها
#71 غير مصنف | وضع المصحف فى النعال
#72 غير مصنف | الوطء على المصحف
#73 غير مصنف | وقف المصحف
#74 غير مصنف | يمن وبركة المصاحف
#75 غير مصنف | اليمين بالمصحف
#76 غير مصنف | الحرف الذي كتب عليه المصحف من الأحرف السبعة
#77 غير مصنف | الحلف بالمصحف والحلف عليه
#78 غير مصنف | حمل المصحف حال الحدث
#79 غير مصنف | اليمين للمصحف
#80 غير مصنف | الدعاء عند أخذ المصحف والنظر فيه وختمه
#81 غير مصنف | تنكيس المصحف
#82 غير مصنف | استدبار المصحف
#83 غير مصنف | رسم المصحف الإمام وحكم الإلتزام به
#84 غير مصنف | الزيادة فى المصحف
#85 غير مصنف | سرقة المصحف والقطع بسرقته
#86 غير مصنف | عدد السور والآي فى المصحف
#87 غير مصنف | غصب المصحف
#88 غير مصنف | الغلط فى المصحف
#89 غير مصنف | قيام قاريء المصحف لغيره
#90 غير مصنف | كتابة المصاحف حال الاعتكاف
#91 غير مصنف | كرسي المصحف
#92 غير مصنف | محو المصحف
#93 غير مصنف | المصحف فى رحل الغال
#94 غير مصنف | المصحف فى الغنيمة
#95 غير مصنف | نزع القرآن من المصاحف
#96 غير مصنف | نشر المصحف
#97 غير مصنف | النظر فى المصحف
#98 غير مصنف | النقص فى المصحف
#99 غير مصنف | نقط المصحف
#100 غير مصنف | هامش المصحف
#101 غير مصنف | هبة المصحف
#102 غير مصنف | هجر المصحف


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 06:24 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي غير مصنف

مقدمة | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (الحمد لله الذى تعهد لأمة الإسلام بحفظ كتابه , وألقى فى روع نبيه عليه الصلاة والسلام أن يمليه على الكتبة من أصحابه , ليشفع بالمسطور ما هو مستظهر {5} فى الصدور حتى إذا التحق عليه السلام بالرفيق الأعلى كان قد تم تدوين القرآن الكريم طرا, {6} بيد أن هذا التدوين لم يكن كهيئة مصحفنا , المعهود بين دفتين , ولا صحفا مجموعة بين لوحين , بل كان مرقوما على الرقاع ,{7} والأكتاف , مسطرا على العسب , والاقتاب , {8} واللخاف , تشق صيانته وتعسر رعايته , حتى ألهم الحق سبحانه الفروق فكرة جمعه فى المصحف , وشرح لذلك صدر الصديق الذى رأى الخير كل الخير فى تحقيق هذا الهدف {9} فانتدب لهذه المهمة زيدا , وكان من ذوى الحفظ والإتقان , وممن كتب بين يدى المصطفى ردحا من الزمان , فامتثل بهذه المسؤولية , مستشعرا خطرها واحتمل فى سبيلها صنوف المشاق محتسبا عن الله أجرها .
فأنشأ يستنسخ ما كان مسطرا على هاتيك الآلات , مراعيا التوقيف عند ترتيب السور والآيات , وجعل أهل الإيمان يتنافسون فى مساعدته , ويتبارون فى مؤازرته {10} ومساندته , وطفق الناس يأتونه بما عندهم من مكتوب القرآن , وجعل يتسلمه منهم بعد أن يشهد على صحته شاهدان , ولم يمض عليه عام بتمامه حتى صار القرآن مودعا فى الصحف بكامل هيئته ونظامه , فقرت بذلك عين الإسلام , وصارت تلك الصحف فيما بعد أساسا للمصحف الإمام .{11} والذى كان جمع الناس عليه من مناقب ذى النورين عثمان إذ أفزعه ما بلغه من اختلاف الناس فى القرآن , وأنه إن ترك الناس وشأنهم تفرقوا كما تفرق الذين {12} من قبلهم , فحرج على من عنده شئ من القرآن إلا أحضره , وعمد إلى ما عدا المصحف الإمام فأتلفه , وأمر بأن يستنسخ من المصحف الإمام جملة نسخ فتفرق على الأقطار{13}ويبعث بنسخة واحدة إلى كل مصر من الأمصار , فتدارك الله بهذا الصنيع أمة الإسلام من الاختلاف فى كتابها , وعصمها من الإنقسام فيما أوحاه إلى نبيها , وأضحى رسم المصحف الإمام عند أهل العلم سنة متبعة , وعدت مخالفته من الأمور المبتدعة. وظل المصحف الإمام مجردا عما سوى القرآن دهرا , حتى إذا اتسعت {14}
الفتوح ودخلت أفواج الأعاجم فى الإسلام تترا , وتفش اللحن فى القران على ألسنة الناس , وكثرت الأخطاء منهم , وتعددت أسباب الإلتباس , اتجهت همم كثير من أهل العناية بنقط المصاحف وشكلها وتحسينها وتجويدها , وعمدوا إلى تخميسها , وتعشيرها , وتحزيبها , {15}وتجزئتها , وعنونتها , وترقيمها , ووضع لأسماء السور , وذكر لعددآياتها , وابتكار لرموز الوقوف والمدود , وغير ذلك مما يساعد على صحة التلاوة فيها , ولم تمض بضعة قرون حتى صارت علوم القرآن فنا مستقلا بذاته , له قواعده وأصوله المودعة فى مصنفاته .
فقد ألف فى المصاحف جمع كابن أشته , وابن أبى داود , وابن الأنبارى , وصنف فيها وفى علوم القرآن ابن سلام , وابن قتيبة , وابن المرزبان , والحوفى , وأبو عمرو الدانى , {17} وابن جوزى , والقرطبى , والنووى , وابن القيم , {18} والسخاوى , والشاطبى , وابن الجزرى , والزركشى , {19} والسيوطى , وخلق كثير غيرهم لا يتسع مثل هذا المقام لذكرهم . إلا أنه مما ينبغى التنبيه عليه , وتجدر الإشارة إليه , مادرج عليه جماهير الفقهاء فى مصنافتهم وتعارفوه فى الغالب الأعم من مؤلفاتهم من ذكر لبعض أحكام المصحف فى ثنايا الأبواب , وفى مظان قد تخفى على الكثير من الطلاب .. لذا شعرت بدعاء الحاجة إلى جمع هذه الأحكام فى جزء مفرد , ينتظم ماتناثر من فرائدها وتبدد , مع التنبيه على مواطن الخلاف فيها , ولو على سبيل الإشارة , والتنويه عن المعتمد من كل مذهب من الأربعة بأوجز عبارة , وعزو كل قول إلى قائله , ونسبة أى نقل إلى ناقله , حتى يكون الناظر فيه على بينه من أمره , ويتسنى لطالب المزيد الرجوع إلى مصادره . ولقد استخرت الله فى العمل على تحقيق ذياك المرام , وسألته خلوص النية , والسلامة من الآثام , وأن يغفر لى زلات هذا الجمع وهناته , ويهب سيئاته لحسناته .{20}ولإن كان هذا الجزء قد قصر عن بلوغ درجة الاستقصاء والاستيعاب , فلا أقل من أن يكون كالتذكرة لى ولأمثالى فى هذا الباب .
ولما كانت عادة الأسلاف قد جرت بتسمية كل مصنف , فقد سميت هذا العمل ب( المتحف فى أحكام المصحف ) مرتبا رؤوس مسائله على حروف الهجاء ملتمسا بذلك التسهيل على القراء مهيبا بكل من نظر فيه أن يدعو بالمغفرة لجماعه وممليه فقمن أن تستجاب دعوة بظاهر الغيب من مسلم لأخيه).{21}


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 06:46 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

آداب المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لما كان المصحف الكريم أشرف كتاب فى الوجود لما تضمنه بين دفتيه من كلام الخالق المعبود لا جرم تأكدت فى حقه جملة من الآداب المرعية المستلزمة لطائفة من جوانب تعظيمه الفعلية والقولية من مثل اشتراط الطهارة لملابسته وتحاشى التصغير فى اسمه ورسمه وحجمه , والحذر من تعريضه لمظان امتهانه أو النيل من قدسيته كأن يمكن منه الصغار أو المجانين أو الكفار , كما يتعين التوقى من كل تصرف يشعر بامتهانه ولو صورة كتوسده والاتكاء عليه أو استدباره أو مد الرجلين إليه أو التروح به أو رميه عند وضعه أو استعمال الشمال فى تنوله وأخذه أو بل الأصبع بالريق عند تقليب ورقه أو الكتابة فى حواشيه أو على جلده أو وضع شئ فوقه أو بين أوراقه أو حمله حال دخول الأماكن الممتهنة أو السفر به إلى أرض الكفار أو تعريضه لأى نوع من أنواع الأقذار أو إضافة شئ إليه أو زخرفته أو تحليته أو كتابته بأحد النقدين أو كتابته بالأعجمية أو اتخاذه متجرا أو استعماله فى غير ما جعل له كالتثقيل به أو تعليقه كحرز أو زينه أو اقتنائه لمجرد التبرك به إلى غير ذلك من أنواع الاستعمالات التى يأذن الشرع بمثلها على ما سيجرى بيانه فى مواضعه من هذا البحث مفصلا ..قال البيهقى : من آداب تلاوة القرآن أن يفخم , فيكتب مفرجا بأحسن خط , فلا يصغر ولا يقرمط حروفه , ولا يخلط به ما ليس منه , كعدد الآيات , والسجدات والعشرات , والوقوف , واختلاف القراءات , ومعانى الآيات أ. هـ. وحكاه عنه السيوطى فى الإتقان .{22} قال الحليمى : ( ومن الآداب أن لا يخلط به ما ليس بقرآن , كعدد الآى , والوقوف واختلاف القراآت , ومعانى الآيات , وأسماء السور , والأعشار )
قال البيهقى : لأنه صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان لم يفعلوا شيئا من ذلك . وقد فصل الهيتمى فى هذه المسألة تفصيلا تجده مثبتا بتمامه فى تحشية المصحف من هذا البحث ).{23}


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 06:52 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إبدال المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (أخرج ابن أبى شيبة وابن أبى داود فى المصاحف بسنديهما عن إبراهيم النخعى قال : ( لابأس باستبدال المصحف بالمصحف ) . ورويا من عدة طرق أن إبراهيم لا يرى بأسا أن يبدل المصحف بالمصحف , وبسنديهما عن مجاهد قال : ( لا بأس بالمصحف بالمصحف وزيادة عشرة دراهم ). وروى ابن أبى داود بسنده عن إبراهيم أيضا أنه كان يكره أن يباع المصحف , ويبدل المصحف بمصحف , ولا يورث , ولكن يقرأ فيه أهل البيت . وجاء فى مسائل أحمد وإسحاق براوية الكوسج قال : [قلت:] قال سفيان : إذا بادل مصحفا بمصحف وزاد دراهم وأخذ دراهم , قال : لابأس به , قال أحمد : كانوا يتشدودن فى البيع ويرخصون فى الشراء , قال إسحاق : لا بأس بالمبادلة كما قال سفيان .
وقال القاضى أبو يعلى فى كتاب الروايتين والوجهين : ( لا تختلف الرواية أنه يكره بيع مصحف بثمن أو بعوض , واختلفت فى بيعه بمصحف مثله , فنقل الأثرم أن أحمد سئل عن المصحف يدرس فيعاوض به مصحف , فقال : المعاوضة أسهل . قالوا لا نأخذ لكتاب الله ثمنا , إنما أعطى مصحفا وآخذ آخر ).
ونقل الحسين بن محمد بن الحارث عن أحمد أنه سئل عن معاوضة بغير المصحف , فقال : ( العوض بيع ) .. فظاهر هذا المنع
وجه الأولى : أنه إنما منع من بيعه بعوض أو بثمن لما فيه من أخذ العوض على القرآن . وقد وردت الأخبار بالنهى عن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : "" ولا تأكلوا به "
وقوله : "" من أخذ على القرآن أجرا فقد تعجل أجره فى الدنيا "
وقوله لأبى بن كعب : " إن أحببت أن يقوسك بقوس من نار فخذها " .
وهذا معدوم فى معاوضته بمصحف مثله .
ووجه الثانية : أن المعاوضة بيع فى الحقيقة , ولهذا لو حلف لا باع , فعاوض حنث , وإذا كان بيعا يجب أن يمنع منه كما منع بعوض .
وذكر المجد بن تيمية فى كتابه المحرر : ( فى إبدال المصحف روايتين , الجواز مطلقا ,{25}
والجواز مع الكراهة ), وقدم الأولى . قال ابن مفلح فى نكته على المحرر : ( ذكر القاضى أبو الحسين فى جواز شراء المصحف وإبداله روايتين :
أحداهما : الجواز . والثانية : لا يجوز ...) إلى أن قال : ( ثم ذكر القاضى روايتين فى جواز استبداله بمثله )
وذكر ابن المفلح فى كتاب الفروع فى إبدال المصحف بمثله ثلاث روايات , وهى الجواز والكراهة والتحريم , قال : (والأصح لا يحرم ). والظاهر أن ذلك ينبنى على كون الإبدال بيعا . وذكر المرداوى فى تصحيح الفروع فى المسألة روايتين , قال : أحداهما لا يكره , وهو الصحيح . والثانية يكره . قال : وذكر أبو بكر فى المبادلة هل هى بيع أم لا ؟ . روايتين , وأنكر القاضى ذلك وقال : هى بلا خلاف وإنما أجاز أحمد إبدال المصحف بمثله , لأنه لا يدل على الرغبة عنه ولا على الإستبدال بعوض دنيوى بخلاف أخذ ثمنه . ذكره فى القاعدة الثالثة والأربعين بعد المائة ). وذكر فى الإنصاف : فى الإبدال ثلاث روايات , الجواز مطلقا فى الأصح , والرواية الثانية جوازه مع الكراهة , والرواية الثالثة أنه يحرم .
قال : ولم يذكرها بعضهم . ثم ذكر نحوا من كلامه فى التصحيح أعلاه
وجزم فى الكشاف بعدم كراهة الإستبدال .
فتلخص من ذلك أن لأهل العلم فى مسألة إبدال المصحف بالمصحف أقوالا ثلاثة :
· أحدهما : الجواز على الإطلاق .
· وثانيهما : الجواز مع الكراهة
· وثالثها : التحريم
وقد ذهب إلى القول الأول جمهور أهل العلم , وهو مقتضى قول من جوز بيع المصحف , وهم الجمهور على ما يأتى تفصيله فى موضعه , بل روى عن الإمام أحمد القول بجواز مبادلة المصحف بالمصحف , حتى على القول بتحريم بيعه ,لأن المبادلة لا تدل على الرغبة عن المصحف , ولا على استبدال بعوض دنيوى , بخلاف أخذ ثمنه . ذكره ابن رجب فى القاعدة الثالثة والأربعين بعد المائة من قواعده .وقد ذهب إلى القول الثانى – أعنى جواز المبادلة مع الكراهة – طائفة من أهل العلم , وهو المشهور من قولى النخعى على ما ذكره ابن أبى داود فى المصاحف كما مر وهو روايه ثانية عن الإمام أحمد
وذهب فريق من أهل العلم إلى القول بالتحريم , وهو رواية ثالثة عن الإمام أحمد على ما حكاه غير واحد من الأصحاب) . {27}


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 06:59 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

أبعاض المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (ولأبعاض المصحف حكم المصحف الكامل عند جمهور أهل العلم , خلافا لمن فرق بين أجزاء المصحف وجملته فى باب التعليم فسهل للمعلم والمتعلم مس ما دون الكامل حال الحدث , وهو الذى صرح به جمع من فقهاء المالكية , كما رخص بعض الفقهاء فى مس بعض المصحف دون جملته حال الحدث فى حق الصغار خاصة دفعا للحرج عنهم وعن أوليائهم فى مقام التعليم دون غيره , وهو الذى حكاه أصحابنا الحنابلة اختيارا للقاضى أبى يعلى على ما سيأتى تفصيله فى غير موضع من هذا البحث , كمسألة اشتراط الطهارة لمس المصحف , ومسألة تمكين الغار منه , مقرونا بدليله وتعليله , إن شاء الله) .{28}


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 07:08 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اتخاذ الفأل من المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (جرت عادة بعض الناس إذا هم بأمر ما أن يفتح المصحف كطريق من طرق استخراج الفأل , وذلك بالنظر فى أول سطر يخرج له منه أو غيره , فيستبشر به ويتفائل أو يستاء منه ويتشائم .
وقد اختلفت كلمة أهل العلم فى حكم ذلك :
· فمنهم من أباحه وتعاطاه
· ومنهم من جزم بتحريمه وبدع فاعله .
· وذهب فريق ثالث إلى القول بالكراهة .
وقد حكى القول بإباحة اتخاذ الفأل من المصحف عن جماعة من أهل العلم , كعبيد الله بن بطة , ومحمد بن أحمد اليونينى , .. {30}ويوسف بن عبد الهادى , ومن أصحابنا الحنابلة . بل جزم الأخير به فى غير موضع من كتبه , وهو اختيار البدر بن جماعة , وبه أفتى الشمس الرملى من فقهاء الشافعية . {31}
بل زعم طاش كبرى زاده الحنفى , فى كتابه مفتاح السعادة مشروعية اتخاذ الفأل من المصحف , وأنه منقول عن الصحابة ومن بعدهم , غير أنه لم يسم منهم أحدا , ولم أجد نقلا عن أحد من أهل العلم يؤيد زعمه هذا , بل كافة النصوص التى وقفت عليها تشير إلى أن الكلام فى المسألة متأخر نسبيا , وأن أقدم من نقل عنه فعل ذلك هو ابن بطة الحنبلى , من علماء القرن الرابع الهجرى .قال أبو العباس بن تيمية :( وأما استفتاح الفأل بالمصحف فلم ينقل عن السلف فيه شئ , وقد تنازع فيه المتأخرون وذكر القاضى أبو يعلى أن ابن بطة فعله , وذكر غيره أنه كرهه ).
قال البعلى فى الاختبارات : ( ولا يفتح المصحف للفأل , قاله طائفة من العلماء خلافا لأبى عبد الله بن بطه ). وقال ابن مفلح فى الفروع : ( واستفتاح الفأل فيه فعله ابن بطة , ولم يره غيره .. ذكره شيخنا واختاره ).
قال الدميرى الشافعى : ( وأما أخذ الفأل منه فجزم ابن العربى والطرطوشى والقرافى المالكيون بتحريمه , وأباحه ابن بطة من الحنابلة , ومقتضى مذهبنا كراهته ).
ذكر ذلك الشهاب الرملى فى حاشيته على شرح الروض للأنصارى الشافعى . {32}
قال ابن العربى فى تفسيره لآيات الأحكام عن قوله تعالى : (وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ), وقال ( معناه تطلبوا ما قسم لكم , وجعله من حظوظكم وآمالكم ومنافعكم , ومحرم فسق ممن فعله , فإنه تعرض لعلم الغيب , ولا يجوز لأحد من خلق الله أن يتعرض للغيب ولا يطلبه . فإن الله سبحانه قد رفعه بعد نبيه إلا فى الرؤيا . فإن قيل فهل يجوز طلب ذلك فى المصحف ؟ قلنا : لا يجوز , فإنه لم يكن المصحف ليعلم به الغيب , وإنما بينت آياته ورسمت كلماته ليمنع عن الغيب ,فلا تشتغلوا به , ولا يتعرض أحدكم له )
وذكر القرافى فى الفروق أن الطرطوشى لم يحك فى حرمة أخذ الفأل من المصحف خلافا .
وقال ابن الحاج فى المدخل وهو بصدد الكلام عن التفاؤل الباطل : ( وأشد من ذلك التفاؤل فى فتح الختمة والنظر فى أول سطر يخرج منها أو غيره , وذلك باطل , وقد نهى عنه . بيان ذلك أنه قد يخرج له منها آية عذاب ووعيد فيقع له التشويش من ذلك , فرفع عنه ذلك حتى تنقطع عنه مادة التشويش . بل يخشى عليه أن يقع له ما هو {33} أشد من ذلك , ويؤول أمره إلى الخطر العظيم . ألا ترى إلى ما جرى لبعض الملوك أنه فتح المصحف ليأخذ منه الفأل , فوجد فى أول سطر منه :( وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ), فوجد من ذلك أمرا عظيما , حتى خرج بذلك عن حال المسلمين , وجرت منه أمور لا يمكن ذكرها لمنافرتها لحال المسلمين . والذخيرة قال الطرطوشى رحمه الله تعالى : إن أخ الفأل بالمصحف وضرب الرمل ونحوهما حرام , وهو من باب الاستقسام بالأزلام , مع أن الفأل حسن بالسنة , وتحريره أن الفأل الحسن هو ما يعرض من غير كسب , مثل قائل يقول : يا مفلح ...... ونحوه والتفاؤول المكتسب حرام كما قال الطرطوشى فى تعليقه ).
فتلخص مما مر أن لأهل العلم فى هذه المسألة ثلاثة أقوال :
* التحريم .. وهو اختيار ابن العربى والطرطوشى والقرافى من فقهاء المالكية .
* الكراهة .. وبه قالت طائفة من أهل العلم , ولم يظهر لى وجه القول بالأباحة هذا .. والله أعلم بالصواب ). {34}


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 07:23 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إتلاف المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم فى تحريم إتلاف المصاحف على وجه الاستخفاف , بل صرح بعضهم بكون ذلك بابا من أبواب الردة , أعاذنا الله من ذلك .
فإن كان الإتلاف لا على وجه الاستخفاف , فلا يخلو من أن يكون المصحف سليما صالحا للإنتفاع به , أو أن يكون معطلا باليا يتعذر الانتفاع به , أو أن يكون قد تنجس بما لا يأتى معه تطهيره , كالمكتوب بمداد نجس مثلا.
فإن كان المصحف طاهرا سليما يمكن الانتفاع به , فلا يجوز إتلافه , صرح بذلك غير واحد من اهل العلم , كابن عبد الهادى الحنبلى فى كتابه مغنى ذوى الأفهام , حيث قال : ( ولا يجوز دفن مصحف صحيح ولا غسله ).
والظاهر أن مرادهم فيما لم يكن إتلافه لغرض صحيح , وإن لم أجد تصريحا منهم بهذا القيد , لكن إتلاف الصحابة لما عدا المصحف الإمام , ثم إحراق مروان بعد ذلك للصحف التى عند حفصة رضى الله عنها , وكون ذلك فى محضر من الصحابة يدل على جواز إتلاف المصاحف متى اقتضى إتلافها غرض صحيح تنتفى معه احتمالات العبث والاستخفاف .
وسيأتى لذلك تفصيل فى غير موضع من هذا البحث إن شاء الله تعالى . {37}
وقد يتعين إتلاف المصاحف متى طرأ عليها خلل يتعلق بطهارتها , كما لو تنجست بما يتعذر معه تطهيرها . لأن بقاء النجاسة على المصحف فيه إزدراء به , وعدم القيام باحترامه , فاقتضت رعاية ذلك وجوب احترامه .
وفصل بعض الفقهاء بين ما كان من أمهات المصاحف وبين ما لم يكن كذلك فقال بمنع إتلاف الأول دون الثانى . فقد ذكر الونشريسى المالكى أن الشيخ أبا إسحاق الشاطبى سئل عن كتاب أو مصحف تحل فيه نجاسة؟
فأجاب : إن كانت نسخة المصحف أو الكتاب من الأمهات المعتبرة التى يرجع إليها أو يعتمد فى صحة غيرها عليها , أو لا يكون ثم نسخة من الكتاب سوى ما وقعت فيه النجاسة , فالحكم أن يزال من جرم النجاسة ما استطيع عليه , ولا إثم للأثر , فإن الصحابة رضوان الله عليهم تركوا مصحف عثمان رضى الله عنه وعليه الدم . ولم يمحوه بالماء ولا أتلفوا موضع الدم لكونه عمدة الإسلام .{38}
وأما إن لم يكن الكتاب أو المصحف كذلك ينبغى أن يغسل الموضع , ويجبر إن كان مما يجبر , أو يستغنى عنه بغيره , والله أعلم . فهذا ما ظهر من الجواب .
وحكى الونشريسى أيضا عن بعض فقهاء المالكية فى المصحف إذا تنجس أنه ينتفع به كذلك , كما أجيز لبس الثوب المتنجس فى غير الصلاة , وذكر الله طاهر لا يدركه شئ من الواقعات . بيد أن المشهور عند فقهاء المالكية موافق لما عليه جمهور الفقهاء من وجوب إتلاف المصحف إذا تنجس وتعذر تطهيره
وسيأتى بيان ذلك فى مسألة تطهير المصحف إذا تنجس , واختلاف أهل العلم فيما إذا ترتب على تطهيره تلف ماليته , وبخاصة إتلاف ما كان منه لمحجور أو كان وقفا . والفرق بين ما أصابت النجاسة كتابته , وبين ما لوكانت نجاسته على الحواشى أو الجلد .
وقد نص بعض أهل العلم على وجوب إتلاف ما ترجحت مفسدة بقاءه , كالذى كثر لحنه كثرة يتعذر معها إصلاحه , أو كان فيه من السقط ما لا يمكن تداركه , مما ترتب عليه إضلال الجهال وإيهام معانى غير مرادة , قياسا على إتلاف ما خالف الرسم العثمانى بالأولى .
كما لا يختلف أهل العلم فى وجوب إتلاف ما بلى من المصاحف واندرس {39}
وتعطل الانتفاع به , صيانته للمصاحف , وحسما لمادة امتهانها .
قال بعض أهل العلم : إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبلاء ونحوه فلا يجوز وضعها فى شق أو غيره , لأنه قد يسقط , ويوطأ . ولا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم , وفى ذلك إزراء بالمكتوب . {40}

الخلاصة
وخلاصة القول أن أهل العلم قد جوزوا إتلاف المصاحف إذا تحقق فيها واحد من جملة أسباب :
1: إذا كانت عتيقة بالية قد تعطل نفعها .
2: إذا تنجست بما يتعذر معه تطهيرها
3: إذا دخلها خلل يخاف معه على الجهال من الضلال , إما لكثرة السقط فيها , أو كثرة اللحن , أو دس فيها ما ليس منها , أو كان رسمها مخالفا لرسم المصحف الإمام .
كيفية الإتلاف :
ثم إن أهل العلم حين اتفقوا على مشروعية إتلاف المصاحف متى قام فيها سبب الإتلاف قد اختلفوا فيما يتم هذا الإتلاف , وهل يكون ذلك بتحريقها , أو بغسلها وتغريقها , أو بدفنها , أو بتمزيقها , على أن تراعى الطهارة فى ذلك كله أعنى فى مواد التحريق والتغريق ومكان الدفن . صيانة لكتاب الله وآثاره وإكراما له واحترازا عن امتهانه .
وقد ذهب إلى القول بجواز التحريق جمهور أهل العلم , {41}
ومنعه آخرون . ثم إن أهل العلم لم يختلفوا فى جواز كل من الغسل والدفن {43}
وإن اختلفوا فى حكم التشقيق والتمزيق , إذ صرح بعضهم بمنعه لما فيه من تقطيع الحروف وسكت عنه الأكثرون , بل إن بعض الآثار قد وردت بما يشهد للجواز . وقد تحمل على أن ذلك تشقيق تلاه تحريق جمعا بين الروايات , إذ قد ثبت فى الصحيح أن الصحابة قد أحترقت ما خالف المصحف الإمام إحراقا , وأن مروان قد أحرق الصحف التى كانت عند حفصة أم المؤمنين رضى الله عنها , وأن ذلك كان بمحضر من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .
وعلى القول بمنع حرق المصاحف إذا بليت , وهو قول مرجوح كما مر , فلابد {44}
حينئذ من بديل تتحقق معه صيانة المصحف عن الامتهان . فالمنقول عن السلف أنه يدفن . فقد أخرج أبو عبيد فى فضائل القرآن بسنده عن إبراهيم النخعى قال : ( كانوا يأمرون بورق المصحف , إذا بلى أن يدفن .
وأخرج ابن أبى داود فى المصاحف بسنده عن طلحة بن مصرف : ( أن عثمان رضى الله عنه دفن المصاحف بين القبر والمنبر ).
ثم إن أهل العلم قد اختلفوا بعد ذلك فى كون هذا الدفن يصار إليه رأسا , أم أن الأولى أن يكون بعد الغسل والمحو , كما نص بعضهم على أن هيئة الدفن {45}
تكون شبيهة بدفن الآدمى , فليحد للمصحف لحدا , أو يسقف عليه سقفا , ولا يعال عليه التراب مباشرة , وذلك بعد أن يوضع فى خرقة طاهرة , مبالغة فى إكرام المصحف وصيانته , ولئلا يباشره التراب , ولكى لا يكون عرضة للوطء , كما صرح بعضهم بأن يكون مكان الدفن مكانا طاهرا شريفا كالمسجد مثلا . وقد ذكر البخارى رحمة الله أن الصحابة حرقت المصاحف بالحاء المهملة . فى حين تضمن نقل أبى عبيد عن إبراهيم وابن أبى داود عن طلحة بن مصرف : ( أنهم دفنوها , وأمروا بدفنها ).
الجمع بين روايتى الإحراق والدفن :
فيجمع بين الروايتين بأن يقال : حرقوها أولا , ثم دفنوا ما تخلف عن التحريق . لأن رواية الإحراق قد ثبتت فى الصحيح , فيتعين الأخذ بها , وتقديمها على رواية الدفن . لو قدر التعارض مع أنه لا تعارض فى واقع الأمر إذ الجمع ممكن , فيتعين المصير إليه . قال الحافظ فى الفتح بعد أن ذكر الروايات المتعارضة فى مسألة إتلاف مروان للصحف التى كانت عند حفصة رضى الله عنها : ( ويجمع بأنه صنع بالصحف جميع ذلك من تشقيق ثم غسل ثم تحريق , ويحتمل أن يكون بالخاء أن يكون بالخاء المعجمة فيكون مزقها , ثم غسلها .. والله أعلم ) .
وسيأتى نص الحافظ بتمامه فى مسألة تمزيق المصحف) . {46}


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 07:36 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إثبات البسملة فى المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م):( أجمع أهل العلم من السلف والخلف , على تواتر ثبوت البسملة فى المصحف فى أوائل السور عدا براءة , فإن كتابة البسملة فى أولها محظورة على اختلاف بين أهل العلم فى كون هذا الحظر على سبيل الكراهة أو على سبيل التحريم , وماهية الباعث على ذلك الحظر.{47}
كما فرق بعض أهل العلم بين ترك كتابة البسملة فى أول براءة فى المصاحف , وبين كتابتها فى الألواح , فمنعها فى الأول , وأجازها فى الثانى , وفرق أيضا بين {50}
كتابة البسملة فى أثناء السورة فى المصاحف , وبين كتابتها فى الألواح حذرا من أن يزاد فى المصحف ما ليس منه .
كما اختلف أهل العلم فى دلالة كتابة البسملة فى المصحف بخطه وبقلم الوحى , وكون ذلك حجة فى قرآنية البسملة , أو عدم قرآنيتها , فقد ذهب الجمهور ومنهم أبو حنيفه {51} والشافعية {52} والحنابلة إلى القول بقرآنية البسملة استنادا إلى الإجماع على تواتر ثبوتها فى {54}
المصحف فى أوائل السور بقلم الوحى فى غير براءة .
ولقول عائشة رضى عنها : ( ما بين دفتى المصحف كلام الله )
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى القول بعدم قرآنية البسملة فى أول كل سورة , وأن الإجماع على إثباته فى المصحف إنما يستند إلى شهرة استنان الافتتاح بها فى الشرع . والقول بعدم قرآنية البسملة فى أوائل السور هو مذهب مالك ورواية عن أحمد وإن استبعد ابن رجب {56}
ثبوتها عنه . كما حكى القول بعدم قرآنية البسملة فى غير النمل عن الحسن البصرى و الأوزاعى , ونصره ابن الطيب الباقلانى, وهو قول لبعض الحنفية ضعفه محققوهم , ثم إن القائلين بقرآنية البسملة قد استدلوا على ما ذهبوا إليه بجملة من الآثار , كالمروى عن ابن عباس رضى الله عنهما : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه " بسم الله الرحمن الرحيم " , وحديث أنس {57}
رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنزلت على آنفا سورة " فقرأ:" بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ *ِإنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ""
حتى ختمها .. الحديث , ولقول عائشة رضى الله عنها : ( ما بين دفتى المصحف كلام الله ) . واستدلوا بالنظر أيضا فقالوا : إن الصحابة أجمعوا على إثباته فى المصحف بخطه فى أوائل السور , سوى براءة دون الأعشار وتراجم السور والتعوذ , فلو لم تكن قرآنا لما أجازوا ذلك لكونه يحمل على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا .
قالوا : لا يقال لو كانت قرآنا لكفر جاحدها , لأنا نقول ولو لم تكن قرآنا لكفر مثبتها , وأيضا فالتكفير لا يكون بالظنيات , وثبوت البسملة ظنى لا يقينى , ولا تكفير بظن ثبوتا ولا نفيا , بل ولا بيقينى لم يصحبه تواتر وإن أجمع عليه , كإنكار أن لبنت الابن السدس مع بنت الصلب . ثم إن القائلين بقرآنية البسملة , وهم الجمهور على ما مر , قد اختلفوا فى كونها آية من كل سورة , أم أنها آية من الفاتحة فحسب , أم أنها آية مستقلة , نزلت للفصل بين السور وللتبرك فى أول الفاتحة , وهذا الأخير هو الذى عليه الأكثر . وقد مضى ذلك مبينا فى غير موضع من الحواشى السابقة .. والله أعلم بالصواب ).{58}


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 07:55 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

الإجارة على التعليم من المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بصحة الإجارة على التعليم من المصحف , وذلك بتعليم القراءة منه , من غير حفظ كُلاً أو بعضا . قالوا : ولا يكفى أن يفتحا المصحف ويعينا قدرا منه لاختلاف المشار إليه صعوبة وسهولة , وفارق الاكتفاء بمشاهدة الكفيل فى البيع , لأنه توثقة للعقد لا معقود عليه . ويسهل السؤال عنه فخف أمره . قالوا : وكذا يتصور بأن يعلم من المصحف دون الحفظ , ولا يلزم من العلم من المصحف معرفة السورة التى يريد العقد عليها .
وقد بسط ابن حزم فى المحلى الكلام على هذه المسألة, ومسألة كتب المصاحف بأجرة , ونصر القول فيهما , واحتج له ورد أدلة المانعين بما يطول شرحه , فليراجع كلام ابن حزم فى المحلى فى هذا المعنى ..){63}


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 08:26 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إخفاء المصحف حذرا من الرياء | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (عقد أبو عبيد فى فضائل القرآن بابا فى كتمان قراءة القرآن , وما يكره من ذلك وستره ونشره , وذكر فيه جملة آثار , ثم قال : (حدثنا الأشجعى عن سفيان بن سعيد عن سرية الربيع ابن خثيم قالت : كان عمل الربيع سرا كله , حتى إن الرجل ليدخل عليه وهو يقرأ فى المصحف فيغطيه ). ورورى أبو عبيد أيضا قال : ( حدثنا وكيع الأعمش عن إبراهيم أنه كان يقرأ فى المصحف , فاستأذن عليه إنسان , فغطاه , وقال : لا يرى هذا , أنى أقرأ المصحف كل ساعة ).
والظاهر أن هذا النوع من الكتمان يحسن العدول عنه حين يتفشى هجر المصحف , وينشغل الناس عن غيره , ويكون إعلان وإظهار كثرة النظر فى المصحف وطول ملازمته حافزا " لهاجريه " على معاودة النظر فيه , وكثرة تعهده . وقد عقد البيهقى فى مناقب الشاعى بابا [ما يستدل على حفظ الشافعى لكتاب الله]. قال : ( دخل بعض فقهاء مصر على الشافعى رحمه الله تعالى المسجد وبين يديه المصحف , فقال : شغلكم الفقه عن القرآن , وإنى لأصلى العتمة وأضع المصحف فى يدى فما أطبقه حتى الصبح ) . وذكره الغزالى فى الإحياء . {87}


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 08:33 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إدخال المصحف في أماكن التخلي ونحوها .. | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم فى حظر إدخال المصحف فى أماكن التخلى لغير ضرورة , لكون الدخول بها مع انتفاء الضرورة ضربا من الأمتهان للمصاحف , وإخلالا بما يجب لها من التعظيم , ولما روى من نزعه عليه السلام خاتمه عند دخوله الخلاء , صيانة لما عليه من الذكر . بيد أن تعبير أهل العلم عن هذا الخطر قد {88}
اختلف , فمنهم من عبر عنه بالتحريم حتى قال بعض المحققين منهم , بأنه لا يتوقف عن القول بالتحريم عاقل , وهو محمول على حال انتفاء الضرورة أو الحاجة , ويأتى فى كلام المرداوى قريبا , ومنهم من عبر بالكراهة , ومراده الكراهة التحريمية بناء على أصله فى كل ما كان المانع فيه ظنيا , وهو صنيع فقهاء الحنفية . ومنهم من عبر عنه بالكراهة , وأطلق كالشافعية , ولم يظهر لى وجه إطلاقه هذا , بل إن منهم من لم يقل بحظر إدخال المصحف إلى الخلاء لذات الإدخال , وإنما بنى القول بالحظر على كونه حملا للمصحف حال الحدث , وهو ظاهر كلام الشمس الرملى فى فتاويه .
فعلى قول الجمهور يحرم الدخول بالمصحف إلى الخلاء , وأماكن قضاء الحاجة , سواء كان ذلك فى البنيان أو خارجها , لاعتبار ذلك منافيا لما يجب من {89}
التعظيم للمصحف , ويعد استخفاف به ما لم تدع إلى ذلك ضرورة , كخوف ضياع , أو وقوع بيد من ينتهكه من كافر , أو مجنون , أو ما فى حكمه , كطفل وبهيمة , أو خوف عرق , أو حرق مثلا . قالوا : فإذا وجب نزع خاتم عليه مكتوب ذكر , وتعينت تنحيته عن دخول الخلاء صيانة لذكر الله عزوجل عن الامتهان , فلأن يجب ذلك فى حق المصحف من طريق الأولى .
وقد ذهب إلى القول بتحريم إدخال المصاحف إلى أماكن التخلى ما لم تدع إلى ذلك ضرورة جمهور أهل العلم , كما سلف , وهو مقتضى كلام فقهاء الحنفية , وبه صرح فقهاء المالكية , ومال إليه الأذرعى والرملى من {90 }
الشافعية , وهو الذى صرح به أصحابنا الحنابلة , حتى قال المرداوى وهو من محققيهم : ( قلت : أما دخول الخلاء بمصحف من غير حاجة فلا شك فى تحريمه قطعا ولايتوقف فى هذا عاقل ).
بل صرح بعض الفقهاء بتحريم إدخال المصحف إلى الخلاء , وما فى حكمه : يستوى فيه حال قاصد قضاء الحاجة , وحال من دخله لغرض آخر كأخذ شئ منه مثلا , بل ألحق بعضهم بالحكم المذكور حكم كل مكان دنئ كحمام , وفندق , وملهى , وبيت ظالم , وزريبة حيوان , واسطبل مثلا , إذ يعد إدخال المصحف فى هذه وأمثالها ضربا من الامتهان للمصحف .
وفرق بعض الفقهاء بين المصحف الكامل وبين ما كتب منه فى نحو صحيفة , وكالمكتوب على الدراهم , والتعاويذ , فمنعه فريق قياسا على المصحف , ورخص فيه آخرون لعموم البلوى , ومشقة التحرز , ولوجود هذه الأشياء مع معظم الناس فى غالب أوقاتهم وحاجتهم الماسة إلى حملها فى أكثر أحيانهم . وفرقت طائفة ثالثة بين ما {91}
كان منها بساتر كالجيب مثلا , وبين ما كان مكشوفا , فأجازته فى الأولى ومنعته فى الثانية , على أن الجميع قد اتفقوا فى استحباب تنحيتها عند الدخول إلى المواطن المذكورة , إجلالا لذكر الله وإيفاء ومراعاة لما يستحقه من التعظيم والتكريم . والله أعلم بالصواب ){92}


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 08:47 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إدخال المصحف فى القبر | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بتحريم إدخال المصحف فى القبر , لكون ذلك بدعة فى الدين , إذ لم ينقل عن السلف أنهم فعلوه , هذا والقبر جديد لم يدفن فيه أحد , أما إن دفن المصحف مع الميت فى القبر , فوجه الحرمة فيه أظهر لما فى هذا الصنيع من تعريض المصحف للتلوث بصديد الميت إذا انفجر , حتى أفتى بعض أهل العلم بوجوب نبش القبر إذا دفن فيه مصحف , لا سيما إذا طمع بالانتفاع بالمصحف , بأن يخرج سليما , وأم من كشف عورة الميت . وأفتى بعضهم أيضا بعدم إنفاذ وصية من أوصى بدفن المصحف معه , أو شئ من كتبه , لأن تنفيذ الوصية والحالة هذه يؤول إلى امتهان القرآن وذكر الله وتلويثهما . وهذا أمر محرم , فإذا أضيف إليه جانب الابتداع فى ذلك كان التحريم من وجهين , وسيأتى فى مسألة وضع المصحف على بطن الميت , والوصية بدفنه مع الميت , ووضعه بين أكفانه , طائفة من النقول عن أهل العلم , والنصوص عن أهل التحقيق فى المنع من ذلك وتحريمه إذا غلب على الظن تعرض المصحف معه للتلويث) . {93}


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 08:50 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إدخال المصحف فى المقبرة | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبى عن الرجل يحمل معه المصحف إلى القبر يقرأ عليه ؟ . قال هذه بدعة . قلت لأبى : وإن كان يحفظ القرآن , يقرأ؟. قال : لا . وقد ذكر هذه الرواية صاحب الفروع بلفظ : سأله عبد الله يحمل مصحفا إلى القبر فيقرأ عليه ؟ . قال : بدعة .
قال أبو العباس بن تيمية : ( وأما جعل المصحف عند القبور لمن يقصد قراءة القرآن هناك وتلاوته فبدعة منكرة لم يفعله أحد من السلف , بل هى تدخل فى معنى اتخاذ المساجد على القبور , ولا نزاع بين السلف والأئمة فى النهى عن اتخاذ القبور مساجد ). {94}


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 09:04 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

الاستئذان للقراءة فى مصحف الغير | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
لأهل العلم فى الاستئذان للقراءة فى مصحف الغير أقوال ثلاثة :

أحدها : أن الإذن فى ذلك ليس شرطا , فيجوز للمسلم أن يقرأ فى مصحف أخيه المسلم ولو لم يأذن له , ما لم تتضرر ما ليه المصحف بذلك , لأن لكل مسلم , الحق فى النظر فى كتاب الله لاستخراج حكم الله منه والتقرب بتلاوة القرآن إلى الله فإذا أمكن ذلك مع انتفاء الضرر فى المالية جازت القراءة فى مصحف الغير بدون إذن من صاحبه , يستوى فى ذلك كون مالكه صغيرا أو كبيرا أجنبيا كان القارئ أو قريبا للمالك , مرتهنا للمصحف أو مستودعا , أو وصيا لمحجور أو شريكا مثلا .
القول الثانى : لأهل العلم أن الأذن فى القراءة فى مصحف الغير شرط , فلا يصح لأحد أن يقرأ فى مصحف غيره ما لم يأذن له فى ذلك , فإن فعل فهو غاصب يلحقه الإثم ويلزمه الضمان
والقول الثالث : أن الأذن مشروط فى حالة وجود مصحف آخر , فإن لم يوجد مصحف غيره جازت القراءة منه بلا أذن من صاحبه . وقد حمل بعض أهل العلم قول المانعين على مثل ما ذكر .
الخلاف فى اشتراط الإذن للقراءة فى مصحف الغير :
ذهب جمهور أهل العلم إلى القول بلزوم الاستئذان للقراءة فى مصحف الغير , وهو رواية عن الإمام أحمد , ... {100}
ووجه عند أصحابنا الحنابلة رجحه جمهورهم , وحمله القاضى على وجود مصحف سواه . وقد ذهب إلى القول باشتراط الإذن من مالك المصحف للقراءة فيه جمهور الشافعية .
وإن خاف غير وصى تلف المصحف بأرضة مثلا , خلافا للجوينى من فقهاء الشافعية . والقول باشتراط الاستئذان هو ظاهر كلام الإمام مالك فى المصحف المرهون .{101}
وخاصه بعض فقهاء المالكية بغير الوصى , إذ جوزوه له على سبيل الصيانة لمصحف المحجور . وعكس فقهاء الحنفية , فمنعوا القراءة فى مصحف غير البالغ وكذا المرهون فإن فعل المرتهن صار غاصبا .
وفرق محمد بن سيرين رحمه الله فى اعتبار الإذن للمرتهن فى القراءة من المصحف المرهون بين ما كان مرهونا بقرض وبين ما كان مرهونا ببيع , فمنعه فى {102}
الأول لكونه يفضى إلى قرض جر نفعا , وأجازه فى الثانى لعدم المحظور , حكى ذلك عنه ابن أبى داود فى كتاب المصاحف , وحكى عنه وعن الحسن البصرى جواز القراءة فى المصحف المرهون فى البيع .
وقد ذهب إلى القول بجواز القراءة فى مصحف الغير بدون إذن منه مطلقا فريق من أهل العلم , وهو وجه عند أصحابنا الحنابلة , عبر عنه بعضهم بقيل إشارة إلى تضعيفه , وهو الذى جزم به ابن عبد الهادى الحنبلى فى كتابه مغنى ذوى الأفهام ورمز إليه (ء) , إشارة إلى كون هذه المسألة من المسائل الغريبة .
لكن البهوتى من أصحابنا الحنابلة فى شرحه على الإقناع قد توهم التفريق بين مصحف المحجور , وبين غيره , إذ قال فى موضع من الشرح المذكور : (" ويلزم بذله " ) أى المصحف لمن احتاج إلى القراءة فيه , ولم يجد مصحفا غيره للضرورة ولا تجوز القراءة فيه بلا إذن مالكه , ولو مع عدم الضرر , لأن فيه افتياتا على ربه ). وقال فى موضع آخر : ( ولا يقرأ الولى ولا غيره فى مصحف اليتيم إن كان ذلك يخلقه – أى يبلى المصحف – لما فيه من الضرر عليه ) . {103}


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 09:39 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اسم المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (قد مضى فى أول هذا البحث ما يتعلق بتعريف المصحف من الناحية اللغوية مما أغنى عن إعادته هنا , والمتتبع للآثار فى كتب السنة يدرك أن لفظة المصحف كانت معروفة فى الأمم السابقة , كاسم لنوع من الكتب الشرعية , لا يتبادر إلى الذهن عن إطلاق المصحف كتب غيرها .{112}
تسمية المصحف بالقرآن :
وقد وردت تسمية مكتوب القرآن بالمصحف مرفوعة إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث ابن عمر وحديث عثمان ابن أبى العاص رضى الله عنهما , فقد أخرج ابن أبى داود فى كتاب المصاحف من عدة طرق حديث ابن عمر فى هذا المعنى .
وفى بعض ألفاظه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو " . وأخرج ابن أبى داود والطبرانى من حديث عثمان بن أبى العاص قال : ( كان فيما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : لاتمس المصحف وأنت غير طاهر ). وأخرجه الشوكانى أيضا فى السيل الجرار من طريق الطبرانى .
وقد ذكر بعض المصنفين فى الأوائل أن أول من سمى القرآن مصحفا , وأول من جمعه هو أبو بكر الصديق رضى الله عنه . وحكى الشبلى فى محاسن الوسائل {113}
أن أول من سمى المصحف مصحفا عتبة بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود . رواه ابن وهب فى الجامع . وقال الزركشى فى البرهان : ( فائدة : ذكر المظفرى فى " تاريخه " : لما جمع أبو بكر القرآن قال : سموه , فقال بعضهم : سموه إنجيلا , فكرهوه . وقال بعضهم : سموه السفر , فكرهوه من يهود . فقال ابن مسعود : رأيت للحبشة كتابا يدعونه المصحف , فسموه به ).
وحكاه أبو شامة فى المرشد الوجيز . وذكر السيوطى فى كتابه معترك الأقران فى إعجاز القرآن نحوا من عبارة الزركشى , ثم قال : لما جمعوا القرآن فكتبوه فى الورق , قال أبو بكر : التمسوا له اسما . فقال بعضهم : السفر , وقال بعضهم : المصحف , فإن الحبشة يسمونه المصحف , وكان أبو بكر أول من جمع كتاب الله وسماه المصحف ). ثم أورده من طريق آخر عن ابن بريدة .
وقال السيوطى فى الإتقان : ( قلت : ومن الغريب ما ورد فى أول من جمعه , ما أخرجه ابن أشته فى كتاب المصاحف من طرق كهمس عن ابن بريدة قال : أول من {114}
جمع القرآن فى مصحف سالم مولى أبى حذيفة , أقسم ألا يرتدى برداء حتى يجمعه فجمعه , ثم أئتمروا ما يسمونه . فقال بعضهم : سموه السفر , قال ذلك تسمية اليهود فكرهوه . فقال : رأيت مثله بالحبشة يسمى المصحف , فاجتمع رأيهم أن يسموه المصحف . إسناده منقطع أيضا , وهو محمول على أنه كان أحد الجامعين بأمر أبى بكر ). وعزاه الكتانى فى التراتيب الإدارية إلى ابن أبى داود فى كتاب المصاحف ولم أقف عليه فيه حسب النسخة المتوفرة لدى
الفرق بين المصحف والصحف :
قال الحافظ فى الفتح: ( والفرق بين الصحف والمصحف , أن الصحف الأوراق المجردة التى جمع فيها القرآن فى عهد أبى بكر , وكانت سورا مفرقة , كل سورة مرتبة بآياتها على حدة , لكن لم يرتب بعضها إثر بعض , فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفا , وقد جاء عن عثمان أنه إنما فعل ذلك بعد أن استشار الصحابة )
ماهية المصحف الذى تتعلق به الأحكام:
لاخلاف بين أهل العلم فى أن المصحف الكامل هو الذى تتعلق به الأحكام الخاصة بالمصحف , بيد أنهم اختلفوا فيما دون المصحف الكامل , فمنهم من علق الأحكام على ما كان منه جزءا له بال . {115}

ومنهم من أعطى مسمى المصحف للصحيفة فيها ثلاث آيات من القرآن فصاعدا , شريطة أن تتجرد قرآنية المكتوب فى تلك الصحيفة حتى تكون على هيئة المصحفية , بمعنى أن يقصد بإثبات القرآن فيها قراءته ودرسه , وأن يراد بكتابة القرآن فيها الثبات والدوام .
ومنهم من لم يعتبر إلا مجرد قصد القراءة بالكتابة , فأعطوا الألواح التى يتعلم بها الصبيان حكم المصاحف .
ومنهم من فرق بين ما كان معتادا من الألواح , وبين ما كبر منها جدا , كباب كبير مثلا , فجعل لأول حكم المصحف , وقصر الحكم فى الثانى على النقوش فحسب , حتى جوز بعضهم كأبى الوفاء بن عقيل فى فنونه الجلوس على بساط مكتوب على حواشيه قرآن , قال لعدم شمول اسم المصحف له . وقد نقله ابن مفلح نقل المستغرب له قائلا : ( كذا قال ) على أن ابن مفلح قد عبر عن القول بقصر حكم المصحف على النقوش دون الخالى منه بعبارة قيل إشارة إلى تضعيفه .{116}
وقد سوت طائفة من أهل العلم بين المصحف الكامل وبين أى قدر منه فى الحكم , وإن كان آية واحدة , بل ألحق بعضهم بحكم الآية الجملة من القرآن . وبالغ فريق منهم , فعدى الحكم إلى الحروف , وأثبت حكم المصحف لكل حرف من القرآن كتب مجردا عن غيره بقصد الدرس والتلاوة لا بقصد التبرك كالمكتوب فى التمائم والتعاويذ وطرز الثياب , والمنقوش على الدراهم مثلا . ولم يظهر لى وجه التفريق بين ذلك كله , نعم تخرج الآية والآيتان فى الرسائل والكتب لفعله صلى الله عليه وسلم فى مكاتباته لملوك الأرض على سبيل الدعوة , وتبليغ الشريعة .
وقد يأتى لهذه التفريعات مزيد بيان فى مظانها من هذا البحث , إن شاء الله تعالى). {117}


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 09:43 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

استنقاذ المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): ( صرحت طائفة من أهل العلم باعتبار استنقاذ المصحف , مسوغا ومبررا لارتكاب محظور شرعى تكون المفسدة فى ارتكابه أخف من مفسدة ترك استنقاذ المصحف , كالكلام فى الصلاة , وأداء الصلاة على هيئة صلاة الخوف , ونبش القبر إذا دفن فيه المصحف مع الميت , والمعاوضة عليه بما لا يجوز بيعه كالأدهان النجسة والخمر مثلا , وشراء المصحف حتى على القول بمنع ذلك , وحكاه {118}
الطحاوى فى اختلاف العلماء عن الربيع بن سليمان عن الإمام الشافعى . وقال القاضى أبو يعلى فى الأحكام السلطانية وهو بصدد ذكر الروايات عن الإمام أحمد فى بيع أرض السواد وإجاراتها قال :" وقد قال أحمد فى رواية المروزى " والحجة فى شراء السواد ولا يباع فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رخصوا فى شراء المصاحف , وكرهوا بيعها " وهو استحسان وليس هو القياس ). {119}


رد مع اقتباس
  #17  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 09:51 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


الإشتغال بالمصاحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): ( قال الشيخ تقى الدين بن تيمية : ( إن كتابة القرآن والأحاديث الصحيحة والتفاسير الموجودة الثابتة من أعظم القربات والطاعات ).
واستدل فى موضع آخر على فضل كتابة القرآن بقوله عليه السلام :" إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة : صانعه , والرامى به , والممد به " . فالكتابة كذلك لينتفع به أو لينفع به غيره كلاهما يثاب عليه .
وأخرج ابن أبى داود فى المصاحف بسنده عن مالك بن دينار قال (" دخل على جابر بن زيد وأنا أكتب مصحفا , فقلت له : كيف ترى صنعتى هذه يا أبا الشعثاء ؟ فقال: نعم الصنعة صنعتك , وما أحسن هذا تنقل كتاب الله من ورقة إلى ورقة , وآية إلى آية , وكلمة إلى كلمة , هذا الحلال لا بأس به ) .
وأخرجه من وجه آخر عن مالك بن دينار أيضا قال : ( دخل على جابر بن زيد وأنا أكتب المصحف , فقال لى : مالك صنعة إلا أن تنقل كتاب الله من ورقة إلى {155} ورقة , هذا والله كسب الحلال , وهذا والله كسب الحلال).
وأخرجه من وجه ثالث من طريق يعقوب بن سفيان عن عبد الملك بن شداد الأزدى قال : ( دخل أبو الشعثاء على مالك بن دينار فقال : يا أبا الشعثاء , كيف ترى صنعتى هذه ؟ . فقال : نعمت الصنعة صنعتك , تنقل كتاب الله من ورقة إلى ورقة , ونعمت الصنعة صنعتك فالزمها ).
وقد مضى فى مسألة الاحتساب فى كتابة المصاحف طرف من هذا , وقد يأتى له مزيد بيان فى غير موضع من هذا البحث ككتابة المصاحف , والاشتغال بها فى المساجد وحال الاعتكاف .
وذكر الغزالى فى الإحياء أن كتابة المصحف تكون كفارة لإثم مسه على غير طهارة , قال : ( ويكفر مس المصحف محدثا بإكرام المصحف , وكثرة قراءة القرآن منه , وكثرة تقبيله بأن يكتب مصحفا ويجعله وقفا ) . كذا وقعت الباء موقع الواو). {156}


رد مع اقتباس
  #18  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 09:58 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اصطحاب المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (أخرج ابن أبى داود فى المصاحف , والقاضى وكيع فى أخبار القضاه واللفظ لابن أبى داود قال : حدثنا على بن حرب , حدثنا أبو معاوية , حدثنا يزيد بن مردانبه قال : رأيت أبا بردة على دابة فى رحاله , عليها قطيفة سوداء , ومعه مصحف لا يكاد يفارقه )
وقد يأتى لهذه المسألة مزيد بيان عن الكلام على مسألة تعليق المصحف) .{157}


رد مع اقتباس
  #19  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 10:19 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إصلاح الخطأ فى المصحف وتصويبه | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بوجوب إصلاح الخطأ فى المصحف وتصويبه متى عثر عليه فى خطه أو شكله , لأن الغلط فى المصحف نوع منكر تتعين إزالته على من قدر عليه , ويتحتم تغييره ممن أمكنه ذلك , فإن لم يفعل مع القدرة كان آثما والقول بوجوب إصلاح الخطأ فى المصحف مطلقا هو الذى صرح به العبادى الشافعى , ونقله عنه وأقره الأسنوى , والزركشى وغيرهما من علماء الشافعية . {158}
وقد أطلقوا القول بوجوب إصلاح الخطأ فى المصحف وسووا فى ذلك بين ما كان من المصاحف وقفا أو طلقا , وبين ما كان منها مملوكا للمصلح , أو كان ملكا لغيره رضى صاحبه بذلك التصويب أم لا , وسواء كان خط المصوب حسنا أم سقيما .
لكن طائفة من أهل العلم قد جعلوا لذلك قيودا , واعتبروا له شروطا ككون خط المصوب مناسبا , وإذن مالك المصحف بذلك التصويب , وعدم كثرته كثرة تستتبع أجرة للمصوب لم يقل بها مالك المصحف سلفا , وقد قال بهذه القيود جمع منهم البدر بن جماعة , والسراح البلقينى , وابن حجر الهيتمى من فقهاء الشافعية , بل إن الأخير منهم قد مال إلى القول بتحريم التصويب إذا كان بخط سقيم يعيب المصحف وينقصه .
وقد اشترط غير واحد من فقهاء الحنفية لوجوب التصويب وإصلاح الخطأ فى المصحف كون الخط مناسبا , وهو الذى صرح به الحصكفى فى الدر , وابن عابدين فى حاشيته عليه , وهو ظاهر اختيار ابن وهبان فى نظمه . ولم يظهر {159}
لى وجه القول بهذه القيود لا سيما وإن إقرار الغلط فى المصحف وتركه من غير تصويب مفسدة عظيمة يتعين درؤها , ويتحتم دفعها حتى مع التسليم بوجود ضرر ولو وجه الاحتمال يلحق المصحف أو مالكه , فإن هذا الضرر وإن كان مفسدة إلا إنها دون مفسدة ترك الخطأ على ما هو عليه , وقد تقرر فى الأصول أن ارتكاب أخف المفسدتين لدرء أعظمها أمر متعين . وقد نص المحققون من أهل العلم على أنه ينبغى إصلاح الخطأ فى الحديث وتصويب اللحن فيه و الأصل فى ذلك ما أخرجه الطبرانى وغيره عن زيد بن ثابت رضى الله عنه فى قصة كتابته للوحى بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم وفيها {فإذا فرغت , قال : اقرأه , فاقرأه , فإن كان فيه سقط أقامه , ثم أخرج به إلى الناس }
بل جزم بعضهم بوجوب تصويب الخطأ واللحن فى الفتاوى ورقاع المستفتين , وهو الذى صرح به أصحابنا الحنابلة وغيرهم , فإصلاح الخطأ وتصويبه فى المصحف واجب بطريق الأولى .
على أن من أهل العلم من صرح بوجوب إتلاف المصحف إذا كثر الغلط {160}
واللحن فيه , أو كان خطه رديئا يتعذر معه الانتفاع به أو يفضى إلى الوقوع فى لبس على قارئه , ولم يلتفتوا إلى ما فيه من مالية إعمالا لقاعدة ارتكاب أخف الضررين وأهون المفسدتين درءا لأكبرهما .
لا لحن فى المصحف الإمام :
لا يقال بأن اليسير من اللحن فى المصحف مغتفر , وأن إصلاحه غير متعين بدليل ما روى عن عثمان رضى الله عنه من قوله حين رفع إليه المصحف بعد الفراغ من كتابته : ( أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها )
وفى لفظ عكرمة قال : ( لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان , فوجد فيها {161}
حروفا من اللحن , فقال : لا تغيروها فإن العرب ستغيرها , أو قال : ستعربها بألسنتها , لو كان الكاتب من ثقيف والمملى من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف )
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال : ( سألت عائشة عن لحن القرآن , عن قوله : {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} [طه 63], وعن قوله : {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً}[النساء : 162] وعن قوله :{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ}[المائدة 69], فقالت : يا ابن أختى هذا عمل الكتاب , أخطأوا فى الكتاب ) .
وروى نحو من ذلك عن أبان بن عثمان , وسعيد بن جبير , وفى الأخير زيادة وعن قوله : {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون : 10] . فإن هذه الآثار لا {162}
تثبت ولا يصح منها شئ عند المحققين من أهل العلم , وعلى فرض صحتها فقد أجابوا عنها بما يقتضى نفى اللحن المتوهم هنا , والذى يعد نوع خطأ فى المصحف أقره الصحابة ومن بعدهم من علماء السلف , وقد تضمنت الحواشى السابقة طرفا من أجوبة أهل العلم عن ذلك , فلا حجة إذا بما روى فى هذا الباب للقول باغتفار الخطأ أو اللحن اليسير فى خط المصحف .
وقد ذكر غير واحد من أهل العلم توجيه ما قيل عنه أنه لحن كقوله تعالى : {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ}. {164}
وقوله سبحانه :{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ}.{165}
وقوله سبحانه : {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ}.{166}
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية فى كلام مبسوط له حول هذه المسألة: ( ... فلم يختلف لسان قريش والأنصار إلا فى لفظ " التابوه " والتابوت" فكتبوه " التابوت " بلغة قريش . وهذا يبين أن المصاحف التى نسخت كانت مصاحف متعددة , وهذا معروف مشهور , وهذا مما يبين غلط من قال فى بعض الألفاظ إنه غلط من الكاتب , أو نقل ذلك عن عثمان , فإن هذا ممتنع لوجوه ) . {169}
ثم ذكرها إلى أن قال : ( ومن زعم أن الكاتب غلط فهو الغالط غلطا منكرا كما قد بسط فى غير هذا الموضع , فإن المصحف منقول بالتواتر , وقد كتبت عدة مصاحف وكلها مكتوبة بالألف , فكيف يتصور فى هذا غلط , وأيضا فإن القراء إنما قرأوا بما سمعوه من غيرهم , والمسلمون كانوا يقرأون " سورة طه " على عهد رسول الله {172}
وأبى بكر وعمر وعثمان وعلى وهى من أول ما نزل من القرآن ). إلى آخر كلامه رحمه الله وإنما خص سورة طه بالذكر هنا كلامه من أصله كان يدور حول الآية الثالثة والستين منها ومن المواطن التى قيل بأن فيها لحنا قوله تعالى {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ} وملخص المختار من تلك التوجيهات أن النصب فى الموطن الأول كان على وجه المدح , والرفع فى الموطن الثانى على سبيل الابتداء مع افتراض التقديم والتأخير فى الآية , والألف فى الموطن الثالث إنما كان إعمالا للأصل فى الأسماء المبهمة إذا ثنيت , ومن قرأ بالياء فإنما اعتمد على القياس المجرد . وأما وجه الجزم فى الموطن الرابع فقد جاء عطفا على موضع الفاء فى قوله تعالى :( فَأَصَّدَّقَ). وقد جرى تفصيل ذلك كله منقولا من مصادره فى الحواشى ذوات الأرقام العشرين والحادى والعشرين والثانى والعشرين والثالث والعشرين والرابع والعشرين والخامس والعشرين بعد المائه الرابعة , فليطالعها فيها من رامه .
وقد نفى غير واحد من أهل العلم الغلط فى المصحف الإمام ولم يسلم بصحة المروى عن عثمان وعائشة وغيرهما فى هذا ورده من عدة أوجه نظير ما جاء فى كلام طائفة من أهل العلم كابن قتيبة فى مشكل القرآن , وابن الأنبارى فى كتاب " الرد على من خالف مصحف عثمان " , وأبى بكر الباقلانى فى الانتصار لنقل القرآن , وأبى عمرو الدانى فى المقنع , والسيوطى فى الإتقان . وقد مر النقل عنهم فى الحاشية {173}
التاسعة عشرة بعد الأربعمائة من هذا البحث مما أغنى عن إعادته هنا
وهكذا يتبين من مجموع النقول التى مر ذكرها عن أهل التحقيق ألا حجة ثابتة مع من قال بوجود لحن فى المصحف الإمام , ولا برهان لديه من أثر أو نظر .. والله أعلم بالصواب) .{174}


رد مع اقتباس
  #20  
قديم 24 صفر 1436هـ/16-12-2014م, 11:29 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إعارة المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم فى تحريم إعارة المصحف من الكافر , وإنما الخلاف بينهم فى حكم إعارة المصحف من المسلم , فبعد أن اتفقوا على جوازه , بل استحبابه لكونه من التعاون على البر والتقوى , اختلفوا فى كون هذه الإعارة واجبة على الإطلاق أم أنها لا تجب مطلقا , أم أن الوجوب مقيد بحاجة المستعير إلى المصحف . وفصل بعضهم بين إعارة تطول مدتها , وبين إعارة يقصر زمنها . فأوجبها فى الثانية دون الأولى , وفرقت طائفة أخرى من أهل العلم بين ما إذا توقفت صحة صلاة المستعير على ذلك المصحف , وبين مالم يبلغ هذا الحد من الضرورة . فصرحت بالوجوب فى الحالة الأولى دون الثانية , ولعله مراد من لم يصرح . وقد مضى فى مسألة الاستئذان للنظر فى مصحف الغير نحو من هذا مفصلا.
الخلاف فى إعارة المصحف :
وقد ذهب إلى القول بوجوب إعارة المصحف من المسلم مطلقا إذا طلبه جمع من أهل العلم من السلف والخلف , ولذا قال القرطبى : ( ومن الغلول حبس الكتب عن أصحابها , ويدخل غيرها فى معناها . قال الزهرى : إياك وغلول الكتب . فقيل له : {175}
وما غلول الكتب ؟ . قال : حبسها عن أصحابها )
فإذا كان حبس الكتب غلولا , فحبس المصاحف كذلك من طريق الأولى .
قال ابن رجب فى قواعده : ( تجب إعارة المصحف لمن احتاج إلى القراءة فيه ولم يجد مصحفا غيره , نقله القاضى فى الجامع الكبير . وذكر ابن عقيل فى كلام مفرد له : أن الأصحاب عللوا قولهم لا يقطع بسرقة المصحف , فإن له فيه حق النظر لاستخراج أحكام الشرع إذا خفيت عليه ,وعلى صاحبه بذله لذلك )
وقال ابن مفلح : ( ويلزم بذله لحاجة , وقيل : مطلقا , وقيل عكسه , كغيره )
وعبارة البهوتى : (" ويلزم بذله " أى المصحف لمن احتاج إلى القراءة فيه ولم يجد مصحفا غيره للضرورة ).
قال أبو زكريا الأنصارى الشافعى فى شرح الروض : ( قال فى الكفاية ولو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته , وكذا لو لم يكن إلا معلم واحد يلزمه التعليم , أى بلا أجرة على ظاهر المذهب كما لو احتاج إلى السترة أو الوضوء ومع غيره ثوب أو ماء فينتقل إلى البدل ). قال الرملى فى حاشيته على شرح الروض : ( " قوله لم يلزم مالكه إعارته " قال شيخنا : شمل ما لو كان مالكه غائبا , فليس للعاجز عن القراءة إلا به فعل ذلك , حيث لم يغلب على ظنه رضا مالكه بما ذكر , ولو خالف وفعل كان ضامنا للعين والمنفعة , وقد حكى صاحب الجواهر عن والد الرويانى فى ذلك احتمالين , ويؤيد ذلك ما ذكروه فى باب التيمم أن المحتاج للطهارة إذا وجد ماء لغائب يتيمم ويصلى ولا يستعمله , لأن للماء بدلا {176}
ومسألتنا من هذا القبيل ). وعبارة الرملى فى النهاية : ( وقد تكون واجبة كإعارة نحو ثوب لدفع مؤذ كحر , ومصحف على ما جزم به فى العباب تبعا للكفاية ). وتعقبه الشبراملسى بحكاية ما مر فى شرح الروض من عدم اللزوم , وأنه ظاهر المذهب على ما اختاره الرملى فى صفة الصلاة .
وجزم الهيتمى الشافعى بوجوب إعارة المصحف . قال العبادى : ( " قوله ومصحف " على ما جزم به العباب تبعا للكفاية كذا شرح م ر , وفيه نظر . وفى شرح الروض فى باب صفة الصلاة قال فى الكفاية : ولو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته ). إلى أن قال : ( وفى العباب فى صفة الصلاة ولا تجب إعارته أى المصحف وإن تعين , فإن غاب مالكه فيحتمل لزوم أخذه وإنه كالعارية , ويحتمل أن لا يضمنه ).
وقال الشروانى : (" قوله ومصحف أو ثوب ") عبارة الشارح م ر فى باب صفة الصلاة بعد قول المتن فإن جهل الفاتحة إلخ , حتى لو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد , ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته ). وقد تناقض كلام الرملى فى النهاية كما مر فقال بلزوم الإعارة فى كتاب العارية , فى حين جزم بعدم اللزوم فى صفة الصلاة . وهاك عبارته فيهما :( فإن جهل الفاتحة ) ولم يمكنه تعلمها لضيق وقت , أو بلادة , ولا قراءتها فى نحو مصحف , ولا التسبب إلى حصوله بنحو شراء لو وجد ما يحصله به فاضلا عما يعتبر فى الفطرة حتى لو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد , ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته على ظاهر المذهب ), كذا فى صفة الصلاة .
وقال فى باب العارية : ( وقد تكون واجبة كإعارة نحو ثوب لدفع مؤذ كحر ومصحف على ما جزم به فى العباب تبعا للكفاية ). {177}
قال الشبراملسى : (عبارة الشارح فى باب صفة الصلاة بعد قول المتن فإن جهل الفاتحة إلخ نصها : حتى لو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد ولو لم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته ). إلى آخر العبارة فى صفة الصلاة , فكأن الشبراملسى قد ساق هذه العبارة فى باب العارية على سبيل التذكير بما قاله المصنف فى باب صفة الصلاة منبها على تباين الاختيار فى الموضوعين). {178}


رد مع اقتباس
  #21  
قديم 24 صفر 1436هـ/16-12-2014م, 11:32 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

الاعتكاف وأثره فى كتابة المصاحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من شراح الهداية : أن للمعتكف أن يكتب الأمور الدينية ,وليس له كتابة المصحف بأجر .
وقال الإمام مالك عن المعتكف : ( يكتب المصحف إن أحب ).
قال ابن رشد : ( قوله ويكتب المصاحف إن أحب , ومعناه ويكتب المصاحف قبل أن يدخل إن أحب , وهذا على مذهب ابن القاسم , وروايته عن مالك , والذى يرى أن الاعتكاف يختص من أعمال البر بذكر الله تعالى , وقراءة القرآن والصلاة , وأما على مذهب ابن وهب الذى يبيح للمعتكف جميع أعمال البر المختصة بالآخرة , فيجوز له أن يكتب المصاحف للثواب , لا ليمولها , ولا على أجرة يأخذها إلا ليقرأ فيها , وينتفع بها من احتاج إليها ) . وعند خليل فى مكروهات الاعتكاف : اشتغاله بعلم , وكتابته , وإن مصحفا إن كثر . وبالغ على المصحف لئلا يتوهم أن كتابته كتلاوته .
وقيد العدوى الكراهة بما لم يكن لمعاشه , موافقة للزرقانى , ونقل المناوى نحوا مما ذكر ابن رشد , ثم قال : وهو يدل على أن كتب المصحف لا يباح للمعتكف على المشهور . {179}
وفى الإفصاح عن الإمام مالك : لا بأس أن يكتب المعتكف
وعند الشافعية يباح للمعتكف : كتابة العلم ولو حرفة , وله المطالعة فى مباح على ما اختاره النووى , والأنصارى , والسيوطى , والهيتمى , خلافا لما ذكره الغزالى , والرافعى .
وعند الحنابلة تجوز الكتابة للمعتكف على الصحيح من المذهب , وقيده بعضهم بما لم يكن تكسبا . قال حرب : ( سئل الإمام أحمد عن العمل فى المسجد نحو الخياط وغيره , فكأنه كرهه ليس بذلك التشديد ).
وقال المرزوى : سألته عن الرجل يكتب بالأجرة فيه ؟ . قال : أما الخياط وشبهه فلا يعجبنى , وإنما بنى لذكر الله تعالى . وقال فى رواية الأثرم : ما يعجبنى مثل الخياط والأسكاف وشبهه , وسهل فى الكتابة . قال الحارثى : خص الكتابة لأنه نوع تحصيل علم , فهى فى معنى الدراسة , وهذا يوجب التقيد بما لا يكون تكسبا , وإليه أشار بقوله : فليس ذلك كل يوم .
قال المرداوى : ( وظاهر ما نقل الأثرم – وقد قطع المصنف فى باب الإعتكاف أنه لا يجوز للمعتكف أن يتكسب بالصنعة – التسهيل فى الكتابة مطلقا ) . ونقل ابن المفلح فى الاعتكاف قول أبى بكر : لا يقرأ , ولا يكتب الحديث , واقتصر عليه . وحكاه المرداوى فى الإنصاف , ثم نقل قول أبى الخطاب : يستحب إذا {180}
قصد به الطاعة . واختاره المجد وغيره , وذكر الآمدى فى استحباب ذلك روايتين فعلى المذهب : فعله لذلك أفضل من الاعتكاف لتعدى نفعه .قال المجد : ( ويتخرج على أصلنا فى كراهة أن يقضى القاضى بين الناس وهو معتكف , إذا كان يسيرا : وجهان , بناء على الإقراء , وتدريس العلم فإنه فى معناه ).
وجزم البهوتى بعدم استحباب كتابة الحديث للمعتكف , لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به , ولأن الاعتكاف عبادة من شرطها المسجد , فلم يستحب فيها ذلك كالطواف . ثم ذكر اختيار أبى الخطاب السابق ووجهه .
وقد يأتى لهذه المسألة مزيد بسط وبيان عند الكلام على مسألة كتابة المصاحف بصفة عامة , باعتبار مسألتنا هذه أحد أفراد ذلك الموضوع . {181}


رد مع اقتباس
  #22  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:21 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إغراق المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم فى أنه لا يحل تعمد إغراق المصحف لغير مصلحة دينية أو ضرورة وقائية , وأن من أغرق المصحف عبثا يكون آثما مرتكبا لكبيرة من الكبائر , بل قد يكفر بذلك إن فعله على سبيل الامتهان للمصحف , وقد مر طرف من هذا فى غير موضع من هذا البحث , وقد يأتى له ولنظائره مزيد بيان .
أما لو كان إغراق المصحف لغرض دينى على سبيل إتلاف ما ترجحت مفسدة بقائه , فالظاهر من كلام السلف جوازه , بل وجوبه درءا لمفسدة بقاءه المتمثلة بحصول فتنة تتحقق بعدم إتلافه مثلا .
وقد أخرج ابن أبى داود بسنده عن حذيفة رضى الله عنه قال : ( يقول أهل الكوفة قراءة عبد الله , ويقول أهل البصرة قراءة أبى موسى , والله لئن قدمت على أمير المؤمنين لأمرته أن يغرقها ......) . يعنى المصاحف المختلفة , كمصحف عبد الله بن مسعود , ومصحف أبى موسى رضى الله عنهما , قال ذلك حذيفة رضى الله عنه لما رأى اختلاف الناس فى القرآن , وخشى أن يفضى اختلافهم هذا إلى فتنة تترتب عليها فرقة وانقسام بين المسلمين كالذى حدث فى الأمم قبلها حين اختلفت فى كتبها . {183}
وقد تقتضى الضرورة الدنوية كالخوف على الروح مثلا إغراق المصحف وحينئذ يجوز ذلك على ما صرح به بعض فقهاء الشافعية كالشبراملسى ومن تابعه , حيث قال فى جواب له عن سؤال عما لو اضطر إلى مأكول وكان لا يصل إليه إلا بشئ يضعه تحت رجليه , وليس عنده إلا المصحف , فهل يجوز وضعه تحت رجليه فى هذه الحالة أم لا ؟ . قال : ( فأجبت عنه بأن الظاهر الجواز معللا ذلك بأن حفظ الروح مقدم ولو من غير الآدمى على غيره , ومن ثم لو أشرفت سفينة فيها مصحف ,وحيوان على الغرق , واحتيج إلى إلقاء أحدهما لتخليص السفينة ألقى المصحف حفظا للروح التى فى السفينة . لا يقال وضع المصحف على هذه الحالة امتهان , لأنا نقول كونه إنما فعل ذلك للضرورة مانع عن كونه امتهانا , ألا ترى أنه يجوز السجود للصنم والتصور بصورة المشركين عن الخوف على الروح , بل قد يقال : إنه إن يتوقف إنقاذ روحه على ذلك وجب وضعه حينئذ , ويحتمل أنه لو وجد القوت بيد كافر ولم يصل إليه إلا بدفع المصحف له جاز له الدفع , لكن ينبغى له تقديم الميتة ولو مغلظة إن وجدها على دفعه للكافر ).
وقد حكى ابن عابدين فى حاشيته كلام الشبراملسى واقتصر عليه . وقد صرح غير واحد من أهل العلم بجواز إتلاف البالى من المصاحف وما لا نفع فيه بالمحو أو الدفن , أو التغريق فى الماء , أو التحريق على ما مضى تفصيله فى مسألة إتلاف المصاحف من هذا البحث فليطلب فيها . {184}


رد مع اقتباس
  #23  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:24 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اقتسام المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بأن المصحف لا يقبل القسمة , لا بإرث ولا بشركة , لأن فى قسمته تفريقا له , وكيف يفرق وقد جمعه الله ؟ . وحينئذ يتم الانتفاع به بالمهايأه بين المستحقين . وقد مر فى مسألة إرث المصحف من هذا البحث تفصيل , ما يتعلق بذلك الجانب , وأن من أهل العلم من نص على أن المصحف لا يورث , وإنما يبقى لمن يقرأ من أهل البيت , فلا يباع فى التركة , ولا يجبر الورثة على ذلك , والظاهر من كلام الفقهاء أن القسمة فى المصحف إنما تمتنع إذا كان مصحفا واحدا بخلاف ما لو تعددت المصاحف بعدد رؤوس المستحقين , فإن القسمة حينئذ تجوز لانتفاء المحذور المتمثل فى مفسدة تفريق المصحف .
وقد أفتى فريق من أهل العلم بكراهة تفريق المصاحف أسداسا وأسباعا كما مر عن الإمام مالك فى مسألة أجزاء المصحف وأثمانه وأسباعه وأسداسه على أن الضرر الناجم عن اقتسام المصحف بين المستحقين يفضى إلى حرمان كل واحد منهم من بعض المصحف الذى لم يكن فى نصيبه , وهذا يعنى أنه سيحرم من بقية أجزاء القرآن , والتى هو بأمس الحاجة إليها , ولا يتصور استغنائه عنها .
قال فى الفتاوى الهندية : ( وفى مختصر خواهر زاده ولا تقسم القوس والسرج ولا المصحف كذا فى التتار خانية ) . إلى أن قال : ( لاتقسم الكتب بين الورثة ,ولكن ينتفع بها كل واحد بالمهايأة , ولو أراد واحد من الورثة أن يقسم بالأوراق {185}
ليس له ذلك ولا يسمع هذا الكلام منه , ولا تقسم بوجه من الوجوه ولو كان صندوق قرآن ليس له ذلك أيضا وإن تراضوا جميعا , فالقاضى لا يأمر بذلك ولو كان مصحف لواحد وسهم من ثلاثة وثلاثين سهما منه للآخر , فإنه يعطى يوما من ثلاث وثلاثين يوما حتى ينتفع , ولو كان كتابا ذا مجلدات كثيرة كشرح المبسوط فإنه لا يقسم أيضا , ولا سبيل إلى القسمة فى ذلك , وكذا فى كل جنس مختلف , ولا يأمر الحاكم بذلك , ولو تراضيا أن تقوم الكتب ويأخذ كل واحد بعضها بالقيمة بالتراضى يجوز وإلا فلا , كذا فى جواهر الفتاوى ) . ويأتى له مزيد بيان فى مسألة التنازع فى المصحف .
وذكر ابن القيم فى البدائع أن الأئمة الثلاثة جعلوا كتب العلم حال التنازع بين الزوجين فى نصيب الرجل , وخلافا للشافعى الذى يقسم الكتاب الذى يقرأ فيه بينهما . وفى الإقناع وشرحه أن الشريك فى الكتاب يجبر على البيع إذا طلب شريكه ذلك ليتخلص الطالب من ضرر الشركة , فإن أبى الممتنع البيع " بيع " أى باعه الحاكم عليهما , لأنه حق عليه , كما بيع الرهن إذا امتنع الراهن وقسم الثمن بينهما بحسب الملك , لأنه عوضه وهو مذهب أبى حنيفة أحمد رحمهم الله . وذكر فى موضع منه أيضا أنه إذا تنازع رب البيت والمكترى فى الكتب فهى للمكترى لأن العادة أن الأنسان يكرى داره فارغة , ولو تنازع الزوجان فى المصحف فهو له إذا كانت لا تقرأ , فإن كانت تقرأ فهو لهما . قال البهوتى : قلت وكذا ينبغى فى كتب {186}
العلم . ولم يبين كيفية انتفاع كل منهما بالمصحف , إلا أن يقال بأن هذا ممكن بطريقة المهايأة كما مر .
وقال العبادى فى حاشيته على التحفة :" فرع " هل للعامل الكافر شراء المصحف للقراض ؟ الذى يتجه الصحة إن صححنا شراء الوكيل الكافر المصحف لموكله المسلم لوقوع الملك للموكل دونه ولا يعارض ذلك أنه يملك حصته من الربح بشرطه , فيلزم أن يملك جزأ من المصحف , لأن حصول الربح أمر مستقبل غير لازم للعقد على أنه لا يملك حصته من الربح بمجرد حصول الربح على الصحيح , وظاهر أنه يمتنع قسمة المصحف وإلا لزم ملكه جزء منه وهو ممتنع نعم يمكن التوصل لملك حصته من الربح بنضوض المال مع فسخ العقد , فإن ذلك من الطرق التى تحصل ملك الحصة واستقراره بها فليتأمل )
وذكر ابن عبد السلام فى قواعد الأحكام فى تعارض الظاهرين أن الزوجين إذا اختلفا فى متاع البيت وكان الزوج فقهيا فنازعته فى كتب الفقه , أو مقرئا فنازعته فى كتب القراءة , أو طبيبا فنازعته فى كتب الطب , أو محدثا فنازعته فى كتب الحديث , فإن الشافعى رحمه الله يسوى بينهما نظرا إلى الظاهر المستفاد من اليد , وبعض العلماء يخص كل واحد منهما بما يليق به , نظرا إلى الظاهر المستفاد من العادة الغالبة , وهذا مذهب ظاهر متجه , فإن كل واحد يجد فى نفسه ظنا لا يمكنه دفعه عن نفسه بأن ما يختص بالأزواج الذكورين لهم , وما يختص بالنساء لهن , وما أبعد المشاركة بين الفقيه وزوجته فى حقيهما .
قال الشروانى فى حاشيته على التحفة :(" قوله وبهذا أعنى التصرف يفرق إلخ " قد يقال من الأمتعة نحو كتب العلم , وتصرف الزوج العالم فيها أكثر , وقد يقال إن ثبت تصرف الزوج فيها دونها فالقول قوله , وهذا ظاهر سم ).
ثم وجدت المزنى فى مختصره يقول: ( قال الشافعى : وإذا اختلف الزوجان فى {187}
متاع البيت يسكنانه قبل أن يتفرقا أو بعد ما تفرقا كان البيت لهما أو لأحدهما أو يموتان أو أحدهما فيختلف فى ذلك ورثهما , فمن أقام بينة على شئ فهوله , وإن لم بينة فالقياس الذى لا يعذر أحد عندى بالغفلة عنه على الإجماع أن هذا المتاع بأيديهما جميعا فهو بينهما نصفين , وقد يملك الرجل متاع المرأة وتملك المرأة متاع الرجل , ولو استعملت الظنون عليهما لحكمت فى عطار ودباغ يتنازعان عطرا ودباغا فى أيديهما بأن أجعل للعطار العطر وللدباغ الدباغ , ولحكمت فيما يتنازع فيه معسر وموسر من لؤلؤ بأن أجعله للموسر , ولا يجوز الحكم بالظنون )
والظاهر أن استحقاق المتنازعين فى المصحف إذا اقتضى أن يكون بينهما مناصفة لا يفضى بالضرورة إلى قسمته , بل يمكن الانتفاع بالمهايأة كما مر , أو استخلاصه بالقيمة لواحد منهما , وقد مر فى مسألة إرث المصحف فتوى الإمام مالك بجواز استخلاص الوصى المصحف لليتيم الغلام دون أخواته من الإناث .
وقد وجدت الإمام الشافعى فى الأم يقول ما نصه : ( وقد رأيت امرأة بينى وبينها ضبة سيف استفادته من ميراث أبيها بمال عظيم ودرع ومصحف فكان لها دون أخوتها ). ولم يظهر لى مراد الشافعى رحمه الله من هذا القول ولا الكيفية التى اقتضت اختصاص المرأة بالمصحف دون إخوتها) . {188}


رد مع اقتباس
  #24  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:27 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اقتناء المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (أخرج أبو عبيد فى فضائل القرآن قال : ( حدثنا عبد الله بن صالح عن قباث رزين عن على ابن رباح اللخمى عن عقبة بنعامر قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فى المسجد نتدارس القرآن , فقال : " تعلموا كتاب الله عزوجل واقتنوه " قال : وحسبت أنه قال : " وتغنوا به , فوالذى نفسى بيده لهو أشد تفلتا من المخاض من العقل "
قال : وحدثنا أبو اليمان عن أبى بكر عن عبد الله بن أبى مريم عن المهاجر بن حبيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أهل القرآن لا توسدا القرآن , واتلوه حق تلاوته آناء الليل والنهار , وتقنوه , وتغنوه , واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون " {189}
قال أبو عبيد :" تقنوه " , يقول : اجعلوه غناكم من الفقر , ولا تعدوا الإقلال معه فقرا
وقوله " وتقنوه " , يقول : اقتنوه كما تقتنوا الأموال , اجعلوه مالكم . {190}


رد مع اقتباس
  #25  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:30 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التقاط المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (قال الشبراملسى الشافعى فى حاشيته على النهاية : ( وقع السؤال فى الدرس هل يصح إلتقاط الذمى للمصحف أم لا ؟
والجواب : الظاهر أن يقال فيه بالثانى , لأن صحة التقاطه تستدعى جواز تملكه وهو ممنوع منه ).
وعبارة الشروانى : ( قال ع ش والظاهر عدم صحة التقاط نحو الذمى للمصحف لأن صحته تستدعى جواز تملكه وهو ممنوع منه ) . فظاهره جواز التقاط المصحف للمسلم) . {191}


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة