العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الكهف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الآخرة 1434هـ/23-04-2013م, 10:56 AM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي تفسير سورة الكهف [ من الآية (29) إلى الآية (31) ]

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (29) إلى الآية (31) ]

{ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 جمادى الآخرة 1434هـ/23-04-2013م, 11:55 AM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا صفوان بن عمرو، عن عبيد الله بن بشر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {ويسقى من ماء صديد * يتجرعه} [سورة إبراهيم: 16-17]، قال: يقرب إليه، فيكرهه، فإذا أدني منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، وإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره، يقول الله عز وجل: {وسقوا ماءً حميمًا فقطع أمعاءهم} [سورة محمد:15] ويقول الله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب} [سورة الكهف: 29] ). [الزهد لابن المبارك: 2/587]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله إن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل قال ذكر لنا أن ابن مسعود قال هو الذهب والفضة يسكبان جميعا). [تفسير عبد الرزاق: 1/402]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا جعفر بن سليمان عن سعيد الجزري عن كعب قال هم والذي نفس كعب بيده هم الذين عنوا بهذه الصفة أهل الصلوات الخمس الدائبون عليها في الجماعة). [تفسير عبد الرزاق: 1/402]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الكلبي في قوله تعالى سرادقها قال دخان يحيط بالكافر يوم القيامة وهو الذي قال الله انطلقوا إلى ظل ذي ثلث شعب). [تفسير عبد الرزاق: 1/402]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({سرادقها} [الكهف: 29] : «مثل السّرادق، والحجرة الّتي تطيف بالفساطيط»). [صحيح البخاري: 6/88]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله سرادقها مثل السّرادق والحجرة الّتي تطيف بالفساطيط هو قول أبي عبيدة لكنّه تصرّف فيه قال أبو عبيدة في قوله أحاط بهم سرادقها كسرادق الفسطاط وهي الحجرة الّتي تطوف بالفسطاط قال الشّاعر:
سرادق المجد عليك ممدودٌ
وروى الطّبريّ من طريق بن عبّاسٍ بإسنادٍ منقطعٍ قال سرادقها حائطٌ من نارٍ). [فتح الباري: 8/408]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (سرادقها
مثل السّرادق والحجرة الّتي تطيف بالفساطيط
أشار به إلى قوله تعالى: {إنّا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها} (الكهف: 29) والضّمير في سرادقها يرجع إلى النّار، والمعنى أن سرادق النّار مثل السرادق، والحجرة الّتي تطيف أي تحيط بالفساطيط وهو جمع فسطاط وهي الخيمة العظيمة، والسرادق هو الّذي يمد فوق صحن الدّار ويطيف به ويقاربه. وفي التّفسير عن أبي سعيد الخدريّ عن النّبي صلى الله عليه وسلم، قال: سرادق النّار أربع جدر كتف كل واحدة مسيرة أربعين سنة. وعن ابن عبّاس: السرادق حائط من نار، وعن الكلبيّ: هو عنق يخرج من النّار فيحيط بالكفار كالحظيرة، وعن القتبي: السرادق الحجرة الّتي تكون حول الفسطاط، وهو هنا دخان محيط بالكفار يوم القيامة). [عمدة القاري: 19/38-39]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({سرادقها}) في قوله: {إنّا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها} [الكهف: 29] والضمير يرجع إلى النار والمعنى أن سرادق النار (مثل السرادق والحجرة) بالراء (التي تطيف بالفساطيط) أي تحيط بها والفساطيط جمع فسطاط وهي الخيمة العظيمة والسرداق الذي يمدّ فوق صحن الدار ويطيف به وقيل سرادقها دخانها وقيل حائط من نار). [إرشاد الساري: 7/215]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقل الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظّالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقًا}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وقل يا محمّد لهؤلاء الّذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا، واتّبعوا أهواءهم: الحقّ أيّها النّاس من عند ربّكم، وإليه التّوفيق والخذلان، وبيده الهدى والضّلال يهدي من يشاء منكم للرّشاد، فيؤمن، ويضلّ من يشاء عن الهدى فيكفر، ليس إليّ من ذلك شيءٌ، ولست بطاردٍ لهواكم من كان للحقّ متّبعًا، وباللّه وبما أنزل عليّ مؤمنًا، فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا، فإنّكم إن كفرتم فقد أعدّ لكم ربّكم على كفركم به نارًا أحاط بكم سرادقها، وإن آمنتم به وعملتم بطاعته، فإنّ لكم ما وصف اللّه لأهل طاعته.
وروي عن ابن عبّاس في ذلك ما؛
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} يقول: من شاء اللّه له الإيمان آمن، ومن شاء اللّه له الكفر كفر، وهو قوله: {وما تشاءون إلاّ أن يشاء اللّه ربّ العالمين}.
وليس هذا بإطلاقٍ من اللّه الكفر لمن شاء، والإيمان لمن أراد، وإنّما هو تهديدٌ ووعيدٌ وقد بيّن أنّ ذلك كذلك قوله: {إنّا أعتدنا للظّالمين نارًا} والآيات بعدها. كما؛
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن عمر بن حبيبٍ، عن داود، عن مجاهدٍ، في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}. قال: وعيدٌ من اللّه، فليس بمعجزي.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} وقوله {اعملوا ما شئتم} قال: هذا كلّه وعيدٌ ليس مصانعةً ولا مراشاةً ولا تفويضًا.
وقوله: {إنّا أعتدنا للظّالمين نارًا} يقول تعالى ذكره: إنّا أعددنا، وهو من العدّة. للظّالمين: الّذين كفروا بربّهم ناراً. كما؛
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّا أعتدنا للظّالمين نارًا أحاط بهم سرادقها} قال: للكافرين.
وقوله: {أحاط بهم سرادقها} يقول: أحاط سرادق النّار الّتي أعدّها اللّه للكافرين بربّهم.
وذلك فيما قيل: حائطٌ من نارٍ يطيف بهم كسرادق الفسطاط، وهي الحجرة الّتي تطيف بالفسطاط، كما قال رؤبة:
يا حكم بن المنذر بن الجارود = سرادق الفضل عليك ممدود
كما قال سلامة بن جندلٍ:
هو المولج النّعمان بيتًا سماؤه = صدور الفيول بعد بيتٍ مسردق
يعني: بيتًا له سرادق
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ، في قوله: {إنّا أعتدنا للظّالمين نارًا أحاط بهم سرادقها} قال: هي حائطٌ من نارٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عمّن أخبره قال {أحاط بهم سرادقها} قال: دخانٌ يحيط بالكفّار يوم القيامة، وهو الّذي قال اللّه: {ظلٍّ ذي ثلاث شعبٍ}.
وقد روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في ذلك خبرٌ يدلّ على أنّ معنى قوله {أحاط بهم سرادقها} أحاط بهم ذلك في الدّنيا، وأنّ ذلك السّرادق هو البحر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني الحسين بن نصرٍ، والعبّاس بن محمّدٍ، قالا: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عبد اللّه بن أميّة، قال: حدّثنا محمّد بن حييّ بن يعلى، عن صفوان بن يعلى، عن يعلى بن أميّة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " البحر هو جهنّم " قال: فقيل له: كيف ذلك، فتلا هذه الآية، أو قرأ هذه الآية: {نارًا أحاط بهم سرادقها} ثمّ قال: واللّه لا أدخلها أبدًا أو ما دمت حيًّا، ولا تصيبني منها قطرةٌ.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا يعمر بن بشرٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا رشدين بن سعدٍ، قال: حدّثني عمرو بن الحارث، عن أبي السّمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " سرادق النّار أربعة جدرٍ، كثف كلّ واحدٍ مثل مسيرة أربعين سنةً ".
- حدّثنا يونس، قال: حدّثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: " إنّ لسرادق النّار أربعة جدرٍ، كثف كلّ جدارٍ منها مسيرة أربعين سنةً ".
وقوله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل} يقول تعالى ذكره: وإن يستغث هؤلاء الظّالمون يوم القيامة في النّار من شدّة ما بهم من العطش، فيطلبون الماء يغاثوا بماء كالمهل.
واختلف أهل التّأويل في المهل، فقال بعضهم: هو كلّ شيءٍ أذيب وانماع.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ ابن مسعودٍ، أهديت إليه سقايةٌ من ذهبٍ وفضّةٍ، فأمر بأخدودٍ فخدّ في الأرض، ثمّ قذف فيه من جزل حطبٍ، ثمّ قذف فيه تلك السّقاية، حتّى إذا أزبدت وانماعت قال لغلامه: ادع من يحضرنا من أهل الكوفة، فدعا رهطًا، فلمّا دخلوا عليه قال: أترون هذا؟ قالوا: نعم، قال: ما رأينا في الدّنيا شبيهًا للمهل أدنى من هذا الذّهب والفضّة، حين أزبد وانماع.
وقال آخرون: هو القيح والدّم الأسود
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل} قال: القيح والدّم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {بماءٍ كالمهل} قال: القيح والدّم الأسود، كعكر الزّيت قال الحارث في حديثه: يعني درديّه.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كالمهل} قال: يقول: أسود كهيئة الزّيت.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بماءٍ كالمهل} ماء جهنّم أسود، وهي سوداء، وشجرها أسود، وأهلها سودٌ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل} قال: هو ماءٌ غليظٌ مثل درديّ الزّيت.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرٌو، عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " ماءٌ كالمهل "، قال: " كعكر الزّيت، فإذا قرّبه إليه سقط فروة وجهه فيه "
وقال آخرون: هو الشّيء الّذي قد انتهى حرّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ، وهارون بن عنترة، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: المهل: هو الّذي قد انتهى حرّه.
وهذه الأقوال وإن اختلفت بها ألفاظ قائليها، فمتقاربات المعنى، وذلك أنّ كلّ ما أذيب من رصاص أو ذهبٍ أو فضّةٍ فقد انتهى حرّه، وأنّ ما أوقدت عليه من ذلك النّار حتّى صار كدرديّ الزّيت، فقد انتهى أيضًا حرّه.
- وقد حدّثت عن معمر بن المثنّى، أنّه قال: سمعت المنتجع بن نبهان، يقول: واللّه لفلانٌ أبغض إليّ من الطّلياء والمهل، قال: فقلنا له: وما هما؟ فقال: الجرباء، والملّة الّتي تنحدر عن جوانب الخبزة إذا ملّت في النّار من النّار، كأنّها سهلةٌ حمراء مدقّقةٌ، فهي جمره.
فالمهل إذًا هو كلّ مائعٍ قد أوقد عليه حتّى بلغ غاية حرّه، أو لم يكن مائعًا، فانماع بالوقود عليه، وبلغ أقصى الغاية في شدّة الحرّ.
وقوله: {يشوي الوجوه بئس الشّراب} يقول جلّ ثناؤه: يشوي ذلك الماء الّذي يغاثون به وجوههم. كما؛
- حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، قال: حدّثنا حيوة بن شريحٍ، قال: حدّثنا بقيّة، عن صفوان بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن بسرٍ، هكذا قال ابن خلفٍ عن أبي أمامة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، في قوله {ويسقى من ماءٍ صديدٍ يتجرّعه} قال: " يقرّب إليه فيتكرّهه، فإذا قرّب منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه "، يقول اللّه: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب}.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الطّالقانيّ ويعمر بن بشرٍ، قالا: حدّثنا ابن المبارك، عن صفوان، عن عبيد اللّه بن بسرٍ، عن أبي أمامة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بمثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، وهارون بن عنترة، عن سعيد بن جبيرٍ، قال هارون: إذا عام أهل النّار. وقال جعفرٌ: إذا جاع أهل النّار استغاثوا بشجرة الزّقّوم، فأكلوا منها، فاختلست جلود وجوههم، فلو أنّ مارًّا مارّ بهم يعرف جلود وجوههم فيها، ثمّ يصبّ عليهم العطش، فيستغيثون، فيغاثون بماءٍ كالمهل وهو الّذي قد انتهى حرّه، فإذا أدنوه من أفواههم انشوى من حرّه لحوم وجوههم الّتي قد سقطت عنها الجلود.
وقوله: {بئس الشّراب} يقول تعالى ذكره: بئس الشّراب، هذا الماء الّذي يغاث به هؤلاء الظّالمون في جهنّم الّذي صفته ما وصف في هذه الآية.
وقوله: {وساءت مرتفقًا} يقول تعالى ذكره: وساءت هذه النّار الّتي أعتدناها لهؤلاء الظّالمين مرتفقًا.
والمرتفق في كلام العرب: المتّكأ، يقال منه: ارتفقت إذا اتّكأت، كما قال الشّاعر:
قالت له وارتفقت ألا فتًى = يسوق بالقوم غزالات الضّحى
أراد: واتّكأت على مرفقها، وقد ارتفق الرّجل: إذا بات على مرفقه لا يأتيه نومٌ، وهو مرتفقٌ، كما قال أبو ذؤيبٍ الهذليّ:
نام الخليّ وبتّ اللّيل مرتفقًا = كأنّ عيني فيها الصّاب مذبوح
وأمّا من الرّفق فإنّه يقال: قد ارتفقت بك مرتفقًا.
وكان مجاهدٌ يتأوّل قوله: {وساءت مرتفقًا} يعني المجتمع
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {مرتفقًا} أي مجتمعًا.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا معتمرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {وساءت مرتفقًا} قال: مجتمعًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله.
ولست أعرف الارتفاق بمعنى الاجتماع في كلام العرب، وإنّما الارتفاق افتعالٌ، إمّا من المرفق، وإمّا من الرّفق). [جامع البيان: 15/243-253]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يغاثوا بماء كالمهل قال مثل القيح والدم أسود كعكر الزيت). [تفسير مجاهد: 376]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وساءت مرتفقا يقول ساءت مجتمعا). [تفسير مجاهد: 376]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ، أنبأ السّريّ بن خزيمة، ثنا سعيد بن هبيرة، ثنا عبد اللّه بن المبارك، أنبأ صفوان بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن بسرٍ، عن أبي أمامة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله عزّ وجلّ: {ويسقى من ماءٍ صديدٍ يتجرّعه} [إبراهيم: 17] قال: «يقرّب إليه فيتكرّهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتّى يخرج من دبره» يقول اللّه عزّ وجلّ: {وسقوا ماءً حميمًا فقطّع أمعاءهم} [محمد: 15] ويقول اللّه عزّ وجلّ {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب} [الكهف: 29] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/400]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وقل الحق من ربكم} قال: الحق هو القرآن). [الدر المنثور: 9/529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج حنيش في الاستقامة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} يقول: من شاء الله له الإيمان آمن ومن شاء الله له الكفر كفر وهو قوله: {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين} التكوير آية 29). [الدر المنثور: 9/529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال: هذا تهديد ووعيد). [الدر المنثور: 9/529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن رباح بن زياد قال: سألت عمر بن حبيب عن قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال: حدثني داود بن نافع أن مجاهدا كان يقول: فليس بمعجزي وعيد من الله). [الدر المنثور: 9/529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {أحاط بهم سرادقها} قال: حائط من نار). [الدر المنثور: 9/530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والترمذي، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وابن جرير وأبو يعلى، وابن أبي حاتم، وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: السرادق النار أربعة جدر كافة كل جدار منها أربعون سنة). [الدر المنثور: 9/530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه، وابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن يعلى بن أمية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن البحر من جهنم ثم تلا {نارا أحاط بهم سرادقها} ). [الدر المنثور: 9/530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة أن الأحنف بن قيس كان لا ينام في السرادق ويقول: لم يذكر السرادق إلا لأهل النار). [الدر المنثور: 9/530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والترمذي وأبو يعلى، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {بماء كالمهل} قال: كعكر الزيت فإذا أقرب إليه سقطت فروة وجهه فيه). [الدر المنثور: 9/531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {كالمهل} يقول: أسود كعكر الزيت). [الدر المنثور: 9/531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وهناد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عطية قال: سئل ابن عباس عن المهل قال: ماء غليظ كدردي الزيت). [الدر المنثور: 9/531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد، وعبد بن حميد، وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله: {كالمهل} قال: كدردي الزيت). [الدر المنثور: 9/531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: المهل دردي الزيت). [الدر المنثور: 9/531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك في قوله: {كالمهل} قال: المهل دردي الزيت). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن المهل فدعا بهذب وفضة فإذا به قلما ذاب، قال: هذا أشبه شيء بالمهل الذي هو شراب أهل النار ولونه لون السماء غير أن شراب أهل النار أشدا حرا من هذا). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {كالمهل} قال: القيح والدم أسود كعكر الزيت). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {كالمهل} قال: أسود وهي سوداء وأهلها سود). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن خصيف قال: المهل النحاس إذا أذيب فهو أشد حرا من النار). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحكم في قوله: {كالمهل} قال: مثل الفضة إذا أذيبت). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله: {كالمهل} قال: أشد ما يكون حرا). [الدر المنثور: 9/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال: هل تدرون ما المهل مهل الزيت: يعني آخره). [الدر المنثور: 9/533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وساءت مرتفقا} قال: مجتمعا). [الدر المنثور: 9/533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وساءت مرتفقا} قال: منزلا). [الدر المنثور: 9/533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وساءت مرتفقا} قال: عليها مرتفقون على الحميم حين يشربون والإرتفاق هو المتكأ). [الدر المنثور: 9/533]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا رجل، عن موسى بن عبيدة، عن المقبري، أنه بلغه عن عيسى ابن مريم كان يقول: يا ابن آدم، إذا عملت الحسنة فاله عنها، فإنها عند من لا يضيعها، ثم تلا: {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} [سورة الكهف:30]، وإذا عملت السيئة فاجعلها نصب عينيك). [الزهد لابن المبارك: 2/131]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً}.
يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين صدّقوا اللّه ورسوله، وعملوا بطاعة اللّه، وانتهوا إلى أمره ونهيه، إنّا لا نضيع ثواب من أحسن عملاً، فأطاع اللّه، واتّبع أمره ونهيه، بل نجازيه بطاعته وعمله الحسن جنّاتٍ عدنٍ تجري من تحتها الأنهار.
فإن قال قائلٌ: وأين خبر " إنّ " الأولى؟
قيل: جائزٌ أن يكون خبرها قوله: {إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً} فيكون معنى الكلام: إنّا لا نضيع أجر من عمل صالحًا، فترك الكلام الأوّل، واعتمد على الثّاني بنيّة التّكرير، كما قيل: {يسألونك عن الشّهر الحرام قتالٍ فيه} بمعنى: عن قتالٍ، فيه على التّكرير، وكما قال الشّاعر:
إنّ الخليفة إنّ اللّه سربله = سربال ملكٍ به ترجى الخواتيم
ويروى: تزجى.
وجائزٌ أن يكون: {إنّ الّذين آمنوا} جزاءً، فيكون معنى الكلام: إنّ من عمل صالحًا فإنّا لا نضيع أجره، فتضمن الفاء في قوله " إنّا ".
وجائزٌ أن يكون خبرها: أولئك لهم جنّات عدنٍ، فيكون معنى الكلام: إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم جنّات عدنٍ). [جامع البيان: 15/254]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الكلبي في قوله تعالى من سندس وإستبرق قال الإستبرق هو الديباج). [تفسير عبد الرزاق: 1/403]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الكلبي في وقوله تعالى على الأرائك قال على السرر في الحجال.
قال قتادة هي الحجال). [تفسير عبد الرزاق: 1/403]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن همام بم منبه قال سمعت أبا هريرة يقول قال أبو القاسم أول زمرة تلج الجنة وجوههم على صورة القمر ليلة البدر لا يمتخطون ولا يبصقون ولا يتفوطون آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم اللؤلؤة ورشحهم المسك لكل امرئ منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا). [تفسير عبد الرزاق: 1/403]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال أهل الجنة ينكحون النساء لا يلدن وليس فيها مني ولا منية). [تفسير عبد الرزاق: 1/403-404]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله {من سندس وإستبرق} قال هو غليظ الديباج). [تفسير عبد الرزاق: 2/267] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولئك لهم جنّات عدنٍ تجري من تحتهم الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندسٍ وإستبرقٍ متّكئين فيها على الأرائك نعم الثّواب وحسنت مرتفقًا}.
يقول تعالى ذكره: لهؤلاء الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّات عدنٍ، يعني بساتين إقامةٍ في الآخرة. {تجري من تحتهم الأنهار} يقول: تجري من دونهم وبين أيديهم الأنهار. وقال جلّ ثناؤه: {من تحتهم} ومعناه: من دونهم وبين أيديهم.
{يحلّون فيها من أساور} يقول: يلبسون فيها من الحليّ أساور من ذهبٍ، والأساور: جمع إسوارٍ.
وقوله: {ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندس} والسّندس: جمعٌ واحدها سندسةٌ، وهي ما رقّ من الدّيباج. والإستبرق: ما غلظ منه وثخن، وقيل: إنّ الإستبرق: هو الحرير، ومنه قول المرقّش:
تراهنّ يلبسن المشاعر مرّةً = وإستبرق الدّيباج طورًا لباسها
يعني: وغليظ الدّيباج.
وقوله: {متّكئين فيها على الأرائك} يقول: متّكئين في جنّات عدنٍ على الأرائك، وهي السّرر في الحجال، واحدتها: أريكةٌ، ومنه قول الشّاعر:
خدودًا جفت في السّير حتّى كأنّما = يباشرن بالمعزاء مسّ الأرائك
ومنه قول الأعشى:
بين الرّواق وجانبٍ من سترها = منها وبين أريكة الأنضاد
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {على الأرائك} قال: هي الحجال.
قال معمرٌ، وقال غيره: السّرر في الحجال
وقوله: {نعم الثّواب} يقول: نعم الثّواب جنّات عدنٍ، وما وصف جلّ ثناؤه أنّه جعل لهؤلاء الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات. {وحسنت مرتفقًا} يقول: وحسنت هذه الأرائك في هذه الجنان الّتي وصف تعالى ذكره في هذه الآية متّكأً.
وقال عز وجلّ: {وحسنت مرتفقًا} فأنّث الفعل بمعنى: وحسنت هذه الأرائك مرتفقًا، ولو ذكّر لتذكير المرتفق كان صوابًا، لأنّ نعم وبئس إنّما تدخلهما العرب في الكلام لتدلاّ على المدح والذّمّ لا للفعل، فلذلك تذكّرهما مع المؤنّث، وتوحّدهما مع الاثنين والجماعة). [جامع البيان: 15/254-256]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 31.
أخرج ابن المبارك، وابن أبي حاتم عن المقبري قال: بلغني أن عيسى ابن مريم كان يقول: يا ابن آدم إذا عملت الحسنة فاله عنها فإنها عند من لا يضيعها، ثم تلا {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} وإذا عملت سيئة فاجعلها نصب عينيك). [الدر المنثور: 9/533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن سعد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدت أساوره لطمس ضوءه ضوء الشمس كما يطمس ضوء النجوم). [الدر المنثور: 9/533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لو أن أدنى أهل الجنة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدنيا جميعا لكان ما يحليه الله به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا). [الدر المنثور: 9/534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن كعب الأحبار قال: إن لله ملكا - وفي لفظ -: في الجنة ملك لو شئت أن أسميه لسميته يصوغ حلى أهل الجنة من يوم خلق إلى أن تقوم الساعة ولو أن حليا منها أخرج لرد شعاع الشمس، وإن لأهل الجنة أكاليل من در لو أن إكليلا منها دلي من السماء الدنيا لذهب بضوء الشمس كما تذهب الشمس بضوء القمر). [الدر المنثور: 9/534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة قال: إن أهل الجنة يحلون أسورة من ذهب ولؤلؤ وفضة هي أخف عليهم من كل شيء إنما هي نور). [الدر المنثور: 9/534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {أساور من ذهب} قال: الأساور المسك). [الدر المنثور: 9/534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء). [الدر المنثور: 9/535]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي والحاكم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحلية والحرير ويقول: إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوهما في الدنيا). [الدر المنثور: 9/535]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطيالسي والبخاري في تاريخه والنسائي والبزار، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عمرو قال: قال رجل: يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة، أخلقا تخلق أم نسجا تنسج قال: بل يشقق عنها ثمر الجنة.
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر نحوه). [الدر المنثور: 9/535-536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أبي الخير مرثد بن عبد الله قال: في الجنة شجرة تنبت السندس منه يكون ثياب أهل الجنة). [الدر المنثور: 9/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن الضحاك قال: الاستبرق الديباج الغليظ وهو بلغة العجم استبره). [الدر المنثور: 9/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن عكرمة قال: الاستبرق الديباج الغليظ). [الدر المنثور: 9/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قال: الاستبرق الغليظ من الديباج). [الدر المنثور: 9/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن سابط قال: يبعث الله إلى العبد من أهل الجنة بالكسوة فتعجبه فيقول: لقد رأيت الجنان فما رأيت مثل هذه الكسوة قط فيقول الرسول الذي جاء بالكسوة: إن ربك يأمر أن تهيئ لهذا العبد مثل هذه الكسوة ما شاء). [الدر المنثور: 9/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال: لو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم). [الدر المنثور: 9/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سليم بن عامر قال: إن الرجل من أهل الجنة يلبس الحلة من حلل أهل الجنة فيضعها بين أصبعيه فما يرى منها شيء وإنه يلبسها فيتعفر حتى تغطي قدميه يكسى في الساعة الواحدة سبعين ثوبا، إن أدناها مثل شقيق النعمان وإنه يلبس سبعين ثوبا يكاد أن يتوارى وما يستطيع أحد في الدنيا أن يلبس سبعة أثواب ما يسعه عنقه). [الدر المنثور: 9/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كفن ميتا كساه الله من سندس واستبرق الجنة). [الدر المنثور: 9/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الهيثم بن مالك الطائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه). [الدر المنثور: 9/537-538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت قال: بلغنا أن الرجل يتكئ في الجنة سبعين سنة عنده من أزواجه وخدمه وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له لم يكن يراهن من قبل ذلك فيقلن: قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبا). [الدر المنثور: 9/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأرائك السرر في جوف الحجال، عليها الفرش منضود في السماء فرسخ). [الدر المنثور: 9/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا تكون أريكة حتى يكون السرير في الحجلة فإن كان بغير حجلة لم يكن أريكة وإن كانت حجلة بغير سرير لم تكن أريكة فإذا اجتمعتا كانت أريكة). [الدر المنثور: 9/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وهناد، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {على الأرائك} قال: السرر عليها الحجال). [الدر المنثور: 9/539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه قال: الأرائك من لؤلؤ وياقوت). [الدر المنثور: 9/539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن الحسن رضي الله عنه قال: لم نكن ندري ما الأرائك حتى لقينا رجلا من أهل اليمن فأخبرنا أن الأريكة عندهم الحجلة إذا كان فيها سرير). [الدر المنثور: 9/539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي رجاء قال: سئل الحسن رضي الله عنه عن الأرائك فقال: هي الحجال أهل اليمن يقولون أريكة فلان). [الدر المنثور: 9/539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه أن سئل عن الأرائك فقال: هي الحجال على السرر). [الدر المنثور: 9/539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: الأرائك الحجال فيها السرر). [الدر المنثور: 9/539]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 جمادى الآخرة 1434هـ/23-04-2013م, 09:13 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقل الحقّ من ربّكم} سعيدٌ، عن قتادة، قال: وهو القرآن.
قال: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} هذا وعيدٌ.
أي: من آمن دخل الجنّة، ومن كفر دخل النّار.
قال: {إنّا أعتدنا} أعددنا.
{للظّالمين} للمشركين.
{نارًا أحاط بهم سرادقها} سورها.
ولها عمدٌ، فإذا مدّت تلك العمد أطبقت على أهلها، وذلك حين يقول: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} فإذا قال ذلك أطبقت عليهم، وهو قوله: {إنّها عليهم مؤصدةٌ * في عمدٍ ممدّدةٍ} [الهمزة: 8-9].
قوله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل}
- سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ هديت له سقاية ذهبٍ وفضّةٍ، فأمر بخدودٍ فخدّت في الأرض، ثمّ قذف فيها من جزل الحطب، ثمّ قذف فيها تلك السّقاية، حتّى إذا أزبدت وامّاعت، قال لغلامه: ادع من بحضرتنا من أهل الكوفة.
فدعا رهطًا، فلمّا دخلوا عليه قال: أترون هذا؟ قالوا: نعم، قال: ما رأينا في الدّنيا شبهًا للمهل أدنى من هذا الذّهب وهذه الفضّة حين أزبد وامّاع.
عثمان، عن زيد بن أسلم، قال: كعكر الزّيت.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه، قال: المهل: القيح والدّم.
قوله: {يشوي الوجوه} يحرق الوجوه إذا أهوى ليشربه.
{بئس الشّراب وساءت مرتفقًا} قال قتادة: منزلا ومأوًى، يعني النّار.
وقال مجاهدٌ، عن أبيه: {وساءت مرتفقًا} مجتمعًا.
وقوله: {وساءت} بئس المنزل والمأوى هي. وهذا وعيدٌ لمن كفر). [تفسير القرآن العظيم: 1/182-183]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ولا تعد عيناك عنهم} جرم لأن مجازه مجاز النهى، والموضع: لا تجاوز عيناك، ويقال: ما عدوت ذلك أي ما جاوزته.

{وكان أمره فرطا} أي سرفاً وتضييعاً). [مجاز القرآن: 1/398]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {وقل الحقّ من رّبّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظّالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقاً}
وقال: {وقل الحقّ من رّبّكم} أي: قل هو الحقّ. وقوله: {وساءت مرتفقاً} أي: وساءت الدار مرتفقا). [معاني القرآن: 2/77]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {إنا اعتدنا للظالمين} فالفعل: أعتدت إعتادًا، وهو العتاد للشيء العتيد، ويقال: عتد يعتد عتدًا.
وقوله {أحاط بهم سرادقها} والسرادق: الحائط والخص، وجميع ما حجر به؛ ويقال: سردقت عليه، سردقةً.
وقال رؤبة:
ريتهم في لج ليل سردقا
وإن علوا من فيف خرق فيهقا
وقال أوس:
فما فتئت خيل كأن غبارها = سرادق يوم ذي رياح ترفع
وأما {كالمهل يشوي الوجوه} فكان ابن مسعود يقول المهل: الفضة المذابة؛ وكان ابن عباس يقول {كالمهل} كدردي الزيت أسود غليظ.
وقالوا في اللغة المهل: ماء يسيل من خبز الملة من النار؛ وهو جمر مدقق؛ وقالوا أيضًا: جرح مهل من الصديد والدم؛ وقالوا: لي ثم مهلة، ومهلة جميعًا). [معاني القرآن لقطرب: 869]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : ( {وساءت مرتفقا} فالمرتفق مفتعل: من المرفق من الاتكاء؛ وقالوا: ارتفق ارتفاقًا؛ أي اتكأ اتكاءً.
وقال قيس بن رفاعة:
[وروى محمد]: أبو قيس بن رفاعة الأنصاري:
[معاني القرآن لقطرب: 869]
يبيت الليل مرتفقا على = فرش الفتاة وما أبيت
أي متكئ.
وقال أبو ذؤيب:
إني أرقت فبت الليل مرتفقًا = كأن عيني فيها الصاب مذبوح). [معاني القرآن لقطرب: 870]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {وساءت مرتفقا} فعلى إضمار في {ساءت}، انتصب كأنه قال: ساءت تلك مرتفقًا؛ وكذلك {بئس للظالمين بدلا} كأنه قال: بئس البدل بدلاً، على إضمار اسم في الفعل؛ ولو قلت: بئس الرجل أو البدل، رفعت لذهاب الإضمار من الفعل). [معاني القرآن لقطرب: 882]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {سرادقها}: مثل الحجرة التي تطيف بالفسطاط.
{المهل}: قالوا كدردي الزيت وقالوا كلما أذبته من نحاس أو رصاص أو فضة.
{مرتفقا}: متكأ يقال ارتفقت أي اتكأت على مرفقه). [غريب القرآن وتفسيره: 228-227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و (المهل) دردي الزيت. ويقال: ما أذيب من النّحاس والرّصاص.
{وساءت مرتفقاً} أي مجلسا. وأصل الارتفاق: الاتكاء على المرفق). [تفسير غريب القرآن: 267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقل الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظّالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقا }
المعنى وقل الذي أتيتكم به الحقّ من ربّكم.
{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
هذا الكلام ليس بأمر لهم، ما فعلوه منه فهم فيه مطيعون، ولكن كلام وعيد وإنذار قد بين بعده ما لكل فريق من مؤمن وكافر.
قال عزّ وجلّ: {إنا أعتدنا للظّالمين نارا}.
معنى أعتدنا جعلناها عتادا لهم كما تقول: جعلت هذا عدة لهذا.
والعتاد: الشيء الثابت اللازم.
وقوله: {أحاط بهم سرادقها} أي صار عليهم سرادق من العذاب، والسرادق كل ما أحاط بشيء نحو الشقة في المضرب والحائط المشتمل على الشيء.
وقوله: (كالمهل) يعنى أنهم يغاثون بماء كالرّصاص المذاب أي الصّفر والفضّة، وكل ما أذبته من هذه الأشياء فهو مهل.
وقيل المهل: درديّ الزّيت أيضا.
وقيل المهل صديد الجرح.
{يشوي الوجوه} أي إذا قدّم ليشرب أشوى الوجه من حرارته.
{بئس الشّراب وساءت مرتفقا}.
(مرتفقا) منصوب على التمييز، و (مرتفقا) منزلا.
وقال أهل اللغة (مرتفقا): متكأ.
وأنشدوا:
إني أرقت فبتّ الليل مرتفقا.......كأنّ عيني فيها الصّاب مذبوح).
[معاني القرآن: 3/283-281]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وقل الحق من ربكم} المعنى وقل الذي جئتكم به الحق الحق من ربكم). [معاني القرآن: 4/232]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}
هذا على التهديد). [معاني القرآن: 4/232]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إنا أعتدنا للظالمين نارا}
أي جعلناها لهم عتادا والعتاد الثابت اللازم وهو مثل العدة). [معاني القرآن: 4/232]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {أحاط بهم سرادقها}
(السرادق) في اللغة: كل شيء محيط بشيء،
قيل إنه يراد به الدخان الذي يحيط بالكفار يوم القيامة وهو الذي ذكره الله في قوله سبحانه: {انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب} ). [معاني القرآن: 4/232-233]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه}

- روى هشيم عن عوف عن الحسن قال جاء قوم إلى عبد الله بن مسعود يسألونه عن المهل فأخذ فضة فأذابها حتى انماعت ثم أذن لهم بالدخول فقال لهم هذا أشبه بالمهل.
- وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: المهل دردي الزيت.
- وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: المهل القيح والدم.
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال متقاربة وإنما هو ما تمهل وسكن وأكثر ما يستعمل لدردي الزيت كما قال ابن عباس.). [معاني القرآن: 4/234-233]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا} المعنى وساءت النار مرتفقا
قال مجاهد: أي مجتمعا.
وقال غيره أي مجلسا.

قال أبو جعفر: والمعروف في اللغة أن المرتفق المتكأ وأنشد أهل اللغة:
إني أرقت فبت الليل مرتفقا.......كأن عيني فيها الصاب مذبوح
قال أبو جعفر: ولا يمتنع أن يكون المعنى موضع مرتفق.). [معاني القرآن: 4/235-234]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال ثعلب: هذا تهدد ووعيد،
كما قال: {اعملوا ما شئتم} إنما هو تهديد ووعيد، وليس بأمر). [ياقوتة الصراط: 324]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({إنا أعتدنا} أي: أعددنا). [ياقوتة الصراط: 325]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ):{سرادقها} أي: سورها). [ياقوتة الصراط: 325]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({كالمهل}: المهل: المذاب من الرصاص). [ياقوتة الصراط: 325]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والسرادق) دخان يحيط بالكفار كسرادق الفسطاط، وهو الظل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والمهل) دردي الزيت. وقيل: هو ما أذيب من الرصاص والنحاس.
{وساءت مرتفقا} أي مجلسا، وأصل الارتفاق الجلوس والاتكاء على المرافق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({السُّرَادِقُ}: حول الفسطاط.
{المُهْلِ}: النحاس.
{مُرْتَفَقاً}: متكأً). [العمدة في غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع...}
خبر {الّذين آمنوا} في قوله: {إنّا لا نضيع} وهو مثل قول الشاعر:
إن الخليفة إنّ الله سربله.......سربال ملك بها تزجى الخواتيم
كأنه في المعنى: إنا لا نضيع أجر من عمل صالحاً فترك الكلام الأول واعتمد على الثاني بنيّة التكرير؛ كما قال {يسألونك عن الشّهر الحرام} ثم قال {قتالٍ فيه} يريد: عن قتال فيه بالتكرير ويكون أن تجعل {إنّ الّذين آمنوا وعملوا} في مذهب جزاء، كقولك: إن من عمل صالحاً فإنا لا نضيع أجره، ب: فتضمر فتضمّن الفاء في قوله (فإنّا) وإلقاؤها جائز.
وهو أحبّ الوجوه إليّ. وإن شئت جعلت خبرهم مؤخّرا كأنك قلت: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم جنّات عدن} ). [معاني القرآن: 2/140]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (إنّا أعتدنا) من العتاد وموضعه موضع أعددنا من العدة.
{أحاط بهم سرادقها} كسرادق الفسطاط وهي الحجرة التي تطيف بالفسطاط، قال رؤبة:
يا حكم بن المنذر بن الجارود.......أنت الجواد بن الجواد المحمود
سرادق المجــد إليــــك ممـدود....... . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال سلامة بن جندل:
هو المولج النّعمان بيتاً سماؤه.......صدور بعد بيتٍ مسردق
أي له سرادق.
{يغاثوا بماءٍ كالمهل} كل شئ أذبته من نحاس أو رصاص ونحو ذلك فهو مهل، وسمعت المنتجع بن نبهان يقول: والله لفلانٌ أبغض إلىّ من الطّلياء والمهل،
فقلنا: وما هما فقال الجرباء والملّة التي تنحدر عن جوانب الخبزة إذا ملت في النار من النار كأنه مهلة حمراء مدقّفة فهي جمرة.
{وساءت مرتفقاً} أي متّكئاً، قال أبو ذؤيب الهذليّ:
إنّي أرقت فبتّ الليل مرتفقاً.......كأنّ عينيّ فيها الصاب مذبوح
وذبحه: انفجاره، قال: وهو شديد وحكى عن أبي عمرو بن العلاء أو غيره يقال: انفقأت واحدة فقطّرت في عيني فكأنه كان في عيني وتدٌ). [مجاز القرآن: 1/401-398]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً}
وقال: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً} لأنه لما قال: {لا نضيع أجر من أحسن عملاً} كان في معنى: لا نضيع أجورهم لأنهم ممن أحسن عملا). [معاني القرآن: 2/77]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(إنَّ الثقيلة) تزاد كقوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}
وكذلك قوله: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ}.
وقال الشاعر:
إنَّ الخليفة إنَّ الله سَرْبَلَهُ.......سِرْبَالِ مُلْكِ به تُرجى الخواتيمُ).
[تأويل مشكل القرآن: 251]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا }
خبر (إنّ) هنا على ثلاثة أوجه:
فأحدها: أن يكون على إضمار " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا منهم" ، ولم يحتج إلى ذكر منهم لأن الله تعالى قد أعلمنا أنه يحبط عمل غير المؤمنين،
قال عزّ وجلّ: {وعد اللّه الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}.
ويجوز أن يكون خبر (إنّ): {أولئك لهم جنّات عدن}
ويكون قوله: {إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا} قد فصل به بين الاسم وخبره، لأن فيه ذكر ما في الأول، لأن من أحسن
عملا بمنزلة الذين آمنوا.
ووجه ثالث، أن يكون الخبر {إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا} في معنى إنا لا نضيع أجرهم، لأن ذكر " من " كذكر الذي، وذكر حسن العمل كذكر الإيمان.
فيكون كقولك: إن الذين يعملون الصالحات إن الله لا يضيع أجر من آمن، فهو كقولك إن اللّه لا يضيع أجرهم). [معاني القرآن: 3/283]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل ذكره: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا}
قال أبو جعفر: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل قال: حدثنا محمد بن حميد قال: نا يحيى بن الضريس عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: (قدم أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته الصهباء؛ فقال: إني رجل متعلم فأخبرني عن قول الله {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا}؛ قال النبي عليه السلام: ((يا أعرابي ما أنت منهم ببعيد وما هم منك ببعيد هؤلاء الأربعة الذين هم وقوف معي؛
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فاعلم قومك أن هذا الآية نزلت في هؤلاء الأربعة)) ) ). [معاني القرآن: 4/236-235]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ أخبر بوعده لمن آمن فقال: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا * أولئك لهم جنّات عدنٍ تجري من تحتهم الأنهار} قد فسّرناه قبل هذا الموضع.
قوله: {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ} ابن لهيعة، أنّ رسول اللّه قال: ((إنّ الرّجل من أهل الجنّة لو بدا إسواره لغلب على ضوء الشّمس)).
وأخبرني بعض أصحابنا، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، قال: ليس من أهل الجنّة أحدٌ إلا وفي يده ثلاثة أسورةٍ: إسوارٌ من ذهبٍ، وإسوارٌ من فضّةٍ، وإسوارٌ من لؤلؤٍ.
قال: وهو قوله: {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا}، وقوله: {وحلّوا أساور من فضّةٍ}.
قوله: {ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندسٍ وإستبرقٍ} سعيدٌ، عن قتادة، عن عكرمة قال: أمّا السّندس فقد رأيتموه.
قال يحيى: السّندس الّذي قال عكرمة يعمل بالسّوس، وهو الخزّ.
قال عكرمة: وأمّا الإستبرق: فالدّيباج الغليظ.
قال يحيى: سمعت بعض أهل الكوفة يقول: هي بالفارسيّة استبره.
- قوله: {متّكئين فيها على الأرائك} حدّثني أشعث، عن حصين بن عبد الرّحمن، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: على السّرر في الحجال.
قال يحيى: وبلغني عن سعيد بن جبيرٍ أنّها أيضًا مزمولةٌ بقضبان اللّؤلؤ الرّطب.
وقال الحسن: مرمولةٌ بالدّرّ والياقوت.
وحدّثني خالدٌ، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ، قال: يعانق الرّجل زوجته قدر عمر الدّنيا كلّه لا يملّها ولا تملّه.
- وبلغني عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن معاذ بن جبلٍ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إنّ الرّجل في الجنّة ليتنعّم في تكاةٍ واحدةٍ سبعين عامًا)).
- وأخبرني رجلٌ من أهل الكوفة، عن الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ الرّجل من أهل الجنّة يتّكئ على أحد شقّيه فينظر إلى زوجته كذا وكذا سنةً، ثمّ يتّكئ على الشّقّ الآخر فينظر إليها مثل ذلك في قبّةٍ حمراء من ياقوتةٍ حمراء ولها ألف بابٍ وله فيها سبع مائة امرأةٍ.
قوله: {نعم الثّواب وحسنت مرتفقًا} منزلا ومأوًى، يعني: الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/184-185]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ...}

لو ألقيت (من) الأساور كانت نصباً. ولو ألقيت (من) من الذهب جاز نصبه على بعض القبح، لأن الأساور ليس بمعلوم عددها، وإنما يحسن النصب في المفسّر إذا كان معروف العدد، كقولك: عندي جبّتان خزّا، وأسواران ذهباً، وثلاثة أساور ذهبا. فإذا قلت: عندي أساور ذهباً فلم تبيّن عددها كان بمن، لأن المفسّر ينبغي لما قبله أن يكون معروف المقدار.
ومثله قول الله تبارك وتعالى: {وينزّل من السماء من جبالٍ فيها من برد} المعنى: فيها جبال برد، فدخلت (من) لأن الجبال غير معدودة في اللفظ.
ولكنه يجوز كأنك تريد بالجبال والأساور الكثيرة، كقول القائل: ما عنده إلا خاتمان ذهباً قلت أنت: عنده خواتم ذهباً لمّا أن كان ردّا على شيء معلوم العدد فأنزل الأساور والجبال من برد على هذا المذهب.

فأمّا (يحلّون) فلو قال قائل: يحلون لجاز، لأن العرب تقول: امرأة حالية، وقد حليت فهي تحلى إذا لبست الحلي فهي تحلى حليّاً وحلياً.
وقوله: {نعم الثّواب} ولم يقل: نعمت الثواب، وقال {وحسنت مرتفقاً} فأنّث الفعل على معنى الجنّة ولو ذكّر بتذكير المرتفق كان صوابا، كما قال {وبئس المهاد} {وبئس القرار} {وبئس المصير} وكما قال {بئس للظالمين بدلاً} يريد إبليس وذرّيتّه، ولم يقل بئسوا.
وقد يكون (بئس) لإبليس وحده أيضاً. والعرب توحّد نعم وبئس وإن كانتا بعد الأسماء فيقولون: أمّا قومك فنعموا قوماً، ونعم قوماً، وكذلك بئس. وإنما جاز توحيدها لأنهما ليستا بفعل يلتمس معناه، إنما أدخلوهما لتدلاّ على المدح والذمّ، ألا ترى أن لفظهما لفظ فعل وليس معناهما كذلك، وأنه لا يقال منهما يبأس الرجل زيد، ولا ينعم الرجل أخوك، فلذلك استجازوا الجمع والتوحيد في الفعل. ونظيرهما {عسى أن يكونوا خيراً منهم} وفي قراءة عبد الله (عسوا أن يكونوا خيراً منهم) ألا ترى أنك لا تقول، هو يعسى كما لم تقل يبأس). [معاني القرآن: 2/140-142]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أساور من ذهبٍ} واحدها: إسوار ومن جعلها سوار فإن جمعه سور وما بين الثلاثة إلى العشرة أسورة.
{متّكئين فيها على الأرائك} واحدتها أريكة وهي السّرر في الحجال قال ذو الرّمّة:
خدوداً جفت في السّير حتى كأنما.......يباشرن بالمعزاء مسّ الأرائك
وقال الأعشى:
الرّواق وجانبٍ من سترها.......منها وبين أريكة الأنضاد).

[مجاز القرآن: 1/401]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وكان ابن عباس يقول {وحسنت مرتفقا} منزلاً في الجنة.
[وزاد محمد في روايته]:
وأما قوله {جنات عدن} فمن عدن بالمكان: أقام به؛ وكأن المعنى: جنات مقام، وكأن المعدن من ذلك عندي؛ لأنه ثابت دائم.
وقال الأعشى:
وإن يستضيفوا إلى حلمه = يضافوا إلى عادن قد عدن
[إلى هاهنا زيادة محمد].
وقوله {أساور من ذهب} الواحد سوار وسوار وسوار وإسوار لغة مقولة؛ فكأن "أساور" جمع أسورة؛ كقولك: أسقية وأساق، وأكرع وأكارع؛ وقد يجوز أن يكون جمع
[معاني القرآن لقطرب: 870]
"إسوار"، فكأنه أراد: أساوير، فحذفت الياء؛ وذلك كثير في اللغة؛ ويقال: للرجل البطل: إنه لسوار وإسوار وأسوار بضم الألف.
[وزاد محمد]:
أومت إليك بكف زان معصمها = إسوارها فله في القلب تبريح
أي شدة وجهد برح بي؛ ولقيت منه برحًا بارحًا؛ ولقيت منه البرحين والبرحين، وبني برح، وبنات برح، والبرحاء، كله: الجهد الجاهد؛ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل به الوحي اعترته البرحاء: أي الجهد.
[هذا التفسير عن محمد بن صالح].
[وزاد محمد في روايته]:
يقال: إسوار.
وقالت الخنساء:
مثل الرديني لم تدنس شبيبته = كأنه تحت طي البرد إسوار
وأما قوله {من سندس وإستبرق} فالسندس: ثياب؛ وقالوا: سندس، وسدوس، وسدوس، لكل أخضر مشبع.
وقال المتلمس:
له جدود سود كأن أرندجا = بأكرعه وبالذراعين سندس
وقال امرئ القيس:
منابته مثل السدوس ولونه = كشوك السيال وهو عذب يفيص
و"السدوس" أيضًا ينشدان.
[معاني القرآن لقطرب: 871]
وأما قوله {وإستبرق} فهو ضرب من الديباج، يعمل بالذهب؛ وكأنه أعرب من قبل الفرس استبره.
وكان عمرو بن فائد يقول: الاستبرق ما ثخن من الديباج.
وأما {على الأرائك} فالواحد: أريكة؛ وهي السرر في الحجال؛ وقالوا: الأريكة: الفرش في الحجلة.
وقال:
خدود جفت في السير حتى كأنما = يباشرن بالمعزاء مس الأرائك). [معاني القرآن لقطرب: 872]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الأرائك}: السرر في الحجال واحدتها أريكة). [غريب القرآن وتفسيره: 228]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أساور} جمع: أسوار.
و(السّندس) رقيق الديباج.
و(الإستبرق) ثخينه. ويقول قوم: فارسي معرب، أصله: استبره، وهو الشديد.
و(الأرائك) السّرر في الحجال، واحدها أريكة). [تفسير غريب القرآن: 267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أولئك لهم جنّات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متّكئين فيها على الأرائك نعم الثّواب وحسنت مرتفقا }
ومعنى {جنات عدن} جنات إقامة.
وقيل في التفسير جنات عدن، جنات من الأربع الجنان التي أعدها الله لأوليائه.
{يحلّون فيها من أساور من ذهب} أساور جمع أسورة، وأسورة جمع سوار.
يقال هو سوار في اليد بالكسر، وقد حكي سوار وحكي قطرب إسوار، وذكر أن أساور جمع إسوار، على حذف الياء، لأن جمع أسوار أساوير.
(ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق) والسندس والإستبرق نوعان من الحرير.
{متّكئين فيها على الأرائك نعم الثّواب وحسنت مرتفقا} الأرائك واحدتها: أريكة، والأرائك الفرش في الحجال.
و (مرتفقا) منصوب على التمييز وقد فسرنا المرتفق). [معاني القرآن: 3/283-284]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار} العدن الإقامة ثم قال تجري من تحتهم الأنهار أي ماء الأنهار). [معاني القرآن: 4/236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يحلون فيها من أساور من ذهب} أساور جمع أسورة وأسورة جمع سوار ويقال سوار
وحكى قطرب أن أساور جمع أسوار ولا يعرف ذلك). [معاني القرآن: 4/237-236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق} السندس رقيق الديباج والإستبرق ثخينه). [معاني القرآن: 4/237]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {متكئين فيها على الأرائك} وهي السرر في الحجال). [معاني القرآن: 4/237]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {نعم الثواب وحسنت مرتفقا} أي حسنت الجنة مرتفقا). [معاني القرآن: 4/237]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (السندس) رقيق الديباج.
(والإستبرق) ثخينه.
و{الأرائك} السرر في الحجال، واحدتها أريكة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الأَرائِك}: الأسرّة في الحجال). [العمدة في غريب القرآن: 189]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 جمادى الآخرة 1434هـ/24-04-2013م, 10:53 AM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (والسرادق ما أحاط بالبناء). [الغريب المصنف: 1/271]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (في حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه أوصى في مرضه فقال: (ادفنوني في ثوبي هذين فإنما هما للمهل والتراب).
(المهل) في هذا الحديث: الصديد والقيح، والمُهْل في غير هذا: كل فلز أذيب، والفلز: جواهر الأرض من الذهب والفضة والنحاس وأشباه ذلك.
ومنه حديث ابن مسعود
حدثناه هشيم، عن عوف، عن الحسن، سئل ابن مسعود عن المهل؛ فدعا بفضة فأذابها فجعلت تميع وتلون، هذا من أشبه ما أنتم راؤن بالمهل، أراد تأويل هذه الآية {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه}.
وقوله: تميع تذوب، وكل ذائب فهو مائع.
والمهل أيضا -في غير هذا-: كل شيء يتحات عن الخبزة من الرماد وغيره إذا أخرجت من الملة.
والملة الحفرة التي تمل فيها الخبزة.
وقال أبو عمرو: المهل في شيئين: هو في حديث أبي بكر: الصديد والقيح، وفي غيره: دردي الزيت، لم يعرف منه إلا هذا.
قال الأصمعي: حدثني رجل -وكان فصيحا- أن أبا بكر قال: فإنما هما للمَهْلة والتراب – بالفتح-.
قال: بعضهم بكسر الميم: للمِهْلة). [غريب الحديث: 4/113-114]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (

هم تركوا صحابك بين شاص.......ومـرتــفــق عـــلـــي شــــــزن يــمــيــد
...
و(مرتفق) صرع فاتكأ على مرفقه.
...
و(مرتفق) متكئ على ناحية مرفقه لم يوسد). [شرح أشعار الهذليين: 1/336]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): ( وبعض النحويين من غير البصريين يجيز النصب على إضمار أن. والبصريون يأبون ذلك إلا أن يكون منها عوض؛ نحو: الفاء والواو وما ذكرناه معهما. ونظير هذا الوجه قول طرفة:
ألا أيــهـــذا الــزاجـــري أحــضـــر الــوغـــى.......وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
ومن رأى النصب هناك رأى نصب أحضر.
فأما قول الله عز وجل: {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} فتقديره والله أعلم: قل أفغير الله أعبد فيما تأمروني. ف غير منصوب ب أعبد.
وقد يجوز وهو بعيد على قولك: ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى، فكأن التقدير: قل أفغير الله تأمروني أعبد. فتنصب غير ب تأمروني. وقد أجازه سيبويه على هذا، وهذا قول آخر وهو حذف الباء، كما قال:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به.......فـقـد تركـتـك ذا مـــالٍ وذا نـشــب
وأنا أكره هذا الوجه الثاني لبعده. ولا يجوز على هذا القول أن ينصب غيراً بأعبد؛ لأن أعبد على هذا في صلة أن.
وأما قوله عز وجل: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} فعلى الجواب.
فإن قال قائل: أفأمر الله بذلك ليخوضوا ويلعبوا? قيل: مخرجه من الله عز وجل على الوعيد؛ كما قال عز وجل: {اعملوا ما شئتم} {ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
أما قوله: {ذرهم في خوضهم يلعبون} فإنه ليس بجواب، ولكن المعنى: ذرهم لاعبين، أي ذرهم في حال لعبهم). [المقتضب: 2/82-84] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)}
......

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (

هم تركوا صحابك بين شاص........ومـرتــفــق عـــلـــي شــــــزن يــمــيــد
...
و(مرتفق) صرع فاتكأ على مرفقه.
...
و(مرتفق) متكئ على ناحية مرفقه لم يوسد). [شرح أشعار الهذليين: 1/336] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 09:21 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 09:22 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 09:29 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقل الحق من ربكم} الآية. المعنى: وقل لهم يا محمد: هذا الحق من ربكم، أي: هذا القرآن، أو هذا الإعراض عنكم، وترك الطاعة لكم، وصبر النفس مع المؤمنين. وقرأ قعنب وأبو السمال: "وقل" بفتح اللام، قال أبو حاتم: وذلك رديء في العربية. وقوله: {فمن شاء فليؤمن} الآية، توعد وتهديد، أي: فليختر كل امرئ لنفسه ما يجده غدا عند الله عز وجل. وتأولت فرقة: فمن شاء الله إيمانه فليؤمن ومن شاء الله كفره فليكفر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا متوجه، أي: فحقه الإيمان وحقه الكفر، ثم عبر عن ذلك بلفظ الأمر إلزاما وتحريضا من حيث للإنسان - في ذلك - التكسب الذي به يتعلق ثواب الإيمان وعقاب الكفر. وقرأ الحسن، وعيسى الثقفي: "فليؤمن.. وليكفر" بكسر اللامين.
و"أعتدنا" مأخوذ من العتاد، وهو الشيء المعد الحاضر.
و "السرادق" هو الجدار المحيط كالحجارة التي تدور وتحيط الفسطاط، وقد تكون من نوع الفسطاط أديما أو ثوبا أو نحوه، ومنه قول رؤبة:
يا حكم بن المنذر بن الجارود ... سرادق المجد عليك ممدود
[المحرر الوجيز: 5/599]
ومنه قول سلامة بن جندل:
هو المولج النعمان بيتا سماؤه ... صدور الفيول بعد بيت مسردق
وقال الزجاج: "السرادق": كل ما أحاط بالشيء.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا عندي أخص مما قال الزجاج.
واختلف في سرادق النار - فقال ابن عباس رضي الله عنهما: سرادقها حائط من نار، وقالت فرقة: سرادقها دخان يحيط بالكفار، وقوله تعالى: {انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب}. وقالت فرقة: الإحاطة هي في الدنيا، والسرادق: البحر، وروي هذا المعنى من طريق يعلى بن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيجيء قوله تعالى: {أحاط بهم}، أي: بالبشر، ذكر الطبري الحديث عن يعلى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البحر هو جهنم"، وتلا هذه الآية، ثم قال: "والله لا أدخله أبدا، أو ما دمت حيا"، وروي عنه أيضا عليه الصلاة والسلام من طريق أبي سعيد الخدري أنه قال: "لسرادق النار أربعة جدر كثف، عرض كل جدار مسيرة أربعين سنة".
وقوله تعالى: "يغاثوا" أي يكون لهم مقام الغوث، وهذا نحو قول الشاعر:
[المحرر الوجيز: 5/600]
تحية بينهم ضرب وجيع
أي: القائم مقام التحية.
و "المهل"، قال أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: هو دردي الزيت إذا انتهى حره، وقالت فرقة: هو كل مائع سخن حتى انتهى حره، وقال ابن مسعود وغيره: كل ما أذيب من ذهب أو فضة أو رصاص أو نحو هذا من الفلز حتى تميع، وروي أن عبد الله بن مسعود أهديت إليه سقاية من ذهب أو فضة فأمر بها فأذيبت حتى تميعت وتلونت ألوانا، ثم دعا من ببابه من أهل الكوفة فقال: ما رأيت في الدنيا شيئا أدنى شبها بالمهل من هذا، يريد: أدنى شبها بشراب أهل النار. وقالت فرقة: "المهل": الصديد والدم إذا اختلطا، ومنه قول أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه في الكفن: "إنما هو للمهلة"، يريد: لما يسيل من الميت في قبره، ويقوى هذا بقوله تعالى: {من ماء صديد} الآية.
وقوله تعالى: {يشوي الوجوه} روي في معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تقرب الشربة من الكافر، فإذا دنت منه تكرهها، فإذا دنت أكثر شوت وجهه وسقطت فيها فروة وجهه، وإذا شرب تقطعت أمعاؤه". و"المرتفق": الشيء الذي يرتفق به،
[المحرر الوجيز: 5/601]
أي يطلب رفقه، و"المرتفق" الذي هو المتكأ أخص من هذا الذي في الآية; لأنه في شيء واحد من معنى الرفق، على أن الطبري قد فسر الآية به، والأظهر عندي أن يكون "المرتفق" بمعنى الشيء الذي يطلب رفقه باتكاء وغيره. وقال مجاهد: "المرتفق": المجتمع.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
كأنه ذهب بها إلى موضع الرفاقة، ومنه الرفقة، وهذا كله راجع إلى الرفق، وأنكر الطبري أن يعرف لقول مجاهد معنى، والقول بين الوجه، والله المعين). [المحرر الوجيز: 5/602]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا}
قوله عز وجل: {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} اعتراض مؤكد للمعنى، مذكر بأفضال الله تعالى، منبه على حسن جزائه، بين قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وقوله: {أولئك لهم جنات}، فقوله تعالى: {أولئك لهم جنات عدن} ابتداء وخبر، جملة هي خبر "إن" الأولى، ونحو هذا من الاعتراض قول الشاعر:
إن الخليفة -إن الله ألبسه ... سربال ملك -به ترجى الخواتيم
[المحرر الوجيز: 5/602]
قال الزجاج: ويجوز أن يكون خبر "إن" في قوله: {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا}; لأن المحسنين هم المؤمنون، فكأن المعنى: لا نضيع أجرهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومذهب سيبويه أن الخبر في قوله تعالى: {لا نضيع} على حذف العائد، تقديره: من أحسن عملا منهم). [المحرر الوجيز: 5/603]

تفسير قوله تعالى: {أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"العدن": الإقامة، ومنه المعدن; لأن حجره مقيم فيه ثابت، وقوله تعالى: {من تحتهم} يريد: من تحت غرفهم ومبانيهم. وقرأ الجمهور: "من أساور"، وروى أبان عن عاصم: "من أسورة" بغير ألف وبزيادة هاء، وواحده الأساور: إسوار وحذفت الياء من الجمع; لأن الباب: أساوير، وهي ما كان في الذراع من الحلي، وقيل: أساور جمع أسورة، وأسورة جمع سوار، وإنما الإسوار بالفارسية القائد ونحوه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويقال في حلي الذراع: إسوار، ذكره أبو عبيدة معمر، ومنه قول الشاعر:
والله لولا فتية صغار ... كأنما وجوههم أقمار
تضمهم من العتيك دار ... أخاف أن يصيبهم إقتار
أو لاطم ليس له إسوار ... لما رآني ملك جبار
ببابه ما وضح النهار
[المحرر الوجيز: 5/603]
أنشده أبو بكر بن الأنباري حاشية في كتاب أبي عبيدة.
و "السندس": رقيق الديباج، و"الإستبرق": ما غلظ منه، وقال بعض المفسرين: هي لفظة أعجمية عربت، وأصلها: استبره، وقال بعضهم بل هو الفعل العربي سمي به، فهو إستبرق، من البريق، فغير حين سمي به بقطع الألف، ويقوي هذا القول أن ابن محيصن قرأ: "من سندس وإستبرق"، فجاء موصول الهمزة حيث وقع، ولا يجره بل بفتح القاف، ذكره الأسواري، وذكره أبو الفتح وقال: هذا سهو أو كالسهو.
و"الأرائك": جمع أريكة، وهو السرير في الحجال، والضمير في قوله: "وحسنت" للجنات، وحكى النقاش عن أبي عمران الجوني أنه قال: الإستبرق: الحرير المنسوج بالذهب، وحكى مكي والزهراوي وغيرهما حديثا مضمنه أن قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات} الآية نزلت في أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله تعالى عنهم، سأل أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي: "أعلم قومك أنها نزلت في هؤلاء الأربعة" وهم حضور). [المحرر الوجيز: 5/604]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 06:32 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 06:33 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقل الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظّالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقًا (29)}
يقول تعالى لرسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وقل يا محمّد للنّاس: هذا الّذي جئتكم به من ربّكم هو الحقّ الذي لا مرية فيه ولا شكّ {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} هذا من باب التّهديد والوعيد الشّديد؛ ولهذا قال: {إنّا أعتدنا} أي: أرصدنا {للظّالمين} وهم الكافرون باللّه ورسوله وكتابه {نارًا أحاط بهم سرادقها} أي: سورها.
قال الإمام أحمد: حدّثنا حسن بن موسى، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا درّاج، عن أبي الهيثم عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لسرادق النّار أربعة جدر، كثافة كلّ جدارٍ مسافة أربعين سنةً".
وأخرجه التّرمذيّ في "صفة النّار" وابن جريرٍ في تفسيره، من حديث درّاجٍ أبي السّمح به
[وقال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ: {أحاط بهم سرادقها} قال: حائطٌ من نارٍ]
وقال ابن جريرٍ: حدّثني الحسين بن نصرٍ والعبّاس بن محمّدٍ قالا حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عبد اللّه بن أميّة، حدّثني محمّد بن حييّ بن يعلى، عن صفوان بن يعلى، عن يعلى بن أميّة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "البحر هو جهنّم" قال: فقيل له: [كيف ذلك؟] فتلا هذه الآية -أو: قرأ هذه الآية-: {نارًا أحاط بهم سرادقها} ثمّ قال: "واللّه لا أدخلها أبدًا أو: ما دمت حيًّا -ولا تصيبني منها قطرةٌ".
وقوله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقًا} قال ابن عبّاسٍ: "المهل": ماءٌ غليظٌ مثل درديّ الزّيت.
وقال مجاهدٌ: هو كالدّم والقيح. وقال عكرمة: هو الشّيء الّذي انتهى حرّه: وقال آخرون: هو كلّ شيءٍ أذيب.
وقال قتادة: أذاب ابن مسعودٍ شيئًا من الذّهب في أخدودٍ، فلمّا انماع وأزبد قال: هذا أشبه شيءٍ بالمهل.
وقال الضّحّاك: ماء جهنّم أسود، وهي سوداء وأهلها سودٌ.
وهذه الأقوال ليس شيءٌ منها ينفي الآخر، فإنّ المهل يجمع هذه الأوصاف الرّذيلة كلّها، فهو أسود منتنٌ غليظٌ حارٌّ؛ ولهذا قال: {يشوي الوجوه} أي: من حرّه، إذا أراد الكافر أن يشربه وقرّبه من وجهه، شواه حتّى يسقط جلد وجهه فيه، كما جاء في الحديث الّذي رواه الإمام أحمد بإسناده المتقدّم في سرادق النّار عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "ماءٍ كالمهل". قال كعكر الزّيت فإذا قرّبه إليه سقطت فروة وجهه فيه" وهكذا رواه التّرمذيّ في "صفة النّار" من جامعه، من حديث رشدين بن سعدٍ عن عمرو بن الحارث، عن درّاجٍ، به ثمّ قال: لا نعرفه إلّا من حديث "رشدين"، وقد تكلّم فيه من قبل حفظه،، هكذا قال، وقد رواه الإمام أحمد كما تقدّم عن حسنٍ الأشيب، عن ابن لهيعة، عن درّاج، واللّه أعلم.
وقال عبد اللّه بن المبارك، وبقيّة بن الوليد، عن صفوان بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن بسر، عن أبي أمامة، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {ويسقى من ماءٍ صديدٍ يتجرّعه} [إبراهيم:16، 17] قال: "يقرّب إليه فيتكرّهه، فإذا قرّب منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطّع أمعاءه، يقول اللّه تعالى: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب}.
وقال سعيد بن جبيرٍ: إذا جاع أهل النّار استغاثوا بشجرة الزّقّوم، فأكلوا منها فاختلست جلود وجوههم، فلو أنّ مارًّا مرّ بهم يعرفهم، لعرف جلود وجوههم فيها. ثمّ يصبّ عليهم العطش فيستغيثون. فيغاثون بماءٍ كالمهل، وهو الّذي قد انتهى حرّه، فإذا أدنوه من أفواههم اشتوى من حرّه لحوم وجوههم الّتي قد سقطت عنها الجلود.
ولهذا قال تعالى بعد وصفه هذا الشّراب بهذه الصّفات [الذّميمة] القبيحة: {بئس الشّراب} أي: بئس هذا الشّراب كما قال في الآية الأخرى: {وسقوا ماءً حميمًا فقطّع أمعاءهم} [محمّدٍ:15] وقال تعالى: {تسقى من عينٍ آنيةٍ} [الغاشية:5] أي: حارّةٍ، كما قال: {وبين حميمٍ آنٍ} [الرّحمن:44]
{وساءت مرتفقًا} [أي: وساءت النّار] منزلًا ومقيلا ومجتمعًا وموضعًا للارتفاق كما قال في الآية الأخرى: {إنّها ساءت مستقرًّا ومقامًا} [الفرقان:66] ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 154-156]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا (30) أولئك لهم جنّات عدنٍ تجري من تحتهم الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندسٍ وإستبرقٍ متّكئين فيها على الأرائك نعم الثّواب وحسنت مرتفقًا (31)}
لـمّا ذكر تعالى حال الأشقياء، ثنّى بذكر السّعداء، الّذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين فيما جاؤوا به، وعملوا بما أمروهم به من الأعمال الصّالحة، فلهم {جنّات عدنٍ} والعدن: الإقامة.
{تجري من تحتهم الأنهار} أي: من تحت غرفهم ومنازلهم، قال [لهم] فرعون: {وهذه الأنهار تجري من تحتي} [الزّخرف:51].
{يحلّون} أي: من الحلية {فيها من أساور من ذهبٍ} وقال في المكان الآخر: {ولؤلؤًا ولباسهم فيها حريرٌ} [الحجّ:23] وفصّله هاهنا فقال: {ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندسٍ وإستبرقٍ} فالسندس: لباس رقاع رقاق كالقمصان وما جرى مجراها، وأمّا الإستبرق فغليظ الدّيباج وفيه بريقٌ.
وقوله: {متّكئين فيها على الأرائك} الاتّكاء قيل: الاضطجاع وقيل التّربّع في الجلوس. وهو أشبه بالمراد هاهنا ومنه الحديث [في] الصّحيح: "أمّا أنا فلا آكل متّكئًا " فيه القولان.
والأرائك: جمع أريكةٍ، وهي السّرير تحت الحجلة، والحجلة كما يعرّفه النّاس في زماننا هذا بالباشخاناه، واللّه أعلم.
قال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن قتادة: {على الأرائك} قال: هي الحجال. قال معمرٌ: وقال غيره: السّرر في الحجال
وقوله: {نعم الثّواب وحسنت مرتفقًا} [أي: نعمت الجنّة ثوابًا على أعمالهم {وحسنت مرتفقًا} أي: حسنت منزلًا ومقيلًا ومقامًا، كما قال في النّار: {بئس الشّراب وساءت مرتفقًا} [الكهف:29]، وهكذا قابل بينهما في سورة الفرقان في قوله: {إنّها ساءت مستقرًّا ومقامًا} [الفرقان:66] ثمّ ذكر صفات المؤمنين فقال: {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا خالدين فيها حسنت مستقرًّا ومقامًا} [الفرقان:76، 75]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 156]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة