العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:42 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة الممتحنة

التفسير اللغوي لسورة الممتحنة

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 ذو القعدة 1431هـ/3-11-2010م, 11:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 9]


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {تلقون إليهم بالمودّة...}.دخول الباء في: المودة، وسقوطها سواء، هذا بمنزلة قولك: أظن أنك قائم، وأظن بأنك قائم، وأريد بأن تذهب، وأريد بأن تقوم. وقد قال الله جلّ وعز: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} فأدخل الباء، والمعنى: ومن يرد فيه إلحادا. أنشدني أبو الجراح:
فلمّا رجت بالشّرب هزّلها العصا = شحيحٌ له عند الإزاء نهيم
معناه: فلما رجت أن تشرب.
ونزلت هذه السورة في حاطب بن أبي بلتعة، لما أراد رسول الله صلى الله عليه أن يغزو أهل مكة، قدمت عليه امرأة من موالي بني المطلب، فوصلها المسلمون، فلما أرادت الرجوع أتاها حاطب بن أبي بلتعة، فقال: إني معطيك عشرة دنانير، وكاسيك بردا على أن تبلغي أهل مكة كتابا، فكتب معها، ومضت تريد مكة، فنزل جبريل على النبي صلى الله عليهما بالخبر، فأرسل عليًّا والزبير في إثرها، فقال: إن دفعت إليكما الكتاب [وإلا فاضربا] عنقها فلحقاها، فقالت: تنحيا عني، فإني أعلم أنكما لن تصدقاني حتى تفتشاني، قال: فأخذت الكتاب، فجعلته بين قرنين من قرونها، ففتشاها، فلم يريا شيئا، فانصرفا راجعين، فقال علي للزبير: ماذا صنعنا؟ يخبرنا رسول الله أن معها كتابا ونصدقها؟ فكرّا عليها، فقالا: لتخرجنّ كتابك أو لنضربن عنقك، فلما رأت الجد أخرجت الكتاب. وكان فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة: أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه يريد أن يغزوكم، فخذوا حذركم مع أشياء كتب بها، فدعا رسول الله صلى الله عليه بحاطب، فأقرّ له، وقال: حملني على ذلك أن أهلي بمكة وليس من أصحابك [أحد] إلا وله بمكة من يذب عن أهله، فأحببت أن أتقرّب إليهم ليحفظوني في عيالي، ولقد علمت أن لن ينفعهم كتابي، وأن الله بالغ فيهم أمره، فقال عمر بن الخطاب: دعني فأضرب عنقه، قال: فسكت النبي صلى الله عليه، ثم قال: وما يدريك لعل الله قد نظر إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم... حدثني بهذا حبان بإسناده.
وقوله: {تلقون إليهم بالمودّة...} من صلة الأولياء، كقولك: لا تتخذنّه رجلا تلقي إليه كلّ ما عندك.
وقوله: {يخرجون الرّسول وإيّاكم أن تؤمنوا...}. إن آمنتم ولإن آمنتم، ثم قال عز وجل: {إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي...} فلا تتخذونهم أولياء). [معاني القرآن: 3/147-149]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تلقون إليهم بالمودّة} مجازها: المودة، {تسرّون إليهم بالمودّة} مثلها). [مجاز القرآن: 2/257]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({تلقون إليهم بالمودّة}: أي تلقون إليهم المودة. وكذلك: {تسرّون إليهم بالمودّة}). [تفسير غريب القرآن: 461]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والباء تزاد في الكلام، والمعنى إلقاؤها.
كقوله سبحانه: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}، وقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أي اسم ربك، و{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أي يشربها، و{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} أي هزّي جذع، وقال: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} أي أيكم المفتون.
وقال الأعشى:
ضَمِنَتْ برزق عيالنا أرماحُنا
وقال الآخر:
نضربُ بالسَّيفِ ونرجو بالفرج
وقال امرؤ القيس:
هصرتُ بغُصْن ذِي شماريخَ ميَّال
أي: غصنا.
وقال أمية بن أبي الصّلت:
إذ يَسُفُّون بالدقيق وكانوا = قبلُ لا يأكلون شيئاً فَطِيرا
وقال: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}، وقوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}). [تأويل مشكل القرآن: 248-250](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}.
ذكر المفسرون: أنّها أنزلت في حاطب بن أبي بلتعة وكان كتب إلى المشركين بمكة يخبرهم بمسير الرسول، صلّى الله عليه وسلم إليهم، لأنّ عياله كانوا بمكة، ولم يكن له بها عشيرة تمنع منهم، فأراد أن يتقرب إليهم ليكفوا عن عياله فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أي تخبرونهم بما يخبر بمثله الرجل أهل مودّته، وتنصحون لهم وقد كفروا بما جاءكم من الحقّ، مع النبي، صلّى الله عليه وسلم يخرجون الرّسول وإيّاكم تمّ الكلام، يعني من مكة أن تؤمنوا بالله ربّكم، أي أخرجوا الرسول وأخرجوكم، لأن آمنتم بالله وحده إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي، يريد. فلا تلقوا إليهم بالمودة إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي طالبين رضاي.
ثم قال: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ}، أي كيف تستترون بمودّتكم لهم منّي وأنا أعلم بما تضمرون وما تظهرون؟.
ثم ضرب لهم إبراهيم، صلّى الله عليه وسلم، مثلا حين تبرّأ من قومه ونابذهم وباغضهم، إلى قوله سبحانه: {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا}، يريد أنّ إبراهيم، صلّى الله عليه وسلم، عاداهم وهجرهم في كل شيء إلا في قوله لأبيه: لأستغفرنّ لك). [تأويل مشكل القرآن: 356-357]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء تلقون إليهم بالمودّة وقد كفروا بما جاءكم من الحقّ يخرجون الرّسول وإيّاكم أن تؤمنوا باللّه ربّكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرّون إليهم بالمودّة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضلّ سواء السّبيل}
قيل المعنى: تلقون إليهم المودّة، والمعنى -واللّه أعلم- يلقون إليهم أخبار النبي عليه السلام وسرّه بالمودة التي بينكم وبينهم، ودليل هذا القول: {تسرّون إليهم} ما يستره النبي عليه السلام بالمودة.
ويروى أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، وكان كتب إلى أهل مكة يتنصح لهم، فكتب إليهم أن رسول الله يريد أن يغزوكم فخذوا حذركم فأطلع اللّه نبيه على ذلك، وكان كتب إليهم كتابا ووجه به مع امرأة يقال إنها كانت مولاة بني هاشم، فوجّه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بعلي والزبير خلفها فلحقاها فسألاها عن الكتاب فأنكرت، ففتشا ما معها فلم يجدا شيئا، فقال علي رضوان اللّه عليه: إن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - لم يكذبنا فأقسم عليّ عليها لتخرجن الكتاب أو ليضربنها بالسيف، فقالت لهما: ولّيا وجوهكما وأخرجت الكتاب من قرن من قرون شعرها، فجاء بالكتاب إلى النبي عليه السلام فعرضه على حاطب فاعترف به وقال إن لي بمكة أهلا ومالا فأردت أن أتقرب منهم، ولن يرد اللّه بأسه عنهم، فأنزل الله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم} الآية إلى آخر القصة.
وأما قوله: {إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي} هذا شرط جوابه تقدّم. المعنى إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء.
و(جهادا)، و(ابتغاء) منصوبان لأنهما مفعولان لهما، المعنى: إن كنتم خرجتم لجهاد وابتغاء مرضاتي فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء). [معاني القرآن: 5/155-156]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ((بالمودة) أي: بالكتب). [ياقوتة الصراط: 511]

تفسير قوله تعالى:{إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلمهم تعالى أنه ليس ينفعهم التقرب إليهم بنقل أخبار النبي عليه السلام فقال: {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسّوء وودّوا لو تكفرون} معنى "يثقفوكم": يلقوكم.
{ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسّوء} ). [معاني القرآن: 5/156]

تفسير قوله تعالى: {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يوم القيامة يفصل بينكم...} قرأها يحيى بن وثاب: يفصّل بينكم، قال: وكذلك يقرأ أبو زكريا، وقرأها عاصم والحسن يفصل، وقرأها أهل المدينة: يفصل). [معاني القرآن: 3/149]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلمهم أن أهلهم وأولادهم لا ينفعونهم شيئا في القيامة فقال: {لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم واللّه بما تعملون بصير} قرئت (يفصل) على أربعة أوجه:
- (يَفْصِل بينَكُمْ) على معنى: يفصل اللّه بينكم.
- و(يُفْصَلُ بينكم) على ما لم يسمّ فاعله، والمعنى راجع إلى الله عزّ وجلّ.
- و(يُفَصِّل بينكم) بتشديد الصاد وفتحها وضم الياء على ما لم يسمّ فاعله.
- وقرئت (يفصِّلْ بينكم).
ويجوز نَفْصِّل بينكم ونُفَصِّل بينكم - بالنون.. فهذه ستة أوجه). [معاني القرآن: 5/156]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ...} يعني حاطبا، "فيهم" في إبراهيم. يقول: في فعل إبراهيم، والذين معه إذا تبرءوا من قومهم. يقول: ألا تأسيت يا حاطب بإبراهيم؛ فتبرأ من أهلك كما برئ إبراهيم؟ ثم قال: {إلاّ قول إبراهيم لأبيه} أي: قد كانت لكم أسوة في أفاعيلهم إلاّ في قول إبراهيم: {لأستغفرن}؛ فإنه ليس لكم فيه أسوة). [معاني القرآن: 3/149]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّا برءاؤا مّنكم...}. إن تركت الهمز من براء أشرت إليه بصدرك، فقلت: براء. وقال الفراء: مدّة، وإشارة إلى الهمز، وليس يضبط إلاّ بالسمع، [معاني القرآن: 3/149]
[ولم يجرها]. ومن العرب من يقول: إنا براءٌ منكم، فيجري، ولو قرئت كذلك كان وجها). [معاني القرآن: 3/150]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {رّبّنا عليك توكّلنا وإليك أنبنا...} أي: فقولوا هذا القول أنتم، ويقال: إنه من قيل إبراهيم عليه السلام وقومه). [معاني القرآن: 3/150]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والّذين معه إذ قالوا لقومهم} ثم استثنى " إلاّ قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك "). [مجاز القرآن: 2/257]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والّذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برآء مّنكم وممّا تعبدون من دون اللّه كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتّى تؤمنوا باللّه وحده إلاّ قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك وما أملك لك من اللّه من شيءٍ رّبّنا عليك توكّلنا وإليك أنبنا وإليك المصير}[قال] {إلاّ قول إبراهيم} استثناء خارج من أول الكلام). [معاني القرآن: 4/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ}... أي عبرة وائتمام.{إلّا قول إبراهيم لأبيه}... قال قتادة: «ائتسوا بأمر إبراهيم كلّه، إلا في استغفاره لأبيه: فلا تأتسوا به في ذلك، لأنه كان عن موعدة منه له»). [تفسير غريب القرآن: 461]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}.
ذكر المفسرون: أنّها أنزلت في حاطب بن أبي بلتعة وكان كتب إلى المشركين بمكة يخبرهم بمسير الرسول، صلّى الله عليه وسلم إليهم، لأنّ عياله كانوا بمكة، ولم يكن له بها عشيرة تمنع منهم، فأراد أن يتقرب إليهم ليكفوا عن عياله فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أي تخبرونهم بما يخبر بمثله الرجل أهل مودّته، وتنصحون لهم وقد كفروا بما جاءكم من الحقّ، مع النبي، صلّى الله عليه وسلم يخرجون الرّسول وإيّاكم تمّ الكلام، يعني من مكة أن تؤمنوا بالله ربّكم، أي أخرجوا الرسول وأخرجوكم، لأن آمنتم بالله وحده إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي، يريد. فلا تلقوا إليهم بالمودة إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي طالبين رضاي.
ثم قال: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ}، أي كيف تستترون بمودّتكم لهم منّي وأنا أعلم بما تضمرون وما تظهرون؟.
ثم ضرب لهم إبراهيم، صلّى الله عليه وسلم، مثلا حين تبرّأ من قومه ونابذهم وباغضهم، إلى قوله سبحانه: {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا}، يريد أنّ إبراهيم، صلّى الله عليه وسلم، عاداهم وهجرهم في كل شيء إلا في قوله لأبيه: لأستغفرنّ لك). [تأويل مشكل القرآن: 356-357](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والّذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برءاء منكم وممّا تعبدون من دون اللّه كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتّى تؤمنوا باللّه وحده إلّا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك وما أملك لك من اللّه من شيء ربّنا عليك توكّلنا وإليك أنبنا وإليك المصير}
{قد كانت لكم أسوة} ويجوز أسوة بضم الهمزة.
{في إبراهيم والّذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برءاء منكم وممّا تعبدون من دون اللّه} فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن أصحاب إبراهيم صلوات اللّه عليه تبرأوا من قومهم وعادوهم، فأمر أصحاب النبي عليه السلام أن يتأسّوا بهم وبقولهم.
وقوله: {إلّا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك} فإن ذلك عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له إقامته على الكفر تبرّأ منه.فأمّا ما يجوز في " برءاء منكم " فأربعة أوجه:أجودها برءاء على فعلاء، مثل ظريف وظرفاء، وشريك وشركاء، وكذلك بري. وبرءاء، ويجوز براء منكم وبرآء منكم جميعا بالمد فمن قال براء بالمد فهو بمنزلة ظريف وظراف.
ومن قال براء بالضم - أبدل الضم من الكسرة كما قالوا رخلة ورخال وقال بعضهم: رخال بضم الراء وقالوا: شاة ربى وغنم ربات ورباب - بضم الراء وكسرها - وهي الحديثة النتاج، أي الحديثة الولادة.ويجوز براء منكم بفتح الباء، لأن العرب تقول: أنا البراء منك ويقول الاثنان والثلاثة: نحن البراء منك، وكذلك تقول المرأة: أنا البراء منك.فلا تقرأ من هذه الأوجه إلا بما قرأ به من توجد عنه القراءة). [معاني القرآن: 5/156-157]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أُسْوَةٌ} أي عبرة وائتمام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 267]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ربّنا لا تجعلنا فتنةً...}. لا تظهرنّ علينا الكفار فيروا أنهم على حق، وأنّا على باطل). [معاني القرآن: 3/150]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ربّنا لا تجعلنا فتنة للّذين كفروا واغفر لنا ربّنا إنّك أنت العزيز الحكيم} معناه لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على حق فيفتتنوا بذلك). [معاني القرآن: 5/157]

تفسير قوله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {عسى اللّه أن يجعل بينكم وبين الّذين عاديتم مّنهم مّودّةً...}.يقول: عسى أن ترجع عداوة بينكم إلى المودة، فتزوج النبي صلى الله عليه أمّ حبيبة بنت أبي سفيان، فكانت المصاهرة مودة). [معاني القرآن: 3/150]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {عسى اللّه أن يجعل بينكم وبين الّذين عاديتم منهم مودّة واللّه قدير واللّه غفور رحيم}
{عسى} واجبة من اللّه.جاء في التفسير أنه يعني بهذا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوج أمّ حبيبة بنت أبي سفيان، فهذه هي المودة وقيل إنه يعني به من أسلم منهم فيكون بينكم وبينهم مودّة). [معاني القرآن: 5/157]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لاّ ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين...} هؤلاء خزاعة كانوا عاقدوا النبي صلى الله عليه ألا يقاتلوه، ولا يخرجوه، فأمر النبي صلى الله عليه ببرهم، والوفاء لهم إلى مدة أجلهم). [معاني القرآن: 3/150]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لا ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إنّ اللّه يحبّ المقسطين}
"أن" في موضع جر بدل من "الذين" المعنى لا ينهاكم أن تبروا الّذين لم يقاتلوكم في الدّين. وهذا يدل على أن المعنى: لا ينهاكم الله عن برّ الذين بينكم وبينهم عهد ودليل ذلك قوله: {وتقسطوا إليهم} أي وتعدلوا فيما بينكم وبينهم، من الوفاء بالعهد، يقال أقسط الرجل فهو مقسط إذا عدل، وقسط فهو قاسط إذا جار، وقيل إنه يعني به النساء والصبيان). [معاني القرآن: 5/157-158]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((القاسط): الجائر. (الْمُقْسِطِ): العادل). [العمدة في غريب القرآن: 304]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال:{إنّما ينهاكم اللّه عن الّذين قاتلوكم في الدّين وأخرجوكم مّن دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولّوهم...} أن تنصروهم، يعني الباقين من أهل مكة). [معاني القرآن: 3/150]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إنّما ينهاكم اللّه عن الّذين قاتلوكم في الدّين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولّوهم ومن يتولّهم فأولئك هم الظّالمون}
{ظاهروا على إخراجكم} أي عاونوا على إخراجكم.
{أن تولّوهم} "أن" في موضع جر أيضا على البدل.المعنى إنّما ينهاكم اللّه عن أن تتولوا هؤلاء الذين قاتلوكم في الدّين لأن مكاتبتهم بإظهار ما أسره النبي عليه السلام موالاة). [معاني القرآن: 5/158]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 ذو القعدة 1431هـ/3-11-2010م, 11:18 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 10 إلى آخر السورة]


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذا جاءكم المؤمنات مهاجراتٍ فامتحنوهنّ...} يعني: فاستحلفوهن، وذلك أن النبي صلى الله عليه لما صالح أهل مكة بالحديبية فلما ختم الكتاب خرجت إليه سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمةً، فجاء زوجها فقال: ردّها عليّ فإن ذلك في الشرط لنا عليك، وهذه طينة الكتابة لم تجفف، فنزلت هذه الآية {فلا ترجعوهنّ إلى الكفّار لا هنّ حلٌّ لّهم ولا هم يحلّون لهنّ...}.
فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه: ما أخرجك إلينا إلا الحرص على الإسلام والرغبة فيه، ولا أخرجك حدث أحدثته، ولا بغض لزوجك، فحلفت، وأعطي رسول الله صلى الله عليه زوجها مهرها، ونزل التنزيل: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر...} من كانت له امرأة بمكة أبت أن تسلم فقد انقطعت العصمة فيما بينها وبين زوجها، ومن خرج إلى المسلمين من نسائهم مسلمةً، فقد انقطعت عصمتها من زوجها الكافر، وللمسلمين أن يتزوجوها بغير عدة). [معاني القرآن: 3/150-151]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا...}.يقول: اسألوا أهل مكة أن يردوا عليكم مهور النساء اللاتي يخرجن إليهم منكم مرتدات، وليسألوا مهور من خرج إليكم من نسائهم). [معاني القرآن: 3/151]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تمسكوا...} قرأها يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة مخففة، وقرأها الحسن: تمسّكوا، ومعناه متقارب.والعرب تقول: أمسكت بك، ومسكت بك، وتمسّكت بك). [معاني القرآن: 3/151]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({امتحنوهنّ} اخبروهن، وخبرته وامتحنته). [مجاز القرآن: 2/257]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({بعصم الكوافر} العصمة الحبل والسبب). [مجاز القرآن: 2/257]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({بعصم الكوافر}: واحدها كافرة. والعصم واحدها عصمة، وهي الحبل والسبب). [غريب القرآن وتفسيره: 375]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
( {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} أي بحبالهن. واحدتها:
«عصمة»؛ أي لا ترغبوا فيهن.{وسئلوا ما أنفقتم} أي سلوا أهل مكة أن يردّوا عليكم مهور النساء: اللّاتي يخرجن إليهم مرتدّات.
{وليسألوا ما أنفقوا}: وليسألوكم مهور من خرج إليكم من نسائهم). [تفسير غريب القرآن: 461-462]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهنّ اللّه أعلم بإيمانهنّ فإن علمتموهنّ مؤمنات فلا ترجعوهنّ إلى الكفّار لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهنّ إذا آتيتموهنّ أجورهنّ ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم اللّه يحكم بينكم واللّه عليم حكيم}
موضع {مهاجرات} نصب على الحال، وقيل المؤمنات وإن لم يعرفن بالإيمان وقبل أن يصلوا إلى النبي عليه السلام، وإنما سمين بذلك لأن تقديرهنّ الإيمان.
{فامتحنوهنّ} معناه اختبروهنّ.وهذه نزلت بسبب عهد الحديبية الذي كان بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين من عاهده بمكة من خزاعة وغيرهم، وكان عليه السلام عاهدهم على أنه من جاء منهم إليه ردّه إليهم، ومن صار من عنده إليهم لم يردوه إليه، فأعلم اللّه - جلّ وعزّ - أن من أتى من المؤمنات ممن يريد الدخول في الإسلام فلا يرجعن إلى الكفّار، فذلك قوله: {فامتحنوهنّ اللّه أعلم بإيمانهنّ} فأعلم عزّ وجلّ - أن إظهار الإيمان يدخل في جملة الإسلام، واللّه عالم بما في القلوب، وكانت المحنة إذا جاءت المرأة المهاجرة أن تحلّف باللّه أنه ما جاء بها غيرة على زوجها، ولا جاءت إلا محبّة لله ولرسوله وللرغبة في الإسلام فهذه المحنة.
وقوله تعالى: {فلا ترجعوهنّ إلى الكفّار} أي لا تردوهن، يقال: رجع فلان ورجعته.
وقوله: {لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ} أي إنّ المؤمنات لا يحللن للكفار ولا الكفار يحلون للمؤمنات {وآتوهم ما أنفقوا} فكان الزوج يعطى مهر امرأته التي آمنت، وكان يؤخذ منهم مهر من مضى إليهم من نساء المؤمنين ممن تلحق بزوجها إذا رغبت في الكفر، فأقامت عليه.
{ولا جناح عليكم} أي ولا إثم عليكم. {أن تنكحوهنّ} أي أن تزوجوهنّ. {إذا آتيتموهنّ أجورهنّ} وهذا دليل على أن التزويج لا بدّ فيه من مهر.
{ولا تمسكوا بعصم الكوافر} أي إذا كفرن فقد زالت العصمة بين المشركة والمؤمن، أي قد انبتّ عقد حبل النكاح، وأصل العصمة الحبل، وكل ما أمسك شيئا فقد عصمه.
وقرئت: (ولا تمسكوا)، (ولا تمسّكوا)، والأصل تتمسكوا من قولك تمسّكت بالشيء إذا أنت لم تخله من يدك أو إرادتك، فحذفت إحدى التاءين.
وقرئت (تمسّكوا)- بضم التاء والتشديد من قولك مسّك يمسّك . وقرئت (تمسكوا) بضم التاء وتخفيف السين على معنى أمسك يمسك). [معاني القرآن: 5/158-159]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ} أي سلوا أهل مكّة أن يردّوا عليكم مهور النساء اللاتي يخرجن إليهم مرتدّات من عندكم. {وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا} أي: وليسألوكم مهور من خرج إليكم من نسائهم، وهذا منسوخ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 267]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بعِصَمِ}: العصمة الحبل). [العمدة في غريب القرآن: 304]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن فاتكم شيءٌ...} أعجزكم. وهي في قراءة عبد الله:(وإن فاتكم أحد من أزواجكم)، وأحدٌ يصلح في موضع ـ شيء، وشيء يصلح في موضع أحد في الناس، فإذا كانت شيء في غير الناس، لم يصلح أحد في موضعها.
وقوله: {وإن فاتكم...} يقول: أعجزكم إن ذهبت امرأة فلحقت بأهل مكة كافرة، وليس بينكم وبينهم عهد فعاقبتم، يقول: فغنمتم، فأعطوا زوجها مهرها من الغنيمة قبل الخمس...
- حدثني قيس بن الربيع عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق أنه قرأ "فعاقبتم"، وفسرها: فغنمتم، وقرأها حميد الأعرج: فعقّبتم مشددة، وهي كقولك: تصعّر، وتصاعر في حروف قد أنبأتك بها في تآخي: فعلت، وفاعلت). [معاني القرآن: 3/151-152]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وإن فاتكم شيءٌ من أزواجكم إلى الكفّار فعقّبتم} وعاقبتم واحد أي أصبتم عقبى منهن). [مجاز القرآن: 2/257]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فعاقبتم}: أصبتم عقبى منهن أي صار الأمر إليكم بعدهن). [غريب القرآن وتفسيره: 375]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
( {وإن فاتكم شيءٌ من أزواجكم إلى الكفّار} يقول: إن ذهبت امرأة من نسائكم، فلحقت بالمشركين بمكة، {فعاقبتم} أي أصبتم [منهم] عقبي أي غنيمة من غزو.
ويقال: «عاقبتم»: غزوتم معاقبين غزوا بعد غزو. {[فآتوا]}: فأعطوا المسلمين {الّذين ذهبت أزواجهم} إلى مكة {مثل ما أنفقوا} -يعني: المهر- من تلك الغنيمة قبل الخمس.
وتقرأ: (فعقبتم) من «تعقيب الغزو». وتقرأ: (فأعقبتم)). [تفسير غريب القرآن: 462]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفّار فعاقبتم فآتوا الّذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتّقوا اللّه الّذي أنتم به مؤمنون}
{فعاقبتم} على فاعلتم، وقرئت (فعقبتم) بغير ألف وتخفيف القاف. وجاء في التفسير: فغنمتم، وتأويله لأي اللغة كانت العقبى لكم، أي كانت العقبى والغلبة لكم حتى غنمتم.
و(عقبتم) أجودها في اللغة، و(فعقبتم) بالتخفيف جيّد في اللغة أيضا؛ أي صارت لكم عقبى الغلبة، إلا أنّه بالتشديد أبلغ.
ومعنى {فعاقبتم} أصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم؛ أي إن مضت امرأة منكم إلى من لا عهد بينكم وبينه.
{فآتوا الّذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا} أي مثل ما أنفقوا في مهورهنّ، وكذلك إن مضت إلى من بينكم وبينهم عهد، فنكث في إعطاء المهر فالذي ذهبت زوجته كان يعطى من الغنيمة المهر، فلا ينقص شيء من حقه، يعطى حقّه كاملا بعد إخراج مهور النساء، فمن ثم دفع عمر بن الخطاب رحمه الله فيما رووا مهر أم أيمن). [معاني القرآن: 5/160]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ} أي: إن أُخرجت امرأة من نسائكم فلحقت المشركين بمكّة، {فَعَاقَبْتُمْ} أي أصبتم عُقْبَى، أو غزواً، أو غنيمة فأعطوا المسلمين الذين ذهبت أزواجهم إلى مكة مثل ما أنفقوا –يعني المهر– من تلك الغنيمة قبل الخمس. وهذا منسوخ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 267]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَعَاقَبْتُمْ}: صار أمرهن إليكم). [العمدة في غريب القرآن: 304]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يقتلن أولادهنّ...} قرأها السّلمي وحده: ولا يقتّلن أولادهن، وذكر أن النبي صلى الله عليه لما افتتح مكة قعد على الصفا وإلى جنبه عمر، فجاءه النساء يبايعنه؛ وفيهن بنت عتبة، فلما قال رسول الله صلى الله عليه: {لاّ يشركن باللّه شيئاً} يقول: لا تعبدن الأوثان، ولا تسرقن، ولا تزنين. قالت هند: وهل تزني الحرة؟ قال: فضحك عمر، ثم قال: لا، لعمري، ما تزني الحرة. قال: فلما قال: {لا تقتلن أولادكن}، هذا فيما كان أهل الجاهلية يئدون، فبويعوا على ألا يفعلوا، فقالت هند: قد ربيناهم صغارا، وقتلتموهم كبارا). [معاني القرآن: 3/152]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ...} كانت المرأة تلتقط المولود، فتقول لزوجها: هذا ولدي منك. فذلك البهتان المفترى). [معاني القرآن: 3/152]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ}، [أي لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم]. وكانت المرأة تلتقط المولود، فتقول للزوج: هذا ولدي منك.
{ولا يعصينك في معروفٍ} أي في أمر تأمرهن به. وأمر رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلم- كلّه معروف). [تفسير غريب القرآن: 462-463]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ ولا يعصينك في معروف فبايعهنّ واستغفر لهنّ اللّه إنّ اللّه غفور رحيم} أي لا يأتين بولد ينسبنه إلى الزوج، فإن ذلك بهتان وفرية.
{ولا يعصينك في معروف} قيل: لا يعصينك في أمر في النوح، وقيل في تمزيق الثياب وخمش الوجوه ومحادثة الرجال. والجملة أن المعنى لا يعصينك في جميع ما تأمرهن به بالمعروف.
وروي أن النبي عليه السلام جلس على الصفا، وجلس عمر رحمه اللّه دونه، فكن يبايعن النبي -صلى الله عليه وسلم- على ما تضمّنته الآية، ويمسحن أيديهنّ بيد عمر.
وقيل كن يمسحن بأيديهن من وراء ثوب). [معاني القرآن: 5/160-161]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ} أي بولد ملقوط، فتقول لزوجها: هذا ولدك منّي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 268]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا تتولّوا قوماً غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الآخرة...} يقول: من نعيم الآخرة وثوابها، كما يئس الكفار من أهل القبور، يقول: علموا ألا نعيم لهم في الدنيا، وقد ماتوا ودخلوا القبور. ويقال: كما يئس الكفار من أصحاب القبور: من ثواب الآخرة ونعيمها). [معاني القرآن: 3/152]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (... {كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} أن يبعثوا، كذلك يئس أولئك من الآخرة أن تكون. ويقال: «أراد كما يئس الكفار الموتى من الآخرة، أي يئس المشركون من الآخرة، كما يئس أسلافهم الكفار المقبورون» .و«المقبورون» هم: أصحاب القبور). [تفسير غريب القرآن: 463]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قوما غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} ىيعني به اليهود.
{كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} أي كما يئس الكفار الذين لا يوقنون بالبعث من موتاهم أن يبعثوا، فقد يئس اليهود والذين عاقدوا النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن يكون لهم في الآخرة حظ.
وقيل: {قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} أي من الذين في القبور، يعلمون أنهم لا حظّ لهم في الآخرة). [معاني القرآن: 5/161]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة