العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > التفاسير اللغوية المجموعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1432هـ/1-11-2011م, 09:35 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي تفسير سورة يوسف

تفسير سورة يوسف

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 11:47 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) }

تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) }

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وزعم الخليل رحمه الله أن: {السماء منفطر به} كقولك معضل للقطاة. وكقولك مرضع للتي بها الرضاع. وأما المنفطرة فيجئ على العمل كقولك منشقة وكقولك مرضعة للتي ترضع. وأما {كلٌ في فلكٍ يسيحون} و: {رأيتهم لي ساجدين} و: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} فزعم أنه بمنزلة ما يعقل ويسمع لما ذكرهم بالسجود وصار النمل بتلك المنزلة حين حدثت عنه كما تحدث عن الأناسي). [الكتاب: 2/47] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وربما كان الشمس والقمر: الأبوين؛ فإذا سقط أحدهما، أو ذهب نوره: هلك أحد الأبوين؛ قال الله عز وجل حكاية عن يوسف عليه السلام: {إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} وكانوا إخوته وأباه وخالته). [تعبير الرؤيا: 113]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما كان اسماً على فاعلٍ غير نعت معرفةً أو نكرةً
اعلم أن ما كان من ذلك لآدميين فغير ممتنع من الواو والنون. لو سميت رجلاً حاتماً أو عاصماً لقلت: حاتمون، وعاصمون. وإن شئت قلت: حواتم وعواصم؛ لأنه ليس بنعت فتريد أن تفصل بينه وبين مؤنثه، ولكنه اسم. فحكمه حكم الأسماء التي على أربعة أحرف.
وإن كان لغير الآدميين لم تلحقه الواو والنون. ولكنك تقول: قوادم في قادم الناقة، وتقول: سواعد في جمع ساعد. هكذا جميع هذا الباب.
فإن قال قائل: فقد قال الله عز وجل في غير الآدميين: {إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}.
فالجواب عن ذلك: أنه لما أخبر عنها بالسجود وليس من أفعالها وإنما هو من أفعال الآدميين أجراها مجراهم؛ لأن الآدميين إنما جمعوا بالواو والنون، لأن أفعالهم على ذلك. فإذا ذكر غيرهم بذلك الفعل صار في قياسهم؛ألا ترى أنك تقول: القوم ينطلقون، ولا تقول: الجمال يسيرون.
وكذلك قوله عز وجل: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون}. لما أخبر عنها أنها تفعل وإنما حقيقتها أن يفعل بها فتجري كانت كما ذكرت لك.
ومن ذلك قوله: {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}، إنما ذلك لدعواهم أنها فعالة، وأنها تعبد باستحقاق، وكذلك {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} ومثله: {قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} لما جعلها مخاطبة ومخاطبة. وكل ما جاء من هذا فهذا قياسه). [المقتضب: 2/223-224]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقوله: * نفسي فداؤك من سار على ساق *، والخيال لا يمشي على ساق، ولكنه لما قال: يسري، وقال محتفيًا: فوصفه بما يوصف به ذو الساق، قال: * نفسي فداؤك من سار على ساق *، فجعله ممن له ساق، وكذلك قول الله تعالى في قصة يوسف عليه السلام: {يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}، وإنما تدخل هذه النون والياء في جمع ذكران الإنس والجن، وما أشبههم، فيقال: الجن والإنس والملائكة ساجدون، فإذا عدوت هذا، صار المؤنث والمذكر إلى التأنيث، فيقال: الغنم، والبقر مذبحة، ومذبحات، وقد ذبحن، ولا يجوز مذبحون.
قال الفراء: وإنما ذلك لأنها وصفت بأفاعيل الآدميين، وقال: ألا ترى أن الركوع والسجود لا يكون إلا من الآدميين، فأخرجت على أفعال الآدميين لما وصفت بصفتهم، ومثله {وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا}، وكأنهم خاطبوا رجالًا إذا كلمتهم وكلموها، ومثله {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم}، وكل ما ورد عليك موافقًا لفعل الآدميين، وليس من الآدميين، فأجره على هذا، ويجوز أن يكون جعل الخيال ذا ساق، يذهب إلى معناه، يريد: صاحب الخيال. أحمد). [شرح المفضليات: 4]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) }

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6) }

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) }

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والرَّهْط ما دون العشرة من الرجال. والعُصْبَة من العشرة إلى الأربعين). [الغريب المصنف: 1/105] (م)

تفسير قوله تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومثل قولهم ما جاءت حاجتك إذ صارت تقع على مؤنّث قراءة بعض القرّاء: {ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا} و(تلتقطه بعض السّيّارة)
وربّما قالوا في بعض الكلام ذهبت بعض أصابعه وإنّما أنّت البعض لأنّه أضافه إلى مؤنّثٍ هو منه ولو لم يكن منه لم يؤنّثه لأنه لو قال ذهبتْ عبد أمّك لم يحسن). [الكتاب: 1/50] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والقليب والجب والركية والطوي هذه أسماء للآبار). [الغريب المصنف: 2/451]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين سحر أنه جعل سحره في جف طلعة ودفن تحت راعوفة البئر.
...
وقد روى بعض المحدثين هذا الحديث أنه جعل سحره في جب طلعة، ولا أعرف الجب إلا البئر التي ليست بمطوية.
وكذلك قال أبو عبيدة وهو قول الله تبارك وتعالى في كتابه: {في غيابة الجب} ولا أرى المحفوظ في الحديث إلا الجف بالفاء). [غريب الحديث: 2/112-118]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) }

تفسير قوله تعالى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) }

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) }

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وهذا ما يذكر من ليل الأزمنة ونهارها وساعاتها
قالوا في الليل: خرج بعد عشوةٍ من الليل، أي عشاءً، وأتانا بعد عشوةٍ، أي عشيًّا. والعشاء: اختلاط الليل إلى أن يغيب الشّفق). [الأزمنة: 49]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
دون النساء ولو باتت بأطهار
معناه أنه يجتنبها، في طهرها، وهو الوقت الذي يستقيم له غشيانها فيه، وأهل الحجاز يرون " الأقراء " الطهر، وأهل العراق يرونه الحيض، وأهل المدينة يجعلون عدد النساء الأطهار، ويحتجون بقول الأعشى:


وفي كل أنت جاشم غزوة = تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مؤرثه مالاً، وفي الحي رفعة = لما ضاع فيها من قروء نسائكا
وقوله: " ولو باتت بأطهار "، فـ " لو " أصلها في الكلام أن تدل على وقوع الشيء لوقوع غيره، تقول: لو جئتني لأعطيك، ولو كان زيد هناك لضربته، ثم يتسع فتصير في معنى " إن " الواقعة للجزاء تقول: أنت لا تكرمني ولو أكرمتك، تريد " وإن " قال الله عز وجل: {وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين} [يوسف: 107]، فأما قوله عز وجل: {فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به}[آل عمران: 91] فإن تأويله عند أهل اللغة: لا يقبل أن يتبرأ به وهو مقيم على الكفر، ولا يقبل إن افتدى به، فـ " لو " في معنى " إن " وإنما منع " لو " أن تكون من حروف المجازاة فتجزم كما تجزم " إن " أن حروف المجازاة إنما تقع لما لم يقع، ويصير الماضي معها في معنى المستقبل تقول: إن جئتني أعطيتك، وإن قعدت عني زرتك، فهذا لم يقع.، وإن كان لفظ الماضي لما أحدثته فيه " إن " وكذلك متى أتيتني أتيتك.، و " لو " تقع في معنى الماضي، تقول: لو جئتني أمس لصادفتني، ولو ركبت إلي أمس لألفيتني، فلذلك خرجت من حروف الجزاء، فإذا أدخلت معها " لا " صار معناها أن الفعل يمتنع لوجود غيره، فهذا خلاف ذلك المعنى، ولا تقع إلا على الأسماء، ويقع الخبر محذوفًا لأنه لا يقع فيها الاسم إلا وخبره مدلول عليه، فاستغني عن ذكره، لذلك تقول: لولا عبد الله لضربتك، والمعنى في هذا المكان: من قرابتك، أو صداقتك، أو نحو ذلك، فهذا معناها في هذا الوضع، ولها موضع آخر تكون فيه على غير هذا المعنى، وهي " لولا " التي تقع في معنى " هلا " للتحضيض، ومن ذلك قوله: {لولا إذا سمعتوه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا}[النور: 12] أي هلا، وقال الله عز وجل: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم} [المائدة: 63] فهذه لا يليها إلا الفعل.، لأنها للأمر والتحضيض، مظهرًا أو مضمرًا، كما قال:

تعدون عقر النيب أفضل مجدكم = بني ضوطري لولا الكمي المقنعا
أي هلا تعدون الكمي المقنعا، " ولولا " الأولى لا يليها إلا الاسم على ما ذكرت لك.، ولا بد في جوابها من اللام أو معنى اللام، تقول: لولا زيدٌ فعلت، والمعنى لفعلت، وزعم سيبويه أن " زيدًا " من حديث " لولا " واللام والفعل حديثٌ معلقٌ بحديث " لولا "، وتأويله أنه للشرط الذي وجب من أجلها وامتنع لحال الاسم بعدها، و" لو " لا يليها إلا الفعل مضمرًا أو مظهرًا.، لأنها تشارك حروف الجزاء في ابتداء الفعل وجوابه، تقول: لو جئتني لأعطيتك، فهذا ظهور الفعل، وإضماره، قوله عز وجل: {قل لو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربي} [الإسراء: 100] والمعنى والله أعلم: لو تملكون أنتم.، فهذا الذي رفع " أنتم " ولما أضمر ظهر بعده ما يفسره، ومثل ذلك: " لو ذات سوارٍ لطمتني " أراد لو لطمتني ذات سوارٍ، ومثله:
ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي = جعلت لهم فوق العرانين ميسمًا
وكذلك قول جرير:
لو غيركم علق الزبير بحبله = أدى الجوار إلى بني العوام
فنصب بفعل مضمر يفسره ما بعده، لأنها للفعل، وهو في التمثيل: لو علق الزبير غيركم، وكذلك كل شيء للفعل نحو: الاستفهام، والأمر، والنهي، وحروف الفعل نحو: " إذ وسوف " وهذا مشروح في الكتاب " المقتضب " على حقيقة الشرح). [الكامل: 1/360-364]

تفسير قوله تعالى: (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) )
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وسمعنا بعض العرب الموثوق به يقال له كيف أصبحت؟ فيقول: حمد الله وثناءٌ عليه كأنّه يحمله على مضمرٍ في نيّته هو المظهر كأنّه يقول أمري
وشأني حمد الله وثناءٌ عليه. ولو نصب لكان الذي في نفسه الفعل ولم يكن مبتدأ ليبنى عليه ولا ليكون مبنيًّا على شيء هو ما أظهر.
وهذا مثل بيتٍ سمعناه من بعض العرب الموثوق به يرويه:
فقالت حنانٌ ما أتى بك ههنا = أذو نسبٍ أم أنت بالحي عارف
لم ترد حنّ ولكنها قالت أمرنا حنانٌ أو ما يصيبنا حنانٌ وفى هذا المعنى كلّه معنى النصب.
ومثله في أنّه على الابتداء وليس على فعلٍ قوله عزّ وجلّ: {قالوا معذرة إلى ربكم}. لم يريدوا أن يعتذروا اعتذاراً مستأنفاً من أمرٍ ليموا عليه ولكنّهم قيل لهم لم تعظون قوماً؟ قالوا موعظتنا معذرةٌ إلى ربكم.
ولو قال رجلٌ لرجلٍ معذرةً إلى الله وإليك من كذا وكذا يريد اعتذاراً لنصب
ومثل ذلك قول الشاعر:

يشكو إليّ جملي طول السّرى = صبرٌ جميل فكلانا مبتلى
والنصب أكثر وأجود لأنه يأمره. ومثل الرفع: {فصبر جميل والله المستعان} كأنه يقول الأمر صبرٌ جميلٌ). [الكتاب: 1/319-321] (م)

قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وأما القميص فذكر. وأما قول جرير:

يدعو هوازن والقميص مفاضة = فوق النطاق تشد بالأزرار
فإنما أراد بقوله: «والقميص»: درع مفاضة، كقولك قميصي جبة، وردائي جبة، لا أن القميص والرداء مؤنثان). [المذكور والمؤنث: 83]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) }

تفسير قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ثبات الياء والواو في الهاء التي هي علامة الإضمار وحذفهما
فأما الثبات فقولك ضربهو زيدٌ وعليها مالٌ ولديهو رجلٌ جاءت الهاء مع ما بعدها ههنا في المذكر كما جاءت وبعدها الألف في المؤنث وذلك قولك ضربها زيدٌ وعليها مالٌ. فإذا كان قبل الهاء حرف لينٍ فإن حذف الياء والواو في الوصل أحسن لأن الهاء من مخرج الألف والألف تشبه الياء والواو تشبههما في المد وهي أختهما فلما اجتمعت حروفٌ متشابهةٌ حذفوا وهو أحسن وأكثر وذلك قولك عليه يا فتى ولديه فلان ورأيت أباه قبل وهذا أبوه كما ترى وأحسن القراءتين: {ونزلناه تنزيلا} و: {إن تحمل عليه يلهث} و: {شروه بثمن بخس} و: {خذوه فغلوه} والإتمام عربيٌ). [الكتاب: 4/189] (م)
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (*شرى* شراه ملكه بالبيع وأيضا باعه فمن الشراء بمعنى البيع قول الكتاب العزيز: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} أي: يبيعها، وقوله تعالى: {وشروه بثمن بخس} ). [كتاب الأضداد: 59] (م)
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وقد شريت الشيء فأنا أشريه شرى وشراء إذا بعته وإذا اشتريته قال الله عز وجل: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} أي يبيعها وقال: {وشروه بثمن بخس دراهم} أي باعوه وقد شرى جلده يشرى شرى وقد شري زمام الناقة يشرى شرى إذا كثر اضطرابه وشري البرق إذا كثر لمعانه وأنشد الأصمعي

(أصاح ترى البرق لم يغتمض = يموت فواقا ويشرى فواقا)
وقد شري غضبا إذا استطار غضبا وحكى أبو عمرو شرى البعير في سيره يشرى إذا كان سريع المشي). [إصلاح المنطق: 200] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (حدثني أبو سهل عن علي بن محمد عن وكيع قال: قال سُفْيان: الزهدُ في الدنيا قصرِ الأمل، ليس بأكل الغَلِيظ ولا لُبْس الغَلِيظ.
مثله في الزهد ليوسف بن أسباط قال: وقال يوسف بن أسباط: لو أنّ رجلاً في ترك الدنيا مثلُ أبي ذرّ وأبي الدَرْداء وسَلْمان، ما قلنا له: إنك زاهد، لأن الزهد لا يكون إلا على ترك الحلال المَحْض، والحلال المحض لا نعرِفه اليوم، وإنما الدنيا حلالٌ وحرامٌ وشُبُهات؟ فالحلالُ حسابٌ، والحرام عذاب والشبهات عتاب فأنزِل الدنيا منزلةَ المَيْتة خُذْ منها ما يُقِيمك، فإن كان ذلك حلالاً كنت زاهدًا فيها، وإن كان حرامًا لم تكن أخذتَ منها إلا ما يُقِيمك كما يأخذ المضطر من الميتة، وإن كان عتابٌ كان العتابُ يسيرًا.
ومثله قولُ بعضهم: ليس الزهد بترك كلّ الدنيا، ولكن الزهدَ التهاونُ بها وأخذُ البلاغ منها. قال اللّه تعالى: {وَشَرَوْة بِثَمَنٍ بَخْسٍ درَاهِمَ مَعْدُودةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزاهِدِينَ}، فأخبر أنهم زَهدوا فيه وقد أخذوا له ثمنًا). [عيون الأخبار: 6/356-357]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "يشرينا "يريد يبيعنا، يقال: شراه يشريه إذا باعه، فهذه المعروفة، قال الله عز وجل: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ} وقال ابن مفرغٍ الحميري:

شريت بردًا، ولولا ما تكنفني = من الحوادث ما فارقته أبدا
ويكون" شريت" في معنى اشتريت، وهو من الأضداد وأنشدني التوزي:
اشروا لها خاتنًا وابغوا لخنتبها = مواسيًا أربعًا فيهن تذكير).
[الكامل: 1/147-148]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله عز وجل: {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} أي كانوا من الزاهدين فيه، أي اشتروا على زهد منهم). [مجالس ثعلب: 207]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ويقال لرب البيت وربة البيت اللذين ينزل بهما الضيف: هي أم مثواه، وهو أبو مثواه، وأنشد أبو عبيدة:
من أم مثوى كريم قد نزلت بها = إن الكريم على علاته يسع
وفي كتاب الله جل وعز: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ}، معناه عند العرب إضافته). [الكامل: 2/1004-1005]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله:
يا روح كم من أخي مثوى نزلت به
قد مر تفسيره. يقال: هذا أبو مثواي، وللأنثى: هذه أم مثواي، ومنزل الإضافة، وما أشبهها المثوى، وكذلك قال المفسرون في قول الله عز وجل: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ}، أي إضافته. ويقال من هذا: ثوى يثوي ثويًا كقولك: مضى يمضي مضيًا، ويقال: ثواء، ومضاء، كما قال الشماخ:
طال الثواء على رسم بيمؤود = أودى وكل جديد مرة مودي).
[الكامل: 3/1088-1089]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) }


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 11:49 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومما يفسر من كتاب الله جل وعز تفاسير متضادة قوله جل اسمه: {ولقد همت به وهم بها}، فيقول بعض الناس: ما هو يوسف بالزنا قط؛ لأن الله جل وعز قد أخلصه وطهره، فقال: {إنه من عبادنا المخلصين} ومن أخلصه الله وطهره فغير جائز أن يهم بالزنا، وإنما أراد الله جل وعز: وهم بضربها ودفعها عن نفسه، فكان البرهان الذي رآه من ربه أن الله أوقع في نفسه أنه متى ضربها كان ضربه إياها حجة عليه، لأنها تقول: راودني عن نفسي، فلما لم أجبه ضربني.
وقال آخرون: همها يخالف هم يوسف عليه السلام لأنها همت بعزم وإرادة وتصميم على إرادة الزنا، ولم يكن هم يوسف عليه السلام على هذه السبيل، ولا من هذا الطريق، بل همه من جهة حديث النفس، وما يخطر في
القلب ويغلب على البشريين بطبائعهم المائلة إلى اللذات، الساكنة إلى الشهوات، فلما خطر بقلبه وحدثته نفسه بما لم يهم به بتصحيح عزم عليه، كان غير ملوم على ذلك، ولا معيب به.
وقال آخرون: ما هم يوسف بالزنا طرفة عين. وفي الآية معنى تقديم وتأخير، يريد الله بها: ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها، فلما رأى البرهان لم يقع منه هم. وقالوا: هذا كما يقول القائل لمن يخاطبه: قد كنت من الهالكين لولا أن فلانا أنقذك؛ معناه لولا أنه أنقذك لهلكت، فلما أنقذك لم تهلِك.
قال أبو بكر: والذي نذهب إليه ما أجمع عليه أصحاب الحديث وأهل العلم، وصحت به الرواية عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، وابن عباس رحمه الله، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والحسن، وأبي صالح، ومحمد بن كعب القرظي، وقتادة، وغيرهم، من أن يوسف عليه السلام هم هما صحيحا على ما نص الله عليه في كتابه، فيكون الهم خطيئة من الخطايا وقعت من يوسف عليه السلام، كما وقعت الخطايا من غيره من الأنبياء، ولا وجه لأن نؤخر ما قدم الله، ونقدم ما أخر الله، فيقال: معنى {وهم بها}
التأخير معه قوله جل وعز: {لولا أن رأى برهان ربه}. إذا كان الواجب علينا، واللازم لنا أن نحمل القرآن على لفظه، وألا نزيله عن نظمه؛ إذا لم تدعنا إلى ذلك ضرورة، وما دعتنا إليه في هذه الآية ضرورة، فإذا حملنا الآية على ظاهرها ونظمها كان {هم بها} معطوفا على {همت به}، و{لولا} حرف مبتدأ جوابه محذوف بعده؛ يراد به: لولا أن رأى برهان ربه لزنا بها بعد الهم، فلما رأى البرهان زال الهم ووقع الانصراف عن العزم. وقد خبر الله جل وعز عن أنبيائه بالمعاصي التي غفرها، وتجاوز عنهم فيها، فقال تبارك وتعالى: {وعصى آدم ربه فغوى}، وقال لنبيه محمد عليه السلام: {ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك}، وخبر بمثل هذا عن يونس وداود عليهما السلام، وقال النبي صلى الله عليه: ((ما من نبي إلا قد عصى أو هم إلا يحيى بن زكريا)).
وقال أبو عبيد: قال الحسن: إن الله جل وعز لم يقصص عليكم ذنوب الأنبياء تغييرا منه لهم، ولكنه قصها عليكم، لئلا تقنطوا من رحمته.
قال أبو عبيد: يذهب الحسن إلى أن الحجج من الله جل وعز على أنبيائه أوكد، ولهم ألزم، فإذا قبل التوبة منهم، كان إلى قبولها منكم أسرع.
وإلى مذهبنا هذا كان يذهب علماء اللغة: الفراء وأبو عبيد، وغيرهما). [كتاب الأضداد: 411-414]

تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) }

تفسير قوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومما جاء في القرآن من الموات قد حذفت فيه التاء قوله عز وجل: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى} وقوله: {من بعد ما جاءهم البينات}.
وهذا النحو كثير في القرآن وهو في [الواحدة إذا كانت من] الآدميين أقل منه في سائر الحيوان. ألا ترى أن لهم في الجميع حالا ليست لغيرهم لأنهم الأولون وأنهم قد فضلوا بما لم يفضل به غيرهم من العقل والعلم.
وأما الجميع من الحيوان الذي يكسر عليه الواحد فبمنزلة الجميع من غيره الذي يكسر عليه الواحد [في أنه مؤنث]. ألا ترى أنك تقول هو رجل وتقول هي الرجال فيجوز لك. وتقول هو جمل وهي الجمال وهو عير وهي الأعيار فجرت هذه كلها مجرى هي الجذوع. وما أشبه ذلك يجري هذا المجرى لأن الجميع يؤنث وإن كان كل واحد منه مذكرا من الحيوان. فلما كان كذلك صيروه بمنزلة الموات لأنه قد
خرج من الأول الأمكن حيث أردت الجميع. فلما كان ذلك احتملوا أن يجروه مجرى الجميع الموات قالوا جاء جواريك وجاء نساؤك وجاء بناتك. وقالوا فيما لم يكسر عليه الواحد لأنه في معنى الجمع كما قالوا في هذا كما قال الله تعالى جده: {ومنهم من يستمعون إليك} إذ كان في معنى الجميع وذلك قوله تعالى: {وقال نسوة في المدينة}.
واعلم أن من العرب من يقول ضربوني قومك وضرباني أخواك فشبهوا هذا بالتاء التي يظهرونها في قالت فلانة وكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامة كما جعلوا للمؤنث وهي قليلة. قال الشاعر وهو الفرزدق:

ولكن ديافىٌّ أبوه وأمّه = بحوران يعصرن السّليط أقاربه
وأما قوله جل ثناؤه: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} فإنما يجيء على البدل وكأنه قال انطلقوا فقيل له من فقال بنو فلان. فقوله جل وعز: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} على هذا فيما زعم يونس). [الكتاب: 2/39-41] (م)
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ):
(يحدثن بعد اليأس من غير ريبة = أحاديث تشفي المدنفين وتشغف
...
قوله تشعف يقول تذهب هذه المرأة بالقلوب وتغلب على العقل وهو من قوله تعالى: {قد شغفها حبا} جميعا يقرأ بهما وهما في المعنى سواء بالعين والغين وهو ذهاب القلب وميله إلى من يحبه ويهواه). [نقائض جرير والفرزدق: 550]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
وتزعم أن البين لا يشعف الفتى = بلى مثل بيني يوم لبنان يشعف
قوله يشعف يعني يغلب على القلب وهو من قوله تعالى: {قد شغفها حبا} و{قد شغفها حبا} بالعين والغين قد قرأ القراء بهما جميعا ومعناهما واحد وهو أن يغلب على القلب الحب ولا يعقل غيره). [نقائض جرير والفرزدق: 578]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والمشغوف الذي قد بلغ الحب شغاف قلبه). [الغريب المصنف: 3/814]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والتأنيث، والتذكير في الواحد على ضربين: أحدهما: حقيقة، والآخر: لفظ، فهما في ترك الصرف سواءٌ، لأن الصرف إنما هو للفظ، وليسا في الإخبار عنهما سواءً. فأما الحقيقي فما كان في الرجل والمرأة، وجميع الحيوان؛ لأنك لو سميت رجلاً طلحة لخبرت عنه كما يخبر إذا كان اسمه مذكراً. ولو سميت امرأة، أو غيرها من إناث الحيوان باسمٍ مذكر لخبرت عنها كما تخبر عنها واسمها مؤنث. وذلك نحو امرأةً سميتها جعفرا فتقول: جاءتني جعفر؛ كما تقول: جاءتني حمدة، ولا يجوز أن تقول: جاءني؛ لأن التأنيث حقيقة، كما لا يجوز أن تقول: جاءتني طلحة وأنت تعني رجلاً. والتأنيث الثاني، والتذكير نحو قولك: يوم، وليلة، وبلدة، ودار ومنزل، فليس في هذا أكثر من اللفظ. فلو قلت: قصر ليلتك، وعمر دارك لجاز؛ لأن الدار والمنزل شيءٌ واحد. ليس في الدار حقيقة تصرفها عن ذلك، وكذلك البلد والبلدة. قال الله عز وجل: {فمن جاءه موعظةٌ من ربه} وقال: {وأخذ الذين ظلموا الصيحة}. وقال في تأنيث الجمع: (وقالت نسوةٌ في المدينة)؛ لأن الإخبار ليس عن واحد). [المقتضب: 3/348-349]

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: ضرب هند، وشتم جاريتك لم يصلح حتى تقول: ضربت هند، وشتمت جاريتك؛ لأن هنداً، والجارية مؤنثات على الحقيقة، فلا بد من علامة التأنيث.
ولو كان مؤنث الاسم، لا معنى لتأنيث، ولا تذكير تحته، كالدار والنار وما كان غير ذلك مما ليست له حقيقة التأنيث لجاز أن تذكر الفعل إن شئت فتقول: أطفئ نارك. وجئ نساؤك؛ لأن هذا إنما هو تأنيث الجمع؛ كما قال الله جل ثناؤه: {وقال نسوة في المدينة} وقال: {فمن جاءه موعظة من ربه}، {أخذ الذين ظلموا الصيحة} ). [المقتضب: 4/59]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وتترك ليس في الاستثناء موحدة من التثنية، والجمع، وفي المؤنث بغير علامة تأنيث تقول: ذهب القوم ليس أخاك، وليس أخويك، وليس إخوتك، ليس موحدة، وذهب النساء ليس جارية أو جاريتين، وقد يقال ذهب النساء ليست جارية أو جاريتين، فتدخل التاء مرة، وتحذفها مرة لأن مذهبها كمذهب الاسم المجهول مثله إنه ذاهبة جاريتك، وإنها ذاهبة جاريتك، فمن قال: إنه ذاهبة جاريتك، فهو الذي يقول: قام النساء، ليس جاريتك، ومن قال: إنها فهو الذي يقول: ليست جاريتك، ويجريه على هذا، ولا تثنية في ليس، ولا جمع لأن الضمير الذي فيها ليس بمعروف إنما هو مجهول، تقول: ذهبت الجواري ليست جاريتك، وليست جاريتيك، وليست جواريك تؤثر التأنيث إذا كان الجمع كثيرًا، فإذا قل آثرت تذكير ليس، فتقول ذهب النساء ليس ثلاثًا أو أربعًا ذكرت لقلته كقول الله عز وجل: {وقال نسوة في المدينة}، ولو كان العدد أكثر من عشر لقلت: ذهب النساء، ليست خمس عشرة لأنك إذا جاوزت العشر قلت: هذه نساء، وإن كان دون العشر، قلت هؤلاء نسوة، فتذكير، ليس لمعنى هؤلاء وتأنيثها لمعنى هذه، ويجوز في هذا ما جاز في هذا، وفي هذا ما جاز في هذا، والكلام هو الأول، وهو قول الفراء، فإذا كنت شئت، قلت: قام القوم ليس إياك، وإياي، وإياني بالنون وبالياء، وليسني، وليسي، ومن روى غير ذي عذر، فهو استثناء أيضًا). [شرح المفضليات: 10]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
ويئست مما قد شغفت به = منها ولا يسليك كاليأس
يقول: كنت أطمع فيها وأرجو رجعتها ثم يئست منها، والشغف: احتراق القلب ولوعته للحزن والحرقة والفرقة وعند الذكر يقال شغفت وشغفت، غيره: الشغف أن يقع في القلب شيء فلا يذهب أي لا تسلو مما في قلبك منها حتى تيأس منها، فإذا يئست منها ذهب ما في قلبك، ومنه: {قد شغفها حبًا} ). [شرح المفضليات: 264]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (مطلب شرح مادة الشعف بالمهملة
قال أبو علي الشعف: حرقة يجدها الرجل مع لذّة في قلبه، ولذلك قال امرؤ القيس:
أيقتلني وقد شعفت فؤادها = كما شعف المهنوءة الرّجل الطالي
لأن المهنوءة تجد للهناء لذة مع حرقة.
والشّغف أن يبلغ الحب شغاف القلب، وهي جلدة دونه، والشّغاف أيضًا: داء يكون في أحد شقيّ البطن، ولذلك قال النابغة:
وقد حال همّ دون ذلك والج = ولوج الشّغاف تبتغيه الأصابع).
[الأمالي: 1/205]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب تحرك أواخر الكلم الساكنة
إذا حذفت ألف الوصل لالتقاء الساكنين
وإنما حذفوا ألف الوصل هاهنا بعد الساكن لأن من كلامهم أن يحذف وهو بعد غير الساكن فلما كان ذلك من كلامهم حذفوها ههنا وجعلوا التحرك للساكنة الأولى حيث لم يكن ليلتقي ساكنان وجعلوا هذا سبيلها ليفرقوا بينها وبين الألف المقطوعة فجملة هذا الباب في التحرك أن يكون الساكن الأول مكسوراً وذلك قولك اضرب ابنك وأكرم الرجل واذهب اذهب و: {قل هو الله أحد الله} لأن التنوين ساكن وقع بعده حرف ساكن فصار بمنزلة باء اضرب ونحو ذلك.
ومن ذلك إن الله عافاني فعلت وعن الرجل وقط الرجل ولو استطعنا.
ونظير الكسر هاهنا قولهم حذار وبداد ونظار ألزموها الكسر في كلامهم فجعلوا سبيل هذا الكسر في كلامهم فاستقام هذا الضرب على هذا ما لم يكن اسماً نحو حذام لئلا يلتقي ساكنان ونحوه جير يا فتى وغاق غاق كسروا هذا إذ كان من كلامهم أن يكسروا إذا التقى الساكنان.
وقال الله تبارك وتعالى: {قل انظروا ماذا في السماوات والأرض}
فضموا الساكن حيث حركوه كما ضموا الألف في الابتداء وكرهوا الكسر ههنا كما كرهوه في الألف فخالفت سائر السواكن كما خالفت الألف سائر الألفات يعني ألفات الوصل.
وقد كسر قومٌ فقالوا: {قل انظروا} وأجروه على الباب الأول ولم يجعلوها كالألف ولكنهم جعلوها كآخر جير.
وأما الذين يضمون فإنهم يضمون في كل ساكن يكسر في غير الألف المضمومة فمن ذلك قوله عز وجل: {وقالت اخرج عليهن}: {وعذاب اركض برجلك} ومنه: {أو انقص منه قليلا} وهذا كله عربي قد قرئ به.
ومن قال قل انظروا كسر جميع هذا.
والفتح في حرفين أحدهما قوله عز وجل: {الم الله} لما كان من كلامهم أن يفتحوا لالتقاء الساكنين فتحوا هذا وفرقوا بينه وبين ما ليس بهجاءٍ.
ونظير ذلك قولهم من الله ومن الرسول ومن المؤمنين لما
كثرت في كلامهم ولم تكن فعلا وكان الفتح أخف عليهم فتحوا وشبهوها بأين وكيف.
وزعموا أن ناساً من العرب يقولون من الله فيكسرونه ويجرونه على القياس.
فأما: {الم} فلا يكسر لأنهم لم يجعلوه في ألف الوصل بمنزلة غيره ولكنهم جعلوه كبعض ما يتحرك لالتقاء الساكنين ونحو ذلك لم يلده واعلمن ذلك لأن للهجاء حالاً قد تبين). [الكتاب: 4/152-154] (م)
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«السِّكين» ذكر، وربما أُنث في الشعر. قال الشاعر:
فعيث في السنام غداة قر = بسكين موثقة النصاب).
[المذكور والمؤنث: 86]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب

ما جرى في بعض اللغات مجرى الفعل لوقوعه في معناه
وهو حرف جاء لمعنى، ويجري
في غير تلك اللغة مجرى الحروف غير العوامل
وذلك الحرف ما النافية.
تقول: ما زيد قائماً، وما هذا أخاك. كذلك يفعل أهل الحجاز. وذلك أنهم رأوها في معنى ليس، تقع مبتدأة، وتنفي ما يكون في الحال، وما لم يقع. فلما خلصت في معنى ليس ودلت على ما تدل عليه، ولم يكن بين نفييهما فصل البتة حتى صارت كل واحدة تغني عن الأخرى أجروها مجراها.
فمن ذلك قول الله عز وجل: {ما هذا بشراً} و{ما هن أمهاتهم} ). [المقتضب: 4/188]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأما نقض الخبر فقولك: ما زيد إلا منطلق؛ لأنك نفيت عنه كل شيء إلا الانطلاق. فلم تصلح ما أن تكون عاملة في نقض النفي؛ كما لم تعمل في تقديم الخبر.
قال الله عز وجل: {وما أمرنا إلا واحدة كلمح} و{ما هذا إلا بشر مثلكم} وقال حيث كانت في موضعها {ما هذا بشراً} و{ما هن أمهاتهم}.
فهذا أصلها الذي شرحنا، وسنفرد باباً للمسائل؛ إذ كانت لا تصح إلا بعد الفراغ من الأصول). [المقتضب: 4/190] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} قال: أعظمنه، أي كبر في عيونهن). [مجالس ثعلب: 253]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال: إنما قالوا: ما عبد الله قائمًا. وهو قول أهل الحجاز وقد جاء القرآن {مَا هَذَا بَشَرًا}. وبنو تميمٍ يرفعون فيقولون: ما زيدٌ قائمٌ). [مجالس ثعلب: 596]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
كفاك الإله إذ عصاك معاشر = ضعاف قليل للعدو عتادها
قال الضبي: العتاد: العدة ومنه قوله عز وجل: {وأعتدت لهن متكئًا} ). [شرح المفضليات: 745-746]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فمما جاء فيه النون في كتاب الله عز وجل: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غداً} وقوله تعالى: {ولآمرنهم فليبنكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} و: {ليسجنن وليكونن من الصاغرين} وليكونن خفيفة
وأما الخفيفة فقوله تعالى: {لنسفعن بالناصية} ). [الكتاب: 3/509-510] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب النونين الثقيلة والخفيفة
ومعرفة مواقعها من الأفعال
اعلم أنهما لا تدخلان من الأفعال إلا على ما لم يجب، ولا يكون من ذلك إلا في الفعل الذي يؤكد ليقع. وذلك ما لم يكن خبراً فيما ضارع القسم. فأما القسم فإحداهما فيه واجبةٌ لا محالة. وأما ما ضارعه فأنت فيه مخير. وذلك قولك في القسم: والله لأقومن، وحق زيد لأمضين، فيلحق النون إما خفيفة وإما ثقيلةً، لا يكون القسم إلا كذاك. وقد شرحنا ذلك في باب القسم: لم كانت فيه واجبة? وأما الثقيلة فكقوله عز وجل: {ليسجنن وليكوننّ من الصاغرين}. وأما الخفيفة فعلى قراءة من قرأ: {وليكونن من الصاغرين}، وكقوله: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية}، وقال الشاعر:
وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
فمن مواضعها: الأمر، والنهي؛ لأنهما غير واجبين. وذلك قولك - إذا لم تأت بهما -:اضرب، ولا تضرب، فإذا أتيت بها قلت: اضربن زيدا، ولا تضربن زيدا، وإن شئت ثقلت النون، وإن شئت خففتها. وهي - إذا خففت - مؤكدة، وإذا ثقلت فهي أشد توكيدا، وإن شئت لم تأت بها فقلت: اضرب، ولا تضرب. قال الله عز وجل: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غدًا}، وقال: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}، وقال: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. وقال الشاعر في الخفيفة:
فإياك والميتات لا تقربنـهـا = ولا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا
وقال الآخر:
فأنزلن سكينةً علينا
والطلب يجري مجرى الأمر والنهي، وقد مضى القول في هذا. ومن مواضعهما: الاستفهام؛ لأنه غير واجب. وذلك قولك: هل تضربن زيداً، وهل يقومن زيد يا فتى. وتدخل الخفيفة كما دخلت الثقيلة؛ لأنهما في التوكيد على ما ذكرت لك ومن مواضعها: الجزاء إذا لحقت ما زائدةً في حرف الجزاء؛ لأنها تكون كاللام التي تلحق في القسم في قولك: لأفعلن، وذلك قولك: إما تأتيني آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. فمن ذلك قول الله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً}، وقال: {وإما تعرضن عنهم}. فإن كان الجزاء بغير ما قبح دخولها فيه، لأنه خبر يجب آخره بوجوب أوله. وإنما يجوز دخولها الجزاء بغير ما في الشعر للضرورة؛ كما يجوز ذلك في الخبر. فمن ذلك قوله:
من تثقفن منهم فليس بآئبٍ = أبداً، وقتل بني قتيبة شافي
فهذا يجوز؛ كما قال في الخبر:

ربما أوفيت في علـمٍ = ترفعن ثوبي شمالات
ومن أمثال العرب: بعينٍ ما أرينك وبألمٍ ما تختننه. فإنما أدخل النون من أجل ما الزائدة كاللام كما ذكرت لك). [المقتضب: 3/11-15]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن سألت نساءً عن رجل قلت بغير اللام: كيف ذاكن الرجل? وباللام: كيف ذلكن الرجل? كما قال الله عز وجل: {فذلكن الذي لمتنني فيه} ). [المقتضب: 3/276]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 11:50 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (" في الحديث المرفوع: " شكا يوسف عليه السلام إلى اللّه عزّ وجلّ طول الحبس فأوحى اللّه إليه: من حبسك يا يوسف، أنت حبست نفسك حيث قلت {ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه} ولو قلت: العافية أحبّ عليّ لعوفيت "). [عيون الأخبار: 1/79]

تفسير قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وقالوا: لئن زرته ما يقبل منك وقال لئن فعلت ما فعل يريد معنى ما هو فاعلٌ وما يفعل كما كان لظلوا مثل ليظلن وكما جاءت: {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} على قوله: أم صمتم فكذلك جاز هذا على ما هو فاعلٌ قال عز وجل: {ولئن أتيت الذين أوتوا
الكتاب بكل آيةٍ ما تبعوا قبلتك} أي ما هم تابعين.
وقال سبحانه: {ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده} أي ما يمسكهما من أحدٍ.
وأما قوله عز وجل: {وإن كلاً لما ليوفينهم ربك أعمالهم} فإن إن حرف توكيد فلها لامٌ كلام اليمين لذلك أدخلوها كما أدخلوها في {إن كل نفسٍ لما عليها حافظ} ودخلت اللام التي في الفعل على اليمين كأنه قال إن زيداً لما والله ليفعلن.
وقد يستقيم في الكلام إن زيداً ليضرب وليذهب ولم يقع ضربٌ والأكثر على ألسنتهم كما خبرتك في اليمين فمن ثم ألزموا النون في اليمين لئلا يلتبس بما هو واقعٌ قال الله عز وجل: {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة} وقال لبيد:


ولقد علمت لتأتين منيّتي = إنّ المنايا لا تطيش سهامها
كأنه قال والله لتأتين كما قال قد علمت لعبد الله خيرٌ منك وقال أظن لتسبقنني وأظن ليقومن لأنه بمنزلة علمت وقال عز وجل: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه} لأنه موضع ابتداء ألا ترى أنك لو قلت بدا لهم أيهم أفضل لحسن كحسنه في علمت كأنك قلت ظهر لهم أهذا أفضل أم هذا). [الكتاب: 3/108-110] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (قال: وقال الأخفش: معنى قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ}. قال: لما كانت أي تقع ها هنا وقعت اللام هو المفعول المرفوع). [مجالس ثعلب: 591]

تفسير قوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والفتى من الفتيان مقصور يكتب بالياء، ويثنى بالياء، قال الله عز وجل: {ودخل معه السجن فتيان} ). [المقصور والممدود: 17]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن اعتصر خمرا: خدم سلطانا وأخصب، وجرت على يديه أمور عظام). [تعبير الرؤيا: 139]

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله جل وعز: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}. أي أعصر عنبًا فيصير إلى هذه الحال). [الكامل: 2/995]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) }

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) }

تفسير قوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) }

تفسير قوله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) }

تفسير قوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإذا كان المصدر على وجهه جاز الحذف، ولم يكن كحسنه مع أن؛ لأنها وصلتها اسمٌ. فقد صار الحرف والفعل والفاعل اسماً. وإن اتصل به شيءٌ صار معه في الصلة. فإذا طال الكلام احتمل الحذف.
فأما المصدر غير أن فنحو: أمرتك الخير يا فتى؛ كما قال الشاعر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به = فقد تركتك ذا مال واذا نشـب
فهذا يصلح على المجاز. وأما أن فالأحسن فيها الحذف؛ كما قال الله عز وجل: {وقضى ربك أن ألا تعبدوا إلا إياه} ومعنى قضى هاهنا: أمر.
و أما قوله: {وأمرت لأن أكون} فإنما حمل الفعل على المصدر، فالمعنى والله أعلم: أوقع إلي هذا الأمر لذا.
و هذه اللام تدخل على المفعول فلا تغير معناه؛ لأنها لام إضافة، والفعل معها يجري مجرى مصدره كما يجري المصدر مجراه في الرفع والنصب لما بعده؛ لأن المصدر اسم الفعل. قال الله عز وجل: {إن كنتم للرؤيا تعبرون}.
و قال بعض المفسرين في قوله: {قل عسى أن يكون ردف لكم} معناه: ردفكم). [المقتضب: 2/35-36] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "تورث العلا لرهطك" فالمعنى تورث العلا رهطك، وهذه اللام تزاد في المفعول على معنى زيادتها في الإضافة، تقول: هذا ضاربٌ زيدًا، وهذا ضاربٌ لزيدٍ، لأنها لا تغير معنى الإضافة إذا قلت: هذا ضارب زيدٍ وضارب له.
وفي القرآن: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}. وكذلك {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ} ويقول النحويون في قوله تعالى: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} إنما هو "ردفكم"). [الكامل: 1/404-405] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله:
سبي الحماة وابهتي عليها
إنما يريد: ابهتيها، فوضع ابهتي في موضع اكذبي فمن ثم وصلها بعلى.
والذي يستعمل في صلة الفعل اللام، لأنها لام الإضافة، تقول: لزيد ضربت ولعمرو أكرمت والمعنى: عمرًا أكرمت، وإنما تقديره: إكرامي لعمرو، وضربي لزيد، فأجرى الفعل مجرى المصدر، وأحسن ما يكون ذلك إذا تقدم المفعول، لأن الفعل إنما يجيء وقد عملت اللام. كما قال الله جل وعز: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ}. وإن أخر المفعول فهو عربي حسن، والقرآن محيط بجميع اللغات الفصيحة، قال الله جل وعز: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} والنحويون يقولون في قوله جل ثناؤه: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ}: إنما هو: ردفكم. وقال كثير:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما = تمثل لي ليلى بكل سبيل
وحروف الخفض يبدل بعضها من بعض، إذا وقع الحرفان في معنى في بعض المواضع، قال الله جل ذكره: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}، أي على ولكن الجذوع إذا أحاطت دخلت في، لأنها للوعاء، يقال: فلان في النخل. أي قد أحاط به. قال الشاعر:
هم صلبوا العبدي في جذع نخلة = فلا عطست شيبان إلا بأجدعا
وقال الله جل وعز: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} أي عليه. وقال تبارك وتعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي: بأمر الله. وقال ابن الطثرية:
غدت من عليه تنفض الطل بعدما = رأت حاجب الشمس استوى فترفعا
وقال الآخر:

غدت من عليه بعدما تم خمسها = تصل وعن قيض بزيزاء مجهل
أي من عنده.
وقال العامري:
إذا رضيت علي بنو قشير = لعمر الله أعجبني رضاها
وهذا كثير جدًا). [الكامل: 2/999-1001]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث الزهري أنه قال: «من امتحن في حد فأمه ثم تبرأ فليست عليه عقوبة، وإن عوقب فأمه فليس عليه حد إلا أن يأمه من غير عقوبة».
قوله: أمه هو –ههنا- الإقرار ولم أسمعه إلا في هذا الحديث.
والأمَهُ في غير هذا الموضع: النسيان ومنه حديث ابن عباس
وعكرمة أنهما يقرءان: (وادكر بعد أمَهٍ)، أي: بعد نسيان). [غريب الحديث: 5/528-529]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (
الكلام على الأمة والمال
وحدّثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد، وأبو بكر بن الأنباري، في قوله عز وجل: {تلك أمّةٌ قد خلت} [البقرة: 134] .
الأمّة: القرن من الناس بعد القرن، والأمّة أيضًا: الجماعة من الناس، والأمة أيضًا: الملة.
قوله عز وجل: {إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} [الزخرف: 22] أي: على دينٍ، وكذلك قوله عز وجل: {ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً} [الزخرف: 33] أي: لولا يكون الناس كفارًا كلّهم، والأمّة أيضًا: الحين، قال الله عز وجل: {وادّكر بعد أمّةٍ} [يوسف: 45] أي: بعد حينٍ وقرأ ابن عباس، وعكرمة: وادّكر بعد أمةٍ مثل عمهٍ وولهٍ أي بعد نسيان، والأمة أيضًا: الإمام، قال الله عز وجل: {إنّ إبراهيم كان أمّةً قانتًا} [النحل: 120] والأمة أيضًا: القامة وجمعها قال الأعشى:
وأنّ معاوية الأكرمين = حسان الوجوه طوال الأمم
والأمّهة والأمّة والأمّ والاّم: الوالدة، قال الشاعر:
تقبّلتها من أمةٍ لك طالما = تتوزع في الأسواق عنها خمارها
وقال آخر:
أمّهتي خندف واليأس أبي). [الأمالي: 1/301] (م)

تفسير قوله تعالى: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والدؤوب الإلحاح في السير يقال ما زال ذاك دأبه قال الله جل وعز: {قال تزرعون سبع سنين دأبًا} وقال امرؤ القيس:

كدأبك من أم الحويرث قبلها = وجارتها أم الرباب بمأسل
أي: كعادتك وكذلك الدين والديدن). [شرح المفضليات: 775]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (قال الضبي: يقال سئمت سأما وسآمة وهي السأمة: ومثل هذا يحرك ويسكن وقد جاء في القرآن محركا ومسكنا قال الله عز وجل: {قال تزرعون سبع سنين دَأْبا} ودَأَبا: وكأبة وكآبة ورأفه ورآفة). [شرح المفضليات: 803]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (المعتصر
الذي يصيب من الشيء يأخذ منه ويجذبه، قال ابن أحمر:
وإنما العيش بربانه = وأنت من أفنانه معتصر
ومنه قول طرفة:
لو كان في أملاكنا أحد = يعصر فينا كالذي تعصر
وقال الله تبارك وتعالى: {فيه يغاث الناس وفيه يعصرون}). [الغريب المصنف: 1/354-355]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (باب إعلان السر وإبداؤه بعد كتمانه
قال الأصمعي: من أمثالهم في هذا:
صرح الحق عن محضه. أي انكشف لك الأمر بعد ستره.
قال الزبير: صرح وحصحص بمعنى، قال: {قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقُ} ). [الأمثال: 59]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث سمرة بن جندب حين أتي برجل عنين فكتب فيه إلى معاوية، فكتب أن: اشتر له جارية من بيت المال وأدخلها معه ليلة ثم سلها عنه، ففعل سمرة، فلما أصبح قال: ما صنعت؟ قال: فعلت حتى حصحص فيه، قال: فسأل الجارية فقالت: لم يصنع شيئا، فقال خل سبيلها يا محصحص.
حدثنيه يزيد عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن سمرة.
قوله: حصحص، الحصحصة: الحركة في الشيء حتى يستمكن ويستقر فيه يقال: حصحصت التراب وغيره، إذا حركته وفحصته يمينا وشمالا قال حميد بن ثور يصف بعيرا قد أثقل حمله فهو يتحرك تحت الحمل عند النهوض فقال:
وحصحص في صم الحصى ثفناته = ورام القيام ساعة ثم صمما).
[غريب الحديث: 5/327]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال عمرو بن بحر: قرأ قارئ " قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ " إلى قوله تعالى: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب}، قال إسماعيل بن غزوان: لا واللّه ما سمعت بأغزل من هذه الفاسقة.
وسمع بكثرة مراودتها يوسف عنها فقال إسماعيل: أما واللّه بي تمرست). [عيون الأخبار: 10/108]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا} قال: أفلم يعلموا.
وقال في قوله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} قال: بعضهم يقول: ويلك، وبعضهم يقول: اعلم أن الله. وأنشد:
ويكأن من يكن له نشب يح = بب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقال في قوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}: ذلك في موضع رفع ونصب أراد فعلنا ذلك، ومن رفع أراد فعلنا ليعلم ذلك، فيرفع باللام.
{أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}، الحقب سنة، والأحقاب السنون.
{كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ}، فأنشد:
كذاك ابنة الأعيار خافى بسالة الـ = ـرجال فأصلان الرجال أقاصره).
[مجالس ثعلب: 322] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومما يفسر من كتاب الله جل وعلا تفسيرين متضادين قوله جل اسمه: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأنت الله لا يهدي كيد الخائنين}.
قال أصحاب الحديث: وأكثر أهل العلم: يوسف القائل هذا الكلام، وذلك أن العزيز –وهو الملك- لما وجه إليه وهو في الحبس ليحضر، قال للرسول: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن}، فسألهن الملك، ويوسف غائب عن المجلس، فقلن: {ما علمنا عليه من سوءْ }–يعنون يوسف عليه السلام- وشهدت له المرأة أيضا بالبراءة، فلما اتصل الأمر بيوسف، قال: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب}، أي لم تكن المراودة مني، ولم أجب المرأة إلى ما أرادت. وانصرف من كلام المرأة إلى كلام يوسف عليه السلام من غير إدخال قول، كما انصرف من كلام الملأ إلى كلام فرعون بغير إدخال قول في قوله: {قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم}، فقال له فرعون: {فماذا تأمرون}.
قال جماعة من أهل العلم أيضا: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب}، من كلام يوسف، ولذلك غمزه الملك فقال: ولا حين هممت! فقال: {وما أبرئ نفسي إن النفس
لأمارة بالسوء}.
وقالوا: لما وجه الملك إلى يوسف في الحبس ليحضر، وقد أحضر النسوة والمرأة، وكان النسوة في وقت مراودة المرأة يوسف عليه السلام حاضرات، يقلن ليوسف: ما عليك في أن تجيبها إلى ما تريد! فلما وصل الرسول إلى يوسف عليه السلام أقبل معه، فحضر مجلس الملك، هو والمرأة والنساء، فلما أقبل الملك على النسوة بالمسألة فقلن: {حاش لله ما علمنا عليه من سوء}، وقالت المرأة: {أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين}، قال يوسف والملك يسمع: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب}. ذكر هذا أبو عبيد.
فإن قال قائل: كيف قال: {ذلك ليعلم}، ولم يقل، (لتعلم) لحضور الملك؟
قيل له: جرت مخاطبة يوسف الملك على سبيل ما يخاطب الناس به الملوك، فخبر عنه بغيبة وهو حاضر، كما يقول الرجل للوزير إذا خاطبه: إن رأى الوزير أن يفعل كذا وكذا! فيكون أحسن في المخاطبة من أن يقول: إن رأيت أن تفعل كذا وكذا!
وقال آخرون: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} من كلام المرأة، لأنه متصل به، ولم يفصل بينهما بما يدل على انقطاعه والخروج منه إلى غيره.
فاحتج أصحاب القول الأول بأن الذي جرى في الآيتين من الحكمة والثناء على الله، هو بيوسف أليق منه بالمرأة الكافرة في ذلك الوقت.
وقال آخرون: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال يوسف عليه السلام بحضرة الملك والعزيز غائب، وزعموا أن العزيز كان قهرمان الملك، وأن يوسف راودته امرأة العزيز ولم تكن امرأة الملك، فأحضر الملك يوسف وامرأة العزيز والنسوة، والعزيز غائب، فلما برأته المرأة والنسوة، قال يوسف: ذلك ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب.
يحكى هذا عن الكلبي ووهب بن منبه.
وأكثر أهل العلم يقولون: العزيز هو الملك، كان أولئك القوم يسمون الملك عزيزا، كما يسمي الفرس الملك كسرى، ويسمي الروم الملك قيصر، ويسمي الترك الملك خاقان. والله أعلم بجميع هذا وأحكم). [كتاب الأضداد:416- 419]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (أبو زيد: فلان مكين عند فلان بين المكانة يعني المنزلة. والمكانة التؤدة). [الغريب المصنف: 3/1008]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب مدح الرجل نفسه وغيره
قال اللّه عز وجل حكاية عن يوسف: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليّم} ). [عيون الأخبار: 3/275]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 11:51 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59) }

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ (60) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (قال أبو العباس في قوله عز وجل: {فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ} أراد: تقربوني، فحذف الياء). [مجالس ثعلب: 121]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقالوا: فعل لما وقع وفعل لما يقع وفي التفسير: {منع منا الكيل}، أي: يمنع منا. {ونادى أصحاب النار}، أي: ينادون. وقال الحطيئة:

شهد الحطيئة حين يلقى ربه = أن الوليد أحق بالعذر
يريد يشهد لأنه قال: حين يلقى ربه ولم يلقه بعد). [الأضداد: 116]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( قال أبو عبيدة: ويكون من الأضداد أيضا، يقال: يكون للمستقبل، ويقال: يكون للماضي، فكونه للمستقبل لا يحتاج فيه إلى شاهد، وكونه للماضي قول الصلتان يرثي المغيرة بن المهلب:


قل للقوافل والغزاة إذا غزوا = والباكرين وللمجد الرائح
إن السماحة والشجاعة ضمنا = قبرا بمرو على الطريق الواضح
فإذا مررت بقبره فاعقر به = كوم الجلاد وكل طرف سابح
وانضح جوانب قبره بدمائها = فلقد يكون أخا دم وذبائح
أراد: فلقد كان.
قال أبو بكر: والذي نذهب إليه أن (كان) و(يكون) لا يجوز أن يكونا على خلاف ظاهرهما، إلا إذا وضح المعنى، فلا يجوز لقائل أن يقول: كان عبد الله قائما، بمعنى يكون عبد الله، وكذلك محال أن يقال: يكون عبد الله قائما؛ بمعنى كان عبد الله، لأن هذا ما لا يفهم ولا يقوم عليه دليل؛ فإذا انكشف المعنى حمل أحد الفعلين على الآخر، كقوله جل اسمه: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا}، معناه من يكون في المهد فكيف نكلمه! فصلح الماضي في موضع المستقبل لبيان معناه. وأنشد الفراء:

فمن كان لا يأتيك إلا لحاجة = يروح لها حتى تقضى ويغتدي
فإني لآتيكم تشكر ما مضى = من الأمر واستيجاب ما كان في غد
أراد: ما يكون في غد. وقال الله عز ذكره: {ونادى
أصحاب الجنة أصحاب النار}، فمعناه (وينادي)، لأن المعنى مفهوم. وقال جل وعز: {يا أبانا منع منا الكيل}، فقال بعض الناس: معناه (يمنع منا).
وقال الحطيئة:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه = أن الوليد أحق بالعذر
معناه: (يشهد الحطيئة).
{وكان الله غفورا رحيما} ليس بصحيح؛ لأنها لا تلغى مبتدأة ناصبة للخبر؛ وإنما التأويل المبتدأ عند الفراء: (وكائن الله غفورا رحيما)، فصلح الماضي في موضع الدائم؛ لأن أفعال الله جل وعز تخالف أفعال العباد، فأفعال العباد تنقطع، ورحمة الله جل وعز لا تنقطع، وكذلك مغفرته وعلمه وحكمته.
وقال غير الفراء: كأن القوم شاهدوا لله مغفرة ورحمة وعلما وحكمة، فقال الله جل وعز: {وكان الله غفورا رحيما}، أي لم يزل الله عز وجل على ما شاهدتم). [كتاب الأضداد: 60-62] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) }
تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): («البعير» ذكر وأنثى، و«الجمل» لا يقع إلا على الذكر). [المذكور والمؤنث: 111]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والياء المكسور ما قبلها لا يدخلها خفض ولا رفع لثقل ذلك، نحو ياء القاضي، ويدخلها الفتح في قولك: رأيت القاضي؛ فلذلك بنيت هذه الياء على الفتح.
وإنما جاز إسكانها في قولك: هذا غلامي، وزيد ضربني؛ لأن ما قبلها معها بمنزلة شيء واحد، فكان عوضاً مما يحذف منها، والحركات مستثقلة في حروف المد واللين؛ فلذلك أسكنت استخفافاً.
فمما حركت فيه على الأصل قول الله عز وجل: {يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه} حركت الياء على الأصل، وألحقت الهاء لبيان الحركة في الوقف.
فإن وصلت حذفتها؛ لأن حركة الياء تظهر في ماليه وسلطانيه، وما كان مثل هذا إنما هو بمنزلة قولك {فبهداهم اقتده} فإن وصلت حذفت. وكذلك يقرأ: {لكم دينكم ولي دين} على الإسكان والحركة.
فإن كان ما قبل هذه الياء ساكناً فالحركة فيها لا غير لئلا يلتقي ساكنان، وذلك قولك: هذه عشري يا فتى، وهذه رحاي فاعلم. و{يا بني لا تدخلوا من باب واحد} حذفت النون للإضافة، وأدغمت الياء التي كانت في ياء الإضافة. فحركت ياء الإضافة لئلا يلتقي ساكنان على أصلها، وكذلك قولك: {هي عصاي أتوكأ عليها} لا يكون إلا ذلك لما ذكرت لك من سكون ما قبلها.
وأما قوله: {يا بني إنها إن تك} فإنما أضاف قوله بني فاعلم، الياء ثقيلة فتصرف في الكلام؛ لأن الواو والياء إذا سكن ما قبل كل واحد منهما جريا مجرى غير المعتل. نحو: دلو، وظبي، ومغزو، ومرمي. لا يكون ذلك إلا معرباً). [المقتضب: 4/248-249] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (تَبتَئِسْ: مِن البُؤْسِ). [شرح لامية العرب: --] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فدع عنك هذا ولا تبتهج = لخير ولا تبتئس عند ضر
...
و(لا تتباءس) من (البؤس).
و(الابتهاج) الفرح والسرور، و(الاغتباط) الفرح، و(البؤس) الضر والهزال، وقوله: (لا تبتئس) أي لا تحزن). [شرح أشعار الهذليين: 1/117] (م)


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 11:52 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ولد الحمار:
ويقال للحمار: عير، ومسحل، وابن مقلاء، وللأنثى: أتان، وعيرة بالهاء، وقال الراجز:

يفيشها بفيشمة قليق = فيش الحمار عيرة بحوق).
[الفرق في اللغة: 99]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (أسماء السرج وصفاتها

هو (السرج) والجميع: السروج.
و(الرحل) والجميع: الرحال، قال طفيل:
وشد العضاريط الرحال وأسلمت = إلى كل سعواء الضحى متلبب
و(الرحالة)، والجميع: الرحائل، وهي سروج كانت تتخذ من جلود للصبر على طول السير والركض. قال أبو ذؤيب:
تعدو به خوصاء يقصم جريها = حلق الرحالة فهو رخو تمزع).
[كتاب السلاح: 113]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

ألا ليت جيش العير لاقوا كتيبة = ثلاثين منا صرع ذات الحفائل
(العير) الحمار). [شرح أشعار الهذليين: 2/683]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وروي عن ابن سيرين: أن رجلا أتاه، فقال: رأيت كأني أؤذن؛ قال: تحج. وأتاه آخر، فقال: رأيت كأني أؤذن؛ قال: تقطع يدك. فقال له جلساؤه: كيف فرقت بينهما، والرؤيا واحدة؟ قال: رأيت للأول سيماء حسنة، فتأولت {وأذن في الناس بالحج}. ولم أر هيئة الثاني، فتأولت {ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون} ). [تعبير الرؤيا: 47] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
زعيم لمن قاذفته بأوابد = يغني بها الساري وتحدى الرواحل
الزعيم: الكفيل من قوله عز وجل: {وأنا به زعيم} أي: كفيل). [شرح المفضليات: 179]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) }

تفسير قوله تعالى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وأخفيت حرف من الأضداد؛ يقال: أخفيت الشيء، إذا سترته، وأخفيته إذا أظهرته، قال الله عز وجل: {إن الساعة آتية أكاد أخفيها}، فمعناه أكاد أسترها، وفي قراءة أبي: (أكاد أخفيها من نفسي
فكيف أطلعكم عليها)، فتأويل (من نفسي) (من قبلي) و(من غيبي)، كما قال: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك}، ويقال: معنى الآية: إن الساعة آتية أكاد أظهرها. ويقال: خفيت الشيء، إذا أظهرته.
ولا يقع هذا –أعني الذي لا ألف فيه- على الستر والتغطية.
قال الفراء: حدثنا الكسائي، عن محمد بن سهل، عن وقاء، عن سعيد بن جبير أنه قرأ: (أكاد أَخْفيها) فمعنى (أخفيها) أظهرها. وقال عبدة بن الطبيب يذكر ثورا يحفر كناسا، ويستخرج ترابه فيظهره:
يخفي التراب بأظلاف ثمانية = في أربع مسهن الأرض تحليل
أراد يظهر التراب. وقال الكندي:
فإن تدفنوا الداء لا نخفه = وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
أراد لا نظهره، وقال النابغة:


يخفي بأظلافه حتى إذا بلغت = يبس الكثيب تدانى الترب وانهدما
أراد يظهر.
قال أبو بكر: يجوز أن يكون معنى الآية: إن الساعة آتية أكاد آتي بها؛ فحذف (آتي) لبيان معناه، ثم
ابتدأ فقال: (أخفيها لتجزى كل نفس)، قال ضابئ البرجمي:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني = تركت على عثمان تبكي حلائله
أراد: وكدت أقتله، فحذف ما حذف، إذ كان غير ملبس. ويجوز أن يكون المعنى: إن الساعة آتية أريد أخفيها، قال الله عز وجل: {كذلك كدنا ليوسف}، فيقال: معناه أردنا. وأنشدنا أبو علي العنزي للأفوه:

فإن تجمع أوتاد وأعمدة = وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
معناه الذي أرادوا. وقال الآخر:
كادت وكدت وتلك خير إرادة = لو عاد من لهو الصبابة ما مضى
معناه أرادت وأردت). [كتاب الأضداد:95- 97] (م)
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (تفسير قوله تعالى: {غير مدينين} [الواقعة: 86] ومعنى الدين
وحدّثنا أبو بكر بن الأنباري، رحمه الله، في قوله تعالى: {فلولا إن كنتم غير مدينين} [الواقعة: 86] معناه غير مجزّيين، قال: وأنشدنا:
ولم يبق سوى العدوا = ن دناهم كما دانوا
أي جازيناهم كما جازوا، ومن ذلك قوله جل وعز: {مالك يوم الدّين} [الفاتحة: 4] ، قال قتادة: معناه مالك يومٍ يدان فيه العباد أي يجازون بأعمالهم، ويكون الدين أيضًا الحساب قال ابن عباس: معنى قوله {مالك يوم الدّين} [الفاتحة: 4] أي: يوم الحساب، ويكون الدّين أيضًا السّلطان، قال زهير:
لئن حللت بجوٍّ في بني أسدٍ = في دين عمروٍ وحالت بيننا فدك
معناه في سلطان، ويكون الدّين أيضًا الطاعة، من ذلك قوله جل وعز: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} [يوسف: 76] معناه في طاعة الملك.
ويكون الدّين أيضًا العبودية والذّل، وجاء في الحديث الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت فمعناه استعبد نفسه وأذلّها لله عز وجل، قال الأعشى:

هو دان الرّباب إذ كرهوا = الدين دراكًا بغزوةٍ وصيال
ثم دانت بعد الرّباب وكانت = كعذابٍ عقوبة الأقوال
يعني أنه أذلهمّ فذلّوا، وقال القطامي:
رمت المقاتل من فؤادك بعدما = كانت نوار تدينك الأديانا
معناه تستعبدك بحبها، ويكون الدين أيضًا الملة، كقولك: نحن على دين إبراهيم، ويكون العادة، قال المثقب العبدي:

تقول إذا درأت لها وضينا = أهذا دينه أبدًا وديني
أكلّ الدهر حلٌّ وارتحالٌ = أما يبقى على وما يقيني
ويكون الدين أيضًا الحال، قال النضر بن شميل: سألت أعرابيًا عن شيء، فقال: لو لقيتني دينٍ غير هذه لأخبرتك، وروى أبو عبيدة قول امرئ القيس:
كدينك من أم الحويرث قبلها = وجارتها أمّ الرباب بمأسل
أي كعادتك.
والعرب تقول: ما زال هذا دينه ودأبه وديدنه وديدانه وديدبونه أي عادته). [الأمالي: 2/294-295] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال سحيم بن وثيل اليربوعي، وأدرك الإسلام:
...
ظلت نساؤهم والقوم أنجية = يعدى عليها كما يعدى على النعم
...
وواحد الأنجية نجي. كما ترى وهم جماعة يتناجون، كما قال تعالى: {خلصوا نجيا} والأنجية: جماعة النجي، كأنهم الجماعات. قال الراجز:
إني إذا ما القوم كانوا أنجيه
ومنه النجوى: أي الجماعة يتناجون، قال عز وجل: {وإذ هم نجوى} والنجوى أيضا: المناجاة. قال: {وأسروا النجوى} وقال: {فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} وأما قوله تعالى: {ما يكون من نجوى ثلاثة} فيمكن أن يعني الجماعة، ويمكن المناجاة يحتمل المعنيين، أبو حاتم:
كما يعدى على الغنم). [النوادر في اللغة: 158-160]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال حاتم طيء الجواد:
...
فقد علمت غوث بأنا سراتها = إذا علنت بعد النجي أمورها
«علنت»: ظهرت. و«النجي»: السرار). [النوادر في اللغة: 350] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن أردت قبل ما تعلم فحذفت المضاف إليه قلت: جئت قبل وبعد، وجئت من قبل ومن بعد. قال الله عز وجل: {لله الأمر من قبل ومن بعد} وقال: {ومن قبل ما فرطتم في يوسف}

وقال في الإضافة: {من بعد أن أظفركم عليهم} و{من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي} ). [المقتضب: 3/175] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن قال قائل: فالمضاف والنكرة مخاطبان، كما كان في المفرد المعرفة، وقد كان حقهما أن يخبر عنهما، ولا يخاطبا.
قيل له: قد علمنا أن المضاف معرفة بالمضاف إليه، كما كان قبل النداء والنكرة في حال النداء؛ كما كان قبل ذلك.
وزيد وما أشبهه في حال النداء معرفة بالإشارة منتقل عنه ما كان قبل ذلك فيه من التعريف.
ألا ترى أنك تقول إذا أردت المعرفة: يا رجل أقبل. فإنما تقديره: يا أيها الرجل أقبل، وليس على معنى معهود، ولكن حدثت فيه إشارة النداء، فلذلك لم تدخل فيه الألف واللام، وصار معرفة بما صارت به المبهمة معارف.
والمبهمة مثل: هذا، وذاك، وهذه، وتلك، وأولئك وذاك، وذاكن، وذلكن. إلا أنك إذا ناديته فهو معرفة بالإشارة؛ كما كانت هذه الأسماء، غير أنه مخاطب، وهي مخبر عنها. فهذا يوضح لك أمر الواحد المفرد.
ومع ذلك أن المضاف تمنعه الإضافة من البناء: كما كان ذلك في قبل، وبعد، وأمس، وما أشبههن.
تقول: ذهب أمس بما فيه، وقد ذهب أمسنا، وكذلك تقول: جئت من قبل، ومن بعد يا فتى.
فإن أردت قبل ما تعلم فحذفت المضاف إليه قلت: جئت قبل وبعد، وجئت من قبل ومن بعد. قال الله عز وجل: {لله الأمر من قبل ومن بعد} وقال: {ومن قبل ما فرطتم في يوسف}
وقال في الإضافة: {من بعد أن أظفركم عليهم} و {من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي} ). [المقتضب: 4/205-206] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
طاوعته بعدما طال النجي بنا
يريد المناجاة، فأخرجه على لفظ: "فعيل"، ونظيره من المصادر الصهيل، والنهيق، الشحيج، ويقال: شب الفرس شبيبًا، ولذلك كان "النجي" يقع على الواحد والجماعة نعتًا، كما تقول: امرأة عدلٌ ورجل عدلٌ وقوم عدلٌ: لأنه مصدر قال الله عز وجل: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}، أي مناجيًا، وقال للجماعة: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} أي متناجين). [الكامل: 1/369] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
حمال ألوية شهاد أندية = قوال محكمة جواب آفاق
...
وروي شهاد أنجية يعني المجالس، التي يتناجى فيها، أي يتسار، والمناجاة السرار ومنه {يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم} أي: تساررتم، ومنه الحديث: ((لا يتناج اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه))، ومنه: {وما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم}، ومنه {خلصوا نجيًا} وأنجية جمع نجي). [شرح المفضليات: 14-15] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
ألا إن نجواك في ثادقٍ = سواء علي وإعلانها
النجوى: السر وقد ناجى فلان فلانًا إذا ساره يناجيه مناجاةً ونجاءً، ومنه قول الله تعالى: {فلما استيئسوا منه خلصوا نجيًا} أي: يتساورون فيما بينهم). [شرح المفضليات: 721]

تفسير قوله تعالى: {ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81) }


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 11:54 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومما جاء على اتّساع الكلام والاختصار قوله تعالى جدّه: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها} إنّما يريد أهل القرية فاختصر وعمل الفعل في القرية كما كان عاملاً في الأهل لو كان ها هنا.
ومثله: {بل مكر الليل والنهار} وإنّما المعنى بل مكركم في الليل والنهار. وقال عزّ وجلّ: {ولكن البر من آمن بالله} وإنّما هو ولكنّ البرّ برّ من آمن بالله واليوم الآخر.
ومثله في الاتّساع قوله عزّ وجلّ: {ومثل الّذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلاّ دعاءً ونداءً} فلم يشبّهوا بما ينعق وإنّما شبّهوا بالمنعوق به. وإنّما المعنى مثلكم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به الذي لا يسمع. ولكنه جاء على سعة الكلام والإيجاز لعلم المخاطب بالمعنى). [الكتاب: 1/212]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب أسماء القبائل والأحياء وما يضاف إلى الأب والأم
أما ما يضاف إلى الآباء والأمهات فنحو قولك هذه بنو تميمٍ وهذه بنو سلولٍ ونحو ذلك
فإذا قلت هذه تميمٌ وهذه أسدٌ وهذه سلولٌ فإنما تريد ذلك المعنى غير أنك إذا حذفت حذفت المضاف تخفيفاً كما قال عز وجل: {واسأل القرية} ويطؤهم الطريق وإنما يريدون أهل القرية وأهل الطريق وهذا في كلام العرب كثير فلما حذفت المضاف وقع على المضاف إليه ما يقع على المضاف لأنه صار في مكانه فجرى مجراه وصرفت تميماً وأسداً لأنك لم تجعل واحداً منهما اسماً للقبيلة فصارا في الانصراف على حالهما قبل أن تحذف المضاف ألا ترى أنك لو قلت اسأل واسطاً كان في الانصراف على حاله إذا قلت أهل واسطٍ فأنت لم تغير ذلك المعنى وذلك التأليف إلا أنك حذفت وإن شئت قلت هؤلاء تميمٌ وأسدٌ لأنك تقول هؤلاء بنو أسدٍ وبنو تميم فكما أثبت اسم الجميع ههنا أثبت هنالك اسم المؤنث يعني في هذه تميمٌ وأسدٌ). [الكتاب: 3/246-247]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (أنشدني المفضل لرجل من بني ضبة هلك منذ أكثر من مائة سنة:
...

أعرف منها الأنف والعينانا = ومنخران أشبها ظبيانا
ضبيان اسم رجل، أراد: منخري ظبيان، فحذف. كما قال تعالى: {واسأل القرية} يريد أهل القرية). [النوادر في اللغة: 168]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

فما برحت في الناس حتى تبينت = ثقيفا بزيزاء الأشاء قبابها
...
و(قبابها) يريد أصحاب القباب وأهلها، فجعل الفعل للقباب، كقولك: (قام إلى المجلس)، تريد أهل المجلس، ومنه قول الله جل وعز: {واسأل القرية}، إنما يسأل أهل القرية). [شرح أشعار الهذليين: 1/47]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ألا ليت جيش العير لاقوا كتيبة = ثلاثين منا صرع ذات الحفائل
(العير) الحمار). [شرح أشعار الهذليين: 2/683] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الله عز وجل: {واسأل القرية التي كنا فيها} إنما هو: أهل القرية كما قال الشاعر:
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت = فإنما هـي إقـبـالٌ وإدبـار
أي: ذات إقبال وإدبار، ويكون على أنه جعلها الإقبال والإدبار لكثرة ذاك منها. وكذلك قوله عز وجل: {ولكن البر من آمن بالله}. والوجه: ولكن البر بر من آمن بالله. ويجوز أن يوضع البر في موضع البار على ما ذكرت لك. فإذا قلت: ما أنت إلا شرب الإبل فالتقدير: ما أنت إلا تشرب شرب الإبل، والرفع في هذا أبعد؛ لأنه إذا قال: ما أنت إلا سيرٌ. فالمعنى: ما أنت إلا صاحب سيرٍ؛ لأن السير له. فإذا قال: ما أنت إلا شرب الإبل ففيه فعل؛ لأن الشرب ليس له. وإنما التقدير: إلا تشرب شرباً مثل شرب الإبل، فإذا أراد الضمير في الرفع كثر، فصار المعنى: ما أنت إلا صاحب شربٍ كشرب الإبل، فهذا ضعيفٌ خبيث. ومثل الأول قوله:
وكيف تواصل من أصبحت = خلالته كأبـي مـرحـب
يريد: كخلالة أبي مرحب. فهذا كقوله عز وجل: {ولكن البر من آمن بالله}. ومن ذلك قول الشاعر:
وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي = على وعلٍ في ذي الفقارة عاقل
واعلم أن المصادر لا تمتنع من إضمار أفعالها إذا ذكرت ما يدل عليها، أو كان بالحضرة ما يدل على ذلك. وقياسها قياس سائر الأسماء في رفعها ونصبها وخفضها، إلا أنها تبدل من أفعالها. ألا ترى قوله عز وجل: {في أربعةٍ أيامٍ سواءً للسائلين} وأن قوله {أربعة} قد دل على أنها قد تمت. فكأنه قال: استوت استواءً. ومثله: {الذي أحسن كل شيءٍ خلقه}؛ لأن فعله خلق فقوله: {أحسن}؛ أي خلق حسنا خلق، ثم أضافه. ومثل ذلك: {وعد الله}؛ لأنه لما قال: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله} علم أن ذلك وعدٌ منه، فصار بمنزلة: وعدهم وعداً، ثم أضافه. وكذلك: {كتاب الله عليكم}. لما قال: {حرمت عليكم أمهاتكم} أعلمهم أن ذلك مكتوب عليهم، فكأنه قال: كتب الله ذلك. ومن زعم أن قوله: {كتاب الله عليكم} نصب بقوله: عليكم كتاب الله، فليس يدري ما العربية؛ لأن السماء الموضوعة موضع الأفعال لا تتصرف تصرف الأفعال، فتنصب ما قبلها. فمن ذلك قوله:
ما إن يمس الأرض إلا منكـبٌ = منه وحرف الساق طي المحمل
وذلك أنه دل بهذا الوصف على انه منطوٍ فأراد: طوي طي المحمل. فهذه أوصاف تبدل من الفعل لدلالتها عليه). [المقتضب: 3/230-232]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب تسمية السور والبلدان
أما قولك: هذه هودٌ، وهذه نوحٌ، فأنت مخير: إن أردت هذه سورة نوح، وهذه سورة هود، فحذفت سورة على مثال ما حذف من قوله عز وجل: {واسأل القرية} فمصروف. تقول: هذه هودٌ، وهذه نوحٌ. وإن جعلت واحداً منهما اسماً للسورة لم تصرفه في قول من رأى ألا يصرف زيدا إذا كان اسماً لامرأة. هذا في هود خاصةً. وأما نوح فإنه اسمٌ أعجميٌّ لا ينصرف إذا كان اسماً لمؤنث، كما ذكرت لك قبل هذا. فأما يونس، وإبراهيم فغير مصروفين، للسورة جعلتهما أو للرجلين؛ للعجمة. ويدلك على ذلك أنك إذا قلت: هذه يونس أنك تريد: هذه سورة يونس، فحذفت؛ كما أنك تقول: هذه الرحمن.
وأما حاميم فإنه اسمٌ اعجميٌّ لا ينصرف، للسورة جعلته أو للحرف؛ ولا يقع مثله في أمثلة العرب. لا يكون اسم على فاعيل. فإنما تقديره تقدير: هابيل. وكذلك طس، ويس فيمن جعلهما اسماً؛ كما قال لما جعله اسماً للسورة:
يذكرني حاميم والرمح شاجرٌ = فهلا تلا حاميم قبل التقـدم
وقال الكميت:
وجدنا لكم في آل حاميم آيةً = تأولها منا تقيٌّ ومعـرب
وأما فواتح السور فعلى الوقف؛ لأنها حروفٌ مقطعة؛ فعلى هذا تقول: {الم * ذلك} و{حم والكتاب} لأن حق الحروف في التهجي التقطيع؛ كما قال:
أقبلت من عند زيادٍ كالخرف = تخط رجلاي بخطٍّ مختلـف
تكتبان في الطريف لامَ الِف
فهذا مجاز الحروف. فأما نون في قولك: قرأت نوناً يا فتى، فأنت مخير: إن أردت سورة نون، وجعلته اسماً للسورة جاز فيه الصرف فيمن صرف هندا، وتدع ذلك في قول من لم يصرفها. وكذلك صاد، وقاف. وهذه الأسماء التي على ثلاثة أحرف أوسطها ساكن إنما هي بمنزلة امرأة سميتها دارا). [المقتضب: 3/355-357]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قولهم: الليلة الهلال، ولا يجوز الليلة زيد؛ لأن ظروف الزمان لا تتضمن الجثث، وإنما استقام هذا؛ لأن فيه معنى الحدوث. إنما يريد: الليلة يحدث الهلال. فللمعنى صلح.
ولو قلت: الليلة الهلال كان جيداً. تريد: الليلة ليلة الهلال، فلما حذفت ليلة أقمت الهلال مقامها. مثل قول الله عز وجل: {واسأل القرية}. تريد أهل القرية). [المقتضب: 4/351]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال العجاج:
ناج طواه لأين مما وجفا = طي الليالي: زلفاٌ فزلفا
سماوة الهلال حتى احقوقفا
ناج: سريع، والأين: الإعياء. والوجيف: ضرب من السير. ونصب "طي الليالي" لأنه مصدر من قوله: "طواه الأين"، وليس بهذا الفعل، ولكن تقدير طواه الأين طياٌ مثل طي الليالي، كما تقول: زيد يشرب شرب الإبل، إنما التقدير يشرب شرباٌ مثل الإبل، "فمثل" نعت، ولكن إذا حذفت المضاف استغنى بأن الظاهر يبينه، وقام أضيف إليه مقامه في الإعراب، من ذلك قول الله تبارك تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} نصب لأنه كان: "واسأل أهل القرية". وتقول:
بنو فلان يطؤهم الطريق، تريد أهل الطريق فحذفت " أهل " فرفعت " الطريق " لأنه في موضع، فعلى هذا فقس إن شاء الله). [الكامل: 1/197-198]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: "حين يؤم حجًّا" فيكون الحجّ جمع حاجّ، كما يقال: تاجرٌ وتجرٌ، وراكبٌ وركبٌ، قال العجّاج:
بواسطٍ أكرم دارٍ دارا = والله سمّى نصرك الأنصارا
فأخرجه على "ناصر ونصر"، قال: ويجوز أن يكون حجّ أصحاب حجّ، كما قال الله عزّ وجل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}، يريد: أهلها). [الكامل: 2/667]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (قول الله عز وجل: {إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك}
...
وقال آخرون: معنى الآية: إني أريد بطلان أن تبوء بإثمي وإثمك، فحذف البطلان أو الزوال أو الدفع أو ما أشبههن وأقام (أن) مقام الساقط كما، قال: {واسأل القرية}.
قال أبو بكر: وفي هذا القول عندي بعد؛ لأن المحذوف ليس بمشهور ولا بين الموضع، فالقول الأول هو المختار عندنا لما مضى من الاحتجاج له وإقامة الدليل عليه. والله أعلم). [كتاب الأضداد: 314] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
نرجو فواضل رب سيبه حسن = وكل خير لدبه فهو مقبول
ويروى: ترجو تذهب إلى الإبل، والمعنى على أصحابها، كما قال عز ذكره: {واسأل القرية} أي: أهلها). [شرح المفضليات: 286]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
هلا سألت الخيل إذ قلصت = ما كان إبطائي وإسراعي
قال الضبي: قلصت يعني الخصى، قال: ويزعمون أن الجبان ساعة يفزع تقلص خصيتاه.، روى عامر: هلا سألت القوم إذ قلصت، ورواها أحمد: فسائلي الأحلاف إذ قلصت. ومن روى الخيل أراد أصحاب الخيل كقول الله عز وجل: {واسأل القرية}، أي: أصحاب القرية). [شرح المفضليات: 571]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
وبنو رواحة ينظرون إذا = نظر الندي بآنفٍ خثم
قال الضبي: النادي والندي المجلس وأراد ههنا أهل الندي كقوله جل وعز: {وتأتون في ناديكم المنكر} وهو مجلسهم. وقال عز وجل: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها} أي: سل أهل القرية وأهل العير). [شرح المفضليات: 718] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) }

تفسير قوله تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فما لك إذ مررت على حنين = كظيما مثل ما زفر اللهيد
...
و(كظيم) ساكت على حُزْن.
...
قال: (الكظيم) و(المكظوم) الذي أخذ بنفسه). [شرح أشعار الهذليين: 1/334]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) )
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وتقول: ما فتأت أذكره فتاء [فتئا] إذا كنت ما تزال تذكره. كقول الله عز وجل: {تفتأ تذكر يوسف} ). [كتاب الهمز: 23]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

أرى المرء ذا الأذواد يصبح محرضا = كإحراض بكر في الديار مريض
المحرض: الهالك الذي لا خير فيه. يقال: أحرضه المرض؛ أي أفسده). [شرح ديوان امرئ القيس: 471]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
فما انصرفت حتى أفاءت رماحهم = لأعدائهم في الحرب سمًا مقشبا
...
ويروى:
فما فتئت حتى أفاءت رماحهم = سبيًا وعرجًا كالهضاب معزبًا.
أي: مباعدًا والهضاب: الجبال الحمر الشامخة ويقال ما فتئ يفعل أي ما زال يفعل ومنه قول الله عز وجل: {تالله تفتؤ تذكر يوسف}). [شرح المفضليات: 738]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) }

تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) }


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 11:54 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وتقول فلان يسأل ولا تقل يتصدق إنما يتصدق المعطي قال الله جل ثناؤه: {وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين} ). [إصلاح المنطق: 296]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله:
وحاجة غير مزجاة من الحاج
المزجاة: اليسيرة الخفيفة المحمل، قال الله عز وجل: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} ). [الكامل: 1/368]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} قال: فيها بعض الإغماض. {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} تساهل علينا). [مجالس ثعلب: 86]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ} قال: كانت بضاعتهم مزجاة فقالوا له: خذ منا وأوف لنا الكيل). [مجالس ثعلب: 277]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (أنشد أبو عبيدة:

ومرسل ورسول غير متهم = وحاجة غير مزجاة من الحاج
أراد غير ناقصة من الحوائج، والمزجاة المسوقة، تقول: أزجيت مطيتي أي سقتها، قال الله عز وجل: {ببضاعة مزجاة} ). [كتاب الأضداد: 20] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وقال بعض أهل اللغة: تصدق حرف من الأضداد؛ يقال: قد تصدق الرجل إذا أعطى، وهو المعروف المشهور عند أكثر العرب، وقد تصدق إذا سأل؛ وهو القليل في كلامهم). [كتاب الأضداد: 179] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} أي لا تذكر ذنوبكم، يقال ثرب عليه إذا ذكر ذنوبه). [مجالس ثعلب: 195]

تفسير قوله تعالى: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا}: مقتدرًا {إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} قال: الفراء يقول: بل يزيدون. وغيره يقول: ويزيدون عندكم.
{لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ} أي تضعفون وتعنفون.
{أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} قال: أو، إنما هو لنا). [مجالس ثعلب: 112] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال جابر بن رألان الطائي جاهلي:
...
يرجي العبد ما إن لا يلاقي = وتعرض دون أبعده خطوب
...
قال أبو الحسن: قوله: «يرجي العبد ما إن لا يلاقي» غلط. والصواب: «ما أن لا يلاقي». وأن زائدة، وهي تزاد في الإيجاب مفتوحة وفي النفس مكسورة تقول: لما أن جاءني زيد أعطيته. قال الله
تعالى: {فلما أن جاء البشير} ). [النوادر في اللغة: 264-265]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (لأن تخطئ في العلم أيسر من أن تخطأ في الدين يقال قد خطئت إذا أثمت فأنا أخطأ خطئا وأنا خاطئ قال الله عز وجل: {إنه كان خطئا كبيرا} وقال أيضا: {كنا خاطئين} أي آثمين وقال أبو عبيدة يقال أخطأ وخطئ لغتان وأنشد:
(يا لهف هند إذا خطئن كاهلا)
أي: أخطأن كاهلا قال ويقال في مثل مع الخواطئ سهم صائب يضرب للذي يكثر الخطأ أو يأتي الأحيان بالصواب). [إصلاح المنطق: 293-294] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (هارون بن معروفٍ عن ضمرة عن عثمان بن عطاء، قال: عطاء الحوائج عند الشباب أسهل منها عند الشيوخ ثم قرأ قول يوسف: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم} وقول يعقوب {سوف أستغفر لكم ربّي إنّه هو الغفور الّرحيم} ). [عيون الأخبار: 8/134]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ (99) }

تفسير قوله تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن أردت قبل ما تعلم فحذفت المضاف إليه قلت: جئت قبل وبعد، وجئت من قبل ومن بعد. قال الله عز وجل: {لله الأمر من قبل ومن بعد} وقال: {ومن قبل ما فرطتم في يوسف}
وقال في الإضافة: {من بعد أن أظفركم عليهم} و{من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي} ). [المقتضب: 3/175] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن قال قائل: فالمضاف والنكرة مخاطبان، كما كان في المفرد المعرفة، وقد كان حقهما أن يخبر عنهما، ولا يخاطبا.
قيل له: قد علمنا أن المضاف معرفة بالمضاف إليه، كما كان قبل النداء والنكرة في حال النداء؛ كما كان قبل ذلك.
وزيد وما أشبهه في حال النداء معرفة بالإشارة منتقل عنه ما كان قبل ذلك فيه من التعريف.
ألا ترى أنك تقول إذا أردت المعرفة: يا رجل أقبل. فإنما تقديره: يا أيها الرجل أقبل، وليس على معنى معهود، ولكن حدثت فيه إشارة النداء، فلذلك لم تدخل فيه الألف واللام، وصار معرفة بما صارت به المبهمة معارف.
والمبهمة مثل: هذا، وذاك، وهذه، وتلك، وأولئك وذاك، وذاكن، وذلكن. إلا أنك إذا ناديته فهو معرفة بالإشارة؛ كما كانت هذه الأسماء، غير أنه مخاطب، وهي مخبر عنها. فهذا يوضح لك أمر الواحد المفرد.
ومع ذلك أن المضاف تمنعه الإضافة من البناء: كما كان ذلك في قبل، وبعد، وأمس، وما أشبههن.
تقول: ذهب أمس بما فيه، وقد ذهب أمسنا، وكذلك تقول: جئت من قبل، ومن بعد يا فتى.
فإن أردت قبل ما تعلم فحذفت المضاف إليه قلت: جئت قبل وبعد، وجئت من قبل ومن بعد. قال الله عز وجل: {لله الأمر من قبل ومن بعد} وقال: {ومن قبل ما فرطتم في يوسف}
وقال في الإضافة: {من بعد أن أظفركم عليهم} و{من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي} ). [المقتضب: 4/205-206] (م)

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب
الحروف التي تنبه بها المدعو
وهي: يا، وأيا، وهيا، وأي، وألف الاستفهام.
فهذه الحروف سوى الألف تكون لمد الصوت.
وتقع وا في الندبة، وفيما مددت به صوتك؛ كما تمده بالندبة وإنما أصلها للندبة. وقد تبتدئ الاسم منادى بغير حرف من هذه الحروف. وذلك قوله:
حار بن عمرو ألا أحلام تزجركم = عنا وأنتم من الجوف الجماخير
وقال الله عز وجل: {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض} ). [المقتضب: 4/233-234]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما يجوز أن تحذف منه علامة النداء
وما لا يجوز ذلك فيه
تقول: زيد أقبل، وتقول: من لا يزال محسناً، تعال، وغلام زيد، هلم، رب اغفر لنا كما قال جل وعز: {رب قد آتيتني من الملك} وقال عز وجل: {فاطر السموات والأرض} ). [المقتضب: 4/258]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) }

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): («السبيل» يؤنث ويذكر، قد جاء بذلك التنزيل؛ قال الله عز وجل:
{هذه سبيلي} ، وقال عز وجل: {وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا}. وفي قراءة أبي: (يتخذوها) ). [المذكور والمؤنث: 77-78]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والسبيل والطريق يذكران ويؤنثان يقال الطريق الأعظم والطريق العظمى وقال الله جل وعز: {وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا} وقال: {قل هذه سبيلي} ). [إصلاح المنطق: 361] (م)


تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) }

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ} من قومهم أن يؤمنوا وظن القوم أن الرسل (قَدْ كُذِّبُوا جَاءَهُمْ) النصر.
ومن قال {كُذِبُوا} يقول: كذبنا الرسل فيما قالوا لنا). [مجالس ثعلب: 582-583]

{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (111)


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة