العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النمل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 09:26 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النمل [ من الآية (36) إلى الآية (40) ]

{فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 10:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فلمّا جاء سليمان قال أتمدّونن بمالٍ} إن قال قائلٌ: وكيف قيل: {فلمّا جاء سليمان} فجعل الخبر في مجيء سليمان عن واحدٍ، وقد قال قبل ذلك {فناظرةٌ بم يرجع المرسلون} فإن كان الرّسول كان واحدًا، فكيف قيل {بم يرجع المرسلون} وإنّ كانوا جماعةً فكيف قيل: {فلمّا جاء سليمان}؟
قيل: هذا نظير ما قد بيّنّا قبل من إظهار العرب الخبر في أمرٍ كان من واحدٍ على وجه الخبر عن جماعةٍ إذا لم يقصد قصد الخبر عن شخصٍ واحدٍ بعينه، يشار إليه بعينه، فسمّي في الخبر. وقد قيل: إنّ الرّسول الّذي وجّهته ملكة سبأ إلى سليمان كان امرأةً واحدةً، فلذلك قال: {فلمّا جاء سليمان} يراد به: فلمّا جاء الرّسول سليمان؛ واستدلّ قائلو ذلك على صحّة ما قالوا من ذلك بقول سليمان للرّسول: {ارجع إليهم} وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه (فلمّا جاءوا سليمان) على الجمع، وذلك للّفظ قوله: {بم يرجع المرسلون} فصلح الجمع للّفظ والتّوحيد للمعنى.
وقوله: {قال أتمدّونن بمالٍ} يقول: قال سليمان لمّا جاء الرّسول من قبل المرأة بهداياها: أتمدّونن بمالٍ؟
واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قرّاء أهل المدينة: (أتمدّونني)، بنونين وإثبات الياء. وقرأه بعض الكوفيّين مثل ذلك، غير أنّه حذف الياء من آخر ذلك وكسر النّون الأخيرة. وقرأه بعض قرّاء البصرة بنونين، وإثبات الياء في الوصل وحذفها في الوقف. وقرأه بعض قرّاء الكوفة بتشديد النّون وإثبات الياء.
وكلّ هذه القراءات متقارباتٌ وجميعها صوابٌ، لأنّها معروفةٌ في لغات العرب، مشهورةٌ في منطقها.
وقوله: {فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم} يقول: فما آتاني اللّه من المال والدّنيا أكثر ممّا أعطاكم منها وأفضل.
{بل أنتم بهديّتكم تفرحون} يقول: ما أفرح بهديّتكم الّتي أهديتم إليّ، بل أنتم تفرحون بالهديّة الّتي تهدى إليكم، لأنّكم أهل مفاخرةٍ بالدّنيا، ومكاثرةٍ بها، وليست الدّنيا وأموالها من حاجتي، لأنّ اللّه تعالى ذكره قد مكّنني منها وملّكني فيها ما لم يملّك أحدًا). [جامع البيان: 18/56-58]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فلمّا جاء سليمان قال أتمدّونن بمالٍ فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون (36)
قوله تعالى: فلمّا جاء سليمان
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سويد بن سعيدٍ، ثنا عليّ بن مسهرٍ، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ فلمّا جاء سليمان قال: فلمّا دخلوا عليه بهديّتها قال أتمدّونن بمالٍ
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان فلمّا جاء سليمان قال: فلمّا أتت الهدايا سليمان فيها، الوصائف والوصيف، والخيل العراب وأصنافٌ من أصناف الدّنيا.
قوله تعالى: قال أتمدّونن بمالٍ فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ ابن أبي زائدة، أنبأ ابن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، قال: فقال سليمان: أتمدّونن بمالٍ فردّها، وقال ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان قال أتمدّونن بمالٍ فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم قال للرّسل الّذين جاءوا به أتمدّونن بمالٍ فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم به.
قوله تعالى: بل أنتم بهديّتكم تفرحون
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قال: وبعثت إليهم بوصائف ووصفا، وألبستهم لباسا واحدا حتى لا يعرف ذكرا من أنثى، فقالت: إن زيّل بينهم حتّى يعرف الرّجل من الأنثى، ثمّ ردّ الهديّة فإنّه نبيّ وينبغي لنا أن نترك ملكنا ونتّبع دينه ونلحق به، فردّ سليمان الهديّة وزيل بينهم فقال: هؤلاء غلمان وهؤلاء جواري قال أتمدّونن بمالٍ فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرنا ابن لهيعة قال: وكان لها يعني بلقيس اثنا عشر قيل، مع كلّ قيلٍ اثنا عشر فقالت: أشيروا علي إني مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فأرسلت إليه بمائة فرسٍ عليها مائة وصيفٍ فلمّا جاء سليمان عرف ذلك فقال: فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون قال: فلمّا جاء قالت لمن تحت يدها: إنّي سائلةٌ، عن ثلاثة أشياء فإن أخبرني بها وضعت ملكي في ملكه فسألته فقالت: أخبرني، ما ماءٌ ليس من أرضٍ ولا سماءٍ وكيف لون الرّبّ عزّ وجلّ، قال: فاهم ذلك سليمان حين سألته، عن لون الرّبّ فأوحى اللّه إليه أنّي سأنسيها ما سألت عنه، قال: فأمر سليمان بخيلٍ فأعرقت، ثمّ سلت ما عليها من الزّبد والعرق فقال لها: هذا ماءٌ ليس من أرضٍ ولا سماءٍ فقالت: صدقت، فقال: أيّ شيءٍ سألتني عنه، فقال: لا أدري فأنساها اللّه عزّ وجلّ ذلك.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان بل أنتم بهديّتكم تفرحون أي أنّه لا حاجة لي في هديّتكم، وليس رأيي فيها كرأيكم). [تفسير القرآن العظيم: 9/2880-2881]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري} قال: جمعت رؤوس مملكتها فشاورتهم في أمرها فاجتمع رأيهم ورأيها على أن يغزوه، فسارت حتى إذا كانت قريبه قالت: أرسل إليه بهدية فإن قبلها فهو ملك أقاتله وان ردها تابعته فهو نبي، فلما دنت رسلها من سليمان علم خبرهم فأمر الشياطين فهيئوا له ألف قصر من ذهب وفضة، فلما رأت رسلها قصور ذهب قالوا: ما يصنع هذا بهديتنا وقصوره ذهب وفضة فلما دخلوا بهديتها قال: أتهدونني بمال ثم قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} فقال كاتب سليمان: ارفع بصرك، فرفع بصره، فلما رجع إليه طرفه إذا هو بسريرها {قال نكروا لها عرشها} فنزع عنه فصوصه ومرافقه وما كان عليه من شيء فقيل لها {أهكذا عرشك قالت كأنه هو} وأمر الشياطين: فجعلوا لها صرحا من قوارير ممردا وجعل فيها تماثيل السمك فقيل لها {ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها} فإذا فيها الشعر، فعند ذلك أمر بصنعة النورة فقيل لها {إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} ). [الدر المنثور: 11/362-363] (م)

تفسير قوله تعالى: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({لا قبل} [النمل: 37] : «لا طاقة»). [صحيح البخاري: 6/112]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله لا قبل لا طاقة هو قول أبي عبيدة وأخرج الطّبريّ من طريق إسماعيل بن أبي خالدٍ مثله). [فتح الباري: 8/504]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (لا قبل لا طاقة
أشار به إلى قوله تعالى: {ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها} (النّمل: 37) الآية، وفسره بقوله: (لا طاقة) لهم بها وأخرج الطّبريّ من طريق إسماعيل بن أبي خالد مثله، وكذا قاله أبو عبيدة). [عمدة القاري: 19/103]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({لا قبل}) في قوله: {فلنأتينهم بجنود لا قبل} أي (لا طاقة) ({لهم}) بمقاومتها [النمل: 37] ). [إرشاد الساري: 7/280]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ارجع إليهم} وهذا قول سليمان لرسول المرأة {ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها} لا طاقة لهم بها، ولا قدرة لهم على دفعهم عمّا أرادوا منهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ، قال: لمّا أتت الهدايا سليمان فيها الوصائف والوصفاء، والخيل العراب، وأصنافٌ من أصناف الدّنيا، قال للرّسل الّذين جاءوا به: {أتمدّونن بمالٍ، فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم، بل أنتم بهديّتكم تفرحون} لأنّه لا حاجة لي بهديّتكم، وليس رأيي فيه كرأيكم، فارجعوا إليها بما جئتم به من عندها، {فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها}.
- حدّثنا عمرو بن عبد الحميد، قال: حدّثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها} قال: لا طاقة لهم بها.
وقوله: {ولنخرجنّهم منها أذلّةً وهم صاغرون} يقول: ولنخرجنّ من أرسلكم من أرضهم أذلّةً وهم صاغرون إن لم يأتوني مسلمين.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ: {ولنخرجنّهم منها أذلّةً وهم صاغرون}، أو لتأتينّي مسلمةً هي وقومها). [جامع البيان: 18/58-59]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلّةً وهم صاغرون (37)
قوله تعالى: ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود
[الوجه الأول]
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنودٍ قال: ما نراه يعني إلا الرّسل.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ قال: ردّ سليمان هديّتها وقال للهدهد: ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان ارجع إليهم أي أنّه لا حاجة لي في هديّتكم، وليس رأيي فيها كرأيكم، فأرجع إليها بما جئت به من عندها.
قوله تعالى: فلنأتينّهم بجنود
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها يقول: لما تبعني من جنود الإنس والجنّ ولنخرجنّهم منها أذلة
قوله تعالى: لا قبل لهم بها
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ ابن أبي زائدة، أنبأ ابن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ قوله: فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها لا طاقة لهم بها- وروي عن قتادة نحو ذلك.
قوله تعالى: ولنخرجنّهم منها أذلّةً
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ ولنخرجنّهم منها أذلّةً يقول: بالذّلّ.
قوله تعالى: وهم صاغرون
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان وهم صاغرون أي لتأتينّي مسلمةً، هي وقومها، فلمّا رجعت إليها الرّسل بما قال: قالت: قد واللّه عرفت ما هذا بملكٍ، وما لنا به طاقةٌ وما نصنع بمكابرته شيئًا). [تفسير القرآن العظيم: 9/2881-2882]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد قال: قال للهدهد {ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها} يعني من الإنس والجن). [الدر المنثور: 11/367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله {لا قبل لهم بها} قال: لا طاقة لهم بها). [الدر المنثور: 11/367-368]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى إني وجدت امرأة تملكهم قال بلغني أنها امرأة تسمى بلقيس أحسبه قال ابنة شراحيل أحد أبويها من الجن مؤخر إحدى قدميها كحافر الدابة وكانت في بيت مملكة وكان أولو مشورتها ثلاث مائة واثني عشر رجلا كل رجل منهم على عشرة آلاف رجل وكانت بأرض يقال لها مأرب من صنعاء على ثلاثة أيام فلما جاء الهدهد بخبرها إلى سليمان كتب الكتاب وبعث به مع الهدهد فجاءها وقد غلقت الأبواب وكانت تغلق أبوابها وتضع مفاتيحها تحت رأسها فجاء الهدهد فدخل من الكوة فألقى الصحيفة عليها فقرأتها فإذا فيها إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم حتى مسلمين قال وكذلك كانت الأنبياء لا تطنب إنما تكتب جملا فقال سليمان للجن أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين فأخبر سليمان أنها قد خرجت لتأتيه وأخبر بعرشها فأعجبه وكان من ذهب وقوائمه من جوهر مكلل باللؤلؤ فعرف أنهم إذا جاءوا مسلمين لم تحلل له أموالهم فقال أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين). [تفسير عبد الرزاق: 2/80-81] (م)
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(" يأتوني {مسلمين} [النمل: 38] : طائعين "). [صحيح البخاري: 6/112]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله يأتوني مسلمين طائعين وصله الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاس مثله ومن طريق ابن جريجٍ أي مقرّين بدين الإسلام ورجّح الطّبريّ الأوّل واستدلّ له). [فتح الباري: 8/504-505]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن جرير ثنا علّي هو ابن داود ثنا عبد الله هو ابن صالح حدثني معاوية هو ابن صالح عن علّي عن ابن عبّاس قوله 38 النّمل {قبل أن يأتوني مسلمين} قال طائعين). [تغليق التعليق: 4/276]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يأتوني مسلمين طائعين
أشار به إلى قوله تعالى: {أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} (النّمل: 38) وفسره بقوله: (طائعين) وهكذا رواه الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، وقيل: معنى طائعين منقادين لأمر سليمان عليه السّلام، ولم يقل: مطيعين، لأن أطاعه إذا أجاب أمره، وطاعه إذا انقاد له، وهؤلاء أجابوا أمره). [عمدة القاري: 19/103]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مسلمين}) ولأبي ذر والأصيلي: يأتوني مسلمين أي (طائعين) قاله ابن عباس فيما وصله الطبري). [إرشاد الساري: 7/281]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين (38) قال عفريتٌ من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّي عليه لقويٌّ أمينٌ (39) قال الّذي عنده علمٌ مّن الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك فلمّا رآه مستقرًّا عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غنيٌّ كريمٌ}.
اختلف أهل العلم في الحين الّذي قال فيه سليمان {يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها} فقال بعضهم: قال ذلك حين أتاه الهدهد بنبأ صاحبة سبأ، وقال له: {جئتك من سبأٍ بنبأٍ يقينٍ} وأخبره أنّ لها عرشًا عظيمًا، فقال له سليمان صلّى اللّه عليه وسلّم: {سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين} فكان اختباره صدقه من كذبه بأن قال لهؤلاء: أيّكم يأتيني بعرش هذه المرأة قبل أن يأتوني مسلمين. وقالوا إنّما كتب سليمان الكتاب مع الهدهد إلى المرأة بعد ما صحّ عنده صدق الهدهد بمجيء العالم بعرشها إليه على ما وصفه به الهدهد، قالوا: ولولا ذلك كان محالاً أن يكتب معه كتابًا إلى من لا يدري، هل هو في الدّنيا أم لا؟ قالوا: وأخرى أنّه لو كان كتب مع الهدهد كتابًا إلى المرأة قبل مجيء عرشها إليه، وقبل علمه صدق الهدهد بذلك، لم يكن لقوله له {سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين} معنًى، لأنّه لا يعلم بخبره الثّاني من إبلاغه إيّاها الكتاب، أو ترك إبلاغه إيّاها ذلك، إلاّ نحو الّذي علم بخبره الأوّل حين قال له: {جئتك من سبإٍ بنبإٍ يقينٍ} قالوا: وإذ لم يكن في الكتاب معه امتحان صدقه من كذبه، وكان محالاً أن يقول نبيّ اللّه قولاً لا معنى له، وقد قال: {سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين} علم أنّ الّذي امتحن به صدق الهدهد من كذبه هو مصير عرش المرأة إليه، على ما أخبره به الهدهد الشّاهد على صدقه، ثمّ كان الكتاب معه بعد ذلك إليها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قال: إنّ سليمان أوتي ملكًا، وكان لا يعلم أنّ أحدًا أوتي ملكًا غيره؛ فلمّا فقد الهدهد سأله: من أين جئت؟ ووعّده وعيدًا شديدًا بالقتل والعذاب، قال: {جئتك من سبأٍ بنبأٍ يقينٍ} قال له سليمان: ما هذا النّبأ؟ قال الهدهد: {إنّي وجدت امرأةً} بسبأٍ {تملكهم، وأوتيت من كلّ شيءٍ، ولها عرشٌ عظيمٌ} فلمّا أخبر الهدهد سليمان أنّه وجد سلطانًا، أنكر أن يكون لأحدٍ في الأرض سلطانٌ غيره، فقال لمن عنده من الجنّ والإنس: {يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين. قال عفريتٌ من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك، وإنّي عليه لقويّ أمينٌ} قال سليمان: أريد أعجل من ذلك {قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب} وهو رجلٌ من الإنس عنده علمٌ من الكتاب فيه اسم اللّه الأكبر، الّذي إذا دعي به أجاب: {أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك} فدعا بالاسم وهو عنده قائمٌ، فاحتمل العرش احتمالاً حتّى وضع بين يدي سليمان، واللّه صنع ذلك؛ فلمّا أتى سليمان بالعرش وهم مشركون، يسجدون للشّمس والقمر، أخبره الهدهد بذلك، فكتب معه كتابًا ثمّ بعثه إليهم، حتّى إذا جاء الهدهد الملكة ألقى إليها الكتاب {قالت يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ} إلى {وأتوني مسلمين} فقالت لقومها ما قالت {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون} قال: وبعثت إليه بوصائف ووصفاء، وألبستهم لباسًا واحدًا، حتّى لا يعرف ذكرٌ من أنثى، فقالت: إن زيّل بينهم حتّى يعرف الذّكر من الأنثى ثمّ ردّ الهديّة فإنّه نبيّ، وينبغي لنا أن نترك ملكنا ونتّبع دينه ونلحق به، فردّ سليمان الهديّة وزيّل بينهم، فقال: هؤلاء غلمانٌ، وهؤلاء جوارٍ، وقال: {أتمدّونن بمالٍ فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون} إلى آخر الآية.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {إنّي وجدت امرأةً تملكهم} الآية؛ قال: وأنكر سليمان أن يكون لأحدٍ على الأرض سلطانٌ غيره، قال لمن حوله من الجنّ والإنس: {أيّكم يأتيني بعرشها} الآية.
وقال آخرون: بل إنّما اختبر صدق الهدهد سليمان بالكتاب، وإنّما سأل من عنده إحضاره عرش المرأة بعد ما خرجت رسلها من عنده، وبعد أن أقبلت المرأة إليه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ، قال: لمّا رجعت إليها الرّسل بما قال سليمان: قالت: واللّه عرفت ما هذا بملكٍ، وما لنا به طاقةٌ، وما نصنع بمكاثرته شيئًا، وبعثت: إنّي قادمةٌ عليك بملوك قومي، حتّى أنظر ما أمرك، وما تدعو إليه من دينك. ثمّ أمرت بسرير ملكها الّذي كانت تجلس عليه، وكان من ذهبٍ مفصّصٍ بالياقوت والزّبرجد واللّؤلؤ، فجعل في سبعة أبياتٍ بعضها في بعضٍ، ثمّ أقفلت عليّ الأبواب. وكانت إنّما يخدمها النّساء، معها ستّ مائة امرأةٍ يخدمنها؛ ثمّ قالت لمن خلّفت على سلطانها، احتفظ بما قبلك، وبسرير ملكي، فلا يخلص إليه أحدٌ من عباد اللّه، ولا يرينّه أحدٌ حتّى آتيك؛ ثمّ شخصت إلى سليمان في اثني عشر ألفٍ قيلٍ معها من ملوك اليمن، تحت يد كلّ قيلٍ منهم ألوفٌ كثيرةٌ، فجعل سليمان يبعث الجنّ، فيأتونه بمسيرها ومنتهاها كلّ يومٍ وليلةٍ، حتّى إذا دنت جمع من عنده من الجنّ والإنس ممّن تحت يده، فقال: {يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}.
وتأويل الكلام: قال سليمان لأشراف من حضره من جنده من الجنّ والإنس: {يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها} يعني سريرها.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أيّكم يأتيني بعرشها} قال: سريرٌ في أريكةٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: عرشها سريرٌ في أريكةٍ.
قال ابن جريجٍ: سريرٌ من ذهبٍ، قوائمه من جوهرٍ ولؤلؤٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ: {أيّكم يأتيني بعرشها} بسريرها.
- وقال ابن زيدٍ في ذلك ما: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أيّكم يأتيني بعرشها} قال: مجلسها.
واختلف أهل العلم في السّبب الّذي من أجله خصّ سليمان مسألة الملأ من جنده إحضار عرش هذه المرأة من بين أملاكها قبل إسلامها، فقال بعضهم: إنّما فعل ذلك لأنّه أعجبه حين وصف له الهدهد صفته، وخشي أن تسلم فيحرّم عليه مالها، فأراد أن يأخذ سريرها ذلك قبل أن يحرّم عليه أخذه بإسلامها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: أخبر سليمان الهدهد أنّها قد خرجت لتأتيه، وأخبر بعرشها فأعجبه. كان من ذهبٍ وقوائمه من جوهرٍ مكلّلٍ باللّؤلؤ، فعرف أنّهم إن جاءوه مسلمين لم تحلّ له أموالهم، فقال للجنّ: {أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}.
وقال آخرون: بل فعل ذلك سليمان ليعاينها به، ويختبر به عقلها، هل تثبته إذا رأته، أم تنكره؟
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: أعلم اللّه سليمان أنّها ستأتيه، فقال: {أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} حتّى يعاينها، وكانت الملوك يتعاينون بالعلم.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله {قبل أن يأتوني مسلمين} فقال بعضهم: معناه: قبل أن يأتوني مستسلمين طوعًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قبل أن يأتوني، مسلمين} يقول: طائعين.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: قبل أن يأتوني مسلمين الإسلام الّذي هو دين اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: {أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} بحرمة الإسلام فيمنعهم وأموالهم، يعني: الإسلام يمنعهم.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال بالصّواب في السّبب الّذي من أجله خصّ سليمان بسؤاله الملأ من جنده بإحضاره عرش هذه المرأة دون سائر ملكها عندنا، ليجعل ذلك حجّةً عليها في نبوّته، ويعرّفها بذلك قدرة اللّه وعظيم شأنه، أنّها خلّفته في بيتٍ في جوف أبياتٍ بعضها في جوف بعضٍ، مغلقٌ مقفلٌ عليها، فأخرجه اللّه من ذلك كلّه، بغير فتح إغلاقٍ وأقفالٍ، حتّى أوصله إلى وليّه من خلقه، وسلّمه إليه، فكان لها في ذلك أعظم حجّةٍ على حقيقة ما دعاها إليه سليمان، وعلى صدق سليمان فيما أعلمها من نبوّته.
فأمّا الّذي هو أولى التّأويلين في قوله {قبل أن يأتوني مسلمين} بتأويله، فقول ابن عبّاسٍ الّذي ذكرناه قبل، من أنّ معناه طائعين، لأنّ المرأة لم تأت سليمان إذ أتته مسلمةً، وإنّما أسلمت بعد مقدمها عليه وبعد محاورةٍ جرت بينهما ومساءلةٍ). [جامع البيان: 18/59-65]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين (38)
قوله تعالى: قال يا أيها الملؤا أيّكم يأتيني بعرشها
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سويد بن سعيدٍ، ثنا عليّ بن مسهرٍ، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: ثمّ قال سليمان: يا أيها الملؤا أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ، قال: فلمّا أتى فقال لهدهدٍ من عند سليمان: عجّل سليمان وكان آدميًّا، فقال: يا أيّها الملؤا أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين
- ذكر أبي، ثنا القاسم بن محمّدٍ المروزيّ، أنبأ عبدان، عن أبي حمزة، عن عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: فأقبل معها ألف قيلٍ مع كلّ قيلٍ مائة ألفٍ، فلمّا رأى سليمان وهج الغبار قال يا أيها الملؤا أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قال: فلمّا بلغ سليمان أنّها جائيةٌ، وكان قد ذكر له عرشها فأعجبه، وكان عرشها من ذهبٍ وقوائمه لؤلؤٌ وجوهرٌ وكان مستترًا بالدّيباج والحرير، وكانت عليه تسعة مغاليق فكره أن يأخذه بعد إسلامهم وقد علم نبيّ اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- أنّهم متى ما أسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم، فأحبّ أن يؤتى من قبل أن يكون ذلك من أمرهم فقال: يا أيّها الملؤا أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: فلمّا رجعت رسلها فأخبروها أنّ سليمان ردّ الهديّة وفدت إليه وأمرت بعرشها فجعل في سبعة أبياتٍ وغلّقت عليها، فأخذت المفاتيح فلمّا بلغ سليمان ما صنعت بعرشها قال يا أيها الملؤا أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان قال: فلمّا رجعت إليها الرّسل بما قال: قالت: قد واللّه عرفت ما هذا بملكٍ وما لنا به من طاقةٍ وما نصنع بمكابرته، وبعثت إليه إنّي قادمةٌ عليك قادمةٌ بملوك قومي حتّى أنظر ما أمرك، وما تدعونا إليه من دينك، ثمّ أمرت بسرير ملكها الّذي كانت تجلس عليه وكان من ذهبٍ مفصّصٍ بالياقوت والزّبرجد واللّؤلؤ فجعل في سبعة أبياتٍ بعضها في بعضٍ، ثمّ أقفلت عليه الأبواب، وكانت إنّما يخدمها النّساء معها ستّمائة امرأةٍ يخدمنها، ثمّ قالت لمن خلّفت على سلطانها احتفظ بما قبلك وسرير ملكي فلا يخلص إليه أحدٌ من عباد اللّه ولا يرينّه حتّى آتيك، ثمّ شخصت إلى سليمان في أثنى عشر ألف قيلٍ من ملوك اليمن معها تحت يدي كلّ قيلٍ منهم ألوفٌ كثيرةٌ، فجعل سليمان يبعث الجنّ فيأتونه بمسيرها ومنهاها كلّ يومٍ وليلةٍ، حتّى إذا دنت جمع من عنده من الجنّ والإنس ممّن تحت يديه فقال: يا أيها الملؤا أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين
قوله تعالى: بعرشها
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: أيّكم يأتيني بعرشها سرير في أريكة
قوله: قبل أن يأتوني مسلمين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ قبل أن يأتوني مسلمين قال: فتحرم عليّ أموالهم بإسلامهم- وروي عن عطاءٍ الخراسانيّ والسّدّيّ وقتادة نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 9/2882-2884]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أيكم يأتيني بعرشها قال سريرا في أريكة). [تفسير مجاهد: 471]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري} قال: جمعت رؤوس مملكتها فشاورتهم في أمرها فاجتمع رأيهم ورأيها على أن يغزوه، فسارت حتى إذا كانت قريبه قالت: أرسل إليه بهدية فإن قبلها فهو ملك أقاتله وان ردها تابعته فهو نبي، فلما دنت رسلها من سليمان علم خبرهم فأمر الشياطين فهيئوا له ألف قصر من ذهب وفضة، فلما رأت رسلها قصور ذهب قالوا: ما يصنع هذا بهديتنا وقصوره ذهب وفضة فلما دخلوا بهديتها قال: أتهدونني بمال ثم قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} فقال كاتب سليمان: ارفع بصرك، فرفع بصره، فلما رجع إليه طرفه إذا هو بسريرها {قال نكروا لها عرشها} فنزع عنه فصوصه ومرافقه وما كان عليه من شيء فقيل لها {أهكذا عرشك قالت كأنه هو} وأمر الشياطين: فجعلوا لها صرحا من قوارير ممردا وجعل فيها تماثيل السمك فقيل لها {ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها} فإذا فيها الشعر، فعند ذلك أمر بصنعة النورة فقيل لها {إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} ). [الدر المنثور: 11/362-363] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: لما بلغ سليمان انها جاءته وكان قد ذكر له عرشها فأعجبه، وكان عرشها من ذهب وقوائمه من لؤلؤ وجوهر وكان مستترا بالديباج والحرير وكان عليه سبعة مغاليق فكره ان يأخذه بعد إسلامهم، وقد علم نبي الله سليمان أن القوم متى ما يسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم فأحب أن يؤتى به قبل أن يكون ذلك من أمرهم فقال {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} ). [الدر المنثور: 11/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أيكم يأتيني بعرشها} قال: سرير في أريكة). [الدر المنثور: 11/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله {قبل أن يأتوني مسلمين} قال: طائعين). [الدر المنثور: 11/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبه في المصنف، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد قال: كان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يسير وضع كرسيه فيأتي من أراد من الإنس والجن ثم يأمر الريح فتحملهم ثم يأمر الطير فتظلهم، فبينا هو يسير اذ عطشوا فقال: ما ترون بعد الماء قالوا: لا ندري، فتفقد الهدهد وكان له منه منزلة ليس بها طير غيره فقال {ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (20) لأعذبنه عذابا شديدا} وكان عذابه إذا عذب الطير نتفه ثم يجففه في الشمس {أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} يعني بعذر بين، فلما جاء الهدهد استقبلته الطير فقالت له: قد أوعدك سليمان فقال لهم: هل استثنى فقالوا له: نعم، قد قال: إلا أن يجيء بعذر بين، فجاء بخبر صاحبة سبأ فكتب معه إليها (بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين) فأقبلت بلقيس فلما كانت على قدر فرسخ قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين (38) قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} فقال سليمان: أريد أعجل من ذلك، فقال الذي عنده علم من الكتاب {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} فأتى بالعرش في نفق في الأرض يعني سرب في الأرض قال سليمان: غيروه، فلما جاءت {قيل أهكذا عرشك} فاستنكرت السرعة ورأت العرش {قالت كأنه هو}، قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته {لجة} ماء {وكشفت عن ساقيها} فإذا هي امرأة شعراء فقال سليمان: ما يذهب هذا فقال بعض الجن: أنا أذهبه، وصنعت له النورة، وكان أول ما صنعت النورة وكان اسمها بلقيس). [الدر المنثور: 11/383-384] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله عفريت من الجن قال داهية من الجن). [تفسير عبد الرزاق: 2/81]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى قبل أن تقوم من مقامك قال يعني مجلسه قال معمر وقال قتادة كان يقضي فقال قبل أن تقوم من مجلسك الذي تقضي فيه). [تفسير عبد الرزاق: 2/82]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال عفريتٌ من الجنّ} يقول تعالى ذكره: قال رئيسٌ من الجنّ ماردٌ قويّ. وللعرب فيه لغتان: عفريتٌ، وعفريةٌ؛ فمن قال: عفريةٌ، جمعه: عفاري؛ ومن قال: عفريتٌ، جمعه: عفاريت.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال مجاهدٌ: {قال عفريتٌ من الجنّ} قال: ماردٌ من الجنّ {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، وغيره، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن بعض، أصحابه: {قال عفريتٌ} قال: داهيةٌ.
- قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني وهب بن سليمان، عن شعيبٍ الجبائيّ، قال: العفريت الّذي ذكره اللّه اسمه: كوزن.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم: {قال عفريتٌ} اسمه: كوزن.
وقوله: {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} يقول: أنا آتيك بعرشها قبل أن تقوم من مقعدك هذا. وكان فيما ذكر قاعدًا للقضاء بين النّاس، فقال: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مجلسك هذا الّذي جلست فيه للحكم بين النّاس. وذكر أنّه كان يقعد إلى انتصاف النّهار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، وغيره، مثله، قال: وكان يقضي، قال: قبل أن تقوم من مجلسك الّذي تقضي فيه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ: {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} يعني مجلسه.
وقوله {وإنّي عليه لقويٌّ أمينٌ} على ما فيه من الجواهر، ولا أخون فيه.
وقد قيل: أمينٌ على فرج المرأة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وإنّي عليه لقويّ أمينٌ} يقول: قويّ على حمله، أمينٌ على فرج هذه). [جامع البيان: 18/66-68]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال عفريتٌ من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّي عليه لقويٌّ أمينٌ (39)
قوله تعالى: قال عفريتٌ من الجنّ
- حدّثنا أبي، ثنا المؤمّل بن الفضل، ودحيمٌ قالا، ثنا مروان، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ قوله: عفريتٌ من الجنّ كأنّه جبلٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن يعقوب، ثنا ابن المبارك، ثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ في قوله: عفريتٌ من الجنّ قال: عظيمٌ.
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، ثنا حجّاجٌ، عن ابن جريح، عن مجاهدٍ قال عفريتٌ من الجنّ قال: ماردٌ من الجنّ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سعيد بن يحيى، حدّثني أبي، حدّثني ابن جريجٍ، أخبرنا وهب بن سليمان، عن شعيبٍ الجبائيّ قال: كان اسم العفريت كوزنٌ
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان قال عفريتٌ من الجنّ اسمه كوزى.
قوله تعالى: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا سفيان بن عيينة، عن عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ أنّ ابن عبّاسٍ قال: قبل أن تقوم من مقامك قال: قبل أن تقوم من مجلسك.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: من مقامك قال: من مقعدك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ في قول اللّه: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك من مجلسك الّذي تجلس فيه للقضاء، وكان سليمان إذا جلس للقضاء لم يقم حتّى تزول الشمس.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال عفريتٌ من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك والمقام الّذي هو المقعد حيث يقعد النّاس للطّعام حيث يطعم قال: أريد أعجل من ذلك.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أحمد بن بشيرٍ، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ قبل أن تقوم من مقامك قال: من الجنّ قال: أريد أعجل من ذلك.
قوله تعالى: وإنّي عليه لقويّ أمينٌ
[الوجه الأول]
- حدّثني أبي، ثنا أبو صالحٍ، قال حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله لصخرٍ الجنّيّ: إني عليه لقويّ أمينٌ يقول: على حمله قال أبو محمّدٍ، وروي عن زهير بن محمّدٍ بنحوه.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المعافى، ثنا أبو توبة جرول بن حنفلٍ، عن أبي حازمٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: وإنّي عليه لقويّ أمينٌ قال: أمينٌ على جوهره وروي عن زهير بن محمّدٍ مثل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 9/2884-2885]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قال عفريت من الجن} قال: مارد {قبل أن تقوم من مقامك} قال: من مقعدك). [الدر المنثور: 11/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله {قال عفريت} قال: عظيم كأنه جبل.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال: كان اسم العفريت، كوزن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان قال: اسمه كوزي). [الدر المنثور: 11/368-369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قال عفريت من الجن} قال: هو صخر الجني {وإني عليه لقوي} قال: على حمله {آمين} قال: على ما استودع فيه). [الدر المنثور: 11/369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قبل أن تقوم من مقامك} قال: من مجلسك). [الدر المنثور: 11/369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله {قبل أن تقوم من مقامك} قال: من مجلسك الذي تجلس فيه للقضاء، وكان سليمان إذا جلس للقضاء لم يقم حتى تزول الشمس). [الدر المنثور: 11/369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإني عليه لقوي أمين} قال: على جوهره). [الدر المنثور: 11/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} قال: اني أريد أعجل من هذا {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} قال: فخرج العرش من نفق من الأرض). [الدر المنثور: 11/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن حماد بن سلمة قال: قرأت من مصحف أبي بن كعب {وإني عليه لقوي أمين} قال: أريد أعجل من ذلك). [الدر المنثور: 11/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبه في المصنف، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد قال: كان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يسير وضع كرسيه فيأتي من أراد من الإنس والجن ثم يأمر الريح فتحملهم ثم يأمر الطير فتظلهم، فبينا هو يسير اذ عطشوا فقال: ما ترون بعد الماء قالوا: لا ندري، فتفقد الهدهد وكان له منه منزلة ليس بها طير غيره فقال {ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (20) لأعذبنه عذابا شديدا} وكان عذابه إذا عذب الطير نتفه ثم يجففه في الشمس {أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} يعني بعذر بين، فلما جاء الهدهد استقبلته الطير فقالت له: قد أوعدك سليمان فقال لهم: هل استثنى فقالوا له: نعم، قد قال: إلا أن يجيء بعذر بين، فجاء بخبر صاحبة سبأ فكتب معه إليها (بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين) فأقبلت بلقيس فلما كانت على قدر فرسخ قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين (38) قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} فقال سليمان: أريد أعجل من ذلك، فقال الذي عنده علم من الكتاب {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} فأتى بالعرش في نفق في الأرض يعني سرب في الأرض قال سليمان: غيروه، فلما جاءت {قيل أهكذا عرشك} فاستنكرت السرعة ورأت العرش {قالت كأنه هو}، قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته {لجة} ماء {وكشفت عن ساقيها} فإذا هي امرأة شعراء فقال سليمان: ما يذهب هذا فقال بعض الجن: أنا أذهبه، وصنعت له النورة، وكان أول ما صنعت النورة وكان اسمها بلقيس). [الدر المنثور: 11/383-384] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى قال الذي عنده علم من الكتاب قال هو رجل من بني آدم قال أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك يقول قبل أن يأتيك الشخص من مد البصر وقال غيره هو النظر). [تفسير عبد الرزاق: 2/82]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة الذي عنده علم من الكتاب رجل من بني آدم أحسبه قال من بني إسرائيل كان يعلم اسم الله الذي إذا دعي به أجاب). [تفسير عبد الرزاق: 2/82]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، قال: حدّثني من لا أتّهم، عن ابن منبّهٍ، أنّه جلس هو وطاوسٌ ونحوهما من أهل ذلك الزّمان فذكروا أيّ أمر الله أسرع، فقال بعضهم: قول الله {كلمح البصر}، وقال بعضهم: السّرير حين أتي به سليمان، فقال ابن منبّهٍ: أسرع أمر الله، أنّ يونس على حافّة السّفينة إذ أوحى اللّه إلى نونٍ في نيل مصر، قال: فما خرّ من حافّتها إلاّ في جوفه). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 363]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب} يقول جلّ ثناؤه: قال الّذي عنده علمٌ من كتاب اللّه، وكان رجلاً فيما ذكر من بني آدم، فقال بعضهم: اسمه بليخا.

ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عثمة، قال: حدّثنا شعبة، عن بشرٍ، عن قتادة، في قوله: {قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب} قال: كان اسمه بليخا.
- حدّثنا يحيى بن داود الواسطيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ، في قوله: {الّذي عنده علمٌ من الكتاب} رجلٌ من الإنس.
- حدّثنا ابن عرفة، قال: حدّثنا مروان بن معاوية الفزاريّ، عن العلاء بن عبد الكريم، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به} قال: أنا أنظر في كتاب ربّي، ثمّ آتيك به {قبل أن يرتدّ إليك طرفك} قال: فتكلّم ذلك العالم بكلامٍ دخل العرش تحت الأرض حتّى خرج إليهم.
- حدّثنا ابن عرفة، قال: حدّثني حمّاد بن محمّدٍ، عن عثمان بن مطرٍ، عن الزّهريّ، قال: دعا الّذي عنده علمٌ من الكتاب: يا إلهنا وإله كلّ شيءٍ إلهًا واحدًا، لا إله إلاّ أنت، ائتني بعرشها، قال: فمثل بين يديه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة: {قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب} قال: رجلٌ من بني آدم، أحسبه قال: من بني إسرائيل، كان يعلم اسم اللّه الّذي إذا دعي به أجاب.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {الّذي عنده علمٌ من الكتاب} قال: الاسم الّذي إذا دعي به أجاب، وهو: يا ذا الجلال والإكرام.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: قال سليمان لمن حوله: {أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} فقال عفريتٌ {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} قال سليمان: أريد أعجل من ذلك، فقال رجلٌ من الإنس عنده علمٌ من الكتاب، يعني اسم اللّه الّذي إذا دعي به أجاب.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {قال عفريتٌ من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك، وإنّي عليه لقويّ أمينٌ} لا آتيك بغيره، أقول غيره أمثّله لك. قال: وخرج يومئذٍ رجلٌ عابدٌ في جزيرةٍ من البحر، فلمّا سمع العفريت قال: {أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك} قال: ثمّ دعا باسمٍ من أسماء اللّه، فإذا هو يحمل بين عينيه، وقرأ: {فلمّا رآه مستقرًّا عنده قال هذا من فضل ربّي} حتّى بلغ: {إنّ ربّي غنيٌّ كريمٌ}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال رجلٌ من الإنس.
قال: وقال مجاهدٌ: الّذي عنده علمٌ من الكتاب: علم اسم اللّه.
وقال آخرون: الّذي عنده علمٌ من الكتاب، كان آصف.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {قال عفريتٌ} لسليمان {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك، وإنّي عليه لقويّ أمينٌ} فزعموا أنّ سليمان بن داود قال: أبتغي أعجل من هذا، فقال آصف بن برخيا، وكان صدّيقًا يعلم الاسم الأعظم الّذي إذا دعي اللّه به أجاب، وإذا سئل به أعطى: أنا يا نبيّ اللّه آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك.
وقوله: {أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك} اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: أنا آتيك به قبل أن يصل إليك من كان منك على مدّ البصر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني إبراهيم، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {قبل أن يرتدّ إليك طرفك} قال: من قبل أن يرجع إليك أقصى من ترى، فذلك قوله {قبل أن يرتدّ إليك طرفك}.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، قال: قال غير قتادة: {قبل أن يرتدّ إليك طرفك} قبل أن يأتيك الشّخص من مدّ البصر.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: من قبل أن يبلغ طرفك مداه وغايته.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ: {قبل أن يرتدّ إليك طرفك} تمدّ عينيك فلا ينتهي طرفك إلى مداه حتّى أمثّله بين يديك. قال: ذلك أريد.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثّامٌ، عن إسماعيل، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: أخبرت أنّه، قال: ارفع طرفك من حيث يجيء، فلم يرجع إليه طرفه حتّى وضع العرش بين يديه.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن عطاءٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {قبل أن يرتدّ إليك طرفك} قال: مدّ بصره.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {قبل أن يرتدّ إليك طرفك} قال: إذا مدّ البصر حتّى يردّ الطّرف خاسئًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {قبل أن يرتدّ إليك طرفك} قال: إذا مدّ البصر حتّى يحسر الطّرف.
قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: قبل أن يرجع إليك طرفك من أقصى أثره، وذلك أنّ معنى قوله {يرتدّ إليك} يرجع إليك البصر، والبصر إذا فتحت العين غير راجعٍ، بل إنّما يمتدّ ماضيًا إلى أن يتناهى ما امتدّ نوره. فإذا كان ذلك كذلك، وكان اللّه إنّما أخبرنا عن قائل ذلك {أنا آتيك به قبل أن يرتدّ} لم يكن لنا أن نقول: أنّه قال: أنا آتيك به قبل أن يرتدّ راجعًا {إليك طرفك} من عند منتهاه.
وقوله: {فلمّا رآه مستقرًا عنده} يقول: فلمّا رأى سليمان عرش ملكة سبأ مستقرًّا عنده.
وفي الكلام متروكٌ استغنى بدلالة ما ظهر عمّا ترك، وهو: فدعا اللّه، فأتى به؛ فلمّا رآه سليمان مستقرًّا عنده.
وذكر أنّ العالم دعا اللّه، فغار العرش في المكان الّذي كان به، ثمّ نبع من تحت الأرض بين يدي سليمان.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ، قال: ذكروا أنّ آصف بن برخيا توضّأ، ثمّ ركع ركعتين، ثمّ قال: يا نبيّ اللّه، امدد عينك حتّى ينتهي طرفك، فمدّ سليمان عينه ينظر إليه نحو اليمن، ودعا آصف فانخرق بالعرش مكانه الّذي هو فيه، ثمّ نبع بين يدي سليمان {فلمّا رآه} سليمان {مستقرًّا عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني} الآية.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: نبع عرشها من تحت الأرض.
وقوله: {قال هذا من فضل ربّي ليبلوني} يقول: هذا البصر والتّمكّن والملك والسّلطان الّذي أنا فيه حتّى حمل إليّ عرش هذه في قدر ارتداد الطّرف من مأرب إلى الشّام، من فضل ربّي الّذي أفضله عليّ وعطائه الّذي جاد به عليّ {ليبلوني} يقول: ليختبرني ويمتحنني، أأشكر ذلك من فعله عليّ، أم أكفر نعمته عليّ بترك الشّكر له؟
وقد قيل: إنّ معناه: أأشكر على عرش هذه المرأة إذ أتيت به، أم أكفر إذ رأيت من هو دوني في الدّنيا أعلم منّي؟
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عطاءٌ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {فلمّا رآه مستقرًّا عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر} على السّرير إذ أتيت به {أم أكفر} إذ رأيت من هو دوني في الدّنيا أعلم منّي؟.
وقوله: {ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه} يقول: ومن شكر نعمة اللّه عليه، وفضله عليه، فإنّما يشكر طلب نفع نفسه، لأنّه ليس ينفع بذلك غير نفسه، لأنّه لا حاجة للّه إلى أحدٍ من خلقه، وإنّما دعاهم إلى شكره تعريضًا منه لهم للنّفع، لا لاجتلابٍ منه بشكرهم إيّاه نفعًا إلى نفسه، ولا دفع ضرٍّ عنها.
{ومن كفر فإنّ ربّي غنيٌّ كريمٌ} يقول: ومن كفر نعمه وإحسانه إليه، وفضله عليه لنفسه ظلم، وحظّها بخس، واللّه غنيّ عن شكره، لا حاجة به إليه، لا يضرّه كفر من كفر به من خلقه، كريمٌ، ومن كرمه إفضاله على من يكفر نعمه، ويجعلها وصلةً يتوصّل بها إلى معاصيه). [جامع البيان: 18/68-75]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك فلمّا رآه مستقرًّا عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غنيٌّ كريمٌ (40)
قوله تعالى: قال الّذي عنده علم من الكتاب
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب هو رجلٌ من الإنس يقال ذو النّور، كان علمه الكتاب
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ يعني قوله: الّذي عنده علمٌ من الكتاب قال آصفٌ كاتب سليمان عليه السّلام.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن إسماعيل، عن أبى صالحٍ الّذي عنده علمٌ من الكتاب قال رجلٌ من الإنس.
الوجه الثّاني:
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ قال: قال ابن لهيعة الّذي عنده علمٌ من الكتاب إنه الخضر.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قال: مؤمن الإنس واسمه آصفٌ.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان قال: زعموا أنّ سليمان قال: أبتغي أعجل من ذلك قال له آصف بن برخيا، وكان صدّيقًا يعلم الاسم الأعظم.
- ذكر، عن أبي أحمد الزّبيريّ، عن أبيه، عن الحكم، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ يعني قوله: الّذي عنده علمٍ من الكتاب قال كان اسمه أسطوم.
قوله تعالى: علمٌ من الكتاب
- حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثني عمّار بن محمّد بن أخت سفيان الثّوريّ، عن عثمان بن مطرٍ، عن الزّهريّ قال: دعا الّذي عنده علمٌ من الكتاب يا إلهنا وإله كلّ شيءٍ إلها واحدا لا إله إلا أنت ائتني بعرشها، قال: فمثل له بين يديه.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: الّذي عنده علمٌ من الكتاب الاسم الّذي إذا دعي به أجاب وهو يا ذا الجلال والإكرام.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب وكان رجلا من بني إسرائيل يعلم اسم اللّه الأعظم الّذي إذا دعي به أجاب.
قوله تعالى: أنا آتيك به
- حدثنا عليه بن الحسين، ثنا أبو الطّاهر، أخبرني ابن وهب، حدثني مالك، عن هذا الآية قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به بعرش تلك المرأة قبل أن يرتدّ إليك طرفك قال: كانت باليمن، وسليمان بالشام.
قوله تعالى: قبل أن يرتدّ إليك طرفك
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا سفيان، عن عطاء ابن السّائب، عن مجاهدٍ أنّ ابن عبّاسٍ قال: قبل أن يرتدّ إليك طرفك قال مدّ بصرك.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سويدٌ، ثنا عليّ بن مسهرٍ، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ فقال كاتب سليمان لسليمان: ارفع بصرك فرفع بصره، فلمّا رجع إليه طرفه إذا هو بسريرٍ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: قبل أن يرتدّ إليك طرفك قال: لمّا تكلّم الّذي عنده علمٌ من الكتاب دخل العرش تحت الأرض فنظر إليه سليمان مذ طلع بين يديه.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق يعني قوله: قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب يقال له آصفٌ وكان صدّيقًا يعلم الاسم الأعظم الّذي إذا دعي اللّه عزّ وجلّ به أجاب وإذا سئل به أعطى، قال: يا نبيّ اللّه أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك فمدّ عينيك فلا ينتهي طرفك إلى مداه حتّى أمثله بين يديك، قال ذلك أريد، فذكروا أنّ آصف توضّأ ثمّ ركع ركعتين ثمّ قال: انظر يا نبيّ اللّه- امدد عينيك حتّى ينتهي طرفك فمدّ سليمان عينيه نحو اليمن، ودعا آصفٌ فانخرق بالعرش مكانه الّذي هو فيه ثمّ نبع بين يدي سليمان.
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن عونٍ، أنبأ هشيمٌ، عن حصينٍ، عن عبد اللّه بن شدّادٍ قال: جئ بالعرش في نفقٍ في الأرض يعني سرب في الأرض.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ قال: فدعا باسم اللّه الأعظم فانخرقت الأرض من أرض سبأٍ، فخرج من تحت الأرض بين يدي سليمان عليه السّلام.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن عرفة، ثنا مروان بن معاوية الفزاريّ، عن العلاء بن عبد الكريم، عن مجاهدٍ في قول اللّه عزّ وجلّ: الّذي عنده علمٌ من الكتاب أنا أنظر في كتاب ربّي ثمّ أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك قال: فتكلّم ذلك العالم بكلامٍ دخل العرش في نفقٍ تحت الأرض حتّى خرج إليهم.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: حتى يرتدّ إليك طرفك قال: إذا مدّ النّظر حتّى يرتدّ إليك الطّرف خاسئًا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ، ثنا أحمد بن بشيرٍ، عن إسماعيل، عن سعيد بن جبيرٍ قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب لسليمان: ارفع طرفك قال: فرفع طرفه فلم يرجع إليه حتّى نظر إليه.
- حدّثنا أبي، ثنا شهاب بن عبّادٍ، ثنا إبراهيم بن حميدٍ، عن إسماعيل، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: قبل أن يرتدّ إليك طرفك قيل له أرفع بصرك من حيث يجئ العرش فلم يطرف حتى جئ به فوضع بين يديه.
- حدّثنا أبو غسّان النّهديّ، ثنا قيسٌ، عن عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ في قوله: أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك قال: مدّ بصره كما بينك وبين الحيرة قال وهو يومئذٍ في كندة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا مسدّدٌ، ثنا هشيمٌ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: قبل أن يرتدّ إليك طرفك قال. من قبل أن يرجع إليك أقصى من ترى.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس، عن أبيه قبل أن يرتدّ إليك طرفك قال: من مجلسك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قال: فعلمت الجنّ يومئذٍ أنّ الإنس أعلم منها.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ، فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك قال: دعا باسمٍ من أسماء اللّه فإذا عرشها يحمل بين عينيه، ولا يدري ذلك الاسم قد خفي ذلك الاسم على سليمان وقد أعطي ما أعطي.
قوله تعالى: فلمّا رآه مستقرًّا عنده
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك وكان رجلا من بني إسرائيل يعلم اسم اللّه الأعظم الّذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى، وارتداد الطّرف أن يرمي ببصره حيث بلغ ثمّ يردّ طرفه قال: فدعاه فلمّا رآه مستقرًّا عنده جزع وقال: رجلٌ غيري أقدر على ما عند اللّه منّي.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الطّاهر، أنبأ ابن وهبٍ، حدّثني مالكٌ قال كانت باليمن وسليمان بالشّام فلمّا رآه مستقرًّا عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر وتلا هذه الآية غدوّها شهرٌ ورواحها شهرٌ.
قوله تعالى: هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ في قول اللّه: ليبلوني أأشكر أم أكفر أشكر على العرش إذ أتيت به في سرعته أم أكفر إذ رأيت من هو أعلم منّي في الدّنيا.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: ثمّ تذكّر سليمان وقال: هذا الرّجل في سلطاني وملكي، ملّكني عليه وجعله تحتي ليبلوني أأشكر أم أكفر أفلا أؤدّي شكرها.
قوله تعالى: ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غني كريم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ في قول اللّه: ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه قال: ثمّ عزّم اللّه له على الشّكر فقال: ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غنيّ كريمٌ
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة ليبلوني أأشكر أم أكفر لا واللّه ما جعله فخرًا ولا بطرًا ولا أشرًا، ولكن جعله شكرًا وذكرًا وتواضعًا للّه.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر قال: قال سفيان في قوله: ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غنيّ كريمٌ قال: سبّح قبلها ولم يأشر ولم يبطر لو لم يقلها لساخت به الأرض). [تفسير القرآن العظيم: 9/2885-2890]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن حصين عن مجاهد قال خرج السرير من نفق تحت الأرض). [تفسير مجاهد: 472]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك يعني من مقعدك). [تفسير مجاهد: 472]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله الذي عنده علم من الكتاب قال كان عنده الاسم الذي إذا دعا به أجاب وهو يا ذا الجلال والإكرام). [تفسير مجاهد: 472]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قال الذي عنده علم من الكتاب} قال: آصف: كاتب سليمان). [الدر المنثور: 11/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان قال: هو آصف بن برخيا، وكان صديقا يعلم الاسم الأعظم). [الدر المنثور: 11/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كان اسمه أسطوم). [الدر المنثور: 11/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن لهيعة قال: هو الخضر). [الدر المنثور: 11/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد قال: هو رجل من الإنس يقال له: ذو النور). [الدر المنثور: 11/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال: هو آصف بن برخيا بن مشعيا بن منكيل واسم أمه باطورا من بني اسرائيل). [الدر المنثور: 11/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة {قال الذي عنده علم من الكتاب} قال: كان اسمه تمليخا). [الدر المنثور: 11/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قال الذي عنده علم من الكتاب} قال الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وهو ياذا الجلال والاكرام). [الدر المنثور: 11/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قال الذي عنده علم من الكتاب} قال: كان رجلا من بني إسرائيل يعلم اسم الله الأعظم إذا دعي به أجاب). [الدر المنثور: 11/371-372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قبل أن يرتد إليك طرفك} قال: ادامة النظر حتى يرتد اليك الطرف خاسئا). [الدر المنثور: 11/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد قال: في قراءة ابن مسعود (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أنظر في كتاب ربي ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) قال: فتكلم ذلك العالم بكلام دخل العرش في نفق تحت الأرض حتى خرج إليهم). [الدر المنثور: 11/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله {قبل أن يرتد إليك طرفك} قال: قال لسليمان: انظر إلى السماء قال: فما اطرق حتى جاءه به فوضعه بين يديه.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس، مثله). [الدر المنثور: 11/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الزهري قال: دعاء الذي عنده من الكتاب، يا الهنا واله كل شيء الها واحدا لا اله إلا أنت: ائتني بعرشها، قال: فمثل له بين يديه). [الدر المنثور: 11/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن عساكر عن ابن عباس قال: لم يجر عرش صاحبة سبأ بين الأرض والسماء ولكن انشقت به الأرض فجرى تحت الأرض حتى ظهر بين يدي سليمان). [الدر المنثور: 11/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن سابط قال: دعا باسمه الأعظم فدخل السرير فصار له نفق في الأرض حتى نبع بين يدي سليمان). [الدر المنثور: 11/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: دعا باسم من أسماء الله، فإذا عرشها يحمل بين عينيه، ولا يدري ذلك الاسم، قد خفي ذلك الاسم على سليمان وقد أعظم ما أعطى). [الدر المنثور: 11/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} قال: كان رجلا من بني إسرائيل يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل له أعطي، وارتداد الطرف أن يرى ببصره حيث بلغ ثم يرد طرفه، فدعاه فلما رآه مستقرا عنده جزع وقال: رجل غيري أقدر على ما عند الله مني). [الدر المنثور: 11/373-374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله {هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر} إذا أتيت بالعرش {أم أكفر} إذا رأيت من هو أدنى مني في الدنيا أعلم مني). [الدر المنثور: 11/374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبه في المصنف، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد قال: كان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يسير وضع كرسيه فيأتي من أراد من الإنس والجن ثم يأمر الريح فتحملهم ثم يأمر الطير فتظلهم، فبينا هو يسير اذ عطشوا فقال: ما ترون بعد الماء قالوا: لا ندري، فتفقد الهدهد وكان له منه منزلة ليس بها طير غيره فقال {ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (20) لأعذبنه عذابا شديدا} وكان عذابه إذا عذب الطير نتفه ثم يجففه في الشمس {أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} يعني بعذر بين، فلما جاء الهدهد استقبلته الطير فقالت له: قد أوعدك سليمان فقال لهم: هل استثنى فقالوا له: نعم، قد قال: إلا أن يجيء بعذر بين، فجاء بخبر صاحبة سبأ فكتب معه إليها (بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين) فأقبلت بلقيس فلما كانت على قدر فرسخ قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين (38) قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} فقال سليمان: أريد أعجل من ذلك، فقال الذي عنده علم من الكتاب {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} فأتى بالعرش في نفق في الأرض يعني سرب في الأرض قال سليمان: غيروه، فلما جاءت {قيل أهكذا عرشك} فاستنكرت السرعة ورأت العرش {قالت كأنه هو}، قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته {لجة} ماء {وكشفت عن ساقيها} فإذا هي امرأة شعراء فقال سليمان: ما يذهب هذا فقال بعض الجن: أنا أذهبه، وصنعت له النورة، وكان أول ما صنعت النورة وكان اسمها بلقيس). [الدر المنثور: 11/383-384] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 رجب 1434هـ/2-06-2013م, 10:51 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أتمدّونن بمالٍ...}
هي في قراءة عبد الله بنونين وباء مثبتة. وقرأها حمزة. (أتمدّونّي بمالٍ) يريد قراءة عبد الله فأدغم النون في النون فشدّدها. وقرأ عاصم بن أبي النّجود (أتمدّونن بمالٍ) بنونين بغير ياء.
وكل صوابٌ.
وقوله: {فما آتاني اللّه} ولم يقل {فما آتاني الله} لأنها محذوفة الياء من الكتاب. فمن كان ممّن يستجيز الزيادة في القرآن. من الياء والواو اللاتي يحذفن مثل قوله: {ويدع الإنسان بالشّرّ} فيثبت الواو وليست في المصحف، أو يقول المنادى للمناد جاز له أن يقول في {أتمدّونن} بإثبات الياء، وجاز له أن يحّركها إلى النصب كما قيل {ومالي لا أعبد} فكذلك يجوز {فما آتاني الله} ولست أشتهي ذلك ولا آخذ به. اتّباع المصحف إذا وجدت له وجهاً من كلام العرب وقراءة القرّاء أحبّ إليّ من خلافه. وقد كان أبو عمرٍو ويقرأ (إنّ هذين لساحران) ولست أجترئ على ذلك وقرأ {فأصّدّق وأكون} فزاد واواً في الكتاب. ولست أستحبّ ذلك). [معاني القرآن: 2/294-293]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا جاء سليمان قال أتمدّونن بمال فما آتاني اللّه خير ممّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون}
معناه فلما جاء رسولها سليمان، ويجوز أن يكون فلما جاء برّها سليمان إلا أنّ قوله: {ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلّة وهم صاغرون}
مخاطبة للرسول). [معاني القرآن: 4/120] (م)

تفسير قوله تعالى: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ارجع إليهم} [النمل: 37] قال قتادة: يعني: الرّسل.
{فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها} [النمل: 37] قال قتادة: أي: لا طاقة لهم بها.
[تفسير القرآن العظيم: 2/543]
{ولنخرجنّهم منها أذلّةً وهم صاغرون} [النمل: 37] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/544]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لاّ قبل لهم بها...}

وهي في مصحف عبد الله (لهم بهم) وهو سواء.
وقوله: {ارجع إليهم...} هذا من قول سليمان لرسولها، يعني بلقيس. وفي قراءة عبد الله (ارجعوا إليهم) وهو صواب على ما فسّرت لك من قوله: {يأيّها النبي إذا طلّقتم النّساء}
من الذهاب بالواحد إلى الذين معه، في كثير من الكلام). [معاني القرآن: 2/294]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا قبل لهم بها} مجازه لا طاقة لهم بها ولا يدين). [مجاز القرآن: 2/94]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا قبل لهم}: لا طاقة ولا يدين). [غريب القرآن وتفسيره: 287]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا قبل لهم بها} أي لا طاقة). [تفسير غريب القرآن: 324]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا جاء سليمان قال أتمدّونن بمال فما آتاني اللّه خير ممّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون}
معناه فلما جاء رسولها سليمان، ويجوز أن يكون فلما جاء برّها سليمان إلا أنّ قوله: {ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلّة وهم صاغرون}
مخاطبة للرسول.
وقوله تعالى: (لا قبل لهم بها).
معناه لا يقدرون على مقاومة جنودها). [معاني القرآن: 4/120]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لا قبل لهم بها} أي: لا قوة ولا طاقة لهم بها). [ياقوتة الصراط: 393]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {لَّا قِبَلَ لَهُم}: لا طاقة). [العمدة في غريب القرآن: 230]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قال يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} [النمل: 38] قال قتادة: لمّا بلغ سليمان أنّها جاءته وكان قد ذكر له سريرها، فأعجبه وكان عرشها من ذهبٍ، وقوائمه لؤلؤًا وجوهرًا، وكان مسترًا بالدّيباج والحرير، وكانت عليه سبعة مغاليق، فكره أن يأخذه بعد إسلامها، وقد علم سليمان أنّهم
متى ما يسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم، فأحبّ أن يؤتى به قبل أن يكون ذلك من أمرهم، فقال: {يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} [النمل: 38]، هذا تفسير سعيدٍ، عن قتادة.
وتفسير الكلبيّ: من قبل أن يأتوني مقرّين بالطّاعة). [تفسير القرآن العظيم: 2/544]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {قال يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}
أي: بسريرها.
(قبل أن يأتوني مسلمين) أحب سليمان - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ السّرير من حيث يجوز أخذه، لأنهم لو أتوا مسلمين لم يجز أخذ ما في أيديهم،
وجائز أن يكون أراد سليمان إظهار آية معجزة في تصيير العرش إليه في تلك الساعة لأنها من الآيات المعجزات). [معاني القرآن: 4/120]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله عز وجل: {قال يا أيها الملأ أيكم يأتني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} قيل إنما قال سليمان هذا لأنهم إذا أسلموا لم يحل لهم أن يأخذ لهم شيئا
وقيل إنما أراد أن يظهر بذلك آية معجزة). [معاني القرآن: 5/132]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قال عفريتٌ من الجنّ} [النمل: 39] ماردٌ.
وقال مجاهدٌ: والعفريت لا يكون إلا الكافر، هذا تفسير الحسن.
{أنا آتيك به} [النمل: 39]، أي: بالسّرير.
{قبل أن تقوم من مقامك} [النمل: 39]، يعني: من مكانك الّذي أنت فيه جالسٌ، تفسير السّدّيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/544]
ومقامه مجلسه الّذي كان يقضي فيه، في تفسير سعيدٍ، عن قتادة، ألا يفرغ من قضيّته حتّى يؤتى به، فأراد ما هو أعجل من ذلك.
فـ {قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب} [النمل: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/545]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (عن أبيه، قال: وحدّثني المعلّى بن هلالٍ، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: أنّ صاحب سليمان الّذي قال: {أنا آتيك به} [النمل: 39] بالعرش، الّذي عنده علمٌ من الكتاب، كان يحسن الاسم الأكبر، فدعا به.
وكان بينه وبينه مسيرة شهرين، وهي منه على فرسخٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/545]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {عفريتٌ مّن الجنّ أنا آتيك به...}

والعفريت: القويّ النافذ. ومن العرب من يقول للعفريت: عفرية. فمن قال:عفرية قال في جمعه: عفارٍ. ومن قال: عفريت قال: عفاريت
وجاز أن يقول: عفارٍ وفي إحدى القراءتين (وما أهلّ به للطواغي) يريد جمع الطاغوت.
وقوله: {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} يعني أن يقوم من مجلس القضاء. وكان يجلس إلى نصف النهار. فقال: أريد أعجل (من ذلك) ). [معاني القرآن: 2/294]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" قال عفريتٌ من الجنّ " وهو من كل جن وإنس أو شيطان الفائق المبالغ الرئيس، يقال عفرية نفرية وعفارية وهما مثل عفريت قال جرير:
قرنت الظالمين بمرمريس=بذلّ له العفارية المريد
المرميس: الداهية الشديدة، قال ذو الرمة:
كأنه كوكبٌ في إثر عفرية=مسوّم في سواد الليل منقضب).
[مجاز القرآن: 2/94-95]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (العفريت): من كل شيء المبالغ، يقال فلان عفريت والجمع عفاريت ويقال عفرية والجمع عفارى). [غريب القرآن وتفسيره: 287]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قال عفريتٌ من الجنّ} أي شديد وثيق. وأصله: «عفر» زيدت التاء فيه. يقال: عفريت نفريت، وعفرية ونفرية، وعفارية ولم يسمع ب «نفارية».
{قبل أن تقوم من مقامك} أي من مجلسك الذي قعدت فيه للحكم.
قال اللّه: {إنّ المتّقين في مقامٍ أمينٍ} أي في مجلس. ويقال للمجلس: مقام ومقامة. وقال في موضع آخر: في مقعد صدقٍ: أي في مجلس).[تفسير غريب القرآن: 324]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال عفريت من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّي عليه لقويّ أمين}
والعفريت النافذ في الأمر المبالغ فيه مع خبث ودهاء.
يقال: رجل عفر وعفريت، وعفرية نفرية، ونفاريّة، في معنى واحد.
{أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك}.
أي مقدار جلوسك الّذي تجلسه مع أصحابك، وقيل قبل أن تقوم من مجلسك لحكم). [معاني القرآن: 4/120-121]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تكون من مقامك}
وقرأ أبو رجاء قال: (عفرية) بتحريك الياء قال قتادة هو الداهية
قال أبو جعفر يقال للشديد إذا كان معه خبث ودهاء عفر وعفرية وعفريت وعفارية وقيل عفريت أي رئيس
قال وهب إن العفريت اسمه كوذن
وقوله: {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} أي من مجلسك الذي تقضي فيه بين الناس
قال أبو جعفر يقال مقام ومقامة للموضع الذي يقام فيه). [معاني القرآن: 5/132-133]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( (العِفْريتٌ): المبالغ في الشر). [العمدة في غريب القرآن: 230]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب} [النمل: 40] وكان رجلا من بني إسرائيل يقال له: آصف، يعلم اسم اللّه الأعظم الّذي إذا دعي به أجاب، قال: {أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك} [النمل: 40] وطرفه أن يبعث رسولا إلى منتهى طرفه لا يرجع حتّى يؤتى به، فدعا الرّجل باسم اللّه.
{فلمّا رآه} [النمل: 40]، رأى سليمان السّرير.
{مستقرًّا عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر} [النمل: 40] يعني: أأشكر نعمته، أي: أم أكفرها.
{ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غنيٌّ كريمٌ} [النمل: 40] يتجاوز ويصفح، تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/545]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فلمّا رآه} [النمل: 40] سليمان {مستقرًّا عنده} [النمل: 40] كأنّه وقع في نفسه مثل الحسد، ثمّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/545]
فكّر قال: أليس هذا الّذي قدر على ما لم أقدر عليه مسخّرًا لي؟ {هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر} [النمل: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/546]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قال الّذي عنده علمٌ مّن الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك...}

يقول: قبل أن يأتيك الشيء من مدّ بصرك فقال ابن عباسٍ في قوله (عنده علمٌ من الكتاب) {يا حيّ يا قيّوم} فذكر أنّ عرشها غار في موضعه ثم نبع عند مجلس سليمان).
[معاني القرآن: 2/294]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال الّذي عنده علمٌ مّن الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك فلمّا رآه مستقرّاً عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غنيٌّ كريمٌ}
وقال: {ليبلوني أأشكر أم أكفر} أي: لينظر أأشكر أم أكفر. كقولك: "جئت لأنظر أزيدٌ أفضل أم عمرٌو"). [معاني القرآن: 3/20-21]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( وقوله: {قبل أن يرتدّ إليك طرفك}، قيل في تفسير أبي صالح: «قبل أن يأتيك الشيء من مدّ البصر»
ويقال: بل أراد قبل ان تطرف.
{فلمّا رآه مستقرًّا عنده} أي رأى العرش). [تفسير غريب القرآن: 324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الكريم: الشريف الفاضل...، والكريم: الصّفوح، وذلك من الشرف والفضل، قال الله عز وجل:{فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} أي: صفوح.
وقال: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} أي: الصّفوح). [تأويل مشكل القرآن: 494]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال الّذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك فلمّا رآه مستقرّا عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غنيّ كريم}
ويقال إنّه آصف بن برحيا.
{أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك}أي: بمقدار ما يبلغ البالغ إلى نهاية نظرك ثم يعود إليك.
وقيل في مقدار ما تفتح عينك ثمّ تطرف، وهذا أشبه بارتداد الطرف، ومثله من الكلام: فعل ذلك في لحظة عين، أي في مقدار ما نظر نظرة واحدة.
ويقال في التفسير إنه دعا باسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب، وقيل إنه: يا ذا الجلال والإكرام، وقيل إنه يا إلهنا وإله الخلق جميعا إلها واحدا لا إله إلّا أنت،
فذكر هذا الاسم ثم قال ائت بعرشها، فلمّا استتمّ ذلك ظهر السرير بين يدي سليمان). [معاني القرآن: 4/121]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال الذي عنده علم من الكتاب}
في معنى هذا أقوال:
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كان يعرف اسم الله جل وعز الذي إذا دعي به أجاب وهو يا ذا الجلال والإكرام
وقال غيره اسمه آصف بن برخيا وهو من بني إسرائيل فهذا قول
وقيل إن الذي عنده علم من الكتاب هو سليمان نفسه لما قال له الجني أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وادعى شيئا يبعد أن يكون مثله قال له سليمان أنا آتيك به في وقت أقرب من هذا بقدرة الله جل وعز، على أن نهلكه وتعيده موضعنا هذا من قبل أن تطرف
وقال إبراهيم النخعي هو جبريل صلى الله عليه وسلم
وفي قوله جل وعز: {قبل أن يرتد إليك طرفك}
فيه قولان أيضا:
روى إسماعيل بن أبي خالد عن سعيد بن جبير قال فرفع طرفه ثم رده فإذا بالعرش
وقال مجاهد من قبل مد الطرف
ثم قال مجاهد كما بيننا وبين الحيرة وهو يومئذ بالكوفة في كندة
واستدل من قال إن قائل هذا سليمان بقوله: {قال هذا من فضل ربي} إلى آخر الآية
قال عبد الله بن شداد فظهر العرش من نفق تحت الأرض). [معاني القرآن: 5/136-133]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (قال ثعلب: معنى قوله - جل وعز: (قال الذي عنده علم من الكتاب): اختلف الناس،
فقالت طائفة: هو اصف بن برخيا، وكان من العلماء، وقالت طائفة: هذا القائل هو: سليمان نفسه، لأنه كان أقدر على الدعاء، وأشد تمكنا من القدرة بالله - جل وعز -
من آصف والعفريت، قال: فدعا سليمان نفسه ربه - جل وعز - فأجابه، وصور بين يديه العرش في لحظة). [ياقوتة الصراط: 394-393]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 رجب 1434هـ/2-06-2013م, 10:58 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) }

تفسير قوله تعالى: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (واختلفوا في تفسير (العِفْر)، فقال بعضهم: العِفْر: الشديد الذي إذا عافَرَه رجل غلبه وألصقه بالعَفَر؛ يقال: قد تعافر الرجلان إذا تآخذا على أن يلقي كل واحد منهما صاحبه على العَفَر، أنشدنا أبو الحسن بن البراء:
انظر إلى عَفر الثرى منه خلقـ = ـت وأنت بعد غد إليه تصير
ويقال: العِفْر: الموصوف بالشيطنة والدعاء، يقال: عفر بين العفارة، إذا كان كذلك، ويحكى هذا عن الخليل.
ويقال: العفر الكيس الظريف. ويقال: شيطان عفريت وعفرية وعفارية، إذا كان قويا، قال الله تعالى:
{قال عفريت من الجن}، وقرأ بعضهم: (قال عفرية من الجن)، وقال الشاعر في اللغة الثالثة:

قرنت الظالمين بمرمريس = يذل بها العفارية المريد
المرمريس: الداهية. ويقال: رجل عفرية نفرية، إذا كان قويا، فتدخل الهاء في (عفرية) للمبالغة، و(نفرية) إتباع، كما قالوا: شيطان ليطان، وحسن بسن. وفي الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع الناس وفيهم رجل دحمسان، فقال له: ((هل اعتللت قط))؟ قال: لا، قال: ((فهل رزئت في مالك))؟ قال: لا، فقال صلى الله عليه: ((إن أبغض الرجل إلى الله العفرية النفرية، الذي لم يرزأ في نفسه، ولا في ماله)). فيقال: العفرية النفرية الجموع المنوع. ويقال: العفرية النفرية: القوي الظلوم؛ والأصل فيه في اللغة ما قدمنا ذكره.
والدحمسان: الأسود السمين، وفيه لغتان: دُحْسُمَان ودُحْمُسَان، ويقال لعرف الديك عفرية، قال الشاعر:
كعفرية الغيور من الدجاج). [كتاب الأضداد: 384-385]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22 ذو الحجة 1439هـ/2-09-2018م, 08:45 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22 ذو الحجة 1439هـ/2-09-2018م, 08:46 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 ذو الحجة 1439هـ/2-09-2018م, 09:15 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وراجع سليمان عليه السلام في رد الهدية بما في الآية، وعبر عن "المرسلين" بـ (جاء) وبقوله: (ارجع) لما أراد به "الرسول" الذي يقع على الجمع والإفراد والتأنيث والتذكير. وقرأ ابن مسعود: "فلما جاؤوا سليمان"، وقرأ "ارجعوا"، ووعيد سليمان لهم مقترن بدوامهم على الكفر، وذكر مجاهد أيضا أنها بعثت في هديتها بعدد كثير من العبيد بين غلمان وجواري، وجعلت زيهم واحدا، وجربته في التفريق بينهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ليس بتجربة في مثل هذا الأمر الخطر.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: "أتمدونني" بنونين وياء في الوصل، وقرأ ابن عامر، وعاصم، والكسائي: "أتمدونن" بغير ياء في وقف ووصل، وقرأ حمزة: "أتمدوني" بشد النون وإثبات الياء، وقرأ عاصم: "فما آتان الله" بكسر النون دون ياء، وقرأت
[المحرر الوجيز: 6/537]
فرقة: "آتاني" بياء ساكنة، وقرأ أبو عمرو، ونافع: "آتاني" بياء مفتوحة). [المحرر الوجيز: 6/538]

تفسير قوله تعالى: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم توعدهم بالجنود والغلبة والإخراج، والمعنى: إذا لم يسلموا، وقرأ عبد الله: [لا قبل لهم بهم] على جمع ضمير الجنود، و"لا قبل" معناه: لا طاقة ولا مقاومة). [المحرر الوجيز: 6/538]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم}
القائل سليمان عليه السلام، والملأ المنادى جمعه من الجن والإنس، واختلف المتأولون في غرضه في استدعاء عرشها، فقال قتادة: ذكر له بعظم وجودة، فأراد أخذه قبل أن يعصمها وقومها الإسلام ويحمي أموالهم، والإسلام -على هذا- الدين، وهو قول ابن جريج. وقال ابن زيد: استدعاه ليريها القدرة التي هي من عند الله عز وجل، وليغرب عليها، و"مسلمين" -في هذا التأويل- هو بمعنى: مستسلمين، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، وذكر صلة في العبارة، ولا تأثير لاستسلامهم في عرض سليمان عليه السلام، ويحتمل أن يكون بمعنى: الإسلام، وأما في التأويل الأول فيلزم أن يكون بمعنى الإسلام.
وظاهر الآيات أن هذه المقالة من سليمان عليه السلام بعد مجيء هديتها ورده إياها، وبعثه الهدهد بالكتاب، وعلى هذا جمهور المفسرين، وحكى الطبري أنه قال ذلك في اختباره صدق الهدهد من كذبه لما قال له: ولها عرش عظيم، فقال سليمان: أيكم يأتيني بعرشها؟ ثم وقع في ترتيب القصص تقديم وتأخير.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والقول الأول أصح.
[المحرر الوجيز: 6/538]
وروي أن عرشها كان من ذهب وفضة مرصعا بالجوهر والياقوت، وأنه كان في جوف سبعة أبيات عليه سبعة أغلاق). [المحرر الوجيز: 6/539]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "قال عفريت"، وقرأ أبو رجاء، وعيسى الثقفي: "قال عفرية"، ورويت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقرأت فرقة: "قال عفرة" بكسر العين، وكل ذلك لغات فيه، وهو من الشياطين: المارد القوي، والتاء في "عفريت" زائدة، وقد قالوا: "تعفرت الرجل" إذا تخلق بخلق الإذاية، قال وهب بن منبه: اسم هذا العفريت "كوري"، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صخر الجني، ومن هذا الاسم، قول ذي الرمة:
كأنه كوكب في إثر عفرية مصوب في سواد الليل منقضب
وقوله: {قبل أن تقوم من مقامك}، قال مجاهد، وقتادة، وابن منبه: معناه: قبل أن تستوي من جلوسك قائما). [المحرر الوجيز: 6/539]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و{قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك}، قال ابن جبير، وقتادة: معناه: قبل أن يصل إليك من يقع طرفك عليه من أبعد ما ترى، وقال مجاهد معناه: قبل أن تحتاج إلى التغميض، أي: مدة ما يمكنك أن تمد بصرك دون تغميض، وذلك ارتداده.
[المحرر الوجيز: 6/539]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذان القولان يقابلان قول من قال: إن القيام هو من مجلس الحكم، ومن قال: إن القيام هو من الجلوس، فيقول في ارتداد الطرف: هو أن يطرف، أي: قبل أن تغمض عينيك وتفتحهما، وذلك أن الثاني يعاطي الأقصر في المدة ولا بد. وقوله: {وإني عليه لقوي أمين} معناه: لقوي على حمله، أمين على ما فيه.
ويروى أن بلقيس لما فصلت من بلدها متوجهة إلى سليمان عليه السلام، تركت العرش تحت سقف حصين، فلما علم سليمان بانفصالها أراد أن يغرب عليها بأن تجد عرشها عنده لتعلم أن ملكه لا يضاهى، فاستدعى سوقه، فدعا الذي عنده علم من التوراة -وهو الكتاب المشار إليه- باسم الله الأعظم الذي كانت العادة في كل زمان ألا يدعو به أحد إلا أجيب، فشقت الأرض بذلك العرش حتى نبع بين يدي سليمان عليه السلام، وقيل: بل جيء به في الهواء، قال مجاهد: وكان بين سليمان وبين العرش كما بين الكوفة والحيرة، وحكى الرماني أن العرش حمل من مأرب إلى الشام في قدر رجع البصر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه مسيرة شهرين للمجد، وقول مجاهد أشهر.
وروي أن الجن كانت تخبر سليمان عليه السلام بمناقل سريرها، فلما قربت قال: أيكم يأتيني بعرشها؟ واختلف المفسرون في الذي عنده علم من الكتاب، من هو؟ فجمهور الناس على أنه رجل صالح من بني إسرائيل اسمه آصف بن برخيا، روي أنه صلى ركعتين ثم قال لسليمان عليه السلام: يا نبي الله أمدد بصرك، فمد بصره فإذا بالعرش نحو اليمن، فما رد سليمان بصره إلا والعرش عنده، وقال قتادة: اسمه مليخا، وقال إبراهيم النخعي: هو جبريل عليه السلام، وقال ابن لهيعة: هو الخضر، وحكى النقاش عن جماعة أنهم سمعوا أنه ضبة بن أد جد بني ضبة من العرب، قالوا: وكان رجلا فاضلا يخدم سليمان على قطعة من خيله.
[المحرر الوجيز: 6/540]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول ضعيف.
وقالت فرقة: بل هو سليمان عليه السلام، والمخاطبة -في هذا التأويل- للعفريت، لما قال هو: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك قيل: كأن سليمان عليه السلام استبطأ ذلك فقال له على جهة تحقيره: أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك، واستدل قائل هذا القول بقول سليمان عليه السلام. هذا من فضل ربي، واستدل أيضا بهذا القول مناقضه؛ إذ في كلا الأمرين على سليمان فضل من الله تعالى، وعلى الأقوال الأول المخاطبة لسليمان عليه السلام، ولفظ "آتيك" يحتمل أن يكون فعلا مستقبلا، ويحتمل أن يكون اسم فاعل، وفي الكلام حذف تقديره: فدعا باسم الله تعالى فجاء العرش بقدرة الله تعالى، فلما رآه سليمان مستقرا عنده جعل يشكر نعمة ربه بعبارة فيها تعليم للناس، وهي عرضة للاقتداء بها والاقتباس منها. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أأشكر على السرير وسوقه أم أكفر إذ رأيت من هو دوني في الدنيا أعلم مني؟ وظهر العامل في الظرف من قوله: " مستقرا "، وهذا هو المقدر أبدا في كل ظرف جاء هنا مظهرا، وليس في كتاب الله تعالى مثله. وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 6/541]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 10:20 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 10:24 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلمّا جاء سليمان قال أتمدّونني بمالٍ فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون (36) ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلّةً وهم صاغرون (37)}.
ذكر غير واحدٍ من المفسّرين، من السّلف وغيرهم: أنّها بعثت إليه بهديّةٍ عظيمةٍ من ذهبٍ وجواهر ولآلئ وغير ذلك. وقال بعضهم: أرسلت بلبنة من ذهبٍ. والصّحيح أنّها أرسلت [إليه] بآنيةٍ من ذهبٍ.
قال مجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وغيرهما: وأرسلت جواري في زي الغلمان، وغلمان في زيّ الجواري، وقالت: إن عرف هؤلاء من هؤلاء فهو نبيٌّ. قالوا: فأمرهم [سليمان] عليه السلام، أن يتوضؤوا، فجعلت الجارية تفرغ على يدها من الماء، وجعل الغلام يغترف، فميّزهم بذلك.
وقيل: بل جعلت الجارية تغسل باطن يدها قبل ظاهرها، والغلام بالعكس.
وقيل: بل جعلت الجواري يغتسلن من أكفّهنّ إلى مرافقهنّ، والغلمان من مرافقهم إلى أكفّهم. ولا منافاة بين ذلك كلّه، واللّه أعلم.
وذكر بعضهم: أنّها أرسلت إليه بقدحٍ ليملأه ماءً رواءً، لا من السّماء ولا من الأرض، فأجرى الخيل حتّى عرقت، ثمّ ملأه من ذلك، وبخرزةٍ وسلكٍ ليجعله فيها، ففعل ذلك. واللّه أعلم أكان ذلك أم لا وأكثره مأخوذٌ من الإسرائيليّات. والظّاهر أنّ سليمان، عليه السّلام، لم ينظر إلى ما جاءوا به بالكلّيّة، ولا اعتنى به، بل أعرض عنه، وقال منكرًا عليهم: {أتمدّونني بمالٍ} أي: أتصانعونني بمالٍ لأترككم على شرككم وملككم؟! {فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم} أي: الّذي أعطاني اللّه من الملك والمال والجنود خيرٌ ممّا أنتم فيه، {بل أنتم بهديّتكم تفرحون} أي: أنتم الّذين تنقادون للهدايا والتّحف، وأمّا أنا فلا أقبل منكم إلّا الإسلام أو السّيف.
قال الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه: أمر سليمان الشّياطين فموّهوا له ألف قصرٍ من ذهبٍ وفضّةٍ. فلمّا رأت رسلها ذلك قالوا: ما يصنع هذا بهديّتنا. وفي هذا دلالةٌ على جواز تهيّؤ الملوك وإظهارهم الزّينة للرّسل والقصّاد). [تفسير ابن كثير: 6/ 190-191]

تفسير قوله تعالى: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ارجع إليهم} أي: بهديّتهم، {فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها} أي: لا طاقة لهم بقتالهم، {ولنخرجنّهم منها} أي: من بلدهم، {أذلّةً وهم صاغرون} أي: مهانون مدحورون.
فلمّا رجعت إليها رسلها بهديّتها، وبما قال سليمان، سمعت وأطاعت هي وقومها، وأقبلت تسير إليه في جنودها خاضعةً ذليلةً، معظّمةً لسليمان، ناويةً متابعته في الإسلام. ولـمّا تحقّق سليمان، عليه السّلام، قدومهم عليه ووفودهم إليه، فرح بذلك وسرّه). [تفسير ابن كثير: 6/ 191]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين (38) قال عفريتٌ من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّي عليه لقويٌّ أمينٌ (39) قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك فلمّا رآه مستقرًّا عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّي غنيٌّ كريمٌ (40)}.
قال محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان قال: فلمّا رجعت إليها الرّسل بما قال سليمان قالت: قد -واللّه- عرفت، ما هذا بملكٍ، وما لنا به من طاقةٍ، وما نصنع بمكاثرته شيئًا. وبعثت إليه: إنّي قادمةٌ عليك بملوك قومي، لأنظر ما أمرك وما تدعونا إليه من دينك. ثمّ أمرت بسرير ملكها الّذي كانت تجلس عليه -وكان من ذهبٍ مفصّص بالياقوت والزّبرجد واللّؤلؤ -فجعل في سبعة أبياتٍ، بعضها في بعضٍ، ثمّ أقفلت عليه الأبواب، ثمّ قالت لمن خلفت على سلطانها: احتفظ بما قبلك، وسرير ملكي، فلا يخلص إليه أحدٌ من عباد اللّه، ولا يرينّه أحدٌ حتّى آتيك. ثمّ شخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن، تحت يدي كلّ قيل منهم ألوفٌ كثيرةٌ. فجعل سليمان يبعث الجنّ يأتونه بمسيرها ومنتهاها كلّ يومٍ وليلةٍ، حتّى إذا دنت جمع من عنده من الجنّ والإنس، ممّن تحت يديه، فقال: {يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}.
وقال قتادة: لـمّا بلغ سليمان أنّها جائيةٌ، وكان قد ذكر له عرشها فأعجبه، وكان من ذهب، وقوائمه لؤلؤٌ وجوهرٌ، وكان مستّرًا بالدّيباج والحرير، وكانت عليه تسعة مغاليق، فكره أن يأخذه بعد إسلامهم. وقد علم نبيّ اللّه أنّهم متى أسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم فقال: {يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}.
وهكذا قال عطاءٌ الخراسانيّ، والسّدّي، وزهير بن محمّدٍ: {قبل أن يأتوني مسلمين} فتحرم عليّ أموالهم بإسلامهم). [تفسير ابن كثير: 6/ 191-192]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): ({قال عفريتٌ من الجنّ} قال مجاهدٌ: أي ماردٌ من الجنّ.
قال شعيب الجبائيّ: وكان اسمه كوزن. وكذا قال محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان. وكذا قال أيضًا وهب بن منبّهٍ.
قال أبو صالحٍ: وكان كأنّه جبلٌ.
{أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} قال ابن عبّاسٍ: يعني: قبل أن تقوم من مجلسك. وقال مجاهدٌ: مقعدك، وقال السّدّيّ، وغيره: كان يجلس للنّاس للقضاء والحكومات وللطّعام من أوّل النّهار إلى أن تزول الشّمس.
{وإنّي عليه لقويٌّ أمينٌ}: قال ابن عبّاسٍ: أي قويٌّ على حمله، أمينٌ على ما فيه من الجوهر.
فقال سليمان، عليه السّلام: أريد أعجل من ذلك. ومن هاهنا يظهر أنّ النّبيّ سليمان أراد بإحضار هذا السّرير إظهار عظمة ما وهبه اللّه له من الملك، وسخّر له من الجنود، الّذي لم يعطه أحدٌ قبله، ولا يكون لأحدٍ من بعده. وليتّخذ ذلك حجّةً على نبوّته عند بلقيس وقومها؛ لأنّ هذا خارقٌ عظيمٌ أن يأتي بعرشها كما هو من بلادها قبل أن يقدموا عليه. هذا وقد حجبته بالأغلاق والأقفال والحفظة. فلمّا قال سليمان: أريد أعجل من ذلك، {قال الّذي عنده علمٌ من الكتاب} قال ابن عبّاسٍ: وهو آصف كاتب سليمان. وكذا روى محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان: أنّه آصف بن برخياء، وكان صدّيقًا يعلم الاسم الأعظم.
وقال قتادة: كان مؤمنًا من الإنس، واسمه آصف. وكذا قال أبو صالحٍ، والضّحّاك، وقتادة: إنّه كان من الإنس -زاد قتادة: من بني إسرائيل.
وقال مجاهدٌ: كان اسمه أسطوم.
وقال قتادة -في روايةٍ عنه -: كان اسمه بليخا.
وقال زهير بن محمّدٍ: هو رجلٌ من الأندلس يقال له: ذو النّور.
وزعم عبد اللّه بن لهيعة: أنّه الخضر. وهو غريبٌ جدًّا.
وقوله: {أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك} أي: ارفع بصرك وانظر مدّ بصرك ممّا تقدر عليه، فإنّك لا يكل بصرك إلا وهو حاضر عندك.
وقال وهب بن منبّهٍ: امدد بصرك، فلا يبلغ مداه حتّى آتيك به.
فذكروا أنّه أمره أن ينظر نحو اليمن الّتي فيها هذا العرش المطلوب، ثمّ قام فتوضّأ، ودعا اللّه عزّ وجلّ.
قال مجاهدٌ: قال: يا ذا الجلال والإكرام. وقال الزّهريّ: قال: يا إلهنا وإله كلّ شيءٍ، إلهًا واحدًا، لا إله إلّا أنت، ائتني بعرشها. قال: فتمثّل له بين يديه.
قال مجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، ومحمّد بن إسحاق، وزهير بن محمّدٍ، وغيرهم: لمّا دعا اللّه، عزّ وجلّ، وسأله أن يأتيه بعرش بلقيس -وكان في اليمن، وسليمان عليه السّلام ببيت المقدس- غاب السّرير، وغاص في الأرض، ثمّ نبع من بين يدي سليمان، عليه السّلام.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، لم يشعر سليمان إلّا وعرشها يحمل بين يديه. قال: وكان هذا الّذي جاء به من عبّاد البحر، فلمّا عاين سليمان وملؤه ذلك، ورآه مستقرًّا عنده {قال هذا من فضل ربّي} أي: هذا من نعم اللّه عليّ {ليبلوني} أي: ليختبرني، {أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه}، كقوله {من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها} [فصّلت: 46]، وكقوله {ومن عمل صالحًا فلأنفسهم يمهدون} [الرّوم: 44].
وقوله: {ومن كفر فإنّ ربّي غنيٌّ كريمٌ} أي: هو غنيٌّ عن العباد وعبادتهم، {كريمٌ} أي: كريمٌ في نفسه، وإن لم يعبده أحدٌ، فإنّ عظمته ليست مفتقرةً إلى أحدٍ، وهذا كما قال موسى: {إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعًا فإنّ اللّه لغنيٌّ حميدٌ} [إبراهيم: 8].
وفي صحيح مسلمٍ: "يقول اللّه تعالى: يا عبادي لو أنّ أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا. يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم، كانوا على أفجر قلب رجلٍ منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا. يا عبادي، إنّما هي أعمالكم أحصيها لكم [ثمّ أوفّيكم إيّاها] فمن وجد خيرًا فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه"). [تفسير ابن كثير: 6/ 192-193]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة