العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة البقرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 ربيع الثاني 1434هـ/19-02-2013م, 11:31 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة البقرة [من الآية (200) إلى الآية (203) ]

تفسير سورة البقرة
[من الآية (200) إلى الآية (203) ]

{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202) وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 07:18 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني جرير بن حازم أنه سمع [قتادة (؟) .. .. ول] كانت العرب في الجاهلية إذا وقفوا بعرفة تفاخروا بآبائهم وذكروا [أيام .. .. الجاهلية]، وكان ذلك أمرهم يومهم أجمع؛ فأنزل الله: {فاذكروا الله} في ذلك اليوم {[كذكركم آباءكم] أو أشد ذكرا}). [الجامع في علوم القرآن: 2/83]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني طلحة بن عمرو أنه سمع عطاء بن أبي رباح يقول: قال الله: {اذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكرا}، قال: كان أهل الجاهلية أيام منى يتناشدون الأشعار ويذكرون أيامهم وما كانوا يصنعون فيها مما يفخر به بعضهم على بعضٍ، فقال الله: {اذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكرا}). [الجامع في علوم القرآن: 2/106]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى كذكركم آباءكم قال إذا قضوا مناسكهم اجتمعوا فافتخروا وذكروا آباءهم وأيامها فأمروا أن يجعلوا مكان ذلك ذكر الله تعالى فيذكرونه كذكر آبائهم أو أشد ذكرا). [تفسير عبد الرزاق: 1/79]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ}.
يعني بقول جلّ ثناؤه: {فإذا قضيتم مناسككم} فإذا فرغتم من حجّكم فذبحتم نسائككم {فاذكروا اللّه}.
يقال منه: نسك الرّجل ينسك نسكًا ونسكًا ونسيكةً ومنسكًا إذا ذبح نسكه، والمنسك: اسمٌ مثل المشرق والمغرب.
فأمّا النّسك في الدّين. فإنّه يقال منه ما كان الرّجل ناسكًا، ولقد نسك، ونسك نسكًا ونسكًا ونساكةً، وذلك إذا تقرّأ.
وبمثل الّذي قلنا في معنى المناسك في هذا الموضع قال مجاهدٌ.
[جامع البيان: 3/534]
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فإذا قضيتم مناسككم} قال: إهراقه الدّماء.
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وأمّا قوله: {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في صفة ذكر القوم آباءهم الّذين أمرهم اللّه أن يجعلوا ذكرهم إيّاه كذكرهم إياهم أو أشدّ ذكرًا، فقال بعضهم: كان القوم في جاهليّتهم بعد فراغهم من حجّهم، ومناسكهم يجتمعون فيتفاخرون بمآثر آبائهم، فأمرهم اللّه في الإسلام أن يكون ذكرهم بالثّناء، والشّكر، والتّعظيم لربّهم دون غيره، وأن يلزموا أنفسهم من الإكثار من ذكره نظير ما كانوا ألزموا أنفسهم في جاهليّتهم من ذكر آبائهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: حدّثنا إسحاق بن يوسف، عن القاسم بن عثمان، عن أنسٍ، في هذه الآية، قال: كانوا يذكرون آباءهم في الحجّ، فيقول بعضهم: كان أبي يطعم الطّعام، ويقول بعضهم: كان أبي يضرب بالسّيف، ويقول بعضهم: كان أبي جزّ نواصي بني فلانٍ.
[جامع البيان: 3/535]
- وحدّثني محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد العزيز، عن مجاهدٍ، قال: كانوا يقولون: كان آباؤنا ينحرون الجزر، ويفعلون كذا، فنزلت هذه الآية: {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ: {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا} قال: كان أهل الجاهليّة يذكرون فعال آبائهم.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: سمعت أبا بكر بن عيّاشٍ، قال: كان أهل الجاهليّة إذا فرغوا من الحجّ قاموا عند البيت فيذكرون آباءهم وأيّامهم: كان أبي يطعم الطّعام، وكان أبي يفعل، فذلك قوله: {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم} قال أبو كريبٍ: قلت ليحيى بن آدم: عمّن هو؟ قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ.
- وحدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرني حجّاجٌ، عمّن، حدّثه، عن مجاهدٍ، في قوله: {اذكروا اللّه كذكركم آباءكم} قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا عند الجمرة فذكروا آباءهم، وذكروا أيّامهم في الجاهليّة، وفعال آبائهم، فنزلت هذه الآية.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن عبد الملك، عن قيسٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم} قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا عند الجمرة، وذكروا أيّامهم في الجاهليّة، وفعال آبائهم. قال: فنزلت هذه الآية.
[جامع البيان: 3/536]
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم} قال: تفاخرت العرب بينها بفعل آبائها يوم النّحر حين فرغوا، فأمروا بذكر اللّه مكان ذلك.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم} قال قتادة: كان أهل الجاهليّة إذا قضوا مناسكهم بمنًى قعدوا حلقًا، فذكروا صنيع آبائهم في الجاهليّة، وفعالهم به، يخطب خطيبهم، ويحدّث محدّثهم، فأمر اللّه عزّ وجلّ المسلمين أن يذكروا اللّه كذكر أهل الجاهليّة آباءهم أو أشدّ ذكرًا.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا} قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم اجتمعوا فافتخروا، وذكروا آباءهم وأيّامها، فأمروا أن يجعلوا مكان ذلك ذكر اللّه، يذكرونه كذكرهم آباءهم، أو أشدّ ذكرًا.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن خصيفٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، قالا: كانوا يذكرون فعل آبائهم في الجاهليّة إذا وقفوا بعرفة، فنزلت هذه الآية.
[جامع البيان: 3/537]
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: أخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، أنّه سمع مجاهدًا، يقول ذلك يوم النّحر حين ينحرون قال: قال: {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم} قال: كانت العرب يوم النّحر حين يفرغون يتفاخرون بفعال آبائها، فأمروا بذكر اللّه عزّ وجلّ مكان ذلك.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فاذكروا اللّه كذكر الأبناء، والصّبيان الآباء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عثمان بن أبي روّادٍ، عن عطاءٍ، أنّه قال في هذه الآية: {كذكركم آباءكم} قال: هو قول الصّبيّ: يا أباه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم} يعني بالذّكر، ذكر الأبناء الآباء.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال لي عطاءٌ: {كذكركم آباءكم} أبه أمّه.
[جامع البيان: 3/538]
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا صالح بن عمر، عن عبد الملك، عن عطاءٍ، قال: كالصّبيّ، يلهج بأبيه وأمّه.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا} يقول: كذكر الأبناء الآباء، أو أشدّ ذكرًا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا} يقول: كما يذكر الأبناء الآباء.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {كذكركم آباءكم} يعني ذكر الأبناء الآباء.
وقال آخرون: بل قيل لهم: {اذكروا اللّه كذكركم آباءكم} لأنّهم كانوا إذا قضوا مناسكهم فدعوا ربّهم لم يذكروا غير آبائهم فأمروا من ذكر اللّه بنظير ذكر آبائهم.
[جامع البيان: 3/539]
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا} قال: كانت العرب إذا قضت مناسكها وأقاموا بمنًى يقوم الرّجل فيسأل اللّه ويقول: اللّهمّ إنّ أبي كان عظيم الجفنة عظيم القبّة كثير المال، فأعطني مثل ما أعطيت أبي. ليس بذكر اللّه، إنّما يذكر آباءه، ويسأله أن يعطى في الدّنيا.
والصّواب من القول عندي في تأويل ذلك أن يقال: إنّ اللّه جلّ ثناؤه أمر عباده المؤمنين بذكره بالطّاعة والخضوع لأمره والعبادة له بعد قضاء مناسكهم. وذلك الذّكر جائزٌ أن يكون هو التّكبير الّذي أمر به جلّ ثناؤه بقوله: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} الّذي أوجبه على من قضى نسكه بعد قضائه نسكه، فألزمه حينئذٍ من ذكره ما لم يكن له لازمًا قبل ذلك، وحثّ على المحافظة عليه محافظة الأبناء على ذكر الآباء في الإكثار منه بالاستكانة له والتّضرّع إليه بالرّغبة منهم إليه في حوائجهم كتضرّع الولد لوالده والصّبيّ لأمّه وأبيه، أو أشدّ من ذلك؛ إذ كان ما كان بهم وبآبائهم من نعمةٍ فمنه وهو وليّه.
وإنّما قلنا: الذّكر الّذي أمر اللّه جلّ ثناؤه به الحاجّ بعد قضاء مناسكه بقوله: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا} جائزٌ أن يكون هو التّكبير الّذي وصفنا من أجل أنّه لا ذكر للّه أمر العباد به بعد قضاء مناسكهم لم يكن عليهم من فرضه قبل قضائهم مناسكهم، سوى التّكبير الّذي خصّ اللّه به أيّام منًى.
[جامع البيان: 3/540]
فإذ كان ذلك كذلك، وكان معلومًا أنّه جلّ ثناؤه قد أوجب على خلقه بعد قضائهم مناسكهم من ذكره ما لم يكن واجبًا عليهم قبل ذلك، وكان لا شيء من ذكره خصّ به ذلك الوقت سوى التّكبير الّذي ذكرناه، كانت بيّنة صحّة ما قلنا من تأويل ذلك على ما وصفنا). [جامع البيان: 3/541]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ}.
يعني بذلك جلّ ثناؤه: {فإذا قضيتم مناسككم} أيّها المؤمنون {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا} وارغبوا إليه فيما لديه من خير الدّنيا والآخرة بابتهال وتمسكنٍ، واجعلوا أعمالكم لوجهه خالصًا، ولطلب مرضاته، وقولوا ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النّار؛ ولا تكونوا كمن اشترى الحياة الدّنيا بالآخرة، فكانت أعمالهم للدّنيا وزينتها، فلا يسألون ربّهم إلاّ متاعا، ولا حظّ لهم في ثواب اللّه، ولا نصيب لهم في جنّاته وكريم ما أعدّ لأوليائه، كما قال في ذلك أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا} هب لنا غنمًا، هب لنا إبلاً، {وما له في الآخرة من خلاقٍ}.
[جامع البيان: 3/541]
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، قال: كانوا في الجاهليّة يقولون: هب لنا غنما، ثمّ ذكر مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: سمعت أبا بكر بن عيّاشٍ،يقول في قوله: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} قال: كانوا يعني أهل الجاهليّة يقفون يعني بعد قضاء مناسكهم فيقولون: اللّهمّ ارزقنا إبلاً، اللّهمّ ارزقنا غنمًا. فأنزل اللّه هذه الآية: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} قال أبو كريبٍ: قلت ليحيى بن آدم: عمّن هو؟ قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ.
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، عن القاسم بن عثمان، عن أنسٍ: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} قال: كانوا يطوفون بالبيت عراةً فيدعون فيقولون: اللّهمّ اسقنا المطر، وأعطنا على عدوّنا الظّفر، وردّنا صالحين إلى صالحين.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تبارك وتعالى: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا} نصرًا ورزقًا، ولا يسألون لآخرتهم شيئًا.
[جامع البيان: 3/542]
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- وحدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قول اللّه: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} فهذا عبدٌ نوى الدّنيا لها عملٌ ولها نصبٌ.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} قال: كانت العرب إذا قضت مناسكها وأقامت بمنًى لا يذكر اللّه الرّجل منهم، وإنّما يذكر أباه، ويسأل أن يعطى في الدّنيا.
- وحدّثني يونس، قال: حدّثنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله. {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا} قال كانوا أصنافًا ثلاثةً في تلك المواطن يومئذٍ: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأهل الكفر، وأهل النّفاق. فمن النّاس من يقول: {ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} إنّما حجّوا للدّنيا والمسألة لا يريدون الآخرة ولا يؤمنون بها، ومنهم من يقول. {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً} الآية. قال. والصّنف الثّالث {ومن النّاس من يعجبك قوله في الحياة الدّنيا}.. الآية.
[جامع البيان: 3/543]
وأمّا معنى الخلاق فقد بيّنّاه في غير هذا الموضع، وذكرنا اختلاف المختلفين في تأويله، والصّحيح لدينا من معناه بالشّواهد من الأدلّة وأنّه النّصيب، بما فيه كفايةٌ عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 3/544]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ (200)
قوله: فإذا قضيتم مناسككم
[الوجه الأول]
- حدّثنا الحجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، قوله: فإذا قضيتم مناسككم قال: إهراقة الدّماء.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن إبراهيم بن يزيد، عن عطاءٍ:
فإذا قضيتم مناسككم قال: حجّكم). [تفسير القرآن العظيم: 1/355]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم
اختلف في تفسيرها، فأحدها:
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي ثنا إبراهيم بن محمّد بن عرعرة، ثنا معاذ بن هشامٍ حدّثني أبي، عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، قال: قلت لابن عبّاسٍ: قول اللّه:
كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا قال: إنّ الرّجل ليأتي عليه اليوم وما يذكر أباه. قال:
إنّه ليس بذلك. ولكن يقول تغضب للّه إذا عصي، أشدّ من غضبك إذا ذكر والدك بسوءٍ، أو أشدّ.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد بن القاسم بن عطيّة، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ حدّثني أبي، ثنا الأشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان أهل الجاهليّة يقفون في المواسم، فيقول الرّجل منهم: كان أبي يطعم ويحمل الحمالات ويحمل الدّيات، ليس لهم ذكرٌ غير فعال آبائهم، فأنزل
[تفسير القرآن العظيم: 2/355]
اللّه تعالى على نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم يعني: ذكر آبائهم في الجاهليّة، أو أشدّ ذكرًا. وروي عن أنس بن مالكٍ وأبي وائلٍ وعطاء بن أبي رباحٍ في أحد قوليه وسعيد بن جبيرٍ وعكرمة في إحدى رواياته ومجاهدٍ والسّدّيّ وعطاءٍ الخراسانيّ والرّبيع بن أنسٍ والحسن وقتادة ومحمّد بن كعبٍ ومقاتل بن حيّان، نحو ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن عبد الملك عن عطاءٍ:
فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم قال: هو الصّبيّ أوّل ما يلهج من الكلام: يا أبه، يا أمّه.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن منصور بن ثابتٍ الخزاعيّ، ثنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشمٍ، ثنا سعيد بن مسلم بن بانك قال: سألت عكرمة عن قول اللّه: فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أهو ذكري أبي؟ قال: لا، ولكن ذكر أبيك إيّاك، إنّ الوالد موكّلٌ بالولد. وروي عن الضّحّاك نحو ذلك.
الوجه الخامس:
ذكر عن أبي أسامة، عن أبي سعدٍ البقّال عن محمّد بن عبيد اللّه الثّقفيّ، عن ابن الزّبير فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم قال الثّقفيّ، عن ابن الزّبير: فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم قال: كانوا إذا فرغوا من حجّهم، تفاخروا بآبائهم. فقال اللّه فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم وروي عن محمّد بن كعبٍ، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/356]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: أو أشدّ ذكرًا
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن بن شقيقٍ أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا فإنّي إن فعلت الخير بكم وبآبائكم، ثمّ أمرهم أن يكونوا للّه أشدّ ذكرًا من آبائهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/356]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا
- حدّثنا أبو بكر بن القاسم، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، حدّثني أبي، حدّثني أبي، ثنا الأشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان قومٌ من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون:
اللّهمّ اجعله عام غيثٍ وعام خصبٍ وعام ولادٍ حسنٍ، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئًا، فأنزل اللّه فيهم: فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ وروي عن أبي وائلٍ ومجاهدٍ والسّدّيّ ومقاتل بن حيّان، نحو ذلك.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ، ثنا شيبان، عن قتادة، قوله: فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ قال: هذا عبدٌ نوى الدّنيا، لها أنفق ولها شخص، ولها عمل ولها نصب، فيها همّه ونيّته وسدمه وطلبته). [تفسير القرآن العظيم: 1/357]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وما له في الآخرة من خلاق
قد تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 1/357]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا يعني نصرا ورزقا ولا
[تفسير مجاهد: 103]
يسأل لآخرته شيئا). [تفسير مجاهد: 104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق * ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار * أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب.
أخرج ابن أبي حاتم عن عطاء {فإذا قضيتم مناسككم} قال: حجكم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله {فإذا قضيتم مناسككم} قال: حجكم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله {فإذا قضيتم مناسككم} قال: اهراقه الدماء {فاذكروا الله كذكركم آباءكم} قال: تفاخر العرب بينها بفعال آبائها يوم النحر حين يفزعون فأمروا بذكر الله مكان ذلك
[الدر المنثور: 2/444]
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: كان المشركون يجلسون في الحج فيذكرون فيه أيام آبائهم وما يعدون من أنسابهم يومهم أجمع فأنزل الله على رسوله في الإسلام {فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا}.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم يقول الرجل منهم: كان أبي يطعم ويحمل الحملات ويحمل الديات ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم فأنزل الله {فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا}.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عبد اله بن الزبير قال: كانوا إذا فزعوا من حجهم تفاخروا بالآباء فأنزل الله {فاذكروا الله كذكركم آباءكم}.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا عند الجمرة فذكروا آباءهم وذكروا أيامهم في الجاهلية وفعال آبائهم فنزلت هذه الآية
[الدر المنثور: 2/445]
وأخرج الفاكهي عن أنس قال: كانوا في الجاهلية يذكرون آباءهم فيقول أحدهم: كان أبي يطعم الطعام، ويقول الآخر: كان أبي يضرب بالسيف، ويقول الآخر: كان أبي يجز بالنواصي، فنزلت {فاذكروا الله كذكركم آباءكم}.
وأخرج وكيع، وابن جرير عن سعيد بن جبير وعكرمة قالا: كانوا يذكرون فعل آبائهم في الجاهلية إذا وقفوا بعرفة فنزلت {فاذكروا الله كذكركم آباءكم}.
وأخرج وكيع، وعبد بن حميد عن عطاء قال: كان أهل الجاهلية إذا نزلوا منى تفاخروا بآبائهم ومجالسهم فقال هذا: فعل أبي كذا وكذا، وقال هذا: فعل أبي كذا وكذا، فذلك قوله {فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح في قوله {فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا} قال: هو قول الصبي أول ما يفصح في الكلام أباه وأمه
[الدر المنثور: 2/446]
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس، أنه قيل له: قول الله {كذكركم آباءكم} إن الرجل ليأتي عليه اليوم وما يذكر أباه قال: إنه ليس بذاك ولكن يقول: تغضب لله إذا عصي أشد من غضبك إذا ذكر والديك بسوء.
أما قوله تعالى: {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا} الآيات.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون: اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن ولا يذكرون من أمر الآخرة شيئا فأنزل فيهم {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} ويجيء بعدهم آخرون من المؤمنين {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} فأنزل الله فيهم {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب}.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير قال: كان الناس في الجاهلية إذا وقفوا عند المشعر الحرام دعوا فقال أحدهم: اللهم ارزقني إبلا، وقال الآخر: اللهم ارزقني غنما فأنزل الله {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا} إلى قوله {سريع الحساب}
[الدر المنثور: 2/447]
وأخرج ابن جرير عن أنس بن مالك في قوله {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا} قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة فيدعون: اللهم اسقنا المطر وأعطنا على عدونا الظفر وردنا صالحين إلى صالحين.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد قال: كانوا يقولون: ربنا آتنا رزقا ونصرا ولا يسألون لآخرتهم شيئا فنزلت.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأبو يعلى عن أنس قال: كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو يعلى، وابن حبان، وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غادر رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ المنتوف فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو الله بشيء قال: نعم كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبني به في الآخرة فعجله لي في الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، إذن لا تطيق
[الدر المنثور: 2/448]
ذلك ولا تستطيعه فهلا قلت ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ودعا له فشفاه الله.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب، وابن أبي حاتم عن أنس، أن ثابتا قال له: إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم، فقال: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، فاعاد عليه فقال: تريدون أن أشقق لكم الأمور إذا أتاكم الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقاكم عذاب النار فقد آتاكم الخير كله.
وأخرج الشافعي، وابن سعد، وابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه وأبو داود والنسائي، وابن خزيمة، وابن الجارود، وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن السائب، أنه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين الركن اليماني والحجر ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
[الدر المنثور: 2/449]
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مررت على الركن إلا رأيت عليه ملكا يقول آمين فإذا مررتم عليه فقولوا: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب عن ابن عباس، أن ملكا موكلا بالركن اليماني منذ خلق الله السموات والأرض يقول: آمين آمين، فقولوا: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وأخرج ابن ماجة والجندي في فضائل مكة عن عطاء بن أبي رباح أنه سئل عن الركن اليماني وهو في الطواف فقال: حدثني أبو هريرة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: وكل به سبعون ملكا فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، قال: آمين.
وأخرج الأزرقي عن ابن أبي نجيح قال: كان أكثر كلام عمر وعبد الرحمن بن عوف في الطواف: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن حبيب بن صهبان الكاهلي قال: كنت أطوف بالبيت وعمر بن الخطاب يطوف ما له
[الدر المنثور: 2/450]
إلا قوله: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ما له هجيرى غيرها.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة، أنه كان يستحب أن يقال في أيام التشريق: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال: ينبغي لكل من نفر أن يقول حين ينفر متوجها إلى أهله: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: كانوا أصنافا ثلاثة في تلك المواطن يومئذ: رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وأهل الكفر وأهل النفاق {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} إنما حجوا للدنيا والمسألة لا يريدون الآخرة ولا يؤمنون بها {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} والصنف الثالث (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا) (البقرة الآية 204).
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن أنس قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل قال: تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ثم أتاه من الغد فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل قال: تسأل ربك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة ثم أتاه من الغد فقال: يا رسول الله أي الدعاء
[الدر المنثور: 2/451]
أفضل قال: تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ثم أتاه من اليوم الرابع فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل قال: تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ثم أعطيتهما في الآخرة فقد أفلحت.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: عافية {وفي الآخرة حسنة} قال: عافية.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير والذهبي في فضل العلم والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن في قوله {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة} قال: الحسنة في الدنيا العلم والعبادة وفي الآخرة الجنة.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: حسنة الدنيا المال وحسنة الآخرة الجنة
[الدر المنثور: 2/452]
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: الرزق الطيب والعلم النافع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في الآية قال: المرأة الصالحة من الحسنات.
وأخرج ابن المنذر عن سالم بن عبد الله بن عمر {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: الثناء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء {أولئك لهم نصيب مما كسبوا} قال: مما عملوا من الخير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {والله سريع الحساب} قال: سريع الإحصاء.
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس أن رجلا قال له: إني أجرت نفسي من قومي على أن يحملوني ووضعت لهم من أجرتي على أن يدعوني أحج معهم أفيجزى ء ذلك
[الدر المنثور: 2/453]
عني قال: أنت من الذين قال الله {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب}.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سفيان قال: أصحاب عبد الله يقرؤونها ((أولئك لهم نصيب مما اكتسبوا)) ). [الدر المنثور: 2/454]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة قال في الدنيا عافية وفي الآخرة عافية). [تفسير عبد الرزاق: 1/80]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة قال رجل اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا فمرض مرضا حتى أضني على فراشه فذكر للنبي شأنه فأتاه النبي فقيل له إنه دعا بكذا وكذا فقال النبي لا طاقة لأحد بعقوبة الله ولكن قل ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار فقالها فما لبث إلا أياما أو قال يسيرا حتى برأ). [تفسير عبد الرزاق: 1/80]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن رجلٍ عن الحسن في قول الله جل وعز: {آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنة} قال: الرّزق الطّيّب والعمل النّافع في الدّنيا وفي الآخرة حسنةً: إلى الجنة [الآية: 201]). [تفسير الثوري: 65]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبّاد بن العوّام، عن هشامٍ، عن الحسن {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً} قال: في الدّنيا العلم والعبادة، وفي الآخرة الجنّة). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 397]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب

[صحيح البخاري: 6/28]
{ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار} [البقرة: 201]
[صحيح البخاري: 6/28]
- حدّثنا أبو معمرٍ، حدّثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز، عن أنسٍ، قال: كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «اللّهمّ ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النّار»). [صحيح البخاري: 6/28]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً الآية)
ذكر فيه حديث أنسٍ في
- قوله ذلك وسيأتي بأتمّ من هذا في كتاب الدّعوات وعبد العزيز الرّاوي عنه هو بن صهيب). [فتح الباري: 8/188]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( (بابٌ: {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار} (البقرة: 201)
أي: هذا باب يذكر فيه قوله تعالى: {ربنا آتنا في الدّنيا حسنة} الآية. قوله: (ومنهم) أي: ومن النّاس، وقال سعيد بن جبير عن ابن عبّاس، كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون: اللّهمّ اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن، ولا يذكرون من أمر الآخرة شيئا فأنزل الله تعالى فيهم: {فمن النّاس من يقول ربنا آتنا في الدّنيا حسنة وما له في الآخرة من خلاق} (البقرة: 200) أي: نصيب، وكان يجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون: {ربنا آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار} (البقرة: 200) فأنزل الله تعالى: {أولئك لهم نصيب ممّا كسبوا والله سريع الحساب} (البقرة: 202) وعن عليّ رضي الله تعالى عنه: الحسنة في الدّنيا المرأة الصّالحة، وفي الآخرة الجنّة، وعذاب النّار المرأة السوء.
- حدّثنا أبو معمرٍ حدّثنا عبد الوارث عن عبد العزيز عن أنسٍ قال كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول اللّهمّ {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وقنا عذاب النّار}.
مطابقته للتّرجمة أوضح ما يكون وأبو معمر، بفتح الميمين عبد الله بن عمرو بن أبي الحجّاج المنقري المقعد، وعبد الوارث هو ابن سعيد، وعبد العزيز هو ابن صهيب والحديث أخرجه البخاريّ أيضا في الدّعوات عن مسدّد وأخرجه أبو داود في الصّلاة عن مسدّد). [عمدة القاري: 18/113]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار} [البقرة: 201]
({ومنهم}) وفي نسخة باب بالتنوين ومنهم ({من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}) [البقرة: 201] وفي رواية أبي ذر بعد قوله في الدنيا حسنة الآية وسقط ما بعده.
- حدّثنا أبو معمرٍ حدّثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز، عن أنسٍ قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «اللّهمّ ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار»). [إرشاد الساري: 7/31]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار}
قوله: (اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة الخ) قال ابن كثير: جمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا، وصرفت كل شر فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح إلى غير ذلك، وكذا حسنة الآخرة). [حاشية السندي على البخاري: 3/41]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله جلّ ثناؤه: {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً}
- أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد العزيز، قال: سأل قتادة أنسًا: أيّة دعوةٍ كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعو بها أكثر؟ فقال: " كان يدعو أكثر ما يدعو بهذا القول: اللهمّ آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/30]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار}.
اختلف أهل التّأويل في معنى الحسنة الّتي ذكر اللّه في هذا الموضع، فقال بعضهم. يعني بذلك: ومن النّاس من يقول: ربّنا أعطنا عافيةً في الدّنيا وعافيةً في الآخرة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً} قال: في الدّنيا عافيةً، وفي الآخرة عافيةً.
قال قتادة: وقال رجلٌ: اللّهمّ ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجّله لي في الدّنيا؛ فمرض مرضًا شديدا حتّى أضني على فراشه، فذكر للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم شأنه، فأتاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقيل له: إنّه دعا بكذا وكذا، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّه لا طاقة لأحدٍ بعقوبة اللّه، ولكن قل: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار} قال: فقالها، فما لبث إلاّ أيّامًا أو يسيرًا حتّى برأ.
[جامع البيان: 3/544]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سعيد بن الحكم، قال: أخبرنا يحيى بن أيّوب، قال: حدّثني حميدٌ، قال: سمعت أنس بن مالكٍ، يقول: عاد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رجلاً قد صار مثل الفرخ المنتوف، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: هل كنت تدعو اللّه بشيءٍ، أو تسأل اللّه شيئًا؟ قال: قلت: اللّهمّ ما كنت معاقبي به في الآخرة فعاقبني به في الدّنيا. قال: سبحان اللّه هل يستطيع ذلك أحدٌ أن يطيقه فهلاّ قلت: اللّهمّ آتنا في الدّنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النّار.
وقال آخرون: بل عنى اللّه عزّ وجلّ بالحسنة في هذا الموضع: في الدّنيا: العلم والعبادة، وفي الآخرة: الجنّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عبّادٌ، عن هشام بن حسّان، عن الحسن: {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً} قال: الحسنة في الدّنيا: العلم والعبادة، وفي الآخرة: الجنّة.
[جامع البيان: 3/545]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن سفيان بن حسينٍ، عن الحسن، في قوله: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النّار} قال: العبادة في الدّنيا، والجنّة في الآخرة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن واقدٍ العطّار، قال: حدّثنا عبّاد بن العوّام، عن هشامٍ، عن الحسن، في قوله: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً} قال: الحسنة في الدّنيا: الفهم في كتاب اللّه، والعلم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سمعت سفيان الثّوريّ، يقول فى هذه الآية: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً} قال: الحسنة في الدّنيا: العلم، والرّزق الطّيّب، وفي الآخرة حسنةً: الجنّة.
وقال آخرون: الحسنة في الدّنيا: المال، وفي الآخرة: الجنّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار} قال: فهؤلاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنون.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً} هؤلاء المؤمنون؛ أما حسنة الدّنيا فالمال، وأمّا حسنة الآخرة فالجنّة.
[جامع البيان: 3/546]
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ اللّه جلّ ثناؤه أخبر عن قومٍ من أهل الإيمان به وبرسوله، ممّن حجّ بيته، أنهم يسألون ربّهم الحسنة في الدّنيا، والحسنة في الآخرة، وأن يقيهم عذاب النّار. وقد تجمع الحسنة من اللّه عزّ وجلّ العافية في الجسم، والمعاش، والرّزق، وغير ذلك، والعلم، والعبادة. وأمّا في الآخرة فلا شكّ أنّها الجنّة؛ لأنّ من لم ينلها يومئذٍ فقد حرم جميع الحسنات وفارق جميع معاني العافية.
وإنّما قلنا إنّ ذلك أولى التّأويلات بالآية؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ لم يخصّص بقوله مخبرًا عن قائل ذلك من معاني الحسنة شيئًا، ولا نصب على خصوصه دلالةً دالّةً على أنّ المراد من ذلك بعضٌ دون بعضٍ، فالواجب من القول فيه ما قلنا من أنّه لا يجوز أن يخصّ من معاني ذلك شيءٌ، وأن يحكم له بعمومه على ما عمّه اللّه.
وأمّا قوله: {وقنا عذاب النّار} فإنّه يعني بذلك: اصرف عنّا عذاب النّار، يقال منه: وقيته كذا أقيه وقايةً وواقيةً ووقاءً ممدودًا، وربّما قالوا: وقاك اللّه وقيًا: إذا دفعت عنه أذًى أو مكروهًا). [جامع البيان: 3/547]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار (201)
قوله: ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدنيا حسنة
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو بكر بن القاسم، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ حدّثني أبي، حدّثنا أبي، ثنا الأشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان يجيئ بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون: ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار، فأنزل اللّه فيهم: أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب
والوجه الثّاني:
- ذكر عن أبي أسامة، عن أبي سعدٍ، عن أبي عونٍ، عن ابن الزّبير:
ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً قال: يعملون في دنياهم لآخرتهم ودنياهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/357]
- حدّثنا أبي، ثنا دحيمٌ، ثنا محمّد بن شعيب، قال: سألت نحيى بن الحارث: ما آتى في الدّنيا حسنةً؟ قال: عملٌ صالحٌ.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا أبو الأحوص محمّد بن حيّان، أخبرني عبّاد بن العوّام، أخبرني هشامٌ، عن الحسن في قوله: ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً قال: الحسنة في الدّنيا: العلم والعبادة.
- حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، ثنا الحسين بن حفصٍ، ثنا سفيان عن رجلٍ عن الحسن، في قوله ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً قال: الرّزق الطّيّب والعلم النّافع في الدّنيا.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنباء عبد الرازق أنبأ معمر، عن قتادة، في قوله: وفي الآخرة حسنةً قال: في الآخرة عافيةً. ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً قال: في الدّنيا عافيةً.
الوجه الخامس:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، أخبرني عبد اللّه بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، في هذه الآية: ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً قال: المرأة الصّالحة من الحسنات. وروي عن يزيد بن مالك، نحو ذلك.
والوجه السّادس:
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ، فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن التّميميّ، عن قتادة، قوله: ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار قال: هذا عبدٌ نوى الآخرة لها شخص ولها أنفق ولها عمل وكانت الآخرة، هي سدمه وطلبته ونيته). [تفسير القرآن العظيم: 1/358]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وفي الآخرة حسنةً
اختلف في تفسيرها على أوجه فأحدها:
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا أبو الأحوص محمّد بن حيّان، أخبرني عبّاد بن العوّام، أخبرني هشامٌ، عن الحسن: وفي الآخرة حسنةً قال: الحسنة في الآخرة: الجنّة. وروي عن مجاهدٍ والسّدّيّ ومقاتل بن حيّان وإسماعيل بن أبي خالدٍ، نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أبنا عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة، في
قوله: وفي الآخرة حسنةً قال: في الآخرة عافيةً). [تفسير القرآن العظيم: 1/359]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وقنا عذاب النّار
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا عبد السّلام يعني: ابن شدّادٍ أبا طالوت قال: كنت عند أنسٍ، فقال له ثابتٌ: إنّ إخوانك يحبّون أن تدعو لهم. فقال: اللّهمّ آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار. وتحدّثوا ساعةً حتّى إذا هم أرادوا القيام قالوا: يا أبا حمزة: إنّ إخوانك يريدون القيام، فادع اللّه لهم، قال:
تريدون أن أشقّ لكم الأمور، إذا آتاكم اللّه في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً ووقاكم عذاب النّار، فقد آتاكم الخير كلّه.
- حدّثنا أبي، ثنا دحيمٌ، ثنا محمّد بن شعيبٍ أخبرني نحيى بن الحارث، حدّثني القاسم يعني أبا عبد الرّحمن، قال: من أعطي قلبًا شاكرًا ولسانًا ذاكرًا وجسدًا صابرًا، فقد أوتي في الدّنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً ووقي عذاب النّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/359]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا محمّد بن يعقوب الشّيبانيّ، ثنا عليّ بن الحسن الهلاليّ، ثنا عبد اللّه بن الوليد العدنيّ، ثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، حدّثني يحيى بن عبيدٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن السّائب، عن أبيه السّائب رضي اللّه عنه قال: سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول ما بين الرّكن اليمانيّ والحجر: " {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار} [البقرة: 201] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه» ). [المستدرك: 2/304]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: كانوا أصنافا ثلاثة في تلك المواطن يومئذ: رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وأهل الكفر وأهل النفاق {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} إنما حجوا للدنيا والمسألة لا يريدون الآخرة ولا يؤمنون بها {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} والصنف الثالث (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا) (البقرة الآية 204).
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن أنس قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل قال: تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ثم أتاه من الغد فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل قال: تسأل ربك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة ثم أتاه من الغد فقال: يا رسول الله أي الدعاء
[الدر المنثور: 2/451]
أفضل قال: تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ثم أتاه من اليوم الرابع فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل قال: تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ثم أعطيتهما في الآخرة فقد أفلحت.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: عافية {وفي الآخرة حسنة} قال: عافية.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير والذهبي في فضل العلم والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن في قوله {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة} قال: الحسنة في الدنيا العلم والعبادة وفي الآخرة الجنة.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: حسنة الدنيا المال وحسنة الآخرة الجنة
[الدر المنثور: 2/452]
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: الرزق الطيب والعلم النافع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في الآية قال: المرأة الصالحة من الحسنات.
وأخرج ابن المنذر عن سالم بن عبد الله بن عمر {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: الثناء). [الدر المنثور: 2/453] (م)

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير قال أتى رجل إلى ابن عباس فقال إني أجرت نفسي من قوم فتركت لهم أجرتي أو قال بعض أجرني ويخلوا بيني وبين المناسك قال ابن عباس هذا من الذين قال الله تعالى أولئك لهم نصيب مما كسبوا). [تفسير عبد الرزاق: 1/80]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (قال سفيان [الثوري] كان أصحاب عبد اللّه يقرءونها: (أولئك لهم نصيبٌ ممّا اكتسبوا) [الآية: 202]). [تفسير الثوري: 65]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب}.
[جامع البيان: 3/547]
يعني بقوله جلّ ثناؤه: أولئك الّذين يقولون بعد قضاء مناسكهم: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار} رغبةً منهم إلى اللّه جلّ ثناؤه فيما عنده، وعلمًا منهم بأنّ الخير كلّه من عنده، وأنّ الفضل بيده يؤتيه من يشاء. فاعلم جلّ ثناؤه أنّ لهم نصيبًا، وحظًّا من حجّهم، ومناسكهم، وثوابًا جزيلاً على عملهم الّذي كسبوه، وباشروا معاناته بأموالهم، وأنفسهم خاصًّا ذلك لهم دون الفريق الآخر الّذين عانوا ما عانوا من نصب أعمالهم وتعبها، وتكلّفوا ما تكلّفوا من أسفارهم بغير رغبةٍ منهم فيما عند ربّهم من الأجر والثّواب، ولكن رجاءٌ خسيسٌ من عرض الدّنيا وابتغاء عاجل حطامها.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} قال: فهذا عبدٌ نوى الدّنيا لها عمل ولها نصب {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا} أي حظٌّ من أعمالهم.
- وحدّثني يونس، قال أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} إنّما حجّوا للدّنيا، والمسألة، لا يريدون الآخرة ولا يؤمنون بها {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار} قال: فهؤلاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنون {أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب} لهؤلاء الأجر بما عملوا في الدّنيا.
[جامع البيان: 3/548]
وأمّا قوله: {واللّه سريع الحساب} فإنّه يعني جلّ ثناؤه: أنّه محيطٌ بعمل الفريقين كليهما اللّذين من مسألة أحدهما: ربّنا آتنا في الدّنيا؛ ومن مسألة الآخر: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار}؛ فمحصّ له بأسرع الحساب، ثمّ إنّه مجازٍ كلا الفريقين على عمله.
وإنّما وصف جلّ ثناؤه نفسه بسرعة الحساب، لأنّه جلّ ذكره يحصي ما يحصى من أعمال عباده بغير عقد أصابعٍ ولا فكرٍ ولا رويّة فعل العجزة الضّعفة من الخلق، ولكنّه لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض، ولا في السّماء، ولا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ فيهما، ثمّ هو مجازٍ عباده على كلّ ذلك؛ فلذلك جلّ ذكره امتدح بسرعة الحساب، وأخبر خلقه أنّه ليس لهم بمثلٍ فيحتاج في حسابه إلى عقد كفٍّ أو وعي صدرٍ). [جامع البيان: 3/549]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب (202)
قوله: أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن مسلم البطين عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: أتاه رجلٌ: فقال إني أجرت نفسي من
[تفسير القرآن العظيم: 2/359]
قومٍ، على أن أخدمهم، ويحجّوا بي. فقال ابن عبّاسٍ: هذا من الدّين، قال اللّه:
أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، أنبأ حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال عطاءٌ: أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا قال: ممّا عملوا من الخير.
وروي عن قتادة، قال: حظٌّ من أعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/360]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: واللّه سريع الحساب
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ سريع الحساب سريع الإحصاء). [تفسير القرآن العظيم: 1/360]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ جريرٌ، عن الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: جاء رجلٌ إلى ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما فقال: إنّي أجرت نفسي من قومي على أن يحملوني، ووضعت لهم من أجرتي على أن يدعوني أحجّ معهم أفيجزي ذلك؟ قال: " أنت من الّذين قال اللّه عزّ وجلّ: {أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب} [البقرة: 202] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه» ). [المستدرك: 2/305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء {أولئك لهم نصيب مما كسبوا} قال: مما عملوا من الخير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {والله سريع الحساب} قال: سريع الإحصاء.
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس أن رجلا قال له: إني أجرت نفسي من قومي على أن يحملوني ووضعت لهم من أجرتي على أن يدعوني أحج معهم أفيجزى ء ذلك
[الدر المنثور: 2/453]
عني قال: أنت من الذين قال الله {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب}.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سفيان قال: أصحاب عبد الله يقرؤونها ((أولئك لهم نصيب مما اكتسبوا)) ). [الدر المنثور: 2/454]

تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني الحارث عن محمّد بن عبيد اللّه عن [ ........ .. ] عن ابن عبّاسٍ قال: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم [عليه}، ........ .). [الجامع في علوم القرآن: 2/8]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدّثني ابن زيد بن أسلم عن أبيه في قول الله: {واذكروا الله في أيامٍ معدوداتٍ}، قال: المعلومات: يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق؛ والأيام المعدودات: أيام التشريق). [الجامع في علوم القرآن: 2/98]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني الحارث بن نبهان عن غالب بن عبيد الله عن مجاهد قال: الأيام المعلومات العشر، والأيام المعدودات: أيام
[الجامع في علوم القرآن: 2/98]
التشريق). [الجامع في علوم القرآن: 2/99]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني طلحة بن عمرٍو عن عطاءٍ قال: وأخبرني الحارث بن نبهان عن محمّد بن عبيد اللّه عن مجاهدٍ وعطاءٍ: الأيّام المعلومات العشر، والأيّام المعدودات أيّام التّشريق.
وقال: إنّ ابن عبّاسٍ كان يقول ذلك). [الجامع في علوم القرآن: 2/99]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن أبي الزّبير أنّه سأل جابر بن عبد الله عن أيام العشر، قال جابرٌ: هي أيّام العشر). [الجامع في علوم القرآن: 2/99]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن ابن عباس كان يقول: هي العشر الذي ذكر اللّه في القرآن). [الجامع في علوم القرآن: 2/99]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني محمد بن مسلم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله في الأيام المعلومات والمعدودات، مثل حديث الحارث بن نبهان). [الجامع في علوم القرآن: 2/99]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى واذكروا الله
[تفسير عبد الرزاق: 1/80]
في أيام معدودات قال هي أيام التشريق فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه يقول رخص الله تعالى أن ينفروا في يومين منها إن شاءوا ومن تأخر إلى اليوم الثالث فلا إثم عليه لمن اتقى قال قتادة يرون أنه مغفور له). [تفسير عبد الرزاق: 1/81]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: الأيّام المعلومات الأيّام العشر والمعدودات أيام التشريق [الآية: 203].
[تفسير الثوري: 65]
سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن إبراهيم مثله). [تفسير الثوري: 66]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {واذكروا الله في أيّامٍ معدوداتٍ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبيرٍ قال: ((الأيّام المعلومات: أيّام العشر، والأيّام المعدودات: أيام التّشريق)).
[سنن سعيد بن منصور: 3/824]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن الضّحّاك بن مزاحم، عن ابن عبّاسٍ قال: ((الأيّام المعدودات: أيام التّشريق)) ). [سنن سعيد بن منصور: 3/825]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيم، قال: نا عوف، عن الحسن في قوله عزّ وجلّ: (( {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} في تعجيله في اليوم الثّاني، ولا إثم عليه في تأخيره إلى اليوم الثّالث)).
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو عوانة، عن منصور، عن
[سنن سعيد بن منصور: 3/826]
إبراهيم، قال: ((لا إثم عليه في التّعجيل، ولا إثم عليه في التّأخير)).
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا الوليد بن مسلمٍ، عن (يزيد) بن أبي مريم، قال: سمعت مجاهدًا يقول: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه}، قال: ((كلهم مغفور له)).
[سنن سعيد بن منصور: 3/827]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيم، (عن) عبّاد بن راشدٍ، قال: سمعت الحسن يقول: ((علم اللّه أنّه بلد عرضٍ، فرخّص لعباده من شاء أن ينفر في النّفر الأوّل، ومن شاء في النّفر الآخر)).
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا شريك، عن زياد بن علاقة، عن المعرور بن سويد، قال: قال عمر بن الخطّاب - رضي
[سنن سعيد بن منصور: 3/828]
اللّه عنه -: ((من شاء أن ينفر في النّفر الأوّل، فلينفر، إلا بني خزيمة)) ). [سنن سعيد بن منصور: 3/829]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا ابن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن سفيان الثّوريّ، عن بكير بن عطاءٍ، عن عبد الرّحمن بن يعمر، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: الحجّ عرفاتٌ، الحجّ عرفاتٌ، الحجّ عرفاتٌ، أيّام منًى ثلاثٌ {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} ومن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحجّ.
قال ابن أبي عمر: قال سفيان بن عيينة: وهذا أجود حديثٍ رواه الثّوريّ.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ورواه شعبة، عن بكير بن عطاءٍ، ولا نعرفه إلاّ من حديث بكير بن عطاءٍ). [سنن الترمذي: 5/64]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ}.
يعني جلّ ذكره: اذكروا اللّه بالتّوحيد، والتّعظيم في أيّامٍ محصناتٍ، وهي أيّام رمي الجمار، أمر عباده يومئذٍ بالتّكبير أدبار الصّلوات، وعند الرّمي مع كلّ حصاةٍ من حصى الجمار يرمي بها جمرةً من الجمار.
وبمثل الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} قال: أيّام التّشريق.
[جامع البيان: 3/549]
- وحدّثني محمّد بن نافعٍ البصريّ، قال: حدّثنا غندرٌ، قال: حدّثنا شعبة، عن هشيمٍ، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- وحدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} يعني الأيّام المعدودات: أيّام التّشريق، وهي ثلاثة أيّامٍ بعد النّحر.
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} يعني أيّام التّشريق.
- وحدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- وحدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا مخلدٌ، عن ابن جريجٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عبّاسٍ: سمعه يوم الصّدر، يقول بعدما صدر يكبّر في المسجد ويتأوّل: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ}.
- حدّثنا عليّ بن داود، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} يعني أيّام التّشريق.
[جامع البيان: 3/550]
- وحدّثنا عبد الحميد بن بيانٍ السّكّريّ، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريكٍ، عن أبي إسحاق، عن عطاء بن أبي رباحٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} قال: هي أيّام التّشريق.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن طلحة بن عمرٍو، عن عطاءٍ، مثله.
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} قال: أيّام التّشريق بمنًى.
- حدّثنا محمّد بن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، وعطاءٍ، قالا: هي أيّام التّشريق.
- وحدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، قال: الأيّام المعدودات: أيّام التّشريق.
[جامع البيان: 3/551]
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، مثله.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، قال: الأيّام المعدودات: الأيّام بعد النّحر.
- وحدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: سألت إسماعيل بن أبي خالدٍ عن الأيّام المعدودات، فقال: أيّام التّشريق.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} كنّا نحدّث أنّها أيّام التّشريق.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} قال: هي أيّام التّشريق.
- وحدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: أمّا الأيّام المعدودات: فهي أيّام التّشريق.
- وحدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، مثله.
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، عن مالكٍ، قال: الأيّام المعدودات: ثلاثة أيّامٍ بعد يوم النّحر.
[جامع البيان: 3/552]
- وحدّثت عن حسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ الفضل بن خالدٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {في أيّامٍ معدوداتٍ} قال: أيّام التّشريق الثّلاثة.
- وحدّثني ابن البرقيّ، قال: حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سألت ابن زيدٍ عن الأيّام المعدودات، والأيّام المعلومات،؟ فقال: الأيّام المعدودات: أيّام التّشريق، والأيّام المعلومات: يوم عرفة، ويوم النّحر، وأيّام التّشريق.
وإنّما قلنا: إنّ الأيّام المعدودات هي: أيّام منًى وأيّام رمي الجمار لتظاهر الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه كان يقول فيها: إنّها أيّام ذكر اللّه عزّ وجلّ.
ذكر الأخبار الّتي رويت بذلك
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، وخلاّد بن أسلم، قالا: حدّثنا هشيمٌ، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: أيّام التّشريق أيّام طعمٍ، وذكرٍ.
[جامع البيان: 3/553]
- وحدّثنا خلاّدٌ، قال: حدّثنا روحٌ، قال: حدّثنا صالحٌ، قال: حدّثني ابن شهابٍ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث عبد اللّه بن حذافة، يطوف في منًى: لا تصوموا هذه الأيّام، فإنّها أيّام أكلٍ، وشربٍ، وذكر اللّه.
- وحدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، وحدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قالا جميعًا: حدّثنا خالدٌ، عن أبي قلابة، عن أبي المليح، عن عائشة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ هذه الأيّام أيّام أكلٍ وشربٍ وذكر اللّه.
- وحدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن ابن أبي ليلى، عن عطاءٍ، عن عائشة، قالت: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن صوم أيّام التّشريق وقال: هي أيّام أكلٍ وشربٍ وذكر اللّه.
[جامع البيان: 3/554]
- وحدّثني يعقوب، قال: حدّثني هشيمٌ، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عمرو بن دينارٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث بشر بن سحيمٍ، فنادى في أيّام التّشريق، فقال: إنّ هذه الأيّام أيّام أكلٍ، وشربٍ، وذكر اللّه.
- وحدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن سفيان بن حسينٍ، عن الزّهريّ، قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عبد اللّه بن حذافة بن قيسٍ، فنادى في أيّام التّشريق فقال: إنّ هذه الأيّام أيّام أكلٍ، وشربٍ، وذكر اللّه، إلاّ من كان عليه صومٌ من هدي.
- وحدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن محمّد بن إسحاق، عن حكيم بن حكيمٍ، عن مسعود بن الحكم الزّرقيّ، عن أمّه، قالت: لكأنّي أنظر إلى عليٍّ، رضي اللّه عنه على بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم البيضاء حين وقف على شعب الأنصار وهو يقول: أيّها النّاس إنّها ليست بأيّام صيامٍ، إنّما هي أيّام أكل، وشربٍ، وذكرٍ.
فإن قال قائلٌ: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذ قال في أيّام منًى: إنّها أيّام أكلٍ وشربٍ وذكر اللّه لم يخبر أمّته أنّها الأيّام المعدودات الّتي ذكرها اللّه في كتابه، فما تنكر أن يكون النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عنى بقوله: وذكر اللّه: الأيّام المعلومات؟
[جامع البيان: 3/555]
قيل: غير جائزٍ أن يكون عنى ذلك؛ لأنّ اللّه لم يكن يوجب في الأيّام المعلومات من ذكره فيها ما أوجب في الأيّام المعدودات، وإنّما وصف المعلومات جلّ ذكره بأنّها أيّامٌ يذكر فيها اسم اللّه على بهائم الأنعام، فقال: {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم اللّه في أيّامٍ معلوماتٍ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} فلم يوجب في الأيّام المعلومات من ذكره كالّذي أوجبه في الأيّام المعدودات من ذكره، بل أخبر أنّها أيّام ذكره على بهائم الأنعام. فكان معلومًا إذ قال صلّى اللّه عليه وسلّم لأيّام التّشريق: إنّها أيّام أكلٍ وشربٍ وذكر اللّه فأخرج قوله: وذكر اللّه مطلقًا بغير شرطٍ، ولا إضافةٍ، إلى أنّه ذّكر اسم الله على بهائم الأنعام، أنّه عنى بذلك الذّكر الّذي ذكره اللّه في كتابه، فأوجبه على عباده مطلقًا بغير شرطٍ ولا إضافةٍ إلى معنًى في الأيّام المعدودات. وأنّه لو كان أراد بذلك صلّى اللّه عليه وسلّم وصف الأيّام المعلومات به، لوصل قوله: وذكر إلى أنّه ذكر اللّه على ما رزقهم من بهائم الأنعام، كالّذي وصف اللّه به ذلك؛ ولكنّه أطلق ذلك باسم الذّكر من غير وصله بشيءٍ، كالّذي أطلقه تبارك وتعالى باسم الذّكر، فقال: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} فكان ذلك من أوضح الدّليل على أنّه عنى بذلك ما ذكره اللّه في كتابه وأوجبه في الأيّام المعدودات). [جامع البيان: 3/556]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى}.
[جامع البيان: 3/556]
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: فمن تعجّل في يومين من أيّام التّشريق للنّفر في اليوم الثّاني فلا إثم عليه في نفره. وتعجّله في النّفر، ومن تأخّر عن النّفر في اليوم الثّاني من أيّام التّشريق إلى اليوم الثّالث حتّى ينفر في اليوم الثّالث فلا إثم عليه في تأخّره.
ذكر من قال ذلك.
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن عطاءٍ، قال: لا إثم عليه في تعجيله، ولا إثم عليه في تأخيره.
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال. حدّثنا هشيمٌ، عن عوفٍ، عن الحسن، مثله.
- حدّثنا أحمد، قال. حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن عكرمة، مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال. حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله. {فمن تعجّل في يومين} يوم النّفر {فلا إثم عليه} لا حرج عليه {ومن تأخّر فلا إثم عليه}.
- حدّثني موسى بن هارون، قال. حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: أمّا من تعجّل في يومين فلا إثم عليه، يقول. من نفر في يومين فلا جناح عليه، ومن تأخّر فنفر في الثّالث فلا جناح عليه.
[جامع البيان: 3/557]
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فمن تعجّل في يومين} يقول. فمن تعجّل في يومين. أي من أيّام التّشريق فلا إثم عليه، ومن أدركه اللّيل بمنًى من اليوم الثّاني من قبل أن ينفر فلا نفر له حتّى تزول الشّمس من الغد. {ومن تأخّر فلا إثم عليه} يقول: من تأخّر إلى اليوم الثّالث من أيّام التّشريق فلا إثم عليه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال. أخبرنا عبد الرّزّاق، قال. أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله. {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} قال. رخّص اللّه في أن ينفروا في يومين منها إن شاءوا، ومن تأخّر في اليوم الثّالث فلا إثم عليه.
- حدّثني محمّد بن المثنّى، قال. حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال. حدّثنا شعبة، عن منصورٍ، عن إبراهيم، أنّه قال في هذه الآية. {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} قال في تعجيله.
- وحدّثنا هنّاد بن السّريّ، قال: حدّثنا ابن أبى زائدة، قال: حدّثنا إسرائيل، عن منصورٍ، عن إبراهيم قال: لا إثم عليه: لا إثم على من تعجّل، ولا إثم على من تأخّر.
- وحدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا إسرائيل، عن منصورٍ، عن إبراهيم، قال: هذا في التّعجيل.
[جامع البيان: 3/558]
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، وإسرائيل، عن زيد بن جبيرٍ، قال: سمعت ابن عمر، يقول: حلّ النّفر في يومين لمن اتّقى.
- وحدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ، {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} في تعجّله {ومن تأخّر فلا إثم عليه} في تأخّره.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: أللمكّيّ أن ينفر في النّفر الأوّل؟ قال: نعم، قال اللّه عزّ وجلّ {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} فهي للنّاس أجمعين.
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} قال: ليس عليه إثمٌ.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {فمن تعجّل في يومين} بعد يوم النّحر {فلا إثم عليه} يقول: من نفر من منًى في يومين بعد النّحر فلا إثم عليه، ومن تأخّر فلا إثم عليه في تأخّره، فلا حرج عليه.
[جامع البيان: 3/559]
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} في تعجّله {ومن تأخّر فلا إثم عليه} في تأخّره.
وقال آخرون: بل معناه: فمن تعجّل في يومين فهو مغفورٌ له لا إثم عليه، ومن تأخّر فكذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن ثويرٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} قال: ليس عليه إثمٌ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال حدّثنا سفيان، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، عن عبد اللّه: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} أي غفر له {ومن تأخّر فلا إثم عليه} قال: غفر له.
[جامع البيان: 3/560]
- حدّثنا أحمد بن حازمٍ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا مسعرٌ، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، عن عبد اللّه نحوه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، وحدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد جميعًا عن سفيان، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، عن عبد اللّه، في قوله: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} قال: قد غفر له.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن سفيان، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، في قوله: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} قد غفر له.
- وحدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، عن عبد اللّه، قال في هذه الآية: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} قال: برئ من الإثم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن الحسن، عن ابن عمر: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} قال: رجع مغفورًا له.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} قال: قد غفر له.
[جامع البيان: 3/561]
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن جابرٍ، عن أبي عبد اللّه، عن ابن عبّاسٍ: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} قال: قد غفر له، إنّهم يتأوّلونها على غير تأويلها، إنّ العمرة لتكفّر ما معها من الذّنوب فكيف بالحجّ؟.
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي حصينٍ، عن إبراهيم، وعامرٍ: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} قالا: غفر له.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: حدّثني من أصدّقه، عن ابن مسعودٍ، قوله: {فلا إثم عليه} قال: خرج من الإثم كلّه {ومن تأخّر فلا إثم عليه} قال: برئ من الإثم كلّه، وذلك في الصّدر عن الحجّ.
قال ابن جريجٍ: وسمعت رجلاً، يحدّث، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه أنّه قال: {فلا إثم عليه}، قال. غفر له، {ومن تأخّر فلا إثم عليه}، قال: غفر له.
- حدّثني أحمد بن حازمٍ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ،
[جامع البيان: 3/562]
قال. حدّثنا أسود بن سوادة القطّان، قال: سمعت معاوية بن قرّة، قال: يخرج من ذنوبه.
وقال آخرون: معنى ذلك: فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخّر فلا إثم عليه فيما بينه وبين السّنة الّتي بعدها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، قال: سألت مجاهدًا، عن قول اللّه، عزّ وجلّ: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} قال: لمن في الحجّ، ليس عليه إثمٌ حتّى الحجّ من عامٍ قابلٍ.
وقال آخرون: بل معناه. فلا إثم عليه إن اتّقى اللّه فيما بقي من عمره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} قال: ذهب إثمه كلّه إن اتّقى فيما بقي.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن المغيرة، عن إبراهيم، مثله.
[جامع البيان: 3/563]
- وحدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، عن أبي العالية، مثله.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} قال: لمن اتّقى بشرطٍ.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} لا جناح عليه، ومن تأخّر إلى اليوم الثّالث فلا جناح عليه لمن اتّقى وكان ابن عبّاسٍ، يقول: وددت أنّي من هؤلاء ممّن يصيبه اسم التّقوى.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: هي في مصحف عبد اللّه: لمن اتّقى اللّه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} فلا حرج عليه، يقول لمن اتّقى معاصي اللّه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فمن تعجّل في يومين من أيّام التّشريق فلا إثم عليه، أي فلا حرج عليه في تعجيله النّفر إن هو اتّقى قتل الصّيد حتّى ينقضي اليوم الثّالث، ومن تأخّر إلى اليوم الثّالث فلم ينفر فلا حرج عليه.
[جامع البيان: 3/564]
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا محمّد بن أبي صالحٍ: لمن اتّقى أن يصيب، شيئًا من الصّيد حتّى يمضي اليوم الثّالث.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} ولا يحلّ له أن يقتل صيدًا حتّى تخلو أيّام التّشريق.
وقال آخرون: بل معناه: فمن تعجّل في يومين من أيّام التّشريق فنفر فلا إثم عليه، أي مغفورٌ له. ومن تأخّر فنفر في اليوم الثّالث فلا إثم عليه، أي مغفورٌ له إن اتّقى على حجّه أن يصيب فيه شيئًا نهاه اللّه عنه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لمن اتّقى} قال: يقول لمن اتّقى على حجّه.
قال قتادة: ذكر لنا أنّ ابن مسعودٍ كان يقول: من اتّقى في حجّه غفر له ما تقدّم من ذنبه، أو ما سلف من ذنبه.
وأولى هذه الأقوال بالصّحّة قول من قال: تأويل ذلك: فمن تعجّل في يومين من أيّام منًى الثّلاثة فنفر في اليوم الثّاني فلا إثم عليه، لحطّ اللّه ذنوبه، إن كان قد اتّقى اللّه في حجّه فاجتنب فيه ما أمره اللّه باجتنابه وفعل فيه ما أمره اللّه بفعله وأطاعه بأدائه على ما كلّفه من حدوده.
[جامع البيان: 3/565]
ومن تأخّر إلى اليوم الثّالث منهنّ فلم ينفر إلى النّفر الثّاني حتّى نفر من غد النّفر الأوّل، فلا إثم عليه لتكفير اللّه له ما سلف من آثامه وأجرامه، وإن كان اتّقى اللّه في حجّه بأدائه بحدوده.
وإنّما قلنا أنّ ذلك أولى تأويلاته لتظاهر الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: من حجّ هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه.
وأنّه قال صلّى اللّه عليه وسلّم: تابعوا بين الحجّ والعمرة، فإنّهما ينفيان الذّنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والذّهب، والفضّة.
- حدّثنا عبد اللّه بن سعيدٍ الكنديّ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، قال: حدّثنا عمرو بن قيسٍ، عن عاصمٍ، عن شقيقٍ، عن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: تابعوا بين الحجّ، والعمرة فإنّهما ينفيان الفقر، والذّنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والذّهب، والفضّة، وليس للحجّة المبرورة ثوابٌ دون الجنّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم بن بشيرٍ، عن عمرو بن قيسٍ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد اللّه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه.
- حدّثنا الفضل بن الصّبّاح، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عاصم بن عبيد اللّه، عن عبد اللّه بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، عن عمر، يبلغ به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: تابعوا بين الحجّ، والعمرة، فإنّ المتابعة ينفيان الفقر، والذّنوب كما ينفي الكير الخبث، أو خبث الحديد.
[جامع البيان: 3/566]
- حدّثنا إبراهيم بن سعيدٍ، قال: حدّثنا سعد بن عبد الحميد، قال: حدّثنا ابن أبي الزّناد، عن موسى بن عقبة، عن صالحٍ، مولى التّوأمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إذا قضيت حجّك فأنت مثل ما ولدتك أمّك.
وما أشبه ذلك من الأخبار الّتي يطول بذكر جميعها الكتاب، ممّا ينبئ عنه أنّ من حجّ فقضاه بحدوده على ما أمره اللّه، فهو خارجٌ من ذنوبه، كما قال جلّ ثناؤه: {فلا إثم عليه لمن اتّقى} في حجّه. فكان في ذلك من قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما يوضّح عن أنّ معنى قوله جلّ وعزّ: {فلا إثم عليه} أنّه خارجٌ من ذنوبه، محطوطةٌ عنه آثامه، مغفورةٌ له أجرامه. وأنّه لا معنى لقول من تأوّل قوله: {فلا إثم عليه} فلا حرج عليه في نفره في اليوم الثّاني، ولا حرج عليه في مقامه إلى اليوم الثّالث؛ لأنّ الحرج إنّما يوضع عن العامل فيما كان عليه ترك عمله فيرخّص له في عمله بوضع الحرج عنه في عمله، أو فيما كان عليه عمله، فيرخّص له في تركه بوضع الحرج عنه في تركه. فأمّا ما على العامل عمله فلا وجه بوضع الحرج عنه فيه إن هو عمله، وفرضه عمله، لأنّه محالٌ أن يكون المؤدّي فرضًا عليه حرجًا بأدائه، فيجوز أن يقال: قد وضعنا عنك فيه الحرج.
[جامع البيان: 3/567]
وإذ كان ذلك كذلك، وكان الحاجّ لا يخلو عند من تأوّل قوله: {فلا إثم عليه} فلا حرج عليه، أو فلا جناح عليه من أن يكون فرضه النّفر في اليوم الثّاني من أيّام التّشريق، فوضع عنه الحرج في المقام، أو أن يكون فرضه المقام إلى اليوم الثّالث، فوضع عنه الحرج في النّفر في اليوم الثّاني، فإن يكن فرضه في اليوم الثّاني من أيّام التّشريق المقام إلى اليوم الثّالث منها، فوضع عنه الحرج في نفره في اليوم الثّاني منها، وذلك هو التّعجيل الّذي قيل: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} فلا معنى لقوله على تأويل من تأوّل ذلك: {فلا إثم عليه} فلا جناح عليه {ومن تأخّر فلا إثم عليه} لأنّ المتأخّر إلى اليوم الثّالث إنّما هو متأخّرٌ عن أداء فرضٍ عليه تاركٌ قبول رخصة النّفر، فلا وجه لأن يقال: لا حرج عليك في مقامك على أداء الواجب عليك، لما وصفنا قبل، أو يكون فرضه في اليوم الثّاني النّفر، فرخّص له في المقام إلى اليوم الثّالث؛ فلا معنى أن يقال: لا حرج عليك في تعجّلك النّفر الّذي هو فرضك وعليك فعله للّذي قدّمنا من العلّة.
وكذلك لا معنى لقول من قال: معناه: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه} ولا حرج عليه في نفره ذلك، إن اتّقى قتل الصّيد إلى انقضاء اليوم الثّالث؛ لأنّ ذلك لو كان تأويلاً مسلّمًا لقائله لكان في قوله: {ومن تأخّر فلا إثم عليه} ما يبطل دعواه، لأنّه لا خلاف بين الأمّة في أنّ الصّيد للحاجّ بعد نفره من منًى في اليوم الثّالث حلالٌ، فما الّذي من أجله وضع عنه الحرج في قوله: {ومن تأخّر فلا إثم عليه}
[جامع البيان: 3/568]
إذا هو تأخّر إلى اليوم الثّالث ثمّ نفر؟ هذا مع إجماع الحجّة على أنّ المحرم إذا رمى، وذبح، وحلق، وطاف بالبيت فقد حلّ له كلّ شيءٍ، وتصريح الرّواية المرويّة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنحو ذلك، الّتي؛
- حدّثنا بها هنّاد بن السّريّ الحنظليّ، قال: حدّثنا عبد الرّحيم بن سليمان، عن حجّاجٍ، عن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزمٍ، عن عمرة، قالت: سألت عائشة أمّ المؤمنين رضي اللّه عنها متى يحلّ المحرم؟ فقالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إذا رميتم، وذبحتم، وحلقتم حلّ لكم كلّ شيءٍ إلاّ النّساء قال: وذكر الزّهريّ، عن عمرة، عن عائشة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، مثله.
وأمّا الّذي تأوّل ذلك أنّه بمعنى: لا إثم عليه إلى عامٍ قابلٍ فلا وجه لتحديد ذلك بوقتٍ، وإسقاطه الإثم عن الحاجّ سنةً مستقبلةً دون آثامه السّالفة، لأنّ اللّه جلّ ثناؤه لم يحصر ذلك على نفي إثم وقتٍ مستقبلٍ بظاهر التّنزيل، ولا على لسان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، بل دلالة ظاهر التّنزيل تبين عن أنّ المتعجّل في اليومين والمتأخّر لا إثم على كلّ واحدٍ منهما في حاله الّتي هو بها دون غيرها من الأحوال، والخبر عن الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم يصرّح بأنّه بانقضاء حجّه على ما أمر به خارجٌ من ذنوبه كيوم ولدته أمّه. ففي ذلك من دلالة ظاهر التّنزيل، وصريح قول الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم دلالةٌ واضحةٌ على فساد قول من قال: معنى قوله: {فلا إثم عليه} فلا إثم عليه من وقت انقضاء حجّه إلى عامٍ قابلٍ.
[جامع البيان: 3/569]
فإن قال لنا قائلٌ: ما الجالب اللاّم في قوله: {لمن اتّقى} وما معناها؟
قيل: الجالب لها معنى قوله. {فلا إثم عليه} لأنّ في قوله: {فلا إثم عليه} معنى حططنا ذنوبه، وكفّرنا آثامه، فكان في ذلك معنى: جعلنا تكفير الذّنوب لمن اتّقى اللّه في حجّه، فترك ذكر جعلنا تكفير الذّنوب اكتفاءً بدلالة قوله: {فلا إثم عليه}.
وقد زعم بعض نحويّي البصرة أنّه كأنّه إذا ذكر هذه الرّخصة فقد أخبر عن أمرٍ، فقال: {لمن اتّقى} أي هذا لمن اتّقى.
وأنكر بعضهم ذلك من قوله، وزعم أنّ الصّفة لا بدّ لها من شيءٍ تتعلّق به؛ لأنّها لا تقوم بنفسها، ولكنّها فيما زعم من صلة قولٍ متروكٍ، فكان معنى الكلام عنده قلنا: {ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى}، وقام قوله: {ومن تأخّر فلا إثم عليه} مقام القول.
وزعم بعض أهل العربيّة أنّ موضع طرح الإثم في المتعجّل، فجعل في المتأخّر، وهو الّذي أدّى ولم يقصّر مثل ما جعل على المقصّر، كما يقال في الكلام: إن تصدّقت سرًّا فحسنٌ، وإن أظهرت فحسنٌ. وهما مختلفان، لأنّ المتصدّق علانيةً إذا لم يقصد الرّياء فحسنٌ، وإن كان الإسرار أحسن وليس في وصف حالتي المتصدّقين بالحسن وصف إحداهما بالإثم؛ وقد أخبر اللّه عزّ وجلّ عن النّافرين بنفي الإثم عنهما، ومحالٌ أن ينفي عنهما إلاّ ما كان في تركه الإثم على ما تأوّله قائلو هذه المقالة. وفي إجماع الجميع على أنّهما جميعًا لو تركا النّفر، وأقاما بمنًى لم يكونا آثمين ما يدلّ على فساد التّأويل الّذي تأوّله من حكينا عنه هذا القول.
[جامع البيان: 3/570]
وقال أيضًا: فيه وجهٌ آخر، وهو معنى نهي الفريقين عن أن يؤثّم أحد الفريقين الآخر، كأنّه أراد بقوله: {فلا إثم عليه} لا يقل المتعجّل للمتأخّر: أنت آثمٌ، ولا المتأخّر للمتعجّل: أنت آثمٌ بمعنى: فلا يؤثّمنّ أحدهما الآخر.
وهذا أيضًا تأويلٌ لقول جميع أهل التّأويل مخالفٌ، وكفى بذلك شاهدًا على خطئه). [جامع البيان: 3/571]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتّقوا اللّه واعلموا أنّكم إليه تحشرون}.
يعني بذلك جلّ ثناؤه: واتّقوا اللّه أيّها المؤمنون فيما فرض عليكما من فرائضه، فخافوه في تضييعها، والتّفريط فيها، وفيما نهاكم عنه في حجّكم، ومناسككما أن ترتكبوه أو تأتوه وفيما كلّفكم في إحرامكم لحجّكم أن تقصّروا في أدائه والقيام به، واعلموا أنّكم إليه تحشرون، فمجازيكم هو بأعمالكم، المحسن منكم بإحسانه، والمسيء بإساءته، وموفٍّ كلّ نفسٍ منكم ما عملت وأنتم لا تظلمون). [جامع البيان: 3/571]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى واتّقوا اللّه واعلموا أنّكم إليه تحشرون (203)
قوله: واذكروا اللّه
- حدّثنا عمرو بن عبد اللّه الأوديّ، ثنا وكيعٌ، عن عبد اللّه بن نافعٍ عن أبيه، عن ابن عمر، أنّه كان يكبّر تلك الأيّام بمنًى، ويقول: التّكبير واجبٌ، ويتأوّل هذه الآية: واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن المدينيّ، ثنا يحي بن سعيدٍ، ثنا ابن جريجٍ، حدّثني عمرو بن دينارٍ، قال: سمعت ابن عبّاسٍ في المسجد: واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ يوم الصّدر، بعد ما صدر يكبّر في المسجد، ويذكر). [تفسير القرآن العظيم: 1/360]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ
- حدّثنا محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، في قوله واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ قال: التّكبير أيّام التّشريق، يقول في دبر كلّ صلاةٍ: اللّه أكبر اللّه أكبر، اللّه أكبر). [تفسير القرآن العظيم: 1/360]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: في أيام معدودات
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا حفص بن عمر بن راشدٍ، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرٍو، عن زرّ بن حبيشٍ، عن عليٍّ أيّامٍ معدوداتٍ قال:
ثلاثة أيّامٍ. يوم الأضحى، ويومان بعده. اذبح في أيهن شئت، وأفضلها أولها.
[تفسير القرآن العظيم: 2/360]
الوجه الثّاني: أنّها أيّام التّشريق.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا حفص بن عمر بن راشدٍ المكتب، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أربعة أيّامٍ يوم النّحر، وثلاثة أيّامٍ بعده يعني قوله: أيّامٍ معدوداتٍ وروي عن ابن عمر وابن الزّبير وأبي موسى ومجاهدٍ وعطاءٍ والحسن وإبراهيم والضّحّاك وأبي مالكٍ وعكرمة وسعيد بن جبيرٍ والسّدّيّ والزّهريّ وقتادة والرّبيع بن أنسٍ ومقاتل بن حيّان وعطاء الخراساني ونحيى بن أبي كثيرٍ، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/361]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فمن تعجل في يومين
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه قال: فلا ذنب له.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى، ثنا معاوية، عن قيسٍ، عن عطاءٍ في التّعجّل في يومين: أي في النّهار يخرج، قال: إذا زالت الشّمس إلى اللّيل.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن معمر بن أشكاب الصّفّار، ثنا عبد الرّحيم بن سليمان، عن عبد الملك بن سعيد بن أبجر عن حمّادٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعودٍ، أنّه قال: فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه قد غفرت له ذنوبه.
وروي عن عليٍّ بإسنادٍ مرسلٍ وابن عمر وأبي ذرٍّ وسالم بن عبد اللّه وأبي العالية ومجاهدٍ والشّعبيّ ومعاوية بن قرّة وإبراهيم والضّحّاك ومطرّف بن الشّخّير وأبي مالكٍ وحمّاد بن أبي سليمان والرّبيع بن أنسٍ والسّدّيّ، نحو ذلك
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن إسحاق بن يحيى، قال: سمعت مجاهدًا: فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه قال: إلى قابل). [تفسير القرآن العظيم: 1/361]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ومن تأخّر
- حدّثنا أبي، ثنا القعنبيّ، ثنا عبد اللّه يعني ابن عمر عن نافعٍ، أنّ ابن عمر قال: من غابت له الشّمس في اليوم الّذي قال اللّه فيه: فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه وهو بمنًى، فلا ينفر حتّى يرمي الجمار من الغد.
وروي عن عمر بن الخطّاب وعطاءٍ وطاوسٍ والحسن وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النّخعيّ وجابر بن زيدٍ، قالوا: من لم ينفر في اليوم الثّاني حتّى تغيب الشّمس فلا ينفر حتّى يرمي الجمار من الغد.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا زيد بن حبابٍ، عن كثير بن عبد اللّه المزنيّ، قال: سمعت محمّد بن كعبٍ يقول: ومن تأخّر في اليوم الثّالث. وروي عن الحسن وعطاء عكرمة والسّدّيّ وقتادة، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/361]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فلا إثم عليه
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، ثنا ابن أبي ليلى، عن الحكم عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ: ومن تأخّر فلا إثم عليه قال: في تأخيره.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن معمر بن أشكاب الصّفّار الكوفيّ بمصر ثنا عبد الرّحيم بن سليمان، عن عبد الملك بن سعيد بن أبجر، عن حمّادٍ عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعودٍ، أنّه قال: ومن تأخّر فلا إثم عليه قال: قد غفر اللّه له ذنوبه. وروي عن ابن عمر وأبي ذرٍّ ومجاهدٍ والشّعبيّ ومعاوية بن قرّة وإبراهيم ومطرّف بن الشّخّير وحمّاد بن أبي سليمان، نحو ذلك.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن طلحة، عن ابن عبّاسٍ ومن تأخّر فلا جناح عليه.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ وعمرو بن عبد اللّه الأوديّ، قالا: ثنا وكيعٌ عن إسحاق بن نحيى، يعني: ابن طلحة، قال: سمعت مجاهدًا يقول: ومن تأخّر فلا إثم عليه إلى قابلٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/362]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: لمن اتقى واتقوا الله
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله لمن اتّقى يقول: لمن اتّقى معاصي اللّه.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي ثنا ابن أبي حزمٍ القطعيّ، ثنا عبد الأعلى، ثنا سعيدٌ عن قتادة، قال: كان ابن مسعودٍ يقول: إنّما جعلت المغفرة لمن اتّقى على حجّه.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، أمّا قوله: لمن اتّقى فيقول: لما اتّقى فيما بقي.
وروي عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: ذهب اثمه كلّه، أن اتّقى فيما بقي.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن أبي عمر العدنيّ، ثنا سفيان، عن رجلٍ قد سمّاه، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: لمن اتّقى قال: لمن اتّقى الصّيد يعني: وهو محرمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/363]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه يقول لا حرج عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لا حرج عليه). [تفسير مجاهد: 104]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، ثنا يحيى بن أبي طالبٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ شعبة، عن بكيرٍ، عن عطاءٍ، عن عبد الرّحمن بن يعمر الدّيليّ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " الحجّ عرفة - أو عرفاتٌ - فمن أدرك عرفة قبل طلوع الفجر، فقد أدرك الحجّ، وأيّام منًى ثلاثٌ: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم} [البقرة: 203] عليه، ومن تأخّر فلا إثم عليه «هذا حديثٌ صحيحٌ، ولم يخرّجاه....» ). [المستدرك: 2/305]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فمن تعجّل في يومين} [البقرة: 203].
- عن عبد اللّه بن مسعودٍ في قوله تعالى: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} [البقرة: 203] قال: مغفورًا له.
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 6/318]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: واذكروا الله في أيا معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون.
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال: الأيام المعدودات ثلاثة أيام: يوم الأضحى ويومان بعده اذبح في أيها شئت وأفضلها أولها.
وأخرج الفريابي، وابن أبي الدنيا، وابن المنذر عن ابن عمر في قوله {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: ثلاثة أيام أيام التشريق، وفي لفظ: هي الثلاثة الأيام بعد يوم النحر.
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد والمروزي في العيدين، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الشعب والضياء في
[الدر المنثور: 2/454]
المختارة من طرق عن ابن عباس قال: الأيام المعلومات أيام العشر والأيام المعدودات أيام التشريق.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: هن أيام التشريق يذكر الله فيهن بتسبيح وتهليل وتكبير وتحميد.
وأخرج ابن أبي الدنيا والمحاملي في أماليه والبيهقي عن مجاهد قال: الأيام المعلومات العشر والأيام المعدودات أيام التشريق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الأيام المعدودات أربعة أيام: يوم النحر وثلاثة أيام بعده.
وأخرج المروزي عن يحيى بن كثير في قوله {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: هو التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر، أنه كان يكبر تلك الأيام بمنى ويقول: التكبير واجب ويتأول هذه الآية {واذكروا الله في أيام معدودات}
[الدر المنثور: 2/455]
وأخرج المروزي، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" وعمرو بن دينار قال: رأيت ابن عباس يكبر يوم النحر ويتلو {واذكروا الله في أيام معدودات}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: التكبير أيام التشريق يقول في دبر كل صلاة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر، أنه كان يكبر ثلاثا ثلاثا وراء الصلوات بمنى: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وأخرج المروزي عن الزهري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أيام التشريق كلها.
وأخرج سفيان بن عينية عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن عباس يكبر يوم الصدر ويأمر من حوله أن يكبر فلا أدري تأول قوله تعالى {واذكروا الله في أيام معدودات} أو قوله {فإذا قضيتم مناسككم} الآية.
وأخرج مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خرج الغد
[الدر المنثور: 2/456]
من
يوم النحر بمنى حتى ارتفع النهار شيئا فكبر وكبر الناس بتكبيره حتى بلغ تكبيرهم البيت ثم خرج الثالثة من يومه ذلك حين زاغت الشمس فكبر وكبر الناس بتكبيره فعرف أن عمر قد خرج يرمي.
وأخرج البيهقي في "سننه" عن سالم بن عبد الله بن عمر أنه رمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وعملا مشكورا وقال: حدثني أبي أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان كلما رمى بحصاة يقول مثل ما قلت.
وأخرج البخاري والنسائي، وابن ماجة عن ابن عمر أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على كل حصاة ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه يقوم طويلا ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ثم ينصرف ويقول: هكذا رأيت
[الدر المنثور: 2/457]
رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قال أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع فمكث بمنى ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى وعند الثانية فيطيل القيام ويتضرع ثم يرمي الثالثة ولا يقف عندها.
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة هات القط لي حصيات من حصى الخذف فلما وضعن في يده قال: بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين.
وأخرج الحاكم عن أبي البداح بن عاصم بن عدي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما.
وأخرج الأزرقي عن ابن الكلبي قال: إنما سميت الجمار جمار لأن آدم كان يرمي إبليس فيتجمر بين يديه والإجمار الإسراع
[الدر المنثور: 2/458]
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري قال: ما يقبل من حصى الجمار رفع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: رمى الناس
في الجاهلية والإسلام، فقال: ما تقبل منه رفع ولولا ذلك كان أعظم من ثبير.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس أنه سئل هذه الجمار ترمى في الجاهلية والإسلام كيف لا تكون هضابا تسد الطريق فقال: إن الله وكل بها ملكا فما يقبل منه رفع ولم يقبل منه ترك.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال: والله ما قبل الله من إمرى ء حجه إلا رفع حصاه.
وأخرج الأزرقي عن ابن عمر، أنه قيل له: ما كنا نتراءى في الجاهلية من الحصى والمسلمون اليوم أكثر إنه لضحضاح فقال: إنه - والله - ما قبل الله من إمرى ء حجه إلا رفع حصاه.
وأخرج الأزرقي عن سعيد بن جبير قال: إنما الحصى قربان فما يقبل منه رفع وما لم يتقبل منه فهو الذي يبقى
[الدر المنثور: 2/459]
وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال قلنا: يا رسول الله هذه الأحجار التي يرمى بها كل سنة فنحسب أنها تنقص قال: ما يقبل منها يرفع ولولا ذلك لرأيتموها مثل الجبال.
وأخرج الطبراني عن ابن عمر أن رجلا سأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن رمي الجمار وما لنا فيه فسمعته يقول: تجد ذلك عند ربك أحوج ما تكون إليه.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس، أنه سئل عن منى وضيقه في غير الحج فقال: إن منى تتسع بأهلها كما يتسع الرحم للولد.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل منى كالرحم هي ضيقة فإذا حملت وسعها الله.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال: إنما سميت منى منى لأن جبريل حين أراد أن يفارق آدم قال له: تمن، قال: أتمنى الجنة فسميت منى لأنها منية آدم
[الدر المنثور: 2/460]
وأخرج الأزرقي عن عمر بن مطرف قال: إنما سميت منى لما يمنى بها من الدماء.
وأخرج الحاكم وصححهعن عائشة قالت قيل: يا رسول الله ألا نبني لك بناء يظللك قال: لا منى مناخ من سبق.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول ونحن بمنى: لو يعلم أهل الجمع بمن حلوا لأستبشروا بالفضل بعد المغفرة.
وأخرج مسلم والنسائي عن نبيشة الهدبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله.
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف في منى لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى.
وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق وقال: هي أيام أكل وشرب وذكر الله
[الدر المنثور: 2/461]
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي الشعثاء قال: دخلنا على ابن عمر في اليوم الأوسط من أيام التشريق فأتى بطعام فتنحى ابن له فقال: ادن فأطعم قال: إني صائم، قال: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذه أيام طعم وذكر.
وأخرج الحاكم وصححه عن مسعود بن الحكم الزرقي عن أمه أنها حدثته قالت كأني أنظر إلى علي على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء في شعب الأنصار وهو يقول: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست أيام صيام إنها أيام أكل وشرب وذكر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن خلدة الأنصاري عن أمه قالت بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أيام التشريق ينادي: إنها أيام أكل وشرب وبعال
[الدر المنثور: 2/462]
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي، وابن ماجة عن بشر بن شحيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أيام التشريق فقال: لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب.
وأخرج مسلم عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق فنادى: إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن وأيام منى أيام أكل وشرب.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن ماجة، وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام منى أيام أكل وشرب.
وأخرج أبو داود، وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه عن أبي مرة مولى أم هانى ء أنه دخل مع عبد الله على أبيه عمرو بن العاص فقرب إليهما ظعاما فقال: كل فقال: إني صائم، قال عمرو: كل فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها، قال مالك: وهن أيام التشريق.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار عن أبي هريرة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام ستة أيام من السنة: يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه من رمضان.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن عمر أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام التشريق وقال: إنها أيام أكل وشرب.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة أنه سئل عن أيام التشريق لأي شيء سميت التشريق فقال: كانوا يشرقون لحوم ضحاياهم وبدنهم يشرقون القديد). [الدر المنثور: 2/463]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أما قوله تعالى: {فمن تعجل في يومين} الآية
[الدر المنثور: 2/463]
أخرج وكيع، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: في تعجيله {ومن تأخر فلا إثم عليه} في تأخيره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: فلا ذنب عليه {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: فلا حرج عليه لمن اتقى، يقول: اتقى معاصي الله.
وأخرج الفريابي، وابن جرير عن ابن عمر قال: أحل النفر في يومين لمن اتقى.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: من غابت له الشمس في اليوم الذي قال الله فيه {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} وهو منى فلا ينفرن حتى يرمى الجمار من الغد.
وأخرج سفيان بن عينية، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {لمن اتقى} قال: لمن اتقى الصيد وهو محرم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج قال: هي في مصحف
[الدر المنثور: 2/464]
عبد الله (لمن اتقى الله).
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة والحاكم وصحه والبيهقي في "سننه" عن عبد الله بن يعمر الديلمي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف بعرفة وأتاه أناس من أهل مكة فقالوا: يا رسول الله كيف الحج فقال: الحج عرفات الحج عرفات فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك
أيام منى ثلاثة أيام {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه} ثم أردف رجلا خلفه ينادي بهن.
وأخرج ابن جرير عن علي في قوله {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: غفر له {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: غفر له.
وأخرج وكيع والفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود {فمن تعجل في
[الدر المنثور: 2/465]
يومين فلا إثم عليه} قال: مغفور له {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: مغفور له.
وأخرج البيهقي في "سننه" عن ابن عباس في الآية قال: من تعجل في يومين غفر له ومن تأخر إلى ثلاثة أيام غفر له.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: رجع مغفورا له.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: رخص الله أن ينفروا في يومين منها إن شاؤوا ومن تأخر إلى اليوم الثالث فلا إثم عليه لمن اتقى، قال قتادة: يرون أنها مغفورة له.
وأخرج وكيع، وابن أبي شيبة عن مجاهد {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: إلى قابل {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: إلى قابل
[الدر المنثور: 2/466]
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال: لا والذي نفس الضحاك بيده إن نزلت هذه الآية {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} في الإقامة والظعن ولكنه برى ء من الذنوب.
وأخرج سفيان بن عينية، وعبد بن حميد، وابن جرير عن ابن مسعود {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: خرج من الإثم كله {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: برى ء من الإثم كله.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {لمن اتقى} قال: لمن اتقى في حجه، قال قتادة: وذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: من اتقى في حجه غفر له ما تقدم من ذنبه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال: كانت امرأة من المهاجرات تحج فإذا رجعت مرت على عمر فيقول لها: أتقيت فتقول: نعم، فيقول لها: استأنفي العمل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد، أن عمرا قال لقوم حجاج: أنهزكم إليه غيره قالوا: لا، قال: أتقيتم قالوا: نعم، قال: أما لا فأستأنفوا العمل
[الدر المنثور: 2/467]
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: قد غفر له أنهم يتأولونها على غير تأويلها إن العمرة لتكفر ما معها من الذنروب فكيف بالحج.
وأخرج وكيع، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن معاوية بن مرة المزني {فلا إثم عليه} قال: خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال: إنما جعل الله هذه المناسك ليكفر بها خطايا بني آدم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي العالي في قوله {فلا إثم عليه لمن اتقى} قال: ذهب إثمه كله إن اتقى فيما بقى من عمره.
وأخرج البيهقي في الشعب عن الحسن، أنه قيل له: الناس يقولون: إن الحاج مغفور له قال: إنه ذلك أن يدع سيء ما كان عليه.
وأخرج البيهقي عن خيثمة بن عبد الرحمن قال: إذا قضيت حجك فسل
[الدر المنثور: 2/468]
الله الجنة فلعله.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن إبراهيم قال: كان يقال: صافحوا الحجاج قبل أن يتلطخوا بالذنوب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال: تلقوا الحجاج والعمار والغزاة فليدعوا لكم قبل أن يتدنسوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب بن أبي ثابت قال: كنا نلتقي الحجاج فنصافحهم قبل أن يقارفوا.
وأخرج الأصبهاني عن الحسن، أنه قيل له ما الحج المبرور قال: أن يرجع زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة.
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قضى أحدكم حجه فليعجل الرحلة إلى أهله فإنه أعظم لأجره.
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزوة أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث
تكبيرات ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له
[الدر المنثور: 2/469]
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.
وأخرج ابن حبان في الضعفاء، وابن عدي في الكامل والدارقطني في العلل عن ابن عمر عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال من حج ولم يزرني فقد جفاني.
وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى والطبراني، وابن عدي والدارقطني والبيهقي في الشعب، وابن عساكر عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كم زارني في حياتي.
وأخرج الحكيم الترمذي والبزار، وابن خزيمة، وابن عدي والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زار قبري وجبت له شفاعتي
[الدر المنثور: 2/470]
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جاءني زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقا على أن أكون له شفيعا يوم القيامة.
وأخرج الطيالسي والبيهقي في الشعب عن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من زار قبري كنت له شفيعا أو شهيدا ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله في الآمنين يوم القيامة.
وأخرج البيهقي عن حاطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة.
وأخرج العقيلي في الضعفاء والبيهقي في الشعب عن رجل من آل الخطاب عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال من زارني متعمدا كان في جواري يوم القيامة ومن سكن المدينة وصبر على بلائها كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[الدر المنثور: 2/471]
قال: من زارني بالمدينة محتسبا كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد يسلم علي عند قبري إلا وكل الله به ملكا يبلغني وكفي أمر آخرته ودنياه وكنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر أنه كان يأتي القبر فيسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يمس القبر ثم يسلم على أبي بكر ثم على عمر.
وأخرج البيهقي عن محمد بن المنكدر قال: رأيت جابرا وهو يبكي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ههنا تسكب العبرات سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة
[الدر المنثور: 2/472]
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن منيب بن عبد الله بن أبي أمامة قال: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوقف فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح الصلاة فسلم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثم انصرف.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سليمان بن سحيم قال: رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في النوم قلت: يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلمون عليك أتفقه سلامهم قال: نعم وأرد عليهم.
وأخرج البيهقي عن حاتم بن مروان قال: كان عمر بن عبد العزيز يوجه بالبريد قاصدا إلى المدينة ليقرى ء عنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم السلام.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي فديك قال: سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فتلا هذه الآية (إن الله وملائكته يصلون على النّبيّ يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (الأحزاب الآية 56) صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة فأجابه ملك: صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة
[الدر المنثور: 2/473]
وأخرج البيهقي عن أبي حرب الهلالي قال: حج أعرابي إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته فعقلها ثم دخل المسجد حتى أتى القبر ووقف بحذاء وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله جئتك مثقلا بالذنوب والخطايا مستشفعا بك على ربك لأنه قال في محكم تنزيله (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) (النساء الآية 64).
وقد جئتك بأبي أنت وأمي مثقلا بالذنوب والخطايا استشفع بك على ربك أن يغفر لي ذنوبي وأن تشفع في ثم أقبل في عرض الناس وهو يقول: يا خير من دفنت في الترب أعظمه * فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه * فيه العفاف وفيه الجود والكرم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر، أنه كان يقول للحاج إذا قدم: تقبل نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك.
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم أحدكم
[الدر المنثور: 2/474]
على أهله من سفر فليهد لأهله فليطرفهم ولو كان حجارة). [الدر المنثور: 2/475]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:17 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكراً...}
كانت العرب إذا حجّوا في جاهلّيتهم وقفوا بين المسجد بمنى وبين الجبل، فذكر أحدهم أباه بأحسن أفاعيله: اللهمّ كان يصل الرحم، ويقري الضيف، فأنزل الله تبارك وتعالى: {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكراً} فأنا الذي فعلت ذلك بكم وبهم). [معاني القرآن: 1/122]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا...}
كان أهل الجاهلية يسألون المال والإبل والغنم فأنزل الله: "منهم من يسأل الدنيا فليس له في الآخرة خلاق" يعني نصيبا). [معاني القرآن: 1/122]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {من خلاق} فالخلاق: الدين؛ قال: سمعنا ذلك من العرب؛ وقال بعض أهل العلم: هو النصيب؛ وكان ابن عباس يقول: نصيب من الثواب.
قال المخبل:
وقبيلة جنب إذا لاقيتهم = نظروا إلي بأعين أنكار
جنبت منكرهم ونلت أودهم = بخلاق معروف فحسن جوار
قال: وسمعنا العرب تفسره على الدين، هاهنا). [معاني القرآن لقطرب: 352]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({من خلاق}: من نصيب). [غريب القرآن وتفسيره: 90]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم} كانوا في الجاهلية إذا فرغوا من حجهم ذكروا آباءهم بأحسن أفعالهم. فيقول أحدهم: كان أبي يقرى الضيف ويصل الرحم ويفعل كذا ويفعل كذا، قال اللّه عز وجل: فاذكروني كذكركم آباءكم {أو أشدّ ذكراً}، فأنا فعلت ذلك بكم وبهم). [تفسير غريب القرآن: 79]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرا فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاق}أي: متعبداتكم التي أمرتم بها في الحج.
{فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم}.
وكانت العرب إذا قضت مناسكها، وقفت بين المسجد بمنى وبين الجبل فتعدد فضائل آبائها وتذكر محاسن أيامها، فأمرهم اللّه أن يجعبوا ذلك الذكر له، وأن يزيدوا على ذلك الذكر فيذكروا اللّه بتوحيده وتعديد نعمه، لأنه إن كانت لآبائهم نعم فهي من اللّه عزّ وجلّ، وهو المشكور عليها.
وقوله عزّ وجلّ: {أو أشدّ ذكرا}.
{أشدّ} في موضع خفض ولكنه لا يتصرف لأنه على مثال أفعل، وهو صفته، وإن شئت كان نصبا على واذكروه أشد ذكرا.
و{ذكرا} منصوب على التميز.
وقوله عزّ وجلّ: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا}.
{آتنا} وقف لأنه دعاء، ومعناه: أعطنا في الدنيا، وهؤلاء مشركو العرب كانوا يسألون التوسعة عليهم في الدنيا ولا يسألون حظا من الآخرة لأنهم كانوا غير مؤمنين بالآخرة.
وقوله عزّ وجلّ: {وما له في الآخرة من خلاق}.
يعني هؤلاء، والخلاق النصيب الوافر من الخير). [معاني القرآن: 1/273-274]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {فإذا قضيتم مناسككم} قال مجاهد: إراقة الدماء). [معاني القرآن: 1/141]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا}
روى أبو مالك وأبو صالح عن ابن عباس كانت العرب إذا قضت مناسكها وأقاموا بمنى فيقوم الرجال فيسأل الله فيقول اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة عظيم القبة كثير المال فأعطني مثل ما أعطيته،أي: ليس يذكر الله تعالى إنما يذكر أباه ثم يسأل أن يعطى في الدنيا). [معاني القرآن: 1/141-142]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق}
قال ابن عباس: الخلاق النصيب والمؤمنون يقولون: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: المال {وفي الآخرة حسنة} قال: الجنة). [معاني القرآن: 1/142]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خَـــلاَقٍ}: نصيــــب). [العمدة في غريب القرآن: 88]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({آتنا في الدّنيا حسنةً}أي: نعمة.
وقال في موضع آخر: {إن تصبك حسنةٌ تسؤهم} [التوبة:50] أي: نعمة). [تفسير غريب القرآن: 79]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار}
هؤلاء المؤمنون يسألون الحظ في الدنيا والآخرة.
والأصل في " قنا " او قينا - ولكن الواو سقطت كما سقطت من يقي، لأن الأصل " يوقي " فسقطت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة، وسقطت ألف الوصل للاستغناء عنها لأنها اجتلبت لسكون الواو، فإذا أسقطت الواو فلا حاجة بالمتكلم إليها، وسقطت الياء للوقف - وللجزم في قول الكوفيين - والمعنى أجعلنا موقين من عذاب النار). [معاني القرآن: 1/274-275]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا} أي: لهم نصيب من حجهم بالثواب). [تفسير غريب القرآن: 80]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {أولئك لهم نصيب ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب} أي: دعاؤهم مستجاب لأن كسبهم ههنا الذي ذكر هو الدعاء وقد ضمن اللّه الإجابة لدعاء من دعاه إذا كان مؤمنا، لأنه قد أعلمنا أنه يضل أعمال الكافرين، ويحبطها، ودعاؤهم من أعمالهم.
وقوله عزّ وجلّ: {واللّه سريع الحساب} المعنى: أنه قد علم ما للمحاسب وما عليه قبل توقيفه على حسابه، فالفائدة في الحساب علم حقيقته - وقد قيل في بعض التفسير - إن حساب العبد أسرع من لمح البصر - واللّه أعلم).[معاني القرآن: 1/275]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (قال ابن عباس: الخلاق النصيب والمؤمنون يقولون: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: المال {وفي الآخرة حسنة} قال: الجنة.
وقال هشام عن الحسن {آتنا في الدنيا حسنة} قال: العلم والعبادة {وفي الآخرة حسنة} قال الجنة.
وروى معمر عن قتادة قال في الدنيا عافية وفي الآخرة عافية.
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد إلى أن الحسنة والنعمة من الله.
ثم قال تعالى: {وقنا} أي: اصرف عنا.
يقال منه وقيته كذا أقيه وقاية ووقاية ووفاء وقد يقال وقاك الله وقيا). [معاني القرآن: 1/142-143]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {والله سريع الحساب} أي: اعلم ما للمحاسب وما عليه قبل توقيفه على حسابه وهو يحاسبه بغير تذكر ولا روية وليس الآدمي كذلك). [معاني القرآن: 1/144]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {واذكروا اللّه في أيّامٍ مّعدوداتٍ...}
هي العشر
[و] المعلومات: أيام التشريق كلها، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق.
فمن المفسرين من يجعل المعدودات: أيام التشريق أيضا، وأما المعلومات فإنهم
يجعلونها يوم النحر ويومين من أيام التشريق؛ لأن الذبح إنما يكون في هذه الثلاثة الأيام،
ومنهم من يجعل: الذبح في آخر أيام التشريق فيقع عليها المعدودات والمعلومات فلا تدخل فيها العشر). [معاني القرآن: 1/122-123]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {لمن اتّقى...} يقول: قتل الصيد في الحرم). [معاني القرآن: 1/123]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {معدوداتٍ}: المعدودات: أيام التشريق؛ المعلومات: عشر ذي الحجة). [مجاز القرآن: 1/71]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({واذكروا اللّه في أيّامٍ مّعدوداتٍ فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى واتّقوا اللّه واعلموا أنّكم إليه تحشرون}
قال: {ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى} كأنه حين ذكر هذه الرخصة قد أخبر عن أمر فقال: {لمن اتّقى} أي: ذلك لمن اتقى). [معاني القرآن: 1/132]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({واذكروا الله في أيام معدودات}: الأيام المعدودات أيام التشريق والأيام المعلومات أيام العشر من ذي الحجة). [غريب القرآن وتفسيره: 90]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ}: أيام التّشريق. والأيام المعلومات: عشر ذي الحجة). [تفسير غريب القرآن: 80]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {واذكروا اللّه في أيّام معدودات فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى واتّقوا اللّه واعلموا أنّكم إليه تحشرون}
قالوا: هي أيام التشريق، {معدودات} يستعمل كثيرا في اللغة للشيء القليل - وكل عدد قل أو كثر فهو معدود، ولكن معدودات أدل على القلة، لأن كل قليل يجمع بالألف والتاء، نحو دريهمات وجماعات.
وقد يجوز وهو حسن كثير أن تقع الألف والتاء للكثير، وقد ذكر أنه عيب على القائل:
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
فقيل له لم قلّلت الجفنات ولم تقل: الجفان.
وهذا الخبر - عندي - مصنوع لأن الألف والتاء قد تأتي للكثرة - قال اللّه عزّ وجلّ:
{إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات}.
وقال: {في جنات}، وقال {في الغرفات آمنون}، فالمسلمون ليسوا في جنات قليلة، ولكن إذا خص القليل في الجمع بالألف والتاء، فالألف والتاء أدل عليه، لأنه يلي التثنية، تقول: حمام، وحمامان وحمامات، فتؤدى بتاء الواحد، فهذا أدل على القليل، وجائز حسن أن يراد به الكثير، ويدل المعنى المشاهد على الإرادة، كما أن قولك جمع يدل على القليل والكثير.
وقوله عزّ وجلّ: {فمن تعجّل في يومين}أي: من نفر في يومين.
{فلا إثم عليه لمن اتّقى} قيل: لمن اتقى قتل الصيد، وقالوا: لمن اتقى التفريط في كل حدود الحج.
فموسع عليه في التعجل في نفره). [معاني القرآن: 1/275-276]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات} أي: بالتوحيد والتعظيم في أيام معدودات أي: محصيات
أمروا بالتكبير أدبار الصلوات وعند الرمي مع كل حصاة من حصى الجمار.
وروى سفيان عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن الديلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام منى ثلاثة أيام التشريق {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه}.
وروى نافع عن ابن عمر الأيام المعلومات والمعدودات جمعيهن أربعة أيام فالأيام المعلومات يوم النحر ويومان بعده والمعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه}.
وروي عن عبدا لله بن مسعود وابن عمر وابن عباس فلا إثم عليه مغفور له.
وقال عطاء وإبراهيم ومجاهد وقتادة: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه في تعجيله ومن تأخر فلا إثم عليه في تأخيره ثم قال تعالى: {لمن اتقى}.
قال عبد الله بن عمر: أبيح ذا لتعجيل من اتقى فالتقدير على هذا الإباحة لمن أتقى.
وقال ابن مسعود: إنها مغفرة للذنوب لمن اتقى في حجه.
قال أبو جعفر: وهذا القول مثل قوله الأول وأما قول إبراهيم {ومن تأخر فلا إثم عليه} في تأخيره فتأويل بعيد لأن المتأخر قد بلغ الغاية ولا يقال لا حرج عليه
وقد قيل: يجوز أن يقال لا حرج عليه لأن رخص الله يحسن الأخذ بها فأعلم الله تبارك وتعالى أنه لا إثم عليه في تركه الأخذ بالرخص ويدل على صحة قول ابن مسعود حديث شعبة عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه)).
والمعنى على هذا: من حج فاتقى في حجه ما ينقصه فلا إثم عليه من الذنوب الخالية،أي: قد كفر الحج عنه والتقدير تكفير الإثم لمن اتقى.
حدثنا محمد بن جعفر الأنباري قال حدثنا حاجب بن سليمان قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان الثوري عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))
قال أبو جعفر: وقول أبي العالية: {لا إثم عليه} ذهب إثمه كله إن اتقى الله فيما بقي، أي: من عمره). [معاني القرآن: 1/144-147]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الأيام المعدودات) ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وهي أيام التشريق، و(المعلومات) يوم النحر ويومان بعده، وقيل هي العشر). [تفسير المشكل من غريب القرآن:38-39]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({المَّعْدُودَات}: أيام التشريــق). [العمدة في غريب القرآن: 89]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 10:28 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) }
[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) }

[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202) }

[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي: أدفع إليهم عهودهم، وأعلمهم أنا على الحرب.
{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى}، قال: لمن اتقى قتل الصيد.
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}، قال: ساق القيامة، وساق الدنيا). [مجالس ثعلب: 11] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (عرفات: موضع عرف آدم حواء.
منى، من المنية، مني عليه إذا قدر عليه المنية. ومني واحد. المعلومات: أيام العشر. والمعدودات: عرفات والنحر واليومان بعدهما قال أبو العبَّاس: ويقال هذه موضع هذه، وهذه موضع هذه). [مجالس ثعلب: 431-432] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 07:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 07:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 07:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 07:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فإذا قضيتم مناسككم} الآية، قال مجاهد: «المناسك الذبائح وهراقة الدماء»، والمناسك عندي العبادات في معالم الحج ومواضع النسك فيه، والمعنى إذا فرغتم من حجكم الذي هو الوقوف بعرفة فاذكروا الله بمحامده وأثنوا عليه بآلائه عندكم، وخص هذا الوقت بالقضاء لما يقضي الناس فيه مناسكهم في حين واحد، وما قبل وما بعد فهو على الافتراق: هذا في طواف وهذا في رمي وهذا في حلاق وغير ذلك، وكانت عادة العرب إذا قضت حجها تقف عند الجمرة فتتفاخر بالآباء وتذكر أيام أسلافها من بسالة وكرم وغير ذلك، فنزلت الآية ليلزموا أنفسهم ذكر الله تعالى أكثر من التزامهم ذكر آبائهم بأيام الجاهلية، هذا قول جمهور المفسرين.
وقال ابن عباس وعطاء: «معنى الآية اذكروا الله كذكر الأطفال آباءهم وأمهاتهم، أي فاستغيثوا به والجؤوا إليه كما كنتم تفعلون في حال صغركم بآبائكم».
وقالت طائفة: معنى الآية اذكروا الله وعظموه وذبوا عن حرمه، وادفعوا من أراد الشرك والنقص في دينه ومشاعره، كما تذكرون آباءكم بالخير إذا غض أحد منهم وتحمون جوانبهم وتذبون عنهم، وقرأ محمد ابن كعب القرظي «كذكركم آباؤكم» أي اهتبلوا بذكره كما يهتبل المرء بذكر ابنه، فالمصدر على هذه القراءة مضاف إلى المفعول، وأشدّ في موضع خفض عطفا على «ذكركم» ويجوز أن يكون في موضع نصب، التقدير أو اذكروه أشد ذكرا.
وقوله تعالى: {فمن النّاس من يقول} الآية، قال أبو وائل والسدي وابن زيد: «كانت عادتهم في الجاهلية أن يدعوا في مصالح الدنيا فقط إذ كانوا لا يعرفون الآخرة، فنهوا عن ذلك الدعاء المخصوص بأمر الدنيا، وجاء النهي في صيغة الخبر عنهم»، والخلاق: النصيب والحظ، ومن زائدة لأنها بعد النفي، فهي مستغرقة لجنس الحظوظ). [المحرر الوجيز: 1/ 491-492]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقال قتادة: «حسنة الدنيا العافية في الصحة وكفاف المال».
وقال الحسن بن أبي الحسن: «حسنة الدنيا العلم والعبادة».
وقال السدي: «حسنة الدنيا المال»، وقيل: حسنة الدنيا المرأة الحسناء، واللفظة تقتضي هذا كله وجميع محابّ الدنيا، وحسنة الآخرة: الجنة بإجماع،
{وقنا عذاب النّار}: دعاء في أن لا يكون المرء ممن يدخلها بمعاصيه وتخرجه الشفاعة، ويحتمل أن يكون دعاء مؤكدا لطلب دخول الجنة، لتكون الرغبة في معنى النجاة والفوز من الطرفين، كما قال أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: «أنا إنما أقول في دعائي اللهم أدخلني الجنة وعافني من النار، ولا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ»، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حولها ندندن» ). [المحرر الوجيز: 1/ 492-493]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا} الآية، وعد على كسب الأعمال الصالحة في صيغة الإخبار المجرد، والرب تعالى سريع الحساب لأنه لا يحتاج إلى عقد ولا إلى إعمال فكر، وقيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: كيف يحاسب الله الخلائق في يوم؟ فقال «كما يرزقهم في يوم»، وقيل: الحساب هنا المجازاة، كأن المجازي يعد أجزاء العمل ثم يجازي بمثلها، وقيل معنى الآية سريع مجيء يوم الحساب، فالمقصد بالآية الإنذار بيوم القيامة).[المحرر الوجيز: 1/493]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وأمر الله تعالى عباده بذكره في الأيام المعدودات، وهي الثلاثة التي بعد يوم النحر، وهي أيام التشريق، وليس يوم النحر من المعدودات، ودل على ذلك إجماع الناس على أنه لا ينفر أحد يوم القر وهو ثاني يوم النحر، فإن يوم النحر من المعلومات، ولو كان يوم النحر في المعدودات لساغ أن ينفر من شاء متعجلا يوم القر، لأنه قد أخذ يومين من المعدودات، وحكى مكي والمهدوي عن ابن عباس أنه قال: «المعدودات هي أيام العشر»، وهذا إما أن يكون من تصحيف النسخة، وإما أن يريد العشر الذي بعد يوم النحر، وفي ذلك بعد، والأيام المعلومات هي يوم النحر ويومان بعده لإجماعهم على أنه لا ينحر أحد في اليوم الثالث، والذكر في المعلومات إنما هو على ما رزق الله من بهيمة الأنعام.
وقال ابن زيد: «المعلومات عشر ذي الحجة وأيام التشريق»، وفي هذا القول بعد، وجعل الله الأيام المعدودات أيام ذكر الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هي أيام أكل وشرب وذكر لله».
ومن جملة الذكر التكبير في إثر الصلوات، واختلف في طرفي مدة التكبير: فقال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس: «يكبر من صلاة الصبح من يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق».
وقال ابن مسعود وأبو حنيفة: «يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر».
وقال يحيى بن سعيد: «يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر من آخر يوم التشريق».
وقال مالك: «يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق»، وبه قال الشافعي.
وقال ابن شهاب: «يكبر من الظهر يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق».
وقال سعيد بن جبير: «يكبر من الظهر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق».
وقال الحسن بن أبي الحسن: «يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر يوم النفر الأول».
وقال أبو وائل: «يكبر من صلاة الظهر يوم عرفة إلى صلاة الظهر يوم النحر».
ومشهور مذهب مالك أنه يكبر إثر كل صلاة ثلاث تكبيرات، وفي المذهب رواية أنه يقال بعد التكبيرات الثلاث: لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد.
وقوله تعالى: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه}، قال ابن عباس والحسن وعكرمة ومجاهد: «المعنى من نفر في اليوم الثاني من الأيام المعدودات فلا حرج عليه، ومن تأخر إلى الثالث فلا حرج عليه، فمعنى الآية كل ذلك مباح، وعبر عنه بهذا التقسيم اهتماما وتأكيدا إذ كان من العرب من يذم المتعجل وبالعكس، فنزلت الآية رافعة للجناح في كل ذلك»، ومن العلماء من رأى أن التعجل إنما أبيح لمن بعد قطره لا للمكي والقريب، إلا أن يكون له عذر، قاله مالك وغيره، ومنهم من رأى أن الناس كلهم مباح لهم ذلك، قاله عطاء وغيره.
وقال علي بن أبي طالب وابن مسعود وإبراهيم: «معنى الآية من تعجل فقد غفر له ومن تأخر فقد غفر له، واحتجوا بقوله عليه السلام: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من خطاياه كيوم ولدته أمه»، فقوله تعالى: {فلا إثم عليه} نفي عام وتبرئة مطلقة، وقال مجاهد أيضا: «معنى الآية من تعجل أو تأخر فلا إثم عليه إلى العام القابل»، وأسند في هذا القول أثر.
وقال أبو العالية: «المعنى في الآية لا إثم عليه لمن اتقى بقية عمره، والحاج مغفور له البتة».
وقال أبو صالح وغيره: «معنى الآية لا إثم عليه لمن اتقى قتل الصيد وما يجب عليه تجنبه في الحج»، وقال أيضا: «لمن اتقى في حجه فأتى به تاما حتى كان مبرورا»، واللام في قوله لمن اتّقى متعلقة إما بالغفران على بعض التأويلات، أو بارتفاع الإثم في الحج على بعضها، وقيل: بالذكر الذي دل عليه قوله واذكروا، أي الذكر لمن اتقى، ويسقط رمي الجمرة الثالثة عمن تعجل.
وقال ابن أبي زمنين: «يرميها في يوم النفر الأول حين يريد التعجل».
قال ابن المواز: «يرمي المتعجل في يومين بإحدى وعشرين حصاة، كل جمرة بسبع حصيات، فيصير جميع رميه بتسع وأربعين حصاة».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «لأنه قد رمى جمرة العقبة بسبع يوم النحر».
قال ابن المواز: «ويسقط رمي اليوم الثالث».
وقرأ سالم بن عبد الله فلا إثم عليه بوصل الألف، ثم أمر تعالى بالتقوى وذكر بالحشر والوقوف بين يديه). [المحرر الوجيز: 1/ 493-496]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 07:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 07:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ (200) ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار (201) أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب (202)}
يأمر تعالى بذكره والإكثار منه بعد قضاء المناسك وفراغها.
وقوله: {كذكركم آباءكم} اختلفوا في معناه، فقال ابن جريج، عن عطاءٍ: «هو كقول الصّبيّ: "أبه أمّه"، يعني: كما يلهج الصّبيّ بذكر أبيه وأمّه، فكذلك أنتم، فالهجوا بذكر اللّه بعد قضاء النّسك». وكذا قال الضّحّاك والرّبيع بن أنسٍ. وروى ابن جريرٍ من طريق العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ -نحوه.
وقال سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: «كان أهل الجاهليّة يقفون في الموسم فيقول الرّجل منهم: كان أبي يطعم ويحمل الحمالات ويحمل الدّيات. ليس لهم ذكرٌ غير فعال آبائهم. فأنزل اللّه على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا}».
قال ابن أبي حاتمٍ: وروي عن أنس بن مالكٍ، وأبي وائلٍ، وعطاء بن أبي رباحٍ في أحد قوليه، وسعيد بن جبير، وعكرمة في إحدى رواياته، ومجاهدٍ، والسّدّيّ، وعطاءٍ الخراسانيّ، والرّبيع بن أنسٍ، والحسن، وقتادة، ومحمّد بن كعبٍ، ومقاتل بن حيّان، نحو ذلك. وهكذا حكاه ابن جريرٍ أيضًا عن جماعةٍ، واللّه أعلم.
والمقصود منه الحثّ على كثرة الذّكر للّه عزّ وجلّ؛ ولهذا كان انتصاب قوله: {أو أشدّ ذكرًا} على التّمييز، تقديره كذكركم آباءكم أو أشدّ منه ذكرًا. و"أو" هاهنا لتحقيق المماثلة في الخبر، كقوله: {فهي كالحجارة أو أشدّ قسوةً} [البقرة: 74]، وقوله: {يخشون النّاس كخشية اللّه أو أشدّ خشيةً} [النساء: 77]، {وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون} [الصّافّات: 147]، {فكان قاب قوسين أو أدنى} [النّجم: 9]. فليست هاهنا للشّكّ قطعًا، وإنّما هي لتحقيق الخبر عنه بأنّه كذلك أو أزيد منه. ثمّ إنّه تعالى أرشد إلى دعائه بعد كثرة ذكره، فإنّه مظنّة الإجابة، وذمّ من لا يسأله إلّا في أمر دنياه، وهو معرضٌ عن أخراه، فقال: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} أي: من نصيب ولا حظٍّ. وتضمّن هذا الذّمّ التّنفير عن التّشبّه بمن هو كذلك. قال سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: «كان قومٌ من الأعراب يجيئون إلى الموقف، فيقولون: اللّهمّ اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولادٍ حسنٍ. لا يذكرون من أمر الآخرة شيئًا، فأنزل اللّه فيهم: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} وكان يجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار}» ). [تفسير ابن كثير: 1/ 557-558]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: «كان قومٌ من الأعراب يجيئون إلى الموقف، فيقولون: اللّهمّ اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولادٍ حسنٍ. لا يذكرون من أمر الآخرة شيئًا، فأنزل اللّه فيهم: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} وكان يجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار} فأنزل اللّه: {أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب} ولهذا مدح من يسأله للدّنيا والأخرى، فقال: {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار}» فجمعت هذه الدعوة كلّ خيرٍ في الدّنيا، وصرفت كلّ شرٍّ فإنّ الحسنة في الدّنيا تشمل كلّ مطلوبٍ دنيويٍّ، من عافيةٍ، ودارٍ رحبةٍ، وزوجةٍ حسنةٍ، ورزقٍ واسعٍ، وعلمٍ نافعٍ، وعملٍ صالحٍ، ومركبٍ هنيءٍ، وثناءٍ جميلٍ، إلى غير ذلك ممّا اشتملت عليه عبارات المفسّرين، ولا منافاة بينها، فإنّها كلّها مندرجةٌ في الحسنة في الدّنيا. وأمّا الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنّة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحٍة، وأمّا النّجاة من النّار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدّنيا، من اجتناب المحارم والآثام وترك الشّبهات والحرام.
وقال القاسم بن عبد الرّحمن: «من أعطي قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وجسدًا صابرًا، فقد أوتي في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً، ووقي عذاب النّار».
ولهذا وردت السّنّة بالتّرغيب في هذا الدّعاء. فقال البخاريّ: حدّثنا أبو معمرٍ، حدّثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز، عن أنس بن مالكٍ قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول:«اللّهم ربّنا، آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار».
وقال الإمام أحمد: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدّثنا عبد العزيز بن صهيبٍ، عن أنسٍ قال: كان أكثر دعوةٍ يدعو بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «اللّهمّ ربّنا، آتنا في الدّنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار».
وكان أنسٌ إذا أراد أن يدعو بدعوةٍ دعا بها، وإذا أراد أن يدعو بدعاءٍ دعا بها فيه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا عبد السّلام بن شدّادٍ -يعني أبا طالوت -قال: كنت عند أنس بن مالكٍ، فقال له ثابتٌ: «إنّ إخوانك يحبّون أن تدعو لهم». فقال: «اللّهمّ آتنا في الدّنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النّار». وتحدّثوا ساعةً حتّى إذا أرادوا القيام، قال: «يا أبا حمزة، إنّ إخوانك يريدون القيام فادع لهم» فقال: «تريدون أن أشقق لكم الأمور، إذا آتاكم اللّه في الدّنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، ووقاكم عذاب النّار فقد آتاكم الخير كلّه».
وقال أحمد أيضًا: حدّثنا محمّد بن أبي عديٍّ، عن حميدٍ، وعبد اللّه بن بكرٍ السّهميّ، حدّثنا حميدٌ عن أنسٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ. فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «هل تدعو اللّه بشيءٍ أو تسأله إيّاه؟ » قال: نعم، كنت أقول: اللّهمّ ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجّله لي في الدّنيا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «سبحان اللّه! لا تطيقه -أو لا تستطيعه -فهلّا قلت: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار}». قال: فدعا اللّه، فشفاه». انفرد بإخراجه مسلمٌ، فرواه من حديث ابن أبي عديٍّ -به.
وقال الإمام الشّافعيّ: أخبرنا سعيد بن سالمٍ القدّاح، عن ابن جريجٍ، عن يحيى بن عبيدٍ -مولى السّائب -عن أبيه، عن عبد اللّه بن السّائب: أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول فيما بين الرّكن اليمانيّ والرّكن الأسود: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار}. ورواه الثّوريّ عن ابن جريجٍ كذلك.
وروى ابن ماجه، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، نحو ذلك. وفي سنده ضعفٌ واللّه أعلم.
وقال ابن مردويه: حدّثنا عبد الباقي، أخبرنا أحمد بن القاسم بن مساورٍ، حدّثنا سعيد بن سليمان، عن إبراهيم بن سليمان، عن عبد اللّه بن هرمز، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما مررت على الرّكن إلّا رأيت عليه ملكًا يقول: آمين. فإذا مررتم عليه فقولوا: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار}» ). [تفسير ابن كثير: 1/ 558-559]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: «كان قومٌ من الأعراب يجيئون إلى الموقف، فيقولون: اللّهمّ اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولادٍ حسنٍ. لا يذكرون من أمر الآخرة شيئًا، فأنزل اللّه فيهم: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} وكان يجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون: {ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار} فأنزل اللّه: {أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب} ولهذا مدح من يسأله للدّنيا والأخرى، فقال: {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار}» ). [تفسير ابن كثير: 1/ 558] (م)

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال الحاكم في مستدركه: أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، حدّثنا محمّد بن عبد السّلام، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جريرٌ، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبيرٍ قال: «جاء رجل إلى ابن عبّاسٍ فقال: «إنّي أجّرت نفسي من قومٍ على أن يحملوني، ووضعت لهم من أجرتي على أن يدعوني أحجّ معهم، أفيجزي ذلك؟» فقال: «أنت من الّذين قال اللّه فيهم: {أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب}». ثمّ قال الحاكم: صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرجاه). [تفسير ابن كثير: 1/ 560]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى واتّقوا اللّه واعلموا أنّكم إليه تحشرون (203)}
قال ابن عبّاسٍ: {الأيّام المعدودات} أيّام التّشريق، و{الأيّام المعلومات} أيّام العشر. وقال عكرمة:« {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} يعني: التّكبير أيام التّشريق بعد الصّلوات المكتوبات: اللّه أكبر، اللّه أكبر».
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع، حدّثنا موسى بن عليٍّ، عن أبيه، قال: سمعت عقبة بن عامرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:«يوم عرفة ويوم النّحر وأيّام التّشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيّام أكلٍ وشربٍ».
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدّثنا هشيم، أخبرنا خالدٌ، عن أبي المليح، عن نبيشة الهذليّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أيّام التّشريق أيام أكلٍ وشربٍ وذكر اللّه». رواه مسلمٌ أيضًا وتقدّم حديث جبير بن مطعمٍ: «عرفة كلّها موقفٌ، وأيّام التّشريق كلّها ذبحٌ». وتقدّم أيضًا حديث عبد الرّحمن بن يعمر الدّيلي «وأيّام منًى ثلاثةٌ، فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخّر فلا إثم عليه».
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم وخلاد بن أسلم، قالا حدّثنا هشيم، عن عمرو بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: «أيّام التّشريق أيّام طعم وذكرٍ».
وحدّثنا خلّاد بن أسلم، حدّثنا روح، حدّثنا صالحٍ، حدّثني ابن شهابٍ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث عبد اللّه بن حذافة يطوف في منًى: «لا تصوموا هذه الأيّام، فإنّها أيّام أكلٍ وشربٍ، وذكر اللّه، عز وجل».
وحدّثنا يعقوب، حدّثنا هشيم، عن سفيان بن حسينٍ، عن الزّهريّ، قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عبد اللّه بن حذافة، فنادى في أيّام التّشريق فقال: «إنّ هذه الأيّام أيّام أكلٍ وشربٍ وذكر اللّه، إلّا من كان عليه صوم من هدي».
زيادةٌ حسنةٌ ولكن مرسلةٌ. وبه قال هشيم، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عمرو بن دينارٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث بشر بن سحيمٍ، فنادى في أيّام التّشريق فقال: «إنّ هذه الأيّام أيّام أكلٍ وشربٍ وذكر اللّه».
وقال هشيم، عن ابن أبي ليلى، عن عطاءٍ، عن عائشة قالت: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن صوم أيّام التّشريق، قال: «هي أيّام أكلٍ وشربٍ وذكر اللّه».
وقال محمّد بن إسحاق، عن حكيم بن حكيمٍ، عن مسعود بن الحاكم الزّرقي، عن أمّه قالت: «لكأنيٍّ أنظر إلى عليٍّ على بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم البيضاء، حتّى وقف على شعب الأنصار وهو يقول: يا أيّها النّاس، إنّها ليست بأيّام صيامٍ، إنّما هي أيّام أكلٍ وشربٍ وذكرٍ».
وقال مقسم عن ابن عبّاسٍ: «{الأيّام المعدودات}: أيّام التّشريق، أربعة أيّامٍ: يوم النّحر، وثلاثة أيّامٍ بعده»، وروي عن ابن عمر، وابن الزّبير، وأبي موسى، وعطاءٍ، ومجاهدٍ، وعكرمة، وسعيد ابن جبير، وأبي مالكٍ، وإبراهيم النخعي، ويحيى بن أبي كثيرٍ والحسن، وقتادة، والسّدّيّ، والزّهريّ، والرّبيع بن أنسٍ، والضّحّاك، ومقاتل بن حيّان، وعطاءٍ الخراسانيّ، ومالك بن أنسٍ، وغيرهم -مثل ذلك.
وقال عليّ بن أبي طالبٍ:«هي ثلاثةٌ، يوم النّحر ويومان بعده، اذبح في أيّهنّ شئت، وأفضلها أوّلها».
والقول الأوّل هو المشهور وعليه دلّ ظاهر الآية الكريمة، حيث قال: {فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه} فدلّ على ثلاثةٍ بعد النّحر.
ويتعلّق بقوله: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ} ذكر اللّه على الأضاحيّ، وقد تقدّم، وأنّ الرّاجح في ذلك مذهب الشّافعيّ، رحمه اللّه، وهو أنّ وقت الأضحيّة من يوم النّحر إلى آخر أيّام التّشريق. ويتعلّق به أيضًا الذّكر المؤقّت خلف الصّلوات، والمطلق في سائر الأحوال. وفي وقته أقوالٌ للعلماء، وأشهرها الذي عليه العمل أنّه من صلاة الصّبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيّام التّشريق، وهو آخر النّفر الآخر. وقد جاء فيه حديثٌ رواه الدّارقطنيّ، ولكن لا يصحّ مرفوعًا واللّه أعلم. وقد ثبت أنّ عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، كان يكبّر في قبّته، فيكبّر أهل السوق بتكبيره، حتّى ترتجّ منًى تكبيرًا.
ويتعلّق بذلك أيضًا التكبير وذكر اللّه عند رمي الجمرات كلّ يومٍ من أيّام التّشريق. وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره: «إنّما جعل الطّواف بالبيت، والسّعي بين الصّفا والمروة ورمي الجمار، لإقامة ذكر اللّه عزّ وجلّ».
ولمّا ذكر اللّه تعالى النّفر الأوّل والثّاني، وهو تفرّق النّاس من موسم الحجّ إلى سائر الأقاليم والآفاق بعد اجتماعهم في المشاعر والمواقف، قال: {واتّقوا اللّه واعلموا أنّكم إليه تحشرون} أي: تجتمعون يوم القيامة، كما قال: {وهو الّذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون} [المؤمنون: 79] ). [تفسير ابن كثير: 1/ 560-562]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة