العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الإسراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 09:22 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والحنك مصدر حنك الدابة يحنكها حنكا إذا شد في حنكها الأسفل حبلا يقودها به وقد احتنك دابته مثل حنكها ويقال قد احتنك الجراد الأرض إذا أتى على نبتها وقول الله جل ذكره: {لأحتنكن ذريته إلا قليلا} مأخوذ من أحد هذين والحنك حنك الإنسان وغيره ويقال أسود مثل حنك الغراب يعني منقاره). [إصلاح المنطق: 71]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما يكون عليه الكلم بمعانيه
فأقل ما تكون عليه الكلمة حرف واحد. ولا يجوز لحرف أن ينفصل بنفسه. لأنه مستحيل. وذلك أنه لا يمكنك أن تبتدئ إلا بمتحرك، ولا تقف إلا على ساكن. فلو قال لك قائل: الفِظ بحرف، لقد كان سألك أن تحيل؛ لأنك إذا ابتدأت به ابتدأْت متحركاً، وإذا وقفت عليه وقفت ساكناً، فقد قال لك: اجعل الحرف ساكناً متحركاً في حال .
ولكن سنذكر اللفظ بالحروف ساكنها ومتحركها في موضعه، ليوصل إلى المتكلم به إن شاء الله فما كان على حرف فلا سبيل إلى التكلم به وحده.
فمما جاء على حرف مما هو اسم التاء في قمت إذا عنى المتكلم نفسه، أو غيره من ذكر أو أنثى، إلا أنها تقع له مضمومةً ذكراً كان أو أنثى، ولغيره إذا كان ذكراً مفتوحة، وإن كانت أنثى مكسورة .
والكاف من نحو: ضربتك، ومررت بك، تنفتح للمذكر، وتنكسر للمؤنث .
والهاء في ضربته، ومررت به، ولها أحكام نبينها إن شاء الله .
وذلك أن أصل هذه الهاء أن تلحقها واو زائدة؛ لأن الهاء خفية. فتوصل بها الواو إذا وصلت، فإن وقفت لم تلحق الواو لئلا يكون الزائد كالأصلي. وذلك قولك: رأيتُهو يا فتى، ورأيتَهو يا فتى، فتلحق بعد المضموم والمفتوح .
فإن كان قبلها كسرة جاز أن تتبعها واوا، أو ياء أيهما شئت .
أما الواو فعلى الأصل الذي ذكرت لك، وأما الياء فلقرب الجوار، لأن الضمة مستثقلة بعد الكسرة، والناس عامةً للكسرة، والياء بعدها أكثر استعمالاً .
فأما أهل الحجاز خاصةً فعلى الأمر الأول فيها يقرأون (فخسفنا بِهُو وبدارهو الأرضَ) لزموا الأصل. وهما في القياس على ما وصفت لك.
فإن كانت هذه الهاء بعد واو، أو ياء ساكنتين، أو ألف فالذي يختار حذف حرف اللين بعدها: تقول: عليه مال يا فتى بكسر الهاء من أجل الياء التي قبلها كما فعلت ذلك للكسرة.
ومن لزم اللغة الحجازية قال: عليه مالٌ .
وتقول: هذا أبوه فاعلم {فألقى موسى عصاه} .
وإنما حذفت الياء، والواو، لأن الهاء خفية، والحرف الذي يلحقها ساكن، وقبلها حرف لين ساكن فكره الجمع بين حرفي لين ساكنين لا يفصلهما إلا حرف خفي .
وإن شئت ألحقت الياء. والواو على الأصل، لأن الهاء حرف متحرك في الحقيقة. وذلك قولك على قول العامة: عليهى مال، وعلى قول أهل الحجاز: عليهو مال (فألقى عصاهو فإذا هي). وهذا أبوهو فاعلم .
فإن كان قبل الهاء حرف ساكن من غير حروف المد واللين فأنت مخير: إن شئت أثبت، وإن شئت حذفت .
أما الإثبات فعلى ما وصفت لك، وأما الحذف، فلأن الذي قبل الهاء ساكن وبعدها ساكن وهي خفية. فكرهوا أن يجمعوا بينهما؛ كما كرهوا الجمع بين الساكنين. وذلك قولك: {منه آياتٌ محكماتٌ} وإن شئت قلت (منهو آيات)، وعنهو أخذت. فهذا جملة هذا .
واعلم أن الشاعر إذا احتاج إلى الوزن وقبل الهاء جرف متحرك، حذف الياء والواو اللتين. بعد الهاء؛ إذ لم يكونا من أصل الكلمة. فمن ذلك قوله:
فإنْ يكُ غَثّاً، أو سَمينا فإنَّنِي = سَأَجعَلُ عيْنَيْهي لنفسهِ مقْنَعَا
وقال آخر:
أو معبر الظهر ينبي عن وليتـه = ما حج ربه في الدنيا ولا اعتمرا
وقال آخر:

وما له من مجد تلـيد، ومـا لـهـو = من الريح فضلٌ لا الجنوب ولا الصبا
وأشد من هذا في الضرورة أن يحذف الحركة كما قال:

فظلت لدى البيت العتيق أريغه = ومطواي مشتاقان له أرقـان
فأما ما كان من هذه الحروف التي جاءت لمعان، فهي منفصلة بأنفسها مما بعدها وقبلها، إلا أن الكلام بها منفردة محالٌ، كما وصفت لك. فإن منها: كاف التشبيه التي في قولك: أنت كزيد، ومعناه: مثل زيد، واللام التي تسمى لام الملك؛ نحو هذا لعبد الله ولك. تكون مكسورة مع الظاهر، ومفتوحة مع المضمر: لعلة قد ذكرت في موضعها .
وهي التي في قولك: جئت لأكرمك؛ لأن الفعل انتصب بإضمار أن، وأن والفعل مصدر. فقد صار المعنى جئت لإكرامك .
ومنها الباء التي تكون للإلصاق، والاستعانة .
فأما الإلصاق فقولك مررت بزيد، وألممت بك، وأما الاستعانة فقولك: كتبت بالقلم، وعمل النجار بالقدوم .
ومنها واو القسم التي تكون بدلاً من الباء؛ لأنك إذا قلت: بالله لأفعلن فمعناه: أحلف بالله. فإذا قلت: والله لأفعلن فذلك معناه؛ لأن مخرج الباء، والواو من الشفة .
ومن ذلك الكاف التي تلحق آخر الكلام لا موضع لها، نحو كاف ذاك، ورويدك و{أرأيتك هذا الذي كرمت علي} .
وقولهم: أبصرك زيدا .
وهذه الحروف كثيرة إلا أنا نذكر منها شيئاً يدل على سائرها). [المقتضب: 1/174-178] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قولك: رويدك زيدا فإن الكاف زائدة، وإنما زيدت للمخاطبة، وليست باسم، وإنما هي بمنزلة قولك: النجاءك يا فتى، وأريتك زيدا ما فعل?، وكقولك: أبصرك زيدا. إنما الكاف زائدة للمخاطبة، ولولا ذلك كان النجاءك محالاً؛ لأنك لا تضيف الاسم وفيه الألف واللام، وقوله عز وجل: {أرأيتك هذا الذي كرمت علي} قد أوضح لك أن الكاف زائدة. ولو كانت في رويدك علامةً للفاعلين لكان خطأ إذا قلت: رويدكم؛ لأن علامة الفاعلين الواو؛ كقولك: أرودوا.
واعلم أن هذه الأسماء ما كان منها مصدراً، أو موضوعاً موضع المصدر فإن فيه الفاعل مضمراً؛ لأنه كالفعل المأمور به. تقول: رويدك أنت وعبد الله زيدا، وعليك أنت وعبد الله أخاك. فإن حذفت التوكيد قبح، وإعرابه الرفع على كل حال؛ ألا ترى أنك لو قلت: قم وعبد الله كان جائزاً على قبح حتى تقول: قم أنت وعبد الله، و{فاذهب أنت وربك فقاتلا} و{اسكن أنت وزوجك الجنة}. فإن طال الكلام حسن حذف التوكيد؛ كما قال الله عز وجل: {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا} وقد مضى هذا مفسراً في موضعه. وكذلك ما نعته بالنفس في المرفوع. إنما يجري على توكيد فإن لم تؤكد جاز على قبح. وهو قولك: قم أنت نفسك. فإن قلت: قم نفسك جاز. وذلك قولك: رويدك أنت نفسك زيدا، وعليك أنت نفسك زيدا، والحذف جائز قبيح إذا قلت: رويدك نفسك زيدا.
واعلم أنك إذا قلت: عليك زيدا ففي عليك اسمان: أحدهما: المرفوع الفاعل. والآخر: هذه الكاف المخفوضة. تقول: عليكم أنفسكم أجمعون زيدا، فتجعل قولك أجمعون للفاعل: وتجعل قولك: أنفسكم للكاف. وإن شئت أجريتهما جميعاً على الكاف فخفضته، وإن شئت أكدت، ورفعتهما لما ذكرت لك من قبح مجرى النفس في المرفوع إلا بتوكيد، وإن شئت رفعت بغير توكيد على قبح. وإن قلت: رويد نفسك، أو رويدك. جعلت النفس مفعولة بمنزلة زيد؛ كما قال الله عز وجل: {عليكم أنفسكم} ). [المقتضب: 3/209-211]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقول الله عز وجل: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} قال أبو العباس: العرب تقول: أرأيتك وأرأيتكما وأرأيتكم، وكذا المؤنث: أريتك وأريتكما وأريتكن، بفتح التاء وتثنية الكاف وجمعها للمؤنث والمذكر، هذا في جميع العربية يختاره الكسائي. قال الفراء: إذا كان بمعنى أخبرني فأتبعه الاستفهام، فيقولون: أريتك زيدًا هل قام، وأين هو، ومتى ذهب؟ وادعى الفراء أن الكاف قامت مقام التاء، فلذلك وحدوا التاء وثنوا الكاف وجمعوها وربما همزه. قال الكسائي: إنما تركوا الهمز ليفرقوا بينه وبين رأى العين. وقال الكسائي: الكاف موضع نصب. وقال أهل البصرة: الكاف لا موضع لها، إنما هي للخطاب. هذا قول أهل العربية أجمعين). [مجالس ثعلب: 215-216]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) }

تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} يقال أجلبت على القوم، إذا اجتمعت أنا وهم.
{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ} قال استخفف). [مجالس ثعلب: 156-157]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65) }

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 11:58 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 11:59 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 12:22 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا}
المعنى: واذكر إذ قلنا، وكذلك "إذ" في الآية المتقدمة هي منصوبة بفعل مضمر، وقد تقدم في غير موضع ذكر خلق آدم عليه السلام وأمر السجود له. واختلف في قوله: {إلا إبليس} فقيل: هو استثناء منقطع; لأن "إبليس" لم يكن من الملائكة، وقيل: هو متصل; لأن إبليس من الملائكة. وقوله: "طينا" يصح أن يكون تمييزا، ويصح أن يكون حالا. وقاس إبليس في هذه النازلة فأخطأ; وذلك أنه رأى الفضيلة لنفسه من حيث رأى النار أفضل من الطين، وجهل أن الفضائل في الأشياء إنما تكون حيث خصصها الله تبارك وتعالى، ولا ينظر إلى أصولها.
وذكر الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن إبليس هو الذي أمره الله تعالى، فأخذ من أديم الأرض طينة، فخلق آدم، والمشهور أنه ملك الموت. وكفر إبليس في أنه جهل صفة العدل من الله تعالى حين لحقته الأنفة والكبر، وكان أصل ذلك الحسد ولذلك قيل: "أول ما عصي الله تعالى بالحسد"، وظهر ذلك من إبليس من قوله: {قال أرأيتك هذا الذي كرمت} و{أنا خير منه} حسبما ذكر الله تعالى في آية أخرى، فهذا هو النص بأن فعلك غير مستقيم). [المحرر الوجيز: 5/506]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والكاف في قوله: "أرأيتك" هي كاف خطاب ومبالغة في التنبيه، لا موضع لها من الإعراب; فهي زائدة. ومعنى "أرأيت" كأتأملت، ونحوه: كأن المخاطب بها ينبه المخاطب ليستجمع لما ينصه عليه بعد. وقال سيبويه: هي بمعنى أخبرني، ومثل بقوله: أرأيتك زيدا أيؤمن هو؟
[المحرر الوجيز: 5/506]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقاله الزجاج في آياتنا، ولم يمثل، وقول سيبويه صحيح حيث يكون بعدها استفهام كمثاله، وما في هذه فهي كما قلت، وليس التي ذكره سيبويه رحمه الله.
وقرأ ابن كثير: "أخرتني" بالياء في الوصل والوقف، وهذا هو الأصل، وليس هذا الموضع كالقافية التي يحسن فيها الحذف، كمثل قول الأعشى:
فهل يمنعني ارتيادي البلا ... د من حذر الموت أن يأتين؟
وقرأ نافع، وأبو عمرو بالياء في الوصل وبحذفها في الوقف، وقرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: "أخرتن" بحذف الياء في الوصل والوقف، وهذا تشبيه بياء "قاض" ونحوه، لكونها ياء متطرفة قبلها كسرة، ومنه قوله تعالى: {يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه}.
وقوله: "لأحتنكن" معناه: لأميلن ولأجرن، وهو مأخوذ من تحنيك الدابة، وهو أن يشد على حنكها بحبل أو غيره فتنقاد، والسنة تحتنك المال، أي: تجتره، ومنه قول الشاعر:
نشكو إليك سنة قد أجحفت ... جهدا إلى جهد بنا فأضعفت
واحتنكت أموالنا وجنفت
[المحرر الوجيز: 5/507]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومن هذا الشعر قال الطبري في "لأحتنكن": لأستأصلن، وعبر ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك بـ "لأستولين"، وقال ابن زيد: لأضلن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا بدل اللفظ لا تفسير.
وحكم إبليس بهذا الحكم على ذرية آدم عليه السلام من حيث رأى الخلقة مجوفة مختلفة الأجزاء، وما اقترن بها من الشهوات والعوارض كالغضب ونحوه، ثم استثنى القليل لعلمه أنه لا بد أن يكون في ذريته من يصلب في طاعة الله تعالى). [المحرر الوجيز: 5/508]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "اذهب" وما بعده من الأوامر هو صيغة افعل، من التهديد، كقوله تعالى: {اعملوا ما شئتم} و"تبعك" معناه: في طريق الكفر الذي تدعو إليه. فالآية في الكفار وفيمن ينفذ عليه الوعيد من العصاة. وقوله تعالى: "جزاء" مصدر في موضع الحال، و"الموفور": المكتمل). [المحرر الوجيز: 5/508]

تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"استفزز" معناه: استخف واخدع حتى يقع في إرادتك، تقول: استفزني فلان في كذا، إذا خدعك حتى تقع في أمر أراده، ومن الخفة قيل لولد البقرة: فز، ومنه قول زهير:
كما استغاث بسيء فز غيطلة ... خاف العيون فلم ينظر به الحشك
[المحرر الوجيز: 5/508]
و "الصوت" هنا قيل: هو الغناء والمزامير والملاهي; لأنها أصوات كلها مختصة بالمعاصي، فهي مضافة إلى الشيطان، قاله مجاهد، وقيل: معناه: بدعائك إياهم إلى طاعتك، قال ابن عباس رضي الله عنهما: صوته دعاء كل عاص إلى معصية الله تعالى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والصواب أن يكون "الصوت" يعم جميع ذلك.
وقوله تعالى: "وأجلب" أي: هول، والجلبة: الصوت الكثير المختلط الهائل، وقرأ الحسن: "واجلب" بوصل الألف وضم اللام. وقوله سبحانه: {بخيلك ورجلك} قيل: هذا مجاز واستعارة بمعنى: اسع سعيك وابلغ جهدك، وقيل: معناه أن له من الجن خيلا ورجلا، قاله قتادة، وقيل: المراد فرسان الناس ورجالتهم المتصرفون في الباطل، فإنهم كلهم أعوان لإبليس على غيرهم، قاله مجاهد. وقرأ الجمهور: "ورجلك" بسكون الجيم، وهو جمع راجل، كتاجر وتجر، وصاحب وصحب، وشارب وشرب، وقرأ حفص عن عاصم: "ورجلك" بكسر الجيم، على وزن فعل، وكذلك قرأ الحسن، وأبو عمرو -بخلاف عنه- وهي صفة، تقول: فلان يمشي رجلا، أي غير راكب، ومنه قول الشاعر:
أما أقاتل عن ديني على فرسي ... ولا كذا رجلا إلا بأصحاب؟
[المحرر الوجيز: 5/509]
وقرأ قتادة وعكرمة: "بخيلك ورجالك".
وقوله: {وشاركهم في الأموال} عام لكل معصية يصنعها الناس بالمال، فإن ذلك المصرف في المعصية هو خط إبليس، فمن ذلك البحائر وشبهها، ومن ذلك مهر البغي وثمن الخمر وحلوان الكاهن والربا وغير ذلك مما يوجد في الناس دأبا، وقوله: "والأولاد" عام لكل ما يصنع في أمر الذرية من المعاصي، فمن ذلك الإيلاد بالزنا، ومن ذلك تسميتهم عبد شمس، وعبد الحارث، وأبا الكويفر، وكل اسم مكروه، ومن ذلك الوأد الذي كانت العرب تفعله، ومن ذلك صبغهم في أديان الكفر، وغير هذا، وما أدخل النقاش من وطء الجن وأنه يحبل المرأة من الإنس فضعيف كله.
وقوله تعالى: "وعدهم" أي: منهم بما لا يتم لهم، وبأنهم غير مبعوثين، فهذا مشاركة في النفوس، ثم أخبر الله تعالى أنه إنما يعدهم غرورا منه; لأنه لا يغني عنهم شيئا). [المحرر الوجيز: 5/510]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} قول من الله تبارك وتعالى لإبليس، وقوله: "عبادي" يريد المؤمنين في الكفر، والمتقين في المعاصي، وخصهم بأنهم العباد، وإن كان اسما عاما لجميع الخلق، من حيث قصد تشريفهم والتنويه بهم، كما يقول رجل لأحد بنيه إذا رأى منه ما يحب: "هذا ابني"، على معنى التنبيه منه والتشريف له، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "هذا خالي، فليرني امرؤ خاله-". و"السلطان": الملكية والتغلب، وتفسيره هنا بالحجة قلق. ثم قال تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: {وكفى بربك} يا محمد حافظا للمؤمنين وقيما على هدايتهم). [المحرر الوجيز: 5/510]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة